ابن عامر الشامي
وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
- إنضم
- 20 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 10,237
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المملكة المغربية
- احفظ من كتاب الله
- بين الدفتين
- احب القراءة برواية
- رواية حفص عن عاصم
- القارئ المفضل
- سعود الشريم
- الجنس
- اخ
هل يجوز للشيخ أن يرجع عن الإجازة ؟.
سألني أخ فاضل يقول:
قَرَأَتْ عَليّ طالبة القرآن، وأجزتُها، ثم بعد فترة وجدت أنها تغيرت في المنهج، والعقيدة...... وأنها أثّرت على بعض الطالبات وغير ذلك، فهل يجوز لي أن أسحب منها الإجازة ؟.
وسألتني شيخة مقرئة تقول:
إنها أجازت طالبتين بقراءة عاصم، ثم بعد فترة اتصلتا عليها كي يقرآ مرة أخرى، فلما استمعت لقراءتهما استاءت وغضبت بسبب الوقوع في اللحن الجلي والخفي-لأنهما تركتا المراجعة والقراءة فترة-، فأمرتهما أن يأتيا بالإجازة لتأخذها حتى يعيدا القرآن مرة أخرى، فهل هذا جائز؟.
ووجدت-أنا- بعض المشايخ-على شبكة الانترنت- بعد أن أجاز الإخوة في إحدى المنتديات ببعض كتب السنة-تقريبًا بعد السماع-: وضع إعلانًا أنه يسحب إجازته !!.
الجواب بعد حمد الله وتوفيقه:
لا يجوز للشيخ أن يرجع عن الإجازة بعد الرواية للطالب؛ لأن الشيخ اعتمد وشهد له بالأهلية والإتقان، ومن ثَمّ أجازه لذلك.
واعلم- أخي الفاضل-: أن رجوع الشيخ عن الإجازة ربما يكون لسبب دنيوي أو شخصي- يحدث بعد الإجازة-، وربما يكون لسبب ديني؛ كانحراف الطالب سلوكًا ومنهجًا وغير ذلك، وربما بسبب وقوعه في اللحن الجلي لبُعْدِه عن المراجعة والقراءة، والله أعلم.
قال الإمام ابن الجزري – رحمه الله-:
وَلَوْ يَقُولُ الشَّيْخُ بَعْدَ مَا رَوَى
رَجَعْتُ أَوْ مَنَعْتُ فَهْوَ كَالهَوَى(1)
قال الإمام شمس الدين السخاوي(ت902هـ)- في شرحه على هذا البيت-:
إذا قال الشيخ للطالب بعد ما سمع منه حديثًا أو كتابًا [ رجعت أو منعت ] عن إخبارك به ونحو ذلك، وكذا إذا قال: منعتك من الرواية عني، أو لا تروِ عني: فهذا لا يضر، ولا يمتنع لأجله من الرواية إلا أن يكون مستندًا إلى أنه أخطأ في ما حدّث به أو شك في سماعه ونحو ذلك، فليس له أن يرويه عنه والحالة هذه، وكذا لو خصَّ بالسماع-غيرهم- قومًا فسمع منهم بغير علم الشيخ جازت له الرواية عنه، ولو قال: أخبركم ولا أخبر فلانًا لم يضر، قاله الأستاذ أبو إسحاق(2).
وقال الإمام العراقي في ألفيته:
ولا يضرُّ سامِـعًـا أن يمْـنَـعَـه
الشيخُ أن يروي ما قد سمعه
كَذلكَ التخصِيص أو رَجَعْتُ
ما لم يقلْ أخْطَأْتُ أَوْ شَكَكْتُ
وبهذا يُعلم أن الرجوع عن الإجازة قسمان(3):
1) رجوع مقبول.
2) رجوع مردود .
أولًا: مثال عن الرجوع المقبول في الإجازة:
نسيان أو توهم الشيخ أنه غير مجاز في الرواية أو القراءة الفلانية أو الكتاب الفلاني أو شكّ في ذلك.
بعض المشايخ - مع طول الوقت والعمر- ينسى مروياته التي قرأها على الشيوخ-لأنه لم يدون ذلك-، وهذا قد يحدث مع البعض، فقد سمعت أن بعض المشايخ أقرأ بعض طلَّابه القرآن برواية حفص عن عاصم من إحدى طرق الطيبة، وعند الختم طلب التلميذ من شيخه الإجازة بالقصر، فقال الشيخ للطالب: أجزتك شفوية حتى أنتهي من كتابة الإجازة، ثم تذكّر هذا الشيخ أنه ليس معه إجازة بقصر المنفصل من الطيبة، فحينئذ يقول لطالبه: رجعت عن الإجازة الشفوية لك، ومنعتك من الإجازة عني بهذه الرواية، وهذا الرجوع صحيح ومقبول، وهذا ما قاله الإمام شمس الدين السخاوي في شرحه على منظومة الهداية، حيث قال:
( ولا يمتنع لأجله من الرواية إلا أن يكون مستندًا إلى أنه أخطأ في ما حدّث به أو شك في سماعه ونحو ذلك، فليس له أن يرويه عنه والحالة هذه ................).
ومثاله عند المحدثين :
بعض المحدثين يكون قد قرأ على شيوخ عدة، وينسى حصر مروياته ومسموعاته عنهم، فيأتي طالب ويقرأ على هذا المحدث الكتب الستة، ثم يجيزه بالسند، فيتذكر هذا المحدث أنه ليس له رواية في كتاب
سنن ابن ماجه أو الترمذي أو النسائي أو......) –مثلًا-؛ أي: أنه لم يقرأ هذه السنن ولم يسمعها، فيقول للتلميذ الذي أجازه: إجازتي لك بسنن فلان لا تصح قراءة ولا سماعًا؛ لأني لم أقرأها ولم أسمعها، فأنا أرجع عن إجازتي لك، وأمنعك من الرواية عني بهذه السنن(4)، وائت لك بالإجازة المكتوبة.
إذًا الخلاصة في قبول رجوع الشيخ عن الإجازة هو: أن يجيز الشيخ برواية أو قراءة أو كتاب، ثم يتذكر أنه ليس له في ذلك قراءة ولا سماعًا ولا إجازة أو يشك في ذلك. والله أعلم.
ثانيًّا: أمثلة عن الرجوع المردود في الإجازة:
1) التراجع عن الإجازة بسبب المال :
هذا المثال الذي سأذكره يحدث مع بعض الطلبة، ولجهلهم به؛ فإنهم يظنون أنهم ليسوا مجازين، وهو:
بعض الطلبة يتّفق مع أحد الشيوخ على أن يقرأ عليه ختمة كاملة للعشرة؛ ولكنه لم يتفق معه على مبلغ معين من المال نظير القراءة والإجازة(5)، فيقول للشيخ: في نهاية الختمة سأقدر جهدكم معي، ثم يختم الطالب القرآن وعند الختم يقول الشيخ شفويًّا: أجزت ابني الفاضل الشيخ فلان بالقراءات العشر؛ لكونه أهلًا لذلك، وهذه إجازة شفوية مني بذلك، والعادة أن الشيخ لا يُعطِي الطالب الإجازة المكتوبة إلا بعد أن يُدفع المالُ، فالبعض يعطي شيخه ما يستطيع دفعه من المال، فيقول الشيخ: هذا المبلغ قليل جدًّا، وأنا لم أرضَ إلا بكذا وكذا، فيقول الطالب: والله لا أستطيع دفع هذا المبلغ، فيقول الشيخ: إذًا لا إجازة لك عندي، وحينها لا يعطيه الشيخ الإجازة المكتوبة، فيذهب الطالب -وهو حزين- ويقول: ضاع جهدي مع الشيخ(6).
وهنا مسألة يجهلها الشيخ والطالب، وهي:
أن الشيخ تلفَّظ بالإجازة شفويًّا عندما قال: ( أجزت ابني الفاضل الشيخ فلان بالقراءات العشر..... )، وعندي أن هذا الطالب أصبح مجازًا من شيخه بالقراءات العشر عندما تلفّظ شيخه بالإجازة، ولا يضره عدم أخذه الإجازة المكتوبة؛ ولكن عليه أن يُشْهِد بعض الناس، وأما الشيخ: فلا يجوز له أن يرجع عن الإجازة بسبب المال، فالإجازة قد خرجت من فهمه لهذا الطالب صاحب الأهلية والإتقان، ولكن لما كان الطالب لا يستطيع دفع المال المغالي فيه من قِبل هذا الشيخ، منعه الشيخ من الإجازة، وهذا ظلم، نسأل الله العفو والعافية.
والمسألة التي يجهلها الشيخ والطالب: أنهما يعتقدان أن الإجازة لا تكون صحيحة إلا إذا كُتِبَت ووقع عليها وشهد عليها شهود، وهذا خطأ بيّن؛ لأن الإجازة قد تكون شفوية وخطية- كما أوضحت سالفًا-، والشفوية- وحدها- تكفي ويصح التحمَّل بها.
الخلاصة: أن الإجازة الشفوية تكفي، ويصح التحمّل بها وتصح الإجازة- كذلك-، في هذه الحالة مع وجود شهود، وأن الشيخ لا يجوز له أن يرجع عن الإجازة بسبب المال.
2) التراجع عن الإجازة لكلام الطالب في شيخه :
هناك بعض الطلاب قد يبين أمرًا بخصوص إجازات وأسانيد شيوخه؛ فيغضب عليه شيخه ويقول له: أنت لا تستحق أن تكون طالبًا لي، وأنا أسحب منك الإجازة، وأنت لست من طلابي إلى غير ذلك.
فهذا كله لا يسوّغ للشيخ أن يرجع عن الإجازة ويسحبها من طالبه للأسباب التي ذكرتها سابقًا.
الخلاصة في هذا:
أنه لا يجوز للشيخ أن يرجع عن الإجازة لأي سبب من الأسباب؛ إلا إذا اشترط شرطًا في الإجازة؛ فيكون الرجوع للشرط .
ومر -معنا- غير ذلك من أسباب الرجوع؛ كانحراف الطالب أو وقوعه في اللحن، وغير ذلك، نسأل الله الثبات وحسن الختام. والله أعلم.
كتبه الشيخ حسن الوراقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منظومة ( الهداية في علم الرواية ) للإمام ابن الجزري، بيت رقم(63).
(2) شرح السخاوي على منظومة ابن الجزري، والمسمّى بـ ( الغاية في شرح الهداية في علم الرواية ).
(3) هذا التقسيم من عندي بحسب تتبعي لكلام العلماء في هذه المسألة.
(4) قد يكون الشيخ مجازًا في هذه الكتب بالإجازة العامة؛ فحينئذ يجوز له أن يجيز طالبه بالإجازة العامة.
(5) جوّز العلماء أخذ الأجرة على القرآن الكريم نظير وقت الشيخ الذي يستغرقه مع الطالب؛ أما اشتراط المال نظير الإجازة: فهذا لا يجوز؛ لأن الإجازة من حق الطالب المتقن.
(6) اتصل عليّ- من مصر- بعض الإخوة عام(1429هـ تقريبًا): وقال لي: بأنه اتفق مع أحد المشايخ أن يقرأ عليه القراءات العشر الكبرى مقابل (35000) ألف بالجنيه- يعني حدود (6000 دولار) سبعة آلاف دولار أمريكي، وبدأ الأخ في القراءة إلى أن وصل إلى سورة فاطر، ثم حصلت له ظروف، وطلب من الشيخ أن يسمح له بتقسيط المبلغ على ثلاث دفعات إلى أن ينتهي ويختم القراءات العشر، فرفض الشيخ وغضب وقال له: لا تكمل الختمة، وليس لك عندنا إجازة، فحزن هذا الأخ- حزنًا شديدًا- وقال لي ماذا أفعل؟، فقلت: استعن بالله، وعوضك الله بخير منه .
سألني أخ فاضل يقول:
قَرَأَتْ عَليّ طالبة القرآن، وأجزتُها، ثم بعد فترة وجدت أنها تغيرت في المنهج، والعقيدة...... وأنها أثّرت على بعض الطالبات وغير ذلك، فهل يجوز لي أن أسحب منها الإجازة ؟.
وسألتني شيخة مقرئة تقول:
إنها أجازت طالبتين بقراءة عاصم، ثم بعد فترة اتصلتا عليها كي يقرآ مرة أخرى، فلما استمعت لقراءتهما استاءت وغضبت بسبب الوقوع في اللحن الجلي والخفي-لأنهما تركتا المراجعة والقراءة فترة-، فأمرتهما أن يأتيا بالإجازة لتأخذها حتى يعيدا القرآن مرة أخرى، فهل هذا جائز؟.
ووجدت-أنا- بعض المشايخ-على شبكة الانترنت- بعد أن أجاز الإخوة في إحدى المنتديات ببعض كتب السنة-تقريبًا بعد السماع-: وضع إعلانًا أنه يسحب إجازته !!.
الجواب بعد حمد الله وتوفيقه:
لا يجوز للشيخ أن يرجع عن الإجازة بعد الرواية للطالب؛ لأن الشيخ اعتمد وشهد له بالأهلية والإتقان، ومن ثَمّ أجازه لذلك.
واعلم- أخي الفاضل-: أن رجوع الشيخ عن الإجازة ربما يكون لسبب دنيوي أو شخصي- يحدث بعد الإجازة-، وربما يكون لسبب ديني؛ كانحراف الطالب سلوكًا ومنهجًا وغير ذلك، وربما بسبب وقوعه في اللحن الجلي لبُعْدِه عن المراجعة والقراءة، والله أعلم.
قال الإمام ابن الجزري – رحمه الله-:
وَلَوْ يَقُولُ الشَّيْخُ بَعْدَ مَا رَوَى
رَجَعْتُ أَوْ مَنَعْتُ فَهْوَ كَالهَوَى(1)
قال الإمام شمس الدين السخاوي(ت902هـ)- في شرحه على هذا البيت-:
إذا قال الشيخ للطالب بعد ما سمع منه حديثًا أو كتابًا [ رجعت أو منعت ] عن إخبارك به ونحو ذلك، وكذا إذا قال: منعتك من الرواية عني، أو لا تروِ عني: فهذا لا يضر، ولا يمتنع لأجله من الرواية إلا أن يكون مستندًا إلى أنه أخطأ في ما حدّث به أو شك في سماعه ونحو ذلك، فليس له أن يرويه عنه والحالة هذه، وكذا لو خصَّ بالسماع-غيرهم- قومًا فسمع منهم بغير علم الشيخ جازت له الرواية عنه، ولو قال: أخبركم ولا أخبر فلانًا لم يضر، قاله الأستاذ أبو إسحاق(2).
وقال الإمام العراقي في ألفيته:
ولا يضرُّ سامِـعًـا أن يمْـنَـعَـه
الشيخُ أن يروي ما قد سمعه
كَذلكَ التخصِيص أو رَجَعْتُ
ما لم يقلْ أخْطَأْتُ أَوْ شَكَكْتُ
وبهذا يُعلم أن الرجوع عن الإجازة قسمان(3):
1) رجوع مقبول.
2) رجوع مردود .
أولًا: مثال عن الرجوع المقبول في الإجازة:
نسيان أو توهم الشيخ أنه غير مجاز في الرواية أو القراءة الفلانية أو الكتاب الفلاني أو شكّ في ذلك.
بعض المشايخ - مع طول الوقت والعمر- ينسى مروياته التي قرأها على الشيوخ-لأنه لم يدون ذلك-، وهذا قد يحدث مع البعض، فقد سمعت أن بعض المشايخ أقرأ بعض طلَّابه القرآن برواية حفص عن عاصم من إحدى طرق الطيبة، وعند الختم طلب التلميذ من شيخه الإجازة بالقصر، فقال الشيخ للطالب: أجزتك شفوية حتى أنتهي من كتابة الإجازة، ثم تذكّر هذا الشيخ أنه ليس معه إجازة بقصر المنفصل من الطيبة، فحينئذ يقول لطالبه: رجعت عن الإجازة الشفوية لك، ومنعتك من الإجازة عني بهذه الرواية، وهذا الرجوع صحيح ومقبول، وهذا ما قاله الإمام شمس الدين السخاوي في شرحه على منظومة الهداية، حيث قال:
( ولا يمتنع لأجله من الرواية إلا أن يكون مستندًا إلى أنه أخطأ في ما حدّث به أو شك في سماعه ونحو ذلك، فليس له أن يرويه عنه والحالة هذه ................).
ومثاله عند المحدثين :
بعض المحدثين يكون قد قرأ على شيوخ عدة، وينسى حصر مروياته ومسموعاته عنهم، فيأتي طالب ويقرأ على هذا المحدث الكتب الستة، ثم يجيزه بالسند، فيتذكر هذا المحدث أنه ليس له رواية في كتاب
إذًا الخلاصة في قبول رجوع الشيخ عن الإجازة هو: أن يجيز الشيخ برواية أو قراءة أو كتاب، ثم يتذكر أنه ليس له في ذلك قراءة ولا سماعًا ولا إجازة أو يشك في ذلك. والله أعلم.
ثانيًّا: أمثلة عن الرجوع المردود في الإجازة:
1) التراجع عن الإجازة بسبب المال :
هذا المثال الذي سأذكره يحدث مع بعض الطلبة، ولجهلهم به؛ فإنهم يظنون أنهم ليسوا مجازين، وهو:
بعض الطلبة يتّفق مع أحد الشيوخ على أن يقرأ عليه ختمة كاملة للعشرة؛ ولكنه لم يتفق معه على مبلغ معين من المال نظير القراءة والإجازة(5)، فيقول للشيخ: في نهاية الختمة سأقدر جهدكم معي، ثم يختم الطالب القرآن وعند الختم يقول الشيخ شفويًّا: أجزت ابني الفاضل الشيخ فلان بالقراءات العشر؛ لكونه أهلًا لذلك، وهذه إجازة شفوية مني بذلك، والعادة أن الشيخ لا يُعطِي الطالب الإجازة المكتوبة إلا بعد أن يُدفع المالُ، فالبعض يعطي شيخه ما يستطيع دفعه من المال، فيقول الشيخ: هذا المبلغ قليل جدًّا، وأنا لم أرضَ إلا بكذا وكذا، فيقول الطالب: والله لا أستطيع دفع هذا المبلغ، فيقول الشيخ: إذًا لا إجازة لك عندي، وحينها لا يعطيه الشيخ الإجازة المكتوبة، فيذهب الطالب -وهو حزين- ويقول: ضاع جهدي مع الشيخ(6).
وهنا مسألة يجهلها الشيخ والطالب، وهي:
أن الشيخ تلفَّظ بالإجازة شفويًّا عندما قال: ( أجزت ابني الفاضل الشيخ فلان بالقراءات العشر..... )، وعندي أن هذا الطالب أصبح مجازًا من شيخه بالقراءات العشر عندما تلفّظ شيخه بالإجازة، ولا يضره عدم أخذه الإجازة المكتوبة؛ ولكن عليه أن يُشْهِد بعض الناس، وأما الشيخ: فلا يجوز له أن يرجع عن الإجازة بسبب المال، فالإجازة قد خرجت من فهمه لهذا الطالب صاحب الأهلية والإتقان، ولكن لما كان الطالب لا يستطيع دفع المال المغالي فيه من قِبل هذا الشيخ، منعه الشيخ من الإجازة، وهذا ظلم، نسأل الله العفو والعافية.
والمسألة التي يجهلها الشيخ والطالب: أنهما يعتقدان أن الإجازة لا تكون صحيحة إلا إذا كُتِبَت ووقع عليها وشهد عليها شهود، وهذا خطأ بيّن؛ لأن الإجازة قد تكون شفوية وخطية- كما أوضحت سالفًا-، والشفوية- وحدها- تكفي ويصح التحمَّل بها.
الخلاصة: أن الإجازة الشفوية تكفي، ويصح التحمّل بها وتصح الإجازة- كذلك-، في هذه الحالة مع وجود شهود، وأن الشيخ لا يجوز له أن يرجع عن الإجازة بسبب المال.
2) التراجع عن الإجازة لكلام الطالب في شيخه :
هناك بعض الطلاب قد يبين أمرًا بخصوص إجازات وأسانيد شيوخه؛ فيغضب عليه شيخه ويقول له: أنت لا تستحق أن تكون طالبًا لي، وأنا أسحب منك الإجازة، وأنت لست من طلابي إلى غير ذلك.
فهذا كله لا يسوّغ للشيخ أن يرجع عن الإجازة ويسحبها من طالبه للأسباب التي ذكرتها سابقًا.
الخلاصة في هذا:
أنه لا يجوز للشيخ أن يرجع عن الإجازة لأي سبب من الأسباب؛ إلا إذا اشترط شرطًا في الإجازة؛ فيكون الرجوع للشرط .
ومر -معنا- غير ذلك من أسباب الرجوع؛ كانحراف الطالب أو وقوعه في اللحن، وغير ذلك، نسأل الله الثبات وحسن الختام. والله أعلم.
كتبه الشيخ حسن الوراقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منظومة ( الهداية في علم الرواية ) للإمام ابن الجزري، بيت رقم(63).
(2) شرح السخاوي على منظومة ابن الجزري، والمسمّى بـ ( الغاية في شرح الهداية في علم الرواية ).
(3) هذا التقسيم من عندي بحسب تتبعي لكلام العلماء في هذه المسألة.
(4) قد يكون الشيخ مجازًا في هذه الكتب بالإجازة العامة؛ فحينئذ يجوز له أن يجيز طالبه بالإجازة العامة.
(5) جوّز العلماء أخذ الأجرة على القرآن الكريم نظير وقت الشيخ الذي يستغرقه مع الطالب؛ أما اشتراط المال نظير الإجازة: فهذا لا يجوز؛ لأن الإجازة من حق الطالب المتقن.
(6) اتصل عليّ- من مصر- بعض الإخوة عام(1429هـ تقريبًا): وقال لي: بأنه اتفق مع أحد المشايخ أن يقرأ عليه القراءات العشر الكبرى مقابل (35000) ألف بالجنيه- يعني حدود (6000 دولار) سبعة آلاف دولار أمريكي، وبدأ الأخ في القراءة إلى أن وصل إلى سورة فاطر، ثم حصلت له ظروف، وطلب من الشيخ أن يسمح له بتقسيط المبلغ على ثلاث دفعات إلى أن ينتهي ويختم القراءات العشر، فرفض الشيخ وغضب وقال له: لا تكمل الختمة، وليس لك عندنا إجازة، فحزن هذا الأخ- حزنًا شديدًا- وقال لي ماذا أفعل؟، فقلت: استعن بالله، وعوضك الله بخير منه .
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع