أبو منار عصام
مشرف
- إنضم
- 23 يونيو 2011
- المشاركات
- 2,069
- النقاط
- 38
- الإقامة
- مصر
- احفظ من كتاب الله
- القرآن كاملا
- احب القراءة برواية
- حفص
- القارئ المفضل
- الشيخ محمود خليل الحصري
- الجنس
- أخ
قواعد نبوية [1/50] د. عمر بن عبد الله المقبل ..
الحمد لله الذي خلق فسوّى، وقدّر فهدى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فأكرمه وسدّد أقواله، وعصمه من الزلل فيها، بقوله: "وما ينطق عن الهوى"، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأزواجه، ومن بهداهم اقتدى.
أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته - أيها القراء الكرام - وحياكم الله في أولى سلسلتنا هذه "قواعد نبوية"، والتي تأتي تتمةً لصنوها - التي بُثَّت من خلال أثير: إذاعة القرآن الكريم - قبل سنتين - والذي كان عنوانها: "قواعد قرآنية".
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته - أيها القراء الكرام - وحياكم الله في أولى سلسلتنا هذه "قواعد نبوية"، والتي تأتي تتمةً لصنوها - التي بُثَّت من خلال أثير: إذاعة القرآن الكريم - قبل سنتين - والذي كان عنوانها: "قواعد قرآنية".
أيها الإخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة:
من الأمور المتفق عليها بين المسلمين، أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قد أوتي من الفضائل ما لم يجمعه الله في بشر سواه، ومن جملة هذه الفضائل التي حلاّه الله بها: أنه أوتي جوامع الكلم؛ فاختُصرت له المعاني العظيمة في كلمات قليلة.
من الأمور المتفق عليها بين المسلمين، أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قد أوتي من الفضائل ما لم يجمعه الله في بشر سواه، ومن جملة هذه الفضائل التي حلاّه الله بها: أنه أوتي جوامع الكلم؛ فاختُصرت له المعاني العظيمة في كلمات قليلة.
وجوامع كلمه - كما يقول ابن رجب - نوعان:
"أحدهما: ما هو في القُرآن، كقوله عز وجل: "إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْي"[النحل: 90] قال الحسنُ: لم تترك هذه الآيةُ خيراً إلاَّ أَمرت به، ولا شرّاً إلاَّ نَهَتْ عنه.
والثَّاني: ما هو في كلامه صلى الله عليه وسلم، وهو موجودٌ منتشرٌ في السُّنن المأثورةِ عنه صلى الله عليه وسلم"ا.هـ.(1)
"أحدهما: ما هو في القُرآن، كقوله عز وجل: "إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْي"[النحل: 90] قال الحسنُ: لم تترك هذه الآيةُ خيراً إلاَّ أَمرت به، ولا شرّاً إلاَّ نَهَتْ عنه.
والثَّاني: ما هو في كلامه صلى الله عليه وسلم، وهو موجودٌ منتشرٌ في السُّنن المأثورةِ عنه صلى الله عليه وسلم"ا.هـ.(1)
وإذا أردتَ - أيها القارئ الكريم - أن تكشف عن شيء من وجوه الإعجاز في هذه الجوامع؛ فتذكر أنه أوتيها: "وهو أُمّي مِن أمةٍ أمية، لم يقرأ كتاباً ولا درس علماً، و لا صحِب عالماً ولا معلماً، فأتى بما بهر العقول، وأذهل الفِطَن، مِن إتقانِ ما أبانَ، وإحكامِ ما أظهر، فلم يَعثُر فيه بزلل في قولٍ أو عمل".(2)
"أفصح الناس لساناً، وأوضحهم بياناً، وأوجزهم كلاماً، وأجزلهم ألفاظاً، وأصحهم معاني، لا يظهر فيه هجنة التكلف(3)، ولا يتخلله فيهقة التعسف(4)،... كلامه جامع لشروط البلاغة، ومُعْرِبٌ عن نهج الفصاحة، ولو مزج بغيره لتميز بأسلوبه، ولظهر فيه آثار التنافر، فلم يلتبس حقه من باطله، ولبان صدقه من كذبه، هذا ولم يكن متعاطياً للبلاغة، ولا مخالطاً لأهلها من خطباءَ، أو شعراء، أو فصحاء، و إنما هو من غرائز فطرته، و بداية جبلته، وما ذاك إلا لغاية تراد، وحادثة تشاد!"
ومما خصّه الله به - في هذا المقام - من أوجه الإعجاز: "وضوح جوابه صلى الله عليه وسلم إذا سئل، وظهور حجاجه إذا جودل، لا يحصره عي، ولا يقطعه عجز، و لا يعارضه خصم في جدال إلا كان جوابه أوضح، وحجاجه أرجح،...
ومما خصّه الله به - في هذا المقام -:"تحرير كلامه في التوخي به إبّان حاجته، والاقتصار منه على قدر كفايته، فلا يسترسل فيه هذراً، و لا يحجم عنه حصراً، وهو - فيما عدا حالتي الحاجة والكفاية -: أجملُ الناس صمتاً، وأحسنهم سمتاً صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك حفظ كلامه، حتى لم يختل، وظهر رونقه حتى لم يعتل، واستعذبته الأفواه حتى بقي محفوظاً في القلوب، مدوناً في الكتب..." (5).
أيها الإخــــــــــــــــــــــــــــــــــوة:
لقد اعتنى العُلماء كثيراً بهذا النوع من الأحاديث؛ فصنفوا فيه التصانيف، وجمعوا فيه الجموع، ومن ذلك:
لقد اعتنى العُلماء كثيراً بهذا النوع من الأحاديث؛ فصنفوا فيه التصانيف، وجمعوا فيه الجموع، ومن ذلك:
1 - "الإيجاز وجوامع الكلم مِنَ السُّنَن المأثورة" لأبي بكر ابن السُّنِّيِّ رحمه الله.
2- "الشهاب في الحِكَم والآداب" للقاضي أبي عبدِالله القُضاعي رحمه الله جمع فيه مِنْ جوامع الكلم الوجيزة، وصنَّفَ على مِنوالِه قومٌ آخرون، فزادُوا على ما ذكره زيادةً كثيرةً.
وأَشارَ الخطَّابيُّ رحمه الله - في أوَّل كتابه"غريب الحديث"- إلى جملةٍ يسيرة من الأحاديث الجامعة.
3- ومن ذلك: ما أملاه الإمامُ الحافظُ أبو عمرو بنُ الصَّلاحِ رحمه الله في مجلسٍ من مجالسه، وسمَّاه: "الأحاديث الكلّيَّة"جمع فيه الأحاديثَ الجوامعَ التي يُقال: إنَّ مدارَ الدِّين عليها، وما كان في معناها مِنَ الكلمات الجامعةِ الوجيزةِ؛ فاشتمل مجلسهُ هذا على ستَّةٍ وعشرين حديثاً.
4 - ثمَّ جاء بعده الإمام الفقيهُ الزَّاهِدُ القُدوةُ، أبو زكريا يحيى النَّوويَّ -رحمةُ اللهِ عليهِ- فأخذَ هذه الأحاديثَ - التي أملاها ابنُ الصَّلاحِ - وزادَ عليها تمامَ اثنينِ وأربعينَ حديثاً، وسمى كتابه بـ"الأربعين"، وهي المعروفة بـ"الأربعين النووية"، التي اشتهرت، وكَثُرَ حفظُها، ونفع الله بها؛ ولعل ذلك ببركة نيَّة جامِعِها، وحُسْنِ قصدِه رحمه الله"(6).
وفي عصرنا هذا وما قبله سمت همة بعض العلماء إلى التصنيف في هذا الباب - أيضاً - ولعل من أشهر الكتب في هذا، كتابُ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله "بهجة قلوب الأبرار، وقرة عيون الأخيار، في شرح جوامع الأخبار"، فإنه انتقى من هذا الباب تسعة وتسعين حديثاً، - ولم يكتف بهذا - بل شرحها شرحاً موجزاً، سهل العبارة، مليئاً بالفوائد والقواعد - كما هي عادته في مصنفاته رحمه الله - وقد أوضح مقصوده بهذا التصنيف فقال:
"فليس بعد كلام الله: أصدق، ولا أنفع، ولا أجمع لخير الدنيا والآخرة؛ من كلام رسوله وخليله محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ هو أعلم الخلق، وأعظمهم نصحاً وإرشاداً وهداية، وأبلغهم بياناً وتأصيلاً وتفصيلاً، وأحسنهم تعليماً، وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً؛ بحيث كان يتكلم بالكلام القليل لفظه، الكثيرة معانيه، مع كمال الوضوح والبيان الذي هو أعلى رتب البيان.
وقد بدا لي أن أذكر جملةً صالحة من أحاديثه الجوامع في المواضيع الكلية، والجوامع في جنس، أو نوع، أو باب من أبواب العلم، مع التكلم على مقاصدها، وما تدل عليه على وجه يحصل به الإيضاح والبيان مع الاختصار؛ إذ المقام لا يقتضي البسط"(7).
أيها الإخوة:
ولم تكن العناية بجوامع كلمه صلى الله عليه وسلم - أو بما اصطلحنا عليه بـ"القواعد النبوية"- مقتصرةً على علماء الشريعة فحسب؛ بل كان لعلماء الإسلام قاطبةً اهتمامٌ ظاهر بهذا النوع من الأحاديث؛ يظهر ذلك جلياً في كتب البلاغة، والبيان، والأدب، والتي لا يكاد يخلو كتاب منها إلا وينوّه بما أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم من قدرة عظيمة على صياغة المعاني الكثيرة في جملٍ قصيرة، ويضمنون كتبهم نماذج من ذلك.
ولم تكن العناية بجوامع كلمه صلى الله عليه وسلم - أو بما اصطلحنا عليه بـ"القواعد النبوية"- مقتصرةً على علماء الشريعة فحسب؛ بل كان لعلماء الإسلام قاطبةً اهتمامٌ ظاهر بهذا النوع من الأحاديث؛ يظهر ذلك جلياً في كتب البلاغة، والبيان، والأدب، والتي لا يكاد يخلو كتاب منها إلا وينوّه بما أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم من قدرة عظيمة على صياغة المعاني الكثيرة في جملٍ قصيرة، ويضمنون كتبهم نماذج من ذلك.
فهذا – مثلاً - أبو منصور الثعالبي (ت: 430هـ) (8) يصدر كتابه "الإعجاز والإيجاز"- بعد أن ذكر نماذج من الآيات القرآنية التي تشبه القواعد - بذكر نماذج من الكلام النبوي المعجز في بلاغته وبيانه، مع قصر ألفاظه وتراكيبه؛ فعقد لذلك ثلاثة فصول، منها قوله في الفصل الثالث: "فصل في سائر أمثاله وروائع أقواله، وأحاسين حكمه في جوامع كلمه التي يلوح عليها نور النبوة، وتجمع فوائد الدين والدنيا"(9)، ثم ذكر أكثر من ثلاثين نموذجاً.
أيها الإخوة:
هذا غيض من فيض مما يتعلق بالإشارة إلى ما آتى الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من كمالاتٍ في باب الفصاحة والبيان، كان الغرض منها: التوطئة لأهمية العناية بهذا النوع من كلماته الجوامع، والتي نود أن نصطلح عليها هنا بـ"قواعد نبوية"، ننطلق فيها بإذن الله؛ لانتقاء كلمات جوامع من حديثه الثابت عنه صلى الله عليه وسلم؛ نتفيأ ظلالها، وننعم ببركة معانيها؛ لعلنا نترجمها واقعاً عملياً في حياتنا، وهل يراد من العلم إلا العمل؟ سواءٌ كان عملاً قلبياً، أم متعلقاً بالجوارح.
هذا غيض من فيض مما يتعلق بالإشارة إلى ما آتى الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من كمالاتٍ في باب الفصاحة والبيان، كان الغرض منها: التوطئة لأهمية العناية بهذا النوع من كلماته الجوامع، والتي نود أن نصطلح عليها هنا بـ"قواعد نبوية"، ننطلق فيها بإذن الله؛ لانتقاء كلمات جوامع من حديثه الثابت عنه صلى الله عليه وسلم؛ نتفيأ ظلالها، وننعم ببركة معانيها؛ لعلنا نترجمها واقعاً عملياً في حياتنا، وهل يراد من العلم إلا العمل؟ سواءٌ كان عملاً قلبياً، أم متعلقاً بالجوارح.
وإلى لقاء قريب – بإذن الله - في قاعدة جديدة
________________
(1) جامع العلوم والحكم: (1/ 50).
(2) أعلام النبوة للماوردي: (254).
(3) الهُجْنَة: قُبْحُ الْكَلَام.
(4) تَفَيْهَق فِي كلامِه: إِذا تنطّع وتوسّع فِيهِ.
(5) ما تقدم كله مختصر من كلام الماوردي في" أعلام النبوة"(254-260) بتقديم وتأخير.
(6) جامع العلوم والحكم: (1/ 56).
(7) "بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار" مقدمة المؤلف.
(8) له ترجمة في سير أعلام النبلاء: (17/438).
(9) الإعجاز والإيجاز : (22).
(1) جامع العلوم والحكم: (1/ 50).
(2) أعلام النبوة للماوردي: (254).
(3) الهُجْنَة: قُبْحُ الْكَلَام.
(4) تَفَيْهَق فِي كلامِه: إِذا تنطّع وتوسّع فِيهِ.
(5) ما تقدم كله مختصر من كلام الماوردي في" أعلام النبوة"(254-260) بتقديم وتأخير.
(6) جامع العلوم والحكم: (1/ 56).
(7) "بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار" مقدمة المؤلف.
(8) له ترجمة في سير أعلام النبلاء: (17/438).
(9) الإعجاز والإيجاز : (22).
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع