المطلب الثالث ـ تعريف المرض الذي لا يرجى برؤه :
المرض الذي لا يرجى برؤه ( Cureless Disease ) أو المرض الميئوس من شفائه ، هو المرض الذي لم يعرف له علاجٌ بعد ( مثل : بعض الأورام ) ، أو المرض الذي بلغ درجة من التدهور يندر معها الشِّفاء ( كالفشل الكلوي ، والفشل الكبدي .. ونحوه ) .
وقد ورد مثال على الأمراض التي لا يرجى برؤها في قصة المرأة التي جاءت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تعانيه من نوبات ( الصَّرع ) ، فقد روى عطاء بن أبي رباح رضي الله تعالى عنه ، قال : (( قالَ ابنُ عباس : ألا أريكَ امرأةً من أهلِ الجنةِ ؟ قلتُ : بلى . قالَ : هذهِ المرأةُ السوداءُ ، أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقالتْ : إني أُصْرَعُ ، وإني أتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللهَ لي . فقالَ : إنْ شئتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنَّةُ ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ لَكِ أنْ يعافيَكِ ، فقالت : أَصبرُ . قالتْ : فإني أتكشَّفُ فادْعُ اللهَ ألا أتكشف ، فدعا لها )) .
ووجود أمراض لا يرجى برؤها ، أو ميئوس من شفائها ، لا يتعارض مع ما ورد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم حين قال : (( ما أنزلَ اللهُ مِنْ داءٍ إلا أنزلَ لَهُ شِفاءً )) ، وقوله : (( إنَّ اللهَ أنْزَلَ الدَّاءَ والدَّواءَ ، وَجَعَلَ لكلِّ داءٍ دواءً ، فَتَداوَوْا ، ولا تَتَداوَوْا بالحَرَام )) ، فالأطباء لم يكتشفوا كل أسباب المرض بعد ، ولم يعرفوا كافة أنواع الدواء والعلاج ، وهذا القصور في علوم الطب وفي غيرها من العلوم سوف يبقى ملازماً للعلم البشري حتى آخر الزمان ، مصداقاً لقوله تعالى : (( وَمَا أوتيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَليلاً )) ، فعلى الرغم من كل التقدم الذي أحرزه العلماء في حقول الطب والعلاج والتشخيص مازالت طائفة واسعة جداً من الأمراض التي لم تعرف أسبابها بعد ، ولم يعرف لها علاج أو دواء ناجع حتى الآن .
أضف إلى هذا ، أن نسبة غير قليلة من الأمراض القابلة للعلاج والشفاء يمكن أن تتدهور إلى درجة لا يعود يجدي فيها علاج ولا دواء ، وسوف يظل الأطباء في كل زمان ومكان يواجهون مثل هذه الحالات التي لا يرجى برؤها ، وهذا ما يبرر حديثنا عن هذه الطائفة من الأمراض التي تجعل الطبيب يقف أمام مريضه وقفة لا يحسد عليها ، وتضع المريض أمام الحقيقة المؤذنة بالنهاية التي تجعله في أشد الحاجة للرعاية والعناية والدعم النفسي .
من هنا تنبع أهمية هذا البحث ، الذي سوف نحاول فيه بيان كيفية التعامل الأخلاقي والشرعي مع هذه الطائفة من الأمراض ، وبيان ما يجب عمله للمريض لكي نخفف عنه وقع الصدمة النفسية العنيفة عندما يدرك أن مرضه ميئوس من شفائه ، وكيف نجعله يتقبل هو وذووه هذه الحالة التي تنذر بالنهاية .
ونسارع هنا إلى القول إن وجود هذه الأمراض التي لا يرجى برؤها لا يعني إهمال المريض ، ولا يعني التعجيل بإنهاء حياته بحجة تخليصه من الألم والمعاناة ، لأن الحياة الإنسانية محترمة شرعاً حتى الرمق الأخير ، ومن واجب الطبيب أن يقدم للمريض أقصى ما يستطيع من عناية ورعاية واهتمام مهما كان وضعه ، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .
المبحث الثاني
حرمة الحياة الإنسانية
لقد اتفقت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ـ على مر العصور ـ على حرمة النفس البشرية ، وتحريم الاعتداء عليها ، ووردت نصوص عديدة في الكتاب والسنة تشدد على هذه الحرمة ، ومنها تحريم القتل والانتحار والإجهاض وشتَّى الممارسات التي تعرِّض حياة الإنسان للخطر .
ولهذا ينبغي للطبيب أن يدرك أنه بتعامله مع المريض إنما يتعامل مع نفس بشرية مصونة شرعاً ، فلا يجوز له الاعتداء عليها ، ولا العبث بها ، ولا انتهاك حق من حقوقها المقررة شرعاً ، وهذا ما يوجب على الطبيب أن يمارس عمله عن علم ودراية وخبرة ، وأن يؤديه بإتقان ، ودون إهمال ، حرصاً على سلامة مرضاه ، وعدم تعريضهم للخطر أو الضرر .
أضف إلى هذا ، أن ( الحق في سلامة الحياة والجسد هو من الحقوق التي يختلط فيها حقُّ اللهِ تعالى بحقِّ العبد ، مع رجحان الأول ، وأنَّ جوابرَ الاعتداء على هذا الحقِّ يختصُّ بها العبدُ مَرَّةً ، وهذا هو حال القَصَاص والدِّيَة ، ويتعلق بها حقُّ اللهِ مرة أخرى ، وهذا هو حال الكَفَّارة ) ، ولا ريب بأن ارتباط سلامة الحياة بحق من حقوق الله عزَّ وجلَّ يجعل مسؤولية الطبيب أكبر ، لأن عمله يتعلق مباشرة بسلامة هذه الحياة .
ومن المعلوم طبياً أن حياة الإنسان يمكن أن تمر بظروف عسيرة تلتبس فيها مظاهر الحياة بمظاهر الموت ، ولهذا فرق الفقهاء منذ القديم بين عدة حالات يمكن أن تكون عليها حياة الإنسان ، وهذا التفريق مهم جداً من الوجهة الطبية والشرعية والقانونية ، لما يترتب عليه من مسؤوليات دينية ودنيوية ، وقد ذكر الفقهاء في كتب الفقه ثلاث حالات منها ، ثم أضيف لها حالة جديدة رابعة في عصرنا الراهن ، وهذه الحالات هي :
1. حياة مستمرة : وهي الحياة المعروفة التي تكون في الإنسان من بداية خَلْقِهِ إلى انقضاء أجَلَهِ ، وتكون بوجود الروح في الجسد ، ومعها الحركة الاختيارية والوَعْي .
2. حياة مستقرة : وهي الحياة التي تكون في الإنسان الذي يصاب إصابةً بالغةً ، ويرجَّح الأطباءُ أنَّه سيموت بعد ساعة أو يوم أو أيام ، لكنه يظلَّ قادراً على القيام ببعض الحركات الإراديَّة ، ويظلَّ فيه بعض الوعي أو الوعي التامّ .
3. حياة عيش المذبوح : وهي الحياة التي لا يبقى معها إبصار ولا نطق ولا حركة اختيارية ولا وعي ، ومثلها بعض الحالات التي يتلف فيها جزء كبير من الدماغ مع بقاء جذع الدماغ (Brain Stem) سليماً ، ومثالها الحالة التي تدعى طبياً بالحياة الإنباتية (Life Vegetative) فالمصاب في هذه الحال يعد حياً ، لأن قلبه ينبض تلقائياً ، وهو يتنفس تنفساً طبيعياً دون مساعدة الأجهزة ، لكنه يكون فاقداً للوعي ، عاجزاً عن القيام بأيَّة حركة إراديَّة .
4. حياة المصاب بموت الدماغ ( Brain Death ) : وهي الحالة الجديدة الرابعة التي أشرنا إليها آنفاً ، ولم يتعرض لها الفقهاء قديماً لأنها لم تكن معروفة من قبل ، وفيها يتلف الدماغ وجذع الدماغ تلفاً نهائياً لا رجعة فيه ، فيفقد الشخص وعيه وقدرته على الحركات الإرادية فقداً نهائياً لا رجعة فيه ، وإذا لم يوضع على أجهزة الإنعاش فإن قلبه يتوقف في غضون دقائق معدودات ويمسي في عداد الموتى ، أما إذا وضع على أجهزة الإنعاش فإن جسده يظل حياً لمدة طويلة قد تصل إلى عدة شهور ، وربما سنوات ، كما نفصل لاحقاً .
هذه هي الحالات التي يمكن أن تكون عليها حياة الإنسان ، ففي الحالات الثلاث الأولى يعد الشخص حياً ، ويحرم التعجيل بإنهاء حياته بأية وسيلة طبية أو غير طبية ، حتى وإن طلب هو نفسه أو أهله إنهاء حياته ، كما نبين عند الحديث عن ( القتل شَفَقَةً ) ، أما موت الدماغ فقد اعتبرها جمهور الفقهاء المعاصرين موتاً حقيقياً على الرغم من وجود الحياة في بقية أعضائه ، لأنَّ هذه الأعضاء مآلها الموت بعد أن تُرفع أجهزة الإنعاش ، كما نبين بعد قليل .
المبحث الثالث
أمثلة من الأمراض التي لا يرجى برؤها
تدل الشواهد الطبية على أن هناك عدداً كبيراً من الأمراض التي لا يرجى برؤها ، إما بسبب جهل الأطباء بأسبابها ، ومن ثم جهلهم بوسائل علاجها ، وإما لأن المرض وصل إلى مرحلة من التدهور يندر معها الشفاء ، أو لأن طبيعة بعض الأمراض تجعل شفاءها نادراً جداً ، ونحن في هذا البحث لن نستطيع تناول سائر هذه الأمراض ، وإنما اخترنا أمثلة منها ، هي الأكثر شيوعاً في الممارسة الطبية ، ويمكن للأطباء القياس عليها للتعامل مع الحالات المماثلة .
( 3 ـ 1 ) الحياة الإنباتية :
الحياة الإنباتية ( Vegetative Life ) : حالة مرضية يمكن أن تستمر لشهور طويلة ، وربما سنوات ، والشفاء فيها نادر ، وهي تنتج عن تلف واسع في الدماغ دون جذع الدماغ الذي فيه المراكز العصبية التي تتحكم بالتنفس والقلب ، وفي هذه الحالة يفقد المريض وعيه تماماً ، لكن رئتيه تظلان تتنفسان تلقائياً ، ويظل قلبه ينبض دون أدوية ولا أجهزة مساعدة ، وقد تصدر عن المريض بعض الحركات العفوية الانعكاسية عن غير وعي منه ولا إرادة ، كما أن بقية الوظائف الحيوية في جسمه تستمر ، فهو يتغذى ويتبول ويتبرز وينمو شعره وأظافره ، وإذا كانت المصابة امرأة حاملاً استمر حملها كالمعتاد ، وقد تلد ولادة طبيعية في موعدها .
أما فرص الشفاء من هذه الحالة فتعتمد على مدى إصابة الدماغ ، وبالإجمال فإن فرصة شفاء الأطفال في غضون 6 أشهر الأولى تبلغ حوالي ( 60% ) ، أما المرضى كبار السن ففرصة شفائهم أقل وإذا لم يشفى المريض في غضون سنة فإن فرص شفائه تصبح نادرة جداً .
وهكذا نرى أن المرضى الذين يصلون إلى حالة الحياة الإنباتية يعدون أحياء من الوجهة العضوية أما درجة وعيهم فتتوقف على مقدار التلف الذي أصاب الدماغ الذي فيه مراكز الوعي والإدراك والحس والحركة ، فالشخص الذي يكون على هذه الحالة يعدُّ حياً من الوجهة الشرعية والقانونية ، مادام يتنفس تلقائياً ، وقلبه ينبض دون مساعدة طبية ، ولهذا يجب على الأطباء أن يبذلوا له العناية الطبية اللازمة له إلى أن تعود له الحياة من جديد ، أو يتوقف قلبه تلقائياً ، وتتحقق وفاته يقيناً .
ونظراً لأن الشفاء من هذه الحالة نادر جداً ، ولأن هذه الحالة قد تدوم لسنوات طويلة قبل موت المريض ، فإننا نرى أن الأطباء إذا ما قطعوا بأن شخصاً ما قد وصل إلى حالة الحياة الإنباتية فحكمه حكم المريض مرض الموت ، لأن هذه الحالة تتصل غالباً بالموت ( انظر : مرض الموت ) ، فإذا كان الزوج هو الذي وصل إلى حالة الحياة الإنباتية جاز للزوجة طلب التفريق ، إذ لا يرجى للزوج الشفاء غالباً ولا العودة لممارسة حياته الطبيعية ، وتعتدُّ الزوجة عدة طلاق ، وإذا مات الزوج وكانت الزوجة ماتزال في عدة الطلاق فإنها تستأنف عدة الوفاة .
واتفق الفقهاء أيضاً على استحقاق الزوجة الميراث من زوجها إذا مات وهي في عدتها ، أما إذا مات بعد انقضاء عدتها فجمهور الفقهاء على أنها لا ترث ، وخالف المالكية فذهبوا إلى توريثها مطلقاً ، أي حتى لو مات بعد عدتها وزواجها من غيره .
وأما إن كانت الزوجة هي التي وصلت إلى حالة الحياة الإنباتية فيندب للزوج أن يبقيها على عصمته ، ويواصل رعايتها والنفقة عليها حتى تثبت وفاتها ، وفي هذا أجر عظيم بإذن الله تعالى ، وقد أجاز له الشارع الحكيم التعدد ، فله أن يتزوج غيرها ، وفي هذا سعة والحمد لله .
( 3 ـ 2 ) موت الدماغ :
موتُ الدِّماغ ( Brain Death ) ، أو الوفاة الدماغية ، أو الميت الحيّ ، هي حالة مرضية لا يرجى برؤها ، وهي حالة جديدة في تاريخ الطب ، ظهرت على الساحة الطبية لأول مرة في أواخر الستينيات من القرن العشرين ، وهي تنتج في الغالب عن الرضوض العنيفة التي تصيب الدماغ ، أو بعض الأمراض الحادة مثل أورام الدماغ ، والتهابات الدماغ ، وغيرها ، وبما أن مركز التنفس يقع في جذع الدماغ ( Brain Stem ) فإن الشخص الذي يصاب بموت الدماغ يتوقف تنفسه بسبب عطب هذا المركز ، ويقضي نحبه سريعاً .
ولكن مع توفر أجهزة الإنعاش الحديثة خلال السنوات القليلة الماضية ، فقد أصبح بالإمكان المحافظة على مظاهر الحياة في بقية الأعضاء للشخص الذي مات دماغه ، وذلك لفترات قد تطول لأيام طويلة ، وربما شهور أو سنوات ، وقد أثارت هذه الحالة الغريبة والجديدة في دنيا الطب جدالاً واسعاً ما بين الأطباء من جهة ، وبين الفقهاء وأهل القانون من جهة أخرى ، فحواها : هل يعد من مات دماغه حياً ؟ أم ميتاً ؟!
ففي حالات الموت المعتادة لا نواجه مشكلة ، لأن الموت سريعاً ما يسري في الجسد بعد توقف القلب والتنفس ، ويمسي المتوفى صالحاً لأن تجرى عليه كافة أحكام الوفاة ، وكذلك الحال عند الشخص الذي يصاب إصابة بالغة في رأسه تؤدي إلى موت دماغه ولا يجد من يسعفه ، فإن موت الدماغ سريعاً ما يؤدي إلى توقف القلب والتنفس ، ومن ثمَّ الموت المحقق .
ولكن المشكلة تبدأ حين يحصل موت الدماغ عند شخص موضوع على أجهزة الإنعاش ، فإنَّ مظاهر الحياة تستمر في سائر أعضائه ما عدا دماغه الذي مات ، فهل يعدُّ هذا الشخص حياً ؟ أم ميتاً ؟ هذه هي الإشكالية التي نوقشت طويلاً بين أهل الطب وأهل الفقه وأهل القانون ، وكان لكل من هذه الأطراف في البداية آراء متباينة حولها ، فلما ظهرت أبعاد هذه الظاهرة الطبية المستجدة اتفقت الآراء على أن موت الدماغ يعادل الموت بالمعنى المتعارف عليه ، وأنه لا عبرة لاستمرار مظاهر الحياة في بقية الأعضاء مادام ذلك متوقفاً على أجهزة الإنعاش والأدوية المساعدة ، فقد ثبت بمتابعة آلاف الحالات من موت الدماغ أن أعضاء البدن لا تلبث أن تتحلل وتموت بالتدريج ، ثم يتوقف القلب عن النبض بالرغم من الاستمرار بالإنعاش الصناعي .
وبناء عليه فقد اعترفت الجهات الطبية المختلفة في العالم بمفهوم ( موت الدماغ ) وأصبحت تعدُّ الشخص الذي مات دماغه شخصاً ميتاً مثل بقية الأموات ، ووضعت معايير محددة لمفهوم موت الدماغ ( منها : الغيبوبة الكاملة ، انقطاع التنفس التلقائي ، غياب الأفعال الانعكاسية التي تدل على نشاط الجهاز العصبي ، عدم الاستجابة للمؤثرات المؤلمة ، عدم استجابة حدقتي العينين للضوء ، وعدم استجابة العينين لحقن الماء البارد في الأذنين ، تصوير شرايين الدماغ ) ، وأصبح الأطباء يتعاملون مع حالات موت الدماغ على ضوء هذه المعايير .
ومن الوجهة الشرعية ، صدرت فتاوى عديدة حول موت الدماغ ، انتهت كلها إلى أن موت الدماغ حكمه حكم بقية أشكال الموت ، وإن الشخص يعتبر ميتاً ، وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين :
1. إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً ، وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه .
2. إذا تعطلت جميع وظائف دماغه ، تعطلاً نهائياً ، وحكم الأطباء المختصون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه ، وأخذ دماغه في التحلل ، وفي هذه الحال يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص ، وإن كان بعض أعضائه لا يزال يعمل آلياً بفعل الأجهزة المركَّبة) .
وأجازوا كذلك رفع أجهزة الإنعاش عن المصاب بموت الدماغ ، إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً ، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء أن التعطل لا رجعة فيه ، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً بفعل الأجهزة المركبة ، لكن لا يحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب ، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة .
وهكذا اتفقت الآراء الطبية والفقهية والقانونية على أن موت الدماغ حالة مرضية لا يرجى برؤها ، وأن من مات دماغه حُكْمُه حكم بقية الأموات ، ويجوز وقف أجهزة الإنعاش عنه ، بعد تقرير موت الدماغ من قبل فريق طبي متخصص لا يقل عن طبيبين ، ولا يعد وقف الأجهزة عنه قتلاً له لأنه يعد ميتاً ، كما أجازوا الانتفاع بأعضاء من مات دماغه ، وأجازوا زراعتها في المرضى الذين يحتاجون إليها مع مراعاة الضوابط الشرعية والطبية الخاصة بزراعة الأعضاء ، أما بقية أحكام الوفاة ( الوصية ، توزيع الميراث ، عدة الزوجة .. وغيرها ) فلا تسري إلا بعد رفع أجهزة الإنعاش عنه ، وتوقف قلبه وتنفسه وإعلان الوفاة .