سورة البقرة سورة مدنية من أوائل ما نزل بالمدينة المنورة على رسول الله عليه الصلاة والسلام لتقرر أمور الشريعة وأمور المجتمع, فقد عالجت سورة البقرة المجتمع من كل جوانبه , عقائدياً وأسريا واجتماعيا وأخلاقيا .من هنا وجدنا المولى عز وجل يفتتح السورة بالحروف المقطعة, والحروف المقطعة فيه خلاف بين أهل السلف والخلف , فأهل السلفيقولون الله أعلم بمراده من تم فإنه لا يعربون ( ألم ) ولا أى حروف متقطعة فى أى سورة أخرى. ورأي السلف أسلم لأن فيها خلاف وهي من الخلاف الذي قال المولى عز وجل عنه : ((هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ( 7 ) )
ومعنى (يؤمنون بالغيب) أى يصدقون بكل ما أخبر الله به من أمور الغيب وبكل ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام. ومعنى( يقيمون الصلاة )أى يقيمونها بحقوقها كما فرض الله عز وجل علينا , ومعنى قوله ( ومما رزقناهم ينفقون ) أى يزكون ويتصدقون , ومعنى قوله ( أولئك على هدى من ربهم )) الهدى هو الرشد والفلاح والنجاح. ( واولئك هم المفلحون ) المفلحون هم الفائزون لأن الفلاح هو الفوز والظفر.ومعنى أأنذرتهم أى أأعلمتهم , ومعنى قوله ختم الله على قلوبهمأى طبع عليها , ومعنى غشاوة أى غطاءا ومعنى قوله يخادعون الله أن يظهرون خلاف ما يبطنون, ومعنى قوله في قلوبهم مرض أى في قلوبهم شك ونفاق ومعنى قوله ولهم عذاب أليم أى عذاب موجع ومؤلم ومعنى يشعرون أى يفطنون ومعنى مستهزئون أى ساخرون , ومعنى الله يستهزء بهم أى يجازيهم عن استهزائهم , ومعنى يعمهون أى يحتارون ويترددون , ومعنى استوقد اى أوقد , ومعنى صيب اى مطر , والرعد هو الصوت الشديد المرعب , ومعنى قوله فراشا أى مهادا , ومعنى قوله أندادا أى أمثالا ونظراء, ومعنى قوله ريب أي شك ومعى قوله سورة أى منزلة يرتفع بها , ومعنى متشابها أى يشبه بعضه بعضا في الحسن والجمال , ومعنى قوله مطهرة أى مما في نساء الآدميين من الحيض والنفاس وغيرها , ومعنى خالدون أى باقون بقاء لا آخر له .
وهذه مفردات الربع الأول الذى سنتعرض له ايها الأحبة, فالآية الأولى تحدثت على أن القرآن حق من عند الله وأنه كتاب هداية ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) ذلك الكتاب اشارة الى القرآن الكريم وأشار اليه بذلك كلفظ يبين على أن القرآن الكريم عال المنزلة , وعلى انه مرتفع المنزلة وبه يرفع الله أقواما ويخفض آخرين , والكتاب عطف بيان لذلك .فهو كتاب حق وهو حق من عند الله يهدى الى الحق والى طريق مستقيم . هدى للمتقين : جملة في محل رفع مبتدأ مؤخر أصل الكلمة ( فيه موجود هدى للمتقين ) فهو كتاب هداية ودلالة وارشاد, وهو كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط مستقيم.
أما من الآية الثالثة إلى الآية الخامسة فهي تتحدث عن صفات المؤمنين وجزائهم.( والذين يؤمنون بما انزل إلأيك ) الخطاب هنا موجه للرسول عليه الصلاة والسلام , بما أنزل إليك وهو القرآن , وبما أنزل من قبلك وهى التوراة والإنجيل وصحف ابراهيم وموسى . ( اولئك على هدى من ربهم ) اى في مكانة عالية ورفيعةعند ربهم. واولئك هوم المفلحون. ثم شرعت السورة الكريمة في بيان أصناف الناس :
1_ المؤمنون المتقون : أولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون
2_الكافرون: ختم الله على قلوبهم وسمعهم أى طبع الله عليها, طبع على قلوبهم ان لا يقبلوا الإيمان وطبع على قلوبهم أن لا يسمعو الحق. وعلى أبصارهم غشاوة أى غطاء. ولهم عذا عظيم وعظيم صفة للعذاب جاءت نكرة تفيد العموم والتهويل
3_ المنافقين : من الآية 8 حتى 16 والمنافقون هم أخطر الناس على المجتمع والعياذ بالله :ومن الناس ( للتبعيض او البيان ) من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين فنفى الله عز وجل عنهم الإيمان. في قلوبهم مرض في قلوبهم شبه جملة ومرض خبر مؤخر تقديره في قلوبهم موجود مرض أى شك ونفاق,فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم, وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلو الى شياطينهم قالوا انا معكم وجزاءهم أن الله يستهزء بهم ويخزيهم فالدنيا قبل لآخرة ويزيدهم في طغيانهم يترددون.وإذا قيل لهم لا تفسدوا فالارض قالوا إنما نحن مصلحون الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون و( ألا ) هنا للتنبيه . ومن صفاتهم أيضا أنهم سفهاء( وإذا قيل لهمءامنوا كما ءامن الناس قالوا أنومن كما ءامن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) فهم الذين اشترو الضلالة بالهدى و ( اشتروا ) هنا مجاز فقط أى بدلو الهدى بالضلالة فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.
ثم بعد ذلك يضرب الله عز وجل مثلين لهؤلاء المنافقين: _(مثلهم كمثل الذى استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لا يبصرون)
ومثلهم كالصم البكم العمي
_ أو كصيب من السماء... تشبيه مجازي أيضا يجعلون أنامل اصابعهم في آذانهم خوفا من الموت .
وبعدما بين الله أصناف الناس من مؤمن وكافر ومنافق ,أمر العباد ان يعبدوهوحده ,ان لا يشركو به شيئا كما جاء في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام (( معاذ بن جبل رضي الله عنه قال بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا أخرة الرحل فقال يا معاذ بن جبل قلت لبيك رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ قلت لبيك رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ قلت لبيك رسول الله وسعديك قال هل تدري ما حق الله على عباده قلت الله ورسوله أعلم قال حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا...
الربع الثاني إن لله لا یستحي ....
واركعوا مع الراكعین )
أیھ الأحباب نعیش مع مفردات ھذا النص المبارك من سورة البقرة لله سبحانھ
وتعالى یقول ( إن لله لا یستحیي أن یضرب مثلا ما بعوضة فما فوقھا ) معنى قولھ
تعالى ( فاسقین ) أي خارجین عن أمر لله عزوجل تقول فسقت الرطبة عن قشرھا
أي خرجت فالفاسق ھو الذي یخرج على أمر لله عزوجل وأمر رسولھ محمد علیھ
الصلاة والسلام .
وكنتم أمواتا فأحیاكم } [ البقرة - 28 ] ) أمواتا ومعنى قولھ ( { كیف تكفرون با
یخلقكم من العدم ثم یمیتكم عند انقضاء آجلكم ثم یحییكم بالبعث .
ومعنى قولھ ( { ثم استوى إلى السماء } [ البقرة - 29 ] ) أي قصد إلى السماء
قصدا مستویا خاص بھ .
ومعنى قولھ ( { نسبح بحمدك } [ البقرة - 30 ] ) أي نصلي لك ونحمدك .
ومعنى قولھ ( { سبحانك } [ البقرة - 32 ] ) تنزیھ للرب عزوجل .
ومعنى قولھ ( ابلیس ) فھو اسم أعجمي لا ینصرف .
ومعنى ( رغدا ) أي كثیرا وسعة بلا عناء .
ومعنى ( فأزلھما ) أي استزلھما.
ومعنى ( متاع إلى حین ) أي سعة إلى أجل وحین ھنا بمعنى غایة ووقت .
ومعنى قولھ ( فتلقى آدم من ربھ كلمات ) أي قبل وأخذ وفیھا قراءتان تلقى آدمَ
وتلقى آدمُ إذا قلنا تلقى آدمَ بالنصب نرفع كلماتٌ على أنھا مفعول مقدم آدمَ وكلماتٌ
فاعل مؤخر ، وإذا قلنا فتلقى آدمُ فاعل تكون كلماتٍ ھي المنصوبة لأنھا جمع مؤنث
سالم إذ یرفع بالضمة وینصب ویجر بالكسرة فھي شبیھ بجمع المؤنث السالم تلقى
آدم من ربھ كلمات أي قبل وأخذ .
قولھ ( تواب ) أي أن لله یتوب على العباد .
ومعنى ( اھبطوا منھا )
الهبوط هو الانحطاط من أعلى إلى أسفل
ومعنى اسرائيل فهي كلمة أعجمية مركبة من جزئين إسراء بمعنى عبد وإيل بمعنى الله أي عبد الله وهو يعقوب عليه السلام
وعنى فارهبون أي فخافون
ومعنى ولا تلبسوا الحق بالباطل أي لا تخلطوا الحق بالباطل
ومعنى قوله وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
هذه مفردات النص أيه الأخوة الأحباب في النص الكريم لكنه تضمن هذه المواضيع الأول
1-حكمة ضرب المثل في القرآن الكريم في الآية السادسة والعشرين
2- الفاسقون وصفاتهم في الآية السابعة والعشرين
3- مظاهر قدرة الله تعالى في مخلوقاتهمن الآية الثمنة والعشرين إلى الآية التاسعة والعشرين
4-خلافة آدم في الارض من الآية الثلاثين حتى الآية الثانية والثلاثين
5- دليل احاطة علم الله بكل شيء فهو اشتمل على الآية الثالثة والثلاثين
6- تكريم الله لآدم عليه السلام بالسجود له في الآية الرابعة والثلاثين
وأما تكريم الله لآدم وحواء باسكانهما الجنة فقد اشتمل على الآيتين الخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين 7-
8-توبة آدم وهبوطهما وثواب من يتبع هدى الله عزوجل اشتمل على الآيتين السابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين
9-أما عذاب من كفر بآيات الله فقد اشتمل على الآية التاسعة والثلاثين
10-تذكير بني اسرائيل بنعم الله عليهم وصفات الخاشعين وأوامره لهم اشتمل من الآية الاربعين إلى الثامنة والأربعين
هذا مااشتمل عليه النص القرآني الكريم بارك الله فيكم
كذلك أيه الأخوه الأحباب وضعنا هذا الجدول لنراه أمامنا عما اشتمل عليه النص الكريم فأرجو أن تذهبوا وتأتوا بالنص الكريم من سورة البقرة
إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها
هذا النص الكريم الذي معنا أيها الأحباب اشتمل على بعض الأوجه الاعرابيه حتى يتبين لنا هذا النص الكريم :
قوله تعالى ( يستحيي ) بيائين هي لغة الحجاز ويأتي على وزن يستفعل إذا يستحيي وزنها يستفعل ويتعدى بنفسه وبالحرف يقال استحييت منه واستحييته بمعنى وعيته بمعنى أنني اعتراني الخجل والكسوف منه فالحياء من الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
قوله ( للملائكة ) جمع ملك والتاء فيه لتأنيث الجمع وقيل للمبالغة كعلاّمة وفهّامة واختلف في الملائكة في واحدها وأصلها كما بين ذلك أصحاب قواميس اللغة قالوا إن أصلها واحدهم في الأصل مألك على وزن مفعل لأنه مشتق من الألوكة فالهمزة فاء الكلمة ثم أخرت فجعلت اللام ملاء فوزنه الأن مفعل والجمع ملائكة على وزن مفاعلة
وقيل أصله لأك فعين الكلمة همزة وعلى كلا القولين القيت حركة الهمزة على اللام وحذفت فلما جمعت ردت فوزنه الآن مفاعلة أي على وزن ملائكة هذا هو أصل كلمة ملائكة والالف في كلمة ملائكة عوض عن الهمزة .
قوله تعالى ( وأوفوا بعهدي ) أصله أوفيوا استثقلت الضمة على الياء فأعلت اما بالنقل إلى الفاء وإما بالحذف وحذفت لسكونها وسكون ما بعدها
قوله أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم جواب الأمر كما سيأتي
وأما قوله ( ولا تكونوا أول كافر به ) أول على وزن فعّل أو على وزن أفعل وأصلها أول وتأنيثه أولى وولي فأبدلت الواو همزة لإنظمامها ضم لازم هذه مرسة البصريين وقال الكوفيون إن أصل أول وأل يأل إذا نجا وأنا أميل إلى مدرسة الكوفيين فأصلها أوّال ثم خففت الهمزة بأن أبدلت واو ثم أدغمت الأولى فيها وهذا ليس بقياس بل القياس في مثل هذه الهمزة وقال بعضهم أول من آل يؤل فأصل الكلمة أول ثم أخرت الهمزة الثانية فجعلت بعد الواو .
ومعنى قوله ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) أي تخلطوا الحق بالباطل
وقوله ( وتكتموا ) يجوز أن يكون مجزوم داخل في حكم النهي ويجوز أن يكون منصوب باضمار أن والواو للجمع في قوله ( ولاتكتموا الحق وأنتم تعلمون )
وقوله ( وأقيموا الصلاة ) أصل الفعل أقيموا أءقيموا وآتوا كذلك أصلها أأتوا فهنا اجتمعت الهمزتان فالأولى متحركة والثانية ساكنة فأبدلنا الثانية من جنس حركة الهمزة الأولى وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
انتهى بعض مفردات الصرفية في النص الكريم
تعالوا بنا أيها الأحباب الكرام لنرى الموضوع الأول من هذا النص الذي معنا سائلا الله عزوجل أن يوفقنا لكل خير ولما يحب ويرضى ماذا يقول الله سبحانه وتعالى في بداية هذا النص الذي معنا بسم الله الرحمن الرحيم ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها )
سبب نزول هذه الآيات عندما قال الكافرون والمشركون تارة رب محمد يضرب المثل بالذباب عندما أنزل قوله ( ياأيها الناس ضرب مثلا فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) قالوا تارة يضرب المثل بالجمل وتارة يضرب المثل بهذا فأنزل الله قوله ( أن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) .
فالله عزوجل بين حكمة ضرب المثل في هذه الآية إن الله لا يستحيي لا يأخذه ذلك واستحياء الله عزوجل مجاز أما استحياء العبيد والخلق فهو على سبيل الحقيقة فالله عزوجل ذكر إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين أمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم فالناس ينقسمون أمام المثل إلى صنفين فأما الذين أمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم والحكمة من ضرب الأمثال لتقريبها إلى الأذهان ولتكون واضحه إلى الأفهام فأما الذين أمنوا فيعملون أنه الحق من ربهم -أما - هنا للتفريع أما الذين أمنوا فيعملون أنه الحق من ربهم والضمير في أنه عائد على ضرب المثل فيعملون أنه الحق من ربهم وأما الذين الذينم كفروا الصنف الثاني فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ماذا يريد بهذا المثل ، الله عزوجل قال يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ، هدى الله به المؤمنين إلى الحق واتبعوا منهج الله عزوجل وأما الفاسقون الخارجون عن أمر الله عزوجل فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ومايضل به إلا الفاسقين الذين خرجوا على شريعة الله عزوجل ، ثم بعد ذلك يبين المولى سبحانه وتعالى صفات هؤلاء الفاسقين الذين ينكرون المثل في القرآن الكريم الذين يخرجون على أمر الله عزوجل فيقول ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أؤلئك هم الخاسرون *) هذه صفاتهم ماذا ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه والنقض هو الهدم او هو افساد ما أصلحه الإنسان ( ولا تكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ) ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ما عهد الله ؟؟؟ عهد الله التوحيد على العباد ( إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك أباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفاتهلكونا بما فعل المبطلون ) الله عزوجل قد أخذ علينا هذا العهد وهذا الميثاق منذو أن كنا في عالم الذر كما ورد في الحديث الصحيح في الحديث القدسي خلقت عبادي حنفاء موحدين فاجتالتهم الشياطين وفي الحديث ( ما من مولد يولد إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) فهؤلاء الفاسقون ينقضون العهد من بعد ميثاقه من بعد توكيده ( قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )، ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) هذه أول صفة ، الصفة الثانية ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) يقطعون صلة الأرحام ماذا أمرنا ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) وقال سبحانه ( فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أؤلئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) ورد في الحديث القدسي ( أن الله عزوجل لما خلق الخلق قامت الرحم وتعلقت بجدار العرش فقيل لها أو فقال الله لها مه - أي كفي وانزجري - قالت يارب هذا مقام العائد بك من القطيعة تعلم تشعر بأنها ستقطع أرحامها سيقطعونها تقطيع الأرحام ما أكثره اليوم بين المسلمين فقد هجروا أرحامهم وهجروا أقاربهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم صرنا نرى الرجل يعايد على أخيه بالهاتف بالجوال كل عام لا يراه لأعوام عديدة وهما ربما يسكننا في إقليم واحد أو في محافظة واحدة أو في مدينة واحدة اسمع إلى حديث حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم بسنديهما عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينسأ له في أثره - ومعنى ينسأ أي يبارك له في عمره ويطيل الله عزوجل فيه - أو يوسع عليه في رزقه فليصل رحمه ) هؤلاء الفاسقون يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ( ويفسدون في الأرض ) هذه الصفة الثالثة والفساد في الأرض هو الاعتداء على الأنفس هي الاعتداء على الاعراض هي الاعتداء الزرع يهلك الحرث والنسل ويفسد العباد ولاحول ولا قوة إلا بالله إفساد أخلاقي إفساد إجتماعي إفساد سياسي إفساد إقتصادي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فساد عقائدي نعم فساد في العبادات فساد في المعاملات ويفسدون في الأرض على أن الأرض هي مكان للفساد ما قال في السماء ، السماء التي منها الوحي وفيها الوحي وفيها الملائكة وفيها وفيها ليس فيها فساد ولذلك قال الله تعالى في القرآن الكريم في سورة الذاريات عندما قال ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) ما قال وفي الأرض لأن السماء مكان اصلاح مكان منهج مكان يهبط منه الوحي فقال ( وفي السماء رزقكم ) حتى تطمئن الأنفس الضعيفة بأن رزقها في السماء لا في الأرض لأنها لو كانت في الأرض يطبق عليها الفساد ، ويفسدون في الأرض ( أؤلئك هم الخاسرون ) أؤلئك اشارة أؤلئك الفاسقون أؤلئك الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه أؤلئك الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل أؤلئك الذين يفسدون في الأرض هم الخاسرون ، الجملة فيها قصر وحصر هم الخاسرون على أن الخسارة مرتبطة بهم لا فوز لا فلاح لا ظفر لا نجاة هم الخاسرون خسروا أنفسهم نعم خسروا مناصبهم وجاههم إن شاء الله نعم خسروا أولادهم نعم خسروا دنياهم نعم خسوا أخراهم نعم هم الخاسرون ، ثم بعد ذلك ينتقل المولى عزوجل إلى موضوع بعده يبين مظاهر قدرته تعالى في مخلوقاته إذا كان الفاسقون يفعلون ذلك نتأمل ( كيف تكفرون بالله ) تعجب مجازي خرج من الحقيقة إلى المجاز ، الله عزوجل يعجب من موقفهم وهو يفيد التوبيخ والاستهزاء ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا ) عدم فأحياكم ولنرى صورة الإحياء الله عزوجل قال ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم ......فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظاما لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ) ثم يحييكم للبعث والجزاء والعقاب ( ثم إليه ترجعون ) يحييكم حياة برزخية ثم ترجعون إليه هذا دليل على حياة البرزخ ويفيد مدة زمانية بعيدة ( ثم إليه ترجعون ) بالبناء للمجهول ما قال ترجعون لو قال ترجعون حنرجع على كيفنا على مزاجنا على هوانا نرجع اليوم نرجع غدا ، لا ترجعون بهواكم بمزاجكم وخارج ارادتكم ترجعون غصب عنكم لا بد أن ترجعوا إلى الله عزوجل ترجعون لماذا ؟؟ للحساب وللعرض وللثواب وللعقاب .
دليل ثاني ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم ) هو من ؟؟؟ الذي تكفرون به الذي خلقكم من عدم الذي أماتكم بعد أن خلقكم الذي أحياكم في البرزخ بعد أن أماتكم الذي ترجعون إليه ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء ) خلق لكم ما ! ما قال من ، ما للعموم من الأسماء الموصولة التي تفيد العموم الذي في الأرض جميعا كل ما يخطر على بالكم ( ومن كل شيء خلقنا زوجين ) خلق من الكهرباء السالب والموجب وخلق وخلق وخلق من الزرع ومن كل شيء خلقنا زوجين أي صنفين ، ( جميعا ) تأكيد ، ( ثم استوى إلى السماء ) واستواء الله عزوجل استواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعه كما قال الإمام أحمد بن حنبل لما دخل عليه رجل يسأله عن قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا فاخرج ، ( ثم استوى إلى السماء ) استواء عظمة استواء هيمنة وقدرة ، ( فسواهن سبع سموات ) ( ومن الأرض مثلهن ) ( وهو بكل شيء عليم ) عليم على وزن فعيل وهي من صفات المبالغة أو من صيغ المبالغة فعال فيعل مفعال فعل فهنا الصيغة الثانية فعيل عليم عالم فعيل يقولون بمعنى فاعل عليم على وزن فعيل وفعيل بمعنى فاعل ( بكل شيء عليم ) عالم فاعل ، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم ) .
لنتقل إلى الموضوع الذي يليه وهو خلافة آدم عليه السلام في الأرض ( وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) إذ هنا بمعنى حين أي اذكر يا محمد حين ( قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ) يابني آدم ما خليفتك في الأرض عن الله عزوجل هل هي حقيقة أم مجاز ؟؟؟؟؟؟ إنها مجاز لا بل حقيقة الله عزوجل استخلفنا في الأرض للإعمار لا للخراب للبناء لا للهدم للإصلاح لا للإفساد خلقنا للعبادة لا للمعصية لا للإفساد الذي نراه وسفك الدماء التي نراها ولا حول ولا قوة إلا بالله كم من آلف ارهقت وأزهقت أنفسهم بفعل شخص واحد خشية وخوفا على كرسييه يسفك الدماء ( ونحن ) أي الملائكة ( نسبح بحمدك ) هنا الفعل خرج من الحقيقة إلى المجاز ومعنى نسبح أي نصلي ونحمدك بحمدك ( ونقدس لك ) وننزهك أطلق البعض وأراد الكل ماذا في الصلاة تسبيح عندما نركع سبحان ربي العظيم عندما نسجد سبحان ربي الأعلى ، الله عزوجل يرد عليهم ( إني أعلم ما لا تعلمون ) سبحانه وتعالى العليم العالم علم إحاطة علم شمول كما قال تعالى ( عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) لما قالوا للرجل في يوم من الأيام إن زرعك سيبطل ويفسد عجل بإيجاره على الرغم من أن الشجرة لا يجوز بيع الثمرة قبل نضجها لكنه باعها استعجال للرزق ، قالوا له بقرتك ستموت فعجل ببيعها قيل له إن ولدك ستأتيه المنية ربما قريبا ما سيفعل هل سيأجره هل سيبيعه لو اطلعتم على الغيب لأخترتم الواقع أي ولله لو اطلعنا على الغيب لو علمنا الغيب لأخترنا الواقع والله يعلم وأنتم لا تعلمون وعسى أن تكرهوا شيئا ، نقول لحالات الطلاق الذين يقلقون ويصيبهم القلق إزاءه وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة ) علمها لآدم وعرضهم على الملائكة أخبروني ( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) أجابوا ( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ) لا علم لنا لا نعلم شيئا ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) ( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) الله عزوجل العليم الحيكم يضع الشيء في موضعه لعلم وحكمة ، ( قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ) أخبرهم بأسمائهم ( فلما أنبأهم بأسمائهم ) أي آدم ( قال ألم أقل لكم ) أي قال الله عزوجل للملائكة ( إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) سبحان الله ( يابني إنها إن تكن مثقال درة فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأتي بها الله ) إنها إن يكن مثقال درة في السموات أو في الارض يأتي بها الله عيزين نربي أولادنا على هذا يأتي بها الله ،
أعلم غيب السموات والأرض ما عاب ما غاب في السموات بالمصدرية غيب مصدر للفعل غاب يغيب غيب والغيب هو ما استتر عن الإنسان ما حجب عن الإنسان معرفته لم يعرفه لذا قال تعالى ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ) قال الشاعر
مشيناها خطا علينا مشيناها
ومن كتبت عليه خطا مشاها
وأرزاق لنا متفرقات
فمن لم يأته منا أتاها
ومن كتبت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها
أن الله عليم خبير ) أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون ) أي ما تظهرون وما كنتم تكتمون أي ما تسرون سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور سبحانه لا يعزب عنه مثقال درة في الأرض ولا في السماء أي لا يغيب عنه مثقال درة انظروا إخواني أخواتي ما تمثل الدرة لو جئنا لعالم الذهب ولأهل الذهب وقلنا لهم ما مقدار مثقال الدرة ما مقدارها الله عزوجل يقول عنها ( ولا يعزب عن ربك من مثقال درة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ) سبحانه وتعالى وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون أي اعلم الذي تبدونه والذي تكتمونه ما هنا موصولة وتبدون صلة الموصول وعائد الموصول محذوف تقديره أي الذي تبدونه والذي تكتمونه نعم وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو آيات كثيرة تبين أن الغيب لله عزوجل استأثر به نفسه من هنا نرى ضعاف المسلمين يذهبون إلى العرافين والدجالين والسحرة ومن على شاكلتهم فالنبي صلى الله عليه وسلم قال : من أتي عرافا أو ساحرا فقد كفر بما أنزل على محمد وفي رواية من أتي عرافا أو كاهنا فصدقه فقد كفر ومن أتى عرافا أو كاهنا أو ساحرا فجلس معه لم تقبل منه الصلاة أربعين يوما لماذا لأنهم تجرأوا على غيب الله عزوجل وغيب السموات والأرض فهم يفعلون الحيل وهذا ان شاء سيأتي في بيان السحر ، الله سبحانه وتعالى بعد ذلك يبين تكريم الله عزوجل لآدم وحواء باسكانهما الجنة ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ) وكان ابليس ففسق عن أمر ربه ( فسجدوا إلا ابليس أبى ) أي رفض لذا ورد في الحديث بأن ابليس إذا رأى ابن آدم سجد لله عزوجل يهرول ويقول ويحي ويلي دعيت للسجود لآدم فأبيت ودعي ابن آدم للسجود لله عزوجل فانقاد ) أبي واستكبر وتكبر زكان من الكافرين ألم يقلها أنا لذا نهى الحبيب هم الانسان أن يقول عن نفسه أنا وأنا ، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، أنا تفيد لفظ الاستعلاء والتكبر ، إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين أي وصار من الكافرين ، وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة ) وكان قادر يقول اسكن وزوجك الجنة ، لكن قال انت للتأكيد يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وأعطاهما النعم وكلا منها رغدا سعة متاع لا ينفد حيث شئتما وأرتما وأعطاهما التكليف في صورة افعل
التوقيع
صفي النيه مع القلب ولا تسيئ الظن
وابتسم فلا دائم الا وجهه سبحانه فمصيرنا الى التراب
وأكثر من الاستغفار ففيه تقضي حوائجك
وأخلص لبيتك ولا تخرج سرك لأحد لامشاكل ولاسعاده
فكلنا نعاني من المشاكل
