هو مخرج مُقَدَّر ، أي غير محدد الأجزاء. و هو الخلاء الداخل في الفم و يبدأ من أقصى الحلق و ينتهي بالشفتين، و يخرج منه أحرف المد الثلاثة:
الف ، واو ، يا
الألف المدية:
و هي الألف الساكنة التي ليس عليها علامة سكون و ما قبلها مفتوح دائماً.
مثل: غَفَّـار. و تتبع الألف ما قبلها من حيث التفخيم و الترقيق. و تأخذ الألف المدية زمناً قدره حركتان إذا لم يأت بعدها همزة أو سكون. و الحركة هي مقدار قبض الإصبع أو بسطه.
الواو المدية:
و هي الواو الساكنة و التي ليس عليها علامة سكون و ما قبلها مضموم.
مثل:
غَفُور
. و زمنها أيضاً حركتان.
الياء المدية:
و هي الياء الساكنة و التي ليس عليها علامة سكون و ما قبلها مكسور.
مثل :
قَدِير
. و زمنها أيضاً حركتان.
و تسمى هذه الحروف بالحروف الجوفية لخروجها من الجوف، و تسمى الهوائية لانتهائها إلى الهواء، أو المدية لامتداد الصوت عند النطق بها.
المخرج العام الثاني: الحلق
و يحتوي الحلق على ثلاثة مخارج خاصة كل منها يخرج منه حرفان. و تسمى حروف الحلق الستة بالحروف الحلقية أو حروف الإظهار ( لإظهار النون الساكنة و التنوين عندها ).
**** و الرسم التالي يوضح المواضع التقريبية لمخارج الحلق الثلاثة و أجزاء الفم ****
1- أقصى الحلق
و هو أبعده عن الشفتين أي الأقرب إلى الرئة. و يخرج منه
الهمزة و الهاء.
الهمزة :
بها جهر و شدة و إذا كانت ساكنة، فهي تقطع ما قبلها عما بعدها . فيجب الاحتراس من سماع صوت كالقلقلة أو الزفير بعد النطق بها ساكنة. و الهمزة مرققة فلا يصح تفخيمها في الكلمات التي بها أحرف مفخمة مثل: الله - الأرض - أصحاب
.
الهاء :
بها همس و رخاوة ، و كذلك صفة الخفاء . فإذا نُطقت ساكنة، فإنها تأخذ زمناً قدره بين الحركة و الحركتين. و الهاء أيضاً مرققة.
2- وسط الحلق
و يخرج منه
العين و الحاء.
العين :
مرققة ، و مجهورة، و زمنها هو زمن توسط الصوت ( حركة واحدة ).
الحاء :
هي مهموسة و بها رخاوة و زمن الرخاوة بين الحركة و الحركتين. و هي أيضاً مرققة فلا يصح تفخيمها مع المفخم، مثل ( أصحاب - حَضَرَ - حَصُوراً ).
3- أدنى الحلق
و هو الأقرب إلى الشفتين، و يخرج منه الغين و الخاء.
الغين :
بها جهر و رخاوة و زمنها أكثر من حركة و أقل من حركتين، و هي مفخمة لكن كثيراً ما يقع القارئ في خطأ ترقيقها في كلماتٍ مثل: ( غَالِبٌ - الغَمَامَ - غَسَّـاقاً ).
الخاء :
هي مهموسة و بها رخاوة، و أيضاً مفخمة فيجب رفع أقصى اللسان عند النطق بها و يراعى عدم ترقيقها في كلمات مثل ( خالدين - الخاسرون) و زمنها زمن الرخاوة كذلك.
هو عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، شيخ الإقراء بالبصرة و أحد القرّاء السبعة، و كان من التابعين الأجلاء. انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السُّلمي و رحل الناس إليه للقراءة من شتى الآفاق، و تلقى الأئمة قراءته بالقبول، و توفي رضي الله عنه سنة 127 هجرية.
أما سنده، فقد قرأ رضي الله عنه على أبي عبد الرحمن السُّلمي و قرأ السُّلمي على علي بن أبي طالب و قرأ علي على رسول الله صلى الله عليه و سلم. كما قرأ عاصم على زر بن حبيش الأسدي و قرأ زر على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه و قرأ ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه و سلم. و من أشهر من روى عنه حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي و أبو بكر شعبة بن عيّاش. فكان – رحمه الله - يُقرئ حفصاً بالقراءة التي رواها عن السلمي عن علي ، و كان يُقرئ شعبة بالقراءة التي رواها عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.
3- ترجمة حفص
أما حفص، فهو حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي البزاز – نسبة إلى بيع البز ( أي الثياب ) ، و هو صاحب شيخه عاصم و ربيبه ( أي ابن زوجته ). لازمه و أخذ عنه القراءة عرضاً و تلقيناً فأتقنها حتى شهد له العلماء بذلك و تلقى الأئمة روايته بالقبول حتى صارت هي الأشهر و مكتوب بها معظم المصاحف. و قال عنه الإمام الشاطبي :
و بِالكوفةِ الغَرّاءِ مِنهُم ثلاثةٌ :::::::::::::::::::: أذاعوا فَقَد ضاعَتْ شَذا و قُرُنفُلاً
فأما أبو بكرٍ و عاصِمُ اسْمُهُ ::::::::::::::::::::::: فًشُعْبَةُ راوِيهِ المُبَرِّزُ أفْضَلا
و ذاكَ ابنُ عيَّاشٍ أبو بكرِ الرِّضا :::::::::::::::::::: و حَفصٌ و بالإتقانِ كانَ مُفَضَّلاً
و قام حفصٌ بإقراء الناس بعد عاصم فترةً طويلة من الزمان، و توفي رحمه الله سنة 180 هجرية. و ثبتت عنه روايات عدة، أشهرها هما طريق الشاطبية و طريق طيبة النشر. و نحن ندرس طريق الشاطبية إلا أننا سنتعرض خلال الدراسة للفروق بين الطريقين إن شاء الله تعالى.
4- مقدمة علم التجويد
موضوع علم التجويد هو دراسة ما يتعلق بحروف اللغة و معالجة ما يلحق تلك الحروف من انحراف أو خطأ. و من يقرأ القرءان بطبعه دون علم بمخارج الحروف و صفاتها، يصيب و لا يدري و يخطئ و لا يدري. لذلك وجب على كل مسلم أن يتعلم كيف يقرأ كتاب الله على علم بطريقة صحيحة. و قد أمرنا الله تعالى بقراءة القرءان بكيفية معينة حين قال: " و رَتِّلِ القُرْءَانَ تَرْتِيلاً ".
لماذا يستطيع الإنسان الكلام بينما للحيوان صوت فقط ( زئير – مواء – صهيل ) ؟ لأن الإنسان يستطيع تكوين " حروف" معتمداً على مخارج معينة بالفم و الحلق ، و لهذه الحروف صفات مختلفة تميز بعضها عن بعض .
كيف يتكون الحرف ؟ أو ما هما مادتا الحرف ؟ يتكون الحرف من النفس و الصوت. فالنفس يأتي من الرئتين بينما الصوت يحدث بسبب حركة الحبال الصوتية بالحنجرة . و تختلف كيفية تكون النفس و الصوت من حرف لآخر و هذا ما يُعرف بالصفات اللازمة . فالنفس له كيفيتان: حبس النفس ( الجهر ) و جريان النفس ( الهمس ) . أما الصوت فله ثلاث كيفيات : حبس الصوت ( الشدة ) و اعتدال الصوت ( التوسط ) و جريان الصوت ( الرخاوة ) .
الحركات و أداؤها
1- الفتحة : و تؤدى بفتح الشفتين طولياً ( رأسياً ) و تخطف حركة الفتح.
2- الكسرة : و تؤدى بكسر الشفتين أفقياً و تخطف حركة الكسر.
3- الضمة : و تؤدى بضم الشفتين و تخطف الحركة.
4- السكون : و هو انعدام الحركة تماماً و يؤدى باصطدام طرفي عضو النطق فتظهر صفات الحرف من نفس و صوت و تفخيم و ترقيق و يظهر زمنه أيضا. و هناك ثلاثة أزمنة للسواكن : الساكن الرَّخْو و زمنه بين الحركة و الحركتين، و الساكن المعتدل و زمنه زمن التوسط حركة واحدة، و الساكن الشديد و زمنه أقل من حركة واحدة . ملحوظة : في اللغة العربية لا يمكن البدء بساكن و لا الوقوف على متحرك.
5- التشديد : و الحرف المشدد هو في الحقيقة حرفان متماثلان : أولهما ساكن و ثانيهما متحرك بالفتحة أو الكسرة أو الضمة. و لأن أولهما ساكن، فلا يمكن أيضا البدء بمشدد.
و من الصفات اللازمة الهامة جداً في أول دراستنا، التفخيم و الترقيق.
• فالتفخيم هو : نطق الحرف مغلظاً حتى يمتلئ الفم بصداه. و حروفه هي حروف الاستعلاء السبعة: خص ضغط قظ .
• و الترقيق هو : نطق الحرف نحيلاً دون تغليظ . و الحروف المرققة هي الاثنا و عشرون حرفاً الباقية بعد حروف الاستعلاء، حيث إن حروف اللغة العربية تسعة و عشرون حرفاً لأن علماء اللغة و التجويد يفرقون بين الهمزة و الألف.
• هناك ثلاثة أحرف تتعرض لحالات من التفخيم و الترقيق حسب موقعها في الكلام :الألف و الراء و لام لفظ الجلالة فقط . و لأداء التفخيم ينبغي رفع أقصى اللسان أولاً قبل النطق بالحرف.