الرد على الموضوع

[font=&quot]و بعد فليعلم اللبيب أن كل ما خطر بباله فالله بخلافه و أن هذا الكتاب إنما يساق به مساق الأمثال و هو و ما فهم منه و ما تخيله الأفهام عند تقريره رمز حادث لا غير و أن المقصود به إفراد الوجهة إلى حضرة الألوهية و هو المعبر عندهم بالتوحيد و إفراد الوجهة إلى سيادة المالك بالخشوع و الخضوع و التذلل لسطوة سبحات جلاله فإن كثيرا من العباد مغرور بحضرة الدنيا و حضرة الآخرة و حضرة البرزخ و حضرة متعلقاتها. فألممت هنا بما يزيح شوب العبودة بغيرها * إن الله لا يغفر أن يشرك به* فيجب إفراد المملوكية لقبلة سيادة المالكية فافهم فإن كل ما سوى الله عبد مملوك له حقيقة و المالك واحد أحد و المملوك من حيث الفعل الإلاهي واحد و باعتبار جهات الجزئيات متعدد و العبيد المكلفون بحسب ما ظهر ثلاثة ؛[/font]

  [font=&quot]1-عبد الأجرة و هو من يعبد لغرض دنيوي أو أخروي أي حمله الغرض الطمعي على العبادة من صلاة و أذكار فهذا بعيد بعد نسبة من الحضرة المالكية مستوجب بعبادته البوار و النكال لولا فضله تعالى عليه و عبادته مردودة عليه لأنه عابد لنفسه لا لربه فهذه مرتبة المخلصين و أهل الإخلاص على خطر عظيم.[/font]

  [font=&quot]2-و عبد عصى و هو من حمله الخوف على العبادة و هو خوف لحق لما توعد به العاصين من أليم النار و هذا عابد لهواه و هو أجلف المتعبدين لأن المعلول يدور مع العلة وجودا و عدما ، لولا الجنة و النار لظهر من يعبد الله ممن لا يعبده و المغتر بالظواهر كثير، فكثيرا من تجرد للخلوات و الرياضة و المجاهدة الفادحة لهاذين الغرضين الفاسدين عند كل ذي ذوق سليم فيحتمل المكاره لها و ربما يدله عليه من لم يصحح و جهته و توحيده فيكون عونا للشيطان عليه.[/font]

  [font=&quot]3-عبد الله و هو من حمله على أنواع العبادة امتثال أوامر الله و اجتناب نواهيه إن كان من الدرجة الأولى من القربين أو حمله استحقاق المالك الحق لأنه السيد المنفرد بها إن كان في الدرجة الثانية و هو خاصة المقربين أو حمله الشوق و الشكر و الغلبة لما فجأه من الجمال و الجلال و هي الغاية القصوى في الإتقان و الإحسان من غير تعرض لامتثال و إن كان ممتثلا و لا استحقاق لما دهمه من الجمود الصرف و الفناء عن كل ما غشيه من السواحق و الدواك لإحساسه فكان عبدا جامدا لنفسه متصرفا لربه ميتا لها حيا بربه مجردا عن العقل عقل تمييز و عقل كلي،فانفتحت له عيون بحور حضرة العقل الرباني فتصرف به ربه بما انطوى فيه من أنوار عقله الرباني فخلف نور عقله نور المريدين و السالكين و العابدين.[/font]

  [font=&quot]ثم اعلم أن العبد لله على الحقيقة الأصلية واحد و هو سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لأنه هو الذي أفرد الحق كليته إلى الحضرة القدسية إفضالا منه جل و علا لأنه خلق من صفوة النور الإلاهي و هو الذي خلقه لنفسه و ما سواه يعبد الله من وراء حجابيته صلى الله عليه و سلم حتى الأنبياء فإنهم خلفاؤه في ذلك فهو العابد لله دائما القائم بحق الربوبية و العارفون يعرفون الله بما ظهر لهم من العابد الحقيقي صلى الله عليه و سلم و هم غرقى في أنواره متوجهين به لحضرة ربهم فهو قبلتهم و إمامهم من يوم فطر الله الخلق إلى ما لا نهاية لأيام الآخرة ؛ فكل من ناب عنه صلى الله عليه وسلم بحلته التي ألبسها له صلى الله عليه وسلم ومن ناب عمن ناب عنه يعبد الله بحسب صفاء الحلة التي ألبسها فهكذا إلى آخر الدهر ؛ ثم أكبر الخلق عبودية بعد الأنبياء القطب الجامع الكامل الوارث أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ثم القطب دونه ثم من ضاهاهم إلى آخر الدهر وسيتبين لك ذلك كله في عرصات القيامة ، فمن ورث مقام نبي من الأنبياء يعبد الله بقدر ما ورثه ذلك النبي من حضرة قطب الوسائل صلى الله عليه وسلم فإن كان قطبا مثلا يغترف ويتصرف بحسب عبوديته المكتسبة من موروثه ومن ورث المقام المحمدي يكون كاملا لجمع علم الأولين والآخرين تتفجر منه الشرائع كلها ويعبد الله بجميع شرائع الأنبياء لأنه ورث بالفضل الإلاهي مددهم وروحهم ؛ وإنما ألممت بهذا و إن كان مستطردا لتعرف وساطته صلى الله عليه وسلم قبل الوصول وبعده فإن حجبت عنك وساطته صلى الله عليه وسلم فقد حجبت عمن كان قبلك من كبار العارفين مع اعتقادهم واعترافهم بها بل لا يتجلى أحد إلا بحلة شيخه الموروث له وهو صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي دائر بما خلقه الله المسمى بالأمر الإلاهي وهو الكون ، فاعلم أن الكون من حيث هو مثاله باعتبار عظمة المالك جل وعلا كبيضة صغيرة لا ظهور لها إلا كظهورها في قاب قوسين قشرة البيضة ولها قشور متعددة وكلما يسمى بالمخلوق داخل في باطن البيضة من العوالم كلها الدنيوية والأخروية حتى العرش وما في جوفه فحجابيته صلى الله عليه وسلم دائرة به وما في داخلها محفوظ به صلى الله عليه وسلم وهو مظله بحيث لو أزيل شيئ من حجابيته صلى الله عليه وسلم لتدكدك ما في داخله من عرش وغيره، فكلما ما خطر في بال العارفين الموحدين فإنما هو من جنس العوالم المحشوة في مرآته صلى الله عليه وسلم ولا سبيل لأحد أيا كان ولو سيدنا إسرافيل الذي هو أكبر العارفين إلى تحقيق مرتبته صلى الله عليه وسلم فضلا عن الإحاطة بها، وقد أعجز الحق جل وعلا جميع الخلائق عن إدراك جوهرة واحدة من جواهره صلى الله عليه وسلم ،ومن معه مثلنا إنما هو مخلوق له ، وقد قطع الحق جل وعلى أطماع الأفكار بالنبي صلى الله عليه وسلم ومنع كل إدراك به و جعله سورا قاهرا لكل عارف ،فقاب قوسيته صلى الله عليه وسلم معناها أن الحق جل وعلى خلق صفيه صلى الله عليه وسلم من صفوة نوره جل وعلا فأضائت جوهرته صلى الله عليه وسلم فكل ما وصله نور جوهرته فهو بحر الخليقة المقهور ببحر الألوهية ، فركبه الحـــق جل وعلا من نور جوهرته أدوارا ببحور الفيض والسقي الإلاهي يظل بحر على بحر ويبرد حرارة السطوة الإلاهية تدريجا حتى حصل اللطف الكبير منه جل وعلا ؛ فكون الحق الفاعل المختار على حسب ما تعلقة به الإرادة الأزلية لجميع العوالم المترتبة في القوة والضعف فحصل لله الحمد الأمان والهناء لضعيف الأكوان بالقوي منها فهكذا حتى وصلت إلى المرتبة المحمدية فهي ظل الجميع وأصل الجميع وبحر فيوض للجميع كله لطفا من المالك جل وعلا بعباده ليبقي لهم وجودهم المناسب لهم بظل أقوى خلقه صلى الله عليه وسلم ؛ فاعرف قدر نبيك تعرف منه قدرك وإنما بينت لئلا تدعي الإستقلال فتدك بسطوة غيرة مرتبة الحق على حبيبه فتحاول محالا لم يرده الله جل وعلا ..[/font]


اكتب معهد الماهر
أعلى