طالب الماهر
مدير عام
- إنضم
- 15 مارس 2012
- المشاركات
- 946
- النقاط
- 16
- الإقامة
- غرف الماهر الصوتية
- الموقع الالكتروني
- www.qoranona.com
- احفظ من كتاب الله
- .
- احب القراءة برواية
- ورش عن نافع من طريق الأزرق
- القارئ المفضل
- المنشاوي - الحصري
- الجنس
- أخ
قصتي مع كتاب :
هذه المرة سأذكر لكم كتابا اشتريته من مكتبة في الاسكندرية سنة ١٤٠١ هـ ، وعمري حينها ستة عشر عاما .
وهو كتاب معاصر في سيرة الإمام أحمد بعنوان ( أحمد بن حنبل : إمام أهل السنة ) لعبدالحليم الجندي ، وطبع دار المعارف . وهو كتاب تجاوزت صفحاته الخمسمائة ، وفيه صياغة جميلة ، وقدر من التحليل لسيرة هذا الإمام الآسرة ، وفيه أسلوب عرض يدل أن كاتبه كان محبا صادقا للإمام أحمد .
اقتنيت هذا الكتاب مع مجموعة كتب في سير الأئمة ، ولكنه كان الأثير لدي .
وكنا سنتها نقضي عامة الإجازة الصيفية مع الوالد والأسرة كلها في الإسكندرية ، وفي المعمورة على وجه الخصوص ، وكانت المعمورة حينها درة شواطئ مصر ، وفيها قصر الرئيس السادات ، وعامة الوجهاء والأثرياء ، وكان هذا الحي لا يدخله غير ساكنيه ؛ إلا بدفع تذكرة ، حفاظا على خصوصيته !
وكان والدي (رحمه الله) قد استأجر شقتين في عمارة واحدة : إحدى الشقتين له ولوالدتي خاصة ، الأخرى لنا نحن أولاده .
ولكم أن تتخيلوا شابا في ذلك السن ، يعيش حياة مترفة ، ونحن على قرب شاطئ لا تتكسر أمواجه حتى تنكسر قبلها القلوب ، وتفتك أنسامه بالمهج .
وصادف أيضا أن غرفة نومي كانت تطل على الشارع ، وأمام عمارتنا في الجهة المقابلة للشارع ، كانت هناك قاعة ، يقام فيها كل يوم احتفال ، نسمع ضجيج موسيقاه ، ونشاهد أضواءه القانية، ونرى مرتاديه من الشباب والفتيات . وعلمنا حينها أنهم كانوا يقيمون مسابقة لأجمل رقص بين شاب وفتاة ، يرقصان سويا !!!
وهذا قبل الصحوة ، وقبل شيوع الحجاب في مصر وغيرها .
ومع أني لم أفكر يوما بالذهاب لمكان هذا الاحتفال اليومي ، لا أنا ولا أحد من إخوتي . لكن لكم أن تتخيلوا مقدار الصراع النفسي الذي كنت أعيشه ، وأنا أشاهد العشاق يتبادلون الأيدي وما فوق الأيدي ، وهم في أبهى زينة في الليل . ثم أراهم في النهار ، بلا زينة ؛ إلا زينة الخلقة الجميلة !!
وفي هذه الأجواء الصاخبة بالفتنة ، والعاطفية حينا بالغرام بالغرام ، والشهوانية حينا بالغريزة الفطرية ، كنت أعكف على قراءة سيرة الإمام أحمد !!!!
لا تعلمون أي غليان كانت تغلي به نفسي وأنا أننقل من هذا الواقع الذي يحيط بي مرآه ومسمعه ومشاعره ، إلى منزل الإمام أحمد في بغداد ، وهو يخرج قبل الفجر للتبكير في كتابة الحديث ، وهو يذاكر الحفاظ رواياته ، وهو يماشي أئمة الزهد والعلم ، وهو ينال إكبار شيوخه وإجلال أقرانه بورعه المنقطع النظير وهيبة جِدّه وعلمه الغزير .
لقد كنت أقرؤه ليلا ، وأصوات الموسيقى لا تقطعها إلا قهقهات الفتيات مع الشباب ، حتى قبيل الفجر ، فلا أسمع إلا قرع كعوب الفتيات ، وهمسات العشاق .
لقد كنت أقلب أحرف الكتاب أتلمس فيها الطهر ، فأجد مدامعي تغسل قلبي قبل ان تغسل عيني ! لقد كنت أبكي ، بل أنتحب .
حتى بلغت قصة محنة الإمام أحمد ، فكدت أشق صدري لأغسله بطهر تلك المشاهد ، وتمنيت أن أعمى فلا أشاهد إلا بطولة ذلك الثبات .
لقد أصبحت تلك المفاتن (والله) وقودا للطهر في نفسي ، وينبوعا لدموع التوبة ، وأصداءً لعويل الندم على الذنوب .
ما زلت أنظر لهذا الكتاب ( أحمد بن حنبل : إمام أهل السنة ) ، فأعيش تلك اللحظات : بحلوها ومرها ، بصراعاتها ، بمعاركها التي تستحق التاريخ ، لو كان الناس يقدرون قيمتها ، وهي معارك لا تقل حربا ضروسا ولا قرعَ سلاحٍ ولا قتلى ولا دويّ انفجارات من المعارك الحسية ، غير أنها معارك تحصل في داخل صدر الإنسان !
دونوها إذن : معركة كتاب ( أحمد بن حنبل ؛ إمام أهل السنة ) وفتنة الحب والغرام والجمال ، في صدر حاتم الشريف ، في معمورة الإسكندية ، سنة ١٤٠١هـ .
بالمناسبة : الكتاب الآن أمامي ، وابتدأت المعركة تتجدد في صدري !
الشريف حاتم بن عارف العوني
هذه المرة سأذكر لكم كتابا اشتريته من مكتبة في الاسكندرية سنة ١٤٠١ هـ ، وعمري حينها ستة عشر عاما .
وهو كتاب معاصر في سيرة الإمام أحمد بعنوان ( أحمد بن حنبل : إمام أهل السنة ) لعبدالحليم الجندي ، وطبع دار المعارف . وهو كتاب تجاوزت صفحاته الخمسمائة ، وفيه صياغة جميلة ، وقدر من التحليل لسيرة هذا الإمام الآسرة ، وفيه أسلوب عرض يدل أن كاتبه كان محبا صادقا للإمام أحمد .
اقتنيت هذا الكتاب مع مجموعة كتب في سير الأئمة ، ولكنه كان الأثير لدي .
وكنا سنتها نقضي عامة الإجازة الصيفية مع الوالد والأسرة كلها في الإسكندرية ، وفي المعمورة على وجه الخصوص ، وكانت المعمورة حينها درة شواطئ مصر ، وفيها قصر الرئيس السادات ، وعامة الوجهاء والأثرياء ، وكان هذا الحي لا يدخله غير ساكنيه ؛ إلا بدفع تذكرة ، حفاظا على خصوصيته !
وكان والدي (رحمه الله) قد استأجر شقتين في عمارة واحدة : إحدى الشقتين له ولوالدتي خاصة ، الأخرى لنا نحن أولاده .
ولكم أن تتخيلوا شابا في ذلك السن ، يعيش حياة مترفة ، ونحن على قرب شاطئ لا تتكسر أمواجه حتى تنكسر قبلها القلوب ، وتفتك أنسامه بالمهج .
وصادف أيضا أن غرفة نومي كانت تطل على الشارع ، وأمام عمارتنا في الجهة المقابلة للشارع ، كانت هناك قاعة ، يقام فيها كل يوم احتفال ، نسمع ضجيج موسيقاه ، ونشاهد أضواءه القانية، ونرى مرتاديه من الشباب والفتيات . وعلمنا حينها أنهم كانوا يقيمون مسابقة لأجمل رقص بين شاب وفتاة ، يرقصان سويا !!!
وهذا قبل الصحوة ، وقبل شيوع الحجاب في مصر وغيرها .
ومع أني لم أفكر يوما بالذهاب لمكان هذا الاحتفال اليومي ، لا أنا ولا أحد من إخوتي . لكن لكم أن تتخيلوا مقدار الصراع النفسي الذي كنت أعيشه ، وأنا أشاهد العشاق يتبادلون الأيدي وما فوق الأيدي ، وهم في أبهى زينة في الليل . ثم أراهم في النهار ، بلا زينة ؛ إلا زينة الخلقة الجميلة !!
وفي هذه الأجواء الصاخبة بالفتنة ، والعاطفية حينا بالغرام بالغرام ، والشهوانية حينا بالغريزة الفطرية ، كنت أعكف على قراءة سيرة الإمام أحمد !!!!
لا تعلمون أي غليان كانت تغلي به نفسي وأنا أننقل من هذا الواقع الذي يحيط بي مرآه ومسمعه ومشاعره ، إلى منزل الإمام أحمد في بغداد ، وهو يخرج قبل الفجر للتبكير في كتابة الحديث ، وهو يذاكر الحفاظ رواياته ، وهو يماشي أئمة الزهد والعلم ، وهو ينال إكبار شيوخه وإجلال أقرانه بورعه المنقطع النظير وهيبة جِدّه وعلمه الغزير .
لقد كنت أقرؤه ليلا ، وأصوات الموسيقى لا تقطعها إلا قهقهات الفتيات مع الشباب ، حتى قبيل الفجر ، فلا أسمع إلا قرع كعوب الفتيات ، وهمسات العشاق .
لقد كنت أقلب أحرف الكتاب أتلمس فيها الطهر ، فأجد مدامعي تغسل قلبي قبل ان تغسل عيني ! لقد كنت أبكي ، بل أنتحب .
حتى بلغت قصة محنة الإمام أحمد ، فكدت أشق صدري لأغسله بطهر تلك المشاهد ، وتمنيت أن أعمى فلا أشاهد إلا بطولة ذلك الثبات .
لقد أصبحت تلك المفاتن (والله) وقودا للطهر في نفسي ، وينبوعا لدموع التوبة ، وأصداءً لعويل الندم على الذنوب .
ما زلت أنظر لهذا الكتاب ( أحمد بن حنبل : إمام أهل السنة ) ، فأعيش تلك اللحظات : بحلوها ومرها ، بصراعاتها ، بمعاركها التي تستحق التاريخ ، لو كان الناس يقدرون قيمتها ، وهي معارك لا تقل حربا ضروسا ولا قرعَ سلاحٍ ولا قتلى ولا دويّ انفجارات من المعارك الحسية ، غير أنها معارك تحصل في داخل صدر الإنسان !
دونوها إذن : معركة كتاب ( أحمد بن حنبل ؛ إمام أهل السنة ) وفتنة الحب والغرام والجمال ، في صدر حاتم الشريف ، في معمورة الإسكندية ، سنة ١٤٠١هـ .
بالمناسبة : الكتاب الآن أمامي ، وابتدأت المعركة تتجدد في صدري !
الشريف حاتم بن عارف العوني
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع