- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
خاطرة (1): قال ابن حزم رحمه الله 6/163-164 : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ، فَكُلُّ يَوْمٍ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ وَقَدْ يَمْرَضُ فِيهِ أَوْ يُسَافِرُ، أَوْ تَحِيضُ، فَيَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَكَانَ بِالْأَمْسِ صَائِمًا، وَيَكُونُ غَدًا صَائِمًا، وَإِنَّمَا شَهْرُ رَمَضَانَ كَصَلَوَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَا لَيْسَ صَلَاةً، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي صَوْمِهِ مِنْ نِيَّةٍ. وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ.
أقول : لا أخالف هنا ابن حزم رحمه الله في وجوب تبييت الصيام من الليل لكل يوم من أيام رمضان ، لكن في أدلته على إبطال قول مالك رحمه الله.
فقوله : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا...
أقول : لم ينقض عليهم رحمه الله بشيء ، بيانه أن مالكاً يقول كما نقل عنه ابن حزم أولاً ص 161: (وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَتُجْزِئُهُ نِيَّتُهُ لِصَوْمِهِ كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ كُلِّ لَيْلَةٍ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ فَيُفْطِرَ، أَوْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ - حِينَئِذٍ – مُجَدَّدَةٍ ) واعتذر المالكية بأن رمضان كالصلاة الواحدة ، فما الذي في كلام ابن حزم ينقض به دعواهم حتى يصفها بالمكابرة بالباطل ؟
إن قيل : قد بيَّن أنه يفصل بين كل صوم وصوم بما يبطل الصوم ، قلنا إن صيام رمضان يكون بإمساك النهار وفطر الليل فمن نوى أن يصوم رمضان فقد نوى أن يمسك النهار ويفطر الليل ، فليس في هذا الفطر خروج عن النية الحاصلة في أوله ، فلم يبطل شيئاً نواه ، وزيادة للبيان نقول : لو نوى رجل أن يصلي الظهر أربعاً فإن النية شملت جميع أفعال الصلاة ، فلا يحتاج إلى نية مفردة للقيام لأن الركوع يبطله ولا نية مفردة للركوع لأن الرفع يبطله وهكذا باقي الأركان ، فلما كان مجموع هذه الأفعال هو صلاة الظهر كان نية صلاة الظهر كافٍ في تحصيل الفرض ، وهكذا صيام رمضان لما كان مجموع إمساك أيامه وفطر لياليه هو صيام رمضان كانت نية صيام رمضان كافية في تحصيل الفرض .
وقوله : (وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ) فهذا أيضاً لا ينقض عليهم شيئاً بل ليس فيه مخالفة للقياس ، ولنعد إلى صلاة الظهر فنقول : أرأيت لو نسي رجلٌ ركعة من الركعات ، أليس لا يجب عليه سوى استدراك تلك الركعة خاصة وباقي الركعات على حالها من الصحة والإجزاء مع أن الصلاة فرض واحد ، فهكذا الصيام. والله أعلم.
ولو أنه اقتصر في رده عليهم على حديث حفصة وغيرها وعلى فعل الصحابة الذين لا يعلم لهم مخالف ، وعلى أن دعوى أن رمضان رمضان كالصلاة الواحدة لا برهان عليها ، لكفاه .
خاطرة (2) قال ابن حزم رحمه الله 6/164 المسألة 729 : وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ فَأَيُّ وَقْتٍ ذَكَرَ مِنْ النَّهَارِ التَّالِي لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ - سَوَاءٌ أَكَلَ وَشَرِبَ وَوَطِئَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يَنْوِي الصَّوْمَ مِنْ وَقْتِهِ إذَا ذَكَرَ، وَيُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ، وَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَامًّا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ، إلَّا مِقْدَارُ النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَلَا صَوْمَ لَهُ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَعَمِّدٌ لِإِبْطَالِ صَوْمِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ
أقول : في هذ المسألة لم يجرِ فيها ابن حزم على شيء من أصوله ، فسوى بين من جهل بكون اليوم من رمضان ومن علم لكن نسي أن ينوي ، وبين صوم عاشوراء وبين صيام رمضان ، وعلى فرض صحة التسوية فعلى أصول غيره لا أصوله .
أما قوله ص165: (بُرْهَانُ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا نَاسٍ، أَوْ مُخْطِئٌ غَيْرُ عَامِدٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)
أقول : لا دلالة فيما ذكره هنا على سابق دعواه ، إذ لا خلاف بيننا في كون الجناح عمن أخطأ أو نسي أو استكره مرفوع ، لكن الخلاف في كون صوم ناسي النية حتى لم يذكرها إلا في اليوم التالي مجزئ ، فإن رفع الجناح لا يصحح العبادة .
أما احتجاجه بأحاديث صيام عاشوراء فيحتاج ليستقيم استدلاله بها إلى :
أولاً : إثبات أنه كان فرض ، وورود الأمر به لا يكفيه لأن المستحب مأمور به ، وقد صح عنه ☺ أنه قال : (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ) فهذا نص في أن صيام عاشوراء لم يفرض وهو صارف للأوامر الواردة في صيامه إلى الاستحباب.
فإن قيل : يحتمل أنه أراد ليس مكتوباً عليكم صيامه الآن ، أو أنه أراد لم يكتب عليكم صيامه إلى الأبد.
فالجواب : من وجوه : الأول : أن الأصل في لم أنها لنفي الماضي كما قاله ابن خزيمة ، والثاني : أن النفي عام . الثالث : أن الاحتمال لا يكفي في دفع الاستدلال به ، بدليل أنه لو كان محتملاً لهذين المعنيين كام محتملاً لخلافهما أيضاً كعموم النفي السابق وأن الأوامر كانت للاستحبابة فإن كان محتملاً سقط الاستدلال بالأوامر السابقة على قواعد ابن حزم لأنه لا يجيز العمل إلا باليقين. الرابع : أن هذين الاحتمالين جاريان على القول بالنسخ ، أي أن فرض صيام عاشوراء كان فرضاً ثم نسخ ، والأصل عدم النسخ ، والجمع أولى ، فحمل الأوامر على الاستحباب أولى منه.
ثانياً : يحتاج إلى إثبات أن فرض صيام عاشوراء كفرض صيام رمضان في الأركان والوجبات ، بيانه أن صيام رمضان مر بمراحل فكان مثلاً إذا نام الرجل في الليل ثم سهر لم يأكل ولم يشرب ، ثم نسخ هذا فجازت جميع المفطرات المباحة من غروب الشمس حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وعاشوراء لا يخلو من ثلاثة أمور إما أن يكون موافقاً للحكم المنسوخ أو الناسخ أو لا هذا ولا ذاك ، وأيٌّ كان ما ترجح عندك فقد خالف رمضان في الأخرى ، فمن أين لك أنه لم يكن يخالف في أحكام النية ؟
أما قول ابن حزم هنا : ( إن حكم ما كان فرضاً حكم واحد ) ص166 دعوى لا دليل عليها ، بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال .
ثالثاً : أنه قد روي حديث عاشوراء بلفظ : (فأتموا يومكم هذا واقضوا) وقد رواه ابن حزم من طريق عبد الباقي بن قانع عن أحمد بن علي بن مسلم عن محمد بن المنهال بإسناده .
ورواه أبو داود عن محمد بن المنهال بإسناده.
وفيه أن صيام ذلك اليوم لا يجزئ ويجب يوماً مكانه.
فإن قيل : قد أعله ابن حزم بابن قانع وأحمد بن علي بن مسلم .
فالجواب : أن الجمهور على توثيق ابن قانع ، وأما أحمد بن علي بن مسلم فهو الأبار الحافظ الثقة ، وهو فوق ابن حزم في الحديث فلا يضره جهل ابن حزم به. ثم أن أبا داود تابعه عن المنهال ، فسقط التعلل بابن قانع والأبار.
وإن قيل : فإنه قد رواه غير واحد عن يزيد بن زريع وقتادة لم يذكرا زيادة (واقضوا).
قلنا : نعم وهو لعمري علة قادحة في صحتها ، لكن هذا إنما يجري على قواعد غير ابن حزم ، أما هو فزيادة الثقة عنده مقبولة مطلقاً ، وقد روى حديث حفصة أن رسول الله ☺ قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب ، ولم يبالي بمخالفة أوثق أصحاب الزهري لابن جريج وهم مالك وسفيان وعبيدالله ومعمر ويونس كلهم رواه عن الزهري موقوفاً فلم يعتد بذلك شيئاً.
فالحديث حجة عليه كفيما كان.
رابعاً : على فرض أن فرض عاشوراء كفرض رمضان في الأداء وأن لفظة (واقضوا) لا تصح على أصول ابن حزم، فمن أين له أن رمضان وعاشوراء سواء في القضاء ، ولِمَ لا يجوز أن يكون رمضان واجب القضاء دون عاشوراء؟ فإن القضاء في رمضان ثابت بالكتاب والسنة ، ولم يرد أن عاشوراء يُقْضَى سواء أفطره المريض والمسافر أو الصحيح المتعمد ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
خامساً : على فرض أنهما سواء في كل شيء حتى يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر ، فليس بحجة لابن حزم لعدم قوله بالقياس أصلاً .
سادساً : وعلى فرض أن القياس في هذه المسألة جائز عنده مستقيم على أصوله، لكانت معارضته لحديث حفصة رضي الله عنها مبطلةً له لما هو معلوم من أنه لا قياس في مورد النص ، وليس هو من القائلين بتخصيص العام بالقياس ، كيف وهو لا يقول بالقياس أصلاً.
ولم يقل بما ذكره ابن حزم أحد من السلف أما عمر بن عبدالعزيز فليس في كلامه أن ذلك اليوم مجزئ ، أما عطاء فكلامه فيمن لم يعلم بأن الهلال قد رؤي لا فيمن علم لكن نسي أن ينوي ، أما علي بن أبي طالب فليس في كلامه صيام رمضان أصلاً ولا فيه أن صيام ذلك اليوم مجزئ.
وتعلل أيضاً في التسوية بين الناسي والنائم والجاهل بأن الجميع لم يعلم وجوب الصوم عليه ، وفيه نظر من جهة أن النص ـ على فرض دلالته وقد بينا عدمها ـ دل على أن من لم يكن صام فليتم صومه ، من دون تعليق للحكم على العلم بفرض الصوم أو الجهل به ، فهذا التعليل منه ليس من نص كتاب ولا سنة بل اجتهاد منه ، وهو مصرح بأن مثل هذا باطل.
خاطرة (3) قال رحمه الله 6/170 المسألة 730 : قال رحمه الله : وَلَا يُجْزِئُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا صَوْمُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ الْكَفَّارَاتِ إلَّا كَذَلِكَ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِأَنْ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَمْ يَخُصَّ النَّصُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، وَبَقِيَ سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى النَّصِّ الْعَامِّ.
وذكر حديث أم المؤمنين عَائِشَةَ ▲ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مِنْ غَدَاءٍ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» . وَقَالَ لَهَا مَرَّةً أُخْرَى: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ أَمَا إنِّي أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَكَلَ»
ثم تعلل في رده بقوله ص 172-173: ( لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ نَوَى الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْبَحَ مُفْطِرًا ثُمَّ نَوَى الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ لَقُلْنَا بِهِ، لَكِنْ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَانَ يُصْبِحُ مُتَطَوِّعًا صَائِمًا ثُمَّ يُفْطِرُ، وَهَذَا مُبَاحٌ عِنْدَنَا لَا نَكْرَهُهُ، كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ» لَمْ يَجُزْ أَنْ نَتْرُكَ هَذَا الْيَقِينَ لِظَنٍّ كَاذِبٍ)
ويرد عليه أن قوله صلى الله عليه وسلم «فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» جواب لقول عائشة رضي الله عنها «لَا» أي ليس عندنا شيء أو غذاء ، فالتقدير «فَإِنِّي إذ ليس عندنا شي صَائِمٌ» فإنه دليل على إنشاء الصيام حيث لم يجد الطعام .
وأيضاً لا دليل على أنه نوى قبلها الصيام ، وعلى فرض قيام الدليل عليه ، فنيته الفطر إذا وجد الطعام قد أبطلها كما قاله ابن حزم في المسألة 732 وعبارته (ومن نوى وهو صائم إبطال صومه بطل)، فلو صام بعد ذلك فهي نية جديدة غير الأولى ، وهو كافٍ في الدلالة على قول الجمهور.
وما رواه عن الصحابة دالٌّ على أن قول النبي ☺ دالٌّ على ما ذكرنا بلفظه ، إذ هو إنما خاطبهم بلغتهم ، ومحال أن يفهموا من كلامه ☺ غير ما تدل عليه لغتهم.
هذا والله أعلم
أقول : لا أخالف هنا ابن حزم رحمه الله في وجوب تبييت الصيام من الليل لكل يوم من أيام رمضان ، لكن في أدلته على إبطال قول مالك رحمه الله.
فقوله : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا...
أقول : لم ينقض عليهم رحمه الله بشيء ، بيانه أن مالكاً يقول كما نقل عنه ابن حزم أولاً ص 161: (وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَتُجْزِئُهُ نِيَّتُهُ لِصَوْمِهِ كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ كُلِّ لَيْلَةٍ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ فَيُفْطِرَ، أَوْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ - حِينَئِذٍ – مُجَدَّدَةٍ ) واعتذر المالكية بأن رمضان كالصلاة الواحدة ، فما الذي في كلام ابن حزم ينقض به دعواهم حتى يصفها بالمكابرة بالباطل ؟
إن قيل : قد بيَّن أنه يفصل بين كل صوم وصوم بما يبطل الصوم ، قلنا إن صيام رمضان يكون بإمساك النهار وفطر الليل فمن نوى أن يصوم رمضان فقد نوى أن يمسك النهار ويفطر الليل ، فليس في هذا الفطر خروج عن النية الحاصلة في أوله ، فلم يبطل شيئاً نواه ، وزيادة للبيان نقول : لو نوى رجل أن يصلي الظهر أربعاً فإن النية شملت جميع أفعال الصلاة ، فلا يحتاج إلى نية مفردة للقيام لأن الركوع يبطله ولا نية مفردة للركوع لأن الرفع يبطله وهكذا باقي الأركان ، فلما كان مجموع هذه الأفعال هو صلاة الظهر كان نية صلاة الظهر كافٍ في تحصيل الفرض ، وهكذا صيام رمضان لما كان مجموع إمساك أيامه وفطر لياليه هو صيام رمضان كانت نية صيام رمضان كافية في تحصيل الفرض .
وقوله : (وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ) فهذا أيضاً لا ينقض عليهم شيئاً بل ليس فيه مخالفة للقياس ، ولنعد إلى صلاة الظهر فنقول : أرأيت لو نسي رجلٌ ركعة من الركعات ، أليس لا يجب عليه سوى استدراك تلك الركعة خاصة وباقي الركعات على حالها من الصحة والإجزاء مع أن الصلاة فرض واحد ، فهكذا الصيام. والله أعلم.
ولو أنه اقتصر في رده عليهم على حديث حفصة وغيرها وعلى فعل الصحابة الذين لا يعلم لهم مخالف ، وعلى أن دعوى أن رمضان رمضان كالصلاة الواحدة لا برهان عليها ، لكفاه .
خاطرة (2) قال ابن حزم رحمه الله 6/164 المسألة 729 : وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ فَأَيُّ وَقْتٍ ذَكَرَ مِنْ النَّهَارِ التَّالِي لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ - سَوَاءٌ أَكَلَ وَشَرِبَ وَوَطِئَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يَنْوِي الصَّوْمَ مِنْ وَقْتِهِ إذَا ذَكَرَ، وَيُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ، وَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَامًّا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ، إلَّا مِقْدَارُ النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَلَا صَوْمَ لَهُ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَعَمِّدٌ لِإِبْطَالِ صَوْمِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ
أقول : في هذ المسألة لم يجرِ فيها ابن حزم على شيء من أصوله ، فسوى بين من جهل بكون اليوم من رمضان ومن علم لكن نسي أن ينوي ، وبين صوم عاشوراء وبين صيام رمضان ، وعلى فرض صحة التسوية فعلى أصول غيره لا أصوله .
أما قوله ص165: (بُرْهَانُ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا نَاسٍ، أَوْ مُخْطِئٌ غَيْرُ عَامِدٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)
أقول : لا دلالة فيما ذكره هنا على سابق دعواه ، إذ لا خلاف بيننا في كون الجناح عمن أخطأ أو نسي أو استكره مرفوع ، لكن الخلاف في كون صوم ناسي النية حتى لم يذكرها إلا في اليوم التالي مجزئ ، فإن رفع الجناح لا يصحح العبادة .
أما احتجاجه بأحاديث صيام عاشوراء فيحتاج ليستقيم استدلاله بها إلى :
أولاً : إثبات أنه كان فرض ، وورود الأمر به لا يكفيه لأن المستحب مأمور به ، وقد صح عنه ☺ أنه قال : (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ) فهذا نص في أن صيام عاشوراء لم يفرض وهو صارف للأوامر الواردة في صيامه إلى الاستحباب.
فإن قيل : يحتمل أنه أراد ليس مكتوباً عليكم صيامه الآن ، أو أنه أراد لم يكتب عليكم صيامه إلى الأبد.
فالجواب : من وجوه : الأول : أن الأصل في لم أنها لنفي الماضي كما قاله ابن خزيمة ، والثاني : أن النفي عام . الثالث : أن الاحتمال لا يكفي في دفع الاستدلال به ، بدليل أنه لو كان محتملاً لهذين المعنيين كام محتملاً لخلافهما أيضاً كعموم النفي السابق وأن الأوامر كانت للاستحبابة فإن كان محتملاً سقط الاستدلال بالأوامر السابقة على قواعد ابن حزم لأنه لا يجيز العمل إلا باليقين. الرابع : أن هذين الاحتمالين جاريان على القول بالنسخ ، أي أن فرض صيام عاشوراء كان فرضاً ثم نسخ ، والأصل عدم النسخ ، والجمع أولى ، فحمل الأوامر على الاستحباب أولى منه.
ثانياً : يحتاج إلى إثبات أن فرض صيام عاشوراء كفرض صيام رمضان في الأركان والوجبات ، بيانه أن صيام رمضان مر بمراحل فكان مثلاً إذا نام الرجل في الليل ثم سهر لم يأكل ولم يشرب ، ثم نسخ هذا فجازت جميع المفطرات المباحة من غروب الشمس حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وعاشوراء لا يخلو من ثلاثة أمور إما أن يكون موافقاً للحكم المنسوخ أو الناسخ أو لا هذا ولا ذاك ، وأيٌّ كان ما ترجح عندك فقد خالف رمضان في الأخرى ، فمن أين لك أنه لم يكن يخالف في أحكام النية ؟
أما قول ابن حزم هنا : ( إن حكم ما كان فرضاً حكم واحد ) ص166 دعوى لا دليل عليها ، بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال .
ثالثاً : أنه قد روي حديث عاشوراء بلفظ : (فأتموا يومكم هذا واقضوا) وقد رواه ابن حزم من طريق عبد الباقي بن قانع عن أحمد بن علي بن مسلم عن محمد بن المنهال بإسناده .
ورواه أبو داود عن محمد بن المنهال بإسناده.
وفيه أن صيام ذلك اليوم لا يجزئ ويجب يوماً مكانه.
فإن قيل : قد أعله ابن حزم بابن قانع وأحمد بن علي بن مسلم .
فالجواب : أن الجمهور على توثيق ابن قانع ، وأما أحمد بن علي بن مسلم فهو الأبار الحافظ الثقة ، وهو فوق ابن حزم في الحديث فلا يضره جهل ابن حزم به. ثم أن أبا داود تابعه عن المنهال ، فسقط التعلل بابن قانع والأبار.
وإن قيل : فإنه قد رواه غير واحد عن يزيد بن زريع وقتادة لم يذكرا زيادة (واقضوا).
قلنا : نعم وهو لعمري علة قادحة في صحتها ، لكن هذا إنما يجري على قواعد غير ابن حزم ، أما هو فزيادة الثقة عنده مقبولة مطلقاً ، وقد روى حديث حفصة أن رسول الله ☺ قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب ، ولم يبالي بمخالفة أوثق أصحاب الزهري لابن جريج وهم مالك وسفيان وعبيدالله ومعمر ويونس كلهم رواه عن الزهري موقوفاً فلم يعتد بذلك شيئاً.
فالحديث حجة عليه كفيما كان.
رابعاً : على فرض أن فرض عاشوراء كفرض رمضان في الأداء وأن لفظة (واقضوا) لا تصح على أصول ابن حزم، فمن أين له أن رمضان وعاشوراء سواء في القضاء ، ولِمَ لا يجوز أن يكون رمضان واجب القضاء دون عاشوراء؟ فإن القضاء في رمضان ثابت بالكتاب والسنة ، ولم يرد أن عاشوراء يُقْضَى سواء أفطره المريض والمسافر أو الصحيح المتعمد ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
خامساً : على فرض أنهما سواء في كل شيء حتى يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر ، فليس بحجة لابن حزم لعدم قوله بالقياس أصلاً .
سادساً : وعلى فرض أن القياس في هذه المسألة جائز عنده مستقيم على أصوله، لكانت معارضته لحديث حفصة رضي الله عنها مبطلةً له لما هو معلوم من أنه لا قياس في مورد النص ، وليس هو من القائلين بتخصيص العام بالقياس ، كيف وهو لا يقول بالقياس أصلاً.
ولم يقل بما ذكره ابن حزم أحد من السلف أما عمر بن عبدالعزيز فليس في كلامه أن ذلك اليوم مجزئ ، أما عطاء فكلامه فيمن لم يعلم بأن الهلال قد رؤي لا فيمن علم لكن نسي أن ينوي ، أما علي بن أبي طالب فليس في كلامه صيام رمضان أصلاً ولا فيه أن صيام ذلك اليوم مجزئ.
وتعلل أيضاً في التسوية بين الناسي والنائم والجاهل بأن الجميع لم يعلم وجوب الصوم عليه ، وفيه نظر من جهة أن النص ـ على فرض دلالته وقد بينا عدمها ـ دل على أن من لم يكن صام فليتم صومه ، من دون تعليق للحكم على العلم بفرض الصوم أو الجهل به ، فهذا التعليل منه ليس من نص كتاب ولا سنة بل اجتهاد منه ، وهو مصرح بأن مثل هذا باطل.
خاطرة (3) قال رحمه الله 6/170 المسألة 730 : قال رحمه الله : وَلَا يُجْزِئُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا صَوْمُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ الْكَفَّارَاتِ إلَّا كَذَلِكَ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِأَنْ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَمْ يَخُصَّ النَّصُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، وَبَقِيَ سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى النَّصِّ الْعَامِّ.
وذكر حديث أم المؤمنين عَائِشَةَ ▲ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مِنْ غَدَاءٍ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» . وَقَالَ لَهَا مَرَّةً أُخْرَى: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ أَمَا إنِّي أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَكَلَ»
ثم تعلل في رده بقوله ص 172-173: ( لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ نَوَى الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْبَحَ مُفْطِرًا ثُمَّ نَوَى الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ لَقُلْنَا بِهِ، لَكِنْ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَانَ يُصْبِحُ مُتَطَوِّعًا صَائِمًا ثُمَّ يُفْطِرُ، وَهَذَا مُبَاحٌ عِنْدَنَا لَا نَكْرَهُهُ، كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ» لَمْ يَجُزْ أَنْ نَتْرُكَ هَذَا الْيَقِينَ لِظَنٍّ كَاذِبٍ)
ويرد عليه أن قوله صلى الله عليه وسلم «فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» جواب لقول عائشة رضي الله عنها «لَا» أي ليس عندنا شيء أو غذاء ، فالتقدير «فَإِنِّي إذ ليس عندنا شي صَائِمٌ» فإنه دليل على إنشاء الصيام حيث لم يجد الطعام .
وأيضاً لا دليل على أنه نوى قبلها الصيام ، وعلى فرض قيام الدليل عليه ، فنيته الفطر إذا وجد الطعام قد أبطلها كما قاله ابن حزم في المسألة 732 وعبارته (ومن نوى وهو صائم إبطال صومه بطل)، فلو صام بعد ذلك فهي نية جديدة غير الأولى ، وهو كافٍ في الدلالة على قول الجمهور.
وما رواه عن الصحابة دالٌّ على أن قول النبي ☺ دالٌّ على ما ذكرنا بلفظه ، إذ هو إنما خاطبهم بلغتهم ، ومحال أن يفهموا من كلامه ☺ غير ما تدل عليه لغتهم.
هذا والله أعلم
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع