- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
ربيع المشتاقين ـ العشر الأواخر ـ
محمد بن عبد اللّه الهبدان
أيها الأخوة في الله: ابشروا يا من قضيتم أوقاتَكم بالذكرِ والتسبيحِ، ابشروا يا من مَلئتم ساعاتِ أعمارِكمْ بالتلاوةِ وصلاةِ التراويحِ، ابشروا يا من استغرَقـتم شهرَكم بالجودِ والعطاءِ، ابشروا يا من أحيَـيْتم ليلَـكم بالتهجدِ والبكاءِ، ابشروا يا من عفَّرتُم وجوهَكم وأتعبتم أبدَانَكم، كم هي النعمةُ عظيمةٌ عليكم أنْ مرَّت أيامُكم المـاضيـةُ ما بين تلاوةٍ للقرآنِ، وذكرٍ للرحمنِ، وإنفاقٍ على الفقراءِ والمساكينِ، وصلاةِ القيامِ والتراويحِ مع المصلينَ، فما أعظمَ نعمةَ اللهِ - تعالى -عليكم، فلك الحمدُ يا الله ُعلى نعمةِ الإيمانِ، ولك الحمدُ يا الله ُعلى أن أعنـتَنا على قيامِ وصيامِ رمضانَ، فنسألُك أن توفقنا لإتمامِهِ وختامِه.
ويا حسرةً على الذين فرَّطوا في الأيامِ الماضيةِ، واللياليِ الفائتةِ، فقضوا أوقاتَهم أمامَ الشاشاتِ، وأحيوا ليلَهم أمامَ القَنواتِ، وسهِروا على اللعبِ والمرحِ إلى بزوغِ الفجرِ أو قريباً منه، فهؤلاءِ نقولُ لهم، بقلوبٍ مِلؤُها الرحمةُ والحنانُ، والعطفُ والإحسانُ، أحسنَ الله ُ عزائَكم، وجبرَ اللهُ مصابَكم، نَعمْ واللهِ، أحسنَ اللهُ عزائَكمْ، أناسٌ قضوا لياليَ رمضانَ بالتضرعِ بين يدي اللهِ - تعالى -وأنتم كيفَ قضيْتُم ليلَكم؟! أناسٌ أحيوا لياليَ رمضانَ بالقرآنِ وأنتم كيف أحيَيتم ليلَكم؟! أناسٌ سهِروا لمناجاةِ الرحمنِ وأنتم كيفَ سهِرتم؟! نعمْ، لقد فاتَكم شيءٌ كثيرٌ، لقد فاتَكم خيرٌ وفيرٌ، لقد فاتَكم ما يرفعُ درجاتِكم، ويُكَفِّرُ سيئاتِكم، ويَحُطُ خَطِيْئاتِكم، ويُعتِقُ رقابَكم، فيا لَلـهِ ما أعظمَ مصيبَتَكم، ويا لَلـهِ ما أجلَّ خَطْبَكُم، لقد تسابقَ المتسابقونَ إلى الجنانِ، وهؤلاءِ لا يزالونَ في متاهاتِ الهوى يتخبطون، لقد تنافسَ المتنافِسونَ إلى الحورِ الحسانِ، وهؤلاءِ لا يزالون خَلفَ الشهواتِ يلهثون، فنسألُ اللهَ - تعالى -أنْ يَلْطُفَ بهم وأنْ يَمُنَّ عليهمْ بتوبةٍ تمحو ما سلفَ وكانَ من الذنوبِ والبهتانِ.
فيا منْ بادرتُم إلى فعلِ الخيراتِ، وأقبلتُم على الطاعاتِ، ويا من فاتَتْكم الأيامُ الماضيةُ، وهجرْتُم الطاعاتِ، واشتَغلْتُم بالمعاصي والمباحاتِ، ها قدْ جاءَتْكُم أيام ٌعظيمةٌ، ولياليٍ شريفةٌ، جاءَتْكم العشرُ الباقياتُ من شهرِ الخيراتِ، جاءَتْكم العشرُ الأواخرُ من رمضانَ، التي فيها ليلةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهرٍ، والتي قال فيها النبيُ r: " من قامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً غُفِرَلَه ما تقدمَ من ذنبِه[1] " رواهُ البخاريُ ومسلمٌ، جاءتْكم العشرُ الأواخرُ والتي كانَ فيها نبيُكُم r يجتهدُ فيها ما لا يجتهدُ في غيرِها، جاءتْكم العشرُ الأواخرُ من رمضانَ والتي كان فيها نبيُكُم r يشُدُّ مِئْـزَرَهُ، ويُحْيْ ليلَهُ، ويُوقِظُ أهلَهُ، فلا يترُكُ أحداً من أهلِ بيتِه صغيراً أو كبيراً يُطِيقُ الصلاةَ إلا وأيْقَظَهُ، جاءتْكم العشرُ الأواخرُ من رمضانَ والتي كانَ فيها نبيُكُمْ r يعتكفُ بمسجدِهِ، قطعاً لأشغالِهِ، وتفريغاً لبالهِ، وتخلياً لمناجاةِ ربِهِ، وذكرِهِ ودعائِهِ، فيا أيها المشمرون، ها قد جاءَكم ما تشتهون، ها قد جاءَكم الخيرُ من حيث لا تشعرون، ويا أيها المؤمنون إياكم وفتورَ الهممِ فالأعمالُ بالخواتيمِ يقولُ النبيُ - صلى الله عليه وسلم- : " إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيراً عسَلَهُ؟ قالوا: وما عَسْلُهُ؟ قال: يوفِِّقُهُ لعملٍ صالحٍ ثم يقبضُهُ علَيْه"صححه الألباني في الجامع الصغير[304ـ307]، يا أيها الراكعون الساجدون، اللهَ اللهَ في الأيامِ القادمةِ ضاعفوا جهودَكم، واقطعوا اشغالَكم، وأرُوا اللهَ من أنفسِكم خيراً، فإن اللهَ - تعالى -يباهي بكم ملائكتَهُ، ويا أيها المفرطون في الأيامِ السالفةِ قد أقبلتْ عليْكم الأيامُ المباركةُ فلا تحرموا أنفسَكُم فعلَ الخيراتِ، فإن الآجالَ محدودةٌ، والأنفاسَ معدودةٌ، والموتُ يأتي بغتةً، فكمْ هُمُ الذين صاموا معنا أولِ الشهرِ وهاهُم الآن تحتَ الثَّرى، كمْ هُمُ الذين صاموا معنا وسَطَ الشَّهْرِ وهُمُ الآنَ في قبورِهِم يُنَعَّمُونَ أو يُعُذَّبُونَ، غايةُ أُمْنِـيَةِ الموتى في قبورِهم حياةَ ساعةٍ يستدركون فيها ما فاتَهم من توبةٍ وعملٍ صالحٍ:
يا غافلاً عما خلقتَ له انتبــهْ *** جَدَّ الرحيلُ ولستَ باليقظانِ
سارَ الرفاقُ وخلَّفوكَ معَ الأُلـى *** قنعوا بذا الحظِّ الخسيسِ الفاني
ورأيتَ أكثرَ منْ ترى متخلـفـاً *** فتبعتَهم فرضيتَ بالحرمــانِ
منَّتْك نفسُكَ باللحوقِ مع *** القعودِ عنِ المسيرِ وراحةِ الأبــدانِ
ولسوفَ تعلمُ حين ينكشفُ الغِطا *** ماذا صنعتَ وكنتَ ذا إمكانِ
لما حضرتْ التابعيَ الجليلَ عامرَ بنَ عبدِاللهِ الوفاةُ بكى وقال: لمثْل هذا المصْرَعِ فليعملِ العاملون، اللهم، إني استغفرُكَ من تقصيري وتفريطي، وأتوبُ إليك من جميعِ ذنوبي، وقالَ الحسنُ: اتقِ اللهَ يا ابنَ آدمَ لا يجتمعْ عليكَ خصلتان؛ سكرةُ الموتِ، وحسرةُ الفوتِ. وقالَ ابنُ السَّمِّاكِ: احذرِ السَّكْرةَ والحسْرةَ أن يَفْجَأكَ الموتُ وأنتَ على الغِرَّةِ، فلا يصفُ واصفٌ ما تلقى ولا قَدْرَ ما تَرى.
كانَ أبو ذرٍ - رضي الله عنه - يقولُ للناسِ: أرأيتمْ لو أن أحدَكم أرادَ سفراً، أليسَ يتخذُ من الزادِ ما يُصْلِحُهُ ويُبَـلِّغُهُ؟ قالوا: بلى، قالَ: فسَفَرُ القيامةِ أبعدُ، فخذوا له ما يُصْلِحُكُم: حُجُّوا حَجَّةً لعظائِمِ الأمُورِ، وصوموا يوماً شديداً حَرُّهُ لِحَرِّ يومِ النُّشُورِ، وصلوا ركعتين في ظُلْمةِ الليْل لظلمةِ القُبورِ، وتصدقوا بصدقةٍ لِشَرِّ يومٍ عسيرٍ)
فيا من أسرَفَ على نفسِهِ بالذنوبِ، أيُّ خيرٍ فاتَكَ، إذا فاتَكَ خيرُ رمضَانَ؟! وأيُّ شيءٍ أدرَكَ من أدرَكهُ فيه الحرمانُ؟ كمْ بينَ من حَظُّـهُ فيه القبولُ والغفرانُ، ومن كان حَظُّـه فيه الخيْـَبةُ والخسرانُ؟! لما صعدَ النبيُ r المنبرَ قال: أمينَ، أمينَ، أمينَ، قيلَ يا رسولَ اللهِ علامَ أمَّنْتَ؟ قال: أتاني جبريلُ فقال يا محمدُ: رغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ عليه شهرُ رمضانَ ثم خرجَ فلَمْ يُغْفَرْ له. قلْ: آمينَ، فقلتُ: آمينَ. الحديثَ رواهُ ابنُ خزيمةَ وغيْـرُهُ.
هاهيَ العشرُ الأواخرَ فرصةً لِتُصْلِحَ ما قدْ أفْسَدْتَهُ في الأيامِ الماضيةِ.
فقم نادماً ولا تتوانى:
يا أخيْ شمِّـر ودعْ عنك الكسَلَ *** فازَ من قد كان باللهِ اتصَل
قمْ يا أخيْ إلى اللهِ بقلبٍ خاشعٍ، وانتظمْ في سِلْكِ الذين تتجافى جنوبُهم عن المضاجعِ، فما تراهم إلا بين ساجدٍ وراكعٍ،
تيقظْ بساعاتٍ من الليلِ يا فتى *** لعلكَ تحظى بالجنانِ وحورِها
فتنعمَ في دارٍ يدوم نعيمهــا *** محمد فيها والخليل بدورهـا
فيا أخي الحبيب: إن جوفَ الليل ملاذُ الخائفين، ولذةُ المتعبدين، وأنسُ المسْتوحشين، ونعيمُ الطائعين، ومناجاةُ المحبين، وقرةُ عيِن المحسنين، فجنوبُهم عن المضاجعِ واجفةٌ، وقلوبُهم من خشيةِ اللهِ خائفةٌ، ونفوسُهم لرحمةِ اللهِ طامعةٌ، وألسنتُهم بالاستغفارِ والدعاءِ لاهجةٌ، سكبوا العبراتِ، وتعالتْ منهم الآهاتُ والأناتُ، وكلما تذكروا الذنوبَ والزلاتِ، ارتفعتْ منهم الصيحاتُ، ورفعوا أيديَهم إلى ربِ الأرضِ والسماواتِ وقالوا: رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (آل عمران: من الآية193) فكان الجوابُ من ربِ البرياتِ: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (آل عمران: من الآية195) .
فيا أيها المذنبُ ـ وكلُنا كذلكَ ـ قمْ في وقتِ الأسحارِ، وقِفْ على قَدمِ الانكسارِ، وارفعْ رسائلَ الاعتذارِ لربكَ الغفارِ، لعلك توفق لتوبةٍ قبل دنوِ الاحتضار، يقول الله - تعالى -: إنما التوبةُ على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
أيها الأخوةُ في اللهِ: عندما تنزل المحنُ و تشتدُّ الخطوبُ وتتوالى الكروبُ وتعظمُ الرزايا وتتابعُ الشدائدُ، لن يكونَ أمامَ المسلمِ إلا أن يلجأَ إلى اللهِ - تعالى -ويلوذَ بجانبِهِ، ويضرعَ إليه راجياً تحقيقَ وعْدِهِ، الذي وعَدَ به عبادَه المؤمنين إذ يقول الله - تعالى -: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60]ويقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186] فإني قريبٌ، أجيبُ دعوةَ الداعِ إذا دعانِ، أيةُ رقةٍ؟ وأي إيْناسٍ؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (البقرة: من الآية186) أضافَ العبادَ إليه، والردُ المباشرُ عليهم منه، ولم يقلْ: فقلْ لهم: إنِّي قريبٌ، إنما تولى بنفسِهِ جلَّ جلالهُ الجوابَ على عبادهِ بمجردِ السؤالِ فقطْ!، قريبٌ، ولم يقلْ أسمعُ الدعاء َ، إنما عجَّل بإجابةِ الدعاءِ: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ، إنها آيةٌ عجيبةٌ، آيةٌ تسكبُ في قلبِ المؤمنِ النداوةَ الحلوةَ، والوِدَّ المـؤُنسَ، والرضى الـُمطَمْئِنَ، والثقةَ واليقين، ويعيشُ منها في جنابٍ رضيّ وقربى نديةٍ، وملاذٍ أميٍن وقرارٍ مكينٍ، قال - عليه الصلاة والسلام -: " ينزلُ ربُنا- تبارك وتعالى -كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا حينَ يبقى ثلثُ الليل الآخرِ فيقولُ: من يدعوني فأستجيبَ له، ومن يسألني فأعطيَه، ومن يستغفرُني فأغفرَ له " رواه مسلم (1).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم- : " إنه من لم يسألِ اللهَ يغضبْ عليه "(2).
أيها الأخوة في الله: إنَّ شأنَ الدعاءِ عظيمٌ، فهو نعمةٌ عظمى، ومنحةٌ كبرى، جَادَ بها المولى، فما استُجْلِبَتِ النعمُ بمثلِه، ولا استُدْفِعَتِ النقمُ بمثلِه، فما أشدَّ حاجةَ العبادِ إلى الدعاءِ، بل ما أعظمَ ضرورَتَهم إليه، فالمسلمُ في هذه الحياةِ لا يستغني عن الدعاءِ بحالٍ من الأحوالِ، خاصةً في مثل الموسمِ العظيمِ، موسمِ الرحماتِ، وإجابةِ الدعواتِ،
فاتق اللهَ أيها المسلمُ، وتضرعْ إليه، وانطرح بين يديه، متضرعاً خاشعا، نادماً باكياً، وادعِ اللهَ وأنتَ موقنٌ بالإجابةِ ولا تُقعدنَّك عن الدعاءِ الغفلةُ أو الركونُ إلى ضلالِ الضالين وشُبَهِ المنحرفين، فإن للدعاءِ أثرُه الواضحُ الفعالِ، في تحقيقِ الرغائبِ وبلوغِ الآمالِ:
سهام الليل لا تخطي ولكنْ *** لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ
وحسبُك بالدعاءِ، أنه هو العبادةُ التي تُفتحُ بها أبوابُ الرحمةِ، إذا توجَّهَ به العبدُ إلى ربهِ راغباً راهباً، نالَ رضاهُ، وبلغَ به فوقَ ما تمناهُ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 55-56].
ولكن يا حسرة على العباد، من يستعمل هذا السلاحَ المعطل، من يوجه سهامه على الأعداء، من يرفع يديه إلى السماء، بقلب خاشع، وصدق عمرُ - رضي الله عنه - حينما قال: أنا لا أحمل هم الإجابة، ولكن أحمل هم الدعاء، ولكن أحمل هم الدعاء.
الله الله -أيها المسلمون- بالدعاء، خاصة في مواسم النفحات، وإجابة الدعوات، الله الله في الدعاء للضعفاء والمساكين، الله الله في الدعاء للمشردين المستضعفين، الله الله في الدعاء للمجاهدين الصابرين، الله الله في الدعاء على المنافقين المفسدين، ألحوا على الله - تعالى -بالدعاء، فإن الله - تعالى -قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه،
اللهم يا حيُ يا قيومُ، أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنا نسألك توبة قبل الموت، وراحة عند الموت، وجنة بعد الموت، اللهم أقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وتجاوز عن سيئاتنا،
______________
[1] -ورقمه (1901)البخاري من حديث أبي هريرة t
(1) رواه مسلم ورقمه (1261) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(2) رواه الترمذي ورقمه (3373) وابن ماجه ورقمه (3827) بلفظ:" من لم يدع الله غضب عليه " وحسنه الألباني.
محمد بن عبد اللّه الهبدان
أيها الأخوة في الله: ابشروا يا من قضيتم أوقاتَكم بالذكرِ والتسبيحِ، ابشروا يا من مَلئتم ساعاتِ أعمارِكمْ بالتلاوةِ وصلاةِ التراويحِ، ابشروا يا من استغرَقـتم شهرَكم بالجودِ والعطاءِ، ابشروا يا من أحيَـيْتم ليلَـكم بالتهجدِ والبكاءِ، ابشروا يا من عفَّرتُم وجوهَكم وأتعبتم أبدَانَكم، كم هي النعمةُ عظيمةٌ عليكم أنْ مرَّت أيامُكم المـاضيـةُ ما بين تلاوةٍ للقرآنِ، وذكرٍ للرحمنِ، وإنفاقٍ على الفقراءِ والمساكينِ، وصلاةِ القيامِ والتراويحِ مع المصلينَ، فما أعظمَ نعمةَ اللهِ - تعالى -عليكم، فلك الحمدُ يا الله ُعلى نعمةِ الإيمانِ، ولك الحمدُ يا الله ُعلى أن أعنـتَنا على قيامِ وصيامِ رمضانَ، فنسألُك أن توفقنا لإتمامِهِ وختامِه.
ويا حسرةً على الذين فرَّطوا في الأيامِ الماضيةِ، واللياليِ الفائتةِ، فقضوا أوقاتَهم أمامَ الشاشاتِ، وأحيوا ليلَهم أمامَ القَنواتِ، وسهِروا على اللعبِ والمرحِ إلى بزوغِ الفجرِ أو قريباً منه، فهؤلاءِ نقولُ لهم، بقلوبٍ مِلؤُها الرحمةُ والحنانُ، والعطفُ والإحسانُ، أحسنَ الله ُ عزائَكم، وجبرَ اللهُ مصابَكم، نَعمْ واللهِ، أحسنَ اللهُ عزائَكمْ، أناسٌ قضوا لياليَ رمضانَ بالتضرعِ بين يدي اللهِ - تعالى -وأنتم كيفَ قضيْتُم ليلَكم؟! أناسٌ أحيوا لياليَ رمضانَ بالقرآنِ وأنتم كيف أحيَيتم ليلَكم؟! أناسٌ سهِروا لمناجاةِ الرحمنِ وأنتم كيفَ سهِرتم؟! نعمْ، لقد فاتَكم شيءٌ كثيرٌ، لقد فاتَكم خيرٌ وفيرٌ، لقد فاتَكم ما يرفعُ درجاتِكم، ويُكَفِّرُ سيئاتِكم، ويَحُطُ خَطِيْئاتِكم، ويُعتِقُ رقابَكم، فيا لَلـهِ ما أعظمَ مصيبَتَكم، ويا لَلـهِ ما أجلَّ خَطْبَكُم، لقد تسابقَ المتسابقونَ إلى الجنانِ، وهؤلاءِ لا يزالونَ في متاهاتِ الهوى يتخبطون، لقد تنافسَ المتنافِسونَ إلى الحورِ الحسانِ، وهؤلاءِ لا يزالون خَلفَ الشهواتِ يلهثون، فنسألُ اللهَ - تعالى -أنْ يَلْطُفَ بهم وأنْ يَمُنَّ عليهمْ بتوبةٍ تمحو ما سلفَ وكانَ من الذنوبِ والبهتانِ.
فيا منْ بادرتُم إلى فعلِ الخيراتِ، وأقبلتُم على الطاعاتِ، ويا من فاتَتْكم الأيامُ الماضيةُ، وهجرْتُم الطاعاتِ، واشتَغلْتُم بالمعاصي والمباحاتِ، ها قدْ جاءَتْكُم أيام ٌعظيمةٌ، ولياليٍ شريفةٌ، جاءَتْكم العشرُ الباقياتُ من شهرِ الخيراتِ، جاءَتْكم العشرُ الأواخرُ من رمضانَ، التي فيها ليلةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهرٍ، والتي قال فيها النبيُ r: " من قامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً غُفِرَلَه ما تقدمَ من ذنبِه[1] " رواهُ البخاريُ ومسلمٌ، جاءتْكم العشرُ الأواخرُ والتي كانَ فيها نبيُكُم r يجتهدُ فيها ما لا يجتهدُ في غيرِها، جاءتْكم العشرُ الأواخرُ من رمضانَ والتي كان فيها نبيُكُم r يشُدُّ مِئْـزَرَهُ، ويُحْيْ ليلَهُ، ويُوقِظُ أهلَهُ، فلا يترُكُ أحداً من أهلِ بيتِه صغيراً أو كبيراً يُطِيقُ الصلاةَ إلا وأيْقَظَهُ، جاءتْكم العشرُ الأواخرُ من رمضانَ والتي كانَ فيها نبيُكُمْ r يعتكفُ بمسجدِهِ، قطعاً لأشغالِهِ، وتفريغاً لبالهِ، وتخلياً لمناجاةِ ربِهِ، وذكرِهِ ودعائِهِ، فيا أيها المشمرون، ها قد جاءَكم ما تشتهون، ها قد جاءَكم الخيرُ من حيث لا تشعرون، ويا أيها المؤمنون إياكم وفتورَ الهممِ فالأعمالُ بالخواتيمِ يقولُ النبيُ - صلى الله عليه وسلم- : " إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيراً عسَلَهُ؟ قالوا: وما عَسْلُهُ؟ قال: يوفِِّقُهُ لعملٍ صالحٍ ثم يقبضُهُ علَيْه"صححه الألباني في الجامع الصغير[304ـ307]، يا أيها الراكعون الساجدون، اللهَ اللهَ في الأيامِ القادمةِ ضاعفوا جهودَكم، واقطعوا اشغالَكم، وأرُوا اللهَ من أنفسِكم خيراً، فإن اللهَ - تعالى -يباهي بكم ملائكتَهُ، ويا أيها المفرطون في الأيامِ السالفةِ قد أقبلتْ عليْكم الأيامُ المباركةُ فلا تحرموا أنفسَكُم فعلَ الخيراتِ، فإن الآجالَ محدودةٌ، والأنفاسَ معدودةٌ، والموتُ يأتي بغتةً، فكمْ هُمُ الذين صاموا معنا أولِ الشهرِ وهاهُم الآن تحتَ الثَّرى، كمْ هُمُ الذين صاموا معنا وسَطَ الشَّهْرِ وهُمُ الآنَ في قبورِهِم يُنَعَّمُونَ أو يُعُذَّبُونَ، غايةُ أُمْنِـيَةِ الموتى في قبورِهم حياةَ ساعةٍ يستدركون فيها ما فاتَهم من توبةٍ وعملٍ صالحٍ:
يا غافلاً عما خلقتَ له انتبــهْ *** جَدَّ الرحيلُ ولستَ باليقظانِ
سارَ الرفاقُ وخلَّفوكَ معَ الأُلـى *** قنعوا بذا الحظِّ الخسيسِ الفاني
ورأيتَ أكثرَ منْ ترى متخلـفـاً *** فتبعتَهم فرضيتَ بالحرمــانِ
منَّتْك نفسُكَ باللحوقِ مع *** القعودِ عنِ المسيرِ وراحةِ الأبــدانِ
ولسوفَ تعلمُ حين ينكشفُ الغِطا *** ماذا صنعتَ وكنتَ ذا إمكانِ
لما حضرتْ التابعيَ الجليلَ عامرَ بنَ عبدِاللهِ الوفاةُ بكى وقال: لمثْل هذا المصْرَعِ فليعملِ العاملون، اللهم، إني استغفرُكَ من تقصيري وتفريطي، وأتوبُ إليك من جميعِ ذنوبي، وقالَ الحسنُ: اتقِ اللهَ يا ابنَ آدمَ لا يجتمعْ عليكَ خصلتان؛ سكرةُ الموتِ، وحسرةُ الفوتِ. وقالَ ابنُ السَّمِّاكِ: احذرِ السَّكْرةَ والحسْرةَ أن يَفْجَأكَ الموتُ وأنتَ على الغِرَّةِ، فلا يصفُ واصفٌ ما تلقى ولا قَدْرَ ما تَرى.
كانَ أبو ذرٍ - رضي الله عنه - يقولُ للناسِ: أرأيتمْ لو أن أحدَكم أرادَ سفراً، أليسَ يتخذُ من الزادِ ما يُصْلِحُهُ ويُبَـلِّغُهُ؟ قالوا: بلى، قالَ: فسَفَرُ القيامةِ أبعدُ، فخذوا له ما يُصْلِحُكُم: حُجُّوا حَجَّةً لعظائِمِ الأمُورِ، وصوموا يوماً شديداً حَرُّهُ لِحَرِّ يومِ النُّشُورِ، وصلوا ركعتين في ظُلْمةِ الليْل لظلمةِ القُبورِ، وتصدقوا بصدقةٍ لِشَرِّ يومٍ عسيرٍ)
فيا من أسرَفَ على نفسِهِ بالذنوبِ، أيُّ خيرٍ فاتَكَ، إذا فاتَكَ خيرُ رمضَانَ؟! وأيُّ شيءٍ أدرَكَ من أدرَكهُ فيه الحرمانُ؟ كمْ بينَ من حَظُّـهُ فيه القبولُ والغفرانُ، ومن كان حَظُّـه فيه الخيْـَبةُ والخسرانُ؟! لما صعدَ النبيُ r المنبرَ قال: أمينَ، أمينَ، أمينَ، قيلَ يا رسولَ اللهِ علامَ أمَّنْتَ؟ قال: أتاني جبريلُ فقال يا محمدُ: رغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ عليه شهرُ رمضانَ ثم خرجَ فلَمْ يُغْفَرْ له. قلْ: آمينَ، فقلتُ: آمينَ. الحديثَ رواهُ ابنُ خزيمةَ وغيْـرُهُ.
هاهيَ العشرُ الأواخرَ فرصةً لِتُصْلِحَ ما قدْ أفْسَدْتَهُ في الأيامِ الماضيةِ.
فقم نادماً ولا تتوانى:
يا أخيْ شمِّـر ودعْ عنك الكسَلَ *** فازَ من قد كان باللهِ اتصَل
قمْ يا أخيْ إلى اللهِ بقلبٍ خاشعٍ، وانتظمْ في سِلْكِ الذين تتجافى جنوبُهم عن المضاجعِ، فما تراهم إلا بين ساجدٍ وراكعٍ،
تيقظْ بساعاتٍ من الليلِ يا فتى *** لعلكَ تحظى بالجنانِ وحورِها
فتنعمَ في دارٍ يدوم نعيمهــا *** محمد فيها والخليل بدورهـا
فيا أخي الحبيب: إن جوفَ الليل ملاذُ الخائفين، ولذةُ المتعبدين، وأنسُ المسْتوحشين، ونعيمُ الطائعين، ومناجاةُ المحبين، وقرةُ عيِن المحسنين، فجنوبُهم عن المضاجعِ واجفةٌ، وقلوبُهم من خشيةِ اللهِ خائفةٌ، ونفوسُهم لرحمةِ اللهِ طامعةٌ، وألسنتُهم بالاستغفارِ والدعاءِ لاهجةٌ، سكبوا العبراتِ، وتعالتْ منهم الآهاتُ والأناتُ، وكلما تذكروا الذنوبَ والزلاتِ، ارتفعتْ منهم الصيحاتُ، ورفعوا أيديَهم إلى ربِ الأرضِ والسماواتِ وقالوا: رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (آل عمران: من الآية193) فكان الجوابُ من ربِ البرياتِ: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (آل عمران: من الآية195) .
فيا أيها المذنبُ ـ وكلُنا كذلكَ ـ قمْ في وقتِ الأسحارِ، وقِفْ على قَدمِ الانكسارِ، وارفعْ رسائلَ الاعتذارِ لربكَ الغفارِ، لعلك توفق لتوبةٍ قبل دنوِ الاحتضار، يقول الله - تعالى -: إنما التوبةُ على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
أيها الأخوةُ في اللهِ: عندما تنزل المحنُ و تشتدُّ الخطوبُ وتتوالى الكروبُ وتعظمُ الرزايا وتتابعُ الشدائدُ، لن يكونَ أمامَ المسلمِ إلا أن يلجأَ إلى اللهِ - تعالى -ويلوذَ بجانبِهِ، ويضرعَ إليه راجياً تحقيقَ وعْدِهِ، الذي وعَدَ به عبادَه المؤمنين إذ يقول الله - تعالى -: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60]ويقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186] فإني قريبٌ، أجيبُ دعوةَ الداعِ إذا دعانِ، أيةُ رقةٍ؟ وأي إيْناسٍ؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (البقرة: من الآية186) أضافَ العبادَ إليه، والردُ المباشرُ عليهم منه، ولم يقلْ: فقلْ لهم: إنِّي قريبٌ، إنما تولى بنفسِهِ جلَّ جلالهُ الجوابَ على عبادهِ بمجردِ السؤالِ فقطْ!، قريبٌ، ولم يقلْ أسمعُ الدعاء َ، إنما عجَّل بإجابةِ الدعاءِ: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ، إنها آيةٌ عجيبةٌ، آيةٌ تسكبُ في قلبِ المؤمنِ النداوةَ الحلوةَ، والوِدَّ المـؤُنسَ، والرضى الـُمطَمْئِنَ، والثقةَ واليقين، ويعيشُ منها في جنابٍ رضيّ وقربى نديةٍ، وملاذٍ أميٍن وقرارٍ مكينٍ، قال - عليه الصلاة والسلام -: " ينزلُ ربُنا- تبارك وتعالى -كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا حينَ يبقى ثلثُ الليل الآخرِ فيقولُ: من يدعوني فأستجيبَ له، ومن يسألني فأعطيَه، ومن يستغفرُني فأغفرَ له " رواه مسلم (1).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم- : " إنه من لم يسألِ اللهَ يغضبْ عليه "(2).
أيها الأخوة في الله: إنَّ شأنَ الدعاءِ عظيمٌ، فهو نعمةٌ عظمى، ومنحةٌ كبرى، جَادَ بها المولى، فما استُجْلِبَتِ النعمُ بمثلِه، ولا استُدْفِعَتِ النقمُ بمثلِه، فما أشدَّ حاجةَ العبادِ إلى الدعاءِ، بل ما أعظمَ ضرورَتَهم إليه، فالمسلمُ في هذه الحياةِ لا يستغني عن الدعاءِ بحالٍ من الأحوالِ، خاصةً في مثل الموسمِ العظيمِ، موسمِ الرحماتِ، وإجابةِ الدعواتِ،
فاتق اللهَ أيها المسلمُ، وتضرعْ إليه، وانطرح بين يديه، متضرعاً خاشعا، نادماً باكياً، وادعِ اللهَ وأنتَ موقنٌ بالإجابةِ ولا تُقعدنَّك عن الدعاءِ الغفلةُ أو الركونُ إلى ضلالِ الضالين وشُبَهِ المنحرفين، فإن للدعاءِ أثرُه الواضحُ الفعالِ، في تحقيقِ الرغائبِ وبلوغِ الآمالِ:
سهام الليل لا تخطي ولكنْ *** لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ
وحسبُك بالدعاءِ، أنه هو العبادةُ التي تُفتحُ بها أبوابُ الرحمةِ، إذا توجَّهَ به العبدُ إلى ربهِ راغباً راهباً، نالَ رضاهُ، وبلغَ به فوقَ ما تمناهُ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 55-56].
ولكن يا حسرة على العباد، من يستعمل هذا السلاحَ المعطل، من يوجه سهامه على الأعداء، من يرفع يديه إلى السماء، بقلب خاشع، وصدق عمرُ - رضي الله عنه - حينما قال: أنا لا أحمل هم الإجابة، ولكن أحمل هم الدعاء، ولكن أحمل هم الدعاء.
الله الله -أيها المسلمون- بالدعاء، خاصة في مواسم النفحات، وإجابة الدعوات، الله الله في الدعاء للضعفاء والمساكين، الله الله في الدعاء للمشردين المستضعفين، الله الله في الدعاء للمجاهدين الصابرين، الله الله في الدعاء على المنافقين المفسدين، ألحوا على الله - تعالى -بالدعاء، فإن الله - تعالى -قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه،
اللهم يا حيُ يا قيومُ، أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنا نسألك توبة قبل الموت، وراحة عند الموت، وجنة بعد الموت، اللهم أقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وتجاوز عن سيئاتنا،
______________
[1] -ورقمه (1901)البخاري من حديث أبي هريرة t
(1) رواه مسلم ورقمه (1261) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(2) رواه الترمذي ورقمه (3373) وابن ماجه ورقمه (3827) بلفظ:" من لم يدع الله غضب عليه " وحسنه الألباني.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع