اليوم التاسع والثلاثون
اذكار بعد الصلاه
بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ، مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ} بَعْدَ كلِّ صلاةٍ
الشرح
والحديث بلفظ: أمرني رسول الله أن أقرأ بالمعوذات دُبُرَ كل صلاة.
وقوله: المعوذات قد فسرها المصنف بذكر السور الثلاث كاملة.
والحكمة في هذا أن الشيطان لم يزل يوسوس به وهو في الصلاة، ويسعى لقطعه عن الصلاة، ثم عندما يفرغ منها يقبل إليه إقبالاً كليًّا؛ فأمر عند ذلك أن يستعيذ بالمعوذات من الشيطان حتى لا يظفر عليه، ولا يتمكن منه.
وهي سورة مشتملة على توحيد الله عز وجل.
قوله: قل أي: آمرك أن تقول:....
قوله:أعوذ أي: ألجأ وأعتصم وألوذ.
قوله:من شر ماخلق;وهذا يشمل جميع ما خلق الله عز وجل، من إنس وجن وحيوانات.
قوله:ومن شر غاسق إذا وقب; وهذا تخصيص بعد تعميم؛ أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس النعاس، وتنتشر فيه الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
والغاسق الليل إذا أقبل بظلمته.
والوقب الدخول؛ وهو دخول الليل بغروب الشمس.
قوله: ومن شر النفاثات في العقد;أي: من شر السواحر اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في عقد الخيط، التي يعقدنها على السحر.
قوله: ومن شر حاسد إذا حسد;والحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود، فيسعى في زوالها، بما يقدر عليه من الأسباب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الحسد كراهة نعمة الله على الغير.
إذاً فالحسد يشمل التمني لزوال النعمة، أو السعي في إزالتها، أو الكراهة لها على الغير.
أما لو تمنى أن يرزقه الله تعالى مثل ما أنعم على الآخرين، فهذا ليس من الحسد بل هو من الغبطة.
ويدخل في الحاسد العائن؛ [لأن العين] لا تصدر إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس.
وقوله:من شر الوسواس الخناس;قال الزجاج رحمه الله: يعني: الشيطان ذا الوسواس، الخناس الرجاع؛ وهو الشيطان جاثم على قلب الإنسان، فإذا ذكر الله تعالى خنس، وإذا غفل وسوس.
قوله: الذي يوسوس في صدور الناس; ظاهر قوله: الناس أنه يختص ببني آدم، ولكن قوله: من الجنة والناس يرجح دخول الجنة فيهم.
ووسوسة الشيطان تكون بكلام خفي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع.
- سورة الإخلاص
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
قل -أيها الرسول-: هو الله المتفرد بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات، لا يشاركه أحد فيها.
اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
الله وحده المقصود في قضاء الحوائج والرغائب.
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)
ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
ولم يكن له مماثلا ولا مشابهًا أحد من خلقه، لا في أسمائه ولا في صفاته، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى وتقدَّس.
آية الكرسي
والحديث هو قوله : من قرأ آية الكرسي دُبُر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت.
وهذه الآية هي أعظم آية في كتاب الله تعالى؛ فقد قال رسول الله : يا أبا المنذر أُي: أبي بن كعب أيُّ آية في كتاب الله أعظم؟ قال: قال أُبي:الله لا إله إلا هو الحي القيوم;قال أبي: فضرب في صدري، ثم قال: ليهنك العلم، ثم قال: والذي نفس محمد بيده، إن لهذه الآية لساناً وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش.
وقوله: ليهنك أي: ليكن العلم هنيئاً لك؛ فتُسرّ به وتَسعد.
قوله: سنة ; أي: النعاس؛ وهو النوم الخفيف.
قوله: يعلم ما بين أيديهم ;أي: ما مضى، وما خلفهم ;ما يكون بعدهم.
قوله: وسع كرسيه السماوات والأرض ;أي: سعته مثل سعة السموات والأرض.
قوله: لا يئوده;أي: لا يثقله ولا يشق عليه، حفظهما;أي: السماوات والأرض.
قوله: العلي ;أي: الرفيع فوق خلقه، والمتعالي عن الأشباه والأنداد.
[قال المصحح: والعلو وصف من صفات الله تعالى الذاتية، فله العلو المطلق: علو الذات، وأنه تعالى مستوٍ على عرشه استواء يليق بجلاله، وله علو القدر، وله علو القهر.
قوله: العظيم
;أي: الكبير الذي لا شيء أكبر منه
اليوم الاربعون
- من أذكار الأذان
من السنة ترديد الأذان خلف المؤذن أثناء الأذان وليس بعد انتهائه من الأذان. وأن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا عند قوله : ) " حي على الصلاة " و " حي على الفلاح " ) [ الحيعلتين ]
فيقول : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) [ الحوقلة ].
[ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ]
الحَوْلُ : الحِيْلَةُ والقدرة. [ شرح النووي على صحيح مسلم (2/323) ].
أي : لا حول في دفع الشر، ولا قوة في تحصيل الخير إلا بالله. [ المعجم الوجيز (178) ].
فائدة : قال الطيبي : ( معنى الحيعلتين : هلم بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلاً. والفوز بالنعيم آجلاً. فناسب أن يقول : " هذا أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته ). [ فتح الباري (2/132) ].
2 - وعند الانتهاء من الأذان
[ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّداً الْوَسِيْلَةَ وَالْفَضِيْلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوْدَاً الَّذِي وَعَدْتَهُ ]
الوسيلة : منـزلة في الجنة. [ شرح النووي (2/322) ].
الفضيلة : المرتبة الزائدة على سائر الخلائق.[ فتح الباري (2/136) ].
مقاماً محمودًا : الشفاعة. [ فتح الباري (2/137) ].
اليوم الواحد واربعون
أَذْكارُ الاسْتِيْقاظِ مِنَ النَّوْمِ
1 – ((الْـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا وإِلَيْهِ النُّشُورُ)
)
قوله: ((الحمد لله)) والحمد: هو الوصف بالجميل على الجميل، على قصد التعظيم مع المحبة، وقيل: هو الثناء
.
قوله: ((بعدما أماتنا)) المراد من هذه الإماتة النوم.
قوله: ((وإليه النشور)) أي: الإحياء للبعث يوم القيامة.
فنبه بإعادة اليقظة بعد النوم – الذي هو موت – على إثبات البعث بعد الموت.
2 – ((لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْـمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ،
والْـحَمْدُ للَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلا قُوَّة إِلاَّ بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، رَبِّ اغْفِر لِي
وجاء فيه: ((من قال ذلك غُفِرَ
له، فإن دعا استجيب له، فإن قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته)).
قوله: ((لا إله إلا الله)) اعلم أن هذه كلمة التوحيد بالإجماع، وهي مشتملة على النفي والإثبات؛ فقوله: ((لا إله)) نفي
للألوهية عن غير الله، وقوله: ((إلا الله)) إثبات للألوهية لله تعالى، وبهاتين الصفتين صارت كلمة الشهادة والتوحيد.
قوله: ((لا شريك له)) تأكيد لقوله: ((وحده))؛ لأنَّ الواحد لا يكون له شريك
.
قوله: ((له الملك)) الـمُلك بضم الميم يعم، والـمِلك بكسر الميم يخص.
قوله: ((وله الحمد)) أي: جميع حمد وثناء أهل السموات والأرض، وجميع المحامد
.
قوله: ((سبحان الله)) سبحان:
ومعنى التسبيح التنزيه عما لا يليق به سبحانه وتعالى
؛ من الشريك والولد والصاحبة والنقائص مطلقاً.
قوله: ((الله أكبر)) أي: هو سبحانه أكبر وأعظم من كل شيء.
قوله: ((ولا حول ولا قوة إلا بالله)) أي: لا يتوصل إلى تدبير أمر وتغيير حال إلا بمشيئته ومعونته سبحانه.
قوله: ((رب اغفر لي)) أي: يا رب استر ذنوبي.
3 ((الـحَمْدُ للَّهِ الَّذِي عَافَانِي في جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَأَذِنَ لِي بذِكْرِهِ))
قوله: ((عافاني في جسدي)) من المعافاة؛ وهي دفاع الله – تعالى – عن العبد الأسقاط والبلايا؛ بأن يحفظه من الهوام
والحشرات القتالة، وطوارق الليل... ونحو ذلك.
وحَمدَه حيث أقامه من نومه على عافية.
قوله: ((ردَّ عليَّ روحي)) وصف الله – تعالى – بذلك؛ لأن هذا المقام يقتضي ذكر هذه الصفة المناسبة.
قوله: ((أَذِنَ لي بِذكره)) أي: يسر وسهل لي ذكره.
اليوم الثانى واربعون
– الدُّعَاءُ إذَا تَقَلَّبَ لَيْلاً
أي: إذا تقلَّب وتلوَّى من جنب إلى جنب [على فراشه].
((لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ، ربُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا العَزِيْزُ الغَفَّارُ)).
قوله: ((القهار)) هو الذي قهر وغلب كل المخلوقات وذلت له كيف شاء.
قوله: ((العزيز)) هو الذي له العزة الكاملة؛ التي بها يعز من يشاء ويذل من يشاء.
قوله: ((الغفار)) هو الذي له المغفرة والتجاوز الكامل، الذي وسع جميع ذنوب عباده التائبين.
ويتضمن هذا الذكر؛ سؤال الله تعالى أن يصرف عنه ما يجده من أرق وقلق وانزعاج.
دُعَاءُ الفَزَعِ فِي النَّوْمِ، ومَنْ بُلِيَ بالوَحْشَةِ
قوله: ((بالوَحشة)) قيل: الهَمُّ، وقيل: الخَلوة، وقيل: الخوف.
((أَعُوذُ بِكَلِمَـاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ، مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وأنْ يَحْضُرُونِ)).
قوله: ((أعوذ بكلمات الله)) والمراد بكلمات الله أسماؤه الحسنى، وكتبه المنزلة، وإنما وصفها بالتامات لكونها خالية
عن النقص والعوارض، أو بمعنى المحكمات؛ لأن أسماء الله محكمة لا يجري فيها النسخ، والتغيير، والتبديل... ونحو ذلك.
قوله: ((من غضبه)) والغضب نفسه؛ شدة غليان الدم عند حصول أمر مكروه، وذلك بحق المخلوق، وهذا المعنى محال
على الله – تعالى – ولكن نَصِفه بما وصفَ به نفسه من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل.
[قال المصحح: الصواب الحق: أن غضب الله تعالى من صفاته الفعلية التي يفعلها إذا شاء على الوجه اللائق به سبحانه
وتعالى، فهو يغضب إذا شاء على من يشاء، ولا يشبه غضبه غضب أحد من خلقه، ونصفه تعالى بما وصف به نفسه أو
وصفه به رسوله من غير تعطيل، ولا تحريف، ولا تكييف ولا تمثيل]
قوله: ((ومن همزات الشياطين)) والهمزات جمع همزة، والهمزة النخس؛ والمعنى أن الشياطين يحثون الناس على
المعاصي، ويغرونهم عليها، فاستعاذ من نخساتهم، ومن أن يحضروه أصلاً، ويحوموا حوله.
قوله: ((وأن يحضرون)) أصله يحضروني، سقطت الياء للتخفيف؛ أي: وأن يحضر الشياطين عندي في جميع الأحوال.
مَا يَفْعَلُ مَنْ رَأَى الرُّؤْيا أوِ الحُلْمَ
((يَنْفُثُ عَن يَسارِهِ)) (ثَلاثاً).
((لَا يُحَدِّثُ بِهَا أحَداً)).
والحديث بتمامه؛ هو قوله ((الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره)).
وفي رواية أخرى: ((الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث به إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فلا
يحدث به، وليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من شر ما رأى؛ فإنها لن تضره)).
((يتحَوَّلُ عَنْ جَنْبِهِ الذي كَانَ عَلَيْهِ))(.
والحديث بتمامه؛ هو قوله ((إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه)).
اليوم الثالث واربعون
– دُعَاءُ لُبْسِ الثَّوْبِ
((الـْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا (الثَّوْبَ)، ورَزَقَنيهِ مِنْ غيْرِ حَولٍ منِّي ولا قُوَّةٍ...)).
قوله: ((ورزقنيه من غير حول مني)) أي: من غير حركة وحيلة مني.
– دُعَاءُ لُبْسِ الثَّوْبِ الجَدِيدِ
((اللَّهُمَّ لَكَ الـحَمْدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أسْألُكَ مِنْ خَيرهِ وخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وأعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وشَرِّ ما صُنِعَ لَهُ))
قوله: ((أسألك من خيره وخير ما صنع له...)) أي: خير الثوب؛ وهو بقاؤه ونقاؤه، وكونه ملبوساً للضرورة والحاجة، وخير ما
صنع له هو الضرورات التي من أجلها يصنع اللباس من الحر والبرد وستر العورة.
والمراد سؤال الخير في هذه الأمور، وأن يكون مبلغاً إلى المطلوب الذي صنع لأجله الثوب من العون على العبادة والطاعة لمولانا.
وفي الشر عكس هذه المذكورات؛ وهو كونه حراماً ونجساً ولا يبقى زماناً طويلاً، أو يكون سبباً للمعاصي والشرور والافتخار والعجب والغرور وعدم القناعة.
– الدُّعَاءُ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْباً جَدِيداً
((تُبْلِـي وَيُخْلِفُ الله تَعَالَى))
قوله: ((تبلي)) من الإبلاء؛ أي: الإخلاق؛ والمراد أن يعمر ويلبس ذلك الثوب حتى يبلى ويصير خَلَقاً.
قوله: ((ويخلف الله – تعالى -)) أي: يعوضه عنه، ويبدله خيراً منه.
((الْبَسْ جَدِيداً، وعِشْ حَـمِيداً، وَمُتْ شَهِيداً)).
قوله : ((البس جديداً)) صيغة أمر أُريد بها الدعاء؛ بأن يرزقه الله ثوباً جديداً؛ لأن النبي قال هذا الدعاء حين رأى عُمرَ
عليه قميصاً أبيضَ، فقال له: ((ثوبك هذا غسيل أم جديد؟)) فقال: لا، بل غسيل، قال ((البس جديداً...)).
قوله: ((وعش حميداً)) كذلك صيغة أمر أُريد بها الدعاء؛ بأن تطل حياته على طاعة الله تعالى؛ فتكون حامداً لربك ومحموداً عنده وعند الناس.
قوله: ((ومت شهيداً)) كذلك صيغة أمر أُريد بها الدعاء؛ بأن يرزقك الله تعالى الـمِيْتةَ الحسنة، وأحسنها الشهادة في سبيل الله تعالى.
– مَا يَقُولُ إذَا وَضَعَ ثَوْبَهُ
- ((بِسْمِ اللَّهِ))
.
والحديث بتمامه؛ هو قوله: ((ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وَضَعَ أحدهم ثوبه؛ أن يقول: بسم الله)).
قوله: ((ستر ما بين أعين)) الستر؛ أي: الحجاب.
قوله: ((أن يقول: بسم الله)) لأن اسم الله تعالى كالطابع على بني آدم، فلا يستطيع الجن فكه.
وقال بعض العلماء: ((لا يُزَاد عليها: ((الرحمن الرحيم)) وقوفاً مع ظاهر الخبر)).
اليوم الرابع واربعيين
دُعَاءُ دُخُولِ الْخَلاَءِ
قوله: ((الخلاء)) أي: موضع قضاء الحاجة؛ وأصله المكان الخالي، واستعمل في المكان الـمُعَدِّ لقضاء الحاجة.
- (([بِسْمِ اللـهِ] اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الـخُبْثِ والـخَبَائِثِ))
قوله: ((اللهم)) أصلها يا الله، والميم المشددة في آخره عوض من الياء.
قوله: ((إني أعوذ بك)) أي: ألوذ وألتجىء
.
قوله: ((من الخبث – بإسكان الباء أو ضمها – والخبائث)) الخبث جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة؛ يريد ذكران الشياطين
وإناثهم.
وقيل: أراد المكروه.
– دعاء الخُرُوج مِنَ الْخَلاَءِ
أي: الدعاء الذي يكون بعد الخروج من الخلاء.
- ((غُفْرَانَكَ)).
قوله: ((غفرانك)) أي: أسألك وأطلب منك المغفرة.
وقيل: في تعقيبه الخروج بهذا الدعاء: أن القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر ما أنعم الله تعالى عليه من تسويغ الطعام
والشراب، وترتيب الغذاء على الوجه المناسب لمصلحة البدن إلى أوان الخروج؛ فلجأ إلى الاستغفار اعترافاً بالقصور عن بلوغ حق
تلك النعم.
الذِّكْرُ عِنْدَ الـخُرُوجِ مِنَ المَنْزِلِ
((بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، وَلاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ))
وجاء في نهاية الحديث؛ قوله ((يُقال له: كُفِيتَ وَوُقِيتَ وهُدِيتَ، وتنحَّى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك
برجلٍ قد هُدي وكفي ووقي؟)).
قوله: ((بسم الله)) أي: بسم الله أخرج.
قوله: ((توكلت على الله)) أي: فوضت جميع أموري إليه .
قوله: ((يقال له)) يجوز أن يكون القائل هو الله تعالى، ويجوز أن يكون ملك من الملائكة.
قوله: ((كفيت)) أي: صرف عنك الشر.
قوله: ((ووقيت)) أي: حفظت عن الأشياء الخفية عنك من الأذى والسوء.
قوله: ((وهديت)) إلى طريق الحق والصواب، حيث وفقت على تقديم ذكر الله تعالى، ولم تزل مهدياً في جميع أفعالك، وأقوالك، وأحوالك.
قوله: ((وتنحى عنه)) أي: بعد عنه الشيطان
، ((فيقول لشيطان آخر)) يَقْصِدُ أذاه، وإخلاله: ((كيف لك برجل)) يعني: ما بقي لك يد في رجل قد هُدي بذكر الله، وكُفي
شرك، وَوقي من مكرك وكيدك.
) ((اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أَضِلَّ، أوْ أُضَلَّ، أوْ أَزِلَّ، أوْ أُزَلَّ، أوْ أَظْلِمَ، أوْ أُظْلَمَ، أوْ أجْهَلَ، أوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ))
قوله: ((أنْ أَضِلَّ)) أي: أن أضل في نفسي، والضلال الذي هو نقيض الهدى، وفي الأصل ضل الشيء إذا ضاع، وضل عن الطريق إذا حار.
قوله: ((أو أُضَل)) أو أن يضلني غيري.
قوله: ((أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ)) كلاهما من الزلة؛ أي: الخطأ؛ ومعنى الأول: أن أخطئ من نفسي أو أوقع غيري به، ومعنى الثاني:
أن يوقعني غيري فيه
.
قوله: ((أو أَظلِم، أو أُظلَم)) من الظلم، وهو وضع الشيء في غير محله؛ معنى الأول: أن أظلم غيري، أو نفسي، ومعنى الثاني: أن يظلمني غيري.
قوله: ((أو أَجهل، أو يُجهل عليَّ)) معنى الأول: أن أفعل فعل الجهلاء، أو أشتغل في شيء لا يعنيني
، ومعنى الثاني: أن يجهل غيري علي؛ بأن يقابلني مقابلة الجهلاء بالسفاهة، والمجادلة...، ونحوهما.
وفي هذا تعليم لأمته ، وبيان الطريقة في كيفية استعاذتهم عند خروجهم من منازلهم.
– الذِّكْرُ عِنْدَ دُخُولِ الـمَنْزِلِ
- ((بِسْمِ اللـهِ وَلَـجْنَا، وبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وعَلَى اللَّهِ رَبِّنا تَوَكَّلْنَـا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أهْلِهِ)).
قوله: ((بسم الله ولجنا)) أي: دخلنا.
قوله: ((بسم الله خرجنا)) أي: كان خروجنا أيضاً على ذكر الله تعالى
.
قوله: ((وعلى الله ربنا توكلنا)) أي: معتمدين في دخولنا وخروجنا، وفي كل أمرنا على الله ربنا
قوله: ((ثم يسلم على أهله)) أي: أهل بيته؛ يقول لهم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم الخامس واربعون
الذِّكْرُ قَبْلَ الْوُضُوءِ
- ((بِسْمِ اللـهِ))(
والحديث بتمامه؛ هو قوله: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)).
– الذِّكْرُ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الوُضُوءِ
((أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ...))
قوله: ((أشهد)) أي: أقر بقلبي ناطقاً بلساني؛ لأن الشهادة نطق وإخبار عما في القلب.
وأصلها – أي: الشهادة – من شهود الشيء؛ أي: حضوره ورؤيته؛ فكأن هذا المخبر عما في قلبه الناطق بلسانه، كأنه
يشاهد الأمر بعينه.
قوله: ((لا إله إلا الله)) أي: لا معبود حقٌّ – أو بحق – إلا الله تعالى.
قوله: ((وحده)) توكيد للإثبات.
قوله: ((لا شريك له)) توكيد للنفي.
قوله: ((عبده)) وصفه بالعبد لأنه أعبد الناس، وأشدهم تحقيقاً لعبادة الله تعالى.
قوله: ((ورسوله)) وصفه بالرسول؛ لأنه حمل الرسالة العظيمة – وهي الإسلام – إلى الناس كافة.
وجاء في نهاية الحديث قوله ، في جزاء من قال هذا الذكر: ((إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)).
) ((اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابينَ، واجْعَلْنِي مِنَ الْـمُتَطَهِّرِينَ))
قوله: ((التَّوَّابين)) جمع توَّاب، وهي صفة مبالغة، والتوبة هي الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعة الله تعالى
.
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية، والثاني: أن يندم على فعلها، والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبداً؛ فإن فُقِدَ أحدُ الثلاثة لم
تصح التوبة.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من صاحبها؛ فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه
، وإن كانت حدَّ قذف ونحوه مَكَّنَه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحلَّهُ منها.
ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها، صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي
.
واعلم أن التوبة لابد أن تكون في زمن تقبل فيه؛ فإن تاب في زمن لا تقبل فيه لم تنفعه التوبة
.
والزمن الذي لا تقبل فيه التوبة هو حين الغرغرة؛ لقوله : ((إن يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) ؛ والغرغرة هي: وصول
الروح الحلقوم، وحين طلوع الشمس من مغربها؛ لقوله : ((من تاب قبل أن تطع الشمس من مغربها تاب الله تعالى
عليه)).
قوله: ((المتطهرين)) جمع متطهر؛ صفة مبالغة، والطهارة هي النظافة ورفع الحدث أو إزالة النجس
.
ولما كانت التوبة طهارة الباطن عن أدران الذنوب، والوضوء طهارة الظاهر عن الأحداث المانعة عن التقرب إلى الله تعالى
، ناسب الجمع بين هذا الحديث وقوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الـْمُتَطَهِّرِينَ.
((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إلَيْكَ))
قوله: ((سبحانك اللهم وبحمدك)
) سبحان اسم أقيم مقام المصدر وهو التسبيح، منصوب بفعل مضمر تقديره أسبحك تسبيحاً؛ أي: أنزهك تنزيهاً من كل
السوء والنقائص، وقيل: تقديره أسبحك تسبيحاً مقترناً بحمدك.
قوله: ((أستغفرك)) أي: أطلب مغفرتك.
قوله: ((أتوب إليك)) أي: أرجع إليك.
وجاء في نهاية الحديث؛ قوله في جزاء مَن قال هذا الذكر: ((كتب في رق ثم طبع بطابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة)
دُعَاءُ الذَّهَابِ إلَى الـمَسْجِدِ
- ((اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً، وَفِي لِسَانِي نُوراً، وَفِي سَمْعِي نُوراً، وَفِي بَصَرِي نُوراً، ومِنْ فَوْقِي نُوراً، وَمِنْ تَحْتِي نُوراً، وَعَنْ يَمِينِي نُوراً، وَعَنْ شِمَالِي نُوراً، وَمِنْ أمَامِي نُوراً، وَمِنْ خَلْفِي نُوراً، واجْعَلْ في نَفْسِي نُوراً، وأعْظِمْ لِي نُوراً، وَعَظِّمْ لِي نُوراً، واجْعَلْ لِي نُوراً، وَاجْعَلْنِي نُوراً، اللَّهُمَّ أعْطِنِي نُوراً، واجْعَلْ فِي عَصَبِي نُوراً، وَفِي لَـحْمِي نُوراً، وَفِي دَمِي نُوراً، وفِي شَعْرِي نُوراً، وفِي بَشَرِي نُوراً)).
[((اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُوراً فِي قَبْرِي...ونُوراً فِي عِظَامِي]))) [((وَزِدْنِي نُوراً، وَزِدْنِي نُوراً، وَزِدْنِي نُوراً])) [((وَهَبْ لِي نُوراً عَلَى نُور
قال القرطبي رحمه الله تعالى: ((هذه الأنوار التي دعا بها رسول الله يمكن حملها على ظاهرها؛ فيكون سأل الله تعالى أن
يجعل له في كل عضو من أعضائه نوراً، يستضيء به يوم القيامة في تلك الظلم، هو ومن تبعه أو مَن شاء الله منهم.
والأولى أن يقال: هي مستعارة للعلم والهداية؛ كما قال تعالى:
فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ، وقوله تعالى: وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس.
والتحقيق في معناه أن النور مُظهِرٌ ما نسب إليه، وهو يختلف بحسبه، فنور السمع مظهر للمسموعات، ونور البصر كاشف للمبصرات،
ونور القلب كاشف عن المعلومات، ونور الجوارح ما يبدو عليها من أعمال الطاعات)).
قال الطيبي رحمه الله: ((معنى طلب النور للأعضاء عضواً عضواً؛ أن يتحلى بأنوار المعرفة والطاعات ويتعرى عما عداهما؛ فإن الشياطين
تحيط بالجهات الست بالوساوس، فكان التخلص منها بالأنوار السادَّة لتلك الجهات.
وكل هذه الأمور راجعة إلى الهداية والبيان وضياء الحق، وإلى ذلك يرشد قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلى قوله تعالى: وكل هذه الأمور راجعة إلى الهداية والبيان وضياء الحق، وإلى ذلك يرشد قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلى قوله تعالى:
نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ).
اليوم الخامس واريعون
– دُعَاءُ الهَمِّ والحُزْنِ
والفرق بين الكرب والحزن؛ أن الكرب حزن مع شدة، وبين الهم والحزن، قيل: هما واحد، وليس كذلك؛ فإن الهم إنما يكون في الأمر المتوقع، والحزن فيما قد وقع، والهم: هو الحزن الذي يذيب الإنسان، يقول: همني الشيء؛ أي: أذابني.
((اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبدِكَ، ابْنُ أمَتِكَ، نَاصِيَتي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بهِ نَفْسَكَ، أوْ أنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أوْ عَلَّمْتَهُ أحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أوِ اسْتأثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيْعَ قَلبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وجَلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي))(
قوله: ((إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك)) إظهار التذلل والخضوع، والاعتراف بالعبودية؛ وإنما لم يكتف بقوله: ((إني
عبدك)) بل زاد فيه: ((ابن عبدك، ابن أمتك...))؛ لأن هذا أبلغ وآكد في إظهار التذلل والعبودية؛ لأن من ملك رجلاً ليس
مثل من ملكه مع أبويه.
قوله: ((ناصيتي بيدك)) كناية عن نفوذ حكمه فيه، وأنه تحت قدرته وقهره.
قوله: ((ماضٍ فيَّ حكمك)) أي: نافذ فيَّ حكمك.
قوله: ((عدل فيَّ قضاؤك)) أي: كل ما تحكم فيَّ فهو عدل؛ لأن العدل صفتك، والظلم محال عليك؛ والعدل: وضع الشيء في محله، والظلم خلافه.
قوله: ((أسألك)) إلى آخره، شروع في الدعاء بعد إظهار التذلل والخضوع، وهذا من آداب السائلين، وهذه الحالة أقرب إلى إجابة السؤال، لا سيما إذا كان المسؤول منه كريماً، والله تعالى أكرم الأكرمين، إذا تضرع إليه عبده، وتذلَّلَ له، وأظهر الخضوع والخشوع، ثم سأل حاجة ينفذها في ساعته، على ما هو اللائق بكرمه وجوده.
قوله: ((بكل اسم)) أي: بحق كل اسم.
قوله: ((هو لك)) احترز به عن غير اسم الله؛ لأنه لما أقسم بكل اسم، وهو عام لجميع الأسماء، أخرج عنه ما هو اسم لغيره بقوله: ((هو لك))؛ لأن القسم بغير اسم الله لا يجوز.
قوله: ((سميت به نفسك)) فكأن هذا تفسير لما [قبله]؛ لأن كون الاسم له أن يكون اسماً لنفسه.
قوله: ((أو أنزلته في كتابك)) أي أنزلته على أحد من أنبيائك في كتابك الكريم.
قوله: ((أو علمته أحداً من خلقك)) أي: من الأنبياء والملائكة.
قوله: ((أو استأثرت به)) أي: أو خصصت به نفسك في علم الغيب؛ بحيث أنه لا يعرفه إلا أنت، ولا يطلع عليه غيرك، وهذا كله تقسيم لقوله: ((بكل اسم هو لك)).
وقد استفيد من هذا أن لله أسماء خلاف ما ذكر في القرآن، وعلى لسان الرسول ، ولم يكن قوله: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحدة)) للحصر.
قوله: ((أن تجعل القرآن ربيع قلبي)) أي: فرح قلبي وسروره، وجعله ربيعاً له؛ لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من
الأزمان، ويميل إليه، ويخرج من الهم والغم، ويحصل له النشاط والابتهاج والسرور.
قوله: ((ونور صدري)) أي: انشراح صدري؛ لأن الصدر إذا كان منشرحاً يكون منوراً.
قوله: ((وجلاء حزني)) أي: انكشاف حزني.
قوله: ((وذهاب همي)) أي: زواله عني.
وجاء في نهاية الحديث قوله : ((إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجاً)).
((اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ وغَلَبَةِ الرِّجَالِ))
وجاء في بداية الحديث؛ قول أنس : فكنت أخدم رسول الله كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول:...
قوله: ((الهم والحزن)) قال الطيبي رحمه الله: ((الهم في المتوقع، والحزن فيما فات)).
قوله: ((وضَلَع الدَّيْن)) أصل الضَلَع الاعوجاج، يقال: ضَلَعَ يَضْلَع؛ أي: مال؛ والمراد به هنا ثقل الدين وشدته؛ وذلك حيث لا يجد مَن عليه الدين وفاء، ولا سيما مع المطالبة.
وقال بعض السلف: ((ما دخل هَمُّ الدَّين قلباً، إلا أذهب من العقل ما لا يعود إليه)).
قوله: ((وغلبة الرجال)) أي: قهرهم وشدة تسلطهم عليه؛ والمراد بالرجال الظلمة أو الدائنون،واستعاذ من أن يغلبه الرجال لما في ذلك من الوهن في النفس.
قال الكرماني رحمه الله: ((هذا الدعاء من جوامع الكلم؛ لأن أنواع الرذائل ثلاثة: نفسانية وبدنية وخارجية؛ فالأولى بحسب القوى التي للإنسان؛ وهي ثلاثة: العقلية والغضبية والشهوانية؛ فالهم والحزن يتعلق بالعقلية، والجبن بالغضبية، والبخل بالشهوانية، والعجز والكسل بالبدنية، والضَلع والغلبة بالخارجية؛ والدعاء مشتمل على جميع ذلك)) بتصرف.
– دُعَاءُ الكَرْبِ
((لَا إلَهَ إِلاَّ اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إِلَهَ إلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمُ، لَا إلَهَ إلا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَريْمِ))
وفي رواية لمسلم: أن النبي إذا حزبه أمر؛ أي: نزل به أمر مهم، أو أصابه غم.
قوله: ((العظيم)) صفة الرب سبحانه، ومعناه: الذي جل عن حدود العقول، حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته.
قوله: ((الحليم)) هو الذي لا يستخفّه شيء من عصيان العباد، ولا يستفزه الغضب عليهم، ولكنه جعل لكل شيء مقداراً، فهو منته إليه.
قوله: ((رب العرش الكريم)) الكريم صفة للرب سبحانه وتعالى؛ ومعناه: الجواد المعطي، الذي لا ينفذ عطاؤه، وهو
الكريم المطلق؛ والكريم: الجامع أنواع الخير والشرف والفضائل.
((اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أرْجُو، فَلا تَكِلني إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إلاَّ أنْتَ)).
قوله: ((رحمتك أرجو)) أي: نخصك برجاء الرحمة، فغيرك لا يرحم.
قوله: ((فلا تكلني إلى نفسي)) أي: لا تسلمني ولا تتركني إلى نفسي، فأنصرف عن طاعتك باتباعها.
قوله: ((طرفة عين)) ؛ يعني: لا تكلني إلى نفسي أصلاً في أي حالة من الأحوال.
قوله: ((شأني)) أي: أمري وحالي.
((لَا إِلَه إِلاَّ أنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ))
والحديث بتمامه، هو قوله : ((دعوة ذي النون إذ دعا بها، وهو في بطن الحوت: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين)) لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط؛ إلا استُجيب له)).
قوله: ((دعوة ذي النون)) أي: دعاؤه، وذو النون اسم النبي يونس عليه السلام، ومن الأنبياء جماعة لهم اسمان، مثل
عيسى والمسيح، وذي الكفل واليسع، وإبراهيم والخليل، ومحمد وأحمد...، والنون اسم الحوت، ومعنى ذي النون: صاحب
النون.
قوله: ((إذ دعا بها)) أي: حين دعا بها ربه، ((وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين))
بمعنى: سبحانك إني تبت إليك، إني كنت من الظالمين لنفسي.
قوله: ((في شيء قط)) أي: في شيء من الأشياء،
((اللهُ اللهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بهِ شَيْئاً))
وجاء في بداية الحديث؛ قوله : ((ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب...)).
قوله: ((الله الله وتقدير الكلام: يا الله، يا الله.
ولا دليل في هذا الحديث على جواز إفراد اسم الله تعالى في الذكر؛ كقولهم: الله الله الله الله... وهكذا، بدون طلب من المنادى.
وأما الحديث فإن سياقه يدلُّ على أنَّ الذي يدعو مصاب بكرب؛ فيكون تقديره: يا الله يا الله فرج عني ما بي من الكرب، فأنت ربي ولا أشرك بك شيئاً
اليوم السادس واربعيين
دُعَاءُ لِقَاءِ العَدُوِّ وذِي السُّلْطَانِ
قوله: ((ذي السلطان)) أي: ذي قوة وقدرة؛ وهو كل مَن له يد قاهرة على الناس.
((اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُوْرِهِمْ، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ)).
وجاء في بدايته: أن النبي كان إذا خاف قوماً، قال:...
قوله: ((نجعلك في نحورهم)) يقال: جعلت فلاناً في نحر العدو؛ أي: قبالته وحذاءه، وتخصيص النحر بالذكر؛ لأن العدو
يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال؛ والمعنى: نسألك أن تتولانا في الجهة التي يريدون أن يأتونا منها، ونتوقى بك عما
يواجهوننا به، فأنت الذي تدفع شرورهم، وتكفينا أمرهم، وتحول بيننا وبينهم، ولعله اختار هذا اللفظ تفاؤلاً بقتل العدو، والله أعلم.
((اللَّهُمَّ أنْتَ عَضُدِي، وأنْتَ نَصِيري، بِكَ أحُولُ، وَبِكَ أصُولُ، وَبِكَ أقَاتِلُ))
وجاء في بدايته: أن النبي كان يقول عند لقاء العدو:...
قوله: ((أنت عضدي)) أي: عوني.
قوله: ((أحول)) بالحاء المهملة؛ أي: أتحرك.
قوله: ((وبك أصول)) أي: بك أحمل على العدو، من الصولة وهي الحملة.
قوله: ((وبك أقاتل)) أي: بعونك وتأييدك أقاتل.
((حَسْبُنَا اللهُ، ونِعْمَ الوَكِيلُ))
.
وجاء فيه: ((قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقاله محمد حين قال له الناس: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ).
قوله: ((قالها إبراهيم)) أي: قال هذه الكلمة ((حين أُلقي في النار))، عقاباً له من قومه، لما فعل من تحطيم أصنامهم التي يعبدونها
من دون الله تعالى.
قوله: ((وقالها محمد)) أي: قال هذه الكلمة نبينا محمد حين قال نعيم بن مسعود: إن الناس قد جمعوا لكم؛ يعني: أبا
سفيان وأصحابه، فاخشوهم ولا تخرجوا إليهم، ولم تسمع الصحابة منه، فخرجوا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل
، وأيقنوا أن الله لا يخذل محمداً، فلا جرم رجعوا غانمين سالمين، وذلك قوله تعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ.
قوله: ((حسبنا الله)) أي: يكفينا الله تعالى في كل شيء، و((نعم الوكيل)) يعني: نعم الثقة، وهو اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه: القيم الكفيل بأرزاق العباد.
وكلمة ((نعم)) للمدح، كما أن كلمة ((بئس)) للذم
– دُعَاءُ مَنْ خَافَ ظُلْمَ السُّلْطَانِ
((اللَّهُمَّ رَبَّ السَّـمَواتِ السَّبْعِ، ورَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، كُنْ لِي جَاراً مِنْ فُلاَنِ بْنِ فُلانٍ، وأحْزَابِهِ مِنْ خَلائِقِكَ؛ أنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحدٌ مِنْهُمْ أوْ يَطْغَى، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنُاؤُكَ، ولا إِلَهَ إلاَّ أنْتَ))
قوله: ((كُن لي جاراً)) أي: مجيراً ومعيناً.
قوله: ((أن يفرط علي أحد منهم أو يطغى)) كقوله تعالى فيما حكاه عن موسى وهارون: أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى.
أي: يعجل علينا بالقتل والعقوبة، ويقال: فرط عليه فلان إذا عجل.
((أو يطغى)) أي: يتجاوز الحد في الإساءة.
قوله: ((عز جارك)) أي: قوي من استجار بك.
قوله: ((جل ثناؤك)) أي: عظم الثناء عليك.
) ((اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعاً، اللهُ أعَزُّ مِـمَّا أخَافُ وأحْذَرُ، أعُوذُ باللـهِ الذِي لَا إِلَهَ إلاَّ هُوَ، الـمُمْسِكِ السَّـمَواتِ السَّبْعِ أنْ يَقَعْنَ عَلَى الأرْضِ إِلاَّ بإذْنِهِ، مِنْ شَرِّ عَبْدِكَ فُلانٍ، وُجُنُودِهِ وَأتْبَاعِهِ وأشْيَاعِهِ، مِنَ الجِنِّ والإنْسِ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَاراً مِنْ شَرِّهِمْ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَعَزَّ جَارُكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ: وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ)). (ثَلاثَ مَرَّاتٍ)
هذا أثر من قول عبدالله بن عباس .
قوله: ((الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعاً)) أي: مهما كَبُر مقام السلطان وَعظُمَتْ قُوَّتُهُ، فالله أكبر وأعز وأعظم منه ومن جميع الخلق.
قوله: ((الله أعز مما أخاف وأحذر)) أي: الله تعالى أقوى وأعظم من هذا المخلوق الذي في قلبي خوف وحذر منه.
قوله: ((أعوذ)) أي: أستجير.
قوله: ((من شر عبدك فلان)) أي: يذكر اسم الذي يأتيه منه الشر.
قوله: ((أشياعه)) الأشياع جمع شيعة؛ والمراد: الأتباع والأنصار والأعوان.
قوله: ((كن لي جاراً)) أي: حامياً وحافظاً.
قوله: ((تبارك ِّ اسمك)) أي: كثرت بركة اسمك، أي: وجد كل خير من ذكر اسمك.
– الدُّعَاءُ عَلَى العدو - ((اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيْعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وزَلْزِلْـهُمْ)).
قوله: ((منزل الكتاب)) أي: القرآن.
قوله: ((وهازم الأحزاب)) أي: أصناف الكفار.
قوله: ((اهزمهم وزلزلهم)) أي: اكسر شوكتهم وازعجهم، وحركهم بالشدائد؛ قال أهل اللغة: الزلزال والزلزلة الشدائد التي تحرك الناس.
– مَا يَقُولُ مَنْ خَافَ قَوْماً
- ((اللَّهُمَّ اكْفِنِيْهِمْ بِمَا شِئْتَ))(.
وهذا الدعاء جاء في قصة الغلام والراهب المشهورة.
قوله: ((اكفينهم)) أي: احفظني واحمني منهم.
قوله: ((بما شئت)) أي: بالذي تشاء من أسباب الوقاية والحماية