ام عبد المولى
مراقب عام
- إنضم
- 26 سبتمبر 2012
- المشاركات
- 2,741
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المغرب
- احفظ من كتاب الله
- الجزء الخامس
- احب القراءة برواية
- ورش
- القارئ المفضل
- الشيخ الحصري
- الجنس
- اخت
تحاول دراسات كثيرة, منذ خمسين سنة، فهم طبيعة الوظيفة الإدراكية عند الطفل, وكيفية تطويرها. بمعنى آخر, الطريقة التي يتعلم بها وينمي وينظم ما اكتسبه من معارف.
حازت مؤخرا مقدرات الصغار اليافعين على اهتمام الباحثين, وأذهلت من انكب على دراسة نتائجها.
أطفالنا باختصار شديد, يتمتعون بقدرات ومواهبه ونضج مبكر. ويهتمون بالحياة، أكثر مما كنا نعتقد حتى الآن.
بعد تلك الاكتشافات راح كل شخص ينظر إلى الأطفال من منظار جديد.
الفكرة الأساسية وراء ذلك كله, هي إثبات أن الطفل ليس فقط كفوء, بل أيضا بكل لعبة يمكن أن تحرك قدراته وتساعده على تطوير ما اكتسبه من معلومات.
كيف نساعده على تنمية مقدراته الفكرية
الغرض الأول من الألعاب التي نقترحها, فضلا عن اللهو الجماعي, مواكبة نمو ذكاء الطفل. فإن أداء أية وظيفة فكرية يصبح أكثر فعالية من التحفيز والممارسة.
لا نقصد التشديد على الوظائف الفكرية , ولا على تشجيع الولد ليسبق سنه . هذه الأفكار ليس دليلاً يعلمكم كيف تحولون ولدكم إلى نابغة صغير . لكن ذلك لا يعني أن عليكم اعتماد موقف سلبي ، في مواجهة نمو الطفل الفكري ، وانتظار أن يتقدم بنفسه بدون مساعدة . كلما ساهمتم بتنويع ردات فعل ذكائه التلقائية والطبيعية , كلما زادت إمكانياته وتعمقت رغبته باكتساب المزيد .
يجب أن نذهب في تعليمه إلى أبعد من الحقائق ، إلى كيفية الاكتساب والإبداع واللعب بنشاطه الفكري . إن ترسيخ أسس تركيبة فكر الطفل ، لا يمكن إلا أن يزيد قوة البناء الذي سيرتكز عليه في المستقبل .
التربية من هذا المنظار لا تهدف إلى صنع أطفال عباقرة ، بل إلى تربيتهم في جو دافئ ومشجع ، حيث تأخذ العملية الفكرية مكانها الطبيعي . هذه العملية متعددة الأوجه .
الذكاء برأينا ليس قيمة بسيطة , ذات وجه واحد يرثها البعض دون غيره . إنه مقدرة مركبة ومتنوعة , تتألف من عناصر عدة . يشعر كل الأطفال على حد سواء برغبة في التعلم والاكتشاف . إنه فضول فكري كبير , بل ميل إلى النمو والتقدم , وإحساس بالجهد عندما يقصد من بزوغ الهدف . تلك هي القواعد التي نرتكز عليها فيما نقترح أن تفعلوه مع أولادكم . تلك الميزات يجب أن تصان وتطور , ومن الأفضل أن يتم ذلك في جو ممتع . وهل من شيء يضاهي متعة اللعب معاً .
لكل ذكاؤه الخاص
ثمة قواسم مشتركة بين الأطفال في طور النمو , وهي مرتبطة بالنضوج الجسمي والنفسي . لكن إذا استطعنا أن نجزم أن الطفل سيجلس قبل أن يمشي , فلا أحد يمكنه أن يعلم متى سيحصل هذا أو ذاك . فكل طفل يختلف كثيراً عن الآخر , وما من طفل يشبه طفلك شبهاً تاماً .
تختلف وتيرة اكتساب المعلومات من طفل إلى آخر أيضاً . ومن هذا المنطلق نشأت صعوبة التوصل إلى الجميع . من الطبيعي جداً أن ينطق بعض الأطفال قبل آخرين . لكن هؤلاء بدورهم قد يتمكنون من العد إلى العشرة في سن أبكر .
نقدم في هذه الأفكار اقتراحات لأعمار قد لا تناسب ربما سن طفلك . فمن حق الطفل ألا يهتم للعبة ما . أو يفضل لعبة أخرى حتى لو لم تكن تناسب سنه . المتعة في اللعب معاً هي الأهم .
عوض التوتر في السيارة أو الملل في الحديقة العامة , يستحسن أن نجد له نشاطاً ترفيهياً ينمي قدراته أيضاً . تتغير وتيرة الاكتساب ومراحله بشكل كبير . نستطيع أ نميز أنواعاً من الذكاء تختلف باختلاف الأولاد . الأمر المؤكد هو أن ما من طفل يفتقر إلى الذكاء .
دور البيئة
يلعب عامل الوراثة دوراً كبيراً في الذكاء . وكذلك البيئة التي ينمو فيها الطفل . وتبين أن التجارب المتعددة والتنبيهات المتنوعة والبيئة الودودة تساعد بشكل كبير على نمو قدرات كل طفل . لطالما تردد على مسامعنا ( كل شيء يتقرر ) قبل هذه السن أو تلك . في الواقع لا شيء يعتبر نهائياً , لكن السنوات الأولى تلعب دوراً رئيساً في نمو الطفل . لا ينبغي الاستهتار بما يمكن أن نقوم به مع الطفل , لنساعده على بناء قواعد راسخة للمستقبل .
ينمو الدماغ بسرعة أكبر كلما كان الولد يافعاً , ويكتمل نموه هذا قبل أن يدخل المدرسة الابتدائية . العمليات الفكرية الكبرى ومركبات الفكر , أي الطريقة التي ينظم فيها الطفل معارفه ويستخدم بها ذكاءه , ذلك كله , يكتمل في سن السادسة . لذا يبدو أن نوع التجارب الأولى وعددها هما أساس تطور الفكر في المستقبل . لا يجب إذن أن ينسى الأهل والمربون , أن بإمكانهم , عن طريق اللعب , أن يزودوا الطفل بآليات تفكير , وابتكار وتعلم . تلك العملية كلها تنشط الذكاء , وأهمها بالغة في هذه المرحلة وفي المستقبل أيضاً .
اللعب والتعلم
الطفل ينمو ويتعلم عن طريق اللهو , ولا يميز بين اللعب والتعلم . كما يتعلم أيضاً حين يعمل على الأشياء أو الأفكار التي يريد معرفتها . لهذا السبب يشعر الطفل بحاجة ورغبة للحركة الدائمة . ذكاؤه ينمو إذا ما ربط بين حركاته الجسمية والفكرية , وكررها مراراً . لأجل هذا تهدف ألعابنا أولاً إلى المتعة باللهو معاً والعمل والتدريب وثانياً إلى توفير ظروف تسمح بتطوير إمكانيات كل طفل .
يحتل اللعب مكانة أساسية في نمو الطفل . إنه الدليل الأهم على صحته الجسدية والنفسية والفكرية . إنه يحبك الروابط المتينة وينمي الروح المرحة . يعتبر اللعب الطريق الفضلى للتعلم , لأن الطفل يكتسب بدون مجهود وبدون أن يدرك . إضافة إلى المتعة التي يمنحها , يسمح للطفل باستعمال جسمه وحواسه . ويعطيه فرصة ليكتسب عدداً كبيراً من المعلومات وليتمرن بشكل فعال .
يتعلم الطفل عن طريق اللعب , التركيز واحترام الآخر . كما يكون مخيلة واسعة ويطورها وينظم بنيتها . على الوالدين أن يؤمنا لولدهما جواً ترفيهياً , ويوفروا لهم فرصة للاختيار , وأن يتفرغا له قدر الإمكان .
يتملك الأطفال كلهم رغبة كبيرة باللعب والتعلم , لكنهم يرغبون أكثر بصحبة البالغين . كل ما يريده الطفل هو أن يهتم البالغ لأمره , ويمنحه بعضاً من وقته وعطفه . عندما تلعبون مع الطفل تمنحونه هذا كله . يتقدم الطفل ويتعلم ما دمنا وفرنا له الحافز الدائم .
ويبقى الحافز قوياً إذا ما نطلبه منه على مستواه . وإذا لم ننسى فل كل مرة أن نثني على جهوده ونشجعه . معنى ذلك أنه يجب أن نعرض على الطفل نشاطات يستطيع النجاح فيها ، ويشعر فيها بالارتياح . وإذا تصرفنا خلاف ذلك , وضعناه في موقف حرج , أو حتى جعلناه يفشل , فنحصل على نتيجة معاكسة لما كنا نريده : ينغلق الطفل على ذاته ويفقد ثقته ويرفض أن يتعلم معنا مجدداً . أما إذا نجح فيجب أن نهنئه ونفخر به حقاً , فبذلك يزيد حافزه قوة ويجعله يرغب بأن يعطي المزيد .
دور جو البيت
في دراسة أجريت على السلوك التربوي الذي اتبعه أهل بعض المتفوقين , الذين لمعوا كل في مجاله , لاحظ المراقبون القواسم المشتركة في التربية . ووجد الباحثون فعلاً بعض الخصائص : ترعرع الأولاد منذ نعومة أظافرهم في محيط غني استطاعت فيه إمكانياتهم أن تنمو , فانطلقوا إلى اكتشاف العالم المحيط بهم . أدرك أهلهم أن أي تعليم لا بد أن يمر عبر اللعب والمتعة , لذلك راحوا يشجعون أولادهم فيظهرون هم أنفسهم فضولاً وتحفزاً . كما تركوا لأولادهم حرية اختيار ما يثير اهتمامهم وأبدوا انفتاحاً كبيراً حيالهم .
وفر كل ذلك جواً عائلياً مفعماً بالإثارة والاحترام والدفء.
حين نجعل الولد يلعب , نعطيه أكثر من الفرص الفكرية , فقد لا حظنا أن هناك إمكانية كبيرة أمام الأهل والمربين للمساهمة والمشاركة في نمو ذكاء الولد . أصبحت طرق العمل والتصرفات الضرورية لهذا النمو معروفة الآن . لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد , فالناحية العاطفية تضاهي ذلك أهمية .
الشعور بالالتزام والمشاركة يخلق روابط وثيقة وحميمة , مما يؤدي إلى ارتباط أوثق بالولد .
بالإضافة إلى اللهو والإثارة اللذين توفرهما هذه الألعاب , فهي تسمح بمراقبة الطفل عن كثب . تطلعنا على أذواقه , ومباهجه , ومواطن قوته , مما يسمح بتربيته ومنحه إحساساً بالأمن الداخلي والحنان الواعي الضروريين لنموه .
نحن واثقون من أن هذه الطريقة الجديدة في ربط اللعب بالوعي , تنشئ عادات تشكل فرصاً حقيقية لمستقبل الولد , وتثبت قدميه في مشروع التفتح العام , الذي يحتل فيه ذكاء القلب مكانة خاصة جداً .
عناصر النمو العقلي
يفكر الولد ويفهم العالم المحيط به , بطريقة مختلفة عن طريقة البالغ . وكلما كان صغيراً كلما زاد هذا الاختلاف . لكنه يكتسب تدريجياً ، أثناء نموه , تلك البنى العقلية الناضجة . ندين لبياجية بالكثير ، لأنه كان من أوائل من قالوا بتطور ذكاء الطفل تدريجياً , في مراحل متلاحقة من عمرة , يعتبر بياجية أن فكر الطفل حالة خاصة من التكيف البيولوجي , تشرح نموه أربعة عناصر أساسية :
_ العنصر الأول هو النضوج . يولد الطفل مزوداً ببعض الإمكانيات , التي يقال إنها انعكاسية أي غير إرادية , وهي لا تحتاج أي تدريب , ويختفي معظمها مع الوقت كما يولد مزوداً أيضاً ببعض الإمكانيات الكامنة التي تتجلى مع نضوج الجهاز العصبي .
إن تنوع المناسبات التي تمرن فيها هذه القدرات هو الذي يحدد إمكانية تنميتها كلياً.
_ العنصر الثاني هو الاختبار المادي: معنى ذلك أن على الطفل أن يحتك بمحيطه، بالأشياء والأماكن، والأشخاص،إلخ.. لكي ينو فكرياً. عن طريق التعاطي مع كل ذلك، يتعلم الولد أن يحدد موقعه، ويميز بين الاعتيادي والمختلف، ويفهم نتيجة ما فعله.
ربما كانت قواعد الفكر العلمي والمنطقي تنشأ في هذه المرحلة.
_ العنصر الثالث هو النقل الاجتماعي: إن اكتشاف الطفل لمحيط به لا يعلمه كيف يتكلم ويلعب ويغتسل. تلك العادات البسيطة التي تؤلف نظام اليومية وتختلف من بلد إلى آخر، بل ومن عائلة إلى أخرى فكل حضارة لها موسيقاها وقيمها وقواعد اللياقة الخاصة بها.
إنه جو متكامل يترعرع فيه الطفل ، ولا يمكننا الاستهتار بما يكتسبه منه.
العنصر الرابع والأخير هو الضبط الذاتي: يولد الأطفال وفي داخلهم قوة تقودهم نحو التأقلم الفكري، الذي يستحسن أداؤه بشكل مطرد، فينتقلون من البسيط إلى المركب، ومن الغرض الحقيقي إلى رمزه، ومن الحسي إلى المجرد . ويشرح لنا مفهوم الـتأقلم كيفية حصول تلك العملية. إنها عملية توازن داخلي، تضبط دائماً معارف الطفل حتى يضيف إليها اختباراته الجديدة. يقوم المنهج الفكري الأول على ربط التجربة الجديدة بأشياء أو أنواع يعرفها الطفل، بهدف تحديدها أو توسيعها. وإذا استحال عليه ذلك، يبتدع فئات فكرية جديدة. لا يمكن تطوير المفاهيم الجديدة إلا إذا أخذ الطفل الوقت الكافي لاستيعاب المفاهيم القديمة. في ما يلي على ذلك:
تعرف (ألين) الكلاب، وتعتبر كلباً كل حيوان حتى لو كان مختلفاً. لكنها لم تر أبداً كلاباً كبيرة، في المرة الأولى ستبحث عن قواسم مشتركة بين هذا الحيوان الجديد والحيوانات التي تعرفها حتى الآن. لكن إذا استحال ذلك وحصل أن رأت في حديقة الحيوان مثلاُ، ذئباً أو ضبعاً أو أي حيوان آخر، فستكون في ذهنها فئة جديدة.
مراحل النمو
إن معرفة هذه الآليات الفكرية ، ونمو فكر الطفل المميز بحسب سنه، أمر بالغ الأهمية لمن يريد اقتراح نشاطات تناسب كل طفل وتسهل نموه الفكري . كلما كانت الألعاب التي تقترحونها على طفلكم، مثيرة لاهتمامه وملائمة لمستواه الفكري، كلما أصبحت حياته غنية. إهمال هذه المعرفة يمكن أن يقود إلى اقتراح نشاطات إنا ستصيبه بالإحباط أو تجعله يمل. بل فضوله أيضاً، ورغبته بالاستكشاف، ومنطقه وقدرته على الحكم وروحه المرحة وتأقلمه مع محيطه اليومي.
في ما يلي المراحل الأولى التي يمر بها الطفل:
المرحلة الأولى التي حددها بياجيه تغطي السنتين الأولى والثانية من حياة الطفل. الذكاء الذي يدعى حينها (حسي – حركي) sensori- motrice يُكتسب حكماً بالحواس والجسم. ويكتشف الطفل العالم بالأدوات التي أعطيت له. يكتسب عادات وإمكانية التعرف على الأشياء والأشخاص، وطرق التصرف. يندمج الطفل تدريجياً بمحيطه وتصبح تصرفاته متعمدة. يطور الطفل بسرعة ذكاء عملياً.
وكلما سمح محيط الطفل له بالاختبار والتجربة كلما زاد نمو هذا الذكاء.
يلي تلك المرحلة، مرحلة تمهيدية ، تلازم الطفل حتى سن السادسة أو السابعة. في هذه المرحلة يركز الولد أكثر ما يركز على تقليد الآخرين ويجسد ما يعيشه من خلال ألعاب رمزية. يتابع الطفل استكشافه وتجاربه، لكنه يطرح أسئلة ، ويضع فرضيات ويتعلم عن طريق المراقبة وتقليد كل ما يراه. لا يحلل إلا قليلاً ولا يعلق أهمية على التفاصيل إلا إذا لفتنا نظره إليها. لكنه يميل أكثر إلى مراقبة الحالات والحكم عليها بشكل عام. لا يتأثر الطفل في هذه السن تأثراً كبيراً بمنطق البالغين، ويعتبر الحيوانات والأشياء الجامدة حية.
خياله واسع جداً لكنه لا يفرق كثيراً بين العالم الواقعي والعالم الخيالي.
يجتاز الطفل حتى سن الحادية عشرة، مرحلة تدعى عملية واقعية. تنتهي مركزية تفكير الولد ويصبح أكثر إحساساً بالأبعاد الاجتماعية. وغالباً ما يعقد صداقة مع فرد أو مجموعة.لا يأبه الولد بالمظاهر، ولذلك نجد فكرة أكثر موضوعية وبعداً عن الانحياز. لكنه لا يزال يتصرف تبعاً لوقائع حسية , ولا ينكب على التفكير بالمفاهيم المجردة إلا في المرحلة التالية .
هذه المعاينة السريعة مقتضبة جداً ! الهدف منها إثبات أن الطفل لا يفكر كالناضج . يجب أن نعلم بدقة متى يصبح مستعداً لتطوير هذه القدرة أو تلك , لتقترح ذلك عليه في الوقت المناسب . لا قبل الأوان فنجعله يفشل , ولا بعد فوات الأوان مما قد يلغي فائدة التمرس المطلوب .
لا ينمو الطفل بشكل جيد إن لم نقدم له التحفيز المناسب لسنه . تلك هي أهمية هذه الأفكار , التي تقترح عليكم لكل سن نشاطات ترفيهية تشاركون بها لطفلكم .
الطفل من الولادة إلى عمر سنة
يكتسب الطفل في سنته الأولى مقدرات جديدة ويقطع أشواطاً بعيدة أكثر من أي وقت لاحق في حياته . والمعارف التي سوف يحصل عليها والاكتشافات التي سوف يقوم بها , أداتها جسمه وإحساساته ؟ لهذا السبب نتكلم عن مرحلة حسية _ آلية .
اللعب مع الطفل الصغير ليس فقط ممكناً بل منصوحاً به كما رأينا . لكن يجب اتخاذ بعض الاحتياطات , فكلما كان الطفل أصغر سناً كلما كان عاجزاً عن التركيز لمدة طويلة . إن الوقت المناسب هو عندما لا يشعر بالجوع ولا بالنعاس وعندما تجدينه هادئاً . لكن توقفي ما أن يبدو عليه التعب . على الطفل أن يحدد وتيرته الخاصة . يجب أن تعلمي سريعاً متي ينصرف انتباه الطفل , سواء من التعب أو من الإثارة الشديدة ؛ عندها أوقفي اللعب حالاً .
يتجاوب الطفل بشكل أفضل إذا كان بإمكانه رؤية وجه من يكلمه أو يلاعبه , وبخاصة عينيه : لذا ينبغي أن تقفي أمامه مباشرة للاستئثار بانتباهه .
أذكر أخيراً أن الطفل مرهف الإحساس , يتأثر بحالتنا النفسية الداخلية ؛ لذا لا يفيده بشيء أن نلعب معه إلا إذا كنا مستعدين وفرحين مرتاحي الأعصاب .
تلك السنة الأولى ، الغنية جداً على صعيد ما يكتسبه الطفل , هي أيضاً مرحلة حساسة جداً .
فالطفل الذي لا يستطيع بعد الاعتماد على نفسه , لديه حاجات كثيرة . يحتاج الدفء والحب والحنان والنظام والهدوء والتوعية . يحتاج أن نهتم به , فلا نتركه يمل وحده في زاوية من زوايا المنزل . يحتاج أن يعيش في وسط يشعر فيه بالأمان المادي والعاطفي على حد سواء . الطفل مزود بمقدرات خاصة لينمو بأفضل ما يمكنه لكن على الأهل والمربين أن يوفروا له الظروف الملائمة ليفعل ذلك .
حتى الشهر الرابع
ينظم الطفل تدريجياً أوقات أكله ونومه ويكتسب في هذه المرحلة عادات . نراه يتنبه بسرعة ويتجاوب مع من حوله بطريقة أكثر دقة : فيبتسم ويضحك ويحاول أن يصدر أصواتاً .
اكتشاف جسمه يشغله كثيراً . يمكنه أن يمضي وقتاً طويلاً في تأمل يديه , تلك الأشياء المتحركة المضحكة ! يجلس في كرسيه المريح يتأمل أغراضاً ملونة تتحرك أو يراقب مشية من يحبهم . على صعيد الوعي الفكري , يتعلم الطفل كيف يربط بين حركتين تلقائيتين , بشكل يسمح له باكتساب حركات جديدة أكثر تنظيماً .
يتعلم كيف يتحرك بشكل غير مبالغ فيه . كل حركات الطفل في هذه المرحلة موجهة لنفسه , وغالباً ما تصدر من باب الصدفة . ثم يصبح لاحقاً , قادراً على تكرارها . مثالاً على ذلك , القدرة على متابعة شيء ما بعينه , أو حمل يده إلى فمه المفتوح , أو الإلتفات إلى مصدر الصوت إلخ........
من الشهر الرابع إلى الشهر الثامن
يمر اكتشاف العالم بالحواس . النظر الحاد جداً , الذي يجعله يميز بوضوح بين الأشكال والألوان , والذوق مع إدخال أطعمة جديدة إلى نظامه الغذائي ، الشم الذي يعمل بشكل ممتاز منذ الولادة ، فقد بدأ يتعرف على الأصوات وضجيج البيت ويكتشف مفهوم الإيقاع .
وأخيراً حاسة اللمس , عن طريق استعمال يديه أو وضع الأشياء في فمه . نمو الحركة هام جداً ويسمح للطفل بالقيام بتمارين جديدة مثل : محاولة تثبيت رأسه . يكتسب الطفل شيئاً فشيئاً وضع الجلوس , تم تحرر يديه . ويتعلم كيف يلتقط الأشياء : الطفل الذي كان يمسك غرضاً ما بقبضة يده , يكتشف التقابل بين الإبهام والسبابة , الذي يشكل عنده ملقطاً فعالاً جداً . تزداد تمارين التقليب باليد ويعي الطفل أن له جسم , فيكتشفه ويسيطر بشكل أفضل على حركاته .
النمو الفكري لا يأتي في المرتبة الثانية أبداً . يكتشف الطفل طرق تصرف جديدة , ويكررها حتى يعتادها . تلك العملة تمنحه متعة كبرى . يكتشف مثلاً أنه إذا رفع ساقه في الهواء عندما يكون مستلقياً على ظهره ، في سريرة , يستطيع أن الدمى المعلقة فوق رأسه تتحرك . أو أنه إذا صرخ (ماماما) تأتي إليه أمه فرحة سعيدة ! يمضي الطفل وقتاً طويلاً ليتعلم الربط بين الفعل والنتيجة : يجيب عندما نناديه باسمه , يلعب ( الغميضة) عندما يغطي رأسه بقطعة قماش , يقهقه ضاحكاً , يلفت الانتباه , يرفض المأكولات التي لا يحبها إلخ...........
من الشهر التاسع إلى السنة
يحسن الطفل في طريقة جلوسه ويبدأ في محاولة الوقوف ثم المشي . بعد ذلك , لا شيء يقف بوجه ذلك المستكشف الصغير ! إنها المرحلة التي يجب أن يتزود فيها الأهل بأقفال , وحواجز وخزانات تقفل بالمفتاح . الأخطار كثيرة والحوادث المنزلية متعددة . تصبح اليد أداة خبيرة في عمليات الاكتشاف وفي تقديم المساعدة لسحب الجسم إلى الأمام , عندما يزحف الطفل . يواجه الطفل بعض الصعوبة في التقاط الشيء أو إفلاته لكن ذلك سيقوده تدريجياً إلى التحكم جيداً بالأشياء , وإلى أنواع كثيرة من العاب المشاركة . نمو الذكاء واضح . فالطفل يفهم كلمات بسيطة ، يصفق بيديه ليقول (ممتاز, رائع) أو يلوح بيديه ليقول وداعاً . يضحك إذا هرجنا أمامه , يفهم معاني معقدة مثل : في الداخل , وفي الخارج وإلى جانب . . . ويعرف معنى كلمة (لا) .
لا يكتفي الطفل بترسيخ ما اكتسبه في المراحل السابقة عن طريق تطبيقها على أوضاع متنوعة , لكنه يكون لنفسه مفاهيم جديدة .
المفهوم الأكثر أهمية هو ما نطلق عليه (الاحتفاظ بالشيء) . حتى الآن , لم يكن الطفل يبحث عن شيء اختفى إلا بواسطة النظر . حتى لو كان مخبأ أمامه تحت وسادة , كان يعتبره غير موجود لأنه لم يعد يراه . أما الآن فقد أصبح يعلم أن الغرض لا يزال موجوداً , حتى لو لم يعد يراه : لذلك سيدفع الوسادة ليستعيد الغرض المخبأ تحتها . ويدرك الطفل بالطريقة نفسها أن أمه لا تزال موجودة حتى لو خرجت من غرفته , أو وضعته في دار الحضانة , مما قد يجعل الافتراق عنها صعباً في هذه المرحلة .
يبدأ الطفل بتقليد الآخرين : يفعل أشياء رأى أحداً يقوم بها إما لنفسه ( كأن يقلب صفحات كتاب مثلاً ) ، أو لغيره ( كأن يحاول إطعام دبه بملعقة صغيرة ) . يفهم الطفل في هذه المرحلة تسلسل الأحداث , لذا يصبح قادر على استباق الأمور . نراه يفرح عندما يسمع المفتاح يدور في قفل الباب , أو عندما يرى أمه متجهة إلى المطبخ . إذا سارت الأمور كالمعتاد , نراه مطمئناً وسعيداً . أما إذا حصلت تغيرات ما في سياق الأحداث , فتظهر عليه أمارات المفاجأة والقلق .
إن فئات الألعاب التي حددناها تستعيد الطرق التي يعتمدها الطفل لفهم محيطه . وهي التنبيه بالحواس , بالإضافة طبعاً إلى دور اليد والجسم كله , كأدوات تساعد على الاكتشاف واكتساب المعرفة والاكتشافات الفكرية التي تميز هذا العمر .
خلال الأشهر الأولى
طفلك لا يفهم طبعاً القواعد ولا التعليمات . لكنه أصبح منفتح على العالم ؛ يشعر بأحاسيسك ويمكنه أن يقيم معك تبادلاً فكرياً حقيقياً . تستطيعين إذن أن توفري له ابتداء من أسابيعه الأولى ، أشياء كثيرة ومتنوعة من شأنها أن تنبهه , مع الحرص طبعاً على احترام وتيرته الخاصة .
1_ تنبيه حاسة اللمس
مكان اللعب : في السرير ، وفي الحمام .
بدلي وضعية طفلك في سريره . ضعيه تارة على بطنه وتارة على ظهره . دلكيه بلطف عندما تلبسينه ثيابه . حركي , بعد الحمام , أطراف طفلك , حركات رياضية : اجعليه على ظهره , وارفعي يديه إلى رأسه ثم أنزليها . اثني ساقيه وارفعيهما حتى صدره ، ثم أعيديهما ممدودتين إلى وضعهما الأول .
حاولي أن تعلقي على ما تفعلينه وتسمي أعضاء الجسم التي تلمسينها : " أترى ، أنا أطوي ساقك ! انتظر ، تلمس رأسك بيدك ! أتشعر برأسك ؟ ....... "
2_ تنبيه حاسة النظر
مكان اللعب : السرير
غيري مكان سريرة من حين لآخر , حتى لا يصله الضوء بالطريقة نفسها دائماً , بل يلامس عيني طفلك على التوالي , علقي فوق سريره غرض يلمع مثل ألمنيوم ، من الناحية التي يدير الولد رأسه إليها دائماً ، على بعد ثلاثين أو أربعين سنتمتراً من عينيه . كما يمكنك أن ترسمي الأشكال التالية باللونين الأبيض والأسود على أورق قياسها 21 * 30 سم وتعليقها على ارتفاع ثلاثين سنتمتر من وجهه ( لا تعلقي إلا رسماً واحداً كل مرة , لكن بدليها كل يومين أو ثلاثة أيام ) عندما يكون طفلك ممدداً في سريره , اجعليه يرى أحد هذه الرسوم ، ثم أبعديها من أمامه . كرري هذه الحركات مرات عدة , حتى يثبت الطفل نظره على المكان الذي اختفى فيه الرسم , بانتظار أن يظهر من جديد .
أمكانية أخرى : ضعي الطفل في حضنك واجعليه يرى أحد الرسوم . ثم خذي يده , ومرري طرف إصبعة على حدوده .
مرري إصبعه على حدود الدائرة , وعلى الخطوط ، وغيرها من الأشكال .
3_ تنبيه حاسة السمع
مكان اللعب : في المنزل
يمكن أن تعودي طفلك على أصوات مختلفة , ابتداء من الأسبوع السابع . اجعليه يسمع أصوات هدأه ، لكن عوديه أيضاً على الأصوات المعروفة في المنزل مثل : صوت الجرس , والمنبه , وصوت الورق حين نجعده أو صوت صفحات الكتاب حين نقلبها , أو رنين شوكة على صحن , أو أصوات تصدر من الفم .... ولكن من جهة أخرى تفادي الأصوات القوية ، أو الحادة , أو المؤذية .
ابتداء من الشهر الثالث
يمكن أن تبدئي ببعض الألعاب البسيطة التي تنبه حواس الطفل . لكن عليك أن تعرفي كيف تختارين الوقت المناسب الذي يستمتع فيه باللعب معك .
4_ الروائح الجديدة
مكان اللعب : أثناء النزهة , أثناء تناول الطعام , في المنزل .
أجعلي طفلك يشم بعض القوارير أو الأشياء التي تفوح منها روائح مختلفة وجديدة بالنسبة له مثل قوارير التوابل ( كالقرفة والأعشاب الجبلية ، والفانيليا , ......) , ثمرة موز ، قشر أو لب برتقال , إلخ . . . . . ( ولا تنسي الأزهار والعشب وكل ما تجديه في النزهات في الحديقة . . . ) . إبدأي أنت بتنشق العطر , واجعلي طفل يشعر أنك تستمتعين بذلك . ثم اجعليه يشم هو أيضاً تلك الرائحة . بينما تشرحين له ما هي .
5_ الإحساس بالتوازن
مكان اللعب : أثناء النزهة , في الحمام , في المنزل .
احتضني طفلك جيداً , ليكون ممدداً أفقياً , وظهره مستنداً إليك . أمسكي به جيداً من دون أن تضغطي عليه , وتأرجحي بلطف من اليمين إلى اليسار , ومن الأمام إلى الخلف , انحني وانزلي , إلى ما هنالك . . . تلك الأحاسيس الجديدة تساعد الطفل على أن يعي مفهوم المكان والتوازن .
6_ تنبيه الحركات
مكان اللعب : في السرير
اربطي أجراساً صغيرة بأشرطة تعلفينها في يدي الطفل أو رجلينه , بحيث تصدر رنين كلما حرك يده أو ساقة . علميه كيف تؤدي الحركة إلى الصوت . سيفهم بسرعة ويحاول تكرار ذلك .
منعاً لحدوث أي حادث , لا تتركي الأجراس للطفل حين يكون وحده , فقد يبتلعها .
7_ تنبيه حاسة اللمس
مكان اللعب : في السرير , في الحمام , وفي المنزل .
خذي أقمشة وأغراض ذات ملمس مختلفة ( كقطعة مخمل واسفنجة حمام خشنة قليلاً , وقطن وحرير وريشة وفرشاة للبودرة . . . ) ودغدفي بها طفلك على راحة يديه , وعلى باطن قدميه , على ظهرة ، بين الكتفين . . . أشرحي له كل مرة ما يحسه , قولي له : هذا ناعم أو هذه تخدش قليلاً إلخ . . . وإذا رأيت أنه يستمتع بذلك فستمري من دون تردد .
يمكنك أن تمرني طفلك , منذ شهره الرابع , على التقاط شيء ولإفلاته مثل كرة مطاطية أو ملعقة معدنية , أو حلقة بلاستيكية . ولتكن هذه الأخيرة كبيرة ما فيه الكفاية حتى لا يبتلعها الطفل . كما تستطيعين أن تعطيه أغراضاً ذات ملمس مختلف يمكنه أن يلعب بها ويضعها في فمه من دون أن يتعرض لأي خطر .
8_ تنبية حاسة النظر
مكان اللعب : في السرير , وفي المنزل .
عندما يستلقي طفلك على بطنه , حركي أمام عينيه لعبة ما . ويستحسن أن تصدر صوتاً كلعبة تسقسق مثلاً أو خسخشيخة . . . ارفعي أمامه اللعبة بهدوء وقولي له بصوت ناعم : " انظر إلى اللعبة " . كرري تلك الحركة إلى أن يرفع طفلك رأسه وكتفيه لمرافقة حركة اللعبة .
عندما يستلقي طفلك على بطنه , اختاري وقتاً لا يحدق فيه بيده , لتضعي فيه مجال نظره لعبة ما . كرري ذلك حتى يحاول التقاط اللعبة .
9_ ألعاب التقليد
مكان اللعب : أثناء تناول الطعام , وفي المنزل .
التقليد هو إحدى قواعد نمو الطفل . لذلك يجب أن تشجعيه باكراً على تقليد إيماءاتك وحركاتك .
عندما يكون طفلك مستلقياً على ظهره أو جالساً في كرسيه الطويل , أجلسي أمامه بحيث يستطيع النظر إلى عينيك . حركي السبابة أمام عينه , من اليمين إلى اليسار , للفت انتباهه . ثم اتبعي إصبعك , بتحريك رأسك من اليمين إلى اليسار . عندما تتمكنين أخيراً من الاستئثار بانتباه طفلك , أبعدي إصبعك وتابعي حركات الرأس . ستجدين الطفل يقلدك بعد بضعة محاولات .
ألعاب أخرى : أنظري في عيني طفلك , وارسمي على وجهك , بشكل مبالغ فيه جداً , تعبير قلق أو حزن ( شفتان مقلوبتان , وزاويتا الفم مشدودتان إلى الأسفل , الجبين متجعد , إلخ . . . ) ثم إبدأي تدريجياً بتغيير ملامح وجهك لتظهر على شفتيك ابتسامة عريضة . سترين أن طفلك سيبتسم هو أيضاً .
انظري في عيني طفلك وتلفظي , بينما تبتسمين له , بلفظة بسيطة مثل ( آه ) أو ( أوه ) أو ( غ ) . كرري هذه العملية مع الاحتفاظ بالابتسامة واللفظة عينها , حتى يردد الطفل ما تلفظت به .
في الشهر السادس
تتقلص عدد ساعات النوم في النهار . وينام الطفل الليل بكامله , كما تنتظم حياته انتظاماً شبه تام . يتحرك الطفل الآن بشكل متناسق , لأن عينيه ويديه وفمه , أصبحت كلها قادرة على التحرك معاً لتحقيق هدف واحد . يستطيع الطفل الآن أن يجلس , مما يجعله حر التصرف بيديه ويسمح له بتحريك أشياء كبيرة نسبياً , فيمكنك أن تستغلي الفرصة لتقرحي عليه ألعاباً منوعة لمسية وسمعية .
10_ الألعاب التي تصدر صوتاً
مكان اللعب : في المنزل ، في السرير ، في الحمام .
حان الوقت لتشتري لطفلك , ألعاباً تصفر أو تسقسق عندما نضغط عليها , إن لم تفعلي بعد . فضلاً عن فضلاً عن الزرافة الصغيرة التي أسعدت أجيالاً من الأطفال , يمكنك أن تجدي أشكال متنوعة جداً , في القسم الخاص بالحيوانات , في المتاجر الكبرى . تتميز هذه الألعاب بأنها تقاوم العض وتدوم على الأقل بضعة أشهر . . .
11_ أصوات المنزل
مكان اللعب : في المنزل .
تجولي في أرجاء المنزل مع طفلك واجعليه يسمع الأصوات التي تتردد فيه غالباً : صوت الماء الجاري , جرس الباب , صوت المكنسة الكهربائية , خشخشة المفاتيح , قرع على الباب , إلخ . . . كرري هذه النزهة كل ليلة قبل النوم . وفي كل مرة أضيفي عدداً من الأصوات الجديدة .
12_ الزجاجات التي تصدر أصوات
مكان اللعب : في المنزل , في السرير ، أثناء تناول الطعام .
املئي زجاجات المياه المعدنية , البلاستيكية منها فقط , بالحصى والبذور والحبوب والأرز واللآلىء البلاستيكية وأغصان صغيرة مقطعة . . . ولا تضعي إلا نوعاً واحداً في كل زجاجة , فتحصلين على مجموعة من الزجاجات , تصدر كل منها صوتاً مختلفاً عندما يحركها طفلك .
لتفادي أي حادث , اختاري زجاجات ذات غطاء لولبي . يمكنك أن تلصقي عليها , لتزيينها والتمييز فيما بينها , أشكالاً هندسة أو ورقاً ملوناً .
13_ الصندوق العجيب
مكان اللعب : في المنزل , وأثناء تناول الطعام .
هذا الصندوق ليس إلا الراديو . شغليه أمام طفلك لكن احرصي على أن يكون الصوت منخفضاً . تنقلي بين الموجات , من محطة إلى أخرى . غيري في آن واحد المحطة التي يسمعها وقوة الصوت . هكذا تجعلين طفلك يكتشف عالماً من الأصوات لم يكن يتصور أنه موجود .
14_ بووم !
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام , أثناء تناول الطعام , وفي السرير .
قفي أمام طفلك الجالس على كرسيه العالي , واضربي جبينك بجبينه ضربة خفيفة , وأنت تقولين له " بم ! " . ثم أبعدي رأسك وأعيدي الكرة مرتين أو ثلاث .
وعندما تقولين " بم ! " وتنحين رأسك , يدني طفلك بسرعة رأسه . إنها لعبة تقليد ممتازة يمكن اللجوء إليها عندما تنتظرين في الصف في أحد المتاجر الكبيرة , إذا كان طفلك جالساً في عربة التسوق .
15_ تنبيه حاسة اللمس
مكان اللعب : في المنزل , في الحمام , أثناء تناول الطعام ، وفي أثناء الرحلة .
اجعلي طفلك يلمس أشياء مختلفة تمنحه أحاسيس متنوعة , مثل قطعة ثلج , جهاز التدفئة ( إذا كان يعمل ) , رضاعته . إن ذلك يجعله يختبر الإحساس بالبرودة أو السخونة . إذا لمس قشرة شجرة أو جداراً من الحجر , أو أوراق الزهور , يكتشف الإحساس بالخشونة والنعومة . ضعي يده تحت ماء الحنفية الدافئة , ثم تحت رذاذ الدش , إلى آخره .
نوعي هذه الاختبارات قدر المستطاع . سمي لطفلك كل مرة , بصوت ناعم وواضح , اسم الإحساس الذي يشعر به .
16_ لعبة الاكتشاف
مكان اللعب : في المنزل , و أثناء تناول الطعام .
اتركي في متناول يد طفلك علبة كبيرة يسهل فتحها , كعلبة الأحذية مثلاً . ضعي فيها عدداً من الألعاب والأغراض التي لا تشكل خطورة عله . سرعان ما يجد الطفل لذة في إفراغ العلبة واكتشاف محتواها , بيده وكذلك بفمه . جددي غالباً محتوى العلبة حتى لا يمل منه ويخف فضوله .
في الإطار نفسه ، تستطيعين أن تعطي الطفل عندما يكون تحت مراقبتك , وعاء فيه بعض المأكولات الصغيرة كرقائق الذرة أو الزبيب .
17_ كتاب المعايدات
مكان اللعب : في المنزل .
اجمعي بطاقات المعايدة التي وصلتك في عيد رأس السنة في أعياد الميلاد أو البطاقات البريدية . . . اثقبيها على جانبها كما تفعلين بالأوراق . اشبكي البطاقات كلها عن طريق تمرير شريط بين الثقوب . فتحصلين هكذا على كتاب مميز وملون يستطيع طفلك اللعب به كما يحلو له .
18_ كتاب للمس
مكان اللعب : في المنزل ، وفي السرير .
ادهني بعض أوراق الكرتون بالغراء . ثم انثري فوقها مواداً مختلفة : رمل , أرز ، وطحن إلى أخره . . . اجمعي الأوراق في ملف , تضعين فيه أيضاً قطع قماش في أنواع مختلفة ، وأوراق صحف . . . تنجزين بهذه الطريقة كتاباً للمس , يستطيع طفلك بواسطته أن يختبر ملامس متنوعة .
19_ أتعطيني هذا ؟
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام , وأثناء تناول الطعام .
أعطي طفلك غرضاً صغيراً ( مثل دمية ، أو كرة ، أو ملعقة . . . ) . ودعيه يلهو به قليلاً . ثم مدي يدك واطلبي منه بصوت رقيق : " أتعطيني هذا ؟ " إذا مد يده به , خديه وافعلي به شيئاً مسلياً ( أرميه بالهواء والتقطيه مثلاً ) . ثم أعيديه للطفل . بهذه الطريقة تدفعينه إلى أن يناولك كل ما يقع تحت يده . تساعده هذه الحركات على تنمية مهاراته .
عندما يعتاد الطفل على هذه اللعبة , يمكنك أن تعقديها أكثر عن طريق إدخال فكرة المبادلة : " أعطني الكرة وخذ الملعقة " يحسن الطفل بهده الطريقة عملية الربط بين حركاته .
من الضروري طبعاً أن تحرصي على التعليق على كل ما تفعلينه ، كي تغني بالمناسبة عينها مفردات الطفل : " أتعطيني المكعب الأزرق ؟ أعطيك بدلاً منه المكعب الأحمر . أترى ؟ هذا المكعب لونه أحمر . . . " .
20_ أين ماما ؟
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام ، أثناء تناول الطعام , وأثناء الرحلة .
إنها لعبة تقليدية جداً , تعود الطفل على فكرتي الغياب والحضور . تختبئين خلف باب أو ستار وتقولين : " أين اختفت ماما ؟ " تم تعاودين للظهور أمام طفلك وأنت تصرخين " كوكو ! " .
كرري اللعبة عدة مرات , فالطفل يجدها ممتعة جداً . إذا كان المكان يسمح بذلك , اختفي من جهة واظهري في أخرى .
يمكنك أن تختفي أيضاً , بوضع منشفة على رأسك , تغطيه كلياً . لتمر بضع لحظات , ثم ارفعي المنشفة واصرخي " كوكو ! " .
بعد ثلاث أو أربع محاولات , سيحاول طفلك أن يرفع المنشفة بنفسه .
المرحلة الأخيرة : تغطين رأس طفلك بالمنشفة وتطرحين السؤال التقليدي : " أين صغيري ؟ " وبعد لحظات ترفعين المنشفة بحركة سريعة . وسرعان ما يحاول طفلك رفع المنشفة بنفسه , في هذه اللعبة أيضاً .
ابتداء من الشهر الثامن حتى الشهر التاسع
يصبح الطفل قادراً على السعي إلى ما يريده . سوف يزحف ثم يحبوا على أطرافة الأربعة ليمسك بما يثير اهتمامه . يستعمل يديه أكثر فأكثر وبشكل أفضل . يحاول تقليد " الكبار " ويظهر ابتداء من هذه المرحلة , أن له طبعاً خاصاً وشخصية مميزة .
21_ تنبيه حاستي اللمس والسمع
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام ، أثناء تناول الطعام , وأثناء القيام بنزهة .
أعطي طفلك مكعبات خشبية وعلميه كيف يضربها ببعضها . دعيه يضرب على الطاولة بأغراض متنوعة . ضعي في متناول يده مجلات قديمة , أوراق ألمنيوم , أوراق مشمعة وأراق شجر يابسة . . . يستطيع أن يبعثرها ويمزقها كما يحلو له . اجعليه يمسك بيده أشياء ( لا تشكل خطر عليه ) , ذات أشكال غريبة بالنسبة له مثل مصفاة بلاستيكية , مبشرة جبنه , قفاز مطاطي , قمع . . .
22_ لعبة الرعد
مكان اللعب : في المنزل , وأثناء تناول الطعام .
قد يخاف ولدك من صوت الرعد أثناء عاصفة قوية . في وضع كهذا يمكنك أن تبتكري له لعبة خاصة . أعطيه مكعباً أو ملعقة خشبية , وعلميه كيف يضرب على الطاولة ليصدر صوتاً كالرعد . هكذا قد يتخلص من خوفه بسرعة .
23_ ألعاب التقليد
مكان اللعب : في المنزل , في الحمام , أثناء النزهة , وأثناء تناول الطعام .
إذا رأيت طفلك يضرب الطاولة بغرض ما , خذي هذا الغرض من يده واضربي الطاولة بالطريقة نفسها مقلدة إيقاعه . ثم أعيدي له الغرض , فسيعاود الضرب . كرري هذه اللعبة مرات عدة .
قومي أمام طفلك بحركات كبيرة ومسرحية : لوحي بيدك مودعة , صفقي . . . المسي طرف أنفه بإصبعك واصدري صوتاً مميزاً . . . إذا لم يبد عليه الاستعداد لتقليدك , اجعليه يكرر مرتين أو ثلاث الحركة التي قمت بها أمامه .
24_ لعبة رمي الأغراض
مكان اللعب : في المنزل ، وأثناء تناول الطعام .
يبدأ طفلك في إحدى المراحل بالقيام باللعبة المفضل لدي الصغار . يرمي شيئاً على الأرض . تلتقطينه وتعيدينه له ، فيرميه مجدداً . تظنين عندئذ أنه لا يريده فتطرحينه جانباً . فإذا بطفلك يصرخ مطالباً بلعبته . تعيدينها له , فيرميها مجدداً على الأرض . قد يبدوا لك أن هذه اللعبة تتكرر بدون فائدة , لكنها ضرورية لنمو الأطفال . لذلك عليك أن تتقبليها وأن تدخلي عليها بعض التحسينات بطرق متنوعة , مثالاً على ذلك :
_ أعطي طفلك أغراضاً تختلف أثقالها , فيقع كل غرض بطريقة مختلفة ( مثل ريشة , أو أوراق مجعدة , أو كرة مطاطية , أو مكعبات خشبية . أو ملعقة معدنية . . . ) . وأعطيه أيضاً أغراضاً تتدحرج على الأرض أو تبقى مكانها عندما يرميها , بحسب أشكالها ( مثل زجاجة بلاستيكية , أو وسادة صغيرة . . . ) .
_ ضعي على الأرض أمامه وعاء من البلاستك في قعره صفيحة معدنية . إن الصوت الصادر عن وقوع الأغراض فيه سيعجب طفلك كثيراً . كما يسهل ذلك عليك جمع الأغراض لاحقاً .
_ أخيراً , يمكنك أن تربطي اللعبة بطرف خيط أو شريط مطاطي وتعقدي الطرف الآخر بكرسي الطفل ليكون بمتناول يده . علمية كيف يستعيد اللعبة إذا سحب الخيط , حتى يصبح قادراً على سحبه وحده . لا تنسي أن تغيري اللعبة غالباً حتى لا يشعر بالملل .
25_ صندوق العجائب
مكان اللعب : في المنزل .
أكثر ما يحبه الطفل في هذا السن , هو أن يلمس أشياء متنوعة , ويعبث بها ويضعها في فمه , ويفتحها ويقفلها , ويسحبها ويدفعها . . . إنه الوقت المناسب لتوفيري له ( صندوق العجائب ) ؛ وهو عبارة عن صندوق كبير من الكرتون ( كصندوق زجاجات الماء ) أو سلة من الخيرزان تضعين فيها أشياء متنوعة غير مؤدية . إليك لائحة غير حصرية , لما يمكن أن تحويه هذه السلة : ملعقة خشبية , وعاء بلاستيكي وغطاؤه , فرشاة شعر , ملقط غسيل , كرة للتنس , لفة من الكرتون (لفة محارم الحمام أو المطبخ بعد أن تنتهي ) , قمع ومصفاة من البلاستك , قفاز من المطاط , دلو صغير من البلاستك ومجرفة , قناع للغطس وانبوب , بطاقة بريد إلخ . . .
26_ ألعاب المكعبات
مكان اللعب : في المنزل , وأثناء تناول الطعام .
ضعي قرب طفلك مكعباً بحيث يستطيع التقاطه . ثم خذي منه المكعب وضعيه بعيداً عن متناول يده , بحيث يجب أن يبذل مجهوداً ليأخذه . هذه اللعبة البسيطة جداً تساعده على اكتساب مفهوم المسافة . في الإطار نفسه , ضعي مكعبين , أحدهما إلى يمين الطفل والآخر إلى يساره , بحيث يضطر , هذه المرة أيضاً , إلى بذل مجهود لالتقاطهما .
دعي طفلك ينظر لبضع لحظات إلى المكعب , ثم ضعيه خلف ظهره . إذا لم يستدر الطفل حالاً لاستعادة المكعب , دعيه ينظر إليه مجدداً واجعليه ينتبه إلى مسار المكعب , حتى يستدير لاستعادته . حين تضعين المكعب خلف ظهر الطفل غيري حركتك , فتارة من اليمين وتارة من اليسار وأخرى من فوق رأسه . . .
أعط طفلك مكعبين , بحيث يمسك مكعباً بكل يد . ثم قدمي له مكعباً ثالثاً . ًذا لم يعرف كيف يتصرف , علميه أن يضع أحد المكعبين اللذين يحملهما على الأرض أو على الطاولة ويأخذ المكعب الذي تقدمينه له . كرري حتى يصبح الطفل قادراً على القيام بذلك وحده .
من عمر سنة إلى سنتين
خلال السنة الثانية ، يتباطأ نمو الطفل قليلاً , بينما يزداد نشاطه ازدياداً ملحوظاً . يتمكن في بداية السنة من الوقوف على قدميه وفي نهايتها يستطيع الركض . يكون لنفسه شخصية حقيقية , ولائحة بالأشياء التي يفضلها وأخرى بالتي يرفضها , ولا يتردد في فرض إرادته . يبقى البالغون طوال هذه السنة , شركاءه المفضلين في اللعب . لكن يبدأ الرفاق بالظهور , ليحتلوا مكانة خاصة . وتبدأ انطلاقاً من هذه السنة عملية اكتساب تعاليم أساسية مثل اللغة والنظافة والقدرة على قول " لا " .
في الأشهر الستة الأولى
ينشغل الطفل كثيراً باكتساب القدرة على المشي وتطويرها . يحسن أيضاً قدرته على الجلوس والنهوض وحده وعلى الحفاظ على توازنه عندما يكون جالساً . تزداد مهارة اليدين والقدمين , فيستطيع الآن أن يضع مكعباً على آخر من دون أن يقعا , ويمرر غرضاً من يد إلى أخرى , ويدفع كرة بقدمه , ويمد يده بالغرض الذي نطلبه منه . يستعمل يديه أيضاً ليفك شيئاً ، أو يفتحه , أو يفرغه , أو ليكتشف كل جديد ويبعث الخراب حيثما مر . يرغب الطفل بأن يفعل أكير من ذلك لأنه فهم الكثير من الأمور , لكنه يعجز عن تحقيق ما يريده , مما يثير لديه حالات من التوتر والغضب .
يبقى الاكتشاف الحسي هو الأهم . يحب الطفل أن يلجأ إلى كنف والده أو والدته . يشم رائحة الطعام ويمعن النظر فيه قبل أن يتذوقه . يبدي استعداداً لتذوق كل الأطباق , ما دامت تسكب في صحن أحد والديه . يحب أن يلمس ويداعب ويبعثر , وإن كان فمه لا يزال أداة الاكتشاف المفضلة لديه .
يظهر تطور الطفل الفكري على المستويات كافة . أولاً مع بداية النطق , والتعابير الأولى , فالطفل يصرخ ويضحك , ويغني ويبدأ بالتلفظ ببعض الكلمات المفهومة . مع إثبات شخصيته لاحقاً , يعي الطفل أنه شخص متفرد مختلف عن الآخرين , ويصر على تأكيد ذلك بالقول والفعل . ويفعل ذلك خلال هذه السنة بآليات ثلاث : يرفض ما يطلب منه وفضاً قاطعاً ، ويلح للحصول على ما يمنع عنه , ويرغب بأن يفعل كل شيء وحده . وأخيراً تتطور طريقة فهمه لما يحيط به .
في المرحلة الممتدة بين عمر السنة والسنة والنصف , سنرى أن الطفل يبدأ الاختيارات ، في محاولة لحل بعض مشاكله : أولاً عن طريق المحاولة والخطأ ثم بطريقة سرعان ما تصبح أكثر فاعليه . قد يغير الطفل مثلاً , عمداً وجذرياً , طريقة قيامة بعمل معين , أو يجمع بين عملين ليرى ما قد تكون النتيجة . تشهد هذه المرحلة أيضاً بداية تبلور في مفهومي الوقت والمسافة .
يبقى كل ما يفعله الطفل متحوراً حوله . لكنه يلاحظ أن تصرفات الآخرين تحدث تغييراً بمحيطه .
يكون الطفل تدريجياً صورة ذهنية للأشياء والأحداث , التي تساعده على الابتعاد تدريجياً عن أسلوب التجارب الملموسة والمباشرة .
الفصل الثاني من السنة الثانية
يشهد اكتسابات جديدة للطفل . على صعيد الحركة عامة . يبدأ الطفل بالمشي وحده , ويحافظ على توازنه بشكل أفضل . يستطيع أن يركض ويرتقي السلالم وهو واقف , إذا أمسكنا بيده , ويهبطها وحده على يديه ورجليه . يمكنه أن يقرفص ليلتقط غرضاً ما عن الأرض ثم يستقيم , بدون أن يقع .
يستطيع أخيراً أن يسحب أو يدفع شيئاً أمامه أو خلفه ( مثل عربة أطفال , أو لعبة مربوطة بخيط ) .
أما على صعيد الحركة الدقيقة , فيتحكم الطفل أكثر بحركة يديه , مما يسمح له بتركيب ثلاثة مكعبات الواحد فوق الآخر , وبالإمساك بملعقة أو كوب ليأكل أو يشرب وحده , وبفتح ذراعيه لالتقاط الكرة , أو إفراغ سلة أو دلو . كما يتمكن في هذه المرحلة من أن ينزع وحده قبعته وقفازيه وجاربيه .
لا يعتمد الطفل كثيراً في هذه المرحلة على أحاسيسه التلقائية ، إلا أنه يسخر حواسه ليختار ويحدد ما يعجبه وما يثير اشمئزازه .
تصبح ملاحظته البصرية قوية جداً مما يمكنه من التعرف على أشخاص يحيطون به في صور فوتوغرافية , ومن الإشارة في كتاب مصور إلى أشياء يعرفها نسميها له .
يستطيع استعمال الكلمات . لكن الفرق قد يبدو شاسعاً بين طفل وآخر في هذا المضمار , إذ يمكن أن يتراوح عدد الكلمات بين خمس ومئتي كلمة وفقاً للحالات . كما يبدأ بعض الأطفال بربط كلمتين أو ثلاث لتشكيل جملة مفيدة , لكن التعبير لا يبدأ فعلياً إلا في السنة التالية . أما القدرة على فهم اللغة فلا بأس بها , حتى يمكن أن نقول إن الطفل " يفهم كل ما يقال له " .
يتطور عمل الفكر أكثر فأكثر . يتحول التقليد إلى طريقة تعليم أساسية . يكتشف الوالدان أن لتصرفانهم أثراً أكبر من الكلام . من جهة أخرى يصبح الطفل قادراً على فهم العلاقات الرمزية . يمكنه أن يجد حلولاً لبعض المشكلات عن طريق التفكير فقط , بدون أن يحتاج للتصرف . ويكون الطفل صوراً ذهنية للأشياء , والأشخاص والأماكن . تسمح له تلك الصور الداخلية الأولى , بالتحرر من الاعتماد على حواسه واختلاق أفكار جديدة حول تصرفات لم يرها ولم يجربها سابقاً .
يمكنه في هذه المرحلة أن يعرف الأشياء بواسطة مخيلته . وذلك الانفتاح على الصعيد الرمزي هو ما يسمح للطفل بالولوج إلى عالم السحر والخرافة حيث كل شيء ممكن .
وهكذا فإن الحركة المتناسقة والصور الذهنية , إضافة إلى حدس ناشط , تساهم كلها في جعل الطفل يؤثر بشكل فعال على محيطه .
في السنة الثانية من عمره , يترك الطفل المساحة الحسية _ الحركية ليدخل في عالم الفكر .
الألعاب التي نقترحها عليكم تأخذ بعين الاعتبار تطور الطفل في تلك السنة الثانية . حتى لو كبر الطفل كثيراً , فهو لا يزال طفلاً كبيراً , تجدونه نشيطاً جداً , لكنه انفعالي جداً أيضاً . لا يستريح أبداً ويمل بسرعة مما يفعله , مما يفرض أن نغير له الألعاب التي نقترحها عليه . حتى لو بدا لكم أنه يجركم دائماً باستفزازاته إلى صراع القوة , يجب أن تعلموا أنه يطمئن عندما يعلم أنه ليس الزعيم وأن ثمة سلطة أعلى منه . الطفل يخاف من نوبات غضبه أكثر مما يخشاها والداه , لذلك هو بحاجة لأن يؤكدا له حبهما . بهذه الطريقة فقط , يتراجع شيئاً فشيئاً عن رفضه المطلق وعدوانيته . ذلك يتطلب أن يتحلى المحيطون به بالحزم والهدوء والمرح وأن يبقوا دائماً تحت تصرفه .
المطلوب هو الصبر ثم الصبر والروح المرحة ! !
_ الزحلوقة
مكان اللعب: في المنزل.
أعدي مدرجاً منحنياً بواسطة كتاب كبير أو قطعة من الكرتون تسندين أحد طرفيها إلى وسادة . ثم أعطي طفلك سدادة أو كرة صغيرة يدحرجها على هذه الزحلوقة . انتبهي ! لا تعطيه شيئاً يستطيع ابتلاعه ( مثل تيلة أو غيرها ) .
28_ العلب المتداخلة
مكان اللعب: في المنزل
عندما تكونين في المطبخ ، أعطي طفلك ثلاث أو أربع علب من البلاستك مثل التي تستعمل لحفظ الأطعمة ، والتي يمكن أن تدخل إحداها بالأخرى . فالأطفال في هذه السن يعشقون ملء العلب وإفراغها وإدخالها الواحدة بالأخرى .
يمكنك أيضاً أن تضعي في علبة بعض الأشياء الصغيرة ( مثل رقائق الذرة أو الزبيب ، التي لا تعرض الطفل لخطر الاختناق إذا ابتلعها ) .
حازت مؤخرا مقدرات الصغار اليافعين على اهتمام الباحثين, وأذهلت من انكب على دراسة نتائجها.
أطفالنا باختصار شديد, يتمتعون بقدرات ومواهبه ونضج مبكر. ويهتمون بالحياة، أكثر مما كنا نعتقد حتى الآن.
بعد تلك الاكتشافات راح كل شخص ينظر إلى الأطفال من منظار جديد.
الفكرة الأساسية وراء ذلك كله, هي إثبات أن الطفل ليس فقط كفوء, بل أيضا بكل لعبة يمكن أن تحرك قدراته وتساعده على تطوير ما اكتسبه من معلومات.
كيف نساعده على تنمية مقدراته الفكرية
الغرض الأول من الألعاب التي نقترحها, فضلا عن اللهو الجماعي, مواكبة نمو ذكاء الطفل. فإن أداء أية وظيفة فكرية يصبح أكثر فعالية من التحفيز والممارسة.
لا نقصد التشديد على الوظائف الفكرية , ولا على تشجيع الولد ليسبق سنه . هذه الأفكار ليس دليلاً يعلمكم كيف تحولون ولدكم إلى نابغة صغير . لكن ذلك لا يعني أن عليكم اعتماد موقف سلبي ، في مواجهة نمو الطفل الفكري ، وانتظار أن يتقدم بنفسه بدون مساعدة . كلما ساهمتم بتنويع ردات فعل ذكائه التلقائية والطبيعية , كلما زادت إمكانياته وتعمقت رغبته باكتساب المزيد .
يجب أن نذهب في تعليمه إلى أبعد من الحقائق ، إلى كيفية الاكتساب والإبداع واللعب بنشاطه الفكري . إن ترسيخ أسس تركيبة فكر الطفل ، لا يمكن إلا أن يزيد قوة البناء الذي سيرتكز عليه في المستقبل .
التربية من هذا المنظار لا تهدف إلى صنع أطفال عباقرة ، بل إلى تربيتهم في جو دافئ ومشجع ، حيث تأخذ العملية الفكرية مكانها الطبيعي . هذه العملية متعددة الأوجه .
الذكاء برأينا ليس قيمة بسيطة , ذات وجه واحد يرثها البعض دون غيره . إنه مقدرة مركبة ومتنوعة , تتألف من عناصر عدة . يشعر كل الأطفال على حد سواء برغبة في التعلم والاكتشاف . إنه فضول فكري كبير , بل ميل إلى النمو والتقدم , وإحساس بالجهد عندما يقصد من بزوغ الهدف . تلك هي القواعد التي نرتكز عليها فيما نقترح أن تفعلوه مع أولادكم . تلك الميزات يجب أن تصان وتطور , ومن الأفضل أن يتم ذلك في جو ممتع . وهل من شيء يضاهي متعة اللعب معاً .
لكل ذكاؤه الخاص
ثمة قواسم مشتركة بين الأطفال في طور النمو , وهي مرتبطة بالنضوج الجسمي والنفسي . لكن إذا استطعنا أن نجزم أن الطفل سيجلس قبل أن يمشي , فلا أحد يمكنه أن يعلم متى سيحصل هذا أو ذاك . فكل طفل يختلف كثيراً عن الآخر , وما من طفل يشبه طفلك شبهاً تاماً .
تختلف وتيرة اكتساب المعلومات من طفل إلى آخر أيضاً . ومن هذا المنطلق نشأت صعوبة التوصل إلى الجميع . من الطبيعي جداً أن ينطق بعض الأطفال قبل آخرين . لكن هؤلاء بدورهم قد يتمكنون من العد إلى العشرة في سن أبكر .
نقدم في هذه الأفكار اقتراحات لأعمار قد لا تناسب ربما سن طفلك . فمن حق الطفل ألا يهتم للعبة ما . أو يفضل لعبة أخرى حتى لو لم تكن تناسب سنه . المتعة في اللعب معاً هي الأهم .
عوض التوتر في السيارة أو الملل في الحديقة العامة , يستحسن أن نجد له نشاطاً ترفيهياً ينمي قدراته أيضاً . تتغير وتيرة الاكتساب ومراحله بشكل كبير . نستطيع أ نميز أنواعاً من الذكاء تختلف باختلاف الأولاد . الأمر المؤكد هو أن ما من طفل يفتقر إلى الذكاء .
دور البيئة
يلعب عامل الوراثة دوراً كبيراً في الذكاء . وكذلك البيئة التي ينمو فيها الطفل . وتبين أن التجارب المتعددة والتنبيهات المتنوعة والبيئة الودودة تساعد بشكل كبير على نمو قدرات كل طفل . لطالما تردد على مسامعنا ( كل شيء يتقرر ) قبل هذه السن أو تلك . في الواقع لا شيء يعتبر نهائياً , لكن السنوات الأولى تلعب دوراً رئيساً في نمو الطفل . لا ينبغي الاستهتار بما يمكن أن نقوم به مع الطفل , لنساعده على بناء قواعد راسخة للمستقبل .
ينمو الدماغ بسرعة أكبر كلما كان الولد يافعاً , ويكتمل نموه هذا قبل أن يدخل المدرسة الابتدائية . العمليات الفكرية الكبرى ومركبات الفكر , أي الطريقة التي ينظم فيها الطفل معارفه ويستخدم بها ذكاءه , ذلك كله , يكتمل في سن السادسة . لذا يبدو أن نوع التجارب الأولى وعددها هما أساس تطور الفكر في المستقبل . لا يجب إذن أن ينسى الأهل والمربون , أن بإمكانهم , عن طريق اللعب , أن يزودوا الطفل بآليات تفكير , وابتكار وتعلم . تلك العملية كلها تنشط الذكاء , وأهمها بالغة في هذه المرحلة وفي المستقبل أيضاً .
اللعب والتعلم
الطفل ينمو ويتعلم عن طريق اللهو , ولا يميز بين اللعب والتعلم . كما يتعلم أيضاً حين يعمل على الأشياء أو الأفكار التي يريد معرفتها . لهذا السبب يشعر الطفل بحاجة ورغبة للحركة الدائمة . ذكاؤه ينمو إذا ما ربط بين حركاته الجسمية والفكرية , وكررها مراراً . لأجل هذا تهدف ألعابنا أولاً إلى المتعة باللهو معاً والعمل والتدريب وثانياً إلى توفير ظروف تسمح بتطوير إمكانيات كل طفل .
يحتل اللعب مكانة أساسية في نمو الطفل . إنه الدليل الأهم على صحته الجسدية والنفسية والفكرية . إنه يحبك الروابط المتينة وينمي الروح المرحة . يعتبر اللعب الطريق الفضلى للتعلم , لأن الطفل يكتسب بدون مجهود وبدون أن يدرك . إضافة إلى المتعة التي يمنحها , يسمح للطفل باستعمال جسمه وحواسه . ويعطيه فرصة ليكتسب عدداً كبيراً من المعلومات وليتمرن بشكل فعال .
يتعلم الطفل عن طريق اللعب , التركيز واحترام الآخر . كما يكون مخيلة واسعة ويطورها وينظم بنيتها . على الوالدين أن يؤمنا لولدهما جواً ترفيهياً , ويوفروا لهم فرصة للاختيار , وأن يتفرغا له قدر الإمكان .
يتملك الأطفال كلهم رغبة كبيرة باللعب والتعلم , لكنهم يرغبون أكثر بصحبة البالغين . كل ما يريده الطفل هو أن يهتم البالغ لأمره , ويمنحه بعضاً من وقته وعطفه . عندما تلعبون مع الطفل تمنحونه هذا كله . يتقدم الطفل ويتعلم ما دمنا وفرنا له الحافز الدائم .
ويبقى الحافز قوياً إذا ما نطلبه منه على مستواه . وإذا لم ننسى فل كل مرة أن نثني على جهوده ونشجعه . معنى ذلك أنه يجب أن نعرض على الطفل نشاطات يستطيع النجاح فيها ، ويشعر فيها بالارتياح . وإذا تصرفنا خلاف ذلك , وضعناه في موقف حرج , أو حتى جعلناه يفشل , فنحصل على نتيجة معاكسة لما كنا نريده : ينغلق الطفل على ذاته ويفقد ثقته ويرفض أن يتعلم معنا مجدداً . أما إذا نجح فيجب أن نهنئه ونفخر به حقاً , فبذلك يزيد حافزه قوة ويجعله يرغب بأن يعطي المزيد .
دور جو البيت
في دراسة أجريت على السلوك التربوي الذي اتبعه أهل بعض المتفوقين , الذين لمعوا كل في مجاله , لاحظ المراقبون القواسم المشتركة في التربية . ووجد الباحثون فعلاً بعض الخصائص : ترعرع الأولاد منذ نعومة أظافرهم في محيط غني استطاعت فيه إمكانياتهم أن تنمو , فانطلقوا إلى اكتشاف العالم المحيط بهم . أدرك أهلهم أن أي تعليم لا بد أن يمر عبر اللعب والمتعة , لذلك راحوا يشجعون أولادهم فيظهرون هم أنفسهم فضولاً وتحفزاً . كما تركوا لأولادهم حرية اختيار ما يثير اهتمامهم وأبدوا انفتاحاً كبيراً حيالهم .
وفر كل ذلك جواً عائلياً مفعماً بالإثارة والاحترام والدفء.
حين نجعل الولد يلعب , نعطيه أكثر من الفرص الفكرية , فقد لا حظنا أن هناك إمكانية كبيرة أمام الأهل والمربين للمساهمة والمشاركة في نمو ذكاء الولد . أصبحت طرق العمل والتصرفات الضرورية لهذا النمو معروفة الآن . لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد , فالناحية العاطفية تضاهي ذلك أهمية .
الشعور بالالتزام والمشاركة يخلق روابط وثيقة وحميمة , مما يؤدي إلى ارتباط أوثق بالولد .
بالإضافة إلى اللهو والإثارة اللذين توفرهما هذه الألعاب , فهي تسمح بمراقبة الطفل عن كثب . تطلعنا على أذواقه , ومباهجه , ومواطن قوته , مما يسمح بتربيته ومنحه إحساساً بالأمن الداخلي والحنان الواعي الضروريين لنموه .
نحن واثقون من أن هذه الطريقة الجديدة في ربط اللعب بالوعي , تنشئ عادات تشكل فرصاً حقيقية لمستقبل الولد , وتثبت قدميه في مشروع التفتح العام , الذي يحتل فيه ذكاء القلب مكانة خاصة جداً .
عناصر النمو العقلي
يفكر الولد ويفهم العالم المحيط به , بطريقة مختلفة عن طريقة البالغ . وكلما كان صغيراً كلما زاد هذا الاختلاف . لكنه يكتسب تدريجياً ، أثناء نموه , تلك البنى العقلية الناضجة . ندين لبياجية بالكثير ، لأنه كان من أوائل من قالوا بتطور ذكاء الطفل تدريجياً , في مراحل متلاحقة من عمرة , يعتبر بياجية أن فكر الطفل حالة خاصة من التكيف البيولوجي , تشرح نموه أربعة عناصر أساسية :
_ العنصر الأول هو النضوج . يولد الطفل مزوداً ببعض الإمكانيات , التي يقال إنها انعكاسية أي غير إرادية , وهي لا تحتاج أي تدريب , ويختفي معظمها مع الوقت كما يولد مزوداً أيضاً ببعض الإمكانيات الكامنة التي تتجلى مع نضوج الجهاز العصبي .
إن تنوع المناسبات التي تمرن فيها هذه القدرات هو الذي يحدد إمكانية تنميتها كلياً.
_ العنصر الثاني هو الاختبار المادي: معنى ذلك أن على الطفل أن يحتك بمحيطه، بالأشياء والأماكن، والأشخاص،إلخ.. لكي ينو فكرياً. عن طريق التعاطي مع كل ذلك، يتعلم الولد أن يحدد موقعه، ويميز بين الاعتيادي والمختلف، ويفهم نتيجة ما فعله.
ربما كانت قواعد الفكر العلمي والمنطقي تنشأ في هذه المرحلة.
_ العنصر الثالث هو النقل الاجتماعي: إن اكتشاف الطفل لمحيط به لا يعلمه كيف يتكلم ويلعب ويغتسل. تلك العادات البسيطة التي تؤلف نظام اليومية وتختلف من بلد إلى آخر، بل ومن عائلة إلى أخرى فكل حضارة لها موسيقاها وقيمها وقواعد اللياقة الخاصة بها.
إنه جو متكامل يترعرع فيه الطفل ، ولا يمكننا الاستهتار بما يكتسبه منه.
العنصر الرابع والأخير هو الضبط الذاتي: يولد الأطفال وفي داخلهم قوة تقودهم نحو التأقلم الفكري، الذي يستحسن أداؤه بشكل مطرد، فينتقلون من البسيط إلى المركب، ومن الغرض الحقيقي إلى رمزه، ومن الحسي إلى المجرد . ويشرح لنا مفهوم الـتأقلم كيفية حصول تلك العملية. إنها عملية توازن داخلي، تضبط دائماً معارف الطفل حتى يضيف إليها اختباراته الجديدة. يقوم المنهج الفكري الأول على ربط التجربة الجديدة بأشياء أو أنواع يعرفها الطفل، بهدف تحديدها أو توسيعها. وإذا استحال عليه ذلك، يبتدع فئات فكرية جديدة. لا يمكن تطوير المفاهيم الجديدة إلا إذا أخذ الطفل الوقت الكافي لاستيعاب المفاهيم القديمة. في ما يلي على ذلك:
تعرف (ألين) الكلاب، وتعتبر كلباً كل حيوان حتى لو كان مختلفاً. لكنها لم تر أبداً كلاباً كبيرة، في المرة الأولى ستبحث عن قواسم مشتركة بين هذا الحيوان الجديد والحيوانات التي تعرفها حتى الآن. لكن إذا استحال ذلك وحصل أن رأت في حديقة الحيوان مثلاُ، ذئباً أو ضبعاً أو أي حيوان آخر، فستكون في ذهنها فئة جديدة.
مراحل النمو
إن معرفة هذه الآليات الفكرية ، ونمو فكر الطفل المميز بحسب سنه، أمر بالغ الأهمية لمن يريد اقتراح نشاطات تناسب كل طفل وتسهل نموه الفكري . كلما كانت الألعاب التي تقترحونها على طفلكم، مثيرة لاهتمامه وملائمة لمستواه الفكري، كلما أصبحت حياته غنية. إهمال هذه المعرفة يمكن أن يقود إلى اقتراح نشاطات إنا ستصيبه بالإحباط أو تجعله يمل. بل فضوله أيضاً، ورغبته بالاستكشاف، ومنطقه وقدرته على الحكم وروحه المرحة وتأقلمه مع محيطه اليومي.
في ما يلي المراحل الأولى التي يمر بها الطفل:
المرحلة الأولى التي حددها بياجيه تغطي السنتين الأولى والثانية من حياة الطفل. الذكاء الذي يدعى حينها (حسي – حركي) sensori- motrice يُكتسب حكماً بالحواس والجسم. ويكتشف الطفل العالم بالأدوات التي أعطيت له. يكتسب عادات وإمكانية التعرف على الأشياء والأشخاص، وطرق التصرف. يندمج الطفل تدريجياً بمحيطه وتصبح تصرفاته متعمدة. يطور الطفل بسرعة ذكاء عملياً.
وكلما سمح محيط الطفل له بالاختبار والتجربة كلما زاد نمو هذا الذكاء.
يلي تلك المرحلة، مرحلة تمهيدية ، تلازم الطفل حتى سن السادسة أو السابعة. في هذه المرحلة يركز الولد أكثر ما يركز على تقليد الآخرين ويجسد ما يعيشه من خلال ألعاب رمزية. يتابع الطفل استكشافه وتجاربه، لكنه يطرح أسئلة ، ويضع فرضيات ويتعلم عن طريق المراقبة وتقليد كل ما يراه. لا يحلل إلا قليلاً ولا يعلق أهمية على التفاصيل إلا إذا لفتنا نظره إليها. لكنه يميل أكثر إلى مراقبة الحالات والحكم عليها بشكل عام. لا يتأثر الطفل في هذه السن تأثراً كبيراً بمنطق البالغين، ويعتبر الحيوانات والأشياء الجامدة حية.
خياله واسع جداً لكنه لا يفرق كثيراً بين العالم الواقعي والعالم الخيالي.
يجتاز الطفل حتى سن الحادية عشرة، مرحلة تدعى عملية واقعية. تنتهي مركزية تفكير الولد ويصبح أكثر إحساساً بالأبعاد الاجتماعية. وغالباً ما يعقد صداقة مع فرد أو مجموعة.لا يأبه الولد بالمظاهر، ولذلك نجد فكرة أكثر موضوعية وبعداً عن الانحياز. لكنه لا يزال يتصرف تبعاً لوقائع حسية , ولا ينكب على التفكير بالمفاهيم المجردة إلا في المرحلة التالية .
هذه المعاينة السريعة مقتضبة جداً ! الهدف منها إثبات أن الطفل لا يفكر كالناضج . يجب أن نعلم بدقة متى يصبح مستعداً لتطوير هذه القدرة أو تلك , لتقترح ذلك عليه في الوقت المناسب . لا قبل الأوان فنجعله يفشل , ولا بعد فوات الأوان مما قد يلغي فائدة التمرس المطلوب .
لا ينمو الطفل بشكل جيد إن لم نقدم له التحفيز المناسب لسنه . تلك هي أهمية هذه الأفكار , التي تقترح عليكم لكل سن نشاطات ترفيهية تشاركون بها لطفلكم .
الطفل من الولادة إلى عمر سنة
يكتسب الطفل في سنته الأولى مقدرات جديدة ويقطع أشواطاً بعيدة أكثر من أي وقت لاحق في حياته . والمعارف التي سوف يحصل عليها والاكتشافات التي سوف يقوم بها , أداتها جسمه وإحساساته ؟ لهذا السبب نتكلم عن مرحلة حسية _ آلية .
اللعب مع الطفل الصغير ليس فقط ممكناً بل منصوحاً به كما رأينا . لكن يجب اتخاذ بعض الاحتياطات , فكلما كان الطفل أصغر سناً كلما كان عاجزاً عن التركيز لمدة طويلة . إن الوقت المناسب هو عندما لا يشعر بالجوع ولا بالنعاس وعندما تجدينه هادئاً . لكن توقفي ما أن يبدو عليه التعب . على الطفل أن يحدد وتيرته الخاصة . يجب أن تعلمي سريعاً متي ينصرف انتباه الطفل , سواء من التعب أو من الإثارة الشديدة ؛ عندها أوقفي اللعب حالاً .
يتجاوب الطفل بشكل أفضل إذا كان بإمكانه رؤية وجه من يكلمه أو يلاعبه , وبخاصة عينيه : لذا ينبغي أن تقفي أمامه مباشرة للاستئثار بانتباهه .
أذكر أخيراً أن الطفل مرهف الإحساس , يتأثر بحالتنا النفسية الداخلية ؛ لذا لا يفيده بشيء أن نلعب معه إلا إذا كنا مستعدين وفرحين مرتاحي الأعصاب .
تلك السنة الأولى ، الغنية جداً على صعيد ما يكتسبه الطفل , هي أيضاً مرحلة حساسة جداً .
فالطفل الذي لا يستطيع بعد الاعتماد على نفسه , لديه حاجات كثيرة . يحتاج الدفء والحب والحنان والنظام والهدوء والتوعية . يحتاج أن نهتم به , فلا نتركه يمل وحده في زاوية من زوايا المنزل . يحتاج أن يعيش في وسط يشعر فيه بالأمان المادي والعاطفي على حد سواء . الطفل مزود بمقدرات خاصة لينمو بأفضل ما يمكنه لكن على الأهل والمربين أن يوفروا له الظروف الملائمة ليفعل ذلك .
حتى الشهر الرابع
ينظم الطفل تدريجياً أوقات أكله ونومه ويكتسب في هذه المرحلة عادات . نراه يتنبه بسرعة ويتجاوب مع من حوله بطريقة أكثر دقة : فيبتسم ويضحك ويحاول أن يصدر أصواتاً .
اكتشاف جسمه يشغله كثيراً . يمكنه أن يمضي وقتاً طويلاً في تأمل يديه , تلك الأشياء المتحركة المضحكة ! يجلس في كرسيه المريح يتأمل أغراضاً ملونة تتحرك أو يراقب مشية من يحبهم . على صعيد الوعي الفكري , يتعلم الطفل كيف يربط بين حركتين تلقائيتين , بشكل يسمح له باكتساب حركات جديدة أكثر تنظيماً .
يتعلم كيف يتحرك بشكل غير مبالغ فيه . كل حركات الطفل في هذه المرحلة موجهة لنفسه , وغالباً ما تصدر من باب الصدفة . ثم يصبح لاحقاً , قادراً على تكرارها . مثالاً على ذلك , القدرة على متابعة شيء ما بعينه , أو حمل يده إلى فمه المفتوح , أو الإلتفات إلى مصدر الصوت إلخ........
من الشهر الرابع إلى الشهر الثامن
يمر اكتشاف العالم بالحواس . النظر الحاد جداً , الذي يجعله يميز بوضوح بين الأشكال والألوان , والذوق مع إدخال أطعمة جديدة إلى نظامه الغذائي ، الشم الذي يعمل بشكل ممتاز منذ الولادة ، فقد بدأ يتعرف على الأصوات وضجيج البيت ويكتشف مفهوم الإيقاع .
وأخيراً حاسة اللمس , عن طريق استعمال يديه أو وضع الأشياء في فمه . نمو الحركة هام جداً ويسمح للطفل بالقيام بتمارين جديدة مثل : محاولة تثبيت رأسه . يكتسب الطفل شيئاً فشيئاً وضع الجلوس , تم تحرر يديه . ويتعلم كيف يلتقط الأشياء : الطفل الذي كان يمسك غرضاً ما بقبضة يده , يكتشف التقابل بين الإبهام والسبابة , الذي يشكل عنده ملقطاً فعالاً جداً . تزداد تمارين التقليب باليد ويعي الطفل أن له جسم , فيكتشفه ويسيطر بشكل أفضل على حركاته .
النمو الفكري لا يأتي في المرتبة الثانية أبداً . يكتشف الطفل طرق تصرف جديدة , ويكررها حتى يعتادها . تلك العملة تمنحه متعة كبرى . يكتشف مثلاً أنه إذا رفع ساقه في الهواء عندما يكون مستلقياً على ظهره ، في سريرة , يستطيع أن الدمى المعلقة فوق رأسه تتحرك . أو أنه إذا صرخ (ماماما) تأتي إليه أمه فرحة سعيدة ! يمضي الطفل وقتاً طويلاً ليتعلم الربط بين الفعل والنتيجة : يجيب عندما نناديه باسمه , يلعب ( الغميضة) عندما يغطي رأسه بقطعة قماش , يقهقه ضاحكاً , يلفت الانتباه , يرفض المأكولات التي لا يحبها إلخ...........
من الشهر التاسع إلى السنة
يحسن الطفل في طريقة جلوسه ويبدأ في محاولة الوقوف ثم المشي . بعد ذلك , لا شيء يقف بوجه ذلك المستكشف الصغير ! إنها المرحلة التي يجب أن يتزود فيها الأهل بأقفال , وحواجز وخزانات تقفل بالمفتاح . الأخطار كثيرة والحوادث المنزلية متعددة . تصبح اليد أداة خبيرة في عمليات الاكتشاف وفي تقديم المساعدة لسحب الجسم إلى الأمام , عندما يزحف الطفل . يواجه الطفل بعض الصعوبة في التقاط الشيء أو إفلاته لكن ذلك سيقوده تدريجياً إلى التحكم جيداً بالأشياء , وإلى أنواع كثيرة من العاب المشاركة . نمو الذكاء واضح . فالطفل يفهم كلمات بسيطة ، يصفق بيديه ليقول (ممتاز, رائع) أو يلوح بيديه ليقول وداعاً . يضحك إذا هرجنا أمامه , يفهم معاني معقدة مثل : في الداخل , وفي الخارج وإلى جانب . . . ويعرف معنى كلمة (لا) .
لا يكتفي الطفل بترسيخ ما اكتسبه في المراحل السابقة عن طريق تطبيقها على أوضاع متنوعة , لكنه يكون لنفسه مفاهيم جديدة .
المفهوم الأكثر أهمية هو ما نطلق عليه (الاحتفاظ بالشيء) . حتى الآن , لم يكن الطفل يبحث عن شيء اختفى إلا بواسطة النظر . حتى لو كان مخبأ أمامه تحت وسادة , كان يعتبره غير موجود لأنه لم يعد يراه . أما الآن فقد أصبح يعلم أن الغرض لا يزال موجوداً , حتى لو لم يعد يراه : لذلك سيدفع الوسادة ليستعيد الغرض المخبأ تحتها . ويدرك الطفل بالطريقة نفسها أن أمه لا تزال موجودة حتى لو خرجت من غرفته , أو وضعته في دار الحضانة , مما قد يجعل الافتراق عنها صعباً في هذه المرحلة .
يبدأ الطفل بتقليد الآخرين : يفعل أشياء رأى أحداً يقوم بها إما لنفسه ( كأن يقلب صفحات كتاب مثلاً ) ، أو لغيره ( كأن يحاول إطعام دبه بملعقة صغيرة ) . يفهم الطفل في هذه المرحلة تسلسل الأحداث , لذا يصبح قادر على استباق الأمور . نراه يفرح عندما يسمع المفتاح يدور في قفل الباب , أو عندما يرى أمه متجهة إلى المطبخ . إذا سارت الأمور كالمعتاد , نراه مطمئناً وسعيداً . أما إذا حصلت تغيرات ما في سياق الأحداث , فتظهر عليه أمارات المفاجأة والقلق .
إن فئات الألعاب التي حددناها تستعيد الطرق التي يعتمدها الطفل لفهم محيطه . وهي التنبيه بالحواس , بالإضافة طبعاً إلى دور اليد والجسم كله , كأدوات تساعد على الاكتشاف واكتساب المعرفة والاكتشافات الفكرية التي تميز هذا العمر .
خلال الأشهر الأولى
طفلك لا يفهم طبعاً القواعد ولا التعليمات . لكنه أصبح منفتح على العالم ؛ يشعر بأحاسيسك ويمكنه أن يقيم معك تبادلاً فكرياً حقيقياً . تستطيعين إذن أن توفري له ابتداء من أسابيعه الأولى ، أشياء كثيرة ومتنوعة من شأنها أن تنبهه , مع الحرص طبعاً على احترام وتيرته الخاصة .
1_ تنبيه حاسة اللمس
مكان اللعب : في السرير ، وفي الحمام .
بدلي وضعية طفلك في سريره . ضعيه تارة على بطنه وتارة على ظهره . دلكيه بلطف عندما تلبسينه ثيابه . حركي , بعد الحمام , أطراف طفلك , حركات رياضية : اجعليه على ظهره , وارفعي يديه إلى رأسه ثم أنزليها . اثني ساقيه وارفعيهما حتى صدره ، ثم أعيديهما ممدودتين إلى وضعهما الأول .
حاولي أن تعلقي على ما تفعلينه وتسمي أعضاء الجسم التي تلمسينها : " أترى ، أنا أطوي ساقك ! انتظر ، تلمس رأسك بيدك ! أتشعر برأسك ؟ ....... "
2_ تنبيه حاسة النظر
مكان اللعب : السرير
غيري مكان سريرة من حين لآخر , حتى لا يصله الضوء بالطريقة نفسها دائماً , بل يلامس عيني طفلك على التوالي , علقي فوق سريره غرض يلمع مثل ألمنيوم ، من الناحية التي يدير الولد رأسه إليها دائماً ، على بعد ثلاثين أو أربعين سنتمتراً من عينيه . كما يمكنك أن ترسمي الأشكال التالية باللونين الأبيض والأسود على أورق قياسها 21 * 30 سم وتعليقها على ارتفاع ثلاثين سنتمتر من وجهه ( لا تعلقي إلا رسماً واحداً كل مرة , لكن بدليها كل يومين أو ثلاثة أيام ) عندما يكون طفلك ممدداً في سريره , اجعليه يرى أحد هذه الرسوم ، ثم أبعديها من أمامه . كرري هذه الحركات مرات عدة , حتى يثبت الطفل نظره على المكان الذي اختفى فيه الرسم , بانتظار أن يظهر من جديد .
أمكانية أخرى : ضعي الطفل في حضنك واجعليه يرى أحد الرسوم . ثم خذي يده , ومرري طرف إصبعة على حدوده .
مرري إصبعه على حدود الدائرة , وعلى الخطوط ، وغيرها من الأشكال .
3_ تنبيه حاسة السمع
مكان اللعب : في المنزل
يمكن أن تعودي طفلك على أصوات مختلفة , ابتداء من الأسبوع السابع . اجعليه يسمع أصوات هدأه ، لكن عوديه أيضاً على الأصوات المعروفة في المنزل مثل : صوت الجرس , والمنبه , وصوت الورق حين نجعده أو صوت صفحات الكتاب حين نقلبها , أو رنين شوكة على صحن , أو أصوات تصدر من الفم .... ولكن من جهة أخرى تفادي الأصوات القوية ، أو الحادة , أو المؤذية .
ابتداء من الشهر الثالث
يمكن أن تبدئي ببعض الألعاب البسيطة التي تنبه حواس الطفل . لكن عليك أن تعرفي كيف تختارين الوقت المناسب الذي يستمتع فيه باللعب معك .
4_ الروائح الجديدة
مكان اللعب : أثناء النزهة , أثناء تناول الطعام , في المنزل .
أجعلي طفلك يشم بعض القوارير أو الأشياء التي تفوح منها روائح مختلفة وجديدة بالنسبة له مثل قوارير التوابل ( كالقرفة والأعشاب الجبلية ، والفانيليا , ......) , ثمرة موز ، قشر أو لب برتقال , إلخ . . . . . ( ولا تنسي الأزهار والعشب وكل ما تجديه في النزهات في الحديقة . . . ) . إبدأي أنت بتنشق العطر , واجعلي طفل يشعر أنك تستمتعين بذلك . ثم اجعليه يشم هو أيضاً تلك الرائحة . بينما تشرحين له ما هي .
5_ الإحساس بالتوازن
مكان اللعب : أثناء النزهة , في الحمام , في المنزل .
احتضني طفلك جيداً , ليكون ممدداً أفقياً , وظهره مستنداً إليك . أمسكي به جيداً من دون أن تضغطي عليه , وتأرجحي بلطف من اليمين إلى اليسار , ومن الأمام إلى الخلف , انحني وانزلي , إلى ما هنالك . . . تلك الأحاسيس الجديدة تساعد الطفل على أن يعي مفهوم المكان والتوازن .
6_ تنبيه الحركات
مكان اللعب : في السرير
اربطي أجراساً صغيرة بأشرطة تعلفينها في يدي الطفل أو رجلينه , بحيث تصدر رنين كلما حرك يده أو ساقة . علميه كيف تؤدي الحركة إلى الصوت . سيفهم بسرعة ويحاول تكرار ذلك .
منعاً لحدوث أي حادث , لا تتركي الأجراس للطفل حين يكون وحده , فقد يبتلعها .
7_ تنبيه حاسة اللمس
مكان اللعب : في السرير , في الحمام , وفي المنزل .
خذي أقمشة وأغراض ذات ملمس مختلفة ( كقطعة مخمل واسفنجة حمام خشنة قليلاً , وقطن وحرير وريشة وفرشاة للبودرة . . . ) ودغدفي بها طفلك على راحة يديه , وعلى باطن قدميه , على ظهرة ، بين الكتفين . . . أشرحي له كل مرة ما يحسه , قولي له : هذا ناعم أو هذه تخدش قليلاً إلخ . . . وإذا رأيت أنه يستمتع بذلك فستمري من دون تردد .
يمكنك أن تمرني طفلك , منذ شهره الرابع , على التقاط شيء ولإفلاته مثل كرة مطاطية أو ملعقة معدنية , أو حلقة بلاستيكية . ولتكن هذه الأخيرة كبيرة ما فيه الكفاية حتى لا يبتلعها الطفل . كما تستطيعين أن تعطيه أغراضاً ذات ملمس مختلف يمكنه أن يلعب بها ويضعها في فمه من دون أن يتعرض لأي خطر .
8_ تنبية حاسة النظر
مكان اللعب : في السرير , وفي المنزل .
عندما يستلقي طفلك على بطنه , حركي أمام عينيه لعبة ما . ويستحسن أن تصدر صوتاً كلعبة تسقسق مثلاً أو خسخشيخة . . . ارفعي أمامه اللعبة بهدوء وقولي له بصوت ناعم : " انظر إلى اللعبة " . كرري تلك الحركة إلى أن يرفع طفلك رأسه وكتفيه لمرافقة حركة اللعبة .
عندما يستلقي طفلك على بطنه , اختاري وقتاً لا يحدق فيه بيده , لتضعي فيه مجال نظره لعبة ما . كرري ذلك حتى يحاول التقاط اللعبة .
9_ ألعاب التقليد
مكان اللعب : أثناء تناول الطعام , وفي المنزل .
التقليد هو إحدى قواعد نمو الطفل . لذلك يجب أن تشجعيه باكراً على تقليد إيماءاتك وحركاتك .
عندما يكون طفلك مستلقياً على ظهره أو جالساً في كرسيه الطويل , أجلسي أمامه بحيث يستطيع النظر إلى عينيك . حركي السبابة أمام عينه , من اليمين إلى اليسار , للفت انتباهه . ثم اتبعي إصبعك , بتحريك رأسك من اليمين إلى اليسار . عندما تتمكنين أخيراً من الاستئثار بانتباه طفلك , أبعدي إصبعك وتابعي حركات الرأس . ستجدين الطفل يقلدك بعد بضعة محاولات .
ألعاب أخرى : أنظري في عيني طفلك , وارسمي على وجهك , بشكل مبالغ فيه جداً , تعبير قلق أو حزن ( شفتان مقلوبتان , وزاويتا الفم مشدودتان إلى الأسفل , الجبين متجعد , إلخ . . . ) ثم إبدأي تدريجياً بتغيير ملامح وجهك لتظهر على شفتيك ابتسامة عريضة . سترين أن طفلك سيبتسم هو أيضاً .
انظري في عيني طفلك وتلفظي , بينما تبتسمين له , بلفظة بسيطة مثل ( آه ) أو ( أوه ) أو ( غ ) . كرري هذه العملية مع الاحتفاظ بالابتسامة واللفظة عينها , حتى يردد الطفل ما تلفظت به .
في الشهر السادس
تتقلص عدد ساعات النوم في النهار . وينام الطفل الليل بكامله , كما تنتظم حياته انتظاماً شبه تام . يتحرك الطفل الآن بشكل متناسق , لأن عينيه ويديه وفمه , أصبحت كلها قادرة على التحرك معاً لتحقيق هدف واحد . يستطيع الطفل الآن أن يجلس , مما يجعله حر التصرف بيديه ويسمح له بتحريك أشياء كبيرة نسبياً , فيمكنك أن تستغلي الفرصة لتقرحي عليه ألعاباً منوعة لمسية وسمعية .
10_ الألعاب التي تصدر صوتاً
مكان اللعب : في المنزل ، في السرير ، في الحمام .
حان الوقت لتشتري لطفلك , ألعاباً تصفر أو تسقسق عندما نضغط عليها , إن لم تفعلي بعد . فضلاً عن فضلاً عن الزرافة الصغيرة التي أسعدت أجيالاً من الأطفال , يمكنك أن تجدي أشكال متنوعة جداً , في القسم الخاص بالحيوانات , في المتاجر الكبرى . تتميز هذه الألعاب بأنها تقاوم العض وتدوم على الأقل بضعة أشهر . . .
11_ أصوات المنزل
مكان اللعب : في المنزل .
تجولي في أرجاء المنزل مع طفلك واجعليه يسمع الأصوات التي تتردد فيه غالباً : صوت الماء الجاري , جرس الباب , صوت المكنسة الكهربائية , خشخشة المفاتيح , قرع على الباب , إلخ . . . كرري هذه النزهة كل ليلة قبل النوم . وفي كل مرة أضيفي عدداً من الأصوات الجديدة .
12_ الزجاجات التي تصدر أصوات
مكان اللعب : في المنزل , في السرير ، أثناء تناول الطعام .
املئي زجاجات المياه المعدنية , البلاستيكية منها فقط , بالحصى والبذور والحبوب والأرز واللآلىء البلاستيكية وأغصان صغيرة مقطعة . . . ولا تضعي إلا نوعاً واحداً في كل زجاجة , فتحصلين على مجموعة من الزجاجات , تصدر كل منها صوتاً مختلفاً عندما يحركها طفلك .
لتفادي أي حادث , اختاري زجاجات ذات غطاء لولبي . يمكنك أن تلصقي عليها , لتزيينها والتمييز فيما بينها , أشكالاً هندسة أو ورقاً ملوناً .
13_ الصندوق العجيب
مكان اللعب : في المنزل , وأثناء تناول الطعام .
هذا الصندوق ليس إلا الراديو . شغليه أمام طفلك لكن احرصي على أن يكون الصوت منخفضاً . تنقلي بين الموجات , من محطة إلى أخرى . غيري في آن واحد المحطة التي يسمعها وقوة الصوت . هكذا تجعلين طفلك يكتشف عالماً من الأصوات لم يكن يتصور أنه موجود .
14_ بووم !
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام , أثناء تناول الطعام , وفي السرير .
قفي أمام طفلك الجالس على كرسيه العالي , واضربي جبينك بجبينه ضربة خفيفة , وأنت تقولين له " بم ! " . ثم أبعدي رأسك وأعيدي الكرة مرتين أو ثلاث .
وعندما تقولين " بم ! " وتنحين رأسك , يدني طفلك بسرعة رأسه . إنها لعبة تقليد ممتازة يمكن اللجوء إليها عندما تنتظرين في الصف في أحد المتاجر الكبيرة , إذا كان طفلك جالساً في عربة التسوق .
15_ تنبيه حاسة اللمس
مكان اللعب : في المنزل , في الحمام , أثناء تناول الطعام ، وفي أثناء الرحلة .
اجعلي طفلك يلمس أشياء مختلفة تمنحه أحاسيس متنوعة , مثل قطعة ثلج , جهاز التدفئة ( إذا كان يعمل ) , رضاعته . إن ذلك يجعله يختبر الإحساس بالبرودة أو السخونة . إذا لمس قشرة شجرة أو جداراً من الحجر , أو أوراق الزهور , يكتشف الإحساس بالخشونة والنعومة . ضعي يده تحت ماء الحنفية الدافئة , ثم تحت رذاذ الدش , إلى آخره .
نوعي هذه الاختبارات قدر المستطاع . سمي لطفلك كل مرة , بصوت ناعم وواضح , اسم الإحساس الذي يشعر به .
16_ لعبة الاكتشاف
مكان اللعب : في المنزل , و أثناء تناول الطعام .
اتركي في متناول يد طفلك علبة كبيرة يسهل فتحها , كعلبة الأحذية مثلاً . ضعي فيها عدداً من الألعاب والأغراض التي لا تشكل خطورة عله . سرعان ما يجد الطفل لذة في إفراغ العلبة واكتشاف محتواها , بيده وكذلك بفمه . جددي غالباً محتوى العلبة حتى لا يمل منه ويخف فضوله .
في الإطار نفسه ، تستطيعين أن تعطي الطفل عندما يكون تحت مراقبتك , وعاء فيه بعض المأكولات الصغيرة كرقائق الذرة أو الزبيب .
17_ كتاب المعايدات
مكان اللعب : في المنزل .
اجمعي بطاقات المعايدة التي وصلتك في عيد رأس السنة في أعياد الميلاد أو البطاقات البريدية . . . اثقبيها على جانبها كما تفعلين بالأوراق . اشبكي البطاقات كلها عن طريق تمرير شريط بين الثقوب . فتحصلين هكذا على كتاب مميز وملون يستطيع طفلك اللعب به كما يحلو له .
18_ كتاب للمس
مكان اللعب : في المنزل ، وفي السرير .
ادهني بعض أوراق الكرتون بالغراء . ثم انثري فوقها مواداً مختلفة : رمل , أرز ، وطحن إلى أخره . . . اجمعي الأوراق في ملف , تضعين فيه أيضاً قطع قماش في أنواع مختلفة ، وأوراق صحف . . . تنجزين بهذه الطريقة كتاباً للمس , يستطيع طفلك بواسطته أن يختبر ملامس متنوعة .
19_ أتعطيني هذا ؟
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام , وأثناء تناول الطعام .
أعطي طفلك غرضاً صغيراً ( مثل دمية ، أو كرة ، أو ملعقة . . . ) . ودعيه يلهو به قليلاً . ثم مدي يدك واطلبي منه بصوت رقيق : " أتعطيني هذا ؟ " إذا مد يده به , خديه وافعلي به شيئاً مسلياً ( أرميه بالهواء والتقطيه مثلاً ) . ثم أعيديه للطفل . بهذه الطريقة تدفعينه إلى أن يناولك كل ما يقع تحت يده . تساعده هذه الحركات على تنمية مهاراته .
عندما يعتاد الطفل على هذه اللعبة , يمكنك أن تعقديها أكثر عن طريق إدخال فكرة المبادلة : " أعطني الكرة وخذ الملعقة " يحسن الطفل بهده الطريقة عملية الربط بين حركاته .
من الضروري طبعاً أن تحرصي على التعليق على كل ما تفعلينه ، كي تغني بالمناسبة عينها مفردات الطفل : " أتعطيني المكعب الأزرق ؟ أعطيك بدلاً منه المكعب الأحمر . أترى ؟ هذا المكعب لونه أحمر . . . " .
20_ أين ماما ؟
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام ، أثناء تناول الطعام , وأثناء الرحلة .
إنها لعبة تقليدية جداً , تعود الطفل على فكرتي الغياب والحضور . تختبئين خلف باب أو ستار وتقولين : " أين اختفت ماما ؟ " تم تعاودين للظهور أمام طفلك وأنت تصرخين " كوكو ! " .
كرري اللعبة عدة مرات , فالطفل يجدها ممتعة جداً . إذا كان المكان يسمح بذلك , اختفي من جهة واظهري في أخرى .
يمكنك أن تختفي أيضاً , بوضع منشفة على رأسك , تغطيه كلياً . لتمر بضع لحظات , ثم ارفعي المنشفة واصرخي " كوكو ! " .
بعد ثلاث أو أربع محاولات , سيحاول طفلك أن يرفع المنشفة بنفسه .
المرحلة الأخيرة : تغطين رأس طفلك بالمنشفة وتطرحين السؤال التقليدي : " أين صغيري ؟ " وبعد لحظات ترفعين المنشفة بحركة سريعة . وسرعان ما يحاول طفلك رفع المنشفة بنفسه , في هذه اللعبة أيضاً .
ابتداء من الشهر الثامن حتى الشهر التاسع
يصبح الطفل قادراً على السعي إلى ما يريده . سوف يزحف ثم يحبوا على أطرافة الأربعة ليمسك بما يثير اهتمامه . يستعمل يديه أكثر فأكثر وبشكل أفضل . يحاول تقليد " الكبار " ويظهر ابتداء من هذه المرحلة , أن له طبعاً خاصاً وشخصية مميزة .
21_ تنبيه حاستي اللمس والسمع
مكان اللعب : في المنزل ، في الحمام ، أثناء تناول الطعام , وأثناء القيام بنزهة .
أعطي طفلك مكعبات خشبية وعلميه كيف يضربها ببعضها . دعيه يضرب على الطاولة بأغراض متنوعة . ضعي في متناول يده مجلات قديمة , أوراق ألمنيوم , أوراق مشمعة وأراق شجر يابسة . . . يستطيع أن يبعثرها ويمزقها كما يحلو له . اجعليه يمسك بيده أشياء ( لا تشكل خطر عليه ) , ذات أشكال غريبة بالنسبة له مثل مصفاة بلاستيكية , مبشرة جبنه , قفاز مطاطي , قمع . . .
22_ لعبة الرعد
مكان اللعب : في المنزل , وأثناء تناول الطعام .
قد يخاف ولدك من صوت الرعد أثناء عاصفة قوية . في وضع كهذا يمكنك أن تبتكري له لعبة خاصة . أعطيه مكعباً أو ملعقة خشبية , وعلميه كيف يضرب على الطاولة ليصدر صوتاً كالرعد . هكذا قد يتخلص من خوفه بسرعة .
23_ ألعاب التقليد
مكان اللعب : في المنزل , في الحمام , أثناء النزهة , وأثناء تناول الطعام .
إذا رأيت طفلك يضرب الطاولة بغرض ما , خذي هذا الغرض من يده واضربي الطاولة بالطريقة نفسها مقلدة إيقاعه . ثم أعيدي له الغرض , فسيعاود الضرب . كرري هذه اللعبة مرات عدة .
قومي أمام طفلك بحركات كبيرة ومسرحية : لوحي بيدك مودعة , صفقي . . . المسي طرف أنفه بإصبعك واصدري صوتاً مميزاً . . . إذا لم يبد عليه الاستعداد لتقليدك , اجعليه يكرر مرتين أو ثلاث الحركة التي قمت بها أمامه .
24_ لعبة رمي الأغراض
مكان اللعب : في المنزل ، وأثناء تناول الطعام .
يبدأ طفلك في إحدى المراحل بالقيام باللعبة المفضل لدي الصغار . يرمي شيئاً على الأرض . تلتقطينه وتعيدينه له ، فيرميه مجدداً . تظنين عندئذ أنه لا يريده فتطرحينه جانباً . فإذا بطفلك يصرخ مطالباً بلعبته . تعيدينها له , فيرميها مجدداً على الأرض . قد يبدوا لك أن هذه اللعبة تتكرر بدون فائدة , لكنها ضرورية لنمو الأطفال . لذلك عليك أن تتقبليها وأن تدخلي عليها بعض التحسينات بطرق متنوعة , مثالاً على ذلك :
_ أعطي طفلك أغراضاً تختلف أثقالها , فيقع كل غرض بطريقة مختلفة ( مثل ريشة , أو أوراق مجعدة , أو كرة مطاطية , أو مكعبات خشبية . أو ملعقة معدنية . . . ) . وأعطيه أيضاً أغراضاً تتدحرج على الأرض أو تبقى مكانها عندما يرميها , بحسب أشكالها ( مثل زجاجة بلاستيكية , أو وسادة صغيرة . . . ) .
_ ضعي على الأرض أمامه وعاء من البلاستك في قعره صفيحة معدنية . إن الصوت الصادر عن وقوع الأغراض فيه سيعجب طفلك كثيراً . كما يسهل ذلك عليك جمع الأغراض لاحقاً .
_ أخيراً , يمكنك أن تربطي اللعبة بطرف خيط أو شريط مطاطي وتعقدي الطرف الآخر بكرسي الطفل ليكون بمتناول يده . علمية كيف يستعيد اللعبة إذا سحب الخيط , حتى يصبح قادراً على سحبه وحده . لا تنسي أن تغيري اللعبة غالباً حتى لا يشعر بالملل .
25_ صندوق العجائب
مكان اللعب : في المنزل .
أكثر ما يحبه الطفل في هذا السن , هو أن يلمس أشياء متنوعة , ويعبث بها ويضعها في فمه , ويفتحها ويقفلها , ويسحبها ويدفعها . . . إنه الوقت المناسب لتوفيري له ( صندوق العجائب ) ؛ وهو عبارة عن صندوق كبير من الكرتون ( كصندوق زجاجات الماء ) أو سلة من الخيرزان تضعين فيها أشياء متنوعة غير مؤدية . إليك لائحة غير حصرية , لما يمكن أن تحويه هذه السلة : ملعقة خشبية , وعاء بلاستيكي وغطاؤه , فرشاة شعر , ملقط غسيل , كرة للتنس , لفة من الكرتون (لفة محارم الحمام أو المطبخ بعد أن تنتهي ) , قمع ومصفاة من البلاستك , قفاز من المطاط , دلو صغير من البلاستك ومجرفة , قناع للغطس وانبوب , بطاقة بريد إلخ . . .
26_ ألعاب المكعبات
مكان اللعب : في المنزل , وأثناء تناول الطعام .
ضعي قرب طفلك مكعباً بحيث يستطيع التقاطه . ثم خذي منه المكعب وضعيه بعيداً عن متناول يده , بحيث يجب أن يبذل مجهوداً ليأخذه . هذه اللعبة البسيطة جداً تساعده على اكتساب مفهوم المسافة . في الإطار نفسه , ضعي مكعبين , أحدهما إلى يمين الطفل والآخر إلى يساره , بحيث يضطر , هذه المرة أيضاً , إلى بذل مجهود لالتقاطهما .
دعي طفلك ينظر لبضع لحظات إلى المكعب , ثم ضعيه خلف ظهره . إذا لم يستدر الطفل حالاً لاستعادة المكعب , دعيه ينظر إليه مجدداً واجعليه ينتبه إلى مسار المكعب , حتى يستدير لاستعادته . حين تضعين المكعب خلف ظهر الطفل غيري حركتك , فتارة من اليمين وتارة من اليسار وأخرى من فوق رأسه . . .
أعط طفلك مكعبين , بحيث يمسك مكعباً بكل يد . ثم قدمي له مكعباً ثالثاً . ًذا لم يعرف كيف يتصرف , علميه أن يضع أحد المكعبين اللذين يحملهما على الأرض أو على الطاولة ويأخذ المكعب الذي تقدمينه له . كرري حتى يصبح الطفل قادراً على القيام بذلك وحده .
من عمر سنة إلى سنتين
خلال السنة الثانية ، يتباطأ نمو الطفل قليلاً , بينما يزداد نشاطه ازدياداً ملحوظاً . يتمكن في بداية السنة من الوقوف على قدميه وفي نهايتها يستطيع الركض . يكون لنفسه شخصية حقيقية , ولائحة بالأشياء التي يفضلها وأخرى بالتي يرفضها , ولا يتردد في فرض إرادته . يبقى البالغون طوال هذه السنة , شركاءه المفضلين في اللعب . لكن يبدأ الرفاق بالظهور , ليحتلوا مكانة خاصة . وتبدأ انطلاقاً من هذه السنة عملية اكتساب تعاليم أساسية مثل اللغة والنظافة والقدرة على قول " لا " .
في الأشهر الستة الأولى
ينشغل الطفل كثيراً باكتساب القدرة على المشي وتطويرها . يحسن أيضاً قدرته على الجلوس والنهوض وحده وعلى الحفاظ على توازنه عندما يكون جالساً . تزداد مهارة اليدين والقدمين , فيستطيع الآن أن يضع مكعباً على آخر من دون أن يقعا , ويمرر غرضاً من يد إلى أخرى , ويدفع كرة بقدمه , ويمد يده بالغرض الذي نطلبه منه . يستعمل يديه أيضاً ليفك شيئاً ، أو يفتحه , أو يفرغه , أو ليكتشف كل جديد ويبعث الخراب حيثما مر . يرغب الطفل بأن يفعل أكير من ذلك لأنه فهم الكثير من الأمور , لكنه يعجز عن تحقيق ما يريده , مما يثير لديه حالات من التوتر والغضب .
يبقى الاكتشاف الحسي هو الأهم . يحب الطفل أن يلجأ إلى كنف والده أو والدته . يشم رائحة الطعام ويمعن النظر فيه قبل أن يتذوقه . يبدي استعداداً لتذوق كل الأطباق , ما دامت تسكب في صحن أحد والديه . يحب أن يلمس ويداعب ويبعثر , وإن كان فمه لا يزال أداة الاكتشاف المفضلة لديه .
يظهر تطور الطفل الفكري على المستويات كافة . أولاً مع بداية النطق , والتعابير الأولى , فالطفل يصرخ ويضحك , ويغني ويبدأ بالتلفظ ببعض الكلمات المفهومة . مع إثبات شخصيته لاحقاً , يعي الطفل أنه شخص متفرد مختلف عن الآخرين , ويصر على تأكيد ذلك بالقول والفعل . ويفعل ذلك خلال هذه السنة بآليات ثلاث : يرفض ما يطلب منه وفضاً قاطعاً ، ويلح للحصول على ما يمنع عنه , ويرغب بأن يفعل كل شيء وحده . وأخيراً تتطور طريقة فهمه لما يحيط به .
في المرحلة الممتدة بين عمر السنة والسنة والنصف , سنرى أن الطفل يبدأ الاختيارات ، في محاولة لحل بعض مشاكله : أولاً عن طريق المحاولة والخطأ ثم بطريقة سرعان ما تصبح أكثر فاعليه . قد يغير الطفل مثلاً , عمداً وجذرياً , طريقة قيامة بعمل معين , أو يجمع بين عملين ليرى ما قد تكون النتيجة . تشهد هذه المرحلة أيضاً بداية تبلور في مفهومي الوقت والمسافة .
يبقى كل ما يفعله الطفل متحوراً حوله . لكنه يلاحظ أن تصرفات الآخرين تحدث تغييراً بمحيطه .
يكون الطفل تدريجياً صورة ذهنية للأشياء والأحداث , التي تساعده على الابتعاد تدريجياً عن أسلوب التجارب الملموسة والمباشرة .
الفصل الثاني من السنة الثانية
يشهد اكتسابات جديدة للطفل . على صعيد الحركة عامة . يبدأ الطفل بالمشي وحده , ويحافظ على توازنه بشكل أفضل . يستطيع أن يركض ويرتقي السلالم وهو واقف , إذا أمسكنا بيده , ويهبطها وحده على يديه ورجليه . يمكنه أن يقرفص ليلتقط غرضاً ما عن الأرض ثم يستقيم , بدون أن يقع .
يستطيع أخيراً أن يسحب أو يدفع شيئاً أمامه أو خلفه ( مثل عربة أطفال , أو لعبة مربوطة بخيط ) .
أما على صعيد الحركة الدقيقة , فيتحكم الطفل أكثر بحركة يديه , مما يسمح له بتركيب ثلاثة مكعبات الواحد فوق الآخر , وبالإمساك بملعقة أو كوب ليأكل أو يشرب وحده , وبفتح ذراعيه لالتقاط الكرة , أو إفراغ سلة أو دلو . كما يتمكن في هذه المرحلة من أن ينزع وحده قبعته وقفازيه وجاربيه .
لا يعتمد الطفل كثيراً في هذه المرحلة على أحاسيسه التلقائية ، إلا أنه يسخر حواسه ليختار ويحدد ما يعجبه وما يثير اشمئزازه .
تصبح ملاحظته البصرية قوية جداً مما يمكنه من التعرف على أشخاص يحيطون به في صور فوتوغرافية , ومن الإشارة في كتاب مصور إلى أشياء يعرفها نسميها له .
يستطيع استعمال الكلمات . لكن الفرق قد يبدو شاسعاً بين طفل وآخر في هذا المضمار , إذ يمكن أن يتراوح عدد الكلمات بين خمس ومئتي كلمة وفقاً للحالات . كما يبدأ بعض الأطفال بربط كلمتين أو ثلاث لتشكيل جملة مفيدة , لكن التعبير لا يبدأ فعلياً إلا في السنة التالية . أما القدرة على فهم اللغة فلا بأس بها , حتى يمكن أن نقول إن الطفل " يفهم كل ما يقال له " .
يتطور عمل الفكر أكثر فأكثر . يتحول التقليد إلى طريقة تعليم أساسية . يكتشف الوالدان أن لتصرفانهم أثراً أكبر من الكلام . من جهة أخرى يصبح الطفل قادراً على فهم العلاقات الرمزية . يمكنه أن يجد حلولاً لبعض المشكلات عن طريق التفكير فقط , بدون أن يحتاج للتصرف . ويكون الطفل صوراً ذهنية للأشياء , والأشخاص والأماكن . تسمح له تلك الصور الداخلية الأولى , بالتحرر من الاعتماد على حواسه واختلاق أفكار جديدة حول تصرفات لم يرها ولم يجربها سابقاً .
يمكنه في هذه المرحلة أن يعرف الأشياء بواسطة مخيلته . وذلك الانفتاح على الصعيد الرمزي هو ما يسمح للطفل بالولوج إلى عالم السحر والخرافة حيث كل شيء ممكن .
وهكذا فإن الحركة المتناسقة والصور الذهنية , إضافة إلى حدس ناشط , تساهم كلها في جعل الطفل يؤثر بشكل فعال على محيطه .
في السنة الثانية من عمره , يترك الطفل المساحة الحسية _ الحركية ليدخل في عالم الفكر .
الألعاب التي نقترحها عليكم تأخذ بعين الاعتبار تطور الطفل في تلك السنة الثانية . حتى لو كبر الطفل كثيراً , فهو لا يزال طفلاً كبيراً , تجدونه نشيطاً جداً , لكنه انفعالي جداً أيضاً . لا يستريح أبداً ويمل بسرعة مما يفعله , مما يفرض أن نغير له الألعاب التي نقترحها عليه . حتى لو بدا لكم أنه يجركم دائماً باستفزازاته إلى صراع القوة , يجب أن تعلموا أنه يطمئن عندما يعلم أنه ليس الزعيم وأن ثمة سلطة أعلى منه . الطفل يخاف من نوبات غضبه أكثر مما يخشاها والداه , لذلك هو بحاجة لأن يؤكدا له حبهما . بهذه الطريقة فقط , يتراجع شيئاً فشيئاً عن رفضه المطلق وعدوانيته . ذلك يتطلب أن يتحلى المحيطون به بالحزم والهدوء والمرح وأن يبقوا دائماً تحت تصرفه .
المطلوب هو الصبر ثم الصبر والروح المرحة ! !
_ الزحلوقة
مكان اللعب: في المنزل.
أعدي مدرجاً منحنياً بواسطة كتاب كبير أو قطعة من الكرتون تسندين أحد طرفيها إلى وسادة . ثم أعطي طفلك سدادة أو كرة صغيرة يدحرجها على هذه الزحلوقة . انتبهي ! لا تعطيه شيئاً يستطيع ابتلاعه ( مثل تيلة أو غيرها ) .
28_ العلب المتداخلة
مكان اللعب: في المنزل
عندما تكونين في المطبخ ، أعطي طفلك ثلاث أو أربع علب من البلاستك مثل التي تستعمل لحفظ الأطعمة ، والتي يمكن أن تدخل إحداها بالأخرى . فالأطفال في هذه السن يعشقون ملء العلب وإفراغها وإدخالها الواحدة بالأخرى .
يمكنك أيضاً أن تضعي في علبة بعض الأشياء الصغيرة ( مثل رقائق الذرة أو الزبيب ، التي لا تعرض الطفل لخطر الاختناق إذا ابتلعها ) .
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع