أم هنا وريهام
مشرف عام
- إنضم
- 6 يناير 2012
- المشاركات
- 873
- النقاط
- 16
- الإقامة
- المنصوره
- احفظ من كتاب الله
- ماتيسر من القران
- احب القراءة برواية
- حفص
- القارئ المفضل
- المنشاوى
- الجنس
- اخت
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
القارىء الكريم تخيل معي قليلا هذه الأمثلة الثلاثة المثال الأول : رجل شرب الخمر ، وبعدما شرب الخمر ، زنا وبعد زناه فعل فاحشة قوم لوط ، والعياذ بالله من ذلك كله ، وبعد هذا كله وجدت رجلا قادما ويقدم التهنئة لهذا الفاسق ويقول له إني لا أهنئك لأنني موافق على ما فعلت ، ولكن أهنئك ؛ لأن هذه الأمور تسبب لك السعادة ؛ لذلك فأنا أجاملك ، فماذا سيكون شعورك تجاه هذا الرجل ؟؟!!
المثال الثاني :مجرم وغد كانت بينه وبين فلان ( ولنسمه عمرا مثلا ) عداوة شديدة ، وفجأة في لحظة لم يكن عمرو فيها منتبها ، فاستغلها المجرم وطعنه بخنجر حاد أذهبت بفؤاد عمرو في التو والحال ، وفي كل عام يقيم هذا المجرم السفاح احتفالا في ذكرى هذه الجريمة ، وفي أحد الاحتفالات الصاخبة في أحد الأعوام فوجىء هذا المجرم بنجل عمرو وقد أتى ليقدم له التهنئة !!
بعد أن قرأت - أيها القارىء الكريم - هذه الأمثلة أظنك لن تختلف معي ، في هذه الأحكام :
أما المثال الأول : فصاحبه إما أنه فاسق يحب هذه الأمور المحرمة ، أو أن له فلسفة غبية لا تليق بالبهائم فضلا عن البشر فضلا عن عقلاء البشر فضلا عن المؤمنين !!
أما المثال الثاني : فصاحبه إما أنه مجنون ذهب عقله وقد رفع القلم عن المجنون ، أو أنه كان يكره والده كراهية شديدة ولذلك أراد أن يهنىء من خلصه من والده ، أليس كذلك ؟؟!!
أرأيتم كيف أن هذه الأمثلة ، قد أثارت العجب عندكم ، فكيف بمن هنأ أحدا من الناس لأنه سب الله - عز وجل - ألا يعد الكفر أعظم ذنب ؟؟!!
إن المعاصي- التي ليست كفرا - مهما بلغت فلا تساوي شيئا إذا قورنت بالكفر ؟؟
فكيف تهنىء أحدا على كفره ؟؟ كيف تهنىء أحدا بعيد القيامة الكافر ؟؟
وهنا تدخل أحد الشباب مندفعا وقال : وأين الكفر في عيد القيامة ؟؟
ما حقيقة ما يسمى بعيد القيامة ؟؟
باختصار شديد فالنصارى يعتقدون في عيسى - - قولا باطلا ، فمنهم من يقول إنه الله ومنهم من يقولون إنه ابن الله ومنهم من يقول إنه ثالث ثلاثة ، المهم هم يعتقدون أن هذا المسيح - الذي هو الله أو ابنه - أنه صلب وقتل في يوم الخميس الذي يسمونه خميس العهد ، وظل مدفونا في الأرض ثلاثة أيام الخميس والجمعة التي يسمونها بالجمعة الحزينة والسبت الذي يسمونه سبت النور، وبعد ذلك قام مرة أخرى في يوم الأحد وهذا اليوم الذي قام فيه هو ما يعرف بعيد القيامة .
كفريات هذا الاعتقاد
في هذا الاعتقاد من الكفريات مالله به عليم نجملها في الاّتي :
1 - الطعن في الله - جل وعلا -
تخيل لو سمعت أن هناك رجلا قام بقتل مجموعة من الأنبياء ، كيف سيكون شعورك تجاهه ؟؟
هل من الممكن أن تحبه أو تهنئه ؟؟ قطعا لا ....مااذ لو قلت لك إن الطعن في الله أعظم جرما من قتل الأنبياء ؟؟!
والدليل على ذلك قوله تعالى : " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق " ( اّل عمران 181 )
فانظر كيف أن الله - عز وجل - قد قدم جريمة سب الله - تعالى الله عن ذلك - على جريمة قتل الأنبياء !!
وفي هذه المناسبة طعن في الله - عز وجل - مثل :
* نسبة الولد إلى الله
وهذه جريمة كبرى ، بل من أبشع الجرائم ، وللأسف كثير من المسلمين لا يشعر بعظم هذا الجرم ، وذلك لأنه لم يقس الأمور بمقياس القراّن إنما قاسها بمقياس الهوى والاّراء.
وانظر كيف عبر القراّن الكريم عن هذه الجريمة النكراء ، يقول تعالى :" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا اّتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم اّتيه يوم القيامة فردا " ( مريم 88 - 95 )
فمن شناعة هذا القول الإد ( أي العظيم المنكر ) كادت السماوات أن تنفطر وتسقط على الأرض ، وكادت الأرض أن تنشق ، وكادت الجبال الراسيات أن تنهدم ....لماذا كل هذا ؟؟؟؟؟؟ لأنهم دعوا للرحمن ولدا ، والرحمن - تعالى - منزه عن الولد والصاحبة: " بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم " ( الأنعام 101 )
* نسبة الموت والعجز إلى الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -
فمن يعتقد أن المسيح هو الله -كما هو أغلب سكان مصر وهم الأرذوذكس الذين يقودهم شنودة - يعتقد أن الله هو الذي قتل وهو الذي صلب ، و لا أدري أين عقولهم ؟؟
كيف تعبدون ربا عاجزا ضعيفا لا يملك لنفسه حيلة فكيف يملكها لغيره ؟؟
أما عندنا في الإسلام ، فإننا ننزه الله عن كل الصفات النقص ومنها العجز والهزية - تعالى الله عن ذلك ، بل الله - عز وجل - هو القاهر فوق الجميع : " وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير " ( الأنعام 18 )
ونقول لمن يعتقد أن الله - جل في علاه - هو الذي صلب وظل مدفونا في الأرض ثلاثة أيام ...نقول لهم : كيف كانت الدنيا في هذه الأيام ؟؟
هل كان هناك رزق وإحياء وإماتة وغيرذلك ؟؟؟
إن قلتم نعم فأنتم شيوعيون وملاحدة خلص وتؤمنون بالصدفة والطبيعة ، وإن قلتم لا قلنا لكم إذا تم ذلك فهل هلك سكان الأرض كلهم في هذه الأيام ؟؟ لأن روحهم ونفسهم وحياتهم كلها بيد الله - جل وعلا - !!
هل كان هناك ظلام أم ضياء ؟؟
فإن قلتم ضياء قلنا الضياء بيد الله ، وإن قلتم ظلام قلنا الظلام بيد الله !!
مالكم كيف تحكمون؟؟
* نفي العلو عن الله تعالى
فالأرذوذكس - وهم من أشد فرق النصارى كفرا - الذين يعتقدون أن الله - جل في علاه - هو الذي صلب ، يعتقدون أنه ظل في الأرض مدفونا ثلاثة أيام ، إذن نفوا عن الله صفة العلو في هذه الأيام ، وهذا من الكفر المبين .
فالله - عز وجل - مستو على عرشه بائن ( أي منفصل ) من خلقه ، الله عز وجل في عليائه فوق السماوات السبع ، والأدلة على علو الذات بلغت الألف دليل تقريبا ، ولذلك تبين لنا خطأ العبارة العامية الشهيرة ( ربنا موجود في كل مكان ) وهذا ضلال وجهل مبين .
فهل الله موجود في الحمامات والنجاسات ؟؟ أليست مكانا !!
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
الله عز وجل مستو على عرشه بكيفية نجهلها ، وموجود في كل مكان بسمعه وبصره وقدرته ، أما ذاته ففوق السماوات السبع .
* الإيمان بصلب المسيح
وبعض النصارى يعتقد أن الذي صلب ودفن هو المسيح وليس الله ،ومن اعتقد بذلك فهو كافر أيضا ؛ لأنه مكذب لصريح القراّن كما قال - تعالى - : " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " ( النساء 157 )
فالذي صلب ليس المسيح ابن مريم - عليه الصلاة والسلام - إنما هو رجل ألقي عليه شبهه ، فظنوا أنه المسيح ، أما المسيح فإنه قد رفع إلى السماء كما قال تعالى :" بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما " ( النساء 158 )
وسينزل المسيح بعد ذلك إلى الأرض ويقتل المسيح الدجال ، ويملأ الأرض عدلا ويحكمها بشريعة محمد - - ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، أي لا يقبل من الكافر الجزية إما أن تسلم وإما أن تقتل ، كما جاء ذلك كله في الأحاديث الصحيحة في صحيح مسلم وغيره .
هذه أيها القارىء الكريم نبذة مختصرة جدا عن بعض الكفريات في هذا المعتقد في هذا العيد المشئوم المسمى بعيد القيامة ، فهل من الممكن بعد هذا أن تهنىء أحدا به ؟؟
لقد اتفقت معي على ضلال المهنئين فيالأمثلة الثلاثة التي بدأنا بها المقال ، فأقول لك :
كيف تعتقد أن الزنا واللواط والخمر أعظم جرما من هذا الكفر ؟؟
كيف تعتقد أن ظلم الناس أشد من الكفر ؟؟
كيف تحب أباك أكثر من ربك ؟؟ لو كان المقتول في المثال الثالث أباك - حفظ الله اّباءنا جميعا - لكان من عاشر المستحيلات أن تذهب لتهنئته أليس كذلك؟؟
فلماذا هان عليك ربك ؟؟
لماذا هان عليك من خلقك وسواك ؟؟ لماذا هان عليك من رزقك واّواك ؟؟
لماذا هان عليك من ستر لك العيوب ؟؟ لماذا هان عليك من غفر لك الذنوب ؟؟
لماذا هان عليك من نجاك من الكروب ؟؟ لماذا هان عليك من حفظك من الخطوب ؟؟
لماذا هان عليك من هداك للإسلام ؟؟ لماذا هان عليك من فضلك على كثير من الأنام ؟؟
الإجماع منعقد على حرمة التهنئة
بعد أن خاطبنا القلب ، وجعلناه يأنف عن تهنئة الكفار بأعيادهم ، أريد أن أخاطب عقلك قليلا ، وأقول لك إن الإجماع منعقد على حرمة التهنئة
وربما يسأل سائل : وما معنى الإجماع ؟؟
أقول - حفظك الله - الإجماع في مسألة معينة هو أن الفقهاء كلهم - دون أي خلاف - لهم رأي واحد في هذه المسألة ، فهنا يصبح الالتزام بالإجماع واجبا ؛ لأنه بلا شك هو حكم الله - تعالى - ورسوله - - في هذه المسألة ، ويكفيك مؤونة البحث في المسألة ؛ لأن المسائل الخلافية تحتاج فيها إلى اطلاع على أدلة المختلفين والترجيح بينها ، أما في مسائل الإجماع فليس هناك إلا اتباع الإجماع.
وربما تسأل متعجبا : ولماذا يلزمي الأخذ بالإجماع ؟؟
يلزمك الأخذ بالإجماع ؛ لأن الله ألزمك به ، ورسوله - - ألزمك به .
وأين ألزمني الله به ؟؟
ألزمك به في قوله تعالى : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " ( النساء 115 )
ومعنى قوله تعالى"ويتبع غير سبيل المؤمنين " أي يخالف الإجماع ، فهل تتحمل جهنم التي توعد الله بها من خالف الإجماع ؟؟
وأين ألزمني الرسول الله - - بالإجماع ؟؟
الحديث الذي رواه ابن ماجة - رحمه الله - بسند صححه الألباني - رحمه الله - من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال :" إن أمتي لا تجتمع على ضلالة "
إذن لا يمكن أن يكون الإجماع رأيا ضالا، فبالتالي من خالف الإجماع هو الذي ضل في هذه المسألة.
وكيف أعرف أن هناك إجماعا في مسألة معينة ؟؟
تعرف عن طريق تنصيص إمام مجتهد بحر بمعرفة خلاف العلماء والأئمة غير معروف بالتساهل في إطلاق الإجماع .
وهل أحد من الأئمة المجتهدين نصص على حرمة تهنئة الكفار بأعيادهم ؟؟
نعم نص على ذلك الإمام المجتهدالبحر ابن القيم - رحمه الله - فقال - رحمه الله - :
" وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثما عند الله ، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه " ( أحكام أهل الذمة لابن القيم ج1 ص154 طبعة دار الحديث )
ولكني سمعت بعض المشايخ في التلفزيون أفتوا بإباحة التهنئة ؟؟
أخي الحبيب : اعلم جيدا أن الإجماع إذا انعقد على شيء ، فمن خالفه بعد ذلك ، فإن رأيه مردود عليه كائنا من كان قائله ، فنحن نرد على هؤلاء المشايخ قولهم ، مع احترامهم وتبجيلهم ، لكن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي - - .
ولكن بعض المشايخ إن الحياة تغيرت والفتوى تتغير بتغيرالزمان والمكان ؟؟
يا أخي الفاضل : هذه القاعدة التي ذكرتها تجوز في أمور ، و لا تجوز في أمورأخرى ، أما الأمور القطعية التي ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع والقياس الجلي فلا يمكن أن تتغير مهما تغيرت الأمور إلا في حالة واحدة وهي حالة الضرورة ، أي أن الإنسان يشرف على الهلاك ، فيضطر إلى فعل المحرم ، وهي قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ، وهي إحدى القواعد الكبرى في الإسلام .
أما الأمور الاجتهادية التي ثبتت بالمصلحة أو بالقياس الخفي أو بالاجتهاد فإنها تتغير بتغيرالزمان والمكان .
فعلى هذا كلام هذا الشيخ خطأ عندما قال إن الزمان تغير فتجوز التهنئة ؛ لأن هذه من قطعيات الدين التي لا تتغير أبدا، وإلا لتغير الدين كله ، فالزمان قد تغير ولم يعد للإنسان وقت على أن يصلي خمس فرائض في اليوم فهل يجوز أن نخففها إلى اثنتين ؟؟!!
ولكني عندي سؤال أخر لي جيران نصارى ويهنئونني في عيدي فهل من الممكن أن أجاملهم لأن المسلم أولى بالإحسان ؟؟
أولا إذا هنأك إنسان على الحق فهل تهنئه على الباطل ؟؟؟
مثلا إذا رزقك الله بمال وفير نظير تجارة حلال ، فجاء إليك رجل إليك وهنأك ، وبعد ذلك تمكن هذا الرجل من الاستيلاء على بعض المال العام كبعض نواب القروض الذين سمعنا عنهم فهل من الممكن أن تذهب لتهنئته كما هنأك هو ؟؟
بالطبع لا
وهكذا هنا ، فهو إن أتى إليك وهنأك فهو هنأك على الحق ، فلا يمكن أن تهنئه على الكفر الذي هو أشد جرما من اختلاس الأموال !!
أما موضوع المجاملة فهل تجامل على حساب ربك - عز وجل - ؟؟
لو سب رجل أباك وطعنه ، وتعلم أنك إذا ذهبت إلى هذا الرجل لكي تهنئه بأي شيء ، تعلم أن أباك سيغضب جدا ، فهل ستذهب ؟؟
لماذا قدمت أباك على ربك - عز وجل - ؟؟
هناك سؤال أخير : بعض الناس يقولون إن تهنئة الكفار فيه مصلحة للدعوة ؛ لأنها ستظهر سماحة المسلمين وبالتالي لن يخافوا من المشروع الإسلامي والدولة الإسلامية فهل هذا صحيح ؟؟
بالطبع هذا كلام فاسد مائة بالمائة ؛ لأن المصالح تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
* مصلحة معتبرة : وهي التي اعتبرها الشرع ودعا إليها كحفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال .
* مصلحة مهدرة : وهي مصلحة أهدرها الشرع ، كالخمر مثلا ، فلا ينكر أحد أن فيها مصالح كما نص على ذلك القراّن " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ..." ( البقرة 219 ) فأهدر الشرع مصلحة الخمر ؛ لأن مصالحها لا تساوي شيئا بالقارنة بمفاسدها .
* مصلحة مرسلة : وهي الأمور التي لم ينص عليها الشرع ولم ينه عنها ، كنظام المرور ونظام الجوازات ...إلخ فهذه يرجع الأمر فيها إلى مصلحة المسلمين ، فما رأونه الأصلح فعلوه .
إذن فتهنئة الكفار بأعيادهم إن سلمت لك أن فيه مصلحة فهي مصلحة مهدرة لا قيمة لها .
وهناك أمر اّخر أن مصلحة الدعوة في أن تسير على شرع الله - جل وعلا - دون انحراف ، لا أن تنحرف يمنة ويسرة بدعوى المصلحة .
وأختم لك بمثال يوضح معيار المصلحة :
إذا كان عندك سيارة مثلا ، وأعطيتها لرجل من الناس ؛ لكي يبيعها لك ، وقلت له بعها لي من 30 إلى 35 ألف جنيه مثلا ، و لا تنقص عن ذلك ، فذهب الرجل هذا إلى سوق السيارات كي يبيعها لك ، ومر يوم اثنان وثلاثة ، ولم يأت أحد ، فاجتهد من عقله وباعها لك بعشرين ألفا مثلا ؟؟
وعندما أتى إليك قال لك : لم يرض أحد بما طلبت من مبلغ فرأيت أن مصلحتك أن أبيعها لك بعشرين ألفا !!
فماذا ستقول له ؟؟
أترك لك الجواب .
وهكذا أيها الحبيب قد علمت حرمة التهنئة للكفار في أعيادهم الكفرية ، وعلمت أن الإجماع منعقد على هذا فلا تجوز مخالفته ، فلا تعرض عن حكم الله بدعوى المجاملة أو المصلحة ، بل التزم شرع الله - عز وجل - ، و لا تكترث بلوم اللائمين بل كن كصالح عليه السلام عندما قال لقومه مقولته الرائعة : " فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير " ( هود 63 )
لن ينفعك أهلك أو جيرانك أو حزبك وجماعتك إن عصيت الله - عز وجل - ، لن ينفعوك في الدنيا ؛ فالنافع الضار هو المولى - عز وجل - ، ولن ينفعوك" يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه " ( عبس 34 - 37
اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا
القارىء الكريم تخيل معي قليلا هذه الأمثلة الثلاثة المثال الأول : رجل شرب الخمر ، وبعدما شرب الخمر ، زنا وبعد زناه فعل فاحشة قوم لوط ، والعياذ بالله من ذلك كله ، وبعد هذا كله وجدت رجلا قادما ويقدم التهنئة لهذا الفاسق ويقول له إني لا أهنئك لأنني موافق على ما فعلت ، ولكن أهنئك ؛ لأن هذه الأمور تسبب لك السعادة ؛ لذلك فأنا أجاملك ، فماذا سيكون شعورك تجاه هذا الرجل ؟؟!!
المثال الثاني :مجرم وغد كانت بينه وبين فلان ( ولنسمه عمرا مثلا ) عداوة شديدة ، وفجأة في لحظة لم يكن عمرو فيها منتبها ، فاستغلها المجرم وطعنه بخنجر حاد أذهبت بفؤاد عمرو في التو والحال ، وفي كل عام يقيم هذا المجرم السفاح احتفالا في ذكرى هذه الجريمة ، وفي أحد الاحتفالات الصاخبة في أحد الأعوام فوجىء هذا المجرم بنجل عمرو وقد أتى ليقدم له التهنئة !!
بعد أن قرأت - أيها القارىء الكريم - هذه الأمثلة أظنك لن تختلف معي ، في هذه الأحكام :
أما المثال الأول : فصاحبه إما أنه فاسق يحب هذه الأمور المحرمة ، أو أن له فلسفة غبية لا تليق بالبهائم فضلا عن البشر فضلا عن عقلاء البشر فضلا عن المؤمنين !!
أما المثال الثاني : فصاحبه إما أنه مجنون ذهب عقله وقد رفع القلم عن المجنون ، أو أنه كان يكره والده كراهية شديدة ولذلك أراد أن يهنىء من خلصه من والده ، أليس كذلك ؟؟!!
أرأيتم كيف أن هذه الأمثلة ، قد أثارت العجب عندكم ، فكيف بمن هنأ أحدا من الناس لأنه سب الله - عز وجل - ألا يعد الكفر أعظم ذنب ؟؟!!
إن المعاصي- التي ليست كفرا - مهما بلغت فلا تساوي شيئا إذا قورنت بالكفر ؟؟
فكيف تهنىء أحدا على كفره ؟؟ كيف تهنىء أحدا بعيد القيامة الكافر ؟؟
وهنا تدخل أحد الشباب مندفعا وقال : وأين الكفر في عيد القيامة ؟؟
ما حقيقة ما يسمى بعيد القيامة ؟؟
باختصار شديد فالنصارى يعتقدون في عيسى - - قولا باطلا ، فمنهم من يقول إنه الله ومنهم من يقولون إنه ابن الله ومنهم من يقول إنه ثالث ثلاثة ، المهم هم يعتقدون أن هذا المسيح - الذي هو الله أو ابنه - أنه صلب وقتل في يوم الخميس الذي يسمونه خميس العهد ، وظل مدفونا في الأرض ثلاثة أيام الخميس والجمعة التي يسمونها بالجمعة الحزينة والسبت الذي يسمونه سبت النور، وبعد ذلك قام مرة أخرى في يوم الأحد وهذا اليوم الذي قام فيه هو ما يعرف بعيد القيامة .
كفريات هذا الاعتقاد
في هذا الاعتقاد من الكفريات مالله به عليم نجملها في الاّتي :
1 - الطعن في الله - جل وعلا -
تخيل لو سمعت أن هناك رجلا قام بقتل مجموعة من الأنبياء ، كيف سيكون شعورك تجاهه ؟؟
هل من الممكن أن تحبه أو تهنئه ؟؟ قطعا لا ....مااذ لو قلت لك إن الطعن في الله أعظم جرما من قتل الأنبياء ؟؟!
والدليل على ذلك قوله تعالى : " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق " ( اّل عمران 181 )
فانظر كيف أن الله - عز وجل - قد قدم جريمة سب الله - تعالى الله عن ذلك - على جريمة قتل الأنبياء !!
وفي هذه المناسبة طعن في الله - عز وجل - مثل :
* نسبة الولد إلى الله
وهذه جريمة كبرى ، بل من أبشع الجرائم ، وللأسف كثير من المسلمين لا يشعر بعظم هذا الجرم ، وذلك لأنه لم يقس الأمور بمقياس القراّن إنما قاسها بمقياس الهوى والاّراء.
وانظر كيف عبر القراّن الكريم عن هذه الجريمة النكراء ، يقول تعالى :" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا اّتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم اّتيه يوم القيامة فردا " ( مريم 88 - 95 )
فمن شناعة هذا القول الإد ( أي العظيم المنكر ) كادت السماوات أن تنفطر وتسقط على الأرض ، وكادت الأرض أن تنشق ، وكادت الجبال الراسيات أن تنهدم ....لماذا كل هذا ؟؟؟؟؟؟ لأنهم دعوا للرحمن ولدا ، والرحمن - تعالى - منزه عن الولد والصاحبة: " بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم " ( الأنعام 101 )
* نسبة الموت والعجز إلى الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -
فمن يعتقد أن المسيح هو الله -كما هو أغلب سكان مصر وهم الأرذوذكس الذين يقودهم شنودة - يعتقد أن الله هو الذي قتل وهو الذي صلب ، و لا أدري أين عقولهم ؟؟
كيف تعبدون ربا عاجزا ضعيفا لا يملك لنفسه حيلة فكيف يملكها لغيره ؟؟
أما عندنا في الإسلام ، فإننا ننزه الله عن كل الصفات النقص ومنها العجز والهزية - تعالى الله عن ذلك ، بل الله - عز وجل - هو القاهر فوق الجميع : " وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير " ( الأنعام 18 )
ونقول لمن يعتقد أن الله - جل في علاه - هو الذي صلب وظل مدفونا في الأرض ثلاثة أيام ...نقول لهم : كيف كانت الدنيا في هذه الأيام ؟؟
هل كان هناك رزق وإحياء وإماتة وغيرذلك ؟؟؟
إن قلتم نعم فأنتم شيوعيون وملاحدة خلص وتؤمنون بالصدفة والطبيعة ، وإن قلتم لا قلنا لكم إذا تم ذلك فهل هلك سكان الأرض كلهم في هذه الأيام ؟؟ لأن روحهم ونفسهم وحياتهم كلها بيد الله - جل وعلا - !!
هل كان هناك ظلام أم ضياء ؟؟
فإن قلتم ضياء قلنا الضياء بيد الله ، وإن قلتم ظلام قلنا الظلام بيد الله !!
مالكم كيف تحكمون؟؟
* نفي العلو عن الله تعالى
فالأرذوذكس - وهم من أشد فرق النصارى كفرا - الذين يعتقدون أن الله - جل في علاه - هو الذي صلب ، يعتقدون أنه ظل في الأرض مدفونا ثلاثة أيام ، إذن نفوا عن الله صفة العلو في هذه الأيام ، وهذا من الكفر المبين .
فالله - عز وجل - مستو على عرشه بائن ( أي منفصل ) من خلقه ، الله عز وجل في عليائه فوق السماوات السبع ، والأدلة على علو الذات بلغت الألف دليل تقريبا ، ولذلك تبين لنا خطأ العبارة العامية الشهيرة ( ربنا موجود في كل مكان ) وهذا ضلال وجهل مبين .
فهل الله موجود في الحمامات والنجاسات ؟؟ أليست مكانا !!
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
الله عز وجل مستو على عرشه بكيفية نجهلها ، وموجود في كل مكان بسمعه وبصره وقدرته ، أما ذاته ففوق السماوات السبع .
* الإيمان بصلب المسيح
وبعض النصارى يعتقد أن الذي صلب ودفن هو المسيح وليس الله ،ومن اعتقد بذلك فهو كافر أيضا ؛ لأنه مكذب لصريح القراّن كما قال - تعالى - : " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " ( النساء 157 )
فالذي صلب ليس المسيح ابن مريم - عليه الصلاة والسلام - إنما هو رجل ألقي عليه شبهه ، فظنوا أنه المسيح ، أما المسيح فإنه قد رفع إلى السماء كما قال تعالى :" بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما " ( النساء 158 )
وسينزل المسيح بعد ذلك إلى الأرض ويقتل المسيح الدجال ، ويملأ الأرض عدلا ويحكمها بشريعة محمد - - ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، أي لا يقبل من الكافر الجزية إما أن تسلم وإما أن تقتل ، كما جاء ذلك كله في الأحاديث الصحيحة في صحيح مسلم وغيره .
هذه أيها القارىء الكريم نبذة مختصرة جدا عن بعض الكفريات في هذا المعتقد في هذا العيد المشئوم المسمى بعيد القيامة ، فهل من الممكن بعد هذا أن تهنىء أحدا به ؟؟
لقد اتفقت معي على ضلال المهنئين فيالأمثلة الثلاثة التي بدأنا بها المقال ، فأقول لك :
كيف تعتقد أن الزنا واللواط والخمر أعظم جرما من هذا الكفر ؟؟
كيف تعتقد أن ظلم الناس أشد من الكفر ؟؟
كيف تحب أباك أكثر من ربك ؟؟ لو كان المقتول في المثال الثالث أباك - حفظ الله اّباءنا جميعا - لكان من عاشر المستحيلات أن تذهب لتهنئته أليس كذلك؟؟
فلماذا هان عليك ربك ؟؟
لماذا هان عليك من خلقك وسواك ؟؟ لماذا هان عليك من رزقك واّواك ؟؟
لماذا هان عليك من ستر لك العيوب ؟؟ لماذا هان عليك من غفر لك الذنوب ؟؟
لماذا هان عليك من نجاك من الكروب ؟؟ لماذا هان عليك من حفظك من الخطوب ؟؟
لماذا هان عليك من هداك للإسلام ؟؟ لماذا هان عليك من فضلك على كثير من الأنام ؟؟
الإجماع منعقد على حرمة التهنئة
بعد أن خاطبنا القلب ، وجعلناه يأنف عن تهنئة الكفار بأعيادهم ، أريد أن أخاطب عقلك قليلا ، وأقول لك إن الإجماع منعقد على حرمة التهنئة
وربما يسأل سائل : وما معنى الإجماع ؟؟
أقول - حفظك الله - الإجماع في مسألة معينة هو أن الفقهاء كلهم - دون أي خلاف - لهم رأي واحد في هذه المسألة ، فهنا يصبح الالتزام بالإجماع واجبا ؛ لأنه بلا شك هو حكم الله - تعالى - ورسوله - - في هذه المسألة ، ويكفيك مؤونة البحث في المسألة ؛ لأن المسائل الخلافية تحتاج فيها إلى اطلاع على أدلة المختلفين والترجيح بينها ، أما في مسائل الإجماع فليس هناك إلا اتباع الإجماع.
وربما تسأل متعجبا : ولماذا يلزمي الأخذ بالإجماع ؟؟
يلزمك الأخذ بالإجماع ؛ لأن الله ألزمك به ، ورسوله - - ألزمك به .
وأين ألزمني الله به ؟؟
ألزمك به في قوله تعالى : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " ( النساء 115 )
ومعنى قوله تعالى"ويتبع غير سبيل المؤمنين " أي يخالف الإجماع ، فهل تتحمل جهنم التي توعد الله بها من خالف الإجماع ؟؟
وأين ألزمني الرسول الله - - بالإجماع ؟؟
الحديث الذي رواه ابن ماجة - رحمه الله - بسند صححه الألباني - رحمه الله - من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال :" إن أمتي لا تجتمع على ضلالة "
إذن لا يمكن أن يكون الإجماع رأيا ضالا، فبالتالي من خالف الإجماع هو الذي ضل في هذه المسألة.
وكيف أعرف أن هناك إجماعا في مسألة معينة ؟؟
تعرف عن طريق تنصيص إمام مجتهد بحر بمعرفة خلاف العلماء والأئمة غير معروف بالتساهل في إطلاق الإجماع .
وهل أحد من الأئمة المجتهدين نصص على حرمة تهنئة الكفار بأعيادهم ؟؟
نعم نص على ذلك الإمام المجتهدالبحر ابن القيم - رحمه الله - فقال - رحمه الله - :
" وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثما عند الله ، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه " ( أحكام أهل الذمة لابن القيم ج1 ص154 طبعة دار الحديث )
ولكني سمعت بعض المشايخ في التلفزيون أفتوا بإباحة التهنئة ؟؟
أخي الحبيب : اعلم جيدا أن الإجماع إذا انعقد على شيء ، فمن خالفه بعد ذلك ، فإن رأيه مردود عليه كائنا من كان قائله ، فنحن نرد على هؤلاء المشايخ قولهم ، مع احترامهم وتبجيلهم ، لكن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي - - .
ولكن بعض المشايخ إن الحياة تغيرت والفتوى تتغير بتغيرالزمان والمكان ؟؟
يا أخي الفاضل : هذه القاعدة التي ذكرتها تجوز في أمور ، و لا تجوز في أمورأخرى ، أما الأمور القطعية التي ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع والقياس الجلي فلا يمكن أن تتغير مهما تغيرت الأمور إلا في حالة واحدة وهي حالة الضرورة ، أي أن الإنسان يشرف على الهلاك ، فيضطر إلى فعل المحرم ، وهي قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ، وهي إحدى القواعد الكبرى في الإسلام .
أما الأمور الاجتهادية التي ثبتت بالمصلحة أو بالقياس الخفي أو بالاجتهاد فإنها تتغير بتغيرالزمان والمكان .
فعلى هذا كلام هذا الشيخ خطأ عندما قال إن الزمان تغير فتجوز التهنئة ؛ لأن هذه من قطعيات الدين التي لا تتغير أبدا، وإلا لتغير الدين كله ، فالزمان قد تغير ولم يعد للإنسان وقت على أن يصلي خمس فرائض في اليوم فهل يجوز أن نخففها إلى اثنتين ؟؟!!
ولكني عندي سؤال أخر لي جيران نصارى ويهنئونني في عيدي فهل من الممكن أن أجاملهم لأن المسلم أولى بالإحسان ؟؟
أولا إذا هنأك إنسان على الحق فهل تهنئه على الباطل ؟؟؟
مثلا إذا رزقك الله بمال وفير نظير تجارة حلال ، فجاء إليك رجل إليك وهنأك ، وبعد ذلك تمكن هذا الرجل من الاستيلاء على بعض المال العام كبعض نواب القروض الذين سمعنا عنهم فهل من الممكن أن تذهب لتهنئته كما هنأك هو ؟؟
بالطبع لا
وهكذا هنا ، فهو إن أتى إليك وهنأك فهو هنأك على الحق ، فلا يمكن أن تهنئه على الكفر الذي هو أشد جرما من اختلاس الأموال !!
أما موضوع المجاملة فهل تجامل على حساب ربك - عز وجل - ؟؟
لو سب رجل أباك وطعنه ، وتعلم أنك إذا ذهبت إلى هذا الرجل لكي تهنئه بأي شيء ، تعلم أن أباك سيغضب جدا ، فهل ستذهب ؟؟
لماذا قدمت أباك على ربك - عز وجل - ؟؟
هناك سؤال أخير : بعض الناس يقولون إن تهنئة الكفار فيه مصلحة للدعوة ؛ لأنها ستظهر سماحة المسلمين وبالتالي لن يخافوا من المشروع الإسلامي والدولة الإسلامية فهل هذا صحيح ؟؟
بالطبع هذا كلام فاسد مائة بالمائة ؛ لأن المصالح تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
* مصلحة معتبرة : وهي التي اعتبرها الشرع ودعا إليها كحفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال .
* مصلحة مهدرة : وهي مصلحة أهدرها الشرع ، كالخمر مثلا ، فلا ينكر أحد أن فيها مصالح كما نص على ذلك القراّن " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ..." ( البقرة 219 ) فأهدر الشرع مصلحة الخمر ؛ لأن مصالحها لا تساوي شيئا بالقارنة بمفاسدها .
* مصلحة مرسلة : وهي الأمور التي لم ينص عليها الشرع ولم ينه عنها ، كنظام المرور ونظام الجوازات ...إلخ فهذه يرجع الأمر فيها إلى مصلحة المسلمين ، فما رأونه الأصلح فعلوه .
إذن فتهنئة الكفار بأعيادهم إن سلمت لك أن فيه مصلحة فهي مصلحة مهدرة لا قيمة لها .
وهناك أمر اّخر أن مصلحة الدعوة في أن تسير على شرع الله - جل وعلا - دون انحراف ، لا أن تنحرف يمنة ويسرة بدعوى المصلحة .
وأختم لك بمثال يوضح معيار المصلحة :
إذا كان عندك سيارة مثلا ، وأعطيتها لرجل من الناس ؛ لكي يبيعها لك ، وقلت له بعها لي من 30 إلى 35 ألف جنيه مثلا ، و لا تنقص عن ذلك ، فذهب الرجل هذا إلى سوق السيارات كي يبيعها لك ، ومر يوم اثنان وثلاثة ، ولم يأت أحد ، فاجتهد من عقله وباعها لك بعشرين ألفا مثلا ؟؟
وعندما أتى إليك قال لك : لم يرض أحد بما طلبت من مبلغ فرأيت أن مصلحتك أن أبيعها لك بعشرين ألفا !!
فماذا ستقول له ؟؟
أترك لك الجواب .
وهكذا أيها الحبيب قد علمت حرمة التهنئة للكفار في أعيادهم الكفرية ، وعلمت أن الإجماع منعقد على هذا فلا تجوز مخالفته ، فلا تعرض عن حكم الله بدعوى المجاملة أو المصلحة ، بل التزم شرع الله - عز وجل - ، و لا تكترث بلوم اللائمين بل كن كصالح عليه السلام عندما قال لقومه مقولته الرائعة : " فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير " ( هود 63 )
لن ينفعك أهلك أو جيرانك أو حزبك وجماعتك إن عصيت الله - عز وجل - ، لن ينفعوك في الدنيا ؛ فالنافع الضار هو المولى - عز وجل - ، ولن ينفعوك" يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه " ( عبس 34 - 37
اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع