- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
رسالة في زكاة الحلي
لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي
نص الكتاب الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب اليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه و سلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فهذه رسالة في بيان حكم زكاة الحلي المباح ذكرت فيها ما بلغه علمي من الخلاف و الراجح من الأقوال وأدلة الترجيح، فأقول و بالله التوفيق و الثقة وعليه التكلان وهو المستعان:
لقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في وجوب الزكاة في الحلي المباح على خمسة أقوال: أحدها: لا زكاة فيه وهو المشهور من مذاهب الأئمة الثلاثة مالك و الشافعي واحمد الا إذا أعد للنفقة وإن أعد للأجرة ففيه الزكاة عند أصحاب احمد و لا زكاة فيه عند أصحاب مالك و الشافعي وقد ذكرنا أدلة هذا القول إيرادا على القائلين بالوجوب و اجبنا عنها.
الثاني: فيه الزكاة سنة واحدة وهو مروي عن انس ابن مالك رضي الله عنه.
الثالث: زكاته عاريته، وهو مروي عن أسماء وانس ابن مالك أيضا.
الرابع: انه يجب فيه أما الزكاة وأما العارية ورجحه ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية.
القول الخامس: وجوب الزكاة فيه إذا بلغ نصابا كل عام، وهو مذهب أبي حنيفة و راويه عن احمد و أحد القولين في مذهب الشافعي و هذا هو القول الراجح لدلالة الكتاب والسنة و الآثار عليه –فمن أدلة الكتاب قوله تعالي ( و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم(34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)[التوبة 34،35] و المراد بكنز الذهب والفضة عدم إخراج ما يجب فيهما من زكاة وغيرها من الحقوق، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كل ما أديت وان كان تحت سبع ارضين فليس بكنز وكل ما لا تؤدي زكاته فهو كنز وان كان ظاهرا على وجه الأرض. قال ابن كثير رحمه الله: وقد روي هذا عن ابن عباس و جابر وأبي هريرة مرفوعا و موقوفا.أ.هـ – و الآية عامة في جميع الذهب و الفضة لم تخصص شيئا دون شئ، فمن ادعي خروج الحلي المباح من هذا العموم فعليه الدليل.
و أما السنة فمن أدلتها:
1- ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها الا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه و جبينه و ظهره )) الحديث(1) و المتحلي بالذهب و الفضة صاحب ذهب وفضة ولا دليل على إخراجه من العموم و حق الذهب والفضة من أعظمه و أوجبه الزكاة. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: الزكاة حق المال
2/ما رواه الترمذي و النسائي وأبو داود و اللفظ له قال: حدثنا أبو كامل و حميد بن مسعدة المعنى أن خالد ابن الحارث حدثهم، حدثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم و معها ابنة لها و في يد ابنتها مسكتان(2) غليظتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا ؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار )) قال: فخلعتهما فالقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم و قالت: هما لله ورسوله (3)
– قال في بلوغ المرام(4) وإسناده قوي. وقد رواه الترمذي من طريق ابن لهيعة و المثنى بن الصباح ثم قال: أنهما يضعفان في الحديث، ولا يصح في هذا الباب شئ لكن قد رد قول الترمذي هذا برواية أبي داود لهذا الحديث من طريق حسين المعلم وهو ثقة احتج به صاحبا الصحيحين البخاري و مسلم و قد وافقهم الحجاج بن أرطاة، وقد وثقه بعضهم و روى نحوه احمد عن أسماء بنت يزيد بإسناد حسن.
3-ما رواه أبو داود قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازي، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحي ابن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد ابن عمرو بن عطاء اخبره عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال: دخلنا على عائشة رضي الله عنها فقالت: (( دخل علي رسول الله فرأى في يدي فتخات من ورق(5) فقال: ((ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله. فقال: أتودين زكاتهن فقالت لا أو ما شاء الله فقال: هو حسبك من النار)(6) قيل لسفيان: كيف تزكيه ؟قال: تضمه إلى غيره- وهذا الحديث أخرجه أيضا الحاكم و البيهقي و الدارقطني(7) وقال في التخليص(8) إسناده على شرط الصحيح و صححه الحاكم وقال: إنه على شرط الشيخين- يعني البخاري و مسلم – و قال ابن دقيق: إنه على شرط مسلم.
4- ما رواه أبو داود قال: حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا عتاب – يعني ابن بشير عن ثابت بن عجلان، عن عطاء عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز)(9) وأخرجه أيضا البيهقي و الدارقطني و الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وصححه أيضا الذهبي(10) وقال البيهقي: تفرد به ابن عجلان قال في التنقيح: وهذا لا يضر فإن ثابت بن عجلان روى له البخاري ووثقه ابن معين و النسائي، وقول عبد الحق فيه: (( لا يحتج بحديثه)) قول لم يقله غيره. قال ابن دقيق:وقول العقيلي في ثابت بن عجلان (( لا يتابع على حديثه )) تحامل منه
* فإن قيل: لعل هذا حين كان التحلي ممنوعا كما قاله مسقطو الزكاة في الحلي
فالجواب: إن هذا لا يستقيم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع من التحلي به بل أقره مع الوعيد على ترك الزكاة ولو كان التحلي ممنوعا لأمر بخلعه و توعد على لبسه ثم إن النسخ يحتاج إلى معرفة التاريخ و لا يثبت ذلك بالاحتمال ثم لو فرضنا أنه كان حين التحريم فان الأحاديث المذكورة تدل على الجواز بشرط إخراج الزكاة و لا دليل على ارتفاع هذا الشرط و إباحته إباحة مطلقة أي بدون زكاة
* فان قيل: ما الجواب عما احتج به من لا يرى الزكاة في الحلي وهو ما رواه ابن الجوزي بسنده في (التحقيق ) عن عافيه بن أيوب، عن الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس في الحلي زكاة))و رواه البيهقي في (( معرفة السنن و الآثار ))
قيل: الجواب على هذا من ثلاثة أوجه: الاول: أن البيهقي قال فيه: إنه باطل لا اصل له و إنما يروى عن جابر من قوله و عافية بن أيوب مجهول فمن احتج به كان مغررا بدينه ا.هـ
الثاني: إننا إذا فرضنا توثيق عافية كما نقله ابن حاتم عن أبي زرعة فانه لا يعارض أحاديث الوجوب ولا يقابل بها لصحتها و نهاية ضعفه
الثالث: إننا إذا فرضنا انه مساو لها و يمكن معارضتها به فان الأخذ بها أحوط و ما كان أحوط فهو أولى بالإتباع لقول النبي صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)(11) وقوله: (0 فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه)(12)
* و أما الآثار فمنها:
1- عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهن – قال ابن حجر في التلخيص(13) انه أخرجه ابن أبي شيبة و البيهقي من طريق شعيب بن يسار وهو مرسل قاله البخاري. قال: وقد أنكر ذلك الحسن فيما رواه ابن أبي شيبة عنه قال: لا نعلم أحدا من الخلفاء قال في الحلي زكاة.ا.هـ لكن ذكره مرويا عن عمر صاحب المغني و المحلى و الخطابي
2- عن بن مسعود رضي الله عنه إن امرأة سألته عن حلي لها فقال: إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة رواه الطبراني و البيهقي(14) و رواه الدارقطني من حديثه مرفوعا وقال: هذا وهم و الصواب موقوف(15) .
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما، حكاه عنه المنذري و البيهقي قال الشافعي:لا أدري يثبت عنه أم لا
4- عن عبد الله بن عمر بن العاص انه كان يأمر بالزكاة في حلي بناته و نسائه، ذكره عنه في المحلى من طريق جرير بن حازم عن عمرو بن شعيب عن أبيه.
5- عن عائشة رضي الله عنها إنها قالت: لا باس بلبس الحلي إذا أعطى زكاته. رواه الدارقطني(16) من حديث عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة، لكن روى مالك في الموطأ(17) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة إنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة. قال ابن حجر في التخليص(18) و يمكن الجمع بينهما بأنها كانت ترى الزكاة فيها(19) و لا ترى إخراج الزكاة مطلقا عن مال الأيتام لكن يرد على جمعه هذا ما رواه مالك في الموطأ(20) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه انه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة. قال بعضهم: و يمكن أن يجاب عن ذلك بأنها لا ترى إخراج الزكاة عن أموال اليتامى واجبا فتخرج تارة ولا تخرج أخرى كذا قال. وأحسن منه أن يجاب بوجه آخر وهو إن عدم إخراجها فعل والفعل لا عموم له فقد يكون لأسباب ترى أنها مانعة من وجوب الزكاة فلا يعارض القول و الله اعلم
* فان قيل: ما الجواب عما استدل به مسقطو الزكاة فيما نقله الأثرم قال:سمعت احمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس ابن مالك و جابر و ابن عمر و عائشة وأسماء ؟ فالجواب: إن بعض هؤلاء روي عنهم الوجوب و إذا فرضنا أن لجميعهم قولا واحدا أو أن المتأخر عنهم هو القول بعدم الوجوب فقد خالفهم من خالفهم من الصحابة، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب و السنة وقد جاء فيهما ما يدل على الوجوب كما سبق.
*فان قيل: قد ثبت في الصحيحين(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن)) وهذا دليل على عدم وجوب الزكاة في الحلي إذ لو كانت واجبة في الحلي لما جعله النبي صلى الله عليه وسلم مضربا لصدقة التطوع. فالجواب على هذا: إن الأمر بالصدقة من الحلي ليس فيه إثبات وجوب الزكاة فيه ولا نفيه عنه و إنما فيه الأمر بالصدقة حتى من حاجيات الإنسان و نظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك و نفقة عيالك فان هذا لا يدل على انتفاء و جوب الزكاة في هذه الدراهم
*فان قيل: إن في لفظ الحديث: ( وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر)(2) و في حديث عليو ليس عليك شئ حتى يكون ذلك عشرون دينار)(3) و الرقة هي الفضة المضروبة سكة و كذلك الدينار هو السكة و هذا دليل علة اختصاص وجوب الزكاة بما كان كذلك
لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي
نص الكتاب الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب اليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه و سلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فهذه رسالة في بيان حكم زكاة الحلي المباح ذكرت فيها ما بلغه علمي من الخلاف و الراجح من الأقوال وأدلة الترجيح، فأقول و بالله التوفيق و الثقة وعليه التكلان وهو المستعان:
لقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في وجوب الزكاة في الحلي المباح على خمسة أقوال: أحدها: لا زكاة فيه وهو المشهور من مذاهب الأئمة الثلاثة مالك و الشافعي واحمد الا إذا أعد للنفقة وإن أعد للأجرة ففيه الزكاة عند أصحاب احمد و لا زكاة فيه عند أصحاب مالك و الشافعي وقد ذكرنا أدلة هذا القول إيرادا على القائلين بالوجوب و اجبنا عنها.
الثاني: فيه الزكاة سنة واحدة وهو مروي عن انس ابن مالك رضي الله عنه.
الثالث: زكاته عاريته، وهو مروي عن أسماء وانس ابن مالك أيضا.
الرابع: انه يجب فيه أما الزكاة وأما العارية ورجحه ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية.
القول الخامس: وجوب الزكاة فيه إذا بلغ نصابا كل عام، وهو مذهب أبي حنيفة و راويه عن احمد و أحد القولين في مذهب الشافعي و هذا هو القول الراجح لدلالة الكتاب والسنة و الآثار عليه –فمن أدلة الكتاب قوله تعالي ( و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم(34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)[التوبة 34،35] و المراد بكنز الذهب والفضة عدم إخراج ما يجب فيهما من زكاة وغيرها من الحقوق، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كل ما أديت وان كان تحت سبع ارضين فليس بكنز وكل ما لا تؤدي زكاته فهو كنز وان كان ظاهرا على وجه الأرض. قال ابن كثير رحمه الله: وقد روي هذا عن ابن عباس و جابر وأبي هريرة مرفوعا و موقوفا.أ.هـ – و الآية عامة في جميع الذهب و الفضة لم تخصص شيئا دون شئ، فمن ادعي خروج الحلي المباح من هذا العموم فعليه الدليل.
و أما السنة فمن أدلتها:
1- ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها الا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه و جبينه و ظهره )) الحديث(1) و المتحلي بالذهب و الفضة صاحب ذهب وفضة ولا دليل على إخراجه من العموم و حق الذهب والفضة من أعظمه و أوجبه الزكاة. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: الزكاة حق المال
2/ما رواه الترمذي و النسائي وأبو داود و اللفظ له قال: حدثنا أبو كامل و حميد بن مسعدة المعنى أن خالد ابن الحارث حدثهم، حدثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم و معها ابنة لها و في يد ابنتها مسكتان(2) غليظتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا ؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار )) قال: فخلعتهما فالقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم و قالت: هما لله ورسوله (3)
– قال في بلوغ المرام(4) وإسناده قوي. وقد رواه الترمذي من طريق ابن لهيعة و المثنى بن الصباح ثم قال: أنهما يضعفان في الحديث، ولا يصح في هذا الباب شئ لكن قد رد قول الترمذي هذا برواية أبي داود لهذا الحديث من طريق حسين المعلم وهو ثقة احتج به صاحبا الصحيحين البخاري و مسلم و قد وافقهم الحجاج بن أرطاة، وقد وثقه بعضهم و روى نحوه احمد عن أسماء بنت يزيد بإسناد حسن.
3-ما رواه أبو داود قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازي، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحي ابن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد ابن عمرو بن عطاء اخبره عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال: دخلنا على عائشة رضي الله عنها فقالت: (( دخل علي رسول الله فرأى في يدي فتخات من ورق(5) فقال: ((ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله. فقال: أتودين زكاتهن فقالت لا أو ما شاء الله فقال: هو حسبك من النار)(6) قيل لسفيان: كيف تزكيه ؟قال: تضمه إلى غيره- وهذا الحديث أخرجه أيضا الحاكم و البيهقي و الدارقطني(7) وقال في التخليص(8) إسناده على شرط الصحيح و صححه الحاكم وقال: إنه على شرط الشيخين- يعني البخاري و مسلم – و قال ابن دقيق: إنه على شرط مسلم.
4- ما رواه أبو داود قال: حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا عتاب – يعني ابن بشير عن ثابت بن عجلان، عن عطاء عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز)(9) وأخرجه أيضا البيهقي و الدارقطني و الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وصححه أيضا الذهبي(10) وقال البيهقي: تفرد به ابن عجلان قال في التنقيح: وهذا لا يضر فإن ثابت بن عجلان روى له البخاري ووثقه ابن معين و النسائي، وقول عبد الحق فيه: (( لا يحتج بحديثه)) قول لم يقله غيره. قال ابن دقيق:وقول العقيلي في ثابت بن عجلان (( لا يتابع على حديثه )) تحامل منه
* فإن قيل: لعل هذا حين كان التحلي ممنوعا كما قاله مسقطو الزكاة في الحلي
فالجواب: إن هذا لا يستقيم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع من التحلي به بل أقره مع الوعيد على ترك الزكاة ولو كان التحلي ممنوعا لأمر بخلعه و توعد على لبسه ثم إن النسخ يحتاج إلى معرفة التاريخ و لا يثبت ذلك بالاحتمال ثم لو فرضنا أنه كان حين التحريم فان الأحاديث المذكورة تدل على الجواز بشرط إخراج الزكاة و لا دليل على ارتفاع هذا الشرط و إباحته إباحة مطلقة أي بدون زكاة
* فان قيل: ما الجواب عما احتج به من لا يرى الزكاة في الحلي وهو ما رواه ابن الجوزي بسنده في (التحقيق ) عن عافيه بن أيوب، عن الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس في الحلي زكاة))و رواه البيهقي في (( معرفة السنن و الآثار ))
قيل: الجواب على هذا من ثلاثة أوجه: الاول: أن البيهقي قال فيه: إنه باطل لا اصل له و إنما يروى عن جابر من قوله و عافية بن أيوب مجهول فمن احتج به كان مغررا بدينه ا.هـ
الثاني: إننا إذا فرضنا توثيق عافية كما نقله ابن حاتم عن أبي زرعة فانه لا يعارض أحاديث الوجوب ولا يقابل بها لصحتها و نهاية ضعفه
الثالث: إننا إذا فرضنا انه مساو لها و يمكن معارضتها به فان الأخذ بها أحوط و ما كان أحوط فهو أولى بالإتباع لقول النبي صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)(11) وقوله: (0 فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه)(12)
* و أما الآثار فمنها:
1- عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهن – قال ابن حجر في التلخيص(13) انه أخرجه ابن أبي شيبة و البيهقي من طريق شعيب بن يسار وهو مرسل قاله البخاري. قال: وقد أنكر ذلك الحسن فيما رواه ابن أبي شيبة عنه قال: لا نعلم أحدا من الخلفاء قال في الحلي زكاة.ا.هـ لكن ذكره مرويا عن عمر صاحب المغني و المحلى و الخطابي
2- عن بن مسعود رضي الله عنه إن امرأة سألته عن حلي لها فقال: إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة رواه الطبراني و البيهقي(14) و رواه الدارقطني من حديثه مرفوعا وقال: هذا وهم و الصواب موقوف(15) .
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما، حكاه عنه المنذري و البيهقي قال الشافعي:لا أدري يثبت عنه أم لا
4- عن عبد الله بن عمر بن العاص انه كان يأمر بالزكاة في حلي بناته و نسائه، ذكره عنه في المحلى من طريق جرير بن حازم عن عمرو بن شعيب عن أبيه.
5- عن عائشة رضي الله عنها إنها قالت: لا باس بلبس الحلي إذا أعطى زكاته. رواه الدارقطني(16) من حديث عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة، لكن روى مالك في الموطأ(17) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة إنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة. قال ابن حجر في التخليص(18) و يمكن الجمع بينهما بأنها كانت ترى الزكاة فيها(19) و لا ترى إخراج الزكاة مطلقا عن مال الأيتام لكن يرد على جمعه هذا ما رواه مالك في الموطأ(20) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه انه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة. قال بعضهم: و يمكن أن يجاب عن ذلك بأنها لا ترى إخراج الزكاة عن أموال اليتامى واجبا فتخرج تارة ولا تخرج أخرى كذا قال. وأحسن منه أن يجاب بوجه آخر وهو إن عدم إخراجها فعل والفعل لا عموم له فقد يكون لأسباب ترى أنها مانعة من وجوب الزكاة فلا يعارض القول و الله اعلم
* فان قيل: ما الجواب عما استدل به مسقطو الزكاة فيما نقله الأثرم قال:سمعت احمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس ابن مالك و جابر و ابن عمر و عائشة وأسماء ؟ فالجواب: إن بعض هؤلاء روي عنهم الوجوب و إذا فرضنا أن لجميعهم قولا واحدا أو أن المتأخر عنهم هو القول بعدم الوجوب فقد خالفهم من خالفهم من الصحابة، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب و السنة وقد جاء فيهما ما يدل على الوجوب كما سبق.
*فان قيل: قد ثبت في الصحيحين(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن)) وهذا دليل على عدم وجوب الزكاة في الحلي إذ لو كانت واجبة في الحلي لما جعله النبي صلى الله عليه وسلم مضربا لصدقة التطوع. فالجواب على هذا: إن الأمر بالصدقة من الحلي ليس فيه إثبات وجوب الزكاة فيه ولا نفيه عنه و إنما فيه الأمر بالصدقة حتى من حاجيات الإنسان و نظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك و نفقة عيالك فان هذا لا يدل على انتفاء و جوب الزكاة في هذه الدراهم
*فان قيل: إن في لفظ الحديث: ( وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر)(2) و في حديث عليو ليس عليك شئ حتى يكون ذلك عشرون دينار)(3) و الرقة هي الفضة المضروبة سكة و كذلك الدينار هو السكة و هذا دليل علة اختصاص وجوب الزكاة بما كان كذلك
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع