الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
الركن العام
وأينَ ضياءُ الشَّمسِ مِنْ نُوره؟!
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="تسابيح ساجدة" data-source="post: 51367" data-attributes="member: 47"><p style="text-align: center"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff">وأينَ ضياءُ الشَّمسِ مِنْ نُوره؟!</span></span></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #800000">عمر بن عبد المجيد البيانوني </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">الشمس تشرق كل يوم ومع ذلك لم تفقد بريقها، ولم يستغنِ أحد عنها، بل إنَّ الشمس إذا كسفت ضج الناس وصلوا صلاة الكسوف، والناس بحاجة إلى الهواء، ولا يستطيعون العيش بدونه .. والمال من يملك منه الكنوز العظيمة تراه أشد الناس حرصاً عليه، ويضحي بالكثير من أجل الحفاظ عليه، والوطن يصعب على الناس تركه وفراقه.. والماء قد جعل الله منه كل شيء حي .. والسماء رغم بقائها من سالف الأزمان لا يمل الناس من التأمل فيها والنظر إليها .. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">هذا مع أنَّ كلَّ هذه مخلوقات من خلق الله، الناس بحاجة إليها، وقد تنتهي حياتهم إذا فقدوا بعضها، ويصيروا في عداد الأموات، فكيف بكلام الله عزَّ وجلَّ وكتابه العظيم ونوره المبين، فمن البدهي أن لا يمل الناس منه، ولا يشبعوا من قراءته وتدبره، ولا يستغنوا عنه في أيِّ حال وفي أيِّ زمان ومكان، وإذا كان القرآن كلام الله سبحانه فإنَّ فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">إنَّه نورُ الله الذي أخفى نورُه كلَّ ما كان يسمَّى نُورا، وأزال ومحى كلَّ ما سواه فجعله هباءاً منثورا، وأشرق فجرُه على دُجَى الظُّلمات فأضحتْ سراجاً منيرا، خاطب عقول الناس وقلوبهم وجاء إليهم هادياً ومبشِّراً ونذيرا، فأنكر على مَنْ يتخذون مِنَ الآلهة مَنْ لا يملكون لأنفسهم موتاً ولا حياة ولا نشورا، وقص علينا من أخبار الأمم من كذبوا وعصوا ربَّهم فأهلكهم وتَبَّرهم تتبيراً، فكيف لعاقل بعد هذا أن يتخذ القرآن مهجورا.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black"><span style="color: red">وأينَ ضياءُ الشمس مِنْ نُور القرآن،</span> وأين جمال القمر مِنْ جمال معناه وبديع وَصْفِه، وحُسن سَبْكه وانسجام رَصْفِه، فطوبى لمن اغترف من غرْفه، واستنشق من عبيره وطِيب عَرْفه، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأين فصاحة العرب وبلاغتهم مِنَ القدرة على الإتيان بأقصر سورة منه.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black"><span style="color: blue">فالقرآن</span> نور يضيء القلب حتى ينعكس ضوؤه على كلِّ تصرف يفعله، يميِّز بنوره ما يضره مما ينفعه، ويعرف به ما يخفضه وما يرفعه.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فلا ريبَ أنْ يموت <span style="color: magenta">قلب</span> مَنْ لا ينهل مِنْ معينه، ولا يتعرض لشمسه وأنواره، ولا يستمسك بحبله المتين.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وإذا كان الناس جميعهم لا يستطيعون أن يستخرجوا من البحر كلَّ ما فيه من موارد ولآلئ ودرر، ولكن يأخذ كلٌّ منه ما يستطيع، فكيف ببحر العلوم والمعارف، وبحر الفضائل واللطائف.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">بحرٌ ولكنَّهُ <span style="color: red">بالدُّرِّ</span> مُنفَرِدٌ ... والبَحرُ يُجمَعُ فيهِ <span style="color: red">الدُّرُّ</span> والرَّبَدُ ([1]).</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وأين البحر في طغيان مائه، وهدير أمواجه، من وعيد القرآن وزجره، وتهديده وتخويفه..</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">كالغَيثِ فِيهِ للطُّغَاةِ زَلازِلٌ ... ولمن يُؤَمِّلُه الزُّلالُ البَارِدُ </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وأين ما يخفيه البحر من أمور عظيمة، وما يكتنفه من أسرار وخبايا جسيمة، من خفايا القرآن وأسرارِه، وعظمةِ معانيه وبريقِ أنوارِه.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">بحرٌ ولكنَّهُ صَافٍ مَوَاهِبُهُ ... والبَحْرُ تَلقَى لَدَيهِ الصَّفْوَ والكَدَرَا </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وأين عمق البحر من عمق معناه، وأين عظمته من عظمة مبناه، وأين روعته من روعة محياه، فرحماه ربنا على تقصيرنا فيه رحماه ..</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">لماذا أنزل الله عز وجل علينا كتابه العظيم؟ </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">لقد أجاب الله سبحانه عن هذا بقوله: {<span style="color: red">هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ</span>} ، وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فمن أراد رحمة الله ورأفته فليتبع هذا القرآن ليخرج به من الظلمات إلى النور، من ظلمات الحيرة والشك إلى نور الثبات واليقين، ومن ظلمات الضلال والانحراف إلى نور الهدى والاستقامة، ومن ظلمات الباطل إلى نور الحقِّ المبين. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فإن القرآن يهدي إلى سُبُل السَّلام، وهي طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة، وهو سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسله، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملاً إلا به. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">(وما أدقَّ هذا التعبير وأصدقَه، إنَّه «السَّلام» هو ما يسكبه هذا الدين في الحياة كلِّها، سلام الفرد، وسلام الجماعة، وسلام العالم، سلام الضمير، وسلام العقل، وسلام الجوارح.. سلام البيت والأسرة، وسلام المجتمع والأمة، وسلام البشر والإنسانية.. السلام مع الحياة، والسلام مع الكون، والسلام مع الله رب الكون والحياة.. السلام الذي لا تجده البشرية - ولم تجده يوماً - إلا في هذا الدين وإلا في منهجه ونظامه وشريعته، ومجتمعه الذي يقوم على عقيدته وشريعته) ([2]). </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">والسَّلام هو الله عزَّ وجلَّ، فالقرآن يهدي إلى معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله، والطريق الموصل إلى رضوانه. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وقد وصف الله تعالى الجنة بأنها دار السَّلام، فقال سبحانه: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، وقال: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}، وسميت بذلك لسلامتها من جميع الآفات والنقائص، وذلك لكمال نعيمها وتمامه وبقائه، وحسنه من كلِّ وجه. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وعلى هذا فالقرآن يهدي إلى طريق السلامة وهي شريعة الله، ويهدي إلى معرفة الله سبحانه، ويهدي إلى الجنة.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وقد وصف الله سبحانه كتابه بأنَّه نُور فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ}، وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً}، وقال: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا}، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقال: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورَاً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}، وهل يمكن لأحد أنْ يسير على الطريق الصحيح السليم من غير نورٍ يهتدي به ؟ وهل يمكن لنفس أن تطمئن وتنعم بالسكينة والأمان وهي تمشي في الظلمات؟ </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}.</span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ}. </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ}.</span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">والله سبحانه هو وحده الذي ينجي من الظلمات، {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعَاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ}، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff">ولكن كيف سيخرجنا القرآن من الظلمات إلى النور؟ </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">إن ذلك يكون بأمرين:</span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">1ـ التدبر والفهم لآيات الله سبحانه، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافَاً كَثِيرَاً}، وقال: {<span style="color: red">أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا</span>}.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فلو علِم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبُّر، لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكُّر حتى إذا مرَّ بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه، كرَّرها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكُّر وتفهُّم خير من قراءة ختمة بغير تدبُّر وتفهُّم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فقراءة القرآن بالتفكُّر هي أصل صلاح القلب ([3]). </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">ولما كان أعظم المطبقين للقرآن الكريم هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ مَنْ أراد أن يفهم القرآن فعليه بسيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، فإنَّ سيرته وحياته هي تطبيق عملي وتفسير للقرآن، فعندما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ) ([4])، فلا يكفي الاقتصار على قراءة ما ذكره المفسرون، فإن الاطلاع على السيرة النبوية وفهم الدروس والعبر منها تجعل الإنسان يفهم القرآن بطريقة أفضل. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">2ـ التطبيق لما جاء في القرآن العظيم، بفعل أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه، قال تعالى: {<span style="color: red">اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ</span>}، وقال: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينَاً}.</span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، قال ابن عباس: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ}، يتبعونه حق اتباعه. وقال مجاهد: يعملون به حق عمله. وقال عبد الله بن مسعود: والذي نفسي بيده، إنَّ حقَّ تلاوته: أن يحلَّ حلاله ويحرِّم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا يتأوَّل منه شيئاً على غير تأويله. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">قال الإمام ابن القيم</span>: أهل القرآن هم العالمون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله، وإن أقام حروفه إقامة السهم ([5]). </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وقد بيَّن الله سبحانه أنَّ في طاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام الحياةَ الحقيقيةَ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، وقال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ) ([6]). </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff">قال الإمام الرازي: ذكروا في قوله: {إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} وجوهاً: </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">الأول</span>: قال السدي: هو الإيمان والإسلام وفيه الحياة لأن الإيمان حياة القلب والكفر موته ، يدل عليه قوله تعالى : {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ المَيِّتِ}، قيل المؤمن من الكافر.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">الثاني</span>: قال قتادة: يعني القرآن أي أجيبوه إلى ما في القرآن، ففيه الحياة والنجاة والعصمة، وإنما سمي القرآن بالحياة؛ لأن القرآن سبب العلم، والعلم حياة ، فجاز أن يسمى سبب الحياة بالحياة. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">الثالث</span>: قال الأكثرون : {لِما يُحْيِيكُمْ} هو الجهاد ، ثم في سبب تسمية الجهاد بالحياة وجوه، </span></span></span></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">أحدها</span>: هو أن وهن أحد العدوين حياة للعدو الثاني، فأمر المسلمين إنما يقوى ويعظم بسبب الجهاد مع الكفار.</span></span></span></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">وثانيها</span>: أن الجهاد سبب لحصول الشهادة وهي توجب الحياة الدائمة قال تعالى : {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">وثالثها</span>: أن الجهاد قد يفضي إلى القتل ، والقتل يوصل إلى الدار الآخرة ، والدار الآخرة معدن الحياة. قال تعالى : {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ}، أي الحياة الدائمة.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="color: red">والقول الرابع</span>: {لِما يُحْيِيكُمْ} أي لكلِّ حقٍّ وصواب، وعلى هذا التقدير فيدخل فيه القرآن والإيمان والجهاد وكل أعمال البر والطاعة، والمراد من قوله: {لِما يُحْيِيكُمْ} الحياة الطيبة الدائمة قال تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً} ([7]). </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فلو طبق المسلمون ما في القرآن لما تأخر نصرهم ساعة واحدة من زمانهم، ولا تجرأ عليهم شجعان الأعداء فضلاً عن جبنائهم، ولا أتاهم الأعداء من قِبَل تفرقهم واختلافهم، ولا أتتهم المصائب التي لم تكن فيمن قبلهم، ولا عانى الضعيف من ظلم القوي، ولا عانى الحاكم من شعبه ولا الشعب من حاكمه. </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فلو أن دولة طبقت هذه الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، لأفلحت في الدنيا ونجت الآخرة. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">ولو أن أحداً عرف أن {مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}، وأن {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}، وتأمل قوله: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فهل سيعمل السوء؟ </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">ولو أن أحداً أيقن بقوله تعالى: {<span style="color: red">وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرَاً</span>}، فهل سيكفر بربه؟ </span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، وسماه الله تعالى بالفرقان فقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرَاً }، وقال: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ}، فهو يفرق به بين الحق والباطل وبين طريق الخير وطريق الشر، فيعلم السالك إلى أين يتجه، ويكون على بصيرة من أمره، قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، وقال تعالى: { هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدَىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }. ، فمن اتبع هدى القرآن فقد فاز ونجا، فطوبى لأهل العقول والحِجَى، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقال: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقال: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى}، وقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدَىً مِنَ اللهِ}. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وقد وصف الله القرآن بأنه شفاء ورحمة للمؤمنين، تشفى به الصدور من وساوسها وشكوكها وأمراضها، أمراض الشبهات وأمراض الشهوات، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارَاً }، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدَىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، وقال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}، وهذا الشفاء يمتد من الفرد إلى الأمة في علاج أمراضها الحسية والمعنوية. </span></span></span></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فمَنْ عرف فضل القرآن تلهف إليه تلهف الظمآن إلى الماء، والزُّروع إلى السَّماء، والمريض إلى الشفاء، والغريق إلى الهواء، والمسجون إلى الحرية والفضاء.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">ويشتاق إليه شوق الغريب إلى وطنه، والوالد إلى ولده، والمحب المفارق إلى محبوبه.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">والذي يعيش بدون القرآن والعمل به والاستهداء بهديه، فإنَّ حياتَه {كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورَاً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.</span></span></span></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">حاله كما قيل: </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p style="text-align: center"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">كأنَّهُ <span style="color: red">فارسٌ</span> لا سَيفَ في يَدِهِ ... والحَربُ دائرةٌ والنَّاسُ تَضطرِبُ </span></span></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">أو أنَّهُ مُبْحِرٌ تَاهَتْ سَفِينَتُهُ ... <span style="color: red">والموجُ</span> يَلطُمُ عَينَيْهِ ويَنسَحِبُ </span></span></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">أو أنَّهُ سَالِكُ <span style="color: red">الصَّحْرَاءِ</span> أظمَأَهُ ... قَيْظٌ وأوقَفَهُ عَنْ سَيرِهِ التَّعَبُ </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فالقرآن هو سلاحُ المُحَارِب النافذ، ودرعُ المقاتل السابغ، وسفينةُ النجاة الآمنة، وراحةُ المُتْعَب، ونور الدرب، ورَيُّ الظمآن، وملاذُ الخائف وحصنه، ونجاةُ الهالك وحياته.. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">لقد وصف الله سبحانه القرآن بأنه رُوح فقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحَاً مِنْ أَمْرِنَا}، وقال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}، وهل يمكن للإنسان أن يعيش بدون روح؟ فالقرآن هو الرُّوح والحياة للإنسان، فكما أنَّ الجسد بدون الروح هو جسد ميت لا يوصف بالحياة، كذلك القلب لا يحيا بدون روح الوحي الذي فيه نفع العباد ومصلحتهم في الدنيا والآخرة. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وإذا كانت الأرواح جنوداً مجنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، كما جاء في الحديث الصحيح، فإنَّ المؤمنين إذا أرادوا أن تتعارف أرواحهم ولا تختلف، ويكونوا كالجسد الواحد فإنَّ عليهم أن يكونوا روحاً واحدة، ولا يمكن لهم أن يكونوا كذلك إلا إذا حلَّ فيهم روح القرآن، فإذا حلَّ فيهم روح القرآن ائتلفت قلوبهم وتعارفت أرواحهم، فصارت روحاً واحدة واتحدوا جميعاً. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وفي وصف القرآن بأنه رُوح إشارةٌ وتصديقٌ لقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَاً}؛ وذلك لأنَّ الله عز وجل يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، فكما أنَّ البشر عاجزون عن صنع الروح هم كذلك عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن أو سورة منه.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">والقرآن هو القائد إلى التقدُّم والرقي والحضارة، وإلا فأيُّ حضارة لمن يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون؟ وأيُّ حضارة لمن صعد إلى القمر أو المريخ ورأى آيات الله ظاهرة في الكون ثم لم يعرفه كل ذلك بالله سبحانه؟ بل إنَّ مَنْ تأمل في بعوضة وعرَّفته بالله هو أعظم حضارة منه، لأنَّ علمه بذلك قد آتى ثمرته وقاده إلى الإيمان بالله تعالى، فليست الحضارة هي مجرد التفوق في الأمور المادية، بل إنَّ الجانب الأعظم من الحضارة هو العلم النافع، والعلم النافع هو الذي يورث الخشية من الله، قال تعالى: {<span style="color: blue">إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ</span>}، ولهذا وصف الله سبحانه الذين لا يعلمون إلا ظاهراً من الحياة الدنيا وهم غافلون عن الآخرة بأنهم لا يعلمون، قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظَاهِرَاً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وقال سبحانه: {<span style="color: red">وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ</span>}، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ}، وقال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">ووصفهم الله سبحانه أيضاً بأنهم لا يعقلون، فقال: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئَاً وَلَا يَهْتَدُونَ}، وكذلك في الآية التي بعدها: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوَاً وَلَعِبَاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعَاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}.</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وحقاً فهم لا يعلمون ولا يعقلون؛ لأنهم يحصرون تفكيرهم وجهدهم ونجاحهم في حياة قصيرة فانية، لا تساوي نسبتها شيئاً بالنسبة إلى الحياة في الآخرة، ولا يلقون بالاً لمصيرهم الأبدي، وحياتهم الدائمة التي لا تنتهي ولا تفنى. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">وبعد؛ فماذا لو حسب كلٌّ منَّا أنَّ القرآن قد أنزل عليه، فكيف سيتلقى رسائله ومواعظه، وأوامره ونواهيه، فما أنفسَها وما أعظمَها من رسائل قالها الخالق العظيم لخلقه وعباده الذين لا يعرفون من الخير إلا ما عرَّفهم به ربهم، ولا نجاة لهم من الشرور والآثام إلا بابتعادهم عما نهى الله عنه، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، وقال: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">فإنْ أردت سبيلَ السَّلام بأوسع معانيه، فاقرأ القرآنَ قراءة مهتدٍ بآياته إلى الصراط المستقيم، ومستنيرٍ بها ومسترشد إلى السلوك القويم، فيكون وزنك للأمور وتقويمها هو بميزان القرآن، ومنهجك هو منهجه، وصراطك هو الصراط الذي يدعو إليه. </span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: blue">اللهم اجعلنا من أهل القرآن العالمون به، والعاملون بما فيه</span></span></span></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: black"><span style="font-family: 'comic sans ms'"><span style="font-size: 22px">وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين.</span></span> </span></span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="تسابيح ساجدة, post: 51367, member: 47"] [center][font=comic sans ms][size=6][color=#0000ff]وأينَ ضياءُ الشَّمسِ مِنْ نُوره؟![/color][/size][/font] [/center] [font=comic sans ms][size=6][color=#800000]عمر بن عبد المجيد البيانوني [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]الشمس تشرق كل يوم ومع ذلك لم تفقد بريقها، ولم يستغنِ أحد عنها، بل إنَّ الشمس إذا كسفت ضج الناس وصلوا صلاة الكسوف، والناس بحاجة إلى الهواء، ولا يستطيعون العيش بدونه .. والمال من يملك منه الكنوز العظيمة تراه أشد الناس حرصاً عليه، ويضحي بالكثير من أجل الحفاظ عليه، والوطن يصعب على الناس تركه وفراقه.. والماء قد جعل الله منه كل شيء حي .. والسماء رغم بقائها من سالف الأزمان لا يمل الناس من التأمل فيها والنظر إليها .. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]هذا مع أنَّ كلَّ هذه مخلوقات من خلق الله، الناس بحاجة إليها، وقد تنتهي حياتهم إذا فقدوا بعضها، ويصيروا في عداد الأموات، فكيف بكلام الله عزَّ وجلَّ وكتابه العظيم ونوره المبين، فمن البدهي أن لا يمل الناس منه، ولا يشبعوا من قراءته وتدبره، ولا يستغنوا عنه في أيِّ حال وفي أيِّ زمان ومكان، وإذا كان القرآن كلام الله سبحانه فإنَّ فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]إنَّه نورُ الله الذي أخفى نورُه كلَّ ما كان يسمَّى نُورا، وأزال ومحى كلَّ ما سواه فجعله هباءاً منثورا، وأشرق فجرُه على دُجَى الظُّلمات فأضحتْ سراجاً منيرا، خاطب عقول الناس وقلوبهم وجاء إليهم هادياً ومبشِّراً ونذيرا، فأنكر على مَنْ يتخذون مِنَ الآلهة مَنْ لا يملكون لأنفسهم موتاً ولا حياة ولا نشورا، وقص علينا من أخبار الأمم من كذبوا وعصوا ربَّهم فأهلكهم وتَبَّرهم تتبيراً، فكيف لعاقل بعد هذا أن يتخذ القرآن مهجورا.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black][color=red]وأينَ ضياءُ الشمس مِنْ نُور القرآن،[/color] وأين جمال القمر مِنْ جمال معناه وبديع وَصْفِه، وحُسن سَبْكه وانسجام رَصْفِه، فطوبى لمن اغترف من غرْفه، واستنشق من عبيره وطِيب عَرْفه، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأين فصاحة العرب وبلاغتهم مِنَ القدرة على الإتيان بأقصر سورة منه.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black][color=blue]فالقرآن[/color] نور يضيء القلب حتى ينعكس ضوؤه على كلِّ تصرف يفعله، يميِّز بنوره ما يضره مما ينفعه، ويعرف به ما يخفضه وما يرفعه.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فلا ريبَ أنْ يموت [color=magenta]قلب[/color] مَنْ لا ينهل مِنْ معينه، ولا يتعرض لشمسه وأنواره، ولا يستمسك بحبله المتين.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وإذا كان الناس جميعهم لا يستطيعون أن يستخرجوا من البحر كلَّ ما فيه من موارد ولآلئ ودرر، ولكن يأخذ كلٌّ منه ما يستطيع، فكيف ببحر العلوم والمعارف، وبحر الفضائل واللطائف.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]بحرٌ ولكنَّهُ [color=red]بالدُّرِّ[/color] مُنفَرِدٌ ... والبَحرُ يُجمَعُ فيهِ [color=red]الدُّرُّ[/color] والرَّبَدُ ([1]).[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وأين البحر في طغيان مائه، وهدير أمواجه، من وعيد القرآن وزجره، وتهديده وتخويفه..[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]كالغَيثِ فِيهِ للطُّغَاةِ زَلازِلٌ ... ولمن يُؤَمِّلُه الزُّلالُ البَارِدُ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وأين ما يخفيه البحر من أمور عظيمة، وما يكتنفه من أسرار وخبايا جسيمة، من خفايا القرآن وأسرارِه، وعظمةِ معانيه وبريقِ أنوارِه.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]بحرٌ ولكنَّهُ صَافٍ مَوَاهِبُهُ ... والبَحْرُ تَلقَى لَدَيهِ الصَّفْوَ والكَدَرَا [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وأين عمق البحر من عمق معناه، وأين عظمته من عظمة مبناه، وأين روعته من روعة محياه، فرحماه ربنا على تقصيرنا فيه رحماه ..[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]لماذا أنزل الله عز وجل علينا كتابه العظيم؟ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]لقد أجاب الله سبحانه عن هذا بقوله: {[color=red]هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ[/color]} ، وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فمن أراد رحمة الله ورأفته فليتبع هذا القرآن ليخرج به من الظلمات إلى النور، من ظلمات الحيرة والشك إلى نور الثبات واليقين، ومن ظلمات الضلال والانحراف إلى نور الهدى والاستقامة، ومن ظلمات الباطل إلى نور الحقِّ المبين. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فإن القرآن يهدي إلى سُبُل السَّلام، وهي طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة، وهو سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسله، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملاً إلا به. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black](وما أدقَّ هذا التعبير وأصدقَه، إنَّه «السَّلام» هو ما يسكبه هذا الدين في الحياة كلِّها، سلام الفرد، وسلام الجماعة، وسلام العالم، سلام الضمير، وسلام العقل، وسلام الجوارح.. سلام البيت والأسرة، وسلام المجتمع والأمة، وسلام البشر والإنسانية.. السلام مع الحياة، والسلام مع الكون، والسلام مع الله رب الكون والحياة.. السلام الذي لا تجده البشرية - ولم تجده يوماً - إلا في هذا الدين وإلا في منهجه ونظامه وشريعته، ومجتمعه الذي يقوم على عقيدته وشريعته) ([2]). [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]والسَّلام هو الله عزَّ وجلَّ، فالقرآن يهدي إلى معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله، والطريق الموصل إلى رضوانه. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وقد وصف الله تعالى الجنة بأنها دار السَّلام، فقال سبحانه: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، وقال: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}، وسميت بذلك لسلامتها من جميع الآفات والنقائص، وذلك لكمال نعيمها وتمامه وبقائه، وحسنه من كلِّ وجه. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وعلى هذا فالقرآن يهدي إلى طريق السلامة وهي شريعة الله، ويهدي إلى معرفة الله سبحانه، ويهدي إلى الجنة.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وقد وصف الله سبحانه كتابه بأنَّه نُور فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ}، وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً}، وقال: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا}، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقال: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورَاً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}، وهل يمكن لأحد أنْ يسير على الطريق الصحيح السليم من غير نورٍ يهتدي به ؟ وهل يمكن لنفس أن تطمئن وتنعم بالسكينة والأمان وهي تمشي في الظلمات؟ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ}. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]والله سبحانه هو وحده الذي ينجي من الظلمات، {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعَاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ}، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=#0000ff]ولكن كيف سيخرجنا القرآن من الظلمات إلى النور؟ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]إن ذلك يكون بأمرين:[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]1ـ التدبر والفهم لآيات الله سبحانه، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافَاً كَثِيرَاً}، وقال: {[color=red]أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[/color]}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فلو علِم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبُّر، لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكُّر حتى إذا مرَّ بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه، كرَّرها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكُّر وتفهُّم خير من قراءة ختمة بغير تدبُّر وتفهُّم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فقراءة القرآن بالتفكُّر هي أصل صلاح القلب ([3]). [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]ولما كان أعظم المطبقين للقرآن الكريم هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ مَنْ أراد أن يفهم القرآن فعليه بسيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، فإنَّ سيرته وحياته هي تطبيق عملي وتفسير للقرآن، فعندما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ) ([4])، فلا يكفي الاقتصار على قراءة ما ذكره المفسرون، فإن الاطلاع على السيرة النبوية وفهم الدروس والعبر منها تجعل الإنسان يفهم القرآن بطريقة أفضل. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]2ـ التطبيق لما جاء في القرآن العظيم، بفعل أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه، قال تعالى: {[color=red]اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ[/color]}، وقال: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينَاً}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، قال ابن عباس: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ}، يتبعونه حق اتباعه. وقال مجاهد: يعملون به حق عمله. وقال عبد الله بن مسعود: والذي نفسي بيده، إنَّ حقَّ تلاوته: أن يحلَّ حلاله ويحرِّم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا يتأوَّل منه شيئاً على غير تأويله. [/color][/size][/font] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]قال الإمام ابن القيم[/color]: أهل القرآن هم العالمون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله، وإن أقام حروفه إقامة السهم ([5]). [/font][/size][/color] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وقد بيَّن الله سبحانه أنَّ في طاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام الحياةَ الحقيقيةَ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، وقال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ) ([6]). [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=#0000ff]قال الإمام الرازي: ذكروا في قوله: {إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} وجوهاً: [/color][/size][/font] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]الأول[/color]: قال السدي: هو الإيمان والإسلام وفيه الحياة لأن الإيمان حياة القلب والكفر موته ، يدل عليه قوله تعالى : {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ المَيِّتِ}، قيل المؤمن من الكافر.[/font][/size][/color] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]الثاني[/color]: قال قتادة: يعني القرآن أي أجيبوه إلى ما في القرآن، ففيه الحياة والنجاة والعصمة، وإنما سمي القرآن بالحياة؛ لأن القرآن سبب العلم، والعلم حياة ، فجاز أن يسمى سبب الحياة بالحياة. [/font][/size][/color] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]الثالث[/color]: قال الأكثرون : {لِما يُحْيِيكُمْ} هو الجهاد ، ثم في سبب تسمية الجهاد بالحياة وجوه، [/font][/size][/color] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]أحدها[/color]: هو أن وهن أحد العدوين حياة للعدو الثاني، فأمر المسلمين إنما يقوى ويعظم بسبب الجهاد مع الكفار.[/font][/size][/color] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]وثانيها[/color]: أن الجهاد سبب لحصول الشهادة وهي توجب الحياة الدائمة قال تعالى : {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. [/font][/size][/color] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]وثالثها[/color]: أن الجهاد قد يفضي إلى القتل ، والقتل يوصل إلى الدار الآخرة ، والدار الآخرة معدن الحياة. قال تعالى : {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ}، أي الحياة الدائمة.[/font][/size][/color] [color=black][size=6][font=comic sans ms][color=red]والقول الرابع[/color]: {لِما يُحْيِيكُمْ} أي لكلِّ حقٍّ وصواب، وعلى هذا التقدير فيدخل فيه القرآن والإيمان والجهاد وكل أعمال البر والطاعة، والمراد من قوله: {لِما يُحْيِيكُمْ} الحياة الطيبة الدائمة قال تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً} ([7]). [/font][/size][/color] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فلو طبق المسلمون ما في القرآن لما تأخر نصرهم ساعة واحدة من زمانهم، ولا تجرأ عليهم شجعان الأعداء فضلاً عن جبنائهم، ولا أتاهم الأعداء من قِبَل تفرقهم واختلافهم، ولا أتتهم المصائب التي لم تكن فيمن قبلهم، ولا عانى الضعيف من ظلم القوي، ولا عانى الحاكم من شعبه ولا الشعب من حاكمه. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فلو أن دولة طبقت هذه الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، لأفلحت في الدنيا ونجت الآخرة. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]ولو أن أحداً عرف أن {مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}، وأن {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}، وتأمل قوله: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فهل سيعمل السوء؟ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]ولو أن أحداً أيقن بقوله تعالى: {[color=red]وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرَاً[/color]}، فهل سيكفر بربه؟ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، وسماه الله تعالى بالفرقان فقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرَاً }، وقال: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ}، فهو يفرق به بين الحق والباطل وبين طريق الخير وطريق الشر، فيعلم السالك إلى أين يتجه، ويكون على بصيرة من أمره، قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، وقال تعالى: { هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدَىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }. ، فمن اتبع هدى القرآن فقد فاز ونجا، فطوبى لأهل العقول والحِجَى، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقال: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقال: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى}، وقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدَىً مِنَ اللهِ}. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وقد وصف الله القرآن بأنه شفاء ورحمة للمؤمنين، تشفى به الصدور من وساوسها وشكوكها وأمراضها، أمراض الشبهات وأمراض الشهوات، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارَاً }، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدَىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، وقال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}، وهذا الشفاء يمتد من الفرد إلى الأمة في علاج أمراضها الحسية والمعنوية. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فمَنْ عرف فضل القرآن تلهف إليه تلهف الظمآن إلى الماء، والزُّروع إلى السَّماء، والمريض إلى الشفاء، والغريق إلى الهواء، والمسجون إلى الحرية والفضاء.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]ويشتاق إليه شوق الغريب إلى وطنه، والوالد إلى ولده، والمحب المفارق إلى محبوبه.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]والذي يعيش بدون القرآن والعمل به والاستهداء بهديه، فإنَّ حياتَه {كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورَاً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]حاله كما قيل: [/color][/size][/font] [center][font=comic sans ms][size=6][color=black]كأنَّهُ [color=red]فارسٌ[/color] لا سَيفَ في يَدِهِ ... والحَربُ دائرةٌ والنَّاسُ تَضطرِبُ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]أو أنَّهُ مُبْحِرٌ تَاهَتْ سَفِينَتُهُ ... [color=red]والموجُ[/color] يَلطُمُ عَينَيْهِ ويَنسَحِبُ [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]أو أنَّهُ سَالِكُ [color=red]الصَّحْرَاءِ[/color] أظمَأَهُ ... قَيْظٌ وأوقَفَهُ عَنْ سَيرِهِ التَّعَبُ [/color][/size][/font][/center] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فالقرآن هو سلاحُ المُحَارِب النافذ، ودرعُ المقاتل السابغ، وسفينةُ النجاة الآمنة، وراحةُ المُتْعَب، ونور الدرب، ورَيُّ الظمآن، وملاذُ الخائف وحصنه، ونجاةُ الهالك وحياته.. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]لقد وصف الله سبحانه القرآن بأنه رُوح فقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحَاً مِنْ أَمْرِنَا}، وقال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}، وهل يمكن للإنسان أن يعيش بدون روح؟ فالقرآن هو الرُّوح والحياة للإنسان، فكما أنَّ الجسد بدون الروح هو جسد ميت لا يوصف بالحياة، كذلك القلب لا يحيا بدون روح الوحي الذي فيه نفع العباد ومصلحتهم في الدنيا والآخرة. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وإذا كانت الأرواح جنوداً مجنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، كما جاء في الحديث الصحيح، فإنَّ المؤمنين إذا أرادوا أن تتعارف أرواحهم ولا تختلف، ويكونوا كالجسد الواحد فإنَّ عليهم أن يكونوا روحاً واحدة، ولا يمكن لهم أن يكونوا كذلك إلا إذا حلَّ فيهم روح القرآن، فإذا حلَّ فيهم روح القرآن ائتلفت قلوبهم وتعارفت أرواحهم، فصارت روحاً واحدة واتحدوا جميعاً. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وفي وصف القرآن بأنه رُوح إشارةٌ وتصديقٌ لقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَاً}؛ وذلك لأنَّ الله عز وجل يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، فكما أنَّ البشر عاجزون عن صنع الروح هم كذلك عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن أو سورة منه.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]والقرآن هو القائد إلى التقدُّم والرقي والحضارة، وإلا فأيُّ حضارة لمن يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون؟ وأيُّ حضارة لمن صعد إلى القمر أو المريخ ورأى آيات الله ظاهرة في الكون ثم لم يعرفه كل ذلك بالله سبحانه؟ بل إنَّ مَنْ تأمل في بعوضة وعرَّفته بالله هو أعظم حضارة منه، لأنَّ علمه بذلك قد آتى ثمرته وقاده إلى الإيمان بالله تعالى، فليست الحضارة هي مجرد التفوق في الأمور المادية، بل إنَّ الجانب الأعظم من الحضارة هو العلم النافع، والعلم النافع هو الذي يورث الخشية من الله، قال تعالى: {[color=blue]إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[/color]}، ولهذا وصف الله سبحانه الذين لا يعلمون إلا ظاهراً من الحياة الدنيا وهم غافلون عن الآخرة بأنهم لا يعلمون، قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظَاهِرَاً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وقال سبحانه: {[color=red]وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ[/color]}، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ}، وقال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]ووصفهم الله سبحانه أيضاً بأنهم لا يعقلون، فقال: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئَاً وَلَا يَهْتَدُونَ}، وكذلك في الآية التي بعدها: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوَاً وَلَعِبَاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعَاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}.[/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وحقاً فهم لا يعلمون ولا يعقلون؛ لأنهم يحصرون تفكيرهم وجهدهم ونجاحهم في حياة قصيرة فانية، لا تساوي نسبتها شيئاً بالنسبة إلى الحياة في الآخرة، ولا يلقون بالاً لمصيرهم الأبدي، وحياتهم الدائمة التي لا تنتهي ولا تفنى. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]وبعد؛ فماذا لو حسب كلٌّ منَّا أنَّ القرآن قد أنزل عليه، فكيف سيتلقى رسائله ومواعظه، وأوامره ونواهيه، فما أنفسَها وما أعظمَها من رسائل قالها الخالق العظيم لخلقه وعباده الذين لا يعرفون من الخير إلا ما عرَّفهم به ربهم، ولا نجاة لهم من الشرور والآثام إلا بابتعادهم عما نهى الله عنه، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، وقال: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=black]فإنْ أردت سبيلَ السَّلام بأوسع معانيه، فاقرأ القرآنَ قراءة مهتدٍ بآياته إلى الصراط المستقيم، ومستنيرٍ بها ومسترشد إلى السلوك القويم، فيكون وزنك للأمور وتقويمها هو بميزان القرآن، ومنهجك هو منهجه، وصراطك هو الصراط الذي يدعو إليه. [/color][/size][/font] [font=comic sans ms][size=6][color=blue]اللهم اجعلنا من أهل القرآن العالمون به، والعاملون بما فيه[/color][/size][/font] [size=4][color=black][font=comic sans ms][size=6]وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين.[/size][/font] [/color][/size] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
الركن العام
وأينَ ضياءُ الشَّمسِ مِنْ نُوره؟!