رسائل لطلاب العلم

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وفّق من شاء إلى سبل مرضاته، وعلّم من شاء تعليما، وأدّب من اختاره تأديبا.
فله الحمد على ما منَّ علينا من النعم الجزيلة والعطايا الكثيرة، له الحمد كثيرا كما أنعم كثيرا، وله الشكر جزيلا كما تفضل علينا جل وجلاله، وأنعم بركة وأصيلا، أحمد الله وأشكره وأُثني عليه الخير كله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا.
أما بعد:
فأسأل الله جل وعلا أن يستعملني وإياكم فيما يحبّ ويرضى، وأن ييسر لنا جميعا سُبل الخير وأن يغلّق عنّا سبل الشر إنه سبحانه جواد كريم.
كما إني في فاتحة هذه الدروس العلمية -وهي الدورة السادسة في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية بحي سلطانة بمدينة الرياض- في فاتحة هذه الدورة والدروس العلمية لابد من التذكير؛ لأن هناك أناسا لهم عليكم فضل لما رتّبوا في هذه الدورات والدروس العلمية، وليسوا واحدا أو اثنين أو ثلاثة، فلهذا لا تُخلوا من عرفتم ومن لم تعرفوا منهم من دعوات صالحة أن يجزيهم الله خيرا وأن يزيدهم من نصرة الحق، ومن الدعوة إليه ومن فتح أبواب الخيرات، والتقرب إلى الله جل وعلا بها. وهذا من الحقوق التي ينبغي تعاهدُها.
ثم إنّكم كما عهدتم كل عام، هذه الدورات والدروس العلمية مشتملة على علوم متعددة وفنون مختلفة في هذا الوقت الوجيز، وهو ثلاثة أسابيع غير كاملة يعني ثمانية عشرة درسا في كل فن من الفنون، تحصِّلون علما كثيرا مجتمعا في هذا الوقت الوجيز.
ولذلك كان من اختيار بعض الإخوة الذين أقاموا هذه الدروس العلمية في هذا المسجد اختاروا عنوان هذه المحاضرة التي فاتحة هذه الدورة بـ:
الوصايا الجلية للاستفادة من الدروس العلمية
وبحكم ما مرّ علي من تجربة قصيرة في الدورات السابقة، وما أعلم من حال كثير من الإخوة نتجت هذه الوصايا التي سأذكرها إن شاء الله تعالى.
وأنتم تعلمون أنه لابد أن لكل دورة أو دروس علمية أو أي شيء يقام لابد له من أركان؛ أشياء يقوم عليها، ولا يمكن أن يقوم الشيء من فواتها.
وتلك الأركان:
الأول: وجود المعلم، طالب العلم الذي يدرّس؛ الشيخ.
والثاني: وجود المتعلمين الراغبين الجادين.
والثالث: وجود المكان المناسب الذي يصلح لإقامة الدورات التي يحضرها عدد كبير في مدة وجيزة.
والرابع: التنظيم المناسب الذي يسبق تلك الدروس العلمية.
وغير ذلك مما سيأتي وأبدأ:
أولا فيما ينبغي أن يكون عليه التنظيم في هذه الدروس العلمية، لاشك أن عظم الاستفادة من هذه الدروس لابد له من تنظيم جيد، ومن إعداد مبكّر، حتى يستفيد الجميع مما يلقى في هذه الدروات أو الدروس.
والتنظيم يعنى به ترتيب الوضع المناسب لهذه الدروس، فقبل إقامتها لابد للمنظِّم أو للإمام المسجد أو للإخوة الذين يعملون أو لإدارة الدعوة أو مركز الدعوة أو من ينظم الدورة في أي مكان لابد له أن ينظر إلى حاجة طلبة العلم وحاجة الشباب الذين يرومون هذه الدروس، وهذه الحاجة تختلف باختلاف المكان والزمان، وتختلف باختلاف المعلمين، وما يراد أن يعلم الطلبة.
ولهذا ينبغي أن ينظر في البلد والمكان والزمان ما المناسب فيه، فلا شك أن دورات الشتاء من حيث الزمان غير دورات السيف في ترتيبها الوقت كما سيأتي.
أيضا من جهة المكان؛ البلد، المسجد، وضع ذلك، ليس كل أحد يريد أن يقيم دورة أو دروس علمية يناسب أن يقيمها في مسجده؛ لأنه سيحضر الجم الغفير، وسيحضر الطلبة الذين يريدون الاستفادة، وهذا ينبني عليه ترتيب المكان، وينبني عليه ترتيبات كثيرة حتى يستفيد، وصلاحية المكان في نفسه من جهة إذا كان في الصيف من جهة أن يكون التكييف جيدا ومن جهة أن يكون المداخل والمخارج.
فإذن الدروس العلمية من جهة التنظيم تختلف فلا بد من رعاية الحال زمانا ومكانا.
ثم أيضا المنظمون ينبغي لهم أن يعتنوا بادئ ذي بدئ بالتنظيم والترتيب للدورة قبل قيامها بوقت طويل؛ لأنك تحتاج إلى ترتيب مع المشايخ في أوقات محددة حتى هم أيضا يرتبون أنفسهم.
مرّ علينا بعض الإخوة يريدون إقامة دروس، أو بعض الدورات المختصرة أو المطولة ويحاولون يقولون: أقنع الشيخ فلان أن يشترك معنا. وبالتالي ظهر أنهم لم يخبروه إلا قبل المدة بأسبوعين أو ثلاثة أو نحو ذلك، وهو عنده تراتيب أُخر انشغل بها، أو لم يستطيع أن يجيبهم، وهذا الحق معه لا معهم؛ لأن المسألة في الالتزام بثلاثة أسابع متوالية أو أسبوعين متواليين أو ربما أكثر في بعض الأماكن شهر متوالي في وقت محدد، في زمان محدد، هذا يحتاج إلى أن يرتب نفسه، وخاصة في العطل التي يكون للكثير فيها ترتيبات.
فإذن المنظم عليه أولا أن يرتب قبل مدة طويلة أربعة أشهر، خمسة أشهر، ستة أشهر، حتى يستطيع أن ينسق مع الجميع.
هذا أيضا يسبقه اختيار الذين سيشاركون، من يختار المنظمون، من يختار من العلماء من طلبة العلم من المشايخ، هذا سيأتي بيان صفات المعلم الذي يصلح للدورات.
من المشايخ أو من طلبة العلم أو من المعلمين من يصلح لدروس على طول السنة؛ لكن لا يصلح للدورات؛ لأن الدورات هذه فيها تتابع في المعلومة وفيها ترتيب للدرس وفي الوقت وصلة أيضا كثيرة بالطلاب، ورعاية للجميع من أوجه مختلفة.
ولهذا ينبغي لمن يرعون مثل هذه الدروس أن يختاروا من يناسب في تحقيق الهدف من الدورات، فترتيب الأمر باختيار العلماء، باختيار المشايخ، في الزمان والمكان والترتيب معهم مسبقا هذا مهم لأنه العنصر الأساس في إنجاح الدروس.
الأمر الثالث في التنظيم أن يرتِّب المنظمون الأمر مع من سبقوا في فهم ما يُحتاج إليه في الدورات؛ يعني مثلا يكون في بلد ما سواء كان في داخل المملكة العربية السعودية أم في خارجها، أول مرة يريدون أن يقوموا بدورة ولكن ما يعرفون، فمن الحسن أن يتّصلوا بمن أقام بدورات وناجحة، من أقام دروسا علمية ناجحة ويستشيروهم؛ لأن المؤمن يستشير وما خاب من استشار.
وبعض الدورات فشلت؛ لأنهم ما استشاروا لأن يظنون المسألة ترتيب على ورق، فلما حضر الناس والزمان والمكان صار هناك نوع من الخلل، فلذلك لابد من أن تنظر في حال الدورات التي نجحت كيف نجحت.
الأمر أيضا الثالث الذي يحتاج إليه المنظمون والقائمون على شؤون الدورات سواء أكانوا في مراتب الدعوة التي تتبع لوزارة الشؤون الإسلامية أم كانوا من أئمة المساجد أم كانوا من الإخوة الذين يجتمعوا على الخير، لابد أن يعتنوا بقصد إفادة الطلاب، ليس المقصود أن يشارك فلان من الناس؛ لأجل أن يكثر الحضور، وإنما المقصود إفادة الطلاب بهذه الدروس العلمية، ومعلوم أن المشاركين منهم من يناسب للمحاضرات؛ لكن لا يجيد فنّ التعليم، ولو أجاد فن التعليم قد لا يجيد فن التدريس بهذه الدورات المكثفة، أيضا منهم من لا يُحسن مخاطبة الطلاب -طلاب العلم- في هذا الوقت الوجيز في العلم الذي يحسنه، مثلا هو يحسن أصول الفقه، الجدول لما نظموه كان فراغ في العقيدة، قالوا درس العقيدة، حصل هناك نوع من الارتباك وأيضا الطلاب ما استفادوا.
أيضا من الجهات المهمة أن تكون المادة التي تُجمع المادة -المادة التي تقوم عليها الدورة-؛ يعني الموضوع الفنون أن تكون مشتملة على كل ما يحتاج إليه الطلاب، وأهم ذلك وأعظمه كما سيأتي التوحيد، ثم العلم بالسنة ثم ما يتبع ذلك.
فإذن المنظمون يحتاجون إلى رعاية المكان وتهيئته، وإلى رعاية الزمان، وإلى رعاية المعلم، واختيار المعلم والمدرس واختيار الشيخ الذي سيلقي اختيار بعناية؛ لأن المقصود النفع، وأيضا اختيار الموضوعات اختيار الفنون، اختيار الكتب، اختيار المتون أن يكون ذلك بدقة.
فهذه قد لا يستطيعها كل أحد، ولهذا كان من حسنات الإخوة القائمين على هذه الدروس العلمية في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية وفي مقدمتهم الأخ فهد الغراب وفقه الله لكل خير وغيره من الإخوة، كان من حسناتهم أنهم يستشيرون أهل العلم ويستشيرون طلبة العلم فيما يحسن اختياره من الموضوعات والفنون والمتون، سبق في الدورة الماضية أنه جرب كذا ما الذي يناسب؟ بعض الكتب لا يكون متنا يصلح في منهجية طلب العلم، نعم هو متن صغير؛ لكنه لا يصلح متنا في المنهجية إما لتفرق مادته أو ضعف أسلوب أو عدم اشتماله على كل ما يُحتاج إليه في هذا الفن أو ما أشبه ذلك.
فإذن الترتيب مع يحسن العلم فيمن ينظم هذه الدورات هذا مهم.
فهذه إشارات بضرورة الترتيب والتنظيم لعله أن يسمعها بعض الأخوة في كل مكان وأن يعدّوا للأمر عدته؛ لأنه لابد من القيام للحق فيما ينفع الناس.
الركن الثاني المهم من أركان إقامة هذه الدروس: المعلم، الشيخ، طالب العلم الذي سيلقي الدرس.
ولاشك أن المشايخ أو أن طلبة العلم يختلفون في استعداداتهم، فالله جل وعلا وهب الناس مواهب، وقد يوهب المتأخر ما فات على المتقدم، وقد يوهب الصغير ما لم يدركه الكبير، وهكذا؛ بل قد يكون المتوسط في السن أقرب إلى حاجة الشباب حاجة طلاب العلم فيما يعرفه من استجابتهم للعلم وكيف يلقي عليهم العلم، ربما كان أكثر من بعض من هو أكبر منه سنا.
لهذا اختيار الشيخ والمعلم هذا من أهم أسباب نجاح الدروس العلمية، ولهذا أشرت إلي فيما سبق إلى أنّ الدروس هذه يُعطى فيها متن لمدة وجيزة، قد يكون المتن يمكن تدرسه في سنة، كل أسبوع درس في كل أسبوع درس وينجح من يدرسه؛ لكن لو ضممتها أن يشرح متن في أسبوع ربما لم يستطعه ذاك الذي يستطيعه في سنة، تجد أنه ربما شرح أربع ورقات أو ثلاث صفحات ثم ترك أكثر من ثلثي الموضوع ثلثي المتن بلا شرح.
لهذا من المهم للمنظم، ومن المهم أيضا للمعلم، لطالب العلم أو للشيخ أن ينظر في تقسيم المتن على الزمن، عنده ثمانية عشرة درسا، إذا كان كل يوم درس، وكل أسبوع فيه ستة دروس، فعندنا في ثلاثة أسابيع مثلا ثمانية عشرة درسا، عندنا في أسبوعين كم؟ اثنا عشرة درسا وهكذا.
فإذن يقسمه بالترتيب والذي حصل في دورات -سواء تقام في هذا المسجد أو في غيره-، أن علم الشيخ أو علم المعلم أو علم طالب العلم كان أكبر من زمن الدورة، ففصّل تفصيلات كثيرة ومفيدة لكن ضاق الوقت فترك الطلاب بلا إكمال، والملاحظ أن الذين يستفيدون من الدورات ليسوا هم الذين يحضرون، أنتم تحضرون قد يبلغ عددكم بالمئات؛ لكن من يستفيد من الدورات آلاف، عشرات الآلاف؛ بل ربما مئات الآلاف، وحدثني بعض الإخوة من الدعاة ومن المشايخ ممن زاروا بعض البلاد في إفريقيا أو أوروبا وجدوا فيها الدورات التي أقيمت في هذا المسجد أو في غيره مسجلة على الأشرطة؛ لكن ينتفع الناس بالكتاب الذي شرح كاملا بالمتن الذي شرح كاملا، يوجد عندهم مجموع في عشرة أشرطة، في ثمانية أشرطة غلى آخره.
ولهذا أوصي المشايخ وطلبة العلم وأوصي المعلمين في هذه الدورات وفي أي مكان أن يرتبوا الزمن، وأن أن لا ينساقوا وراء المعلومة فينقضي الزمن ولم ينقض من الكتاب إلا صفحة أو صفحتان.
لهذا كان من اللوازم أن ينبه القائمون على الدروس أن ينبهوا الشيخ فيما لو استطرد في البداية لو مضى درسان وهو مستطرد ويفوت جزء من الوقت أن ينبهوه على ضرورة الزمن، والاهتمام بالزمن وأن يكون الشرح متواكبا مع قصر المدة وما ينبغي في ذلك.
أيضا ينتبه إلى مسألة وهي في اختيار المنظّمون أو اختيار القائمون على الدروس المشايخ واختيار المعلّمين، منهم من يحسن الدروس؛ لكن بتحضير، الدورات العلمية، ولابد من الإيضاح -إيضاح ذلك-؛ لأنه إن شاء الله نرجوا أن يكون منكم جبلا كثيرا ممن يدرّس وبعلم في دورات سواء في داخل المملكة أو خارجها؛ لأنها مسؤولية في أعناقنا وفي أعناقكم في حمل العلم ونقله؛ لأن الناس محتاجون أكثر ما يحتاجون إليه إلى العلم وكلٌّ يعلِّم ما يُحسن.
نقول: من المهم أن ينتبه طالب العلم إلى أنه ليس كل العلم يلقى بتحضير، أحيانا تحتاج إلى تحضير، وأحيانا يكون التحضير سببا في إطالة المادة، في إطالة الموضوع، في إطالة الإلقاء، فهو يحضّر من كتب كثيرة، فإذا جاء لإلقاء الدرس أتى بمعلومات تفصيلية مما حضره؛ لكن لا يحتاجها الطالب في شرح هذا الكتاب، تجد أنه يفصل ونقل من الكتاب الفلاني ونقل من الكتاب الفلاني؛ لكن الدورات في الواقع والدروس العلمية المكثفة هذه تحتاج إلى معلم يُمِرّ المتن بإيضاح عبارته وبيانها والاستدلال عليها وإيضاح العلم وحفظ مقصود العلم ومقصود المؤلف في كلام والمرور على ذلك سريعا بلا إخلال.
وهذا يحتاج إلى دربة ويحتاج إلى علم حاضر في كل الفن، وتحضير قليل، ولكن التحضير الواسع ربما أخلّ بالعملية التعليمية في الدروس العلمية هذه.
لهذا ينبغي أن يكون هناك نوع من التسهيل في إلقاء المعلومات؛ لابد من القوة العلمية والفوائد؛ لأن طلبة العلم إذا لم يجدوا فوائد فإنهم لن يستمروا، فإذا كانت المادة العلمية قوية، وكانت المعلم مستعدا وملكته قابلة، ولغته قريبة واضحة، وإلقاؤه فيه سهولة وعدم تقعّر، فإنه تكون الفائدة أكثر والمرور على المتن أيسر ومن ثم يكون تحصيل المتلقي أعظم.
الجهة الثانية في المعلم أن الطلاب قد يحتاجون إلى السؤال، وأنت تلاحظ في الدورات العلمية أن المكروفونات أمام الملقي كثيرة؛ لأن الذين يسجلون كثر وهذا يعني أن الفائدة من كلام المعلم أو من كلام الشيخ ليست مقصورة على الحاضرين.
ولهذا لا ينبغي أن يقطع الحاضر الكلام بأسئلة تخلّ بالتسجيل؛ لأن المراد أيضا مع فائدة الموجودين أن تُحفظ هذه الدروس مشروحة، كيف ظنّكم لو وجدنا شرح إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لكتاب التوحيد مسموعا لدينا بعد هذه السنين؟ كيف لو وجدنا شرح شيخ الإسلام ابن تيمية أو تفسيره للقرآن موجودا أو شرحه للواسطية؟ كيف لو وجدنا شرح الشيخ محمد بن إبراهيم مسجلا؟ وأنتم الآن عندكم شروح جلة من العلماء كسماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله ورفع درجته الجنة وألحقه بالصديق، وكذلك شروح عدد من مشايخنا كالشيخ ابن عثيمين والشيخ صالح الفوزان أو من لهم مشاركات قوية في التعليم والدروس، هذه موجودة لديكم والاستفادة منها عظيمة، فلابد من حفظها، هذا الحفظ أيضا مقصود من الدورات والدروس العلمية حفظ هذا العلم في أشرطة حتى ينتفع طلبة العلم بعد ذلك، لا تدري متى يحتاج الناس إلى هذا العلم.
لهذا المعلم ينبغي أن يستحضر هذه التبعة العظيمة في أنهم يلقي كلام والكلام سيسجل وسيستفيد منه الناس ليس في غضون سنة أو سنتين أو ثلاثة سنوات؛ بل سيستفيدون منه ربما بعد مائة عام، لهذا عليه تبعة عظيمة، وأيضا المتبقي من طلاب العلم الذين يحضرون الدروس لابد أن يستحضروا هذه الملحوظة، وأن لا يقطعوا درس الشيخ ليس بالأسئلة ألا يقطعوه أيضا بالحركة، لا يشتتوا الذهن بقيام جلوس؛ لأن هذا أيضا يضعف الدرس، هذا أيضا يؤثر المعلم.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
فإذا كان الجميع منصتا وكان متلقيا التلقي الصحيح، كان المعلم أنشط في إلقاء العلم، ولهذا كان سفيان وغير وسفيان كمالك من أهل العلم يقول: كنا إذا نشطنا أسندنا -يعني الحديث- وإذا كسلنا أرسلنا. كيف هو المسألة بالمزاج ومرة يرسل يقول قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدون ذكر الإسناد، هذا راجع إلى الوضع النفسي للمعلم لاشك، لكن أيضا راجع إلى المتلقي وهذا ألاحظه أنا في الدروس والمشايخ يلاحظونه، لأن حركة الطلاب واستعداد الطالب وتلقيه وحسن إنصاته وحسن كتابته ينشّط المعلم للفوائد، مرات مثلا في بعض القرى وفي بعض زياراتي ألقي الدرس ولا أحد يكتب ولا وجود لتسجيل، ولا أحد معه ورقة وقلم يكتب، طبعا هذا ليس من خصال طالب العلم، معه حضور بلا سلاح، سلاح طالب العلم ما هو؟ القلم والورقة، هذا الذي يجمع فيه السلاح للمستقبل، المعلم إذن لن ينشط فإذا شاف أن الطالب لم يهتم فإذن لن ينشط.
فإذن هذه الدروس في التسجيل مهم جدا أن يتعاون فيها المعلم والمتعلم في إنجاحها، وفائدتها ليست مقصورة على الحاضرين، وإنما على جميع من سيسمع، هي ممتدة على جميع من سيسمع في بلاد شتى ربما في أوربا في أفريقيا في الصين في أندونيسيا في الشمال في الجنوب في أي مكان. لهذا احرصوا على الإفادة والاستفادة.
أيضا مما ينبغي للمعلم أن يكون مستحضرا أن هذه الدورات والدروس العلمية هي للمتوسطين من الطلاب، لا ينبغي أن يحملها على المتقدمين؛ لأن المتقدمين قلة ولا على المبتدئين فتفوت الفائدة على المتوسطين، فيكون التوجه فيها إلى المتوسطين من طلاب العلم في أسلوبها، فيستخدم أسلوبا في بيانه لا يرتفع عنه الحاجة ولا يتقاصر عنه الرّيض المبتدئ؛ بل بيْن بين، وهذه صفة الربانيين من العلماء فيما وصفهم الله جل وعلا بقوله ?وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ?[آل عمران:79]، والله جل وعلا هنا وصف الرباني من أهل العلم بأنه يعلّم ويدرُس، أما الذي يعلم ويستغني على أن يدرُس، فهذا ليس ربانيا يعلّم.
صفة التعليم قال أبو عبد الله البخاري: الرباني هو الذي يعلّم الناس صغار قبل كباره. يعني بسب الحاجة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوتي جوامع الكلم وكان الكلام يختصر له اختصارا، يفهمه العامي والذكي والبليد والحاضر والبادي إلى آخره.
فإذن في هذه الدورات يستحضر المعلم فيما يلقيه يستحضر المتوسطين من طلاب العلم والمتلقين، ولو كان الذي أمامه جميعا من الحاذقين، فلابد أن يستحضر لما كانت الدورة دروس علمية مكثفة في مدة وجيزة فستحفظ الأشرطة وستنقل إلى آخره استحضار المتوسطين في العلم، وهذا يعني أنه سيفيدهم فوائد يرتفع بهم في العلم والتعريفات والضوابط والقواعد إلى آخره.
ومما ينبغي أن يكون عليه المعلم وأن يحرص عليه أن يتجنّب في الدورات الأساليب الإنشائية؛ يعني الوصفية، يأتي يتكلم ويتكلم؛ لأنني أنا لاحظت في مشاركاتي السابقة وفي الدروس التي ألقيتها، ألاحظ أن الطلاب والمعلم يتكلم، متى يبدأ يكتب؟ إذا وجد فائدة، وخاصة إذا كانت الفائدة مشتملة على تعريف أو ضابط المسألة أو تقسيمات، تعريف مثلا نقول: وتعريف التوحيد هو كذا، تعريف الحقيقة كذا، تجد أن الطالب بدأ يكتب، أو ضابط المسألة هو كذا، ضابط الصفيق من الثياب كذا، ضابط السدل كذا، هنا النمص تعريفه كذا، تجد الطالب مباشرة يأخذ القلم ويبدأ يكتب، يتكلم المعلم يقول وهذه منقسمة إلى أربعة أقسام، منقسمة إلى ثلاثة أقسام، ألاحظ مباشرة طلاب العلم وهم يحضرون الدرس يبدؤون يكتبون.
إذن الطلاب والمتعلمون إذا حضروا الدورات يريدون الاستفادة، والاستفادة التي تكون متوسطة أن يحرص المعلم -وهذه وصية لكل معلم- أن يحرص على ذكر الفوائد دون الاستطراد في الوصف، وهذه هي التي تبقى يدوّنها هؤلاء وتبقى معهم وهي التي تفتح لهم فهم العلوم.
إذا ضبط لهم متن الوحيد وأعطاهم الضوابط، الشرك الأكبر تعريفه ضابطه الأصغر تعريفه ضابطه، التنديد تعريفه وضابطه، ما الفرق بين هذا وهذا؟ الفرق بين الشرك الأصغر والخفي، وأشباه هذه المسائل، هذه هي التي ستبقى معه، وهي الفوائد التي لن يجدها في كل كتاب.
أما الوصف فيمكن أن يقرأ ويستفيد، والناس ملكات هم درجات عند الله؛ لكن الضوابط هذه هي حصيلة علم طالب العلم، المعلم حصيلته العلمية هي الفروق الدقيقة، وإلا لماذا الناس لا يقرؤون في الكتب، ويقتصرون عليها؛ لأن الكتب ليس فيها كل شيء، وإنما حتى يصل لابد أن يقرأ كتب كثيرة، وأن يلاقي مشايخ كثيرين حتى يحصل له ملكة في العلم.
هذه فائدة المعلم أنه يفتح لطالب العلم في الدورات الآفاق، فلهذا أوصي بالحرص على التعاريف، الحرص على ضوابط، على نكتة المسألة، على الفروق بين المسائل المتشابهة، على التقاسيم، قسّم، تارة يأتي المعلم التقسيم في ذهنه لكنه يعطف التقسيم بالواو، مثل ما هو موجود في كتب الفقه أو في بعض كتب العقيدة أو بعض كلام المتقدمين، تجد أنه يقسم لكنه لا يقول النوع الأول النوع الثاني والنوع الثالث، إنما يعطفها بالواو أو بأو، الشيخ وهو يدرُس أو وهو يستفيد ويقرأ أو يحضر أو في حياته العلمية يعرف هذا الواو أو (أو) أنها تقسيمات.
فإذن في الوقت الحاضر الطلاب لما تقول له: والشرك أكبر وأصغر وخفي. أو تقول الماء طاهر وطهور ونجس ومشكوك فيه، يمكن ما يلتفت له وتصبح العبارة أشبه بعبارات المتون.
لكن لو أتى المعلم وسهل الأمر وقال القسم الأول هو كذا، والقسم الثاني هو كذا والقسم هو كذا.
أيضا في اختلاف العلماء في المسائل الخلافية، يذكر المسألة الخلافية والأقوال فيها مرتّبة، القول الأول دليله وجه الاستدلال منه، القول الثاني وجه الاستدلال منه، والترجيح الذي يظهر له، وقد لا يكون راجحا عند غيره ولكن الترجيح الذي يظهر له.
من المهم أيضا للطالب في نظرته للمعلم أنه لا ينظر للمعلم في الدورات والأستاذ حتى في الجامعة أنه إمام في كل شيء، عالم حافظ، لا تنظر إليه بهذه النظرة.
إذن لن تستفيد إلا من أناس كما وصفهم الذهبي بقوله: كدتُّ لا أراهم إلا في كتاب أو تحت أطباق تراب. لا تصعب الشرط في تلقي العلم تنتقد هذا وتنتقد هذا، أن يلقي العلم وهو متقّ لله فيه، لا ينسب لله جل وعلا ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لدين الإسلام أو للعلم الشرعي ما لا يعرفه من كلام أهل العلم، لا يدخل اجتهاداته الشخصية في العلم؛ لأن المقصود في الدروس العلمية هي نقل العلم كما نقله العلماء، بقاء العلم في هذه الأمة، العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة قال أهل العلم.
إذن لا يصعب الشرط فتسيء الظن.
وأيضا لا تشترط في المعلم خاصة في الدورات أن لا يخطئ في مسألة ليس صحيحا، قد يكون عند أحد الطلاب مثل ما وجدناه عدة مرات، بعدما ما نلقي المسألة أحد الأخوة يقول: ترى هذه المسألة أنت قلت فيها كذا وهذا؛ يعني مرجوح أو فيه كذا، أو في حديث الفلاني أو بعض أهل العلم فصل التفصيل الفلاني، فيفيد الطالب المعلم وابن الخشاب الحنبلي يقول أنا تلميذ تلامذتيـ وهذا صحيح؛ لأن العلم يستفيد وأيضا يستفيد والفائدة من هذا إلى هذا والفائدة، أنت الحظ من منكم يدرس حديثا تخرج ودرّس سواء تدريس أو في وزارة المعارف يعني في المدارس الثانوية أو المتوسطة أو تدريس في كليات أو نحو ذلك أو لما يدرس الإنسان أو ما يدرس طالب العلم تجد أنه يستفيد من الطلاب، وهكذا حتى مع السنين تقل استفادته من الطلاب يكون هو يفيد أكثر؛ لأن أمامه عقولا تناقشه فيما يقول، وهو قد يركّز ويستعد؛ لكن تأتي مسألة يجد أنه لابد أن يقول فيها وفيذكر ما عنده؛ لكن يكون ما عنده فيها ليس هو القول الصحيح أو ليس هو التحقيق أو يفوته شيء أو يغلط في نسبة حديث أو ما أشبه ذلك.
إذن فالعلم بين المعلم في الدورات بين المعلم والمتعلم، لا يرتفع المعلم عن أن يستفيد من الطلاب، ولا يستنكف الطالب أن يفيد المعلم أو أن يظن أن المعلم يجب أن لا يخطئ أو أن يكون القمة في شرحه هذا لا يمكن.
لهذا لابد أن يكون هناك استفادة، وكل أحد من طلاب العلم المشهود لهم بالعلم والمشهود لهم بالمعرفة وحفظ الفن الذي يدرس فيه، لابد أنك ستستفيد منه ما شاء الله من الفوائد؛ لكن لا تشترط شروطا يصعب وجودها إلا في أحمد بن حنبل أو البخاري أو ابن تيمية أو الأئمة هذا لا يمكن.
ننتقل إلى الركن الثالث وهو المتعلم، طالب العلم الذي يحضر الدورات ما خصاله؟ ما صفته؟ كيف يستعد لهذه الدورات؟ كيف ينشط لها؟ كيف يهيئ لنفسه أكبر استفادة من الدورات والدروس العلمية؟
أولا طالب العلم يجب عليه إذا أراد حضور الدورات العلمية أن يخلص الرجاء في ربه الكريم أن يفتح قلبه للعلم والاستفادة؛ لأن القلب تأتيه الشواغل والخواطر، فبينما هو ينصت إذ يأتيه خاطر يقطع عنه الاستفادة ثم يريد أن ينصت من جديد تلخبط عليه الإنصات والفوائد فيلغي الأخير الأول؛ لأنه ما تابع، فلابد من حسن اللجأ إلى الله جل وعلا أن يمنحك الفقه في الدين والاستفادة والصبر على العلم؛ لأن العلم لابد له من صبر.
وهذا فيه الإخلاص، وفيه الصدق مع الله جل وعلا، وفيه حسن التوجه؛ لأن هذا العلم عبادة، طلب العلم عبادة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في جوف الماء، وهذه فضيلة عظيمة.
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
فإذن هذه الدروس في التسجيل مهم جدا أن يتعاون فيها المعلم والمتعلم في إنجاحها، وفائدتها ليست مقصورة على الحاضرين، وإنما على جميع من سيسمع، هي ممتدة على جميع من سيسمع في بلاد شتى ربما في أوربا في أفريقيا في الصين في أندونيسيا في الشمال في الجنوب في أي مكان. لهذا احرصوا على الإفادة والاستفادة.
أيضا مما ينبغي للمعلم أن يكون مستحضرا أن هذه الدورات والدروس العلمية هي للمتوسطين من الطلاب، لا ينبغي أن يحملها على المتقدمين؛ لأن المتقدمين قلة ولا على المبتدئين فتفوت الفائدة على المتوسطين، فيكون التوجه فيها إلى المتوسطين من طلاب العلم في أسلوبها، فيستخدم أسلوبا في بيانه لا يرتفع عنه الحاجة ولا يتقاصر عنه الرّيض المبتدئ؛ بل بيْن بين، وهذه صفة الربانيين من العلماء فيما وصفهم الله جل وعلا بقوله ?وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ?[آل عمران:79]، والله جل وعلا هنا وصف الرباني من أهل العلم بأنه يعلّم ويدرُس، أما الذي يعلم ويستغني على أن يدرُس، فهذا ليس ربانيا يعلّم.
صفة التعليم قال أبو عبد الله البخاري: الرباني هو الذي يعلّم الناس صغار قبل كباره. يعني بسب الحاجة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوتي جوامع الكلم وكان الكلام يختصر له اختصارا، يفهمه العامي والذكي والبليد والحاضر والبادي إلى آخره.
فإذن في هذه الدورات يستحضر المعلم فيما يلقيه يستحضر المتوسطين من طلاب العلم والمتلقين، ولو كان الذي أمامه جميعا من الحاذقين، فلابد أن يستحضر لما كانت الدورة دروس علمية مكثفة في مدة وجيزة فستحفظ الأشرطة وستنقل إلى آخره استحضار المتوسطين في العلم، وهذا يعني أنه سيفيدهم فوائد يرتفع بهم في العلم والتعريفات والضوابط والقواعد إلى آخره.
ومما ينبغي أن يكون عليه المعلم وأن يحرص عليه أن يتجنّب في الدورات الأساليب الإنشائية؛ يعني الوصفية، يأتي يتكلم ويتكلم؛ لأنني أنا لاحظت في مشاركاتي السابقة وفي الدروس التي ألقيتها، ألاحظ أن الطلاب والمعلم يتكلم، متى يبدأ يكتب؟ إذا وجد فائدة، وخاصة إذا كانت الفائدة مشتملة على تعريف أو ضابط المسألة أو تقسيمات، تعريف مثلا نقول: وتعريف التوحيد هو كذا، تعريف الحقيقة كذا، تجد أن الطالب بدأ يكتب، أو ضابط المسألة هو كذا، ضابط الصفيق من الثياب كذا، ضابط السدل كذا، هنا النمص تعريفه كذا، تجد الطالب مباشرة يأخذ القلم ويبدأ يكتب، يتكلم المعلم يقول وهذه منقسمة إلى أربعة أقسام، منقسمة إلى ثلاثة أقسام، ألاحظ مباشرة طلاب العلم وهم يحضرون الدرس يبدؤون يكتبون.
إذن الطلاب والمتعلمون إذا حضروا الدورات يريدون الاستفادة، والاستفادة التي تكون متوسطة أن يحرص المعلم -وهذه وصية لكل معلم- أن يحرص على ذكر الفوائد دون الاستطراد في الوصف، وهذه هي التي تبقى يدوّنها هؤلاء وتبقى معهم وهي التي تفتح لهم فهم العلوم.
إذا ضبط لهم متن الوحيد وأعطاهم الضوابط، الشرك الأكبر تعريفه ضابطه الأصغر تعريفه ضابطه، التنديد تعريفه وضابطه، ما الفرق بين هذا وهذا؟ الفرق بين الشرك الأصغر والخفي، وأشباه هذه المسائل، هذه هي التي ستبقى معه، وهي الفوائد التي لن يجدها في كل كتاب.
أما الوصف فيمكن أن يقرأ ويستفيد، والناس ملكات هم درجات عند الله؛ لكن الضوابط هذه هي حصيلة علم طالب العلم، المعلم حصيلته العلمية هي الفروق الدقيقة، وإلا لماذا الناس لا يقرؤون في الكتب، ويقتصرون عليها؛ لأن الكتب ليس فيها كل شيء، وإنما حتى يصل لابد أن يقرأ كتب كثيرة، وأن يلاقي مشايخ كثيرين حتى يحصل له ملكة في العلم.
هذه فائدة المعلم أنه يفتح لطالب العلم في الدورات الآفاق، فلهذا أوصي بالحرص على التعاريف، الحرص على ضوابط، على نكتة المسألة، على الفروق بين المسائل المتشابهة، على التقاسيم، قسّم، تارة يأتي المعلم التقسيم في ذهنه لكنه يعطف التقسيم بالواو، مثل ما هو موجود في كتب الفقه أو في بعض كتب العقيدة أو بعض كلام المتقدمين، تجد أنه يقسم لكنه لا يقول النوع الأول النوع الثاني والنوع الثالث، إنما يعطفها بالواو أو بأو، الشيخ وهو يدرُس أو وهو يستفيد ويقرأ أو يحضر أو في حياته العلمية يعرف هذا الواو أو (أو) أنها تقسيمات.
فإذن في الوقت الحاضر الطلاب لما تقول له: والشرك أكبر وأصغر وخفي. أو تقول الماء طاهر وطهور ونجس ومشكوك فيه، يمكن ما يلتفت له وتصبح العبارة أشبه بعبارات المتون.
لكن لو أتى المعلم وسهل الأمر وقال القسم الأول هو كذا، والقسم الثاني هو كذا والقسم هو كذا.
أيضا في اختلاف العلماء في المسائل الخلافية، يذكر المسألة الخلافية والأقوال فيها مرتّبة، القول الأول دليله وجه الاستدلال منه، القول الثاني وجه الاستدلال منه، والترجيح الذي يظهر له، وقد لا يكون راجحا عند غيره ولكن الترجيح الذي يظهر له.
من المهم أيضا للطالب في نظرته للمعلم أنه لا ينظر للمعلم في الدورات والأستاذ حتى في الجامعة أنه إمام في كل شيء، عالم حافظ، لا تنظر إليه بهذه النظرة.
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
إذن لن تستفيد إلا من أناس كما وصفهم الذهبي بقوله: كدتُّ لا أراهم إلا في كتاب أو تحت أطباق تراب. لا تصعب الشرط في تلقي العلم تنتقد هذا وتنتقد هذا، أن يلقي العلم وهو متقّ لله فيه، لا ينسب لله جل وعلا ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لدين الإسلام أو للعلم الشرعي ما لا يعرفه من كلام أهل العلم، لا يدخل اجتهاداته الشخصية في العلم؛ لأن المقصود في الدروس العلمية هي نقل العلم كما نقله العلماء، بقاء العلم في هذه الأمة، العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة قال أهل العلم.
إذن لا يصعب الشرط فتسيء الظن.
وأيضا لا تشترط في المعلم خاصة في الدورات أن لا يخطئ في مسألة ليس صحيحا، قد يكون عند أحد الطلاب مثل ما وجدناه عدة مرات، بعدما ما نلقي المسألة أحد الأخوة يقول: ترى هذه المسألة أنت قلت فيها كذا وهذا؛ يعني مرجوح أو فيه كذا، أو في حديث الفلاني أو بعض أهل العلم فصل التفصيل الفلاني، فيفيد الطالب المعلم وابن الخشاب الحنبلي يقول أنا تلميذ تلامذتيـ وهذا صحيح؛ لأن العلم يستفيد وأيضا يستفيد والفائدة من هذا إلى هذا والفائدة، أنت الحظ من منكم يدرس حديثا تخرج ودرّس سواء تدريس أو في وزارة المعارف يعني في المدارس الثانوية أو المتوسطة أو تدريس في كليات أو نحو ذلك أو لما يدرس الإنسان أو ما يدرس طالب العلم تجد أنه يستفيد من الطلاب، وهكذا حتى مع السنين تقل استفادته من الطلاب يكون هو يفيد أكثر؛ لأن أمامه عقولا تناقشه فيما يقول، وهو قد يركّز ويستعد؛ لكن تأتي مسألة يجد أنه لابد أن يقول فيها وفيذكر ما عنده؛ لكن يكون ما عنده فيها ليس هو القول الصحيح أو ليس هو التحقيق أو يفوته شيء أو يغلط في نسبة حديث أو ما أشبه ذلك.
إذن فالعلم بين المعلم في الدورات بين المعلم والمتعلم، لا يرتفع المعلم عن أن يستفيد من الطلاب، ولا يستنكف الطالب أن يفيد المعلم أو أن يظن أن المعلم يجب أن لا يخطئ أو أن يكون القمة في شرحه هذا لا يمكن.
لهذا لابد أن يكون هناك استفادة، وكل أحد من طلاب العلم المشهود لهم بالعلم والمشهود لهم بالمعرفة وحفظ الفن الذي يدرس فيه، لابد أنك ستستفيد منه ما شاء الله من الفوائد؛ لكن لا تشترط شروطا يصعب وجودها إلا في أحمد بن حنبل أو البخاري أو ابن تيمية أو الأئمة هذا لا يمكن.
ننتقل إلى الركن الثالث وهو المتعلم، طالب العلم الذي يحضر الدورات ما خصاله؟ ما صفته؟ كيف يستعد لهذه الدورات؟ كيف ينشط لها؟ كيف يهيئ لنفسه أكبر استفادة من الدورات والدروس العلمية؟
أولا طالب العلم يجب عليه إذا أراد حضور الدورات العلمية أن يخلص الرجاء في ربه الكريم أن يفتح قلبه للعلم والاستفادة؛ لأن القلب تأتيه الشواغل والخواطر، فبينما هو ينصت إذ يأتيه خاطر يقطع عنه الاستفادة ثم يريد أن ينصت من جديد تلخبط عليه الإنصات والفوائد فيلغي الأخير الأول؛ لأنه ما تابع، فلابد من حسن اللجأ إلى الله جل وعلا أن يمنحك الفقه في الدين والاستفادة والصبر على العلم؛ لأن العلم لابد له من صبر.
وهذا فيه الإخلاص، وفيه الصدق مع الله جل وعلا، وفيه حسن التوجه؛ لأن هذا العلم عبادة، طلب العلم عبادة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في جوف الماء، وهذه فضيلة عظيمة.
فإذن أحين الظن بالله جل وعلا، وأحسن اللجأ بأن يفتح الله جل وعلا قلبك بالعلم ولأن يرسخ العلم في قلبك.
الأمر الثاني مما ينبغي أن تحرص عليه أن تكون عدتك في طلب العلم كاملة، ما هي العدة؟ أن يكون معك القلم، تتعهد القلم ولو رأيتم كتب أهل العلم، مثل الجامع للخطيب، أو كتاب ابن عبد البر الجامع لبيان العلم وفضله، أو ما شابه ذلك من الكتب، تلاحظ أنه يركّز على استعداد طالب العلم بأدواته:
القلم، القلم أصبح إبرة وين القلم؟ ما لقيته، هذا ما ينفع، لابد من الاستعداد كما تستعد لأي شيء؛ لأن هذا سلاحك فإذا فتك فاتك شيء من العلم.
أيضا الدفاتر تنسيقها، أنا أرى بعض المذكرات، أو بعض الدفاتر والكراريس التي يكتب فيها بعض الإخوة ليست صحيحة، وليس قصورا منه لكن ما نبه كيف يكون لابد من تنشيطها أن تكون مرتبا في العلم، والترتيب في تلقي العلم فيتبعه وأنت تلاحظ إن شاء الله تعالى أن يكون ذهنك مرتبا في المستقبل، أما إذا كنت مشوشا في ترتيب العلم فيتشوش ذهنك، ثم بعد ذلك تتشوقف في المستقبل في تلقي العلم وفي تدريسه. لابد أن تكون مرتبا؛ يعني لكل مادة لكل متن من المتون لكل فن كراسة خاصة، تعرف تكتب الفوائد الفائدة، تعليق على المسألة لا تجعلها متوالية مثلا، هذا مثال، لا تجعلها متوالية، أو تكتب على الكتاب الفوائد حتى تمتلئ ثم بعد ذلك تريد أن ترجع إليها فلا تحسن الرجوع إليها.
لهذا سئل الإمام أحمد سئل عن الكتابة بالخط الصغير كتابة الحديث بالخط الصغير قال أكرهه؛ لأنه لا يدري متى يحتاج إليه، فربما احتاج إليه فلم يستطع استخراجه، وهذا صحيح، يكتب بخط وسط السطر ثم يبدأ يرجع ثم ينزل ثم يرجع في مدة يريد أن يدرس، يريد هو أن يراجع العلم يملّ ولا ينشط لأن كتابته ليست حسنة ولا مرتبة.
فإذن الأفضل أن تجعل لك في المتن الذي تدرسه أن تجعل أرقاما متسلسلة من واحد إلى الأخير، وفي كل مسألة عليها تعليق من المعلم من الشيخ، ليشرح لك أن تجعلها في صفحة مستقلة، ولو لم تكن إلا سطر واحد، وسيأتيك لماذا؟
مثلا قال المراد بكذا هو كذا لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ واستدل، هذه سطر واحد، لا تقول صفحة فارغة، اجعلها فارغة؛ لأنك سنحتاج يوما ما إلى أنك تفصل أنت في هذه المسألة.
افرض أن الشيخ وهو يعلّم ما فصل وأنت احتجت إلى التفصيل، فتجعلها كالتتمة لذلك، وهذا جٌرّب ووجد أنه ناجح جدا؛ لأنك تكتب أصل المسألة ثم بعد ذلك تضيف معلوماتك.
فيكون إذن شرح المعلم لهذا المتن أساسا عندك يمكنك أن تنمّي المعلومات والشروح عليه، فيكون أساسا لشرح لك أنت في نفسك أكبر فيما تستقبل من عمرك المبارك إن شاء الله تعالى.
لهذا لابد إذن في الدفتر في الكراريس أن تكون مرتبة، لا تكتب على الكتاب، سابقا يحرصون على الكتابة لقلة الورق أو لأسباب، والآن ولله الحمد أرخص ما يكون الدفاتر والكراريس، اجعل أرقاما متسلسلة كل تعليق في صفحة، إذا أردت أن تراجع تقابل بين هذا وهذا.
الوصية الثالثة لطالب العلم، قد يكون طالب العلم يحضر بعض الدروس، وقد يحرص على حضور الدورات جميعا، فما الذي ينبغي له؟ ينبغي له إذا أراد أن ينتقي من الدروس أن لا ينتقي الفن الذي يختاره بحسب فراغه، وإنما الفن الذي يحتاجه في دينه، بعض الإخوة يكون لم يدرس التوحيد، أو درسه من مدة ويريد أن يسترجعه، هنا يجعل هذا هو الأساس، وبقية الوقت بجعله للموضوعات والفنون الأخرى، بعضنا قد يكون مشغولا مع أسرته خاصة في الصيف عنده عمل عنده برامج أخرى يريد، يعني عنده أشياء في يومه وليلته، فما الذي يختاره؟ يختار العلم الذي يحتاج إليه في دينه لتكملة ملكته العلمية واستعداداته في العلم.
هذا قد يكون بسبب المعلم أنه والله موجود الشيخ فلان يدرّس أحضر لأستفيد منه وقد يكون لأسباب أخر.
لكن لابد من اختيار الوقت والفن الذي يناسب طالب العلم.
أيضا مما ينبغي لطالب العلم أن يتمسك به أن يحضّر للدرس تحضيرا جيدا، فكيف يحضر والدروس متوالية ومتتابعة؟ قد يكون تحضيره بحفظ المتن ولو لم يسمّع على الشيخ، يحفظه ليكون هذه الأسابيع قضاها في تكوين علمي صحيح، وقد يحضّر بالنظر في المسائل التي يحتاج إليها، مثلا يقرأ ثلاثة أسطر أربعة أسطر صفحة، والله هذه المسألة غريبة أبحث، ما يحضّر كل مسألة كما يحضرها المعلم، وإنما يستعد لينظر، هذا الاستعداد ليس المقصود منه فقط أنه يتعلم، المقصود منه أن يقارن ملكته بما يعطيه المعلم، وهذه مع الزمن تجد أنه ينمي نفسه بهذه الطريقة، فيحضر وينظر فيه تعامل الشيخ مع الكتاب، وكيف هو تعامل مع الفن، في التوحيد، في الأصول، في شرح أحاديث البلوغ مثلا، كيف يتعامل؟ هو الآن مثلا جرب مثلا فيه بلوغ المرام وستبتدئون إن شاء الله دراسة من كتاب الصلاة، خذ حديثا وانظر مثلا في تحضيره في سبل السلام أو في فتح الباري أو إلى آخره، كيف أنت وجدت؟ ثم قارن كيف تعامل الشيخ مع هذا المتن مع الحديث، لاشك انك ستخرج بفوائد، ربما تكون غائبة عنك.
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
والملاحظ أن المشايخ في تدريسهم لا ينقلون للطلبة كيف يتعالمون مع العلم، يعطونهم العلم؛ لكن كيف يتعامون مع العلم، كيف يدرس الآن أتكلم؟ كيف أرتب كلامي؟ أشرح حديث كيف أرتب؟ كيف أحضر له؟ كيف أختار ذلك؟ هذا لا ينقل، يذهب العالم ولا ينقله إلى من بعده.
والذي ينبغي أن يختار المعلم والعالم أن يختار من طلابه من يحسن التدريس وأن يعطيه كيف يعلّم، كيف يدرّس، كيف يرتب المسائل إلى آخره.
هذه إذا لم يكن في الدورات فرصة لها لأن الجمع الغير حاضر ولا يمكن أن يعرف من هو الطالب والحافظ، لو قام أحد من الناس أنا والله حضرت عند في الدورة في شرح البلوغ أو شرح الأربعين النووية، ما أعرف، من حضر ومن لم يحض، يمكن أتذكر واحد اثنين خمسة؛ لكن الحضور الأكثر لا أتذكر، لا يمكن نقل أشياء من العلم إلا بتعاون الطالب والمدرس يعلّم والشيخ يلقي لابد أن يكون عنده تحضير، وهذا التحضير له أنحاء شتى، تارة يراد منه تحضير الطالب أن ينظر إلى المعلومة من حيث هيه، وتارة أن يقارن كيف هو تعامل مع التعليم، كيف تعامل هو مع المتن، كيف تعامل مع الحديث، والمعلم والشيخ كيف تعامل معه، هو كيف نظر إليه ومن جهة تحضيره، فيستفيد فوائد جمة لا يمكن تحصيلها إلا بتجارب.
من الوصايا أيضا التي ينصح بها الطالب العلم: ألا يقول كما ذكرنا، والله الدورة مسجلة؛ يعني ما دام مسجلة آخذها من تسجيلات كذا والحمد لله، ما لها داعي أكتب كل شوي أكتب أكتب ما دام مسجلة، والحمد لله.
وهذا غلط كبير يقع كبير يقع فيه كثير من الإخوة؛ لأن كتابة الطالب مع الشيخ هذه مؤثرة في استعداداته العلمية وفي مشيه في العلم كما ينبغي؛ لأن العلم إذا م تكابده فإنه يتركك، إذا لم تكابد العلم فإن العلم لا يأتيك، تقول سأسمع وبعدين آخذ التسجيلات، هذا ما ينفع؛ لأن هذا ترك للمجاهدة، ترك للمكابدة، بل الذي ينبغي أنه تظن أنه لا تسجيل أنا وأحرص على اقتناص الفوائد ومراجعة ما كتبت، هذا يعطيك ملكة في تلخيص العلم، ستسمع لاشك أنك ما قاله المعلم وما قاله الشيخ حرفيا، فيه أحد يستطيع يكتب حرفيا؟ ما يمكن.
ولهذا ما ينبغي التفريق بين ما نقله الطالب كتابة، وما سُمع، وهذا جربناه في بعض الدروس الذين لخصوا الدرس تلخيصهم فيه يكون نقص كبير عما هو موجود في التسجيل، أو عما يعرفه المعلم من نفسه.
كن ما المقصود من ترك الكتابة المقصود أن تتدرب على ملكة التلخيص، أنك تسمع كلام ومباشرة هذا الكلام تستوعبه ثم تلخص هذا الكلام، فتجد أنك في أول الأمر الشيخ يسرع ما أستطيع، والمرة الثانية والله فاتني وكتبت شوي، لا تمل، تعوّد ويأتي حين فإنك الذي تسمعه لو قيل لك أعده ستعيده؛ لأنك تربيت على ملكة في أنك الكلام تستطيع أن تختصره، تستطيع أن تختصره على أروع مثال، وهذا ما يكون إلا بدربة كيف تتدبر لأن لا تعتمد على التسجيل؛ بل لابد أن تكتب فورا معه شيئا فشيئا.
من الوصايا أيضا قد يكون في هذه الدورات العلمية طبقات مختلفة من الحاضرين:
فمنهم من يحضر للعلم.
ومنهم من يحضر مبتدئ يقول: أنا أريد أن أطلب العلم، مبتدئ.
ومنهم من يحضر لمجلس الذكر خاصة بعد الفجر مثلا أو في أوقات الإجابة، يريد أن يحضر لمجلس الذكر ويستمع.
ومنهم من يحضر لفائدة والذي يحصل عليه يحصل والذي ما يحصل عليه خلاص.
والذي ينبغي حقيقة أن يتعاهد طلاب العلم من يحضرون في هذه الدورات، واحد يحضر يلاحظه من في جنبه وهو طالب علم يعرف كيف يكتب، يلاحظون أنه بوده لو تعلم؛ لكن لا يحسن الطريقة، العلم عليه صعب إلى آخره.
لهذا ينبغي أن يرحم بعضنا بعضا في الدروس العلمية وفي العلم جميعا.
ولهذا ذكرت لكم مرارا أن العلماء في المتون ربما ابتدؤوا متونهم بالوصية لطالب العلم والسؤال بالرحمة: اعلم رحمك الله، مثل مثلا في ثلاثة الأصول اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم، إلى آخره.
الرحمة والتراحم العلماء أول ما ينقلون في العلم في الإجازات -إجازات الحديث- أول ما ينقلون حديث الراحمون «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الإرض يرحمكم من في السماء» هذا الحديث الراحمون يرحمهم الرحمن هو الحديث المعروف عند العلماء بالمسلسل بالأولية؛ لأن كل شيخ يقول عن شيخه: حدثنا شيخنا فلان وهو أول حديث سمعته منه، حدثني شيخي فلان وهو أول حديث سمعته منه، إلى آخره إلى أن يصل إلى طبقة تبع تابعين.
لماذا حديث الراحمون يرحمهم الرحمن، اعلم رحمك الله؟ لأن طالب العلم من خصاله التي بها يبارك الله جل وعلا له، ويرحمه الله جل وعلا بها، أن يكون رحيما، بمن؟ رحيم بمن حوله، يرشد هذا ويعلمه ويعينه ويبذل، فالراحمون يرحمهم الرحمن.
فإذا كانت في طلب العلم رحيما بالخلق، رحيما بزملائك، رحيما بأصدقائك، رحيما بالحضور في أنوع شتى من الرحمة والتعاون والخير، فأبشر برحمة الله جل وعلا لك بوعده الصادق لقول نبيه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «الراحمون يرحمهم الرحمن» فالرحمة لها أوجه شتى.
هذه وصايا مختلفة متنوعة لعلها أن تكون معجزة لملقيها ولمن يستمعها.
وأسأل الله جل وعلا أن يجعلكم مباركين، وأن ينفع بكم.
وقبل أن تؤذن معنى في الدعاء أن يجعل فلانا مباركا هو ما جاء في الدعوة في ما جاء في سورة مريم أن عيسى عليه السلام قال ?وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ?[مريم:31] ارجعوا إلى تفسيرها ?وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ? بأن تكون معلما للعلم، قال العلماء في تفسيرها من السلف ومن العلماء: المبارك من عباد الله هو الذي يعلّم الناس الخير.
فأسأل الله أن يجعلكم مباركين وأن ينفع بكم، وأن يجعل هذه الدروس العلمية مفيدة لملقيها ومفيدة للمتلقي، وأن يبارك في الجميع، وأن يلهمكم الرشد والسداد وأن يمنحكم جميعا وإيانا الفقه في الدين، والتزام السنة، وأن لا يكلنا لأنفسنا طرفة عين إنه سبحانه جواد كريم.
اللهم اغفر لنا جما وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
[الأسئلة]
س1/ فضيلة الشيخ نحضر إلى هذه الدورة من أماكن بعيدة من خارج هذه البلاد ولا يوجد في بلادنا طلاب علم، ولكننا نستطيع الحصول أشرطة الدورة إلى أي مدى نستطيع الاستفادة منها؟
ج/ كأنه يعني هل نحضر منها وندرس هناك؛ لا بأس أن تعلّم، ليس من شرط التعليم أن تكون عالما متمكنا، أو مدرسا في جامعة أو متخصصا في فن، درّس لكن انتبه إلى الحساب، انتبه تقوى الله جل وعلا فيما تقول، لا تنسب لعالم قولا لم يقله تخلصا من موقف، لا تقل على ما تعلم، قل ما تتيقن من الدليل الواضح مما تعلمته من الأشرطة أو غيرها ما تتيقن دون زيادة.
ليس مهما أن يكون كلامك لمدة نصف ساعة في الدرس، اجعل كلامك ربع ساعة عشر دقائق؛ لكنه يكون لا تحاسب عليه وإنما تجزى عله الجزاء الأوفى إن شاء الله تعالى.
وأنا ألاحظ بعض الذين كانت لهم رغبة في التعليم في المساجد ولم يستمروا أنهم أتوا من جهة أنهم توسعوا في الكلام بأشياء غير يقينية؛ بأشياء لم يعلموها من العلم حقا، أحرجوا في الكلام أو استطردوا دخل في أشياء وتصورات واجتهادات له عقلية في المقام، العلم لا يوافقه، العلم ضد ما قال، أو أن كلامه غلط علمي، ونحو ذلك.
فتفرق أنهم يقولون هذا يقول أشياء، ربما نسب بعضهم إلى بعض أهل العلم كلاما ليتخلص لا أنا سمعتها من الشيخ وهو ليس بصحيح.
فإذن التعليم وحضر لهذه الدورات وذهب إلى بلده جزاه الله جل وعلا خيرا، وأسأل الله جل وعلا أن يكتب خطواته وأن يجعله من طلبة العلم وأن يقرّ العلم في صدره وأن ينفع به من شاء من عباده، لا بأس يحضر على هذه الدروس التي سمعها وينقل ما فهمه بيقين، لست محاسبا أن تشرح كل العلم، ولكن إذا نقلت العلم فانقل العلم وأنت متيقّن لا تكذب على الله وعلى رسوله، لا تكذب على العلماء، لا تقل شيئا أنت تستنتجه استنتاجا، وإنما تنقل ما تعلمته وسمعته من مشايخك أو قرأته بيقين وفهمته دون لبس أو غموض ولو كان قليلا فإنه يبارك الله جل وعلا فيه.
ربما منكم من سمع أو حضر عند بعض المشايخ في بعض القرى ما عنده علم كثير، كلمات يقرأ عليه الطالب في بكلمات لكنها كلمات صحيحة وفيها بركة، لأنها ليست غلطا في نفسها، وإن لم يكن فالناس درجات المعلومات درجات؛ لكن هذا اتقى الله جل وعلا فقال له ما يعلم فقال لك ما يعلم ولو كان قليلا فينفعك الله به، فتنتقل إلى ما بعده.
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
إذن فوصيتي للجميع أولا ينقلوا العلم، أنقل العلم في بيتك،أ العلم لأصدقائك، أنقل لمن يحتاج إليه؛ لكن أنقل بيقين واخش الكتاب عند الله جل وعلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى يحاسب العالم إذا كذب في علمه لأنه يكذب على من؟ يكذب على الشريعة أن هذا أثره الفاسد وهؤلاء هم علماء السوء والعياذ بالله.
س2/ فضيلة الشيخ إني أحبكم في الله كيف أقوم الفتور وضعف الهمة في طلب العلم؟
ج/ اعرف المقصود، فضل العلم، نهاية العلم ما هو؟ إذا طلبت العلم، ما الفضل العظيم الذي ستحصل عليه، منازل العلماء عظم أجر أهل العلم، عظم أجر طالب العلم، الأحاديث الواردة في ذلك؛ بل الآيات وتفسير أهل العلم لها.
لابد فضل العلم تقرأه وتكثر منه فضل في نفسه، وفي هذه الدورة أو في هذه الدروس ثم درس يتعلق بالتربية والأخلاق -أخلاق طالب العلم- يتعلق بأخلاق طلاب العلم وأخلاق الدعاة يلقيه الأخ الشيخ عبد العزيز السدحان وفقه الله، هذا مهم أن تعرف فضل العلم، فضل الدعوة، وفضل نقل الخير والهدى، هذا يشجعك أكثر وأكثر وتحتسب.
س3/ فضيلة الشيخ طلبت العلم عدة سنوات ومع ذلك ليس لدي معلومات ولا أشعر بالفائدة فبماذا تنصحونني جزاكم الله خيرا؟
ج/ أولا لا تقل لم أشعر بالفائدة؛ لأن طالب العلم في عبادة، والمقصود من طلب العلم ما هو؟
المقصود أولا رضى الله جل وعلا عن العبد أنه حرص على العلم، تعلمون أن الرجل الذي في الحديث مات بين بلدين، فأتت الملائكة قالت قيسوا إلى أي البلدين فوجد أنه أقرب إلى بلد الهجرة فغفر له، لماذا؟ لأن طالب العلم في حركته في العلم هو في عبادة، طلبك العلم أنفاسك كلامك الذي تكلم فيه إنصاتك استعمالك لجوارحك، في هذا الأمر هذا كله عبادة لله جل جلاله، أنت احتسب أنك في عبادة، تقول ما استفدت، لا تقول ما استفدت، هو ربما هو خير لك من نوافل الصلاة، أو من بعض نوافل العبادات؛ لأن هذا فيه عظم أجر وتعبد لله جل جلاله لما تسمع من كلام الله جل وعلا وكلام رسوله ومعنى ذلك.
ثم الفائدة متبعّضة لا يظن أنه إما أن تكون عالما أو لا تكون طالب علم أصل، ليس المقصود من كل طالب علم أن يكون عالما، إنما المقصود بطلبك للعلم أن ترفع الجهل عن نفسك، أن تتعبد لله جل وعلا بعبادات صحيحة، أن تكون عقيدتك صالحة، تأتي الله جل وعلا بقلب سليم ?يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ?[الشعراء:88-89]، سليم من الشبهة وسليم من إقرار الشهوة.
هذا من فوائد العلم، أنك ترفع الجهل عن نفسك، ولا أظن أحدا طلب العلم سنين لم يستفد منه أجرا ولم يستفد منه رفعا للجهل عن نفسه، لا يمكن إذا كانت نيته صادقة، فالله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا، ثم هو لابد أن يكون هو رفع الجهل عن نفسه لو ما نفعت إلا نفسك وعيالك هذا خير عظيم.
س4/ أقول في نفسي لن أستطيع شيخا ربانيا؛ لأني لست على ذكاء قوي أو غير ذلك من الأعذار، بماذا تنصحني؟
ج/ بما نصحت به أخاك قبل، ليس من شرط طلب العلم أن تكون عالما ربانيا، اسأل ربك التوفيق، ولا تدري هل إذا تصدرت للعلم وصرت عالما، ما تدري هل ذمتك تبرأ أو لا تبرأ، لا تدري هل هو ابتلاء لك أم أنه أفضل؟
المهم أن تنوي رفع الجهل عن نفسك، وأن يرضى الله جل وعلا عنك لأنك سلكت طريقا تلتمس فيه علما وتطلب العلم وصلاح القلب وصلاح الجوارح، هذا هو المقصود.
أما أن تكون عالما أو لا تكون، هذه علمها عند رب العالمين، والله جل وعلا ?يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ?[القصص:68].
أسأل الله لك التوفيق ولإخوانك جميعا ولكل من رام خيرا فلم يدرك مبتغاه؛ لكن:
لا تسئ بالعلم ظنا يا فتى إن سوء الظن بالعلم عطب
كما قال الشنقيطي في شعره.
س/ أحيط فضيلتكم علما بأن من ثمرات هذه الدورة إقامة عدد من الدورات في بعض دول إفريقيا.
أرجو منكم أن توصوا جميع الحضور محاولة إقامة مثل هذه الدورات في المملكة وفي خارجها؟ ما توجيه فضيلتكم من يشارك في الدورات في بلد تكثر فيه البدع والشركيات؟
ج/ أولا كما ذكرنا سالفا: نشر العلم عبادة وجهاد الله جل وعلا في مكة أمر نبيه أن يجاهد المشركين بماذا؟ بالسنان؟ لا، إنما يجاهدهم بالعلم ?فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا?[الفرقان:52]، يعني بالعلم بالقرآن، أعظم ما يكون جهاد الأعداء بالعلم، لأنك تبقي الخير وتبقي التأثير، طالب العلم يؤثر، أما الصالح في نفسه هذا لا يؤثر إلا على نفسه؛ لكن طالب العلم ينشر الخير تتوسع الدائرة مع الزمن وهكذا.
ولهذا جاء في الحديث -وفي إسناده مقال- «فضل العالم على العابد كفضل على أدناكم» رواه الترمذي وغيره بإسناد فيه مقال.
لكن العلم لاشك أن طالب العلم له فضيلته العظيمة، لهذا إذا تهيأ له إذا تعلم في بلاده هذا عظيم، إذا تهيأ له أن يرحل وأن يعلم من هو محتاج فهذا عظيم.
مثلا بعض الطلاب طلاب العلم حضروا وعندهم ملكة في التوحيد مثلا خاصة أو في شرح بعض المتون الصغيرة وفي فهم العلم أو في إلقاء السيرة، عندنا يمكن لا يشار إليهم لأن الناس يقولون إنما هو أعلم، ومع وجود الأعلم مع وجود من هو أقل منه لا يشار إليه، هذا شيء طبيعي؛ لكن ربما لو ارتحل إلى بلد أخرى كما ذكر وأقام دورة في أندونيسيا، أقام دورة في أفريقيا، أقام كذا علمية مع من يختار وبذلوا فيها المال وعلّم الناس الدين والعقيدة والتوحيد، ربما وجد نفسه في تلك الديار شيخا.
وهذا ينبغي أن يُنظر، لا يتجاسر المرء على العلم؛ لكن ينتبه إلى أن العلم الذي معه ينفع به من يأخذه منه.
ولهذا أنا أوصي الجميع في بلادهم أن يقيموا الدروس العلمية، وأن يتقوا الله جل وعلا فيما يقولون، وإذا كان ثم بلد -كما قال- تنتشر فيه البدع الشركيات فأعظم ما تعلّم ولا شك ما دعت إليه الرسل جميعا وهو التوحيد الله جل جلاله الذي هو حق الله عبيد والعقيدة الصحيحة، فهذا أعظم ما تورثه وتلقيه في أي المكان، ثم تدرسهم السنة لأنها هي التي تبقى والقبول، تعلّمهم كلام الله جل وعلا تعلمهم السنة دلالة الأحاديث إما من أربعين نووية أو ما أشبه ذلك، فهذا هو الذي يبقى وهو الذي ينشر الخير لا وهو الذي كما هو ملاحظ يغيض الأعداء.
ومرّ علينا كثير من الإخوة يدرسون في بلد يدرسون كتاب في التوحيد قام عليهم من قام الذي قام عليهم؟ قام عليهم العلماء علماء تلك البلد، لماذا؟ لأن هذا ولو كان درس بسيط يعلمون أثره، هذا معناه أنه سينشئ طلبة علم ممن يهتمون بالعقيدة، نحن هؤلاء سينتقدون علينا أوضاعنا البدعية والشركية، أو سينكرون علينا، يتخيلون ما يتخيلون بوسوسة الشيطان وعداوة الشيطان لأولياء الله الصالحين، لهذا أعظم ما تجاهد به أعداء الله جل وعلا الشيطان، نشر العلم فانشره في أي مكان بحسب ما تستطيع، واتق الله في ذلك وقل رب زدني علما.
س/ ما هو نصيب أصحاب التخصصات العلمية كالهندسة والكيمياء وغيرها من هذه الدروس والدورات، لاسيما أن شريحة كبيرة من الشباب من هذه التخصصات ينتظرون الفائدة وجزاكم الله خيرا.
ج/ من الواجب على كل مسلم أن يتعلم ما به تصح عقيدته وما به تصح عباداته، هذا يجب على المهندس، ويجب على الطبيب، ويجب على الذي يدرس الرياضيات والكيمياء، أو المهندس المعماري، أو المتخصص في الكمبيوتر، في أي فن من الفنون النظرية هذه.
يجب عليه أن يتعلم العلم الشرعي، لا يكون كطالب علم؛ لكن يتعلم ما تصح به عقيدته ويتعبد لله جل وعلا تعبدا صحيحا.
ولهذا هذه الدورات فرصة، وربما لم عندهم وقت إنما بعضهم طلاب يشتغلون في طول السنة، يحضرون هذه الدورات فيستفيدون علما كثيرا في وقت وجيز، أو يكون قد تخرج وتوظف إلى آخره فيأخذ من كل علم ما يحتاج إليه، ولاشك أن أمثال هؤلاء لديهم استعدادات فطرية لكي يفهموا العلوم الشرعية.
لهذا كان بعض الحكماء من لم يكن مهندسا فلا يدخل داري، قاله لطائفة، من لم يكن مهندسا فلا يدخل داري، لماذا؟ لأن أصحاب هذا الفن والذين يدرسونه قولهم مرتّبة فتصلح للعلوم الشرعية.
وهناك علمان الذي هو علم الهندسة والطب أقرب ما يكون للعلوم الشرعية، لهذا الشافعي يذكر عنه أنه قال: نظرت في العلوم، فإذا أفضل العلوم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان، فتأملت إذا علم الأبدان -الذي هو الطب- ينجيك الدنيا، يصلح أمر البدن في الدنيا، وإذا بعلم الأديان يصلح البدن والروح في الدنيا والآخرة، فآثرت علم الأديان على علم الأبدان.
والشافعي كان رحمه الله كان متوجه في الطب، كان عنده علم بالطب والفراسة والأشياء هذه، حتى كان موته بسبب تعاطيه بعض العلاجات الطبية لقوة الحافظة، كما هو معلوم الشافعي مات صغيرا يعني ما عمِّر؛ يعني كان مولده سنة خمسين ومائة ووفاته سنة أربع ومائتين يعني عاش أربع وخمسين سنة، سبب موته أنه تعاطى بعض الأشياء الطبية، كان يحسن الطب تعاطى بعض الأشياء الطبية التي أثرت على دمه فأصابه نزيف كما ذكر الذهبي في السير وفي غيرها.
المقصود أن العالم قد يعتني، ابن القيم كان طبيبا يعتمد الطب والفلك أيضا، لو نظرت في كتابة مفتاح دار السعادة شرّح للإنسان تشريحا عجيبا ذكر الكبد ووصفها وتشريحها، وطبقات الجلد كيف يعرفها؟ كان يعاني بعض هذه الأشياء؛ لكن لا يصلح العالم أن يشهر هذه الأشياء، ربما هو يعلمها؛ لكن لا يصلح أنه يشهرها أيضا ذكر لك في مفتاح دار السعادة صورة للخسوف والكسوف، وعملية حسابية هندسية من جهة الأشكال المخروطية وحساب القطر والزوايا إلى آخره، والزمن، حيث إنك لو أخذت بها فتستطيع أن تحسب متى يكون الخسوف والكسوف.
إذن العلماء الربانيون علماء الأمة كان لهم اشتغال ببعض هذه العلوم؛ لأن هذه العلوم تورث صحة في العقل؛ يعني قوة في العقل، فإذا كان من هُيئ له علم الطب أو علم الهندسة أو ما أشبابهها وفق لدراسة العلم الشرعي وأن يجمع بين هذا وهذا فهذا ليس بعزيز:
وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
ومن عجائب الشافعي رحمه الله مما نختم بها المجلس أنه كان يتعاطى الفراسة، والفراسة كما هو معلوم ثلاثة أقسام: فراسة طبيعية فراسة إيمانية إلى آخره تعلمونها في العقيدة.
المقصود منها الفراسة الطبيعية التي يستدل بها من الشك شكل الوجه أو شكل بعض البدن على خفي الصفات، يقول مثلا هذا أعينه حادة فتدل على قوة ذكائه، هذه عينه بارزة عنده غباء بدون ما يصادفه، هذا مشيته تدل على أنه مستعجل في أموره، هذا شكل جبهته يدل على كذا.
هذا العلم موجود قديما في الناس منه ما هو صواب ومنه ما هو غلط.
الشافعي تعاطاه وذهب إلى اليمن ليدرس هذا العلم ويأخذ كتبه، قال فحصّلت كتبا كثيرة فيه، وإذا فيها أنه إذا وُجدت خصلتان في المرء كان لئيما، وهو أن يكون صفتان –لن نذكر الصفات حتى لا تكون ممكن في بعض الناس ويكون لها أثر فيه- يقول فأخذتها، يقول فلما رجعت إلى مكة يقول أتى بي الطريق هو ودابته ومعه بعض الناس -ذكرها الشافعية في كتبهم الفقهية وذكرها جمع في الرحلات وفي مناقب الشافعي- يعني قصة مشهورة، يقول فأتاني في الطريق في الليل عنده مكان مهيأ للمسافرين.
يقول: فلما رآني ظننت أنه يعرفني، يقول فكرمني وأنزلني ورحب بي أعظم ترحيب وأدخلني منزله حسنا وفراشا مريحا إلى آخره، وأخذ دابتي سأذهب بها إلى مكان الدواب وسأعلفها الليلة، فأخبرته أني سأذهب غدا فقال لو ما عجلت، ما مثلك يأتينا ونحو هذا الكلام.
قال: فلما بت تلك الليلة فتأملت في صفاته، فإذا بها صفات اللئيم التي نظرت إليها في كتب الفراسة. قلت: وخاسرتاه هذه الرحلة لدراسة وقد أتاني أكرم الذي يوصف بأنه اللئيم.
قال: بت أحسن ليلة، فلما أتى الصبح شكرته أعظمت عليه الثناء، وركبت دابتي وقد قربها إلي وأعانني على ركوبها.
يقول فلما أردت المسير قلت له: يا فلان قد أحسن إلينا أعظم إحسان وفعلت وفعلت. وعدد فضائله، فإذا أتيت مكة فسل عن محمد بن إدريس الشافعي فسأكافئك على ما صنعت بي من الإكرام.
قال: فنظر إلي نظرا مغضبا، وقال: يا هذا ما رأيت رجلا بوقاحتك أكرمك وأكرم دابتك، وأنزلك في منزلي وتجلس على فراشي وأهيئ لك الطعام والشراب وتقول لي هذا الكلام، أنقد لي كذا وكذا من الدراهم يقول هذه الدراهم ما يأخذ إلا عُشر ما طلب، أنقد لي وإلا والله لن تذهب وسأفعل بك وأفعل، يقول فعظمت محبتي لكتب الفراسة.
يقول فاحتفظت بها فأعطيته وذهبت وأنا أذم فيه وأنظر في كتب الفارسة، هذا أثّر في الشافعي -هذا استطراد لتنشيط الإخوة- أثر في الشافعي.
حتى إنه كان يسأل رحمه الله تعالى إذا أتى له خادمه بطعام، ممن اشتريته؟ صف لي من اشتريت لي منه؟ قال تلميذه الربيع قال: أتيته مرة بطعام فقال ما صفة من اشتريته منه قال صفته كذا وكذا، فقال: لن آكل كلوه أنتم أو أرموا به لماذا؟ قال: هذه أبشع صفة آكله، أثّرت فيه مع أن ذلك ....
وهذه قصة فيها فوائد -يعني إيرادها فيه فوائد-:
أولا ينبغي لك أيها الطالب في العلم أن تحرص على قراءة التراجم؛ لأن الآن ما شاء الله أول الكلام كان منكم من هو شارد وسارح ورايح في ألف وادي؛ لكن لما بدأت القصة انشدت الأذهان، هذا في طبيعة الإنسان اقرأ التراجم تراجم وسير العلماء وسير الأولين تنشط وتستجم للعلم لأن العلم منه ملح ومنه عقد.
العقد غليظة صعبة لكن ملح العلم سهلة وتستلذ بها، لهذا كان الزهري وغيره من العلماء قال هاتوا لنا من أخباركم هاتوا لنا من أشعاركم فإن للقلب إحماضة أو كما قال.
فلا بد من مطالعة التراجم لتنشط.
الثاني أن تستفيد من هذه القصة ومن أمثالها أن العالم، قد يكون ترى في ترجمته شيئا غريبا؛ لأنه بشر، والله جل وعلا بقدره وحكمته جعل في بعض العلماء أشياء من الصفات ليست هي صفات الكمال، لماذا؟ ليبقى الكمال والإقتداء في النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يأتي أحد ينزّل العالم منزلة النبي يأتي عالم ... تماما فعله كفعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمكن ويكون قصورا منه العالم؛ لكن القصور يكون بحكمة من الله جل وعلا وأمر كوني سير إليه لمصلحة أعظم، وهو أن لا يغلو الناس في أحد.
لابد أن تجد شيئا غريبا من هو الكامل؟ من هو الذي يقتدى به؟ هو العالم الرباني الذي يعلّم الناس الخير وينشر في الناس الهدى، ويعلّم الناس السنة ونحو ذلك.
أما الأشياء التي قد تكون في حياته، هذه لا تلتفت إليها؛ لأنه ما من أحد إلا وستجد عنده ما تجد، لو رأيت ترجمة مالك وجدت فيها، لو رأيت أحمد وجدت فيها، لو رأيت ترجمة أبي حنيفة جدت فيها؛ لكن الآن الناس مجمعون على الثناء على هؤلاء الأئمة الأربعة.
الإمام أبو حنيفة كر في بعض الكتب منهم من كان في عصره من يلعن أبا حنيفة لبعض المسائل؛ ولكن استقر على الثناء عليه وعلى أنه من العلماء وعلماء الفقه وأهل الاجتهاد إلى آخر ذلك.
فالعالم إذا قرأت في التراجم أفادك أن أهل العلم في الأزمنة جميعا لم يكونوا كاملين؛ بل لا لابد من نقص، وهذا النقص لا تنسبه إليهم فقط بل هو ابتلاء من الله جل وعلا ليظهر كمال الكامل وتظهر نصيحة الناصح، وليظهر أن الإقتداء التام في الأنبياء.
في المسألة يغلط يخالف الدليل ويخالف السنة يقول لا أنا أظن كذا، يخالف الدليل يعني ابتلاء من الله جل وعلا، يظهر الاتباع لأنه يظهر المتبع أنه يتبع النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في مصالح أخر.
والفائدة الأخيرة من القصة أنّ دروس العلماء وطلبة العلم والدروس العلمية حبذا لو يكون المعلم يُلقي فيها بعض القصص والفوائد التي تكون فيها تربية ويكون فيها توجيه لطالب العلم؛ لأنها أوقع في القلب وأكثر أثرا من العلم المجرّد أو في بعض الناس أو في بعض الأحوال.
ونختم بهذا وفي هذا القدر كفاية.
وأسأل الله جل وعلا أن يثيبكم على حسن إنصاتكم وعلى حضوركم وأن يبارك فيكم، وأن ينفعكم بهذه الدروس نفعا عظيما، وأن يجزل للجميع خير الجزاء وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه رضاه وأن يمنّ عليهم بالهدى والتوفيق للصالحات إنه سبحانه جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

أعدّ هذه المادة: سالم الجزائري
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
اللهم ادبنا وارزقنا الادب في طلب العلم
وارزقنا يا ربنا الادب مع مشايخنا وشيخاتنا

بوركت شيختنا الحبيبة
كتب الباري سبحانه اجرك ونفع بك جل شأنه
وجزاك جل وعلا كل الخير
 
أعلى