[font="]ولم تخب فراسة الفقيه محمد بن تومرت، فقد شاءت العناية الإلهية أن يغدو عبد المؤمن بن علي مؤسس دولة الموحدين الحقيقي، واختيار اسم الموحدين لهذه الدولة الوليدة؛ لأنها قامت على إحياء عقيدة التوحيد الخالصة.[/font][font="][/font]
[font="]لسان الدين بن الخطيب [/font][font="][/font]
[font="]أعلام مغاربة من التاريخ[/font][font="][/font]
[font="]المساءالمساء : 03 - 07 - 2012[/font][font="][/font]
[font="]يوسف الحلوي[/font][font="][/font]
[font="]هو محمد بن عبد الله بن سعيد اللوشي الأصل الغرناطي الأندلسي اشتهر باسم لسان الدين بن الخطيب. ولد سنة 713 ه ووافته المنية سنة 776ه. كان ابن الخطيب طبيبا ومؤرخا وفقيها وفيلسوفا لم يترك فنا يدرس في عصره إلا غاص في مجاهل بحوره وعاد منها بأنفس الدرر، فهو الطبيب حين ألف عن الطاعون «منقذ السائل في المرض الهائل»، والمؤرخ حين يكتب «الإحاطة في أخبار غرناطة»،[/font][font="][/font]
[font="]والشاعر حين يهز أبهاء قصور بني مرين وبني الأحمر بمطولاته في مدح ملوكهما ينقش لهم بسحر بيانه في جبين التاريخ ما يخلد ذكرهم بين الورى إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها.[/font][font="][/font]
[font="]تميز ابن الخطيب في كتابته للتاريخ بمنهج مخالف لمن سبقه، فقد اعتمد على وصف الحالة الاجتماعية والاقتصادية لساكنة البلدان التي أرخ لها دون إغفال الجغرافيا وعادات الناس، وهو ما لم يسبقه إليه من ألف في هذا الفن. ففي «نفاضة الجراب» يقول عن أغمات «ثم أتينا مدينة أغمات في بسيط سهل موطأ لا نشز فيه، ينال جميعه السقي الرغد وسورها محمر التراب».[/font][font="][/font]
[font="]ويصف لنا استقبال السلطان في «خطرة الطيف» من قبل بعض السكان «واختلط النساء بالرجال، و التقى أرباب الحجا بربات الجمال، فلم نفرق بين السلاح والعيون الملاح، ولا بين البنود حمر الخدود».[/font][font="][/font]
[font="]إن سيرة ابن الخطيب أغنى من أن نحيط بها في مقامنا هذا، ولكن هذا لا يمنع من أن نستعرض أبرز المحطات التي عرفتها حياة الرجل، فهي تقدم بحق صورة نابضة بالعبر عن مرحلة الضعف التي شهدتها بلاد الأندلس على عهد ملوك بني الأحمر قبل أفول نجم المسلمين فيها، بيد أن الضعف السياسي، الذي أرخى سدوله على غرناطة و بلاد المغرب الأقصى بسبب الصراع حول السلطة والمناصب الوزارية، قابلته نهضة علمية كان ابن الخطيب نفسه أحد أعمدتها، فذو العمرين الذي كان يفني نهاره في شؤون السياسة ويهرع إلى التأليف والدرس ليلا خلف ما يفوق ستين مؤلفا في مختلف الفنون و العلوم، وهو إن أخفق في حياته السياسية ولم يبلغ كل مطامحه فلم يخفق في مساره العلمي. لذلك حين نعرض لسيرته فإننا نتحدث عن رجلين لا رجل واحد يفيد أحدهما من موهبة الآخر بقدر ما يكبح جماحها.ألم تكن دسائس القصور ومؤامرات رجال السياسة وبالا على لسان الدين تصرفه عن الإبحار في أسفاره ومؤلفاته وتشغل ذهنه عن التأليف أياما و شهورا؟ ثم كيف لمن يمضي شطرا مهما من عمره بين المصنفات والمراجع أن يضطلع بأعباء الدولة؟ وما أشقها في قصر الحمراء الذي ما كانت تخمد فيه فتنة حتى تشب أخرى.[/font][font="][/font]
[font="]عاصر ابن الخطيب ثلة من كبار العلماء بغرناطة وفاس، أخذ عنهم وأخذوا عنه، وقد ترعرع في رحاب قصر الحمراء إلى جوار أبي الحجاج يوسف بن إسماعيل ملك غرناطة فهو سليل بني الوزير ورث الرياسة في السياسة والعلم كابرا عن كابر حتى لقب بذي الوزارتين (وزارة السيف والقلم)، وحين تولى رفيق دربه أبو الحجاج قربه منه وفي ديوانه زبدة رجال غرناطة كأبي الحسن بن الجياب، الذي كان له أبلغ الأثر في حياة ابن الخطيب، والعلامة أبو القاسم بن جزي الكلبي، الذي استشهد في موقعة طريف والقاضي محمد بن يحيى الأنصاري شهيد طريف، وأبي عبد الله اللوشي.[/font][font="][/font]