وفي الصراحة .. تكون الراحة

طباعة الموضوع

إدارة المعهد

لا إله إلا الله
إنضم
30 ديسمبر 2010
المشاركات
1,683
النقاط
38
الإقامة
بلجيكا
احب القراءة برواية
ورش عن نافع عن طريق الازرق
القارئ المفضل
عبد الجليل خالد-القزابري
الجنس
أخ
وفي الصراحة .. تكون الراحة
تأليف
فهد بن يحيى العماري



حقيقة وجدانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد… أما بعد :
فإن الحب والوفاء والود والإخاء حقيقة وجدانية ، بل أمر فطري جبلت عليه النفوس البشرية لا بل هو من الإيمان إن كان خالصاً للرحمن، فالأخوة الحقة والمحبة الصادقة تولّد في النفس أصدق العواطف النبيلة وأخلص المشاعر الصادقة بلا تلفيق اعتذارات ولا تنميق عبارات بل صدقٌ في الحديث والمعاملة والنصح ، يمسك الأخ بيد أخيه في رفق وحُنوٍ وشفقة ، بِرٌ وصلة ووفاء ، إيثار وعون في الشدة والرخاء فلا ينساه من الدعاء وكل ذلك دون تكلف أو شعور بالمشقة والعناء بل في أريحية وحسن أداء وطلب الأجر من رب الأرض والسماء ، أَيدٍ تتصافح وقلوبٌ تتآلف ، أرواحٌ تتفادى ورؤوسٌ تتعانق وحقيقة الأخوة في الله لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء (1) قال صلى الله عليه وسلم {ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان _ وذكر منهن _ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله } (رواه البخاري)
والإنسان بلا ذلك كله جلمود صخر لا يستطيع الحياة مع الناس ومخالطتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم . والناس فيه - أي الحب - بين إفراط وتفريط واعتدال .

حقيقة المشكلة ومظاهرها
وعلامة الحب الزائد الخارج عن المعقول والمعتاد والمألوف :
تقليدٌ ومحاكاة ٌفي القول والفعل واللباس من الشماغ إلى الحذاء بل تغيير كثير من حياته أفكاراً وأهدافاً وسلوكاً من أجل أن تتوافق مع حياة الآخر بل إن البعض يخفي بعض معالم دينه والتزامه الظاهرة لكي يوهم صديقه بأنه على نفس الطريق حتى لا يتركه وينفر منه أو يجاريه في ارتياد أماكن الشبه والوقوع في المكروهات إن لم يكن المحرمات .
رسائل ومكالمات إلى أنصاف الليالي وكثرة لقاءات واجتماعات من غير فائدة .
اختلاس نظرٍ وترقبٌ وعينٌ هنا وأخرى هناك .
مطارداتٌ واصطياد للفتيان من خلال الدوران .
مظاهر المشكلة
تَناجٍ واستخفاء وخلوةٌ وراء الجدران والحيطان وفي الاستراحات والبراري والوديان ومـع التظليل والألوان البرّاقة والإنارة الهادئة والموسيقى الغربية يُثار ما في النفوس وتُفتن القلوب .
تجوالٌ وتطواف ودوران هنا وهناك مع الفتيان حتى وقت نزول الرحمن في ثلث الليل الآخر وافتخار واستعراض به بين الأقران .
إدمانُ نظرٍ إليه و إقبالُ عينٍ عليه وتلذذٌ بذلك وتكحيل للعين كما يقال..! (2).
حب الانفراد به والابتعاد عن أعين الناس .
كثرة السؤال عنه ومحاولة معرفة أصدقائه وأين ذهب ومن أين أتى ومع من ؟ وربما استخدم أسلوب التتبع والتجسس غيرة عليه حتى لا يأخذه أحد عليه .
التحايل واختلاق الأسباب من أجل اللقاء به بل رؤيته فقط أو الاتصال به من أجل سماع صوته والتلذذ به مع قرب عهده به وربما رآه في نفس اليوم ووالداه وأخوته تمر عليه الأيام والأسابيع ولم يشتق إلى لقائهم وسماع صوتهم إذا كان بعيداً عنهم .
دوران حول بيته ومدرسته ومسجده وكل ما يذكِّره به.
عدم الصبر على مفارقته وإن سافر إلى مكة فالملتقى هناك حيث يخلو الجو والاعتذار من قبل الفتى والفتاة عند التأخر إلى قبيل الفجر بالطواف وقراءة القرآن والاتصال وشراء الهدايا للأصدقاء والصديقات ولوكانت الكعبة وساحاتها تَنطق لنطقتْ وأَنّتْ بما لا تصدقه العقول ولو كانت تَبكي لجرى المطاف بالدموع ، أهكذا ياشباب يفعل ضيف الله في حرم الله .. !؟ أفلا عقلٌ يمنع ودينٌ يردع..؟
الغيرة من أصدقائه إذا رآهم معه ومحاولة الإفساد بينهم وبينه والتحذير منهم في صورة نصحٍ وإشفاق وحمايته من أهل الفساد وإظهار ذلك للآباء والإخوان حتى ينفرد بصحبته ويغرس ثقة الآباء فيه .
نقلُ كل ما يقال عنه له وربما تعاهدا على ذلك .
كراهة كل من سواه من أصدقائه الأولين والتنكّر لهم وتفضيله عليهم ونَسي فضائلهم عليه .
الخوف والتفكير الشديد بل الجنون والبكاء إذا لقيه فأعرض عنه أو اتصل فلم يَردّ عليه أو انشغل عنه فترة من الزمن فإذا رآه أهال عليه وابلاً من العتاب وذكّره بفضائله عليه أو أعدّ العدة لكتابة الرسائل والآهات .
صورٌ للتشهي والتلذذ بحجة الذكريات .
انتظار المناسبات وافتعالها وتحين الفرص للتلذذ بالمعانقة وربما أكثر منها في صورة مزح متلذذاً بها .
الأخذ برأيه وعدم مخالفته ومحاولة إرضائه ولو كان يكره المحب ذلك أو قوله وفعله خطأ وفي النهاية أنت المحب الضحية .
السكوت عن أخطائه وعدم منا صحته والدفاع عنه بالباطل .
إغداقه بالأموال والهدايا ولين الجانب له والعطف عليه ومحاولة ربطه به بشتى الأساليب وتهيئة كل ما يحب ، محبة له أومن أجل تعليقه به حتى لا يتركه وتصبح المنة له عليه . يقول أحد الشباب عندما قبض عليه رجال الهيئة مع أحد الفتيان : إني أبذل له كل ما لدي من مال وأعطيه في بعض الأيام خمسين ريالاً وأنا بأمس الحاجة لهذا المال حتى لا يتركني ويذهب .
تـبادل كلمات المدح والثناء وأوصاف الكمال التي لا تكون إلا لله وأشعار وأغاني الحب والغرام وربما أُرسلت في صورة هدية شريط أو رسالة خطية أو عن طريق رسائل الهاتف النقال ، كلمات تثير الغرائز وتتلذذ بها النفوس ، تكاد تصم الأذان وتقشعر منها الأبدان ، تتضمن الجنون والفجور والكفر والفسوق ، يستحي الرجل أن يستخدمها مع زوجته وإنما تعرف عند غزل الفاسدين للفاسدات فأصبح الغزل بين الذكور لا الرجال يقول أحدهم : [أحلى الكلام همسك ، وأحلى ما في حياتي أني أحبك ] فأين حلاوة الإيمان ولذة القرآن ، أليس كلام الرحمن ألذ وأجمل كلام ، فأين العقول ، نعوذ بالله من الحرمان والخذلان ويقول آخر :[ ليس لك في قلبي شريك يا أيها الحبيب ]
فأين محبة الله أليس لها في القلب وجود ؟ والله يقول {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ء آمنوا أشد حباً لله } ألم يمر علينا ونحن في صفوف الدراسة أن من أنواع الشرك شرك المحبة ، وإذا بآخر يحب شاباً اسمه أسلم ، فتركه أسلم لعلمه أن محبته محبة العشاق وترك المدرسة فمرض المحب وعلم أحد الأصدقاء بذلك فزاره وطلب منه أن يأتي هو وأسلم في المرة الأخرى ، وذهب إلى أسلم فأخبره أسلم بالقصة كلها فحاول الإصلاح بينهما وأقنعه بزيارته وأخبر الواسطة المحب بأن أسلم سيزوره ففرح فرحاً عظيماً وتحسنت حاله وبينما أسلم والواسطة في الطريق إلى المريض وإذا بأسلم يغير الفكرة ويرفض مواصلة الطريق فرجع وواصل الآخر وبينما هو يطرق الباب فقام المريض فرحاً مسروراً لملاقاة الحبيب وفتح الباب فلم يجد الصديق . أين أسلم . قال : إن أسلم رجع ويقول إنه يكرهك . فازداد مرضاً وجلس فترة من الزمن قليلة وفي الساعة الأخيرة من حياته وهو يلفظ أنفاسه ويردد قائلاً :
أسلم ياراحة العليل *** وياشفاء المدنف (*) النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي *** من رضـا الخالق الجليل

أيها الفتى والفتاة : أرأيتم كيف يكون الحب الزائد طريقاً للوقوع في الشرك وسوء الخاتمة والتلفظ بالكفر وإن كان صاحبه لا يكفر إن كان جاهلاً بذلك والتعبير عن المحبة لا يكون بترديد ساقط القول وبذيء الكلام أو بترديد كلام مباح لاشيء فيه دائماً وأبداً فهذا يدل على عدم الثقة في محبة صديقه له أو يحاول إقناعه بأنه يحبه وهو معرض عنه والمحبة بالأفعال فالحذر الحذر (3).

ومن علامات الحب الزائد :
إضاعةُ وقتٍ وكثرة تفكير بـه .
الإكثار من المزاح باللسان واليد مع أصحاب التميع والوسامة والتلذذ والاستئناس بذلك مع وجود غيرهم ومن هو أطرف منهم وأكثر مزحاً ومرحاً .
كتابة أ سماء وعبارات ورسومات تنافي الحياء على الأوراق والكتب والحيطان معروفة المعنى عندهم .
إن شارك في أي نشاط أو رحلة أو عمل تبعه وإن لم يعمل جلس مثله فلم يعمل .
الحرص على تقارب الأجسام وتلا مسها بل اختلاق كل ما يُثير المطارحة بالأيدي من أجل التلذذ بذلك ، فتنة أعمت القلوب والأبصار ، جلساتٌ مشبوهةٌ وحركاتٌ مريبـةٌ وقصصٌ غريبةٌ وأمورٌ عجيبةٌ بل مضحكةٌ ومبكيـةٌ ، لقاءاتٌ ومؤامرات .
عواقب المشكلة
إقامة احتفالات وأعياد للحب ، عجبٌ ثم عجب أين عقولنا وديننا وفطرتنا وحيـاؤنا..؟ أهذه في نظرك علامات الرجولة والشهامة وصدق الأخوة والحياء ؟ كلماتٌ برّاقة وعباراتٌ منمَّقة وابتساماتٌ غير صادقة ونظراتٌ لا أدري بماذا أصفها ؟وهذه العلامات منها ما هو محمود والإكثار منها محمود وتارة يكون الإكثار غير محمود ومنها ما هو مذموم والأمثلة في الحاشية (4) وقد تجتمع كلها في شخص أو بعضها .

أخي الحبيب.. ما النتيجة وما النهاية وما وراء ذلك كله ؟ همٌ وغمٌ وضيقٌ واكتئاب ، حيرةٌ وتفكيرٌ وخوفٌ واضطرابٌ وحالاتٌ نفسية ، سهرٌ وقلقٌ و مرض ، لايهدأ بـال ولا يقر قرار ، ضياعٌ للأموال وإتـلافٌ للمتلكات كالسيارات ، ضعفٌ في الإيمان وفـقدٌ للـذة العبودية للرحمن نَيلُ غضب الله وسخطه و عدم التوفيق له ، عقوقٌ للوالدين وتقديم حاجته عليهما والتفاني في خدمته بما لايُصدّقه العقل ، ضياعٌ وانحرافٌ وانتكاسـة ، إشاعاتٌ ونقلٌ للكلام ، لمزٌ وغمزٌ ووقوعٌ في مواطن الريب والتُهَم ، شكوكٌ وظنونٌ وِقيلٌ وقالٌ واتهـامات ، فرقةٌ وخلاف ، عداواتٌ وتحزباتٌ ومشكلاتٌ بين الشباب والطلاب ، هدمٌ وإفسادٌ وتفكيكٌ للأسر والمجتمعات ومحاضن التربية ودور التوجيه والمربين وللطاقات وقدرات الشباب ، تضييعٌ للأوقات ، هدمٌ للدين والقيم والأخلاق ، هدمٌ لمستقبل الإنسان وعمره وشخصيته وتعطيلٌ لفكره وعقله و فشلٌ في مسيرته الدراسية ، غيابٌ وتفلتٌ وهروبٌ من البيوت ومحاضن التربية إلى غرف الفنادق والاستراحات وربما كان المكث فيها ليالي وأيام عطلة الأسبوع أو السفر فيها إلى البلدان القريبة والله أعلم بما يكون فيها ، ركضٌ وراء الفتيان وكل يوم مع فلان وفلان ،كثرة النسيان حتى يَنسى نفسه ولا يَبقى في قلبه أحدٌ إلا صديقه ، ظلمٌ للنفس وظلمٌ لتلك النفوس التي تحمل براءة الطفولة والعفاف من بنين وبنات ، وحشةٌ في القلب وظلمةٌ في الوجه وسوءٌ في الخاتمة والله أعلم بما في الآخرة ، غلقٌ لأبواب الطاعة وفتحٌ لأبواب الخذلان ، بلادةٌ وسذاجةٌ وغباء ، فقد للغيرة والحياء ، ذلٌ وسيطرةٌ وهوان ، ضعفٌ في الشخصية وتَبلّدٌ في الإحساس ، اهتمام الآخرين بمظهرهم وحُسن أجسامهم حتى يَلفتوا الأنظار فتتعلقَ بهم القلوب وينالوا الاهتمام من الآخرين فيُلبّوا لهم ما يُريدون ثم تَنقلب الأمور فجأة فيحركونه كيفما يريدون .
تضجر الأهل من كثرة الزيارات والاتصالات وتذمّـر الأصدقاء من ذلك ، سقوطه من أعين الناس واحتقارهم له ونظرتهم له بأنه إنسانٌ مريض القلب وشاذ الطبع..واشتكى البعض من كثرة الإنزال بسبب كثرة التفكير فيه .
تهييجٌ للغرائز ثم إثارة وتفجير للشهوات يعقبه استعمال للعادة السرية والوقوع في المحرمات وانتهاك الحرمات .
ضعفٌ ونحالةٌ في البدن (5) من كثرة الهموم والتفكير، تعذيبٌ للجنان وصدق القائل : ومن الحب ما قتل .
ومن أَحبّ شيئاً لغير الله عُذّب به وربما أَسقطه في شِراك المسكرات أو الصور حتى متى ما أراد منه الحرام أذلّه بها حتى يَرضى (6) .
حبٌ خادع وغرامٌ قاتل ووَلَـهٌ زائفٌ في صورة حبٍ طاهر ، قل لي بالله أليس هذا هو التعلق بالأبدان والذل بعينه للصور و الأجسام ؟ وسمّه بأيّ اسم شئت فالعبرة بالمعاني والحقائق لا الألفاظ وإن كانت النية حسنة والأخوة صادقة، فهذه علامات التعلق ونهايته وليس شرط التعلق الوقوع في الفاحشة (7) أوأن يكون من أجل الجمال وحسن الأجسام أو أن تظهر كل تلك العلامات على الشخص أو ما يُسميه البعض بالتعلق البريء من سوء النية كما يُبَرِّر لنفسه أو تغلَّف بثوب الأخوة في الله بل إني على يقين أن البعضَ لا يُفكِّر في الحرام لكن يكفي من سوء تلك الحال ما يعيشه الكثير من القلق والهم والمشكلات وسوء الآثار المترتبة عليه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : { ومن ادعى الحب في الله في مثل هذا فقد كذب ، إنما هذا حب هوى وشهوة}
وقد تكون المحبة لله أو طبيعية لكنها تصل إلى درجة التعلق وآثاره السلبية أو حب الهوى .

وأسألك أخي: هل تحب والداك وأخوانك والعلماء والصالحين كحب هذا؟ هل تفكر فيهم وتحمل همهم وتقضي حوائجهم كهذا ؟ صارح نفسك وماهو مقياس التفاضل عندك..؟
وأسألك أخرى : هل كل الناس محبتهم غير صادقة ؟ لأنهم لايفكرون دائماً في أصدقائهم أم لأنهم لا يتبادلون رسائل الحب وأشعار الغرام عبر رسائل الجوال أم لأنهم لايلتقون كل يوم أم لأنهم لايضعون أسماء أصدقائهم على الساعات أو تنقش أحرفهم على السيارات أم لأنه لايقلده في كثير من الأشياء .
هل كل الناس يعيشون ماتعيشه أنت في ضل هذا الحب الزائد ؟ إذا قلت نعم . فهل يعقل أن يكونوا كلهم على خطأ وأنت على صواب بل إن الواقع يخالف ذلك فكل الناس لايفعلون تلك الأمور، و إن قلت : لا
فإن محبتك إذاً ليست على صواب لأن الناس لا يجتمعون على ترك الصواب وفعل الخطأ .
أخي : أليس البعض ممن يعيش الحب الزائد إذا تركه الآخر وابتعد عنه بكى بكاء الثكلى وحزن حزناً شديداً ولم يبك لموت عالم أو قريب، أليسوا أولى بسح الدموع وحزن القلوب بل أليس ذكر الله وذكر القرآن والجنة والنارأولى بسكب العبرات وخشوع القلوب !!؟ بلى. أليس أصبح شغلك الشاغل ذكرك إياه والتفكير فيه ! ؟ في المدرسة وعند المذاكرة وأثناء شرح المدرس , عند النوم وفي الصلاة ، عند الطعام والشراب ؟ لماذا هذا كله ؟
هل ترجو منه أن يجلب لك نفعاً أو يدفع عنك ضراً ؟ هل سيعافيك إذا مرضت ؟ هل سيدخلك الجنة وينجيك من عذاب القبر ؟ هل يملك سعادتك أو شقاءك ؟ أليس الله أولى بهذا الحب والذكر على الدوام وفي غالب الأحيان ، لأنه هو الذي بيده الأمور .
أيهم أحسن تفكيرا ًوأحق بالتفكير الذي يفكر في صديقه بالليل والنهار ولافائدة من وراء ذلك أم الذي يفكر في طلب العلم ودعوة الناس للهداية وكيف ينال رضا الله والنجاة من النار وبناء المستقبل ويسافر لأجل ذلك كلـه .
أسباب المشكلة
إن الإنسان إذا نزلت به حاجة أو مصيبة رفع يده إلى الله بذل وانكسار فهل تتذكر صديقك حين الدعاء لنفسك وكما قيل ( ما أعظمها من خلة تدل على صدق الأخوة ) فهي الدليل والبرهان على صدق المحبة والأخوة .
أخي : لقد حدثني البعض عن بعض المتعلقين أنه يسافر قرابة كل أسبوعين أوثلاثة أزيد من ثلاثمائة كيلو من أجل أن يرى صديقه وحبيبه وربما سافر ولم يجده ! أسألكم بالله هل سيسافر هذا لأجل والديه كل أسبوعين .
أخي : تحملني قليلاً و أعد شريط حياتك قبل التعرف على هذا الصديق ثم انظر هل تشعر بتغير في حياتك بعد التعرف عليه ؟ إن كان خيراً فاحمد الله وإن كان مما تقدم من تلك المظاهر والآثار وأصبح تعلقاً وحباً زائداً فلك أن تسأل الآن . لماذا كل ذلك ؟ ما هي الأسباب المسقطة في شباك هذا الحب والتيه في بحر التعلق ؟ ما الذي يجعل الكثير من الشباب ينجر ويغرق في وسط هذه الأمواج المهلكة ؟لماذا لا يكون حبنا معتدلاً كحب سائر الناس بعضهم لبعض ؟
إنه بعد القلوب عن الله وعدم تَعلقها وأُنسها بالله .
قلة مراقبة الله والخوف من الله .
التقصير في الصلوات وقراءة القرآن .
إياك .. إياك ..
الإعجاب الزائد والعاطفة المفرطة .
العيش في الوسط النسائي داخل البيت وكثرة مجالسة النساء .
قراءة قصص الحب والغرام وشعر الغزل.
الفراغ القاتل أُمُّ المصائب . . صديق السوء السمُّ الفاتك . .
كثرة اللقاءات من غير فائدة .
العبث واللعب والتسلية بالآخرين .
الشهوة الخفية والمجلة الخليعة وخط الخيانة لا الصداقة .
الانتقام للنفس .
اعتياد ذلك في حياته حتى أصبح التعلق علامة عليه ووصفاً له مُتعلِّقاً أو مُتعلَّقاً به .
مشاهدة القنوات والنظر إلى الفتيات .
بداية كل شر
الجلوس مع الفتيان والصغار .
نسب المتعلَّق به وغناه وطرافته
اختلاط الصغار بالكبار من خلال دور التربية والتعليم و المعسكرات والأندية والسباحة وأماكن التفحيط وسوق الحمام و التجمعات داخل الأحياء .
حب قيادة السيارة والدوران والصيد .
الترف والتميُّع بداية كل شر وسبب للكبْر والغرور والتعالي وطريق للفساد والانحراف وانتشار الجريمة .
الهوى ومن أطاع الهوى فقد هوى .
حب الهوى حلو *** ولكنه يورث الشرق .
جماله والحرص على أن يجعل من نفسه شاباً جميلاً يلفتُ الأنظار إليه بلبسه أجمل الملابس واستخدامه بعض أدوات التجميل في الوجه وقصات الشعر التي يتخللها شيء من الأصباغ حتى نرى البعض ذكوراً في صورة إناث افتخاراً ومباهاةً ولأجل أن يَلفتوا الأنظار فتتعلقَ بهم القلوب وما بَقي إلا أن يُلحقوا أسمائهم تاء التأنيث ، تأنثٌ تَتقزز منه النفوس وتَنفرُ منه الطباع وتَستخفُّ به العقول . كفار مكة يدفنون البنات خشيةَ العار ونحن نتشبه بالنساء ..وآسفاه .. وآعجباه..
وما عجبي أنّ النساء ترجلتْ *** ولكنّ تأنيثَ الرجالِ عُجاب
إن التشبه بالنساء والكفار حرام قال صلى الله عليه وسلم{لعن الله المتشبهين من النساء بالرجال والمتشبهات من النساء بالرجال }وموضوع التجمل الزائد و التميع لم يكن معروفاً منذ سنوات وهو سبب رئيس في التعلق وانتشاره في هذا الزمن ومن أسبابه حب التميز والظهور والتنافس في الجمال كالنساء ومن أجل تغطية النقص وستر العيوب أو كونه لايعطى وجه ولايلتفت إليه كما يقال فيتجمل تجمل البنيات لأجل أن يلتف حوله الشباب ويكون مدللاً بينهم ونسي أن الرفعة وعلو المنزلة تنال بطاعة الله والتجمل بالأخلاق وبحب الله له يحبه الخلق .
يا أيها الشباب : هل انتكست الفطرة وانعدمت الغيرة ومات الإحساس فمالنا نرى أموراً تدع الحليم حيراناً،إن كان الإيمان ضعيفاً والعلم قليلاً فلنحتكم إلى التقل و العقل إن كان سليماً ولنعد إلى الأسباب فمنها :
خفة الدم وعذوبة اللسان وجمال الصوت .
ارتياد الأسواق والدوران الذي ربما يعقبه نظرات تُعلّق القلوب بالحب فتَتَعذبَ بـه ويذكر بعض الشباب أن البداية دوران ثم نظرة ثم علاقة ثم تعلق ثم ويلات التعلق وجحيم الحب .
فراغ القلب من هدفٍ عالٍ و أمنيةٍ نبيلةٍ ومستقبلٍ منشود و التفكير في سفاسف الأمور.
تقارب الطباع والأفكار والهوايات بينهما .
حب البروز والتميز والظهور ولفت الأنظار .
التقليد للآخرين والتحدث والافتخار بذلك وتناقل أخبار الصغار وصورهم وعلاقاتهم في المجالس .
عدم الزواج وتحصين الفروج .
اعتقاد أن التعلق أمرٌ طبعيٌ ولابد منه.!
التخفيف من الشهوة بالتلذذ بالنظر إليه و مجالسته وهذا سبب رئيس في التعلق كمـا ذكر البعـض .
عداوة الشيطان والبعد عن الله .
الثقة الزائدة في الآخرين .
فقد العاطفة والحنان من قبل الوالدين خاصة إذا كان الأبَوان متفرقين بموت أوطلاق والبحث عن إنسان يَعطفُ عليه ويُشاركه همومه .
كثرة مجالسة أصحاب العاطفة والتميع والنعومة والرقة المفرِطة والجمال أو الجنس الثالث كما يُقال .
حبُّ وميل القلب المريض لمثل هؤلاء ومحاولة البحث والتفكير عن الأسباب الموصلة للتعرّف عليهم بشتى الحيل والطرق إذا رآهم وربما أَخبرهم بأنه مُعجَبٌ بأخلاقهم العالية وربما بحث عَمَّن يُعرّفه بأحدهم أو عن حيِّه واتخذ الوسطاء للجمع بينهما وربما انتقل إلى مدرسته فإن لم يتيسر دار حولها كل يوم متعباً نفسه في شدّة الظهر وحَرّه ، تاركاً أهلَه وغدائَه ونومَه لكي ينال نظرة ثم ماذا..؟ أيّ حياة هذه !! ؟ صورةٌ بشعة من الذل والدناءة والتـعب والنكد والحيرة والحسرة ولَعب الشيطان بعقـول أَسرى التعلق ومجانين الحب وصَرْعى العشق على جَنباتِ الطرق وفي بعض الأماكن ، إنهم فتنوا أنفسهم وقتلوها وعذبوها وجنوا عليها وهم لا يشعرون ومن دامت نظراته دامت حسراته وأحرقت فؤاده (8) واقرأ الحاشية .
كلُّ أخوة لغير الله هباء ومصيرها إلى الفـنـاء :{ الأخلاءُ يومئذٍ بعـضُهم لبعضٍ عـدوٌ إلا المتقـين } وورد في الحديث { أَحـبـِبْ حبـيـبَـك هَـوناً مـا عسـى أن يكـونَ بغيضـُك يومـاً ما } رواه الترمذي
ماذا تُريدُ وما عَساك محصّلٌ *** إلا انشغالَ القلبِ بالأحزان
إن ظاهرة التعلق دبّت وعمّت في المجتمع بين الفتيان مع بعضهم والفتيات مع بعضهن وكل مع الجنس الآخر على مختلف أعمارهم وفئاتهم واتجاهاتهم ومحا ظنهم التربوية وانتشرت في صفوف المراحل الجامعية والثانوية والصف الثالث المتوسط وبقلّة في الأول والثاني المتوسط وربما بين الأقارب والقريبات .

الناس والتعلق ..
والناس فيه_ أي التعلق _ أنواع كلٌّ له فيه طريقةٌ وأسبابٌ ومظاهرٌ، يشترك الجميع في غالبها ، وكل واحد يبحث فيه عن هدفه وغايتـه والله يعلم المقاصد،أشرت لكل واحد منها بإشارات يسيرة والقلب المتعلق هو الدليل إليها وقد يكون التعلق من طرف وقد يكون متبادلاً من طرفين وقد يكون مجموعة أشخاص متعلقين بشخص واحد وقد يكون المتعلقان متقاربين في السن أو متباعدين .
أرى داء خطيراً قد تفشى *** يحارله المفكر والبصير
ألمّ ببعض أفكار الحيارى *** وأرداهم إلى أمر خطير
فعوداً للرشاد بلا تمادي *** فقد جاء المحذر والنذير

إنه داءٌ عضال بل شرٌ ووبال ،إنها فتنةٌ أهلكت الشباب ودمّرت الفتيات ولم يَنجُ منها إلا القليل،إنها مشكلة أتت على الصحيح والسقيم ،بل بدأت تَدبُّ حتى في أوساط من يُشار إليهم بالبنان، جاوزت الحدود والقيود، ذهب ضحيتها الكثير والكثير والكل يَشهدُ ذلك ويَلحظه ما بين ضائعٍ ومنتكسٍ وحائرٍ أو مسجونٍ عدة سنوات وآخرمنكس الرأس علاه الخزي والعار ، فأيُّ رجولة وسعادة هذه نهايتها ؟ بل بدأت الشكوى من الجميع من المربين والمربيات والفتيان والفتيات ، فلابدّ من التظافر وتلاحم الجهود بحثاً
عن الدواء حتى لايستفحل الداء ودراسة لهذا الموضوع أثاراً وأسباباً وعلاجاً . ولستُ مبالغاً في كل ذلك فهذه اعترافات المتعلقين والمتعلقات وزفراتهم وحسراتهم بل يُسمع البكاء من بعضهم ألماً وتحسراً وضيقاً ولسانُ حالهم ومقالهم : أنقذونا من ويلات التعلق والعاطفة وجحيم الحب والغرام .. أنقذونا من هذه الحياة .. كيف الخلاص ؟ وما العلاج وما المخرج ؟ يقول أحدهم لاتتركوني أسيراً للهموم ، صريعاً للضياع ، غريقاً في الهوى وبين الشباب .
ولست مبالغاً في كل ذلك فهي نتائج استبانات واتصالات ولقاءات والقصص في هذا الجانب كثيرة والمشاهد أكثر، قصص تقرِّح العيون وتُدمي القلوب وتُذرف الدموع .

نداءٌ و هتافٌ لأحبتي وأخوتي ذوي العاطفة الجياشة والأحاسيس المرهفة الفياضة و الحب الزائد الخارج عن المعقول والمعتاد : الأمرُ عظيم والخطبُ جسيم ، فلابدّ أن نعيدَ النظر في صداقاتنا بكل صدق وصراحة بلا التواء وتبرير فهل هي لله ومن أجل الله ؟ هل هي حُبٌّ للأبدان والأجسام والصور والأشكال أم القيم والدين والأخلاق ؟ فما المقياس عندك ؟ فَزِنْ وقايسْ وأنتَ الحكم والإثم ماحاك في النفس وكرهتَ أن يَطلع عليه أحد والباب الذي يأتيك منه ريح لا حيلةَ فيه إلا بسدِّه لتستريح .
أخي الحبيب : إلى متى وأنت في تفكيرٍ وعذابٍ وذلةٍ من أجل فلان ؟ تُحَاول أن تُرضيه بكل ما تملك وربما قَدّمته على والديك ثم ماذا..!؟ ضاعَ مستقبُلك وتهدمتْ حياتُك وانقضى عمرُك وذهبَ مالُك وقصّرت في طاعة ربك و أَغضبتَ والديك وأذللتَ نفسك وتركتَ أصدقائك الأولين ونظرَ إليك الناس في الحي والمدرسة وبيتك نظرةَ ازدراءٍ وتنقصٍ وخفةٍ في العقل و ما هي إلا أيامٌ وربما شهور وسنوات ثم تَفترقان ولابدّ أن تفترقـا لماذا !!؟ لأنها ليست لله وربما كانت على معصية الله وإن كانت لله فلأنها أحدثت البلابل والمشاكل والحسرات في القلوب والعقول ولأنهم يعيشون على بِساطِ المجاملات والحساسية الزائدة وهل أُخوة هكذا حالها !!؟
كلا وألف كلا ماهي بأخوة حقة ومحبة صادقة مهما قِيلَ وفُعِل.
إن كثيراً من قضايا التعلق انتهت بالمشاكل والتهم والشكوك بل الكثير يذكر أنها حياة مملة لما تقدم ولكثرة اللقاءات التي تكون سبباً في نقص أدب الحديث وكثرة النزاع والخلاف بل افتعالها على أتفه الأسباب وقلة الاحترام والتقدير بل تتعجب من أحوال المتعلقين عندما يجلسون الساعات بدون كلام ينظر بعضهم إلى بعض يدورون ويأكلون ومن مطعم إلى مطعم ومن شارع إلى شارع كل يستعرض بصديقه وغالب الأيام على هذه الحال .
أخي: كفى هذه الحياة، كفى قتلاً لنفسك وحياتك وتدميراً لقلبك وجنانك، كفى ظلماً وعبثاً واستخفافاً بالآخرين واستغفالاً لهم ،كفى وكفى وألف كفى، يا قلوبُ تيقظي يا مروءةُ نادي أفلا حياءٌ من الله !!؟ ألا مروءةٌ تمنع وعقلٌ ينهى!!؟ إذا كانت أعينُ الناس لا تَراك وقلوبهم لا تَعرف ما وراك فأين أنت من الله الذي يراك ويعلم سِرَّك ونجواك أفلا خوف من الله ؟ إن دام هذا ولم يحدث له غِيَرُ ؟ كيف يكون مصيرك ؟
بأيّ وجهٍ تلقى الله ؟ كيف الجواب يوم العرض بين يدي الله ؟ كيف تسير الأمور وكيف تستقيم الأمة وتتقدم بين الأمم علماً وفكراً وقوة ؟ ماذا ستصنع عند المحن إذا كانت هكذا الحال..؟
أخي : أيُّ شيء وجدته بعد ذلك أهي لذةٌ زينتها لك شياطين الإنس والجن أم النفس الأمارة بالسوء ؟
أم هيأ الأعداء في الدرْبِ الشَّرَك ؟ ما أجملَ ذلك يوم أن تجعله من أجل دينك وأهلك وأُمتك ومستقبلك..!
تَفنى اللذاذةُ ممن نالَ صفوتها *** من الحرام ويَبقى الإثمُ والعارُ
تَبقى عواقبُ سوءٍ من مغبتها *** لا خيرَ في لذةٍ من بعدها النارُ
أخي.. أفقْ تنبه تيقظْ لا تخادع نفسك فلنكن صرحاء ، فللناس أعينٌ وألسنٌ وأنفسٌ ولك عرضٌ وشرف وفوق ذا وذاك ربُّنا يراك واعلم أنه كما تُدين تُدان والجزاء من جنس العمل وأن لك أخوة وأخوات وغداً لك أبناء وبنات . ليتَ شعري ما الذي دهاك أصبحتَ أسيراً لهــواك .
وإن كنتَ بعيداً عن كل ذلك فلا تكن الآخر.. حيث يُستخفُّ بِكَ ويُضحك عليك بمعسول القول ويتغزل بك كما يتغزل بالنساء بأشعارٍ ومراسلات تحكي الحب والغرام حتى إذا وقعتَ في الشباك أُخذ منك ما يُراد تحت الكبت والتهديد وحينها لا تَستطيع الفكاك ، أصبحتَ ذليلاً أسيراً كما أُسر الكثير والكثير حتى إذا قَضى أَمرَه منك ولو بتكحيل العين كما يُقال أو وجَد أحسنَ منك أو أرادَ التغيير أَعرض عنك وقال أُفٍ ثم تُفٍ غِرٌّ صغيرٌ ومن أحبَّك لأمر ولّى عند انقضائه ولأدنى خلاف ومشكلة .
أخي : ماذا ترجو من إنسان يقدمك على والديه بالتفكير والاشتياق وتقديم الحاجات ،والداه اللذان كانا سبباً في وجوده بعد الله ؟ أهذا من العدل !!؟ سيأتي يوم من الأيام ويقدم غيرك عليك كما قدمك على والديه والأيام دول .
لو قدر الله عليك الموت وأصبحت من أهل القبور , هل كلما تذكرك صديقك سيرفع يديه إلى السماء ويدعو لك ؟
هل سيتصدق عنك ؟ هل سيبكي عليك ؟ أم أمك وأبوك اللذان لن تجف دموعهما عليك وسيلهجان بالدعاء لك .
أخي .. كل يوم في سيارة فارهة وكل يوم مع فلان وفلان ، أترضى أن تكون لعبة في أيديهم وسلعة تُعرض وتُدار ويُستعرض بك مفاخرة ومباهاة ما بين شارعٍ وسوقٍ واستراحة و موضعاً للهمز واللمز ، مهما أُعطيت من المال ودُعيت إلى الطعام وسُعي في قضاء حوائجك ومتطلباتك ، وزُيّن لك القول والسفر للبلدان والجلوس في الاستراحات وأنتَ أعلمُ بما يكون فيها ويُفعل ويُقال ، فلا تغتر ولاتكن فريسة لتلك الذئاب وتلك الشباك ، فإياك إياك أن تكون فتنة لنفسك وللآخرين ، بِكَ تتعلق القلوب وتُدمّر النفوس ، بِكَ يُرتكب الذنب ويُعصى الرب ، تَبيع دينك وحياتك وتذل نفسك من أجل سيارة ودباب ودوران وعشاء وتفحيط فكن متنبهاً يقظاً غير مخدوع وإلا فأنت الضحية وأنت المطية .
أخي : أهذه هي سعادتُك الكبرى وهدفُك الأسمى ورجولتُك الحقه وهمُّك الأعظم ؟ أليست عندك غيرة وعزة ورجولة ؟ أهكذا تريدك أُمتُك ومن أجل ذلك تَبنيك؟ أين عقلُك ؟ قفْ تأملْ تفكرْ أفقْ لا تكن .. أين الرجولةُ فيك أين ثمارها *** أين التديُّن يا أخا الإيمان
أخي: عذراً فلابد أن نكون صرحاء حتى نصل إلى ساحل النجاة فهذه هي الحقيقة إن كنتَ لا تدري وإن كنتَ تدري فالمصيبة أعظم واعلم أن الوقاية خيرمن العلاج وأنت تَسمع وتَرى ما يُفعـل ويُـدار والعاقل من اتعظ بغيره وخُذ العبرة ممن حولك وتأمل هذا الكلام واحكم ولو بعد حينٍ والأيام القادمة حُبلى بكل جديد فإن لم تكن ذا ولا ذاك فاهدِ هذه الورقات لمن يشتكي من هذا الداء .

أيها الفتى والفتاة : إن الجمال الحقيقي هو جمال الأخلاق : طهارة القلوب ونقاء النفوس ، خلقٌ عالٍ وأدبٌ راقٍ وأما جمال الوجوه فسرعان ما يَزول ويَفنى ويُنسى ويَبقى جمال النفوس يُذكر على الدوام فلا يُنسى .
إن الافتخار بالجمال ليس من سِيَمِ الرجال .
وما ينفع الفتيان حسن وجوههم *** إذاكانت الأخلاقُ غيرَ حسانِ
وما تنفع الثيابُ اللامعة والأطيابُ المنعشة إذا كانت النفوس مظلمة لا تعرف لله حقاً ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم طاعةً وانقياداً ولا لأحد من الوالدين أو الناس احتراماً وتقديراً قال صلى الله عليه وسلم:{ إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم } (رواه مسلم وغيره) .
عجبتُ لمن ثوبه لامـع *** ولكنما القلبُ كالفحمة
مـظـاهـرُ بـراقـــةٌ تحتـهــا *** بحـارٌ مـن الـزيف والـظلمـة

أخوتي وأحبتي : إنها أمورٌ تتقزز منها النفوس وتشمئز منها القلوب وتكاد ألا تصدقها العقول ، فعذراً عذراً على هذه الكلمات فربما جَرحتْ بعض المشاعر وآذتْ أولي الأمر والعقول والبصائر ، ليست شكوكاً بل واقع واعترافات وحقائق ويعلم الله كم ترددتْ في فمي وتعثر قلمي وجهد ذهني وأنا أكتبها ، فاخترت من العبارات أَلطفها ومن الأساليب أجملها ، حرصاً على المشاعر وتحرياً لآداب النصيحة ، فهي عتابٌ جارحٌ من أخ ناصح ، فما يَسعُ غيوراً أن يبقى متفرجاً وناقداً ومحوقِلاً وهو يرى أخوته وأحبته مابين مهمومٍ ومغمومٍ وحائرٍ ومُكَدّرَ الخاطرِ ، مابين تائهٍ وضائعٍ ، مابين متساقطٍ ومنتكسٍ ، يحزّ في النفس بل يُحزنها ويُقلقها ويُسكب الدمع من عينها أن ترى أخوة بلسان حالهم ومقالهم ينادون هل من منقذ ؟ هل من أخ يَفتح لنا قلبه ويُصغي لنا سمعه ؟

هل من محب يعيش قضايانا وهمومنا ؟ هل من رجل يدلُّنا على النور والكنـز المفقود وانشراح الصدور والسعادة وبلسم الحياة..؟ (9) .
أخي : إلى متى هذه الحياة ..لكأنك بالموت وقد قرب ودنا فطوبى لعبد استيقظ ووعى ، ذهب الأهل والأخوان والأصدقاء إلى تلك القبور وكلنا راحلون إلى تلك الدور .
أَفقْ قد دنا الموتُ الذي ليس بعده *** سوى جنةٍ أوحرّ نارٍ تَضــرّم
اتـق الله وقـصّـر أمـــلا *** ليس في الدنيا خلودٌ للمــلأ
وبادرْ فإن الموتَ سيفٌ قاطـع *** والعمرُ جيشٌ والشبابُ أمـيـرُ

غَالبْ هواك وأَطعْ مولاك ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) فارحم نفسك قبل التلف وابكِ عليها قبل الأسف .
وكن من الموت على وجلْ ولا يغرنَّك الأمل
لا يذهبنّ بك الأمل حتى تقصِّر في العمــل
فقد استبان الحق واتضح السبيل لمن عقـل
واعـلم بأنّ الموت ليس بغافلٍ عمَّن غفـل

أيها الفتيان والفتيات : إني على ثقة إن شاء الله أنها ستكون الراحة بعد هذه الصراحة ، سيستيقظ الأمل ويموت الألم ، سيوجد الكنز المفقود وانشراح الصدور وبلسم الحياة في ظل الإيمان وطاعة الرحمن والتعرف على أهل الخير والصلاح الذين يخافون الله وتودّع حياة القلق والأرق والهم والغم والشكوك والضياع وتبدأ حياة من جديد مليئة بالخير والفلاح والنجاح ولن يضيعك الله إن صدقت0
أخي الحبيب.. لابد من البحث عن العلاج والانتصار على النفس والنجاة بها ، فهي أمانة عندك ستُسأل عنها بين يدي خالقها ، فلاتيأس ولابدّ أن تُعيد المحاولة مرات إن أردتَ النجاة واطلبـها من الله فما خاب من رجاه ، مع عرض المشكلة على أحد المربين والعقلاء وأصحاب الرأي السديـد ولا تتردد ولا تخجل فالأمر خطير كما ترى والعلاج يسير فبادر وسارع كفى هذه الحياة ...!
عرفتَ الداء وعلامته وسببه وعلاجه : بأن تبتعد عن تلك العلامات والأسباب وكل ما يدعو إلى ذلك وتتأمل تلك النتائج التي دمرت نفسك وحياتك وبيتك ومجتمعك وتبتعد عن ذلك الإنسان وكل ما يُذكِّرك به ولو بالانتقال من المدرسة ، حاول التهرب منه والاعتذار عن المكالمات واللقاءات ، حاول أن تنساه بشتى الطرق وبكل قوة ولا يمنعك من ذلك طيب لسانه وجميل إحسانه وكلام الناس، يكفي ما أصابك وربما ستجد صعوبة ومشقة في ذلك لكن الراحة في النهاية، فانج بنفسك ولن تموت ولن تخسر شيئاً إذا تركته بل تعيش حياة الأحرار وتخرج من ذلك الأسر وتلك الأشباح وتنام قرير العين وهو العلاج الأكبر وهو بيدك بإذن الله ، تذكر معايبه وما يحمل في بطنه من أذى وأقذار، عقلك عقلك فابدأ وعجل ..
ألم تملّ من هذه الحياة !!؟ اسلك طريق الالتزام وجدد فيه الحياة والأصدقـاء ولن تخسر شيئاً ، فكر قبل فوات الأوان .. تقدم لاتتردد.. سارع وبادر قبل أن تُبادر وستجد النتيجة…لماذا التخوف والتردد ؟ أهو الحياء أم خشية فقد الأصحاب والذهاب والدوران وترك الأغاني والقصات والسهر إلى أنصاف الليالي أو لعب الكرة ولعبها مباح أو الظن بأن حياة الالتزام حياة معقدة ستمنعك من التمتع في هذه الحياة ، كلها حياة من المسجد إلى البيت ،صلاة وقراءة للقرآن وبكاء وأن الدخول فيه صعب وشاق أو الخوف من أن يقال فلان ملتزم أو متشدد قصّر ثوبه وأعفى لحيته وأخذ المسواك واستبدل أشرطة الأغاني بالقرآن والمحاضرات ، أو الخوف من الانتكاسة بعد الالتزام ، أو من أجل لذة شهوة وتمتع ساعات وأيام تنقضي وتزول ثم تبقى الحسرات والندمات وسلوك طريق الانحراف وغضب الله .لماذا نرى الكثير من الشباب لا يستقيم إلا بعد أن تحل به مصيبة أو يدخل السجن ؟
الأمل فيك أكبر
أخي: كلها حيل نفسية ،أتنتظر أن يأتيك الشيطان ويحثك على طريق الالتزام أو أصدقاء السوء ..كلا.. سيبدأ ويضع أمامك العقبات،كم من إنسان غالب نفسه وتجاوز تلك العقبات وأصبح في عداد الصالحين وأهل القرآن.
أخي: جرب هذا الطريق ، أليس في قلبك لله محبة وإجلال ولطاعته إعظام حتى تمنعك عنه تلك المعوقات ، أتقدم ماتحبه نفسك على مايحبه الله ، أتفعل مايرضيك ويفرح الخلق ولوكان فيه غضب لله الكبير المتعال ألست تفزع إليه عند الشدائد وعند الامتحانات .
إن الالتزام بدين الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم طمأنينة وراحة وعز وفخر وتوفيق ونور في الوجوه ووقاية من الوقوع في المحرمات وهو يسير يحتاج إلى صدق وعزيمة ودعاء ورفقة صالحة ، يحتاج إلىشجاعة نفس وثبات قلب وصبر ساعة ، فبادر وشيئاً فشيئاً حتى تسلك الطريق ، هذه فرصتك لا تسوف ولاتيأس ، فالأمل فيك أكبر والناجون مما أنت فيه كُثر واهزم النفس والشيطان فإنهم العدو الأكبر.. هيا هيا إلى حياض النجاة قبل أن تقول نفس ياحسرتاه على مافرطت في جنب الله ، فكرولاتطل التفكير وادع الله بإلحاح وابدأ .
أرق دموع التوبة
ابتعد عن كل ما يُثير الغرائز والشهوات وتلامس الأجسام ،غض طرفك ولا تنظر إلى ما يثيرك ، تذكر أن الله مطلع على نيتك وأفعالك وأن ملائكته وجوارحك شهود عليك يوم القيامة ، لا عذر ولا خيار لك ،قم واعتذر إلى ربك وابك على خطيئتك ، أَرِقْ دموع التوبة واسكب عبرات الأوبة واطلب من ربك الهداية والنجاة والرحمة فما أحلم الله ، إلحق بركب التائبين فالتائبون كثير والحسنات يذهبن السيئات ، ليكن قلبك معلّقاً بالله لا بالذوات والمدرسين والمدرسات وأصحاب الفن والرياضة ، اجعل قلبك مليئاً بالحب والخوف من الله ، علّقه بقراءة القرآن والصلاة والاستغفار وذكر الرحمن وأكثرْ منها ومن أحبّ شيئاً أكثر من ذكره ، ليكن حبك معتدلاً للآخرين ومن أجل الله ، والميزان : بحسب إيمانه بالله وتقواه لا لأجل الجمال والأنساب والمصالح وحسن الأجسام ، تذكر مسير الموت فما أسرعه وهجوم الموت فما أفجعه ، املأ وقتك بزيارة الأقارب والجيران وأصحاب الأخلاق وصفات الرجولة والشهامة وقراءة الكتب النافعة ومجلة شباب والأسرة استمع للأناشيد والمحاضرات فهي بديل عن كل رذيل ، تعلّم الحاسب والخط ، شارك في الدورات المهنية بأنواعها ، سجّل في جمعية التوعية وفي حِلَق التحفيظ ففيها الخير الكثير والبرامج المفيدة والرحلات الممتعة وأصحاب النوايا السليمة والقلوب الطيبة إن شاء الله ، قم بخدمة الأهل وساعد الصغار في دروسهم واذهب بهم للنزهة والزيارات والصلاة، صلِّ على الجنائز وزر المقابر فإنها ترقق القلوب. واحد ونفسك لسماع شريط(دمعة تائب للشيخ: الدويش)
ابتعد عن حركات التميع والرفاهية الزائدة واحذر أصحاب السوء فكم مصيبة وقعت فيها كانوا هم السبب فيها ، احذر وساوس النفس وحيل الشيطان ، تذكر مآسي الشباب ونهاية بعض الأصدقاء بل الكثير الذين يبكون الدم بدل الدمع حرقة ًوندما ً، تذكر براءة الطفولة وأصدقاء الصبا أين أنت وأين هم ..؟
إياك والفراغ فهو أساس كل شر وسبب للهواجس ، إنه بيت الجنون وخربة الشيطان ومزرعة العصيان ، إنه مفتاح الوساوس وفرصة لروغان الذهن عن الجادة والأفكار السيئة ، إنه سبب في الانحراف والقلق والغم ، إنه لص محترف وأنت الفريسة ، فكِّر في معالي الأمور وفي مستقبلك ، فكر في نجاة نفسك وأهلك وأمتك في الدنيا والآخرة كيف الطريق إلى القمة في الدنيا والجنة في الآخرة ..؟ كيف النجاة من نار أوقد عليها ثلاثة آلاف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة ؟ كفى حياةً مظلمة ،كفى قلباً مليئاً بالشقاء والضيق والذنوب…
إلى متى هذه الحياة !!؟
خذ من هذا العلاج ما تستطيعه وجاهد نفسك وزر أحد المربين واطرح عليه مشكلتك ( كالمرشد الطلابي وأحد الدعاة ) ولا تخجل فالأمر خطير واستعن بالله وادعه ليلاً ونهاراً وهو القريب سبحانه ممن دعاه ولن تخيب إن شاء الله واصبر على ما تجد، فهذه الدنيا دار امتحان وابتعد عن كل ما يدعو إلى التعلق بك أو التعلق بالآخرين وأنت أعرف بنفسك حتى لا تقع في المشكلة مرة أخرى .

يا فتى الإسلام : هل ترى عيشَ المعاصي أعجبك ؟
أُمتي قـد علـقـت فيـكَ المنى *** فاستفقْ وانهضْ وغادرْ مضجعك
عُدْ إلى الـرحمن في طهـر تجـدْ *** مـركبَ النصر إلى العليا معـك

يا من يبحث عن النجاة : أزف إليك بشائر النجاة والفضل لله أولاً وآخراً وإذا ببعض المتعلقين يحدثني ويقول قررت ترك زميلي لأني أشعر أنه متعلق بي ومتصف بالتميع . وآخر يقول كنا نقع في كثير من تلك الأمور جهلاً منا وعلى أنها أمر طبعي فتركناها والحمد لله . ويقول أحدهم لي أخ أحبه في الله وعندي بعض مظاهر التعلق فعرفت الداء وعملت بالدواء.
وآخر يقول بعد قرآءة الكتاب أرسل لي صديقي أبيات شعرية عبر الجوال تحكي الحب والغرام فعرفت أنه التعلق إضافة إلى بعض الأمور السابقة فقررت تركه والبعض من المربين نقل لي بعض اعترافات الطلاب والحمد لله .
ولنعلم أنه من خلال التجربة أن قضايا التعلق بأنواعه لا تطول وإن طالت لابد لها من النهاية أو الرجوع إلى حد المحبة الطبيعية إن كانت خالصة لله تعالى وبعيدة عن مظاهر التعلق المذمومة أو المحرمة .
أيها الفتى : ما أجمل تلك المشاعر الفياضة والأحاسيس المرهفة والعواطف المفرطة والمحبة يوم أن
تتفاعل مع قضايا المسلمين وجراحاتهم ، ماأجلها يوم أن تستجيب لبر الوالدين ومساعدة
الضعفاء والفقراء .فهل رأيت يوماً فقيراً فتأثرت وتصدقت ولو بريالات .أليس بسبب التعلق يَصرف الكثير من المتعلقين العشرات والمئات والألوف.فقل لي في أيهما يُنال الأجر وتُعطى الحسنات وتُرجى الجنات.ألا نملك عقولاً نفرق بها بين الأمور؟

ما أعظم المشاعر يوم أن تستمع إلى كتاب ربها ومافيه من وعد ووعيد فتراق الدموع وتتأثر القلوب.
وآحسرتاه على شباب يضيع بين تلك المهلكات من تعلق ودوران وتفحيط ولواط ومواقع الرذيلة عبر شاشات الإنترنت وآسفاه على فتيات يعشن بين التعلق والإعجاب ورسائل الحب والغرام ومكالمات التميع والآهات ،كيف الجواب ( وعن شبابه فيما أبلاه )يوم العرض على الله!!؟
وكثير مما تقدم يعيشه كثير من الفتيات والخطاب للجميع للفتيان والفتيات ولولا الإطالة
لأفردتهن بالحديث .أيها المربون والمربيات وأرباب الأقلام والتوجيه : إني على علم بأن الجميع مدرك خطورة الأمر وانتشاره وعلى يقين إن شاء الله بأن الجميع سيزداد تحركاً بعد هذه الحقائق أياً كانت مسئوليته ومنصبه ، يوجه وينصح ، يجتمع ويكتب ويُبدي رأيه لا يقف محوقلاً ومتفرجاً فقط .

أيها الشباب ويا أيها الفتيات : سنبذل كل ما نملك مالاً وجهداً وفكراً ووقتاً من أجلكم ، نفتح لكم قلوبنا قبل بيوتنا ، إنكم أمل الأمة بعد الله إن شاء الله ، لن ندعكم .. لن نترككم.. لن نتخلى عنكم .. إننا جسد واحد .. الهم مشترك قضيتكم قضيتنا ..سنعيش معكم بأحاسيسنا ومشاعرنا لن ننساكم .
لابدّ من إزالة الحواجز بيننا ، لابدّ من فتح القلوب وتقارب النفوس فكلنا مسلمون وذوو خطأ فهيا بنا إلى التلاحم و التناصح في صدق ورفق وود وصفاء معالجة الطبيب للمريض والمنقذ للغريق والأم للرضيع .
الآباء والأمهات ينادون : يا قوم تفطرت القلوب واحترقت الأكباد وسحّت العبرات وتكالبت الهموم كل يوم نرى في أبنائنا وبناتنا الانحدار والرجوع إلى الوراء ، نرى حالات الاكتئاب والقلق والاضطراب وقضايا الشباب والحالات النفسية والغير أخلاقية تتصاعد يوماً بعد يوم ، قصصٌ مبكية ومشاهدُ مؤلمة .

فهل يجوز سكوتٌ أو يُستساغ النمير *** الخطبُ خطبٌ جليلُ والأمرُ أمرٌ عظيم
وعلى المربين ألا يدعوا المجال للتعلق بهم وكتابة رسائل الإعجاب والتعلق إليهم وألا يدعوا للشيطان مجالاًللتحايل والتبرير أو يقابلوا ذلك بالجفاء والإدبار بل وسطية في اتزان وعليهم معالجة الأمور بالحكمة واستشارة ذوي الخبرة وألانقع في مانريد الفرار منه أثناء العلاج أمام المتربين ولا نُدخلهم فيه .

أيها الفتى والفتاة : كل ما كان لغير الله يزول ورضى الخلق غير مأمور به ولا مقدور عليه فهو مستحيل فلأن يرضى عنك الله ويسخط عليك الخلق أحب وأنفع من أن يرضى عنك الخلق والله عليك ساخط ، أهون شيء طلب رضا من لاينفعك رضاه ، وفقنا الله وإياك لما يرضاه . يا أخوتي يا أمل الأمة: هذه كلمات للجميع للفتيان والفتيات ، أرجو أن تكون من القلب إلى القلب لعلهـا تكون إشارة تنبيه وجرس إيقاظ وتحذير ، لتحويل الطريق وإعادة النظر والوقوف مع النفس بكل صدق وصراحة وفي الصراحة تكون الراحة ، ولا ننس أن التعلـق ليـس مـن شـرطـه الوقـوع في الحـرام أوكل تلك العلامات ، واستفت قلبك ، ولا ننس أن التعلق بدايته عند البعض المحبة الصادقة والأخوة الحقة لكن شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى ما رأيت وقرأت أو بعض منه ، ولا تعني أوراقي هذه الدعوة إلى الشك بين كل اثنين بل إلى سؤال النفس هل المحبة لله ؟ وإن كانت لله هل وصلت إلى التعلق الذي ربما كان سبباً للوقوع في محرم أو مكروه أو سبب إليهما أو شبهة في الدين والعرض ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام أو أدّى إلى تعطيل واجب دنيوي أو فعل ما لا ينبغي ولا يَليق أو الإكثار من المباحات والمكروهات المؤدية إلى ضعف الإيمان أو أحسست بنقص وتغيّر شيء في حياتك هل كل ذلك كائن ويكون ؟ إذاً فقف مع نفسك وقفة مصارحة لكي تحكم على محبتك ثم تتخذ قرار النجاة الحاسم الحازم فإن التعلق يَدل على عدم رجاحة العقل ويُزري بذوي الفضل .
فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمة *** وإلا فإني لا أَخالُك ناجيــــا
يا أيها الجيل المنتظَر.. ماذا تنتظِر..وإلى متى تنتظِر..؟
عزيزي يا صديقَ القلبِ عندي *** سؤالٌ لو تجيبـونَ السؤالا
أخيرٌ أن أموتَ وفوق ظهـري *** ذنوبٌ لا أطيقُ لها احتمالا
وعنـد القبر لا أدري مكاني *** إلى الجنات أم أَلقى النكالا
يقـول السائلان أكنتَ تُلقي *** لذكر الموت والنيران بالا
أضعتَ شبابك الغالي هبـاءً *** وملتَ مع المضيّعِ حيثُ مالا
ولم تنفعك موعظـةٌ يُنـادى *** بـها من تابَ في زمن توالى
عصيتَ الله جـهراً بافتـخارٍ *** لتَضربَ في شجاعتك المثالا
عصيتَ الله جهراً لستَ تدري *** بـأنّ اللـه جبـارٌ تعـالى
ستلقى الله بعد الموتِ فاصـبر *** وتـلقى عنده الأمر العضالا
وتعلمُ عندها ياخلُّ حقــاً *** أجرماً كان فعلك أم حلالا
اللهم هل بلغت ..
أخوتي وأحبتي عذراً فقد أثقلتُ وأطلتُ ولكن إكثاري بجانب حلمكم قليل .
مَن لي بإنسان إذا أغضبتــه *** وجهلتُ كان الحلمُ ردّ جوابه
وتـراه يُصغي للحديث بسمعه *** وبقـلبه ولو أنه أدرى بــه

أخيراً : كتبت هذه الكلمات بمداد المحبة والوفاء فلعلها تجد من نفسك تأملاً وتفكراً يعقبه تغير وتحول وهداية، فغداً تظهر السرائر وينكشف المخفي في الضمائر، قبرٌ وسؤالٌ ووقوفٌ بين يدي الواحد القهار وجنةٌ ونارٌ أجارنا الله وإياك من النار .
نفع الله بهذه الكلمات من قرأها ونظر فيها ، أحيا بها قلباً ميتاً وأيقظ بها قلباً غافلاً وجعلها سبباً ناجحاً ، أراق بها دموع التوبة وأسكب بها عبرات الأوبة وغفر لمن أعان على إعدادها بأفكاره واقتراحاته وسعى في إخراجها وطباعتها ودعا إليها بقلمه ولسانه وفيه . شكر الله للجميع سعيهم ، اللهم هل بلغت .. اللهم هل بلغت ..
اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد .
ومن الحب ما قتل ..
لقد عشت مع هذا الموضوع عدة سنوات مقتبساً هذه الحقائق من خلال مجموعة استبانات ودراسة لحال كثير من قضايا التعلق عن طريق دور التعليم والمحاكم والهيئات وأعجب قصة وقفت عليها أذكرها اختصاراً وهي: أن شاباً قد تعرّف على فتىً وأحبه حباً عظيماً وتعلّق به تعلقاً كبيراً ، جُلُّ تفكيره فيه وأكثر وقته معه ذهاباً وإياباً،دوران وسهر ولقاءات ، تضحية وبذل وعطاء بالمال والنفس والنفيس ، لايمر يوم من الأيام إلا ويكون هناك لقاء أو اتصال .. فرح وأنس .. لا يرفض له طلباً ولا يقول له لا..مهما كان الأمر.. فجأة وإذا بالفتى يترك هذا الشاب ويُعرض عنه ، اعتذر عن مقابلته والكلام معه ، أغلق جميع الطرق عليه،حاول الشاب بشتى الطرق أن يُكلّمه أو يلتقي به فلم يستطع، كاد أن يُجن .. أصابه الهم و القلق .. اسودت الدنيا أمام عينيه .. بحث عن حيلة والتقى به .. بدأ الحديث بينهما حاول الفـتى التهرب .. اشتدّ النقاش وعلت الأصوات وتفاقم الأمر .. فأخرج الشاب مسدساً قتل به الفتى ثم هرب .. حاول الناس اللحاق به وحاصروه ثم أخرج المسدس مرة أخرى فقتل به نفسه .. ومن الحب ما قتل.. وما هو مثلها أو يشابهها فكثير وكثير والله المستعان .
لا حياء في الدين ..
إن الحديث مع الشباب وعن الشباب حديث لا ينتهي ، لأنه قضيـة كبرى ولأنهم أمل الأمـة وعصبها ومرتبط بهم عزها ومجدها ولأنهم أكثر الأمة عدداً ، فلا بد أن تُبرى لقضاياهم الأقلام وأن يجنّدلها الرجال وأن تملأ حيزاً من الصحف والمجلات وموائد الحوار وجلسات النقاش ، لابد أن يَعتني بها أصحاب التوجيه والتربية العملية وأصحاب الخبرات الميدانية فهم فرسانها والحكم على الشيء فرع عن تصوره. وإن المتأمل والناظر لحال الفتيان والفتيات وأسئلتهم وحركاتهم وأقوالهم يجدها في الغالب ناتجة عن قضية أساسية في حياتهم وغريزة فطرية في نفوسهم حتى ترى الشاب وقد أسرَتْ قلبَه ولعبتْ بعقله وأطلق لها العنان فما تدري بعدها أهي تصرفات جنون أم طفولة أم هو مسُّ وصرع !!؟ أودعها الله جـل وعلا فيـهم ولم يتركها للإنسان لكـي يشبعها كيفما أراد بل قيدها بضوابط من استمسك بـها نال الخير والفلاح والسعادة و الطمأنينة وصلاح الحال والمآل وراحة البال ومن أبى إلا مجاوزتها والتحرر منها فقد ضل وانحرف ونال غضب الله وسخطه وكُره الخلق له ومن ثم التعب والضيق والهـم و النكد وحرارة المعصية .
تنبيهات ...
{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } ظلمة ووحشة في الحياة وفي الممات ، ظلمة في القبر وظلمة يوم الحشر ، فهذه حياة من أتبع نفسه هواها ولبَّى لشهوته مناها فاغرة فاها نحو هواها .
وهذه الغريزة تختلف من شخص إلى شخص قوة وضعفاً ، بدايةً وانتهاءً وهذا الاختلاف راجـع إلى عوامل ثلاثة :
أولاً : طبيعة الإنسان وخلقته فمن الناس من تكون غريزته قوية وسريعة الثوران هـكذا خلقها الله والبعض خلقها الله فيه ضعيفة .
ثانياً : قوة الإيمان وضعفه .
ثالثاً : التعرض للمؤثرات الخارجية كثرة وقلة وقوة وضعفاً وأذكرها على سبيل الاختصار والإجمال حتى لا أطيل وقد تقدم شيئاً منها في أسباب التعلق وأعيد ذكرها هنا لأهميتها وهي كالتالي:
1- ضعف الإيمان والصلة بالله ويتمثل فيما يلي :
أ - التقصير في الصلوات فروضاً ونوافلاً والله يقول { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر }.
ب- التقصير في قراءة القران وذكر الرحمن { ألا بذكر الله تطمئن القلوب }.
2- النظر إلى ما حرم الله رائد الشهوة ومن أطلق بصره أورد نفسه الهلكة { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم }
وهو أنواع منها : النظر إلى النساء وإلى من وهب جمالاً من الفتيان وكثرة الجلوس معهم والخلوة بهم والذهاب والإياب معهم وإطالة النظر إليهم وكثرة التفكير فيهم وكذلك النظر إلى الصور والمجلات الفاتنة .
3- الغناء بريد الزنا ومؤجج الشهوة .
4- الحديث عن النساء وأوصافهن والنكاح والزواج من قبل كبار السن أو الأزواج في بداية زواجهم في حضرة الصغار والمراهقين والمراهقات وتحديث الأب ابنه والأم ابنتها عن ذلك على سبيل المزح أو المستقبل وهم في سن المراهقة.
تحذير ..
5- الفراغ والخلوة بالنفس سبب للهواجس والأفكار السيئة وكثرة التفكير.
6- نزول الأسواق لغير حاجة والدوران حول مدارس البنين والبنات وأماكن تجمع الشباب.
7- القراءة في كتب العشق والغرام قصصاً وشعراً ونثراً .
8- المصارعة والمطارحة بالأيدي وتلامس الأجسام مع الصغار وأصحاب الوسامة والتميع والرقة والسباحة معهم والاختلاط بهم عن طريق التعليم والأندية والأنشطة المختلفة كالرحلات والمعسكرات .
9- الحديث المفصل عن قصص الزنا واللواط والتعلق والمتعلقين وإيراد الوقائع والأحداث .
10- التميُّع والترف ولبس الملابس الفاتنة والضيقة والسراويل القصيرة والثياب الشفافة والنظر إلى الملابس النسائية المجسمة وغيرها واستخدام أدوات النساء .
11- وسائل الإعلام كالقنوات الفضائية ومواقع الرذيلة عبر الإنترنت وما يسمى( بالسُني ) .
12- الحديث عن المراهقة والشهوة وما يدور بين الشباب .
الوقاية خير من العلاج
13- التدخل أو إدخال الغير في حل مشاكل التعلق أو اللواط ممن لا يأمن الفتنة .
14- تبادل رسائل الحب وكلمات الغرام والشعر العاطفي .
15- البيع في محلات النساء والحديث معهن ومزاحمتهن في البيع والشراء .
16- الخلوة بالخادمة داخل البيت أوفي السيارة وغيرها والنظر إليها وجعل الحرية لها في التزين ولبس الفاتن .

العلاج : إن الله جل وعلا خلق الداء ومعه الدواء وأنزل الفتن ليختبر العباد فخلق سبحانه هذه الغريزة وجعل لها دواء وحمية ووقاية ومنها :
1- اجتاب الأسباب المثيرة للغرائز والتي تقدم ذكرها ، فالوقاية خير من العلاج .
2- ذكر الله والمحافظة على الأدعية والأذكار .
3- محاولة تحريك الجسد بالمشي والركض والرياضة وغيرها .
4- مجالسة أصحاب الحياء والأدب والخير .
5- الزواج المبكر .
6- ملء الأوقات بكل نافع ومفيد وقد تقدم شيئـاً من البرامج والأنشطة والأعمال في علاج التعلـق وذكرت كثيراً من ذلك في كتاب ( فتح آفاق للعمل الجاد ) .
7- الانشغال عن التفكير عند النوم بالقراءة وأذكار النوم .
8- الاغتسال .
9- استشعار عظمة الله ومراقبته وأنه مطلـع عليك وأن ملائكته وجوارحك والأرض التي أنت عليها شهود عليك فأين المفر..؟ { ينبأ الإنسان يومئذ بما قدّم وأخر} وإذا بابن عمر رضي الله عنهما خرج إلى مكة وفي الطريق نزل عليه راعٍ من جبل. فقال ابن عمر : أراعٍ ؟ قال : نعم . قال : بعني شاةً. قال : إنها لسيدي قال : قل لسيدك : أكلها الذئب . قال الراعي : فأين الله ؟ فبكى ابن عمر وجعل يردد : فأين الله ..؟ فأين الله ..؟
ثم اشترى العبد وأعتقه واشترى له الغنم. هكذا ثمرة مراقبة الله وتقـواه في الدنيا وما في الآخرة أعظم وأجل عند الله جنة عرضها السماوات والأرض أعـدت للمتقين . جعلنا الله من أهلها .
10- الدعاء واللجوء إلى الله بأن يقيك الفتن ويحفظك من كل محرم ومكروه .
أخي :هل جربت ركعتين في جوف الليل بين يدي الله ، تقدم الاعتذار بدمع غزير؟ جرب ولو ليلة واحدة.
الصلاة .. الصلاة ..
وفي الختام أوصيك أيها الشاب بالصلاة الصلاة والدعاء واللجوء إلى الله وعدم اليأس فوالله لابد يوماً من الأيام أن تُحمل على الأكتاف ويُصلى عليك وتدخلَ القبر ، فهل أعددت العدة لتلك الحفرة.. ؟ من حافظ على الصلاة حفظه الله ومن ضيعها ضيعه الله .
كم من الشباب ضيعوا الصلاة فبدأوا طريق الانحراف شيئاً فشيئاً ويوماً بعد يوم وسهرة بعد سهرة وسفرة بعد سفرة حتى سلكوه فأصبحوا من مرتادي مراكز الهيئات أو رهينة للسجون وإذا بهم يقادون بالسلاسل والقيود علاهم الذل مع ظلمة الوجه وإن وهبوا جمال القمر .
قصة وعبرة ..
وفي يوم من الأيام وبعد صلاة الظهر وفي مكتب القضاء ومجلس الحكم وإذا بشاب من الشباب لم يتجاوز العشرين ، يستحي المرء أن ينظر إليه من شدة جماله وأناقته والجند من حوله والقيود في يده ، عليه التعب والنكد والحزن والأسى ، أخذت أتصفح الأوراق ثم سألته السؤال الأول : هل كنت محافظاً على الصلاة بل هل صليت الظهر والفجر ؟ فأجاب بلا . فقلت والله يقول ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) .
ثم سألته أخرى ماذا صنعت ؟ قال في الساعة العاشرة صباحاً اتصل بي اثنان من زملائي تعرفت عليهم في ملعب الكرة وفي هذا اليوم لم أذهب للمدرسة ، وتواعدنا أن يكون اللقاء في السوق ، فالتقينا واتفقنا على سرقة محل مجوهرات ، فسرقوا وهربوا وبقيت أنا فأمسكني صاحب المحل وقال أنت السارق وزملاؤك .
فقلت لست بالسارق إنما هم الذين سرقوا ،خذ هذا المبلغ وبطاقتي وسأذهب إلى البيت وأكمل المبلغ .
فرفض واتصل على الشرطة وهذا الذي حدث وها أنا بين يديك ، فقلت له هذه نهاية أصدقاء السوء !!
قال لم أكن لأعلم . قلت : إذاً علمتَ الآن والطيور على أشكالها تقع. قال: إنهم هم السبب ماذا سيكون مصيري !!؟ هل سأذهب للسجن مرة أخرى ؟ أمي تنتظرني الآن في نهاية الدوام ، ماذا سأقول لها ؟ أنا أكبر أخوتي وهم ينتظرونني على الغداء ؟ والدي توفي وأنا المسؤول عنهم ؟
هل سأعود إلى المدرسة ؟
ثم جلست معه قليلاً وساررته بحديث النصح والتوبة ولعلها تكون عبرة وعظة وإذا به يسمع له أنين وأزيز .
وإذا بآخر يؤتى به كالأول أقل منه سناً أمره باختصار يقول : تركت الدراسة ولم أستطع السير فيها ، عملت في إحدى الشركات لكن الراتب قليل فتركتها ووالدي ميت وأنا أصرف على عائلتي . وقبل ليالي كنت في إحدى السهرات وفي إحدى المنتزهات تعرفت أنا وأصدقاء لي على شخص ، فبدأ الحديث بيننا إلى الساعة الثالثة ليلاً ثم طلبنا منه أن يوصلنا إلى بيوتنا وبينما نحن راجعون وإذا برجال الأمن يلاحقوننا ثم اصطدمنا في إحدى المحلات التجـارية ثم هرب كل واحد منا في اتجاه وسقطت المحفظة مني فتعرف رجال الأمن علي مـن خلالها .
فقلت له : ما الذي جعلك تسهر إلى آخر الليل ؟ قال وماذا أصنع ليس عندي ما يشغلني ، حياتي فراغ ، نوم وسهر فقلت : لو كان لك أبناء هل سترضى بسهرهم إلى الليل في المنتزهات ؟قال :لا . قلت أمك كانت تؤمل فيك الخير بعد الله وأنت رجل البيت بعد والدك رحمه الله ؟ ماحال أمك الآن وماذا ستصنع وأين ستذهب ؟ إنك متهم بترويج المخدرات . لأن صاحب السيارة مروج للمخدرات .
قال : لا أعرفه أنا بريء . قلت هذا كلام كل المجرمين يرددونه ويقولونه . هذه نهاية الفراغ والسهر في المنتزهات وأصدقاء السوء فما عليك إلا التوبة والإقبال على الله ، أكثر من الصلاة والاستغفار فربما تموت وأنت في السجن فلعلك تموت وأنت على توبة . قال : هو درس وعبرة لي في حياتي لن أعود ..
ياأيها الشباب : عبر تثار وعبرات تسيل ودمع غزير .. فهل من متعظ ومعتبر.. ؟
لكن مازال في الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا ، أعرج على ذكرهم ولو بشيء قليل فلعل القلوب تحيا بذكرهم وينبعث الأمل في النفس فتبدأ الطريق من جديد وإذا بشاب يبلغ من العمر ثمان سنين يحفظ القرآن ومعه خمسمائة حديث ثم يقوم أمير المنطقة ويعطيه مبلغاً من المال وينزع الأمير ساعته ويعطيه إياها وآخر في المتوسطة يتفاعل لقضية البوسنة فيجمع من أقاربه وغيرهم ما يزيد على خمسة آلاف ريال.

وآخر لم يتجاوز العاشرة يقوم فيعظ الناس في آخر ليلة من رمضان فيجهش الناس بالبكاء .

ياأيها الشباب : هذه نماذج من كثير وكثير من بيننا ليسوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعلوا محالاً ، اختاروا الأعلى على الأدنى ، اختاروا الآخرة على الدنيا ، إنهم جاهدوا شهواتهم وغرائزهم ، أحبوا الله فأحبهم الله ورضي عنهم فأحبهم الخلق فكانوا موفقين ، أعانهم الله على أمور دينهم ودنياهم ، فما أغلق دونهم باب إلا وفتح لهم ألف باب { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً } .
هذا السبيل فأين يذهب من أبى *** أو ليس نور الله قد كشف الدجى

قال صلى الله عليه وسلم { من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر } وقال صلى الله عليه وسلم {من صلى لله اثنتي عشرة ركعة تطوعاً في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة } رواهما مسلم .






وإلى لقاءٍ آخر في الصراحة إن شاء الله يسره الله بمنه وكرمه وصلى الله وسلم على نبينا محمد
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

إدارة المعهد

لا إله إلا الله
إنضم
30 ديسمبر 2010
المشاركات
1,683
النقاط
38
الإقامة
بلجيكا
احب القراءة برواية
ورش عن نافع عن طريق الازرق
القارئ المفضل
عبد الجليل خالد-القزابري
الجنس
أخ
موضو ع شيق وممتاز بارك الله فى طرحكم
وبالتوفيق ان شاء الله
آمين للجميع ،وفيكم بارك المولى تعالى ،اسعدني مروركم
 
أعلى