******************************
657- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: { دَخَلَ عَلَيَّ اَلنَّبِيُّ ذَاتَ يَوْمٍ. فَقَالَ: " هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ? " قُلْنَا: لَا. قَالَ: " فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ " ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ, فَقُلْنَا: أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ, فَقَالَ: " أَرِينِيهِ, فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا " فَأَكَلَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
658- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ: { لَا يَزَالُ اَلنَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا اَلْفِطْرَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
659- وَلِلتِّرْمِذِيِّ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ اَلنَّبِيِّ قَالَ: { قَالَ اَللَّهُ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا } .
660- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ { تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي اَلسَّحُورِ بَرَكَةً } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
الشرح
هذه الأحاديث تتعلق بصوم النافلة وبالسحور وبتعجيل الإفطار ، السنة تعجيل الإفطار وتأخير السحور ، مع أكل السحور وعدم التساهل ، السنة أن يتسحر ويؤخر السحور، والسنة في الإفطار تعجيله إذا غابت الشمس ، لقوله ( لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) وقوله جل وعلا ( أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا ) وهو حديث حسن ، وأما تأخير السحور فسنة ( تسحروا فإن في السحور بركة ) متفق على صحته ، وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي : ( فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ) أكلة السحر تميز صيام المسلمين عن صيام غيرهم، فهي سنة مؤكدة ، قد أمر به النبي ( تسحروا فإن في السحور بركة ) لكنه لا يجب، لأنه في بعض الأحاديث واصل ولم يتسحر ، قال : ( إني لست مثلكم إني أُطعم وأسقي ) ولّما أبَو واصل بهم يومين ثم رأوا الهلال ، فدل على أن الوصال ليس بحرام بل مكروه ، والسحور ليس بواجب بل سنة مؤكدة ، أما صوم النافلة فلا بأس أن يبدأ من أثناء النهار لحديث عائشة ، وأما صوم الفرض فلا بدّ أن يبيِّتَه من الليل كما تقدم من حديث حفصة ( من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له ) هذا في الفريضة ، أما النافلة فلا بأس لحديث عائشة " دخل النبي فقال عندكم شيء قالوا :لا، قال : إني إذاً صائم فصام من أثناء النهار " وفي يوم آخر دخل عليهم قالوا :أُهديَ لنا حيس، فقال: أرينيه ثم أكل وقد أصبح صائماً ، فدل على أن الصائم المتنفل يجوز له أن يفطر إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو رأى مصلحة في ذلك ، ويجوز له أن يصوم من أثناء النهار للمتنفل ، كل هذا تشريع لأنه هو المُشرع بأقواله وأفعاله .
ففعله هذا يبين للأمة جواز الأمرين ، جواز الاستمرار في صوم النافلة وجواز إفطاره وفيه أيضاً جواز صومه من أثناء النهار في النافلة كالضحى والظهر ، فيكون له الأجر من حين نوى الصوم لقوله ( الأعمال بالنيات ) وفق الله الجميع .