إِنَارَةُ الدُّجَىٰ
فِيْ
مَغازِيِّ خَيْرِ الْوَرَىٰ
صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
للعَلاَّمَةِ
أَحمدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَدَوِيّ الشِّنقِيطِيّ
رَحِمَهُ اللهُ تَعالَىٰ
قال الناظم رحمه اللهُ تعالى :
حَمْداً لِمَنْ أَرْسَلَ خَيْرَ مرسَلِ = لِخَيْرِ أُمَّةٍ بِخَيْرِ الْمِلَلِ
وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ والسَّلاَمِ = عَلَى لُبَابِ صَفْوةِ الأَنَامِِ
وَآلِهِ أَفْنَانِ دَوْحَةِ الشَرَفِ = وَصَحْبهِ وَالتَّابِعِي نِعَْمَ السَّلَفْ
مَا أَرْهَفَتْ وَأَرْعَفَتْ يَرَاعَهُ = فِي مُهرِقٍ يَنَابِعُ البَرَاعَهْ
وجَلْجَلَ الرَّعدُ وَسحَّ مُزْنُهُ = وَهَبَّ شَمْأَلٌ وَمَاسَ غُصْنُهُ
وَبَعْدُ فَالعِلْمُّ أَهَمُّ مَا الهِمَمْ = تَنَافَسَتْ فِيهِ وَخَيْرُ مُغْتَنَمْ
وَخَيْرُهُ وَالْعِلْمُ تَسْمو رُتْبَتُهُ = مِنْ فَضْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ سِيرَتُهْ
فَهَاكَ مِنْهَا نُبْذَةً لَيْسَتْ تُمِلْ = وَلَمْ تَكُنْ بِمُعْظَمِ القَصْدِ تُخِلْ
أُرْجُوزَةً عَلَى عُيُونِ الأثَرِ = جُلُّ اعتِمادِ نَظْمِهَا فِي السِّيَرِ
وَشَدَّ مَا اجْتَرَأْتُ فِي ذَا الْهَدَفِ = إذْ لَمْ أَكُنْ أهْلاً لِصَوْغِ النُّتَفِ
فَكَيْفَ بِالْعَقْدِ لِمَا كَانَ انتَثَرْ = عَنْ كَثْرَةٍ وَفِي المَهَارِقِ ابْذَعَرْ
لَكِنْ تَطَفَّلْتُ عَلَى بَرَكَتِهْ = وَجَاهِهِ بِنَظْمِ بَعْضِ سِيرَتِهْ
لَعَلَّهَا بِالنَّظْمِ هَلْهَلاً عَلَى = مَنْ رَامَهَا نَظْماً تَكُونُ أَسْهَلاَ
وَلِحُضُورِهِ بِكُلِّ ذِهْنِ = عَنْ ذِكْرِهِ بِمُضْمَرٍ أسْتَغْنِي
وَاللهَ أَسْأَلُ سَدَادَ النَّظَرِ = وَعِصْمَةَ الْخَاطِرِ مِنْ ذَا الْخَطَِرِ
وَأَنْ يَكْونَ لِي وَلاَ عَلَيَّا = وَعِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ مَرْضِيَّا
وأن يكون للثوابِ قانِصاً = لِوجههِ عزّض وجلَّ خالصا
مِمَّا يُلبسُ به إِبليس = وللهوى في طيهِ تدليس
بجاهِ أفضل الورى محمد = صلى عليه الله طُولَ الأبَدِ
( 1) غزوة ودَّان
أَوَّلُ غزوةٍ غزاها المصطفى = ودانَ فالأبواء أو ترادَفا
(2) غزوة بواط
ثُم بواطٌ خرجوا لِعيرِ = أُمَيَّةَ بن خلفِ السَّفسير
(3) غزوة العُشيرة
ثمَّ العشيرة إلى عير أبِي = سفيان في ذهابها للأربِ
(4) غزوة بدر الأولى
فَبَدرٌ الأولى بإثرِ ناهبِ = سرح المدينة مغذٍّ هاربِ
كُرز بن جابر وبعدُ استنقذا = لِقاحه ممن عليه استحوذا
(5) غزوة بدر الكبرى
فبدر الكبرى لعير صخر = آئبةً من شأمها بالكثير
واعتقبوا في ذلك المسير = كل ثلاثة على بعير
ولم يكونوا أوعبوا للحرب = إذ ما غزوا لغير نهب الركب
وليس عندهم من السيوف = غير ثمان للعدا حتوفِ
ولا من الخيل سوى اثنتين = وقد كفتهم أهبة التمكين
واستنفر النفير صخرٌ لهم = وجاء خير مرسل ألبهم
فأخبر الناس بهم ممتحنا = وقال سعد ما رأى وأحسنا
وكان من رواية المقداد = أن رضي السير إلى الغماد
وعمرُ استقل جيش الحنفا = واستكثر الذي إليه زحفا
واستبقوا صخراً لبدر وانتحى = وأخذوا واردَةً وزحزحا
عنها النبي الضرب إذ قال هما = واردة النفير واستفتاهما
وعندما أمِن صخرٌ أرْسلا = إلى النفيرِ أن يَؤوبَ قُفلاَ
ورد الاخنس المسودُ على = حلف بني وهرةَ وازداد علاَ
وابن هشام قالَ لا أو نردا = بدراً فننحر ونُرهب العدا
فطاوعوه ومضوا وباتوا = بشرِّ ما بات خير مرسل
بخير ليلةٍ وأصبح على = أثبت أرضٍ للخطا وارتحلا
فنزلوا أدنى المياه للعدا = وغوروا جميعهن ما عدا
قليبهم وجعلوا الأواني = في جدول فهي لهم دواني
وأقبلت بالخُيلا والكبريا = إلى المصارع الزحوف الأشقيا
لو طاوعُوا عتبة أو حكيما = أو ابنَ وَهب ما رأوا أليما
لِكونهم إلى القفول أرشدوا = من بعد ما أشفوا على ما وردوا
وقال عمروٌ وبأنفه شمخْ = ثانيةً سَحَرُ عتبةَ انتفخ
واستند ابن الحضرميِّ الثَّأرَا = فحش حرباً بينهم وشرَّا
فقام للوليد نجل عتبة = حيدرةٌ وحمزة لشيبةِ
نجل ربيعةٍ وعتبة أخوه = قام له عبيدة إذ رشحوه
وقطعت قدمه واحتملوه = وهو أسنُّ الجيش فيما نقلوه
وهو إذا أخذت في نعم النسب = عبيدةُ بن الحارث بن المطلب
وشهد المشهد هذا أخواه = أعني الحصين والطفيل مشبهاه
وابن غَزيَّةٍ سواد استنتلا = من صفة ورامَ أنْ يعتدلا
نبينا فمسه كشْحِهِ = وقال إذ آلم مس قِدحهِ
أوجعتني نخساً فأعطني القود = وجدّ في أنْ كان باشرَ الجسد
وخفق النبي حين المعركة = وفي عريشه رأى الملائكة
على ثنايا جبرئيل النقع = وفي عريشه رأى شسواها الجمع
وقيل : لم تقاتل الملائكة = إذ ريشةٌ منهم لقوم مهلكه
لكنهم لعدد ومدد = وطبلهم هناك طول الأبدِ
وجاء أن جبرئيل يحضر = من مات مؤمناً وقومٌ أنكروا
نزوله بعد رسول الله = والحق أنْ ليس له تناهي
وراقب الجمعين شخصان لكي = ينتبها من مدبري الجمعيين شيْ
فرأيا الملك وهو منطلق = فانِشقَّ واحدٌ والآخرُ صًعِق
وابن معاذٍ مبتني العريش = وحارس النبي من قريش
يكره إبقاء الأُسارى ويرى = إهلاكهم أوَّل قتلٍ أجدرا
وهكذا عمر كان وهي من = موافقاته التي بعد تعنّ
عن قتل آله نهى إذ خرجوا = وفي خروجهم عليه حرجُ
وعن أبي البختري إذ لم يُؤذه = وصكُ نبذهم سعى في نبذهِ
وجاءه المجذر بن ذياد = وقال عنك قد نهى خيرُ العباد
فقال والزميل قال المصطفى = لم ينه عن قتل الزميل الحنفا
فقال والنخوة تأبى والإبا = عن تركه جبنا وحكم الظبا
لا يسلم ابن حرةٍ زميله = حتى يموت أو يرى سبيله
وإذ نهى عن قتل عمه هفا = أبو حذيفة وقال سخفا
وكفرت هفوته الشهادة = يوم اليمامة لها أرادة
وإذ رآه المصطفى تضجراً = من جر عتبةٍ أبيه اعتذرا
بأنه كان يرى أن اباه = يحجزه عن ميتةِ السوء حجاه
وإذ معاذٌ بن عمرو بن الجموح = أطن ساق ابن هشام الطموح
فطرح ابنه الهزبر عكرمة = عاتقه وجرّه في الملحمه
ألصق خير مرسل فالتصقا = عاتقه لما عليه بصقا
فرعون الأمة النبي عرفَّا = بجحشه ركبته إذا اختفى
بين الهوالك وكلم النبي = جثتهم موبخاً للخشبِ
وعاين الناس المصارع التي = أخبرهم بها مقيم الملة
فحقق الله له ما وعدا = وأوهن الكفر وأيد الهدى
لهم من كتاب الله سابقُ = لذاك ما اشهدها منافق
يومٌ له ما بعده في الكفر = وقد أتى منوِّها في الذكر
بأنه العذاب واللزامُ = وأنه البطش والانتقام
وأنه الفرقان بين الكفر = والحق والنصر سجيس الدهر
في الأجر والمغنم قسَّم النبي = لنفرٍ عن الزحاف غيب
لطلحة ولسعيد أرسلا = للركب ينظران أين نزلا
ولابن عفان ولابن الصمة = وابن جبير كسرا عن همه
وابن عدي عاصم العجلاني = خلّفه خير بني عدنان
على العوالي وعلى المدينه = أبا لبابة الربيط الزينه
ثامنهم رد من الروحاء = وهو ابن حاطب إلى قباء
وابن عمير مصعب مر على = شقيقه مستأسراً للفضلا
فحضهم أن شددوا إن له = أما مليةً تفك كبلهُ
وابن الربيع صِهرُ هادي الأمّةِ = إذ في فداه زينبٌ أرسلت
بعقدها الذي به أهدتها = لَه خديجةٌ وزففتها
سرحه بعقدها وعهدا = إليه أن يردها له غدا
فردها وبعد ذاك تجرا = لنفسهِ وساكني أم القرى
فانتهت الأصحاب عير القلب = فجاء واستجار بابنة النبي
فصرحت ولم تجمجم البتول = بأن أجارته وأمضاه الرسول
فرد ماله عليه أجمع = تلك الصهارة بها يستشفع
أوصى به من حيث الاكرام ابنته = لكن نهاها أن تكون بعلته
وما ارتضى من بعد إسلام ابنته = وكفره بقاءها في عصمته
لو أنه يحل أو يحرم = بمكة عنها الحليل يحسم
وسُئل الإيمان كي يحوزا = مال قريش وبه يفوزا
فهاب أن يبدأ بالخيانه = إيمانه ويدع الأمانهْ
فردها لأهلها وأسلما = وآب إذ إلى قريش أسلما
فردها إليه خير مرسل = بالعقد الأول على القول الجلي
وأمه هالة أخت صهرته = والمصطفى رضي عن صهارته
والمسلمون خيَّروا بين الفدا = وقدْرُهم في قابل يُستشهدا
وبين قتلهم فمالوا للفدا = لأنه على القتال عضَدا
وأنه أدى إلى الشهادة = وهي قصارى الفوز والسعادة
وهو بقدر وسعهم والمملق = من خطَّهِ عشرةً يُحذَقُ
ومن مشاهير الأُسارى عمْرو = نجلُ أبي سفيان ثم الصهر
والعم وابنا أخويه وهما = عقيل نوفلٌ وبعد أسلما
وخالد أخو أبي جهلٍ وقد = أسلم أيضاً وسهيلٌ الأسدْ
ومكرز ٌركز في مركزه = حتى أتى فداؤه لعزهِ
وابن أبيٍّ وأبو وداعهْ = أول مفديٍّ من الرِّباعهْ
وخالد بن الأعلم الذي افتخر = فكان قبل كل هوهةٍ عجَرْ
ومن مشاهير الممات حنظلة = منبهٌ وصنوه وابنانِ له
وهم نبيه حارث والعاصي = أحد رهط غير ذي خلاصِ
من مكة لكونه مستضعفاً = في زعمه ويوم بدر زحفا
مع قريش وتوفت ظالمي = أنفسهم ملائك الملاحم
وهم عليُّ بن أمية الرَّدي = والحارث بن زمعة بن الأسود
وابنانِ للفاكهي والوليد = وأين هم من ابنة المجيد
سَمِيِّه وأخوي فِرْعَوْنا = شقيقٍ أو للأم ذاقا الهوْنا
سلمةٍ عياشٍ المستضعفين = قنت لاستنقاذهم طه الأمين
واستشهدت ستٌ من المهاجرين = عبيدةُ المكورُ في المبارزين
ثم عُميْرُ بن أبي وقاص = وابن البكير عاقلٌ ألشاصي
وذو الشمالينِ ومهجع عمرْ = صفوانُ بيضاء الذي بها اشتهر
واثنان للأوسِ ابن عبد المنذرِ = مبشرٌ سعدُ ابنُ خيثمَ الجرِي
وستةُ الخزرجِ هُم يزيدُ = عوفٌ معوذٌ أخوه الصِّيْدُ
حارثةٌ وابنُ المعلَّى رافعُ = ثم عميرُ بنُ الحُمَامِ النازعُ
لرَبَّهِ وهْوَ يقُولُ أَفَمَا = بيني وبين جنةٍ إلا الحما
(6) غزوة بني سُليم (7) غزوة بني قينقاع
فَلسليم فلقينقاعِ = ألمتصدِّينَ إلى القِراع
هم كَشَفوا إزارَها عن مسلمَهْ = فهاجَ حربٌ بينهم والمسلمهْ
لو آمنت من اليهود كلها = زُهاءُ عشرةَ اهتدوا لأِجلها
عادوا للافسادِ فعادَ الله = وقينقاعُ العمَّهُ العزاهُ
أوَّلُ من غدر من يهودا = وابنُ أبيٍّ سألَ القُرُودَا
نَبِيَّنَا وَهُمْ أُسارى سطْوَتِهْ = فأُطْلِقُوا وطُردُوا مِنْ طَيْبتهْ
ومنهم الشاهدُ عبداللهِ = نجلُ سلامٍ العظيمُ الجاهِ
(8) غزوة السويق
فغزْوةُ السويقِ في إثرِ أبي = سفيانَ أن حَرَّقَ نخلَ يثربِ
وَغَالَ نَفْسَيْنِ وكَانَ آلَى = لا يَقْرَبُ النِّساءَ أوْ يَنالا
وكانَ يُلْقِي جُرْبَ السَّوِيقِ = مَخَافَةَ اللُّحُوقِ فِي الطَّرِيقِ
( 9) غزوة ذي قرقرة
فسُمِّيت بذاكَ ثم بعدها = قرقرةُ الكُدر لقومٍ عندنا
(10) غزوة ذي أمر وغطفان
وبعدها ذو أمر وغَطَفانْ = كلاهما تُدعى به وتُستبَانْ
لغَطَفَانَ وجُمُوعِ ثعلبَهْ = جَمَعَهَا دُعْثُورُ صاحبُ الظُّبَهْ
وَهْوَ الَّذي وجَدَ خَيْرَ مُرسَلِ = يُجِفُّ ثَوْبَيْنِ لَهُ بِمَعْزِلِ
فَسَلَّهَا وَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَا = فصَدَّهُ جبريلُ عَمَّا انتُهَكَا
وفيهِ أو في غَوْرَثٍ أَوِ النَّضيرْ = {إذْ همَّ قَوْمٌ} أُنزلتْ على البَشِيرْ
(11) غزوة بحران
وبَعْدَها غزوةُ بُحرانٍ إلى = أُمِّ القُرى أَو لسُلَيْمَ الجُهَلاَ
(12) غزوة أحد
فَأُحُدٌ بِرِبْحِ عِيرِ صَخْرِ = تَأَهَّبُوا لِيرُوا مِنْ بَدْرِ
وخَرَجُوا بِـ (يَهِ) ظُعْنٍ وَهُمُ = جِيمُ أُلُوفٍ والخيُولُ لَهُمُ
راءٌ وَمَا لِلْمُسْلِمِينَ فَرَسُ = وَفِي زُرُوعِ قَيْلَةٍ إحتَبَسُوا
وَقِيلَ : فيهمْ فرَسٌ تحْتَ أَبِي = بُرْدَةٍ النَّدْبِ وأُخرى للنبي
وقدْ رَأى في نومه خيرُ الأُمَمْ = أنْ كانَ في ذُبابِ سَيْفِهِ ثَلَمْ
وأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي دِرْعٍ يَدَهْ = وبقراً يُذْبَحُ أيضاً وَجَدَهْ
فالثَّلَمُ العَمُّ وَأمَّا البقَرُ = يُذبحُ فهوَ النَّفَرُ المُعَفَّرُ
مِنْ صحْبِهِ ودِرْعُهُ الحَصِينَهْ = أَدْخَلَ فيها يَدَهُ المَدِينَهْ
واستكرَهُوا خَيرَ الوَرَى فَأَخْرَجُوهْ = وبعْدَ ما استلأَمَ فيها استَثْبَطُوهْ
فرَاحَ نَحْوَ أُحُدٍ وابتكَرَا = وخَامَ عنهُ ابنُ أُبَيٍّ وامتَرَا
واستلَّ سيفَ رَجُلٍ ذبُّ فرَسْ = فقال شمْ سيفَكَ والحَرْبَ افترسْ
وَكَانَ لا يَعتافُ إلاَّ أنَّهُ = يُعجِبُهُ الفَألُ إذا عنَّ لَهُ
ومَرَّ في طريقِهِ بالحَاثِي = فِي أوْجُهِ القومِ وَكانَ رَاثِي
أَجَازَ أبناءَ يَهٍ واستصغَرَا = مَنْ دُونَهُمْ والجيشُ ذالاً انبرى
وقالَ مَنْ يأخُذُ هذَا السَّيفَا = بِحَقِّه فنَالَهُ واستوفَى
أبوُ دُجَانٍ وخالَ إذْ مَشَى = ومَشْيُهُ مِنْ بُغضِهِ جلَّ حَشَا
واستأصَلُوا أهلَ اللوا فانهزَمُوا = وشَمَّرتْ عن سُوقهنَّ الحُرَمُ
مُوَلْوِلاتٍ إثرهُم ورغِبَا = في المَغْنَمِ الرُّماةُ حينَ استُلِبَا
وخَالَفَ الرُّماةُ أَمْرَ المصطفى = بالصبر والثبات خلف الحُنَفا
فتَركوا ظُهورهُمْ لخالدِ = فكَرَّ راجعاً بكُلِّ حَارِدِ
وحَالَتِ الرِّيحُ ودارَتِ الرَّحى = وذاقَ مَنْ خالفَهُ ما اجترحَا
وصَرَخَ الصَّارِخُ أن ماتَ النبي = فارتهبوا لذاك كلَّ الرَّهَبِ
وقالَ إذْ ذلكَ : "لو كانَ لنا" = من دهسٍ قائلهم فافتَتَنا
ونَجْلُ مُطعمٍ جُبَيْرٌ إذْ قَتلْ = حمزةُ عمَّهُ طُعَيمَةَ احتفَلْ
لقتلِه بأن عليه ذمَّرا = وحْشيَّهُ يومئذٍ وحَرَّرا
ودقَّهُ في شدقهِ ابنُ حَرْبِ = فقال : "ذق عُقَق" أي ذق حربي
أبلى بلاءً حسناً قُزمَانُ = على الحفاظِ فله فلهُ الخُسرانُ
وعكْسُهُ الأُصَيرِمُ المُخَردلُ = ليس لهُ غيرَ القتالِ عَمَلُ
وثبتَتْ مع النبي اثنا عشر = بينَ مُهاجرٍ وبينَ منْ نَصَرْ
منهُم أبو دجانةٍ وابنُ أبي = وقَّاصٍ الذي افتداهُ بالأَبِ
وطلحةٌ وفيه شلَّتْ يدُهُ = إذ اتَّقى النبلَ بها يصمُدُهُ
وتحتهُ جلس أن جهضَهُ = دِرعاهُ والجراحُ فاستنهضَهُ
والعُمرانِ وعلِيٌ وعفَا = إلهنا عن الذي منهمْ هَفَا
وَثبتَتْ نسيبةُ المبايعهْ = قبلُ وعنْ خير الورى مُدافعَهْ
وجُرِحَتْ فيه وشلَّتْ يدُها = وللتبرُّكِ الورى تقصِدُهَا
في حفرةٍ وقع خيرُ مُرسلٍ = فناشَهُ طلحةُ والصِّهْرُ علِي
إذ عُتْبَةٌ هشَّ رباعِيتَهُ = وشقَّ من شِقوَتِهِ شفَتَهُ
وشجَّهُ ابنُ قمئَةٍ وابنُ شهابُ = صلى عليه اللهُ ما سَحَّ سحابْ
وازدردَ الدَّمَّ أبو الخُدرِيِّ = وانتزَعَ الحلقَةَ في النَّبِيِّ
أبو عبيدةٍ فكان أثْرَمَا = بساقِطِ الثَّنِيَّتَيْنِ أعْلَمَا
بملءِ دَرْقَةٍ من المهْراسِ = جاءَ ليشرَبَ شفيعُ النَّاسِ
حيدَرَةٌ فَعَافَهُ ورَحَضَا = عن وجههِ الدَّمَّ ففازَ بالرضا
قتَادَةٌ ذُو الْعَيْنِ ردَّهَا النَّبِي = بقَوْسِهِ وقَدْ تشَظَّظَتْ حُبِي
أوَّلُ مَنْ عرَفَهُ فبَشَّرَا = به ابنُ مالكٍ قَرِيعُ الشُّعَرَا
فعَاوَدُهُ وتسَاقَطُوا عَلَيْهْ = ونهَضُوا للشَّعْبِ إذ أوَوْا إليهْ
فبَايعُوا على المماتِ المُجتَبَى = صلَّى عليه اللهُ مَا هبَّ الصَّبَا
وبَعْدَ ما اطمأَنَّ في الشِّعْبِ عَلَتْ = عاليةٌ من فوقِهمْ فأُنزلَتْ
صلَّى بهم وقعدُوا وقَعدَا = ظُهراً لمَا من الجِراحِ أُجهدا
واستبدلَتْ هِندٌ من اللآلي = قلائداً من آنُفِ الرِّجالَ
وطَوَّقَتْ وحشيَّهَا الفَرِيدَا = وأَدْبَرَتْ تُرَدِّدُ النَّشِيدا
نَحْنُ جزَيناكُم بيومِ بدْرِ = والحَربِ بعد الحرب ذاتُ سُعْرِ
ما كان عن عُتبةَ لي من صبْرِ = ولا أخي وعمِّهِ وبِكْرِ
كِلاَ المُجَدَّع وسعدِ المُفتدى = وسعدٌ الفتْكَ به أرادَهْ
أمَّا المُجَدَّعُ فللشهادهْ = وسعْدٌ الفتْكَ به أرادَهْ
وإذْ أبُو رُهْمِ الغفاريُّ نُحِرْ = بِرِيقِهِ في الحِينِ قَامَ مُسْتَمِرْ
واستشهَد اللَّذَانِ قدْ تخلَّفَاَ = لكِبَرٍ فلَحِقَا وزَحَفَا
هُمَا حُسَيْلٌ اليَمَاني أَسْلَمَهْ = حُذيفةٌ إذ أهلكَتْهُ المُسلِمَهْ
وثابتُ بنُ وَقْشٍ المُستَشْهَدُ = أخوهُ وابْنَاهُ وكُلٌّ وَتَدُ
وابنُ الرَّبيعِ سعدٌ اللَّذْ سأَلاَ = نبيُّنَا عنْهُ فأُلْفِيَ على
شَفَا الشَّهَادَةِ فَأرْسَلَ الرِّضَا = إلى النَّبيِّ بالسلامِ والرِّضَا
وَذُو الوصَاياَ الجُمِّ للبَشِيرِ = وهْوَ مُخَيْريقُ بَنِي النَّضِيرِ
ومُصْعَبٌ شَمَّاسُ والمُجْدَّعُ = بِحَمْزَةَ المُهَاجِرُونَ أَرْبَعُ
حَنْظَلَةُ الغسيلُ نجلُ الفاسِقِ = زوْجُ جَميلَةَ ابْنَةِ المُنَافِقِ
أجنَبَ منها فاستخَفَّهُ القِتَالْ = عنْ شِقِّهِ أوْ عن جميع الاغتسالْ
وقال صخْرٌ إذ رآهُ قتَلَهْ = شَدَّادهُمْ حنظلةٌ بِحَنظَلَهْ
واستشهدَ الأعرجُ عمرُو بنُ الجمُوحْ = وعنْ حياةِ المصطفى أبا الفُتُوحْ
سأل صخرٌ وانَنى يُغَرِّدُ = مَوْعِدُكُمْ بدرٌ وقالَ المَوْعِدُ
وارتَقَبُوا إنْ يجْنُبُوا فهُم قُفُلْ = أَوْ يسرِجُوا فهمْ لِطيْبَةٍ نُسُلْ
وبأُبَيٍّ مَرَّ بعْدُ ابنُ عُمَرْ = وهْوَ الذي رمَاهُ خالقُ البَشَرْ
مُسلسلاً صدْيانَ فاستسْقَاهُ = والسَّقيُ عنهُ ملَكٌ نهَاهُ
ومرَّ أيضاً بأبي جهلٍ لدى = بدرٍ به أضَرَّ لاعِجُ الصَّدَى
(13) غزوة حمراء الأسد
وبعدها غزوةُ حمراءِ الأسَدْ = كانتْ لإرهَابِ صبيحةَ أثحُدْ
وأمر النبيَّ أن لا يَخْرُجا = إلا الذي بالأمسِ كان خرَجَا
ولابْنِ عبدِ اللهِ جابِرٍ سَمَحْ = بالغزوِ إذْ لأخواتِهِ جنَحْ
بِالأَْمْسِ ، إذْ قالَ أَبُوهُ يَا بُنَيْ = مَا كُنتُ أؤْثِرُكَ بالغزوِ عَلَيْ
وفَتَكُوا بجَدٍّ عبدالملكِ = لأمِّهِ سبطِ أبي العاصِ الذَّكي
وهْوَ المُمَثِّلُ بعمِّ أحمَدِ = وبِمُعَاويَةَ يُعْرَفُ الرَّدِي
وَبالَّذِي عليهِ قبْلُ أشْفَقَا = نَبِيُّنَا ثُمَّ ارْتَجَى أَنْ يُطْلَقَا
ثَانِيَةً أَنْ كانَ ذَا بَنَاتِ = وهْوَ أَبُو عَزَّةَ ذُو الهَنَاتِ
(14) غزوة بني النضير
ثُمَّ النَّضيرُ هَاجَها أنْ جَاءَهُمْ = مستَوْهِباً من ديةٍ ما نَابَهُمْ
فَأصْعَدُوا أَحَدَهُمْ ليُلْقِيَا = عليهِ صَخْرَةً تُريحُ الأَغْبِيَا
وأَخبرَ ابنُ مشْكَمٍ أنْ يُخْبَراً = وزَجَرَ الرَّهْطَ فلَمْ ينزجِرا
وجاءَهُ الخبَرُ منْ ربِّ السَّمَا = وفي حِصَارِهَا العُقَارُ حُرِّمَا
والحشرُ أُنزلت بها ونقضَا = نجلُ أُبي عهدهمْ ورفضَا
وفيئهم والفيءُ في الأنفالِ = مَا لَمْ يكُنْ أُخِذَ عن قِتَالِ
أمَّا الغنيمَةُ ففي زِحَافِ = والأخذِ عنوةً لدَى الزِّحافِ
لخيرِ مُرسلٍ وخصَّ فئتَهْ = وَفي رضا أنصارهِ عطِيَّتَهْ
كانَ التَّرَحُّمُ على الأنصارِ = أنْ آثروا به بني نزارِ
وشاطروهمْ ما لهم ونزلُوا = عن الحلائلِ لهُمْ وأَوَّلُ
منْ سنَّهُ مُخيِّراً بينَ اثنتينْ = إبنُ الرَّبيعِ لابنِ عوفٍ المَكينْ
فتركُوهُنَّ لَهُم تعفُّفَا = فعَفَّ هَذَاكَ وذاكَ أسرفَا
(15) غزوة ذات الرقاع
ثُمَّ إلى مُحارِبٍ وثعلَبَهْ = ذاتِ الرِّقَاعِ ناهَزُوا المضاربهْ
ولم يكُن حربٌ وغورَثٌ جرى = فيها له الذي لدعثور جرَى
مع النبِّيِّ وعلى المُعتَمَدِ = جرَتْ لواحدٍ بلا تعدُّدِ
(16) غزوة بدر الأخيرة
ثُمَّ لميعادِ ابنِ حَرْبٍ بَدْرُ = وكَعَّ عَنْهَا نجْلُ حَرْبٍ صَخْرُ
(17) غزوة دومة الجندل
فَدُومَةُ الجَنْدَلِ هَاجَهَا زُمَرْ = بدُومةٍ يظلمْنَ من بهنَّ مَرْ
(18) غزوة الخندق
ثُمَّت لمَّا أجليت يهودُ = وأوغرَتْ صُدورَهَا الحُقُودُ
وحزَّبَتْ عساكراً عناجُها = إلى ابنِ حَرْبٍ وقُريشٌ تاجُها
وجعلُوا كيْ يتِرُوا خيرَ الورى = لغطَفَانَ نِصفَ تمرِ خيبرا
خَندقَ خيرُ مرسلٍ بأمرِ = سلمان والحوربُ ذاتُ مكْرٍ
كم آيةٍ في حفرِهِ كالشّبَعِ = منْ حفْنةٍ وسَخْلةٍ للمَجْمَعِ
وكمْ بشارةٍ لخيرِ مُرسَلِ = من الفتوحِ تحتَ ضرْبِ المعوَلِ
وكعبٌ بنُ أسدٍ إذ فتَنَهْ = عن عهده حُيَيُّ أعطى رسَنَهْ
فغدرت قريظَةٌ لغدرِهِ = يومئذٍ إذ هُوَ أُسُّ نجْرِِهِ
وأرسلَ السعدين خيرُ مرسلِ = وابنَ رواحةٍ لَهُم لينجلي
ما هم عليه ، فإذا هم عضلُ = وسَرَّ خير الخلقِ ذاك الخذَلُ
قالت جنوبٌ للشمالِ انطلِقِ = ننصُرُ خيرَ مرسلِ في الخندقِ
فقالت الشمالُ إنَّ الحُرَّهْ = لم تَسْرِ باليلِ فذاكَ عُرَّهْ
فأرسَلَ الله الصَّبَا والمَلَكَهْ = فنصرَا نبيَّهُ في المعركهْ
وغطَفانُ رام أن يُخوَّلُوا = ثلث تمرِ طيبةٍ ليعدلوا
وأنف السعدان من صلحِ النبي = وحكَّما حدَّ شفار القُضُبِ
معتبٌ نجلُ قُشيرِ قالا = وعدنا النبيُّ أن ننالاَ
كُنوزَ قيصَرٍ وكسرى ونرى = أحدنا اليومَ يخافُ المُخترى
ونوفلٌ من طيشهِ ونزَقِهْ = أوْثَبَ طِرفهُ حفير خندقِهْ
فوقعا فيه وأعطى فِدْيتَهْ = إخوانُهُ فاستوْهَبُوهُ جُثَّتَهْ
فقال فيه أكرمُ البريَّةِ = خبيثُ جيفَةٍ خبيثُ ديَّةِ
عمرو بن عبدِ وُدٍّ إذْ قامَ لَهُ = حيدَرَةٌ بسيفهِ خردلهُ
وفضَّ جمعهمْ نعيمُ الأشجعي = إذ نمَّ بينهمْ بكل مجمَعِ
وعندما إلى التشتُّتِ الزُّمَرْ = أجمع أمرهمْ دعا خيرُ البشرْ
من يأت بالخبرِ عنهم يكُنِ = غداً رفيقنا ومنهُمْ يأمَنِ
فلمْ يقُمْ إليهِ غيرُ ابنِ اليَمَانْ = من شدَّةِ الذُّعرِ ومن برْدِ الزمانْ
وقال خيرُ الخلقِ لن تغزوكمْ = قريشُ بعدَ اليومِ والغزوُ لكُمْ
وشغل النبيَّ زحفُ الخندقِ = عنْ ظُهرهِ وعصرهِ للشفقِ
(19) غزوة بني قريظة
ثم قريظةٌ إليها جبرئيلُ = ولم يضع سلاحهُ استدعى رعيلْ
وقادهُ وزلزلَ الحُصونَا = وقَذَفَ الرُّعْبَ ولا يدرونا
واستذْمَرَ النبيُّ خيلَ اللهِ = وعن صلاة العصرِ قامَ النَّاهي
إلاَّ بهم ولم يعبْ من أخَّرا = إلى العشاءِ إذْ يراهُ ائتَمَرَا
وخيَّرَ ابنُ أسدٍ قُريْظَتَهْ = بينَ ثلاثٍ وازدرَوْا رويَّتَهْ
أن تؤمنوا فيأمنوا فقد درَوْا = في كُتبهمْ ما عنهُ إذْ جاءَ أبَوْا
أو يحصدوا النساءَ والصِّبيانا = فلم يُخلُّوا خلفُهُمْ إنسانا
أو يفتِكُوا في السَّبْتِ إذْ يأمنُهُمْ = جبشُ العرمْرَم ولا يأبَنُهُمْ
وضاقت الأرضُ بهم لرُعبِهِمْ = وجهلوا كيفَ النِّكايَةُ بهمْ
واستنبؤُوا أبا لُبابةَ الخَبَرْ = فرَقَّ للعهدِ الذي بهمْ غَبَرْ
أن جأَرَتْ في وجْهِهِ الصِّبيَانُ = واستعْطَفَتْ رحمتَهُ النِّسْوانُ
ففتنُوهُ وانتحَى عنْ بلدِ = عصى به وشَاطَ نحوَ المَسْجِدِ
فقام فيه بُرهَةً مرتبطَا = معذِّباً لنفسهِ مُوَرِّطَا
فتاب من هفْوَتِهِ اللهُ عَلَيْهْ = وحَلَّهُ خيرُ الأنامِ بيَدَيْهْ
وحكَّمَ النبيُّ فيهم سعْدَ الاوْسْ = إذْ غاظَهُمْ إطلاقُهُ عنْ كُلِّ بُؤْسْ
لابن أُبَيٍّ حُلفاءَ الخَزْرَجِ = وكانَ في التَّحْكيمِ حسمُ الهرجِ
وحمَلُوا سعْداً علَى حِمارِ = منَ المدينةِ إلى المُختارِ
وعندما انتهى إلى النَّدِيِّ = سوَّدَهُ خيرُ بَني لُؤَيِّ
على الجميعِ أو على الأنصارِ = لا غَيْرِهِمْ عندَ بَني نِزَارِ
ورَاوَدَتْهُ قَوْمُهُ أن يَحْكُمَا = بِغَيْرِ ما حكم فيهم فاحتمى
لدمهم خندقَ أفضلُ لُؤَيْ = ومعهم في كلِّ كُربةٍ حُيَيْ
وعندما انتهى الحصارُ استشهدَا = واهْتزَّ عرشُ اللهِ حينَ برَدَا
وخَفَّ نعشُهُ على عظَمَتهْ = إذ الملائكةُ منْ حملتِهْ
(20) غزوة بني لحيان
ثمَّ غزا لحْيَانَ جرَّاءَ الرَّجيعْ = فاحتضنوا بكل باذخٍ منيعْ
بعثُ الرَّجيع ستَّةٌ أو عشرَهْ = لِحيانُ حيٌّ من هُذيلٍ غُدَرَهْ
والعضلُ والقارَةُ نجلاَ الهُونِ = نجلِ خزيمةٍ سعوا في الهُونِ
وأربعُوا بئر معونةَ الغُرَرْ = إبنُ الطفيل عامرٌ فيهمْ خفَرْ
أبا براءِ وكِلاَ البعثيْنِ = قد أُرسلا ليرشدا للدِّينِ
(21) غزوة الغابة ( غزوة ذي قرد)
فغزْوَةُ الغابة وهي ذو قرَدْ = خرجَ في إثر لقاحِهِ وجَدْ
وناشَهُم سلمَةُ بنُ الأكوع = وهوَ يقولُ اليومُ يومُ الرُّضَّعِ
وفرضَ الهادي لهُ سهمينِ = لسبقهِ الخيلَ على الرِّجْلَيْنِ
واستنقَذُوا من ابن حصنٍ عشْرَا = وقسم النبيُّ فيهمْ جُزْرَا
وأقبلتْ إمرأَةُ الغفاري = قتيلِ نهبِ إبلِ المختارِ
وهيَ على راحلةٍ من ذي الإبلْ = قدْ نذرتْ إهلاكها حينَ تصلْ
ومرَّ في طريقهِ بالمالحِ = بيانِ ذا اللقبُ غيرُ صالحِ
فغيَّرَ اسمَهُ وغيَّر الإلهْ = صفتَهُ وبعدَ ذلك اشتراهْ
طلْحَةُ بالفيَّاضِ سمَّاهُ النبي = إذ قد تصدَّقَ به ليثربِ
فالطَّلَحاتُ خمسةٌ سوى العلَمْ = فطلحةُ الجُودِ ابنُ عمِّهِ الخَضَمْ
وطلحةُ الخير وطلحةُ النَّدى = إلى الحُسينِ وابنِ عوفٍ أُسنِدا
وطلحةُ الدَّراهم العتيق = جدُّ أبيه بالعُلا حقيقُ
سادسها طلحتُها الخزاعي = أجودُهم كُلا بلا نزاعِ
في سنةٍ وهب ألفَ جاريهْ = فأولدت عُفاتُهْ جواريهْ
ألفَ غُلامٍ باسمه سمَّى إلاما = جميعُهُمْ لمثلها فهيئَمَا
وبعدها انتهبها الأولى انتهوْا = لغايةِ الجهد وطيبةَ اجتووا
فخرجوا وشربوا ألبانها = ونبذوا إذْ سمنُوا أمانها
فاقتصَ منهم النبي أن مثَّلوا = بعبده ومُقلتيه سمَلُوا
(22) غزوة المريسيع (بني المصطلق )
ثم المريسيع أو المصطلقُ = كلاهُمَا على الغزاةِ يطلقُ
لم ينفَلِتْ منهمْ أنيسٌ وسبَا = غيرَ رجالٍ عشرةٍ قدْ نهبا
أعمارهُم وسُبِيَتْ جُويريَهْ = ووهَبَ السَّبْيَ لها لتدْرِيَهْ
وأسلموا بعدُ وفي منْ فُسِّقَا = أرسلَهُ الهادي لهُم مصدِّقا
{إن جاءكم فاسق} انزلَ وهُمْ = خُزاعةٌ مصطلقٌ جدٌّ لهُمْ
وأفزَعَتْ ريحٌ خيارَ النَّاتِ = فقال لا باس بموتِ عاتِ
فوجدوا كهف المنافقينا = رفاعَةً يومئذٍ دَفينا
وهو النِّفاقُ في الشُّيوخِ لا الشَّبَابْ = والخيرُ كلُّ الخير في عصر الشَّبابْ
ووردت واردةُ العَرَمْرَمِ = فافتَتَنَ الواردُ في المُزْدَحَمِ
فاستصرخ الأنصار فارطٌ لهمْ = لطَمَهُ من نَالَهُ معروفُهُمْ
واستصرَخَ المهاجرين اللَّذْ كَسَرْ = عصَا النبي جهجَاهُ عاملُ عُمَرْ
وقال فيها ابنُ أُبيٍّ منكرا = وعاه زيدٌ مُوقناً وما امترى
وحلف الفاجرُ ما قال المقالْ = وصدَّقَتْهُ للمكانةِ رجالْ
فأنزل الله لئن رجعنا = إلى المدينةِ ليخْرِجَنَّا
وعرَك النبيُّ أُذنِ الواعي = زيدِ بن أرقمٍ ذي الاستمتاعِ
أن شهدَ الله على المنافقين = بالكذبِ المحضِ وأوْلاَهُ اليقينْ
والإفكُ في قفولهم ونُقِلا = أن التيمُّم بها قد أنزلاَ
(23) غزوة الحديبية
ثمَّ الحدييبةُ ساقَ البُدْنَا = معتمراً وما بحرْبٍ اعتنى
ومن سوى المخلفين استنفرا = عرمرما وصدَّ عن أمّ القرى
وما انثنى بالجيش حتى اقعنسستْ = عن مكة ناقته إذ حبستْ
فاستنزل الناس ولا ماء لهم = فاستنبطوا بالسهم ما أعلَّهم
وعلّهم أيضا بهذي الغزوةِ = ما كان عن صُبابةٍ في ركوةِ
وجمعوا له بقايا الزاد = فخُولوا منها سوى المعتادِ
وكم قليل غير ذاك كُثِّراَ = وكم قليبِ بالمعين فجِّرا
وبايعوه بيعةَ الرضوانِ = إذ قيل قدْ عدوا على عثمان
وعقروا جمَلَهُ الثعلب إذْ = أرسله تحت الخزاعيِّ المُغِذْ
وكانَ ممَّن بعثوه يسترِدْ = نبيَّنا مكرَزُ عُروَةُ الحَرِدْ
والحارثيُّ المُتَأَلِّهُ الذي = هو لهم بردِّ أحمدٍ بذي
ولم تزلْ بينهمُ المراجعهْ = حتى أتى سُهَيْلُهُمْ فاسترْجَعَهْ
لولا نبيُّ الرحمةِ المُوَفَّقُ = للرُّشدِ في آرائهِ لمُزِّقُوا
أسلَمَ بعدَ عوْدِهِ بالعُظَمَا = أكثرُ ممَّنْ كان قبلُ أسلَمَا
وفسروا بذلك الفتح المبين = وفيه إبقاءٌ على المستضعفين
وبعثوا جملَ عمرو بن هشامْ = هدياً وإنكاءً إلى البيت الحرام
ونحروا وحلقوا وحملتْ = شعورهم للبيت ريحٌ قد غلتْ
وأغلظوا في الصلح حتى أبرما = ومنه ردُّ من أتاه مسلما
وهمْ عليهم بعد ردِّهم وبال = إذ أخذوا الطرق على صهبِ السِّبالْ
وانتدبوا لقوله في الندب = سيدهم هذا محشُّ حربِ
واستعطفوا خيرَ الورى بالرَّحم = في صرفهم إليهم عن أرضهم
و (سورة الفتح) لدى القفولِ = أنزلها الله على الرسولِ
(24) غزوة خيبر
ثم لخيبرٍ ورشح النبي = حيدرةً وبالعقاب قد حبي
وفازَ بالفتح وكان ترَّسا = ببابِ حصن لا يزاحُ إِذ رَسَا
وغلَّ قاتِل سليل مسلَمهْ = لصنْوِهِ محمدٍ وأسلمهْ
وغال مرحباً وقدَّ حجرا = من يابس الصخر به تمغفرا
وعامر بن الأكوع استنشده = خير الورى وقال إذ أنشده
والله لولا الله ما اهتدينا = ولا تصدقنا ولا صلينا
وإذ ترحم للإنشاد عليه = هلك من رجوع سيفهِ إليه
واستشعر الفاروق أن يستشهدا = وأخبر الهادي به بادٍ بدا
وقلت تسعون من يهودا = واستشهدت (يهٍ) ولا مزيدا
(25) غزوة وادي القرى
ومرّ راجعاً إلى وادي القرى = فشاطرت يهوده خير والورى
وأهلكوا غلامهُ ذا الشملَهْ = أغلها فهي عليه
(26) غزوة مؤتة
ثم إلى الروم النبيُّ استفرا = بمؤتةٍ جيشاً عليه أمرا
زيدَ بن حارثة ثم جعفرا = فابن رواحة ولأياً انبرا
ورفُعت للهاشميِّ المعركهْ = فعاين الذي أتوا وأدركه
(27) غزوة الفتح الأعظم
ثم إلى الفتح الخزاعيُّ ذمَرْ = عشرةَ آلافٍ فعزَّ وانتصرْ
وهوَ الذي تهللتْ لنصره = سحابةٌ ومن بليغ شعره
يا ربِّ إني ناشدٌ محمدا = حلَفْ أبينا وأبيه الأتلَدَا
لدعوة النبي أُخِّرَ الخبرْ = عن مكةٍ فلم يُورِّ بَل جَهضرْ
وخاب صخرٌ إذ أتى يرْأبُ مَا = أَثْآهُ غَدْرُ قَومِهِ فَانْفَصَمَا
وحاطبٌ إبنُ أبي بلتعةِ = أرسل إذ زحوفه شرعت
فأخبر الهادي بها فأرسلا = من جاءه كرها بها وامتثلا
وللنبي عرض ابن عمته = ونجلُ عمِّهِ عزيز فِئته
وعنهما أعرض جرَّا مأثمه = فاستشفعا له بأُم سلمهْ
وأقبلت جنود صفوةِ الأممْ = أمامهُ حتى انتهوا إلى الحرم
وضربت له هناك قبهْ = أرضى بها الله وأرضى حزبه
فاحترم الحرم إذ هو الحرمْ = محرمٌ مؤمنٌ ممن هجمْ
وحِينَ حلَّ بإزاء الحرمِ = أمَرَ أنْ يُوقدَ كل مسلمِ
ناراً فأبصرَ أبو سفيانا = وكان يرتَقِبُهُ النيرَانا
فارتاع فانسل إذنْ عمُّ النبي = فالتقيا فجا به عن كثبِ
وزعم ابنُ قيسٍ أن سيُحْفِدا = رجالهم خلته وأنشدا
إن يغلبوا اليوم فما لي علَّهْ = هذا سلاحٌ كاملٌ وألهْ
وشهدا المأزق فيه حطما = رمزُ (يبٍ) من قومهِ فانهزما
وجاء فاستغلقَ بابه البتولْ = فاستفهمتهُ أين ما كنتَ تقولْ
فقال والفزعُ زًَعفرَ دمهْ : = إنكِ لو شهدتِ يومَ الخندِمَهْ
إذ فرَّ صَفْوان وفرَّ عِكرمهْ = واستقبلتنا بالسيوفِ السلِمهْ
وفاذ من لاذ بهِ واسترْحمه = يومئذٍ إذ هو يومُ المرحمهْ
كابنِ أبي سرحٍ وزير الخلفا = وناخسِ البكرِ ببنتِ المصطفى
وهلكت لنخسهِ وألقت = ذا بطنها والبرحَ منه لاقت
بحرقهِ أمرَ ثم رجعا = لقتلهِ والنارَ عنه دفعا
وبعد ما أشفى على الإحراقِ = تداركته رحمة الخلاَّق
فحقن الله بالإسلام دمهْ = سبحانه من راحم ما أرحمهْ
أحنى وأرأف من الأم بنا = وهكذا رسوله كان لنا
يدخلنا الجنة إلا من شرَدْ = عنه وعن توحيده أبي وصدْ
يقرب بالذراع أو بالباعِ = للمُدَّني بشبرٍ أو ذراعِ
ومن أتى يمشي أته هرولهْ = فضاعف الأجر له وأجزلهْ
يُضاعف الأجر لسبع مئة = ففوقُ يؤجر بحسن النِّيةِ
من لُطفهِ أن صحائف الذنوبْ = وهي عَظيمةٌ تروِّع القلوبْ
لا تزن التهليل في بطاقهْ = كأنها الظفر في الدقاقهْ
بسببه من سبَّهُ آنسهُ = نبينا أن عيروه نخسه
صلى عليه الله ما أحلمهُ = عنْ سيء الحوبِ وما أكرمهُ
وكأبي سفيان وابن عمته = وكابن عمهِ وأهل بكتِهْ
واختلفوا فيها فقيل أمنيتْ = وألحق عنوةً وكرهاً أُخذتْ
وأخبر النبيَّ بارئُ النسمْ = بقولهم يسكن بعدها الحرمْ
وبالذي قالوه إذ لم يُرهقا = تداراكته رحمةٌ فأشفقا
وبالذي قالوه في المؤذنِ = وبالذي به فضالةٌ عني
وأخذ المفتاح ثم ردهُ = عنْ رَغمْ قومه الذين عنده
(28) غزوة حنين
ثم إلى وادي حنين انحدرْ = عن مكةٍ من الألوف اثنا عشرْ
فوجدوا هوازناً تأهبوا = بكل مخْرمٍ لهم وألبوا
وبينما الجيش إليهم ينحدرْ = بغلسٍ شدوا إليه وهو غِرْ
فاستنفروا بهمْ لذلك الرِّكابْ = وأدبرت تخدي بهم غلبُ الرقابْ
واستنزلوا وادَّرَعوا وهي تَمُرْ = مرَّ جهامٍ بالبهاليل نفرْ
فاقتحموا عنها وآبوا للنبي = وزحزحوا عنهُ زحوفَ العرب
فأرسل الله جنود الفرج = وقبضةُ الترب قضت بالفلح
وثبتْ مع النبي طائفهْ = من أهل بيتهِ وممنْ ألفهْ
حيدرةٌ والعمران وأبو = سفيان جعفر ابنهُ المنتخب
وعمه ربيعةُ العباسُ = وفضلهُ أسامة الأكياسُ
وأيمنُ ابن أمهِ والعبدري = شيبةُ رامَ غدر خير مضرِ
فصده عما نوى فضربه = نبينا في صدره فجذبه
ووقف السبي إلى أن رجعا = من طائفٍ لعل أن يسترجعا
أعطى عطايا شهدت بالكرم = يومئذٍ له ولمْ تُجمجِمِ
وكيف لا ومستمَدُّ سيبهِ = من سيبِ ربٍّ ذي عنايةٍ به
أعْطى عطايا أخجلت دُلحَ الدِّيمْ = إذ ملأتْ رُحبَ الفضا من النَّعَمْ
زُهاء ألفيْ ناقةٍ منها وما = ملأ بين جبلين غنما
لرجلٍ وبله ما لحقهْ = منها ومن رقيقهِ وورقهْ
منها أفاد العمَّ ما ناء به = فهال منه عمُّهُ عن ثوبهِ
ووكلَ الأنصار خير العالمين = لدينهم إذ ألف المؤلفينْ
فوجدوا عليه أنْ منعهم = فأرسل النبي من جمعهم
وقال قولاً كالفريد المونِقِ = عن نظمِهِ ضعفَ سِلْكُ منطقي
وأدك الفلَّ بأوطاسَ السَّري = عم أبي موسى الشجاع الأشعري
وغال تسع إخوةٍ مبارزه = وفرَّ عاشرٌ لدى المبارزة
وإذ توى دوخهم حفيده = وجاء بالفلِّ وهم عبيدهُ
( 29) غزوة الطائف
فلثقيفٍ وهي في حصونِ = بطائفٍ أقْبلَ من حنينِ
فسألوه الكف عن قطع الكرَمْ = بالله والرحم فارتادوا الكرمْ
فهابه والمنجنيقَ ضربَا = وسئلَ الدعا عليهم فأبى
ونوفل استشاره في أمره = فقال همْ كثعلبٍ في حجرهِ
(30) غزوة تبوك
ثم لرومٍ بتبوك استنفرا = (لامَ) أُلوفٍ عامَ عُسرٍ اعترى
ومعهم لحربه ألب له = غسِّانُ لَخْمٌ وجُذامُ عاملهْ
وحضَّ الاغْنِيَا على الحملانِ = ونكصوا دونَ مدى عثمانِ
على بعيرٍ عشرةٌ تعتقبُ = وعزّ مطعمٌ وعزَّ مشربُ
يقتسم النَّفرُ تمرةً ومنْ = فرثٍ الأباعِرِ شرابٌ قد يعنْ
وقعد الباكون والمعذرونْ = وعسكرت فربتِ المنافقونْ
وقعد الثلاثةُ الذينا = تابَ عليهم ربنا يقينا
كعب بن مالك مُرارةُ الربيعْ = وابن أُميَّةٍ هلالٌ الرفيعْ
وأبَوا خيثمةٍ وذرِّ = قدْ لحقا وجاء أرضَ الحجرِ
فذبَّ عن مياههِ وأمرَا = أن لا يمرَّ أحدٌ كما يرى
فعقَّهُ المخنوقُ فوقَ مذهبهِ = ومن وفودُ طيىءٍ أتته بهْ
فأصبح الناس ولا ماء لهم = فأرسل الله سحابةً تؤمْ
على تخلُّفٍ بطيبةٍ علي = خُص بسهمين بسهمه العَلِي
وسهم جبريل وكان حضرا = وبذْلهُ به النبي أمراً
وقال إذا أضل راحلتهُ = مجرمهمْ ما قال فانتبه
ونزلت ْ يومئذٍ في مخشنِ = وصحبهِ {كنا نخوض} فاعتنِ
[ أَسألُ اللهَ أَنْ يَنفَعَ بِهَا إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ ]
فِيْ
مَغازِيِّ خَيْرِ الْوَرَىٰ
صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
للعَلاَّمَةِ
أَحمدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَدَوِيّ الشِّنقِيطِيّ
رَحِمَهُ اللهُ تَعالَىٰ
قال الناظم رحمه اللهُ تعالى :
حَمْداً لِمَنْ أَرْسَلَ خَيْرَ مرسَلِ = لِخَيْرِ أُمَّةٍ بِخَيْرِ الْمِلَلِ
وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ والسَّلاَمِ = عَلَى لُبَابِ صَفْوةِ الأَنَامِِ
وَآلِهِ أَفْنَانِ دَوْحَةِ الشَرَفِ = وَصَحْبهِ وَالتَّابِعِي نِعَْمَ السَّلَفْ
مَا أَرْهَفَتْ وَأَرْعَفَتْ يَرَاعَهُ = فِي مُهرِقٍ يَنَابِعُ البَرَاعَهْ
وجَلْجَلَ الرَّعدُ وَسحَّ مُزْنُهُ = وَهَبَّ شَمْأَلٌ وَمَاسَ غُصْنُهُ
وَبَعْدُ فَالعِلْمُّ أَهَمُّ مَا الهِمَمْ = تَنَافَسَتْ فِيهِ وَخَيْرُ مُغْتَنَمْ
وَخَيْرُهُ وَالْعِلْمُ تَسْمو رُتْبَتُهُ = مِنْ فَضْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ سِيرَتُهْ
فَهَاكَ مِنْهَا نُبْذَةً لَيْسَتْ تُمِلْ = وَلَمْ تَكُنْ بِمُعْظَمِ القَصْدِ تُخِلْ
أُرْجُوزَةً عَلَى عُيُونِ الأثَرِ = جُلُّ اعتِمادِ نَظْمِهَا فِي السِّيَرِ
وَشَدَّ مَا اجْتَرَأْتُ فِي ذَا الْهَدَفِ = إذْ لَمْ أَكُنْ أهْلاً لِصَوْغِ النُّتَفِ
فَكَيْفَ بِالْعَقْدِ لِمَا كَانَ انتَثَرْ = عَنْ كَثْرَةٍ وَفِي المَهَارِقِ ابْذَعَرْ
لَكِنْ تَطَفَّلْتُ عَلَى بَرَكَتِهْ = وَجَاهِهِ بِنَظْمِ بَعْضِ سِيرَتِهْ
لَعَلَّهَا بِالنَّظْمِ هَلْهَلاً عَلَى = مَنْ رَامَهَا نَظْماً تَكُونُ أَسْهَلاَ
وَلِحُضُورِهِ بِكُلِّ ذِهْنِ = عَنْ ذِكْرِهِ بِمُضْمَرٍ أسْتَغْنِي
وَاللهَ أَسْأَلُ سَدَادَ النَّظَرِ = وَعِصْمَةَ الْخَاطِرِ مِنْ ذَا الْخَطَِرِ
وَأَنْ يَكْونَ لِي وَلاَ عَلَيَّا = وَعِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ مَرْضِيَّا
وأن يكون للثوابِ قانِصاً = لِوجههِ عزّض وجلَّ خالصا
مِمَّا يُلبسُ به إِبليس = وللهوى في طيهِ تدليس
بجاهِ أفضل الورى محمد = صلى عليه الله طُولَ الأبَدِ
( 1) غزوة ودَّان
أَوَّلُ غزوةٍ غزاها المصطفى = ودانَ فالأبواء أو ترادَفا
(2) غزوة بواط
ثُم بواطٌ خرجوا لِعيرِ = أُمَيَّةَ بن خلفِ السَّفسير
(3) غزوة العُشيرة
ثمَّ العشيرة إلى عير أبِي = سفيان في ذهابها للأربِ
(4) غزوة بدر الأولى
فَبَدرٌ الأولى بإثرِ ناهبِ = سرح المدينة مغذٍّ هاربِ
كُرز بن جابر وبعدُ استنقذا = لِقاحه ممن عليه استحوذا
(5) غزوة بدر الكبرى
فبدر الكبرى لعير صخر = آئبةً من شأمها بالكثير
واعتقبوا في ذلك المسير = كل ثلاثة على بعير
ولم يكونوا أوعبوا للحرب = إذ ما غزوا لغير نهب الركب
وليس عندهم من السيوف = غير ثمان للعدا حتوفِ
ولا من الخيل سوى اثنتين = وقد كفتهم أهبة التمكين
واستنفر النفير صخرٌ لهم = وجاء خير مرسل ألبهم
فأخبر الناس بهم ممتحنا = وقال سعد ما رأى وأحسنا
وكان من رواية المقداد = أن رضي السير إلى الغماد
وعمرُ استقل جيش الحنفا = واستكثر الذي إليه زحفا
واستبقوا صخراً لبدر وانتحى = وأخذوا واردَةً وزحزحا
عنها النبي الضرب إذ قال هما = واردة النفير واستفتاهما
وعندما أمِن صخرٌ أرْسلا = إلى النفيرِ أن يَؤوبَ قُفلاَ
ورد الاخنس المسودُ على = حلف بني وهرةَ وازداد علاَ
وابن هشام قالَ لا أو نردا = بدراً فننحر ونُرهب العدا
فطاوعوه ومضوا وباتوا = بشرِّ ما بات خير مرسل
بخير ليلةٍ وأصبح على = أثبت أرضٍ للخطا وارتحلا
فنزلوا أدنى المياه للعدا = وغوروا جميعهن ما عدا
قليبهم وجعلوا الأواني = في جدول فهي لهم دواني
وأقبلت بالخُيلا والكبريا = إلى المصارع الزحوف الأشقيا
لو طاوعُوا عتبة أو حكيما = أو ابنَ وَهب ما رأوا أليما
لِكونهم إلى القفول أرشدوا = من بعد ما أشفوا على ما وردوا
وقال عمروٌ وبأنفه شمخْ = ثانيةً سَحَرُ عتبةَ انتفخ
واستند ابن الحضرميِّ الثَّأرَا = فحش حرباً بينهم وشرَّا
فقام للوليد نجل عتبة = حيدرةٌ وحمزة لشيبةِ
نجل ربيعةٍ وعتبة أخوه = قام له عبيدة إذ رشحوه
وقطعت قدمه واحتملوه = وهو أسنُّ الجيش فيما نقلوه
وهو إذا أخذت في نعم النسب = عبيدةُ بن الحارث بن المطلب
وشهد المشهد هذا أخواه = أعني الحصين والطفيل مشبهاه
وابن غَزيَّةٍ سواد استنتلا = من صفة ورامَ أنْ يعتدلا
نبينا فمسه كشْحِهِ = وقال إذ آلم مس قِدحهِ
أوجعتني نخساً فأعطني القود = وجدّ في أنْ كان باشرَ الجسد
وخفق النبي حين المعركة = وفي عريشه رأى الملائكة
على ثنايا جبرئيل النقع = وفي عريشه رأى شسواها الجمع
وقيل : لم تقاتل الملائكة = إذ ريشةٌ منهم لقوم مهلكه
لكنهم لعدد ومدد = وطبلهم هناك طول الأبدِ
وجاء أن جبرئيل يحضر = من مات مؤمناً وقومٌ أنكروا
نزوله بعد رسول الله = والحق أنْ ليس له تناهي
وراقب الجمعين شخصان لكي = ينتبها من مدبري الجمعيين شيْ
فرأيا الملك وهو منطلق = فانِشقَّ واحدٌ والآخرُ صًعِق
وابن معاذٍ مبتني العريش = وحارس النبي من قريش
يكره إبقاء الأُسارى ويرى = إهلاكهم أوَّل قتلٍ أجدرا
وهكذا عمر كان وهي من = موافقاته التي بعد تعنّ
عن قتل آله نهى إذ خرجوا = وفي خروجهم عليه حرجُ
وعن أبي البختري إذ لم يُؤذه = وصكُ نبذهم سعى في نبذهِ
وجاءه المجذر بن ذياد = وقال عنك قد نهى خيرُ العباد
فقال والزميل قال المصطفى = لم ينه عن قتل الزميل الحنفا
فقال والنخوة تأبى والإبا = عن تركه جبنا وحكم الظبا
لا يسلم ابن حرةٍ زميله = حتى يموت أو يرى سبيله
وإذ نهى عن قتل عمه هفا = أبو حذيفة وقال سخفا
وكفرت هفوته الشهادة = يوم اليمامة لها أرادة
وإذ رآه المصطفى تضجراً = من جر عتبةٍ أبيه اعتذرا
بأنه كان يرى أن اباه = يحجزه عن ميتةِ السوء حجاه
وإذ معاذٌ بن عمرو بن الجموح = أطن ساق ابن هشام الطموح
فطرح ابنه الهزبر عكرمة = عاتقه وجرّه في الملحمه
ألصق خير مرسل فالتصقا = عاتقه لما عليه بصقا
فرعون الأمة النبي عرفَّا = بجحشه ركبته إذا اختفى
بين الهوالك وكلم النبي = جثتهم موبخاً للخشبِ
وعاين الناس المصارع التي = أخبرهم بها مقيم الملة
فحقق الله له ما وعدا = وأوهن الكفر وأيد الهدى
لهم من كتاب الله سابقُ = لذاك ما اشهدها منافق
يومٌ له ما بعده في الكفر = وقد أتى منوِّها في الذكر
بأنه العذاب واللزامُ = وأنه البطش والانتقام
وأنه الفرقان بين الكفر = والحق والنصر سجيس الدهر
في الأجر والمغنم قسَّم النبي = لنفرٍ عن الزحاف غيب
لطلحة ولسعيد أرسلا = للركب ينظران أين نزلا
ولابن عفان ولابن الصمة = وابن جبير كسرا عن همه
وابن عدي عاصم العجلاني = خلّفه خير بني عدنان
على العوالي وعلى المدينه = أبا لبابة الربيط الزينه
ثامنهم رد من الروحاء = وهو ابن حاطب إلى قباء
وابن عمير مصعب مر على = شقيقه مستأسراً للفضلا
فحضهم أن شددوا إن له = أما مليةً تفك كبلهُ
وابن الربيع صِهرُ هادي الأمّةِ = إذ في فداه زينبٌ أرسلت
بعقدها الذي به أهدتها = لَه خديجةٌ وزففتها
سرحه بعقدها وعهدا = إليه أن يردها له غدا
فردها وبعد ذاك تجرا = لنفسهِ وساكني أم القرى
فانتهت الأصحاب عير القلب = فجاء واستجار بابنة النبي
فصرحت ولم تجمجم البتول = بأن أجارته وأمضاه الرسول
فرد ماله عليه أجمع = تلك الصهارة بها يستشفع
أوصى به من حيث الاكرام ابنته = لكن نهاها أن تكون بعلته
وما ارتضى من بعد إسلام ابنته = وكفره بقاءها في عصمته
لو أنه يحل أو يحرم = بمكة عنها الحليل يحسم
وسُئل الإيمان كي يحوزا = مال قريش وبه يفوزا
فهاب أن يبدأ بالخيانه = إيمانه ويدع الأمانهْ
فردها لأهلها وأسلما = وآب إذ إلى قريش أسلما
فردها إليه خير مرسل = بالعقد الأول على القول الجلي
وأمه هالة أخت صهرته = والمصطفى رضي عن صهارته
والمسلمون خيَّروا بين الفدا = وقدْرُهم في قابل يُستشهدا
وبين قتلهم فمالوا للفدا = لأنه على القتال عضَدا
وأنه أدى إلى الشهادة = وهي قصارى الفوز والسعادة
وهو بقدر وسعهم والمملق = من خطَّهِ عشرةً يُحذَقُ
ومن مشاهير الأُسارى عمْرو = نجلُ أبي سفيان ثم الصهر
والعم وابنا أخويه وهما = عقيل نوفلٌ وبعد أسلما
وخالد أخو أبي جهلٍ وقد = أسلم أيضاً وسهيلٌ الأسدْ
ومكرز ٌركز في مركزه = حتى أتى فداؤه لعزهِ
وابن أبيٍّ وأبو وداعهْ = أول مفديٍّ من الرِّباعهْ
وخالد بن الأعلم الذي افتخر = فكان قبل كل هوهةٍ عجَرْ
ومن مشاهير الممات حنظلة = منبهٌ وصنوه وابنانِ له
وهم نبيه حارث والعاصي = أحد رهط غير ذي خلاصِ
من مكة لكونه مستضعفاً = في زعمه ويوم بدر زحفا
مع قريش وتوفت ظالمي = أنفسهم ملائك الملاحم
وهم عليُّ بن أمية الرَّدي = والحارث بن زمعة بن الأسود
وابنانِ للفاكهي والوليد = وأين هم من ابنة المجيد
سَمِيِّه وأخوي فِرْعَوْنا = شقيقٍ أو للأم ذاقا الهوْنا
سلمةٍ عياشٍ المستضعفين = قنت لاستنقاذهم طه الأمين
واستشهدت ستٌ من المهاجرين = عبيدةُ المكورُ في المبارزين
ثم عُميْرُ بن أبي وقاص = وابن البكير عاقلٌ ألشاصي
وذو الشمالينِ ومهجع عمرْ = صفوانُ بيضاء الذي بها اشتهر
واثنان للأوسِ ابن عبد المنذرِ = مبشرٌ سعدُ ابنُ خيثمَ الجرِي
وستةُ الخزرجِ هُم يزيدُ = عوفٌ معوذٌ أخوه الصِّيْدُ
حارثةٌ وابنُ المعلَّى رافعُ = ثم عميرُ بنُ الحُمَامِ النازعُ
لرَبَّهِ وهْوَ يقُولُ أَفَمَا = بيني وبين جنةٍ إلا الحما
(6) غزوة بني سُليم (7) غزوة بني قينقاع
فَلسليم فلقينقاعِ = ألمتصدِّينَ إلى القِراع
هم كَشَفوا إزارَها عن مسلمَهْ = فهاجَ حربٌ بينهم والمسلمهْ
لو آمنت من اليهود كلها = زُهاءُ عشرةَ اهتدوا لأِجلها
عادوا للافسادِ فعادَ الله = وقينقاعُ العمَّهُ العزاهُ
أوَّلُ من غدر من يهودا = وابنُ أبيٍّ سألَ القُرُودَا
نَبِيَّنَا وَهُمْ أُسارى سطْوَتِهْ = فأُطْلِقُوا وطُردُوا مِنْ طَيْبتهْ
ومنهم الشاهدُ عبداللهِ = نجلُ سلامٍ العظيمُ الجاهِ
(8) غزوة السويق
فغزْوةُ السويقِ في إثرِ أبي = سفيانَ أن حَرَّقَ نخلَ يثربِ
وَغَالَ نَفْسَيْنِ وكَانَ آلَى = لا يَقْرَبُ النِّساءَ أوْ يَنالا
وكانَ يُلْقِي جُرْبَ السَّوِيقِ = مَخَافَةَ اللُّحُوقِ فِي الطَّرِيقِ
( 9) غزوة ذي قرقرة
فسُمِّيت بذاكَ ثم بعدها = قرقرةُ الكُدر لقومٍ عندنا
(10) غزوة ذي أمر وغطفان
وبعدها ذو أمر وغَطَفانْ = كلاهما تُدعى به وتُستبَانْ
لغَطَفَانَ وجُمُوعِ ثعلبَهْ = جَمَعَهَا دُعْثُورُ صاحبُ الظُّبَهْ
وَهْوَ الَّذي وجَدَ خَيْرَ مُرسَلِ = يُجِفُّ ثَوْبَيْنِ لَهُ بِمَعْزِلِ
فَسَلَّهَا وَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَا = فصَدَّهُ جبريلُ عَمَّا انتُهَكَا
وفيهِ أو في غَوْرَثٍ أَوِ النَّضيرْ = {إذْ همَّ قَوْمٌ} أُنزلتْ على البَشِيرْ
(11) غزوة بحران
وبَعْدَها غزوةُ بُحرانٍ إلى = أُمِّ القُرى أَو لسُلَيْمَ الجُهَلاَ
(12) غزوة أحد
فَأُحُدٌ بِرِبْحِ عِيرِ صَخْرِ = تَأَهَّبُوا لِيرُوا مِنْ بَدْرِ
وخَرَجُوا بِـ (يَهِ) ظُعْنٍ وَهُمُ = جِيمُ أُلُوفٍ والخيُولُ لَهُمُ
راءٌ وَمَا لِلْمُسْلِمِينَ فَرَسُ = وَفِي زُرُوعِ قَيْلَةٍ إحتَبَسُوا
وَقِيلَ : فيهمْ فرَسٌ تحْتَ أَبِي = بُرْدَةٍ النَّدْبِ وأُخرى للنبي
وقدْ رَأى في نومه خيرُ الأُمَمْ = أنْ كانَ في ذُبابِ سَيْفِهِ ثَلَمْ
وأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي دِرْعٍ يَدَهْ = وبقراً يُذْبَحُ أيضاً وَجَدَهْ
فالثَّلَمُ العَمُّ وَأمَّا البقَرُ = يُذبحُ فهوَ النَّفَرُ المُعَفَّرُ
مِنْ صحْبِهِ ودِرْعُهُ الحَصِينَهْ = أَدْخَلَ فيها يَدَهُ المَدِينَهْ
واستكرَهُوا خَيرَ الوَرَى فَأَخْرَجُوهْ = وبعْدَ ما استلأَمَ فيها استَثْبَطُوهْ
فرَاحَ نَحْوَ أُحُدٍ وابتكَرَا = وخَامَ عنهُ ابنُ أُبَيٍّ وامتَرَا
واستلَّ سيفَ رَجُلٍ ذبُّ فرَسْ = فقال شمْ سيفَكَ والحَرْبَ افترسْ
وَكَانَ لا يَعتافُ إلاَّ أنَّهُ = يُعجِبُهُ الفَألُ إذا عنَّ لَهُ
ومَرَّ في طريقِهِ بالحَاثِي = فِي أوْجُهِ القومِ وَكانَ رَاثِي
أَجَازَ أبناءَ يَهٍ واستصغَرَا = مَنْ دُونَهُمْ والجيشُ ذالاً انبرى
وقالَ مَنْ يأخُذُ هذَا السَّيفَا = بِحَقِّه فنَالَهُ واستوفَى
أبوُ دُجَانٍ وخالَ إذْ مَشَى = ومَشْيُهُ مِنْ بُغضِهِ جلَّ حَشَا
واستأصَلُوا أهلَ اللوا فانهزَمُوا = وشَمَّرتْ عن سُوقهنَّ الحُرَمُ
مُوَلْوِلاتٍ إثرهُم ورغِبَا = في المَغْنَمِ الرُّماةُ حينَ استُلِبَا
وخَالَفَ الرُّماةُ أَمْرَ المصطفى = بالصبر والثبات خلف الحُنَفا
فتَركوا ظُهورهُمْ لخالدِ = فكَرَّ راجعاً بكُلِّ حَارِدِ
وحَالَتِ الرِّيحُ ودارَتِ الرَّحى = وذاقَ مَنْ خالفَهُ ما اجترحَا
وصَرَخَ الصَّارِخُ أن ماتَ النبي = فارتهبوا لذاك كلَّ الرَّهَبِ
وقالَ إذْ ذلكَ : "لو كانَ لنا" = من دهسٍ قائلهم فافتَتَنا
ونَجْلُ مُطعمٍ جُبَيْرٌ إذْ قَتلْ = حمزةُ عمَّهُ طُعَيمَةَ احتفَلْ
لقتلِه بأن عليه ذمَّرا = وحْشيَّهُ يومئذٍ وحَرَّرا
ودقَّهُ في شدقهِ ابنُ حَرْبِ = فقال : "ذق عُقَق" أي ذق حربي
أبلى بلاءً حسناً قُزمَانُ = على الحفاظِ فله فلهُ الخُسرانُ
وعكْسُهُ الأُصَيرِمُ المُخَردلُ = ليس لهُ غيرَ القتالِ عَمَلُ
وثبتَتْ مع النبي اثنا عشر = بينَ مُهاجرٍ وبينَ منْ نَصَرْ
منهُم أبو دجانةٍ وابنُ أبي = وقَّاصٍ الذي افتداهُ بالأَبِ
وطلحةٌ وفيه شلَّتْ يدُهُ = إذ اتَّقى النبلَ بها يصمُدُهُ
وتحتهُ جلس أن جهضَهُ = دِرعاهُ والجراحُ فاستنهضَهُ
والعُمرانِ وعلِيٌ وعفَا = إلهنا عن الذي منهمْ هَفَا
وَثبتَتْ نسيبةُ المبايعهْ = قبلُ وعنْ خير الورى مُدافعَهْ
وجُرِحَتْ فيه وشلَّتْ يدُها = وللتبرُّكِ الورى تقصِدُهَا
في حفرةٍ وقع خيرُ مُرسلٍ = فناشَهُ طلحةُ والصِّهْرُ علِي
إذ عُتْبَةٌ هشَّ رباعِيتَهُ = وشقَّ من شِقوَتِهِ شفَتَهُ
وشجَّهُ ابنُ قمئَةٍ وابنُ شهابُ = صلى عليه اللهُ ما سَحَّ سحابْ
وازدردَ الدَّمَّ أبو الخُدرِيِّ = وانتزَعَ الحلقَةَ في النَّبِيِّ
أبو عبيدةٍ فكان أثْرَمَا = بساقِطِ الثَّنِيَّتَيْنِ أعْلَمَا
بملءِ دَرْقَةٍ من المهْراسِ = جاءَ ليشرَبَ شفيعُ النَّاسِ
حيدَرَةٌ فَعَافَهُ ورَحَضَا = عن وجههِ الدَّمَّ ففازَ بالرضا
قتَادَةٌ ذُو الْعَيْنِ ردَّهَا النَّبِي = بقَوْسِهِ وقَدْ تشَظَّظَتْ حُبِي
أوَّلُ مَنْ عرَفَهُ فبَشَّرَا = به ابنُ مالكٍ قَرِيعُ الشُّعَرَا
فعَاوَدُهُ وتسَاقَطُوا عَلَيْهْ = ونهَضُوا للشَّعْبِ إذ أوَوْا إليهْ
فبَايعُوا على المماتِ المُجتَبَى = صلَّى عليه اللهُ مَا هبَّ الصَّبَا
وبَعْدَ ما اطمأَنَّ في الشِّعْبِ عَلَتْ = عاليةٌ من فوقِهمْ فأُنزلَتْ
صلَّى بهم وقعدُوا وقَعدَا = ظُهراً لمَا من الجِراحِ أُجهدا
واستبدلَتْ هِندٌ من اللآلي = قلائداً من آنُفِ الرِّجالَ
وطَوَّقَتْ وحشيَّهَا الفَرِيدَا = وأَدْبَرَتْ تُرَدِّدُ النَّشِيدا
نَحْنُ جزَيناكُم بيومِ بدْرِ = والحَربِ بعد الحرب ذاتُ سُعْرِ
ما كان عن عُتبةَ لي من صبْرِ = ولا أخي وعمِّهِ وبِكْرِ
كِلاَ المُجَدَّع وسعدِ المُفتدى = وسعدٌ الفتْكَ به أرادَهْ
أمَّا المُجَدَّعُ فللشهادهْ = وسعْدٌ الفتْكَ به أرادَهْ
وإذْ أبُو رُهْمِ الغفاريُّ نُحِرْ = بِرِيقِهِ في الحِينِ قَامَ مُسْتَمِرْ
واستشهَد اللَّذَانِ قدْ تخلَّفَاَ = لكِبَرٍ فلَحِقَا وزَحَفَا
هُمَا حُسَيْلٌ اليَمَاني أَسْلَمَهْ = حُذيفةٌ إذ أهلكَتْهُ المُسلِمَهْ
وثابتُ بنُ وَقْشٍ المُستَشْهَدُ = أخوهُ وابْنَاهُ وكُلٌّ وَتَدُ
وابنُ الرَّبيعِ سعدٌ اللَّذْ سأَلاَ = نبيُّنَا عنْهُ فأُلْفِيَ على
شَفَا الشَّهَادَةِ فَأرْسَلَ الرِّضَا = إلى النَّبيِّ بالسلامِ والرِّضَا
وَذُو الوصَاياَ الجُمِّ للبَشِيرِ = وهْوَ مُخَيْريقُ بَنِي النَّضِيرِ
ومُصْعَبٌ شَمَّاسُ والمُجْدَّعُ = بِحَمْزَةَ المُهَاجِرُونَ أَرْبَعُ
حَنْظَلَةُ الغسيلُ نجلُ الفاسِقِ = زوْجُ جَميلَةَ ابْنَةِ المُنَافِقِ
أجنَبَ منها فاستخَفَّهُ القِتَالْ = عنْ شِقِّهِ أوْ عن جميع الاغتسالْ
وقال صخْرٌ إذ رآهُ قتَلَهْ = شَدَّادهُمْ حنظلةٌ بِحَنظَلَهْ
واستشهدَ الأعرجُ عمرُو بنُ الجمُوحْ = وعنْ حياةِ المصطفى أبا الفُتُوحْ
سأل صخرٌ وانَنى يُغَرِّدُ = مَوْعِدُكُمْ بدرٌ وقالَ المَوْعِدُ
وارتَقَبُوا إنْ يجْنُبُوا فهُم قُفُلْ = أَوْ يسرِجُوا فهمْ لِطيْبَةٍ نُسُلْ
وبأُبَيٍّ مَرَّ بعْدُ ابنُ عُمَرْ = وهْوَ الذي رمَاهُ خالقُ البَشَرْ
مُسلسلاً صدْيانَ فاستسْقَاهُ = والسَّقيُ عنهُ ملَكٌ نهَاهُ
ومرَّ أيضاً بأبي جهلٍ لدى = بدرٍ به أضَرَّ لاعِجُ الصَّدَى
(13) غزوة حمراء الأسد
وبعدها غزوةُ حمراءِ الأسَدْ = كانتْ لإرهَابِ صبيحةَ أثحُدْ
وأمر النبيَّ أن لا يَخْرُجا = إلا الذي بالأمسِ كان خرَجَا
ولابْنِ عبدِ اللهِ جابِرٍ سَمَحْ = بالغزوِ إذْ لأخواتِهِ جنَحْ
بِالأَْمْسِ ، إذْ قالَ أَبُوهُ يَا بُنَيْ = مَا كُنتُ أؤْثِرُكَ بالغزوِ عَلَيْ
وفَتَكُوا بجَدٍّ عبدالملكِ = لأمِّهِ سبطِ أبي العاصِ الذَّكي
وهْوَ المُمَثِّلُ بعمِّ أحمَدِ = وبِمُعَاويَةَ يُعْرَفُ الرَّدِي
وَبالَّذِي عليهِ قبْلُ أشْفَقَا = نَبِيُّنَا ثُمَّ ارْتَجَى أَنْ يُطْلَقَا
ثَانِيَةً أَنْ كانَ ذَا بَنَاتِ = وهْوَ أَبُو عَزَّةَ ذُو الهَنَاتِ
(14) غزوة بني النضير
ثُمَّ النَّضيرُ هَاجَها أنْ جَاءَهُمْ = مستَوْهِباً من ديةٍ ما نَابَهُمْ
فَأصْعَدُوا أَحَدَهُمْ ليُلْقِيَا = عليهِ صَخْرَةً تُريحُ الأَغْبِيَا
وأَخبرَ ابنُ مشْكَمٍ أنْ يُخْبَراً = وزَجَرَ الرَّهْطَ فلَمْ ينزجِرا
وجاءَهُ الخبَرُ منْ ربِّ السَّمَا = وفي حِصَارِهَا العُقَارُ حُرِّمَا
والحشرُ أُنزلت بها ونقضَا = نجلُ أُبي عهدهمْ ورفضَا
وفيئهم والفيءُ في الأنفالِ = مَا لَمْ يكُنْ أُخِذَ عن قِتَالِ
أمَّا الغنيمَةُ ففي زِحَافِ = والأخذِ عنوةً لدَى الزِّحافِ
لخيرِ مُرسلٍ وخصَّ فئتَهْ = وَفي رضا أنصارهِ عطِيَّتَهْ
كانَ التَّرَحُّمُ على الأنصارِ = أنْ آثروا به بني نزارِ
وشاطروهمْ ما لهم ونزلُوا = عن الحلائلِ لهُمْ وأَوَّلُ
منْ سنَّهُ مُخيِّراً بينَ اثنتينْ = إبنُ الرَّبيعِ لابنِ عوفٍ المَكينْ
فتركُوهُنَّ لَهُم تعفُّفَا = فعَفَّ هَذَاكَ وذاكَ أسرفَا
(15) غزوة ذات الرقاع
ثُمَّ إلى مُحارِبٍ وثعلَبَهْ = ذاتِ الرِّقَاعِ ناهَزُوا المضاربهْ
ولم يكُن حربٌ وغورَثٌ جرى = فيها له الذي لدعثور جرَى
مع النبِّيِّ وعلى المُعتَمَدِ = جرَتْ لواحدٍ بلا تعدُّدِ
(16) غزوة بدر الأخيرة
ثُمَّ لميعادِ ابنِ حَرْبٍ بَدْرُ = وكَعَّ عَنْهَا نجْلُ حَرْبٍ صَخْرُ
(17) غزوة دومة الجندل
فَدُومَةُ الجَنْدَلِ هَاجَهَا زُمَرْ = بدُومةٍ يظلمْنَ من بهنَّ مَرْ
(18) غزوة الخندق
ثُمَّت لمَّا أجليت يهودُ = وأوغرَتْ صُدورَهَا الحُقُودُ
وحزَّبَتْ عساكراً عناجُها = إلى ابنِ حَرْبٍ وقُريشٌ تاجُها
وجعلُوا كيْ يتِرُوا خيرَ الورى = لغطَفَانَ نِصفَ تمرِ خيبرا
خَندقَ خيرُ مرسلٍ بأمرِ = سلمان والحوربُ ذاتُ مكْرٍ
كم آيةٍ في حفرِهِ كالشّبَعِ = منْ حفْنةٍ وسَخْلةٍ للمَجْمَعِ
وكمْ بشارةٍ لخيرِ مُرسَلِ = من الفتوحِ تحتَ ضرْبِ المعوَلِ
وكعبٌ بنُ أسدٍ إذ فتَنَهْ = عن عهده حُيَيُّ أعطى رسَنَهْ
فغدرت قريظَةٌ لغدرِهِ = يومئذٍ إذ هُوَ أُسُّ نجْرِِهِ
وأرسلَ السعدين خيرُ مرسلِ = وابنَ رواحةٍ لَهُم لينجلي
ما هم عليه ، فإذا هم عضلُ = وسَرَّ خير الخلقِ ذاك الخذَلُ
قالت جنوبٌ للشمالِ انطلِقِ = ننصُرُ خيرَ مرسلِ في الخندقِ
فقالت الشمالُ إنَّ الحُرَّهْ = لم تَسْرِ باليلِ فذاكَ عُرَّهْ
فأرسَلَ الله الصَّبَا والمَلَكَهْ = فنصرَا نبيَّهُ في المعركهْ
وغطَفانُ رام أن يُخوَّلُوا = ثلث تمرِ طيبةٍ ليعدلوا
وأنف السعدان من صلحِ النبي = وحكَّما حدَّ شفار القُضُبِ
معتبٌ نجلُ قُشيرِ قالا = وعدنا النبيُّ أن ننالاَ
كُنوزَ قيصَرٍ وكسرى ونرى = أحدنا اليومَ يخافُ المُخترى
ونوفلٌ من طيشهِ ونزَقِهْ = أوْثَبَ طِرفهُ حفير خندقِهْ
فوقعا فيه وأعطى فِدْيتَهْ = إخوانُهُ فاستوْهَبُوهُ جُثَّتَهْ
فقال فيه أكرمُ البريَّةِ = خبيثُ جيفَةٍ خبيثُ ديَّةِ
عمرو بن عبدِ وُدٍّ إذْ قامَ لَهُ = حيدَرَةٌ بسيفهِ خردلهُ
وفضَّ جمعهمْ نعيمُ الأشجعي = إذ نمَّ بينهمْ بكل مجمَعِ
وعندما إلى التشتُّتِ الزُّمَرْ = أجمع أمرهمْ دعا خيرُ البشرْ
من يأت بالخبرِ عنهم يكُنِ = غداً رفيقنا ومنهُمْ يأمَنِ
فلمْ يقُمْ إليهِ غيرُ ابنِ اليَمَانْ = من شدَّةِ الذُّعرِ ومن برْدِ الزمانْ
وقال خيرُ الخلقِ لن تغزوكمْ = قريشُ بعدَ اليومِ والغزوُ لكُمْ
وشغل النبيَّ زحفُ الخندقِ = عنْ ظُهرهِ وعصرهِ للشفقِ
(19) غزوة بني قريظة
ثم قريظةٌ إليها جبرئيلُ = ولم يضع سلاحهُ استدعى رعيلْ
وقادهُ وزلزلَ الحُصونَا = وقَذَفَ الرُّعْبَ ولا يدرونا
واستذْمَرَ النبيُّ خيلَ اللهِ = وعن صلاة العصرِ قامَ النَّاهي
إلاَّ بهم ولم يعبْ من أخَّرا = إلى العشاءِ إذْ يراهُ ائتَمَرَا
وخيَّرَ ابنُ أسدٍ قُريْظَتَهْ = بينَ ثلاثٍ وازدرَوْا رويَّتَهْ
أن تؤمنوا فيأمنوا فقد درَوْا = في كُتبهمْ ما عنهُ إذْ جاءَ أبَوْا
أو يحصدوا النساءَ والصِّبيانا = فلم يُخلُّوا خلفُهُمْ إنسانا
أو يفتِكُوا في السَّبْتِ إذْ يأمنُهُمْ = جبشُ العرمْرَم ولا يأبَنُهُمْ
وضاقت الأرضُ بهم لرُعبِهِمْ = وجهلوا كيفَ النِّكايَةُ بهمْ
واستنبؤُوا أبا لُبابةَ الخَبَرْ = فرَقَّ للعهدِ الذي بهمْ غَبَرْ
أن جأَرَتْ في وجْهِهِ الصِّبيَانُ = واستعْطَفَتْ رحمتَهُ النِّسْوانُ
ففتنُوهُ وانتحَى عنْ بلدِ = عصى به وشَاطَ نحوَ المَسْجِدِ
فقام فيه بُرهَةً مرتبطَا = معذِّباً لنفسهِ مُوَرِّطَا
فتاب من هفْوَتِهِ اللهُ عَلَيْهْ = وحَلَّهُ خيرُ الأنامِ بيَدَيْهْ
وحكَّمَ النبيُّ فيهم سعْدَ الاوْسْ = إذْ غاظَهُمْ إطلاقُهُ عنْ كُلِّ بُؤْسْ
لابن أُبَيٍّ حُلفاءَ الخَزْرَجِ = وكانَ في التَّحْكيمِ حسمُ الهرجِ
وحمَلُوا سعْداً علَى حِمارِ = منَ المدينةِ إلى المُختارِ
وعندما انتهى إلى النَّدِيِّ = سوَّدَهُ خيرُ بَني لُؤَيِّ
على الجميعِ أو على الأنصارِ = لا غَيْرِهِمْ عندَ بَني نِزَارِ
ورَاوَدَتْهُ قَوْمُهُ أن يَحْكُمَا = بِغَيْرِ ما حكم فيهم فاحتمى
لدمهم خندقَ أفضلُ لُؤَيْ = ومعهم في كلِّ كُربةٍ حُيَيْ
وعندما انتهى الحصارُ استشهدَا = واهْتزَّ عرشُ اللهِ حينَ برَدَا
وخَفَّ نعشُهُ على عظَمَتهْ = إذ الملائكةُ منْ حملتِهْ
(20) غزوة بني لحيان
ثمَّ غزا لحْيَانَ جرَّاءَ الرَّجيعْ = فاحتضنوا بكل باذخٍ منيعْ
بعثُ الرَّجيع ستَّةٌ أو عشرَهْ = لِحيانُ حيٌّ من هُذيلٍ غُدَرَهْ
والعضلُ والقارَةُ نجلاَ الهُونِ = نجلِ خزيمةٍ سعوا في الهُونِ
وأربعُوا بئر معونةَ الغُرَرْ = إبنُ الطفيل عامرٌ فيهمْ خفَرْ
أبا براءِ وكِلاَ البعثيْنِ = قد أُرسلا ليرشدا للدِّينِ
(21) غزوة الغابة ( غزوة ذي قرد)
فغزْوَةُ الغابة وهي ذو قرَدْ = خرجَ في إثر لقاحِهِ وجَدْ
وناشَهُم سلمَةُ بنُ الأكوع = وهوَ يقولُ اليومُ يومُ الرُّضَّعِ
وفرضَ الهادي لهُ سهمينِ = لسبقهِ الخيلَ على الرِّجْلَيْنِ
واستنقَذُوا من ابن حصنٍ عشْرَا = وقسم النبيُّ فيهمْ جُزْرَا
وأقبلتْ إمرأَةُ الغفاري = قتيلِ نهبِ إبلِ المختارِ
وهيَ على راحلةٍ من ذي الإبلْ = قدْ نذرتْ إهلاكها حينَ تصلْ
ومرَّ في طريقهِ بالمالحِ = بيانِ ذا اللقبُ غيرُ صالحِ
فغيَّرَ اسمَهُ وغيَّر الإلهْ = صفتَهُ وبعدَ ذلك اشتراهْ
طلْحَةُ بالفيَّاضِ سمَّاهُ النبي = إذ قد تصدَّقَ به ليثربِ
فالطَّلَحاتُ خمسةٌ سوى العلَمْ = فطلحةُ الجُودِ ابنُ عمِّهِ الخَضَمْ
وطلحةُ الخير وطلحةُ النَّدى = إلى الحُسينِ وابنِ عوفٍ أُسنِدا
وطلحةُ الدَّراهم العتيق = جدُّ أبيه بالعُلا حقيقُ
سادسها طلحتُها الخزاعي = أجودُهم كُلا بلا نزاعِ
في سنةٍ وهب ألفَ جاريهْ = فأولدت عُفاتُهْ جواريهْ
ألفَ غُلامٍ باسمه سمَّى إلاما = جميعُهُمْ لمثلها فهيئَمَا
وبعدها انتهبها الأولى انتهوْا = لغايةِ الجهد وطيبةَ اجتووا
فخرجوا وشربوا ألبانها = ونبذوا إذْ سمنُوا أمانها
فاقتصَ منهم النبي أن مثَّلوا = بعبده ومُقلتيه سمَلُوا
(22) غزوة المريسيع (بني المصطلق )
ثم المريسيع أو المصطلقُ = كلاهُمَا على الغزاةِ يطلقُ
لم ينفَلِتْ منهمْ أنيسٌ وسبَا = غيرَ رجالٍ عشرةٍ قدْ نهبا
أعمارهُم وسُبِيَتْ جُويريَهْ = ووهَبَ السَّبْيَ لها لتدْرِيَهْ
وأسلموا بعدُ وفي منْ فُسِّقَا = أرسلَهُ الهادي لهُم مصدِّقا
{إن جاءكم فاسق} انزلَ وهُمْ = خُزاعةٌ مصطلقٌ جدٌّ لهُمْ
وأفزَعَتْ ريحٌ خيارَ النَّاتِ = فقال لا باس بموتِ عاتِ
فوجدوا كهف المنافقينا = رفاعَةً يومئذٍ دَفينا
وهو النِّفاقُ في الشُّيوخِ لا الشَّبَابْ = والخيرُ كلُّ الخير في عصر الشَّبابْ
ووردت واردةُ العَرَمْرَمِ = فافتَتَنَ الواردُ في المُزْدَحَمِ
فاستصرخ الأنصار فارطٌ لهمْ = لطَمَهُ من نَالَهُ معروفُهُمْ
واستصرَخَ المهاجرين اللَّذْ كَسَرْ = عصَا النبي جهجَاهُ عاملُ عُمَرْ
وقال فيها ابنُ أُبيٍّ منكرا = وعاه زيدٌ مُوقناً وما امترى
وحلف الفاجرُ ما قال المقالْ = وصدَّقَتْهُ للمكانةِ رجالْ
فأنزل الله لئن رجعنا = إلى المدينةِ ليخْرِجَنَّا
وعرَك النبيُّ أُذنِ الواعي = زيدِ بن أرقمٍ ذي الاستمتاعِ
أن شهدَ الله على المنافقين = بالكذبِ المحضِ وأوْلاَهُ اليقينْ
والإفكُ في قفولهم ونُقِلا = أن التيمُّم بها قد أنزلاَ
(23) غزوة الحديبية
ثمَّ الحدييبةُ ساقَ البُدْنَا = معتمراً وما بحرْبٍ اعتنى
ومن سوى المخلفين استنفرا = عرمرما وصدَّ عن أمّ القرى
وما انثنى بالجيش حتى اقعنسستْ = عن مكة ناقته إذ حبستْ
فاستنزل الناس ولا ماء لهم = فاستنبطوا بالسهم ما أعلَّهم
وعلّهم أيضا بهذي الغزوةِ = ما كان عن صُبابةٍ في ركوةِ
وجمعوا له بقايا الزاد = فخُولوا منها سوى المعتادِ
وكم قليل غير ذاك كُثِّراَ = وكم قليبِ بالمعين فجِّرا
وبايعوه بيعةَ الرضوانِ = إذ قيل قدْ عدوا على عثمان
وعقروا جمَلَهُ الثعلب إذْ = أرسله تحت الخزاعيِّ المُغِذْ
وكانَ ممَّن بعثوه يسترِدْ = نبيَّنا مكرَزُ عُروَةُ الحَرِدْ
والحارثيُّ المُتَأَلِّهُ الذي = هو لهم بردِّ أحمدٍ بذي
ولم تزلْ بينهمُ المراجعهْ = حتى أتى سُهَيْلُهُمْ فاسترْجَعَهْ
لولا نبيُّ الرحمةِ المُوَفَّقُ = للرُّشدِ في آرائهِ لمُزِّقُوا
أسلَمَ بعدَ عوْدِهِ بالعُظَمَا = أكثرُ ممَّنْ كان قبلُ أسلَمَا
وفسروا بذلك الفتح المبين = وفيه إبقاءٌ على المستضعفين
وبعثوا جملَ عمرو بن هشامْ = هدياً وإنكاءً إلى البيت الحرام
ونحروا وحلقوا وحملتْ = شعورهم للبيت ريحٌ قد غلتْ
وأغلظوا في الصلح حتى أبرما = ومنه ردُّ من أتاه مسلما
وهمْ عليهم بعد ردِّهم وبال = إذ أخذوا الطرق على صهبِ السِّبالْ
وانتدبوا لقوله في الندب = سيدهم هذا محشُّ حربِ
واستعطفوا خيرَ الورى بالرَّحم = في صرفهم إليهم عن أرضهم
و (سورة الفتح) لدى القفولِ = أنزلها الله على الرسولِ
(24) غزوة خيبر
ثم لخيبرٍ ورشح النبي = حيدرةً وبالعقاب قد حبي
وفازَ بالفتح وكان ترَّسا = ببابِ حصن لا يزاحُ إِذ رَسَا
وغلَّ قاتِل سليل مسلَمهْ = لصنْوِهِ محمدٍ وأسلمهْ
وغال مرحباً وقدَّ حجرا = من يابس الصخر به تمغفرا
وعامر بن الأكوع استنشده = خير الورى وقال إذ أنشده
والله لولا الله ما اهتدينا = ولا تصدقنا ولا صلينا
وإذ ترحم للإنشاد عليه = هلك من رجوع سيفهِ إليه
واستشعر الفاروق أن يستشهدا = وأخبر الهادي به بادٍ بدا
وقلت تسعون من يهودا = واستشهدت (يهٍ) ولا مزيدا
(25) غزوة وادي القرى
ومرّ راجعاً إلى وادي القرى = فشاطرت يهوده خير والورى
وأهلكوا غلامهُ ذا الشملَهْ = أغلها فهي عليه
(26) غزوة مؤتة
ثم إلى الروم النبيُّ استفرا = بمؤتةٍ جيشاً عليه أمرا
زيدَ بن حارثة ثم جعفرا = فابن رواحة ولأياً انبرا
ورفُعت للهاشميِّ المعركهْ = فعاين الذي أتوا وأدركه
(27) غزوة الفتح الأعظم
ثم إلى الفتح الخزاعيُّ ذمَرْ = عشرةَ آلافٍ فعزَّ وانتصرْ
وهوَ الذي تهللتْ لنصره = سحابةٌ ومن بليغ شعره
يا ربِّ إني ناشدٌ محمدا = حلَفْ أبينا وأبيه الأتلَدَا
لدعوة النبي أُخِّرَ الخبرْ = عن مكةٍ فلم يُورِّ بَل جَهضرْ
وخاب صخرٌ إذ أتى يرْأبُ مَا = أَثْآهُ غَدْرُ قَومِهِ فَانْفَصَمَا
وحاطبٌ إبنُ أبي بلتعةِ = أرسل إذ زحوفه شرعت
فأخبر الهادي بها فأرسلا = من جاءه كرها بها وامتثلا
وللنبي عرض ابن عمته = ونجلُ عمِّهِ عزيز فِئته
وعنهما أعرض جرَّا مأثمه = فاستشفعا له بأُم سلمهْ
وأقبلت جنود صفوةِ الأممْ = أمامهُ حتى انتهوا إلى الحرم
وضربت له هناك قبهْ = أرضى بها الله وأرضى حزبه
فاحترم الحرم إذ هو الحرمْ = محرمٌ مؤمنٌ ممن هجمْ
وحِينَ حلَّ بإزاء الحرمِ = أمَرَ أنْ يُوقدَ كل مسلمِ
ناراً فأبصرَ أبو سفيانا = وكان يرتَقِبُهُ النيرَانا
فارتاع فانسل إذنْ عمُّ النبي = فالتقيا فجا به عن كثبِ
وزعم ابنُ قيسٍ أن سيُحْفِدا = رجالهم خلته وأنشدا
إن يغلبوا اليوم فما لي علَّهْ = هذا سلاحٌ كاملٌ وألهْ
وشهدا المأزق فيه حطما = رمزُ (يبٍ) من قومهِ فانهزما
وجاء فاستغلقَ بابه البتولْ = فاستفهمتهُ أين ما كنتَ تقولْ
فقال والفزعُ زًَعفرَ دمهْ : = إنكِ لو شهدتِ يومَ الخندِمَهْ
إذ فرَّ صَفْوان وفرَّ عِكرمهْ = واستقبلتنا بالسيوفِ السلِمهْ
وفاذ من لاذ بهِ واسترْحمه = يومئذٍ إذ هو يومُ المرحمهْ
كابنِ أبي سرحٍ وزير الخلفا = وناخسِ البكرِ ببنتِ المصطفى
وهلكت لنخسهِ وألقت = ذا بطنها والبرحَ منه لاقت
بحرقهِ أمرَ ثم رجعا = لقتلهِ والنارَ عنه دفعا
وبعد ما أشفى على الإحراقِ = تداركته رحمة الخلاَّق
فحقن الله بالإسلام دمهْ = سبحانه من راحم ما أرحمهْ
أحنى وأرأف من الأم بنا = وهكذا رسوله كان لنا
يدخلنا الجنة إلا من شرَدْ = عنه وعن توحيده أبي وصدْ
يقرب بالذراع أو بالباعِ = للمُدَّني بشبرٍ أو ذراعِ
ومن أتى يمشي أته هرولهْ = فضاعف الأجر له وأجزلهْ
يُضاعف الأجر لسبع مئة = ففوقُ يؤجر بحسن النِّيةِ
من لُطفهِ أن صحائف الذنوبْ = وهي عَظيمةٌ تروِّع القلوبْ
لا تزن التهليل في بطاقهْ = كأنها الظفر في الدقاقهْ
بسببه من سبَّهُ آنسهُ = نبينا أن عيروه نخسه
صلى عليه الله ما أحلمهُ = عنْ سيء الحوبِ وما أكرمهُ
وكأبي سفيان وابن عمته = وكابن عمهِ وأهل بكتِهْ
واختلفوا فيها فقيل أمنيتْ = وألحق عنوةً وكرهاً أُخذتْ
وأخبر النبيَّ بارئُ النسمْ = بقولهم يسكن بعدها الحرمْ
وبالذي قالوه إذ لم يُرهقا = تداراكته رحمةٌ فأشفقا
وبالذي قالوه في المؤذنِ = وبالذي به فضالةٌ عني
وأخذ المفتاح ثم ردهُ = عنْ رَغمْ قومه الذين عنده
(28) غزوة حنين
ثم إلى وادي حنين انحدرْ = عن مكةٍ من الألوف اثنا عشرْ
فوجدوا هوازناً تأهبوا = بكل مخْرمٍ لهم وألبوا
وبينما الجيش إليهم ينحدرْ = بغلسٍ شدوا إليه وهو غِرْ
فاستنفروا بهمْ لذلك الرِّكابْ = وأدبرت تخدي بهم غلبُ الرقابْ
واستنزلوا وادَّرَعوا وهي تَمُرْ = مرَّ جهامٍ بالبهاليل نفرْ
فاقتحموا عنها وآبوا للنبي = وزحزحوا عنهُ زحوفَ العرب
فأرسل الله جنود الفرج = وقبضةُ الترب قضت بالفلح
وثبتْ مع النبي طائفهْ = من أهل بيتهِ وممنْ ألفهْ
حيدرةٌ والعمران وأبو = سفيان جعفر ابنهُ المنتخب
وعمه ربيعةُ العباسُ = وفضلهُ أسامة الأكياسُ
وأيمنُ ابن أمهِ والعبدري = شيبةُ رامَ غدر خير مضرِ
فصده عما نوى فضربه = نبينا في صدره فجذبه
ووقف السبي إلى أن رجعا = من طائفٍ لعل أن يسترجعا
أعطى عطايا شهدت بالكرم = يومئذٍ له ولمْ تُجمجِمِ
وكيف لا ومستمَدُّ سيبهِ = من سيبِ ربٍّ ذي عنايةٍ به
أعْطى عطايا أخجلت دُلحَ الدِّيمْ = إذ ملأتْ رُحبَ الفضا من النَّعَمْ
زُهاء ألفيْ ناقةٍ منها وما = ملأ بين جبلين غنما
لرجلٍ وبله ما لحقهْ = منها ومن رقيقهِ وورقهْ
منها أفاد العمَّ ما ناء به = فهال منه عمُّهُ عن ثوبهِ
ووكلَ الأنصار خير العالمين = لدينهم إذ ألف المؤلفينْ
فوجدوا عليه أنْ منعهم = فأرسل النبي من جمعهم
وقال قولاً كالفريد المونِقِ = عن نظمِهِ ضعفَ سِلْكُ منطقي
وأدك الفلَّ بأوطاسَ السَّري = عم أبي موسى الشجاع الأشعري
وغال تسع إخوةٍ مبارزه = وفرَّ عاشرٌ لدى المبارزة
وإذ توى دوخهم حفيده = وجاء بالفلِّ وهم عبيدهُ
( 29) غزوة الطائف
فلثقيفٍ وهي في حصونِ = بطائفٍ أقْبلَ من حنينِ
فسألوه الكف عن قطع الكرَمْ = بالله والرحم فارتادوا الكرمْ
فهابه والمنجنيقَ ضربَا = وسئلَ الدعا عليهم فأبى
ونوفل استشاره في أمره = فقال همْ كثعلبٍ في حجرهِ
(30) غزوة تبوك
ثم لرومٍ بتبوك استنفرا = (لامَ) أُلوفٍ عامَ عُسرٍ اعترى
ومعهم لحربه ألب له = غسِّانُ لَخْمٌ وجُذامُ عاملهْ
وحضَّ الاغْنِيَا على الحملانِ = ونكصوا دونَ مدى عثمانِ
على بعيرٍ عشرةٌ تعتقبُ = وعزّ مطعمٌ وعزَّ مشربُ
يقتسم النَّفرُ تمرةً ومنْ = فرثٍ الأباعِرِ شرابٌ قد يعنْ
وقعد الباكون والمعذرونْ = وعسكرت فربتِ المنافقونْ
وقعد الثلاثةُ الذينا = تابَ عليهم ربنا يقينا
كعب بن مالك مُرارةُ الربيعْ = وابن أُميَّةٍ هلالٌ الرفيعْ
وأبَوا خيثمةٍ وذرِّ = قدْ لحقا وجاء أرضَ الحجرِ
فذبَّ عن مياههِ وأمرَا = أن لا يمرَّ أحدٌ كما يرى
فعقَّهُ المخنوقُ فوقَ مذهبهِ = ومن وفودُ طيىءٍ أتته بهْ
فأصبح الناس ولا ماء لهم = فأرسل الله سحابةً تؤمْ
على تخلُّفٍ بطيبةٍ علي = خُص بسهمين بسهمه العَلِي
وسهم جبريل وكان حضرا = وبذْلهُ به النبي أمراً
وقال إذا أضل راحلتهُ = مجرمهمْ ما قال فانتبه
ونزلت ْ يومئذٍ في مخشنِ = وصحبهِ {كنا نخوض} فاعتنِ
[ أَسألُ اللهَ أَنْ يَنفَعَ بِهَا إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ ]
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع