- إنضم
- 26 نوفمبر 2011
- المشاركات
- 114
- النقاط
- 16
- الموقع الالكتروني
- www.ahlalhdeeth.com
- احفظ من كتاب الله
- كاملا
- القارئ المفضل
- الحصري
هذه قصة مجاهد ، نقلتها من مخطوطة " سُفْرة الزاد لسَفَرَة الجهاد " للإمام الآلوسي رحمه الله
قال : روى .. نافع بن عبد الله قال : قال لي هشام بن يحيى الكناني : ألا أحدثكم حديثا عما رأيته بعيني و سمعته بأذني و شهدته بنفسي و نفعني الله تعالى به ، فعسى أن ينفعك ، قلت : حدثني يا أبا الوليد ، قال : غزونا أرض الروم سنة ثمان و ثمانين و كان معنا رجل يقال له سعيد بن الحارث ذو حظ من العبادة يصوم النهار و يقوم الليل ، فإن سرنا درس القرآن ، و إن أقمنا ذكر الله تعالى ، فجائت ليلة خفنا فيها فخرجت أنا و إياه نحرس و نحن محاصرون حصنا من الحصون ، و قد استصعب علينا أمره ، فرأيت من سعيد في تلك الليلة من العبادة والصبر على النصب ما تعجبت منه ، فلما طلع الفجر قلت له : رحمك الله تعالى ، إن لنفسك عليك حقا فلو أرحتها ، فبكى و قال : يا أخي إنما هي أنفاس تعد و عمر يفنى و أيام تنقضي ، و أنا رجل أرتقب الموت ، و أبادر خروج نفسي ، قال هشام : فأبكاني ذلك فقلت له : أقسمت عليك بالله تعالى إلا ما دخلت الخباء ( ق 11 / 2 ) و استرحت ، فدخل فنام ، و أنا جالس ظاهر الخباء ( فسمعت كلاما في الخباء ) فقلت في نفسي ما في الخباء سواد ، فتقدمت قليلا فإذا به يضحك في نومه و يتكلم ، فحفظت من كلامه : ما أحب أن أرجع ، ثم مد يده اليمنى كأنه يلتمس شيئا ثم ردها ردا رفيقا و هو يضحك ، ثم قال : و الليلة ، و وثب من نومه و هو ينتفض ، فاحتضنته إلى صدري مليا و هو يلتفت يمينا و شمالا حتى ( سكن ) و عاد إليه فهمه ، و جعل يهلل و يكبر ، فقلت : ما الخبر ؟ فقال : خير ، فقلت حدثني فقد سمعتك تقول : ما أحب أن أرجع ، و رأيتك مددت يدك ثم رددتها ، فقال : لا أخبرك ، فأقسمت عليه ، قال : أوَ تكتم عني ما حييت ؟ قلت : بلى ، قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، و خرج الخلق من قبورهم شاخصين منتظرين أمر ربهم ، فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجلان لم أر أحسن منهما فسلما علي فرددت عليهما السلام ، فقالا : يا سعيد أبشر فقد غفر ذنبك ، و شكر سعيك ، و قبل عملك ، و استجيب دعاؤك ، و عجلت لك البشرى ، فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله تعالى لك من النعيم ، قال : فانطلقت معهما حتى أخرجاني عن جملة الموقف ، و إذا أنا بخيل لا تشبه خيل الدنيا ، إنما هي كالبرق الخاطف ، أو كهبوب الريح ، فركبنا و سرنا فانتهينا إلى قصر شاهق ما يبلغ الطرف منتهاه كأنه صيغ من فضة ، و له نور يتلألأ ، فلما وصلنا إليه انفتح بابه من قبل أن نستفتح ، فدخلنا فرأينا شيئا لا يبلغه وصف واصف ، و لا يخطر على قلب بشر ، و فيه من الحور العين و الوصائف و الولدان بعدد النجوم ، فلما رأونا أخذوا في ألوان من القول الحسن بأنغام مختلفة يقولون : هذا ولي الله قد جاء فمرحبا به و أهلا ، فسرنا حتى انتهينا إلى مجالس ذات أسرة من ذهب مكللة بالجواهر محفوفة بكراسي من ذهب و على كل سرير منها جارية لا يستطيع أحد من الخلق أن يصفها ، و في وسطهن واحدة عالية عليهن في طولها و كمالها و جمالها فقال الرجلان : هذا منزلك ، و هؤلاء أهلك ، و هنا مقيلك ، ثم انصرفا عني ، فوثب الجواري إلي بالترحيب و الاستبشار كما يكون من أهل الغائب عند قدومه عليهم ، ثم حملنني حتى أجلسوني على السرير الأوسط إلى جانب الجارية فقلن : هذه زوجتك ، و لك أخرى مثلها ، و قد طال انتظارنا لك ، فكلمتها و كلمتني ، فقلت : أين أنا ؟ قالت : في جنة المأوى ، فقلت : من أنت ؟ قالت : أنا زوجتك الخالدة ، فقلت : فأين الأخرى ؟ قالت : في القصر الآخر ، فقلت أقيم اليوم عندك ، و أتحول في غد إلى الأخرى ، ثم مددت يدي إليها فردتها ردا رفيقا ، فقالت : أما اليوم فلا ، فإنك راجع إلى الدنيا ، و ستقيم ثلاثا ، فقلت : ما أحب أن أرجع ، فقالت : لابد من ذلك ، و ستفطر عندنا بعد الثلاث ، ثم نَهَضَتْ من مجلسنا فنهضت لوداعها فاستيقظت ، قال هشام : ( ق 12 / 1 ) فغلبني البكاء ، و قلت : هنيئا لك يا سعيد ، جدد لله تعالى شكرا ، فقد كشف لك عن ثواب عملك ، فقال : هل رأى أحد غيرك ما رأيت ؟ قلت : لا ، قال : بالله تعالى عليك اكتم علي ما دمت في الحياة ، ثم قام فتطهر و مس الطيب و أخذ سلاحه و سار إلى موضع القتال و هو صائم ، فقاتل إلى الليل ثم انصرف ، فتحدث الناس بقتاله ، و قالوا : ما رأيناه فعل مثل اليوم ، لقد كان يطرح نفسه تحت سهام القوم و حجارتهم ، و كل ذلك ينبو عنه : فقلت في نفسي : لو يعلمون شأنه لما استغربوا عمله ، ثم مكث قائما إلى آخر الليل ، ثم أصبح صائما ، فقاتل أشد من الأول ، ثم مكث قائما إلى آخر الليل ، ثم أصبح صائما ، فقاتل أبلغ من كل يوم ، قال هشام : فانطلقت معه لأنظر ماذا يكون من أمره ، فلم يزل يلقي نفسه في المهالك غالب النهار ، و لا يصل إليه شيئ ، حتى إذا دنا غروب الشمس جاءه سهم في نحره فخر صريعا و أنا أنظر إليه ، فضجت الناس و بادروا إليه فأخذوه و جاءوا به يحملونه ، فلما رأيته قلت له : هنيئا لك ما تقدم عليه الليلة ، يا ليتني كنت معك ، قال : فعض على شفتيه و هو يضحك ثم قال : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم مات رحمه الله تعالى ، قال هشام : فصحت ، يا عباد الله : لمثل هذا فليعمل العاملون ، فاسمعوا ما أخبركم به عن أخيكم هذا ، فأقبل الناس فحدثتهم بالحديث على وجهه و ما كان منه ، فما رأيت باكيا كالساعة ، ثم كبرنا تكبيرة اضطرب لها العسكر و شاع الحديث و بلغ الخبر إلى مسلمة بن عبد الملك – و كان أمير الجيش – فجاء و وقف معنا لنصلي عليه فقلت : تقدم صل عليه أيها الأمير ، فقال : بل يصلي عليه الذي عرف من شأنه ما عرف ، فتقدمت و صلينا عليه ، و بات الناس يتحدثون به ، فلما طلع الصباح تذاكر الناس حديثه فصاحوا صيحة واحدة و حملوا على العدو و فتح الله تعالى الحصن في ذلك النهار ببركته ، تغمده الله تعالى برحمته .
قال : روى .. نافع بن عبد الله قال : قال لي هشام بن يحيى الكناني : ألا أحدثكم حديثا عما رأيته بعيني و سمعته بأذني و شهدته بنفسي و نفعني الله تعالى به ، فعسى أن ينفعك ، قلت : حدثني يا أبا الوليد ، قال : غزونا أرض الروم سنة ثمان و ثمانين و كان معنا رجل يقال له سعيد بن الحارث ذو حظ من العبادة يصوم النهار و يقوم الليل ، فإن سرنا درس القرآن ، و إن أقمنا ذكر الله تعالى ، فجائت ليلة خفنا فيها فخرجت أنا و إياه نحرس و نحن محاصرون حصنا من الحصون ، و قد استصعب علينا أمره ، فرأيت من سعيد في تلك الليلة من العبادة والصبر على النصب ما تعجبت منه ، فلما طلع الفجر قلت له : رحمك الله تعالى ، إن لنفسك عليك حقا فلو أرحتها ، فبكى و قال : يا أخي إنما هي أنفاس تعد و عمر يفنى و أيام تنقضي ، و أنا رجل أرتقب الموت ، و أبادر خروج نفسي ، قال هشام : فأبكاني ذلك فقلت له : أقسمت عليك بالله تعالى إلا ما دخلت الخباء ( ق 11 / 2 ) و استرحت ، فدخل فنام ، و أنا جالس ظاهر الخباء ( فسمعت كلاما في الخباء ) فقلت في نفسي ما في الخباء سواد ، فتقدمت قليلا فإذا به يضحك في نومه و يتكلم ، فحفظت من كلامه : ما أحب أن أرجع ، ثم مد يده اليمنى كأنه يلتمس شيئا ثم ردها ردا رفيقا و هو يضحك ، ثم قال : و الليلة ، و وثب من نومه و هو ينتفض ، فاحتضنته إلى صدري مليا و هو يلتفت يمينا و شمالا حتى ( سكن ) و عاد إليه فهمه ، و جعل يهلل و يكبر ، فقلت : ما الخبر ؟ فقال : خير ، فقلت حدثني فقد سمعتك تقول : ما أحب أن أرجع ، و رأيتك مددت يدك ثم رددتها ، فقال : لا أخبرك ، فأقسمت عليه ، قال : أوَ تكتم عني ما حييت ؟ قلت : بلى ، قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، و خرج الخلق من قبورهم شاخصين منتظرين أمر ربهم ، فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجلان لم أر أحسن منهما فسلما علي فرددت عليهما السلام ، فقالا : يا سعيد أبشر فقد غفر ذنبك ، و شكر سعيك ، و قبل عملك ، و استجيب دعاؤك ، و عجلت لك البشرى ، فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله تعالى لك من النعيم ، قال : فانطلقت معهما حتى أخرجاني عن جملة الموقف ، و إذا أنا بخيل لا تشبه خيل الدنيا ، إنما هي كالبرق الخاطف ، أو كهبوب الريح ، فركبنا و سرنا فانتهينا إلى قصر شاهق ما يبلغ الطرف منتهاه كأنه صيغ من فضة ، و له نور يتلألأ ، فلما وصلنا إليه انفتح بابه من قبل أن نستفتح ، فدخلنا فرأينا شيئا لا يبلغه وصف واصف ، و لا يخطر على قلب بشر ، و فيه من الحور العين و الوصائف و الولدان بعدد النجوم ، فلما رأونا أخذوا في ألوان من القول الحسن بأنغام مختلفة يقولون : هذا ولي الله قد جاء فمرحبا به و أهلا ، فسرنا حتى انتهينا إلى مجالس ذات أسرة من ذهب مكللة بالجواهر محفوفة بكراسي من ذهب و على كل سرير منها جارية لا يستطيع أحد من الخلق أن يصفها ، و في وسطهن واحدة عالية عليهن في طولها و كمالها و جمالها فقال الرجلان : هذا منزلك ، و هؤلاء أهلك ، و هنا مقيلك ، ثم انصرفا عني ، فوثب الجواري إلي بالترحيب و الاستبشار كما يكون من أهل الغائب عند قدومه عليهم ، ثم حملنني حتى أجلسوني على السرير الأوسط إلى جانب الجارية فقلن : هذه زوجتك ، و لك أخرى مثلها ، و قد طال انتظارنا لك ، فكلمتها و كلمتني ، فقلت : أين أنا ؟ قالت : في جنة المأوى ، فقلت : من أنت ؟ قالت : أنا زوجتك الخالدة ، فقلت : فأين الأخرى ؟ قالت : في القصر الآخر ، فقلت أقيم اليوم عندك ، و أتحول في غد إلى الأخرى ، ثم مددت يدي إليها فردتها ردا رفيقا ، فقالت : أما اليوم فلا ، فإنك راجع إلى الدنيا ، و ستقيم ثلاثا ، فقلت : ما أحب أن أرجع ، فقالت : لابد من ذلك ، و ستفطر عندنا بعد الثلاث ، ثم نَهَضَتْ من مجلسنا فنهضت لوداعها فاستيقظت ، قال هشام : ( ق 12 / 1 ) فغلبني البكاء ، و قلت : هنيئا لك يا سعيد ، جدد لله تعالى شكرا ، فقد كشف لك عن ثواب عملك ، فقال : هل رأى أحد غيرك ما رأيت ؟ قلت : لا ، قال : بالله تعالى عليك اكتم علي ما دمت في الحياة ، ثم قام فتطهر و مس الطيب و أخذ سلاحه و سار إلى موضع القتال و هو صائم ، فقاتل إلى الليل ثم انصرف ، فتحدث الناس بقتاله ، و قالوا : ما رأيناه فعل مثل اليوم ، لقد كان يطرح نفسه تحت سهام القوم و حجارتهم ، و كل ذلك ينبو عنه : فقلت في نفسي : لو يعلمون شأنه لما استغربوا عمله ، ثم مكث قائما إلى آخر الليل ، ثم أصبح صائما ، فقاتل أشد من الأول ، ثم مكث قائما إلى آخر الليل ، ثم أصبح صائما ، فقاتل أبلغ من كل يوم ، قال هشام : فانطلقت معه لأنظر ماذا يكون من أمره ، فلم يزل يلقي نفسه في المهالك غالب النهار ، و لا يصل إليه شيئ ، حتى إذا دنا غروب الشمس جاءه سهم في نحره فخر صريعا و أنا أنظر إليه ، فضجت الناس و بادروا إليه فأخذوه و جاءوا به يحملونه ، فلما رأيته قلت له : هنيئا لك ما تقدم عليه الليلة ، يا ليتني كنت معك ، قال : فعض على شفتيه و هو يضحك ثم قال : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم مات رحمه الله تعالى ، قال هشام : فصحت ، يا عباد الله : لمثل هذا فليعمل العاملون ، فاسمعوا ما أخبركم به عن أخيكم هذا ، فأقبل الناس فحدثتهم بالحديث على وجهه و ما كان منه ، فما رأيت باكيا كالساعة ، ثم كبرنا تكبيرة اضطرب لها العسكر و شاع الحديث و بلغ الخبر إلى مسلمة بن عبد الملك – و كان أمير الجيش – فجاء و وقف معنا لنصلي عليه فقلت : تقدم صل عليه أيها الأمير ، فقال : بل يصلي عليه الذي عرف من شأنه ما عرف ، فتقدمت و صلينا عليه ، و بات الناس يتحدثون به ، فلما طلع الصباح تذاكر الناس حديثه فصاحوا صيحة واحدة و حملوا على العدو و فتح الله تعالى الحصن في ذلك النهار ببركته ، تغمده الله تعالى برحمته .
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع