ابن عامر الشامي
وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
- إنضم
- 20 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 10,237
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المملكة المغربية
- احفظ من كتاب الله
- بين الدفتين
- احب القراءة برواية
- رواية حفص عن عاصم
- القارئ المفضل
- سعود الشريم
- الجنس
- اخ
حكم الوقف على رؤوس الآي
و
تخريج الحديث الوارد في ذلك
جمعه
أبومحمد عبدالله بن علي الميموني المطيري
بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، ولم يجعل له عوجا، أحمده عدد كل شيء وملء كل شيء ، بكل حمدٍ حمده به أولياؤه المقربون، و عباده الصالحون حمدا لا ينقضي أبدا ، ولا ينتهي سرمدا والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أبدا .
أمــــا بعــد ..
فإن الاهتمام بعلوم الكتاب و السنة، وتعلمها ، والجد في تحصيلها ، والإنصاف فيها ، سبب خير كثير، والأمور بعواقبها منوطة ولن يخيب الله تعالى من صدّق، وصَدَقَ.
وإن علم الوقف والابتداء من أجل علوم الكتاب الحكيم، لأنه يستعان به على فهم القرآن والغوص على دُرَرِه وكُنوزه، وتتضح به الوقوف التامة، والكافية، والحسان، فتظهر للسامع المتأمل، والقارئ المتدبر، المعاني على أكمل وجوهها وأصحها، وأقربها لمأثور التفسير، و معاني لغة العرب، فإن اعتماد علماء الوقف والابتداء في وضع الوقوف وتفصيلها، وبيان وجوهها، مبني على النظر في معاني الآيات، وكلامهم في المعاني، وفي بيان وجوه الوقف، وتفضيل بعضها على بعض مأخوذ من المنقول والمعقول.
فلا ريب أن علم الوقف والابتداء من العلوم التي تسفر بها وجوه المعاني القرآنية، إذ المقصود منه بيان مواضع الوقف بحيث يراعي القارئ المعاني ، فيقف ويبتدأ على حسب ما يقتضيه المعنى واللفظ ، ولا يكون ذلك إلا بتدبر واهتمام بالمعاني ؛ فالنظر في الوقوف معين على التدبر .
وإذا قرأ القارئ وابتدأ بما لا يحسن الابتداء به ، أو وقف عند كلام لا يفهم إلا بأن يوصل بما بعده ، فقد خالف أمر الله تعالى بتدبر القرآن .. قال تعالى: ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82) وقال تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (سورة صّ:29) . فإن في القرآن الهدى ، والذكرى ، والعلم ، والتزكية ، و الرحمة ، والنور ،كما قال تعالى : (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ)(الأنعام: من الآية70). وقال : ( هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) .(الأنبياء: من الآية24) . وقال : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ). (قّ: من الآية45) . ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيب فيه ِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة:2) وقال : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) (فصلت:44) . ( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف:52) إلى غير ذلك من الآيات .
فهذا العلم من علوم الكتاب المبارك ومع ما قدمتُ من جلالته، و اعتناء قراء السلف به فقد كاد أن يصبح اليوم مهجورا.
وهذا بحث في حكم الوقف على رؤوس الآيات : أي الوقف على آخر الآية عند انقضائها. وهي من المسائل التي رأيت أنها تحتاج إلى بحث ، وترجيح وبخاصة وقد اشتهر فيها القول الذي هو خلاف الراجح ، إذ الراجح فيها التفصيل لا الإطلاق ، كما سيتبين إن شاء الله تعالى .
فأردت أن أبين الراجح فيها بدليله وتعليله وأنقل ما وجدته لمحققي العلماء من الكلام فيها .
وقد جعلت الكلام في هذا البحث منقسما على مطلبين :
المطلب الأول : في تخريج حديث أم سلمة الذي استدل به على سنية الوقف على رؤوس الآي وبيان مرتبته و إيضاح معناه .
المطلب الثاني : في تفصيل كلام العلماء على الوقف على رؤوس الآيات وبيان الراجح من ذلك .
*تمهيـد :
معنى الوقف والسكت والقطع
الوقف ، والسكت ، والقطع ، عبارات يختلف مقصود القراء بها ، والصحيح عند المتأخرين التفريق بينها . فالقطع : ترك القراءة رأسا . فإذا قلنا قطع القراءة فمعنى ذلك انتقاله إلى حالة أخرى غير القراءة كترك القراءة بالكلية أو الركوع أو الكلام بغير القرآن . وهذا يستعاذ بعده للقراءة.
والوقف : ( قطع الصوت زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة ) .
وهو المقصود بهذا البحث وهو المراد في فن الوقف والابتداء . فلا يقصدون بقولهم الوقف هنا : تام أو كاف أو حسن أو قبيح ، القطعَ للقراءة بالكلية ولا يقصدون بذلك السكت الذي هو : عبارة عن وقف بلا تنفس، وزمن السكت دون زمن الوقف عادة فهو : (قطع الصوت زمنا يسيرا ، ومقداره حركتان من غير تنفس، بنية العود إلى القراءة في الحال ). ( )
وفي الشاطبية :
وسَكْتُهُمُ المختارُ دون تنفُّس ** وبَعضُهُم في الأربعِ الزُّهْرِ بَسْمَلا ( )
قال الإمام أبو شامة المقدسي : ( الإشارة بقولهم " دون تنفس " إلى عدم الإطالة المؤذنة بالإعراض عن القراءة ) . ( ) وقـد يكون السكت في وسـط الكلمة كـالسكت على : ( شيء ) في قراءة حمزة . ويكون في آخر الكلمة نـحو السكت على : ( عِوَجا قَيِّما ) ( ) و ( بل ران على قلوبهم ) ( سورة المطففين 14 ) و ( من بعثنا من مرقدنا ) ( يس 52 ) في قراءة حفص .قال الشاطبي :
وسكتتةُ حفصٍ دون قطعٍ لطيفةٌ *** على ألف التنوين في عِوَجــا بَلا
و في نونِ منْ راقٍ و مرقدنا ولا *** مِ بلْ ران و الباقون لا سكتَ مُوصَلا
و من أئمة القراء من يصفها بوقفة خفيفة أو يسيرة ( ) ومنهم من ينعتها : بـ وُقَيفة كما صنع أبو العلاء الهمذاني ( ) . والكلام على توجيه ما انفرد به حفص هنا من السكت ليس هذا موضعه .
و من المعلوم أن السكت مقيد بالرواية والسماع . ( )
*تخريج حديث أم سلمة الذي استدل به على سنية الوقف على رؤوس الآي
روى الإمام أحمد ( ) والترمذي ( ) وأبو داود ( )
والنسائي ( ) وابن خـزيمة ( ) وابن حـبان والحاكم ( ) والدارقطني ( ) وأبو عبيد في فضائل القرآن ( ) و الفريابي في فضائل القرآن ( )وابن أبي شيبة ( ) والطحاوي ( )والبيهقي في الكبرى وفي شعب الإيمان وفي معرفة السنن والآثار ( ): عن أم سلمة [ أنها سُألت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته ؟ فقالت : ما لكم وصلاته ؟ ،كان يصلي ، ثم ينام قدر ما صلى ، ثم يصلي قدر ما نام ، ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح ، ثم نعتت قراءته ، فإذا هي تنعت قراءة مفسّرة حرفا حرفا ] .
واللفظ للترمذي .قال الترمذي : ( حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مـَمْلك عن أم سلمة -وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يقطع قراءته ) . وحديث الليث أصح ) اهـ . ( )
وقال في موضع آخر : ( غريب وليس إسناده بمتصل لأن الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مـَمْلك عن أم سلمة وحديث الليث أصح ) اهـ . ( ) .
فهذا الحديث عمدة العلماء الذين قالوا إن الوقف على رؤوس الآي سنة ،فقد استدلوا بلفظ : ( كان يقطع قراءته آية آية ) . كما هو في بعض الروايات لكن الاستدلال بهذه الرواية من الحديث اكتنفه أمور منها : الاضطراب في ألفاظها اضطرابا لا يبقى معه حجة في هذا اللفظ دون غيره مع كون مخرج الرواية واحدا ؟ . فإن الحديث يدور على التابعي الجليل عبد الله ابن أبي مليكة رحمه الله تعالى ( ) وقد اختلف الثقات في ألفاظه اختلافا كبيرا ، يوهّن الاستدلال بهذه الرواية .
ومنها : الاختلاف على ابن أبي مليكة في سنده . ولذا ضعف الإمام الترمذي والإمام الطحاوي هذه الرواية . كما سأبينه وأوضحه بجلاء إن شاء الله تعالى .
وهنا سؤال مهم : هل الوقف على رؤوس الآي سنة بإطلاق حتى وإن اشتد تعلق الآية بما بعدها ؟ . وهل صحيح أن المحققين من علماء الوقف والابتداء يقولون بذلك ؟ .
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع