أم الحسن فاطمة
معلمة قرءان
- إنضم
- 13 يونيو 2011
- المشاركات
- 256
- النقاط
- 16
- الموقع الالكتروني
- www.nquran.com
- احفظ من كتاب الله
- القرآن كاملا بفضل الله
- القارئ المفضل
- الشيخ صديق المنشاوي رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه و عظيم سلطانه
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الواجب الأول
بحث الامام الجمزوري شافعي المذهب شاذلي الطريقة
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه و عظيم سلطانه
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الواجب الأول
بحث الامام الجمزوري شافعي المذهب شاذلي الطريقة
المذهب الشافعي : هو أحد المذاهب السنية الأربعة أسسه محمد بن إدريس الشافعي الذي اعتمد على مدرستي الرأي والحديث، ووضع أصول الفقه، كانت بذرة هذا المذهب الاولى في مصر، وتبلور مذهباً فقهياً مستقلاً في أوائل القرن الثالث الهجري.
استطاع محمد بن ادريس الشافعي أن يرسم لنفسه منهجاً وسطاً بين مدرستي الرأي والحديث تمخض عنهما المذهب الشافعي، بعد أن تلقاهما على يد مالك ومحمد بن الحسن الحنفي.
شاذلي الطريقة ( منقول ) :
وَصْفُهُ لِشَيْخِهِ بِذِي الْكَمَـالِ فِيهِ مِن الْغُلُوِ وَالْإِطْرَاءِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليهو سلم، وَقَدْ وَضَّحَ النَّاظِمُ مُرَادَهُ مِنْ الْكَمَـالِ، وَذَلِكَ عِنْدَ شَرْحِهِ لِـمَتْنِهِ، فِي كِتَابِهِ: «فَتْحِ الْأَقْفَالِ» حَيْثُ قَالَ:«... نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَيْخِنَا الْإِمَـامِ الْعَلَّامَةِ الْـحَبْرِ الْفَهَّامَةِ سَيِّدِي وَأُسْتَاذِي الشَّيْخِ نُورِ الدِّينِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ بنِ حَـمَدِ بنِ عُمْرَ نَاجِي بنِ فُنَيْشٍ الْـمِيهِيِّ أَدَامَ اللهُ النَّفْعَ بِعُلُومِهِ (ذِي الْكَمَـالِ): أَيِ التَّمَـامِ فِي الذَّاتِ، وَالصِّفَاتِ، وَسَائِرِ الْأَحْوَالِ الظَّاهِرَةِ، وَالْبَاطِنَةِ فِيمَـا يَرْجِعُ لِلْخَالِقِ وَالْـمَخْلُوقِ !!!»
وَلَيْسَ مُسْتَبْعَدًا أَوْ مُسْتَغْرَبًا عَلَيْهِ الْوُقُوعُ فِي هَذا الْـمُنْزَلَقِ الْعَظِيمِ - عَفَا اللهُ عَنْهُ – حَيْثُ جَاءَ فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ صُوفِيُّ الْعَقِيدَةِ شَاذُلِيُّ الطَّرِيقَـةِ لَازَمَ شَيْخَهُ مُـحَمَّدَ بنَ مُـجَاهِدٍ الْأَحْمَدِيَّ الْـمُلَقَّبُ بِوَزِيرِ أَحْـمَّد الْبَدَوِيِّ، وَسَادِنِهِ، لَبِسَ الْـخِرْقَةَ، وَالْتَزَمَ الطَّرِيقَةَ الشَّاذُلِيَّةَ الصُّوفِيَّةَ، وَكذَا فِإِنَّ شَيْخَهُ الْـمِيهِيِّ شَاذُلِيُّ الطَّرِيقَـةِ أَيْضًا كَانَ لَهُ اهْتِمَـامٌ بِأَوْرَادِ أَبِي الْـحَسَنِ الشَّاذُلِيِّ الْبِدْعِيَّةِ حَيْثُ لَهُ شَرْحٌ لِكِتَابِ(الْـحِزْبِ الْكَبِيرِ لِلشَّاذُلِيِّ)(1)
وَلَا يَقُولُنَّ قَائِلٌ لَا تَـتَحَامَلَ عَلَيْهِ وَأَحْسِنْ بِهِ الظَّنَّ، وَاحْـمِلْ كَلَامَهُ عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ كَحَمْلِهِ عَلَى الْكَمَـالِ النِّسْبِيِّ لَا الْـمُطْلَقِ، وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بَعْضَ أُنَاسٍ بِالْكَمَـالِ حيْنَ قَالَ: «كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ»(2)، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرٍ«وَخَدَيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُـحَمَّدٍ»(3)
قُلْتُ: بِدَايَةً حَتَّى لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِي أَنِّي أُقَلِّلُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَـامِ الْـجُمْزُورِيِّ، أَوْ مِنْ شَأْنِ شَيْخِهِ الْـمِيهِيِّ، فَكَونِي أُنَـبِّهُ عَلَى شَيْءٍ أَخْطَأَ فِيهِ، وَخَالَفَ فِيهِ الشَّرْعَ، لَا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّي لَا أُحْسِنُ بِهِ الظَّنَّ، أَوْ أَنَّي أَقَدَحُ فِي شَيْخِهِ أَوَ أَزْدَرِيهِ، فَهُنَاكَ فَرقٌ بَيـْن إِحْسَانِ الظَّنِ، وَالرَّدِ عَلَى الْـخَطَأِ، فَمُرَادِي مِنَ التَّنْبِيهِ أَنْ يُعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَأَنْ يُوضَعَ كُلٌّ فِي مَنْزِلَتِهِ الَّتِي أَنْزَلَهُ اللهُ إِيَّاهَا، وَهذَا هُوَ الْعَدَلُ الَّذِي بِهِ قَامَتِ السَّمَـاوَاتُ وَالْأَرْضُ.
وَأُسَلِّمُ لِلْقَائِلِ أَنَّهُ قَصَدَ بِعِبَارَتِهِ الْكَمَـالَ النِّسْبِيَّ فَهَذَا التَّوْجِيهُ خَطَأٌ أَيْضًا؛ وَالِاسْتِدْلَالُ لَهُ بِالْـحَدِيثِ خَطَأٌ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ مِنْ كَذَا نَاحِيَةٍ:
أَوَّلًا- لِأَنَّ الْكَمَـالَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْـحَدِيثِ هُوَ الْكَمَـالُ النِّسْبِيُّ لَا الْـمُطْلَقُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ أَبَاحَ لَنَا الشَّرْعُ أَنْ نُثْبِتَ أَوْ نُطْلِقَ هَذَا الْكَمَـالَ لِأَيِّ أَحَدٍ بِمُجَرَدِ ظُهُورِ عَلَامَـاتِ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ؛ لَـمْ يَكُنْلِـمَنْ خَصْهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِالْكَمَـالِ فِي هَذَا الْـحَدِيثِ عَنْ غَيْرِهِنَّ مِنَ الْبَشَرِ كَبِيرُ مَزِيَّةٍ، لِذَا قَالَ الْـحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ- رَحِـمَهُ اللهُ – عِنْدَ شَرْحِهِ لِهَذَا الْـحَدِيثِ: «... فَقَدْ أَثْبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَمَـالَ لِآسِيَةَ كَمَـا أَثْبَتَهُ لِـمَرْيَمَ، فَامْتَنَعَ حَـمْلُ الْـخَيْرِيَّةِ فِي حَدِيث الْبَابِ عَلَى الْإِطْلَاق»(4)
قُلْتُ: وَيَتَّضِحُ الْأَمْرُ أَكْثَرَ لَوْ ضَرَبْتُ مِثَالًا بِقَوْلِ قَائِلٍ: «كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ .... ، وَكَذَلِكَ مِمَّنْ كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ الْـمِيهِيُّ، أَوْ فَلَانٌ مِنَ النَّاسِ» فَلَوْ سَمِعَهُ مُنْصِفٌ لَأَنَكَرَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَإِنْ قَالَ: «إِنَّمَـا قَصَدتُ أَنَّهُ بَلَغَ كَمَـالًا لَا كَكَمَـالِهِنَّ» قُلْنَا لَهُ: سَقَطَ اسْتِدْلَالُكَ؛ حَيْثُ أَنَّ الْأَصْلَ لَا يُسْتَدَلُ لَهُ إِلَّا بِأَصْلٍ مِثْلِهِ أَوْ فِي مَرْتَبَتِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ بِأَصْلٍ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْوَصْفِ أَوِ الْـحُكْمِ. فَإِنْ قَالَ: «إِنَّمَـا قَصَدتُ مِنَ الْحَدِّيثِ لَفْظَةَ: (كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ) فَلَعَلَّهُ يَكُونُ مِنْ هَؤَلَاءِ الرِّجَالِ» قُلنَا لَهُ: أَتَسْتَطِيعَ الْـجَزْمَ بِذَلِكَ أَمْ هُوَ مُـجَرَّدُ احتِمَـالٍ؟ فِإِنَ قَالَ: مُـجَرَّدُ احتِمَـالٍ، قُلْنَا: وَمَعَ الِاحْتِمَـالِ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالِ.، وَإِنْ قَالَ: نَعْمْ أَجْزِمُ بِذَلِكَ. قُلْنَا لَهُ: أَنَّ تَعْيِينَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم الْكَمَـالَ لِـمَنْ ذُكِرْنَ فِي الْحَدِيثِ، أَوْ مِمَّنْ خُصِّصُوا بِالْكَمَـالِ مِنَ الرِّجَالِ فِي مَوَاضَعٍ أُخْرَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه و سلم «كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ» كَغَيْرِهِ مِنَ الْغَيْبِيَّاتِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُتَلَقَّىمِنْ قِبَلِ الْوَحْيِّ الْإِلَهِيِّ، وَمِمَّا يُؤَكِدُ ذَلِكَ مَـا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِلْحَدِيثِ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُـحَمَّدٍ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ» (5)فَعُلِمَ أَنْ مَـآلَ الْكَمَـالِ إِلَى الْـجَنَّةِ، فَكَوْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم يُثْبِتُ لَهُنَّ الْكَمَـالَ أَوْ أَنْهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْـجَنَةِ لَابُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ أُخْبِرَ بِهِ مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ . وَكَذَلِكَ فَالْـمُتَتَبـِّعُ لِنُصُوصِ الشَّرْعِ يَعْلَمُ أَنْ مَنْ جَاءَ ذكْرُهُنَّ فِي الْحَدِيثِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِنَّ بِأَنَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْـجَنَّةِ فِي مَوَاضِعٍ أُخْرَى.
فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ الْكَمَـالَ لِشَخْصٍ مَـا إِلَّا بِمَنْ وُصِفَ بِالْكَمَـالِ عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِّ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْكَمَـالَ لِأَحَدٍ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ - كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ - فَدَعْوَاهُ مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِ، وَيَتَّضِحُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَوْ ضَرَبْتُ نَفْسَ الْـمَثَالَ السَّابِقَ تَمَـامًا لَطُلِبَ عَلَى التَّوِ بِدَلِيلٍ مِنْ وَحْيٍ - قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ - عَلَى هَذَا الزَّعْمِ، وَأَنَّى يَـجِدُ !!.
ثَانِيًا- أَنّ مَنِ اسْتَدَل بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ (ذِي الْكَمَـالِ) بِالْكَمَـالِ النِّسْبِيِّ إِنَّمَـا وَجَّهَ ذَلِكَ؛ لِيَجْتَنِبَ الْوُقُعَ فِي الْـمُبَالَغَةِ فِي الْـمَدحِ إِلَّا إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِدُونِ قَصْدٍ فَيْمَـا خَافَهُ حَيْثُ أَنَّ الْكَمَـالَ النِّسْبِيَّ لَهُ حَدٌّ قَدْ حَدَّهُ الْعُلَمَـاءُ، وَهُوَ: تَمَـامُ الشَّيْءِ، وَتَنَاهِيهِ فَي بَابِهِ، وَالْـمُرَادُ هُنَا التَّنَاهِي فِي جَمِيعِ الْفَضَائِلِ، وَخِصَالِ الْبِّرِ، وَالتَّقْوَى ظَاهِرًا وَبَاطِنًا(6) " فَنَقُولُ لِـمَنْ وَجَّهَ ذَلِكَ هُلْ تَعْلَمَ عِنِ الْإِمَـامِ الْـمِيهِيِّ - رَحِـمَهُ اللهُ - أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ لِهَذَا الْـحَدَّ حَتَّى تُزَكِيَهُ فَتُنْسِبَهُ بِالْكَامِلِ نِسْبِيًّا.
ثَالِثًا- أَنّ مَنِ اسْتَدَل بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ (ذِي الْكَمَـالِ) بِالْكَمَـالِ النِّسْبِيِّ لَازِمُ قَوْلِهِ أَنَّ الْـمِيهِيِّ فِي دَرَجَةٍ هِيْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم حَصَرَ الْكَمَـالَ فِي الْـحَدِيثِ بِقَوْلِه: «وَكَمُلَ مِنَ النِّسَاءِ كَذَا وَكَذَا... » فَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا عَدَدٌ قَلِيلٌ، إِمَّا اثْنَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ )، وَأَكْثَرُ أَزْوَاجِهِ لَسْنَ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ كَمَـا قَرَّرَ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ، وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ -
رَحِمَهُمَـا اللهُ(7)
رَابِعًا- أَنّ مَنِ اسْتَدَل بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ (ذِي الْكَمَـالِ) بِالْكَمَـالِ النِّسْبِيِّ لَازِمُ قَوْلِهِ أَنَّ لِلْإِمَـامِ الْـمِيهِيِّ كَمَـالًا بَاطِنًا، لِأَنَّ وَصْفَ الْكَمَـالِ فِي الْـحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه و سلم كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ عَامٌّ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَإِذَا رَجَعْنَا لِعِبَارَةِ الْـجُمْزُورِيِّ السَّابِقَةِ نَجِدُهُ قَدْ نَسَبَ الْكَمَـالَ لِشَيْخِهِ بَاطِنًا، وَلَا سَبِيلَ لِـمَعْرِفَةِ بَاطِنِ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ أَطَلَعَنَا اللهُ عَلَى بَاطِنِهِ، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَـحْكُمَ عَلَى شَخْصٍ إِلَّا بِالظَّاهِرِ، فَرُبَّمَـا يَكُونُ مَـا فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ.
لِذَ نَقُولُ لِـمَنِ اسْتَدَل بِالْحَدِيثِ: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ فُلَانًا مِنَ النَّاسِ كَمُلَ فِي الْبَاطِنِ حَتَّى تُنْسِبَهُ لِلْكَمَـالِ النِّسْبِيِّ؟ فَضْلًا، وَأَنَّ فِي نِسْبَتِهِ لِكَمَـالِ الظَّاهِرِ مَحَلُّ نَظَرٍ.
خَامِسًا- لَمْ يَرِدْ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَدْحٌ بِلَفْظِ: الْكَمَـالِ الْبَتَّةَ.
فَكَانَ مَدْحُ النَّاظِمِ لِشَيْخِهِ فِيْهِ مُبَالَغَةٌ وَغُلُوٌ سَوَاءٌ قَصَدَ الْكَمَـالَ الْـمُطْلَقَ أَمِ قَصَدَ الْكَمَـالَ النِّسْبِيَّ، وَحَتَّى وَإِنْ لَـمْ يَقْصِدْهُمَا فَعِبَارَتُهُ بَعِيدَةٌ كُلَّ الْبُعْدِ عَنْ هَدْيِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم وَصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ yفِي الْـمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، وَأَكْتَفِي بِذِكْرِ حَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم، وَأَثَرَيْنِ عَنْ صَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ رضوان الله عليهم لِيَتَّضِحَ الْـمُرَاد
قَالَ رَسُلُ اللهُ صلى الله عليه و سلم «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَـادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ» (8)
وَرَوَى هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ الْـمِقْدَادِ رضي الله عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً جَعَل يَمْدَحُ عُثْمَـانَ رضي الله عنه فَعَمَدَ الْـمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَجَعَل يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ ، فَقَال لَهُ عُثْمَـانُ : مَا شَأْنُكَ، فَقَال: إِنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه و سلم قَال : «إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ»(9)
وَعَنْ إِبْرَاهَيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ عُمَرَ بنِ الْـخَطَّابِ رضي الله عنه، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فِي وَجْهِهِ،فَقَالَ عُمَرُ: «عَقَرْتَ الرَّجُلَ عَقَرَكَ اللهُ، تُثْنِي عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ فِي دِينَهِ؟!».(10)
وَالعُلَمَـاءُ - رَحِمَهُمُ اللهُ – لَـمَـا جَوَّزَا الْـمَدْحَ فِي الْوَجْهِ لَمْ يَطْلِقُهُ بَلْ قَيَّدُوهُ بِشُرُوطٍ مِنْهَا عَدَمَ الْـمُجَازَفَةِ، وَالْإِفْرَاطِ فِي الْـمَدْحِ، وَالْـمُبَالَغَةِ بِالزِّيَادِةِ فِي الْأَوْصَافِ، -وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ الْـمَعْصُوم صلى الله عليه و سلم فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاج إِلَى قَيْدٍ كَالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَصَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بهَا بَعْضَ الصَّحَابَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ لِابْنِ عَمْرٍو: «نِعْمَ الْعَبْدُ عَبْدُ اللَّه» وَغَيْر ذَلِكَ -
وَإِذَا نَظَرْنَا لِعَبَارَةِ الْجُمْزُرِيِّ لَوَجَدْنَهُ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِمَـا قَيَّدَهُ العُلَمَـاءُ فِي جَوَازِ الْـمَدْحِ خَاصَّةً وَأَنَّهُ انْتَهَى مِنْ نَظْمِهِ قَبْلَ وَفَاةِ شَيْخِهِ بِسَتَّةِ أَعْوَامٍ فَفِي الْغَالِبِ أَنَّ شَيْخَهُ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى هَذَا الْإِطْرَاءِ حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ؛ لِـمَظِنَّةِ وُقُوعِهِ، وَمِنَ الْـمُتَقَرَّرِ أَنَّ الْـمَكْتُوبَ لَهُ حُكْمِ الْـمَنْطُوقِ تَمَامًا.
وَلَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِي أَنِّي أَنْفِي الْكَمَـالَ النِّسْبِيَّ مُطْلَقًا فَالْكَامِلُونَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرُونَ، يَعْنِي فِي الصِّفَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ الَّتِي مَدَحَهَا اللهُ، وَأَثَنَى عَلَى أَهْلِهَا رَسُولُهُ صلى الله عليه و سلم مِنَ الْعِلْمِ وَالْـجُودِ، وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَى دِينِ اللُه, وَالشَّجَاعَةِ فِي الْـحَقِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْعَظِيمَةِ، وَأَكْمَلُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ هُمُ الرُّسُلُ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَأَكْمَلُهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ هُوَ خَاتَـمُهُمْ وَإِمَـامُهُم مُـحَمَّدٌ صلى الله عليه و سلم بأبِي هُوَ وَأُمِّي الْـمَوْصُوفُ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَـال الْـخَلْقِيَّةِ الْـمُنَاسِبَةِ لِلْخَلْقِ ـ أَوِ النِّسْبِيَّةِ:- الْكَمَـالِ النِّسْبِيِّ - الَّذِي دُونَ كَمَـالِ اللهِ ـ تَعَالَى ـ ، وَأَنَّ مَنْ دُونَهُمْ نَاقِصٌ عَنْهُمْ بِلَا شَكٍّ بَلْ أُثْبِتُ لَفْظَةَ الْكَمَـالِ بِضَوَابِطِهَا.
(1) الْـمَجَالُ أَضْيَقُ مِنْ أَنْ أُسْهِبَ فِي التَّعْرِيفِ بِأَبِي الْـحَسَنِ الشَّاذُلِي، وَبِطَرِيقَتِهِ الشَّاذُلِيَّةِ، وَلَكِنِّي أُشِيرُ لِبَعْضِ كَلَامِهِ، وَأَوْرَدِهِ الشَّبِيهَةِ بِعَزَائِمِ السَّحَرَةِ ، وَطَلَاسِمِهِمْ. جَاءَ فِي كِتَابِهِ (الْـحِزْبِ الْكَبِيرِ) الَّذِي يُرَدِّدُهُ عَامَّةُ الصُّوفِيَّةِ، : «كهيعص كهيعص كهيعص انْصُرْنَا فَإِنَّكَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ... شَاهَتِ الْوُجُوهُ شَاهَتِ الْوُجُوهُ شَاهَتِ الْوُجُوهُ....طس حمعسق ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُمَـا بَرْزَخُ لَا يَبْغِيَانِ ﴾ حم حم حم حم حم حم حم حم وَجَاءَ النَّصْرُ فَعَلَيْنَا لَا يُنْصَرُونَ....بكهيعيص كُفِيتُ بحمعسق حُمِيتُ ... اللَّهُمَّ آمِنَّا مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَهَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرَّبٍّ كدد كدد كردد كردد كردد كردد كردة دة دة دة دة دة دة اللهُ رَبُّ الْعِزَّةِ » !!! لَا تَعْلِيق.
وَمِنْ تَخْلِيطِ الشَّاذُلِيِّ قَوْلِهِ: قُلْتُ: يَا رَبِّ! لِمَ سَمَّيْتَنِي بِـ (الشَّاذُلِيِّ)، وَلَسْتُ بِشَاذُلِيٍّ؟ فَقِيلَ لِيَ: « يَا عَلِيّ مَا سَمَّيْتُكَ بِالشَّاذُلِيِّ، وَإِنّمَّـا أَنْتَ الشَّاذُّ لِي- يَعْنِي: الْـمُفرد لِـخِدْمَتَي وَمَـحَبَتَي»! وَحَكَى الْكَوْثَرِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَطْلَعَنِي اللهُ عَلَى اللَّوْحِ الْـمَحْفُوظِ، فَلَوْلَا التَّأَدُّبُ مَعَ جَدِّي رَسُولُ اللهِ لَقُلْتُ هَذَا سَعِيدٌ، وَهَذَا شَقِيٌّ»!.وَمِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا: «لَوْلَا لِـجَامُ الشَّرِيعَةِ عَلَى لِسَانِي لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَـا يَـحْدُثُ فِي غَدٍ، وَمَا بَعْدَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامِةِ». (شَذَرَاتُ الذَّهَب: (5ـ279).
(2) مُتَفَقٌ عَلَيْهِ مَنْ حَدِيثٍ أَبَي مُوسَى رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، فِي: كِتَابِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِياءِ/ بَابُ قَوْلِهِ: ـ تَعَالَى ـ: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ (5/36) وَمُسْلِمٌ فِي: ( كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-): (7/138).
(3) التِّرْمِذِيُّ ( 3888)، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَالْـحَاكِمُ، وَصَحَحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ ( 3 / 15). وَصَحَحَهُ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الْـجَامِعِ: ( 4578).
(4) فَتْحُ الْبَارِي: (11-130)
(5)رَوُاهُ أَحْمَّدُ، وَصَحَحَهُ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ (4/13- 1508).
(6) شَرْحُ النَّوَوَيِّ : (15/198)، وَعُمَدَةَُ الْقَارِي حَدِيث:1(143 ).
(7)مَـجْمُوعُ الفَتَاوَى لِابْنِ تَيْمَيَةَ: (جـ 15 صـ 12)، وَمَـجْمُوعُ الفَتَاوَى لِابْنِ بَازٍ: ( 3-396)
(8) أَخْرَجَهُ أَحْمَّدُ ، وَابْنُ مَاجِه، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ فِي تَهْذِيبِهِ، وَالطَّبَرَانِىُّ، وَالْبَيْهَقِىُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَـانِ عَنْ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ الْبُوصِيرِيُّ فِي الزَّوَائِدِ: (3/181): «هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ»، وَحَسَّنَهُ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ فِي الصَّحِيحَةِ: ( 1196 وَ 1284 )
(9) مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (5/297 ، رقم 26261)، وَحَدِيثُ : «إِذَا رَأَيْتُمْ الْـمَدَّاحِينَ . . .». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ: ( 4 - 2297)
(10)مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (5/297 ، رقم 26262)، وَحَسَّنَهُ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ فِي الْأَدَبِ الْـمُفْرَدِ: (1/123 ، رقم 335).
و الله أعلى و أعلم
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع