معذرة بانياس ... فقد فقدنا الإحساس!!

طباعة الموضوع

طالب الماهر

مدير عام
إنضم
15 مارس 2012
المشاركات
946
النقاط
16
الإقامة
غرف الماهر الصوتية
الموقع الالكتروني
www.qoranona.com
احفظ من كتاب الله
.
احب القراءة برواية
ورش عن نافع من طريق الأزرق
القارئ المفضل
المنشاوي - الحصري
الجنس
أخ
معذرة بانياس ... فقد فقدنا الإحساس!!



بقلم: (أبي عبد الله) علي أبو هنيّة

معذرة بانياس..
يا قلعة الأجلاس..
معذرة بانياس..
يا دمعة الأكياس..
مجازرك الوحشية رأيناها..
أحداثك الدمويّة تابعناها..
أرقام القتلى أحصيناها..
نساؤك المغتصبات والثّكلى عايناها..
أطفالك اليُتَّم شاهدناها..
فغضبنا وزمجرنا والنفير أعلنّا ودققنا الأجراس..
وأزبدنا وأرعدنا وقلنا: الويل ثم الويل للروافض الأنجاس..
والهلاك والدمار للنصيرية وحزب الشيطان الأرجاس..
وشجبنا واستنكرنا بجميع اللغات ومن كل الأجناس..
حتى جوارحنا تحركت واضطربت فضربنا أخماساً بأسداس..
ولكن؛ معذرة إليكم, وأكثر من ذلك لا تطلبوا منا..
فنحن مشغولون من أخمصنا إلى أعلى الراس..
وشبابنا مشغولون!
وفتياتنا مشغولات!
بصراحة: نحن مشغولون كباراً وصغاراً..
ليلاً ونهاراً..
سراً وجهاراً..
فلا تسألوا عنا وائذنوا لنا أن نقول: لا مساس..
حتى الدعاء لا تطلبوه منا..
وفي أي مكان ومهما حصل لا تسألوا ولا تبحثوا عنا..
فشبابنا مشغولون مشغولون مشغولون..
مشغولون بقصات الشعر وإصلاح اللباس..
ومهتمون بالتدخين والشم والعطاس..
ومنهمكون بهز الخصور وثني الأرداف في الأعراس..
وفتياتنا مشغولات بالمكياج والموضات وعمليات التجميل والكوافير والصالونات وتحسين المقاس..
والتقليعات ولبس الفيزون وشد الحزام فوق البنطلون واقتناء الذهب والماس..
واعذرونا فالليلة أيضاً لن نتابع أحداثكم, ولا نستطيع مشاهدة أخباركم..
لا لشيء! اللهم..
أننا فقط مشغولون بمباراة مهمة مهمة ننتظرها بحماس..
بين الريال والبرشة؛ مباراة حامية ولا وقعة أوطاس..
وعندنا ما يهمنا من التصويت لمطربنا في قناة الإمباس..
في الـ(عرب أيدول) في قناة التهتك والخنا والأرجاس..
وكذا تعليقاتنا ستأخذ من وقتنا ومشاركاتنا على التويتر والواتس والفاس..
ورجالنا أقصد ذكورنا وما أدراك ما ذكورنا؟!
هم غارقون في ديماس..
فمنهم من يشعل الأرجيلة ليطيب الأنفاس!
ومنهم من يدخن الحشيشة ليعبي الراس!
ومنهم من يشرب الكاس تلو الكاس!
لماذا؟!
حتى ينسى الهم ومكابدة الناس!!
يا مسيكين! لا تتعب نفسك فأنت فاقد الإحساس..
ومنا من يقول معزياً نفسه..
متجرعاً آخر جرعة من مروءته..
محاولاً إيقاظ شيء من نخوته:
قتل وسفك ومجازر دموية, ونهب واغتصاب ومصائب يومية..
ماذا نفعل لإخواننا وما نقول لأشقائنا؟!
نعم, وجدتها؛
أطفال سوريا أنتم شهداء فلا باس..
رجال الشام أنتم الأحرار فلا تاس..
أخواتنا في سوريا أنتن الحرائر وشجر الآس..
نعم, هذه حقيقة مرة..
نحن أمة مريضة متعبة..
نحن أمة مهزومة ومغلوبة لا غالبة..
قد تلف منا الراس وتهتّك الأساس..
وخالفنا النقل والعقل وحتى القياس..
يا أبناء أمتي لا أدري! لعلكم محسودون من الناس..
ارقوا أنفسكم من أعين الجنة والناس..
واقرؤوا عليها سورتي الفلق والناس..
فإنني أخشى عليكم هذا الوسواس..
وأخاف عليكم الشيطان الخناس..
آه, آه, آه!!
نحن أمة مريضة مرضها الفشل والياس ..
ودواؤها الذي وصفه لها أطباؤها -من أعدائها- النوم والنعاس..
فإذا استيقظنا ازداد مرضنا..
وإذا صحونا اشتد عياؤنا..
وإذا قمنا تضاعف ألمنا..
لذا اعذرونا على هذا الارتكاس..
فلنا عذرنا أن نبقى في إبلاس..
فنحن لم نعد إلا ربات حجال وللبيوت أحلاس..
فلن نثأر لكليب ولو انحنى أمامنا جسّاس..
ولن نغضب على عدونا ولو عبّدنا للصخر والنحاس..
وإياكم إياكم أن تظنوا أن هذا انتكاس..
لا, بل هذا تقدم إلى الوراء..
وهذه مشية للأمة تسمى المطيطاء..
وكأننا أمة لم تذق للعز طعماً ولا كأنها خير أمة أخرجت للناس..
رجاء لا تقرنونا بأسلافنا ولا حتى من باب الاقتباس..
فهم قوم ملكوا رقاب غيرهم ونحن رضينا بالإفلاس..
ومن أبناء أمتنا من باتوا للفضيلة أعداءً وللرذيلة حراس..
يا أمتي! كسّروا سيوفكم, قطّعوا قسيكم, ألقوا رماحكم, بيعوا الأفراس..
فمثلكم لا حاجة له بها, ولا تهفو نفسه لها, ولا خطرت بباله من الأساس..
إخواننا في سوريا وبانياس..
اعذرونا فلم نجد لنصرتكم إلا الدواة والقرطاس..
فنحن قوم ألفنا الذل وأحببنا الإبساس..
لا شرعنا حكّمنا, ولا سلفنا اتبعنا, ولا رضينا بالعدل والقسطاس..
أين همم أسلافنا, أين الصحابة والتابعون, وأين بنو العباس؟!
بل أين أبو تمام والمتنبي وأين الشاعر أبو فراس؟!
أين شعراء الحماسة أين الكميت وابن مرداس؟!
ذهبوا وذهبت أشعارهم..
وفنوا وفنت أعمارهم..
ودفنوا ودفنت أخبارهم..
إذ لم يعد هناك ما يروونه للناس..
حقاً من لم يذد عن حوضه بسلاحه يوطأ بمنسم ويضرس بأضراس..
كفى, كفى..
استيقظوا يا قوم أيها الناس..
فكلكم سيشرب من نفس الكاس..
معذرة أهلنا في سوريا وبانياس..
على كل هذا الإحباط والياس..
عند قوم فقدوا الإحساس وما فوق الإحساس..
فلم تجد محنتكم شاعراً ولكن تعثّرت بمسلم لهمكم مواس..


الثلاثاء: 26 جمادى الآخرة 1434هـ


الموافق 7/5/2013م
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
قال صلى الله عليه وسلم:
"عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه،
فمن أبى فليحلق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله".
[صحيح الجامع الصغير للألباني].
- قال صلى الله عليه وسلم: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم،
لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".
[صححه الألباني].
وعن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
طوبى للشام قلنا لأي ذلك يا رسول الله؟
قال: لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها. رواه أحمد والترمذي.

اللهمّ إنا نسألك السلامة لأهل سوريا
اللهم احفظ المسلمين والأبرياء في سوريا واحقن دمائهم واحفظ أعراضهم
وآمنهم في أنفسهم وأموالهم

اللهمّ بدّل خوفهم أمنا
اللّهمّ أظهر أمر الدين في أرض سوريا
وولّ عليهم أخشاهم لربّهم وأتقاهم له
اللهمّ ولّ عليهم من يحكّم فيهم شرعك

اللهُم ان رسولك 'صَلى اللّه عليه وسلم' بَشر بِأن بِلادَ الشَآم مَنّصــوره ..إلـــهي فأجعل نَصّرُهآ قريب
واجعل فَرجهـآ قَريب .. اللهُم اربط على قلوب أهلها
واجبر كَسرهُم .. اللهُم ازرع الأمْنَ وَالأمَان فِي قُلوبِهم اللهم آمين
 

طالب الماهر

مدير عام
إنضم
15 مارس 2012
المشاركات
946
النقاط
16
الإقامة
غرف الماهر الصوتية
الموقع الالكتروني
www.qoranona.com
احفظ من كتاب الله
.
احب القراءة برواية
ورش عن نافع من طريق الأزرق
القارئ المفضل
المنشاوي - الحصري
الجنس
أخ
بارك الله فيكم على ما قدمتم وتقدمونه

لعلكم تضعون مشاركة تذكروننا بفضائل الشام والاحاديث الواردة فيها بشيئ من التفصيل
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
وفيكم بارك الله هذا ما استطعت جمعه ارجوا مشاركة الجميع
يَا طُوبَى لِلشَّامِ!

إبراهيم الدميجي

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله الذي فضل بعض البلدان واختارها, وقدّم بعض البقاع واصطفاها, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته ومصطفاه, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, وبعد:
فلقد تربعّت الشام على أفئدة المؤمنين, وسكنتها قلوب الصالحين, ودرجت عليها نفوس الأنبياء والمرسلين, فهي سيّدةُ البقاع بعد الحرمين, وإليها موئل الإيمان ومأرز الجهاد في آخر الأيام, وفيها عسكر الإيمان ومهاجر جند الإسلام قبل نهاية الزمان, ولعلّ شدة المخاض في هذه الأيام في غالية الإسلام سوريا أمارات لذلك الأمر الجليل.
فَيَا رَبِّ هَل إلاَّ بِكَ النَّصرُ يُبتَغَى --- وَيَا رَبِّ هَل إلاَّ عَلَيكَ المُعَوَّلُ
وفي هذا المقال وقفات مختصرة لإجلاء بعض تيك الفضائل وتنويهاً بصلاح أهلها في آخر سِنِيِّ الدنيا.
كتب شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (مناقب الشام وأهله): "ثبت للشام وأهله مناقب بالكتاب والسنة وآثار العلماء, وهي أحد ما اعتمدته في تحضيضي على غزو التتار، وأمري لهم بلزوم دمشق، ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي للعسكر المصري إلى الشام، وتثبيت العسكر الشامي فيه، وقد جرت في ذلك فصول متعددة.

وهذه المناقب أمور: أحدها البركة فيه، ثبت ذلك بخمس آيات من كتاب الله تعالى:
الأولى: قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: "وأورثنا القومَ الذين كانوا يُستضعفونَ مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمّت كلمةُ ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا " (الأعراف: 129-137) ومعلوم أن بني إسرائيل إنما أورثوا مشارق أرض الشام ومغاربها بعد أن أغرق فرعون في اليم.

الثانية: قوله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" (الإسراء: 1) وهي أرض الشام.

الثالثة: قوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: "وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين. ونجّيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين" (الأنبياء: 70-71) ومعلوم أن إبراهيم إنما نجاه الله ولوطاً إلى أرض الشام من أرض الجزيرة والعراق.

الرابعة: قوله تعالى: "ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين" (الأنبياء: 81) وإنما كانت تجري إلى أرض الشام التي فيها مملكة سليمان.

الخامسة: قوله تعالى في قصة سبأ: "وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرىً ظاهرة وقدّرنا فيها السير سيروا فيها ليالَ وأياماً آمنين" (سبأ: 18) وهو ما كان بين اليمن وبين قرى الشام من العمارة القديمة كما ذكره العلماء.

فهذه خمسة نصوص حيث ذكر الله أرض الشام، في هجرة إبراهيم إليها، ومسرى الرسول إليها، وانتقال بني إسرائيل إليها، ومملكة سليمان بها، ومسير سبأ إليها، وصفها بأنها الأرض التي باركنا فيها.
وأيضاً ففيها الطور الذي كلم الله عليه موسى والذي أقسم الله به في سورة الطور، وفي سورة التين "والتين والزيتون. وطور سينين" (التين: 1-2) وفيها المسجد الأقصى، وفيها مبعث أنبياء بني إسرائيل، وإليها هجرة إبراهيم، وإليها معراج ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، ومنها معراجه، وبها مُلكه، وعمود دينه وكتابه، والطائفة المنصورة من أمته، وإليها المحشر والمعاد, كما أن من مكة المبدأ، فمكة أم القرى من تحتها دحيت الأرض.

والشام إليها يحشر الناس كما في قوله تعالى: "لأول الحشر" (الحشر: 3) نبّه على الحشر الثاني، فمكة مبدأ وإيلياء معاد في الخلق، وكذلك بدأ الأمر؛ فإنه أسرى بالرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى إيلياء، ومبعثه ومخرج دينه من مكة، وكمال دينه وظهوره وتمامه حتى يملكه المهدي بالشام. فمكة هي الأول، والشام هي الآخر في الخلق والأمر، في الكلمات الكونية والدينية.
ومن ذلك أن بها الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة, التي ثبت فيها الحديث في الصحاح من حديث معاوية وغيره: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة" وفيهما عن معاذ بين جبل قال: "وهم بالشام". وفي تاريخ البخاري مرفوعاً قال: "وهم بدمشق". وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".
وقال أحمد بن حنبل: أهل المغرب هم أهل الشام. وهو كما قال لوجهين.... فما كان غربي الفرات فهو غربي المدينة، وما كان ثَمّ شرقيها فهو شرقي المدينة. فأخبر صلى الله عليه وسلم أن أهل الغرب لا يزالون ظاهرين، وأما أهل الشرق فقد يظهرون تارة، ويُغلَبون أخرى، وهكذا هو الواقع، فإن الجيش الشامي ما زال منصوراً. وكان أهل المدينة يسمون الأوزاعي: إمام أهل الغرب،ويسمون الثوري شرقياً، ومن أهل الشرق.

ومن ذلك أنها خيرة الله الأرض، وأن أهلها خيرة الله وخيرة أهل الأرض، واستدل أبو داود في سننه على ذلك بحديث كثير مثل؛ حديث عبد الله بن حوالة الأزدي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ستجندون أجناداً؛ جنداً بالشام، وجنداً باليمن، وجنداً بالعراق". فقال الحوالي: يا رسول الله، اخترْ لي. قال: "عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها حزبه من عباده، فمن أبي فليلحق بيمنه، وليَسْقِ من غُدُرِهِ، فإن الله تكفّل لي بالشام وأهله"(2) وكان الحوالي _راوي الحديث_ يقول: من تكفّل الله به فلا ضيعة عليه.... وحديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قل: "سيكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير, تبيت معهم حيثما كانوا، وتقيل معهم حيثما قالوا" فقد أخبر أن خيار أهل الأرض من ألزمهم مهاجر إبراهيم، بخلاف من يأتي إليه ثم يذهب عنه، ومهاجر إبراهيم هي الشام. وفي هذا الحديث بشرى لأصحابنا الذين هاجروا من حرّان وغيرها إلى مهاجر إبراهيم، واتبعوا ملة إبراهيم، ودين نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وبيان أن هذه الهجرة التي لهم بعد هجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، لأن الهجرة إلى حيث يكون الرسول وآثاره، وقد جعل مهاجر إبراهيم تعدل مهاجر نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن الهجرة إلى مهاجره انقطعت بفتح مكة.
ومن ذلك أن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام، كما في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر.

ومن ذلك أن عمود الكتاب والإسلام بالشام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ كأن عمود الكتاب أخِذ من تحت رأسي، فأتبعتُه بصري فذُهِب به إلى الشام"...ومن ذلك أنها عقر دار المؤمنين، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وعقر دار المؤمنين بالشام" ولهذا استدللتُ لقوم من قضاة القضاة وغيرهم في فتن قام فيها علينا قوم من أهل الفجور والبدع الموصوفين بخصال المنافقين، لما خوّفونا منهم، فأخبرتُهم بهذا الحديث: "وأن منافقينا لا يغلبوا مؤمنين" وقد ظهر مصداق هذه النصوص النبوية على أكمل الوجوه في جهادنا للتتار، وأظهر الله للمسلمين صدق ما وعدناهم به، وبركة ما أمرناهم به، وكان ذلك فتحاً عظيماً ما رأى المسلمون مثله، مثل صرح مملكة التتار التي أذلت أهل الإسلام، فإنهم لم يهزَموا أو يُغلَبوا كما غُلِبوا على باب دمشق في الغزوة الكبرى التي أنعم الله علينا فيها من النعم بما لا نحصيه خصوصاً وعموماً"(3).

وقال رحمه الله: "والنبي صلى الله عليه وسلم ميَّز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائماً إلى آخر الدهر، وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر، فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة، وهذا الوصف ليس لغير أهل الشام من أرض الإسلام، فإن الحجاز التي هي أصل الإيمان نقص في آخر الزمان منها: العلم والإيمان، والنصر والجهاد، وكذلك اليمن والعراق والمشرق، وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان، ومن يقاتل عليه منصوراً مؤيداً في كل وقت"(4).
وكم بالشام من شرف وفضل --- ومرتقب لدى برّ وبحر
بلاد بـارك الرحــــمن فيــــها --- فقـدّسـها على علم وخبر
قال الحسن وقتادة رحمها الله تعالى: إن الأرض "التي باركنا فيها": هي الشام, وقال قتادة: هي الشام وقد أُنجي إبراهيم ولوط عليهما السلام من العراق إلى الشام, وكان يقال للشام عماد دار الهجرة، وما نقص من الأرض زيد في الشام، وما نقص في الشام زيد في فلسطين، وكان يقال: هي أرض المحشر والمنشر، وبها مجمع الناس، وبها ينزل عيسى بن مريم، وبها يهلك الله شيخ الضلالة الكذَّاب الدجال (5) وقال ابن جرير رحمه الله: "هي أرض الشام، وإنما اخترنا ما اخترنا من القول في ذلك لأنه لا خلاف بين جميع أهل العلم أن هجرة إبراهيم من العراق كانت إلى الشام، وبها كان مقامه أيام حياته، وإن كان قد كان قدم مكة، وبنى بها البيت، وأسكنها إسماعيل ابنه مع أمه هاجر، غير أنه لم يقم بها، ولم يتخذها وطناً لنفسه، ولا لوط، والله إنما أخبر عن إبراهيم ولوط أنهما أنجاهما إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين (7).
قال الخطابي: فالهجرة الثابتة هي الهجرة إلى الشام يرغب فيها خيار الناس، وهي مهاجر إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وعلى آلهما وسلم(8).
وقال ابن رجب الحنبلي: واعلم أن البركة في الشام تشمل البركة في أمور الدين والدنيا، ولهذا سميت الأرض المقدسة(9).
وعند أحمد والطبراني وابن حبان والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا طوبى للشام!يا طوبى للشام! يا طوبى للشام!قالوا: يا رسول الله ولم ذلك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام".
وفي الصحيحين عنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا..."
وعند أحمد والترمذي والحاكم بسند صحّحه الألباني عن معاوية بن حيدة رضي الله قَالَ: قلت: يا رسول الله أين تأمرني؟ وفي رواية (خِرْ لِي) قال: "ها هنا" ونحا بيده نحو الشام, قال: "إنكم محشورون رجالاً وركباناً وتُجَرّون على وجوهكم".
وعند أحمد بسند حسّنه الألباني عن أبي أمامة الباهلي قال: "لا تقوم الساعة حول خيار أهل العراق إلى الشام، ويتحول شرار أهل الشام إلى العراق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"عليكم بالشام".
وعند ابن ماجه والحاكم بسند صححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي أكرم العرب فرسا وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين".
وعند أحمد وأبي داود والحاكم بسند صححه الذهبي والمنذري والألباني عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال":فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام"وفي رواية " يوم الملحمة الكبرى، فسطاط المسلمن بأرض يقال لها: الغوطة، فيها مدينة يقال لها: دمشق خير منازل المسلمين يومئذ".
وعند أحمد ومسلم وغيرهما عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق".
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت يا نبي الله! ما كان أوّل بدء أمرك؟ قال: "دعوة أبي إبراهيم, وبشرى عيسى, ورأت أُمّي أنه يخرج منها نور أضاءت منها قصور الشام".
قال ابن كثير (10): "وتخصيص الشام بظهور نوره إشارة إلى استقرار دينه، ونبوته ببلاد الشام، ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم".
وعند أحمد والترمذي واللفظ له عن قُرَّة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".
وعند الطبراني بسند صححه الألباني عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالشام, فإنها صفوة بلاد الله, يسكنها خيرته من خلقه".
وروى البزار عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام".

وفي فضائل الشام ودمشق بسند صححه الألباني عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بناء له, فسلمت عليه, فقال: "عوف" قلت: نعم يا رسول الله, قال: " ادخل" فقلت: كلي أم بعضي؟ قال: " بل كلك" قال: فقال لي: " اعدد عوف ستا بين يدي الساعة أولهن موتي" قال: فاستبكيت حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكتني قال: "قل إحدى والثانية فتح بيت المقدس قل اثنين والثالثة فتنة تكون في أمتي وعظمها والرابعة موتان يقع في أمتي يأخذهم كقعاص الغنم والخامسة يفيض المال فيكم فيضا حتى أن الرجل ليعطى المائة دينار فيظل يسخطها قل خمسا والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر يسيرون إليكم على ثمانين راية تحت كل راية ثمانين ألفا فسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها الغوطة فيها مدينة ويقال لها دمشق".

ونقف عند فتوى جامعة للشيخ الشامي الجامع شيخ الإسلام رحمه الله حينما سُئل‏:‏ ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين‏؟‏ هل تفضل الإقامة في الشام على غيره من البلاد‏؟‏ وهل جاء في ذلك نص في القرآن أو الأحاديث أم لا‏؟‏ أجيبونا مأجورين‏.‏ فأجاب رحمه الله: "الحمد لله، الإقامة في كل موضع تكون الأسباب فيه أطوع لله ورسوله، وأفعل للحسنات والخير، بحيث يكون أعلم بذلك، وأقدر عليه، وأنشط له أفضل من الإقامة في موضع يكون حاله فيه في طاعة الله ورسوله دون ذلك‏.‏ هذا هو الأصل الجامع، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم‏.‏ والتقوى هي‏ ما فسرها الله تعالى في قوله‏:‏ ‏"‏وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ‏"‏ إلى قوله‏:‏ ‏"‏أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ‏"‏ ‏[‏البقرة‏:‏220‏]‏، وجماعها فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله‏.‏ وإذا كان هذا هو الأصل فهذا يتنوع بتنوع حال الإنسان‏.‏ فقد يكون مقام الرجل في أرض الكفر والفسوق من أنواع البدع والفجور أفضل؛ إذا كان مجاهدا في سبيل الله بيده أو لسانه، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، بحيث لو انتقل عنها إلى أرض الإيمان والطاعة لقلت حسناته، ولم يكن فيها مجاهدا، وإن كان أروح قلباً‏,‏ وكذلك إذا عدم الخير الذي كان يفعله في أماكن الفجور والبدع‏.‏

ولهذا كان المقام في الثغور بنية المرابطة في سبيل الله تعالى، أفضل من المجاورة بالمساجد الثلاثة باتفاق العلماء؛ فإن جنس الجهاد أفضل من جنس الحج، كما قال تعالى‏:‏ ‏"‏أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ‏" ‏[‏التوبة‏:‏ 19، 20‏]‏‏.‏ وسئل النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أي الأعمال أفضل‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إيمان بالله ورسوله، وجهاد في سبيله‏"‏‏‏ قال‏:‏ ثم ماذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"حج مبرور‏".

‏ وهكذا لو كان عاجزا عن الهجرة والانتقال إلى المكان الأفضل التي لو انتقل إليها لكانت الطاعة عليه أهون، وطاعة الله ورسوله في الموضعين واحدة، لكنها هناك أشق عليه‏.‏ فإنه إذا استوت الطاعتان فأشقهما أفضلهما، وبهذا ناظر مهاجرة الحبشة المقيمون بين الكفار لمن زعم أنه أفضل منهم، فقالوا‏:‏ كنا عند البغضاء البعداء، وأنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يعلم جاهلكم، ويطعم جائعكم، وذلك في ذات الله‏.‏

وأما إذا كان دينه هناك أنقص فالانتقال أفضل له، وهذا حال غالب الخلق، فإن أكثرهم لا يدافعون، بل يكونون على دين الجمهور‏ .‏.. وأما الفضيلة الدائمة في كل وقت ومكان ففي الإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى‏:‏ ‏"‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ‏"‏‏[‏البقرة‏:‏ 62‏]‏‏.‏ وقال تعالى: "‏وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ‏" ‏[‏البقرة‏:‏111، 112‏]‏‏.‏ وقال تعال‏:‏‏ "وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً‏"‏ ‏[‏النساء‏:‏ 125‏]‏‏.‏ وإسلام الوجه لله تعالى هو إخلاص القصد والعمل له والتوكل عليه ....فلا ينبغى للرجل أن يلتفت إلى فضل البقعة في فضل أهلها مطلقا، بل يعطى كل ذي حق حقه، ولكن العبرة بفضل الإنسان في إيمانه وعمله الصالح والكلم الطيب، ثم قد يكون بعض البقاع أعون على بعض الأعمال كإعانة مكة حرسها الله تعالى على الطواف والصلاة المضعفة ونحو ذلك‏.‏ وقد يحصل في الأفضل معارض راجح يجعله مفضولاً؛ مثل من يجاور بمكة مع السؤال والاستشراف، والبطالة عن كثير من الأعمال الصالحة، وكذلك من يطلب الإقامة بالشام لأجل حفظ ماله وحرمة نفسه، لا لأجل عمل صالح، فالأعمال بالنيات‏" (11).
إنّها الشام, مشى على ثراها كرام المرسلين كمحمد وإبراهيم وموسى وعيسى وأنبياء بني إسرائيل, ووصلتها طلائع الأمة الحمّادة المرحومة فاتحة مظفرة منصورة منهم عشرة آلاف من الأصحاب مئة منهم من البدريين. قال الوليد بن مسلم: دخلت الشام عشرة آلاف عين رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم تكسّرت على سواعد بواسلها حملات الصليب طوال مئتي عام, فلله هم من حُمَاةٍ للدين, رحم الله أسلافهم, وحفظ الأحياء.
ختاماً؛ يا أهلنا في الشام اللهَ اللهَ في الاعتصام بحبل الله وإخلاص الدين له, وفي التزام أسباب النصر, وفي تحقيق التوكل على الله والبراءة من الحول والقوة إلا به, مع الأخذ بالمباح من الأسباب "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"(محمد: 7) " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" (غافر:51) وفي الاجتماع على الحق "وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" (الأنفال: 46) وفي الأخذ بأسباب التمكين, ومن كان الله معه فمعه القوة التي لا تُغلب, ومن آوى إليه فقد آوى إلى ركن شديد.

ورحم الله شوقي حين صَدَحَ:
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ --- وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي --- جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ
وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي --- إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفقُ
دَخَلتُكِ وَالأَصيلُ لَهُ اِئتِلاقٌ --- وَوَجهُكِ ضاحِكُ القَسَماتِ طَلقُ
وَتَحتَ جِنانِكِ الأَنهارُ تَجري --- وَمِلءُ رُباكِ أَوراقٌ وَوُرْقُ
غَمَزتُ إِباءَهُمْ حَتّى تَلَظَّتْ --- أُنوفُ الأُسدِ وَاضطَرَمَ المَدَقُّ
وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُرٍّ --- أَبِيٍّ مِن أُمَيَّةَ فيهِ عِتقُ
تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها --- تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ
وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّتْ --- وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَرقُ
أَلَستِ دِمَشقُ لِلإِسلامِ ظِئرًا --- وَمُرضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقُّ
سَماؤُكِ مِن حُلى الماضي كِتابٌ --- وَأَرضُكِ مِن حُلى التاريخِ رَقُّ
بَنَيتِ الدَولَةَ الكُبرى وَمُلكًا --- غُبارُ حَضارَتَيهِ لا يُشَقُّ
لَهُ بِالشامِ أَعلامٌ وَعُرسٌ --- بَشائِرُهُ بِأَندَلُسٍ تَدُقُّ
رُباعُ الخلدِ وَيحَكِ ما دَهاها --- أَحَقٌّ أَنَّها دَرَسَت أَحَقُّ
وَهَل غُرَفُ الجِنانِ مُنَضَّداتٌ --- وَهَل لِنَعيمِهِنَّ كَأَمسِ نَسقُ
وَأَينَ دُمى المَقاصِرِ مِن حِجالٍ --- مُهَتَّكَةٍ وَأَستارٍ تُشَقُّ
بَرَزنَ وَفي نَواحي الأَيكِ نارٌ --- وَخَلفَ الأَيكِ أَفراخٌ تُزَقُّ
إِذا رُمنَ السَلامَةَ مِن طَريقٍ --- أَتَت مِن دونِهِ لِلمَوتِ طُرقُ
بِلَيلٍ لِلقَذائِفِ وَالمَنايا --- وَراءَ سَمائِهِ خَطفٌ وَصَعقُ
إِذا عَصَفَ الحَديدُ احمَرَّ أُفقٌ --- عَلى جَنَباتِهِ وَاسوَدَّ أُفقُ
سَلي مَن راعَ غيدَكِ بَعدَ وَهنٍ --- أَبَينَ فُؤادِهِ وَالصَخرِ فَرقُ
إِذاما جاءَهُ طُلّابُ حَقٍّ --- يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا
بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا --- وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا
وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها --- فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ
بَني سورِيَّةَ اطَّرِحوا الأَماني --- وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقوا
فَمِن خِدَعِ السِياسَةِ أَن تُغَرّوا --- بِأَلقابِ الإِمارَةِ وَهيَ رِقُّ
وَكَمْ صَيَدٍ بَدا لَكَ مِن ذَليلٍ --- كَما مالَتْ مِنَ المَصلوبِ عُنقُ
فُتوقُ المُلكِ تَحدُثُ ثُمَّ تَمضي --- وَلا يَمضي لِمُختَلِفينَ فَتقُ
نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ دارًا --- وَلَكِن كُلُّنا في الهَمِّ شَرقُ
وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ --- بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ
وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ --- فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ فَاشْقَوا
وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ --- يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ
وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا --- إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا
وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا --- وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ
فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ --- وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ
وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ --- بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
جَزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني دِمَشقٍ --- وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ دِمَشقُ
نَصَرتُمْ يَومَ مِحنَتِهِ أَخاكُمْ --- وَكُلُّ أَخٍ بِنَصرِ أَخيهِ حَقُّ
لِكُلِّ لَبوءَةٍ وَلِكُلِّ شِبلٍ --- نِضالٌ دونَ غايَتِهِ وَرَشقُ

أللهم نصراً عاجلاً وفتحاً مبيناً يا حي يا قيوم يا جبّار يا قهّار وأنت على كل شيء قدير, والحمد لله على كل حال, وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.

إبراهيم الدميجي
19/ 4/ 1433



...............................................
(1) (وقد سُطرت مؤلفات عدّة في القديم والحديث حيال فضائل الشام وأهله منها: (فضائل الشام ودمشق) لأبي الحسن علي بن محمد الربعيي, وخرّج المرفوع من أحاديثه الإمام الألباني رحمه الله، وخرّج وطبع معه (مناقب الشام وأهله) للإمام ابن تيمية وأكثر أحاديث هذا المقال مستفادة منه, (فضائل الشام) للحافظ أبي سعد عبدالكريم السمعاني, (فضائل الشام لابن رجب الحنبلي), (فضائل الشام) للحافظ ضياء الدين المقدسي, (نزهة الأنام في محاسن الشام) لأبي البقاء عبد الله بن محمد البدري, (حدائق الإنعام في فضائل الشام) لعبدالرحمن بن إبراهيم بن عبدالرزاق الدمشقي, (ترغيب أهل الإسلام بسكنى الشام) تصنيف العز بن عبدالسلام, (بغية المرام في سكن المدينة والشام) لعبدالمطلب بن محمد الخطيب الحسني, (الإعلام بسن الهجرة إلى الشام) لبرهان الدين إبراهيم البقاعي وفي (تاريخ دمشق لابن عساكر) طائفة حسنة شريفة من الأحاديث والآثار في شأن الشام ولابن عبدالهادي مصنف في ذلك, وغير ذلك كثير).
(2) قال العز ابن عبد السلام رحمه الله: وهذه شهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم باختيار الشام، وبفضلها وباصطفائه ساكنيها، واختياره لقاطنيها، وقد رأينا ذلك بالمشاهدة، فإن من رأى صالحي أهل الشام ونسبتهم إلى غيرهم رأى بينهم من التفاوت ما يدل على اصطفائهم واجتبائهم.
(3) مجموع الفتاوى (27: 505_511)باختصار وتصرف يسير, والرسالة مطبوعة بعنوان مناقب الشام وأهله بتخريج الإمام الألباني رحمه الله تعالى.
(4) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (4/449).
(6) أخرجه ابن جرير في تفسيره (18: 469).
(7) تفسيرالطبري (18: 470).
(8) عن (إسعد الأخصّا بذكر صحيح فضائل الشام والمسجد الأقصى) (1/14).
(9) السابق (1/18).
(10) تفسير ابن كثير (1/444).
(11) مجموع الفتاوى (27: 39_ 47). ‏
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت

الحمد لله والصلاة على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد

فهذه الأحاديث الصحيحة في فضل الشام عامة ودمشق خاصة أضعها بين يدي إخواني بعد أن جمعتها

و ذكرت بداية الأحاديث التي في كتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن ابن شجاع الربعي وكتاب مناقب الشام وأهله لشيخ الإسلام ابن تيمية

وهما بتحقيق العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

حققهما تحت هذا الاسم ( فضائل الشام وأهله )

وقد انتقيت من الأحاديث ما قال فيه الشيخ رحمه الله صحيح أو حسن

ثم أضفت لهذا ما صح من احاديث في الشام مما وقعت يدي عليه خارج هذه المصنفات

أسأل الله أن يجعل هذا خالصا لوجهه

و أن يكرمنا ويقر عيننا بالشام و أهلها إنه ولي ذلك والقادر عليه

هذا والله الموفق

وكتب أبو حمزة الغريب / صنعاء 16 رمضان 1425 هـ

-----------------------------------------------------

عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا طوبى للشام! يا طوبى للشام ! يا طوبى للشام!قالوا: يا رسول الله وبم ذلك ؟ قال: ( تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام )

صحيح / فضائل الشام ودمشق

____________________________________



عن عبد الله بن حوالة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستجدون أجناداً ، جنداً بالشام ، وجنداً بالعراق ، وجندا ًباليمن

قال عبد الله: فقمت فقلت: خِرْ لي يا رسول الله ! فقال: ( عليكم بالشام ، فمن أبى فليلحق بيمنه ، و ليستق من غدره ، فإن الله عز و جل تكفل لي بالشام و أهله )

قال ربيعة: فسمعت أبا إدريس يحدث بهذا الحديث يقول: ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه .

صحيح جدا / فضائل الشام ودمشق

______________________________________



عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام

صحيح / فضائل الشام ودمشق

______________________________



عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشام أرض المحشر والمنشر .

صحيح / فضائل الشام ودمشق

______________________________________



عن معاوية رضي الله عنه مرفوعاً ( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ) صحيح / فضائل الشام ودمشق

وهو مخرج في السلسلة الصحيحة وفي سنن الترمذي وزاد أبو عيسى الترمذي: [ قال البخاري : ( قال علي بن المديني هم اهل الحديث ) ]رواه أحمد وابن حبان

________________________________



عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم أقبل على القوم فقال: اللهم بارك لنا في مدينتنا ، و بارك لنا في مدنا و صاعنا ، اللهم بارك لنا في حرمنا ، وبارك في شامنا فقال رجل: وفي العراق ؟ فسكت . ثم أعاد ، قال الرجل: وفي عراقنا ؟ فسكت . ثم قال: ( اللهم بارك لنا في مدينتنا و بارك لنا في مدنا و صاعنا ، اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم اجعل مع البركة بركة ، و الذي نفسي بيده ما من المدينة شعب و لا نقب إلا و عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا عليها . . .

صحيح / فضائل الشام ودمشق

___________________________________



عن عبد الله بن حوالة أنه قال: يا رسول الله ، اكتب لي بلدا أكون فيه ، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك . قال: عليك بالشام " ثلاثا " فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته للشام قال: ( هل تدرون ما يقول الله عز وجل ؟ يقول: أنت صفوتي من بلادي ، أدخل فيك خيرتي من عبادي ، ، وإليك المحشر ، ورأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة ، قلت: ما تحملون ؟ قالوا: نحمل عمود الإسلام ، أمرنا أن نضعه بالشام ، وبينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي ، فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض ، فأتبعت بصري ، فإذا هو نور ساطع بين يدي ، حتى وضع بالشام ، فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه ، وليستق من غُدُره ( الغدر: بضم الغين وضم الدال جمع غدير )، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله )

صحيح / فضائل الشام ودمشق

ـ-------------------------------------------------------------------

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم الله يوماً: إني رأيت الملائكة في المنام أخذوا عمود الكتاب فعمدوا به إلى الشام ، فإذا وقعت الفتن فإن الإيمان بالشام

صحيح / فضائل الشام ودمشق

-----------------------------------------------------------

عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستخرج نار في آخر الزمان من ( حَضْر مَوْت تحشر الناس ) قلنا: بما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال: ( عليكم بالشام )

صحيح / فضائل الشام ودمشق

ـ----------------------------------------------------

عن بَهْزُ بنُ حَكِيمٍ بن معاوية القشيري ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدّهِ قَالَ: قلْتُ يا رَسُولَ الله أين تأمرني ؟ فقال: هاهنا وأومأ بيده نحو الشام . قال: ( إِنّكُمْ محْشورُونَ رِجَالاً وَرُكْبَاناً ومجرون علَى وُجُوهِكُم )

صحيح / فضائل الشام ودمشق

-------------------------------------------------------------

عن أبي الدّرْدَاءِ أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: فُسْطَاط المُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بالْغُوطَةِ إلَى جَانِبِ مَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشّامِ

وفي رواية ثانية: قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ )

صحيح / فضائل الشام ودمشق

ووجدت رواية أخرى عند أبي داود قال : ( يقال لها دمشق من خير مدائن الشام ) وقد صححهاالألباني رحمه الله

والغوطة هي المنطقة المحيطة بدمشق من شرقها تقريبا وهي في محافظة ريف دمشق الآن

-------------------------------------------------------

عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ينزل عيسى بن مريم عليهما السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق

صحيح / فضائل الشام ودمشق

ـ--------------------------------------------------

عن أوس ابن أوس الثقفي رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند بالمنارة البيضاء شرقي دمشق عليه ممصرتان ، كأن رأسه يقطر منه الجُمان

صحيح / فضائل الشام ودمشق

ـ----------------------------------------

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أنه سَمِعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي أكرم العرب فرساً وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين

حسن/ فضائل الشام ودمشق

ـ-----------------------------------------------

عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بناء له ، فسلمت عليه . فقال: عوف قلت: نعم يا رسول الله! قال: ( ادخل ) فقلت: كلي أو بعضي ؟ قال: ( بل كلك ) قال: فقال لي: ( اعدد عوف! ستا بين يدي الساعة ؛ أولهن موتي ) ، قال: فاستبكيت حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكتني . قال: ( قل: إحدى . والثانية فتح بيت المقدس ، قل اثنين . والثالثة فتنة تكون في أمتي وعظمها . والرابعة موتان يقع في أمتي يأخذهم كقعاص الغنم . والخامسة يفيض المال فيكم فيضاً حتى إن الرجل ليعطي المائة دينار فيظل يسخطها ، قل خمساً . والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر يسيرون إليكم على ثمانين راية ، تحت كل راية اثنا عشر ألفا ، فسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها: الغوطة ، فيها مدينة و يقال لها: دمشق . )

صحيح / فضائل الشام ودمشق

-------------------------------------

عن أبي ذر قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في مسجد المدينة فضربني برجله وقال ألا أراك نائما فيه فقلت يا رسول الله غلبني عيني قال كيف تصنع إذا أخرجت منه فقلت إني أرضى الشام الأرض المقدسة المباركة قال كيف تصنع إذا أخرجت منه قال ما أصنع أضرب بسيفي يا رسول الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ألا أدلك على خير من ذلك وأقرب رشدا قالها مرتين تسمع وتطيع وتساق كيف ساقوك ) .

صحيح / سلسلة الأحاديث الصحيحة

---------------------------------------------------------

عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من خلقه وعباده ، ولتدخلن الجنة من امتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب .) رواه الطبراني

صحيح / سلسلة الأحاديث الصحيحة

----------------------------------------

عن سلمة بن نفيل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (عقر دار المؤمنين بالشام ) رواه الطبراني

صحيح / سلسلة الأحاديث الصحيحة

---------------------------------------------------

( ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضر موت ، تحشر الناس ، قالوا: يا رسول الله ! فما تأمرنا ؟ قال: عليكم بالشام . ) رواه الترمذي

صحيح / سلسلة الأحاديث الصحيحة

---------------------------------------

( لا تزال من أمتي عصابة قوامة على أمر الله عز وجل ، لا يضرها من خالفها ، تقاتل أعداءها ، كلما ذهب حرب نشب حرب قوم آخرين ، يزيغ الله قلوب قوم ليرزقهم منه ، حتى تأتيهم الساعة ، كأنها قطع الليل المظلم ، فيفزعون لذلك ، حتى يلبسوا له أبدان الدروع ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم أهل الشام ، ونكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصبعه يؤمئ بها إلى الشام حتى أوجعها )

صحيح / سلسلة الأحاديث الصحيحة

-----------------------------------------------------------

عن ابن حوالة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة ، جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق "" قال ابن حوالة: خر لي يارسول الله إن أدركت ذلك ، فقال: "" عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبى إليها خيرته من عباده ، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم ، واسقوا من غُدُركم ( الغدر: بضم الغين وضم الدال جمع غدير ) ، فإن الله توكل لي بالشام وأهله "

صحيح / سلسلة الأحاديث الصحيحة

----------------------------------------

عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب يوم القيامة فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا من قبل المغرب مسيرة سبعين عاما عرضه أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عاما قال سفيان قبل الشام خلقه الله يوم خلق السموات والأرض مفتوحا يعني للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه ) رواه الترمذي مطولا وحسنه العلامة الألباني رحمه الله

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح .

--------------------------------------------

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن مولاة له أتته فقالت اشتد علي الزمان وإني أريد أن أخرج إلى العراق قال فهلا إلى الشام أرض المنشر اصبري لكاع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صبر على شدتها ولأوائها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة ) رواه الترمذي وصححه الألباني رحمه الله

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عبيد الله .

-------------------------------------------------

عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنكم تحشرون رجالا و ركبانا و تجرون على وجوهكم هاهنا - و أومأ بيده نحو الشام ) رواه أحمد والترمذي والحاكم

صحيح / صحيح الجامع الصغير

-------------------------------

عن واثلة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه فمن أبى فليلحق بيمنه و ليسق من غدره فإن الله عز و جل تكفل لي بالشام و أهله )

رواه الطبراني

صحيح / صحيح الجامع الصغير

--------------------------------------------

وعن عمر رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" رأيت عمودا من نور ، خرج من تحت رأسي ساطعا حتى استقر بالشام "" . رواه البيهقي في "" دلائل النبوة "

صحيح / صحيح الجامع الصغير

---------------------------------------------------------

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا قالوا وفي نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا قالوا وفي نجدنا قال هناك الزلازل والفتن وبها أو قال منها يخرج قرن الشيطان

رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب

صحيح / صحيح الترغيب والترهيب

-----------------------------------------------------------

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحذيفة بن اليمان ومعاذ بن جبل وهما يستشيرانه في المنزل فأومأ إلى الشام ثم سألاه فأومأ إلى الشام قال عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فإن الله تكفل لي بالشام وأهله

صحيح لغيره / صحيح الترغيب والترهيب

------------------------------------------------

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم وتقذرهم نفس الله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير

رواه أبو داود عن شهر عنه والحاكم عن أبي هريرة عنه وقال صحيح على شرط الشيخين

صحيح لغيره / صحيح الترغيب والترهيب

---------------------------------------------------

(إني رأيت كأن عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام )


رواه الطبراني في الكبير والأوسط والحاكم وقال صحيح على شرطهما

ورواه أحمد من حديث عمرو بن العاص

صحيح / صحيح الترغيب والترهيب

---------------------------------------------

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن عنده طوبى للشام إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه

رواه الترمذي وصححه

صحيح / صحيح الترغيب والترهيب


منقوووووووووووووووووول
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
فضل الشام
د. محمد بن لطفي الصباغ

1- إن بلاد الشام بلد واحد، طيب مبارك، وقد وردتْ نصوص من الكتاب والسنة تقرر فضله وبركته، وسنورد بعضها في هذه الكلمة.

وقد استقبل هذا البلد الفتح الإسلامي أطيب استقبال، هذا الفتح المبين الذي أكرمه الله به يوم أن جاءتْ جيوش الإسلام تحرِّره من الظلم والجهل والتخلف، وحمل أهله هذا الدين الجديد، وانطلقوا به مع إخوانهم من الأقطار الأخرى ينشرون دين الله، ويعلون كلمته.

وكانتْ دمشق بعد عهد الخلفاء الراشدين عاصمة الإسلام، ومركز الدنيا، وصارت بعد حين مركزًا علميًّا يقصدها الراغبون في نيل المعرفة وتعلم أحكام الدين.

إن علومًا كثيرة على مدى التاريخ كانت مزدهرة فيها، وقامت فيها الجامعات الكثيرة التي كانوا يسمونها "المدارس"، فكانت فيها مدراس للقرآن، ومدارس للقراءات، ومدارس للحديث، ومدارس للفقه بمذاهبه المختلفة، ووقف فيها المحسنون الأوقاف الكثيرة عليها.

وكان فيها أبطال عظماء فتحوا الفتوح، وحققوا انتصارات باهرة؛ من أمثال: الأوزاعي، ومن أمثال نور الدين الشهيد محمود زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وغيرهم.

وكان فيها من العلماء العدد الكبير؛ من أمثال: ابن الصلاح، والنووي، والمِزِّي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن عساكر، وغيرهم، إنها بلد الخير والحق والتدين والخلق الكريم.

ولما وقعت الكارثة العظمى، وهي سقوط الخلافة الإسلامية؛ قام النصارى فتقاسموا بلاد المسلمين، وكان ما عرف بـ "سايكس بيكو"، وتعرضت بلاد الشام إلى احتلال الفرنسيين والإنكليز الذين حكموها بالحديد والنار، فقاومهم أهلها بالثورة السورية والثورة الفلسطينية، ونشر هؤلاء الغزاة فيها - متعاونين مع البَشير - المبادئ الهدامة من الإلحاد والقومية، وقامت أحزاب محاربة للإسلام؛ كحزب البعث، والحزب الشيوعي، وغيرهما من الأحزاب، ولكن الشعب لفظ هذه الدعوات الهدامة، وكان الاتجاه الغالب في بلاد الشام الاتجاه الديني.

واستطاع الشعب السوري -بتوفيق الله- تحقيق جلاء الفَرنسيين عن بلادهم، وقام الحكم الوطني.

وسرعان ما ابتلي هذا الشعب الطيب بتسلط العسكر، الذين كانوا تلامذة الكفرة المستعمرين، فحكموا بالحديد والنار، ثم أتيحت الفرصة للمجرم الطاغية "حافظ الأسد" أن يحكم البلاد مدة طويلة نصب فيها المشانق، وملأ المعتقلات، ونكَّل بعباد الله، وخَلَفه من بعده الطاغية السفَّاك القاتل المجرم، يدمر البلاد فكريًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، وأخلاقيًّا؛ فصبر هذا الشعب الأبي أكثر من أربعين سنة، ثم كانت هذه الثورة المباركة التي قام فيها الشباب الأبطال يطلبون إسقاط النظام الظالم، يطلبون الحرية والعدالة والكرامة، وقدَّموا أكثر من مائة ألف ما بين شهيد وجريح، ماضية في تحقيق أهدافها.

وأما فلسطين فسلَّموها بالغدر والخيانة إلى اليهود، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

2- لا يُنكَر إثبات الفضيلة لبعض الأمكنة ولبعض الأزمنة، ولكن ذلك لا يثبت إلا بنصٍّ صحيح من الكتاب والسنة.

وفضل بلاد الشام ثابت بنصوص صحيحه سنوردها - إن شاء الله.

3- فضلها في القرآن الكريم:
ذكر شيخ الإسلام تسع آيات من القرآن الكريم تدل على فضل بلاد الشام وبركته؛ وهي:
1- ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137].

2- ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

3- ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71].

4- ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 81].

5- ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ: 18][1].

6- ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ﴾ [القصص: 30].

7- ﴿ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ [طه: 12].

8- ﴿ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ [النازعات: 16].

9- ﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 21].

4- وأما الأحاديث والآثار التي دلَّت على فضل بلاد الشام، فكثيرة جدًّا، وسنورد بعض ما صح منها:
1- عن ابن عمر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال: ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة: ((هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان))؛ رواه البخاري برقم 1037، وبرقم 7094، والترمذي برقم 3953، وأحمد 2/90، و118، والطبراني في الكبير، والأوسط، وانظر: السلسلة الصحيحة 5246.

2- عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن من الرقاع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((طوبى للشام))، فقلنا: لأي ذلك يا رسول الله؟ قال: ((لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها))؛ رواه الترمذي برقم 3954، وأحمد 5/184، وابن حبان 114، والطبراني في الكبير، والحاكم 2/229، و611، وقال: على شرط الشيخين، وقال المنذري 4/11: "رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني بإسناد صحيح"، وقال الألباني: هو حديث صحيح.

3- عن عبدالله بن حوالة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ستجندون أجنادًا: جندًا بالشام، وجندًا بالعراق، وجندًا باليمن))، قال عبدالله بن حوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، قال: ((عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيَمَنكم، واسقُوا من غُدُركم؛ فإن الله توكَّل لي بالشام وأهله))؛ رواه أبو داود برقم 2483، وأحمد 4/110، 5/33 و288، وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وقال الألباني: صحيح جدًّا.

هذا وقد أورد المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/9 هذا الحديث من رواية العِرْباض بن سارية، وقال: رواه الطبراني، ورواته ثقات، ورواه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء بنحوه، بإسناد حسن، وأورد نحو هذا الحديث عن واثلة بن الأسقع، وقال: رواه الطبراني من طريقين إحداهما حسنة.

4- وعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني رأيت عمود الكتاب انتُزِع من تحت وسادتي، فنَظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان - إذا وقعت الفتن - بالشام)) رواه الحاكم 4/509، وأبو نعيم في الحلية 5/252، وانظر: "مجمع الزوائد" 10/58، وقال الألباني: حديث صحيح.

5- وعن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الشام أرض المحشر والمنشر))؛ قال الألباني: حديث صحيح.

6- وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة))؛ رواه الترمذي برقم 2192، وأحمد 3/436، وقال الألباني: إسناده صحيح.

7- عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس))، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام))؛ رواه الترمذي برقم 2217، وأحمد 2/8، و53، و69، و99، و119، وقال الألباني: حديث صحيح.

8- وكتب أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي: "أن هَلُمَّ إلى الأرض المقدسة"، فكتب إليه سلمان: "إن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس الإنسان عمله"؛ الموطأ 2/769، كتاب الوصية: الحديث 7، ومعلوم أنَّ أبا الدرداء كان في دمشق.

وجاء في مسند أحمد عدة أخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في إثبات فضل الشام وأهله:
• مثل وصفه - عليه السلام - أهل الشام: ((بأنه لا يغلب منافقوهم مؤمنين)).

• ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((رأيت كأن عمود الإسلام أخذ من تحت رأسي فأتبعته نظري، فذهب به إلى الشام)).

• ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((عقر دار المؤمنين الشام)).

• وجاء في الصحيحين عن معاذ بن جبل، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)).

• وفي الصحيحين أيضًا عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه أخبر أن ملائكة الرحمن مظلة أجنحتها بالشام)).

5- إن فضيلة المكان والزمان لا تُغنِي عن الإنسان شيئًا إن لم يكن هو فاضلاً، وكذلك النسب؛ فقد خاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- عددًا من أقربائه بأسمائهم، فقال: ((اعملوا ما شئتم فإني لا أغني عنكم من الله شيئًا)).

روى البخاري 7534، ومسلم 2042 عن أبي هريرة قال: لما نزل قوله -تعالى-: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، قال: ((يا معشر قريشٍ، اشتروا أنفسكم من الله، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا...، يا بني عبدمناف، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبدالمطلب، لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا صفية عمة رسول الله، لا أُغنِي عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئتِ من مالي لا أُغنِي عنك من الله شيئًا)).

ومكة أفضل بقاع الأرض، والمقيم فيها إن لم يكن مستقيمًا على ما أراد الشرع لم يستفد من إقامته فيها شيئًا، بل قد تضره على ما ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم، الذين قالوا: إن السيئات تضاعف فيها كما تضاعف الحسنات، وإن كان في هذا الذي قالوا نظر.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية السؤال الآتي:
"هل تفضل الإقامة في الشام على غيره من البلاد؟ وهل جاء في ذلك نص في القرآن والأحاديث؟".

وكان جوابه وافيًا، وكان مما قال:
"الإقامة في كل موضع تكون الأسباب أطوع لله ورسوله، وأفعل للحسنات والخير، بحيث يكون أعلم بذلك وأقدر عليه وأنشط له، أفضل من الإقامة في موضع يكون حاله فيه في طاعة الله ورسوله دون ذلك" [2].

فالحكم على الإقامة أمر نسبي يتعلق بالشخص والظروف العامة أكثر من تعلقه بالمكان.

فقد تكون إقامة الرجل في أرض يسود فيها الضلال، ويستعلن فيها الكفر، أفضل إذا كان هذا الرجل مجاهدًا في سبيل الله، أو داعيًا إلى دينه القويم بلسانه أو قلمه.

وقد تكون إقامته هناك أحسن من إقامته في أرض الإيمان والطاعة، ومن هنا كانت المرابطة في الثغور أفضل من مجاورة المساجد الثلاثة باتفاق العلماء..

قال الله -تعالى-: ﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التوبة: 19 - 22].

إذًا فالجهاد مع الإيمان أعظم درجة عند الله من عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج، وبركة البيت الحرام، وفضله أمر مسلَّم معروف لا جدال فيه؛ فأفضلية الإقامة في دار الكفر التي تحدثنا عنها مقيَّدة بأحوال الشخص، وإمكاناته، ومواهبه، وطاقاته، وأوضاعه الخاصة به، والظروف العامة على النحو الآتي:
يجب أن يكون المقيم في دار الكفر الذي تفضل إقامته هناك على الإقامة في ديار الإسلام، يجب أن يكون قوي الشخصية، موهوبًا، مسموع الكلمة، يمتلك أداة من أدوات التأثير في الناس، كالكتابة والخطابة وما إلى ذلك، ويتاح له أن يؤدي رسالته على وجه حسن، وأن يكون يحتمل ما يصيبه من الأذى المتوقع لا المحقق.

إنه إن كان كذلك، فلا شك في أن إقامته - حيث يقوى على تبليغ الدعوة والجهاد - خير له من الحياة في الوسط الطيب الصالح.

أما إذا كان هذا الإنسان شخصًا عاديًّا يتأثر بالوسط الذي يعيش فيه، وليس لديه شيء من المواهب والطاقات، وكان تعرضه للأذى أمرًا محققًا؛ فلا شك في أن هذا عليه أن يختار البيئة الصالحة الفاضلة، وأن يقيم فيها؛ فذلك أسلم عاقبة.

وبعد، فقد استوقفتني كلمة وردت في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد ثبت في الأمل الواسع بأن تعود بلاد الشام إلى أصالتها وتمسكها بالإسلام العظيم، وهذه الكلمة هي:
"فدين الإسلام بالشام في هذه الأوقات وشرائعه أظهر منه بغيره، هذا أمر معلوم بالحس والعقل، وهو كالمتفق عليه بين المسلمين العقلاء الذين أوتوا العلم والإيمان" [3].

إن الشام بلدي الحبيب، فيه ولدت، وبه نشأتُ، وقد رباني والداي على الإسلام، والتزام أحكامه، وعلى العادات الشامية الكريمة، وفي حلقات علمائه العلمية تعلمت، وفي دمشق ذكرياتي، وفي الشام أهلي وإخواني وأحبائي.

إن الشام الذي ثبت فضله، لا يغيب عن بالي، ولا يزول عن خاطري؛ فقلبي معلَّق فيه.

وأملي - كما ذكرت - كبير بعودة بلاد الشام إلى ما كانت عليه، وبعودة ماضيها الزاهر على الرغم من الظلم والظلمات التي تسيطر عليه الآن، وعلى الرغم من الأزمات الخانقة المتلاحقة التي مرت وتقوم الآن.

أجل، إن أملي كبير بذلك لما أوردت من النصوص القرآنية والحديثية، وإن الناظر في تاريخ بلاد الشام لا يستغرب هذا الأمل الذي يملأ صوري ويتراءى أمام عيني.

إن هذا البلد كان دائمًا يقوم من كبوته، ويثور على الظلم والعدوان، ويقوم من تحت الأنقاض فيطرد المعتدين، وينحي الظالمين، وسيتخلص من حكم آل الأسد قريبًا، وسيعود حاملاً رسالة الإسلام العظيم إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز.


[1] جاء في تفسير الطبري وتفسير ابن كثير: "قال مجاهد، والحسن، وسعيد بن جبير، ومالك عن زيد بن أسلم، وقتادة، والضحاك، وغيرهم: يعني قرى الشام؛ يعنون: أنهم كانوا يسيرون من اليمن إلى الشام في قرى ظاهرة متواصلة، وقال العوفي: عن ابن عباس: القرى التي باركنا فيها بيت المقدس".
[2] الفتاوى ج 27 ص 39.
[3] الفتاوى 27/40، وابن تيمية من رجال القرنين السابع والثامن؛ فقد ولد سنة 661 هـ، وتوفي بدمشق سنة 728 هـ وانظر ترجمته في مقدمتي لكتابه "أحاديث القصاص"، الذي حققته ونشرته في المكتب الإسلامي في بيروت.


منقووووووووووووول
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت

( فضائل الشام وبيت المقدس )
للشيخ : ( سيد حسين العفاني )

للشام فضائل كثيرة، ومناقب جمة وفيرة، ذكرها الله في كتابه، وأخبر بها النبي عليه الصلاة والسلام،
فهي الأرض المباركة، وهي أرض الرباط والجهاد، ومقر الطائفة المنصورة، وبها عمود الكتاب والسنة.
ويكفيها من الفضائل أن بها بيت المقدس ثاني مسجد عبد فيه الله على وجه الأرض، وللمسجد الأقصى مناقب كثيرة كذلك.

رثاء شهداء الأقصى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
ثم أما بعد: شهداؤنا بين المقابر يهمسون: والله إنا قادمون في الأرض ترتفع الأيادي تنبت الأصوات في صمت السكون تتساقط الأحجار يرتفع الغبار.. تضيء كالشمس العيون.. والله إنا راجعون شهداؤنا خرجوا من الأكفان فانطلقوا صفوفاً ثم راحوا يهتفون عار عليكم أيها المستسلمون وطن يباع وأمة تجتاح قطعاناً وأنتم نائمون شهداؤنا فوق المنابر يخطبون قاموا إلى نابلس فصلوا في مساجدها وزاروا المسجد الأقصى وطافوا في رحاب القدس واقتحموا السجون.. شهداؤنا في كل شبر من ثرى الوطن المكبل ينبتون في كل ركن من ربوع الأمة الثكلى أراهم يخرجون شهداؤنا وسط المجازر يهتفون: الله أكبر منك يا زمن الجنون! شهداؤنا يتقدمون أصواتهم تعلو على أسوار نابلس الحزينة في الشوارع في المفارق يهدرون.. إني أراهم في الظلام يحاربون رغم انتشار الضوء في الوطن المكبل بالمهانة والدمامة والمجون.. والله إنا عائدون.. أكفاننا ستضيء يوماً في رحاب القدس.. سوف تعود تقتحم المعاقل والحصون.. شهداؤنا في كل شبر يصرخون. يا أيها المتنصرون! كيف ارتضيتم أن ينام الذئب في وسط القطيع وتأمنون؟! وطن بعرض الكون يعرض في المزاد وطغمة الجرذان في الوطن الجريح يتاجرون أحياؤنا الموتى على الشاشات في صخب النهاية يسكرون.. من أجهض الوطن العريق وكبل الأحلام في كل العيون يا أيها المتشرذمون! سنخلص الموتى من الأحياء من سفه الزمان العابث المجنون.. والله إنا قادمون.. شهداؤنا في كل شبر في البلاد يزمجرون.. جاءوا صفوفاً يسألون: يا أيها الأحياء ماذا تفعلون؟! في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبون تتسربون على جناح الليل كالفئران سراً للذئاب تهرولون.. وأمام أمريكا تقام صلاتكم فتسبحون وتطوف أعينكم على الدولار فوق ربوعه الخضراء يبكي الساجدون.. صور على الشاشات جرذان تصافح بعضها والناس من ألم الفجيعة يضحكون.. في صورتين تباع أوطان وتسقط أمة ورءوسكم تحت النعال وتركعون.. في صورتين تسلم القدس العريقة للذئاب ويسكر المتآمرون.. شهداؤنا في كل شبر يصرخون: القدس تسبح في الدماء وفوقها الطاغوت يهدر في جنون.. القدس تسألكم: أليس لعرضها حق عليكم؟ أين فر الراقدون؟! وأين غاب البائعون؟! وأين راح الهاربون الصامتون الغافلون الكاذبون؟! صمتوا جميعاً والرصاص الآن يخترق العيون. وإذا سألت سمعتهم يتصايحون. هذا الزمان زمانهم -أي: من يقدر على أمريكا؟- في كل شيء في الورى يتحكمون. لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص فإنكم في كل شيء خاسرون.. لن يترك الطوفان شيئاً كلكم في اليم يوماً غارقون. تجرون خلف الموت والنخاس يجري خلفكم وغداً بأسواق النخاسة تعرضون.. لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون.. كهاننا يترنحون فوق الكراسي هائمون في نشوة السلطان والطغيان راحوا يسكرون.. وشعوبنا ارتاحت ونامت في غيابات السجون.. نام الجميع وكلهم يتثاءبون فمتى يفيق النائمون.. متى يفيق النائمون؟

فضائل بلاد الشام في القرآن
بيت المقدس كنز الله من أرضه، وفيه كنزه من عباده، والبركة في بيت المقدس وبلاد الشام ثبتت بآيات من كتاب الله عز وجل، فحين نقول: إقليم الشام، فإنا نعني به الإقليم الذي كان إقليماً موحداً في ظل دولة الخلافة العثمانية حتى اتفاقية سايكس بيكو، فجاء الإنجليز والفرنسيون وقسموا ذلك الإقليم إلى أربع دويلات هي: سورية ولبنان والأردن وفلسطين، فعندما يقال في الشرع: الشام، فإن المقصود بها: سورية ولبنان والأردن وفلسطين. ولهذه البقاع مكانة في كتاب الله عز وجل وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيها سيكون تمام دولة الإسلام وملكه في آخر الزمان، وهي حرز المؤمنين عند وقوع الفتن، وإليها يهاجر خيار أولياء الله. تعالوا معي في رحلة لفضائل الشام وبيت المقدس. قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:71] قال شيخ الإسلام ابن تيمية : معلوم أن إبراهيم إنما نجاه الله ولوطاً إلى أرض الشام من أرض الجزيرة والعراق.
وقال ابن جرير الطبري : لا خلاف بين أهل العلم أن هجرة إبراهيم من العراق كانت إلى الشام.
فهذه الآية تثبت البركة لبلاد الشام وفلسطين. وقال الله تبارك وتعالى عن موسى ومن معه بعد أن نجاه من فرعون: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا [الأعراف:137]. قال الحسن : هي الشام.
وقال قتادة : هي أرض الشام.
وقال ابن تيمية : معلوم أن بني إسرائيل إنما أورثوا مشارق أرض الشام ومغاربها بعد أن أغرق فرعون في اليم. وقال الله تبارك وتعالى على لسان موسى لقومه: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ [المائدة:21]، والأرض المقدسة أي المطهرة. قال قتادة : هي أرض الشام. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : هي أرض الشام. ومملكة سليمان بارك الله تبارك وتعالى فيها وكانت في بيت المقدس، قال الله تبارك وتعالى: وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ [الأنبياء:81]، قال ابن زيد : هي بلاد الشام.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : إنما كانت تجري إلى أرض الشام التي فيها مملكة سليمان وبالذات في بيت المقدس. وقال تعالى في قصة سبأ: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ [سبأ:18]، قال مجاهد : القرى التي بارك الله فيها هي الشام. وقال قتادة : هي أرض الشام.
وقال ابن عباس : هي الأرض المقدسة. وقال الله تبارك وتعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1]، فأيضاً بارك الله حول بيت المقدس. قد يفت في عضد الناس أن إسرائيل معها قنابل وصواريخ وتستطيع أن تدك المسجد الأقصى في لحظة، فيسقط في أيدي الناس ويخلدون إلى اليأس وإلى النوم العميق. نقول لهم: إن هذه الأرض مباركة، ومكان المسجد نفسه مبارك، فالمسجد الأقصى ثاني مسجد بني على وجه الأرض، فبينه وبين بناء الكعبة أربعون عاماً كما سنبين. واختلف العلماء فيمن بناه أولاً هل هو آدم أم إبراهيم أم إسرائيل؟ ثم جدد بناءه سيدنا سليمان، وحينما دخله النبي صلى الله عليه وسلم كان عبارة عن أطلال وبقايا سور تحيط بالمسجد، فحتى لو أن الإسرائيليين هدموا المسجد الأقصى فإنه يبنى مرة ثانية، فقد جدد بناءه عبد الملك بن مروان ، وجدد بناءه أبو جعفر المنصور ، وجدد بناءه خلفاء عباسيون وزادوا فيه. العبرة هي أن الأرض التي أقيم عليها المسجد أرض مباركة فلا يفت في عضد الناس، بل هيكل اليهود نسف مرتين ودمر تدميراً كاملاً ولم يبق فيه أثر لطوبة واحدة، وبرغم ذلك يقولون: الهيكل. والمسلمون يقولون: إسرائيل هدت الجامع إذاً نحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً، وسنبقى قاعدين!! فهذه القشة إنما تقصم ظهر المتغافل. قال الله تبارك وتعالى: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ [سبأ:18] أي: بين مملكة سبأ.
وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا [سبأ:18] التي هي بلاد الشام.
قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ [سبأ:18]. وقال الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ [يونس:93]، قال الضحاك : هي بلاد الشام. وقال قتادة: هي الشام وبيت المقدس.
مُبَوَّأَ صِدْقٍ [يونس:93] يعني هذه الأرض أرض صدق أقسم الله تعالى بها. تكلم الله عن الربوة فقال: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ [المؤمنون:50] هي بيت المقدس. وأقسم الله عز وجل بمنابت التين والزيتون فقال: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ [التين:1-3] ومنابت التين في بلاد الشام، ومنابت الزيتون في الجبل الذي عليه بيت المقدس. وأرض الشام وفلسطين هي أرض المحشر، قال الله تبارك وتعالى: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ [ق:41]. قال ابن جرير الطبري : واستمع يا محمد -صلى الله عليه وسلم- صيحة القيامة يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب، وكأنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس، وهذا قول قتادة و كعب قال: ملك قائم على صخرة بيت المقدس. والسور الذي يضربه الله جل وعلا بين المنافقين والمؤمنين في عرصات القيامة هو السور الشرقي لبيت المقدس، الذي يطل باطنه على المسجد الأقصى ويطل على وادٍ يسمى وادي جهنم، وهذا الوادي في القدس، قال الله تبارك وتعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13]. قال عبد الله بن عمرو بن العاص عن هذا السور: هو السور الشرقي باطنه المسجد وظاهره وادي جهنم. فهذه آيات تكلمت عن بركة وطهارة وقدسية هذه الأراضي.

فضائل بلاد الشام على لسان الرسول المصطفى

بسط الملائكة أجنحتها على الشام
أما الفضائل التي ثبتت لبلاد الشام ولبيت المقدس بالسنة فعظيمة، وكل فضيلة ثبتت لبلاد الشام فهي أيضاً ثابتة لبيت المقدس؛ لأنه جزء من بلاد الشام. أولاً: بسط الملائكة أجنحتها على الشام. فعن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا طوبى للشام، يا طوبى للشام، يا طوبى للشام! قالوا: يا رسول الله! وبم ذاك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام). وطوبى تأنيث أطيب، وهو دعاء بطيب العيش والراحة والسعة، قال عز الدين بن عبد السلام : أشار صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى وكل الملائكة بالشام يحرسونها ويحفظونها.

الشام صفوة بلاد الله
الفضيلة الثانية لبلاد الشام: أنها صفوة بلاد الله من أرضه يُسكنها عز وجل خيرته من خلقه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشام، فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فإن الله عز وجل تكفل لي بالشام وأهله) . (فمن أبى) أي: من أبى السكنى بالشام. (وليسق من غدره) الغدر جمع غدير، والغدير هو الجزء من الماء الذي يتركه السيل بعد انصرافه من الأرض، وهذا معروف في بلاد الشام كثيراً، يعني: لا يتنازع الناس على الماء وليشرب كل من غديره الخاص به. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن حوالة : (عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فإما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله). وجاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشام صفوة الله من أرضه، وفيها صفوته من عباده).

تكفل الله بأهل الشام
المنقبة الثالثة لأهل الشام ومنها أهل فلسطين: أن الله تكفل بأهل الشام: قال سيدنا عبد الله بن حوالة الصحابي الجليل، وسيدنا سعيد بن عبد العزيز إمام أهل الشام: من تكفل الله به فلا ضيعة عليه. فقد يقول لك قائل: كيف يكون قوله: (فلا ضيعة عليه) وهاهي إسرائيل تدك الأرض دكاً؟! والجواب لمثل هذا: لا تأخذ حقبة معينة من الزمن أو مدة قصيرة من الزمن وتنظر إليها على أنها تاريخ الأمم، وإلا فبالله عليك ماذا تساوي إسرائيل بجانب التتر؟ وماذا تساوي إسرائيل بجانب الحملات الصليبية التي اشتركت فيها كل جيوش الغرب؟ وكلها تحطمت على صخرة بيت المقدس. سيدنا شيخ الإسلام ابن تيمية كان يعلم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في بلاد الشام، فلما جاءت معركة مرج الصفر التي شارك فيها بنفسه أمام جيوش المغول والتتر أشار على السلطان محمد بن قلاوون أن يخرج بالجيش المصري لتكون المعركة على أرض الشام، لكي لا يلتقوا بجيش التتر في مصر، وإنما يخرجون من مصر ويجتمعون مع الجيش الشامي، فاجتمعوا وكانت المعركة على أرض الشام في معركة مرج الصفر وكان فيها انتصار عظيم للمسلمين. وعندما دُمِّر جيش الخلافة وقتل الخليفة واجتاحت جيوش التتر دولة الخلافة تصدى للتتر الجيش المصري المسلم، فخرج قطز من مصر إلى بلاد الشام لتكون المعركة على أرض الشام وهي معركة عين جالوت، وكان بطلها الجيش المصري ومعه الشامي ولكن المعركة كانت في بلاد الشام. وكذلك معركة حطين، فعندما جاءت الحملات الصليبية التي قتلت من المسلمين سبعين ألف مسلم يوم أخذوا بيت المقدس، وقد قتلوهم في سبعة أيام أو في ثلاثة أيام حتى غاص القائد الصليبي -الذي أخذ بيت المقدس- في جثث المسلمين وفي دمائهم إلى ركبتيه. ثم أتى صلاح الدين ليدمر جيوش الصليبيين في معركة حطين الفاصلة، التي كانت نهاية الوجود الرومي كله، وكانت في بلاد الشام. وقد قال هرقل: سلام عليك يا سورية سلام مودع لا يراك بعد هذا أبداً، وذلك حين خرج من الشام وكانت تصفية الإمبراطورية الرومية من أرض الشام. وهذا لا يعني أن إسرائيل قوة صغيرة. ومما يذكر أنه في السبعينات هبطت طائرة شراعية فيها سوري وتونسي وفلسطينيان، وفتحوا رشاشاتهم على قاعدة عسكرية من قواعد الجيش الإسرائيلي فقتلوا العشرات بل بالمئات ثم قتلوا، فوقف قائد الكتيبة الإسرائيلي وعظم هؤلاء الأبطال؛ وأدى لهم التحية العسكرية بعد موتهم اعترافاً ببطولتهم. فالإنسان لا ينظر إلى وقت الضيق، ولكن نقول: إن العاقبة للمتقين، بل انظر إلى رجل مبتدع دوخ إسرائيل، فما ظنك لو جاء رجل من أهل السنة والجماعة. فهذا خميني العرب حسن نصر الله ، مع أنه مبتدع ويتكلم على الصحابة وعلى السيدة عائشة، وكذلك حزب الله، ولكن على الرغم من ابتداعهم فقد أدبوا إسرائيل، فما ظنك إذاً بالملتزمين من أهل السنة؟

عمود الكتاب والإسلام سيكون بالشام
وعمود الكتاب والإسلام سيكون بالشام: قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن حوالة : (رأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة.
فقلت: ماذا تحملون؟ فقالوا: عمود الإسلام، أمرنا أن نضعه بالشام، وبينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلس من تحت رأسي فظننت أن الله تخلى عن أهل الأرض فأتبعته بصري وإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام، فقال ابن حوالة : يا رسول الله! خر لي.
قال: عليك بالشام).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي الدرداء : (بينا أنا قائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام) وعمود الكتاب -كما قال عز الدين بن عبد السلام - هو الإيمان.

دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة
والنبي صلى الله عليه وسلم دعا بالبركة للشام، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
(صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم أقبل على القوم فقال: اللهم بارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في مدنا وصاعنا، اللهم بارك لنا في حرمنا، وبارك لنا في شامنا.
فقال رجل من أهل العراق: وفي العراق؟ فسكت ثم عاد قال الرجل: وفي عراقنا.
فسكت ثم قال: اللهم بارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في مدنا وصاعنا، اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم اجعل مع البركة بركة، والذي نفسي بيده! ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا عليها). وفي حديث آخر أن النبي قال: (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: هناك الزلازل والفتن، وهناك يطلع قرن الشيطان)، وفي رواية: (وفيها تسعة أعشار الشر). والصوفية قالوا: إن المقصود الشر الذي أخبر عنه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الوهاب ، إذاً محمد بن عبد الوهاب شيطان الأمة! وقد فهم الحافظ ابن حجر العسقلاني والإمام الخطابي أن المقصود بقوله: (وفي نجدنا) ما نجد من الأرض، أي: ما ارتفع من الأرض، وهي أرض العراق، ولو لم يكن في العراق إلا صدام لكفى، فقد كان سبباً في موت مليون ونصف طفل، وهو ممن تبنوا دعوى العنترية الجاهلية القومية العربية، ومؤسس حزب البعث، وقد دك المسلمين من الأكراد بالنووي وبالصواريخ ودمّر قراهم تدميراً كاملاً، وهو تلميذ نجيب لـميشيل عفلق . والقومية العربية كانت سبباً في كل الهزايم والدمار، وسبباً في التصاق الناس بالأرض وبعدهم عن السماء، وارتباطهم بالوحي انتهى، وأصبح ارتباطهم بالتعاليم الكاذبة؛ تعاليم الأرض المخالفة لتعاليم السماء، ثم بعد ذلك تكون النهاية المؤسفة، فما انتصر الناس في معركة إلا بالإسلام.

الشام ميزان لصلاح الناس
من مناقب الشام: أنها ميزان لصلاح الناس، وميزان للصلاح والفساد في أمة الإسلام: فهي ميزان القسط لأمة الإسلام، وهذا بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيك). وقال: (لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة). ويوصي النبي صلى الله عليه وسلم بسكنى بلاد الشام ويفضلها على اليمن وعلى غيرها في آخر الزمان فهذا دليل على أفضليتها.

أرض الشام أرض رباط وثغر جهاد
وأرض الشام أرض رباط وثغر وجهاد إلى يوم القيامة كما قال بذلك عز الدين بن عبد السلام ، وكما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله! أهان الناس الخيل، أهان الناس الخيل وامتهنوها وقالوا: لا جهاد) ولنا هنا وقفة، فقد أقسم الله عز وجل بخيل الحرب فقال: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا [العاديات:1-3] فهل خيلنا خيل حرب؟! والله ما هي بالعاديات ضبحاً، ولا هي بالموريات قدحاً، ولا هي بالمغيرات صبحاً، بل هي خيل لعب ولهو ودنيا. بعد أن كان يركب عليها أبو سليمان خالد بن الوليد ، لصباحه المجد ولذكراه السلام، وكان يركب عليها صلاح الدين ، فمن الذي يركب عليها الآن؟! هذا الفرق بيننا وبينهم. ألا يا صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمرُ حصانك في سينا يشرب دمعه ويا لعذاب الخيل إذ تتذكرُ وتأبى جراحي أن تضم كفاها كأن جراح الحب لا تتخثرُ تأخرت يا أغلى الرجال فليلنا طويل وأضواء القناديل تسهرُ حصانك في سيناء يشرب دمعه وجندك في حطين صلوا وكبروا وتبكيك من شوق مآذن مكة وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبرُ ويبكيك سفساط الشام ودورها ويبكيك ظهر الغوطتين وتدمرُ نساء فلسطين تكحلن بالأسى وفي بيت لحم قاصرات وقصَّرُ وليمون يافا يابس في حقوله وهل شجر في قبضة الظلم يُثمرُ وأصرخ يا أرض المروءات فاحبلي لعل صلاحاً ثانياً سوف يظهرُ جاء في الحديث: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! أذال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: كذبوا؛ الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني؛ ألا فلا يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين بالشام) وهذا هو الشاهد. فيكذِّب النبي صلى الله عليه وسلم من يقول إن الحرب قد وضعت أوزارها، ثم قال: (عقر دار المؤمنين بالشام) يعني: موطن أصل الإيمان سيكون بالشام عند نزول الفتن.

خيار أهل الأرض ألزمهم للشام
ومن فضائل أهل الشام: أن خيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ومهاجر إبراهيم هي بلاد الشام وخاصة فلسطين. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم). ألزمهم: يعني من يلتزمون المكان ولا يرحلون عنه، فهم لا يجلسون فيه فترة ويتركونه وإنما يقيمون فيه إقامة دائمة. قال: (ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم وتقذرهم نفس الله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتكونن هجرة بعد هجرة إلى مهاجر أبيكم إبراهيم حتى لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها تلفظهم أرضوهم وتقذرهم نفس الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير). قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن رسولنا صلى الله عليه وسلم جعل مهاجر إبراهيم يعدل مهاجره صلى الله عليه وسلم، وقد انقطعت الهجرة إلى مهاجره صلى الله عليه وسلم بفتح مكة ولا تبقى إلا الهجرة إلى بلاد الشام.

الطائفة المنصورة في بلاد الشام
وفي بلاد الشام الطائفة المنصورة: فعن عمير بن هانئ رضي الله عنه قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على هذا المنبر يقول: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس). قال مالك بن يخامر السكسكي : يا أمير المؤمنين! سمعت معاذ بن جبل يقول: هم بالشام. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد بن أبي وقاص : (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة).
قال الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية : أهل الغرب هم أهل الشام، فهم غرب المدينة المنورة، فلقد كان أهل المدينة يطلقون على الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام: إمام أهل المغرب، فالمشرق والمغرب شيء نسبي، كل مدينة لها شرق وغرب، فالشام مغرب بالنسبة للمدينة. وقد يقول قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم حدد الطائفة المنصورة هنا بأنها طائفة مقاتلة تقوم بأمر الله وحددها في بلاد الشام، والإمام أحمد بن حنبل وشيخه يزيد بن هارون وعلي بن المديني قرينه في طلب العلم، والإمام البخاري قالوا: الطائفة المنصورة هم أهل الحديث.
فكيف توفق بين القولين؟ قال الإمام النووي : إن الطائفة المنصورة مفرقة بين أنواع المؤمنين، فمنهم شجعان مقاتلون، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد، ومنهم آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، والطائفة باعتبار زمانها، ففي أيام الإمام أحمد بن حنبل كان حفاظ الحديث والمحدثون هم الذين ينافحون عن الإسلام ويدافعون عنه أمام فلسفة اليونان وعلم الكلام، فهم الذين تصدوا للفلسفة اليونانية وحفظوا دين الأمة، ورفعوا النقل فوق العقل، ولولا صمود الإمام أحمد في محنة خلق القرآن لضاع الإسلام كما قال ذلك علي بن المديني، ففي وقت من الأوقات كان حفاظ الحديث هم الدرع الواقي للإسلام، وقد ينخفض صوتهم في زمان وتظل البركة فيهم، ولكن يقوم بأمر الله طائفة أخرى من الأمة وهم المقاتلون الذين يذودون عن الإسلام وعن حمى الإسلام، فهم طائفة مفرقة بين أنواع الطوائف الإسلامية من أهل السنة.

كثرة الشهداء ببلاد الشام
ومن فضائل بلاد الشام: كثرة شهداء بلاد الشام وأرض فلسطين، ونوع من شهدائهم أفضل الشهداء عند الله بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم. فعن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل بالحمى والطاعون فأرسلت الحمى إلى المدينة وأرسلت الطاعون إلى الشام) . فأكثر المناطق في الأمة تعرضاً للطاعون بلاد الشام، وأكثر المناطق تعرضاً للحمى هم أهل المدينة. قال: (الطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم ورجس على الكافرين). وطاعون عمواس مات فيه الآلاف، ومنهم أمين هذه الأمة أبو عبيدة، وأعلم الناس بالحلال والحرام معاذ بن جبل. ومات فيه شرحبيل بن حسنة ، و عبد الرحمن بن معاذ بن جبل ، دخل عليه والده معاذ بن جبل قبل الموت، فقال: يا عبد الرحمن ! كيف تجدك؟ قال: يا أبت الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [آل عمران:60]، ثم أصيب معاذ في إبهامه فجعل يقبله ويقول: إنك لصغير وقد يبارك الله في الصغير فيصبح كبيراً، فلما جاءه الموت قال: اخنق خنقك، فوعزتك إنني أحبك، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم، اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني ما كنت أحب البقاء في الدنيا لغرس الأشجار ولا لكري الأنهار، وإنما لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر. أما كون أفضل الشهداء هم من أهل الشام فهذا في آخر الزمان وفي يوم الملحمة وفي أكبر معركة بين النصارى والمسلمين في الغوطة، وأرض الغوطة قريبة من دمشق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليه جيش من المدينة -والمدينة هنا هي دمشق بنص الأحاديث التي سنذكرها- من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم -أي النصارى الذين هم بنو الأصفر- خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً فيفتتحون القسطنطينية). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث آخر: (والله! إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم ولون خيولهم). والقسطنطينية تفتح مرتين، والتي هي أسطنبول، مرة على يد محمد الفاتح الذي فتحها وكان عمره اثنتين وعشرين سنة، وكان شيخه الشيخ آغا شمس الدين يغدو به وهو لا زال صغيراً حتى يشرف به على البحر ويقول: أتنظر هذه المدينة يا بني؟ هذه مدينة القسطنطينية سيفتحها أمير مسلم هو خير الأمراء، ويفتحها جيش من خير الجيوش عند الله، ثم يخرج به مرة ثانية بعد ثلاثة أيام أو أربعة أيام كذلك، فكبر الطفل ومعه الأمل أنه ربما يكون هو الفاتح.
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه وإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص والفتح الثاني سيكون آخر الزمان بعد يوم الملحمة الكبرى التي ينتصر فيها المسلمون على الجمع الكبير من النصارى، وهم أربعون لواء تحت كل لواء اثنا عشر ألف مقاتل يهزمهم المسلمون. وما قاله نبينا على العين والرأس نصدق به ونوقن به، فممكن أن تكون حرب آخر الزمان بالسيوف، ولا تتعجب فإن أكبر علماء الجيولوجيا في الغرب يقولون: إن نجوماً كبيرة تنفجر في الجو بما يسمى موت النجوم، وإذا التصق نجم منها بالأرض وانفجر فسينهي كل ما على الأرض من أدوات إلكترونية.

في الشام شجر يشبه شجرة طوبى في الجنة
ومن فضائل الشام: أن بها شجر الجوز يشبه شجرة طوبى في الجنة: ففي حديث عتبة بن عبد السلمي حديث الأعرابي الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (في الجنة فاكهة؟ قال: نعم، وبها شجرة تدعى شجرة طوبى وهي شجرة تطابق الفردوس.
قال: أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: ليس شبه شيء من شجر أرضك، ولكن أتيت بلاد الشام؟ قال: لا.
قال: إن فيها شجرة تسمى الجوزة تنبت على ساق واحدة ثم تتفرع ثم تنتشر ثم ينتشر أعلاها) فهذه الشجرة تشبه شجرة طوبى بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

الشام آخر ديار الإسلام خراباً
ومن فضائلها: أنها آخر الديار الإسلامية خراباً: كما روى سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خراب بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية) يعني: وبعد فتح القسطنطينية خروج الدجال، آيات يتلو بعضها البعض، والشام كما قلنا أرض المحشر والمنشر.

بشرى المولد النبوي كانت من الشام
وهناك شيء جميل من فضائل الشام متعلق بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم. عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: (قلت: يا نبي الله! ما كان بدء أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام)، وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني في كتابه صحيح السيرة، والمقصود بقصور الشام أي: التي ببصرى، قال العلامة ابن كثير : وهذه بشرى طيبة ومكانة عظيمة لأهل محلتنا بصرى. ولذلك كانت أول مدينة من بلاد الشام حررت من قبضة الروم صلحاً، وأول فتح للمسلمين في بلاد الشام كانت مدينة بصرى.

فضائل بيت المقدس

وجود المسجد الأقصى ببيت المقدس
ثم بعد ذلك خص الله عز وجل بيت المقدس بفضائل منها أن بها المسجد الأقصى. فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! أي مسجد وضع على الأرض أولاً؟ قال: المسجد الحرام.
قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى.
قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد). قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : إن أول من بنى الكعبة هو آدم عليه السلام، ثم بناه بنوه من بعده. وقول ثان: إن إبراهيم عليه السلام هو الذي بنى المسجد الحرام ثم ارتحل بعد بناء المسجد الحرام إلى الشام موطنه ومهاجره فبنى بها المسجد الأقصى، فإبراهيم خليل الرحمن هو باني المسجدين. والقول الثالث: إن إبراهيم بنى الكعبة ثم بنى من بعده حفيده يعقوب المسجد الأقصى، والذي جدد البناء بعد ذلك هو سليمان بن داود عليه السلام.

بيت المقدس مهاجر بعض الأنبياء وموطن موتهم
ومن الفضائل: أنها أرض هاجر إليها إبراهيم ولوط، فمات إبراهيم بمدينة الخليل، فهي أرض يموت فيها خليل الرحمن إذاً هي أرض مباركة، ثم بعد ذلك تطؤها أقدام أنجاس الأرض من اليهود الملاعين. وموسى عليه السلام يسأل ربه عند الموت أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه وقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فرد الله إليه عينه، وقال: ارجع إليه وقل يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده من الثور بكل شعرة سنة، قال: أي رب! ثم ماذا؟ قال: ثم الموت.
قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة -من فلسطين- رمية بحجر، ولكنه مات بالأردن عليه السلام، قال: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر).
فسيدنا موسى خرج ببني إسرائيل لفتح بيت المقدس ولكن لم يجعل الله تبارك وتعالى الفتح على يديه، فلما جاءه الموت تمنى من ربه أن يدنيه من الأرض المقدسة فمات قريباً منها.

حبس الشمس ليوشع بن نون حتى يفتح بيت المقدس
ومن الفضائل: أن يوشع بن نون فتى موسى الذي قال الله فيه: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ [الكهف:60] حبست له الشمس حتى يفتحها. وهو نبي عظيم من بني إسرائيل صلى الله عليه وسلم، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ما حبست الشمس على بشر قط إلا على يوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس) أي: أن ربنا حبس له الشمس حتى يتم فتح بيت المقدس؛ لأنه دخل بيت المقدس لأجل أن يفتحه وكان عصر يوم الجمعة، وقد قاربت الشمس على المغيب، فقال: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا.
فحبسها وأوقف الشمس لهذه المدينة المباركة حتى أتم يوشع بن نون فتحها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها) أي: أنه عقد على واحدة ولم يدخل بها، (ولا أحد بنى بيوتاً ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنماً أو خلفات وهو ينظر ولادها، فدنا من القرية صلاة العصر -أو قريباً من ذلك- فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليه). فهذه من فضائل القدس التي حبس الله من أجلها الشمس. حدائي حزين.. ترى هل سئمتم حدائي الحزين.. وماذا سأفعل قلبي حزين؟ زماني حزين.. تقاطيع وجهي..
وجدران بيتي حزين حزين.. حزين حزين.. فجدران بيتي دمار وريح.. وبين الجوانح قلب جريح.. فحيح الأفاعي يحاصر بيتي.. ويعبث في الصمت صوت كريه. متى راح عهد قبيح السمات. رأينا له كل يوم شبيه.. حزين الدار يا صاح. جراحاتي تغذيني. ودوماً تنزف القدسُ.. تعاتبنا وتسألنا ويصرخ خلفنا الأمسُ.. وما يضنيك يا قدساه يا أختاه يضنيني وما يبكيك يبكيني.. لأنك عشت في دمنا فهذا الجرح في عينيك شيء لا تداريه.. وجرحي..
آه من جرحي قضيت العمر يؤلمني وأخفيه.. وما يضنيك يا قدساه يا أختاه يضنيني وما يبكيك يبكيني.. لأنك عشت في دمنا فلن ننساك رغم البعد كنت أنيس وحدتنا ونهراً من ظلال الغيب يروينا يطهرنا.. وقد ننسى أمانينا وقد ننسى محبينا وقد ننسى طلوع الشمس من غدنا وقد ننسى غروب الحلم من يدنا ولن ننسى مآذننا.. ستجمعنا دماء قد سكبناها وأيام أضعناها ويجمعنا ويجمعنا.. ولن ننساك لن ننساك يا قدس!!

بيت المقدس ديار الأنبياء
ومن فضائل بيت المقدس أنها ديار يعقوب عليه السلام، فإسرائيل هو الذي بنى المسجد الأقصى، على أحد أقوال أهل العلم. بينما الملاعين من يهود يقولون: إن روابيل بن إسرائيل زنا بامرأة أبيه، وإن يعقوب علم بذلك وسكت، فهذا النبي العظيم أبو يوسف جعلتموه ديوثاً، النبي الكريم بن الكريم جعلتموه قواداً؟ بل قالوا: إن يعقوب سرق مواشي حميهم، وهذا كله كذب وافتراء على أنبياء الله. ومن الفضائل: أنه كان بالقدس محراب داود عليه السلام قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (كان داود أعبد البشر)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان ينام نصف الليل ثم يقوم ثلثه ثم ينام سدسه). ولم يسلم داود عليه السلام من اليهود فقد قالوا عنه: إنه عندما كبر داود وشاخ أتوا إليه بفتيات صغيرات يدفئنه، وقالوا: إن ابن داود زنا بأخته. وقالوا: إن لوط سقتاه ابنتاه الخمر فلما سكر ضاجعهما وحملتا منه. فهم قتلة الأنبياء، والسفاكون، فالحرب بيننا وبينهم ليست لأجل قطعة أرض فقط، بل هي حرب دينية فقد سموا نبينا وقتلوا أنبياء الله عز وجل، وقالوا في مريم ما قالوا، وهم قتلة يحيى وزكريا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل ربه خلالاً ثلاثاً: سأل الله حكماً يصادف حكمه -أي يوافق حكم الله عز وجل- فأعطيه، وسأل الله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطيه، وسأل الله حين فرغ من بناء البيت ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه، أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة) فمن خرج من بيته يريد الصلاة ببيت المقدس غفر الله له كل ذنوبه ما تقدم من ذنوبه. فكيف تترك هذه الأرض لليهود؟ أفلا يشتاق كل منا إلى غفران ذنبه؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي سنتلوه: (وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض بحيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا وما فيها).

محراب مريم في بيت المقدس
ومن فضائل هذه الأرض: أن فيها محراب مريم التي تولت خدمة بيت المقدس: قال تعالى: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ [آل عمران:37] أي: في المسجد الأقصى، وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:37]، والمقصود بالمحراب: محراب المسجد الأقصى، وهو محراب زكريا عليه السلام. ففي المسجد الأقصى سالت دموع زكريا وانطلقت دعواته خاشعة تبلل أجواء المسجد، فسأل ربه أن يهبه غلاماً يرث به ميراث يعقوب من النبوة فقال: يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم:6] فأعطى الله عز وجل لزكريا ما تمنى في بيت المقدس.
فكان الميلاد الفذ ليحيى، فيعطاه والده وقد كبر وطعن في السن وشاخ، وأمه كانت عاقراً، لكن يعطيه الله تبارك وتعالى جزاء التبتل والطاعة والرغبة والرهبة والخشوع لله تبارك وتعالى. ويسميه الله جل وعلا يحيى وما سمى قبله أحداً، فهذا الاسم الفريد الذي ما تسمى به أحد سمي الله عز وجل ابن زكريا به، وجعله الله سيداً وحصوراً ونبياً من أنبياء بني إسرائيل، فذبحوه من أجل راقصة تسمى سالومي كانت عشيقة للملك هي وأمها، وأراد الملك أن يتزوج من بعض محارمه فوقف له نبي الله يحيى، وكانت عشيقة الملك تريد شيئاً من الفجور مع يحيى فأبى عليها وهو السيد الحصور، فتمنت أن تكيد ليحيى فقالت لابنتها: إذا قال لك الملك في ساعة صفاء ما تريدين فقولي له: أريد رأس يحيى.
ففعلت، فدعا بقاتلين من بني إسرائيل فذهبا وذبحا نبي الله يحيى، ثم أتت البنت برأس يحيى إلى أمها، ثم أتت إلى أمها فغاصت في الأرض إلى كعبيها، ثم إلى ركبتيها، ثم إلى حقويها، فنادت أمها السياف فقالت: جز رأس بنتي، فقد خافت عليها أن تغوص في الأرض بشكل كامل كما جزت رأس يحيى جُزَّ رأسها أمام أمها، بل وبأمر أمها. ثم بعد ذلك كان الميلاد الفذ لسيدنا عيسى عليه السلام وقد كان بأرض فلسطين؛ لكن اليهود قالوا في مريم ما قالوا: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا [النساء:156]. ثم أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وكان الإسراء بالروح والجسد، فقد رأى المسجد الأقصى رؤيا عين وليست رؤيا منامية. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثلها قط، قال: فرفعه الله إلي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود ، وإذا إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم -يعني: نفسه- فحانت الصلاة فآذنتهم، فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد! هذا مالك صاحب النار فسلم عليه، فالتفت إليه فبدأني بالسلام). وقد أنكر صلاته صلى الله عليه وسلم بالنبيين سيدنا حذيفة بن اليمان ولكن هذا القول خالف فيه كل الصحابة، وأنكر كذلك أنه ربط البراق بالحلقة التي كان يربط فيها الأنبياء، ولكن هذا القول لا يصح. الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء إماماً في هذه الليلة، والصلاة اختلف فيها أهل العلم فمن قائل يقول: إنه صلى قبل أن يعرج إلى السماء، ولكن الشيخ الألباني يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به فدخل المسجد ثم صلى فيه ركعتين وربط الدابة بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء، ثم عرج إلى السماء فعرفه جبريل بالأنبياء كل في سماء، وبعد أن عرفه نزل بهم إلى الأرض فصلى بهم في بيت المقدس. قال الشيخ الألباني : وهذا هو الصحيح. والشيخ ابن كثير يقول: سواء كان هذا أو ذاك فهما ثابتان، والأصح أنه صلى بهم بعد أن نزل بهم من فصلى بهم في المسجد الأقصى، يعني: عرفهم أولاً في السماوات ثم أتى فصلى بهم في المسجد الأقصى. وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالنبيين إماماً واعترفوا له بأنه نبي هذا الزمان، وإليه صارت ملكية هذا المكان ولقومه من بعده. خطا موسى على زبد الصحاري تشق عن الرمال هوى دفينا هوى تتفتح الأكمام منه وتنفح من بشائره يقينا دعاء أبيه إبراهيم بشرى يرجع من صداها المرسلونا تفض على صفوف العيب نصراً لأحمد يأخذ العهد الأمينا بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

فضائل المسجد الأقصى
والمسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، صلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوها وهو في مكة، ثم صلى نحوها ستة عشر وهو في المدينة، فكانت قبلة المسلمين الأولى. وبيت المقدس أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى). والصلاة فيه بمائتين وخمسين صلاة، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل، مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً)، وهذا الحديث أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وأخرجه المقدسي في فضائل بيت المقدس، وصححه الشيخ الألباني في تحذير الساجد. وعن ميمونة بنت كعب مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (قلت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أحمل إليه؟ قال: من لم يستطع أن يأتيه فليهد إليه زيتاً يسرج فيه؛ فإن من أهدى إليه زيتاً كمن أتاه) صححه البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة والحافظ العراقي والإمام الطحاوي وأيضاً قواه الإمام النووي في المجموع، وصححه الشيخ الألباني في تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق، ثم عاد وضعفه في ضعيف سنن ابن ماجة ، والصحيح أن هذا الحديث ضعيف، ولكن حديث أبي ذر هو الحديث الصحيح.

قصيدة في البكاء على القدس
ونختم بهذه القصيدة نحدوها لكم باسم مرثية حزن: دعني وجرحي فقد خابت أمانينا هل من زمان يعيد النبض يحيينا يا ساقي الحزن لا تعجب ففي وطني نهر من الحزن يجري في روابينا كم من زمان كئيب الوجه فرقنا واليوم عدنا ونفس الجرح يدنينا جرح عميق خدعنا في المداوينا لا الجرح يشفى ولا الشكوى تعزينا كان الدواء سموماً في ضمائرها فكيف جئنا بداء كي يداوينا هل من طبيب يداوي جرح أمته هل من إمام لدرب الحق يهدينا كان الحنين إلى الماضي يؤرقنا واليوم نبكي على الماضي ويبكينا من يرجع العمر منكم من يبادلني يوماً بعمري ويحيي طيف ماضينا إنا نموت فمن بالحق يبعثنا لم يبق شيء سوى صمت يواسينا صرنا عرايا أمام الناس يفزعنا ليل تخطى طويلاً في مآقينا صرنا عرايا وكل الأرض قد شهدت أنا قطعنا بأيدينا أيادينا يوماً بنينا قصور المجد شامخة والآن نسأل عن حلم يوارينا نابلس في اليم ماتت قدسنا ذبحت ونحن في العار نسقي وحلنا طينا أي الحكايا ستروى عارنا جلل نحن الهوان وذل القدس يكفينا هذي دمانا رسول الله تغرقنا هل من زمان بنور العدل يحمينا أي الدماء شهيد كلها حملت في الليل يوماً سهام القهر تردينا القدس في القيد تبكي من فوارسها دمع المنابر يشكو للمصلينا أقزامنا ضيعونا حينما فسقوا باعوا المآذن والقرآن والدينا أقزامنا أشعلوا النيران في غدنا ومزقوا الصبح في أحشاء وادينا ما لي أرى الخوف فينا ساكناً أبدا ممن نخاف ألم نعرف أعادينا أقزامنا من أضاعوا السيف من يدنا وأودعونا سجون الليل تطوينا أقزامنا من توارى صوتهم فزعاً والأرض تسبى ونابلس تنادينا أقزامنا أوهمونا آه كم زعموا وكم خدعنا بوعد عاش يشقينا قد خدرونا بصبح كاذب زمناً فكيف نأمل في يأس يمنينا أي الحكايا تروى عارنا جلل نحن الهوان وذل القدس يكفينا من باعنا خبروني كلهم صمتوا والأرض صارت مزاداً للمرابينا هل من زمان نقي في ضمائرنا يحيي الشموخ الذي ولى فيحيينا يا ساقي الحزن دعني إنني ثمل إنا شربناه قهراً ما بأيدينا عمري شموع على درب المنى احترقت والعمر ذاب وصار الحلم سكينا قم من ترابك يا ابن العاص في دمنا ثأر طويل لهيب العار يكوينا قم يا بلال وأذن صمتنا عدم كل الذي كان طهراً لم يعد فينا هل من صلاح يداوي جرح أمته ويطلع الصبح ناراً من ليالينا هل من صلاح يعيد السيف في يدنا أو تبتروها فقد شلت أيادينا جرحي عنيد وجرحي أنت يا وطني جئنا نداويك تأبى أن تداوينا إني أرى القدس في عينيك ساجدة تبكي عليك وأنت الآن تبكينا ما زال في العين طيف القدس يجمعنا لا الحلم مات ولا الأحزان تنسينا وقد ننسى أمانينا وقد ننسى محبينا وقد ننسى طلوع الشمس من غدنا وقد ننسى غروب الحلم من يدنا ولن ننسى مآذننا ولن ننسى مآذننا ستجمعنا دماء قد سكبناها وأمجاد أضعناها وأيام حلمناها ويجمعنا ويجمعنا ويجمعنا ولن ننساك لن ننساك يا قدس


أسأل الله ان يكون عملنا خالصاً لوجهه سبحانه

 
أعلى