- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
بسم الله الرحمن الرحيم
كان السلف - رحمهم الله تعالى - يستشعرون معنى الإحرام، فهو يعني عندهم الإنخلاع من جميع الشهوات الأرضية، والتوجه بالروح والبدن إلى خالق السماوات والأرض، لذلك فقد كانوا يضطربون عند الإحرام، فتتغير ألوانهم، وترتعد فرائصهم خوفاً من عدم القبول.
ولقد ضرب السلف - رضوان الله عليهم - أروع الأمثلة في كل شيء, وإن المطالع لسيرهم ليدرك ما كانوا عليه من الخشية والإنابة إلى ربهم سبحانه
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح
وهنا نذكر بعضاً من أحوال القوم عند الإحرام والتلبية لنعرف كيف كانوا:
-قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يوماً وهو بطريق مكة: "تشعثون وتغيرون، وتتلون، وتضحون، لا تريدون بذلك شيئاً من عرض الدنيا، ما نعلم سفراً خيراً من هذا" يعني الحجّ1.
-وقال عبدالمجيد بن أبي روّاد - رحمه الله -: "كانوا يطوفون بالبيت خاشعين ذاكرين كأن على رؤوسهم الطير وقع، يستبين لمن رآهم أنهم في نسك وعبادة"2 وكثير من حجاج هذا الزمان لا يلبون، وأغلب الذين يلبون لا يجهرون بالتلبية، ولا يرفعون بها أصواتهم؛ ولقد كان السلف على خلاف ذلك؛ فعن السائب بن خلاد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية))3، وعن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الحج العج والثج، فأما العج فالتلبية، وأما الثج فنحر البدن))4، والعجّ: رفع الصوت بالتلبية، والثجّ: سيلان دماء الهدي والأضاحي.
-وقال عبدالله: "سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمناً، يترددون إليه ولا يرون أنهم قَضَوْا منه وطراً"، ولمّا أضاف الله - عز وجل - ذلك البيت إلى نفسه، ونسبه إليه بقوله - عز وجل - لخليله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}5، تعلقت قلوب المحبين ببيت محبوبهم، فكلما ذُكر لهم ذلك البيت الحرام حنّوا، وكلما تذكروا بُعدهم عنه أنّوا، وهذا مصداقاً لقول الله - تبارك وتعالى -: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً}6, قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية: لا يقضون فيه وطراً، يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه7"، وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "جعله محلاً تشتاق إليه الأرواح, وتحن إليه, ولا تقضي منه وطراً ولو ترددت إليه كل عام، استجابة من الله - تعالى - لدعاء خليله إبراهيم - عليه السلام - في قوله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}8"9.
-وقَالَ الربيع بن سليمان - رحمه الله -: "حججنا مع الشافعي فما ارتقى شرفاً ولا هبط وادياً إلا وهو يبكي وينشد:
يا راكباً قف بالمحصب من مـنى واهتف بقاعد خيفنا والناهضِ
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى فيضاً كملتطم الفرات الفائضِ
إن كان رفضاً حب آل محمـدِ فليشهد الثقلان أني رافضـي10
-وقال الإمام المزي - رحمه الله -: "قال إبراهيم بن محمد الشافعي: قال سفيان بن عيينة - رحمه الله -: "حج علي بن الحسين - رضي الله عنهما -، فلما أحرم واستوت به راحلته؛ اصفر لونه، وانتفض، ووقع عليه الرعدة، ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: ما لك لا تلبي؟ فقال: أخشى أن أقول لبيك فيقول لي: لا لبيك، فقيل له: لا بد من هذا، فلما لبى غشي عليه، وسقط من راحلته، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه"، وقال مصعب بن عبد الله الزبيري عن مالك: ولقد أحرم علي بن الحسين فلما أراد أن يقول لبيك قالها فأغمي عليه، حتى سقط من ناقته فهشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، وكان يسمى بالمدينة زين العابدين لعبادته"11.
-وقال أحمد بن أبي الحواري: "كنت مع أبي سليمان الداراني - رضي الله عنه - حين أراد الإحرام، فلم يلب حتى سرنا ميلاً، فأخذته الغشية ثم أفاق, وقال: يا أحمد إن الله سبحانه أوحى إلى موسى - عليه السلام -: مُرْ ظَلَمَةَ بني إسرائيل أن يقلوا من ذكري، فإني أذكر من ذكرني منهم باللعنة, ويحك يا أحمد بلغني أن من حج من غير حله ثم لبى قال الله - عز وجل -: "لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما في يديك" فما نأمن أن يقال لنا ذلك"12، وقال أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني - رحمه الله -: "قال أحمد: سمعت أبا سليمان يقول: أرجو أن أكون قد رزقت من الرضا طريقاً لو أدخلني النار لكنت بذاك راضياً، قال: ورأيت أبا سليمان أراد أن يلبي فغشي عليه، فلما أفاق قال: يا أحمد بلغني أن الرجل إذا حج من غير حله فقال: "لبيك اللهم لبيك قال له الرب: لا لبيك ولا سعديك، حتى ترد ما في يديك، فما يؤمنني أن يقال لي هذا، ثم لبى"13.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع