ام عبد المولى
مراقب عام
- إنضم
- 26 سبتمبر 2012
- المشاركات
- 2,741
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المغرب
- احفظ من كتاب الله
- الجزء الخامس
- احب القراءة برواية
- ورش
- القارئ المفضل
- الشيخ الحصري
- الجنس
- اخت
سورة هود
لعلنا نلاحظ أن هذه هي السورة الثانية التي تُسمَّى باسم نبي ،و كذلك السورة التي تسبقها،والتي تليها.
وبشكل عام:يجب أن نعلم أنه إذا سُمِّيَت أي سورة في القرآن باسم أحد الأنبياء فإن هذا يعني أن هذا النبي هو محور السورة،وأن آخر سطر من القصة هو تلخيص لهذه القصة كلها!!
ولقد نزلت السور الثلاث(يونس ، وهود، و يوسف)في وقت واحد تقريباً ،وبنفس الترتيب كما جاءت في المصحف((فكلنا يعلم أن القرآن لم ينزل بترتيب المصحف المتوفر لدينا الآن ))
هذه السور نزلت بعد وفاة خديجة رضي الله عنها ،و عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب ،حيث كان الأمر شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم ،فنزلت هذه السور الثلاث لتُسرِّي عنه.
وفي نفس الوقت كان الجو العام في مكة مُظلِماً: فقد كان الإيذاء للمسلمين شديداً، وكان المقبلون على الإسلام قليلي العدد،وكانت الاتهامات موجَّهة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من كل جهة ،فيخشى صلى الله عليه وسلم على أصحابه فيأمرهم بالهجرة إلى الحبشة، ثم يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعل أهلها يؤمنون،فتكون النتيجة أن يكذِبوه ويجتمعوا على إيذاءه ... ليس هذا فحَسب،وإنَّما يفضحونه عند قريش أيضاً !!!!
فكان وضع الإسلام-كما نرى- شديد الصعوبة...لذا نزلت هذه السورة لِتَصِف العلاج لمَن كان يقف هذا الموقف ،سواء النبي وأصحابه في ذلك الوقت... أو المسلمين من بعده إلى يوم الدين!!!!
تقول السورة : إن مَن يكون وضعه هكذا يكون –في الغالب- تصرفه واحد من ثلاث:
1-إما أن يفقد الأمل، فيتوقف عمن العمل والإصلاح.
2-أو يتهور فيلجأ إلى العنف والتصرفات غير المحسوبة.
3- أو يركن للجانب الأقوى ،ويعيش في ظِلِّه ويترك دين الله ...وينتهي به الأمر وهو إمَّعة(يقلِّد تقليداً أعمى)
ولكن الإسلام لا يقبل بإحدى هذه التصرفات!!!
لذلك نجد حلاً لهذه المشكلة في الآيتين(113،112)،وهو يتمثل في ثلاث تصرُّفات:
1- فاستَقِم كما أُمِرت(إثبت واستمر على الدعوة)
2- لا تَطغَوْا (إيَّاك والتهوُّر)
3- لا تَركَن(إيَّاك أن تنحاز للفئة الكافرة حتى ولو كانت هي الأقوىكما يبدو لك..ولا تقلِّدهم فيما يخالف منهج الله ..بل تمسَّك بهويتك و منهجك )
ويذَكِّرني هذا بكلمة لطيفة للحسن -رضي الله عنه- يقول فيها :" سبحان مَن جعل اعتدال الدين بين لاءَين: لا تَطغَوا ،ولا تَركَنوا"
فالاعتدال أن لا تتهور،وفي نفس الوقت لا تذوب في الحضارات الأخرى التي تخالف منهجك!!!!
وهذه رسالة في غاية الأهمية للشباب الملتزم بدينه،والذي يتمنى أن يفعل شيئاً من أجل الإسلام ،فتأتي لهم السورة بنماذج للأنبياء الذين استمروا على الإصلاح- رغم كل الظروف الحالِكة الظُّلمة- فلم يتهوَّروا ،ولم يَركَنوا!!!!
ومن الآية الأولى في هذه السورة يتضح أنها تتحدث عن الدعوة إلى الله، وكيفية الدعوة في الظروف الصعبة.
ثم تبدأ في رواية هذه الظروف الشديدة التي عاشها الني صلى الله عليه وسلم وأصحابه
،تقول الآية "فلعلَّكَ تارِكٌ بعضَ ما يُوحَى إليكَ وضائِقٌ به صَدرُك أن يقولوا لولا أُنزل عليه كَنزٌ أو جاء معهُ ملَك " فهل تخلَّى الرسول عن بعض وحي الله،أو ضاق صدره عن تبليغ الدعوة ؟ كلا !!! حاشا لله أن يحدث هذا...ولكن هذا الكلام جاء من قَبيل تثبيته صلى الله عليه وسلم، وتثبيتاً للمؤمنين من بعده في كل زمان ومكان!!!!
فهذه السورة تؤكِّد على معنى معين ،وهو أن الداعية إلى الله لابد وأن يُقابَل بالتكذيب الشديد الذي يؤثِّر سلبياً على معنوياته فيضيق صدره وييأس من هداية الناس أو يتوقف عن الدعوة ،ونجد ذلك في الثلاثين آية الأولى من السورة...ثم تضع السورة له الحل –كما ذكرنا- في نقاط محورية :
إثبت على الحق،و إيَّاك أن تتوقف
ولا تتهور أو تتصرف بعُنف
ولا تركَن إلى غير منهج الله، أي لا تقلِّد أحداً تقليداً أعمى
فالمعاندون المكذِبون يجادلون الدعاة جدلاً بلا جدوى ،ولكن أيُّها المُحب لدين الله إثبت "إنَّما أنت نذير واللهُ على كل شيء وكيل "(12)
فأنت تعمل أجيراً عند الله ،فبلِّغ ماأُمرت به وليس عليك تحقيق النتائج فالله هو الذي بيده تحقيق النتائج(على كل شيء وكيل )أي: إبذل جهدك،ثم دع الأمر لله!!!
بعد ذلك تتحدث السورة عن بعض الأنبياء ،ومنهم نوح لكي يتأسَّى بهم الرسول -والمؤمنون من بعده -في الصبر والثَّبات..ولعلنا نلاحظ أن هذه السورة هي أكثر السور التي تحدثت عن نوح عليه السلام،حتى أن سورة نوح لم تتحدث عنه بهذا الكمّ من الآيات!!
ولعل ذلك سببه أن قصة نوح ترتبط أكثر بهدف هذه السورة وهو ((الثبات على الدعوة،مع عدم التهور،بالإضافة إلى عدم الركون لغير منهج الله))
فقد ظل نوح يدعو قومه ثلاثمائة عام،فإذا كانت ظروفك أيها الداعية صعبة،أو أن ظروف الأُمَّة صعبة من حيث إعراضها عن الحق،فقارن نفسك بنوح عليه السلام
الذي ظل مستقيماً على طريق الدعوة، يدعو قومه بكل الطرق ولم يمل ،حتى مَلُّوا هُم منه وقالوا له: إئتِنا بهذا العذاب الذي تتحدث عنه إن كنت صادقاً !!!!كما قالت الآية 32:"قالوا يا نوحُ قد جادَلتَنا فأكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إن كُنتَ مِنَ الصادِقين"
ومع ذلك لم يتهور أو يطغى عليهم، وتصرَّ ف بمنتهى التعقُّل قائلاً:" إنَّما يأتيكُم به الله إن شاء وما أنتُم بِمُعجِزين" فالمشكلة ليست بيني وبينكم وإنما بينكم وبين الله جلَّ جلاله ،وظل مستقيماً على طريق الدعوة حتى قال له الله تعالى :" وأوُحِيَ إلى نوحٍ أنه لَن يُؤمن َ مِن قَومِكَ إلا مَن قد آمَن فلا تَبتئِس بما كانوا يفعلون" !!!!
ولم يُنزل الله العذاب بقوم نوح ليعلِّمه الصبر وحُسن الثِّقة بالله..فأمره ببناء سفينة، مع أ نه لا يملك الخشب الذي سيبنيها به ليس ،فكان عليه أن يزرع شجراً ليأخذ منه الخشب،وهذا لأمر يحتاج على مائة سنة أ, أكثر ...ولكنه لم يتوانى عن تنفيذ أمر الله وصبر حتى نبتت الأشجار وحصل على الخشب ثم بنى السفينة وسط سخرية الكافرين منه!!!
فالداعية يعمل أجيراً عند الله ،يأمره بزراعة هذا الحقل مثلاً،فيزرعه ،حتى ولو كان يرى أن هذا الحقل لن ينتج محصولاً...فالمهم أن ينفذ الأوامر ،ويبذل جهده،ثم يترك النتائج لله سبحانه وتعالى...والمهم في الأمر أيضاً أنه سيأخذ أجره من الله تعالى في النهاية سواء أثْمَرَ الحقل أم لم يُثمر!!!!
وفي قصة نوح تتجلَّى المعاني التي تحدثت حولها السورة: إستقم، لا تطغَوا،لا تركن...وقد ظهر معنى " لا تركن" بوضوح حين طلب نوح من ربه أن يعفو عن ابنه، قائلاً:" ربِّ إن ابني مِن أهلي" فقال له:" إنَّهُ ليس من أهلك إنهُ عملٌ غيرٌُ صالح،إنِّي أعِظُكَ أن تكونَ مِنَ الجاهلين"!!!
فماذا فعل نوح؟!!!هل اعترض و ركَنَ إلى ابنه؟!!!
الآية رقم 47 تجيب عن هذا السؤال:" قال ربِّ أعوذُ بك أن أسألكَ ما ليسَ لي به عِِلم"
و بعد نهاية قصة نوح عليه السلام تأتي قصة هود عليه السلام...فلماذا سُمِّيَت السورة باسمه؟!!
لأن ما قاله هود لقومه جمع في آية واحدة كل المعاني التي تدور حولها هذه السورة،فبعد أن كذَّبوه وكان في نفس الحالة المُظلمة التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم في عام الحُزن، والتي تعيشها أيضاً أمَّة الإسلام اليوم قال هود :"إنِّي أُشهِدُ الله واشهدوا أنِّي بَريءٌ مِمَّا تُشرِكون * مِن دونِهِ فَكيدوني جميعاً ثُمَّ لا تُنظِرون* إنِّي توكَّلتُ على الله ِ ربي وربُّكُم ما مِن دابَّةٍ إلا هوَ آخِذٌ بِناصيتها إنَّ ربِّي على صِراطِ مستقيم"
فلم يحدث أنَّ أحدٌ حدَّث قومه بلهجة فيها قوة،وعدم ركون،وإصرار على أداء الرسالة كما فعل هود!!! ومع ذلك فهو لم يتهور ،ونرى ذلك من تحوُّل لهجته من التَّحدي إلى منتهى التعقُّل ، فلم يتصرف بعنف أو يتهور أ, يطغى ،بل قال لهم:" فإن توَلَّوا فقد أبلَغتُكُم ما أُرسِتُ به إلَيكُم ويستحلِفُ ربي قوماً غيرَكُم ولا تضُرُّونه شيئاً إنَّ ربي على كُلِّ شَيءٍ حفيظ"!!!!
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" شيَّبَتني هود وأخواتها" لأنها سورة شديدة...وهذه السورة تحكي لكل مَن يأتي بعد ذلك كيف ينفِّذ أوامر الله وذلك في الآيتين 113،112،((فاستقم كما أُمِرت،ولا تطغَوا،ولا تَركَنوا إلى الذين ظَلموا))ثم يأتي بقية الشرح في الآية 114((أَقِم الصلاة )) ،ثم تؤكِّد الآية 115 على أهمية الصبر على طاعة الله .
وتتوالى الآيات حتى نصل إلى الآيات الأخيرة من السورة التي تقول:" وَقُل للذين لا يُؤمِنون اعمَلوا على مكانتكم إنَّا عامِلون (نحن لا نيأس من هدايتكم لأن الله هو القادر ،فنحن نبذل الجهد،ثم نتوكل عليه )
فيا شباب الأمة:
لا تَركنوا
لا تتهوَّروا
واستقيموا على طاعة الله ،وعلى الدعوة إليه.
لعلَّ الله يكشف عنا جميعاً هذه الغُمَّة .
لعلنا نلاحظ أن هذه هي السورة الثانية التي تُسمَّى باسم نبي ،و كذلك السورة التي تسبقها،والتي تليها.
وبشكل عام:يجب أن نعلم أنه إذا سُمِّيَت أي سورة في القرآن باسم أحد الأنبياء فإن هذا يعني أن هذا النبي هو محور السورة،وأن آخر سطر من القصة هو تلخيص لهذه القصة كلها!!
ولقد نزلت السور الثلاث(يونس ، وهود، و يوسف)في وقت واحد تقريباً ،وبنفس الترتيب كما جاءت في المصحف((فكلنا يعلم أن القرآن لم ينزل بترتيب المصحف المتوفر لدينا الآن ))
هذه السور نزلت بعد وفاة خديجة رضي الله عنها ،و عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب ،حيث كان الأمر شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم ،فنزلت هذه السور الثلاث لتُسرِّي عنه.
وفي نفس الوقت كان الجو العام في مكة مُظلِماً: فقد كان الإيذاء للمسلمين شديداً، وكان المقبلون على الإسلام قليلي العدد،وكانت الاتهامات موجَّهة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من كل جهة ،فيخشى صلى الله عليه وسلم على أصحابه فيأمرهم بالهجرة إلى الحبشة، ثم يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعل أهلها يؤمنون،فتكون النتيجة أن يكذِبوه ويجتمعوا على إيذاءه ... ليس هذا فحَسب،وإنَّما يفضحونه عند قريش أيضاً !!!!
فكان وضع الإسلام-كما نرى- شديد الصعوبة...لذا نزلت هذه السورة لِتَصِف العلاج لمَن كان يقف هذا الموقف ،سواء النبي وأصحابه في ذلك الوقت... أو المسلمين من بعده إلى يوم الدين!!!!
تقول السورة : إن مَن يكون وضعه هكذا يكون –في الغالب- تصرفه واحد من ثلاث:
1-إما أن يفقد الأمل، فيتوقف عمن العمل والإصلاح.
2-أو يتهور فيلجأ إلى العنف والتصرفات غير المحسوبة.
3- أو يركن للجانب الأقوى ،ويعيش في ظِلِّه ويترك دين الله ...وينتهي به الأمر وهو إمَّعة(يقلِّد تقليداً أعمى)
ولكن الإسلام لا يقبل بإحدى هذه التصرفات!!!
لذلك نجد حلاً لهذه المشكلة في الآيتين(113،112)،وهو يتمثل في ثلاث تصرُّفات:
1- فاستَقِم كما أُمِرت(إثبت واستمر على الدعوة)
2- لا تَطغَوْا (إيَّاك والتهوُّر)
3- لا تَركَن(إيَّاك أن تنحاز للفئة الكافرة حتى ولو كانت هي الأقوىكما يبدو لك..ولا تقلِّدهم فيما يخالف منهج الله ..بل تمسَّك بهويتك و منهجك )
ويذَكِّرني هذا بكلمة لطيفة للحسن -رضي الله عنه- يقول فيها :" سبحان مَن جعل اعتدال الدين بين لاءَين: لا تَطغَوا ،ولا تَركَنوا"
فالاعتدال أن لا تتهور،وفي نفس الوقت لا تذوب في الحضارات الأخرى التي تخالف منهجك!!!!
وهذه رسالة في غاية الأهمية للشباب الملتزم بدينه،والذي يتمنى أن يفعل شيئاً من أجل الإسلام ،فتأتي لهم السورة بنماذج للأنبياء الذين استمروا على الإصلاح- رغم كل الظروف الحالِكة الظُّلمة- فلم يتهوَّروا ،ولم يَركَنوا!!!!
ومن الآية الأولى في هذه السورة يتضح أنها تتحدث عن الدعوة إلى الله، وكيفية الدعوة في الظروف الصعبة.
ثم تبدأ في رواية هذه الظروف الشديدة التي عاشها الني صلى الله عليه وسلم وأصحابه
،تقول الآية "فلعلَّكَ تارِكٌ بعضَ ما يُوحَى إليكَ وضائِقٌ به صَدرُك أن يقولوا لولا أُنزل عليه كَنزٌ أو جاء معهُ ملَك " فهل تخلَّى الرسول عن بعض وحي الله،أو ضاق صدره عن تبليغ الدعوة ؟ كلا !!! حاشا لله أن يحدث هذا...ولكن هذا الكلام جاء من قَبيل تثبيته صلى الله عليه وسلم، وتثبيتاً للمؤمنين من بعده في كل زمان ومكان!!!!
فهذه السورة تؤكِّد على معنى معين ،وهو أن الداعية إلى الله لابد وأن يُقابَل بالتكذيب الشديد الذي يؤثِّر سلبياً على معنوياته فيضيق صدره وييأس من هداية الناس أو يتوقف عن الدعوة ،ونجد ذلك في الثلاثين آية الأولى من السورة...ثم تضع السورة له الحل –كما ذكرنا- في نقاط محورية :
إثبت على الحق،و إيَّاك أن تتوقف
ولا تتهور أو تتصرف بعُنف
ولا تركَن إلى غير منهج الله، أي لا تقلِّد أحداً تقليداً أعمى
فالمعاندون المكذِبون يجادلون الدعاة جدلاً بلا جدوى ،ولكن أيُّها المُحب لدين الله إثبت "إنَّما أنت نذير واللهُ على كل شيء وكيل "(12)
فأنت تعمل أجيراً عند الله ،فبلِّغ ماأُمرت به وليس عليك تحقيق النتائج فالله هو الذي بيده تحقيق النتائج(على كل شيء وكيل )أي: إبذل جهدك،ثم دع الأمر لله!!!
بعد ذلك تتحدث السورة عن بعض الأنبياء ،ومنهم نوح لكي يتأسَّى بهم الرسول -والمؤمنون من بعده -في الصبر والثَّبات..ولعلنا نلاحظ أن هذه السورة هي أكثر السور التي تحدثت عن نوح عليه السلام،حتى أن سورة نوح لم تتحدث عنه بهذا الكمّ من الآيات!!
ولعل ذلك سببه أن قصة نوح ترتبط أكثر بهدف هذه السورة وهو ((الثبات على الدعوة،مع عدم التهور،بالإضافة إلى عدم الركون لغير منهج الله))
فقد ظل نوح يدعو قومه ثلاثمائة عام،فإذا كانت ظروفك أيها الداعية صعبة،أو أن ظروف الأُمَّة صعبة من حيث إعراضها عن الحق،فقارن نفسك بنوح عليه السلام
الذي ظل مستقيماً على طريق الدعوة، يدعو قومه بكل الطرق ولم يمل ،حتى مَلُّوا هُم منه وقالوا له: إئتِنا بهذا العذاب الذي تتحدث عنه إن كنت صادقاً !!!!كما قالت الآية 32:"قالوا يا نوحُ قد جادَلتَنا فأكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إن كُنتَ مِنَ الصادِقين"
ومع ذلك لم يتهور أو يطغى عليهم، وتصرَّ ف بمنتهى التعقُّل قائلاً:" إنَّما يأتيكُم به الله إن شاء وما أنتُم بِمُعجِزين" فالمشكلة ليست بيني وبينكم وإنما بينكم وبين الله جلَّ جلاله ،وظل مستقيماً على طريق الدعوة حتى قال له الله تعالى :" وأوُحِيَ إلى نوحٍ أنه لَن يُؤمن َ مِن قَومِكَ إلا مَن قد آمَن فلا تَبتئِس بما كانوا يفعلون" !!!!
ولم يُنزل الله العذاب بقوم نوح ليعلِّمه الصبر وحُسن الثِّقة بالله..فأمره ببناء سفينة، مع أ نه لا يملك الخشب الذي سيبنيها به ليس ،فكان عليه أن يزرع شجراً ليأخذ منه الخشب،وهذا لأمر يحتاج على مائة سنة أ, أكثر ...ولكنه لم يتوانى عن تنفيذ أمر الله وصبر حتى نبتت الأشجار وحصل على الخشب ثم بنى السفينة وسط سخرية الكافرين منه!!!
فالداعية يعمل أجيراً عند الله ،يأمره بزراعة هذا الحقل مثلاً،فيزرعه ،حتى ولو كان يرى أن هذا الحقل لن ينتج محصولاً...فالمهم أن ينفذ الأوامر ،ويبذل جهده،ثم يترك النتائج لله سبحانه وتعالى...والمهم في الأمر أيضاً أنه سيأخذ أجره من الله تعالى في النهاية سواء أثْمَرَ الحقل أم لم يُثمر!!!!
وفي قصة نوح تتجلَّى المعاني التي تحدثت حولها السورة: إستقم، لا تطغَوا،لا تركن...وقد ظهر معنى " لا تركن" بوضوح حين طلب نوح من ربه أن يعفو عن ابنه، قائلاً:" ربِّ إن ابني مِن أهلي" فقال له:" إنَّهُ ليس من أهلك إنهُ عملٌ غيرٌُ صالح،إنِّي أعِظُكَ أن تكونَ مِنَ الجاهلين"!!!
فماذا فعل نوح؟!!!هل اعترض و ركَنَ إلى ابنه؟!!!
الآية رقم 47 تجيب عن هذا السؤال:" قال ربِّ أعوذُ بك أن أسألكَ ما ليسَ لي به عِِلم"
و بعد نهاية قصة نوح عليه السلام تأتي قصة هود عليه السلام...فلماذا سُمِّيَت السورة باسمه؟!!
لأن ما قاله هود لقومه جمع في آية واحدة كل المعاني التي تدور حولها هذه السورة،فبعد أن كذَّبوه وكان في نفس الحالة المُظلمة التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم في عام الحُزن، والتي تعيشها أيضاً أمَّة الإسلام اليوم قال هود :"إنِّي أُشهِدُ الله واشهدوا أنِّي بَريءٌ مِمَّا تُشرِكون * مِن دونِهِ فَكيدوني جميعاً ثُمَّ لا تُنظِرون* إنِّي توكَّلتُ على الله ِ ربي وربُّكُم ما مِن دابَّةٍ إلا هوَ آخِذٌ بِناصيتها إنَّ ربِّي على صِراطِ مستقيم"
فلم يحدث أنَّ أحدٌ حدَّث قومه بلهجة فيها قوة،وعدم ركون،وإصرار على أداء الرسالة كما فعل هود!!! ومع ذلك فهو لم يتهور ،ونرى ذلك من تحوُّل لهجته من التَّحدي إلى منتهى التعقُّل ، فلم يتصرف بعنف أو يتهور أ, يطغى ،بل قال لهم:" فإن توَلَّوا فقد أبلَغتُكُم ما أُرسِتُ به إلَيكُم ويستحلِفُ ربي قوماً غيرَكُم ولا تضُرُّونه شيئاً إنَّ ربي على كُلِّ شَيءٍ حفيظ"!!!!
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" شيَّبَتني هود وأخواتها" لأنها سورة شديدة...وهذه السورة تحكي لكل مَن يأتي بعد ذلك كيف ينفِّذ أوامر الله وذلك في الآيتين 113،112،((فاستقم كما أُمِرت،ولا تطغَوا،ولا تَركَنوا إلى الذين ظَلموا))ثم يأتي بقية الشرح في الآية 114((أَقِم الصلاة )) ،ثم تؤكِّد الآية 115 على أهمية الصبر على طاعة الله .
وتتوالى الآيات حتى نصل إلى الآيات الأخيرة من السورة التي تقول:" وَقُل للذين لا يُؤمِنون اعمَلوا على مكانتكم إنَّا عامِلون (نحن لا نيأس من هدايتكم لأن الله هو القادر ،فنحن نبذل الجهد،ثم نتوكل عليه )
فيا شباب الأمة:
لا تَركنوا
لا تتهوَّروا
واستقيموا على طاعة الله ،وعلى الدعوة إليه.
لعلَّ الله يكشف عنا جميعاً هذه الغُمَّة .
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع