س/ لماذا العلم قبل القول والعمل ؟ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى"قدم الله العلم على العمل؛ لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها كل قولٍ وكل عمل"، إذًا قبل أن تتكلم وقبل أن تعمل يجب أن تتعلم . س/ ماهو العلم النافع ؟ وما أدلته ؟ العلم النافع الذي مدح الله ورسوله أهله على الإطلاق هو العلم الباعث على العمل،
1- قال الله جلّ وعلا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿2﴾ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3]،
وقال الله جلّ وعلا ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44] . س/ ماهي خطورة العلم بدون عمل ؟1 -إن أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة والحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، ( أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، عالمٌ وقارئٌ للقرآن، أُتي به ) ، أي بالعالم، ( أُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: ما فما عملتُ؟ قال: تعلمتُ وعلمت، قال: كذبت، بل تعلمت ليقال عالم وقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في الناس ) ، عالم يُلقى في النار، وقارئٌ للقرآن ( أُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت، قال: قرأتُ فيك القرآن، قال: كذبت، بل قرأت ليُقال قارئ وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل آتاه الله من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: فما عملت ، قال: ما تركت سبيلا تحب أن يُنفق فيها لك إلا وأنفقتُ فيها لك، قال: كذبت، ولكنك أنفقت ليقال هو جواد وقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجلٌ استشهد ) ، سقط في الميدان شهيدًا فيما ينظر الناس، ( فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملتُ، قال: قاتلت فيك حتى قتلت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال شهيد وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار ) ، فكل علم لا يفيد عملا ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل البتة على استحسانه، فما قيمة علمٍ لا يورثنا الخشية من الله جلّ وعلا ؟ . 2- قال الله جلّ وعلا ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28
3- ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه ) أي أمعاؤه، ( فيُدار بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار، يا فلان يا فلان مالك؟ ألم تك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه ) ،4- وكان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا". س/ هل هناك علم لا ينفع ؟ نعم، العلم الذي لا يورث صاحبه الأدب و لا التواضع لله ولرسول الله ثم لأهل العلم لا ينفعه.
1- قال تعالي" ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]
2- , وسئل الإمام أحمد مَن العالم ؟ قال ليس العلم بكثرة الرواية والدراية، ولكن العلم خشية الله،
3- قال تعالى ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]
4- , وروى مسلم وغيره من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعوة لا يُستجاب لها ) 5- ، وكان علي - رضي الله عنه - يقول " يا حملة العلم اعملوا به، فإن العالم من علم ثم عمل ووافق علمه عمله، وسيأتي أقوامٌ يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، يخالف علمهم عملهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم، يقعدون حلقًا يباهي بعضهم بعضًا، حتى إن أحدهم ليغضب على جليسه إن تركه جلس إلى غيره، أولئك لا ترفع أعمالهم تلك إلى الله عزّ وجلّ. س/ هل يعود الضمير في قول المصنف ( الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ ) على العمل أم على العلم ؟ الراجح الدعوة إلى العمل بالعلم، لأن علمًا بدون عمل لا قيمة له ، الدعوة إلى العمل بالعلم، الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، لاسيما وقد عَرَّف الشيخ العلم بقول ( الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بالأَدِلَّةِ ). س/ ما الأدلة الدالة علي فضل الدعوة إلى الله من الكتاب والسنة ؟
1 قال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، 2- وقال الله جلّ وعلا ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108] .
3- قال ابن القيم رحمه الله: "ولا يكون الرجل من أتباع النبي صلي الله عليه وسلم حقًا حتى يدعو إلى ما دعى إليه النبي على بصيرة.
4- قوله تعالي ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، 5-قوله تعالي﴿ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ﴾ [الجن: 22، 23
6ـ ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 1، 2]، فقام ورب الكعبة ولم يذق طعم الراحة حتى لقي الله جلّ وعلا، وحتى أنزل الله عليه قوله ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] . ولقد قال شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى "الدعوة إلى الله الآن فرض عين على كل مسلم ومسلمة، كل بحسب قدرته واستطاعته،
7- وروى البخاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ) 8- وقال صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه الله ( نضر الله امرءً سمع منا حديثًا فبلغه كما سمعه، فرُب مبلغ أوعى من سامع ) ـ9 وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ( من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ومن دعى إلا ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا ).10 ـ وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) .
س/ كيف نكون من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه حقًا ؟
لن تكون من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تدعو إلى الله بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصيرة، بموعظة حسنة، فالمنهج توقيفي،، قد تختلف وسائله باختلاف الزمان والمكان لكن لاتختلف أصوله باختلاف الزمان والمكان ،
1- قال تعالي﴿ادع إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]
2- قال تعالى ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]،
3- قال تعالى ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طـه: 43، 44] ، هذه أصول المنهج الدعوي، وحياة النبي صلي الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تطبيقٌ عمليٌّ لهذه الأصول. س/ أذكري مثالاً يبين كيف كانت دعوة النبي صلي الله عليه وسلم بالموعظة الحسنه ؟
1-ما جاء في حديث الأعرابي الذي وقف في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم وبال إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي حضرته الشريفة صلى الله عليه وسلم، ويقول الصحابة مه مه، ماذا تصنع أيها الرجل ؟ والرسول صلى الله عليه وسلم سيد الدعاة يقول ( لا تزرموه ) ، أي لا تقطعوا عليه بولته ، حتى يقضي الرجل حاجته فيُنادي عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ويقول له إن المساجد لا تصلح لشيءٍ من هذا، إنما جُعلت للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن، ويأمر النبي صحابيًّا فيأتي الصحابي بدلو من الماء فيشنه على أثر البول ويطهر المكان , وانفعل هذا الأعرابي بهذا الخلق الكريم فدخل الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا الله بهذا الدعوة التي سمعها النبي صلى الله عليه وسلم، سمع الأعرابي يقول "اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا"، لم يجامله النبي صلى الله عليه وسلم على حساب المنهج أيضًا، وإنما لما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال ( لقد حجرت واسعًا )، يعني لم تضيق ما وسع الله تبارك وتعالى؟ والله جلّ وعلا يقول ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]. س/ أذكري أمثله تبين رحمة الله بعباده من غير المسلمين ؟
1-من ذلك قول قتادة في تعليقه على قول الله لموسى وهارون على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طـه: 43 لأن فرعون كان يدعي النبوة ومع ذلك يأمر الله موسى وهارون نبيين كريمين أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فقال قتادة "يا رب ما أحلمك ، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فإن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبدٍ قال سبحان ربي الأعلى" ،
2-ولقد دخلت بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل الجنة في كلب، كان يلهث الثرى من العطش فعادت إلى بئر ماء فملأت موقها ماءً وقدمت للكلب فشرب، فغفر الله لها بذلك.
س/ لماذا استطاع أهل الباطل أن يجذبوا الناس إلى باطلهم ؟ ولم يستطع أهل الحق أن يجذبوا الناس إلى الحق ؟
ذلك لخلل في أسلوبنا في البلاغ عن الله تبارك وتعالى، فالدعوة فن ، لا يجوز للداعية أن يتجاوز أصوله التي حددها القرآن ، ولأننا لا نحسن أن نشهد لهذا الحق شهادة خلقية عملية على أرض الواقع، ولا نحسن أن نبلغ هذا الحق لأهل الأرض بحق، هذه هي المشكلة، وإن الباطل مع غيرنا، لكنه يحسن أن يلبس الباطل ثوب الحق، ويحسن أن يصل بالباطل إلى حيث ينبغي أن يصل الحق، وحينئذٍ ينزوي حقنا ويضعف كأنه مغلوب، كما هو الواقع، وينتفخ الباطل وينتفش كأنه غالب، كما هو الواقع . س/ كيف ندعو الناس ؟ كيف نبلغ الحق لأهل الأرض بحق ؟
لأننا لا نتعامل مع ملائكة بررة، ولا مع شياطين مردة، ولا مع أحجار صلبة، بل نتعامل مع نفوس بشرية فيها الإقبال والإحجام، فيها الخير والشر، فيها الحلال والحرام، فيها الفجور والتقوى، فيها الطاعة والمعصية، أولم يقل خالق النفس البشرية جلّ وعلا ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]، فلنتعامل مع النفس البشرية من هذا المنطلق، لنسبر أغوراها، لنتغلغل إلى أعماقها، ولن يكون ذلك إلا بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة ,
1- والنبي صلي الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه كما في الصحيحين من حديث سهل ابن سعد وفيه أنه قال ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم ) ، 2-ويقول تعالي: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم: 25 س/ ما هي وسائل الدعوة إلي الله ؟
يستطع الإنسان أن يبلغ غيره بلسانه بكلمة رقيقة بالأدلة أو بلسان غيره من أهل العلم بشريط أو بكتيب أو بمطوية، بتخصيص جزءٍ من ماله ، بتكثير سواد المسلمين في المساجد في المحاضرات العامة، بزيارة لله تبارك وتعالى لأحد إخوانه في الله لتبلغه عن الله تبارك وتعالى ولو بشريط .
س/ هل يُشترط في الداعي أن يعتلي المنبر ؟
أعظم خدمة نقدمها للدين أن ندعو للدين بأخلاقنا، بسلوكنا، بأعمالنا، بأقوالنا، فكل واحدٍ يستطيع في أي موقف من المواقف أن يبلغ عن الله بكلمة مهذبة رقيقة، الكل يستطيع ذلك. س/ ما الفرق بين هداية الدلالة وهداية التوفيق ؟ هداية الدلالة" هذه وظيفتنا، أن ندل الخلق على الحق ، نقول قال الله جلّ وعلا وقال الرسول صلي الله عليه وسلم بأدب وتواضع وحكمة ورحمة، . أما هداية التوفيق" فبيد الله تبارك وتعالى، لا يملكها ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل ولو كان المصطفى، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272] . س/ هل نرى تعارضًا بين قوله تعالي ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ وبين قول الله تعالى لنبيه ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52] ؟
1-لا تعارض ، الهداية المثبتة للنبي صلى الله عليه وسلم" هي هداية الدِلالة أو الدَلالة، واللغتان صحيحتان بالفتح والكسر،.
2- أما الهداية المنفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي هداية التوفيق"، الدليل" كما في صحيح البخاري وغيره من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بي أبي أمية، فجلس النبي عند رأس عمه وقال ( يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أُحاج لك بها عند الله يوم القيامة )، فقال له أبو جهل أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال أبو طالب: بل هو على ملة عبد المطلب، ومات على هذه الكلمة، فخرج النبي من عنده وقال ( لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك ) ، فنزل قول الله جلّ وعلا ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
س/ يتخلى كثيرٌ من أهل الفضل عن الدعوة إلى الله جلّ وعلا، وقد يحتج ويدلل له بقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105] ، فكيف نرد عليهم ؟
هذا فهمٌ خطأ، وفهمٌ مقلوبٌ للآية، وقد خشي الصديق رضي الله عنه يومًا عن هذا الفهم الخاطئ للآية فارتقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال "أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك الله أن يعمهم بعقابٍ منه )"، وأنتم تعلمون أن الفتنة والمصيبة إن وقعت تصيب الصالح والطالح ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]
ـ ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري وغيره عن النعمان بن بشير رضي الله عنه ( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا حتى نؤذي من فوقنا، فلو تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا جميعًا ) .
ـ وفي الصحيحين عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل عليها يومًا فزعًا، وفي لفظٍ استيقظ النبي يومًا من نومه عندها فزعًا، وهو يقول ( لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) ، وحلق النبي صلي الله عليه وسلم بإصبعيه السبابة والإبهام، فقالت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال ( نعم، إذا كثر الخبث ).
س/ ما هو فضل ومكانة الصبر ؟ الصبر جواد لا يكبو، وجند لا يهزم، وحصن لا يهدم ، وقد شرف الله أهل الصبر وأكرمهم فجعلهم في معيته ويا لها من كرامة، وأكرمه فجعله في معيته ويا لها من كرامة فقال - جلّ وعلا - ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:153] .2-
2 بل لقد ذكر الله - جلّ جلاله - في قرآنه أن الله - سبحانه وتعالى - يحب الصابرين، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾[آل عمران: 146] فإن كنت أيها الصابر في معية الله فممن تخاف؟! وإن كان الله يحبك فعلى أي شيء تحزن .
3- وقال الله - سبحانه وتعالى - وقد جمع للصابرين هذه البشريات التي لم يجمعها لغيرهم قال - جلّ جلاله - ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155، 156] انظر إلى فضل الله عليهم ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة:157] ، فجمع الله للصابرين من البشريات ما لم يجمعه أبداًُ لغيرهم ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .
4- بل بين الله كرامة الصابرين حين تدخل الملائكة عليهم الجنة لتبشرهم ولتحييهم هذه التحية الكريمة فقال - سبحانه وتعالى - ﴿ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد:23-24].5- ثم أجمل الله - جلّ جلاله - فضل الصابرين فقال - سبحانه وتعالى - ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾[الزمر: 10] ، أي لا يعلم أجر الصابرين إلا الله ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ والحديث عن آيات الصبر في القرآن حديث طويل جميل بطول الصبر وجماله وجلاله .
6- وبالجملة قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لقد ذكر الله الصبر في القرآن في تسعين موضعاً وهذا إن دل فإنما يدل على شرف الصبر ومكانة الصبر بل لا تنال الإمامة في الدين إلا بالصبر واليقين.
7- قال ابن القيم: إذا تزوج الصبر باليقين حصل بينهما ولادة الإمامة في الدين، قال - جلّ جلاله - ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [السجدة:24] ، فلا تنال الإمامة في الدين إلا بالصبر واليقين، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا متى قال - جلّ جلاله - ﴿ لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ . س/ ما أقسام المعية ؟ وما المراد بالمعية في قوله تعالي: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ ؟ المعية نوعان:1- معية عامة،2- ومعية خاصة .
والمراد بالمعية في الآية " المعية الخاصة ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ و هي معية النصر والمدد، والتأييد، والفضل . س/ عرف الصبر لغة ؟ الصبر لغة: هو الحبس والمنع ، فهو: حبس النفس عن الجزع ، وحبس اللسان عن التشكي وحبس الجوارح عن المعاصي ،
فالصبر منهج الصبر دين ليس مجرد كلمة يرددها مبتلى، بعد أن يقول ما يسخط ربه - تبارك وتعالى - وبعد أن يفعل ما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فعله ثم بعد ذلك يقول أنا صابر، كلا ، إنما الصبر عند الصدمة الأولى . س/ ماأنواع الشكوى ؟ الشكوى نوعان:1- شكوى محمودة ،2- وشكوى مذمومة ، شكوى إلى الله ، وشكوى من الله .
أما الشكوى إلى الله"فهي من كمال وتمام العبودية، فلقد ذكر الله - تبارك وتعالى - نبياً كريماً من أنبيائه ألا وهو يعقوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام، الذي قال الله عنه ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف: 18] والصبر الجميل هو الصبر الذي يستعلي صاحبه عن الألم وعن الشكوى، هو الصبر الذي يبتغي به صاحبه وجه الله - تبارك وتعالى - فهو لا يصبر من أجل أن يقول الناس صبر، ولا خوفاً من أن يقول الناس جذع، لا، بل هو يستعلي على آلامه وأحزانه ابتغاء وجه الله - تبارك وتعالى . س/ هل الشكوى إلى الله تنافي الصبر ؟ مع توضيح ذلك بالأمثلة ؟ الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر وهذا هو الصبر الجميل، فيعقوب على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام يقول: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾[يوسف: 18] ، وذلك حينما جاء أولاده وأخبروه بهذا الخبر المفزع الآليم، ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ﴾ [يوسف:17] الآيات، فقال قولته الجميلة ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ ومع ذلك فقد اشتكى إلى الله، قال ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف:86] فهي من تمام وكمال عبوديتك بين يديه - جلّ جلاله - .
ـ وكذلك أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذي أثنى عليه ربنا - تبارك وتعالى - بصفة الصبر فقال - جلّ جلاله - ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ ومع ذلك فقد شكي أيوب حاله إلى الله - جلّ جلاله - شكي حاله إلى الله - تبارك وتعالى - بكلمة رقراقة جميلة ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾[الأنبياء:83] مسني لم يقل أهلكني مع أنه فقد ماله وفقد أولاده وفقد صحته وعافيته، وابتلي بمرض أقعده في الأرض أو في الفراش، وصبر مدة طويلة، ولما أراد أن يشكو حاله إلى الله عبر بهذه الكلمة الرقيقة الجميلة ﴿ مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ ، إذاً الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر بل هي من كمال العبودية لله - جلّ جلاله.
ـ أما الشكوى من الله" فهي التي تنافي الصبر، أن تشكو الخالق إلى المخلوق، وأن تشكو الرازق إلى المرزوق، وأن تشكو الرحمن الرحيم، إلى من لا يرحم، فالله - جلّ جلاله - ليس أحد أرحم بعباده منه، ليس أحد أرحم بخلقه منه، أولم يقل نبينا - صلى الله عليه وسلم - ( لله أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها ) .
س/ ماهي أقسام الصبر ؟ يقسم علماؤنا الصبر اصطلاحاً إلى ثلاثة أقسام ، صبرٌ أو صبرٍ واللغتان صحيحتان:
1- صبرٌ على الطاعة، أو صبرٌ على المأمور.
2- وصبرٌ عن المعصية، أو صبرٌ عن المحظور. 3- وصبرٌ على البلاء، أو صبر على المقدور . س/ ما المقصود بالصبر على الطاعة، أو الصبر على المأمور ؟ الصبر على الطاعة ، أو الصبر على المأمور: أي صبر على ما أمرك الله - عزّ وجلّ - به، وهذا من أرقى وأجل مراتب وأقسام الصبر أن تصبر نفسك على طاعة الله - جلّ جلاله - فالنفس جموح ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف:53] فهذه رتبة من أعظم الرتب، ودرجة من أعلى الدرجات . س/ ما المقصود بالصبر عن المعصية، أو الصبر عن المحظور ؟ الصبر عن المحظور، أي عن المعصية: أن تصبر نفسك وأن تبتعد عن معصية الله - تبارك وتعالى - ولا شك أنها درجة أيضاً من أعظم الدرجات، أن تنتهي عما نهاك الله - تبارك وتعالى - عنه وعما نهاك عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن تصبر على المعاصي مع كثرة الشهوات، التي تحيط بك من كل ناحية ، فإنها فتن كقطع الليل المظلم ومع ذلك يصبر المؤمن نفسه على الطاعة وعن المعصية ويبتعد عن بيئة المعصية ويلقي بنفسه في بيئة الطاعة، فهذه درجة من أعظم الدرجات، وهذه قربة من أعظم القربات، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وصبر على البلاء، أو صبر على المقدور،
1- قال الله - جلّ جلاله - ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [لقمر:49]
2- وقال الله - جلّّ وعلا - ﴿ الم ﴿1﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿3﴾﴾[ العنكبوت:1-3].
س/ أيهما أفضل الصبر على الطاعة أم الصبر على المعصية ؟ هذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم" لكن الراجح الذي رجحه الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره من المحققين أن الصبر على الطاعة أفضل من الصبر على المعصية، والله تعالى أعلم. س/ هل الإيمان مجرد كلمه ؟ ليس الإيمان مجرد كلمة ترددها الألسنة فحسب، كلا بل الإيمان 1-قول2- وتصديق 3-وعمل،
1- قال - جلّ جلاله - ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج:11]
2- ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾[العنكبوت:2] لا ،
3-﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت:3] .
س/ الرسول صلي الله عليه وسلم كان من أشد الناس ابتلاءً ـ وضح ذلك ؟ 1-قال - جلّ جلاله - ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ ﴾[الفرقان:31] ،
2-وقال تعالي لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [الأنعام:34] ، وأن الأذى يشتد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صاحب أطهر وأشرف نفس يشتد به الأذى على الحد الذي يحتاج فيه النبي إلى أن يُذَكر من ربه العلي بقوله ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف:35] .
ـ فالرسول - صلى الله عليه وسلم لما ارتقى جبل الصفا بعدما أمر من الله - جلّ جلاله – بالبلاغ ، ونادي النبي على بطون قريش والحديث في الصحيحين ( يا بني فهر يا بني عدي أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا نعم، ما جربنا عليك كذبا قالوا نعم، ما جربنا عليك كذبا، قال إني رسول الله إليكم بين يدي عذاب شديد، فقال عمه أبو لهب تباً لك سائر اليوم يا محمد، ألهذا جمعتنا ؟ ) .
ـ فمن هذه اللحظة تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصناف الأذى والفتن والمحن والابتلاء، فلم يتوقف الأذى، بل والله لقد تعرض النبي للخنق على يد عقبة بن أبي معيط، عليه من الله ما يستحقه، حتى كادت أنفاس النبي أن تخرج وجاء الصديق ليرد هذا الشقي الفاجر عن رسول الله وهو يقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله .
ـ ووضع التراب على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل لقد وضعت النجاسة على ظهره - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد بين يدي الله - تبارك وتعالى - كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال ( قال أبو جهل أيكم يجيء بسلا جذور بني فلان فيلقيه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم، عقبة بن أبي معيط، وجاء بسلا الجذور، بهذه القاذورات، والنجاسات وانتظر حتى سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فألقى هذا الشقي النجاسة على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد وظل النبي ساجدا والمشركون المجرمون يحيل بعضهم على بعض أي يضحكون ويتمايلون بطراً وكبراً ورسول الله ساجد والنجاسة على رأسه وعلى ظهره، يقول عبدالله بن مسعود وأنا لا أستطيع أن أفعل له شيئاً، حتى جاءت فاطمة ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزالت النجاسة عن ظهره الشريف، فجلس النبي بعدما انتهى من صلاته ويقول اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش) .
ـ قال أبو جهل والحديث رواه مسلم أيعفر محمد وجهه بين أظهركم، يعني يأتي ليسجد لربه بين أظهرنا، واللات والعزى لئن جاء محمد ليسجد لأطأن عنقه ولأعفرن وجهه، يزعم هذا الوغد أنه سيطأ بقدمه عنق ورأس رسول الله وهو ساجد بين يدي ربه - جلّ جلاله - وبالفعل سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه فجاء أبو جهل وهو يزعم أنه سيطأ عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففاجئ القوم بأنه يعود إلى الخلف القهقرة ويدفع بيديه هكذا، قالوا ما وراءك يا أبا الحكم، قال إن بيني وبين محمد خندقاً من نار، وإني لأرى أجنحة فلما انفلت النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته قال ( والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواًَ ) .
ـ بل لقد قال النبي يوماً لعائشة كما في الصحيحين ( قالت يا رسول الله هل أتى عليك يوماً أشد من يوم أحد ؟ ) أحد تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم للقتل، بل لقد شج وجهه الشريف، ودخلت حلقة المغفر في وجنتيه الشريفتين، وكسرت رباعيته، وانتشر بالفعل في الميدان خبر قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد ألقى بعض الصحابة السلاح بالفعل، واستسلموا للموت، حتى مر عليهم أنس بن النضر وحديثه في الصحيحين قال ما تصنعون لما ألقيتم السلاح ؟ قالوا مات رسول الله فما نصنع بالحياة بعده؟ قال قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، فالسيدة عائشة تقول ( هل أتى عليك يوماً كان أشد من يوم أحد؟ ) اسمع ماذا قال ( قال لقد لقيت من قومك ما لقيت يا عائشة، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة يوم عرضت نفسي على ابن عبد يليل بن عبد كلال فلما لم يجبني إلى ما أردت عدت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب وإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فرأيت جبريل - عليه السلام - ينادي السلام عليك يا محمد إن الله سمع قول قومك لك، وما ردوا به عليك وقد أرسل إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، قال فناداني ملك الجبال وقال السلام عليك يا محمد، إن الله بعثي إليك فمرني بما شئت، لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت فقال: لا يا ملك الجبال، بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا ) .
ـ قيل له يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً ؟ قال ( الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ) وفى لفظ قال - صلى الله عليه وسلم - ( وما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وليس عليه خطيئة ) .
ـ بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتهم في عرضه اتهم في شرفه، واتهمت عائشة في شرفها وعرضها، واتهم صفوان بن المعطل السلمي واتهم الصديق - رضي الله عنه - واتهم المجتمع الإسلامي كله بهذه التهمة النكراء، ومع ذلك يقول الله - جلّ جلاله - في هذه المحنة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾[النور:11] . س/هل ربنا جلّ جلاله لا يعرف الصادق من الكاذب إلا بعد أن تقع الفتنة والمحنة والابتلاء ؟ الله - جلّ جلاله - يقول ﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ فالله - جلّ جلاله - يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن، لو قدر الله - عزّ وجلّ - له أن يكون لعلم كيف يكون ، فما من جبل على ظهر الأرض إلا ويعلم الله ما في قعره ما في وعره، وما من بحر ولا نهر على سطح الأرض إلا ويعلم الله ما في وعره، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، قال - جلّ جلاله - ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام:59] ، وقالوا: الله - عزّ وجلّ - لا يحاسب الخلق بمقتضى علمه فيهم، وإنما بمقتضى عملهم هم، فالله يعلم الصادق من الكاذب، لكن تأتي المحنة لتثبت للصادق صدقه، وللكاذب كذبه، فلا يعامل الخلق بمقتضى علمه فيهم وهو الحكم الحق العدل - جلّ جلاله - وإنما بمقتضى عمل الخلق بأنفسهم، فيعامل أو يجازي الصادق على صدقه ويجازي الكاذب على كذبه، ثم ليظهر للصف المسلم الصادق من الكاذب . س/ ما المراد بالْعَصْرِ ؟ وهل يجوز القسم به ؟ الله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر والعصر هو الدهر، فهو محل الأحداث من خير وشر، ومن أهل العلم من قال بأن المراد بالعصر هنا هو عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن أهل العلم من قال أن المراد بالعصر هنا صلاة العصر كما ثبت في الصحيح .
ـ والله - جلّ جلاله - له أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للمخلوق أن يقسم إلا بالخالق - تبارك وتعالى - فالله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر بالدهر بالأيام والليالي ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾[الفرقان:62] . س/ مامعني قوله تعالي ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ ؟ وما الذي استثناه الله من ذلك ؟ أي إن الإنسان، كل الإنسان لفي خسر، أي لفي خسران، واستثنى الله - تبارك وتعالى - إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ . س/ ما المراد من قوله تعالي: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ؟ ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ ِ﴾ ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر .
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ لابد أن تعلم أنك إن سلكت الدرب ستتعرض للمحن والأذى فلابد أن تصبر نفسك وأن تدعو غيرك إلى الصبر.
_______
س/ أذكر الأدلة النقلية القرآنية علي أن الله جلّ وعلا هو الخالق ؟
الله - جلّ وعلا - هو الخالق والأدلة النقلية القرآنية والنبوية والأدلة العقلية على هذا الأصل الكبير المهم ما أكثرها وما أجلها وما أعظمها منها :-
1ـ قال الله - جلّ وعلا - ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر:62] ، فالله - جلّ وعلا - هو الخالق .
2ـ قال - جلّ وعلا - ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿35﴾ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور:35-36] .
3ـ قال - جلّ وعلا - ﴿ الرَّحْمَنُ ﴿1﴾ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴿2﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴿3﴾ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴿4﴾﴾ [ الرحمن:1-4] ، وقال- جلّ وعلا -﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾[آل عمران:190].
4ـ وقال - جلّ وعلا - ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة:164] .
5ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴿12﴾ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴿13﴾ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿14﴾﴾ [المؤمنون:13-14]
6ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل:60].
7ـ والآيات كثيرة قال - جلّ وعلا - ﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴿33﴾ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴿34﴾ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴿35﴾ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴿36﴾﴾ [يس:33-36] الآيات . س/ هل أنكر المشركون أن الله هو الخالق ؟
الأصل الأول أن الله - جلّ وعلا - هو الخالق، لم ينكر المشركون هذه الحقيقة الكبيرة مع مكابرتهم وعنادهم وإعراضهم عن الحق إلا أنهم لم ينكروا هذا الأصل الكبير، قال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف:87] هذا رد المشركين بل يقرون بتوحيد الأسماء والصفات ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [الزخرف:9] فالمشرك لم ينكر هذه الحقيقة الكبيرة ألا وهي أن الله - جلّ وعلا - هو الخالق . س/ أذكر الأدلة النبوية علي أن الله جلّ وعلا هو الخالق ؟
1ـ ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره من حديث شداد بن أوس - رضي الله عنه - وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ( سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) .
2ـ ما رواه البخاري ومسلم وأحمد، واللفظ لأحمد رحم الله الجميع من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه قال: ( كنا نُهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية فيسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نسمع ؛ لأن الأعراب من أهل البدو لا يحسنون ولا يتقنون اختيار الألفاظ، وإنما قد يتكلم أحدهم على سجيته وطبيعته، قد تخرج الكلمات شديدة حادة لكنه يخرج ما عنده فقال أنس: فجاءه رجل من أهل البادية فقال: يا محمد، ينادي عليه باسمه المجرد .
يقول الأعرابي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -أتانا رسولك: أي أتانا الرسول الذي أرسل إلينا من قبلك؛ ليعلمنا الإسلام، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، فنظر إليه - النبي صلى الله عليه وسلم فقال - النبي صلى الله عليه وسلم -( صدق )
فقال الأعرابي: فمن الذي خلق السماء ؟ هذا هو الشاهد: من الذي خلق السماء ؟ قال - النبي صلى الله عليه وسلم - (الله) .
قال الأعرابي: فمن الذي خلق الأرض ؟
قال - النبي صلى الله عليه وسلم - (الله) .
قال الأعرابي: فمن الذي نصب الجبال وجعل فيها ما جعل ؟
فقال - النبي صلى الله عليه وسلم - (الله) .
فقال الأعرابي: قال فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال آلله أرسلك ؟
قال : (نعم) .
قال الأعرابي: وزعم رسولك أن الله قد فرض علينا خمس صلوات في اليوم والليلة .
قال : (صدق) .
قال الأعرابي: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا ؟
قال : (نعم) .
قال الأعرابي: وزعم رسولك أن الله فرض علينا صيام شهر في السنة .
قال: (صدق) .
قال الأعرابي: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا ؟
قال: (نعم )
فقال الأعرابي: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن .
فقال - النبي صلى الله عليه وسلم - (لئن صدق ليدخلن الجنة ) وفي لفظ (أفلح إن صدق ) والشاهد من سؤال الأعرابي من الذي خلق السماء ؟ من الذي خلق الأرض؟ من الذي خلق الجبال وجعل فيها ما جعل، وجواب - النبي صلى الله عليه وسلم - على هذا الأعرابي بسؤال واحد لا يجيب إلا بلفظ الجلالة المفرد العلم الله . س/ أذكر مثالا يبين أدب الصحابة في السؤال للنبي صلي الله عليه وسلم ؟
كان الصحابة رضوان الله عليهم يمتنعون عن الجواب فيما يعلمونه خشية أن يقدموا بين يدي الله ورسوله، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس وأبي بكرة رضي الله عنهم جميعاً أي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعا ، أما النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل الصحابة يوم الحج الأكبر في حجة الوداع ، وقال ( أي يوم هذا ) انظروا ماذا قال الصحابة ؟ الله ورسوله أعلم ، أي يوم هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم، فقال - النبي صلى الله عليه وسلم - (أليس يوم النحر؟) قالوا : بلى ، قال : (أي شهر هذا ؟) قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : (أليس ذا الحجة ؟) قالوا : بلى ، قال : (فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عن أصحاب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ). س/ أذكر الأدلة العقلية علي أن الله جلّ وعلا هو الخالق ؟ من الأدلة العقلية على أن الله هو الخالق :
استدل على ذلك الإمام أحمد بالبيضة، فقال الإمام أحمد: "هذا حصن حصين أملس -يقصد البيضة- هذا حصن حصين أملس ليس له باب ولا منفذ ظاهرة كالفضة البيضاء وباطنه كالذهب الإبريز، فبينما هو كذلك إذ انصدع جداره وخرج منه حيوان سميع بصير ذو شكل حسن وصوت مليح" ، أإله مع الله يفعل هذا ؟
2ـ استدل الشافعي بورقة التوت قال : "ورقة التوت تأكلها الغزالة فتعطينا مسكاً، وتأكلها دودة القز فتعطينا حريرا، وتأكلها الشاة فتعطينا لبنا ولحما، فلو كانت الأمور تسير بالصدفة كما يقولون؛ لكانت عصارة الطعام الواحد واحدة ، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .
3ـ أما أبو حنيفة فقد استدل استدلاً عقلياً جميلا حين جاءه بعض الزنادقة وبعض الملحدين وقالوا ما الدليل على وجود الله - تبارك وتعالى - ؟ فقال:" دعوني فإني مفكر في أمر قد شغلني وأخرني عنكم، قالوا وما هو ؟
قال كنت على الشاطئ الآخر ولم أجد مركباً لأركبه لآتي إليكم وفجأة وجد الأشجار على الشاطئ تقطع دون أن يقطعها نجار أو صانع ونظرت فرأيت هذه الألواح تنسق وصارت سفينة دون أن يصنعها صانع، ثم جاءت هذه السفينة وشقت هذه الأمواج المتلاطمة ووقفت أمام يدي وتحت قدمي فركبتها وشقت بي هذه الأمواج المتلاطمة دون أن يقودها ربان" ، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا هذا كلام لا يقوله عاقل على وجه الأرض ، قال: "سبحان الله تستكثرون هذا وتستنكرون هذا، هذا الكون العلوي والسفلي تنكرون أنه وجد بيد خالق ؟ خلقه خالق" ، فهذا الكون من العرش إلى الفرش خلقه ربنا - تبارك وتعالى - صنع الله الذي أتقن كل شيء ، فالشاهد أن الله - عز وجل - هو الخالق ومن ثَم فالذي خلق هو الذي يرزق . س/ ما معنى الرزق ؟
قال ابن منظور في لسان العرب: الرزق: هو ما تقوم به حياة كل كائن حي مادي كان أو معنوي ، فكثير من الناس يظن أن الرزق مال فحسب، كلا كلا، الرزق أوسع مدلولا من المال، فالإيمان بالله رزق والإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رزق، وحب آل بيت - النبي صلى الله عليه وسلم - رزق ، والعلم رزق، والحلم رزق، والخلق رزق، والأدب رزق، والزوجة الصالحة رزق، والولد الصالح رزق، والمال رزق ، وكل هذا من رزق الرزاق ذي القوة المتين، قال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود:6] .
س/ كيف يكون الرزق في السماء وفي الأرض والأموال في الأرض والحرث في الأرض، والتجارات في الأرض ؟ في الأرض الأسباب، في الأرض أسباب الرزق، والأسباب وحدها لا تضر ولا تنفع ولا ترزق ولا تمنع إلا بأمر مسبب الأسباب - جلّ وعلا - لذا أراد الله - عز وجل - أن يلفت العقول الذكية والقلوب التقية والفطر السوية إلى أن الرزق في السماء، بيد خالق السماء والأرض الذي تكفل بأرزاق الخلق وأرزاق العباد، ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿22﴾﴾ ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴿23﴾﴾[الذاريات:22-23] ، هذه الصيغ التوكيدية المتعددة فورب السماء والأرض قسم، قسم إنه لحق لام التوكيد أيضاً، مثل ما أنكم تنطقون .
عندما سمع أعرابي هذه الآية قال من الذي أغضب الكريم حتى يقسم ؟ من هذا الذي لم يصدق الله على أنه هو الرزاق حتى أقسم الحق - تبارك وتعالى - بهذا القسم تلو القسم ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ توكيدات قرآنية بليغة جملية فما أحوج الناس إلى الثقة في هذا القسم وإلى الثقة في الرزاق ذي القوة المتين . س/ ماذا يحدث لو تعبدنا لله باسم الرزاق ؟ لو فهمنا وتعبدنا لله باسم الرزاق على مراد الله وعلى مراد رسول ما قتل القاتل من قتل، وما سفك الدماء من سفك، وما كذب من كذب، وما تملق من تملق، لو علم أهل الأرض أن الرزق بيد الله، وأنه لا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تحول بينك وبين زرق قسمه الله لك ما نافقت أحداً وما تملقت أحداً؛ لأن قلب من ترائي وتنافق بيد من عصيت .
ـ قيل لحاتم الأصم: كيف حققت التوكل ؟ قال بأربعة أشياء ، قالوا: ما هي ؟ قال : علمت بأن رزقي لا يأخذه غيرى فاطمئن قلبي ، وعلمت بأن الموت ينتظرني؛ فأعددت الزاد للقاء الله، وعلمت بأن عملي لا يتقنه غيري؛ فاشتغلت به، وعلمت بأن الله مطلع علي؛ فاستحييت أن يراني على معصية .
ـ وجاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ( أن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ) . س/ الله خلق الخلق وقدر أرزاقهم ـ وضح ذلك ؟ قال الله تعالى ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾[القمر:49] فرزقك مقدر قبل أن تخلق، بل قبل أن يخلق السماوات والأرض، بل وكتب الله رزقك وأنت في بطن أمك كما في الصحيحين من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إن الله تعالى وكل بالرحم ملكاً ) يعني أرحام النساء على وجه الأرض المسلمات والكافرات، وكل الله بهذه الأرحام ملكاً من الملائكة بمعنى ألا تحمل أنثى على ظهر الأرض إلا بأمر المَلِك للمَلًك، يقول المَلَك ملَك الأرحام للمَلِك - جلّ جلاله - ( أي رب نطفة ؟ أي رب علقة ؟ أي رب مضغة ؟ أي رب أذكر أم أنثى ؟ أي رب أشقي أم سعيد ؟ أي رب ما رزقه ؟ أي رب ما أجله ؟ ) وفى لفظ ( فيكتب الملك ويقضي ربك ما شاء ) .
ـ قال الله - جلّ جلاله - ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿56﴾ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴿57﴾ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴿58﴾ [ الذاريات:56-58].
فرزقك مقدر ومكتوب ولا تنشغل أبداً بقضية الرزق، فإن الله - عزّ وجلّ - قد قسم رزقك فما عليك إلا أن تأخذ بالأسباب وأن تتوكل على الله. س/ مامعني التوكل علي الله ؟ التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول كما في الحديث الصحيح، الذي رواه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه :- ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا ) تغدو: يعني تخرج في الصباح الباكر خماصاً وبطونها فارغة، وتروح: أي ترجع في وقت الروحة في المساء بطانا وقد رزقها الله - تبارك وتعالى - الذي تكفل بأرزاق المخلوقات في هذه الدنيا ، وليس معنى ذلك أن نتواكل على الله، فالتوكل هو صدق اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب.
ـ قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى: من طعن في الأسباب فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان، فالأخذ بالأسباب سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتوكل على الله حال النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن كان على حال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتركن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - . س/ ما المراد من قول المؤلف رحمه الله ( ولم يتركنا هملا ) ؟ كثير من الناس لا يدري خالقه، ولا يدري الغاية التي من أجلها خلق، ولا يعرف الوظيفة التى من أجلها ابتعث، قال - جلّ وعلا - ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [لأعراف:179] .
وقال - جلّ جلاله - ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ﴾ [محمد:12] .
ـ الله - جلّ جلاله - خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، لا بل نحن مخلوقون لغاية نحن مخلوقون في الكون لوظيفة محددة بيّنها ربنا - تبارك وتعالى - في كلمات حاسمة ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات:56] ، فهذه هي الغاية وتلك هي الوظيفة التي من أجلها ابتعثت .
قال ربعي ابن عامر - رضي الله عنه - حين سأله رستم قائد الجيوش القصروية الجرارة من أنتم ؟ فقال: نحن قوم ابتعثنا الله؛ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة .
ـ ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ﴿115﴾ فَتَعَالَى اللَّهُ ﴾ [ المؤمنون:115-116] تعالى الله أن يخلق الخلق بغير حكمة، تعالى الله أن يخلق البشر لغير وظيفة، تعالى أن يترك الله الخلق هملاً وسداً كلا، ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴿116﴾ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون:116-117].
ـ قال الله - جلّ جلاله - ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴿36﴾ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ﴿37﴾ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴿38﴾ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴿39﴾ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴿40﴾﴾[ القيامة:36-40] ، فالإنسان خلق ثم بعد ذلك تموت، ثم بعد ذلك تبعث، وبعد البعث حساب، عرض، وصحف، وحساب، وبعد الحساب ميزان، وبعد الميزان صراط، وبعد الصراط جنة أو نار . س/ ماذا يحدث لو أسدل الستار على حياة ابن آدم عند الموت ؟ وما حقيقة ذلك ؟ لو أسدل الستار على حياة ابن آدم عند الموت لظلم من ظلم، وانتفش من انتفش، وانتفخ من انتفخ، وكفر من كفر، وفعل كل إنسان ما يريد وهو مطمئن إلى ما يريد، أو إلى كل ما يريد أن يفعل دون أن يقتص بعد ذلك ربنا - جلّ جلاله - للمظلوم من الظالم، لا الدنيا ليست سوقاً سينفض وحسب، وإنما سيبعث الله الخلق جميعا وسيوقف الله الناس كلهم بين يديه للسؤال عن القليل والكثير، وعن الصغير والكبير قال - جلّ جلاله - ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء:47].
ـ وقال ربنا - جلّ جلاله - ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴿1﴾ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴿2﴾ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ﴿3﴾ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴿4﴾ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴿5﴾ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴿6﴾ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿7﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿8﴾﴾ [ الزلزلة:1-8] .
ـ قال - جلّ جلاله - ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴿13﴾ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴿14﴾﴾ [ الإسراء:13-14].
ـ ﴿ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴾ [ القمر:53] .
ـ ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم:39] ولم يتركنا هملا، فالله - تبارك وتعالى - ما خلقنا عبثا وما تركنا هملا، ولا تركنا سدى، وإنما خلقنا لغاية، لوظيفة للعبادة للتوحيد، للطاعة، لإتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم بعد ذلك سنموت وبعد الموت بعث، وبعد ذلك نقف بين يديه للسؤال على الكثير والقليل والصغير والكبير.
ـ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه - جلّ جلاله - ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر العبد أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه؛ فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) .
ـ بل وفى الصحيحين أيضاً من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع رب العزة عليه كنفه ويقرره بذنوبه، فيقول: عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا فيقول الله - جلّ جلاله - ولكني سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليوم) س/ الله - عزّ وجلّ - يعطي الكفار المال والرزق الكثير فهل يدل ذلك على محبة الله - عزّ وجلّ - لأولئك الكفار ؟ روى الإمام أحمد في مسنده وغيره بسند صحيح من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه فاعلم بأنه استدراج له من الله - عزّ وجلّ - قال تعالى ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴿44﴾ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴿45﴾﴾[الأنعام:44-45] ، فكم من مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يدري وكم من مستدرج بثناء الناس عليه وهو لا يدري وكم من مفتون بكلام الناس في حقه وهو لا يدري ، فليست نعم الله حين تتوالى تترا أنها علامة من علامات الرضا، قد يكون كل ذلك علامة من علامات الرضا للعبد المؤمن إن جمع المال من حلال ووظف هذا المال في طاعة الكبير المتعال .
ـ قال ابن القيم: إن قربتك النعمة من الله فاعلم بأنها منحة، وإن أبعدتك النعم من الله فاعلم أنها محنة.
س/ ما حكم الإيمان بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم ؟ الرسول هو محمد - صلى الله عليه وسلم – فمن آمن بالله - جلّ وعلا – ولم يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم – فقد كفر، بل من آمن بجميع أنبياء الله ورسله ولم يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم – فقد كفر، فلقد بيّن القرآن الكريم أن من كذَّب نبياً واحداً من أنبياء الله ورسله فقد كذب جميع إخوانه من الأنبياء والمرسلين .
ـ فمن المعلوم أن الله - جلّ وعلا – ما أرسل إلى قوم نوح إلا نوحاً على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فلما كذب قوم نوح نوحاً عليه الصلاة والسلام قال الله - جلّ وعلا - ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:105] مع أنهم ما كذبوا إلا نوحاً على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾ .
ـ وكذلك أن الله ما أرسل إلى قوم لوط إلا لوطاً عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك قال الله - جلّ وعلا - ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء:160] .
ـ وما أرسل الله - جلّ جلاله – إلى عاد إلا هوداً على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فلما كذبوه، قال الله - جلّ جلاله – ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:123]. وقال - جلّ جلاله – ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:141].
ـ بل لقد بين الله - سبحانه وتعالى – هذا الحكم في آية فاصلة حاكمة، فقال - جلّ جلاله – في أية من آيات سورة النساء ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴿150﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً ﴾[النساء:150-151].
ـ فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – هو الإمام الأعظم، وهو خاتم النبيين والمرسلين، لم يرسله الله - جلّ جلاله – أرسله الله - جلّ جلاله – إلى كل الخلق إلى كل البشر ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ﴾[ الأعراف:158 ] ، قال - جلّ جلاله – ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107].ـ فالنبي - صلى الله عليه وسلم – وهو الإمام الأعظم الذي أخذ الله - جلّ جلاله – الميثاق والعهد على النبيين بلا استثناء إذ بعث فيهم محمداً - صلى الله عليه وسلم – أن يؤمنوا به وأن يتبعوه ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾لام الإلزام والإيجاب والأمر ﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾[آل عمران:81] .
ـ وفى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) .
ـ إذاً وجب على أهل الأرض بعد أن بعث الله فيهم محمداً - صلى الله عليه وسلم – أن يؤمنوا بمحمد كما آمنوا بإخوانه من النبيين، فنحن لا نفرق بين نبي ونبي في أصل الإيمان بالله - تبارك وتعالى –، وفى الإيمان بهذا النبي المبعوث أو المرسل من قبل الله - عزّ وجلّ – قال تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة:285] .
ـ وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( فُضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب ) وفى لفظ البخاري: ( مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت )هذا هو الشاهد ( وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبييون) . س/ ما حكم طاعة الرسول ؟ وما حكم معصيته ؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أرسله الله إلى جميع الخلق كافة، بل أرسل إلينا رسولا، هذا الرسول هو محمد – صلى الله عليه وسلم – وواجب على كل مكلف على وجه الأرض أن يؤمن بالله - جلّ جلاله – وأن يؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم سيد الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم – . فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، هذا قرآن وسنة، قال الله - جلّ جلاله – ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء:80].
طاعة رسول الله طاعة لله ، ومعصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم – معصية لله، بل لا يجوز لمن آمن بالله ورسوله أن يقدم قولا أو فعلاً على قول وفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال - جلّ جلاله – ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات:1]. لا تقدموا بين يدي الله ورسوله، قال ابن عباس: أي لا تقولوا قولاً خلاف الكتاب والسنة . ** قال القرطبي: أي لا تقدموا قولاً ولا فعلاً على قول وفعل رسول الله، فإن من قدمه قوله أو فعله، على قول وفعل رسول الله، فإنما قدمه على الله؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لا يأمر إلا بما أمر به من الله - عزّ وجلّ – . ** قال الشنقيطي رحمه الله في قوله: ﴿ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ قال: ويدخل في الآية دخولاً أولياً تشريع ما لم يأذن به الله، فلا حلال إلا ما أحله الله ورسوله، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا دين إلا ما شرعه الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم – طاعة النبي طاعة للرب العلي، ومعصية النبي معصية للرب العلي. قال الله - جلّ جلاله – ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة:92].
ـ وقال الله - جلّ جلاله – ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿51﴾ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور:51-52].
ـ وقال - جلّ جلاله – ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ﴿60﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ﴾[النساء:60-61].
ـ وقال - جلّ جلاله – ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ﴾ [الأحزاب:36].
ـ وقال الله - جلّ جلاله – في آية جامعة ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].
س/ أذكر بعض الأدلة علي أن السنة أصل من أصول التشريع ؟ منها ما جاء في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث المقدام بن معد يكرب أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ) السنة ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ، قال ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي ، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة المعاهد ) وفى لفظ ( فإن ما حرم الله كما حرم رسوله - صلى الله عليه وسلم – ) . ** وقال تعالي: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]. ** وقال - جلّ جلاله – ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾[النساء:59].
** قال ميمون بن مهران رحمه الله تعالى في قوله - جلّ جلاله – ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ قال: الرد إلى الله هو الرجوع إلى القرآن الكريم ، والرد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – هو الرجوع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته والرجوع إلى السنة بعد مماته. ** وفي قوله تعالي ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ ولم يقل وأطيعوا أولى الأمر منكم، بل جعل طاعة أولى الأمر تابعة لطاعتهم لله ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾. ** قال - صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) لا إله إلا الله هناك من يأبى؟ نعم هناك من يأبى أن يدخل الجنة (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ) . ** وما رواه الإمام البخاري من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما – قال: ( جاءت ملائكة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو نائم، فقال: بعضهم إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان ، قال بعضهم: إن لصاحبكم هذا مثلاً فاضربوا له، مثلا فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، قالوا: مثله كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيه مأدبة، وأرسل داعية أو بعث داعية، فمن أجاب الداعية دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعية لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة ) ، قالوا: أولوها له يفقهها، قال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، قالوا: الدار الجنة، ومن أطاع محمداً فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس ، فهذه الدار وما أعد الله - عزّ وجلّ – فيها من النعيم لا تكون ولا يكون نعيمها إلا لمن أطاع محمداًَ - صلى الله عليه وسلم –، ولم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة أي لم يستمتع بنعيمها من عصى محمداً - صلى الله عليه وسلم – فمحمد فرق بين الناس. س/ ما الأدلة علي أن الله يغفر الذنوب جميعها إلا الشرك ؟ ـ قال - جلّ وعلا - ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾[النساء:116]. ـ وقال جلّ وعلا ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾[المائدة: 72] . ـ وقوله - تبارك وتعالى ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾[الزمر:65] . ـ ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿65﴾ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر:65-66]. ـ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام:162-163]. آيات واضحة حاسمة، فالله - سبحانه وتعالى – لا يرضى أبداً لعباده الكفر ولا يرضى منهم أبداً هذه الكبيرة وهذه المعصية الخطيرة ﴿ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان:13]. س/ ما هي أقسام الشرك ؟ الشرك قسمان : شرك أكبر، وشرك أصغر. س/ ما المقصود بالشرك الأكبر؟ وما الدليل عليه ؟ الشرك الأكبر: لا يغفره الله - تبارك وتعالى – أبداً وهو اتخاذ الند مع الله - جلّ وعلا – أو من دونه - سبحانه وتعالى ،ة ومن الأدلة عليه :- 1ـ قال - جلّ وعلا - ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾ [البقرة:165] فإذاً اتخاذ الند مع الله أو من دون الله أن يتخذ العبد نداً مع الله أو من دون الله يحب هذا الند كمحبة الله أو يخاف هذا الند كخوفه من الله - تبارك وتعالى . 2ـ ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه – أن - النبي صلى الله عليه وسلم – قال ( من شهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له، وأن محمداً رسول، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ) وفى لفظ عتبان بن مالك في الصحيح ( فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله تعالى ) . 3ـ وكما في صحيح البخاري وغيره من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه – قال: ( جاء رجل إلى - النبي صلى الله عليه وسلم – فقال يا رسول ما الموجبتان ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم – من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقي الله يشرك به شيئا دخل النار ) . 4ـ ومن حديث أنس - رضي الله عنه – أن - النبي صلى الله عليه وسلم – قال، قال الله تعالى في الحديث القدسي الجليل: ( يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) . 5ـ ومن حديث أبي هريرة أن - النبي صلى الله عليه وسلم – قال: ( إن الله تعالى سيخلص رجلاً من أمتي يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، وينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مثل مد البصر، ويقول الله - تبارك وتعالى –: أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول لا يا رب، فيقول الرب - جلّ وعلا – احضر وزنك فإنه لا ظلم عليك اليوم، ثم يخرج له بطاقة فيها كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول، فيقول العبد: يا رب وما هذه البطاقة في هذه السجلات؟ فيقال: احضر وزنك فإنه لا ظلم عليك اليوم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم – فتوضع السجلات في كفة، وتوضع بطاقة التوحيد في كفة، قال فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة فإنه لا يثقل مع اسم الله شيء ).
س/ ما المقصود بالشرك الأصغر؟ وما الدليل عليه ؟ الشرك الأصغر: هو الرياء ، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وبعض أصحاب السنن بسند صحيح من حديث محمود بن لبيد - رضي الله عنه – أن - النبي صلى الله عليه وسلم – قال ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال الرياء ) . س/ ما الرياء ؟ وما حكمه ؟ الريـاء: كما قال أهل اللغة الفيروز أبادي وابن منظور وغيره: راءى رياءً ورئاء ومراءة، أي أرى الناس خلاف ما يبطن، أي أظهر خلاف ما يسر، خلاف ما يبطن، فهناك المرائي وهو العامل للعمل، وهناك المراءى وهم الناس الذين يريد عندهم الشهرة والوجاهة والسمعة، وهناك الرياء وهو العمل ذاته .
وحكم الرياء: أنه محبط للأعمال يقول ربنا - جلّ وعلا – كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) وفى لفظ ابن ماجة بسند صحيح ( وأنا منه بريء وهو للذي أشرك ) ، قال - جلّ وعلا - ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾ [الكهف: 110] .
ـ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح البخاري وغيره يقول ( من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به ) يعني يجعل الله - عز وجل – سره علانية ويظهر الله - تبارك وتعالى – نيته الفاسدة الخبيثة للناس، إن لم يتب إلى الله - تبارك وتعالى – ويرجع إليه - جلّ وعلا . س/ أعمل العمل وأنا أريد به وجه الله - تبارك وتعالى – لكني أسمع الثناء الحسن من الناس؛ فأشعر بشيء من السعادة، فهل هذا من الرياء ؟
لا ، ليس هذا من الرياء ، ففي صحيح مسلم من حديث أبي ذر - رضي الله عنه – أن - النبي صلى الله عليه وسلم – سئل: يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل من أعمال الخير يريد به وجه الله تعالى فيلقي الله - عز وجل – له الثناء الحسن على ألسنة الناس فيثني الناس عليه خيرا، فقال - النبي صلى الله عليه وسلم – ( تلك عاجل بشرى المؤمن ) ، فإن تكلمت خطبت أو ألقيت محاضرة أو فعلت لله - تبارك وتعالى – أو عملت أي عمل من أعمال البر وأنت تريد وجه الله - سبحانه وتعالى – فإذا بالناس يثنون عليك ويفرحون بك، حتى ولو وجدت الفرحة في قلبك فهذا أمر طبيعي، أن تفرح للطاعة ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس:58] ، قال الله - تبارك وتعالى - ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾ [مريم:96] ، قال ابن عباس - رضي الله عنه – أي محبة في قلوب الخلق . س/ ما الموالاة ؟ وما البراء ؟ الموالاة كما قال ابن منظور في لسان العرب وغيره الموالاة: هي المحبة والنصرة، والمولى: هو المحب والناصر والتابع .
البراء: هو التباعد والخلاص، وأصل الولاء الحب، وأصل البراء البغض. س/ لا يستقيم دينك إلا بالولاء والبراء لله ولرسوله وللمؤمنين ، فما الدليل علي ذلك ؟ لا يستقيم دينك إلا بالولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراءة من الشرك والمشركين ، والأدلة علي ذلك منها :-
1ـ قول الله - جلّ وعلا - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [الممتحنة:1] .
2ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴿100﴾ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران:100-101].
3ـ قال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة:120].
4ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾[المائدة:51].
5ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾[آل عمران:118].
6ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[البقرة:109].
7ـ وقال الله - جلّ وعلا - ﴿ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[البقرة: 217] . س/ ما أصناف الناس في الولاء والبراء ؟1 ـ صنف من الناس وافق الكفار موافقة تامة في الظاهر والباطن، وهذا هو الذي فيه الوعيد في قوله تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51] وافقهم في الظاهر والباطن.
2ـ وصنف وافقهم في الباطن وخالفهم في الظاهر، وهذا هو نفاق الاعتقاد: يسر الكفر ويظهر الإسلام، وإظهاره للإسلام يعصم دمه وماله.
3ـ وصنف وافقهم في الظاهر وخالفهم في الباطن، وهذا لا يكون إلا في حال واحد ألا وهو حال الإكراه كما في قوله - تبارك وتعالى - ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]. س/ ماذا يجب علي المسلم في الولاء والبراء ؟ المؤمن الذي كمل إيمانه يوالي الله ورسوله والمؤمنين ويعادي الشرك والمشركين ، فمن وحد الله - سبحانه وتعالى – وأطاع الرسول - صلى الله عليه وسلم – لا يجوز له البتة أن يوالي من حاد الله ورسوله ، كما في حديث رسول الله ( الحب في الله، والبغض في الله أوثق عرى الإيمان ) وكما في قوله: ( من أحب لله، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ) . س/ كيف تكون الدعوة لغير المسلمين ؟ الإسلام أوجب على هذه الأمة أن تبلغ الدين إلى أهل الأرض ، فعندما ندعو غير المسلم الى الاسلام يجب أن يكون الداعي لينا حكيماً رحيماً بمن يدعوه، وهذا اللين، وهذه الحكمة، وهذه الرحمة لا تتعارض مع أصل الولاء لله ولرسوله، والبراء من الشرك والمشركين قال - جلّ وعلا - ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل:125] ، وقال - جلّ وعلا - ﴿ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [العنكبوت:46] ، وقال - جلّ وعلا – لموسى وهارون حين أمرهما أن يذهبا إلى فرعون ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴿43﴾ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾[طـه:44] الآيات.
س/ ما المراد بالرشاد ؟ الرشاد: أرشدك الله لطاعته ، أي : هداك لطريقه المستقيم ، طريق الحق والهدى . فالرشاد : أرشدك : أي : هداك ودلك ﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ (غافر:38) أي أهدكم سبيل الحق والهدى . س/ ما الهداية ؟ وما أقسامها ؟ الهداية في اللغة : هي الدِلالة أو الدَلالة والإرشاد والتعريف والبيان .
وهي تنقسم إلي أربعة أقسام اصطلاحا : -هداية عامة ،- وهداية الدِلالة أو الدَلالة ، والإرشاد -والتعريف البيان ، وهداية التوفيق ، والهداية في الآخرة . س/ ما الطاعة ؟ الطاعة: هي فعل ما أمر الله عز وجل به والانتهاء عما نهى عنه سبحانه وتعالي، امتثال الأمر ، واجتناب النهي ، والوقوف عند الحد . هذه الأصول تمثل طاعة الله سبحانه وتعالي . س/ ما الحنيفية ؟ ومَن مِنَ الأنبياء صاحبها ؟ الحنيفية : هي ملة التوحيد الخالص ، المائلة : أي البعيدة عن الشرك صغيره وكبيره ، والحنيف : هو المائل عن الشرك .
ـ وإبراهيم : أثني الله تبارك وتعالي عليه وجعله خليلا له ، وإماما للأنبياء وقدوة للمرسلين . فقال الله تبارك وتعالي : ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خليلا﴾[النساء: من الآية125] وقال الله سبحانه وتعالي مبينا أن إبراهيم هو الأسوة والقدوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأمته من بعده ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾[الممتحنة: من الآية4] .
ـ وقال الله سبحانه وتعالي ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران:67]. حنيفا : أي مائلا عن الشرك ، سائر على طريق التوحيد محققا للإيمان بالله سبحانه وتعالي .
ـ وقال جل وعلا ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:68]. س/ كيف كانت دعوة إبراهيم في قومه ؟ إبراهيم عليه وعلى نبينا عليه الصلاة والسلام خليل رب العالمين ، وقدوة المحققين ، وقدوة سيد النبيين والمؤمنين ، وإمام رب العالمين ، ولقد أثنى الله تبارك وتعالي عليه بقوله ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل: من الآية120] ، وقد آتاه الله عز وجل رشده من صغره ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾ [الأنبياء:51] .
ـ نشأ في بيت يصنع فيه أبوه الحجارة والأوثان ليقدمها لتعبد من دون الله جل وعلا ، في بيئة كانت تعبد الكواكب من دون الله تبارك وتعالي ، ومع ذلك فقد آتاه الله رشده ، وقام يقيم الحجة على أبيه ، وعلى قومه ، بالدلالة الدامغة ، والحجة البالغة ، تدبر قوله تعالي ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴿75﴾ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾76﴿ فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ﴾77﴿فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾78﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [الأنعام:75- 79] .
ـ قام يدعوا أباه بحكمة بالغة وأدب جم يقول لأبيه كما قال ربنا ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً (41) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً (46) قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً (49) [مريم:41- 47] س/ كيف أقام ابراهيم الحجة العقلية الدامغة علي قومه ؟ لما علم ابراهيم أن القوم قد أصروا على الكفر والعناد تبرأ منهم وأعلن البراءة من الشرك والمشركين ، بل وأعلن العداءة على هذه الآلهة المكذوبة الباطلة المدعاة وتوعدها بقوله ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴾57﴿ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾58﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا ﴾[الأنبياء:57- 59] مازالوا مصرين على أنها آلهة ، مع أنهم رأوها قد تبعثرت وقد تدحرجت ، وقد أحيلت إلي ركام في ركام ، وتراب في تراب ، لكنها العقول حينما تغلق ، أو إن شئت فقل لكنها البصائر حينما تطمث ، لكنها الفطر حينما تدنس وتحيد عن طريق الحنيفية ، وتميل عن الحق إلي الباطل والشرك والضلال ، ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾63﴿ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ﴾64﴿ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ﴾65﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ﴿66﴾ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾67﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ ﴾[الأنبياء:63- 68] .
** بعد هذا الحوار ﴿ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء:59] ، ويردون أيضا بلغة الازدراء والتحقير دائما لأهل الحق والتوحيد ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ﴾ [الأنبياء: من الآية60] تصغير وتحقير وتقليل ﴿ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: من الآية60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ﴾ [الأنبياء:61] ووجه له هذا السؤال ﴿ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ﴾62﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾ [الأنبياء:63] ويقيم الحجة على قومه ، يقيم الحجة العقلية الدامغة ليخرجهم من ظلمات الشرك والضلال إلي أنوار التوحيد والإيمان بالله تبارك وتعالي . س/ مامعني ( اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ) ؟ أي أن ملة التوحيد الحق وأن الصراط المستقيم وأن البعد عن الشرك والسير على درب التوحيد ، اعلم أن هذه الحنيفية ملة إبراهيم . س/ وما معني يعبدون ؟ أي يوحدون ، وإن كان بعض أهل العلم قال : بأن معني العبادة أشمل من معني يوحدون لكنه إن كان القصد بالتوحيد التوحيد الشامل الكامل ، فلا فرق إذن بين العبادة التي خلقنا الله تبارك وتعالي من أجلها وتحقيق التوحيد ، وبين التوحيد بمعناه الشامل المتكامل . س/ ما التوحيد ؟ التوحيد : هو أعظم ما أمر الله عز وجل به ، وهو إفراد الله تبارك وتعالي وحده بالعبادة ، وأعظم ما نهى الله عز وجل عنه هو الشرك ،وهو : دعوة غيره معه سبحانه ، والدليل قوله جل وعلا ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ﴾ [النساء:36] . س/ ما هي العبادة ؟ ومتي تسع العبادة الحياة كلها ؟ العبادة: أصل معناها الذل ، يقال : طريق معبد أي طريق مذلل قد وطأته الأقدام ، لكن العبادة التي أمرنا بها تتضمن معني الذل ومعني الحب إذ لا يمكن أبدا أن تكون عبادة إلا بهذين الركنين : بالذل والحب ، فهي كمال الذل لله مع كمال الحب لله .
** وعرفها شيخ الإسلام رحمه الله بتعريف شامل جامع فقال : العبادة : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
** والعبادة تسع الحياة كلها ، بمعني حياة المؤمن كلها عبادة بشرطين : الأول أن تصح النية ، والثاني أن يكون عملك هذا موافقاً لسنته سيد البشرية صلي الله عليه وسلم . س/ أذكر ي دليل علي أن الله يجعل حياة المؤمن كلها عبادة إذا وافق عمله السنة وصحت نيته ؟ من أعظم الأدلة النبوية على هذه الرحمة ما رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : جاء أناس إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ! ذهب أهل الدثور بالأجور ، أي ذهب أصحاب الأموال بالأجر كله ، فقالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم أي بما زاد من أموالهم فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ( أو ليس الله جعل لكم ما تصدقون به ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا : يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر ؟! قال أرأيتم لو وضعها في الحرام أيكون عليه وزر؟) قالوا: بلي ، قال: (وكذلك لو وضعه في الحلال فله بها أجر ) .
س/ ما هو مقتضى العبادة ؟ مقتضى العبادة: أن يسلم العبد عقله وقلبه وجوارحه كاملة لله سبحانه الذي خلقه لعبادته ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾162﴿ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام:162- 163]
ـ ومقتضى العبادة: أن يسلم العبد كليته ، أن يسلم بصره ، وسمعه ، ولسانه ، وجنانه، وجوارحه ، وعقله . أن يسلم نفسه كله لله سبحانه وتعالي ، الذي أمره جل وعلا بعبادته وحده لا شريك له . ـ ومقتضى العبادة: أن يسير العبد ليصل إلي الله تبارك وتعالي خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فكل الطرق إلي الله جل وعلا مسدودة إلا من طريق محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام . س/ حدد شيخ الإسلام ابن تيمية جماع الدين في أصلان فما هما ؟ قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله وجماع الدين أصلان: الأول: أن نعبد الله وحده لا شريك له .
والثاني: أن نعبده بما شرع على لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال وهذان الأصلان : هما حقيقة قولنا نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمدا رسول الله فبالشهادة الأولى يعرف المعبود عز وجل وبالشهادة الثانية يعرف الطريق الموصل إلي المعبود عز وجل . س/ أذكري بعض صور صرف العبادة لغير الله ؟ـ
من الناس من يحل ما حرم الله ويحرم ما حل الله ، أو يتبع من فعل ذلك وهذا قد صرف العبادة لغير الله أو يتبع من فعل ذلك ، يتبع الأحبار أو الرهبان الذين احلوا ما حرم الله أو حرموا ما أحل الله وهذه صورة من صور العبادة لغير الله جل وعلا قال الله تعالي ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: من الآية31]
2ـ ومن الناس من صرف صورا كثيرة من صور العبادة لغير الله فذبح لغير الله نذر لغير الله حلف بغير الله استعان بغير الله استغاث بغير الله طاف بغير بيت الله والله سبحانه وتعالي يقول ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آل عمران: من الآية154] ، والله تبارك وتعالي يقول لنبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾65﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الزمر:65- 66]
3ـ ومن الناس من فهم العبادة فهما مبتورا ناقصا جزئيا فالعبادة عنده لا تتعدى أداء الشعائر التعبدية كالصلاة والصيام والزكاة والعمرة والحج هذه العبادة ، فلا حرج بعد ذلك أن ينقل الربا أو أن يعاطن الزنا أو أن يشرب الخمر أو أن يترك بناته متبرجات عاريات أو أن يسب والديه أو أن يأكل الحرام أو أن يظلم مرؤسيه أو أن يؤذي جيرانه يقول هذا ليس من العبادة ، العبادة أنا أصلي وأصوم وأعتمر كل عام وأحج كل عام إذن لا حرج بعد ذلك فيما أصنع ، وهذا خلل ، هذا فهم مبتور منقوص لحقيقة العبادة وقد بينت أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. س/ لماذا أمر الله الخلق جميعا بعبادته ؟ لو تخلي الخلق جميعا في الكون كله أو في الأرض عن عبادة الله سبحانه ، فالله جل وعلا غني عن كل خلقه لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية ، بل لا يزيد ملكه توحيد الموحدين ولا حمد الحامدين ولا شكر الشاكرين ، ولا ينقص ملكه كفر الكافرين ولا عصيان العاصين ولا إذناب المذنبين ، أبدا قال الله جل وعلا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ [فاطر: من الآية15] نداء عام ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ﴾ [فاطر:15] . س/ ما أنواع الفقر ؟ مع تعريف كل نوع ؟ الفقر نوعان: كما قال بن القيم في كتابه طريق الهجرتين : فقر اضطراري وفقر اختياري . الفقر الاضطراري: هو فقر كل الخلق في الأرض هذا مضطر إلي الله جل وعلا هو فقير اضطرارا إلي الله فقير إلي الشمس إلي النور إلي الهواء إلي الماء إلي الأرض إلي آيات الله وهي خلق الله تبارك وتعالي قال جل جلاله ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ﴾ [آل عمران: من الآية83] ولما خلق الله السماوات والأرض ﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت : من الآية11] هذا فقر اضطراري لا يشذ ولا يحيد عنه مخلوق من مخلوقات الله في الكون و هو لا يريد من الخلق هذا الفقر إنما يريد . الفقر الاختياري: هو فقر العبودية والذل والانكسار لله تبارك وتعالي وكلما ازددت فقرا من هذا النوع الثاني ازددت عند الله غنى كلما ازددت فقرا اختياريا لله ازددت عند الله غنى فكلما ازدادت عبوديتك لله ازددت عزا عند الله كلما ازداد فقرك لله زادك الله غنى وزادك الله رفعه وزادك الله علوا ومكانة وشأنا عنده في الدنيا والآخرة ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾15﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾16﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [فاطر:15- 17 ] ، فالكون كله بعيدا عن الخلق وبعيدا عن من كفر من الجن يسبح الله ولا يغفل عن تسبيحه ولا يغفل عن طاعته ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[الأنبياء: من الآية19] الله ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ﴾19﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء:19- 20]
ـ فلو غفل الخلق جميعا عن تسبيحه وعبوديته وعبادته فالكون كله يسبح الله وملائكة الله لا تغفل عن تسبيحه وذكره وطاعته وعبادته قال جل وعلا في وصفهم ﴿ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: من الآية6] بل في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم حين ذكر البيت المعمور الذي هو بمحاذاة الكعبة في السماء السابعة قال وإذ به يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لا يعودون إليه إلي يوم القيامة تصوروا هذه الأعداد الهائلة التي تدخل البيت المعمور من لدن خلقه الله إلي أن يرث الأرض ومن عليها لنعلم أن الله غنى عن كل خلقه لو كفروا وأعرضوا عن الطاعة والعبادة فالله غنى عن الخلق وهو القائل في الحديث القدسي الذي رواه مسلم من حديث أبي ذر وفيه (يا عبادي لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقي قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئا ) إلي آخر الحديث . س/ لماذا أمرنا الله بعبادته ؟ أولا: لأن العبادة حق الله على عباده روى البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم يوما على حمار يعني كنت أركب خلف النبي صلي الله عليه وسلم على حمار واحد فقال النبي لمعاذ ( يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله قال معاذ الله ورسوله اعلم فقال المعلم والمربي صلي الله عليه وسلم حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا قال معاذ قلت أفلا أبشر الناس يا رسول الله قال لا ، لا تبشرهم فيتكلوا ) . ثانياً: من أعظم وأرق صور الرحمة : أن أمر الله الخلق والعباد بعبادته لأن العبادة غذاء لأرواحنا ، لأن العبادة حياة لقلوبنا ، لأن العبادة سبب لتفريج كروبنا ، لأن العبادة تقربنا من ربنا تبارك وتعالى ، ثم بعد ذلك نعبد الله لذاته لأنه يستحق أن يعبد وطلبا لجنته وخوفا من ناره .
نعبد الله لأن العبادة غذاء للأرواح : الإنسان مخلوق ، جسد وروح ، فأنا أعطي البدن ما يشتهيه : من طعام وشراب وكل شئ في الحلال الطيب والروح في أعماق الجسد تريد هي الأخرى غذاء وشراباً ودواء وغذاء الروح لا يعلم حقيقته إلا من خلقها ، لأن العلم يتوقف عند الروح
س/ هل الدعاء هو العبادة ؟
المصنف استدل بقول الله تبارك وتعالي ﴿ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾[غافر: من الآية60] ﴿ قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: من الآية60] ثم قال جل وعلا بعد ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾ [غافر: من الآية60] فاستدل بهذه الآية على أن الدعاء هو العبادة ، ثم استشهد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الدعاء مخ العبادة) هذا الحديث حديث ضعيف ، والصحيح حديث النعمان بن بشير أنه صلى الله عليه وسلم قال ( الدعاء هو العبادة ) فالدعاء من أعظم العبادات وصورة من صور القرب من رب الأرض والسماوات . س/ ما فضل الدعاء ؟
الدعاء يحبه ربنا سبحانه وتعالي ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء وفي الحديث الذي رواه أحمد وغيره بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله تعالي حيى كريم يستحي إذا رفع رجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين ) وقول الله سبحانه وتعالي الذي يملئ القلب بالثقة والطمأنينة ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر:60] ، وقال جل وعلا ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186] ، فما من آية سئل فيها النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه إلا وجاء الجواب من الله للنبي بقوله تعالي قل كذا وقل كذا ، كقول الله جل وعلا ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ أَبْوَابِهَا ﴾ [البقرة:189] ، ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: من الآية220] ، قال جل وعلا ﴿ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: من الآية85] إلي آخره .
ـ إلا في هذا الموطن ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ﴾ [البقرة: من الآية186] لم يقل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قل إني قريب ، بل قال:﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: من الآية186] .
ـ ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير يعني يرفعون أصواتهم بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيها الناس أربعوا على أنفسكم يعني لا تجهروا ولا ترفعوا أصواتكم بالتكبير ولا بالدعاء أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا بل تدعون سميعا بصيرا وهو معكم وهو أقرب إلي أحدكم من عنق راحلته قال أبو موسى وأنا خلفه فأقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله قال فنادي علي رسول الله فقال يا عبد الله بن قيس قلت لبيك يا رسول الله قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة قلت بلي يا رسول الله قال لا حول ولا قوة إلا بالله الشاهد إنكم تدعون سميعا بصيرا ) .
ـ إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَ ﴾ [المجادلة:1] الآيات ، تقول عائشة تبارك من وسع سمعه الأصوات جاءت المجادلة إلي النبي صلى الله عليه وسلم تشكوا إليه في جانب من جانب الغرفة ، وأنا لا أسمع كثيرا من قولها وقد سمع الله قولها من فوق سبع سماوات فالله جل وعلا سميع بصير يسمع دبيب النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في ليلة ظلماء . س/ النبي صلي الله عليه وسلم بين أنه لابد من الأخذ بالأسباب لاستجابة الدعاء ؟
ذلك ما ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر يستغيث الله عز وجل حتى سقط ردائه من على منكبيه ويأتي الصديق من ورائه ، ويرد الرداء على ظهره يقول ( أكثرت مناشدتك ربك يا رسول الله فإنه ينجز لك ما وعدك ) ، والرسول في أرض المعركة صف الصفوف وجند الجيوش والجند ووقف بينهم صلى الله عليه وسلم وقد أخذ بجميع الأسباب وبعد ذلك تضرع إلي الله تبارك وتعالي . س/ ماهي أسباب إجابة الدعوة ؟
النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال جل وعلا ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِح ﴾ [المؤمنون:51] ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: من الآية172] ، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلي السماء يا رب ، يارب ، يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) . س/ ما حكم صرف الدعاء لغير الله ؟
من صرف الدعاء لغير الله فقد أشرك لأنها عبادة من أعظم العبادات وصرف العبادة لغير الله تبارك وتعالي شرك باتفاق ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ﴾ [البقرة: من الآية186] لم يقل فقل يا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186] . س/ هل كل الدعاء يُستجاب ؟
روى الإمام أحمد وغيره بسند حسن من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من عبد يدعو الله تبارك وتعالي دعوة ليست إثما أو ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله تبارك وتعالي إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ) ، فإن أجابك الله تعالي على الفور فهذا فضل ورحمة وإن لم يجبك وادخر لك الأجر والفضل في الآخرة فهو أعظم من الأولى ، وإما أن يصرف الله عز وجل عنك من السوء مثلها وأنت لا تدري .
** وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين قال يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ) ، وفي لفظ مسلم قيل وما الاستعجال يا رسول الله قال ( يقول أحدهم قد دعوت ، وقد دعوت ولم أرى يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدعو الدعاء ) . س/ ما معني الخوف ؟
الخوف: شعور يملئ القلب فيدفع هذا الشعور صاحبه لعمل الطاعات واجتناب المعاصي فليس الخائف من يبكي ويمسح عينيه ولكن الخائف من يترك ما يخاف أن يحاسبه الله عليه على المعصية ولكن الخائف هو الذي يترك ما يخاف أن يحاسبه الله عليه قال الفضيل بن عياض من خاف الله عز وجل دله الخوف على كل خير وكل قلب ليس فيه خوف الله فهو قلب خرب قيل للحسن البصري يا أبا سعيد إننا نخالط أقواما يخوفوننا بالله حتى تكاد قلوبنا أن تطير يعني من شدة الخوف فقال الحسن البصري إنك إن تخالف أقواما يخوفونك بالله في الدنيا حتى يدركك الأمن في الآخرة خير من أن تخالط أقواما يؤمنونك في الدنيا حتى يدركك الخوف في الآخرة . س/ ما أنواع الخوف ؟ وحكم كل منها ؟ الخوف نوعان : خوف جبلي طبيعي فطري : وهذا لا شيء فيه ، لا إثم عليك إن أصابك شيء من هذا الخوف ، مثلاً : أن ترى سيارة مقبلة عليك بسرعة فتخاف هذا خوف جبلي ، أن تخاف من الغرق ، أن تخاف من الهدم ، أن تخاف من المرض ، هذا خوف لا شيء فيه فهو خوف جبلي طبيعي فطري .
** أما الخوف الذي لا ينبغي أن يصرف إلا لله تبارك وتعالي هو:
خوف الضر والنفع ، يجب أن تكون على يقين بأن الضر والنفع بيدي الله تبارك وتعالي فأنت لا تخشى من أحد فيما لا يقدر عليه إلا الواحد الأحد ، لكن ربما تخشى إنسانا لأنه يستطيع أن يضرك في أمر ما هذا أيضا لا حرج فيه لكن بشرط أن تكون على يقين أن الضر والنفع بيد الله تبارك وتعالي فهذا لا يملك أن يضرك أو أن ينفعك إلا بأمر الله سبحانه قاتل جل وعلا ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام:17]
** وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد بسنن الترمذي وغيرهما بسند صحيح لابن عباس ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . س/ الله جل وعلا أمر بالخوف في كتابه ، أذكر الآيات الدالة علي ذلك ؟
قد أمر الله جل وعلا بالخوف منه في أكثر من موضع منها :
1ـ قال تعالي ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران :174،173]
2ـ قال تعالي ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران:175] ، فالله يأمرنا بالخوف منه جل وعلا ﴿ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ .
3ـ ويقول سبحانه﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: من الآية40]
4ـ ويقول جل وعلا ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران: من الآية30]
5ـ ويقول جل وعلا ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ [البروج:12] س/ ما فضل الخوف ؟
الله جمع لأهل الخوف أعلى مقامات أهل الجنان من الهدى والعلم والرحمة إلي غير ذلك ، فقال جل وعلا ﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [الأعراف:154] ، وقال جل وعلا : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: من الآية28] ، فما فتن الخوف قلبا إلا ودل الخوف صاحب هذا القلب على كل خير ، وحال بينه وبين كل شر ومعصية ، والمؤمن لا يخلوا قلبه أبدا من خوف إن قل وهذا الخوف يزيد ويقل بحسب الإيمان وبحسب معرفة العبد بربه تبارك وتعالي قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية أو أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ) فكلما عرفت الله سبحانه وتعالي وكلما عرفت أسماء جلاله وصفات كماله عرفت قدره تبارك وتعالي فامتلئ قلبك بالحي لله والخوف من الله جل وعلا . س/ ما هي درجات الخوف ؟ الخوف درجات أو أنواع : أولاً: خوف من مكر الله ، قال تعالي ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف:99] ، فالأمن من مكر الله علامة شؤم وعلامة خسران والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يقلبها حيث شاء ، وما سمي القلب قلبا إلا لكثرة تقلبه وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن القلوب أو إن قلوب بني أدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفها حيث شاء ) ، ثم قال صلى الله عليه وسلم ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) وفي رواية أحمد من حديث أم سلمى قالت يا رسول الله أو أن القلوب لا تتقلب قال ( ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد إن أشاء الله أقامه وإن شاء الله أزاغه ) . ثانيا : الخوف من سوء الخاتمة ، لقد مزق هذا النوع من أنواع الخوف قلوب الصديقين بل قلوب الصالحين وقلوب النبيين والمرسلين النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه وهو ممن شهدوا بدرا ، لما مات عثمان بن مظعون قبله النبي وبكى فسالت دموع النبي على خد عثمان ، قالت أم العلاء امرأة من الأنصار قالت رحمة الله عليك أبا السائب تقصد عثمان بن مظعون شهادتي عليك أن الله أكرمك فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم (وما يدريكى أن الله أكرمه ؟) ، قالت سبحان الله فمن يعني فمن هذا الذي سيكرمه الله إن لم يكرم الله عثمان بن مظعون فمن فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أما هو فقد جاءه اليقين ووالله إني لأرجو له الخير ثم قال والذي نفسي بيده لا أدرى ما يفعل بي ولا بكم وأنا رسول الله ) .
** في الصحيحين من حديث بن مسعود قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( وإن أحدكم ليعمل زمان الطويل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ، وفي لفظ البخاري ( إنما الأعمال بالخواتيم ) .
** فالخوف من سوء الخاتمة مزق قلوب الصادقين والصديقين ، نبينا صلى الله عليه وسلم كان يقف بين يدي الله يصلي وبصدره أجيج كأجيج المنجر من البكاء من شدة الخوف من الله تبارك وتعالي . ثالثاً : الخوف من عذاب الله في الآخرة :
ومن أهل العلم من قال ولاشك أن أخطر وأكبر عقوبة أن يحرم العبد من النظر إلي وجه الله تبارك وتعالي في جنات النعيم ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾ [القيامة:22] ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة:23] ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين عن رب العزة تبارك وتعالي : ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا إذاً سمعت ولا خطر على قلب بشر اقرأو إن شئتم قوله تعالي ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة:17]) .
س/ لماذا بدأ الشيخ رحمه الله بصيغة السؤال: بقوله ما الأصول الثلاثة ؟ وما هي ؟
هذا أسلوب من أساليب جذب الانتباه وشد وجذب الاهتمام .
والأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان على المسلم والكافر على الإنسان كل الإنسان معرفتها هي : 1-معرفة العبد ربه 2-ودينه 3-ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم. س/ ما أهمية هذه الأصول ؟
هذه الأصول الثلاثة وهي أصول كبيرة بل هي الدين بل لا يصح لإنسان على وجه الأرض إن تخلف أصلا عن هذه الأصول الثلاثة وهي التي سيسأل عنها العبد أي عبد في قبره كما في السنن من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وهو حديث صحيح وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر( أن المؤمن يأتيه ملكان في قبره ويقولان له: من ربك فالمؤمن يقول ربي الله ما دينك: فيقول المؤمن ديني الإسلام من نبيك فيقول: نبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فيقال صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة يدخل إليه ريحها وطيبها.. إلى آخر الحديث، وأما الكافر عياذا بالله فيأتياه ملكان ويسألان هذا العبد أيضا هذه الأسئلة الثلاثة من ربك فيقول الكافر أو المنافق ها ها لا أدري لا حول ولا قول إلا بالله فيقال له أو يسأله الملكان ما دينك فيقول: ها ها لا أدري فيقول الملكان من نبيك فيقول: ها ها لا أدري ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ).
** وهذه الأصول لا يصح دين إلا بها فليس القصد أن يقر العبد لله تبارك وتعالى بتوحيد الربوبية وإنما القصد أن يفرد العبد حين يتعرف على الله عز وجل بالعبادة والألوهية . س/ ما معني كلمة الرب ؟ كلمة الرب: رب كل شيء صاحبه ومالكه، أما الرب بالألف واللام بالتعريف قال ابن القيم رحمه الله تعالى: هو اسم الله تبارك وتعالى الذي له الجمع الجامع لجميع المخلوقات، فهو خالقها ورازقها ومالكها ومصرفها ومدبر أمرها وشئونها لا يخرج شيء عن ملكه ولا عن قهره ولا عن سلطانه تبارك وتعالى. ـ ومن أهل العلم من عرف الرب "بقوله الرب هو الخالق ابتداء والمربي غذاءًا والغافر انتهاءًا، هو الخالق ابتداء لأنه لا يمكن أن يكون الرب إلا خالقاً الرب هو الخالق ابتداء والمربي غذاءًا والغافر انتهاءًا س/ العالمون جميعا غارقون في نعم الله من رؤوسهم إلى أقدامهم ، بين ذلك ؟
العالم كل من سوى الله عالم الخلق ، عالم البشر ، عالم الجن ، عالم الشياطين ، عالم البحار ، عالم الطير ، عالم الحيوانات ، عوالم لا يعملها إلا الله تبارك وتعالى كل من سوى الله فهو عالم وأنا وأنت والخلق جميعا عالم من هذا العالم لا يعرف قدرها وحقيقتها إلا من خلقها سبحانه وتعالى ، قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى سموا عالما لأنهم علم على خالقهم ومدبر أمرهم سموا عالم لأنهم علم على خالقهم ومدبر أمرهم ومصرف شؤونهم تبارك وتعالى وهذا كما في قول الله عز وجل في الحوار الذي دار بين فرعون وموسى حين سئل فرعون نبي الله موسى عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام حين سئل موسى وهارون: ﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)[ طه: 49] قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾ [طه: 49-50]، قال جمهور المفسرين" أي هو الذي خلق كل شيء على شكله وهيئته التي تعينه للقيام بالمصلحة والمنفعة التي وجد من أجلها ، وقد أضاف العلامة الألوسي إضافة جديدة ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ أي ربنا الذي خلق كل شيء على الشكل اللائق به الذي هيئه على القيام بالمصلحة والمنفعة التي وجد من أجلها ثم هدى أي ثم جعله دليل عليه تبارك وتعالى، ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد . س/ بم عرفت ربك ؟
ربي الله الذي رباني بنعمته وربى جميع العالمين بنعمته ، وأجل وأعظم وأكبر وأطهر نعمة أنعم بها علينا هي نعمة الإسلام ونعمة الإسلام ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) ﴾ [الحجرات: 17] ، فنعمة الإسلام هي أشرف نعمة وهي أجل نعمة ، وكذلك نعمة العقل ، من فكر في نعمة العقل وشكر الله تعالى عليها أن تعقل كل شيء من حولك قل من يشكر الله تعالى على هذه النعمة أذكرك بنعم الله عليك التي لا تعد ولا تحصى وتتوالى علينا تترا في الليل والنهار ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) ﴾ [النحل: 18]، فنحن في نعم الله تعالى نتقلب من رؤوسنا إلى أقدامنا سبحان ربي العظيم، تمتد يدك إلى ألوان الطعام والشراب ولن أتحدث عن هذا الرزق، فالرزق كما بينت قبل ذلك لا يقتصر على المال كما قال بن منظور في لسان العرب الرزق هو ما تقوم به حياة كل كائن حي مادي كان أو معنوي لأن بعض الناس يتصور أن النعمة في المال وأن الرزق في المال وحسب كلا هذه صورة من صور الرزق وهذه نوع من أنواع النعم التي لا تعد ولا تحصى .
** وكذلك عرفنا الله تبارك وتعالى-: آياته: الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته: السماوات السبع والأرضون السبع ومن فيهن وما بينهما والدليل قوله تعالي: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾[فصلت: 37]،
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِين ﴾ [الأعراف :54]
س/ ما أنواع الآيات ؟ الآيات نوعان: 1-آيات كونية 2-وآيات شرعية . الآيات الكونية : هي الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر إلى آخره وما أكثر هذه الآيات. والآيات الشرعية: هي ما أوحى الله إلى أنبيائه ورسله ، هي الوحي . س/ ما الدليل علي أن الكون كله يسبح لله ؟ إن هذا الكون من عرشه إلى فرشه من سماءه إلى أرضه أنظر إلى السماء وارتفاعها انظر إلى الأرض واتساعها انظر إلى الجبال وأثقالها انظر إلى الأفلاك ودورانها انظر إلى البحار وأمواجها انظر إلى كل ما هو متحرك وإلى كل ما هو ساكن. واللهِ: إن الكل يقرُّ بتوحيد الله إلا من كفر من الإنس والجن- ولا حول ولا قوة إلا بالله-
قال- جل وعلا-: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18] .
فالكون كله يسبح والكون كله يوحد إلا من كفر من الإنس والجن-قال تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُور ﴾ [الإسراء: 44].
س/ من الذي يستحق أن يفرد بالعبادة ؟ الله- جل وعلا- وحده- هو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة وهو الذي يستحق أن يفرد بالتوحيد ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162- 163] ، ويجب على كل مسلم أن يعلم يقيناً أن العبادة لا تصرف إلا لله فمن صرف نوعاً من أنواع العبادة لغير الله - تبارك وتعالى- فقد أشرك . س/ عرف الإسلام ؟ الإسلام : هو الاستسلام لله- تبارك وتعالى- بالتوحيد ،والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله ، وهو المنة العظمى والنعمة الكبرى وهو الدين الذي ارتضاه الله لأهل سماواته وأرضه ، ولا يوجد عند الله تبارك وتعالى دين إلا الإسلام ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ ﴾ [آل عمران: 19]. س/ أذكر الأدلة الدالة علي أن الإسلام دين جميع الرسل والأنبياء والجن ؟ الإسلام دين جميع الأنبياء والمرسلين ، قال تعالي ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
ـ الإسلام دين نوح قال -تعالى- في سورة يونس: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ ﴾ [يونس: 71] ، إلى قوله -عز وجل- حكايةً عن نوح ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72] .
ـ والإسلام دين إبراهيم قال تعالى :﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 127- 128].
ـ الإسلام دين موسى -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- قال الله تعالى حكاية عنه في سورة يونس: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].
ـ والإسلام دين عيسى -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- قال تعالى :﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52].
ـ والإسلام دين يوسف -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- قال تعالى حكاية عنه: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101
ـ والإسلام دين سليمان -على نبينا وعليه الصلاة والسلام - قالت ملكة سبأ : ﴿ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 29- 31].
ـ والإسلام دين الجن المؤمن قال الله تعالى حكاية عن الجن: ﴿ وَأَنَّا مِنَّا المُسْلِمُونَ وَمِنَّا القَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (14) وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ﴾ [الجن: 14، 15].
ـ والإسلام دين لبنة التمام ومسك الختام المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي أنزل الله عليه قوله ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3]. فالإسلام دين الله -تبارك وتعالى- ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ ﴾ [آل عمران: 19] وهو الدين الذي ارتضاه الله لأهل سماواته وأهل أرضه ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ﴾ [آل عمران: 83] . س/ ما معني الإسلام تفصيلاً ؟ الإسلام هو: الاستسلام لله -تبارك وتعالى- بالتوحيد ، بأن تقر لله -جل وعلا- بالوحدانية ، وأن تفرده وحده- سبحانه وتعالى- بالعبادة ، وأن تنقاد له -سبحانه وتعالى-، أن تمتثل أمره ، وأن تجتنب نهيه ،وأن تقف عند حدوده -عز وجل-، وأن تتبرأ من الشرك وأهله ، فلا يصح لك – أبداً- إسلام إلا بالبراءة من الآلهة والأنداد والأرباب والطواغيت ، إلا بالتخلية قبل التحلية قال جل وعلا: ﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا ﴾ [البقرة: 256] .
س/ لماذا قدم الله الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله في قوله جل وعلا﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا ﴾ ؟ لأنه لابد أن تُخلي القلب من كل شريك من الآلهة المكذوبة، من الطواغيت ، من الأنداد ، من الأرباب ؛ ليصبح القلب خالياً لعبادة الله- تبارك وتعالى- وحده ، بلا منازع ولا شريك؛ فقدم الله الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله ؛ إذ لا يمكن أبدا أن يجتمع الإيمان بالطاغوت والإيمان بالله في قلب أبدا وإنما لابد أن يطرد أحدُهما الآخرَ، إما أن يستقر في القلب إيمان بالله وحده بلا منازع أو شريك - ولا يكمل أبدا إلا إذا تبرأت من كل إله باطل مكذوب- وإما أن يطرد الكفرُ -والعياذ بالله- الإيمانَ من القلب إذاً: لابد من التخلية قبل التحلية . س/ ما معني لا إله إلا الله ؟ معنى لا إله إلا الله : فلا إله نفي ، وإلا الله إثبات قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: النفي المحض ليس توحيد قل: لا إله هذا نفي محض أنت نفيت التوحيد لا إله إلا الله النفي المحض ليس توحيدا وكذا الإثبات بدون النفي ليس توحيدا بل يجب أن يكون التوحيد متضمنا للنفي والإثبات مع يعني في وقت واحد تقول: لا إله إلا الله يعني لا معبود بحق سوى الله فهي تنفي وتثبت .
س/ ماهي مراتب الإسلام ؟ وما دليلها ؟
الإسلام له ثلاث مراتب : الإسلام والإيمان والإحسان وهذه المراتب مأخوذة من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم إذا طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد فجلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ثم قال: يا محمد -صلى الله عليه وسلم- أخبرني عن الإسلام ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان قال: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان ، قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال: فأخبرني عن الساعة ، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ، ثم انطلق ، فلبثت مليا ، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر: أتدري من السائل يا عمر؟ قال عمر: الله ورسوله أعلم. فقال الصادق عليه الصلاة والسلام : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) , إذاً: بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الدين، أن الإسلام يتكون من هذه المراتب: الإسلام، الإيمان، الإحسان. س/ ما هي أركان الإسلام ؟
تلك الأركان بيَّنها نبينا -عليه الصلاة والسلام- في حديثه الصحيح في البخاري ومسلم وحديث ابن عمر قال- عليه الصلاة والسلام-: ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيل ) . س/ ما معني شهادة أن لا إله إلا الله ؟ وما دليلها ؟
معناها : لا معبود بحق إلا الله وَحَدُّ النفي من الإثبات لا إله نافياً جميع ما يعبد من دون الله إلا الله مثبت العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الزخرف: 26 - 28 ] ، وقوله تعالى ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]. س/ ما معني شهادة أن محمداً رسول الله ؟ وما دليلها ؟
معنى شهادة أن محمداً رسول الله : طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وحذر وألا يعبد الله إلا بما شرع ، ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]. س/ ما حقيقة قولنا: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ؟
هذا هو الركن الأول من أركان الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : إن دين الله الذي هو الإسلام مبني على أصلين: الأول: أن نعبد الله -عز وجل- وحده لا شريك له. والثاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم - وهذان الأصلان هما حقيقة قولنا: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فبالشهادة الأولى يعرف المعبود -عز وجل- ؛وبالشهادة الثانية يعرف الطريق الموصل إلى المعبود -عز وجل- لأن كل الطرق إلى الله مسدودة إلا من طريق النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. إذن الركن الأول من أركان الدين الذي لا يصح إسلام المرء إلا به هو أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
س/ هل الشهادة تكون باللسان فقط ؟
الشهادة : أن تكون باللسان أن تقر بلسانك بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ،وأن تصدقك بقلبك،وأن تترجم هذه الشهادة بمقتضياتها بأعمالك وجوارحكم ، - ﴿ إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: س/ ما المراد من الإيمان والإسلام إذا ذكرا معاً ؟
إن ذكرنا الإسلام والإيمان معا فالإسلام يراد به أعمال الظاهر والإيمان يراد به أعمال الباطن عند كثير من أهل العلم . س/ بين مراد المصنف من قوله تعالي النفي والإثبات في ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ ؟
استدل على النفي والإثبات بهذه الآية وهو استدلال غاية في الجمال ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ ، نفي لكل هذه الآلهة التي تعبد من دون الله- تبارك وتعالى- ثم يثبت العبادة لله وحده فيقول: ﴿ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾. ﴿ فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾ إثبات للعبادة والألوهية لله -سبحانه وتعالى- وحده، بلا منازع أو شريك . س/ ما حكم من أفرد الله وحده بالعبادة ولم يؤمن برسول الله صلي الله عليه وسلم ؟
من أفرد الله وحده بالعبادة ولم يؤمن برسول الله فقد كفر فقد كفر قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ حَقاًّ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾ [النساء: 150، 151] ، فلابد من الإيمان بالله والإيمان بمحمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمن آمن بالله وآمن بجميع الأنبياء والمرسلين وكفر بسيد النبيين والمرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد كفر . س/ ما حكم من كذب أوكفر بأحد الرسل أو الأنبياء ؟
الله ما أرسل إلى قوم نوح إلا نوحاً -عليه الصلاة والسلام - ومع ذلك لما كذب قومه نوحاً قال الله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 105] ، فمن كذب نبياً واحداً من الأنبياء فقد كذب جميع الأنبياء والمرسلين، ومن كفر بنبي فقد كفر بجميع إخوانه من النبيين والمرسلين قال الله تبارك وتعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285] . س/ هل هناك فرق بين الرسل في أصل الإيمان أو التفضيل لبعضهم علي بعض ؟
لا نفرق بين أحد من المرسلين في أصل الإيمان ، لكننا نفضل بعضهم على بعض كما بيَّن ربنا وبيَّن نبينا، كما في الصحيحين في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه –قال: ( فضلت على الأنبياء بست أوتيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب) وفي لفظ البخاري ( مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون) وقد فضل الله نبينا -صلى الله عليه وسلم- على أولي العزم الخمسة بل على الخليل الكريم إبراهيم فهو سيد الأنبياء وإمام الأصفياء الأتقياء، بل هو الإمام الأعظم كما قال الإمام الحافظ ابن كثير: الذي إن وجد في أي عصر لوجب على أهل الزمان أن يؤمنوا به وأن يتبعوه ولو كان نبيا من الأنبياء قال تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 81]. قال المصنف- رحمه الله تعالى- ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]. س" الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام هات دليلاً من الكتاب وآخر من السنة يدل علي وجوبها؟ من الكتاب1-ـ قوله جل وعلا: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]. 2- ومن السنة"ـ عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة) . س/ ما حكم تارك الصلاة ؟
لا خلاف بين أهل العلم على كفر من ترك الصلاة جحوداً وإنكاراً مسلم من حديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) ، وفي سنن النسائي بسند صحيح من حديث بريدة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) . س/ أذكر بعض فضائل الصلاة ؟
الصلاة صلة بين العبد وربه -1- يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ( أرأيتم لو أن نهراً على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات أيبقى من درنه شيء؟) قالوا:لا يا رسول الله ( قال:فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا ) .
2-ـ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: ( ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ ) قالوا: بلى يا رسول الله ( قال إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخُطَا إلى المساجد ،وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط ) .
3ـ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة ثم قال: ولا يزال الرجل في صلاة ما انتظر الصلاة أو ما دام في مصلاه ما لم يحدث تقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، ولا يزال الرجل في صلاة ما انتظر الصلاة ما لم يحدث) . س/ ما حكم المتخلف عن صلاة الجماعة ؟
كان الصحابة- رضوان الله عليهم- يعتبرون المتخلف عن صلاة الجماعة في المساجد من المنافقين الذين عُلم نفاقهم بوضوح وجلاء ، ففي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: فال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كهذا المتخلف الذي يصلي في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنه إلا منافقٌ معلومُ النفاقِ ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) ، قال تعالي ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾ [النساء: 103].
ويقول تبارك وتعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَياًّ ﴾ [مريم: 59] ، والغي كما في البخاري في الأدب المفرد وفي التاريخ الكبير بسند صحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها - ( الغي نهر في جنهم ) .
قال الله -عز وجل-:﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) ﴾ [الماعون: 4، 5]. ومن رحمة الله أنه قال: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ ﴾ ولم يقل الذين هم في صلاتهم ساهون وإلا لهلكنا جميعا ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ (7) ﴾ [الماعون: 5 - 7] .
س" الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام أذكر مايدل علي مشروعيتها ؟ قال الله - تبارك وتعالى- لنبيه- صلى الله عليه وسلم-: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ﴾ [التوبة: 103] ، أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ من أموال الأغنياء حقاً للفقراء .
2-، في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل- رضي الله عنه- لما بعثه النبي إلى اليمن قال: ( يا معاذ إنك تأتي قوماً أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلنهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلنهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) س/ ما حكم تارك الزكاة ؟ الزكاة هي الركن الثالث من أركان الدين وتارك الزكاة بخلاً وشحاً عاصٍ آثم وعلى ولي الأمر أن يأخذها منه قهراً وقصراً ولا يصح الدين إلا بها أما من أنكر الزكاة من أنكر وجوبها وأنكر فرضيتها فقد كفر بإجماع ولا خلاف بين المسلمين والعلماء على ذلك ، وقد بينها ربنا- تبارك وتعالى- في قوله: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]. س/ ما نسبة الزكاة في المال ؟ من المعلوم أنها اثنان ونصف في المائة يعني يجب عليك إن بلغ المال معك النصاب وهو ما يساوي قيمة ستة وثمانين جراماً من الذهب على الراجح من قول جماهير أهل العلم وحال عليه حول هجري كامل وجب عليك أن تخرج الزكاة في هذا المال س" الصيام الركن الرابع من أركان الإسلام فما أدلة مشروعيتها من الكتاب والسنة؟ 1ـ قال الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] . س/ ما فضل الصيام ؟ وما الغاية منه ؟1
- قال الله- تبارك وتعالى -﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
2ـ قال نبينا- صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رب العزة في الحديث القدسي الجليل: ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) و(الصيام جنة) أي وقاية ( فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ) والرفث هو الفسوق من القول أو الجماع كلاهما صحيح ( فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه) .
والغاية من الصيام: تحقيق التقوى، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131] .
س"الحج هو الركن الخامس في الإسلام ، أذكر مايدل عليه؟
1ـ قال الله- جل وعلا-: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].
2ـ في الصحيحين من حديث ابن عباس( أن رجلاً أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وإن امرأتي خرجت حاجة) يعني خرجت وحدها بغير محرم ( فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:ارجع فحج مع امرأتك) .
3ـ والنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: ( يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ) فقام رجل فقال: يا رسول الله أكل عام ؟ فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقام الرجل مرة ثانية ، وقال: أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت، فكررها ثلاثاً أكل عام يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قلت: نعم لوجبت ولما استطعتم ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه).
س/ ما المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم ( أن تؤمن بالله ) ؟
الإيمان بالله تبارك وتعالى هو أول أركان الإيمان أن تؤمن بالله ، والقران الكريم كله من أول الفاتحة إلى الناس في هذه القضية وفي هذا الركن ، إلا وهو ركن الإيمان بالله تبارك وتعالى ، فالقران الكريم أما حديث عن ذات الله جلا وعلا ، إما حديث عن أسمائه الحسنى ، وإما حديث عن صفاته العلا، وإما حديث عن أهل الإيمان الذين حققوا الإيمان وما أعد الله لهم في الدنيا والآخرة من نعيم ، وإما حديث عن من أعرضوا عن قضية الإيمان ألا وهم الكفار أو المنافقون ، وعما أعد الله عز وجل لهم في الدنيا من خزي والآخرة من عذاب الجحيم ، وإما حديث عن الأمم الظالمة أوعن الأمم الموحدة ، وأما أمرا أو نهى ، أو حد لتحقيق مقتضيات الإيمان . ** فالقران كله في قضية الإيمان بالله تبارك وتعالى ، بل ما خلق الله الخلق وما أنزل الكتب وما أرسل الرسل وما خلق الجنة والنار إلا من أجل قضية أن يفرد الخلق الحق تبارك وتعالى وحده بالعبادة ، هذه القضية هي قضية كل رسول بل هي دعوة كل نبي﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: من الآية36] ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء:25 ] ، وهى الغاية الأولى التى من أجلها خلق الله الخلق وأنزل جميع الكتب وأرسل كل الأنبياء والرسل من أجل أن يحقق الخلق الإيمان بالحق وتعالى وأن يفرده جلا وعلا بالإلوهية والعبادة . س/ ماهي الأدلة على وجود الحق سبحانه وتعالى ؟
الدليل على وجود الحق سبحانه وتعالى والأدلة على وجود الحق تبارك وتعالى كثيره منها أدلة عقليه ومنها أدلة نقليه ومنها أدلة حسية ومنها أدلة فطريه. ** أما الأدلة الفطرية: فقد فطر الله الخلق كل الخلق على توحيده تبارك وتعالى - فطرة الله التى فطر الناس عليها - وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل مولود يولد على الفطرة ) -يعنى على فطرة التوحيد والإيمان-( فأبواه يهودانه- يعنى ينشأ في بيت يهودي يهوديا أو ينصرانه أو يمجسانه ) إذاً الله خلق الخلق جمعيا على فطرة التوحيد والإيمان ، ثم بعد ذلك تجتال الشياطين من الخلق أعداد كبيرة فتحول بينهم وبين تحقيق قضية الإيمان بالله تبارك وتعالى. **أما الأدلة العقلية : على وجود الله فما أعظمها وما أكثرها أنظر إلى السماء و ارتفاعها أنظر إلى الأرض واتساعها ، أنظر إلى الجبال وأثقالها ، أنظر إلى الأفلاك ودورانها ، أنظر إلى البحار وأمواجها ، أنظر إلى كل ما هو متحرك ، أنظر إلى كل ما هو ساكن ، الكل يقر بتوحيد الله ويعلن الشكر لله ، ولا يغفل عن ذكر الله إلا من كفر من الإنس والجن ولاحول ولا قوة إلا بالله ، وما أروع استدلال هذا الأعرابي الذي لم يدخل إلى جامعه من الجامعات أو كليه من الكليات وإن كان قد تخرج من جامعة الفطرة ، فقال حين سئل ما الدليل على وجود الله ؟ قال: البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج أفلا يدل كل ذلك على اللطيف الخبير . ـالبيضة حصن حصين أملس ليس له باب ولا منفذ ظاهره كالفضة البيضاء ، وباطنها كالذهب ، فبينما هو كذلك إذا انصدع جدارها وخرج منها حيوان سميع بصير ذو شكل حسن صوت مليح ، إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور سل الواحة الخضراء والماء جريا وهذه الصحارى والجبال الراسية سل الروضة مزدانة سل الزهرة والنداء سل الليل والصباح الطير شاديا سل هذه الأناسم والأرض والسماء سل كل شئ تسمع التوحيد لله ساريا ولوجن هذا الليل وأمتد سرمدا فمن غير ربى يرجع الصبح ثانيه أإله مع الله. ـالإمام الشافعي استدل بورقة التوت على وجود الله ، قال ورقة التوت تأكلها الغزال تعطينا مسكها ، وورقة التوت تأكلها دودة القز فتعطينا حريرا ، وورقة التوت تأكلها الشاة فتعطينا لبنا ولحما ، فلو كان الأمر بصدفه لكنت عصارة الطعام الواحد واحده ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور. **أما الأدلة النقلية : فما أكثرها وما أعظمها منها :- ـ قول الله عز وجل ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴿60 ﴾أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه ﴾ [النمل: من الآية60- 61] الآيات . س/ أذكر بعض معجزات الأنبياء والرسل التي تدل على وجود الحق سبحانه وتعالى ؟ أما معجزات الأنبياء والرسل: التى رأها كثير من الناس كثير من الخلق ممن بعث الله تبارك وتعالى إليهم أولئك الأنبياء والمرسلين فما أكثرها ، وما أعظمها ، فمنها :- ـ عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن ربه الذي أرسله ، أمده بذلك والقوم يرون هذا الإعجاز وهذه المعجزات بأعينهم . ـ وهذا نبي الله تبارك وتعالى موسى يضرب البحر بعصاه فينفلق فيصبح كل فرق كالطود العظيم ، كالجبل العظيم ، ويجعل الله تبارك وتعالى بين هذين الماءين الثابتين طريقا يابساً ، مع أنه من المعلوم يقينا بالفطرة وبالسنن الكونية أن قانون الماء الاستطراك ، بمعنى أنك لو ضربت البحر بعصا ستشق العصا الماء لكن سرعان ما يلتئم الماء ، هذا ما يعرف بقانون الاستطراك ، لكن يضرب موسى البحر بعصاه ويظل الماء هكذا إلى أن يأمر ربنا تبارك وتعالى الماء أن يعود إلى سيرته الأولى ليهلك فرعون وملائه ، فهذه آية من آيات الله تبارك وتعالى ، ورأي فرعون وقومه هذه المعجزة الخالدة . ـ ومحمد صلى الله عليه وسلم يطلب منه قومه في قريش آية ، فيطلب نبينا صلى الله عليه وسلم من ربه تبارك وتعالى أن يشق له القمر نصفين استجابة من رسول الله لطلب المشركين في مكة ، وأنشق القمر نصفين ، ويرى المشركون القمر وقد أنشق في كبد السماء نصفين ، ويسجل الله هذه المعجزة في القرآن إلى أن يرث الله ومن عليها ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر:1] ، وما أكثر الآيات والمعجزات التى أجراها رب الأرض والسماوات على يد نبينا صلى الله عليه وسلم ، ويد إخوانه من النبيين المرسلين . س/ ما معني الإيمان بربوبية الله عز وجل ؟
الإيمان بربوبيته بمعنى أن الله عز وجل وحده هو الخالق الرازق المدبر المصرف لأمر الكون قال تعالى﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: من الآية54] ، قال تعالى﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آل عمران: من الآية154]. س/ ما معني الإيمان بالألوهية ؟ معناها : أن نفرد الله سبحانه وتعالى وحده بالعبادة فتوحيد الألوهية هو توحيد العبادة فالإله هو المأله والعبادة معناها الذل ويقال الطريق المعبد أى مذلل وطأته الأقدام لكن العبادة التى أمرنا بها تتضمن معنى الذل ، معنى الحب فالعبادة هي كمال الحب لله مع كمال الذل لله تبارك وتعالى . س/ ما معنى افرد الله بالأسماء و الصفات ؟ معنى افرد الله بالأسماء و الصفات : أن نؤمن بالأسماء الحسنى والصفات العلا التى أثبتها الله تبارك وتعالى لذاته في قرآنه ، وأثبتها له أعرف الناس به عبده ورسوله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في القرآن والسنة من غير تحريف ومن غير تعطل ومن غير تكيف ومن غير تمثيل قال جلا وعلا ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: من الآية11] ، وقال تعالى﴿ فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ﴾ [النحل: من الآية74] وقال تعالى ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:1] ، أحد في ذاته في صفاته في أسمائه في أفعاله . ـ روي البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله جل وعلا ( كذبني ابن أدم ولم يكون له ذلك ، وشتمني ابن أدم ولم يكون له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يُعيدُني الله تبارك وتعالى كما خلقني يقول الحق سبحانه وليس أول الخلق بأهون على من إعادته وأما شتمه إياي فقوله أتخذ الله ولدا يقول سبحانه وأنا الأحد الفرد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكون لي كفوا أحد ) .