ابن عامر الشامي
وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
- إنضم
- 20 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 10,237
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المملكة المغربية
- احفظ من كتاب الله
- بين الدفتين
- احب القراءة برواية
- رواية حفص عن عاصم
- القارئ المفضل
- سعود الشريم
- الجنس
- اخ
أهمية كتاب النشر لابن الجزري في وصل المدرسة المغربية بالمشرقية وفرح أئمة القراء في المغرب بدخوله:
وقد كانت كتب ابن الجزري نادرة في الأيدي في المغرب إلى وقت متأخر جدا, وخاصة منها "كتاب النشر", فمع تقدم وفاة ابن الجزري سنة 833هـ فإن هذا الكتاب لم يصل إلى المغرب وخاصة إلى فاس إلا بعد منتصف المائة الحادية عشرة تقريبا.
فهذا أبو العباس أحمد المنجور (ت 995) يقول في آخر أجوبته([1]) على أسئلة أبي الفوارس أحمد بن محمد المسيري المصري نزيل قسنطينة بالجزائر :" وطالبا من كمال فضله أن لا ينسانا من صالح دعواته في خلواته وجلواته, وأن يطلعنا على كتاب "نشر القراءات العشر" للإمام ابن الجزري, ويتحف بفوائده هذه البلاد"
وهذا الإمام أبو زيد بن القاضي على كثرة مروياته وسعة نقوله في كتبه وخاصة في "الفجر الساطع" يذكر في باب المد منه عند إيراده لمذهب ابن الجزري في إسقاط وجه الإشباع في لفظ "سوءات" قوله : " ولم أر من تآليفه غير "تقريب النشر"([2]) الدال على قوة حفظه وكثرة مطالعته لكتب القوم"([3]).
وقال في آخر كتاب "إيضاح ما ينبهم على الورى من قراءة عالم أم القرى" بعد أن قرر الألفاظ الواردة في التكبير للبزي عن ابن كثير:" وبعدما سطرت هذا بسنين كثيرة قدم بعض الأئمة من المشرق, وأتى بـ"النشر" لابن الجزري ولم يدخل قبل هذا لمغربنا قط, فطالعته فوجدته ذكر هذه المسألة"([4]).
وسبب هذا التأخر بلا شك هو انقطاع الرحلة وضمور شأن العناية بالرواية وخاصة في المائة العاشرة, على عكس ما كان عليه الأمر في العصور الماضية حين كان التأليف لا يكاد يفرغ منه مؤلفه حتى يجد طريقه إلى هذه الجهات كما وقع بالنسبة لشروح الشاطبية وخاصة لشرحي أبي شامة والجعبري.
ولهذا كان لدخول "كتاب النشر" آخر الأمر إلى فاس صدى هائل استحق مثل هذا التنويه من أبي زيد بن القاضي, وإن كان لم يتفضل بتسمية من أدخله من الأئمة, وهو على كل حال غير أبي العلاء المنجرة لأن رحلته إلى المشرق كانت ـ كما قدمنا ـ سنة 1108هـ أي بعد موت ابن القاضي بربع قرن.
وقد عبر عن مبلغ الفرحة بدخول هذا الكتاب أيضا الشيخ أبو المكارم محمد الراضي بن عبدالرحمن السوسي الآنف الذكر في أصحاب ابن القاضي فيما وقفت عليه له في كتاب في قراءة ابن كثير([5]) قال في آخره بصدد الحديث عن مسألة من افتتح الركعة التي يختم بها القرءان بأم الكتاب ثم يرد أن يبتدئ القرءان من سورة البقرة, هل يفتح بأم القرءان لابتدائه القرءان من أوله..؟ قال:
"ولما من "الله علينا بدخول " كتاب النشر" لمدينة فاس ولم يدخلها قط فيما سلف من الزمان وجدته تكلم عليها, وأفصح وبين المراد, فجزاه الله خيرا"([6]).
وأهمية أبي زيد المنجرة ليس فقط أنه أدخل مثل هذا الكتاب, ولكن أنه أدخل القراءة بمضمنه وما اشتمل عليه باقي كتبه من الطرق كالدرة والتحبير, فكان بذلك رائدا في إدخال القراءات العشر من هذه الطريق, وناشرا لمذاهب ابن الجزري في القراءة والأداء, وأسلوبه أيضا في جمع القراءات.
وقد فصل أسلوب الأخذ بطريقة الجمع والإرداف وذكر الكثير مما قرره الحافظ ابن الجزري في "النشر" في كتابه "نزهة الناظر والسامع في إتقان الأداء والإرداف الجامع"([7]), وبين الأنماط المعروفة في الجمع, ثم عقد فصلا تحت عنوان "فصل في كيفية الجمع المأخوذ به عندنا", وفيه بين أنه مركب من النمطين: الجمع بالحرف والجمع بالوقف, ثم ساق تطبيقات على ذلك حسب الطرق والوجوه المأخوذ بها للسبعة ثم للعشرة, ثم للطرق العشرة النافعية وساق تطبيقا عمليا على قوله تعالى "فكيف آسى على قوم كافرين" في سورة الأعراف فوصف كيفية أدائها وقال :"فتاتي للأزرق بستة أوجه :ثلاثة في الهمزة, وثلاثة في الألف الممال, وكلها مع الفتح والإمالة في ألف "آسى", ثم تمر على قوله "كافرين" فتدخل بالإمالة للأخوين, وهما يوسف الأزرق وعبد الصمد العتقي, ثم تردف الفتحة.. إلخ.
وهذا النمط الذي وصفه الشيخ المنجرة في هذا الكتاب هو جار على حسب الطريقة البسيطة التي كان يقرأ بها "العشر الصغير" لهذا العهد, ثم ظهرت عند المتأخرين الطريقة التركيبية المتبعة الآن وهي متداخلة مع العشر الكبير, ولذلك لم يعد أحد يمكنه أن يقرأ لنافع بالطرق العشرة إلا بعد تحققه من العشر الكبير, لأنه أصبح عند المشايخ مركبا عليه, ولهذا طالت أردافه وتعقدت رموزه تعقيدا لا مزيد عليه, ولا أحسب أن الشيخ المنجرة قد كان يأخذ بهذا الأسلوب الذي يكاد يدخل إتقانه في باب الخوارق والمعجزات.
[1]- تقدمت الإشارة إلى هذه الأجوبة في ترجمة المنجور في مشيخة الإقراء من مدرسة ابن غازي في العدد الذي قبل هذا، وما نقلناه منها هنا ذكره في ختام الأجوبة وبه ختم.
[2]- هو كتاب قيم لابن الجزري اختصر فيه كتاب " النشر" فرغ منه كما في آخره يوم الأحد عاشر محرم سنة 814هـ وعندي مصورة منه عن أصل خطي 80 لوحة. وأوله قوله :" الحمد لله على التقريب والتيسير.."
[3]- الفجر الساطع في شرح الدرر اللوامع لابن القاضي (باب المد).
[4]- تقدمت الإشارة إلى هذا الكتاب من تحقيق الأستاذ محمد بلوالي وبإشراف أستاذنا الدكتور التهامي الراجي.
[5]- أشارالأستاذ سعيد أعراب إلى كتاب في قراءة المكي للراضي يشبه أن يكون هو ما وقفت عليه في خزانة خاصة " القراء والقراءات بالمغرب 114".
[6]- تقييد في قراءة ابن كثير للراضي السوسي (مخطوط).
[7]- تقدم ذكر الكتاب واستفادة مؤلفه من كتاب أبي الحسن بن سليمان القرطبي المسمى " ترتيب الأداء وبيان الجمع في الإقراء".
كتاب : قراءة نافع عند المغاربة الجزء الرابع للشخ عبد الهادي حميتو
وقد كانت كتب ابن الجزري نادرة في الأيدي في المغرب إلى وقت متأخر جدا, وخاصة منها "كتاب النشر", فمع تقدم وفاة ابن الجزري سنة 833هـ فإن هذا الكتاب لم يصل إلى المغرب وخاصة إلى فاس إلا بعد منتصف المائة الحادية عشرة تقريبا.
فهذا أبو العباس أحمد المنجور (ت 995) يقول في آخر أجوبته([1]) على أسئلة أبي الفوارس أحمد بن محمد المسيري المصري نزيل قسنطينة بالجزائر :" وطالبا من كمال فضله أن لا ينسانا من صالح دعواته في خلواته وجلواته, وأن يطلعنا على كتاب "نشر القراءات العشر" للإمام ابن الجزري, ويتحف بفوائده هذه البلاد"
وهذا الإمام أبو زيد بن القاضي على كثرة مروياته وسعة نقوله في كتبه وخاصة في "الفجر الساطع" يذكر في باب المد منه عند إيراده لمذهب ابن الجزري في إسقاط وجه الإشباع في لفظ "سوءات" قوله : " ولم أر من تآليفه غير "تقريب النشر"([2]) الدال على قوة حفظه وكثرة مطالعته لكتب القوم"([3]).
وقال في آخر كتاب "إيضاح ما ينبهم على الورى من قراءة عالم أم القرى" بعد أن قرر الألفاظ الواردة في التكبير للبزي عن ابن كثير:" وبعدما سطرت هذا بسنين كثيرة قدم بعض الأئمة من المشرق, وأتى بـ"النشر" لابن الجزري ولم يدخل قبل هذا لمغربنا قط, فطالعته فوجدته ذكر هذه المسألة"([4]).
وسبب هذا التأخر بلا شك هو انقطاع الرحلة وضمور شأن العناية بالرواية وخاصة في المائة العاشرة, على عكس ما كان عليه الأمر في العصور الماضية حين كان التأليف لا يكاد يفرغ منه مؤلفه حتى يجد طريقه إلى هذه الجهات كما وقع بالنسبة لشروح الشاطبية وخاصة لشرحي أبي شامة والجعبري.
ولهذا كان لدخول "كتاب النشر" آخر الأمر إلى فاس صدى هائل استحق مثل هذا التنويه من أبي زيد بن القاضي, وإن كان لم يتفضل بتسمية من أدخله من الأئمة, وهو على كل حال غير أبي العلاء المنجرة لأن رحلته إلى المشرق كانت ـ كما قدمنا ـ سنة 1108هـ أي بعد موت ابن القاضي بربع قرن.
وقد عبر عن مبلغ الفرحة بدخول هذا الكتاب أيضا الشيخ أبو المكارم محمد الراضي بن عبدالرحمن السوسي الآنف الذكر في أصحاب ابن القاضي فيما وقفت عليه له في كتاب في قراءة ابن كثير([5]) قال في آخره بصدد الحديث عن مسألة من افتتح الركعة التي يختم بها القرءان بأم الكتاب ثم يرد أن يبتدئ القرءان من سورة البقرة, هل يفتح بأم القرءان لابتدائه القرءان من أوله..؟ قال:
"ولما من "الله علينا بدخول " كتاب النشر" لمدينة فاس ولم يدخلها قط فيما سلف من الزمان وجدته تكلم عليها, وأفصح وبين المراد, فجزاه الله خيرا"([6]).
وأهمية أبي زيد المنجرة ليس فقط أنه أدخل مثل هذا الكتاب, ولكن أنه أدخل القراءة بمضمنه وما اشتمل عليه باقي كتبه من الطرق كالدرة والتحبير, فكان بذلك رائدا في إدخال القراءات العشر من هذه الطريق, وناشرا لمذاهب ابن الجزري في القراءة والأداء, وأسلوبه أيضا في جمع القراءات.
وقد فصل أسلوب الأخذ بطريقة الجمع والإرداف وذكر الكثير مما قرره الحافظ ابن الجزري في "النشر" في كتابه "نزهة الناظر والسامع في إتقان الأداء والإرداف الجامع"([7]), وبين الأنماط المعروفة في الجمع, ثم عقد فصلا تحت عنوان "فصل في كيفية الجمع المأخوذ به عندنا", وفيه بين أنه مركب من النمطين: الجمع بالحرف والجمع بالوقف, ثم ساق تطبيقات على ذلك حسب الطرق والوجوه المأخوذ بها للسبعة ثم للعشرة, ثم للطرق العشرة النافعية وساق تطبيقا عمليا على قوله تعالى "فكيف آسى على قوم كافرين" في سورة الأعراف فوصف كيفية أدائها وقال :"فتاتي للأزرق بستة أوجه :ثلاثة في الهمزة, وثلاثة في الألف الممال, وكلها مع الفتح والإمالة في ألف "آسى", ثم تمر على قوله "كافرين" فتدخل بالإمالة للأخوين, وهما يوسف الأزرق وعبد الصمد العتقي, ثم تردف الفتحة.. إلخ.
وهذا النمط الذي وصفه الشيخ المنجرة في هذا الكتاب هو جار على حسب الطريقة البسيطة التي كان يقرأ بها "العشر الصغير" لهذا العهد, ثم ظهرت عند المتأخرين الطريقة التركيبية المتبعة الآن وهي متداخلة مع العشر الكبير, ولذلك لم يعد أحد يمكنه أن يقرأ لنافع بالطرق العشرة إلا بعد تحققه من العشر الكبير, لأنه أصبح عند المشايخ مركبا عليه, ولهذا طالت أردافه وتعقدت رموزه تعقيدا لا مزيد عليه, ولا أحسب أن الشيخ المنجرة قد كان يأخذ بهذا الأسلوب الذي يكاد يدخل إتقانه في باب الخوارق والمعجزات.
[1]- تقدمت الإشارة إلى هذه الأجوبة في ترجمة المنجور في مشيخة الإقراء من مدرسة ابن غازي في العدد الذي قبل هذا، وما نقلناه منها هنا ذكره في ختام الأجوبة وبه ختم.
[2]- هو كتاب قيم لابن الجزري اختصر فيه كتاب " النشر" فرغ منه كما في آخره يوم الأحد عاشر محرم سنة 814هـ وعندي مصورة منه عن أصل خطي 80 لوحة. وأوله قوله :" الحمد لله على التقريب والتيسير.."
[3]- الفجر الساطع في شرح الدرر اللوامع لابن القاضي (باب المد).
[4]- تقدمت الإشارة إلى هذا الكتاب من تحقيق الأستاذ محمد بلوالي وبإشراف أستاذنا الدكتور التهامي الراجي.
[5]- أشارالأستاذ سعيد أعراب إلى كتاب في قراءة المكي للراضي يشبه أن يكون هو ما وقفت عليه في خزانة خاصة " القراء والقراءات بالمغرب 114".
[6]- تقييد في قراءة ابن كثير للراضي السوسي (مخطوط).
[7]- تقدم ذكر الكتاب واستفادة مؤلفه من كتاب أبي الحسن بن سليمان القرطبي المسمى " ترتيب الأداء وبيان الجمع في الإقراء".
كتاب : قراءة نافع عند المغاربة الجزء الرابع للشخ عبد الهادي حميتو
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع