يوسف الماهر
وعن غيبة فغب
- إنضم
- 2 مارس 2014
- المشاركات
- 50
- النقاط
- 6
- احفظ من كتاب الله
- اللهم إجعلنا من العالمين العاملين به
- القارئ المفضل
- الحصري
- الجنس
- أخ
حتى تكون جميلاً وأنيقـاً وذواقاً ..!!
أ.حســــان أحمد العماري
كم هي المصطلحات اليوم والتي تتحدث عن الأناقة والجمال والذوق و الإتيكيت في كثير من جوانب حياة الإنسان .. فهل أهتم الإسلام بهذه المعاني والقيم ؟ وهل دعا إليها؟ وكيف هذبها ؟ وما هي الثمرة المرجوة من كون الإنسان يجب أن يكون أنيقاً وجميلاً وصاحب ذوق رفيع ؟
إن الناظر في هذا الكون الفسيح، يدرك أنه يعيش في عالم هو آية من الجمال الذي لا يبارى؛ بدءً بالأرض حتى أركان الفضاء، تناسق عجيب وجمال يبهر العقول قال سبحانه: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) (الحجر: 16) وجعل الأرض الحية تتنفس بالجمال نِعَماً لا تحصى ولا تنتهي {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ }(النمل60) وأرشــد الإنسان إلى تبين معالم هذا الجمال في كل شيء: (وَاْلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (النحل: 5-6). وأمرنا الإســلام أن نسير إلى الله في مواكب من الجمال والأناقة والذوق الرفيع (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف: 29) وفي يوم الجمعة أكد على ذلك أكثر فقال عليه الصلاة والسلام (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدّهن من دهنه ويمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)( البخاري /883) و اعتنى الإسلام عناية بالغة بموضوع الجمال وتنمية الحس الجمالي فلقد تحدث القرآن عن الزينة والجمال، ولفت نظر الإنسان إلى ما في عالم الموجودات من جمال وروعة وفن وإبداع لتكون دليلاً على قدرة الله وعظمته ودليلا يتعلم منه الإنسان معاني الجمال قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (البقرة164) وخلق الله الإنسان في أجمل صورة وأحسنها، فقال عز وجل: (اَللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اْلأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) (غافر: 64) ثم جعل له الكون من حوله جميلا، وحسنه تحسينا، عساه يكون في تدينه حسنا جميلا. قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى اْلأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (الكهف: 7) فالزينة الكونية مبعث وجداني لتحلي المسلم والمؤمن رجل كان أو امرأة بالزينة الإيمانية والزينة الخلقية والجمال .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا أنيقا وصاحب ذوق رفيع ما رأى الصحابة أجمل ولا أحسن منه مع أنه لم يكن يغالى أو يبالغ لكنه كان جميلا يحب الجمال فكان عليه الصلاة والسلام يلبس ما تيسر له من اللباس، سواء أكان صوفاً، أم قطناً أم غير ذلك، من غير تكلف ولا إسراف ولا شهرة وكان له ثوب يلبسه في العيدين وفي الجمعة، وكان إذا وفد عليه الوفد لبس أحسن ثيابه، وأمر أصحابه بذلك وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بنظافة ثيابه، ويحرص على تطييبها، ويوصي أصحابه بذلك، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلَّم أن حسن السمت، والزيِّ الحسن من شمائل الأنبياء وخصالهم النبيلة ... وحرص صلى الله عليه وسلم على تربية صحابته الكرام على كل هذه المعاني فكان يعلمهم كيفية سلوك طريق المحبة بعبارات وإشارات شتى، ما تزال تنبض بالنور إلى يومنا هذا، فانظر إن شئت، إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "أنتم الغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله!"(رواه مسلم) والغرة بياض في ناصية الحصان، والتحجيل بياض في يديه؛ فتلك سيم الجمال في وجوه المحبين وأطرافهم، يوم يرِدُون على المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي سيم "ليست لأحد من الأمم"(متفق عليه)، بها يعرفون في كثرة الخلائق يوم القيامة، كالدر المتناثر في الفضاء ... ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إياكم والجلوس بالطرقات فقالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (رواه البخاري ) ) كل ذلك ليحافظ على الجمال العام والمنظر الرائع والسلوك الحسن بل جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، وإن لفاعلها ثواباً عند الله تعالى فقد قال : " الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بعض وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وإدناها إماطة الإذى عن الطريق، والحياء شبعة من الإيمان "[رواه مسلم عن أبي هريرة] وقال عليه الصلاة والسلام : " عُرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن"[رواه البخاري ومسلم]. وأمر صلى الله عليه وسلم بالجمال والأناقة والتجمل الشخصي للفرد في ملبسه ومظهره وهندامه من دون إسراف أو تكبر أو مخيلة أو تفسخ وانحلال.. و دعا إلى التجمل والأناقة التي تظهر الجمال والذوق الرفيع لصاحبها وتحفظ شخصيته وإنسانيته وأخلاقه من الإنحطاط والإسفاف وتضفي على حياته الراحة والسعادة والبهجة والسرور فقد رأى صلى الله عليه وسلم رجل يقال له الأحوص الجشمي وعليه أطمارٌ ـ أي ثياب بالية ـ فقال: ((هل لك من مال؟ قال: قلت: نعم، قال: ومن أي المال؟ قلت: من كل ما أتى الله من الإبل والشاء، قال: فلتر نعمته وكرامته عليك؛ فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده) (صححه الألباني. السلسلة الصحيحة /1290) و قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر؛ فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؛ فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس) (مسلم / 91) و رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رجلا شعثا رأسه قد تفرق شعره فقال: ((أما كان يجد ما يسكّن شعره؟) (الألباني، السلسلة الصحيحة /493). وقال عليه الصلاة والسلام ("مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ"(الألباني: حسن صحيح/ السلسلة الصحيحة (500)
وكان من ذوقه وكرم نبله وتقديره للجمال صلى الله عليه وسلم احترام خصوصيات الآخرين ما لم تخالف الشرع مهما كانت فكثير من الناس تعجبه أشياء ويعمل أشياء قد لا يعملها الآخرون ولا تعجبهم وهذه سنة في طبائع الناس ولله في خلقه شئون .. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل إلى الصحابي الجليل أبو قتادة رضي الله عنه ليحضر إليه كان في مقتبل شبابه ، مشغولاً بنضارة وجهه ، وحسن مظهره .. وكان يعتني بشعره فقيل يترجل – يمشط شعره- ..) ثم أرسل إليه ، فقيل : يترجل – يمشط شعره) وكانت الخطيئة الكبرى الثالثة، فبعد مرتين يستدعيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعتذر عن إجابته بأنه يترجل، وهل يأخذ تسريح الشعر كل هذا الوقت إلا لشاب لا هم له إلا مظهره وأناقته وجمال شعره. وهذا نموذج خطأ لا يجوز أن يوجد في المجتمع الإسلامي، وفي صف المجاهدين فيه، لقد بلغ السيل الزبى ، وصدرت الأوامر بالعقوبة النبوية، والعقوبة من جنس الذنب، فقال : "احلقوا رأسه" وما كاد ينتهي من ضبط تسريحته، ، حتى استعد ليلبي نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد استحيا كثيراً من التلكؤ، وفوجئ برسل رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنهم الآن ليسوا قادمين لدعوته، إنما هم قادمون وبيدهم الموس لحلق شعره كله فاستأذنهم ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل التنفيذ لعله يتدارك هذا الشعر الحبيب الغالي على قلبه ونفسه ( فجاءه فقال : يا رسول الله : دعني يا رسول الله هذه المرة فو الله لأعتبنك) [ أي : أزيل عتبك عليّ وغضبك علىَ ]. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدره ، وما طلب منه أحد شيئاً فقال : لا، وأخفض رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره الشريف مؤذناً بالموافقة على مضض وظل أبو قتادة رضي الله عنه يبحث عن عمل يرضي الله ورسوله لأنه شعر بخطئه وهذه كانت سمة المجتمع المسلم الأول حتى جاءت الفرصة ( قال أبو قتادة : إني لأغسل رأسي، قد غسلت أحد شقيه، إذ سمعت فرسي تصهل وتبحث بحوافرها، فقلت : هذه حرب قد حضرت) إنه لم يسمع نداء لحرب إنما سمع همهمة فرسه وصهيلها، فلم تفعل ذلك إلا لأنه تناهى إلى مسامعها خيول تصهل وتستعد للحرب، وفاتنا أن الشاب الظريف قد عاهد خليله أن يرضيه في أي حدث جلل يقع وهذه حرب ( فقلت : هذه حرب قد حضرت، فقمت ولم أغسل شق رأسي الآخر ، فركبت وعلي بردة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح : الفزع ، الفزع) أليس في عنقه عهداً لرسوله الحبيب أن يقر عينه بموقف يمسح كل ما في قلبه من وجد عليه ؟ وامتطى فرسه يسابق الريح.. ( قال : فأُدرك المقداد، فسايرته ساعة ، ثم تقدمه فرسي وكان أجود من فرسه) وكان العدو من غطفان قد أخذ لقاح ( النوق ذات الألبان) رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضى هرباً وكان مسعدة بن بدر فارس غطفان هو حامي حمى العدو في الخلف، وهو الذي قتل الفارس المسلم محرزة بن نضلة ... فقلت للمقداد : إما أن أموت أو أقتل قاتل محرز ، فضرب فرسه فلحق بالعدو من غطفان فضربوا أبو قتادة بسهم في وجهه فنزع قدحه ، فوقف له مسعدة فقال : أيهما أحب إليك : مجالدة [ أي : مبارزة بالسيف ] أو مطاعنة [ أي : طعناً بالرماح ] أو مصارعة ؟ فقلت : ذلك إليك، فقال صراع. فنزل وعلق سيفه في شجرة، وعلقت سيفي في شجرة، وتواثبنا فرزقني الله الظفر عليه فقتلته ثم استوليت على فرسه ثم ذهبت خلف القوم فحملت على ابن أخيه، فدققت صلبه)، وهذا قتيل ثان لأبي قتادة ، فماذا وراء ذلك ؟ لقد استنقذ نصف اللقاح المسروقة إضافة إلى قتل الفارسين الخطيرين .
وكان اللقاء العظيم مع القائد الحبيب : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفلح وجهك يا أبا قتادة ". فقلت : ووجهك يا رسول الله " ، قال : " قتلت مسعدة " قلت : نعم ) ... لكن هذا الأنيق ، قد شوه وجهه ذلك السهم الغائر في جبهته . ( قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما هذا الذي بوجهك ؟ " قلت : " سهم أصابني " فقال : " ادن مني " فنزع السهم نزعاً رقيقاً ثم بزق فيه ووضع راحته عليه).. وكانت أعظم عملية تجميل لهذا الفارس الأنيق، ولم لا يحافظ على أناقة فارسه العظيم، وقد قتل الفارسين، واستنقذ نصف اللقاح !.
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة قائلاً : " اللهم بارك له في شعره وبشره " وماذا كانت ثمرة هذه الدعوة ؟
( فمات أبو قتادة رضي الله عنه وهو ابن سبعين سنة ، وكأنه ابن خمس عشرة سنة!) وذلك ببركة الدعاء النبوي العظيم ، أن يبارك الله في شعره وجلده (مجلة المنار ، العدد 84 ، رجب 1425هـ د/ منير الغضبان )
أما في جانب التربية والتوجيه والنصيحة فقد كان صلى الله عليه وسلم صاحب ذوق رفيع وخلق عظيم لا يعنف ولا يسب ولا يشتم بل كان رفيقا رقيقا ملك القلوب بخلقه صلى الله عليه وسلم .. عن خوات بن جبير رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلع عليه يوماً من الأيام، في أول عهده بالإسلام، وكان جالساً مع بعض النساء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أجلسك هاهنا يا خوات؟ قال: يا رسول الله، بعير لي شرد فأردت من هؤلاء النسوة أن يصنعن له عقالاً أو نحو ذلك. فتبسم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف من عنده ورجع وهو على حاله فقال: أما زلت على تلك الحال؟! فقام، فكان النبي صلى الله عليه وسلم كلما لقيه قال له: ما فعل بعيرك الشارد أو ما فعل شراد بعيرك؟ فكان يستحي بعد ذلك، ولا يحب أن يقابل الرسول عليه الصلاة والسلام؛ خشية أن يذكره بذلك، حتى جاءه يوماً وهو يصلي فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بجانبه قال خوات فأطلت الصلاة لعل رسول الله أب يقوم من مكانه فلم يقم فسلمت فقال له : ما فعل بعيرك الشارد . فقال: يا رسول الله عقله الإسلام، والله ما شرد منذ ذلك اليوم ... } وهذه كلمة معبرة يفهم ما وراءها، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقصد منها النصيحة والتعليم، بالأسلوب الذي يناسب كل إنسان.
وفي جانب العشرة الزوجية ومعاملة النساء فقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما ورقيقا وعادلا كثير الود طيب العشرة جاء في صحيح البخاري : (كان صلى الله عليه وسلم عند إحدى زوجاته، فصنعت له الأخرى طعاماً وبعثته في قدح مع غلام لها، فطرق الباب فخرجت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فتحت الباب وجدت الغلام يحمل في يده الإناء وفيه الطعام، فغضبت لماذا ترسل تلك طعاماً للرسول وهو بيتها؟ فقالت: تتابعينه حتى في بيتي وتعطينه طعاماً! فضربت يد الغلام، فوقع القدح وانكسر وانتثر الطعام، والرسول صلى الله عليه وسلم يرى المنظر). ما رأيكم؟! لو أن هذا حدث مع واحد منا، ماذا سيحصل؟ لكن الرسول صلى الله عليه وسلم سكت، ثم اعتذر لها وهي عائشة رضي الله عنها- وقال: (غارت أمكم، غارت أمكم، غارت أمكم) ثم قام صلى الله عليه وسلم وأخذ قدحاً لها في بيتها، وجمع الطعام، وأخذ الطعام ورد القدح، وقال: (طعام بطعام وقدح بقدح) مثلما كسرتيه تحمليه والطعام نأكله. هكذا لم يجرح الرسول مشاعرها، وما هو شعور عائشة ؟ لقد غارت، والغيرة أمر طبيعي في المرأة لكن أنظروا إلى هذه الأخلاق العظيمة.
وكان من ذوقه صلى الله عليه وسلم ونبل أخلاقه أنه كان يخفف الصلاة إذا سمع بكاء طفل: تقديرا لقلق أمه عليه.
وكان يلاطف الأطفال ويداعبهم فقد مات طائر صغير كان لأبى عمير أخو أنس بن مالك فيذهب صلى الله عليه وسلم بجلالة قدره وعلو منزلته إلى ذلك الطفل ليعزيه في طائر له مات فقال : «يا أبا عمير، ما فعل النغير»؟ قال مات يا رسول الله.
و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا ينزع يده حتى ينزعها الذي يسلم عليه واذا سلم سلم بكلتا يديه
ولا يصرف وجهه عنك...حتى تصرف وجهك أنت وكان يجلس حيث انتهى به المجلس وكان هاشا باشا ..........لا تلقاه الا مبتسما .. هل رأيتم ....ماذا نفعل نحن الآن .نسلم بأطراف أصابعنا...ونسلم بأقصى سرعه وبلا اهتمام ولا نعير اهتمام بمن نسلم عليه ، ونحب دائما ان نجلس فى الصف الأول حتى لو جئنا متأخرين ، ونلقى الناس بوجه عبوس
ويوم فتح مكة أوقف الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف مقاتل من أصحابه من أجل عصفورة كانت تطير فوق رأسه تذهب وتعود فقال صلى الله عليه وسلم من فجع هذه بأفراخها ردوا عليها أفراخها ؟
فقال أحد المسلمين أنا يا رسول الله ؟ فرد عليها أفراخها وعادت إلى عشها .. انه صلى الله عليه وسلم صاحب ذوق لا يرضى أن يكون هناك خلل يعكر صفو الحياة ولو كانت حياة هذا الطائر الصغير .
إن الذوق السليم في الإنسان يرفعه إلى حد أن يتخير الكلمة اللطيفة، والتصرف الملائم الذي يمنع الإحراج، ويدخل السرور على الآخرين.
أما في جانب المنظر الجمالي للإنسان وبالبيئة التي من حوله فقد دعا الإسلام إلى الإهتمام بذلك في بيته وشارعه وحارته ومكان عمله .. لكن ما نراه اليوم من التقصير عند كثير من الناس وعدم الاهتمام واللامبالاة سبب للمسلمين تراجع حضاري وزاد ذلك من تعاسة الحياة وانعدام الذوق وسبب هذا الإهمال ظهور كثير من السلوكيات الخاطئة في المجتمع وأصبحنا نعرف بين أمم الأرض بالغوغائية والمستهترين والمهملين . فالقيمة الجمالية اختفت من بيوتنا فكثير منها تنقصه النظافة والترتيب .. والمرأة لا يراها زوجها متزينة في كثير من الأحيان إلا عند خروجها لزيارة أو حضور حفلة أما هو فالأمر لا يستدعي ذلك مع أن هذه من الأمور التي تديم الحب والمعروف بينهما والرجل كذلك يجب عليه أن يتجمل لزوجته فقد كان ابن عباس يقول ( والله إني أحب أن أتجمل لزوجتي كما أحب أن تتجمل لي ) وشوارعنا أي جمل فيها فلا ترى إلا حفر وأشجار تشكو الإهمال والتعدي من الكبير قبل الصغير ولوحات إرشادية لا يحسن تعليقها ومحلات ومؤسسات ومصانع تهمل في النظافة والمحافظة على البيئة وجمال المنظر وعمارات على الشوارع العامة تستخدم كفنادق ومستشفيات ومكاتب ولا يوجد لها مواقف خاص بالسيارات فينتج عن ذلك زحمة في السير وإرباك لحركة المرور و غير ذلك .. وفي وزاراتنا ومؤسساتنا لا تكاد تجد مكتب منظم ونظيف ، مرتب في عمله وأوراقه وطريقة الاستفادة منه أو حتى طريقة تقديم خدماته وهذا غيض من فيض وقيسوا جوانب حياتنا المختلفة على ذلك .. وهذه ليست دعوة للتشاؤم لكنها همسة لتصحيح الوضع وتصويب الأخطاء والتنقيب عن الكنوز المدخورة لهذا الدين العظيم من التوجيهات والأحكام والتشريعات الخالدة وتمثلها وتطبيقها والتي يسعد من خلال القيام بها الفرد والمجتمع والأمة جمعاً ... فلنكن أصحاب ذوق خلاق وجمال باهر ومظهراً أنيقاً وسلوك سوي كي نظهر للعالم سمو هذا الدين ونبل أحكامه وتشريعاته وتوجيهاته في هذا الجانب من الحياة وغيره من الجوانب وحتى نكسب الأجر من الله بحسن الإتباع وحتى تنتظم حياتنا أكثر ونستشعر القيمة الجمالية لهذا الدين فتسمو نفوسنا وتتطلع للجمال الأسمى والأناقة بجميع صورها يوم القيامة وما أعده الله لعبادة في جنات وصفها الله بشتى أنواع الوصف بما فيه من الروعة والجمال والزينة والبهجة والسرور والأناقة .. فالإسلام دين الذوق والجمال والأناقة بكل المقاييس فهل نعي ذلك جيداً ؟ .. انتهى ...
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع