شهادة الزور بغرض إحقاق الحق وتبرئة البريء من التهمة السؤال: وقعت مشاجرة بين عائلتين (

طباعة الموضوع

ام مصطفى

Moderator
إنضم
23 أغسطس 2011
المشاركات
481
النقاط
16
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
جزع عم وبعض السور
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
ماهر المعيقلى
الجنس
اخت
شهادة الزور بغرض إحقاق الحق وتبرئة البريء من التهمة
السؤال:
وقعت مشاجرة بين عائلتين (س، ص) ، ووقع قتلى من العائلة س ، فقام أشخاص من العائلة س باتهام أشخاص من العائلة ص بالقتل العمد ظلما وزورا ، علما بأن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا متواجدين في مكان المشاجرة ، والذى دعاهم إلى ذلك أن هؤلاء الأشخاص ذوو مكانة في عائلتهم ، وبعد فترة قامت العائلة س بقتل أفراد من العائلة ص ، ثم تم الصلح بين العائلتين ، وغيرت العائلة س أقوالها في المحكمة إحقاقا للحق ودفعا للظلم ، غير أن المحكمة طالبت بشهود نفى لوجود الأشخاص المتهمين في موقع الحادث .

السؤال:

هل يجوز أن يتطوع أشخاص بهذه الشهادة علما بأنهم متأكدون من أن هذا الاتهام باطل ، باعتراف العائلة س إحقاقا للحق ودفعا للظلم عن أناس لم يرتكبوا أي إثم في هذا الأمر ، غير أنهم منتسبين إلى العائلة ص ؟

الجواب :
الحمد لله
لا بد في أداء الشهادة من القطع بالمشهود به ، فلا يصح الشهادة بما يُشَك فيه ، ولا بما يغلب على الظن ، جاء في " المبسوط " للسرخسي (16 / 116) : " وَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ يُعَايِنْ ، وَلَمْ يَسْمَعْ ؛ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِالشُّهُودِ بِهِ ، وَبِدُونِ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) [الزخرف: 86] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بِمَا عَلِمْنَا ) [يوسف: 81] ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُعْلِمُ الْقَاضِيَ حَقِيقَةَ الْحَالِ ، وَيُمَيِّزُ الصَّادِقَ الْمُخْبِرَ مِنْ الْكَاذِبِ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مِنْهُ ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ، وَطَرِيقُ العلم : الْمُعَايَنَةُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يُعَايَنُ ، وَالسَّمَاعُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُسْمَعُ ، كَإِقْرَارِ الْمُقِرِّ" انتهى .
وفي " المقدمات الممهدات " (2 / 271): " لا تصح الشهادة إلا بما يعلم ويقطع على معرفته ، لا بما يشك فيه، ولا بما يغلب على الظن معرفته ، قال الله عز وجل : ( وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا ) [يوسف: 81] " انتهى .
وفي " الذخيرة " للقرافي (10 / 156) : " ( مستند الشاهد ) : الأصل فيه العلم اليقين ، لقوله تعالى ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) ، وقوله تعالى ( وما شهدنا إلا بما علمنا )" انتهى.
وفي " الأم " للشافعي (7 / 96) : " وَمَا شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَعَلَهُ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ يُثْبِتُهُ بِمُعَايَنَةٍ ، وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ يُثْبِتُهُ سَمْعًا ، مَعَ إثْبَاتِ بَصَرٍ حِينَ يَكُونُ الْفِعْلُ " انتهى.
فإن شهد الشاهد بما لم يتيقنه : كان آتيا بشهادة زور ، وشهادة الزور من كبائر الذنوب التي توجب غضب الله سبحانه وسخطه ، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ) ، قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : ( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ) ، وكان متكئاً فجلس فقال : ( ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ) ، فما زال يقولها حتى قلت لا يسكت " رواه البخاري ( 5631 ) ، ومسلم ( 87 ) .
جاء في " سبل السلام " (2 / 585) : " وَإِنَّمَا اهْتَمَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْبَارِهِمْ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ ، وَجَلَسَ ، وَأَتَى بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ ، وَكَرَّرَ الْإِخْبَارَ ؛ لِكَوْنِ قَوْلِ الزُّورِ ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ : أَسْهَلَ عَلَى اللِّسَانِ ، وَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَكْثَرَ ؛ وَلِأَنَّ الْحَوَامِلَ عَلَيْهِ ( قول الزور) كَثِيرَةٌ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا ، فَاحْتِيجَ إلَى الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ ، بِخِلَافِ الْإِشْرَاكِ ، فَإِنَّهُ يَنْبُو عَنْهُ قَلْبُ الْمُسْلِمِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَتَعَدَّى مَفْسَدَتُهُ إلَى غَيْرِ الْمُشْرِكِ ، بِخِلَافِ قَوْلِ الزُّورِ ، فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ قِيلَ فِيه " انتهى.
وأخرج أبو داود (3599) ، والترمذي (2300) ، وابن ماجه (2372) عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأسدي ، قَالَ : " صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا فَقَالَ: ( عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ ) ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قَرَأَ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [الحج: 31] " . – والحديث : ضعفه الألباني في" السلسة الضعيفة " (1110) .
واعلم أيها السائل أن شهادة الزور محرمة حتى ، وإن كان يقصد بها إحقاق حق ، لأن إحقاق الحق وإن كان غاية مشروعة محمودة ، إلا أن الوسيلة إليه أيضا لا بد وأن تكون مشروعة محمودة ، وشهادة الزور أمر منكر محرم ، فلا يجوز اللجوء إليه للتوصل إلى الحق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى الكبرى " (6 / 119) : ".. الْغُلُول وَالْخِيَانَة حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّوَصُّلَ إلَى حَقِّهِ ، كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ وَالْكَذِبَ حَرَامٌ ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّوَصُّلَ إلَى حَقِّهِ " انتهى .

ومن هنا يُعلم : أنه لا يجوز لهؤلاء الشهود أن يشهدوا على شيء لم يروه ، ولو كان قصدهم طيبا ، من إحقاق حق ، أو إبطال باطل ، لكن يجوز لهم أن يشهدوا بما علموه وسمعوه من إقرار المدعين بأن هؤلاء المتهمين برآء .
والله أعلم .

موقع الإسلام سؤال وجواب
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

ام مصطفى

Moderator
إنضم
23 أغسطس 2011
المشاركات
481
النقاط
16
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
جزع عم وبعض السور
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
ماهر المعيقلى
الجنس
اخت
جزاكم الله خير اهلا بيك اختى
 
أعلى