الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
الركن العام
حوارٌ بين العِلْم والمال
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="تسابيح ساجدة" data-source="post: 46368" data-attributes="member: 47"><p><span style="color: black"><span style="color: red">قال المال</span>: وأخيراً وافقتني في كلامي، إنَّ إنصافَك في موافقتك لي أحبُّ لي من كلِّ حُجَجك وأدلتك، فما أجملَ الإنصاف وما أقلَّه! </span></p><p> <span style="color: black"></span></p><p><span style="color: black"><span style="color: blue">قال العلم</span>: إذا لم يجعلني العلم منصفاً عادلاً فلا خير فيّ، فالإنصافُ دليلٌ على العقل والفضل، وقد أغلظ رجل على المهلب فحلم عنه، فقيل له: جهل عليك وتحلم عنه؟ فقال: (لم أعرف مساوئه، فكرهتُ أن أبهته بما ليس فيه)! فأين من ينصف مثل هذا؟ </span></p><p> <span style="color: black"></span></p><p><span style="color: black">ودعني أهمس في أذنك ما ينفعك في خطابك: </span></p><p><span style="color: black">إنَّ الحماسةَ الزائدَةَ للفكرة وإعطاءَها أكبر من حجمها يسيء إليها، وقد يؤدي هذا إلى عدم قبول الناس لها وتحفظهم منها، قال أحدهم: (حين تصرخ في أذني لا أسمعك جيداً). ثم إن من يرد على فكرة متطرِّفة لا تخلو من ردة الفعل، عليه: أن يحفظ توازنه ويبتعد عن المبالغة والتهويل، حتى لا يكون رده أيضاً عبارة عن ردة فعل ولكنها في الاتجاه الآخر. </span></p><p><span style="color: black">وعوداً على حوارنا أقول: إنَّ العلم يستفاد منه لغذاء الروح، والمال لغذاء الجسد، وأيهما أشرف الروح أم الجسد؟ </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">يَا خَادِمَ الجِسْمِ كَمْ تَشْقَى بِخِدْمَتِهِ... أَتَطْلُبُ الرِّبْحَ فِيمَا فِيهِ خُسْرَانُ؟</span></span><span style="color: black"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: black">أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا... فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لاَ بِالْجِسْمِ إِنْسَانُ</span> </span></p><p><span style="color: black">قال فتح الموصلي رحمه الله: أليس المريض إذا مُنع الطعام والشراب والدواء يموت؟ قالوا: بلى، قال: كذلك القلب إذا منع عنه الحكمة والعلم ثلاثة أيام يموت. </span></p><p><span style="color: black">فإنَّ غذاءَ القلب: العلمُ والحكمةُ وبهما حياته، كما أنَّ غذاء الجسد الطعام، ومن فقد العلم فقلبه مريضٌ وموته لازم ولكنه لا يشعر به. </span></p><p><span style="color: black">وفي وصايا لقمان لابنه قال: يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء. </span></p><p> </p><p><span style="color: black"><span style="color: red">قال المال</span>: لا شك بأنَّ الرُّوح أشرف من الجسد، لكن الجسد هو المجال والطريق لتحقيق مطالب الروح وأشواقها. </span></p><p><span style="color: black">أم أنك تريد أن تكون كذلك المعذَّب الذي يقول: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">جسمي معي غير أنَّ الروحَ عندكمُ ... فالجسمُ في غربةٍ والرُّوحُ في وَطَنِ </span></span><span style="color: black"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: black">فليعجبِ الناسَ مني أنَّ لي بدناً ... لا روحَ فيه، ولي روحٌ بلا بَدَنِ</span> </span></p><p><span style="color: black">ألم يجعل الله العبادات مزيجاً من الرُّوح والعقل والجسد، فالذي يصلي مثلاً: يتوجه بروحه إلى خالقه الذي يناجيه، وبعقله فيتدبَّر ما يقرأه من القرآن والذِّكْر، وبجسمه فيقف ويركع ويسجد؛ وهكذا تعلِّمنا الصلاة أن لا نفصل بين الروح والجسد. </span></p><p> </p><p><span style="color: black"><span style="color: blue">قال العلم</span>: ألم تسمع إلى من قال: (حبيب المال لا حبيبَ له , وعدو ماله لا عدوَّ له)، ومن قال: (مَنْ أذلَّ ماله فقد أعزَّ نفسه، ومَنْ أعزَّ ماله فقد أذلَّ نفسه)؟ </span></p><p><span style="color: black">وقال الحسن البصري: (بئس الرفيقان: الدرهم والدينار، لا ينفعانك حتى يفارقانك). </span></p><p><span style="color: black">فما فضيلةُ شيءٍ مَنْ أحبَّه لم يحبه الناس؟ ومَنْ أعزه أذل نفسه؟ ولا سبيل إلا بمعاداته وإذلاله حتى يعز نفسه ويحبه الناس! ولا سبيل إلى نفعه إلا بمفارقته؟ </span></p><p><span style="color: black">وقد لام أحدهم أفلاطون على الزهد في المال فقال: كيف أرغب فيما ينال بالبخت لا بالاستحقاق، ويأمر البخل والشره بحفظه، والجود والزهد بإتلافه.</span></p><p><span style="color: black">فأي فضيلة في هذا؟ </span></p><p> <span style="color: black"></span></p><p><span style="color: black"><span style="color: red">قال المال:</span> دعك من هذه الفلسفة وانظر في واقع الناس، فواقعهم يجيبك ويرد على هذا الكلام. </span></p><p> <span style="color: black"></span></p><p><span style="color: black"><span style="color: blue">قال العلم</span>: ما أراك إلا قد عجزتَ عن الجواب فأحلتني على واقع الناس. </span></p><p> <span style="color: black"></span></p><p><span style="color: black"><span style="color: red">قال المال</span>: كلا، فإنَّ الواقع يثبت ما قاله الشاعر: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">يُغَطَّى بالسَّمَاحَةِ كُلُّ عَيْبٍ ... وَكَمْ عَيْبٍ يُغَطِّيهِ السَّخَاءُ </span></p><p><span style="color: black">ألم تر أن كثيراً من الحكَّام يدركون هذه الحكمة ويطبقونها، فهم يعلمون أنَّ عيوبهم كثيرة ولا يمكن أن تُغَطَّى هذه العيوب بشيء كما تُغَطَّى بالسخاء فهم يجودون على أتباعهم ابتداءً، وعلى مَنْ يمكن له أن يكون بالسخاء من أتباعهم، فيصير المعارض لهم موافقاً لهم بل ومدافعاً عنهم، أما سمعتَ بسياسة العصا والجزرة؟ </span></p><p> </p><p><span style="color: black"><span style="color: blue">قال العلم</span>: من يُشترى بالمال قد يتظاهر أمام من اشتراه بمحبته وولائه له، فإذا ذهب عن سيِّده المال أو المنصب فقد يكون أول مَنْ ينقلب عليه، أمَّا مَنْ أحبه الناس لفضله وشرفه وصدقه وسلامة قلبه فيجتمع الناس عليه ولو لم يكن ذا منصب، ألا ترى الناسَ يحبون العلماء الصادقين أكثر من حبِّهم للسلاطين. </span></p><p> <span style="color: black"></span></p><p><span style="color: black"><span style="color: red">قال المال</span>: لكن الناس يجلون ويحترمون من يملك الأموال الكثيرة، ويبررون أخطاءه ويجعلون سيئاته حسنات، إن سكت فهو العاقل الحكيم، وإن تكلم فهو البليغ ذو الحجة والبرهان مما جعل أبو الفتح البستي يقول: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">(سَحْبَانُ) مِنْ غَيْرِ مَالٍ (بَاقِلٌ) حَصِرٌ ... وَ(بَاقِلٌ) فِي ثَرَاءِ المَالِ (سَحْبَانُ)</span></p><p><span style="color: black">ويقول الآخر:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">وكان بنو عمي يقولون مرحباً ... فلما رأوني مُعدماً مات مرحبُ</span></p><p><span style="color: black">وقال قيس بن عاصم:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">وأوَّلُ مَنْ يجفو الفقيرَ لفقرِهِ ... بنوه، ولم يرضوه في فَقْرِهِ أبَا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">كأنَّ فقيرَ القومِ في الناسِ مُذنِبٌ ... و إنْ لم يكنْ مِنْ قبل ذلك أذنَبَا</span> </span></p><p><span style="color: black">ويُنسَب للإمام الشافعي: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">أَلَمْ تَرَيَا أَنِّي مُقِيمٌ بِبَلْدَةٍ ... مَرَاتِبُ أَهْلِ الْفَضْلِ فِيهَا مَجَاهِلُ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">فَكَامِلُهُمْ مِنْ قِلَّةِ الْمَالِ: نَاقِصٌ ... وَنَاقِصُهُمْ مِنْ كَثْرَةِ المَالِ: كَامِلُ</span></p><p><span style="color: black">وقال أبو العيناء: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">من كانَ يملكُ درهمينِ تعلمتْ ... شفتاه أنواعَ الكلامِ فقالا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وَتقَدَّمَ الفصحاءَ فاستمعوا له ... ورأيتَه بين الورى مُخْتالا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">لولا دراهمُهُ التي في كيسِهِ ... لرأيته شَرَّ البريةِ حالا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">إِن الغنيَّ إِذا تكلمَ كاذباً ... قالوا: صدقْتَ وما نطقْتَ مُحالا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وإِذا الفقيرُ أصابَ قالوا: لم يُصِبْ ... وكذبْتَ يا هذا وقُلْتَ ضلالا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">إِن الدراهمَ في المواطنِ كُلِّها ... تكسو الرجالَ مَهابةً وجلالا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">فهي اللسانُ لمن أرادَ فصاحةً ... وهي السلاحُ لمن أرادَ قِتالا </span></p><p><span style="color: black">وقال الآخر عن الفقير:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">يمشي الفقيرُ وكل شيء ضده ... والناسُ تُغلِقُ دونه أبوابَها</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وتراه مبغوضاً وليسَ بمذنبٍ ... ويرى العَدَاوةَ لا يَرَى أسبابَها</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">حتَّى الكلاب إذا رأتْ ذا ثروةٍ ... خضعتْ لديه وحرَّكت أذنابها</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">وإذا رأتْ يوماً فقيراً عابراً ... نبحتْ عليه وكشَّرَتْ أنيابها</span> </span></p><p><span style="color: black">وكان يقال : الدراهم مراهم؛ لأنها تداوي كلَّ جرح، ويطيب بها كل صلح.</span></p><p><span style="color: black">وقال البستي:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">مَنْ جَادَ بِالمَالِ مَالَ النَّاسُ قَاطِبَةً ... إِلَيْهِ وَالمَالُ للإِنْسَانِ فَتَّانُ</span></p><p><span style="color: black">وقال أحمد شوقي:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: red">المالُ</span> </span><span style="color: green">حَلَّلَ كُلَّ غَيرِ مُحَلَّلِ ... حَتَّى زَواجَ الشيبِ بِالأبكارِ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">سَحَرَ القُلوبَ فَرُبَّ أُمٍّ قَلبُها ... مِن سِحرِهِ: حَجَرٌ مِنَ الأحجارِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">دَفَعَت بُنَيَّتَها لِأَشأَمَ مَضجَعٍ ... وَرَمَت بِها في غُربَةٍ وَإسارِ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وَتَعَلَّلَت بِالشَرعِ قُلتُ: كَذِبتِهِ ... ما كانَ شَرعُ اللَهِ بِالجَزَّارِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">ما زُوِّجَت تِلكَ الفَتاةُ وَإِنَّما ... بيعَ الصِّبا وَالحُسنُ بِالدينارِ</span> </span></p><p><span style="color: black">وقيل لابن سيابة: قد كرهت امرأتك شيبك فمالت عنك، فقال: إنما مالت إلى الأنذال لقلة المال، والله لو كنت في سن نوح، وشيبة إبليس، وخلقة منكر ونكير، ومعي مال لكنت أحب إليها من مقترٍ في جمال يوسف، وخلق داود، وجود حاتم، وحلم أحنف بن قيس.</span></p><p><span style="color: black">وقال بعضهم: (إذا أثريتَ فكلُّ رجلٍ رجلك، وإذا افتقرتَ أنكرك أهلك).</span></p><p><span style="color: black">وقال آخر: (<span style="color: blue">الدنيا إذا أقبلتْ على أحد أعارته محاسنَ غيرِه، وإذا أدبرتْ عن أحد سلبته محاسنَ نفسِه</span>).</span></p><p><span style="color: black">وقال الشاعر: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">أجَلَّكَ قومٌ حين صرتَ إلى الغِنَى ... وكلُّ غنيٍّ في العيونِ جليلُ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وليسَ الغِنَى إلَّا غنىً زيَّنَ الفَتَى ... عشيَّة يقري أو غداة يُنيلُ </span></p><p><span style="color: black"><span style="color: blue">قال العلم</span>: إنَّ موازين الناس لا قيمة لها إذا لم تكن مبنية على أساس صحيح، فمجرد جمع المال لا يقرب من الله عز وجل قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى}، وقال تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}، وقال عن أبي لهب: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}، والوليد بن المغيرة الذي قال عن القرآن {<span style="color: green">إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ</span>}، قال الله عنه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدَاً. وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودَاً. وَبَنِينَ شُهُودَاً. وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدَاً}، ثم كان جزاؤه: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}. فهل أغنى عنه ماله وولده؟ </span></p><p><span style="color: black">وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ}، فمالُه جَعَلَه يستحقر الناسَ ويزدريهم فيهمز هذا ويلمز ذاك، وما تخفي صدورهم أكبر، يحسب أنه بماله قد اشترى البلاد والعباد فلم يعد لأحد قَدْر عنده، ويحسب أنَّ ماله سينجيه من كلِّ الشرور والآفات وسيخلِّده في نعيمه البائس الزائف الزائل، وهذه الآفات المدمِّرة للقوة المادية كما تكون في الأفراد تكون في الحكومات، ثم قال تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ. نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ}، فهؤلاء الذين أضلَّهم المال وأغواهم كما قال نوح عليه الصلاة والسلام: {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارَاً}. </span></p><p><span style="color: black">وهذا الذي يحسب أنَّ ماله أخلده، ويحه أما يقرأ القرآن وهو يبيِّن بطلانَ هذه الأوهام، قال تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}، أي: لم يقيموا ولم ينزلوا فيها، من قولهم: غنيت بالمكان إذا أقمت به، والمغاني المنازل واحدها مغنى، وغني معناه: أقام إقامة مقترنة بتنعيم عيش ويشبه أن تكون مأخوذة من الاستغناء، فكأنهم لم تسبق لهم حياة يتنعمون فيها، كما قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}، ومن أصدق من الله قيلاً، فإخبار الله لنا عن شيء ليس كرؤيتنا له، فإن الرؤية قد تخطئ وتزيغ أما إخبار الله فلا يمكن أن يتخلف أو يختلف. </span></p><p> </p><p><span style="color: black">فهذا المغرور بماله، ألا يعلم ذلك (<span style="color: magenta">علمَ اليقين</span>)؟ أم أنه ينتظر أن يرى ذلك (عينَ اليقين) ثم يعرفه (حقَّ اليقين)؟ </span></p><p><span style="color: black">وقال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ. كَلَّا}، (أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته، وما ذاك لكرامته علي ولكنه ابتلاء مني وامتحان له، أيشكرني فأعطيه فوق ذلك، أم يكفرني فأسلبه إياه وأخول فيه غيره، وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه وجعلته بقدر لا يفضل عنه، فذلك من هوانه علي ولكنه ابتلاء وامتحان مني له، أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق، أم يتسخط فيكون حظه السخط، فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة، فقال لم أبتل عبدي بالغنى لكرامته علي ولم أبتله بالفقر لهوانه علي، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره، فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته ويقتر على المؤمن لا لإهانته؛ إنما يكرم مَنْ يكرمه: بمعرفته ومحبَّته وطاعته، ويهين من يهينه: بالإعراض عنه ومعصيته) مدارج السالكين. </span></p><p><span style="color: black">قال بعضهم: </span><span style="color: blue">نعمة الله علينا فيما طواه عنا أعظم من نعمته علينا في ما بسطه لنا.</span></p><p><span style="color: black">وفي بعض المناجاة: يا مَنْ مَنْعُهُ عطاء.</span></p><p><span style="color: black">قال الشاعر: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">يَا لائِمَ الدَّهْرِ عَلَى مَا بِنَا ... لا تَلُمِ الدَّهْرَ عَلَى غَدْرِهِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">فَالدَّهْرُ مَأْمُورٌ لَهُ آمِرٌ ... يَنْصَرِفُ الدَّهْرُ إِلَى أَمْرِهِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">كَمْ كَافِرٍ بِاللهِ أَمْوَالُهُ ... تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">ومُؤْمِنٌ لَيْسَ لَهُ دِرهَمٌ ... يَزْدَادُ إِيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">لا خَيْرَ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلاً ... يَبْسُطُ رِجْلَيْهِ عَلَى قَدْرِهِ </span></p><p><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="color: red">فالمال</span></span> ظِلٌّ زائل وعارية مسترجعة وليس في كثرته فضيلة، ولو كانت فيه فضيلة لخص الله به من اصطفاه لرسالته، واجتباه لنبوته.</span></p><p><span style="color: black">قال الشاعر عبد الرحمن العشماوي: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">قد يعشق المرءُ مَنْ لا مالَ في يده ... ويكره القلبُ مَنْ في كفِّه الذهبُ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">حقيقةٌ لو وعاها الجاهلون لما ... تنافسوا في معانيها ولا احتربوا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">ما قيمة الناس إلا في مبادئهم ... لا المالُ يبقى ولا الألقابُ والرُّتَبُ</span></p><p><span style="color: black">وقال الشاعر مصطفى قاسم عباس: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">فالمالُ لن يُعلِيَ الإنسانَ منزلةً ... إنْ لم يكنْ بالمزايا يرتقي السُّحُبا</span></p><p><span style="color: black">ومن<span style="color: blue"> مأثور الحِكَم:</span> (<span style="color: green">ولا تحزن لقلة المال، فإنَّ الرجلَ ذا المروءة قد يُكرم على غير مال، كالأسد الذي يُهاب وإن كان رابضاً، والغني الذي لا مروءة له يُهان وإن كان كثيرَ المال، كالكلب لا يُحفَلُ به وإن طُوِّق وخُلخِل بالذهب، فلا تَكبُرَنَّ عليك غربتك، فإنَّ العاقلَ لا غربةَ له، كالأسد الذي لا ينقلب إلا ومعه قوَّته</span>. </span></p><p><span style="color: black">وقد قيل في أشياء ليس لها ثباتٌ ولا بقاء: ظل الغمامة في الصيف، وخلة الأشرار، والبناء على غير أساس، والمال الكثير، فالعاقل لا يحزن لقلته، وإنَّما مالُ العاقل: عقلُه، وما قدَّم من صالح، فهو واثق بأنه لا يُسْلَب ما عمل).</span></p><p><span style="color: black">وقال الزبير بن أبي بكر كتب إلي أبي بالعراق: عليك بالعلم فإنك إن افتقرت كان لك مالا، وإن استغنيت كان لك جمالا.</span></p><p><span style="color: black">وخطب اثنان إلى حكيم ابنته، وكان أحدهما غنياً والآخر فقيراً، فاختار الفقير، وسأله الاسكندر عن ذلك فقال: لأنَّ الغني كان جاهلاً فكنت أخاف عليه الفقر، والفقير كان عاقلاً فرجوت له الغنى. </span></p><p><span style="color: black">وكم رفعَ الناسُ مِنْ قيمة مَنْ لا يزن عند الله شيئاً، واستهانوا ولم يبالوا بمَنْ هو خير من ملء الأرض ممن رفعوه، حتى قال ابن الرومي: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">رأيتُ الدَّهرَ يرفع كلَّ وغدٍ ... ويخفض كلَّ ذي شيمٍ شريفهْ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">كمثلِ البحر يغرق فيهِ حيٌّ ... ولا ينفكُّ تطفو فيهِ جيفهْ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وكالميزانِ يخفضُ كلَّ وافٍ ... ويرفعُ كلَّ ذي زنَةٍ خفيفهْ</span></p><p><span style="color: black">وقال الآخر: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">يا ذا الذي بصروف الدهر عيَّرنا ... هل عاند الدهر إلا مَنْ له خَطَرُ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">أما ترى البحرَ يطفو فوقه جِيَفٌ ... ويستقرُّ بأقصى قاعه دُرَرَ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">إنَّا وإنْ عبثتْ أيدي الزمان بنا ... ومسَّنا مِنْ تمادي بؤسه ضَرَرُ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">ففي السماء نجومٌ ما لها عَدَدٌ ... وليسَ يُكسَفُ إلا الشمسُ والقمرُ</span> </span></p><p><span style="color: black">فكثرة المال والبنين لا تدل على رفعة صاحبه عند الله عز وجل فقد قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ. نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}، وقال: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، وقال: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.</span></p><p><span style="color: black">وجعل اللهُ قيمةَ الرجل بما في قلبه من التقوى إذ قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}، وقد بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الله عز وجل يعطي المال والدنيا لمن يحبه الله ولمن لا يحبه، أما الدِّين فلا يعطيه الله إلا لمن أحبَّه، فقد قال: (إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الدِّينَ، فَقَدْ أَحَبَّهُ) رواه أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك. </span></p><p> </p><p><span style="color: black">إنَّ<span style="font-size: 22px"><span style="color: blue"> رفعةَ العلمِ وشرفَه</span></span> هي التي جعلت الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله يرفض أن يزوج ابنته لابن الخليفة عبد الملك ويزوجها إلى الطالب النجيب في حلقة درسه ابن أبي وداعة، الذي كان فقيراً في دنياه ولكنه غني بمولاه، لم يستجب ابن المسيب إلى كل المغريات التي عرضها عليه الخليفة بل رفضها رفضاً باتاً، لأنه يعلم أن ابنته أمانة عنده، فلن يزوجها إلا لمن يرتضي دينه وخلقه ولو كان لا يملك من الدنيا شيئاً.. </span></p><p><span style="color: black">وقد قال ابن المسيب لرسول الخليفة بعد أن رغَّبه بثواب الخليفة من مال ومتاع ورهَّبه من بطشه إن لم يستجب إلى طلبه: (<span style="color: red">قد روينا أن هذه الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فانظر ما جئتني أنت به، وقِسْه إلى هذه الدنيا كلِّها، فكم -رحمك الله- تكون قد قسمتَ لي من جناح البعوضة؟!)</span> </span></p><p><span style="color: black">هذه هي عزة المؤمن التي لا تلقي بالاً للدنيا كلِّها، وهكذا يفلح مَنْ وزن الأمورَ بميزان الله وليس بميزان الناس.</span></p><p><span style="color: black">ولقد صدق الأديب مصطفى الرافعي إذ قال:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">إنَّ المعارفَ للمعالي سُلَّمُ ... وأولو المعارفِ يجهدون لينعموا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">والعلمُ زينةُ أهلِهِ بينَ الوَرَى ... سِيَّان فيه أخو الغِنى والمعدمُ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">فالشمسُ تطلعُ في نهارٍ مُشرقٍ ... والبدرُ لا يخفيه ليلٌ مظلمُ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">لا فخرَ في نسبٍ لمن لم يفتخرْ ... بالعلم، لولا النابُ ذَلَّ الضيغمُ</span></p><p><span style="color: black">وقال إبراهيم الألبيري الأندلسي: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">وَما يُغنيكَ تَشيِيدُ المَباني ... إِذا بِالجَهلِ نَفسَكَ قَد هَدَمتا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">جَعَلتَ المالَ فَوقَ العِلمِ جَهلاً ... لَعَمرُكَ في القَضيَّةِ ماعَدَلتا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">لَئِن رَفَعَ الغَنيُّ لِواءَ مالٍ ... لَأَنتَ لِواءَ عِلمِكَ قَد رَفَعتا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وَإِن جَلَسَ الغَنيُّ عَلى الحَشايا ... لَأَنتَ عَلى الكَواكِبِ قَد جَلَستا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">وَمَهما افتَضَّ أَبكارَ الغَواني ... فَكَم بِكرٍ مِنَ الحِكَمِ افتَضَضتا</span> </span></p><p><span style="color: black">وقال أبو الأسود الدؤلي:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="font-size: 22px"><span style="color: blue">العِلمُ</span></span> </span><span style="color: green">زَينٌ وَتَشْرِيفٌ لِصَاحِبِهِ ... فاطلُبْ هُدِيتَ فُنُونَ العِلمِْ وَالأَدَبا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">كَمْ سَيِّدٍ بَطَلٍ آبَاؤُهُ نُجُبٌ ... كَانوا الرُؤوسَ فَأَمْسَى بَعدَهُم ذَنَبَا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وَمُقرِفٍ خامِلِ الآبَاءِ ذِي أَدَبٍ ... نَال المَعَاليَ بِالآدابِ وَالرُتبَا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">الْعِلْم زَيْنٌ وَذُخْرٌ لا فَنَاءَ لَهُ ... نِعْمَ القَرينُ إِذَا مَا صَاحِبٌ صَحِبَا</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">قَدْ يَجْمَعُ المَرْءُ مَالاً ثُمَّ يُحْرَمُهُ ... عَمَّا قَلِيلٍ فَيَلْقَى الذُّلَّ وَالْحَربَا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وَجَامِعُ الْعِلْمِ مَغْبُوطٌ بِهِ أَبَداً ... فَلا يُحَاذِرُ مِنْهُ الْفَوْتَ وَالسَّلبَا </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">يَا جَامِعَ العِلْمِ نِعْمَ الذُّخْرُ تَجمَعُهُ ... لا تَعْدِلَنَّ بِهِ دُرَّاً وَلا ذَهَبَا</span> </span></p><p><span style="color: black">وكان العلم متكئاً فجلس وقال: خلاصة الأمر أنَّ العلم هو أساس الفضائل، ومنبع الكمالات، وبالحض عليه جاءت الرسالات، والمال وسيلة من الوسائل فإن استُعمِلَ في الخير فهو خير على صاحبه، وإن استعمل في الشر فهو وبال وخسران عليه. </span></p><p><span style="color: black">وعلينا أن نجعل من العلم والمال مجتمعَيْن أداةً لبناء الحضارات، وتشييد المنارات، وفعل الخيرات وإزالة المنكرات.. فيكون كلٌّ من العلم والمال يصبُّ في مصلحة الآخر ويكمِّله، ولا يعارضه أو يعطِّله.</span></p><p><span style="color: black">قال حافظ إبراهيم: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً ... بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ ... تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ ... ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ</span> </span></p><p><span style="color: black">وعدم وجود المال قد يكون مانعاً للإنسان من بعض الفضائل، كما قال عبد الله بن معاوية: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">أرى نفسي تتوق إلى أمورٍ ... يقصر دون مبلغهنَّ مالي</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">فلا نفسي تطاوعني ببخلٍ ...ولا مالي يبلِّغني فِعَالي</span> </span></p><p><span style="color: black">وقال آخر:</span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">إنَّ الكريمَ الذي لا مالَ في يدهِ ... مثل الشجاعِ الذي في كفِّه شللُ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">والمالُ مثل الحصا ما دام في يدنا ... فليس ينفع إلَّا حين ينتقلُ</span> </span></p><p><span style="color: black">والمُلْك يقوم على العلم والمال، وكلٌّ منهما يحتاج الآخر، قال أحمد شوقي: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: green">يا طالباً لمعالي الملك مجتهداً ... خذها من العلمِ أو خذها من المالِ</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: green">بالعلمِ والمالِ يبني الناس ملكهم ... لم يُبْنَ مُلْكٌ على جهلٍ وإقلالِ</span></p><p><span style="color: black">وشتَّان بين العلم ميراث الأنبياء، وبين المال ميراث الملوك والأغنياء.</span></p><p><span style="color: black">وشتان بين العلم الذي يحرس صاحبه، وبين صاحب المال الذي يحرس ماله.</span></p><p><span style="color: black">وشتان بين العلم الذي يزداد بالبذل والعطاء، وبين المال الذي تذهبه النفقات. </span></p><p><span style="color: black">وشتان بين العلم الذي يرافق صاحبه حتى في قبره، وبين المال الذي يفارقه بعد موته، إلا ما كان من صدقة جارية.</span></p><p><span style="color: black">وشتان بين المال الذي يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، وبين العلم النافع فلا يحصل إلا للمؤمن.</span></p><p><span style="color: black">والعالِم يحتاج إليه الملوك ومَنْ دونهم، وصاحب المال يحتاج إليه أهل العدم والفاقة والحاجة.</span></p><p><span style="color: black">والمال يعبِّد صاحبه للدنيا، والعلم يدعوه لعبادة ربه.</span></p><p><span style="color: black">والعالم قَدْرُه وقيمته في ذاته، أما الغني فقيمته في ماله، قال بعضهم: (الولاية الوحيدة التي لا يملك أحدٌ أن يعزل صاحبها عنها هي: ولاية العلم). </span></p><p><span style="color: black">والغني يدعو الناس بماله إلى الدنيا، والعالم يدعو الناس بعلمه إلى الآخرة.</span></p><p> </p><p><span style="color: black"><span style="color: red">فلم يكن من المال بعد أن سمع ما سمع إلا أن يقبِّل رأسَ العلم وينصرف</span> وهو يقول: <span style="font-size: 22px"><span style="color: blue">حفظك الله وأدامَك أيُّها العِلْم،</span></span> فقد كنتَ لي شُعَاعاً ينير دربي، ونَجْماً هادياً في ظُلَمات نفسي، وعقلاً يقيِّدني عن الرذائل ويحفظني من المهالك، ورُوحاً يبعث فيّ مِنَ الفضل والجمال والخير ما أرتقي به مِنْ أرض الجَهَالة إلى سماء المعرفة، ومن قُبْح الأثَرة إلى جمال الإيثار، ومن بُؤس الطين إلى السَّعادة في صراط ربِّ العالمين. </span></p><p><span style="color: black">ومدحي هذا لن يرفعك شيئاً، فما أنتَ إلا كما قال المتنبي: </span></p><p style="text-align: center"><span style="color: black"><span style="color: green">مَنْ كانَ فوقَ محلِّ الشمسِ موضعُهُ *** فليس يرفعه شيءٌ و لا يضعُ</span> </span></p><p><span style="color: black">وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين .</span></p><p> </p><p style="text-align: center"><span style="color: black">عمر بن عبد المجيد البيانوني </span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="تسابيح ساجدة, post: 46368, member: 47"] [color=black][color=red]قال المال[/color]: وأخيراً وافقتني في كلامي، إنَّ إنصافَك في موافقتك لي أحبُّ لي من كلِّ حُجَجك وأدلتك، فما أجملَ الإنصاف وما أقلَّه! [color=blue]قال العلم[/color]: إذا لم يجعلني العلم منصفاً عادلاً فلا خير فيّ، فالإنصافُ دليلٌ على العقل والفضل، وقد أغلظ رجل على المهلب فحلم عنه، فقيل له: جهل عليك وتحلم عنه؟ فقال: (لم أعرف مساوئه، فكرهتُ أن أبهته بما ليس فيه)! فأين من ينصف مثل هذا؟ ودعني أهمس في أذنك ما ينفعك في خطابك: إنَّ الحماسةَ الزائدَةَ للفكرة وإعطاءَها أكبر من حجمها يسيء إليها، وقد يؤدي هذا إلى عدم قبول الناس لها وتحفظهم منها، قال أحدهم: (حين تصرخ في أذني لا أسمعك جيداً). ثم إن من يرد على فكرة متطرِّفة لا تخلو من ردة الفعل، عليه: أن يحفظ توازنه ويبتعد عن المبالغة والتهويل، حتى لا يكون رده أيضاً عبارة عن ردة فعل ولكنها في الاتجاه الآخر. وعوداً على حوارنا أقول: إنَّ العلم يستفاد منه لغذاء الروح، والمال لغذاء الجسد، وأيهما أشرف الروح أم الجسد؟ [/color] [center][color=black][color=green]يَا خَادِمَ الجِسْمِ كَمْ تَشْقَى بِخِدْمَتِهِ... أَتَطْلُبُ الرِّبْحَ فِيمَا فِيهِ خُسْرَانُ؟[/color][/color][color=black] [color=black]أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا... فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لاَ بِالْجِسْمِ إِنْسَانُ[/color] [/color][/center] [color=black]قال فتح الموصلي رحمه الله: أليس المريض إذا مُنع الطعام والشراب والدواء يموت؟ قالوا: بلى، قال: كذلك القلب إذا منع عنه الحكمة والعلم ثلاثة أيام يموت. [/color] [color=black]فإنَّ غذاءَ القلب: العلمُ والحكمةُ وبهما حياته، كما أنَّ غذاء الجسد الطعام، ومن فقد العلم فقلبه مريضٌ وموته لازم ولكنه لا يشعر به. [/color] [color=black]وفي وصايا لقمان لابنه قال: يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء. [/color] [color=black][color=red]قال المال[/color]: لا شك بأنَّ الرُّوح أشرف من الجسد، لكن الجسد هو المجال والطريق لتحقيق مطالب الروح وأشواقها. أم أنك تريد أن تكون كذلك المعذَّب الذي يقول: [/color] [center][color=black][color=green]جسمي معي غير أنَّ الروحَ عندكمُ ... فالجسمُ في غربةٍ والرُّوحُ في وَطَنِ [/color][/color][color=black] [color=black]فليعجبِ الناسَ مني أنَّ لي بدناً ... لا روحَ فيه، ولي روحٌ بلا بَدَنِ[/color] [/color][/center] [color=black]ألم يجعل الله العبادات مزيجاً من الرُّوح والعقل والجسد، فالذي يصلي مثلاً: يتوجه بروحه إلى خالقه الذي يناجيه، وبعقله فيتدبَّر ما يقرأه من القرآن والذِّكْر، وبجسمه فيقف ويركع ويسجد؛ وهكذا تعلِّمنا الصلاة أن لا نفصل بين الروح والجسد. [/color] [color=black][color=blue]قال العلم[/color]: ألم تسمع إلى من قال: (حبيب المال لا حبيبَ له , وعدو ماله لا عدوَّ له)، ومن قال: (مَنْ أذلَّ ماله فقد أعزَّ نفسه، ومَنْ أعزَّ ماله فقد أذلَّ نفسه)؟ وقال الحسن البصري: (بئس الرفيقان: الدرهم والدينار، لا ينفعانك حتى يفارقانك). فما فضيلةُ شيءٍ مَنْ أحبَّه لم يحبه الناس؟ ومَنْ أعزه أذل نفسه؟ ولا سبيل إلا بمعاداته وإذلاله حتى يعز نفسه ويحبه الناس! ولا سبيل إلى نفعه إلا بمفارقته؟ وقد لام أحدهم أفلاطون على الزهد في المال فقال: كيف أرغب فيما ينال بالبخت لا بالاستحقاق، ويأمر البخل والشره بحفظه، والجود والزهد بإتلافه. فأي فضيلة في هذا؟ [color=red]قال المال:[/color] دعك من هذه الفلسفة وانظر في واقع الناس، فواقعهم يجيبك ويرد على هذا الكلام. [color=blue]قال العلم[/color]: ما أراك إلا قد عجزتَ عن الجواب فأحلتني على واقع الناس. [color=red]قال المال[/color]: كلا، فإنَّ الواقع يثبت ما قاله الشاعر: [/color] [center][color=green]يُغَطَّى بالسَّمَاحَةِ كُلُّ عَيْبٍ ... وَكَمْ عَيْبٍ يُغَطِّيهِ السَّخَاءُ [/color][/center] [color=black]ألم تر أن كثيراً من الحكَّام يدركون هذه الحكمة ويطبقونها، فهم يعلمون أنَّ عيوبهم كثيرة ولا يمكن أن تُغَطَّى هذه العيوب بشيء كما تُغَطَّى بالسخاء فهم يجودون على أتباعهم ابتداءً، وعلى مَنْ يمكن له أن يكون بالسخاء من أتباعهم، فيصير المعارض لهم موافقاً لهم بل ومدافعاً عنهم، أما سمعتَ بسياسة العصا والجزرة؟ [/color] [color=black][color=blue]قال العلم[/color]: من يُشترى بالمال قد يتظاهر أمام من اشتراه بمحبته وولائه له، فإذا ذهب عن سيِّده المال أو المنصب فقد يكون أول مَنْ ينقلب عليه، أمَّا مَنْ أحبه الناس لفضله وشرفه وصدقه وسلامة قلبه فيجتمع الناس عليه ولو لم يكن ذا منصب، ألا ترى الناسَ يحبون العلماء الصادقين أكثر من حبِّهم للسلاطين. [color=red]قال المال[/color]: لكن الناس يجلون ويحترمون من يملك الأموال الكثيرة، ويبررون أخطاءه ويجعلون سيئاته حسنات، إن سكت فهو العاقل الحكيم، وإن تكلم فهو البليغ ذو الحجة والبرهان مما جعل أبو الفتح البستي يقول: [/color] [center][color=green](سَحْبَانُ) مِنْ غَيْرِ مَالٍ (بَاقِلٌ) حَصِرٌ ... وَ(بَاقِلٌ) فِي ثَرَاءِ المَالِ (سَحْبَانُ)[/color][/center] [color=black]ويقول الآخر:[/color] [center][color=green]وكان بنو عمي يقولون مرحباً ... فلما رأوني مُعدماً مات مرحبُ[/color][/center] [color=black]وقال قيس بن عاصم:[/color] [center][color=green]وأوَّلُ مَنْ يجفو الفقيرَ لفقرِهِ ... بنوه، ولم يرضوه في فَقْرِهِ أبَا[/color] [color=black][color=green]كأنَّ فقيرَ القومِ في الناسِ مُذنِبٌ ... و إنْ لم يكنْ مِنْ قبل ذلك أذنَبَا[/color] [/color][/center] [color=black]ويُنسَب للإمام الشافعي: [/color] [center][color=green]أَلَمْ تَرَيَا أَنِّي مُقِيمٌ بِبَلْدَةٍ ... مَرَاتِبُ أَهْلِ الْفَضْلِ فِيهَا مَجَاهِلُ [/color] [color=green]فَكَامِلُهُمْ مِنْ قِلَّةِ الْمَالِ: نَاقِصٌ ... وَنَاقِصُهُمْ مِنْ كَثْرَةِ المَالِ: كَامِلُ[/color][/center] [color=black]وقال أبو العيناء: [/color] [center][color=green]من كانَ يملكُ درهمينِ تعلمتْ ... شفتاه أنواعَ الكلامِ فقالا[/color] [color=green]وَتقَدَّمَ الفصحاءَ فاستمعوا له ... ورأيتَه بين الورى مُخْتالا [/color] [color=green]لولا دراهمُهُ التي في كيسِهِ ... لرأيته شَرَّ البريةِ حالا [/color] [color=green]إِن الغنيَّ إِذا تكلمَ كاذباً ... قالوا: صدقْتَ وما نطقْتَ مُحالا[/color] [color=green]وإِذا الفقيرُ أصابَ قالوا: لم يُصِبْ ... وكذبْتَ يا هذا وقُلْتَ ضلالا[/color] [color=green]إِن الدراهمَ في المواطنِ كُلِّها ... تكسو الرجالَ مَهابةً وجلالا[/color] [color=green]فهي اللسانُ لمن أرادَ فصاحةً ... وهي السلاحُ لمن أرادَ قِتالا [/color][/center] [color=black]وقال الآخر عن الفقير:[/color] [center][color=green]يمشي الفقيرُ وكل شيء ضده ... والناسُ تُغلِقُ دونه أبوابَها[/color] [color=green]وتراه مبغوضاً وليسَ بمذنبٍ ... ويرى العَدَاوةَ لا يَرَى أسبابَها[/color] [color=green]حتَّى الكلاب إذا رأتْ ذا ثروةٍ ... خضعتْ لديه وحرَّكت أذنابها[/color] [color=black][color=green]وإذا رأتْ يوماً فقيراً عابراً ... نبحتْ عليه وكشَّرَتْ أنيابها[/color] [/color][/center] [color=black]وكان يقال : الدراهم مراهم؛ لأنها تداوي كلَّ جرح، ويطيب بها كل صلح.[/color] [color=black]وقال البستي:[/color] [center][color=green]مَنْ جَادَ بِالمَالِ مَالَ النَّاسُ قَاطِبَةً ... إِلَيْهِ وَالمَالُ للإِنْسَانِ فَتَّانُ[/color][/center] [color=black]وقال أحمد شوقي:[/color] [center][color=black][color=red]المالُ[/color] [/color][color=green]حَلَّلَ كُلَّ غَيرِ مُحَلَّلِ ... حَتَّى زَواجَ الشيبِ بِالأبكارِ[/color] [color=green]سَحَرَ القُلوبَ فَرُبَّ أُمٍّ قَلبُها ... مِن سِحرِهِ: حَجَرٌ مِنَ الأحجارِ [/color] [color=green]دَفَعَت بُنَيَّتَها لِأَشأَمَ مَضجَعٍ ... وَرَمَت بِها في غُربَةٍ وَإسارِ[/color] [color=green]وَتَعَلَّلَت بِالشَرعِ قُلتُ: كَذِبتِهِ ... ما كانَ شَرعُ اللَهِ بِالجَزَّارِ [/color] [color=black][color=green]ما زُوِّجَت تِلكَ الفَتاةُ وَإِنَّما ... بيعَ الصِّبا وَالحُسنُ بِالدينارِ[/color] [/color][/center] [color=black]وقيل لابن سيابة: قد كرهت امرأتك شيبك فمالت عنك، فقال: إنما مالت إلى الأنذال لقلة المال، والله لو كنت في سن نوح، وشيبة إبليس، وخلقة منكر ونكير، ومعي مال لكنت أحب إليها من مقترٍ في جمال يوسف، وخلق داود، وجود حاتم، وحلم أحنف بن قيس.[/color] [color=black]وقال بعضهم: (إذا أثريتَ فكلُّ رجلٍ رجلك، وإذا افتقرتَ أنكرك أهلك).[/color] [color=black]وقال آخر: ([color=blue]الدنيا إذا أقبلتْ على أحد أعارته محاسنَ غيرِه، وإذا أدبرتْ عن أحد سلبته محاسنَ نفسِه[/color]).[/color] [color=black]وقال الشاعر: [/color] [center][color=green]أجَلَّكَ قومٌ حين صرتَ إلى الغِنَى ... وكلُّ غنيٍّ في العيونِ جليلُ[/color] [color=green]وليسَ الغِنَى إلَّا غنىً زيَّنَ الفَتَى ... عشيَّة يقري أو غداة يُنيلُ [/color][/center] [color=black][color=blue]قال العلم[/color]: إنَّ موازين الناس لا قيمة لها إذا لم تكن مبنية على أساس صحيح، فمجرد جمع المال لا يقرب من الله عز وجل قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى}، وقال تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}، وقال عن أبي لهب: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}، والوليد بن المغيرة الذي قال عن القرآن {[color=green]إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ[/color]}، قال الله عنه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدَاً. وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودَاً. وَبَنِينَ شُهُودَاً. وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدَاً}، ثم كان جزاؤه: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}. فهل أغنى عنه ماله وولده؟ [/color] [color=black]وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ}، فمالُه جَعَلَه يستحقر الناسَ ويزدريهم فيهمز هذا ويلمز ذاك، وما تخفي صدورهم أكبر، يحسب أنه بماله قد اشترى البلاد والعباد فلم يعد لأحد قَدْر عنده، ويحسب أنَّ ماله سينجيه من كلِّ الشرور والآفات وسيخلِّده في نعيمه البائس الزائف الزائل، وهذه الآفات المدمِّرة للقوة المادية كما تكون في الأفراد تكون في الحكومات، ثم قال تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ. نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ}، فهؤلاء الذين أضلَّهم المال وأغواهم كما قال نوح عليه الصلاة والسلام: {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارَاً}. [/color] [color=black]وهذا الذي يحسب أنَّ ماله أخلده، ويحه أما يقرأ القرآن وهو يبيِّن بطلانَ هذه الأوهام، قال تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}، أي: لم يقيموا ولم ينزلوا فيها، من قولهم: غنيت بالمكان إذا أقمت به، والمغاني المنازل واحدها مغنى، وغني معناه: أقام إقامة مقترنة بتنعيم عيش ويشبه أن تكون مأخوذة من الاستغناء، فكأنهم لم تسبق لهم حياة يتنعمون فيها، كما قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}، ومن أصدق من الله قيلاً، فإخبار الله لنا عن شيء ليس كرؤيتنا له، فإن الرؤية قد تخطئ وتزيغ أما إخبار الله فلا يمكن أن يتخلف أو يختلف. [/color] [color=black]فهذا المغرور بماله، ألا يعلم ذلك ([color=magenta]علمَ اليقين[/color])؟ أم أنه ينتظر أن يرى ذلك (عينَ اليقين) ثم يعرفه (حقَّ اليقين)؟ [/color] [color=black]وقال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ. كَلَّا}، (أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته، وما ذاك لكرامته علي ولكنه ابتلاء مني وامتحان له، أيشكرني فأعطيه فوق ذلك، أم يكفرني فأسلبه إياه وأخول فيه غيره، وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه وجعلته بقدر لا يفضل عنه، فذلك من هوانه علي ولكنه ابتلاء وامتحان مني له، أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق، أم يتسخط فيكون حظه السخط، فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة، فقال لم أبتل عبدي بالغنى لكرامته علي ولم أبتله بالفقر لهوانه علي، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره، فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته ويقتر على المؤمن لا لإهانته؛ إنما يكرم مَنْ يكرمه: بمعرفته ومحبَّته وطاعته، ويهين من يهينه: بالإعراض عنه ومعصيته) مدارج السالكين. [/color] [color=black]قال بعضهم: [/color][color=blue]نعمة الله علينا فيما طواه عنا أعظم من نعمته علينا في ما بسطه لنا.[/color] [color=black]وفي بعض المناجاة: يا مَنْ مَنْعُهُ عطاء.[/color] [color=black]قال الشاعر: [/color] [center][color=green]يَا لائِمَ الدَّهْرِ عَلَى مَا بِنَا ... لا تَلُمِ الدَّهْرَ عَلَى غَدْرِهِ [/color] [color=green]فَالدَّهْرُ مَأْمُورٌ لَهُ آمِرٌ ... يَنْصَرِفُ الدَّهْرُ إِلَى أَمْرِهِ [/color] [color=green]كَمْ كَافِرٍ بِاللهِ أَمْوَالُهُ ... تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ [/color] [color=green]ومُؤْمِنٌ لَيْسَ لَهُ دِرهَمٌ ... يَزْدَادُ إِيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ [/color] [color=green]لا خَيْرَ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلاً ... يَبْسُطُ رِجْلَيْهِ عَلَى قَدْرِهِ [/color][/center] [color=black][size=6][color=red]فالمال[/color][/size] ظِلٌّ زائل وعارية مسترجعة وليس في كثرته فضيلة، ولو كانت فيه فضيلة لخص الله به من اصطفاه لرسالته، واجتباه لنبوته.[/color] [color=black]قال الشاعر عبد الرحمن العشماوي: [/color] [center][color=green]قد يعشق المرءُ مَنْ لا مالَ في يده ... ويكره القلبُ مَنْ في كفِّه الذهبُ[/color] [color=green]حقيقةٌ لو وعاها الجاهلون لما ... تنافسوا في معانيها ولا احتربوا[/color] [color=green]ما قيمة الناس إلا في مبادئهم ... لا المالُ يبقى ولا الألقابُ والرُّتَبُ[/color][/center] [color=black]وقال الشاعر مصطفى قاسم عباس: [/color] [center][color=green]فالمالُ لن يُعلِيَ الإنسانَ منزلةً ... إنْ لم يكنْ بالمزايا يرتقي السُّحُبا[/color][/center] [color=black]ومن[color=blue] مأثور الحِكَم:[/color] ([color=green]ولا تحزن لقلة المال، فإنَّ الرجلَ ذا المروءة قد يُكرم على غير مال، كالأسد الذي يُهاب وإن كان رابضاً، والغني الذي لا مروءة له يُهان وإن كان كثيرَ المال، كالكلب لا يُحفَلُ به وإن طُوِّق وخُلخِل بالذهب، فلا تَكبُرَنَّ عليك غربتك، فإنَّ العاقلَ لا غربةَ له، كالأسد الذي لا ينقلب إلا ومعه قوَّته[/color]. [/color] [color=black]وقد قيل في أشياء ليس لها ثباتٌ ولا بقاء: ظل الغمامة في الصيف، وخلة الأشرار، والبناء على غير أساس، والمال الكثير، فالعاقل لا يحزن لقلته، وإنَّما مالُ العاقل: عقلُه، وما قدَّم من صالح، فهو واثق بأنه لا يُسْلَب ما عمل).[/color] [color=black]وقال الزبير بن أبي بكر كتب إلي أبي بالعراق: عليك بالعلم فإنك إن افتقرت كان لك مالا، وإن استغنيت كان لك جمالا.[/color] [color=black]وخطب اثنان إلى حكيم ابنته، وكان أحدهما غنياً والآخر فقيراً، فاختار الفقير، وسأله الاسكندر عن ذلك فقال: لأنَّ الغني كان جاهلاً فكنت أخاف عليه الفقر، والفقير كان عاقلاً فرجوت له الغنى. [/color] [color=black]وكم رفعَ الناسُ مِنْ قيمة مَنْ لا يزن عند الله شيئاً، واستهانوا ولم يبالوا بمَنْ هو خير من ملء الأرض ممن رفعوه، حتى قال ابن الرومي: [/color] [center][color=green]رأيتُ الدَّهرَ يرفع كلَّ وغدٍ ... ويخفض كلَّ ذي شيمٍ شريفهْ[/color] [color=green]كمثلِ البحر يغرق فيهِ حيٌّ ... ولا ينفكُّ تطفو فيهِ جيفهْ[/color] [color=green]وكالميزانِ يخفضُ كلَّ وافٍ ... ويرفعُ كلَّ ذي زنَةٍ خفيفهْ[/color][/center] [color=black]وقال الآخر: [/color] [center][color=green]يا ذا الذي بصروف الدهر عيَّرنا ... هل عاند الدهر إلا مَنْ له خَطَرُ[/color] [color=green]أما ترى البحرَ يطفو فوقه جِيَفٌ ... ويستقرُّ بأقصى قاعه دُرَرَ[/color] [color=green]إنَّا وإنْ عبثتْ أيدي الزمان بنا ... ومسَّنا مِنْ تمادي بؤسه ضَرَرُ[/color] [color=black][color=green]ففي السماء نجومٌ ما لها عَدَدٌ ... وليسَ يُكسَفُ إلا الشمسُ والقمرُ[/color] [/color][/center] [color=black]فكثرة المال والبنين لا تدل على رفعة صاحبه عند الله عز وجل فقد قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ. نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}، وقال: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، وقال: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.[/color] [color=black]وجعل اللهُ قيمةَ الرجل بما في قلبه من التقوى إذ قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}، وقد بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الله عز وجل يعطي المال والدنيا لمن يحبه الله ولمن لا يحبه، أما الدِّين فلا يعطيه الله إلا لمن أحبَّه، فقد قال: (إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الدِّينَ، فَقَدْ أَحَبَّهُ) رواه أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك. [/color] [color=black]إنَّ[size=6][color=blue] رفعةَ العلمِ وشرفَه[/color][/size] هي التي جعلت الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله يرفض أن يزوج ابنته لابن الخليفة عبد الملك ويزوجها إلى الطالب النجيب في حلقة درسه ابن أبي وداعة، الذي كان فقيراً في دنياه ولكنه غني بمولاه، لم يستجب ابن المسيب إلى كل المغريات التي عرضها عليه الخليفة بل رفضها رفضاً باتاً، لأنه يعلم أن ابنته أمانة عنده، فلن يزوجها إلا لمن يرتضي دينه وخلقه ولو كان لا يملك من الدنيا شيئاً.. [/color] [color=black]وقد قال ابن المسيب لرسول الخليفة بعد أن رغَّبه بثواب الخليفة من مال ومتاع ورهَّبه من بطشه إن لم يستجب إلى طلبه: ([color=red]قد روينا أن هذه الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فانظر ما جئتني أنت به، وقِسْه إلى هذه الدنيا كلِّها، فكم -رحمك الله- تكون قد قسمتَ لي من جناح البعوضة؟!)[/color] [/color] [color=black]هذه هي عزة المؤمن التي لا تلقي بالاً للدنيا كلِّها، وهكذا يفلح مَنْ وزن الأمورَ بميزان الله وليس بميزان الناس.[/color] [color=black]ولقد صدق الأديب مصطفى الرافعي إذ قال:[/color] [center][color=green]إنَّ المعارفَ للمعالي سُلَّمُ ... وأولو المعارفِ يجهدون لينعموا[/color] [color=green]والعلمُ زينةُ أهلِهِ بينَ الوَرَى ... سِيَّان فيه أخو الغِنى والمعدمُ [/color] [color=green]فالشمسُ تطلعُ في نهارٍ مُشرقٍ ... والبدرُ لا يخفيه ليلٌ مظلمُ [/color] [color=green]لا فخرَ في نسبٍ لمن لم يفتخرْ ... بالعلم، لولا النابُ ذَلَّ الضيغمُ[/color][/center] [color=black]وقال إبراهيم الألبيري الأندلسي: [/color] [center][color=green]وَما يُغنيكَ تَشيِيدُ المَباني ... إِذا بِالجَهلِ نَفسَكَ قَد هَدَمتا [/color] [color=green]جَعَلتَ المالَ فَوقَ العِلمِ جَهلاً ... لَعَمرُكَ في القَضيَّةِ ماعَدَلتا [/color] [color=green]لَئِن رَفَعَ الغَنيُّ لِواءَ مالٍ ... لَأَنتَ لِواءَ عِلمِكَ قَد رَفَعتا [/color] [color=green]وَإِن جَلَسَ الغَنيُّ عَلى الحَشايا ... لَأَنتَ عَلى الكَواكِبِ قَد جَلَستا [/color] [color=black][color=green]وَمَهما افتَضَّ أَبكارَ الغَواني ... فَكَم بِكرٍ مِنَ الحِكَمِ افتَضَضتا[/color] [/color][/center] [color=black]وقال أبو الأسود الدؤلي:[/color] [center][color=black][size=6][color=blue]العِلمُ[/color][/size] [/color][color=green]زَينٌ وَتَشْرِيفٌ لِصَاحِبِهِ ... فاطلُبْ هُدِيتَ فُنُونَ العِلمِْ وَالأَدَبا[/color] [color=green]كَمْ سَيِّدٍ بَطَلٍ آبَاؤُهُ نُجُبٌ ... كَانوا الرُؤوسَ فَأَمْسَى بَعدَهُم ذَنَبَا[/color] [color=green]وَمُقرِفٍ خامِلِ الآبَاءِ ذِي أَدَبٍ ... نَال المَعَاليَ بِالآدابِ وَالرُتبَا[/color] [color=green]الْعِلْم زَيْنٌ وَذُخْرٌ لا فَنَاءَ لَهُ ... نِعْمَ القَرينُ إِذَا مَا صَاحِبٌ صَحِبَا[/color] [color=green]قَدْ يَجْمَعُ المَرْءُ مَالاً ثُمَّ يُحْرَمُهُ ... عَمَّا قَلِيلٍ فَيَلْقَى الذُّلَّ وَالْحَربَا [/color] [color=green]وَجَامِعُ الْعِلْمِ مَغْبُوطٌ بِهِ أَبَداً ... فَلا يُحَاذِرُ مِنْهُ الْفَوْتَ وَالسَّلبَا [/color] [color=black][color=green]يَا جَامِعَ العِلْمِ نِعْمَ الذُّخْرُ تَجمَعُهُ ... لا تَعْدِلَنَّ بِهِ دُرَّاً وَلا ذَهَبَا[/color] [/color][/center] [color=black]وكان العلم متكئاً فجلس وقال: خلاصة الأمر أنَّ العلم هو أساس الفضائل، ومنبع الكمالات، وبالحض عليه جاءت الرسالات، والمال وسيلة من الوسائل فإن استُعمِلَ في الخير فهو خير على صاحبه، وإن استعمل في الشر فهو وبال وخسران عليه. [/color] [color=black]وعلينا أن نجعل من العلم والمال مجتمعَيْن أداةً لبناء الحضارات، وتشييد المنارات، وفعل الخيرات وإزالة المنكرات.. فيكون كلٌّ من العلم والمال يصبُّ في مصلحة الآخر ويكمِّله، ولا يعارضه أو يعطِّله.[/color] [color=black]قال حافظ إبراهيم: [/color] [center][color=green]وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً ... بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ [/color] [color=green]وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ ... تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ[/color] [color=black][color=green]لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ ... ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ[/color] [/color][/center] [color=black]وعدم وجود المال قد يكون مانعاً للإنسان من بعض الفضائل، كما قال عبد الله بن معاوية: [/color] [center][color=green]أرى نفسي تتوق إلى أمورٍ ... يقصر دون مبلغهنَّ مالي[/color] [color=black][color=green]فلا نفسي تطاوعني ببخلٍ ...ولا مالي يبلِّغني فِعَالي[/color] [/color][/center] [color=black]وقال آخر:[/color] [center][color=green]إنَّ الكريمَ الذي لا مالَ في يدهِ ... مثل الشجاعِ الذي في كفِّه شللُ[/color] [color=black][color=green]والمالُ مثل الحصا ما دام في يدنا ... فليس ينفع إلَّا حين ينتقلُ[/color] [/color][/center] [color=black]والمُلْك يقوم على العلم والمال، وكلٌّ منهما يحتاج الآخر، قال أحمد شوقي: [/color] [center][color=green]يا طالباً لمعالي الملك مجتهداً ... خذها من العلمِ أو خذها من المالِ[/color] [color=green]بالعلمِ والمالِ يبني الناس ملكهم ... لم يُبْنَ مُلْكٌ على جهلٍ وإقلالِ[/color][/center] [color=black]وشتَّان بين العلم ميراث الأنبياء، وبين المال ميراث الملوك والأغنياء.[/color] [color=black]وشتان بين العلم الذي يحرس صاحبه، وبين صاحب المال الذي يحرس ماله.[/color] [color=black]وشتان بين العلم الذي يزداد بالبذل والعطاء، وبين المال الذي تذهبه النفقات. [/color] [color=black]وشتان بين العلم الذي يرافق صاحبه حتى في قبره، وبين المال الذي يفارقه بعد موته، إلا ما كان من صدقة جارية.[/color] [color=black]وشتان بين المال الذي يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، وبين العلم النافع فلا يحصل إلا للمؤمن.[/color] [color=black]والعالِم يحتاج إليه الملوك ومَنْ دونهم، وصاحب المال يحتاج إليه أهل العدم والفاقة والحاجة.[/color] [color=black]والمال يعبِّد صاحبه للدنيا، والعلم يدعوه لعبادة ربه.[/color] [color=black]والعالم قَدْرُه وقيمته في ذاته، أما الغني فقيمته في ماله، قال بعضهم: (الولاية الوحيدة التي لا يملك أحدٌ أن يعزل صاحبها عنها هي: ولاية العلم). [/color] [color=black]والغني يدعو الناس بماله إلى الدنيا، والعالم يدعو الناس بعلمه إلى الآخرة.[/color] [color=black][color=red]فلم يكن من المال بعد أن سمع ما سمع إلا أن يقبِّل رأسَ العلم وينصرف[/color] وهو يقول: [size=6][color=blue]حفظك الله وأدامَك أيُّها العِلْم،[/color][/size] فقد كنتَ لي شُعَاعاً ينير دربي، ونَجْماً هادياً في ظُلَمات نفسي، وعقلاً يقيِّدني عن الرذائل ويحفظني من المهالك، ورُوحاً يبعث فيّ مِنَ الفضل والجمال والخير ما أرتقي به مِنْ أرض الجَهَالة إلى سماء المعرفة، ومن قُبْح الأثَرة إلى جمال الإيثار، ومن بُؤس الطين إلى السَّعادة في صراط ربِّ العالمين. [/color] [color=black]ومدحي هذا لن يرفعك شيئاً، فما أنتَ إلا كما قال المتنبي: [/color] [center][color=black][color=green]مَنْ كانَ فوقَ محلِّ الشمسِ موضعُهُ *** فليس يرفعه شيءٌ و لا يضعُ[/color] [/color][/center] [color=black]وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين .[/color] [center][color=black]عمر بن عبد المجيد البيانوني [/color][/center] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
الركن العام
حوارٌ بين العِلْم والمال