حكم المضمضة والاستنشاق في الطهارتين

طباعة الموضوع

الصحبة الطيبة

عضو مميز
إنضم
16 أبريل 2013
المشاركات
199
النقاط
16
الإقامة
القاهرة - مصر
الموقع الالكتروني
nasrtawfik.blogspot.com
احفظ من كتاب الله
اللهم أعينني علي دوام التلاوة والتدبر وحفظ القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص عن عاصم
القارئ المفضل
محمد صديق المنشاوي والحصري والسديسي
الجنس
أخ وأسرتي
حكم المضمضة والاستنشاق في الطهارتين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه
وبعد:
فهذا بحث مقتضب في (تحقيق قول إمامنا أبي عبد الله أحمد بن حنبل في حكم المضمضة والاستنشاق في الطهارتين) الكبرى والصغرى، وكان باعثه أني وجدت الشيخ عبد الرحمن بن قاسم – رحمه الله - قد نقل عن ابن المنذر قوله: "لا خلاف في أن تاركهما-أي المضمضة والاستنشاق- لا يعيد" ( ) وهذا النص ظاهر في عدم وجوبهما حتى عند الإمام أحمد، أو أنه يوجبهما ولكن لا يرى شرطيتهما لصحة الوضوء والغسل، مع أن المشهور من مذهبه هو القول بوجوبهما في كلا الطهارتين = فعزمت – مستعيناً بالله - على التحقق من ذلك، والله الموفق.
الشروع في المقصود:
أولاً: بعد البحث في كتب الأصحاب المعتمدة، وكتب المحققين منهم، تبين أن هذه المسألة من المسائل التي كثرت وتعددت فيها الروايات عن أبي عبد الله، مع أن المنصوص عنه في ذلك قليل – حسب ما وقفت عليه – فربما تكون هذه المسألة من المسائل التي تعددت الروايات فيها عن الإمام بسبب تجاذب أفهام الأصحاب لكلامه، ودونك هذه الروايات:
• فرُوي عنه وهي المشهور من المذهب القول بوجوب المضمضة والاستنشاق في الطّهارتين الصغرى والكبرى، قال في الإنصاف : "هذا المذهب، وهو من مفردات المذهب" ( )، وقال أبو العباس ابن تيمية : "في ظاهر المذهب" ( ) وذكر النووي أن المشهور عن أحمد أنهما شرطان لصحتهما ( )، ولم أجد من الأصحاب من ذكر هذا التوضيح، وإن كان في كلامهم ما يدل على هذا حين كلامهم في سقوطهما سهواً حيث ذكروا أن ثَم روايتين؛ قال الزركشي: حيث قيل بالوجوب فتركهما أو أحدهما ولو سهواً لم يصح وضوؤه. قاله الجمهور. قال في الرعاية الكبرى: ولا يسقطان سهواً على الأشهر، وقدمه في الصغرى. قال ابن الزاغوني: إن قيل إن وجوبهما بالسنة صح مع السهو، وحكي عن أحمد في ذلك روايتان: إحداهما: وجوبهما بالكتاب، والثانية بالسنة ( ).
ويظهر أنهم استندوا في ذلك على ما نقله أبو داود قال: "سمعت أحمد سُئل عمن نسي المضمضة والاستنشاق حتى صلى؟ قال: يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة." ( ).
• وفي رواية عنه: أن الاستنشاق وحده واجب في الطهارتين.
قال الباحث: ويظهر أن مستندهم في ذلك ما نقله إسحاق الكوسج قال: "قلت: إذا نسي المضمضة والاستنشاق يعيد؟ قال الإمام أحمد في الاستنشاق: يعجبني أن يعيد الاستنشاق والصلاة، والمضمضة أهون، وإذا بعد ذلك يعيد الوضوء والصلاة.
قال: والمضمضة والاستنشاق في الوضوء والجنابة واحد.
قال: والاستنشاق أوكد، إذا صلى ولم يستنشق يعيد الصلاة" اهـ ( ).
قال أبو يعلى: "نقل الأثرم وابن منصور ما يدل على أنها غير واجبة؛ لأنه قال: المضمضة أهون من الاستنشاق". اهـ ( ).
• وعنه: أنهما واجبان في الطهارة الكبرى، مسنونان في الصغرى.
قلت: وفيها غرابة؛ لأن الإمام أحمد نص على أن المضمضة والاستنشاق في الوضوء والجنابة واحد! كما سبق في رواية الكوسج ( ). فالله أعلم.
• وعنه: أنهما واجبان في الصغرى، مسنونان في الكبرى.نقلها الميموني.
• وعنه: يجب الاستنشاق في الوضوء وحده. ذكرها صاحب الهداية والمحرر وغيرهما.
• وعنه: عكسها. ذكرها ابن الجوزي.
ويقال في هذه الروايات الثلاث ما قيل في الرواية الثالثة.
• وعنه: هما سنة ( ) .
قال الباحث: ولعلهم مستند هذه الرواية ما نُقل عن الإمام أحمد قوله لما سئل عن: المضمضة والاستنشاق فريضة؟ قال: " لا أقول فريضة إلا ما في كتاب الله!".
وقوله عنهما : "ليس هذا من فرض الوضوء" ( ).
وقول الإمام أحمد في رواية الكوسج: "يعجبني أن يعيد الاستنشاق والصلاة". لا يفيد الوجوب، بل فيه الدلالة على السنية؛ لأن قولة "يعجبني" من الإمام أحمد محمولة على الندب عند أكثر الأصحاب، وقدّمه في الفروع وغيره ( )، لكن كلامه فيما إذا بعُد يظهر منه إيجابه لذلك.

وبتأمّل ما سبق يظهر للباحث أن نسبة القول بوجوب المضمضة والاستنشاق للإمام أحمد فيها شيء من المراجعة؛ حيث إنه نص على أنهما ليستا بفريضة – كما سبق- مما يدل على أن أمره بإعادتهما مع الصلاة إنما كان من باب الاحتياط، كما يفعله كثيراً – قدس الله روحه – ، أو أنهما واجبتان لكن ليستا شرطاً للصحة، وهذا قد يكون فيه شيءٌ من البعد.
قال في تصحيح الفروع: "نص الإمام أحمد في رواية أبي داود وابن إبراهيم أنهما لا يسميان فرضاً، وإنما يسميان سنة مؤكدة أو واجباً" ( ).
قال الباحث: والسنة المؤكدة والواجب بمعنىً؛ كما هي لغة العرب واستعمال الصحابة فصحاء العرب، وهذا يعضد ما ذكرته.
لكن الإشكال – عندي – أني وجدت الأصحاب والمحققين من الحنابلة ينسبون جازمين القول بالوجوب لأحمد قاصدين الإيجاب الاصطلاحي ليس أحد منهم يَدفعه! بل هو المذهب المعتمد له عندهم – كما سبق -، وهم أعلم الناس بكلامه ومقاصده.

ثانياً: أما عن ما نقله ابن قاسم عن ابن المنذر من أنه لا خلاف في أن تاركهما لا يعيد،
فإنه قد بان للباحث أن هذا الإجماع إنما هو عن الشافعي نقله عنه ابن المنذر! ( )، وليس عن ابن المنذر كما يوهمه نقل الشيخ عبد الرحمن بن قاسم – رحمه الله – الذي سبق ذكره.
ثم وقفت على قول الشافعي: "ولم أعلم المضمضة والاستنشاق على المتوضئ فرضاً، ولم أعلم اختلافاً في أن المتوضئ لو تركهما عامداً أو ناسياً وصلى لم يُعد" ( ). اهـ.
وعلى قوله: "ولا أحب لأحد أن يدع المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة، وإن تركه أحببت له أن يتمضمض، فإن لم يفعل لم يكن عليه أن يعود لصلاة إن صلاها" ( ). اهـ.
• ويبقى النظر هل ما نقله الشافعي من الإجماع ثابت – وهو من هو! – أم لا؟
قال الحافظ ابن حجر معلقاً على الإجماع الذي نقله الشافعي مما جعله لا يوجب الاستنشاق: "وهذا دليل قوي؛ فإنه لا يحفظ ذلك عن أحد من الصحابة ولا التابعين إلا عن عطاء، وثبت عنه أنه رجع عن إيجاب الإعادة" ( ) اهـ.
وقال ابن المنذر معلقاً على إجماع الشافعي: "ولو علم في ذلك اختلافاً لرجع إلى أصوله أن الأمر من رسول الله  على الفرض..." ( ) اهـ.
وقال العلامة القرطبي : "وقال عامة الفقهاء: هما سنتان في الوضوء والغسل" ( ) اهـ.
قال الباحث: كلام الحافظ السابق يؤيد صحة هذا الإجماع، وما نقله القرطبي يعارض ذلك، ويوضح أن في المسألة خلافاً، وكذا ما قاله ابن المنذر، وقد نقل الخلاف في هذه المسألة عددٌ من الأئمة ( ).
وقد نقل الحافظ عن ابن عباس  فيمن نسي المضمضة والاستنشاق في الجنابة وصلى؟ قال: ينصرف، فيتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة. رواه سعيد في سننه ( ).
ولعل الإمام أحمد اعتمد في هذه المسألة على هذا الأثر. وإن كان في هذا مناقشة؛ لأن الأثر في صحته نظر – كما سيأتي – فلا يمكن أن يعتمد عليه أحمد، ما لم يخف عليه ضعفه، وهذا بعيد. والله أعلم.
وبالرجوع إلى مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة ( ) لم أقف على نصوصٍ صريحة عن السلف في إيجاب المضمضة والاستنشاق، ومن صرّح منهم بذلك، فقد ثبت عنه الرجوع عنه، إلا أثر ابن عباس  السابق، وهو أثر ضعيف؛ حيث إنه جاء من طريق : أبي حنيفة، عن عثمان بن راشد، عن عائشة بنت عجرد عند الإمام الدارقطني ( )، وجاء من طريق : حجاج بن أرطأة ، عن عائشة بنت عجرد عند ابن أبي شيبة في المصنف ( ).
قال الشافعي: "وعثمان وعائشة غير معروفين ببلدهما" ( ). وقال الدارقطني: "ليس لعائشة بنت عجرد إلا هذا الحديث، عائشة بنت عجرد لا تقوم بها حجة" ( )، وأما الحجَّاج فليس بحجة ( ).
وكلام الحافظ السابق يؤيد عدم ثبوته، أو أنه قد ثبت عنه الرجوع عن إيجاب الإعادة، أو يحمل على السنية والاحتياط. والله أعلم.
• ويبقى النظر في من نُقل عنهم الخلاف هل يمكن الجزم بنسبته إليهم ؟ هذه المسألة محل بحث ونظر( ).
وهل الجميع من بابة الفقه الذين يعتبر قولهم في الخلاف؟
الذي أستطيع الجزم بنسبة القول بالوجوب إليه هو إسحاق ابن راهويه، كما نقله عنـه الكوسج ( )، لأنه يَنقل عنه بألفاظه ، كنقله مسـائل أبي عبد الله أحمـد، لكن إسحـاقَ يُعـد من المعـاصرين للشـافعي، وأصغر من طبقته،
• فهل يمكن القول بأن خلاف إسحاق وأحمد محجوج بإجماعٍ قبله؟!
هذا الذي إليه أصْعَر، وهو كلام محتمل جداً، لا سيما وقد تأيَّد بما سبق، ناهيك بأن ناقل الإجماع هو أحد أئمة الدنيا الأثبات، والله أعلم.
علماً أني لم أقصد بحث أساس الخلاف في المسألة، إنما المقصود بحث ما وسمته في طرة البحث، والله أعلم.
وبعد: فهنا وقف القلم وفي المجال مربى لمن أراد الزيادة مقولاً ومنقولاً، وحسبي أن أتلمس جوانب من الموضوع تلفت الأنظار إليه فينبري الموفق لبسط الفائدة وإتمام النقص، والله الهادي والموفق لا إله إلا هو. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
د.محمد المتيهي
1428 هج
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

ام مصطفى

Moderator
إنضم
23 أغسطس 2011
المشاركات
481
النقاط
16
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
جزع عم وبعض السور
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
ماهر المعيقلى
الجنس
اخت
1786_1222677412.gif
 
أعلى