...........
قلنا فيما سبق ((خرجت شمس السنة العاشرة وكانت فيها (((حجـة الــوداع )))
المشهد الأول : الإعلان
لما دخلت السنة العاشرة من الهجرة وفي شهر ذي القعدة أعلن المنادي بأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه حاج هذه السنة .
فقدم المدينة بشر كثير وفي رواية : فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكبا أو راجلا إلا قدم فتدارك الناس ليخرجوا مع كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله .
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها – تفتل له قلائد بُدْنه من صوف – كان عندها بالمدينة – قبل أن يحرم . من أجل أن يقلد به الهدي الذي سوف يسوقه للحج هذه السنة بإذن الله تعالى .
قلائد جمع قلادة وهي ما تعلق بالعنق ، قوله ( فأفتل )
من فتل كضرب و فيه دليل على استحباب الجمع بين الإشعار والتقليد في البدن ، ومشروعية الإشعار وهو أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونها هديا .
والفتل هنا المقصود به : هو لي الشيء من الصوف والليف وغيره حتى يشتد ويقوى ، فيصبح حبلاً ينتفع به في ربط البهائم وغيرها .
في يوم الجمعة الموافق 24 / ذي القعدة /10هجري كان المشهد الثاني : خطبة الجمعة
في المسجد النبوي بين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة الحج والمواقيت وقال فيها (عن أبي هريرة قال
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه )روه مسلم .. قال النووي : هذا الرجل السائل هو ( الأقرع بن حابس ) كذا جاء مبينا في غير هذه الرواية .
ونادى رجل والنبي يخطب في المسجد : قال حدثنا نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب عن عبد الله بن عمر
أن رجلا قام في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن وقال ابن عمر ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم )) البخاري ومسلم وكان ابن عمر يقول لم أفقه هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال الرجل أيضاً :
لما قام ))
قام رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين )) .قال ابن حجر : لم أقف على اسمه في شيء من الطرق ، ،
وظهر أن ذلك كان بالمدينة , ووقع في حديث ابن عباس الآتي في أواخر الحج أنه صلى الله عليه وسلم خطب بذلك في عرفات فيحمل على التعدد ,
قوله : ( المحرم )
أجمعوا على أن المراد به هنا الرجل , ولا يلتحق به المرأة في ذلك قال ابن المنذر : أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ما ذكر , وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس ,
المشهد الثالث : تجمع الناس
كان يوم الجمعة يوم عظيم في التجهيز لهذه السفرة المباركة إلى مكة بعد غيب 10 سنة تقريباً بسبب الهجرة ، والخبر ينتشر ، والنبي يرغب للحج
ويشجعهم على فعل الطاعات والتزود من الخيرات ، قالت عائشة رضي الله عنها
: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها " لعلك أردت الحج " قالت والله ما أجدني إلا وجعة فقال لها " حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني "رواه مسلم ,
وفي رواية سنن ابن ماجة : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شاكية فقال أما تريدين الحج العام قلت إني لعليلة يا رسول الله قال حجي وقولي محلي حيث تحبسني .
وكانت تحت المقداد بن الأسود , أخرجه الشيخان ،، أن ضباعة :
بضم الضاد المعجمة وبالموحدة والعين المهملة ( بنت الزبير ) أي ابن عبد المطلب بن هاشم . وهي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم ,
عن ابن عباس والفضل أو أحدهما عن الآخر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة ) مسند أحمد . عن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد الحج فليتعجل .
نساء النبي صلى الله عليه وسلم
ورغب رسول الله زوجاته جميعهم وأقاربه وأصحابه في الخروج للحج حيث حج معه زوجاته كلهم رضي الله عنهم ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عدد من عقد عليهن ثلاثة عشرة امرأة ،منهن تسع حجوا معه ، وها هي أسماؤهن الآتي حجوا معه - سودة بنت زمعة وعــــــــــمرها ( 77 ). .
عائشة بنت أبي بكر الصديق، وعـمرها ( 19 ). .
حفصة بنت عمر بن الخطاب، - وعمـرها ( 27 )..
أم سلمة هند بنت أبي أمية، وعمــــرها ( 71 )..
زينب بنت جحش - وعـــــــــمرها ( 30 )..
جويرية بنت الحارث وعـــــــــــمرها ( 24 ). .
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وعــــــمرها ( 44 ). .
صفية بنت حيي بن أخطب وعمــــــــــــــــرها ( 21 )..
ميمونة بنت الحارث، أخت أم الفضل لبابة بنت الحارث، وعمرها ( 28 ).
رضي الله عنهم أجمعين. فهؤلاء هنّ أمهات المؤمنين الآتي حجوا معه وتوفى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم على قيد الحياة . ، واثنتان توفيتا في حياته ، إحداهما خديجة رضي الله عنها ، والأخرى زينب بنت خزيمة من بنى هلال رضي الله عنها، وكانت تسمى أم المساكين رضي الله عنهم.
المشهد الرابع : التحرك من البيت إلى الميقات نقضي في هذه الرحلة المباركة 26يوماً .....
(1)-في يوم السبت الموافق 25 بعد صلاة الظهر
صلى الظهر بالمدينة أربعا . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة، وتفق في تلك السنة نقصان شهر ذي القعدة فانسلخ يوم الأربعاء واستهل شهر ذي الحجة ليلة الخميس خرج النبي – صلى الله عليه وسلم- من المدينة ، ثم نزل بذي الحليفة وستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة أميراً عليها
ابا دجانة سماك بن حرشة الساعدي ويقال سباع بن عرفطة الغفاري
حيث ذهب إلى الحليفة راكباً وهي وادي العقيق فصلى بها العصر ركعتين فدل على أنه جاء الحليفة نهارا في وقت العصر فصلى بها العصر قصرا وهي من المدينة (( 13كيلو متر تقريبا ً)) ثم صلى بها المغرب والعشاء ثم بات بها حتى أصبح
وتطيب وطاف على نسائه كلهم وغتسل وصلى بأصحابه وأخبرهم أنه جاءه الوحي من الليل بما يعتمده في الإحرام (( أنه أتى في المعرس من ذي الحليفة فقيل له أنك ببطحاء مباركة )) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح : ((أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة).
رواه البخاري - واللفظ له -
وكذلك كان من رفقه صلى الله عليه وسلم بالناس مكث بذي الحليفة يوماً كاملاً ، ليصلي فيه وينتظر من يريد اللحاق به .
وتفدر المسافة من البيت والمسجد النبوي 13كم
الحُـلَيفة :بضم الحاء المهملة ، وفتح اللام ، تصغير حَلْفَاء نَبْت معروف بها . وتسمى الآن آبار علي بينها وبين مكة 420كم ( عشر مراحل تزيد أو تنقص حسب اختلاف الطريق وقوة السير ) وبينها وبين المسجد النبوي 13كم ، و الحليفة تسمى وادي العقيق ، ومسجدها يسمى مسجد الَّشجرة ، وفيها بئر تسميها جهَّال العامة (بئر عليٍّ) لظنهم أن علياً قاتل الجنَّ بها ن وهو كَذِبٌ ! وعليٌّ أرفع قدراُ من أن يثبت الجنَّ لقتاله .
تهيأ - صلى الله عليه وسلم- لإحرامه غاية التهيؤ، حتى لتستشعر من تهيوئه عظيم العبادة التي سيدخلها، فيحتفل لها هذا الاحتفال ويستقبلها هذا الاستقبال، مع الرفق والين مع أهله وأصحابه
.................
وقد ساق الهدي عددها ثلاثة وستون رأس من الإبل وقيل أقل وقيل أكثر كما يمر بنا يوم عرفة عندما تتسابق الإبل ... .
وكان ناجية الخزاعي رضي الله عنه مسئول عن سوق هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يسق الهدي أحد من أمهات المؤمنين نساء النبي صلى الله عليه وسلم .
وركبت أمهات المؤمنين كل واحدة هودجها ، والهودج : محمل له قبة تستر بالثياب ونحوه , يوضع عن ظهر البعير يركب عليه النساء ليكون أستر لهن ، ولم يسق الهدي أحد من أمهات المؤمنين رضي الله عنهم .
وسنذكر بعض المواقف التي مرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وحسن تصرفه .
أول المواقف التي واجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ؟
في ذا الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمد ابن أبي بكر .
تحت الشجرة ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أصنع ؟ قال : اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ((وهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحشى قطنا وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم))
وأسماء بنت عميس هي
أسماء بنت عميس بن معبد ، بن الحارث الخثعمية أم عبد الله.
من المهاجرات الأول.
قيل: أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة
تزوجت من 1-جعفر الطيار ثم لما مات 2- تزوجها أبو بكر الصديق ثم لما مات3- تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين .
هاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة، فولدت له هناك: عبد الله، ومحمداً وعوناً.
فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع، واستشهد يوم مؤتة، تزوج بها أبو بكر الصديق؛ فولدت له محمداً، وقت الإحرام، في هذه الحجة التي نتحدث عنها حجة الوداع، فلما توفي أبو بكر الصديق، غسلته أسماء رضي الله عنها
ثم تزوجها علي بن أبي طالب.
وهناك قصة حصلت قالت فيها أسماء بنت عميس: يا رسول الله، إن هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين. قال: " كذب من يقول ذلك، لكم الهجرة مرتين: هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إليّ رضي الله عنها
المهم كان فى قِصتها ثلاثُ سُنن ، إحداها : غسلُ المحرم ، والثانية : أن الحائضَ تغتسِل لإحرامها ، والثالثة : أن الإحرام يَصِحُّ مِن الحائض .
وأختارأبو بكر الصديق أسم ولده بأسم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم
لقد تهيأ - صلى الله عليه وسلم- لإحرامه غاية التهيؤ، حتى لتستشعر من تهيوئه عظيم العبادة التي سيدخلها، أشعر هديه وقلده، واغتسل صلى الله عليه وسلم لإحرامه، ثم لبد رأسه .
المشهد الخامس : تهيأ الرسول صلى الله عليه وسلم لإحرامه وأشعر هديه وقلده وساقه معه .
فمن السنن التي فعلها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم :
الأغتسال والتنظف
تلبيد الشعر
الطيب
لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين
الأحرام عقب الصلاة
إشعار الهدي وتقليده
التقليد : هو أن يربط في عنق الهدي نعالاً ، أو آذان قرب ، أو عراها والتقليد سنة في الإبل والبقر والغنم .
والإشعار : هو أن يشق صفحة سنام الهدي الأيمن حتي يدميه ، ثم يسلت عنه الدم وذلك ليعلم أنه هدي وهو خاص بالإبل والبقر .وكان ذلك بعد صلاة الظهر بذي الحليفة
أختيار النسك
الإهلال مستقبل القبلة
الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها
قلد رسول الله صلى الله عليه قبل الإحرام بدنه نعلين وأشعرها في جانبها الأيمن فشق صفحة سنامها وسلت الدم عنها .
وتطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفي عائشة – رضي الله عنها- بأطيب الطيب عندها، وتضمخ بالطيب فكان- صلى الله عليه وسلم- وهو الطيب المطيب ينفح طيباً، ويرى وبيص الطيب في مفارقة ولحيته ،وقد غسل رأسه بخطمي وأشنان ولبّده حتى يلمه ولا يتطاير أثناء السفر .
ثم لبس – صلى الله عليه وسلم- إحرامه - إزاره ورداءه - وصلى الظهر ثم استقل راحلته على غاية من الخشوع والخضوع والتعظيم لرب العالمين، متواضعاً لله معظماً لشعائره.
"قالت عائشة : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عام حجة الوداع ) فقال : من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت عائشة . . . وكنت فيمن أهل بالعمرة "
ثم ركب القصواء اسم ناقته صلى الله عليه وسلم ولها أسماء أخرى مثل " العضباء " و" الجدعاء " . وقيل : هي أسماء لنوق له صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا استوت على ناقته على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم هل بحج وعمره وأهل الناس بهما .
وتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معها من ميقات ذي الحليفة بعد صلاة الظهر متوجهاً إلى مكة ، معه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم . قال جابر فنظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه وعن شمالي .
لقد كانت راحلته رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها رث وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم ، فلما انبعثت به راحلته استقبل القبلة ، وحمد الله وسبح وكبر .
وقال : لبيك حجة لا رياء فيها ولا سمعة ،
لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
أما متاعه وزاده كان ما تحمله زاملة أبي بكر رضي الله عنه ،
فكانت زاملته و زاملة أبي بكر رضي الله عنه واحدة . بكل تواضع وعدم تميز سار النبي صلى الله عليه وسلم .. نعم من تواضع لله رفعه فهي قمت التواضع بعد فتح مكة يذهب إلى مكة بدون أي تميز بل هو عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
سار الركب المبارك من ميقات ذا الحليفة إلى مكة بعد أن قضى يوما ولليلة في ميقات ذو الحليفة .
يقول أبي محمد علي ابن حزم رحمه الله في السنة العاشرة التي أعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه حاج أصاب الناس بالمدينة جدري أو حصبة منعت من شاء الله تعالى أن تمنع ... الخ
ولكن لحديث جابرقال فنظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه وعن شماله .
.. الحمد الله على أقدار الله هو أحكم الحاكمين ثبت أن أبن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إبراهيم توفى قبل الحج بثمانية أشهر تقريبا حيث مرض "إبراهيم" ابن رسول اللَّه ، و خطفه الموت من أبويه في ربيع الأول سنة عشر من الهجرة بعد أن عاش بين والديه سبعة عشر شهرًا ، أمه السيدة مارية القبطية - رضى الله عنها - فوضعه النبي بين يديه وذرفت عيناه عليه، وقال: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" [متفق عليه].
(2)--تحرك بعد صلاة الظهر من يوم الأحد الموافق 26/ ذي القعدة /10هجري......
وتحرك النبي صلى الله عليه وسلم ومن معها من ميقات ذي الحليفة بعد صلاة الظهر متوجهاً إلى مكة
المشهد السابع : تحرك الجمال والناس الماشي والراكب والنساء والأطفال
معه أبو بكر وعمر وعثمان وأبن العباس وبنته فاطمة وعدد لا يحصى من الصحابة رضي الله عنهم .
قال جابر فنظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه وعن شمالي .
لقد كانت راحلته صلى الله عليه وسلم عليها رث وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم ، فلما انبعثت به راحلته استقبل القبلة ، وحمد الله وسبح وكبر .
أما متاعه وزاده كان ناقة مشتركه بينه وبين أبي بكر رضي الله عنه .
و بكل تواضع وعدم تميز سار النبي صلى الله عليه وسلم ..وقال : لبيك حجة لا رياء فيها ولا سمعة ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
سار الركب المبارك من ميقات ذا الحليفة إلى مكة بعد صلاة الظهر من يوم الأحد
عدد الأيام في السير إلى مكة ، هذه الأيام كان عددها ثمانية أيام :
تصور النبي صلى الله عليه وسلم وقد أشعر هديه وقلده، واغتسل صلى الله عليه وسلم لإحرامه، ثم لبد رأسه وتطيب متواضعاً لله معظماً لشعائره.
المشهد الثامن : مشهد يبكي
استقبل القبلة – صلى الله عليه وسلم-، وحمد الله وسبح وكبر وقال: لبيك حجة لا رياء فيها ولا سمعة ،
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك إله الحق.
و إذا كان كل ما حمله من متاع هو ما قاسمه ظهر زاملة أبي بكر رضي الله عنه سار -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه في مسيره من المدينة إلى مكة هو صاحبه من مكة إلى المدينة يوم أن هاجر إليها قبل عشر سنين، حينما خرج – صلى الله عليه وسلم- وقد نذرت به القبائل وتطلبته وهو "يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا"، وهاهو اليوم يسير مسيراً آخر هو وصاحبه من المدينة إلى مكة والأرض قد وطئت له، والقبائل التي كانت تطلبه قد آمنت كلها به، وهذه جموعها تزحف معه في هذا المسير.
سار – صلى الله عليه وسلم- تحيط به القلوب وترمقه المقل، وتفديه المهج،فهو معهم كواحد منهم، لم توطأ له المراكب، ولم تتقدمه المواكب ولم تشق له الطرقات، ولم تنصب له السرادقات، وإنما سار بين الناس، ليس له شارة تميزه عنهم إلا بهاء النبوة وجلال الرسالة، يسير معهم وفي غمارهم، يقول أنس كنت ردف أبي طلحة على راحلته وإن ركبته لتكاد تمس ركبة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: لبيك حجة وعمرة، لقد كان الناس حوله كما قال جابر رضي الله عنه: نظرت مد بصري بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ما بين راكب وماشٍ، ومن خلفه مثل ذلك، وعن يمينه مثل ذلك، وعن شماله مثل ذلك ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فما عمل من شيء عملناه.
سار – صلى الله عليه وسلم- بهذه الجموع الطهارة حوله ما بين راكب وماشٍ تحيط به كما تحيط الهالة بالقمر
المشهد التاسع :فتنزل عليه جبريل فقال: "يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية
فإنها شعار الحج، فاهتزت الصحراء وتجاوبت الجبال بضجيج الملبين، وهتافهم بتوحيد رب العالمين. لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك إله الحق، لبيك ذا المعارج، لبيك وسعديك، والخير في يديك والرغباء والعمل، زحفت تلك الجموع على هذه الحال هتاف بالتلبية، وعجيج بالذكر، وإعلان بشعار الحج.
أما رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فهو يقطع هذه الفيافي الفساح، وكأنما جبالها وآكامها وأوديتها تروي له خبرها، وتحدثه بمن مر بها، فتراءت للرسول – صلى الله عليه وسلم- أطياف الأنبياء الذين ساروا يؤمون هذا البيت قبله، كأنما يراهم أمامه ويرافقهم في مسيره. السفر في الدلجة
فيه فوائد منها
ما بينت السنة الحكمة في ذلك وهو أن الأرض تطوى بالليل واختلف في تفسير الحديث على قولين فقيل : إن الطي هنا طي حقيقي . وقيل معنوي وهو ما يحصل من الظلمة فلا يرى الطريق والأول أقرب .
ويتعرض المسافر لآخر الليل وقت نزول الرب سبحانه فربما تعرض لنفحات الله فيرجى فيه قبول الدعاء .
المشهد العاشر : ذكر ودعاء السفر ....الله أكبر .... الله أكبر..... الله أكبر ..
عن ابنِ عمر رَضِيَ اللَّه عنهما ، أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إِذا اسْتَوَى عَلَى بعِيرهِ خَارجاً إِلي سفَرٍ ، كَبَّرَ ثلاثاً ، ثُمَّ قالَ : «سبْحانَ الذي سخَّرَ لَنَا هذا وما كنَّا له مُقرنينَ، وَإِنَّا إِلى ربِّنَا لمُنقَلِبُونَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البرَّ والتَّقوى ، ومِنَ العَمَلِ ما تَرْضى . اللَّهُمَّ هَوِّنْ علَيْنا سفَرَنَا هذا وَاطْوِ عنَّا بُعْدَهُ ، اللَّهُمَّ أَنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ ، وَالخَلِيفَةُ في الأهْلِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وعْثَاءِ السَّفَرِ ، وكآبةِ المنظَرِ ، وَسُوءِ المنْقلَبِ في المالِ والأهلِ وَالوَلدِ »
وإِذا رجَعَ قَالهُنَّ وزاد فيِهنَّ : « آيِبونَ تَائِبونَ عَابِدُون لِرَبِّنَا حَامِدُونَ » رواه مسلم
وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال (خرجنا مع النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة,فكان يصلي ركعتين ركعتين,حتى رجعنا إلى المدينة,فسئل:أقمتم بمكة شيئاً؟قال أقمنا بها عشراً),يعني بإدخال أيام الحج فيها,وبذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم قدم في حجة الوداع مكة صبيحة يوم الأحد الموافق للرابع من ذي الحجة سنة عشرة من الهجرة,وخرج منها بعد أداء الحج صبيحة اليوم الرابع عشر من الشهر المذكور
نكمل الحلقة القادمة أن شاء الله تعالى ......وأنتم بخير .