الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم القرآن و القراءات و التجويد
روضة علم رسم القرآن الكريم والفواصل
(حداثة القرآن : إشكال الرسم العثماني وضرورة تنميط الكتابة القرآنية) لعبدالجليل الكور
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 42288" data-attributes="member: 329"><p>وإنكـ لترى من هذا أن رئيس لجنة ﭐلتدوين قد واجه صعوبات ﭐلِاختلَاف وﭐلخلَاف ﭐلناتجة عن ﭐلفروق بين لُغات ﭐلعرب وخبرات ﭐلرجال. ولم يكن أمامه من سبيل لتجاوز ذالكـ سوى ﭐلقياس على لسان قريش، أي ضرورة تنميط نص ﭐلقرآن كلسان عربي مُبين، به أُنزل ﭐلذكر الحكيم وبه يجب أن يحفظ .</p><p></p><p>ويروي ﭐلْإمام ﭐلبخاري أن عبد ﭐلله بن عمرو ذكر عبد ﭐلله بن مسعود فقال:« لَا أزال أحبّه، سمعت ﭐلنبي صلى ﭐلله عليه وسلم يقول: خُذُوا ﭐلقرآن من أربعة، من عبد ﭐلله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبَيّ بن كعب»[13]. ويروي ﭐلبخاري أيضا أن شقيق بن سَلَمة قال: «خَطَبنا عبد ﭐلله [بن مسعود]، فقال: وﭐلله لقد أخذت من فِيِّ رسول ﭐلله صلى ﭐلله عليه وسلم بِضعًا وسبعين سورةً. وﭐللهِ لقد علم أصحاب ﭐلنبي صلى ﭐلله عليه وسلم أنّي من أعلمهم بكتاب ﭐلله، وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في ﭐلْحِلَق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادًّا يقول غير ذلك» (في عبارة ﭐلْإمام مسلم: "فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يَعيبه")[14]. ويروي ﭐبن أبي داود ﭐلسجستاني (230-316هـ) أن عبد ﭐلله بن مسعود -بعد جمع ﭐلمصحف ﭐلعثماني وإحراق ما سواه- خطب ﭐلناس على ﭐلمنبر فقال: "ومن يَغْلُل يأت بما غَلَّ يوم ﭐلقيامة"، غُلّوا مصاحفكم، وكيف يأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت من فيّ رسول ﭐلله صلى ﭐلله عليه وسلم بضعا وسبعين سورةً، وإنّ زيد بن ثابت ليأتي مع الغِلْمان له ذُؤابتان، وﭐلله ما نزل من ﭐلقرآن إلَّا وأنا أعلم في أي شيء نزل، ما أحد أعلم بكتاب ﭐلله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه ﭐلْإبل أعلم بكتاب ﭐلله مني لَأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن ﭐلمنبر جلست في ﭐلْحِلَق، فما أحد يُنكر ما قال.»[15].</p><p></p><p>يقول ﭐلْإمام ﭐلنووي (631-676هـ) في شرحه على "صحيح مسلم": «وقال لِأصحابه "غُلُّوا مصاحفكم"، أي ﭐكتموها، "ومن يَغلُل يأت بما غَلَّ يوم ﭐلقيامة"، يعني: فإذا غللتموها جئتم بها يوم ﭐلقيامة، وكفى بكم به شرفا.». أما ﭐبن حجر ﭐلعسقلَاني (773-852هـ)، فيقول، في "فتح ﭐلباري": «وكان مُراد عبد ﭐلله بن مسعود بـ"غَلِّ ﭐلمصاحف"، كتمها وإخفاؤها لئلَّا تخرج فتُعدم. وكأنَّ ﭐبن مسعود رأى خِلَاف ما رأى عثمان ومن وافقه على ﭐلِاقتصار على قراءةٍ واحدة وإلغاء ما عدا ذلك، أو كان لَا يُنكر ﭐلِاقتصار لِما فيه عدمه من ﭐلِاختلَاف، بل كان يُريد أن تكون قراءته هي ﭐلتي يُعوَّل عليها دون غيرها، لِمَا له من ﭐلمزية في ذلك مما ليس لغيره، كما يُؤخذ ذلك من ظاهر كلَامه. فَلَمَّا فاته ذلك ورأى أن ﭐلِاقتصار على قراءة زيد ترجيحٌ بدون مرجح عنده، ﭐختار ﭐستمرار ﭐلقراءة على ما كانت عليه»[16].</p><p></p><p>ويأتي ﭐلقاضي أَبو بكر ﭐبن ﭐلطيب ﭐلباقلَاني (338-403هـ/950-1013م)، فيعقد، في كتابه "ﭐلِانتصار للقرآن"، فصلًا مُهِمًّا حول كيفية توجيه ﭐلقول باللحن ﭐلمنسوب إلى كل من عثمان بن عفان وأم ﭐلمؤمنين عائشة رضي ﭐلله عنهما. وفي خلَال ذالكـ يقول: «ومما يُعتمد في تأويل قول عثمان "أرى فيه لحنا"، هو أن ﭐلمقصود به ما وُجِد فيه من حذف ﭐلكاتب وﭐختصاره في مواضع وزيادة أحرُف في مواضع أُخَر، وأن ﭐلكاتب لو كان كتبه على مخرج ﭐللفظ وصُورته لَكَان أحق وأولى وأقطع للقالة وأنقى للشُّبهة عَمَّن ليس ﭐلكلَام باللسان طبعًا له. وقولُه "لَتُقيمَنَّهُ ﭐلعربُ بألسنتها"، معناه أنها لَا تلتفتُ إلى ﭐلمرسوم ﭐلمكتوب ﭐلذي وُضِع للدلَالة فقط، وأنها تتكلم به على مقتضى ﭐللغة وﭐلوجه ﭐلذي أُنزل عليه من مخرج ﭐللفظ وصُورته.»[17]. ويُورِدُ ﭐلباقلَاني في عقب ذالكـ بعض ﭐلْأمثلة، فيقول: «فمن هذه ﭐلحروف وﭐلكلمات ما كُتِب في ﭐلمصحف من "ﭐلصلَاة" و"ﭐلزكاة" و"ﭐلحياة" بالواو دون ﭐلْألف، وكان ﭐلْأَولى أن تُكتب "ﭐلصلَاة" و"ﭐلزكاة" و"ﭐلحياة" على مخرج ﭐللفظ ومطابقته. وكذلك "إبراهيم" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"صالح" و"ﭐلرحمان"، وأمثال هذه ﭐلْأسماء ﭐلتي تُسقط ﭐلْألف منها وهي ثابتة في ﭐللفظ وﭐلمخرج ؛ ونحو إلحاقهم في آخر ﭐلكلمة من "قالوا" و"قاموا" و"كانوا" وأمثال ذلك ألفا، وﭐلْألف غير ثابتة ولَا بَيِّنة في ﭐللفظ. فرأى عثمان [أن] كتابة هذه ﭐلكلمات أو ﭐلْأسماء ورسمها على مطابقة ﭐللفظ ومخرجه أولى وأحق، وأن ﭐلمتكلم إن تكلم بها وتلَاها على حَدِّ ما رُسِمت في ﭐلمصحف، كان مُخطئا لَاحِنًا خارجا عن لغة ﭐلعرب وعادتها ومتكلمًا بغير لسانها. غير أنه عَرَف هو وكُلُّ أحد من [كَتَبة] ﭐلمصحف وغيرهم من أهل ﭐلعلم باللغة أن ﭐلعرب لَا تَلْفِظ بـ"ﭐلصلاة" و"ﭐلزكاة" و"ﭐلحياة" بالواو، وتُسقط ﭐلْألف، ولَا تحذف ﭐلْألف في لفظها بـ"ﭐلرحمان" و"سلمان" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"صالح" ونحو ذلك، ولَا تأتي بألف في "قاموا" و"قالوا" و"كانوا" وأمثال ذلك، وأنها لَا تتكلم بذلك إلَّا على مقتضى ﭐللفظ ووضع ﭐللغة لشهرة ذلك وحُصُول ﭐلعلم به، وتَعَذُّر ﭐلنطق به على ما رُسِم في ﭐلمصحف. فلذلك قال "ولَتُقيمَنَّه ﭐلعرب بألسنتها"، أي أنها تنطق به على واجبه، ولَا تَشُكُّ في ذلك لِأجل أن ﭐلرسمَ في ﭐلخط بِخِلَافِه.»[18].</p><p></p><p>ويستنتج ﭐلباقلَاني من ذالكـ ﭐلْأمر فيقول: «فوجب أنه إنما أراد بذكر ﭐللحن ﭐلهجاء ﭐلذي رُسم على غير مطابقة ﭐللفظ ومنهاجه، وأنه لَمَّا رأى ذلك قد ﭐتّسع وكَثُر في ﭐلمصحف -كثرةً يَطُول تتبعها، ويحتاج معها إلى إبطال ﭐلنسخة ﭐلتي رُفعت إليه، وﭐستئناف غيرها [بـ]إلزام ﭐلكَتَبة في ذلك وسائر من عنده نسخة منه-، [بدا له أن في ﭐلْأمر] كلفةً ومشقةً شديدةً، وعَلِم أن ذلك يصعب على أهل ﭐلذكاء وﭐلفطنة ﭐلذين نصبهم لِكَتْب ﭐلمصحف وعرضه، لِأنهم لم يعتادوا ﭐلكتابة إلَّا على ذلك ﭐلوجه، وأن أيديهم لَا تجري إلَّا به، أو خاف نُفُورهم من ذلك وتنكرهم له ونسبتهم إلى ميل عليهم وقدح فيهم، وخشي حصول قالةٍ وتَفَرُّق ﭐلكلمة. فأبقاه على ما رُفِع إليه من لحن، وقال "إن ﭐلعرب ستُقيمُه بألسنتها"، لِمَوْضِع شهرة تلك ﭐلْألفاظ، وعِلْمه وعِلْم ﭐلناس بأن ﭐلعرب لَا تتكلم بها أبدًا على ما قِيلت ورُسِمت في ﭐلخط.»[19].</p><p></p><p>وبعد ذالكـ مباشرة، يُورِد ﭐلباقلَاني ﭐعتراضَ ﭐلمُعترضين: « فإنْ قالوا: على هذا ﭐلجواب، فقد صِرْتُم إلى أنه قد وقع في خط ﭐلمصحف ورسمه خطأ، وما ليس بصواب، وما كان غيرُه أولى منه، وأن ﭐلقوم أجازوا ذلك وأمضوه وسَوّغُوه. وذلك إجماع منهم على خطإ، وإقرار بما ليس بصواب». ثم يدفع هذا ﭐلِاعتراض بما يلي: «يُقال لهم: لَا يجب ما قُلتم، لِأجل أنَّ ﭐلله إنما أوجب على ﭐلقُرّاء وﭐلْحَفَظة أن يقرؤوا ﭐلقرآن ويُؤدُّوه على منهاجٍ محدود، وسبيل ما أنزل عليه ؛ وأن لَا يُجاوزوا ذلك ولَا يؤخروا منه مُقَدَّمًا ولَا يُقدِّموا مُؤخرا، ولَا يزيدوا فيه حرفا ولَا ينقصوا منه شيئا ولَا يأتون به على ﭐلمعنى وﭐلتعريب دون لفظ ﭐلتنزيل على ما بَيَّنّاه فيما سلف ؛ ولم يأخذ على كُتّاب ﭐلقرآن وحُفّاظ ﭐلمصاحف رسمًا بعينه دون غيره، أوجبه عليهم وحَظَر ما عداه ؛ لِأن ذلك لَا يجب –لو كان واجبا- إلَّا بالسمع وﭐلتوقيف. وليس في نص ﭐلكتاب، ولَا مضمونه ولحنه، أن رسم ﭐلقرآن وخطه لَا يجوز إلَّا على وجهٍ مخصوص وحَدٍّ محدود، ولَا يجوز تجاوزُه إلى غيره ؛ ولَا في نص ﭐلسنة أيضا ما يُوجب ذلك ويدل عليه ؛ ولَا هو مما أجمعت عليه ﭐلْأمة، ولَا دلّت عليه ﭐلمقاييس ﭐلشرعية ؛ بل ﭐلسنة قد دلَّت على جواز كَتْبه بأي رسمٍ سهل وسَنَح للكاتب، لِأن رسول ﭐلله -صلى ﭐلله عليه- كان يأمر برسمه وإثباته على ما بيّنّاه سالفا، ولَا يأخذ أحدًا بخط محدود ورسم محصور، ولَا يسألهم عن ذلك، ولَا يُحفظ عنه حرف واحد. ولِأجل ذلكـ ﭐختلفت خطوط ﭐلمصاحف، وكان منهم من يكتب ﭐلكلمة على مطابقة مخرج ﭐللفظ، ومنهم من يحذِف أو يزيد مما يعلم أنه أولى في ﭐلقياس بمطابقته وسياقه ومخرجه. غير أنه يستجيز ذلك لعلمه بأنه ﭐصطلَاحٌ وأن ﭐلناس لَا يخفى عليهم. ولِأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف ﭐلكوفية وﭐلخط ﭐلْأول، وأن يجعل ﭐللَّام على صورة الكاف، وأن يُعوّج ﭐلْألفات، وأن يكتب أيضا على غير هذه ﭐلوجوه ؛ وساغ أن يكتب ﭐلكاتب ﭐلمصحف على ﭐلخط وﭐلهجاء ﭐلقديمين، وجاز أن يكتب بالهجاء وﭐلخطوط ﭐلمحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك. وإذا عُلِم وثَبَت أن خطوط ﭐلمصاحف وكثيرا من حروفها مختلفة متغايرة ﭐلصورة، وأن ﭐلناس قد أجازوا ذلك أجمع ولم يُنكِر أحد منهم على غيره مخالفة لرسمه وصورة خطه، بل أجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته وﭐشتهر عنده، وما هو أسهل وأولى من غيرِ تأثيمٍ ولا تناكر لذلك، عُلِم أنه لمْ [يُؤخذ] في ذلك على ﭐلناس حدٌّ محدودٌ محصور، كما أُخِذ عليهم في ﭐلقراءة وﭐلْأداء. وﭐلسبب في ذلك أن ﭐلخطوط إنما هي علَامات ورسومٌ تجري مجرى ﭐلْإشارات وﭐلعقود وﭐلرموز. وكل شيء يدل على ﭐللفظ ويُنبئ عنه. وإذا دَلَّ ﭐلرسمُ على ﭐلكلمة وطريقها وﭐلوجه ﭐلذي يجب ﭐلتكلم عليه بها، وجب صحتُه وصوابُ ﭐلكاتب له على أي صورة كان وأي سبيل كَتَب. وإذا كان ذلك كذلك، بطل ما تَوَهَّمُوه. وفي ﭐلجملة، فإن كل من ﭐدعى أنه قد ألزم ﭐلناس وأخذ عليهم في كَتْب ﭐلمصحف رسمًا مخصوصًا وصورةً محدودةً لَا يجوز ﭐلعُدُول عنها إلى غيرها، لَزِمَهُ إقامة ﭐلحجة وإيراد ﭐلسمع ﭐلدال على ذلك. وأَنَّى لَهُ به!»[20].</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 42288, member: 329"] وإنكـ لترى من هذا أن رئيس لجنة ﭐلتدوين قد واجه صعوبات ﭐلِاختلَاف وﭐلخلَاف ﭐلناتجة عن ﭐلفروق بين لُغات ﭐلعرب وخبرات ﭐلرجال. ولم يكن أمامه من سبيل لتجاوز ذالكـ سوى ﭐلقياس على لسان قريش، أي ضرورة تنميط نص ﭐلقرآن كلسان عربي مُبين، به أُنزل ﭐلذكر الحكيم وبه يجب أن يحفظ . ويروي ﭐلْإمام ﭐلبخاري أن عبد ﭐلله بن عمرو ذكر عبد ﭐلله بن مسعود فقال:« لَا أزال أحبّه، سمعت ﭐلنبي صلى ﭐلله عليه وسلم يقول: خُذُوا ﭐلقرآن من أربعة، من عبد ﭐلله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبَيّ بن كعب»[13]. ويروي ﭐلبخاري أيضا أن شقيق بن سَلَمة قال: «خَطَبنا عبد ﭐلله [بن مسعود]، فقال: وﭐلله لقد أخذت من فِيِّ رسول ﭐلله صلى ﭐلله عليه وسلم بِضعًا وسبعين سورةً. وﭐللهِ لقد علم أصحاب ﭐلنبي صلى ﭐلله عليه وسلم أنّي من أعلمهم بكتاب ﭐلله، وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في ﭐلْحِلَق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادًّا يقول غير ذلك» (في عبارة ﭐلْإمام مسلم: "فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يَعيبه")[14]. ويروي ﭐبن أبي داود ﭐلسجستاني (230-316هـ) أن عبد ﭐلله بن مسعود -بعد جمع ﭐلمصحف ﭐلعثماني وإحراق ما سواه- خطب ﭐلناس على ﭐلمنبر فقال: "ومن يَغْلُل يأت بما غَلَّ يوم ﭐلقيامة"، غُلّوا مصاحفكم، وكيف يأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت من فيّ رسول ﭐلله صلى ﭐلله عليه وسلم بضعا وسبعين سورةً، وإنّ زيد بن ثابت ليأتي مع الغِلْمان له ذُؤابتان، وﭐلله ما نزل من ﭐلقرآن إلَّا وأنا أعلم في أي شيء نزل، ما أحد أعلم بكتاب ﭐلله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه ﭐلْإبل أعلم بكتاب ﭐلله مني لَأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن ﭐلمنبر جلست في ﭐلْحِلَق، فما أحد يُنكر ما قال.»[15]. يقول ﭐلْإمام ﭐلنووي (631-676هـ) في شرحه على "صحيح مسلم": «وقال لِأصحابه "غُلُّوا مصاحفكم"، أي ﭐكتموها، "ومن يَغلُل يأت بما غَلَّ يوم ﭐلقيامة"، يعني: فإذا غللتموها جئتم بها يوم ﭐلقيامة، وكفى بكم به شرفا.». أما ﭐبن حجر ﭐلعسقلَاني (773-852هـ)، فيقول، في "فتح ﭐلباري": «وكان مُراد عبد ﭐلله بن مسعود بـ"غَلِّ ﭐلمصاحف"، كتمها وإخفاؤها لئلَّا تخرج فتُعدم. وكأنَّ ﭐبن مسعود رأى خِلَاف ما رأى عثمان ومن وافقه على ﭐلِاقتصار على قراءةٍ واحدة وإلغاء ما عدا ذلك، أو كان لَا يُنكر ﭐلِاقتصار لِما فيه عدمه من ﭐلِاختلَاف، بل كان يُريد أن تكون قراءته هي ﭐلتي يُعوَّل عليها دون غيرها، لِمَا له من ﭐلمزية في ذلك مما ليس لغيره، كما يُؤخذ ذلك من ظاهر كلَامه. فَلَمَّا فاته ذلك ورأى أن ﭐلِاقتصار على قراءة زيد ترجيحٌ بدون مرجح عنده، ﭐختار ﭐستمرار ﭐلقراءة على ما كانت عليه»[16]. ويأتي ﭐلقاضي أَبو بكر ﭐبن ﭐلطيب ﭐلباقلَاني (338-403هـ/950-1013م)، فيعقد، في كتابه "ﭐلِانتصار للقرآن"، فصلًا مُهِمًّا حول كيفية توجيه ﭐلقول باللحن ﭐلمنسوب إلى كل من عثمان بن عفان وأم ﭐلمؤمنين عائشة رضي ﭐلله عنهما. وفي خلَال ذالكـ يقول: «ومما يُعتمد في تأويل قول عثمان "أرى فيه لحنا"، هو أن ﭐلمقصود به ما وُجِد فيه من حذف ﭐلكاتب وﭐختصاره في مواضع وزيادة أحرُف في مواضع أُخَر، وأن ﭐلكاتب لو كان كتبه على مخرج ﭐللفظ وصُورته لَكَان أحق وأولى وأقطع للقالة وأنقى للشُّبهة عَمَّن ليس ﭐلكلَام باللسان طبعًا له. وقولُه "لَتُقيمَنَّهُ ﭐلعربُ بألسنتها"، معناه أنها لَا تلتفتُ إلى ﭐلمرسوم ﭐلمكتوب ﭐلذي وُضِع للدلَالة فقط، وأنها تتكلم به على مقتضى ﭐللغة وﭐلوجه ﭐلذي أُنزل عليه من مخرج ﭐللفظ وصُورته.»[17]. ويُورِدُ ﭐلباقلَاني في عقب ذالكـ بعض ﭐلْأمثلة، فيقول: «فمن هذه ﭐلحروف وﭐلكلمات ما كُتِب في ﭐلمصحف من "ﭐلصلَاة" و"ﭐلزكاة" و"ﭐلحياة" بالواو دون ﭐلْألف، وكان ﭐلْأَولى أن تُكتب "ﭐلصلَاة" و"ﭐلزكاة" و"ﭐلحياة" على مخرج ﭐللفظ ومطابقته. وكذلك "إبراهيم" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"صالح" و"ﭐلرحمان"، وأمثال هذه ﭐلْأسماء ﭐلتي تُسقط ﭐلْألف منها وهي ثابتة في ﭐللفظ وﭐلمخرج ؛ ونحو إلحاقهم في آخر ﭐلكلمة من "قالوا" و"قاموا" و"كانوا" وأمثال ذلك ألفا، وﭐلْألف غير ثابتة ولَا بَيِّنة في ﭐللفظ. فرأى عثمان [أن] كتابة هذه ﭐلكلمات أو ﭐلْأسماء ورسمها على مطابقة ﭐللفظ ومخرجه أولى وأحق، وأن ﭐلمتكلم إن تكلم بها وتلَاها على حَدِّ ما رُسِمت في ﭐلمصحف، كان مُخطئا لَاحِنًا خارجا عن لغة ﭐلعرب وعادتها ومتكلمًا بغير لسانها. غير أنه عَرَف هو وكُلُّ أحد من [كَتَبة] ﭐلمصحف وغيرهم من أهل ﭐلعلم باللغة أن ﭐلعرب لَا تَلْفِظ بـ"ﭐلصلاة" و"ﭐلزكاة" و"ﭐلحياة" بالواو، وتُسقط ﭐلْألف، ولَا تحذف ﭐلْألف في لفظها بـ"ﭐلرحمان" و"سلمان" و"إسماعيل" و"إسحاق" و"صالح" ونحو ذلك، ولَا تأتي بألف في "قاموا" و"قالوا" و"كانوا" وأمثال ذلك، وأنها لَا تتكلم بذلك إلَّا على مقتضى ﭐللفظ ووضع ﭐللغة لشهرة ذلك وحُصُول ﭐلعلم به، وتَعَذُّر ﭐلنطق به على ما رُسِم في ﭐلمصحف. فلذلك قال "ولَتُقيمَنَّه ﭐلعرب بألسنتها"، أي أنها تنطق به على واجبه، ولَا تَشُكُّ في ذلك لِأجل أن ﭐلرسمَ في ﭐلخط بِخِلَافِه.»[18]. ويستنتج ﭐلباقلَاني من ذالكـ ﭐلْأمر فيقول: «فوجب أنه إنما أراد بذكر ﭐللحن ﭐلهجاء ﭐلذي رُسم على غير مطابقة ﭐللفظ ومنهاجه، وأنه لَمَّا رأى ذلك قد ﭐتّسع وكَثُر في ﭐلمصحف -كثرةً يَطُول تتبعها، ويحتاج معها إلى إبطال ﭐلنسخة ﭐلتي رُفعت إليه، وﭐستئناف غيرها [بـ]إلزام ﭐلكَتَبة في ذلك وسائر من عنده نسخة منه-، [بدا له أن في ﭐلْأمر] كلفةً ومشقةً شديدةً، وعَلِم أن ذلك يصعب على أهل ﭐلذكاء وﭐلفطنة ﭐلذين نصبهم لِكَتْب ﭐلمصحف وعرضه، لِأنهم لم يعتادوا ﭐلكتابة إلَّا على ذلك ﭐلوجه، وأن أيديهم لَا تجري إلَّا به، أو خاف نُفُورهم من ذلك وتنكرهم له ونسبتهم إلى ميل عليهم وقدح فيهم، وخشي حصول قالةٍ وتَفَرُّق ﭐلكلمة. فأبقاه على ما رُفِع إليه من لحن، وقال "إن ﭐلعرب ستُقيمُه بألسنتها"، لِمَوْضِع شهرة تلك ﭐلْألفاظ، وعِلْمه وعِلْم ﭐلناس بأن ﭐلعرب لَا تتكلم بها أبدًا على ما قِيلت ورُسِمت في ﭐلخط.»[19]. وبعد ذالكـ مباشرة، يُورِد ﭐلباقلَاني ﭐعتراضَ ﭐلمُعترضين: « فإنْ قالوا: على هذا ﭐلجواب، فقد صِرْتُم إلى أنه قد وقع في خط ﭐلمصحف ورسمه خطأ، وما ليس بصواب، وما كان غيرُه أولى منه، وأن ﭐلقوم أجازوا ذلك وأمضوه وسَوّغُوه. وذلك إجماع منهم على خطإ، وإقرار بما ليس بصواب». ثم يدفع هذا ﭐلِاعتراض بما يلي: «يُقال لهم: لَا يجب ما قُلتم، لِأجل أنَّ ﭐلله إنما أوجب على ﭐلقُرّاء وﭐلْحَفَظة أن يقرؤوا ﭐلقرآن ويُؤدُّوه على منهاجٍ محدود، وسبيل ما أنزل عليه ؛ وأن لَا يُجاوزوا ذلك ولَا يؤخروا منه مُقَدَّمًا ولَا يُقدِّموا مُؤخرا، ولَا يزيدوا فيه حرفا ولَا ينقصوا منه شيئا ولَا يأتون به على ﭐلمعنى وﭐلتعريب دون لفظ ﭐلتنزيل على ما بَيَّنّاه فيما سلف ؛ ولم يأخذ على كُتّاب ﭐلقرآن وحُفّاظ ﭐلمصاحف رسمًا بعينه دون غيره، أوجبه عليهم وحَظَر ما عداه ؛ لِأن ذلك لَا يجب –لو كان واجبا- إلَّا بالسمع وﭐلتوقيف. وليس في نص ﭐلكتاب، ولَا مضمونه ولحنه، أن رسم ﭐلقرآن وخطه لَا يجوز إلَّا على وجهٍ مخصوص وحَدٍّ محدود، ولَا يجوز تجاوزُه إلى غيره ؛ ولَا في نص ﭐلسنة أيضا ما يُوجب ذلك ويدل عليه ؛ ولَا هو مما أجمعت عليه ﭐلْأمة، ولَا دلّت عليه ﭐلمقاييس ﭐلشرعية ؛ بل ﭐلسنة قد دلَّت على جواز كَتْبه بأي رسمٍ سهل وسَنَح للكاتب، لِأن رسول ﭐلله -صلى ﭐلله عليه- كان يأمر برسمه وإثباته على ما بيّنّاه سالفا، ولَا يأخذ أحدًا بخط محدود ورسم محصور، ولَا يسألهم عن ذلك، ولَا يُحفظ عنه حرف واحد. ولِأجل ذلكـ ﭐختلفت خطوط ﭐلمصاحف، وكان منهم من يكتب ﭐلكلمة على مطابقة مخرج ﭐللفظ، ومنهم من يحذِف أو يزيد مما يعلم أنه أولى في ﭐلقياس بمطابقته وسياقه ومخرجه. غير أنه يستجيز ذلك لعلمه بأنه ﭐصطلَاحٌ وأن ﭐلناس لَا يخفى عليهم. ولِأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف ﭐلكوفية وﭐلخط ﭐلْأول، وأن يجعل ﭐللَّام على صورة الكاف، وأن يُعوّج ﭐلْألفات، وأن يكتب أيضا على غير هذه ﭐلوجوه ؛ وساغ أن يكتب ﭐلكاتب ﭐلمصحف على ﭐلخط وﭐلهجاء ﭐلقديمين، وجاز أن يكتب بالهجاء وﭐلخطوط ﭐلمحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك. وإذا عُلِم وثَبَت أن خطوط ﭐلمصاحف وكثيرا من حروفها مختلفة متغايرة ﭐلصورة، وأن ﭐلناس قد أجازوا ذلك أجمع ولم يُنكِر أحد منهم على غيره مخالفة لرسمه وصورة خطه، بل أجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته وﭐشتهر عنده، وما هو أسهل وأولى من غيرِ تأثيمٍ ولا تناكر لذلك، عُلِم أنه لمْ [يُؤخذ] في ذلك على ﭐلناس حدٌّ محدودٌ محصور، كما أُخِذ عليهم في ﭐلقراءة وﭐلْأداء. وﭐلسبب في ذلك أن ﭐلخطوط إنما هي علَامات ورسومٌ تجري مجرى ﭐلْإشارات وﭐلعقود وﭐلرموز. وكل شيء يدل على ﭐللفظ ويُنبئ عنه. وإذا دَلَّ ﭐلرسمُ على ﭐلكلمة وطريقها وﭐلوجه ﭐلذي يجب ﭐلتكلم عليه بها، وجب صحتُه وصوابُ ﭐلكاتب له على أي صورة كان وأي سبيل كَتَب. وإذا كان ذلك كذلك، بطل ما تَوَهَّمُوه. وفي ﭐلجملة، فإن كل من ﭐدعى أنه قد ألزم ﭐلناس وأخذ عليهم في كَتْب ﭐلمصحف رسمًا مخصوصًا وصورةً محدودةً لَا يجوز ﭐلعُدُول عنها إلى غيرها، لَزِمَهُ إقامة ﭐلحجة وإيراد ﭐلسمع ﭐلدال على ذلك. وأَنَّى لَهُ به!»[20]. [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم القرآن و القراءات و التجويد
روضة علم رسم القرآن الكريم والفواصل
(حداثة القرآن : إشكال الرسم العثماني وضرورة تنميط الكتابة القرآنية) لعبدالجليل الكور