أم البراء
عضو
أسباب الفتور عن طلب العلم
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
السؤال:
ما أسباب الفتور في طلب العلم؟
الجواب:
أسباب الفتور في طلب العلم أو غيره من فعل الطاعات:
أولاً: ضعفُ الهمَّةِ والعزيمة؛ وإلاَّ فالإنسان ينبغي كلما ازداد في طلب العلم أنْ يزداد نشاطاً؛ لأنه يجد زيادة في معلوماته؛ فيَفرح كما يفرح التاجر إذا ربح في سلعة فتجده ينشط. فإذا ربح في نوع من السلع ربحًا كثيرًا تجده يحرص على أن يحصُل على كمية كبيرة من هذا النوع.
كذلك طالب العلم ما دام جادًّا في طلبه الصَّادق؛ فإنَّه كلما اكتسب مسألة ازداد رغبة في العلم.
أمَّا الإنسان الذي لا يطلب العلم إلا ليقضي وقته فقط؛ فهذا يلحقه الفتور والكسل.
ثانيًا: أنَّ الشَّيطان يُيئِّس طالب العلم؛ يقول: "المدى بعيد, ولا يمكن أن تدرك ما أدرك العلماء"؛ فيكْسَل ويدعُ الطَّلب, وهذا خطأ.
ذَكر أحد المؤرِّخين عن أحد أئمَّة النَّحو -وأظنُّه الكسائي- أنَّه همَّ بطلب العلم -وهو معروف أنَّه إمامٌ في النحو-؛ ولكنه صَعُبَ عليه -وأظنُّ أنَّ النَّحو صعبٌ على كثيرٍ منكم- فهمَّ أن يَدعه؛ فرأى نملة تحمل طعامًا معها تريد أن تصعد جدارًا, فكلما صعدت سقطت, كلما صعدت سقطت, إلى عشر مرات أو أكثر! وفي النِّهاية -وبعد التعب والإعياء- صعدت؛ فقال: "هذه النَّملة تكابد وتكدح كل هذه المرَّات حتى أدركت إذن لأفعلنَّ"؛ فجدَّ في الطَّلب؛ حتَّى أدرك الإمامة فيه.
ثالثًا: مصاحبة الأشقياء؛ فإنَّ الصحبة لها تأثيرٌ على الإنسان, ولهذا حثَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على مصاحبة الأخيار, وأخبر أنَّ الجليس الصَّالح مثله كحامل المسك؛ إمَّا أنْ يُهدي لك منه, وإمَّا أنْ يبيع، وإمَّا أنْ تجد منه رائحة طيبة, وأنَّ الجليس السيِّئ كنافخ الكير؛ إمَّا أن يُحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد رائحة كريهة.
وهذه مسألة لها تأثيرٌ عظيم؛ حتى أنَّها تؤثر على الإنسان، لا في ترك طلب العلم فقط؛ بل حتى في العبادة؛ فإنَّ بعض الملتزمين يُسلِّط الله عليه رجلاً سيِّئًا فيَصحَبه؛ ثم يهوي به في النَّار -والعياذ بالله-.
رابعًا: التَّلهي عنه بالمغريات, وإضاعة الوقت, مرة يخرج يتمشَّى, وبعض الناس يكون مفتونًا بمشاهدة ألعاب الكرة، وما أشبه ذلك.
خامسًا: أنَّ الإنسان لا يُشعِر نفسه بأنَّه حال طلبِهِ للعلم؛ كالمجاهد في سبيل الله؛ بل أبلغ؛ أي: أنَّ طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله, لا شكَّ في هذا؛ لأنَّ طالب العلم يحفظ الشريعة ويُعلِّمُها النَّاس, والمجاهد غاية ما فيه أنَّه يصدُّ واحدًا من الكفَّار عن التأثير في الدِّين الإسلامي؛ لكن هذا ينفع الأمَّة كلها.
صحيح أننا قد نقول لهذا الشخص: الجهاد أفضل لك؛ لأنَّه أجدر به, ونقول للآخر: طلب العلم أفضل لك؛ لكن قصدي أنَّ طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله؛ وقد قال الله -تعالى-: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾[1]؛ أي: وقعد طائفة؛ ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾[2]؛ أي: القاعدون؛ ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[3].
هذا ما حضرنا -الآن- من أسباب الفتور في طلب العلم؛ فعليك أيُّها الطَّالب أن تكون ذا همَّةٍ عالية, وأن تترقَّب المستقبل, وأنَّك بإخلاصك النيِّة لله قد تكون إمامًا في الإسلام.
لقاء الباب المفتوح (206/ 16)
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
السؤال:
ما أسباب الفتور في طلب العلم؟
الجواب:
أسباب الفتور في طلب العلم أو غيره من فعل الطاعات:
أولاً: ضعفُ الهمَّةِ والعزيمة؛ وإلاَّ فالإنسان ينبغي كلما ازداد في طلب العلم أنْ يزداد نشاطاً؛ لأنه يجد زيادة في معلوماته؛ فيَفرح كما يفرح التاجر إذا ربح في سلعة فتجده ينشط. فإذا ربح في نوع من السلع ربحًا كثيرًا تجده يحرص على أن يحصُل على كمية كبيرة من هذا النوع.
كذلك طالب العلم ما دام جادًّا في طلبه الصَّادق؛ فإنَّه كلما اكتسب مسألة ازداد رغبة في العلم.
أمَّا الإنسان الذي لا يطلب العلم إلا ليقضي وقته فقط؛ فهذا يلحقه الفتور والكسل.
ثانيًا: أنَّ الشَّيطان يُيئِّس طالب العلم؛ يقول: "المدى بعيد, ولا يمكن أن تدرك ما أدرك العلماء"؛ فيكْسَل ويدعُ الطَّلب, وهذا خطأ.
ذَكر أحد المؤرِّخين عن أحد أئمَّة النَّحو -وأظنُّه الكسائي- أنَّه همَّ بطلب العلم -وهو معروف أنَّه إمامٌ في النحو-؛ ولكنه صَعُبَ عليه -وأظنُّ أنَّ النَّحو صعبٌ على كثيرٍ منكم- فهمَّ أن يَدعه؛ فرأى نملة تحمل طعامًا معها تريد أن تصعد جدارًا, فكلما صعدت سقطت, كلما صعدت سقطت, إلى عشر مرات أو أكثر! وفي النِّهاية -وبعد التعب والإعياء- صعدت؛ فقال: "هذه النَّملة تكابد وتكدح كل هذه المرَّات حتى أدركت إذن لأفعلنَّ"؛ فجدَّ في الطَّلب؛ حتَّى أدرك الإمامة فيه.
ثالثًا: مصاحبة الأشقياء؛ فإنَّ الصحبة لها تأثيرٌ على الإنسان, ولهذا حثَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على مصاحبة الأخيار, وأخبر أنَّ الجليس الصَّالح مثله كحامل المسك؛ إمَّا أنْ يُهدي لك منه, وإمَّا أنْ يبيع، وإمَّا أنْ تجد منه رائحة طيبة, وأنَّ الجليس السيِّئ كنافخ الكير؛ إمَّا أن يُحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد رائحة كريهة.
وهذه مسألة لها تأثيرٌ عظيم؛ حتى أنَّها تؤثر على الإنسان، لا في ترك طلب العلم فقط؛ بل حتى في العبادة؛ فإنَّ بعض الملتزمين يُسلِّط الله عليه رجلاً سيِّئًا فيَصحَبه؛ ثم يهوي به في النَّار -والعياذ بالله-.
رابعًا: التَّلهي عنه بالمغريات, وإضاعة الوقت, مرة يخرج يتمشَّى, وبعض الناس يكون مفتونًا بمشاهدة ألعاب الكرة، وما أشبه ذلك.
خامسًا: أنَّ الإنسان لا يُشعِر نفسه بأنَّه حال طلبِهِ للعلم؛ كالمجاهد في سبيل الله؛ بل أبلغ؛ أي: أنَّ طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله, لا شكَّ في هذا؛ لأنَّ طالب العلم يحفظ الشريعة ويُعلِّمُها النَّاس, والمجاهد غاية ما فيه أنَّه يصدُّ واحدًا من الكفَّار عن التأثير في الدِّين الإسلامي؛ لكن هذا ينفع الأمَّة كلها.
صحيح أننا قد نقول لهذا الشخص: الجهاد أفضل لك؛ لأنَّه أجدر به, ونقول للآخر: طلب العلم أفضل لك؛ لكن قصدي أنَّ طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله؛ وقد قال الله -تعالى-: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾[1]؛ أي: وقعد طائفة؛ ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾[2]؛ أي: القاعدون؛ ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[3].
هذا ما حضرنا -الآن- من أسباب الفتور في طلب العلم؛ فعليك أيُّها الطَّالب أن تكون ذا همَّةٍ عالية, وأن تترقَّب المستقبل, وأنَّك بإخلاصك النيِّة لله قد تكون إمامًا في الإسلام.
لقاء الباب المفتوح (206/ 16)
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع