- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- (( وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنه كان -هو وأبوه- عند جابر بن عبد الله وعنده قومه, فسألوه عن الغسل؟ فقال: يكفيك صاع, فقال رجل: ما يكفيني, فقال جابر -رضي الله عنه- كان يكفي من هو أوفى منك شعراً وخيراً منك؛ يريد النبي-صلى الله عليه وسلم- ثم أمَّنا في ثوب))
وفي لفظ: (كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يفرغ على رأسه ثلاث)
هذا الحديث حديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- أنه كان هو وأبوه -يعني علي بن الحسين- عند الصحابي الجليل جابر بن عبد الله, هذا الحديث حديث متفق عليه وهو حديث صحيح.
قال: (وعنده قوم أو قومه فسألوه عن الغسل؟) يعني عما يكفي من الغسل بدليل إجابة جابر -رضي الله عنه- عما يكفي من الماء في الغسل فقال: (يكفيك صاع، فقال رجل ما يكفيني)
الصاع هنا: المراد صاع النبي-صلى الله عليه وسلم- وهو أقل من صاع الناس اليوم قليلاً بمقدار الخُمُس تقريباً, ويسمى صاع المدينة, وتختلف الأصوعة, ولكن صاع النبي-صلى الله عليه وسلم- في الغالب اليوم أقل من الصاع الموجود بالخُمُس.
قال: (فقال رجل: ما يكفيني, فقال جابر: كان يكفي من هو أوفر منك شعراً وخيراً منك) وسبب الإجابة هنا في قوله: (يكفي من هو أوفر منك شعر) بدليل أن الشعر يحتاج إلى ماء أكثر (وخيراً منك) فسره الراوي يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (ثم أمَّنا في ثوب) يعني أصبح إماماً لنا في ثوب واحد.
(وفي لفظ: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً.)
الحديث فيه جملة من المسائل:
المسألة الأولى: مرت معنا في الدرورس السابقة: وجوب الغسل من الجنابة، وهذا الغسل وصف في الأحاديث السابقة.
المسألة الثانية: ورد تحديد الماء, هذا التحديد -الذي هو في صاع- هل هو إلزامي؟ أو هل هو الأقل؟ أو هل هو الأكثر؟ ليس هناك دليل على أنه الأقل أو الأكثر أو ما ينبغي أن يكون، إنما فيه إشارة إلى عدم التجاوز في الماء, فالرجل هنا تقالّ الماء، بقوله: (صاع) كأنه لم يستوعب أن الصاع هنا يكفي للجسم كله فقال جابر -رضي الله عنه- (إنما يكفي من هو أوفر منك شعراً وخيراً منك) الإجابة هنا من شقين:
- الشق الأول: أوفر منك شعراً بدليل حسن استغلال الماء؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان ذا شعر وكان يَصل إلى شحمة أذنيه -عليه الصلاة والسلام- معنى ذلك أن الماء يحتاج إلى أن يصل إلى أصول الشعر, إذا أحسن الإنسان استخدام الماء حينئذ كفاه مثل هذا بإفاضة الماء على الرأس شيئاً فشيئاً.
- الشق الثاني : تفيد أن أي إنسان يكفيه مثل هذا حيث كفى خير البشر -عليه الصلاة والسلام- وما احتاج إلى إسراف المعنى أن يصل الماء إلى الجسم؛ أن يصل الماء إلى البشرة .
المسألة الثالثة: أن المقصود بالغسل هنا هو وصول الماء إلى البشرة و ليس المقصود الدلك فإذا وصل الماء إلى البشرة وتشبعت به البشرة؛ هذا يكفى بدليل أن الصاع لو أخذناه على الجسم كله -واشتغل الإنسان بالدلك- لما كفى فاستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث أنه يكفي وصول الماء إلى البشرة في الغسل ولا يحتاج الأمر إلى الدلك.
المسألة الأخيرة في الحديث: وهو الإنكار على من يخالف سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- حيث جابر -رضي الله عنه- والذي عاش مع النبي-صلى الله عليه وسلم- فترة من الزمن أنكر على هذا الرجل الذي احتج واستنكر أنه يكفي هذا الماء, فحينئذ هذا الرجل أنكر أنه يكفي الصاع, لكن جابر -رضي الله عنه- أنكر عليه لمخالفته سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- وقال: ( إنما يكفي من هو أوفر منك شعراً, وخيراً منك)
فصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنا يمثلهم جابر لَينكر على هذا الرجل هذه المخالفة اليسيرة بناء على هذا يجب أن يحرص على الاقتداء فيُبعد الإنسان عن الإسراف, وديننا علمنا كيف نتعامل مع المياة التعامل الشرعي, كل شيء في وضعه الطبيعي بلا إسراف, -ونحن نتعامل بهذا- نشعر بأنه تعبد لله -سبحانه وتعالى- باقتدائنا بالنبي -عليه الصلاة والسلام.
هل يفهم من هذا الحديث أن المقصود بغسل الجنابة هو تمرير الماء على الجسد دون التنظف؟
المقصود بالتنظف هنا -إذا كان الغسل من الجنابة- هو وصول الماء إلى البشرة, هذا المقصود وليس الدلك .
باب التيمم
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب التيمم ((عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم, فقال: يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء, قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك))
هذا الحديث رواه الإمام البخاري
قال المصنف: (باب التيمم)
التيمم في اللغة: القصد . مثلما تقول: يممت بلد كذا؛ أي قصدت بلد كذا, ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾[المائدة: 2] يعني ولا قاصدين البيت الحرام.
أما في الشرع -في الاصطلاح الفقهي-: هو مسح اليدين والوجه من الصعيد الطيب, وبعضهم يعبر يقول: قصد الصعيد الطيب لمسح اليدين والوجه، وكلا التعريفين متقاربان.
التيمم -من الناحية الشرعية- بديل عن استعمال الماء لرفع الحدث أو لإباحة الفعل .
والفرق بين الأمرين هو: إذا قلنا إن التيمم لإباحة الفعل معنى ذلك أنني الآن أريد أن أصلي وليس عندي ماء، فأنا أتيمم لإباحة الصلاة فأصلي .
أما إذا قلنا إن التيمم لرفع الحدث فمعنى ذلك أنه أصبح بديلاً عن الوضوء تماماً فأصلي هذه الصلاة, فإذا لم ينتقض ينتقض التيمم من أي ناقض من نواقض الطهارة, فأصلي الصلاة التي بعدها وأمس المصحف وأطوف بالبيت وهكذا.. بناء على التيمم .
اختلف أهل العلم هل هذا البديل رافع للحدث كالوضوء تماماً فأصبح بديلاً عن الماء في هذه الناحية أو أن التيمم لإباحة فعل معين أردت أن أفعله كالطواف فقط أو كصلاة معينة؟
هناك من أهل العلم من قال إنه لإباحة الفعل, ولكن الصحيح -الذي عليه الكثير من المحققين- أنه لرفع الحدث كالوضوء تماماً, ولا ينتقض إلا بناقض من نواقض الطهارة أو بوجود الماء أو بالقدرة على استعماله .
هذا الحديث حديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- أنه كان هو وأبوه -يعني علي بن الحسين- عند الصحابي الجليل جابر بن عبد الله, هذا الحديث حديث متفق عليه وهو حديث صحيح.
قال: (وعنده قوم أو قومه فسألوه عن الغسل؟) يعني عما يكفي من الغسل بدليل إجابة جابر -رضي الله عنه- عما يكفي من الماء في الغسل فقال: (يكفيك صاع، فقال رجل ما يكفيني)
الصاع هنا: المراد صاع النبي-صلى الله عليه وسلم- وهو أقل من صاع الناس اليوم قليلاً بمقدار الخُمُس تقريباً, ويسمى صاع المدينة, وتختلف الأصوعة, ولكن صاع النبي-صلى الله عليه وسلم- في الغالب اليوم أقل من الصاع الموجود بالخُمُس.
قال: (فقال رجل: ما يكفيني, فقال جابر: كان يكفي من هو أوفر منك شعراً وخيراً منك) وسبب الإجابة هنا في قوله: (يكفي من هو أوفر منك شعر) بدليل أن الشعر يحتاج إلى ماء أكثر (وخيراً منك) فسره الراوي يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (ثم أمَّنا في ثوب) يعني أصبح إماماً لنا في ثوب واحد.
(وفي لفظ: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً.)
الحديث فيه جملة من المسائل:
المسألة الأولى: مرت معنا في الدرورس السابقة: وجوب الغسل من الجنابة، وهذا الغسل وصف في الأحاديث السابقة.
المسألة الثانية: ورد تحديد الماء, هذا التحديد -الذي هو في صاع- هل هو إلزامي؟ أو هل هو الأقل؟ أو هل هو الأكثر؟ ليس هناك دليل على أنه الأقل أو الأكثر أو ما ينبغي أن يكون، إنما فيه إشارة إلى عدم التجاوز في الماء, فالرجل هنا تقالّ الماء، بقوله: (صاع) كأنه لم يستوعب أن الصاع هنا يكفي للجسم كله فقال جابر -رضي الله عنه- (إنما يكفي من هو أوفر منك شعراً وخيراً منك) الإجابة هنا من شقين:
- الشق الأول: أوفر منك شعراً بدليل حسن استغلال الماء؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان ذا شعر وكان يَصل إلى شحمة أذنيه -عليه الصلاة والسلام- معنى ذلك أن الماء يحتاج إلى أن يصل إلى أصول الشعر, إذا أحسن الإنسان استخدام الماء حينئذ كفاه مثل هذا بإفاضة الماء على الرأس شيئاً فشيئاً.
- الشق الثاني : تفيد أن أي إنسان يكفيه مثل هذا حيث كفى خير البشر -عليه الصلاة والسلام- وما احتاج إلى إسراف المعنى أن يصل الماء إلى الجسم؛ أن يصل الماء إلى البشرة .
المسألة الثالثة: أن المقصود بالغسل هنا هو وصول الماء إلى البشرة و ليس المقصود الدلك فإذا وصل الماء إلى البشرة وتشبعت به البشرة؛ هذا يكفى بدليل أن الصاع لو أخذناه على الجسم كله -واشتغل الإنسان بالدلك- لما كفى فاستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث أنه يكفي وصول الماء إلى البشرة في الغسل ولا يحتاج الأمر إلى الدلك.
المسألة الأخيرة في الحديث: وهو الإنكار على من يخالف سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- حيث جابر -رضي الله عنه- والذي عاش مع النبي-صلى الله عليه وسلم- فترة من الزمن أنكر على هذا الرجل الذي احتج واستنكر أنه يكفي هذا الماء, فحينئذ هذا الرجل أنكر أنه يكفي الصاع, لكن جابر -رضي الله عنه- أنكر عليه لمخالفته سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- وقال: ( إنما يكفي من هو أوفر منك شعراً, وخيراً منك)
فصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنا يمثلهم جابر لَينكر على هذا الرجل هذه المخالفة اليسيرة بناء على هذا يجب أن يحرص على الاقتداء فيُبعد الإنسان عن الإسراف, وديننا علمنا كيف نتعامل مع المياة التعامل الشرعي, كل شيء في وضعه الطبيعي بلا إسراف, -ونحن نتعامل بهذا- نشعر بأنه تعبد لله -سبحانه وتعالى- باقتدائنا بالنبي -عليه الصلاة والسلام.
هل يفهم من هذا الحديث أن المقصود بغسل الجنابة هو تمرير الماء على الجسد دون التنظف؟
المقصود بالتنظف هنا -إذا كان الغسل من الجنابة- هو وصول الماء إلى البشرة, هذا المقصود وليس الدلك .
باب التيمم
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب التيمم ((عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم, فقال: يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء, قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك))
هذا الحديث رواه الإمام البخاري
قال المصنف: (باب التيمم)
التيمم في اللغة: القصد . مثلما تقول: يممت بلد كذا؛ أي قصدت بلد كذا, ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾[المائدة: 2] يعني ولا قاصدين البيت الحرام.
أما في الشرع -في الاصطلاح الفقهي-: هو مسح اليدين والوجه من الصعيد الطيب, وبعضهم يعبر يقول: قصد الصعيد الطيب لمسح اليدين والوجه، وكلا التعريفين متقاربان.
التيمم -من الناحية الشرعية- بديل عن استعمال الماء لرفع الحدث أو لإباحة الفعل .
والفرق بين الأمرين هو: إذا قلنا إن التيمم لإباحة الفعل معنى ذلك أنني الآن أريد أن أصلي وليس عندي ماء، فأنا أتيمم لإباحة الصلاة فأصلي .
أما إذا قلنا إن التيمم لرفع الحدث فمعنى ذلك أنه أصبح بديلاً عن الوضوء تماماً فأصلي هذه الصلاة, فإذا لم ينتقض ينتقض التيمم من أي ناقض من نواقض الطهارة, فأصلي الصلاة التي بعدها وأمس المصحف وأطوف بالبيت وهكذا.. بناء على التيمم .
اختلف أهل العلم هل هذا البديل رافع للحدث كالوضوء تماماً فأصبح بديلاً عن الماء في هذه الناحية أو أن التيمم لإباحة فعل معين أردت أن أفعله كالطواف فقط أو كصلاة معينة؟
هناك من أهل العلم من قال إنه لإباحة الفعل, ولكن الصحيح -الذي عليه الكثير من المحققين- أنه لرفع الحدث كالوضوء تماماً, ولا ينتقض إلا بناقض من نواقض الطهارة أو بوجود الماء أو بالقدرة على استعماله .
يشرع التيمم : إما بعدم الاستطاعة على استعمال الماء؛ كإنسان مريض لا يستطيع أن يستعمل الماء . أو لعدم وجود الماء أصلاً . أو عندي ماء لكن لا يكفي إلا للشرب والطبخ مثلاً فلا يكفي للطهارة .
والتيمم من رحمة الله -سبحانه وتعالى- بهذه الأمة حيث أوجد لها البديل لطهارتها, ولم يشق عليهم للبحث عن استعمال الماء بأي صورة من الصور, أو لأن يستعمل الماء ولو كان مريضاً أو ليس عنده قدرة على الاستعمال ويجبر هنا على الاستعمال هذا تخفيف من الله -سبحانه وتعالى- ورحمة من الله, ويسر لهذا الدين, وسهولة في هذا الدين, وهذا فضل من الله عز وجل .
قال المصنف -رحمه الله تعالى- في التيمم: (عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا معتزلاً لم يصل في القوم) النبي-صلى الله عليه وسلم- لما صلى والتفت إلى الناس بعد الصلاة رأى رجل منعزل هناك فناداه؛ منعزل يعني منفرد لم يصلّ, استغرب النبي-صلى الله عليه وسلم- كيف هذا الرجل لم يصلّ, (فقال: يا فلان) وقوله: (يا فلان) يشير إلى أنه يعرفه, ذكر بعض الرواه أنه خلاد بن رافع -رضي الله عنه- وكان خلاد ممن شهد بدراً, وقد رضي الله عن أهل بدر. قال: (يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم) وهو معتزل منفرد عن الناس (قال: يا رسول الله أصابتني جنابة) يعني أنه على جنابة إما من احتلام أو من جماع (ولا ماء) ليس عندي ماء، فهنا قوله: (أصابتني جنابة وليس عندي ماء) لا أعرف ماذا أصنع (فقال: عليك بالصعيد) الصعيد: هو ما صعد على وجه الأرض من تراب أو غيره ما صعد على وجه الأرض أحياناً يكون تراب أحياناً يكون رمل أحياناً يكون جص, وأحيانا يكون مادة من المواد الأخرى ولذلك قال عليك بالصعيد, في الآية ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [المائدة: 6]
في الحديث مسألة مهمة وهي: أن التيمم يستعمل حال عدم استعمال الماء .
الفائدة الثانية: أنه ينوب مناب الغسل، والوضوء والغسل,لأن الرجل قال: (أصابتني جنابة، ولا ماء) فقال: (عليك بالصعيد) فالتيمم هنا يكفي عن الغسل عند عدم وجود الماء.
فائدة ثالثة: أنه قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نلاحظ هنا جوابه قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) لم يؤنب ولم يعنف الرجل على هذا العمل كيف تفوت صلاة الجماعة .. إنما استفسر فدله على الجواب الصحيح . فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هنا يعطي قدوة فيمن استنكر فعلاً أو من استنكر عملاً أو تقصيراً من قريب أو صديق فحينئذ يسأل ثم لما رأى أن فعلا الرجل وقع في مشكلة دلَّه على الحل بسهولة ويسر.
والتيمم من رحمة الله -سبحانه وتعالى- بهذه الأمة حيث أوجد لها البديل لطهارتها, ولم يشق عليهم للبحث عن استعمال الماء بأي صورة من الصور, أو لأن يستعمل الماء ولو كان مريضاً أو ليس عنده قدرة على الاستعمال ويجبر هنا على الاستعمال هذا تخفيف من الله -سبحانه وتعالى- ورحمة من الله, ويسر لهذا الدين, وسهولة في هذا الدين, وهذا فضل من الله عز وجل .
قال المصنف -رحمه الله تعالى- في التيمم: (عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا معتزلاً لم يصل في القوم) النبي-صلى الله عليه وسلم- لما صلى والتفت إلى الناس بعد الصلاة رأى رجل منعزل هناك فناداه؛ منعزل يعني منفرد لم يصلّ, استغرب النبي-صلى الله عليه وسلم- كيف هذا الرجل لم يصلّ, (فقال: يا فلان) وقوله: (يا فلان) يشير إلى أنه يعرفه, ذكر بعض الرواه أنه خلاد بن رافع -رضي الله عنه- وكان خلاد ممن شهد بدراً, وقد رضي الله عن أهل بدر. قال: (يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم) وهو معتزل منفرد عن الناس (قال: يا رسول الله أصابتني جنابة) يعني أنه على جنابة إما من احتلام أو من جماع (ولا ماء) ليس عندي ماء، فهنا قوله: (أصابتني جنابة وليس عندي ماء) لا أعرف ماذا أصنع (فقال: عليك بالصعيد) الصعيد: هو ما صعد على وجه الأرض من تراب أو غيره ما صعد على وجه الأرض أحياناً يكون تراب أحياناً يكون رمل أحياناً يكون جص, وأحيانا يكون مادة من المواد الأخرى ولذلك قال عليك بالصعيد, في الآية ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [المائدة: 6]
في الحديث مسألة مهمة وهي: أن التيمم يستعمل حال عدم استعمال الماء .
الفائدة الثانية: أنه ينوب مناب الغسل، والوضوء والغسل,لأن الرجل قال: (أصابتني جنابة، ولا ماء) فقال: (عليك بالصعيد) فالتيمم هنا يكفي عن الغسل عند عدم وجود الماء.
فائدة ثالثة: أنه قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نلاحظ هنا جوابه قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) لم يؤنب ولم يعنف الرجل على هذا العمل كيف تفوت صلاة الجماعة .. إنما استفسر فدله على الجواب الصحيح . فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هنا يعطي قدوة فيمن استنكر فعلاً أو من استنكر عملاً أو تقصيراً من قريب أو صديق فحينئذ يسأل ثم لما رأى أن فعلا الرجل وقع في مشكلة دلَّه على الحل بسهولة ويسر.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- (وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: (بعثني النبي-صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء, فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة, ثم أتيت النبي-صلى الله عليه وسلم- فذكرت له, فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا, ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة, ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه))
حديث عمار -رضي الله عنه- حديث رواه البخاري ورواه الإمام مسلم .
قال عمار -رضي الله عنه-: (بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء) هذه الحاجة تطلبت النوم فدل على أنه أصابته جنابة (فلم أجد الماء) ليس معه ماء يكفي (فتمرغت في الصعيد) يعني تقلب في الصعيد والصعيد ظاهر الأرض (فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة) فكان يتقلب. عمار -رضي الله عنه- عنده فكرة عن التيمم في العموم لكن ليس عنده فكرة في -في الصفة- ولذلك قاس التيمم على الغسل بما أن الماء في الغسل ينبغي أن يعم البدن كله, فهو ظن أنه يجب أن يعم التراب -أو أن يعم الصعيد- سائر الجسد فقال: (تمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة, ثم أتيت النبي-صلى الله عليه وسلم) هو مستشكل (فذكرت له ذلك, فقال: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض) وهذا قول جمهور أهل العلم وهو القول الصحيح (ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه) هذه هي صفة التيمم كما ذكرها النبي-صلى الله عليه وسلم- في حديث عمار.
هذا الحديث فيه إضافة على الحديث السابق, والحديث السابق عرفنا أنه مشروعية التيمم, عرفنا أيضاً أن التيمم على الصعيد, وهنا لما قال: (عليك بالصعيد) هي في الحديث الثاني أيضاً (عليك بالصعيد) وفي الحديث الأول قال: (إنما يكفيك الصعيد) فالصعيد هنا ما صعد على وجه الأرض - ومن هنا فالراجح في التيمم أنه ما صعد على وجه الأرض, ولا يخص بالتراب, فإذا كان الذي على وجه الأرض الرمل مثلاً, فالرمل معروف ليس له غبار، فيكفي الرمل, لو الأرض كما تسمى جص ليس تراب, لا يقال هذا تراب وإنما هو مادة أخرى, فما دام أن الصعيد الآن هو الذي ظاهر أيا كان هذ الصعيد فيجزئ -فتعبير القرآن: ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ هنا قال: (عليك بالصعيد) في الحديث الأول أيضاً (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) فإذن هو ما صعد على وجه الأرض .
من أهل العلم -وهو قول آخر- من قال: لابد من التراب، الصحيح وهو أنه الصعيد أياً كان هذا الصعيد, من وجد التراب فهو أولى.
ما يزيده هذا الحديث عن الحديث السابق صفة التيمم يضرب الأرض بيديه, يمسح يديه اليمنى باليسرى, ثم ظاهر كفيه؛ يعني الكف هنا الظاهر, ثم يمسح وجهه, هذه صفة التيمم كما بينها في حديث عمار -رضي الله عنه, كذلك حديث عمار فيه بيان أن التيمم يكفي عن الغسل,
في صفة التيمم -التي ذكرناها قبل قليل- وهو أنه يكفي ضربة واحدة وهذا هو قول الجمهور وهو القول الصحيح .
هناك قول للشافعية وهو أنه: لابد من ضربتين؛ ضربة لليدين وضربة للوجه وهؤلاء استدلوا بحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- (التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين) وهذ الحديث قال عنه أهل العلم: إنه ضعيف؛ ولكن الصحيح أنها الصفة الأولى التي بُينت في الحديث -الذي رواه البخاري ومسلم- أنه ضربة واحدة وليس ضربتين.
حديث عمار -رضي الله عنه- حديث رواه البخاري ورواه الإمام مسلم .
قال عمار -رضي الله عنه-: (بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء) هذه الحاجة تطلبت النوم فدل على أنه أصابته جنابة (فلم أجد الماء) ليس معه ماء يكفي (فتمرغت في الصعيد) يعني تقلب في الصعيد والصعيد ظاهر الأرض (فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة) فكان يتقلب. عمار -رضي الله عنه- عنده فكرة عن التيمم في العموم لكن ليس عنده فكرة في -في الصفة- ولذلك قاس التيمم على الغسل بما أن الماء في الغسل ينبغي أن يعم البدن كله, فهو ظن أنه يجب أن يعم التراب -أو أن يعم الصعيد- سائر الجسد فقال: (تمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة, ثم أتيت النبي-صلى الله عليه وسلم) هو مستشكل (فذكرت له ذلك, فقال: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض) وهذا قول جمهور أهل العلم وهو القول الصحيح (ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه) هذه هي صفة التيمم كما ذكرها النبي-صلى الله عليه وسلم- في حديث عمار.
هذا الحديث فيه إضافة على الحديث السابق, والحديث السابق عرفنا أنه مشروعية التيمم, عرفنا أيضاً أن التيمم على الصعيد, وهنا لما قال: (عليك بالصعيد) هي في الحديث الثاني أيضاً (عليك بالصعيد) وفي الحديث الأول قال: (إنما يكفيك الصعيد) فالصعيد هنا ما صعد على وجه الأرض - ومن هنا فالراجح في التيمم أنه ما صعد على وجه الأرض, ولا يخص بالتراب, فإذا كان الذي على وجه الأرض الرمل مثلاً, فالرمل معروف ليس له غبار، فيكفي الرمل, لو الأرض كما تسمى جص ليس تراب, لا يقال هذا تراب وإنما هو مادة أخرى, فما دام أن الصعيد الآن هو الذي ظاهر أيا كان هذ الصعيد فيجزئ -فتعبير القرآن: ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ هنا قال: (عليك بالصعيد) في الحديث الأول أيضاً (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) فإذن هو ما صعد على وجه الأرض .
من أهل العلم -وهو قول آخر- من قال: لابد من التراب، الصحيح وهو أنه الصعيد أياً كان هذا الصعيد, من وجد التراب فهو أولى.
ما يزيده هذا الحديث عن الحديث السابق صفة التيمم يضرب الأرض بيديه, يمسح يديه اليمنى باليسرى, ثم ظاهر كفيه؛ يعني الكف هنا الظاهر, ثم يمسح وجهه, هذه صفة التيمم كما بينها في حديث عمار -رضي الله عنه, كذلك حديث عمار فيه بيان أن التيمم يكفي عن الغسل,
في صفة التيمم -التي ذكرناها قبل قليل- وهو أنه يكفي ضربة واحدة وهذا هو قول الجمهور وهو القول الصحيح .
هناك قول للشافعية وهو أنه: لابد من ضربتين؛ ضربة لليدين وضربة للوجه وهؤلاء استدلوا بحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- (التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين) وهذ الحديث قال عنه أهل العلم: إنه ضعيف؛ ولكن الصحيح أنها الصفة الأولى التي بُينت في الحديث -الذي رواه البخاري ومسلم- أنه ضربة واحدة وليس ضربتين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (أعطيب خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر, وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً, فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ, وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي, وأعطيت الشفاعة, وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة))
هذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم ورواه غيرهما.
الحديث حديث عظيم يتحدث فيه النبي-عليه الصلاة والسلام- عن المزايا التي ميز بها وميزت بها أمته عن الأمم السابقة، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي) لا شك أن النبي-صلى الله عليه وسلم- هو خاتم المرسلين, ومُيز بميزات متعددة منها هذه الخمس, والواقع أنها أكثر من الخمس حيث وردت بنصوص متعددة, أذكر بعضها هنا على سبيل الإشارة:
- في حديث عند الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: (فضلت على الأنبياء بست) فذكر الخمس التي في حديث جابر ولم يذكر الشفاعة, وقال: (وأعطيت جوامع الكلم) وقال: (ختم بي النبيون)
- في حديث آخر قال: (فضلنا على الناس بثلاث خصال: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة) وذكر بعض الخصال التي في حديث جابر.
- في حديث آخر عند النسائي وابن خزيمة: (وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش)
وغيرها من الأحاديث عددها كثير, أوصلها بعضهم إلى ستين خصلة مُيز بها النبي-صلى الله عليه وسلم- ومنها ما ميز بها هو خاصة -عليه الصلاة والسلام- ومنها ما ميز بها وميزت بها أمته -عليه الصلاة والسلام- كما في هذا الحديث.
هذا الحديث يتكلم عن خصائص النبي-صلى الله عليه وسلم- التي مُيز به واختص بها عن سائر الأنبياء, كما ميزت بهذه الخصائص أيضا أمته -عليه الصلاة والسلام- عن سائر الأمم.
قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر) الرعب: الخوف, يعني يصاب الأعداء بالخوف من النبي-صلى الله عليه وسلم- أو من المسلمين إذا بقي على مسافة التلاقي بينهما شهر, وهذا المقصود شهر زمانا أو المقصود مدة زمنية معينة قد تكون أكثر من شهر أو أقل من شهر هذا محل كلام عند أهل العلم.
قال: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهور) المسجد: موضع السجود من الأرض إذن ليس المقصود المسجد هي البقعة التي أحيطت بجدران وخصصت للصلاة فيها, فالمقصود هنا (جعلت لي الأرض مسجد) المسجد هنا موضع السجود, فجعلت الأرض كلها موضع سجود, يعني يصح الصلاة فيها فليس المقصود أنها كلها تحاط بجدران أو بسور تخصص للصلاة, قال: (وجعلت لي الأرض مسجد) وجعلت لي الأرض أيضاً (طهور) وقال: (طهور) ولم يقل: طاهراً فالطهور: هو الطاهر في نفسه والمطهر لغيره, أما الطاهر: فهو الطاهر في نفسه
إذن من الخصوصية أن الأرض كلها تصح الصلاة فيها, ويصح التيمم منها, هذا هو موضع الشاهد عرض المصنف لهذا الحديث في هذا الباب, أنه يجوز أن نضرب على أي موقع من الأرض قال: (فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل) في أي مكان ما دام أن الأصل الطهارة ..
قال: (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) فالغنائم عندما يتقابل جيش الكفار مع جيش المسلمين وينتصر المسلمون ويغنمون بعض الغنائم, هذه الغنائم أحلت للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأحلت لأمته على ما ورد في تقسيمها, لكن للأمم السابقة لم تحل إنما تجمع وتحرق ولا يستفيد منها المسلمون أو الذين تبع هذا النبي.
قال: (وأعطيت الشفاعة) والمقصود بها الشفاعة العظمى .
قال: (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة) يعني قبل النبي-صلى الله عليه وسلم- يبعث إلى هذه الطائفة بالناس أو هذه المدينة من الناس فقط (وبعثت إلى الناس عامة) بل إلى الثقلين.
هذا الحديث حديث عظيم في مزايا النبي-صلى الله عليه وسلم- ومزايا أمته -عليه الصلاة والسلام:
أولى هذه المزايا: النصر بالرعب: من المعلوم أن مفهوم النصر في دين الله -عز وجل- مفهوم شامل, ليس المقصود تقابل جيشين ومن ثمَّ ينتصر أحدهما على الآخر بكثرة القتلى أو بكثرة الغنائم, النصر في دين الله -عز وجل- له مفاهيم كثيرة, النصر قد يكون في حال القتل -في كثرة القتلى أو قلة القتلى- من أحد الطرفين, قد يكون مع كثرة القتلى في صفوف المسلمين انتشار الدين, قد يكون في إظهار القوة والعزة للمسلمين, قد يكون في ضعف الأعداء ظاهراً, قد يكون فيما نسميه الهزيمة النفسية تجاه العدو مثلاً, فذلك من مواضع النصر أن العدو يصاب بالرعب, يصاب بالخوف من المسلمين ولو كان المسلمون جالسين في مكانهم؛ ولذلك قال: (مسيرة شهر) يعني مدة زمنية سواء كانت المسافة بسير الإبل, قبل أن يلتقي الطرفان بشهر, الكفار يصابون بالرعب عند تقابل الجيشين
هذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم ورواه غيرهما.
الحديث حديث عظيم يتحدث فيه النبي-عليه الصلاة والسلام- عن المزايا التي ميز بها وميزت بها أمته عن الأمم السابقة، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي) لا شك أن النبي-صلى الله عليه وسلم- هو خاتم المرسلين, ومُيز بميزات متعددة منها هذه الخمس, والواقع أنها أكثر من الخمس حيث وردت بنصوص متعددة, أذكر بعضها هنا على سبيل الإشارة:
- في حديث عند الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: (فضلت على الأنبياء بست) فذكر الخمس التي في حديث جابر ولم يذكر الشفاعة, وقال: (وأعطيت جوامع الكلم) وقال: (ختم بي النبيون)
- في حديث آخر قال: (فضلنا على الناس بثلاث خصال: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة) وذكر بعض الخصال التي في حديث جابر.
- في حديث آخر عند النسائي وابن خزيمة: (وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش)
وغيرها من الأحاديث عددها كثير, أوصلها بعضهم إلى ستين خصلة مُيز بها النبي-صلى الله عليه وسلم- ومنها ما ميز بها هو خاصة -عليه الصلاة والسلام- ومنها ما ميز بها وميزت بها أمته -عليه الصلاة والسلام- كما في هذا الحديث.
هذا الحديث يتكلم عن خصائص النبي-صلى الله عليه وسلم- التي مُيز به واختص بها عن سائر الأنبياء, كما ميزت بهذه الخصائص أيضا أمته -عليه الصلاة والسلام- عن سائر الأمم.
قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر) الرعب: الخوف, يعني يصاب الأعداء بالخوف من النبي-صلى الله عليه وسلم- أو من المسلمين إذا بقي على مسافة التلاقي بينهما شهر, وهذا المقصود شهر زمانا أو المقصود مدة زمنية معينة قد تكون أكثر من شهر أو أقل من شهر هذا محل كلام عند أهل العلم.
قال: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهور) المسجد: موضع السجود من الأرض إذن ليس المقصود المسجد هي البقعة التي أحيطت بجدران وخصصت للصلاة فيها, فالمقصود هنا (جعلت لي الأرض مسجد) المسجد هنا موضع السجود, فجعلت الأرض كلها موضع سجود, يعني يصح الصلاة فيها فليس المقصود أنها كلها تحاط بجدران أو بسور تخصص للصلاة, قال: (وجعلت لي الأرض مسجد) وجعلت لي الأرض أيضاً (طهور) وقال: (طهور) ولم يقل: طاهراً فالطهور: هو الطاهر في نفسه والمطهر لغيره, أما الطاهر: فهو الطاهر في نفسه
إذن من الخصوصية أن الأرض كلها تصح الصلاة فيها, ويصح التيمم منها, هذا هو موضع الشاهد عرض المصنف لهذا الحديث في هذا الباب, أنه يجوز أن نضرب على أي موقع من الأرض قال: (فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل) في أي مكان ما دام أن الأصل الطهارة ..
قال: (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) فالغنائم عندما يتقابل جيش الكفار مع جيش المسلمين وينتصر المسلمون ويغنمون بعض الغنائم, هذه الغنائم أحلت للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأحلت لأمته على ما ورد في تقسيمها, لكن للأمم السابقة لم تحل إنما تجمع وتحرق ولا يستفيد منها المسلمون أو الذين تبع هذا النبي.
قال: (وأعطيت الشفاعة) والمقصود بها الشفاعة العظمى .
قال: (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة) يعني قبل النبي-صلى الله عليه وسلم- يبعث إلى هذه الطائفة بالناس أو هذه المدينة من الناس فقط (وبعثت إلى الناس عامة) بل إلى الثقلين.
هذا الحديث حديث عظيم في مزايا النبي-صلى الله عليه وسلم- ومزايا أمته -عليه الصلاة والسلام:
أولى هذه المزايا: النصر بالرعب: من المعلوم أن مفهوم النصر في دين الله -عز وجل- مفهوم شامل, ليس المقصود تقابل جيشين ومن ثمَّ ينتصر أحدهما على الآخر بكثرة القتلى أو بكثرة الغنائم, النصر في دين الله -عز وجل- له مفاهيم كثيرة, النصر قد يكون في حال القتل -في كثرة القتلى أو قلة القتلى- من أحد الطرفين, قد يكون مع كثرة القتلى في صفوف المسلمين انتشار الدين, قد يكون في إظهار القوة والعزة للمسلمين, قد يكون في ضعف الأعداء ظاهراً, قد يكون فيما نسميه الهزيمة النفسية تجاه العدو مثلاً, فذلك من مواضع النصر أن العدو يصاب بالرعب, يصاب بالخوف من المسلمين ولو كان المسلمون جالسين في مكانهم؛ ولذلك قال: (مسيرة شهر) يعني مدة زمنية سواء كانت المسافة بسير الإبل, قبل أن يلتقي الطرفان بشهر, الكفار يصابون بالرعب عند تقابل الجيشين
نفعنا الله واياكن
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع