- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
ثلاثون فائدة لدراسة علم القراءات
يقول ابن أبي جمرة :
وددت لو أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا،
فإنه ما أتى على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك.
قال ابن القيم/ مفتاح دار السعادة
فالمحب الصادق يرى خيانة منه لمحبوبه ان يتحرك بحركة اختيارية في غير مرضاته ,وإذا فعل فعلا مما ابيح له بموجب طبيعته وشهوته تاب منه كما يتوب من الذنب ,ولا يزال هذا الأمر يقوى عنده حتى تنقلب مباحاته كلها طاعات, فيحتسب نومه وفطره وراحته كما يحتسب قومته وصومه واجتهاده ,وهو دائما بين سراء يشكر الله عليها وضراء يصبر عليها فهو سائر إلى الله دائما في نومه ويقظنه.
قال بعض العلماء الاكياس عاداتهم عبادات الحمقي والحمقى عباداتهم عادات
وقال بعض السلف حبذا نوم الأكياس وفطرهم يغبنون به سهر الحمقى وصومهم
فالمحب الصادقان إن نطق نطق لله وبالله ,وان سكت سكت لله وان تحرك فبأمر الله وان سكن فسكونه استعانة على مرضات الله فهو لله وبالله ومع الله
؛؛؛وبعد هذه المقدمة؛؛؛
هل سأل أحد منا نفسه لماذا أدرس علم القراءات؟
وما هي نيتي في دراسة وتلقي هذا العلم؟
أم هو التقليد؟ وأنه مجرد تَشَهِّي لطلب هذا العلم؟
وإن كان جوابك على هذا السؤال لا أدري، وأنني وجدت جماعة يدرسون فدرست معهم ووجدته شيئا ممتعا يُشغل الوقت فسلكت هذا الطريق!!!
فعلى كل واحد منا أن يقف مع نفسه ويخلص النية ويسأل نفسه مجددا:::لماذا أدرس علم القرءات:::
ومن المعلوم "أن لكل إمري ما نوى" وأن النِّيات تجارة العلماء؛ فقد وفقني الله لأنقل لكم هذا البحث القيم
للشيخ إيهاب فكري مدرس القرآن والقراءات بالمسجدالنبوي
وفيه تحدث الشيخ عن فضل علم القراءات؛؛؛
وإليكم البحث:
فــــــضــــــلعــــــلــــــم الــــــقــــــراءات :
1 :: اعلم – بارك الله فيك – أنالعبادات التي فيها إجلال لله تعالى وتعظيمه أعظم من غيرها كما ذكر ذلك سلطانالعلماء العز بن عبد السلام ، ومن هذا الباب تفضيل التسوك للصائم على إبقاء رائحةالفم التي وصفها رسول الله
بأنها " أطيب عندالله من رائحة المسك " ، وقد أفاض في ذلك في كتابه الجليل " قواعد الأحكام " ( 1 ) وهذا واضح فيتعلم القراءات إذ إن من أعظم الإجلال لله تعالى أن يهتم المؤمن بما قاله سبحانهوتعالى ، ذلك لأن الله تعالى أنزل القرءان على سبعة أحرف كلها شاف كاف ، وإذا كانالمسلمون يهتمون بما قاله رسول الله
ويحرصون على جمعه فيالمصنفات ، فإن ما قاله الله تعالى أحرى بذلك ، ولا يقوى قلب مؤمن على ادعاءالاكتفاء ببعض ما قاله الله تعالى كما أنه لا يكتفي ببعض ما قاله رسول الله صلىالله عليه وسلم ، وانظر إلى تشوف الملائكة لمعرفة ما قاله الله تعالى كما وصفهمبذلك الله عز وجل في كتابه الكريم فيقوله : { حتى إذا فُزِّعَعن قُلُوبهم قالوا ماذا قالَ ربكم قالوا الحقَّ وهو العليُّ الكبير } [ سبأ : 23 ] . فتأمل هذا المعنى .
2 :: إن في تعلم القراءات بيان فضلرسول الله
في حفظ كلام الله تعالى ، ذلك لأن القارئ يعلم من خلالتعلمه مدى الجهد الذي يبذله لتعلم رواية أو روايتين فما بالك بتعلم القراءات العشر، وبذلك فإن كل من حصل هذا العلم يعلم مدى الجهد والمثابرة المطلوبة لإتقانه ، فكيفإذا علمت أن هذه القراءات هي جزء من الأحرف السبعة التي تعلمها رسول الله صلى اللهعليه وسلم وعلمها للأمة ؟ ومن هنا يتجلى معاني بعض الآيات نحو : { ولا تعجلْبالقرءانِ من قبلِ أن يُقضى إليكَ وحيه } [ طه : 114 ] . ونحو : { لا تُحرك بهِلسانكَ لِتعجلَ به } [ القيامة : 16 ] .فإن المهمة التي كُلف بها النبي
كانت كما وصفها اللهتعالى بقوله : { إنَّا سنلقي عليكَ قولاً ثقيلا } [ المزمل : 5 ] وإن القُراء همأعرف الناس بفضل رسول الله
في هذا الأمر ، لأنهم قد مارسواجزءًا منه .
3 :: وفيه كذلك بيان فضل الله تعالىعلى هذه الأمة في إنزاله القرآن بأكثر من حرف ، لأن هذا لا يتبين ولا يتضح إلابمعرفة القراءات وممارستها ، ويتبين منه كذلك كيف سهل الله تعالى على كل قبائلالعرب تلقيه ونطقه بلهجاتهم دون الانتقال للهجات أخرى تحتاج لتدريب وتمرين قد لايطيقه الشيخ الكبير والمرأة العجوز ، ومن تلك اللهجات التسهيل والإمالات والتفخيموالترقيق ونحو هذا مما يفهمه القراء خير الفهم ولا يتصور غيرهم مدى مشقته وصعوبتهوحاجته للتمرين .
4 :: إن مما يفيده جمع أحاديث رسولالله
توضيح معانيها من الزيادات التي تأتي في بعض الروايات وهذانفسه يقال في القراءات فإنها كلها مما تكلم الله تعالى به ويوضح بعضها بعضًا ،وأضرب لك مثلاً بما قال فيه المفسرون إنه من أشكل الآيات في التفسير وهو قوله تعالى : { قل إنَّ الهدى هدى اللهِ أن يؤتى أحدٌ مثلَ ما أُوتيتم أو يُحاجوكم عندَ ربكم } [ آل عمران : 73 ]. فقد قرأابن كثير المكي " أأن يؤتى أحد "بهمزتين على الاستفهام ، فتحمل قراءة غيره بالإخبار على أنه إخبار مقصودبه الاستفهام ، فيصبح المعنى جليًا واضحًا بأن يكون الاستفهام كتوبيخ وتقريع لليهودلكراهيتهم الخير لغيرهم وهذا كثير جدًا وقول المفسرين يفسر القرءان بالقرآن ثمبالسنة الخ لا يقصد به قراءة واحدة أو رواية واحدة فإن كل القراءات قرآن تكلم اللهتعالى به ويوضح بعضه بعضًا ، وإن أي تفسير يحمل على رواية واحدة هو كأي تناول لكتابحديث دون تعرض لغيره من الكتب التي تحوي أحاديث توضح غيرها .
5 :: إن قوله
: " يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا " ( 2 ) لا يقتصر علىرواية واحدة فإن القراء لهم من هذا الحديث أوفر الحظ وخيره إذا أخلصوا لله في ذلك ،إذ إن من حفظ القرآن برواية واحدة سيقرأ الآية مرة واحدة أما أصحاب علم القراءاتفسيقرئون الآية عدة مرات كي يستوفوا ما ورد فيها من قراءات هي كلام الله تعالىفتأمل هذا الفضل العظيم( 3 ) .
6 :: إن قوله
: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ( 4 )قد فسره راوي الحديث أبوعبد الرحمن السلمي بالإقراء ، وكما قرر الأصوليون فإن الراوي أعلم بما روى وذلكيشمل كل القرآن بقراءاته المتواترة ولا يقتصر على رواية واحدة { وفي ذلكَ فليتنافسالمتنافسون } [ المطففين : 26 ] .والعبرة بالإخلاص والله المستعان .
وفي كتاب " النشر " للحافظ ابن الجزري ( ج 1/ص 4 ) عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني سألتسفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرئ القرآن ، فقال : يقرئ القرآن . إنالنبي
قال : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " .
7 :: إن من أفضل ما يشغل الوقت هوذكر الله ، وأفضل الذكر هو تلاوة القرآن ولا يتذوق بركة ذلك على التمام والكمال إلامن تعلم القرآن والقراءات ، فعن أبي أمامة
قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككموخير لكم من إنفاق الذهب والفضة ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهمويضربوا أعناقكم ". قالوا : بلى يا رسول الله ،قال :" ذكر الله " ( 5 ) رواه الترمذي .
8 :: لم يبق من العلوم المنقولةبسند التلقي كما كان على عهد السلف إلا هذا العلم فإنه لا يعطى السند فيه – عند أهلالتقوى والضبط – إلا للمتمكن وقد يقرئ الشيخ تلميذه عدة مرات حتى يطمئن لإعطائهالسند ، بل قد يقرئه عدة مرات ثم لا يعطيه سندًا ولا يجيزه ، لأنه في نظره لم يتقن، أما غير علم القراءات من العلوم في عصرنا فالسند يعطى فيه لأي أحد سواء كانضابطًا أم لا إلا عند القلة .
9 :: ورد في الحديث الشريف قوله صلىالله عليه وسلم لعائشة : " أجرك على قدر نصبك " ( 6 ) وهذا العلميحتاج لجهد جهيد حتى يبرز فيه الإنسان ، ولا يغتر بكثرة الحاملين لشهادات رسميةفأغلبهم عند التحقيق لا يتقنه وكثير منهم يقر بهذا ، وذلك لأنه يحتاج لمشقة فيتحصيله ومشقة أكبر في المحافظة عليه ، ولا يفهم كلامي هذا على الوجه المطلوب إلا منطلب هذا العلم ، لأن الجهد المبذول فيه لو بذل في علم آخر لأصبح الإنسان فيه منأكبر العلماء ، ويكفي أن تعلم أنه حتى تتقن القراءات الموجودة في زماننا تحتاج لحفظأكثر من ثلاثة آلاف بيت منظوم ، وأما من اكتفى بالشاطبية فيحتاج لحفظ أكثر منخمسمائة وألف بيت بما فيه الشاطبية ومتن في الرسم ومتن في عد الآيات ولو كان هذا فيعلم آخر لعظم الإنسان فيه جدًا .
10 ::اعلم أن القائم بفرضالكفاية يرفع الحرج عن الأمة كلها وهذا العلم لم يسد كفايته المسلمون ، فقد تجد عدةبلاد وقرى وليس فيها من يُقرئ الناس ، أو تجد البلد الكبير والعاصمة الضخمة وليسفيها من يَقرئ بالطيبة بالقراءات العشر الكبرى على وجهها ، فالانتداب لتحصيل هذاالعلم فيه رفع حرج كبير عن المسلمين ونفع عظيم لأبناء هذه الأمة المصطفاة .
11 :: من أعظم فوائد هذا العلم أنهيعين على تجريد القصد إذ إن مجال الشهرة فيه محدود وهذا مشاهد في علمائه فكم منالمسلمين يعرفون شيئًا عن الداني أو الشاطبي أو ابن الجزري فضلاً عن الأزميريوالمتولي مقارنة بما يعرفون عن علماء الفقه أو الحديث كالنووي وابن حجر والغزاليفضلاً عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك ، مع أن المجهود المبذول فيه لا يقل إن لم يزدعن هذه العلوم ، وطلب الخفاء ممدوح كما ورد في الحديث : " إنالله يحب العبد التقي الغني الخفي " ( 7 )وكما ورد في كلام الفضيل بن عياض حيث قال : " علامة الزهد في الناس إذا لم يحب ثناء الناس عليه ولم يبال بمذمتهم، وإن قدرت ألا تعرف وما عليك ألا تعرف فافعل وما عليك ألا يثنى عليك " ( 8 ) فإن استطعت ألاتعرف فافعل ويزيد من هذه الفائدة أن كثيرًا من المسلمين في عصرنا يزهِّدون في علمالقراءات ويقللون من شأنه والله المستعان .
12 :: تميز عصرنا هذا بكثرة المصائبوالفتن التي وقعت بالمسلمين تحقيقًا ، لقوله
: " وإن أمتكم هذهجعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجئ فتنة فيرقق بعضهابعضًا ، وتجئ فتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجئ الفتنة فيقول هذه هذه " ( 9 ) ، وكان من أشدها أن تصدى لدفع هذه المصائب والفتنغير أهل العلم تحت مسميات المفكر الإسلامي والحركي الإسلامي ، ذلك أن من مصائبنا فيهذا الزمان أن العلماء تباعدوا أو قُل استبعدوا عن التصدي لهذه المصائب والفتن ،فترى الآن الجمع الكبير من المتحمسين لنصرة الإسلام يقودهم المفكر الإسلامي أوالمفكرون الإسلاميون والحركي الإسلامي ، ولو سألتهم هل هذا المفكر أو الحركي عالممجتهد في دين الإسلام لأقروا أنه ليس كذلك فكان شغل الوقت بالعلوم النافعة ومنأميزها علم القراءات مما يبعد الإنسان عن التورط في عمل هذه المجموعات التي أدىتصدرها في هذا الزمان إلى تفاقم الأمر وزيادة المصائب بما ارتكبوه من خروج عن الدولالتي يعيشون فيها وهم ليسوا على بينة ولا قدرة في هذا الخروج ، فزادت مصائبالمسلمين وتباعد عوام المسلمين عن الدعاة بعكس طلاب العلوم الشرعية خاصة علمالقراءات فإنهم تلتف حولهم القلوب ويتحمل منهم مالا يتحمل من غيرهم نسأل الله تعالىأن يكشف عن المسلمين هذه الغمة برحمته وفضله .
13 :: من أهم فوائد علم القراءات حفظاللغة فإن اللغات المختلفة كالإمالة والتسهيل والترقيق والتفخيم والإشمام وصفاتحروف اللغة العربية ليس لها إسناد متواتر إلى قبائل العرب الأولى إلا من خلال علمالقراءات ، وإذا كان أهل النحو واللغة لا يعتمدون في نقلهما إلا على القرون الأولىحتى مائتين أو ثلاثمائة سنة من الهجرة لاختلاط القبائل العربية بالعجم وتأثرفصحاتهم بذلك فإن علم القراءات أبقى هذه اللغات منقولة مشافهة من الشيخ إلى تلميذهحتى زماننا هذا ، ولا تستطيع أن تتحقق من التسهيل والإشمام التي هي لغات بعض العربإلا من خلال القراء وهلم جرا .
14 :: بعد أن أنعم الله عليَّ بتعلمعلم القراءات أقرر لك أنه لا يشغل وقت الإنسان حتى في أموره الحياتية وأثناء طعامهوشرابه وقبل نومه مثل هذا العلم لمن أراد أن يبرع فيه ، فتجد الإنسان مشغولاً جميعوقته به ويصل به حبه الدائم لسماع القرآن وقراءته إلى أن يتبين له معنى قوله صلىالله عليه وسلم : " إنه ليغان على قلبي " ( 10 ) فالقارئوالمقرئ إذا شغل يومًا أو نحوه عن القرآن شعر بحاجة شديدة له تفوق حاجة الظامئللماء ، والجائع للطعام ، والساهر للنوم ، وكفى بهذا فضلاً وشغلاً لحياة الإنسان ،فهذا بدلاً من أن يشغل نفسه بذم الناس وذم الزمان الذي يحيا فيه كما هو شغل كثير منالناس وهو ذم لا يفيد في الغالب إلا ضياع الوقت لأنه لا يترتب عليه شيء .
15 :: علم القراءات علم عملي لابد لهمن تطبيق وليس هو أفكارًا للتأمل واجتهادات قابلة للصواب والخطأ يضيع فيها الوقت ،وكم قرأنا في بداية سلوكنا في درب الدين المؤلفات القائمة على اجتهادات وتصوراتلأناس بعضهم ليس له أن يجتهد أو أن يتصور ، وعليه فإن هذا العلم هو من خير العلومإذ يدعو إلى العمل سواء بالقراءة أو الإقراء أو تطبيق كتاب الله تعالى .
16 :: هذا العلم من أفضل ما يعين علىتنفيذ أمره
: " تعاهدوا القرءان " ( 11 ) فإن الدارس له ينشغل بالقرآن حتى يثبت عنده تمامًا ، ويعرف المتشابه منالآيات حتى يندر منه الخطأ في كتاب الله تعالى ، إذا إن معدل تلاوته للقرآن أكثر منغيره في الغالب فالحمد لله تعالى .
17 :: تتضح علاقة التلميذ بشيخه فيأسمى معانيها في هذا العلم الجليل فكما ذكر بعض الفضلاء أن الإنسان يذكر من علمه أيعلم بخير وثناء ولكنه يخص من علمه القرآن بالكثير من الذكر والثناء والشكر ولا يدرككلامي هذا إلا من درس على المشايخ هذا العلم فإنما بين الطالب وبين شيخه من الحبودوام الصلة ما ليس في غيره .
18 :: القرآن دواء كما قال الإمامالشاطبي :
( ونقل قرآنوالقرآن دواؤنا ) فالقرآن يعالج كثيرًا من آفات القلب واللسان ومن اهتم لقراءاتهوروايته هو أكثر سماعًا وقراءة له من غيره ، فتجد الإنسان قبل الانشغال بهذا العلميضيع وقته في الجدال في المسائل الفقهية وغيرها وتطويل الكلام في ذلك ، أما بعدالانشغال بهذا العلم فإن اجتناب ذلك هو المقصد ، إذ إن الوقت لا يتسع وعظائم الأمورأهم بالطلب من الانشغال بصغار المسائل ، كما أن فيه أيضًا التزام بقوله صلى اللهعليه وسلم فيما رواه أبو أمامه
: " أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن تركالمراء وإن كان محقًا " ( 12 ) ، والجدال في مسائل هذا العلممحدود للغاية .
19 :: إذا نظر المصنف في كيفية تلقيالقراءات علم أنها أدق طريقة للتلقي فإن جمهور القراء لا يجيزون تعلمها إلا بالعرضمن الطالب على الشيخ حرفًا حرفًا ثم يجيزه الشيخ ، ولا يتحقق هذا في غيره من العلومخاصة في زماننا هذا الذي قد تجد فيه من يتصدر في بعض العلوم الشرعية وليس له شيخأصلاً ، بل يصوب ويخطئ ويصحح ويزيف ويقعد القواعد العامة والخاصة وهو صحفي لم يتلقعن أحد ، وهذا لا تكاد تجده في القراء بل إن من القراء من أفنى أكثر من ثلاثينعامًا في هذا العلم لكنه لم يهتم أن يحصل على إجازة أو نسي ذلك فتراه في حرج شدد منهذا ويسعى جاهدًا لتحصيل إجازة وإسناد تحقيقًا لطريقة السلف في التلقي عن الشيوخ .
20 :: من ألطف ما استفدت به في هذاالعلم مجادلة أهل البدع خاصة منكري السنة ،ولعلك تعجب من هذا ، فقد التقيت بأحدمنكري السنة بالقاهرة وهو ينكر علم الحديث جملة بدعوى أن الأحاديث تتعارض وفيها ماهو مخالف لعقله ، وكان دائم القول : إن القرآن واحد فلذا نجتمع عليه ونترك السنة . فقلت له : لكن هناك قراءات للقرآن وهي منقولة بالتواتر ، فقد تدخل مسجدًا بالمغربفتسمع الإمام يقرأ { ملك يوم الدين } ويقرأها إمام مسجد آخر في القاهرة { مالك يومالدين } ، بل قد يصل تنوع القراءات لأكثر من هذا وضربت له أمثلة فبهت ولم يحرجوابًا فقلت : لعل من حكمة الله تعالى أن جعل علم القراءات في هذا الأمة للرد علىأمثال هؤلاء .
21 :: علم القرآن والقراءات يَدفعللاعتناء بعلوم أخرى أهمها علم التوحيد ، لأن أكثر معاني القرآن في توحيد اللهتعالى وتصديق رسله والإيمان باليوم الآخر وهو أجل العلوم ، وقد عجبت من سؤال وجهلأحد الدعاة هل تعلم القرءان أولى أم تعلم التوحيد ؟فأجاب تعلم التوحيد ، وهذا منالفصام النكد الذي حدث في المصطلحات وهل يؤخذ التوحيد إلا من القرآن والسنة علمًابأن القرآن أكثر ذكرًا لمفردات علم التوحيد ، وهل اخذ الصحابة التوحيد إلا منالقرآن .
وكذلك منالعلوم التي ارتباط وثيق بالقراءات : علم اللغة والنحو ولا يتم علم القارئ إلابتعلم النحو ولا يتم علم النحوي إلا بتعلم القراءات .
22 :: علل الإمام العز بن عبد السلامفي كتابه " قواعد الأحكام " عدم جواز إطعام مسكين واحد عشر مرات في كفارة اليمينبدلاً من إطعام عشرة مساكين بقوله : " فإن قيل : ما تقولون في من سد جوعة مسكين فيعشرة أيام ؟ هل يساوي أجره أجر من سد جوعة عشرة مساكين ، مع أن الفرض سد عشر جوعات، والكل عباد الله ، والفرض الإحسان إليهم فأي فرق بين تحصيل هذه المصالح في محلواحد أو في محال متعددة ؟ قلنا : لا يستويان ، لأن الجماعة يمكن أن يكون فيهم وليلله أو أولياء له فيكون إطعامهم أفضل من تكرير إطعام واحد . وقد حث الرب سبحانهوتعالى على الإحسان إلى الصالحين بقوله : { وَأَنكحوا الأيامى منكم والصالحينَ منعبادكم وإمائكم } [ النور : 32 ] . ومثل هذا لا يتحقق في واحد بعينه ، ولأنه يرجىمن دعاء الجماعة مالا يرجى من دعاء الواحد ، كما يرجى من دعاء المصلين على الميتإذا بلغوا أربعين مالا يرجى من دعائهم إذا نقصوا عن ذلك ، كما جاء في الحديث " ( 13 ) .
وهذا يقال فيحق القرآن والقراءات فإن المتعلم له والعالم به يخدم حفظة كتاب الله تعالى الذينقال فيهم الله سبحانه وتعالى : { بل هو ءاياتٌ بيناتٌ في صدورِ الذينَ أُوتوا العلم } [ العنكبوت : 49 ] . وقال فيهم رسولالله
: " إن لله أهلين منالناس قالوا : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته " ( 14 ) وهم الذين يعملون به كما في صحيح مسلم( 15 )فوجود أولياء لله تعالى بينهم وارد ومحقق ،والتماس الدعاء منهم مطلوب .
23 ::علم القراءات سمة من سماتأهل السنة والجماعة ولا تجد لأحد من أهل البدع هذا الاهتمام في نقل القرآن وتلقيه ،وقد يقال ذلك في حق علم الحديث وهو مُسَلَّم به لكن أهل البدع ينكرون السنة فيالغالب ولا يستطيعون إنكار القرآن ، وهم محتاجون في نقله إلى أهل السنة وإلى أسانيدأهل السنة وكفى بهذا فخرًا لأهل السنة وميزة توضح أنهم أهل الحق .
24 :: من ضمن العلوم المتعلقة بعلمالقراءات ( علم عد آي القرآن ) وهو محتاج إليه في هذا العلم وفوائده عظيمة في الوقفوالابتداءوعلم المعانيوفيما أجرى عليه رسول الله
من الأجر فيقراءة عدد معين من الآيات أو الصلاة بعدد معين من الآيات .
25 :: العلوم الشرعية متنوعة وأغلبهايحتاج إلى ملكات الحفظ وقوة الفهم والذكاء ، وقد جمع علم القراءات هاتين الخصلتين ،لكن أغلبه مما يستطيعه الحفظة مما لا يشترط فيهم قوة الذكاء والاستنباط ، وأقلهيحتاج إلى الفقه والاستنباط ، وذلك لأن مجال الاجتهاد فيه ضيق وأغلبه علم نقلي ،وهو من جهة يصلح لجمهور المسلمين فكل منهم يستطيع أن يأخذ منه ما يناسبه ابتداءًبالمفترض عليه وهو حفظ الفاتحة إلى ما هو مفترض على المسلمين على وجه أنه فرض كفايةوهو حفظ ما سوى الفاتحة ، ولتوضيح ذلك فإن علم الفقه شريف ورفيع ولكن عموم الناس لايطيقونه لاحتياجه لأدوات عديدة وملكات واسعة في الفهم والاستنباط ولذا كان الإرشادلتعليم القراءات مما يناسب جمهور الناس سواء في ذلك عامتهم وخاصتهم فهو عام النفعواسع الفائدة .
26 :: لا يخفى على أحد ما أصاب هذاالعلم من غربة خاصة في زماننا هذا بل قبله بأزمنة فقد قال الحافظ ابن الجزري فيكتاب " النشر " ( ج 1/ص 54 ) : وإني لما رأيت الهمم قد قصرت ومعالم هذا العلمالشريف قد دثرت وخلت من أئمته الآفاق ... إلخ . فإن كان هذا الكلام قد قيل منذ مايقرب من ست مائة سنة فما بالك بما آل إليه الحال الآن ، بل قد بلغت غربة هذا العلمأن صدرت الفتاوى لإخفائه عن عوام الناس ومنع بعض القراء من أئمة المساجد من القراءةبه حتى لا يؤدي ذلك لحدوث اضطراب عند العوام فكأن هذا العلم أصبح من المتشابه الذيلا ينبغي ألا يعرض على العوام ، مع أن الأولى أن يكون معروفًا منتشرًا ، لأن فيهكثيرًا من أوجه إعجاز القرآن ، وعليه فمن سعى في إزالة غربة هذا العلم في زماننابدراسته ونشره بكون قد أحيا جميع ما ذكرنا في هذا البحث من فوائده ، ومن المعلوم أنإحياء السنة فيه أجر عظيم فما بالك بإحياء كتاب الله الكريم؟!
27 ::اعلم أن طالب العلم يستحبله حفظ القرآن قبل بدء طلب العلم كما نص علي ذلك الإمام ابن تيمية ، أما في حق طالبعلم القراءات فإن حفظ القرآن واجب عليه ، لأنه لا يستطيع تعلم هذا العلم إلا وهوحافظ للقرآن بإحدى القراءات أو الروايات ، ويحضرني في ذلك قول لطيف لشيخنا العلامةالدكتور محمد عيد عابدين – رحمه الله تعالى - : إن تعلم القراءات دون حفظ القرآن هوكما يقال بالعبارة العامية " كمن يضرب الهواء دُوكُو " استبعادًا منه رحمه الله أن يتعلم أحد القراءات دون أن يكون حافظا للقرآن ، وكمرأينا مَن تخرج من معاهد القراءات لكنه للأسف نسيها ولم يبق معه إلا حفظ القرآن ،فانظر إلى بركة هذا العلم الذي إن حُفظ فهو نافع وإن أُنسي أبقى لك حفظ القرآن ،وتعجَّبْ من مدى نفعه حال حفظه وحال نسيانه ، وإذا كان رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " نضر الله امرؤا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعهافرب حامل فقه غير فقيه " يُعلم منه أن من حفظ الحديث النبوي ونقله إلى الأمةله بركة هذا الدعاء وإن كان لا يفقه ما حفظه ، فإن هذا في حق حافظ القرآن أولى ، إذإن القرآن هو معجزة رسول الله
الدائمة إلى يوم الدين .
وقد قال الإمامابن الجزري في فوائد علم القراءات من كتاب " النشر " ( ج 1/ص 52 ) : وأما فائدة اختلافالقراءات وتنوعها فإن في ذلك فوائد غير ما قدمنا من سبب التهوين والتسهيل والتخفيفعلى الأمة .
ومنها : ما فيذلك من نهاية البلاغة وكمال الإعجاز وغاية الاختصار وجمال الإيجاز ، إذ كل قراءةبمنزلة الآية إذ كان تنوع اللفظ بكلمة تقوم مقام آيات ولو جعلت دلالة كل لفظ آيةعلى حدتها لم يخف ما كان في ذلك من التطويل .
ومنها : ما فيذلك من عظيم البرهان وواضح الدلالة ، إذ هو مع كثرة هذا الاختلاف وتنوعه لم يتطرقإليه تضاد ولا تناقض ولا تخالف ، بل كله يصدق بعضه بعضًا ويشهد بعضه لبعض على نمطواحد وأسلوب واحد وما ذاك إلا آية بالغة وبرهان قاطع على صدق ما جاء به صلى اللهعليه وسلم .
ومنها : سهولةحفظه وتيسير نقله على هذه الأمة ، إذ هو على هذه الصفة من البلاغة والوجازة فإنه منيحفظ كلمة ذات أوجه أسهل عليه وأقرب إلى فهمه وأدعى لقبوله من حفظه جملاً من الكلامتؤدي معاني تلك القراءات المختلفات لاسيما فيما كان خطه واحدًا فإن ذلك أسهل حفظًاوأيسر لفظًا .
ومنها : إعظامأجور هذه الأمة من حيث إنهم يفرغون جهدهم ليبلغوا قصدهم في تتبع معاني ذلك واستنباطالحكم والأحكام من دلالة كل لفظ واستخراج كمين أسراره وخفي إشاراته وإنعامهم النظروإمعانهم الكشف عن التوجيه والتعليل والترجيح والتفصيل بقدر ما يبلغ غاية علمهمويصل إليه نهاية فهمهم { فاستجابَ لهم ربهم أنِّي لا أُضيعُ عملَعاملٍ منكم من ذكرٍ أو أُنثى } [ آل عمران : 195 ] .
ومنها : بيانفضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم من حيث تلقيهم كتاب ربهم هذا التلقي وإقبالهمعليه هذا الإقبال ، والبحث عن لفظة لفظة والكشف عن صيغة صيغة ، وبيان صوابه وبيانتصحيحه ، وإتقان تجويده حتى حموه من خلل التحريف وحفظوه من الطغيان والتطفيف ، فلميهملوا تحريكًا ولا تسكينًا ولا تفخيمًا ولا ترقيقًا حتى ضبطوا مقادير المداتوتفاوت الإمالات ، وميزوا بين الحروف بالصفات مما لم يهتد إليه فكر أمة من الأممولا يوصل إليه إلا بإلهام بارئ النسم .
ومنها : ماادخره الله من المنقبة العظيمة والنعمة الجليلة الجسيمة لهذه الأمة الشريفة منإسنادها كتاب ربها واتصال هذا السبب الإلهي بسببها خصيصة الله تعالى هذه الأمةالمحمدية ، وإعظامًا لقدر أهل هذه الملة الحنيفة وكل قارئ يوصل حروفه بالنقل إلىأصله ويرفع ارتياب الملحد قطعًا بوصله ، فلو لم يكن من الفوائد إلا هذه الفائدةالجليلة لكفت ولو لم يكن من الخصائص إلا هذه الخصيصة النبيلة لوفت .
ومنها : ظهورسر الله تعالى في توليه حفظ كتابه العزيز وصيانة كلامه المنزل بأوفى البيانوالتمييز ، فإن الله تعالى لم يخل عصرًا من الأعصار ولو في قطر من الأقطار من إمامحجة قائم بنقل كتاب الله تعالى وإتقان حروفه ورواياته وتصحيح وجوهه وقرآته يكونوجوده سببًا لوجود هذا السبب القويم على ممر الدهور وبقاؤه دليلاً على بقاء القرآنالعظيم في المصاحف والصدور . اهــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )قواعد الأحكام ( ص 32 ) .
( 2 )الترمذي ( 5/177/ح 6799 ) فيفضائل القرآن ، وقال : حسن صحيح . وأبو داود في الصلاة باب استحباب الترتيل فيالقراءة ( 2/74/1464 ) .
( 3 )قال في " النشر " ( ج 1/ص 52 ) : إذ كل قراءة بمنزلة الاية . 1هــ
وفيتفسير " فتح القدير " للشوكاني ( ج 1/ص 226 ) ، لقد تقرر أن القراءتين بمنزلةالآيتين فكما أنه يجب الجمع بين الآيتين المشتملة إحداهما على زيادة العمل لتلكالزيادة كذلك يجب الجمع بين القراءتين . اهــ
فاتضح من ذلك : أن القراءة بمنزلة الآية، وبالتالي يزداد عد الآيات بزيادة القراءات .
( 4 )البخاري ( 5207 ) عن عثمان .
( 5 )الترمذي ( 5/459/ح 3377 ) عنأبي الدرداء في الدعاء باب ما جاء في فضل الذكر ، وابن ماجه ( 2/192/ح 6799 ) فيالأدب باب فضل الذكر .
( 6 )انظر : " فتحالباري " ( ج 3/ص 611 ) .
( 7 )صحيح مسلم شرح النووي ( ج 18/ ص 100 ) .
( 8 )كتاب " الحث على التجارة والصناعة والعمل " للخلال ( ص4 ) .
( 9 )صحيح مسلم شرح النووي ( ج 12/ ص 233 ) .
( 10 )مسلم كتابالذكر ( باب 41 ) .
( 11 )صحيح البخاريشرح ابن حجر ( ج 9/ص 79 ) .
( 12 )سنن أبو داود كتاب الأدب حديث ( 4800 ) .
( 13 )قواعد الأحكام ( ص 28 ).
( 14 ) ابن ماجه حديث رقم ( 215 ) ، وقال في الزوائد : إسناده صحيح .
( 15 )كتاب المسافرين حديث ( 253 ) .
( * )تم نقل الموضوع من :
كتاب : أجوبة القراء الفضلاء ( أسئلة شائعة وأجوبة نافعة في علم القراءات ) .
تأليف : الشيخ إيهاب فكري مدرس القرآن والقراءات بالمسجدالنبوي
وددت لو أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا،
فإنه ما أتى على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك.
قال ابن القيم/ مفتاح دار السعادة
فالمحب الصادق يرى خيانة منه لمحبوبه ان يتحرك بحركة اختيارية في غير مرضاته ,وإذا فعل فعلا مما ابيح له بموجب طبيعته وشهوته تاب منه كما يتوب من الذنب ,ولا يزال هذا الأمر يقوى عنده حتى تنقلب مباحاته كلها طاعات, فيحتسب نومه وفطره وراحته كما يحتسب قومته وصومه واجتهاده ,وهو دائما بين سراء يشكر الله عليها وضراء يصبر عليها فهو سائر إلى الله دائما في نومه ويقظنه.
قال بعض العلماء الاكياس عاداتهم عبادات الحمقي والحمقى عباداتهم عادات
وقال بعض السلف حبذا نوم الأكياس وفطرهم يغبنون به سهر الحمقى وصومهم
فالمحب الصادقان إن نطق نطق لله وبالله ,وان سكت سكت لله وان تحرك فبأمر الله وان سكن فسكونه استعانة على مرضات الله فهو لله وبالله ومع الله
؛؛؛وبعد هذه المقدمة؛؛؛
هل سأل أحد منا نفسه لماذا أدرس علم القراءات؟
وما هي نيتي في دراسة وتلقي هذا العلم؟
أم هو التقليد؟ وأنه مجرد تَشَهِّي لطلب هذا العلم؟
وإن كان جوابك على هذا السؤال لا أدري، وأنني وجدت جماعة يدرسون فدرست معهم ووجدته شيئا ممتعا يُشغل الوقت فسلكت هذا الطريق!!!
فعلى كل واحد منا أن يقف مع نفسه ويخلص النية ويسأل نفسه مجددا:::لماذا أدرس علم القرءات:::
ومن المعلوم "أن لكل إمري ما نوى" وأن النِّيات تجارة العلماء؛ فقد وفقني الله لأنقل لكم هذا البحث القيم
للشيخ إيهاب فكري مدرس القرآن والقراءات بالمسجدالنبوي
وفيه تحدث الشيخ عن فضل علم القراءات؛؛؛
وإليكم البحث:
فــــــضــــــلعــــــلــــــم الــــــقــــــراءات :
1 :: اعلم – بارك الله فيك – أنالعبادات التي فيها إجلال لله تعالى وتعظيمه أعظم من غيرها كما ذكر ذلك سلطانالعلماء العز بن عبد السلام ، ومن هذا الباب تفضيل التسوك للصائم على إبقاء رائحةالفم التي وصفها رسول الله
2 :: إن في تعلم القراءات بيان فضلرسول الله
3 :: وفيه كذلك بيان فضل الله تعالىعلى هذه الأمة في إنزاله القرآن بأكثر من حرف ، لأن هذا لا يتبين ولا يتضح إلابمعرفة القراءات وممارستها ، ويتبين منه كذلك كيف سهل الله تعالى على كل قبائلالعرب تلقيه ونطقه بلهجاتهم دون الانتقال للهجات أخرى تحتاج لتدريب وتمرين قد لايطيقه الشيخ الكبير والمرأة العجوز ، ومن تلك اللهجات التسهيل والإمالات والتفخيموالترقيق ونحو هذا مما يفهمه القراء خير الفهم ولا يتصور غيرهم مدى مشقته وصعوبتهوحاجته للتمرين .
4 :: إن مما يفيده جمع أحاديث رسولالله
5 :: إن قوله
6 :: إن قوله
وفي كتاب " النشر " للحافظ ابن الجزري ( ج 1/ص 4 ) عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني سألتسفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرئ القرآن ، فقال : يقرئ القرآن . إنالنبي
7 :: إن من أفضل ما يشغل الوقت هوذكر الله ، وأفضل الذكر هو تلاوة القرآن ولا يتذوق بركة ذلك على التمام والكمال إلامن تعلم القرآن والقراءات ، فعن أبي أمامة
8 :: لم يبق من العلوم المنقولةبسند التلقي كما كان على عهد السلف إلا هذا العلم فإنه لا يعطى السند فيه – عند أهلالتقوى والضبط – إلا للمتمكن وقد يقرئ الشيخ تلميذه عدة مرات حتى يطمئن لإعطائهالسند ، بل قد يقرئه عدة مرات ثم لا يعطيه سندًا ولا يجيزه ، لأنه في نظره لم يتقن، أما غير علم القراءات من العلوم في عصرنا فالسند يعطى فيه لأي أحد سواء كانضابطًا أم لا إلا عند القلة .
9 :: ورد في الحديث الشريف قوله صلىالله عليه وسلم لعائشة : " أجرك على قدر نصبك " ( 6 ) وهذا العلميحتاج لجهد جهيد حتى يبرز فيه الإنسان ، ولا يغتر بكثرة الحاملين لشهادات رسميةفأغلبهم عند التحقيق لا يتقنه وكثير منهم يقر بهذا ، وذلك لأنه يحتاج لمشقة فيتحصيله ومشقة أكبر في المحافظة عليه ، ولا يفهم كلامي هذا على الوجه المطلوب إلا منطلب هذا العلم ، لأن الجهد المبذول فيه لو بذل في علم آخر لأصبح الإنسان فيه منأكبر العلماء ، ويكفي أن تعلم أنه حتى تتقن القراءات الموجودة في زماننا تحتاج لحفظأكثر من ثلاثة آلاف بيت منظوم ، وأما من اكتفى بالشاطبية فيحتاج لحفظ أكثر منخمسمائة وألف بيت بما فيه الشاطبية ومتن في الرسم ومتن في عد الآيات ولو كان هذا فيعلم آخر لعظم الإنسان فيه جدًا .
10 ::اعلم أن القائم بفرضالكفاية يرفع الحرج عن الأمة كلها وهذا العلم لم يسد كفايته المسلمون ، فقد تجد عدةبلاد وقرى وليس فيها من يُقرئ الناس ، أو تجد البلد الكبير والعاصمة الضخمة وليسفيها من يَقرئ بالطيبة بالقراءات العشر الكبرى على وجهها ، فالانتداب لتحصيل هذاالعلم فيه رفع حرج كبير عن المسلمين ونفع عظيم لأبناء هذه الأمة المصطفاة .
11 :: من أعظم فوائد هذا العلم أنهيعين على تجريد القصد إذ إن مجال الشهرة فيه محدود وهذا مشاهد في علمائه فكم منالمسلمين يعرفون شيئًا عن الداني أو الشاطبي أو ابن الجزري فضلاً عن الأزميريوالمتولي مقارنة بما يعرفون عن علماء الفقه أو الحديث كالنووي وابن حجر والغزاليفضلاً عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك ، مع أن المجهود المبذول فيه لا يقل إن لم يزدعن هذه العلوم ، وطلب الخفاء ممدوح كما ورد في الحديث : " إنالله يحب العبد التقي الغني الخفي " ( 7 )وكما ورد في كلام الفضيل بن عياض حيث قال : " علامة الزهد في الناس إذا لم يحب ثناء الناس عليه ولم يبال بمذمتهم، وإن قدرت ألا تعرف وما عليك ألا تعرف فافعل وما عليك ألا يثنى عليك " ( 8 ) فإن استطعت ألاتعرف فافعل ويزيد من هذه الفائدة أن كثيرًا من المسلمين في عصرنا يزهِّدون في علمالقراءات ويقللون من شأنه والله المستعان .
12 :: تميز عصرنا هذا بكثرة المصائبوالفتن التي وقعت بالمسلمين تحقيقًا ، لقوله
13 :: من أهم فوائد علم القراءات حفظاللغة فإن اللغات المختلفة كالإمالة والتسهيل والترقيق والتفخيم والإشمام وصفاتحروف اللغة العربية ليس لها إسناد متواتر إلى قبائل العرب الأولى إلا من خلال علمالقراءات ، وإذا كان أهل النحو واللغة لا يعتمدون في نقلهما إلا على القرون الأولىحتى مائتين أو ثلاثمائة سنة من الهجرة لاختلاط القبائل العربية بالعجم وتأثرفصحاتهم بذلك فإن علم القراءات أبقى هذه اللغات منقولة مشافهة من الشيخ إلى تلميذهحتى زماننا هذا ، ولا تستطيع أن تتحقق من التسهيل والإشمام التي هي لغات بعض العربإلا من خلال القراء وهلم جرا .
14 :: بعد أن أنعم الله عليَّ بتعلمعلم القراءات أقرر لك أنه لا يشغل وقت الإنسان حتى في أموره الحياتية وأثناء طعامهوشرابه وقبل نومه مثل هذا العلم لمن أراد أن يبرع فيه ، فتجد الإنسان مشغولاً جميعوقته به ويصل به حبه الدائم لسماع القرآن وقراءته إلى أن يتبين له معنى قوله صلىالله عليه وسلم : " إنه ليغان على قلبي " ( 10 ) فالقارئوالمقرئ إذا شغل يومًا أو نحوه عن القرآن شعر بحاجة شديدة له تفوق حاجة الظامئللماء ، والجائع للطعام ، والساهر للنوم ، وكفى بهذا فضلاً وشغلاً لحياة الإنسان ،فهذا بدلاً من أن يشغل نفسه بذم الناس وذم الزمان الذي يحيا فيه كما هو شغل كثير منالناس وهو ذم لا يفيد في الغالب إلا ضياع الوقت لأنه لا يترتب عليه شيء .
15 :: علم القراءات علم عملي لابد لهمن تطبيق وليس هو أفكارًا للتأمل واجتهادات قابلة للصواب والخطأ يضيع فيها الوقت ،وكم قرأنا في بداية سلوكنا في درب الدين المؤلفات القائمة على اجتهادات وتصوراتلأناس بعضهم ليس له أن يجتهد أو أن يتصور ، وعليه فإن هذا العلم هو من خير العلومإذ يدعو إلى العمل سواء بالقراءة أو الإقراء أو تطبيق كتاب الله تعالى .
16 :: هذا العلم من أفضل ما يعين علىتنفيذ أمره
17 :: تتضح علاقة التلميذ بشيخه فيأسمى معانيها في هذا العلم الجليل فكما ذكر بعض الفضلاء أن الإنسان يذكر من علمه أيعلم بخير وثناء ولكنه يخص من علمه القرآن بالكثير من الذكر والثناء والشكر ولا يدرككلامي هذا إلا من درس على المشايخ هذا العلم فإنما بين الطالب وبين شيخه من الحبودوام الصلة ما ليس في غيره .
18 :: القرآن دواء كما قال الإمامالشاطبي :
( ونقل قرآنوالقرآن دواؤنا ) فالقرآن يعالج كثيرًا من آفات القلب واللسان ومن اهتم لقراءاتهوروايته هو أكثر سماعًا وقراءة له من غيره ، فتجد الإنسان قبل الانشغال بهذا العلميضيع وقته في الجدال في المسائل الفقهية وغيرها وتطويل الكلام في ذلك ، أما بعدالانشغال بهذا العلم فإن اجتناب ذلك هو المقصد ، إذ إن الوقت لا يتسع وعظائم الأمورأهم بالطلب من الانشغال بصغار المسائل ، كما أن فيه أيضًا التزام بقوله صلى اللهعليه وسلم فيما رواه أبو أمامه
19 :: إذا نظر المصنف في كيفية تلقيالقراءات علم أنها أدق طريقة للتلقي فإن جمهور القراء لا يجيزون تعلمها إلا بالعرضمن الطالب على الشيخ حرفًا حرفًا ثم يجيزه الشيخ ، ولا يتحقق هذا في غيره من العلومخاصة في زماننا هذا الذي قد تجد فيه من يتصدر في بعض العلوم الشرعية وليس له شيخأصلاً ، بل يصوب ويخطئ ويصحح ويزيف ويقعد القواعد العامة والخاصة وهو صحفي لم يتلقعن أحد ، وهذا لا تكاد تجده في القراء بل إن من القراء من أفنى أكثر من ثلاثينعامًا في هذا العلم لكنه لم يهتم أن يحصل على إجازة أو نسي ذلك فتراه في حرج شدد منهذا ويسعى جاهدًا لتحصيل إجازة وإسناد تحقيقًا لطريقة السلف في التلقي عن الشيوخ .
20 :: من ألطف ما استفدت به في هذاالعلم مجادلة أهل البدع خاصة منكري السنة ،ولعلك تعجب من هذا ، فقد التقيت بأحدمنكري السنة بالقاهرة وهو ينكر علم الحديث جملة بدعوى أن الأحاديث تتعارض وفيها ماهو مخالف لعقله ، وكان دائم القول : إن القرآن واحد فلذا نجتمع عليه ونترك السنة . فقلت له : لكن هناك قراءات للقرآن وهي منقولة بالتواتر ، فقد تدخل مسجدًا بالمغربفتسمع الإمام يقرأ { ملك يوم الدين } ويقرأها إمام مسجد آخر في القاهرة { مالك يومالدين } ، بل قد يصل تنوع القراءات لأكثر من هذا وضربت له أمثلة فبهت ولم يحرجوابًا فقلت : لعل من حكمة الله تعالى أن جعل علم القراءات في هذا الأمة للرد علىأمثال هؤلاء .
21 :: علم القرآن والقراءات يَدفعللاعتناء بعلوم أخرى أهمها علم التوحيد ، لأن أكثر معاني القرآن في توحيد اللهتعالى وتصديق رسله والإيمان باليوم الآخر وهو أجل العلوم ، وقد عجبت من سؤال وجهلأحد الدعاة هل تعلم القرءان أولى أم تعلم التوحيد ؟فأجاب تعلم التوحيد ، وهذا منالفصام النكد الذي حدث في المصطلحات وهل يؤخذ التوحيد إلا من القرآن والسنة علمًابأن القرآن أكثر ذكرًا لمفردات علم التوحيد ، وهل اخذ الصحابة التوحيد إلا منالقرآن .
وكذلك منالعلوم التي ارتباط وثيق بالقراءات : علم اللغة والنحو ولا يتم علم القارئ إلابتعلم النحو ولا يتم علم النحوي إلا بتعلم القراءات .
22 :: علل الإمام العز بن عبد السلامفي كتابه " قواعد الأحكام " عدم جواز إطعام مسكين واحد عشر مرات في كفارة اليمينبدلاً من إطعام عشرة مساكين بقوله : " فإن قيل : ما تقولون في من سد جوعة مسكين فيعشرة أيام ؟ هل يساوي أجره أجر من سد جوعة عشرة مساكين ، مع أن الفرض سد عشر جوعات، والكل عباد الله ، والفرض الإحسان إليهم فأي فرق بين تحصيل هذه المصالح في محلواحد أو في محال متعددة ؟ قلنا : لا يستويان ، لأن الجماعة يمكن أن يكون فيهم وليلله أو أولياء له فيكون إطعامهم أفضل من تكرير إطعام واحد . وقد حث الرب سبحانهوتعالى على الإحسان إلى الصالحين بقوله : { وَأَنكحوا الأيامى منكم والصالحينَ منعبادكم وإمائكم } [ النور : 32 ] . ومثل هذا لا يتحقق في واحد بعينه ، ولأنه يرجىمن دعاء الجماعة مالا يرجى من دعاء الواحد ، كما يرجى من دعاء المصلين على الميتإذا بلغوا أربعين مالا يرجى من دعائهم إذا نقصوا عن ذلك ، كما جاء في الحديث " ( 13 ) .
وهذا يقال فيحق القرآن والقراءات فإن المتعلم له والعالم به يخدم حفظة كتاب الله تعالى الذينقال فيهم الله سبحانه وتعالى : { بل هو ءاياتٌ بيناتٌ في صدورِ الذينَ أُوتوا العلم } [ العنكبوت : 49 ] . وقال فيهم رسولالله
23 ::علم القراءات سمة من سماتأهل السنة والجماعة ولا تجد لأحد من أهل البدع هذا الاهتمام في نقل القرآن وتلقيه ،وقد يقال ذلك في حق علم الحديث وهو مُسَلَّم به لكن أهل البدع ينكرون السنة فيالغالب ولا يستطيعون إنكار القرآن ، وهم محتاجون في نقله إلى أهل السنة وإلى أسانيدأهل السنة وكفى بهذا فخرًا لأهل السنة وميزة توضح أنهم أهل الحق .
24 :: من ضمن العلوم المتعلقة بعلمالقراءات ( علم عد آي القرآن ) وهو محتاج إليه في هذا العلم وفوائده عظيمة في الوقفوالابتداءوعلم المعانيوفيما أجرى عليه رسول الله
25 :: العلوم الشرعية متنوعة وأغلبهايحتاج إلى ملكات الحفظ وقوة الفهم والذكاء ، وقد جمع علم القراءات هاتين الخصلتين ،لكن أغلبه مما يستطيعه الحفظة مما لا يشترط فيهم قوة الذكاء والاستنباط ، وأقلهيحتاج إلى الفقه والاستنباط ، وذلك لأن مجال الاجتهاد فيه ضيق وأغلبه علم نقلي ،وهو من جهة يصلح لجمهور المسلمين فكل منهم يستطيع أن يأخذ منه ما يناسبه ابتداءًبالمفترض عليه وهو حفظ الفاتحة إلى ما هو مفترض على المسلمين على وجه أنه فرض كفايةوهو حفظ ما سوى الفاتحة ، ولتوضيح ذلك فإن علم الفقه شريف ورفيع ولكن عموم الناس لايطيقونه لاحتياجه لأدوات عديدة وملكات واسعة في الفهم والاستنباط ولذا كان الإرشادلتعليم القراءات مما يناسب جمهور الناس سواء في ذلك عامتهم وخاصتهم فهو عام النفعواسع الفائدة .
26 :: لا يخفى على أحد ما أصاب هذاالعلم من غربة خاصة في زماننا هذا بل قبله بأزمنة فقد قال الحافظ ابن الجزري فيكتاب " النشر " ( ج 1/ص 54 ) : وإني لما رأيت الهمم قد قصرت ومعالم هذا العلمالشريف قد دثرت وخلت من أئمته الآفاق ... إلخ . فإن كان هذا الكلام قد قيل منذ مايقرب من ست مائة سنة فما بالك بما آل إليه الحال الآن ، بل قد بلغت غربة هذا العلمأن صدرت الفتاوى لإخفائه عن عوام الناس ومنع بعض القراء من أئمة المساجد من القراءةبه حتى لا يؤدي ذلك لحدوث اضطراب عند العوام فكأن هذا العلم أصبح من المتشابه الذيلا ينبغي ألا يعرض على العوام ، مع أن الأولى أن يكون معروفًا منتشرًا ، لأن فيهكثيرًا من أوجه إعجاز القرآن ، وعليه فمن سعى في إزالة غربة هذا العلم في زماننابدراسته ونشره بكون قد أحيا جميع ما ذكرنا في هذا البحث من فوائده ، ومن المعلوم أنإحياء السنة فيه أجر عظيم فما بالك بإحياء كتاب الله الكريم؟!
27 ::اعلم أن طالب العلم يستحبله حفظ القرآن قبل بدء طلب العلم كما نص علي ذلك الإمام ابن تيمية ، أما في حق طالبعلم القراءات فإن حفظ القرآن واجب عليه ، لأنه لا يستطيع تعلم هذا العلم إلا وهوحافظ للقرآن بإحدى القراءات أو الروايات ، ويحضرني في ذلك قول لطيف لشيخنا العلامةالدكتور محمد عيد عابدين – رحمه الله تعالى - : إن تعلم القراءات دون حفظ القرآن هوكما يقال بالعبارة العامية " كمن يضرب الهواء دُوكُو " استبعادًا منه رحمه الله أن يتعلم أحد القراءات دون أن يكون حافظا للقرآن ، وكمرأينا مَن تخرج من معاهد القراءات لكنه للأسف نسيها ولم يبق معه إلا حفظ القرآن ،فانظر إلى بركة هذا العلم الذي إن حُفظ فهو نافع وإن أُنسي أبقى لك حفظ القرآن ،وتعجَّبْ من مدى نفعه حال حفظه وحال نسيانه ، وإذا كان رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " نضر الله امرؤا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعهافرب حامل فقه غير فقيه " يُعلم منه أن من حفظ الحديث النبوي ونقله إلى الأمةله بركة هذا الدعاء وإن كان لا يفقه ما حفظه ، فإن هذا في حق حافظ القرآن أولى ، إذإن القرآن هو معجزة رسول الله
وقد قال الإمامابن الجزري في فوائد علم القراءات من كتاب " النشر " ( ج 1/ص 52 ) : وأما فائدة اختلافالقراءات وتنوعها فإن في ذلك فوائد غير ما قدمنا من سبب التهوين والتسهيل والتخفيفعلى الأمة .
ومنها : ما فيذلك من نهاية البلاغة وكمال الإعجاز وغاية الاختصار وجمال الإيجاز ، إذ كل قراءةبمنزلة الآية إذ كان تنوع اللفظ بكلمة تقوم مقام آيات ولو جعلت دلالة كل لفظ آيةعلى حدتها لم يخف ما كان في ذلك من التطويل .
ومنها : ما فيذلك من عظيم البرهان وواضح الدلالة ، إذ هو مع كثرة هذا الاختلاف وتنوعه لم يتطرقإليه تضاد ولا تناقض ولا تخالف ، بل كله يصدق بعضه بعضًا ويشهد بعضه لبعض على نمطواحد وأسلوب واحد وما ذاك إلا آية بالغة وبرهان قاطع على صدق ما جاء به صلى اللهعليه وسلم .
ومنها : سهولةحفظه وتيسير نقله على هذه الأمة ، إذ هو على هذه الصفة من البلاغة والوجازة فإنه منيحفظ كلمة ذات أوجه أسهل عليه وأقرب إلى فهمه وأدعى لقبوله من حفظه جملاً من الكلامتؤدي معاني تلك القراءات المختلفات لاسيما فيما كان خطه واحدًا فإن ذلك أسهل حفظًاوأيسر لفظًا .
ومنها : إعظامأجور هذه الأمة من حيث إنهم يفرغون جهدهم ليبلغوا قصدهم في تتبع معاني ذلك واستنباطالحكم والأحكام من دلالة كل لفظ واستخراج كمين أسراره وخفي إشاراته وإنعامهم النظروإمعانهم الكشف عن التوجيه والتعليل والترجيح والتفصيل بقدر ما يبلغ غاية علمهمويصل إليه نهاية فهمهم { فاستجابَ لهم ربهم أنِّي لا أُضيعُ عملَعاملٍ منكم من ذكرٍ أو أُنثى } [ آل عمران : 195 ] .
ومنها : بيانفضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم من حيث تلقيهم كتاب ربهم هذا التلقي وإقبالهمعليه هذا الإقبال ، والبحث عن لفظة لفظة والكشف عن صيغة صيغة ، وبيان صوابه وبيانتصحيحه ، وإتقان تجويده حتى حموه من خلل التحريف وحفظوه من الطغيان والتطفيف ، فلميهملوا تحريكًا ولا تسكينًا ولا تفخيمًا ولا ترقيقًا حتى ضبطوا مقادير المداتوتفاوت الإمالات ، وميزوا بين الحروف بالصفات مما لم يهتد إليه فكر أمة من الأممولا يوصل إليه إلا بإلهام بارئ النسم .
ومنها : ماادخره الله من المنقبة العظيمة والنعمة الجليلة الجسيمة لهذه الأمة الشريفة منإسنادها كتاب ربها واتصال هذا السبب الإلهي بسببها خصيصة الله تعالى هذه الأمةالمحمدية ، وإعظامًا لقدر أهل هذه الملة الحنيفة وكل قارئ يوصل حروفه بالنقل إلىأصله ويرفع ارتياب الملحد قطعًا بوصله ، فلو لم يكن من الفوائد إلا هذه الفائدةالجليلة لكفت ولو لم يكن من الخصائص إلا هذه الخصيصة النبيلة لوفت .
ومنها : ظهورسر الله تعالى في توليه حفظ كتابه العزيز وصيانة كلامه المنزل بأوفى البيانوالتمييز ، فإن الله تعالى لم يخل عصرًا من الأعصار ولو في قطر من الأقطار من إمامحجة قائم بنقل كتاب الله تعالى وإتقان حروفه ورواياته وتصحيح وجوهه وقرآته يكونوجوده سببًا لوجود هذا السبب القويم على ممر الدهور وبقاؤه دليلاً على بقاء القرآنالعظيم في المصاحف والصدور . اهــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )قواعد الأحكام ( ص 32 ) .
( 2 )الترمذي ( 5/177/ح 6799 ) فيفضائل القرآن ، وقال : حسن صحيح . وأبو داود في الصلاة باب استحباب الترتيل فيالقراءة ( 2/74/1464 ) .
( 3 )قال في " النشر " ( ج 1/ص 52 ) : إذ كل قراءة بمنزلة الاية . 1هــ
وفيتفسير " فتح القدير " للشوكاني ( ج 1/ص 226 ) ، لقد تقرر أن القراءتين بمنزلةالآيتين فكما أنه يجب الجمع بين الآيتين المشتملة إحداهما على زيادة العمل لتلكالزيادة كذلك يجب الجمع بين القراءتين . اهــ
فاتضح من ذلك : أن القراءة بمنزلة الآية، وبالتالي يزداد عد الآيات بزيادة القراءات .
( 4 )البخاري ( 5207 ) عن عثمان .
( 5 )الترمذي ( 5/459/ح 3377 ) عنأبي الدرداء في الدعاء باب ما جاء في فضل الذكر ، وابن ماجه ( 2/192/ح 6799 ) فيالأدب باب فضل الذكر .
( 6 )انظر : " فتحالباري " ( ج 3/ص 611 ) .
( 7 )صحيح مسلم شرح النووي ( ج 18/ ص 100 ) .
( 8 )كتاب " الحث على التجارة والصناعة والعمل " للخلال ( ص4 ) .
( 9 )صحيح مسلم شرح النووي ( ج 12/ ص 233 ) .
( 10 )مسلم كتابالذكر ( باب 41 ) .
( 11 )صحيح البخاريشرح ابن حجر ( ج 9/ص 79 ) .
( 12 )سنن أبو داود كتاب الأدب حديث ( 4800 ) .
( 13 )قواعد الأحكام ( ص 28 ).
( 14 ) ابن ماجه حديث رقم ( 215 ) ، وقال في الزوائد : إسناده صحيح .
( 15 )كتاب المسافرين حديث ( 253 ) .
( * )تم نقل الموضوع من :
كتاب : أجوبة القراء الفضلاء ( أسئلة شائعة وأجوبة نافعة في علم القراءات ) .
تأليف : الشيخ إيهاب فكري مدرس القرآن والقراءات بالمسجدالنبوي
************************************************** ****************
نفعنا الله وإياكم بهذا البحث الرائع، جزى الله بالخيرات عنا فضيلة الشيخ ورفعه في الدارين.
نصيحة:::إن كنت/ي ممن يطلبون هذا العلم؛ فاطبع هذه الفوائد وضعها عندك حتى يسهل عليك استحضار هذه النيات قبل أن تُقبل على حضور حلقة القراءات.
وعلى قدر ما نويت يكون أجرك عند الله عزوجل "وإنما لكل امريء ما نوى".
وسامحوني على الإطالة.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع