أهلا رمضان

طباعة الموضوع
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
أهلا رمضان
الحمد لله له الحمد كله, وله الشكر كله, أنعم فأسعد, وأجزل العطايا بلا حد, وأصلي وأسلم على القدوة الأمجد, صلاة وسلاما دائمين إلى يوم يبعث الأحمر والأسود, وعلى آله الأطهار, وصحابته الأخيار, والتابعين ومن تبعهم واقتفى بأثرهم ما تعاقب الليل والنهار, أمـا بعد:
فأهلا وسهلا برمضان, وهنيئاً لمن بلغه الله تعالى رمضان, وعقد العزم وجدد النية للصيام والقيام, والتقرب إلى الله تعالى بأنواع القربات والطاعات.
أهلا برمضان لما فرض الله فيه من الصيام, وجعله فرضاً على كل مسلم مكلف, فأجزل لمن قام به الأجور, وجعل له الوقاية والستر عن النار, ويسّر له دخول الحنان.
أهلا برمضان لـما سن فيه عليه الصلاة والسلام القيام وجعله مغفرة لذنوبه لمن قام إيماناً واحتساباً.
أهلا برمضان لما شرفه الله سبحانه وتعالى على سائر الشهور فجعله سيد الشهور فكان ميداناً لتنافس الموفقين, وتسابق الصالحين.
أهلا برمضان لما خصّه الله تعالى بليلة تعدل في أجرها أكثر من ثلاث وثمانين سنة لمن وفق فيها وقامها إيماناً واحتساباً.
أهلا برمضان لما كان يُـبْرزُ فيه عليه الصلاة والسلام منهجا للتعامل فيه تختلف عن غيره من سائر الشهور والأيام فيبتعد فيه عن مجال الاقتصاد والسياسة وسائر ميادين الحياة إلى ميدان العبادة الشخصية وتقوية العلاقة بالمولى عز وجل.
أهلا برمضان شهر الإحسان, والصدقات, والهبات, والهدايا, والتفطير, والعفو, والصفح, والدعاء, والاستغفار.
أهلا برمضان شهر اجتماع الأسرة على السحور والفطور للأكل, وقبله للدعاء والاستغفار في وقت إجابة الدعاء, وقت السحر ووقت تنـزل المولى جلا وعلا إلى سماء الدنيا ليعرض على عباده الاستغفار فيغفر لهم, والدعاء فيجيب دعاءهم, ووقت الإفطار الذي فيه دعوة للصائم لاترد.
أهلا برمضان شهر تَفَتّحُّ أبواب الجنان, وإغلاق النيران, وتصفّد فيه الشياطين.
أهلا برمضان شهر المنح والـهبات والمكرمات من رب الأرض والسماوات, فكم لله سبحانه وتعالـى فيه من مغفرة للذنوب, ورفعة للدرجات, ومنح لعباده المؤمنين, وعتق من النيران وحجاب عنها, وعفو عن المسيئين, وعلو للمحسنين, ومضاعفة لأجورهم, وقبول توبة التائبين, واستغفار المستغفرين, وتحقيق رجاء الراجئين, وتوبةِ التائبين, وتأمين الخائفين, وبلوغ أماني الطائعين
*******************
أهلا وسهلا ومرحباً برمضان.
ونحمد الله تعالى ونشكره أبلغ الحمد وأعظم الشكر على بلوغنا رمضان.
ونسأله أن يحقق أمانينا في الدنيا والآخرة في رمضان وبعد رمضان.
وأن يعيننا جميعاً على حسن الصيام والقيام وسائر القربات وأن يتقبله منا, ومن جميع المسلمين.
ومما يحقق ذلك:

  • أن يعد المسلم العدة لهذا الشهر
  • أن يعد العدة بالنية والعزم والتصميم على التعامل مع هذا الشهر بقدر ما يستطيع جهده صياماً وقياماً وصدقة وبراً وإحساناً, وصدقة وصلة, وقراءة للقرآن الكريم, وذكراً, واستغفاراً, ودعاءاً.
  • أن يعد العدة لعمل برنامجه فيحدد الأعمال التي يريد أن يقوم بها, ويـبرمجها على الشهر كله فمثلاً: يريد أن يختم القرآن كذا كتمة, ويريد أن يراجع كذا وكذا, وأن يتصدق بكذا وكذا, وأن يستيقظ قبل السحر للصلاة والدعاء, ...إلخ, ذلك كل بحسبه ووضعه ووظيفته وأعماله, ويسأل الله التوفيق والتسديد والقبول.
  • يعد العدة لتقسيم اليوم والليلة على سائر الأعمال حتى لا يطغى جانب على جانب, أو يهمل أعمالاً مهمة, وكذا ليؤدي كل عمل في وقته المهم.
  • يعد العدة ليكثر من الأعمال الخاصة برمضان كالتراويح والصدقات المستحبة, والجود, والقرآن.
  • يعد العدة للعمل بالأولويات من جهة نفسه ومن جهة غيره.
  • يعد العدة ليؤكد على نفسه الحذر من سائر المحظورات والممنوعات والمفطرات الحسية والمعنوية, وبالذات ما يدخله الشيطان إلى النفوس كـالعجب والغرور والرياء وطلب سمعة الدنيا والتأخر واليأس, والأمن من مكر الله, والغيبة والنميمة والكذب وقول الزور والباطل.
  • يعد العدة لكي لا تخدعه الفضائيات ونحوها من وسائل ضياع الوقت, ومحو الأجر, وكثرة الوزر بما تبثه من برامج تتناقض مع الإسلام, وتتناقض مع رمضان, وتتناقض مع الصيام فيمحو الليل عمل النهار.
  • يعد العدة لعمل برامجه لنفسه, وأسرته فلا ينشغل بنفسه دون أسرته فيقعون في كثير من المشكلات والمخالافات, ويغيب عنهم منح رمضان, ويفوتهم ما أعده الله سبحانه لأهل رمضان.
  • يعد العدة العدة ولا ينسى إخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغرابها من دعائه واستغفاره, والشعور بشعورهم والفرح لفرحهم والحزن لحزنهم.
*******************

أهلا وسهلاً ومرحباً برمضان.
ومع النظرة الجليّة والواضحة لواقع المسلمين أفراداً ومجتمعات الذي قد تطغى عليه نظرة اليأس عند كثيرين إلا أننا نؤكد الترحيب برمضان, والعزم على التعامل مع رمضان بكل تفاؤل وإحسان ظن بالله عز وجل وللعمل بما يرضيه, وبنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان, وهنا يعيد لنا رمضان قوة التفاؤل بأن المستقبل للإسلام والمسلمين إذا انطلقوا من رمضان بخبراته وبتغييره للنفوس والأوضاع
حقق الله الآمال, وبلّغ الأماني, وأعاننا جميعاً على الصيام والقيام وسائر القربات والطاعات.
وتقبل مني ومنكم.
إنه سميع قريب مجيب.



يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
خــواطــر رمضــــانيـــة (1)
أحمد الله تعالى حمد الشاكرين, وأشكره شكر العارفين, وأصلي واسلم على سيد الأنبياء والمرسلين, وعلى الآل والأصحاب والتابعين, ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعــد:
لايشك مسلم عاقل بأن كل مسلم فرح مسرور بقدوم رمضان, وببلوغ رمضان, وبما متعه الله سبحانه من التوفيق والصحة والقوة لصيام رمضان وقيامه, وبما منحه الله من القدرات للمنافسة في الأعمال الصالحة في رمضان.
وبناء على هذا اليقين بهذا الفرح والسرور أجول في هذه الكلمات مع جملة خواطر رمضانية متفرقة على تكون مشاركة إيجابية في هذا الموسم الجليل:
الخاطرة الأولى: الفرح والسرور حالة تمر على الإنسان في مراحل من حياته لما يمنحه الله سبحانه من زواج أو نجاح دراسة أو تحقق هدف أو وصول إلـى غاية أو ولادة مولود أو بلوغ أمنية من الأماني ونحو ذلك من مجالات الفرح المتعددة, وحق لمن مُنح شيئاً من ذلك أن يفرح – في إطار الفرح المشروع – وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى بأن لم يحرم العبد مما يرضى غريزة غرائزه.
ولعلّ الفرح يكون في أعظم مجالاته أن يوفق المسلم لطاعة من الطاعات, وبخاصة في مواسم الخير والفضيلة, وعلو الدرجات وتكفير السيئات, وزيادة الرصيد فيما يجده غداً في حياتـه الأُخروية ولعلّ -أيضاً- من تمام الفرح أن يترجمه إلى طاعات متوالية مستمرة ولا يقف عن حد معين: (فخير العمل أدومه وإن قل), كما قال عليه الصلاة والسلام.
فمن المقالات المزعجة عند بعض الناس: (بركة أصلي الفرائض), وآخر يقول: (ذاك فلان له وله أما نحن فنكتفي بالصيام).. وهذه المقولات ونحوها تنبئ عن عدة سلبيات منها:
1- الضعف لدى هذا القائل الذي أوصله إلى أن يبخل على نفسه ويكتفي بالقليل.
2- المنّة على الله تعالى في ما يقدمه من عبادات, وهذه من أخطر الأشياء.
3- عدم الطموح إلى الرقي في المعالي وكأنه اكتفى بأدنى منزلة, أو ضمن مكاناً ولو كان قليلاً.
4- الاضطراب النفسي في عدم القدرة على مواجهة تيار الشهوات والشبهات فوقف عند هذا الحد.
5- ضعف الإرادة للوصول إلى المراتب العليا مع وجود القدرة لديه, فيبرر هذا الضعف بهذه المقولات السلبية.
6- ومن ثم لا يكن لديه القدرة على اجتناب المعاصي.

* * * * *
لعل من الخير ونحن في رمضان أن نعيد النظر, وندقق المراجعة لترجمة الفرح إلى فرح حقيقي مصحوب بمزيد من الأعمال الفاضلة التي تدل على تحقق الفرح والشكر فننال الفوز والفرح في الدنيا والآخرة.

* * * * *
الخاطرة الثانية: قلّب طرفك في كثير من الفضائيات تجد المنافسة قوية, وعلى أشدّها, وبخاصة في المجالات الدنيوية فتلك في مجالات التقنية والصناعة بمختلف أنواعها والتباري جاء على قدم وساق فيها لتضح في الأسواق بأحدث ما توصلت إليه, وفضائيات أخرى في المجالات الرياضية الجماعية منها والفردية, والتنافس إلى نيل الكؤوس والميداليات الذهبية والفضية وحصد النقاط للحصول على المراكز الأولى, وأخرى في ما يسمى بالمجالات الفنّية بمختلف أنواعها وملهياتها ويصل تنافسها إلى درجات مزعجة في هذا الشهر المبارك وكأنها موكلة بإلهاء الناس وصدهم عن الجد والعمل المنتج, وهكذا في مختلف المجالات الحياتية – حسنها وسيئها - .
وفي خضم هذه التنافسات يذكرنا رمضان بأهم هذه المنافسات, وأعلاها قدراً, وأكملها شرفاً, وأعظمها ثمرةً, وأرسخها جذراً.
ذلكم هو ما أشار إليه تعالى بقوله سبحانه: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
وكذا في قوله تعالى: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين), وفي التطبيقات العملية يشير ربنا سبحانه إلى حالة الأنبياء والمرسلين كما قال عن أنبياءه ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ....)،
والنبي عليه الصلاة والسلام يتمثل هذه المنافسة بقوله وفعله ففي ميدان الصلاة يصلي حتى تتفطر قدماه, ويقول لعائشة رضي الله عنها عندما أبدت استغرابها وقد غفر الله تعالى من ذنبه وما تأخر, فيقول: (أفلا أكون عبداً شكوراً).
وتنتقل هذه التجربة إلى مجتمع الصحابة رضي الله عنهم على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي, فعلى المستوى الفردي هذا عمر الفاروق رضي الله عنه يسارع في أن يتصدق بنصف ماله ويعتقد أنه سبق أبا بكر رضي الله عنه فيأتي ويجد أبا بكر رضي الله عنه قد تصدق بماله كله وذلك في غزوة تبوك, وفي جلسة أخرى يطرح النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً: (من أصبح منكم اليوم صائماً) فيجيب أبو بكر: أنا, وهكذا يجيب عند ما سأل عن الصدقة واتِّباع الجنازة, فيعلن النبي صلى الله عليه وسلم إنها ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة وعلى المستوى الجماعي يأتي فقراء الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون حالهم بأن أخوانهم الأغنياء سبقوهم في ميدان الصدقة بقولهم (ويتصدقون ولا نتصدق) فيدلهم النبي صلى الله عليه وسلم على ميدان أخرى من ميادين العمل والمنافسة وهو ميدان ذكر الله سبحانه وبخاصة بعد الصلاة.
هذا غيض من فيض من نماذج مليئة في السيرة النبوية وسير السلف الصالح لا يتسع المقام لسردها, وحسبنا أن هذه المنافسة هي ميدان الموفقين في هذا الشهر المبارك، عرفوا قدره، فتنافسوا فيه، فأملوا نتائجه، وأحسنوا الظن ببلوغهم ثمراته.
ومن هنا يطيب للمؤمن العاقل الموفق أن يسجل في سجلاته – وأيام هذا الشهر تمضي وتسير, ماينافس ويسابق فيه في مختلف الميادين وعلى رأسها:

  • تجديد النية بإخلاص العبادات كلها لله سبحانه.
  • استشعار العبادات القلبية وتمثلها في واقع المسلم الصائم مثل المحبة والخوف والرجاء والشكر والصبر واستشعار أسماء الله الحسنى وصفاته العلى, وتعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى وتحقق الاستسلام له سبحانه ونحوها.
  • المحافظة على الفرائض وعدم التساهل بها.
  • ما تعظم فيه الأجور من النوافل, ولا يستقل القليل فيتركه ولا يستكثر الكثير فيعجب بعمله فيبطل, ومن هذه النوافل:
- السنن الرواتب والمحافظة عليه.
- التراويح والوتر.
- صلاة الضحى.
- قراءة القرآن الكريم وترتيله والتأمل فيه.
- الجود بالجاه والمال والرأي.
- الصلة للأرحام والعطف عليهم والقيام بحقوقهم.
- السنن الرمضانية في السحور والإفطار.
- كثرة الذكر, فلا يزال السائل لسانه رطباً بذكر الله.
- كثرة الدعاء.
- تفطير الصائمين.
- الدلالة على الخير أيا كان نوعه.
- العناية بالأسرة في جميع الحالات.
- التعليم والارشاد.
- وغيرها كثير.
فإن لم تستطع في جميع الميادين فنافس ولو في بعضها فاليوم عمل وغداً حساب وجزاء, واليوم زرع وغداً حصاد, فازرع لنفسك ما تريد حصاده غداً مادمت قادراً على الزراعة .
وخاطرة ثالثه: بل قل همسة في أذن كل مسلم ومسلمة بعامة وفي آذان الدعاة والمربين والموجهين بخاصة بأن يجعلوا من هذا الشهر منطلقاً إيجابياً للتأمل في دعوتهم وأساليب تربيتهم وطرائق تعاملهم مع المجتمع، بل وطرائق تفكيرهم في معالجة السلبيات، وفي المشاركات الايجابية، وأشير هنا إلى عدة نقاط أجد أن رمضان محل للتأمل فيها:-
- العناية بتزويد النفس في مايقويها علماً ويزيد رصيدها العلمي والتربوي.
- المراجعة والمحاسبة والتقويم للأهداف.
- إعادة النظر في الأساليب والوسائل.
- العناية بالأسرة الخاصة وعدم قفزها إلى قضايا المجتمع بكاملها فيؤتى من قبل سرته.
- زيادة الرصيد الروحاني وبخاصة: التعامل مع القرآن الكريم والتأمل فيه.
- معالجة أمراض النفوس وبخاصة الخفية منها ومصارحة النفس بذلك.
- وغيرها من القضايا مما لايخفى.

وفقني الله وإياك لمرضاته.
وإلى خواطر أخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
خواطر رمضانية (2)
في المقال السابق عشنا ثلاث خواطر رمضانية , وفي هذه الكلمات نكمل تلك الخواطر
الخاطرة الربعة: للبيوت شؤونها, ولها أسرارها الخاصة, وأحوالها المتنوعة, واهتماماتها المتعددة, وبخاصة في بلادنا المباركة حيث تعيش البيوت إجازة دراسية بعد سنين سابقة كان الأبناء والبنات يواصلون دراستهم في مدارسهم وكلياتهم مع الصيام والقيام.
ونظرة – عامة – يجول فيها الخاطر مع أحوال البيوت فيرى كثيراً من العجب في هذا الشهر المبارك, وتكاد ترى قواسم مشتركة, وبخاصة في تقسيم الوقت الذي يعيشه أكثر الناس تجدهم مستيقظين في ليلهم, ونائمين في نهارهم وبحجة أن هذا العام أكثر حرارة في الجو من غيره, وإن غُضّ الطرف عن هذا التقسيم فالمشكل جداًَ أيما إشكال فيما يترتب عليه سواء في التعامل مع الصيام, أو مع الصلاة, أو مع قضاء الوقت, أو مع استشعار عظمة الشهر, أو مع المطاعم والمشارب, ونحو ذلك من الأحوال الحياتية الأخرى.
ولعلي أذكر أنماطاً من تعامل البيوت مع هذا الشهر الكريم مما يستدعي إعادة النظر بشيء من الجدية لنحقق أهداف هذا الشهر المبارك, والغاية التي من أجلها شرع الله تعالى هذه الشعيرة المباركة وبخاصة أننا نعيش عشر رمضان الأخيرة وأفضلها.

  • فكثير من البيوت بل أغلبها حولت الليل إلى:
- برامج زيارات.
- متابعة لبعض الفضائيات والبرامج والمسابقات.
- وتجوال في الأسواق لمتابعة ماجدَّ في عالم الملابس والأحذية والعطورات وغيرها كما حولت النهار إلى نوم متواصل, والمزعج عند بعض هؤلاء أن تؤخر صلاة الظهر والعصر إلى أن يخرج وقتها.

  • وبيوت أخرى ركزت الهم والعمل على تصنيف المأكولات والمشروبات والتنوع فيها فأصبح شعاراً رمضانياً دون أن يصحب ذلك تحول في البرامج الإيجابية.
  • وشباب هجروا البيوت إلى الاستراحات والفضاء والمقاهي والملاعب فأصبحت بيوتهم كالفنادق فهي مجال للراحة والنوم, وتركوا الأهل والوالدين والأخوة والأخوات ناهيك عن سائر الأقارب والأرحام.
  • وآخرون منهم همهم وغاياتهم في قضاء أوقاتهم مع الرياضة وبخاصة في متابعتها مع الفضائيات, وحدث ولا حرج عن كثير منهم يعيشون ليلهم جدالاً لا ينقطع في التعليق على تلك المباريات وما جرى منها.
  • وأخريات من النساء لا تنتهي طلباتهن من الأسواق ولو كان في العشر الأواخر من رمضان.
  • وبيوت وبيوت, وأخرون وأخريات أنماط متعددة وسلوكيات متنوعة, ولا ننسى بيوتات موفقة وهي كثيرة, عرفوا قيمة الشهر, فقسموا أوقاتهم فاستمتعوا بما أباح الله لهم من الطيبات, ولم ينسوا فضل الشهر بالطاعات, فاستشعروا قيمة الزمن, وعظموا شعيرة الصيام, واستجابوا لنداء الله تعالى ونداء رسوله صلى الله عليه وسلم فعمروا الوقت بين الصيام والتراويح والجود والصدقة, والبر والإحسان والصلة والزيارة, والدعاء والذكر, ولم ينسوا الأموات من صدقاتهم ودعائهم والبر بهم, وعاشوا في قلوبهم ودعائهم ومشاعرهم مع إخاونهم في أنحاء العالم يتصدقون على الفقراء ويطعمون المساكين ويترحمون على الأموات, ويدعون لكل مسلم ومسلمة, ولنصرة الإسلام وعزة المسلمين.
هؤلاء موفقون, منصورون, مطمئنون, بشرهم الله تعالى برفعة درجاتهم, وتكثير أجورهم, وتكفير سيئاتهم, وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
* * * * * *
إن البيوت هي المجتمعات المصغرة, والدوائر الأولى التي تجمع المجتمع كله, فيا أرباب البيوت, ويا ربات البيوت, هل بيوتكم رخيصة إلى درجة إهمالها والبعد عنها؟
وهل هي من رخصها تُعرض في المزاد العلني للفضائيات والإنترنت والهاتف ليتسلل منها شياطين الإنس والجن فيخربونها حتى لم تعد صالحة للتربية على الخير والفضيلة؟
إن غلاء أهلك وبيتك أيها المسلم الصادق مع نفسه يحتِّم عليك النظر بشيء من الجدية, والشفقة, والرعاية, والحرص والحنان والمحبة والخير, لكي تعيد حساباتك, فتُقوّم نفسه في تعاملك مع بيتك فتجدد برامجه بما يتفق مع قدسية الشهر وبما لا يمنع من الاستمتاع بروحانيته, والأنس بداخله, والاطمئنان حال الخروج منه, والسرور مع أهله.
ولعل مما يفيد في ذلك, تقسيم الوقت ليتم المحافظة على الفرائض, والاجتماع قبيل الفطور وحال الإفطار ليتم الدعاء وفرحة الصيام عند الفطر, والحرص على أكله السحر في وقتها لتطبيق السنة في نيل بركة السحور, والدعاء في هذا الوقت الفاضل, ولعدم فوات صلاة الفجر مع الجماعة للرجال وتأديتها في وقتها.
ومما يفيد أيضاً: عدم تكثير الأنواع في المأكولات والمشروبات في اليوم الواحد فيقتصر على ما لا يشغل وقت النهار لكي يبقى وقت للنساء لقراءة القرآن الكريم وترتيله والتأمل فيه وبخاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له تعامل خاص مع القرآن الكريم في هذا الشهر المبارك.
ومن ذلك أيضاً: وضع مسابقة خفيفة, يومية أو أسبوعية, وشهرية لإيجاد روح التنافس بين أفراد الأسرة وتوضع الحوافز والتشجيعات ليتقدم الجميع في برامج الأسرة ويتم التنافس المحمود.
ومن ذلك أيضاً: توزيع المهام والأدوار فلا يكون ضغط العمل على الأم, أما البنات بين الفضائية والهاتف والنوم, وكذا بالنسبة للأب مع الأبناء, وهذا له مردوده الإيجابي الكبير حتى في مسارات الحياة كلها فيتربى الأبناء والبنات على ما يفيدهم وهذا مما يزيد في بركة الوقت أيضاً.
* * * * * *
لا شك أن كل أب وأم حريص كل الحرص على بيته, ويود أن يكون بيته هو البيت المثالي, ولكن قد يخطئ الإنسان الطريق فلا يصل إلى مراده.
ولذا من الخير أن نتعامل مع أنفسنا وبيوتنا بشيء من الوضوح والصراحة والشفافية والصدق فتوضع النقاط على الحروف, وأظن أن من أنسب الأوقات شهر رمضان المبارك وبخاصة أن الأبناء والبنات في إجازة دراسية وبالأخص في هذه العشر الأخيرة من رمضان.
إن الغفلة أو التغافل عاقبتهما وخيمة, وربما تكون عاجلة فيندم الإنسان يوم لا ينفع الندم, ويقول: ياليت ياليت ولكن لا تنفع شيئاً ليت. نعم.
نعم قد تكون البداية متعبة أو مكلفة, أو هكذا يصورها الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء, ولكن الحقيقة ليست كذلك فلينطلق المسلم الصادق مع نفسه, ويكثر الدعاء, ويباشر الأسباب والعمل بها, وليبشر بتوفيق الله تعالى, ولتقر عينه بعمله وتربيته, وزوجه, وبيته, وفي دنياه وآخرته.
وفقني الله وإياكم لمرضاته
وصلى الله عليه نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن

 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
عبودية شهر رمضان الزمان والمكان والحال

خلق الله تعالى الإنسان في هذه الحياة لغاية عظمى، تمثلت في أمرين:-
1 - عمارة الكون ، قال تعالى ) وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال إني أعلم مالا تعلمون )

فتبين من هذا أن الله خلق الإنسان لا ليفسد ولا يسفك الدماء، ومعنى هذا أنه ليصلح ، ويقيم الحياة .

2 - والثانية عبوديته لله سبحانه ، قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وهيأ سبحانه الوسائل الكبرى ليتبصر الإنسان بهذه العبودية فأرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام ليدلوا الخلق على هذه العبودية ، وأنزل معهم الكتب ، قال سبحانه ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) وقال سبحانه ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم ) .
وهذه الغاية: يترتب عليها سعادة الإنسان وشقاوته في الدنيا والآخرة .
ومن الواجب على هذا الإنسان أن يعي مقتضيات العبودية ليقوم بها.
وهي – أي العبودية لله – ميدان للتنافس العظيم للوصول إليها بأقرب الطرق وأيسرها.
ومن الخير العظيم إدراك هذه الطرق، ومعرفتها وكيفية التعامل معها .
وأضرب لذلك مثالاً أحسب أنها من أهم ما يجب إدراكه لنحقق العبودية لله سبحانه في أقصر طرقها ، وأفضل مكاسبها . وهو مايلي:
تتجلى العبودية لله سبحانه في جميع الأحوال ، والأمكنة ، والأزمان ، فقد فضل الله سبحانه بعض الأمكنة على بعض ، وبعض الأزمنة على بعض ، وبعض الأحوال على بعض .
فمن الأمكنة تفضيل المسجد الحرام على غيره من المساجد ، وتفضيل المساجد على غيرها من الأمكنة ، وحرّم الصلاة في بعض الأمكنة كالمزابل والحمامات ومعاطن الإبل والمقابر .....وهكذا
فإدراك هذا التفضيل يقود المسلم إلى أن يقوم بالعبودية لله سبحانه فيما يتوافق مع هذه الأمكنة ، ويعظم الأجر ويزداد ، فإذا وفق لزيارة المسجد الحرام أكثر من الصلاة فيه لأن الصلاة فيه تزيد عن غيره بمائة ألف صلاة ، كما يكثر من الطواف متى ما تيسر له ذلك لأن الطواف لا يشرع في غيره .. ومن التأخر عن الفضائل ألا يستثمر هذه الأمكنة بتلك العبودية .
ومثله الأزمان فعلى مستوى اليوم ، فآخر الليل ومابين الأذان والإقامة ، وعلى مستوى الأسبوع يوم الجمعة ، وعلى مستوى السنة شهر رمضان المبارك ، وعشر ذي الحجة ، وغيرها ، ولكل زمن ووقت عبوديته التي تفضل عن غيرها فآخر الليل يستحب فيه الصلاة والدعاء وفي السحر : الاستغفار ، ومابين الأذان والإقامة الصلاة والدعاء ، وفي شهر رمضان مختلف العبادات كقراءة القرآن الكريم والذكر والدعاء ويزيد عن غيره بصلاة التراويح ، وتفطير الصائمين وبذل الجود ... وعشر ذي الحجة بمختلف الأعمال الصالحة كما ورد في الحديث المعروف المشهور .
ومن الخير العظيم: أن يدرك المسلم عظم هذه الأزمنة فيعبد الله تعالى بما تقتضيه هذه الأزمنة.
أما عبودية الأحوال فلا تنحصر وتحتاج إلى فقه دقيق، وإدراك حصيف ، ومن ذلك :-
· حال القوة وحال الضعف .
· حال الصحة وحال المرض .
· حال الشباب وحال المشيب .
· حال وجود الأبوين وحال فقدهما .
· حال الغنى وحال الفقر .
· حال قدرته على الأعمال، وعدم قدرته .
· حال سماع كلمته وعدم ذلك .
· حال تعلمه وعدم تعلمه .
· حال وجود زوجة وأبناء وبنات أو عدم ذلك .
· حال إقباله على الطاعة وعدم إقباله وفتوره .
· حال إتقانه لبعض المهارات دون بعض .
· حال نوعية عمله ووظيفته .
· حال شغله، وفراغه .
· حال وجوده مع آخرين وحال كونه منفرداً .
· حال سفره وحال إقامته .

وهكذا فكل حال من هذه الأحوال له عبودية خاصة تعظم فيه دون غيره، ويصعب التفصيل لكل حال في هذه الكلمات، ولكن أذكر مثالاً على تلك الأحوال:-
ففي حال وجود الأبوين على قيد الحياة ، من الخير العظيم للمسلم أن يشتغل ببرهما بما يوافق حالهما ، في القول ، والفعل ، والمال ، قبل أن يغادرا هذه الحياة فيندم على أنه لم يقم بما يجب تجاههما من البر ، وفي هذه الحال تفضل هذه العبادة على غيرها .. فليتأمل .
ومثال آخر : حال السفر يختلف عن الإقامة فيعبد الله سبحانه بما لاستطيع في غيره مثل : التفكر في مخلوقات الله سبحانه ، والذكر ، والتأمل في حاله ، ومحاسبة نفسه ، والتفرغ للأهل بما لايستطيعه حال الإقامة وإفادتهم ، وزيارة بعض الأماكن المناسبة ، وألا يكون حال سفره وإقامته سواء ، وأن يدربهم على مقتضيات السفر ، ويريحهم من ( روتين ) الإقامة ، وهكذا ..

أحسب أن إدراك هذه العبودية بأماكنها وأزمانها، وأحوالها، يورث أمور هامة منها:-

1- استمرار حسنات العبد في جميع أحواله .
2- كثرة الحسنات وزيادتها .
3- الدخول في المنافسة العظمى في الصالحات .
4- عدم دخول الشيطان عليه ليبعده عن مواطن الفضل .
5- المشاركة في كثير من العبادات التي قد لا تتيسر له إلا في هذه الأحوال والحالات .
6- اكتشاف الإنسان لقدراته ومواهبه، فيبدع في مجال يظن نفسه غير قادر عليه .

ونحن في إقبال شهر رمضان أحسب أنه يجتمع فيه فضائل ( الأمكنة، والأزمنة، والأحوال ) وفي نظرة تأمليه يدرك الموفق ذلك.
فلا خلاف أن شهر رمضان أفضل الأزمنة على الإطلاق وبناءً على هذا يعمل الموفق برنامجه وفق هذه الأفضلية ، ويؤسس عمله وفق منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه : صلاة التراويح ، وقراءة القرآن الكريم ، وتفطير الصائمين ، والدعاء عند الفطر والسحر ، والقيام على المساكين والفقراء والمحتاجين ، وغير ذلك ؟

أما أفضلية الحال، فحال الصوم يختلف عن حال غيره، فتأمل – أيها الموفق – ما حال الصائم..؟ الذي أجره لا يعد بعد ولا يحسب بحساب فكيف إذا أضاف لذلك أنواعاً من العبادات.
أما أفضلية الأمكنة : فكم يقضي الصائم في مسجده وأمكنة عباداته ، وفي حال دعائه وذكره وقراءته ، وإذا أضيف إلى ذلك وجوده ولو شيئاً من الوقت في المسجد الحرام ، أو المسجد النبوي ، فكان ذلك خيراً لا يتصوره الإنسان في مخيلته ، ولا في حساباته ، ولا يعلم عظم ذلك إلا الله سبحانه وتعالى .

إن من المهم والمسلم يستقبل هذا الشهر المبارك :-
· إدراك العبودية ألحقه لله سبحانه وتعالى .
· استشعاره للمنافسة العظيمة التي يجب أن يشارك فيها، ومن أعظم ميادينها عبودية الزمان والمكان والحال .
· إدراكه عظم الزمان والحال .
· بناء برنامجه اليومي والأسبوعي والشهري لتشمل منظومة العمل ما يتوافق مع مكانة الزمان والمكان والحال .
· الاستعداد النفسي لهذه الأعمال الجليلة .
· إعادة صياغة أهدافه في هذه الحياة التي من أعظم وسائل الوصول إلى تحقيقها شهر رمضان المبارك.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والله من وراء القصد ،،،...


 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
رمضان وصناعة المعروف
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في هذه الحياة وحمله الأمانة والتكليف ، ويسر له من السبل والوسائل ما يعينه على القيام بها.
ومن أهم تلك الوسائل ما منحه الله سبحانه وتعالى من قدرات وإمكانات تجعله قادراً على أن يقوم بأصل التكليف ، وفي الوقت نفسه ما يمكن أن يكون مبدعاً فيه ، ويدخل في هذه القدرات ما يتعلق بالقدرات العقلية والجسدية ، مما هو داخل في التكفير نحو الأعمال الإيجابية الكثيرة والتخطيط لها ، أو مما يدخل في دائرة الأعمال سواءً كانت أعمالاً قلبية عبادية كالتوكل والخوف والرجاء والمحبة والاستعانة والاستغاثة وغيرها أو دائرة أعمال الجوارح كالصلوات والزكوات والصيام والحج والعمرة وسائر الأعمال.
ومن الوسائل ما منحه الله سبحانه وتعالى عباده مما يتعلق بالفرص الزمانية والمكانية مما تكون ميداناً فسيحاً للمنافسة في الاستفادة من الفرص العظيمة التي يمكن للمرء أن يسجل فيها أرقاماً قياسية للاستفادة منها .
* * *
ومن أعظمها شهر رمضان المبارك ، رمضان من حيث هو زمان يعادل في الزمن 12:1 فهو نسبة عالية إذا ما أبدع فيه المؤمن وحاول أن يستفيد منه بقدر ما منحه الله جل وعلا وهنا – ونحن في بداية الشهر المبارك – يمكن أن ألمح إلى بعض المنح الرمضانية التي يستطيع فيها الكبير والصغير ، والذكر والأنثى ، والغني والفقير ، والصحيح والمريض ، والرئيس والمرؤوس أن يسهم اسهامات كبيرة وعظيمة وذلك في مجال صناعة الخير والمعروف والمبادرةإليه من أول ليلة يطلّ فيها هذا الشهر المبارك ، وذلك من خلال المعالم المنهجية الآتية :-

المعلم الأول : تجديد الشعور بمهمة الإنسان في هذه الحياة ، وأن الله جل وعلا جعله محل القيام بالتكليف والأمانة والمسؤولية متذكراً قوله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}الأحزاب72 .
من شأن هذا الشعور أن يوجد دافعاً قوياً ، وحافزاً نشطاً لتحمل التكاليف ، والقيام بها ، واستشعار آثار ذلك في الدنيا والآخرة ، فيسابق الزمن للأعمال الصالحة المتنوعة .
المعلم الثاني : ادراك أهمية الشهر وما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده الايجابيين صياماً وقياماً وانفاقاً وبراً واحساناً ومحبة واحتراماً ، ودعاء وذكراً .
إن ادراك هذه الأهمية يورث اقبالاً على محبة الشهر والأعمال فيه ، ألا ترى أخي الكريم كيف كان النبي – صلى الله عليه سلم - يحفز أصحابه رضوان الله عليهم عند دخول شهر رمضان مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المشهور الذي عدد فيه تضاعف الحسنات حتى قال : ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) وقوله – صلى الله عليه وسلم - عن رمضان : ( تفتح فيه أبواب الجنان ، وتغلق فيه أبواب النيران ، وتصفد الشياطين فيا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ).
عندما يستشعر المسلم وهو في بداية الشهر هذه المحفزات والفضائل والآثار العظيمة سيجد إقبالاً من نفسه على الأعمال الكبرى والمحافظة عليها وسينافس غيره في كل ما يستطيع ، ومن هنا يتوجب على المسلم أن يجدد هذا الشعور بالأهمية الكبرى لهذا الشهر وما أوجب الله فيه من العبادات وما شرعه من القربات والطاعات .
المعلم الثالث : التأمل والمحاسبة والتقويم في بداية الشهر وأقصد تقويم أعمال الإنسان لنفسه فما كان منها خير يحمد الله تعالى عليه ، وما كان غير ذلك فيصححه ، وهذا التأمل يجعل المسلم يحدد نقطة البداية القوية فيسير مع الله تعالى في هذا الشهر الكريم وصفحته بيضاء ، وقد عزم على المواصلة في الأعمال الخيرية من فرائض ومستحبات ، والتوبة عن الخطايا و الآثام .
المعلم الرابع : البرمجة للأعمال ، سواءً كانت الأعمال نفسها أو توزيعها على الوقت مثل :
- أن يحرص على الالتزام بالفرائض كالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، أو الواجبات الأخرى كبر الوالدين وصلة الأرحام .
- أن يسجل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها وتكون متنوعة بحيث ينال نصيباً من كل فضيلة ، ويحرص على ما كان يحرص عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشهر ، مثل صلاة التراويح ، والانفاق ، والاعتكاف ، والاحسان إلى الآخرين ، وقراءة القرآن الكريم ومراجعته .
- أن يحدد الأولويات فلا يقدم أمراً مستحباً على أمر واجب ولا يقدم أمراً لا يستطيعه على أمر يستطيعه .
- أن يوزع الأعمال فهناك أعمال يقصر نفعها على الإنسان ذاته كقراءة القرآن الكريم والذكر والصلاة ، فعليه أن ينال نصيباً منها ، وهناك أعمال يتعدى نفعها للآخرين كالانفاق وتعليم العلم والتوجيه والنصح ، وتفطير الصائمين وغيرها فيجعل له نصيباً منها .
- أن يقوم بالأعمال الخاصة كالأعمال الوظيفية وغيرها ، ويجعل للأسرة نصيباً كبيراً فرمضان مدرسة وأي مدرسة فيفطر مع أهله وأولاده ويتسحر معهم ويقرأ القرآن معهم ويدعو وإياهم ويحافظ على أوقاتهم ، ويشجعهم على أفعال الخير ، ويورث مجالات التنافس بينهم وغير ذلك .
إن مقتضى هذه البرمجة أن تسهل الأعمال على الإنسان ، وتجعله مشاركاً في ميادين مختلفة ، مبتعداً عن التوتر والضغوط النفسية .
المعلم الخامس : استشعار الأجر والمثوبة في كل عمل ، وإن شئت قل : مصاحبة الإخلاص لله سبحانه ، وتجديده ، ورجاء ثوابه هذا الإخلاص - كما هو شرط في صحة العبادة - إلا أنه من أكبر دوافع المسيرة الإيجابية نحو البناء الكبير ، ومعالجة التقصير والنصوص في هذا أكثر من أن تحصر يكفي قوله تعالى : {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}الزمر2، وقوله تعالى : {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }غافر14 .
إن هذا الإخلاص من شأنه تصفية ما يشوب القلوب من الأوساخ والأدران المعكرة على قبول الأعمال ، فيورث ذلك طمأنينته ، وسكينة ، وإقبالاً ، وتشجيعاً على جميع أنواع المعروف والخير.
المعلم السادس : تقوية الارادة نحو المعروف والخير ، واضعاف ارادة الشر ، وذلك بعدة مسائل منها :
- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء الصادق بالإعانة والتوفيق والتسديد ، وإصابة الحق ، والاعاذة من شياطين الإنس والجن .
- كثرة ذكر الله تعالى الذي هو مقصود العبادات كلها والله جل وعلا قال
عن الدعاء :{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}غافر60، وقال عن الذكر : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}البقرة152 .
- المبادرة نحو كل عمل ولو بالقليل لأن الخطوات الكبرى لا تأتي إلا مروراً بالخطوات الصغرى ، ومن أراد حيازة المعروف ، والقيادة فيه فليبادر ولو كان بالعمل القليل فربما كان هذا العمل القليل أعظم عند الله تعالى من أعمال هي كبيرة عند الناس ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( رب درهم سبق ألف درهم ) .

* * *
هذه جملة من المعالم أحسب أنها ما اجتمعت في مسلم إلا كان من السابقين المبادرين الذين يصنعون المعروف ويكونون قدوات في الخير ، ومدارس رمضانية متحركة لهم أجور من يتبعهم ، وبخاصة في هذا الشهر المبارك التي تتضاعف الحسنة إلى سبعين ألف حسنة إلى أضعاف كثيرة ، وإن من الخير العظيم أن يفتتح المسلم شهره الكريم ، بل ويستقبله بهذه المعالم المهمة فيكون من السابقين المبادرين المنافسين ، ومن الغبن والخسارة أن يأتي هذا الشهر المبارك وبعض المسلمين لا يأبه به ، أو يجعله كغيره من الشهور ، أو ما هو أشد ممن يتذمر منه ... فهؤلاء وأمثالهم ممن يتأخرون عن الركب وقد يسقطون في الطريق والعياذ بالله.
* * *
بارك الله تعالى لي ولكم في هذا الشهر المبارك ، وأعاننا على حسن الصيام والقيام، والتقرب إليه بالقربات والطاعات وأن يتقبله منا ، وأن يجعله شهر نصر وعز وتمكين للإسلام والمسلمين ، وشهر نشر للخير والفضيلة في أنحاء المعمورة ودمتم صائمين قائمين .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد...
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
جزيتم الفردوس الاعلى شيخنا الكريم،، كتب الله لكم الاجر
نسال الله العلى العظيم ان يبلغنا شهر رمضان المبارك .. وأن يعيننا على حسن الصيام والقيام، والتقرب إليه بالقربات والطاعات وأن يتقبله منا
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
آمين يارب العالمين

سلمت اخي الفاضل وسلمت يمينك
كتب الباري سبحانه اجرك ونفع بك
وجزاك جل وعلا كل الخير
 
أعلى