نور الشّفاعة عند أهل السّنّة و الجماعة

طباعة الموضوع

أبو عبد الرحمان التونسي

عضو هيئة التدريس
إنضم
9 مايو 2011
المشاركات
412
النقاط
16
الإقامة
islammodere.blogspot.com
احفظ من كتاب الله
15 جزءا
احب القراءة برواية
قالون
القارئ المفضل
الحصري
الجنس
أخ
المقام المحمود هو الشفاعة وليس إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش
السؤال : ما صحة تفسير الإمام مجاهد في قوله تعالى : ( عسى أن يبعثَك ربك مقاما محمودا ) : هو أن يُجلس اللهُ تعالى محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم معه على كرسيه ، أو أن محمداً رسول الله يُجلسه ربُّه على العرش معه ؟

الجواب :
الحمد لله
مسألة إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش كانت وما زالت مثار جدال وحوار ، وينبغي التنبيه على عدة أمور قبل الكلام على صحة هذا الكلام أو عدم صحته :
أولاً :
ليس في إثبات قعود النبي صلى الله عليه وسلم على العرش حديث مقبول ثابت الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والقاعدة التي تقوم عليها عقيدة أهل السنة والجماعة : أن ما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الغيب يبقى من الغيب الذي لا يجوز الخوض فيه على وجه الجزم والإيمان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
[frame="1 80"]" حديث قعود الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش ، رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة ، وهي كلها موضوعة ". انتهى من" درء تعارض العقل والنقل " (3/19) .
وقال الذهبي رحمه الله :
" قضية قعود نبينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص ، بل في الباب حديث واه ". انتهى من
" العلو " (2/1081، رقم/422) .[/frame]
ثانياً :
تفسير القرآن الكريم بما ورد في صحيح السنة أولى بالاتباع من الأخذ بتفسير أحد التابعين – ولو كان بعلم مجاهد رحمه الله -، خاصة إذا عرفنا أنه قد روي عن مجاهد نفسه أنه قد فسر الآية بما يوافق الأحاديث والآثار الصحيحة كما سيأتي نقله .
[frame="4 80"]فعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ ، وَيَكْسُونِي رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى حُلَّةً خَضْرَاءَ ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي ، فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَقُولَ ، فَذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ ) رواه أحمد في " المسند " (25/60) طبعة مؤسسة الرسالة .
وقال المحققون لهذه الطبعة : " إسناده صحيح على شرط مسلم ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن عبد ربه - وهو الزُّبيدي الحمصي- فمن رجال مسلم، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، اختلف في سماعه من جده ، والصحيح سماعه منه " انتهى.[/frame]
ومن الآثار الموقوفة الصحيحة قول ابن عمر رضي الله عنهما : (إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا ، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا ، يَقُولُونَ يَا فُلاَنُ اشْفَعْ ، حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ) رواه البخاري (4718) وبوب عليه بقوله: باب قَوْلِهِ ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) اختياراً منه لهذا الوجه من التفسير .
وتفسير الآية بمقام الشفاعة العظمى هو الذي اقتصر عليه الحافظ ابن كثير في " تفسير القرآن العظيم " (5/103)، وأورده عن كثير من الصحابة والتابعين ، وقال فيه ابن جرير الطبري : إنه قول أكثر أهل التأويل .
وهذا القول أولى ما فسرت به الآية .
ثالثاً :
حكاية بعض العلماء لكلام مجاهد وعدم إنكارهم له ، لا يعني أنه يقولون بما فيه ، بل ذلك من باب التساهل في ذكر الفضائل .
حكى أبو محمد بن بشار ، عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه :
" أنه كان يعرض عليه الحديث ، فيقول فيه : هذا رواه كذا وكذا رجل يسميهم ، فإذا عرض عليه حديث ضعيف قال له : اضرب عليه . فعرض عليه حديث مجاهد فضعفه ، فقال : يا أبه ! أَضْرِبُ عليه ؟ فقال : لا ، هذا حديث فيه فضيلة ، فأجره على ما جرى ، ولا تضرب عليه " انتهى.
نقله في " إبطال التأويلات " (ص/489) .
وهذا النقل يدل على سبب اشتهار أثر مجاهد ، وهو سكوت بعض أئمة الحديث كالإمام أحمد عن هذا الأثر ، فظن بعض العلماء أن ذلك من باب التسليم بمضمونه ، والاعتقاد بمحتواه ، فقيل : إنه من الآثار المتلقاة بالقبول .
والواقع ليس كذلك ، فقد صرح كثير من العلماء بعدم صحة هذا الكلام الذي قاله مجاهد .
[frame="7 80"]قال ابن عبد البر رحمه الله :
" على هذا أهل العلم في تأويل قول الله عز وجل : ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) أنه الشفاعة .
وقد روي عن مجاهد أن المقام المحمود أن يقعده معه يوم القيامة على العرش ، وهذا عندهم منكر في تفسير هذه الآية .
والذي عليه جماعة العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين أن المقام المحمود هو المقام الذي يشفع فيه لأمته ، وقد روي عن مجاهد مثل ما عليه الجماعة من ذلك ، فصار إجماعا في تأويل الآية من أهل العلم بالكتاب والسنة . [/frame]
ذكر ابن أبي شيبة عن شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله تعالى : ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) قال : شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى من " التمهيد " (19/63-64) .
وقال الإمام الذهبي رحمه الله :
" ومِن أَنْكَرِ ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال: يجلسه معه على العرش ". انتهى من" ميزان الاعتدال " (3/439) .
وقال أيضا رحمه الله :
" وما فسر به مجاهد الآية كما ذكرناه فقد أنكره بعض أهل الكلام ، فقام المروذي وقعد وبالغ في الانتصار لذلك ، وجمع فيه كتابا ، وطرَّق قول مجاهد من رواية ليث بن أبي سليم وعطاء بن السائب وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد ... فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر " انتهى من" العلو " (2/1081-1090، رقم/422-426) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ومما يدل على ذلك أنه ثبت في " الصحاح " أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم .
ومن العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرا أن يفتي بعض العلماء من المتقدمين بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذهبي عن غير واحد منهم ، بل غلا بعض المحدثين فقال : لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش واستفتاني ، لقلت له : صدقت وبررت !
وإن مثل هذا الغلو لمما يحمل نفاة الصفات على التشبث بالاستمرار في نفيها ، والطعن بأهل السنة المثبتين لها ، ورميهم بالتشبيه والتجسيم ، ودين الحق بين الغالي فيه والجافي عنه ، فرحم الله امرءا آمن بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفات وغيرها على الحقيقة اللائقة بالله تعالى ، ولم يقبل في ذلك ما لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم كهذا الحديث ، [يعني حديث : (ويقعدني على العرش)] ، فضلا عن مثل هذا الأثر ". انتهى من" السلسلة الضعيفة " (865) .
وقال الشيخ الألباني أيضا رحمه الله :
" رواية الأحاديث الضعيفة من بعض المحدثين هو مما يعاب عليهم من قبل المخالفين لهم ، وإن كان هؤلاء يفعلون ما هو أسوأ من ذلك كما أوضحه شيخ الإسلام .
ومن أشهر من أخذ ذلك عليهم في هذا العصر ، ويتخذه حجة في تسخيفهم وتضليلهم الشيخ الكوثري المعروف بعدائه الشديد لأهله السنة والحديث ، ونبزه إياهم بلقب الحشوية والمجسمة ، وهو في ذلك ظالم لهم مفتر .
ولكن - والحق يقال - قد يجد أحيانا في ما يرويه بعضهم من الأحاديث والآثار ما يدعم به فريته ، مثل الحديث المروي في تفسير قوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : يجلسني على العرش .
والحق في تفسير المقام المحمود دون شك ولا ريب – الشفاعة - ؛ وهو الذي صححه الإمام ابن جرير في ( تفسيره )، ثم القرطبي ، وهو الذي لم يذكر الحافظ ابن كثير غيره وساق الأحاديث المشار إليها .
بل هو الثابت عن مجاهد نفسه من طريقين عنه عند ابن جرير .
وذاك الأثر عنه ليس له طريق معتبر ، فقد ذكر – الذهبي - أنه روي عن ليث بن أبي سليم وعطاء بن السائب وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد : والأولان مختلطان والآخران ضعيفان بل الأخير متروك متهم .... وخلاصة القول : إن قول مجاهد هذا - وإن صح عنه - لا يجوز أن يتخذ دينا وعقيدة ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة ". انتهى باختصار من" مختصر العلو " (14-20) .
[bor=#ff0000]وبهذا يتبين أن الصحيح في تفسير المقام المحمود هو مقام الشفاعة ، وليس كما ورد في هذا الأثر عن مجاهد رحمه الله .
والله أعلم .[/bor]


الإسلام سؤال وجواب
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أبو عبد الرحمان التونسي

عضو هيئة التدريس
إنضم
9 مايو 2011
المشاركات
412
النقاط
16
الإقامة
islammodere.blogspot.com
احفظ من كتاب الله
15 جزءا
احب القراءة برواية
قالون
القارئ المفضل
الحصري
الجنس
أخ
هل يجوز طلب الشفاعة أو الدعاء من الميت ؟


السؤال: السؤال هو: ما حكم طلب الدعاء والشفاعة من الميت عند قبره، إذا كان من يفعل ذلك يعتقد أن الميت يسمعه إذا كان عند قبره، ويستدل لذلك بأدلة منها تكليم النبي للمشركين في القليب يوم بدر، ويقول إن فعله مخالف لما كان يفعله المشركون في الجاهلية فإنهم كانوا يعبدون أوثانهم ولكنه يطلب من الميت الدعاء دون أن يدعو الميت ذاته، هل فعله هذا شرك أكبر وهل في المسألة أكثر من قول ؟ أرجو البسط والاستدلال .

الجواب :
الحمد لله
[frame="6 80"]لا يجوز طلب الدعاء أو الشفاعة من الميت ، وخاصة عند قبره ؛ لأنه يكون عنده أشد تعلقا به ، وهذا من البدع المنكرة والوسائل المفضية إلى الشرك وسؤال غير الله ، وقد يصل به الحال إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة ، وهو يحصل كثيرا في هؤلاء ؛ لشدة تعلقهم بالميت .
والشفاعة إنما تطلب من الله ، لا من المخلوقين ، ويأذن الله في الشفاعة لمن يشاء من عباده الصالحين ويرضى ، وذلك لا يكون إلا يوم القيامة .
قال الله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه ) يونس/18 ، وقال تعالى : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) الزمر/43-44 [/frame]
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر13/14
وقد روى البخاري (1010) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا " قَالَ : فَيُسْقَوْنَ .
فلو كان طلب الشفاعة والتوسل بالأموات جائزا لما عدل الصحابة رضي الله عنهم عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى العباس رضي الله عنه .
وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين قديما وحديثا ، لا خلاف بينهم فيه ، إنما يخالف فيه من لا يعتد بخلافه من أهل البدع .
ومن المنقول عن أهل العلم في ذلك :
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" لَيْسَ فِي الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَاجَةُ الْحَيِّ إلَى الْمَيِّتِ وَلَا مَسْأَلَتُهُ وَلَا تَوَسُّلُهُ بِهِ ؛ بَلْ فِيهَا مَنْفَعَةُ الْحَيِّ لِلْمَيِّتِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُ هَذَا بِدُعَاءِ هَذَا وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ وَيُثِيبُ هَذَا عَلَى عَمَلِهِ " انتهى . "مجموع الفتاوى" (27 / 71)
وقال أيضا رحمه الله :
" وما يفعلونه من دعاء المخلوقين كالملائكة أو كالأنبياء والصالحين الذين ماتوا مثل دعائهم مريم وغيرها وطلبهم من الأموات الشفاعة لهم عند الله لم يبعث به أحد من الأنبياء " انتهى .
"الجواب الصحيح" (5 / 187)
وقال أيضا :
" الثَّانِيَةُ : أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ : اُدْعُ اللَّهَ لِي أَوْ اُدْعُ لَنَا رَبَّك أَوْ اسْأَلْ اللَّهَ لَنَا كَمَا تَقُولُ النَّصَارَى لِمَرْيَمَ وَغَيْرِهَا ، فَهَذَا أَيْضًا لَا يَسْتَرِيبُ عَالِمٌ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ، فلَيْسَ مِنْ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الْأَمْوَاتِ لَا دُعَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ . وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : " السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ " ثُمَّ يَنْصَرِفُ . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَكَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ .
وَ[frame="5 80"]مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ " انتهى
"مجموع الفتاوى" (1 / 351-352)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا يجوز أن تطلب منه الشفاعة ولا غيرها كسائر الأموات ؛ لأن الميت لا يطلب منه شيء وإنما يدعى له ويترحم عليه إذا كان مسلما ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » .
فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو غيرهما من المسلمين للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم كما يفعل مع بقية قبور المسلمين - فهذا سنة ، أما زيارة القبور لدعاء أهلها أو الاستعانة بهم أو طلبهم الشفاعة - فهذا من المنكرات ، بل من الشرك الأكبر " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (6 / 367)
وقال :
" لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة ؛ لأنها ملك الله سبحانه ، فلا تطلب إلا منه ، كما قال تعالى : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا )
فتقول : " اللهم شفع في نبيك ، اللهم شفع في ملائكتك ، وعبادك المؤمنين ، اللهم شفع في أفراطي " , ونحو ذلك . وأما الأموات فلا يطلب منهم شيء ، لا الشفاعة ولا غيرها ، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16 / 105)
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" ومن الشبه التي تعلقوا بها : قضية الشفاعة ؛ حيث يقولون : نحن لا نريد من الأولياء والصالحين قضاء الحاجات من دون الله ، ولكن نريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله ؛ لأنهم أهل صلاح ومكانة عند الله ؛ فنحن نريد بجاههم وشفاعتهم .[/frame]
والجواب : أن هذا هو عين ما قاله المشركون من قبل في تسويغ ما هم عليه ، وقد كفَّرهم الله ، وسمَّاهم مشركين ؛ كما في قوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) انتهى .
"الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" (ص 70-71)
- أما تكليم النبي صلى الله عليه وسلم لأهل القليب يوم بدر وسماعهم كلامه : فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في موقف خاص ؛ إذلالا للكفر وأهله : أحياء وأمواتا .
قَالَ قَتَادَةُ : " أَحْيَاهُمْ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا " .
رواه البخاري (3976)
فلا يصح بل لا يجوز أن يقاس عليه سؤال الأموات الشفاعة عند ربهم والدعاء ، بل هذا من أفسد قياس وأشأمه .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" إذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات من في الدنيا ولا يسمع حديثهم ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى ، والأصل في المشبه به أنه أقوى من المشبه في الاتصاف بوجه الشبه ، وإذاً فالموتى أدخل في عدم السماع وأولى بعدم الاستجابة من المعاندين الذين صموا آذانهم عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وعموا عنها ، وقالوا : قلوبنا غلف ، وفي هذا يقول تعالى : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) .
وأما سماع قتلى الكفار الذين قبروا في القليب يوم بدر نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم وقوله لهم : « هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا » وقوله لأصحابه : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم » حينما استنكروا نداءه أهل القليب فذلك من خصوصياته التي خصه الله بها فاستثنيت من الأصل العام بالدليل ، وهكذا سماع الميت قرع نعال مشيعي جنازته مستثنى من هذا الأصل ، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) مستثنى من هذا الأصل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /478-479)
فالأصل أن الميت لا يسمع ؛ لأنه مات ، فبطل سمعه وبصره وكلامه بذهاب روحه ، لكن يستثنى من ذلك ما ورد الدليل الصحيح به دون غيره .
[frame="7 80"]سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما هو الراجح في سماع الموتى ؟
فأجاب :
" الراجح ما جاءت به السنة ، وهذا ثابت وليس فيه إشكال كما في الحديث : ( إن الإنسان إذا انصرف عنه أصحابه بعد دفنه يسمع قرع نعالهم ) وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف على القتلى في قليب بدر يؤنبهم ويوبخهم ، ولما قالوا : ( يا رسول الله ! كيف تكلم هؤلاء ؟ قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) ومثلما جاء في الحديث أيضا ً: ( ما من مسلم يسلم على قبر يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام ) ، وإلا فالأصل أنهم لا يسمعون ؛ لأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم ، لكن ما جاءت به السنة لابد من الإيمان به " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (222 /25)
وقال رحمه الله أيضا :
" لكن على فرض أنهم يسمعون فإنهم لا ينفعون غيرهم ، بمعنى أنهم لا يدعون الله له ، ولا يستغفرون الله له ، ولا يمكنهم الشفاعة لهم .
وإنما قلت ذلك لئلا يتعلق هؤلاء القبوريون بما قلت ، ويقولون : ما دام أنهم يسمعون – إذاً - هذا من أولياء الله ، نسأله أن يسأل الله لنا ، أو أن يشفع لنا عند الله ! فهذا غير وارد أصلاً ؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (87 /14)
والله أعلم .
راجع إجابة السؤال رقم : (6744) ، (21524) ، (112131)
[/frame]

موقع الإسلام سؤال وجواب
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
جزاكم الله عز وجل خيراً ونفع بكم
وكتب جل وعلا اجركم
 

أبو عبد الرحمان التونسي

عضو هيئة التدريس
إنضم
9 مايو 2011
المشاركات
412
النقاط
16
الإقامة
islammodere.blogspot.com
احفظ من كتاب الله
15 جزءا
احب القراءة برواية
قالون
القارئ المفضل
الحصري
الجنس
أخ
حكم طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال : كثير من الناس يقولون : الشفاعة يا محمد . فهل هذا القول شرك؟

الجواب :

الحمد لله

[frame="1 80"]"طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيره من الأموات لا يجوز ، وهو شرك أكبر عند أهل العلم ؛ لأنه لا يملك شيئاً بعدما مات عليه الصلاة والسلام ، والله يقول : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) الزمر/44 .[/frame]

فالشفاعة ملكه سبحانه وتعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات لا يملكون التصرف بعد الموت في شفاعة ولا في دعاء ولا في غير ذلك ، الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : (صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له) وإنما جاء أنها تعرض عليه الصلاة والسلام ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولهذا قال : (صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) .

وأما حديث إنه تعرض عليه الأعمال فما وجد فيها من خير حمد الله وما وجد فيها من شر استغفر لنا فهذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو صح لم يكن فيه دلالة على أننا نطلب منه الشفاعة .

[frame="7 80"]فالحاصل أن طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيره من الأموات أمر لا يجوز ، وهو على القاعدة الشرعية من الشرك الأكبر ؛ لأنه طلب من الميت شيئاً لا يقدر عليه ، كما لو طلب منه شفاء المريض ، أو النصر على الأعداء أو غوث المكروبين أو ما أشبه ذلك ، فكل هذا من أنواع الشرك الأكبر ، ولا فرق بين طلب هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ، أو من الشيخ عبد القادر ، أو من فلان أو فلان ، أو من البدوي أو من الحسين أو غير ذلك ؛ طلب هذا من الموتى أمر لا يجوز ، وهو من أقسام الشرك .

وإنما الميت يترحم عليه إذا كان مسلماً ، ويدعى له بالمغفرة والرحمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه مسلم يصلي عليه ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويدعو له ، أما أن يطلبه المدد أو الشفاعة أو النصر على الأعداء كل هذا لا يجوز ، وهذا من عمل أهل الجاهلية ومن عمل أهل الشرك ، فيجب على المسلم أن ينتبه لهذا وأن يحذر مثل هذا" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/392) .


[/frame]

فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب
 

أبو عبد الرحمان التونسي

عضو هيئة التدريس
إنضم
9 مايو 2011
المشاركات
412
النقاط
16
الإقامة
islammodere.blogspot.com
احفظ من كتاب الله
15 جزءا
احب القراءة برواية
قالون
القارئ المفضل
الحصري
الجنس
أخ
شفاعة السقط لوالديه
السؤال : ابني توفي في الشهر التاسع ، فهل يشفع لي ؟

الجواب :

الحمد لله

نسأل الله تعالى أن يأجرك على مصيبتك ، وأن يكتب لك ولزوجتك الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

ثم نبشرك بما جاءَ [frame="3 80"]عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال : (إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ ، قالَ اللهُ لمَلَائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ: قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ ؟ فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فَيَقُولُ اللّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِيْ بَيْتًا فِيْ الجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ)رواه الترمذي (1021) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

والجنين إذا مات بعد نفخ الروح فيه ، وذلك بعد تمام أربعة أشهر من بداية الحمل ، فهو إنسان ، وسيبعث يوم القيامة ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن السقط يشفع في أمه يوم القيامة .

فعن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم قالَ : (وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ) رواه ابن ماجه (1609) وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث ، فضعفه النووي في "الخلاصة" (2/1066) ، والعراقي في "مغني الأسفار" (1/373) ، والبوصيري في "مصباح الزجاجة" . ومحققو مسند أحمد ، وحسنه المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/57) ، وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" (ص/39) .

والسَّرَرُ : ما تقطعه القابلة من السرة . كما في " النهاية في غريب الحديث " (3/99) .[/frame]

وفي الباب أحاديث أخرى ضعيفة أو موضوعة ، منها ما في " تذكرة الموضوعات " (227) حديث لا أصل له فيه : (السقط يثقل الله به الميزان ، ويكون شافعا لأبويه يوم القيامة) .

[frame="9 80"]على أن الولد الذي يموت في الشهر التاسع ويسقط من بطن أمه أقرب إلى كونه ولدا من كونه سقطا ، لأنه نزل لتمام أشهر حمله ، وقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (25/80) في تعريف السقط : "السقط لغة : الولد ذكرا كان أو أنثى يسقط قبل تمامه وهو مستبين الخلق" انتهى .[/frame]

وقد نص بعض العلماء على أن السقط يشفع في أبويه يوم القيامة .

قال النووي رحمهُ الله :

"موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار ، وكذا السقطُ" انتهى .

"المجموع" (5/287) . وانظر : " حاشية ابن عابدين " (2/228) .

فنرجو أن ولدك هذا ممن تشمله أحاديث شفاعة الأولاد لآبائهم .



والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
أحسن الله اليكم...ونفع بك
 
أعلى