يوسف الماهر
وعن غيبة فغب
- إنضم
- 2 مارس 2014
- المشاركات
- 50
- النقاط
- 6
- احفظ من كتاب الله
- اللهم إجعلنا من العالمين العاملين به
- القارئ المفضل
- الحصري
- الجنس
- أخ
خزيمة رجل من طراز فريد
د. حسام الدين السامرائي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فقد روى النسائي وابن أبي شيبة واحمد بسند صحيح من حديث عمارة بن خزيمة بن ثابت أن أباه قال: رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرت بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال. إنَّ الرَوحَ لتلقى الروحَ (وفي رواية: اجلس واسجد واصنع كما رأيتَ)، وأقنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هكذا- [قال عفان برأسه إلى خلف]- فوضع جبهته على جبهة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
سبحانك يا رب... رجلٌ يضع جبهته على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد عليها، أية منزلة؟ وأية كرامة؟ وأي وسام؟ يناله خزيمة رضي الله عنه من رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قلت في نفسي سأبحث في شأن خزيمة لأرى شأنه وميزته وخصوصيته التي بلغها يوم أن أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود على جبهته عليه الصلاة والسلام، فوقفت على أمر عظيم بدايته ما نقله الإمام الطبراني في المعجم عن جابر بن عبد الله أن خزيمة بن ثابت كان في عير لخديجة وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه في تلك العير فقال له يا محمد إني أرى فيك خصالا واشهد أنك النبي الذي يخرج من تهامة وقد آمنت بك فإذا سمعت بخروجك أتيتك فأبطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يوم فتح مكة ثم أتاه فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال مرحبا بالمهاجر الأول قال يا رسول الله ما منعني أن أكون من أول من أتاك وأنا مؤمن بك غير منكر لبيعتك ولا ناكث لعهدك وآمنت بالقرآن وكفرت بالوثن إلا أنه أصابتنا بعدك سنوات شداد متواليات "بمعنى أتيتك غير ناكث لعهدي ولا منكر لبيعتي" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذ عنك إن الله تبارك وتعالى باسط يده بالليل لمسيء النهار ليتوب فإن تاب تاب الله عليه وباسط يده بالنهار لمسيء الليل ليتوب فإن تاب تاب الله عليه).
إنها علاقة قديمة ووطيدة بين خزيمة بن ثابت ورسول الله عليه الصلاة والسلام، وإليك العجيب من تلك العلاقة وهو ما رواه أبو داود والنسائي والحاكم وأحمد بسند صحيح من حديث خزيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرساً من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت مبتاعاً هذا الفرس وإلا بعته. فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فقال الأعرابي: لا والله ما بعتكه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل قد ابتعته منك فقال الأعرابي يقول: هلم شهيداً. فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد ابتعته فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين. وفي رواية البيهقي " من شهد له خزيمة وأشهد عليه فحبسه ".
إنها علاقة خاصة مع خزيمة تميزت بما جرى بينهما من مواقف ففي غزو مؤتة يبارز خزيمة رجلا فيقتُلُه ويأخذ سلبه، وعليه بيضة فيها ياقوتة، فأخذها وأتى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنفّله إياها فباعها بمائة دينار زمان عثمان، وما هذا إلا لمكانته ومنزلته في قلب النبي عليه الصلاة والسلام، يؤكد هذا ما جاء في الصحيح عن خزيمة بن ثابت وهو يتحدث عن رخصة المسح على الخفين للمسافر فقال: جعل لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا ولو استزدته لزادنا، وكأنه يحدث بتلك المنزلة عند النبي صلى الله عليه وسلم.
نعم والله... حُق للأوس أن تفتخر بخزيمة كما أخرج الحاكم في المستدرك بسند صحيح من حديث أنس رضي الله عنه قال: افتخرت الأوس والخزرج فقالت الأوس: منا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت، لِمَ لا تفتخر به وهو من روى مدح الأنصار على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخرج الطبراني وغيره مرفوعا: (اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار).
لقد طهرت نفسه حتى بات يرى الملائكة كما أخرج ابن سعد في الطبقات عن خزيمة أنه قال: "إني رأيت الملائكة تغسِّل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة". ولا غرابة فهو الذي روى لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله " من أكل من هذه الشجرة فلا يؤذينا بها " ويقصد بها الثوم الذي تتأذى منه الملائكة، وهو الذي روى لنا عن طهارة الفم بالسواك والذي تحبه الملائكة فقال: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك في الليلة مراراً ".
لما أراد عثمان رضي الله عنه جمع المصحف فجمعوه، جاء خزيمة بن ثابت فقال: قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما، قالوا: ما هما؟ قال: تلقيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128] إلى آخر السورة، فقال عثمان: "وأنا أشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما؟" قال: "اختم بهما آخر ما نزل من القرآن، فختم بها براءة "، انظر وتأمل... حتى ما حفظه من الآيات كانت لعلاقته الواضحة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم!!!
يقول كاتب الوحي والقرآن زيد بن ثابت رضي الله عنه والحديث عند الإمام البخاري قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري (وكانوا قد اشترطوا أن لا يكتبوا آية إلا وعليها شاهدان فلم يجدوا لهذه الآية غير شاهد واحد وهو خزيمة بن ثابت قال: فتذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه شهادة خزيمة بشهادة رجلين) فألحقناها في سورتها في المصحف... أتدري ما هي تلك الآية العظيمة؟؟؟
استمع وتأمل قوله جل في علاه: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].
اللهم ارض عن خزيمة، وألحقا به..
اللهم إنا نُشهدك أننا نحب خزيمة وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم..
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقوا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم..
هذا والله من وراء القصد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع