- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
هنا تسكب العبرات
الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، ومالك يوم الدين، عز فارتفع، وعلا فامتنع, وذلَّ كل شيء لعظمته وخضع، لا راد لما قضى وقدر، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا من كان من الهالكين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
إن حج بيت الله العتيق نعمة من الله - تبارك وتعالى - ينعم بها على من يشاء من عباده وييسرها له, وهو من أعظم الأعمال التي تزكو بالنفس، وتقوي الإيمان بالله سبحانه الكريم المتعال، فإن الحاج إذا استشعر عند مغادرته لأهله وأحبابه؛ اليوم الذي يخرج فيه من عندهم ثم لا يعود إليهم أبداً؛ زكت نفسه.
وهو إذ يخرج من بيته فإنما يخرج طمعاً فيما عند الله من الثواب العظيم لأن الحج من أعظم القرب التي يتقرب بها إلى ربنا - تبارك وتعالى - وذلك لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه))[1].
عبدالله: وبقدومك الميقات، وإحرامك منه، ونزعك الثياب، ولبسك لثوب الإحرام؛ تذكر يوم أن تجرد من الثياب للخروج من الدنيا, والإقبال إلى الآخرة, تذكر أنك ستحشر عرياناً يوم القيامة, وبتجردك من الثياب عليك أن تتجرد من الدنيا، وتقبل على ربك - تبارك وتعالى -, وإذا اقتربت من مكة فتهيّأ للدخول، واستعد للنزول؛ عند عناق البيت الحرام، لأنك سوف تدخل بيت الملك العلام، ومحط العرفان، ودار الرضوان، هنا الحجر الأسود، هنا المقام الكريم، والمطاف العظيم، وماء زمزم، هنا العابدون الساجدون، العاكفون القائمون، المستغفرون قال ربنا - تبارك وتعالى -: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[2], عند ذلك تسكب العبرات، وتهمل العين الدمعات، وتنبعث الآهات والزفرات؛ كيف لا وقد بكى النبي - صلى الله عليه وعلى آله الأطهار - كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحَجَرَ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يبكي، فقال: ((ياعمر هاهنا تسكب العبرات))[3]وهو حديث ضعيف.
أسبل الدمعة وأبشر فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعوده اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم))[4], وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - وذكر منهم -، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه))[5], وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله))[6].
هنا تغسل النفس من الأدران، ويتخلص من الذنوب التي طالما أثقلته، فالله غفور رحيم يغفر لعباده ويرحمهم قال - تعالى -: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[7].
وأما الوقوف على جبل عرفه فتذكر بذلك اليوم العظيم {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[8], فأخلص الدعاء لله - تبارك وتعالى -، وألح عليه، وانطرح بين يديه، وقل: يا الله يا الله، عبدك الضعيف جاء تائباً إليك, يا الله جئت معترفاً بالذنب, يا الله من الذي جاءك تاباً فرددته, ومن الذي استغفرك فلم تغفر له.
واعلم أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: ((خير الدعاء يوم عرفة))[9], وعليك أن تكثر من ذكر الله - جل وعلا - فإنه يوم مشهود، يطلع الله سبحانه على أهل الموقف فيباهي بهم الملائكة كما ورد الخبر بذلك عن سيد البشر - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: ((إن الله - عز وجل - ليباهى الملائكة بأهل عرفات، يقول: انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً))[10].
وليعلم كذلك أن يوم عرفة يوم عتق من النار، ويوم الفوز برضا الملك العلام كما ورد بذلك الحديث الشريف عن المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - حيث قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))[11].
عبد الله: كن حريصاً على رضا مولاك، والمبادرة بالطاعات؛ حتى ترجع من الحج وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك, نسأل الله أن يمنَّ علينا بزيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج, والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[1] رواه البخاري في صحيحه برقم (1449)؛ ومسلم في صحيحه برقم (1350).
[2] سورة البقرة (125).
[3] رواه ابن ماجه في سننه برقم (2945)؛ وقال الألباني: ضعيف جداً في ضعيف ابن ماجة برقم (639)؛ وصححه ابن خزيمة في صحيح ابن خزيمة برقم (2712)؛ وقال الحاكم: هذا المستدرك حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه برقم (1670).
[4] رواه الترمذي في سننه برقم (2311)؛ والنسائي في سننه برقم (3108)؛ وصححه الألباني في الجامع الصغير وزيادته برقم (13736), وفي صحيح الجامع برقم (7778).
[5] رواه البخاري في صحيحه برقم (629)؛ ومسلم في صحيحه برقم (1031).
[6] رواه الترمذي في سننه برقم (1639)؛ وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي برقم (1338).
[7] سورة طه (82).
[8] سورة المطففين (6).
[9] ذكره العلامة الألباني في الجامع الصغير وزيادته برقم (5585)؛ وحسنه في صحيح الجامع برقم (3274).
[10] رواه أحمد بن حنبل في المسند برقم (8033)، وقال شعيب الأرناؤوط:صحيح وهذا إسناد حسن؛ وفي صحيح ابن خزيمة برقم (2839)؛ وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (1132)؛ وفي الجامع الصغير وزيادته برقم (2749)؛ وفي صحيح الجامع برقم (1868).
[11] أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1348).
اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، ومالك يوم الدين، عز فارتفع، وعلا فامتنع, وذلَّ كل شيء لعظمته وخضع، لا راد لما قضى وقدر، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا من كان من الهالكين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
إن حج بيت الله العتيق نعمة من الله - تبارك وتعالى - ينعم بها على من يشاء من عباده وييسرها له, وهو من أعظم الأعمال التي تزكو بالنفس، وتقوي الإيمان بالله سبحانه الكريم المتعال، فإن الحاج إذا استشعر عند مغادرته لأهله وأحبابه؛ اليوم الذي يخرج فيه من عندهم ثم لا يعود إليهم أبداً؛ زكت نفسه.
وهو إذ يخرج من بيته فإنما يخرج طمعاً فيما عند الله من الثواب العظيم لأن الحج من أعظم القرب التي يتقرب بها إلى ربنا - تبارك وتعالى - وذلك لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه))[1].
عبدالله: وبقدومك الميقات، وإحرامك منه، ونزعك الثياب، ولبسك لثوب الإحرام؛ تذكر يوم أن تجرد من الثياب للخروج من الدنيا, والإقبال إلى الآخرة, تذكر أنك ستحشر عرياناً يوم القيامة, وبتجردك من الثياب عليك أن تتجرد من الدنيا، وتقبل على ربك - تبارك وتعالى -, وإذا اقتربت من مكة فتهيّأ للدخول، واستعد للنزول؛ عند عناق البيت الحرام، لأنك سوف تدخل بيت الملك العلام، ومحط العرفان، ودار الرضوان، هنا الحجر الأسود، هنا المقام الكريم، والمطاف العظيم، وماء زمزم، هنا العابدون الساجدون، العاكفون القائمون، المستغفرون قال ربنا - تبارك وتعالى -: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[2], عند ذلك تسكب العبرات، وتهمل العين الدمعات، وتنبعث الآهات والزفرات؛ كيف لا وقد بكى النبي - صلى الله عليه وعلى آله الأطهار - كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحَجَرَ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يبكي، فقال: ((ياعمر هاهنا تسكب العبرات))[3]وهو حديث ضعيف.
أسبل الدمعة وأبشر فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعوده اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم))[4], وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - وذكر منهم -، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه))[5], وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله))[6].
هنا تغسل النفس من الأدران، ويتخلص من الذنوب التي طالما أثقلته، فالله غفور رحيم يغفر لعباده ويرحمهم قال - تعالى -: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[7].
وأما الوقوف على جبل عرفه فتذكر بذلك اليوم العظيم {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[8], فأخلص الدعاء لله - تبارك وتعالى -، وألح عليه، وانطرح بين يديه، وقل: يا الله يا الله، عبدك الضعيف جاء تائباً إليك, يا الله جئت معترفاً بالذنب, يا الله من الذي جاءك تاباً فرددته, ومن الذي استغفرك فلم تغفر له.
واعلم أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: ((خير الدعاء يوم عرفة))[9], وعليك أن تكثر من ذكر الله - جل وعلا - فإنه يوم مشهود، يطلع الله سبحانه على أهل الموقف فيباهي بهم الملائكة كما ورد الخبر بذلك عن سيد البشر - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: ((إن الله - عز وجل - ليباهى الملائكة بأهل عرفات، يقول: انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً))[10].
وليعلم كذلك أن يوم عرفة يوم عتق من النار، ويوم الفوز برضا الملك العلام كما ورد بذلك الحديث الشريف عن المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - حيث قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))[11].
عبد الله: كن حريصاً على رضا مولاك، والمبادرة بالطاعات؛ حتى ترجع من الحج وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك, نسأل الله أن يمنَّ علينا بزيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج, والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[1] رواه البخاري في صحيحه برقم (1449)؛ ومسلم في صحيحه برقم (1350).
[2] سورة البقرة (125).
[3] رواه ابن ماجه في سننه برقم (2945)؛ وقال الألباني: ضعيف جداً في ضعيف ابن ماجة برقم (639)؛ وصححه ابن خزيمة في صحيح ابن خزيمة برقم (2712)؛ وقال الحاكم: هذا المستدرك حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه برقم (1670).
[4] رواه الترمذي في سننه برقم (2311)؛ والنسائي في سننه برقم (3108)؛ وصححه الألباني في الجامع الصغير وزيادته برقم (13736), وفي صحيح الجامع برقم (7778).
[5] رواه البخاري في صحيحه برقم (629)؛ ومسلم في صحيحه برقم (1031).
[6] رواه الترمذي في سننه برقم (1639)؛ وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي برقم (1338).
[7] سورة طه (82).
[8] سورة المطففين (6).
[9] ذكره العلامة الألباني في الجامع الصغير وزيادته برقم (5585)؛ وحسنه في صحيح الجامع برقم (3274).
[10] رواه أحمد بن حنبل في المسند برقم (8033)، وقال شعيب الأرناؤوط:صحيح وهذا إسناد حسن؛ وفي صحيح ابن خزيمة برقم (2839)؛ وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (1132)؛ وفي الجامع الصغير وزيادته برقم (2749)؛ وفي صحيح الجامع برقم (1868).
[11] أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1348).
اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع