علم أصول الفقه وأثره في صحة الفتوى(الجزء الثالث)

طباعة الموضوع

بن مصدق

مشرفة
إنضم
21 سبتمبر 2012
المشاركات
220
النقاط
16
الإقامة
تونس
احفظ من كتاب الله
وحيث الفتى يرتاع في ظلماته من القبر يلقاه سنا متهللا
احب القراءة برواية
ورش الأصبهاني
القارئ المفضل
المنشاوي - عنتر مسلم
الجنس
أخ

علم أصول الفقه وأثره في صحة الفتوى(الجزء الثالث من 5)






د.عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس
الفصل الثاني
الأدلة وأثرها في صحة الفتوى
ويشتمل على تمهيد، وخمسة مباحث:

التمهيد: ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول :مراعاة ما فهمه السلف الصالح من أجل أن تؤثر "أدلة الفقه" في صحة الفتوى .
المطلب الثاني:اعتبار العلاقة الجدلية بين النص والمقصد .
المبحث الأول: الكتاب القرآن.

المبحث الثاني : السنة.

المبحث الثالث: الإجماع.

المبحث الرابع: القياس.

المبحث الخامس: الاستدلال وأثره في صحة الفتوى :
وفيه تمهيد وخمسة مطالب:
المطلب الأول: الاستدلال بالاستصحاب.
المطلب الثاني: الاستدلال بالمصلحة المرسلة.
المطلب الثالث: الاستدلال بالاستحسان.
المطلب الرابع: الاستدلال بسد الذرائع وبإبطال الحيل.
المطلب الخامس: الاستدلال بالعرف والعادة.
التمهيد:

ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: مراعاة ما فهمه السلف الصالح من أجل أن تؤثر "أدلة الفقه" في صحة الفتوى:

ويُعنى بالسلف الصالح : القرون المفضلة الذين أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري من حديث عمران بن حصين[1] رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين، أو ثلاثة [2].
قال الحافظ ابن حجر[3] في "الفتح" عند شرحه هذا الحديث: «واتفقوا على أن آخر من كان من أتباع التابعين ممن يقبل قوله من عاش إلى حدود العشرين ومائتين. وفي هذا الموقف ظهرت البدع ظهورًا فاشيًا، وأطلقت المعتزلة ألسنتها، ورفعت الفلاسفة رؤوسها، وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن، وتغيرت الأحوال تغيرًا شديدًا، ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن» اهـ [4].
وإن مراعاة ما فهمه السلف الصالح في الأصول والثوابت - وفي مقدمتهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - لهو السياج المنيع من تحريف معاني نصوص الكتاب والسنة، وإخراجها عن دلالاتها السليمة الصحيحة بأنواع من التأويل الفاسد، وطرق الفهم المنحرفة عن الجادّة الصحيحة.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن الكلام في أصول الفقه وتقسيم أدلته إلى: الكتاب، والسنة، والإجماع، واجتهاد الرأي، والكلام في وجه دلالة الأدلة على الأحكام أمر معروف من زمن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من أئمة المسلمين. وهم كانوا أقعد بهذا الفن وغيره من فنون العلم الدينية ممن بعدهم... »[5].
وأصل الاستدلال وعماده عند السلف الصالح والأئمة المحققين المجددين، وجوب اتباع الدليل. وأصل الأدلة كلها كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فمن عرف قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعرف مراد الألفاظ، ودلالاتها التي استعملها الشارع وفهمها السلف الصالح، فهو أحرى بأن يحكم مسائل الأصول، وقواعده على الوجه السليم الذي به تصح الفتوى.
ومما هو بسبيل هذا أن يُعنى هنا بتقرير أن الحجة في الحديث المقبول دون المردود.
ولعلك ترى أن هذه المسألة لها أثر كبير، وخطر عظيم في استنباط الأحكام من السنة النبوية التي هي ثاني أدلة الفقه الإجمالية؛ لأنه إذا لم يكن الحديث مقبولاً سقط كل ما بني عليه من الأحكام، وما ظنك بفتاوى مستندة إلى أخبار مردودة!![6]
وإذا تقرر هذا؛ فإن أمر التصحيح والتضعيف موكول إلى المحدثين دون غيرهم، وإلا أهدر عملهم الذي بذلوا فيه مهجهم، وأفنوا فيه أعمارهم. . . [7].
وقد صرح بهذا الإمام أبو المظفر السمعاني [8] - وهو من الأئمة في أصول الفقه - حيث قال: «واعلم أن عندنا الخبر الصحيح ما حكم أهل الحديث بصحته... ورب خبر اشتهر عند الفقهاء وأهل الحديث لا يحكمون بصحته... ورب خبر كان غريبًا عند الفقهاء وقد حكم أهل الصنعة بصحته... »[9].
ولا يرد على ما قيل في مراعاة ما فهمهُ السلف الصالح اختلاف الصحابة ومن بعدهم من المجتهدين؛ فإنه اختلاف في اجتهاداتهم، واستنباطاتهم، واختلاف في المآخذ وفي الفهوم... [10].
وآراء التابعين المخالفة لقول أحد الصحابة كثيرة معلومة مشهورة، وهذا لا يتنافى مع اتباعهم للصحابة، وسلوك مسلكهم ومنهجهم ومراعاة ما فهموه [11].
المطلب الثاني: اعتبار العلاقة الجدلية بين النص والمقصد:

إن النصوص الشرعية في الأصل متضمنة للمقاصد الشرعية المرادة منها من حيث تعليل الأحكام، والحكم، والأسباب، والغايات، واعتبار المآلات.
قال الإمام الشاطبي في هذا السياق: «وإذا دلّ الاستقراء على هذا... فنحن نقطع بأن الأمر مستمر في جميع تفاصيل الشريعة. ومن هذه الجملة ثبت القياس والاجتهاد... »[12].
ولا يخفاك إن القول بنفي تعليل الأحكام تعليلاً أصوليا فقهيا - لا على غرار التعليل الفلسفي الكلامي، ولا غرار المقولات والإلزامات الاعتزالية - قولٌ سقيم، وقد دلّ الاستقراء على اطراحه، وعدم الاتكاء عليه[13].
هذا، وإن مقتضى الاجتهاد، ومقتضى النظر الصحيح للنصوص والمقاصد من أجل عدم تناقضها عند الفتوى؛ يقتضي «اعتبار خصوص الجزئيات الأدلة الشرعية التفصيلية وما أخذ عنها من القواعد مع اعتبار كلياتها وبالعكس، وهو منتهى نظر المجتهدين بإطلاق، وإليه ينتهي طَلَقُهم[14] في مرامي الاجتهاد»[15].
فالذي يقتصر في الفتوى على مجرد ما فهمه من دليل جزئي، كآية، أو حديث، أو قياس، أو مصلحة مرسلة، أو استحسان، فهو مقصر، كالذي يقتصر في الفتوى وفق المقاصد فحسب، دون رجوع للأدلة الجزئية في كل مسألة.
وقليل من النظر هنا يفضح دعاوى بعض من لا علم له بطبيعة العلاقة بين النصوص والمقاصد، ويخرج بفتاوى غير منضبطة بالضوابط الأصولية!!
ومن الأمثلة على ذلك: - ما طار به البعض من النظر إلى الدليل الخاص في مسألة قيادة المرأة للسيارة، حيث لا يمنعها من ذلك دليل معيَّن، وأن الأصل في المسألة الحل. في حين أن الفتوى بمنعها[16] من قيادة السيارة، قد ضم إلى هذا الأصل اعتبار كلية ومقصد شرعي في حفظ الأعراض وسدّ ذرائع الفساد، كما لا يخفى.
لذا؛ فإن من المهم جدًا أن نفهم طبيعة العلاقة بين النص والمقاصد المختزنة في مضمونه؛ لأن إساءة فهم هذه المسألة كثيرًا ما تسبب اضطرابًا في التصورات والنتائج، وتجر إلى أنواع من الشطط، والانحراف، والمبالغة، إما في الاعتداد بالمصالح والمقاصد حتى لا تبقى أدنى حرمة وظيفية للنصوص الشرعية، وإما في إهدار تلك المقاصد إمعانًا في التمسك بظواهر النصوص [17].
فيجب الحذر كل الحذر من الشطط في التعويل على المقاصد، بحيث تخرج من أحكام الشريعة، ونصوصها، ورسومها.
وأين صنيع الإمام الشاطبي - إمام المقاصديين - ممن يريدون أن يقلبوا الشريعة رأسًا على عقب بحجة الاستناد إلى المقاصد؟ وأن المقصود ليس هو هيئة العبادة، وإنما العبرة بروح الشريعة ومقصودها؛ ليحلوا حراما، ويحرموا حلالا؛ وللتحلل من أحكام الشريعة... [18].
وإليك - أخي القارئ الكريم - أنواع الأدلة التي ينبغي على المفتي معرفتها في الجملة:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: «الأدلة ثلاثة: عقلية تدل لذاتها، وشرعية صارت أدلة بوضع الشرع، ووضعية، وهي العبارات اللغوية، ويحصل تمام المعرفة فيه بما ذكرناه في مقدمة الأصول من مدارك العقول لا بأقل منه، فإن من لم يعرف شروط الأدلة لم يعرف حقيقة الحكم ولا حقيقة الشرع ولم يعرف مقدمة الشارع ولا عرف من أرسل الشارع، ثم قالوا: لا بد أن يعرف حدوث العالم وافتقاره إلى محدث موصوف بما يجب، له من الصفات منزه عما يستحيل عليه، وأنه متعبد عباده ببعثة الرسل، وتصديقهم بالمعجزات، وليكن عارفا بصدق الرسول والنظر في معجزته، والتخفيف في هذا عندي أن القدر الواجب من هذه الجملة اعتقاد جازم، إذ به يصير مسلما، والإسلام شرط المفتي لا محالة، فأما معرفته بطرق الكلام والأدلة المحررة على عادتهم فليس بشرط إذ لم يكن في الصحابة والتابعين من يحسن صنعة الكلام»[19].
ومما يؤكد أهمية معرفة الأدلة، ما يراه الناظر في قنوات الفتوى وساحات المفتين، ومن تقصير بعضهم في معرفة الأدلة، بل إنك لواجدٌ من لا يتقن آيات الأحكام، ومن يكثر الخطأ في كتاب الله، فضلاً عن الفهم عن الله سبحانه، وقل مثل ذلك في السنة، روايةً ودراية، فما الظن بفتوىً تُعدّ توقيعًا عن رب العالمين، وهي مبنية على حديث لا يصح، وكذلك في الإجماع، والناس فيه بين طرفين ووسط: إما من يخالفه بفتاوى شاذة تخالف الإجماع، فيقع في التفريط، أو من يجزم بحكاية الإجماع على مسائل خلافية فيقع في الإفراط، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، أما في مجال الأقيسة فحدّث ولا حرج، عن أقيسة تورد بلا زمام ولا خطام، إن تحقق أصلها وفرعها فلا تتحقق علّتها؛ لوجود أحد قوادح العلة المعروفة [20]، وهلم جرا.
وفي مجال الاستدلال ترى الخلط في باب المصالح بين المعتبرة والملغاة، والضرورة والحاجة، والذرائع بين سدها وفتحها، والعرف والعادة بين الغلو فيها أو اطراحها، والاستحسانات بين النص والهوى، ونحو ذلك مما يجعل الإلمام بهذه الأدلة ومسائلها وتنزيلها على أفعال المكلفين أمرًا لا غنى للمفتي عنه حتى تقع فتواه موقعها الصحيح.
وهذه نبذة يسيرة عن الأدلة المهمة في مقام الفتوى أوردها مفصلةً، وأبدؤها بأصلها وهو الكتاب الكريم:
المبحث الأول: الكتاب القرآن

إن الكتاب متى أطلق في عرف أهل الشرع هكذا معرفا؛ فالمراد به القرآن الكريم. وعليه؛ فالألف واللام فيه للغلبة.
قال ابن قدامة رحمه الله [21] : "وكتاب الله سبحانه هو كلامه، وهو القرآن الذي نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم... وهو ما نقل إلينا بين دفتي المصحف نقلا متواترًا. وقيدناه بالمصاحف؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم بالغوا في نقله وتجريده عما سواه حتى كرهوا التعاشير، والنقط كيلا يختلط بغيره فنعلم أن المكتوب في المصحف هو القرآن وما خرج منه فليس منه" [22].
وتواتر القرآن الكريم ليس كأيِّ تواتر..!! إنه تواتر في الصدور وفي السطور [23]... تواتر يتجدد بتجدد القرون، والعصور، والأجيال.
وهو - القرآن الكريم - كلام الله حقيقة، ليس بمخلوق [24] "منه بدأ وإليه يعود" [25]. فهو - كما يقول الإمام الشاطبي -: "كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار، والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه.وهذا كله لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة " [26].
ومالم يتواتر فهو قراءة شاذة [27] عند الأصوليين.
واختلف في الاحتجاج بها في الأحكام، وتنزيلها منزلة خبر الواحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا على أنها قرآن؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه في صيام المتمتع: "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات"بزيادة "متتابعات"، وهذه المسألة اجتهادية مبسوطة في مظانها [28].
ومما لاشك فيه أن كتاب الله تعالى هو الأصل للأدلة كلها.
لذا فإنه يشترط في المفتي أن يكون عالمًا بالقرآن، فإنه أصل الأحكام، ومنبع تفاصيل الإسلام، ولا ينبغي أن يقنع فيه بما يفهمه من لغته، فإن معظم التفاسير يعتمد النقل، وليس له أن يعتمد في نقله على الكتب والتصانيف، فينبغي أن يحصل لنفسه علما بحقيقته، وكذا معرفة الناسخ والمنسوخ فإنه أمر لابد منه للمفتي حتى لا يفتي بحكم منسوخ، وعلم الأصول أصل في هذا الباب، حتى لا يقدم مؤخرًا ولا يؤخر مقدمًا، ويستبين مراتب الأدلة والحجج[29].
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: " لا يحل لأحد يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، وبمحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيرًا باللغة، بصيرًا بالشعر، وما يحتاج إليه للعلم والقرآن، ويستعمل مع هذا الإنصاف، وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار، ويكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هذا هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي"[30].
وسيأتي بيان جهات دلالات آيات الكتاب، وكذا السنة ومقتضيات ألفاظهما وطرق دلالاتهما على الأحكام في الفصل الثالث: "الدلالات وأثرها في صحة الفتوى".
وبعد تمام القول في الدليل الأول، فهذا أوان الشروع في الدليل الثاني وهو السنة.
المبحث الثاني: السنة

وتعريفها عند الأصوليين أنها: "قول النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن،وفعله، وإقراره،وزاد الشافعية وهمه" صلى الله عليه وسلم. [31]
والسنة النبوية هي الأصل الثاني للتشريع، والعمل بكتاب الله متوقف عليها؛ لأنها بيان وتفسيرٌ له. وعلى هذا يدل كلام بعض الأئمة، كقول الأوزاعي[32] :" الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب "، وكقول يحيى ابن أبي كثير[33] :"السنة قاضية على الكتاب، ليس الكتاب بقاض على السنة" لكن الإمام أحمد لما سئل عن هذا كرهه، وقال: "ما أجسُرُ على هذا أن أقوله، ولكن السنة تفسر الكتاب، وتبينه" [34]، والكتاب والسنة أصل واحد باعتبار أنهما وحي من الله، وباعتبار الحجية، ووجوب الاتباع "إذ هما ملاك الدين وقوام الإسلام" [35].
ولتوقف حجية السنة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وقع الاتفاق على عصمته صلى الله عليه وسلم بعد النبوة مطلقًا فيما دلت عليه المعجزة، وفي دعوى الرسالة، وفي أمر التبليغ عن الله تعالى، وفي الأحكام والفتوى، ولو في حال الغضب، بل يستدل على شدة غضبه صلى الله عليه وسلم على التحريم، وفي الكبائر والصغائر المزرية[36]. قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر: 7، وقال صلى الله عليه وسلم: » ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه«[37]، وقال: »وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله«[38].
والأحاديث في هذا المعنى معلومة مشهورة [39]. وهي بيان لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ~ إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى} النجم: 3-4. قال العلامة صديق القنوجي البخاري[40] :"والآية - يعني آية النجم هذه - دليل كون السنة المطهرة وحيًا يوحى" [41].
وتنقسم السنة باعتبارات:
أولاً: باعتبار ذاتها إلى قولية، وفعلية، وتقريرية [42].
ثانيًا: باعتبار منزلتها من القرآن الكريم تنقسم إلى:
أ – السنة المؤكدة المقررة لما في القرآن الكريم كوجوب الصلاة، فإنه ثابت بالكتاب والسنة[43].
ب – السنة المبيِّنة المفسرة لما في القرآن الكريم، من حيث بيان مجمله، وتخصيص عمومه، وتقييد مطلقه، ومن حيث نسخه؛ لأن النسخ من أوجه البيان؛ لكونه بيان انتهاء مدة الحكم.
ومن الأصوليين من يسمى النسخ بيان التبديل [44].
ج – السنة الاستقلالية، أي الزائدة على ما في القرآن الكريم، وهي التي تكون موجبة لحكم لم يأت إيجابه في القرآن أو محرِّمة لما لم يأت تحريمه في القرآن، كأحكام الشفعة، وميراث الجدة [45]، وفي هذا يقول الشافعي رحمه الله: "ومنه ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس لله فيه نصّ حكم، وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلى حكمه. فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبِل" [46].
وقد وقع الاتفاق على إثبات أحكام شرعية بالسنة ليست في كتاب الله. ولا يرد على هذا ما جاء عن الإمام الشافعي في حكايته الخلاف في هذا القسم من السنة [47] فليس مراده رحمه الله وجود خلاف في هذا، بل في مخرجه وتوجيهه، هل هو على الاستقلال بالتشريع، أو بدخوله ضمنا في نصوص القرآن [48]. وبمثل هذه التوجيه الأخير يوجه ما قرره الإمام الشاطبي في "الموافقات" من عدم استقلال السنة بالتشريع حيث قال: "فلا تجد في السنة أمرًا إلا والقرآن قد دلّ على معناه دلالة إجمالية أو تفصيلية... " [49].
ولهذا قال العلماء إن الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي في التسمية فقط، لاتفاق الجميع على أن في السنة أحكامًا كثيرة ليست في القرآن الكريم [50].
وعليه؛ فلا يصح حديث في عرض السنة على الكتاب البتة [51]، وكل ما جاء في هذا؛ فضعيف أو منكر أو موضوع مختلف. كما قاله الإمام عبد الرحمن بن مهدي [52] - فيما نقله عنه ابن عبد البر رحمه الله.
وذكر - ابن عبد البر - ما محصله : أن قوما من أهل العلم عرضوا هذا الحديث على كتاب الله، فوجدوه مخالفًا له، إذ في كتاب الله مطلق الأمر بطاعته صلى الله عليه وسلم، والتأسي به، والتحذير من مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم جملة على كل حال... [53].
ثالثا: وتنقسم السنة باعتبار نقلها ورواتها إلى متواترة وآحاد:
فالسنة المتواترة : هي التي نقلها عدد كثير يستحيل تواطؤهم على الكذب عن مثلهم في جميع طبقات السند، ويكون مستند خبرهم الحس، كمشاهدة، أو سماع، لا لمجرد إدراك العقل. وهذا مفيد للعلم القطعي الضروري بدون حاجة إلى البحث عن أحوال الرواة[54].
والتواتر يكون لفظيا، وهو ما تواتر لفظه ومعناه كحديث «من كذب عليّ متعمّدًا فليتبوأ مقعده من النار» فإنه نقله جم غفير عن جم غفير إلى منتهاه [55].
ويكون معنويا، وهو ما تواتر معناه دون لفظه، كأحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث في كل منها أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه في الدعاء [56].
وذكر الشاطبي في مقدمات "الموافقات" ما قال: إنه شبيه بالمتواتر المعنوي: وهو المستقرأ من جملة أدلة ظنية تظافرت على معنى واحدٍ حتى أفادت فيه القطع، فإن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق [57].
وما قصر عن التواتر هو الآحاد، ويتنوع إلى مشهور وعزيز وغريب، وعند الحنفية أن المشهور - وهو المستفيض على رأي - نوع متوسط بين المتواتر والآحاد. وهو: ما فقد شرط التواتر في طبقة الصحابة فقط، فهو في أصله آحاد، لكن انتشر، وصار ينقله قوم ثقات لا يتوهم تواطؤهم على الكذب، فصار بذلك بمنزلة المتواتر.
والآحاد بأنواعه منه مقبول. وهو الصحيح لذاته، أو لغيره، والحسن لذاته أو لغيره [58].
قال في جمع الجوامع: "يجب العمل به أي بخبر الآحاد في الفتوى والشهادة إجماعًا، وكذا سائر الأمور الدينية... " واستثنيت في ذلك أمور ومسائل لدى بعض أرباب المذاهب لأسباب اجتهادية يرون الاستدلال بها أقوى، وأحوط[59].
وقد عقد الإمام الشافعي رحمه الله في "الرسالة" بابًا كاملا في حجية الآحاد فقال: "الحجة في تثبيت خبر الواحد". وذكر تحت هذه الترجمة أدلة كثيرة ووقائع على ذلك، من عهده صلى الله عليه وسلم ، وعهد صحابته الكرام، وعهد التابعين لهم. وذكر الإجماع على ذلك من محدثي الناس، وأعلامهم بالأمصار [60].
وإذا وجد المفتي خبر الواحد أفتى به ولو عارضه القياس، وجاء في "غاية الوصول في شرح لب الأصول": «وجب العمل به أي بخبر الواحد في الفتوى والشهادة أي ما يفتي به المفتي ويشهد به الشاهد بشرطه، وفي معنى الفتوى الحكم إجماعًا.وفي باقي الأمور الدينية والدنيوية في الأصح وإن عارضه قياس»[61].
وقال الشوكاني رحمه الله : "وعلى الجملة فلم يأت من خالف في العمل بخبر الواحد بشيء يصلح للتمسك به، ومن تتبع عمل الصحابة من الخلفاء وغيرهم، وعمل التابعين فتابعيهم بأخبار الآحاد وجد ذلك في غاية الكثرة، وإذا وقع من بعضهم التردد في العمل به في بعض الأحوال؛ فذلك لأسباب خارجة عن كونه خبر واحدٍ من ريبة في الصحة، أو تهمة للراوي، أو وجود معارض راجح، أو نحو ذلك" [62].
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ما مفاده: أن أحدًا من الأئمة لم يجوز إثبات حكم شرعي كاستحباب، أو كراهة بحديث ضعيف. وإنما غاية ما يقوله العلماء في الأخذ بالحديث الضعيف أن يكون العمل بمقتضاه مما قد ثبت أنه مما يحبه الله، أو مما يكرهه بنص أو إجماع. بمعنى أن النفس ترجوا ذلك الثواب، أو تخاف ذلك العقاب، كالترغيب والترهيب بالمنامات، وكلمات السلف والعلماء.. ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي، كتقييد المطلقات التي أطلقها الشارع بنوع من التقدير والتحديد؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي مقبول[63].
ولا يرد على هذا اختلاف أنظار المجتهدين في نفس التصحيح والتحسين والتضعيف، فهو شيء آخر؛ لأنه من موارد الاجتهاد، كما قال الحافظ الذهبي[64] رحمه الله : "ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل الأحاديث الحسان فيها، فأنا على إياس من ذلك. فكم من حديث تردد فيه الحفاظ، هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد. وهذا حق... إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما، ولو انفك عن ذلك لصح باتفاق"[65].
ولا شك أن القول بالعمل بالأحاديث الضعيفة في الفضائل ونحوها قد يترتب عليه ترك البحث عن الأحاديث المقبولة لدى كثيرٍ من المنتسبين إلى العلم، بله العامة، والاكتفاء بالأحاديث الضعيفة بدعوى أن في العمل بها مندوحة. وفي هذا مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة التي تحذر من التحديث إلا بعد التثبت والتحري.
لذا؛ فإن كثيرًا من المحققين يرون أنه لا يصح العمل بالحديث الضعيف، إلا في مجال التراجيح لأحد المعاني [66].
ومن مجموع ما سبق، يتبين ما يجب معرفته في مقام الفتوى من مسائل السنة، وأهمية معرفة الرواية والدراية للمفتي، قال الإمام الغزالي رحمه الله: " يتوجب على المفتي فيما يخص السنة أن يكون على معرفة بالرواية، وتمييز الصحيح منها عن الفاسد، والمقبول عن المردود، فإن ما لا ينقله العدل عن العدل فلا حجة فيه والتخفيف فيه أن كل حديث يفتى به مما قبلته الأمة فلا حاجة به إلى النظر في إسناده، وإن خالفه بعض العلماء، فينبغي أن يعرف رواته وعدالتهم، فإن كانوا مشهورين عنده، كما يرويه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر مثلا اعتمد عليه، فهؤلاء قد تواتر عند الناس عدالتهم وأحوالهم، والعدالة إنما تعرف بالخبرة والمشاهدة أو بتواتر الخبر، فما نزل عنه فهو تقليد، وذلك بأن يقلد البخاري ومسلما في أخبار الصحيحين، وإنهما ما رووها إلا عمن عرفوا عدالته، فهذا مجرد تقليد، وإنما يزول التقليد بأن يعرف أحوال الرواة بتسامع أحوالهم وسيرهم، ثم ينظر في سيرهم أنها تقتضي العدالة أم لا، وذلك طويل وهو في زماننا مع كثرة الوسائط عسير، والتخفيف فيه أن يكتفي بتعديل الإمام العدل بعد أن عرفنا أن مذهبه في التعديل مذهب صحيح، فإن المذاهب مختلفة فيما يعدل به ويجرح، فإن من مات قبلنا بزمان امتنعت الخبرة والمشاهدة في حقه، ولو شرط أن تتواتر سيرته فذلك لا يصادف إلا في الأئمة المشهورين، فيقلد في معرفة سيرته عدلا فيما يخبر، فنقلده في تعديله بعد أن عرفنا صحة مذهبه في التعديل، فإن جوزنا للمفتي الاعتماد على الكتب الصحيحة التي ارتضى الأئمة رواتها قصر الطريق على المفتي، وإلا طال الأمر وعسر الخطب في هذا الزمان مع كثرة الوسائط، ولا يزال الأمر يزداد شدة بتعاقب الأعصار"[67].
المبحث الثالث: الإجماع

وعرفه الأصوليون بتعريفات لعل أشهرها أنه: "اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، في عصر من الأعصار، على أمر من الأمور" [68].
وقد اتفقوا على أن الأمة لا تجتمع على حكم أو على أمر إلا عن مأخذ ومستند يوجب الاجتماع [69].
وقد دلّ الكتاب والسنة على أن الإجماع حجةٌ يجب اتباعها والمصير إليها، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} النساء: 115 وهي أقوى الأدلة من الكتاب [70].
وقال أبو المظفر السمعاني: "والاستدلال بهذه الآية أي على حجية الإجماع في نهاية الاعتماد، وقد احتج الشافعي رحمه الله عليه بهذه الآية" [71].
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر بن الخطاب: "من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة" [72]. واستدل به الإمام الشافعي على حجية الإجماع [73].
وقوله صلى الله عليه وسلم:" إن أمتي لا تجتمع على ضلالة" [74].
وقد روى هذا المعنى جمع من الصحابة بألفاظ متعددة مع أن طرقها كلها لا تخلو من نظر [75] ولمعنى هذا الحديث شواهد في الصحيحين وفي غيرهما "من الأحاديث التي لا تحصى كثرة، ولم تزل ظاهرة مشهورة بين الصحابة معمولاً بها، ولم ينكرها منكر، ولا دفعها دافع" [76].
واتفق على أنه لابد أن يستند الإجماع إلى نص من كتاب أو سنة، واختلف في استناده إلى اجتهاد أو قياس، وجوزه الأكثرون؛ لإجماع الصحابة على خلافة أبي بكر الصديق من طريق الاجتهاد، وإجماعهم على تحريم شحم الخنزير قياسًا على لحمه [77]، ولعل هذا من قبيل الخلاف اللفظي؛ لأن جميع المسائل المجمع عليها من هذا القبيل يمكن استنادها إلى النصوص العامة فتكون من قبيل المنصوص عليه. كما يقرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث يقول: "فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس... وقد استقرأنا موارد الإجماع فوجدناها كلها منصوصة، وقد لا يعلم كثير من العلماء أنها منصوصة...كالمضاربة فإن مستندها السنة التقريرية" اهـ بتصرف [78].
وأما عن وقوع الإجماع، فقد وقع الاتفاق عليه في عصر الصحابة [79]، وتنوزع في إجماع من بعدهم [80].
والذي تدل عليه الروايات عن الإمام أحمد بلا خلاف أنه يأخذ بإجماع الصحابة عند اتفاقهم، ولا يخرج عن أقوالهم عند اختلافهم. وفي اعتباره إجماع التابعين والاعتداد به خلاف مشهور. وعلى هذا حمل بعضهم قوله المشهور:"من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا. "[81].
وقصارى القول هنا: أنه لم يتفق العلماء ولم يجمعوا على وقوع إجماع كلي عام قطعي إلا إجماع الصحابة، فإن إجماعهم ثبت وقوعه بالتواتر.فلم تكن ثَمَّتَ عوائق، ولا موانع تمنعه، ولم يتعذر الاطلاع عليه. أما بعد عصر الصحابة فمن العسير القطع بوقوع الإجماع الكلي العام القطعي، وأقصى ما يستطاع قوله أن أحكامًا اجتهادية اشتهرت، ولم يعرف لها مخالف... [82].
ولا نزاع بين العلماء في وقوع الإجماع القطعي على ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس، وعلى بقية أركان الإسلام، وكالإجماع على حرمة الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، والربا، وللإجماعات التي من هذا القبيل مراتب وأنواع معلومة مشهورة وهي حجة مقطوع بها لا ينازع فيها منازع [83].
ومما يجري مجرى هذا إجماع أهل المدينة فيما سبيله النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم كنقلهم لمقدار الصاع، والمدّ. فهذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية حجة بالاتفاق؛ ولهذا رجع أبو يوسف [84] إلى مالك فيه، وقال: لو رأى صاحبي أي أبو حنيفة كما رأيت لرجع كما رجعت. ورجع إليه في الخضروات لما قال له: هذه مباقيل أهل المدينة لم يؤخذ منها صدقة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبي بكر ولا عمر... [85].
وإذا تقرر هذا؛ فيجب التأكد من صحة حكاية الإجماعات، والتفريق بين ما هو منها كلي عام مطلق مقطوع به يجب المصير إليه بلا خلاف، وبين ما هو منها ظني سكوتي، أو مذهبي، أو إضافي، أو إقليمي. هذا أمر في غاية الأهمية...!! [86]
ومما هو بسبيل هذا قول بعض الأئمة "لا أعلم خلافا بين أهل العلم في كذا"، كقول الإمام الشافعي في زكاة البقر: "لا أعلم خلافا في أنه ليس في أقل من ثلاثين منها تبيع" والخلاف في ذلك مشهور [87].
وبعد ذكر أهم مسائل الإجماع، أذكر أهمية معرفته في مقام الفتوى، إذ يتوجب على المفتي أن يعرف ما أجمع عليه العلماء، ولا يفتي بخلافه، قال الإمام الغزالي رحمه الله: "ينبغي أن تتميز عنده مواقع الإجماع حتى لا يفتي بخلاف الإجماع، كما يلزمه معرفة النصوص حتى لا يفتي بخلافها، والتخفيف في هذا الأصل أنه لا يلزمه أن يحفظ جميع مواقع الإجماع والخلاف، بل كل مسألة يفتي فيها، فينبغي أن يعلم أن فتواه ليست مخالفًا للإجماع، إما بأن يعلم أنه موافق مذهبًا من مذاهب العلماء أيهم كان، أو يعلم أن هذه واقعة متولدة في العصر لم يكن لأهل الإجماع فيها خوض فهذا القدر فيه كفاية"[88].
وإذا كان من العسير القطع بوقوع الإجماع الكلي العام القطعي الذي صوره علماء الأصول بعد عصر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن عدم إمكان وقوعه في هذا العصر - على فرض التسليم بأنه حجة ماضية في كل عصر كما هو عند الجمهور - من باب أولى.
وتصور ذلك تصوّر لحالة نظرية مثالية غير واقعية البتة...!! ما لم تتواص الأمة الإسلامية بالحق وتتعاون على البر والتقوى، وتتناد بالاعتصام بالكتاب والسنة، عقيدة، ومنهجًا، وسلوكًا، وفكرًا...!!؛ لأنه بذلك يُهيَّأ للشورى الجماعية الحرة النزيهة التي عليها يتكئ الإجماع وينبني مناخٌ ملائمٌ للنظر، والتناظر، وتبادل الآراء على الجادّة الصحيحة، سيما في النوازل المدلهمات ذات الصلة بقضايا "الأمة" ومصالحها العامة...
ولاشك أن قرارات المجامع الفقهية المعاصرة، والهيئات واللجان العلمية من قبيل الشورى الجماعية المباركة، وتؤدي دورًا ذا أهمية عظمى في هذا الشأن، وهي أولى بالقبول من الفتاوى الفردية؛ لمعنى الاتفاق الأغلبي عبر الاجتهاد الجماعي فيها. ولا يصح اعتبارها إجماعًا كالذي اصطلح عليه الأصوليون، وإن تكلف ذلك البعض [89].
والذي يتعين قوله هنا ويقلِّل من جدوى تكلف الإجماع واعتسافه في هذا العصر: أن الواجب على جميع المسلمين رد الاعتبار للكتاب والسنة وإثبات صلاحيتهما، واعتقاد وفائهما بجميع الأحكام، والتحاكم إليها مع الرضى والتسليم بذلك، كما قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}النساء: 65.
فلا يوجد مسألة قط مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس. فالشأن كلَّ الشأن في رد الاعتبار إلى سند الإجماع. كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وهو تحقيق في المسألة نفيس أنيس... [90].
ولهذا فإنه ينبغي على المفتي اعتبار فتوى المجامع الفقهية والاهتمام بها، فضلاً عن الاستئناس بها، وجعلها محور إفتائه في النوازل والمستجدات، والله أعلم.
المبحث الرابع: القياس

وهو في اصطلاح الأصوليين: "حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما"[91]، وعُرِّف بتعريفات أخرى متقاربة [92].
ومحصل جميع هذه التعريفات: أنه لابد للقياس الذي هو رابع الأدلة المتفق عليها من أركان أربعة يتألف منها، وهي: أصل، وفرع، وعلة، وحكم [93].
فالركن الأول الأصل: والراجح فيه أنه محل حكم النص، كالخمر والبر، كما قال الآمدي رحمه الله : "والأشبه أن يكون الأصل هو المحل، على ما قاله الفقهاء؛ لافتقار الحكم والنص إليه ضرورة من غير عكس، فإن المحل غير مفتقر إلى النص ولا إلى الحكم" [94].
والركن الثاني الفرع: والمرجَّح قول الفقهاء إنه: المحلّ المشبَّه. فالنبيذ بعينه فرع في إلحاقه بالخمر [95].
والركن الثالث العلة: "وهي الوصف، أو المعنى الجامع المشترك بين الأصل والفرع الذي باعتباره صحت تعدية الحكم" [96].
وللعلة مسالك وهي: الأدلة أو الطرق التي تدل على أن الوصف المعيَّن علّة للحكم المعيَّن، وهي:
النص، والإجماع، والإيماء، والسبر والتقسيم، والمناسبة، والشبه، والدوران، والطرد، وتنقيح المناط، وإلغاء الفارق، ونحوها [97].
والركن الرابع حكم الأصل: وهو الحكم المقصود حمل الفرع عليه، وعُرف بأنه: "قضاء الشرع المستفاد من خطابه، أو إخباره الوضعي بوجوب، أو ندب، أو كراهة، أو حظر، أو إباحة، أو صحة، أو فساد، أو غير ذلك من أنواع قضائه" [98].
وتكتنف كلَّ واحد من هذه الأركان الأربعة شروطٌ ذكرها الأصوليون [99].
ولعلك ترى – أخي القارئ اللبيب – أن في اعتبار هذه الشروط وتحققها صونا وحمايةً لصورة القياس الشرعي الصحيح، الذي يهدي إليه اعتبار أولي الأبصار، واستدلال المستدل، وفكرة المجتهد المستنبط. . .
ويدل هذا على أن معقولات النصوص ومستنبطاتها إن كانت صحيحة صريحة فهي والمنقولات الصحيحة الصريحة على جادّة تشريعية أصلية... ذلك؛ لأن الشريعة جاءت بالجمع بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات، وكذلك القياس الشرعي الصحيح، فإنه تسوية بين المتماثلين، وتفريق بين المختلفين، ودلالته توافق دلالة النص، وكل قياس خالف دلالة النص فهو قياس فاسد لا يخلو من قوادح؛ ولأن النصوص الشرعية - بمعقولاتها وعللها، ومقاصدها، وغاياتها، وحكمها، وأسرارها - دالة على جمهور الحوادث، وعلى النوازل المستجدات بمقتضى شمول الشريعة وإحاطتها بأفعال المكلفين، وصلاحيتها لكل زمان ومكان [100].
وهذا القياس الشرعي حجة عند الجمهور، وعُدَّ عندهم رابع الأدلة الشرعية المتفق عليها [101].
قال الغزالي رحمه الله: "والذي ذهب إليه الصحابة رضي الله عنهم بأجمعهم، وجماهير الفقهاء، والمتكلمين بعدهم ـ رحمهم الله ـ وقوع التعبد به شرعًا... ".
وذكر أن تواتر إجماع الصحابة على الحكم بالقياس والتعبد به ناشئ "عن مستندات كثيرة خارجة عن الحصر، وعن دلالات، وقرائن أحوال، وتكريرات، وتنبيهات تفيد علمًا ضروريًا بالتعبد بالقياس، وربط الحكم بما غلب على الظن كونه مناطًا للحكم... إلى أن قال: فيكفينا مؤنة البحث عن المستند لما علمناه على التواتر من إجماعهم" [102].
والأدلة على القياس كثيرة [103]، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} الحشر: 2.
وأما في السنة، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى القياس في مواطن، وعلل الأحكام، وبين الأوصاف المؤثرة فيها.
من ذلك: حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: هششت يومًا فقبلت وأنا صائم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: صنعت اليوم أمرًا عظيما، فقبلت وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو تمضمضت بماءٍ وأنت صائم" قلت لا بأس بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ففيم؟" [104].
ومنها حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخل عليّ قائف، والنبي صلى الله عليه وسلم شاهد، وأسامة ابن زيد، وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض"، قال: فسرّ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأعجبه، فأخبر به عائشة. اهـ[105].
ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمِّي نذرت أن تحج، فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته؟" قالت: نعم، قال: "فاقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء" [106].
ولا يخفى أن إنكار القياس الشرعي الصحيح الذي ذكر الأصوليون أركانه، وما يشترط لكل ركن، وذكروا قوادحه والاعتراضات عليه مكابرة يقع في مخالفتها أصحابها، ولعلهم أرادوا القياس الفاسد والرأي المذموم [107].
وثمت مسائل اختلف فيها هل هي من باب القياس، أو من باب دلالة الألفاظ؟ مع اتفاق الجميع على العمل بها، والخطب فيها يسير إذا روعيت الحقائق، كالعلة المنصوصة، قال الشوكاني رحمه الله: "واعلم أنه لا خلاف في الأخذ بالعلة إذا كانت منصوصة، وإنما اختلفوا هل الأخذ بها من باب القياس، أم من العمل بالنص؟ فذهب إلى الأول الجمهور، وإلى الثاني النافون للقياس... "[108].
هذا ومن أجل اجتناب الأقيسة الفاسدة التي اشتهر ذمها عند الأئمة، وشنعوا على القائلين بها؛ عُني الأصوليون بضبط القياس الشرعي الصحيح - الذي يصار إليه عند الحاجة، ولا تعارض به نصوص الكتاب والسنة - وتحريره، فجعلوا له أركانا، ولهذه الأركان شروطًا وضوابط واعتبارات، وبينوا قوادح العلة ومبطلاتها [109]، التي يعترض بها على صحة القياس وصلاحيته، بما فيه من الجدلية الأصولية، وفي ذلك ما يوقع في الاعتساف، والتكلف، والشطط، ويبعد عن ميزان الحق والعدل، مما يؤكد أهمية القياس الصحيح، المستجمع للأركان، المستوفي للشروط المنتفية عنه الموانع، وبهذا يظهر تأدية القياس أثرًا واضحًا في صحة الفتوى، فمثلاً حينما يفتي المفتي بتحريم النبيذ قياسًا على الخمر؛ لعلة الإسكار، وحرمة الربا في غير الأصناف الستة المعروفة؛ لعلة الكيل أو الوزن أو الطعم أو الثمنية يعد قياسه صحيحًا وفتواه سليمة، وعلى المفتي الحذر من الأقيسة التي يختل فيها شرط من الشروط المعتبرة، ولهذا فإذا كان دليل الفتوى قياسًا غير جلي وليس نصًا واضحًا صريحًا، فلا ينبغي للمفتي ذكره للمستفتي.
يقول الشيخ أحمد بن حمدان رحمه الله: "يجوز أن يذكر المفتي في فتواه الحجة إذا كانت نصا واضحا مختصرا، وأما الأقيسة وشبهها فلا ينبغي له أن يذكر شيئا منها، ولم تجر العادة أن يذكر المفتي طريق الاجتهاد، ولا وجه القياس والاستدلال، إلا أن تكون الفتوى تتعلق بنظر قاض، فيوميء فيها على طريق الاجتهاد، ويلوح بالنكتة التي عليها بني الجواب، أو يكون غيره قد أفتى فيها بفتوى غلط فيها عنده، فيلوح بالنكتة التي أوجبت خلافه ليقيم عذره في مخالفته، وكذا لو كان فيما لقي به غموض فحسن أن يلوح بحجته، وهذا التفصيل أولى مما سبق من إطلاق المنع من تعرضه للاحتجاج ... ولا بنبغي لعامي أن يطالب المفتي بالحجة فيما أفتاه به، ولا يقول له لم ولا كيف، فإن أحب أن يسكن نفسه بسماع الحجة في ذلك سأل عنها في مجلس آخر، أوفي ذلك المجلس بعد قبول الفتوى مجردة عن الحجة، وقيل له أن يطالب المفتي بالدليل لأجل احتياطه لنفسه، وإنه يلزمه أن يذكر الدليل إن كان قطعيًا، ولا يلزمه ذلك إن كان ظنيا، لافتقاره إلى اجتهاد يقصر عنه العامي"[110].
المبحث الخامس:الاستدلال وأثره في صحة الفتوى

وفيه تمهيد وخمسة مطالب:
تمهيد:
للاستدلال في إطلاق الفقهاء إطلاقان، عام وهو: إقامة الدليل مطلقا، وخاص وهو المراد هنا، وهو: نوع خاص من الأدلة غير الأربعة المتفق عليها، الكتاب والسنة والإجماع والقياس، على خلاف في تقييد القياس وإطلاقه [111].
والكلام فيه بهذا الاعتبار الأخير - كمنهج مسلوك للاستنباط والبحث عن الدليل والاهتداء إليه - يشمل الكلام عن الأدلة المختلف فيها؛ لأنها أنواع وأفراد من الاستدلال، وقد عنون غير واحد من الأصوليين لغير المتفق عليه من الأدلة "بالاستدلال" [112]، وهو بهذا الإطلاق الخاص اصطلاح حادث لدى متأخري الأصوليين [113]... وقد أخذ هذا المصطلح في التقدم وفي التطور الدلالي، وأطال متأخروا الأصوليين البحث في حقيقته، وبيان معناه، وأنواعه، وطبيعته باعتباره دليلاً مستقلاً [114]... الأمر الذي يتضمن توضيحًا لتلك الاختلافات حوله، وهي اختلافات تحركها اختيارات ومآخذ مذهبية، أو اعتبارات منطقية استدلالية... ويحركها كونها منتزعة من موارد ومشارب متعددة من الشريعة في منقولها ومعقولها، ومقاصدها، وفي كلياتها المأخوذة منها بالاستقراء والتتبع...
لذا؛كان الاستدلال أحد المظاهر التي تتجلى فيها خصوصية الاجتهاد، وتتجلى في تشخيصه مع تحري موافقة ما تقتضيه مقاصد الشريعة صحةُ الفتوى.
يقول تاج الدين ابن السبكي: "واعلم أن علماء الأمة أجمعوا على أنَّ الاستدلال دليلٌ شرعي غير ما تقدم يعني الأربعة الأدلة المتفق عليها واختلفوا في تشخيصه... وهو يعني الاستدلال شيء قاله كل إمام بمقتضى تأدية اجتهاده، فكأنّه اتّخده دليلا، وهذا معنى مليح في سبب تسميته بالاستدلال... " [115] ومهما يكن من الاختلاف في تشخيص "الاستدلال"؛ فإن مراعاة معقولات النصوص، ومستنبطاتها، ومعانيها، وعللها، وما ترمي إليه المقاصد والكليات الشرعية أمورٌ هي محل اتفاق، سيما إذا حرر محل النزاع. وعند ذلك؛ فالخلاف في المسميات لا يضر إذا روعيت الحقائق...! وبهذا يظهر أثر "الاستدلال" وتشخيصه في صحة الفتوى.
وللاستدلال أنواع كثيرة [116] لكن مسائل بعضها متداخلة.
لذا فسأقتصر في هذا المبحث على خمسة منها في المطالب الآتية:
المطلب الأول: الاستدلال بالاستصحاب.
المطلب الثاني: الاستدلال بالمصلحة المرسلة.
المطلب الثالث: الاستدلال بالاستحسان.
المطلب الرابع: الاستدلال بسد الذرائع وبإبطال الحيل.
المطب الخامس: الاستدلال بالعرف والعادة.
المطلب الأول: الاستدلال بالاستصحاب:

ومعناه: أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاؤه في الزمن المستقبل [117]، وهو معنى قولهم: الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد المزيل، فمن ادعاه فعليه البيان، كما في الحسيّات أن الجوهر إذا شَغَل المكان يبقى شاغلاً إلى أن يوجد المزيل، مأخوذ من المصاحبة، وهو ملازمة ذلك الحكم ما لم يوجد مغيِّر، فيقال الحكم الفلانيّ قد كان، فلم نظنّ عدمه، وكل ما كان كذلك، فهو مظنون البقاء[118].
وللاستصحاب أنواع:
النوع الأول: استصحاب البراءة الأصلية، أو العدم الأصلي المعلوم بدليل العقل في الأحكام الشرعية قبل ورود السمع، فالأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعية والحقوق المالية حتى يدل دليل شرعي على شغلها، كالحكم بعدم وجوب صلاة سادسة، وكالحكم بعدم الدين على من ادعى عليه ذلك.
وهذا النوع لا خلاف في اعتباره بشروط معينة[119].
بل عده ابن قدامة رحمه الله رابع الأدلة المتفق عليها[120].
النوع الثاني: استصحاب دليل الشرع، وله فرعان:
الأول: استصحاب عموم النص حتى يرد تخصيص.
الثاني: استصحاب العمل بالنص حتى يرد ناسخ.
واختلف في تسمية هذا "استصحابا"، ولا نزاع في صحته[121].
النوع الثالث: استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع.
قال ابن قدامة رحمه الله: «ليس بحجة في قول الأكثرين»[122]، مثاله: أن يقول في المتيمم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة: الإجماع منعقد على صحة صلاته ودوامها، فنحن نستصحب ذلك حتى يأتينا دليل يزيلنا عنه[123].
وهناك قواعد مبنية على الاستصحاب يستعان بها في صحة الفتوى، وهي:
1- أن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره.
2- أن الأصل في الأشياء الإباحة.
3- أن الأصل في الذمة البراءة من التكاليف والحقوق.
4- أن اليقين لا يزول بالشك[124].
ولمعرفة الاستصحاب والرجوع إليه عند عدم الدليل أهمية كبرى للمفتي، حتى يصيب الحكم الصحيح.
وفي رجوع المفتي إلى الاستصحاب والبراءة الأصلية عند عدم الدليل، يقول الآمدي رحمه الله: "لو لم يظفر المفتي في الواقعة بدليل ولا خبر الواحد، فإنه لا يمتنع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي والمصير إلى البراءة الأصلية"[125].
ويقول الشوكاني: "وهو آخر مدار الفتوى: فإن المفتي إذا سئل عن حادثة يطلب حكمها في الكتاب ثم في السنة ثم في الإجماع ثم في القياس، فإن لم يجده، فيأخذ حكمها من استصحاب الحال في النفي والإثبات، فإن كان التردد في زواله، فالأصل بقاؤه وإن كان التردد في ثبوته، فالأصل عدم ثبوته" انتهى[126].
وجاء في المسودة: "معرفة المفتي الأصل ينبني عليه استصحاب الحال من حظر أو إباحة أو وقف. عندما لا يجد المفتي دليلاً ويأخذ باستصحاب الحال، فينبغي أن يعرف الأصل الذي ينبني عليه استصحاب الحال من حظر أو إباحة أو وقف، قال ابن عقيل: من شروط المفتي أن يعرف ما الأصل الذي ينبني عليه استصحاب الحال، هل هو الحظر أو الإباحة أو الوقف؛ ليكون عند عدم الأدلة متمسكًا بالأصل إلى أن تقوم دلالة تخرجه عن أصله"[127].
وقال القاضي [128]: "واعلم أنه لا يجوز إطلاق هذه العبارة؛ لأن من الأشياء ما لا يجوز أن يقال أنها على الحظر، كمعرفة الله تعالى ومعرفة وحدانيته، ومنها مالا يجوز أن يقال أنها على الإباحة: كالكفر بالله والجحد له، والقول بنفي التوحيد، وإنما يتكلم في الأشياء التي يجوز في العقول حظرها وإباحتها: كتحريم لحم الخنزير وإباحة لحم الأنعام، وتتصور هذه المسألة في شخص خلقه الله فى برية لا يعرف شيئا من الشرعيات، وهناك فواكه وأطعمة، هل تكون الأشياء فى حقه على الإباحة؟ أو على الحظر حتى يرد شرع "[129].
وفي المسودة أيضًا: مسألة استصحاب أصل براءة الذمة من الواجبات، حتى يوجد الموجب الشرعى دليل صحيح، ذكره أصحابنا: "وله مأخذان أحدهما: أن عدم الدليل، دليل على أن الله ما أوجبه علينا؛ لأن الإيجاب من غير دليل محال، والثاني: البقاء على حكم العقل المقتضى لبراءة الذمة، أو دليل الشرع لمن قبلنا، ومن هذا الوجه يلزم بالمناظرة" قال القاضى: "استصحاب براءة الذمه من الواجب، حتى يدل دليل شرعي عليه، هو صحيح بإجماع أهل العلم كما فى الوتر"[130].
وجاء فيها أيضًا: "قوله استصحاب في نفي الواجب احتراز من استصحاب نفي التحريم أو الإباحة، فإن فيه خلافا مبنيا على مسألة الأعيان قبل الشرع، وأما دعوى الإجماع على نفي الواجبات بالاستصحاب، ففيه نظر، فإن من يقول بالإيجاب العقلي من أصحابنا وغيرهم لا يقف الوجوب على دليل شرعي، اللهم إلا أن يراد به في الأحكام التي لا مجال للعقل فيها بالاتفاق، كوجوب الصلاة، والأضحية، ونحو ذلك"[131].
المطلب الثاني: الاستدلال بالمصلحة المرسلة:

المصلحة المرسلة هي: ما لم يشهد الشرع لاعتباره ولا لإلغائه بدليل خاص، فخرج بهذا المصلحة المعتبرة شرعًا التي جاءت الأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس باعتبارها. وكذا الملغاة شرعًا التي جاءت هذه الأدلة نفسها بمنعها، وإلغائها.
وتسمى - المصلحة المرسلة - الاستدلال المرسل، والمناسب المرسل، والاستصلاح [132].
ويشترط للاستدلال بالمصلحة المرسلة أمور منها:
1- ملاءَمتها لتصرفات الشرع ومقاصده، وهو أن يوجد لذلك المعنى جنس اعتبره الشارع في الجملة بغير دليل معين.
2- أن لا تنافي أصلا من أصول الشرع، ولا دليلاً من أدلته.
3- أنه لا مدخل للمصلحة المرسلة في التعبدات، ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية؛ لأن عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل، كالطهارات بأنواعها، وكعدد ركعات الصلوات الخمس، فإن شيئا من التعبدات لم يكله الشارع إلى آراء العباد، فلم يبق إلا الوقوف عند ما حده، دون ابتداع زيادة أو نقصًا.
4- أن يكون حاصل المصلحة المرسلة يرجع إلى رفع حرج في الدين، والتخفيف على المكلفين، فهي من الوسائل لا من المقاصد [133].
5- ألاّ تعارضها مصلحة أرجح أو مساوية لها، وألاّ يستلزم العمل بها مفسدة أرجح منها، أو مساوية لها، وألاّ يتوصل بها إلى الذرائع والحيل المحرمة [134].
وقد ذكر الشاطبي رحمه الله أمثلة للمصالح المرسلة الملائمة لتصرفات الشرع، كاتفاق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على جمع المصحف. فإنه راجع إلى حفظ الشريعة، وإلى منع الذريعة للاختلاف في القرآن الكريم.
وكقضاء الخلفاء الراشدين بتضمين الصّنّاع؛ لأنه لا يصلح الناس إلا ذلك. فلولا تضمينهم ـ مع مسيس الحاجة إليهم ـ لادعوا هلاك الأموال وضياعها، ولقلّ الاحتراز، وتطرقت الخيانة، فكانت المصلحة في تضمينهم [135].
وبالجملة فالضابط في تحديد المصلحة المرسلة هو الشرع نفسه، وما نصبه من مقاصد وأحكام وعلل وغايات، لا مجرد العقول والآراء، هذا وإنّ قصر المصلحة على المنافع الدنيوية الحسية فقط اختزال لمفهومها الشرعي. فإن ذلك يحصل للحيوانات العجماوات فلها إحساس يميز بين الشعير والتراب، وبين الماء والنار...!! بل منافع العباد الدينية الأخروية - وإن لم يدركها البعض، أو عدت مضارًا - أولى بالاعتبار، وأحرى بالاهتمام [136]. ومصداق ذلك قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} البقرة: 216.
والفتوى بالمصالح المرسلة وفق الشروط والضوابط المعتبرة محل وفاق بين المذاهب الأربعة من حيث الجملة. ومن تتبع فروع المذاهب علم صحة ذلك. قال ابن دقيق العيد[137]: "الذي لاشك فيه أن لمالكٍ ترجيحًا على غيره من الفقهاء، في هذا النوع يعني المصالح المرسلة ويليه أحمد بن حنبل، ولا يكاد يخلو غيرهما من اعتباره في الجملة... " [138].
وقال القرافي رحمه الله: "قد تقدم أن المصلحة المرسلة في جميع المذاهب عند التحقيق؛ لأنهم يقيسون، ويفرقون بالمناسبات، ولا يطلبون شاهدًا بالاعتبار، ولا نعني بالمصلحة المرسلة إلا ذلك..".[139].
وبما تقدم يتقرر أهمية مراعاة المفتي للمصالح الشرعية، غير أنه لا مجال للفتوى بالمصالح عند وجود النصوص إطلاقًا، والعلماء الذين خالفوا في الاستدلال بالمصالح المرسلة، وردوا الفتوى بها، إنما فعلوا ذلك خشيةً من إهدار النصوص ومدلولاتها، كما ينبغي على المفتي الحذر من المصالح الموهومة، حتى لا يوقع المكلفين بما يخالف الشريعة [140].
وفي وجوب مراعاة المفتي للمصلحة وأنه ثابت بفعل الصحابة رصي الله عنهم ، يقول الخطيب البغدادي رحمه الله: "إذا رأى المفتي من المصلحة عندما تسأله عامة أو سوقة أن يفتي بما له فيه تأول، وإن كان لا يعتقد ذلك، بل لردع السائل، وكفه، فعل، فقد روي عن ابن عباس أن رجلاً سأله عن توبة القاتل، فقال: لا توبة له، وسأله آخر فقال: له توبة، ثم قال: أما الأول: فرأيت في عينيه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني: فجاء مستكينا، وقد قتل فلم أؤيسه"[141].
المطلب الثالث: الاستدلال بالاستحسان:

وقد اختلف الأصوليون في حده وحجيته.
والحقيقة أن أقوال المانعين والمجوزين له لم تتوارد على شيء واحد، فالمانعون - وفي مقدمتهم الإمام الشافعي رحمه الله - منعوا الاستحسان بمعنى ما يستحسنه المجتهد بمجرد عقله، وما ينقدح في ذهنه، وفي هذا من الفتوى بالتلذذ والتشهي، واتباع الهوى ما لا يخفى، ولاشك أن هذا منكر، وضلال مبين ولم يقل به أحدٌ من الأئمة، والمجوزون له يقصدون به العدول بالمسألة عن نظائرها لوجه هو أقوى، أو لدليل معتبر من أدلة الشرع، أو ترجيح دليل على دليل يعارضه بمرجح معتبر شرعا؛ لقصد التخفيف ورفع الحرج.
وبالجملة فهو غير خارج عن مقتضى الأدلة ومآلاتها [142]. كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله: "فهذا كله يوضح لك أن الاستحسان غير خارج عن مقتضى الأدلة، إلا أنه نظر إلى لوازم الأدلة ومآلاتها" [143]، وقال في السياق نفسه: "ولا يرد الشافعي مثل هذا أصلاً" [144]. وبهذا يتبين أن الخلاف في الاستدلال بالاستحسان يكاد يكون لفظيا، ولا مشاحة في التسمية متى روعيت الحقائق[145]. وقد جاء عن الإمام الشافعي نفسه أنه قال: "أستحسن" في أشياء... [146].
ويُمثَّل للعدول بالمسألة عن نظائرها بدليل الكتاب قوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}التوبة: 103 فظاهر العموم في جميع ما يُتَموَّل به، وهو مخصوص بالأموال الزكوية خاصة.
ومن الاستحسان بالعرف: جواز دخول الحمام من غير تقدير أجرة ولا مدة اللبث، ولا الماء المستعمل والأصل في هذا المنع، ولكن تقتضيه قواعد فقهية في أبواب المعاملات. ومن الاستحسان ترك مقتضى الدليل في اليسير لرفع الحرج والمشقة، كجواز التفاضل اليسير في المراطلة الكثيرة [147].
ومن ضروب الاستحسان عند المالكية قاعدة "مراعاة الخلاف" وهو: إعطاء كل واحد من الدليلين ما يقتضيه الآخر أو بعض ما يقتضيه. كقولهم في النكاح المختلف في فساده إنه يفسخ بطلاق وفيه الميراث؛ لما جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليِّها، فنكاحها باطل باطل باطل" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "فإن دخل بها، فلها المهر بما أصاب منها" [148] قال الشاطبي رحمه الله: "وهذا تصحيح للمنهي عنه من وجه، ولذلك يقع فيه الميراث، ويثبت النسب للولد، وإجراؤهم النكاح الفاسد مجرى الصحيح في هذه الأحكام، وفي حرمة المصاهرة وغير ذلك دليل على الحكم بصحته على الجملة، وإلا كان في حكم الزنى، وليس في حكمه اتفاقًا، فالنكاح المختلف فيه قد يُراعى فيه الخلاف، فلا يقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول، مراعاة لما يقترن بالدخول من الأمور التي ترجح جانب التصحيح. وهذا كله نظر إلى ما يؤول إليه ترتب الحكم بالنقض والإبطال من إفضائه إلى مفسدة توازي مفسدة النهي أو تزيد " اهـ [149].
المطلب الرابع: الاستدلال بسد الذرائع وبإبطال الحيل:

والمراد به كما قال القرافي رحمه الله :"حسم مادة وسائل الفساد دفعًا لها، فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة لها منع من ذلك الفعل .."[150]، والمشهور عن الإمام مالك وأحمد أنهما يستدلان بسد الذرائع ويكثران من الفتوى بمقتضاه؛ لأنه متفرع عن النظر في المآلات[151]. وفي هذا يقول الشاطبي رحمه الله:" وهذا الأصل ينبني عليه قواعد منها: قاعدة سد الذرائع التي حكّمها مالك في أكثر أبواب الفقه؛ لأن حقيقتها التوسل بما هو مصلحة إلى ما هو مفسدة" [152]، وإن المحافظة على الشريعة في أحكامها ومقاصدها، وعللها وغاياتها، يقتضي منع الوسائل إلى المحرمات، ومنع التوسل بالمشروعات إلى الممنوعات. فقاعدة سد الذرائع من القواعد التشريعية التطبيقية التي توائم بين الوسائل والمقاصد، وأثر هذا في صحة الفتوى واضح بيِّن، إذ المفتي إذا عرضت عليه مسألة تؤدي إلى حرام، فينبغي عليه أن يفتي بتحريمها، والعكس بالعكس.
ويرى الشاطبي وآخرون "أن قاعدة الذرائع متفق على اعتبارها في الجملة، وإنما الخلاف في أمر آخر" [153] ومراده رحمه الله أن الخلاف في المناط الذي يتحقق فيه التذرع، وهو من تحقيق المناط في الأنواع [154]، أو هو خلاف في بعض أقسام الذرائع؛ لأن من الذرائع ما سده محل إجماع، كالمنع من حفر الآبار في الطرق، ومنها ما سده ملغى إجماعًا كزراعة العنب فإنها لا تمنع خشية الخمر، ومنها ما هو مختلف فيه، كبيوع الآجال. وفي هذا المختلف فيه مراتب متفاوتة باعتبار إفضائها إلى المفسدة، وباعتبار نوع نتائجها، ويختلف الترجيح فيها بحسب تفاوتها [155].
وقد أبدع ابن القيم رحمه الله في سرد الأدلة في حجية سد الذرائع والمنع من فعل ما يؤدي إلى الحرام ولو كان جائزًا في نفسه، فبلغت تسعة وتسعين دليلا، وقال: "إن سد الذرائع ربع التكليف"[156].
وإبطال الحيل مشابه لسد الذرائع، فهما استدلالان متشابهان متداخلان، وقد يلتقيان، وقد يفترقان أحيانًا. ومن تكلم من الأصوليين على أحدهما؛ تكلم على الآخر تباعًا، والذرائع أعم، والحيل أخص. ويشترط القصد فيها لا في الذرائع [157]. وهما متفرعان عن النظر في مآلات الأفعال، وأنه معتبر مقصود شرعًا [158].
ولذلك يتوجب على المفتي أن ينظر إلى ما يؤول إليه الفعل، فقد يكون الفعل مباحا، ولكنه يؤول إلى محرم مثلا، قال الشاطبي رحمه الله: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام، إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعا لمصلحة فيه تستجلب أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه، أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى المفسدة تساوى المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعا من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول فى الثاني بعدم مشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية، وهو مجال للمجتهد، صعب المورد، إلا أنه عذب المذاق، محمود الغبّ، جار على مقاصد الشريعة"[159].
وحقيقة الحيل: تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع، كالواهب ماله عند رأس الحول فرارًا من الزكاة[160].
فإذا فرض أن الحيل لا تهدم أصلا شرعيا، ولا تناقض مصلحة، شهد الشرع باعتبارها؛ فغير داخلة في النهي ولا هي باطلة.
والحيل ثلاثة أقسام: ما لا خلاف في بطلانه كحيل المنافقين والمرائين، وما لا خلاف في جوازه، كالنطق بكلمة الكفر للمكره، قال الشاطبي: "وكلا القسمين بالغ مبلغ القطع"، وما لم يتبين بدليل قاطع موافقته أو مخالفته لمقصد الشارع، وهذا محل خلاف بين العلماء، فمن رأى أنه غير مخالف لمقصد الشارع أجاز الحيلة فيه، ومن رآه مخالفا منع الحيلة فيه، لا أن أحدًا من الأئمة يجيز مخالفة قصد الشارع اهـ [161]. وقد ناقش ابن القيم من يقول بالحيل المحرمة، أو ينسب شيئا منها لأحد من الأئمة، وأفاض في ذلك [162].
ولا يصح إطلاق القول بأن أحدًا من الأئمة يجوز الحيل لإبطال الأحكام، ولهدم أصل من أصول الشريعة، ومن نسب شيئًا من الحيل المحرمة لواحد منهم؛ فهو جاهل بأصوله. أما إنفاذ بعض الحيل إذا فعلت عند بعض الأئمة؛ فشيءٌ آخر، ولا يعني هذا إذنه فيها ابتداءًا [163].
ولذا فإن على المفتي أن يُعنى بسد الذرائع والحيل المفضية إلى محرم، فيتعين على المفتي النظر فيما إذا كان الفعل وسيلة أو حيلة تفضي إلى فعل محرم فيمنعه، ولو كان هذا الفعل في أصله مباحا، انطلاقًا من أن الوسيلة تأخذ حكم المقصد، كما دلت الأدلة والاستقراء على ذلك، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منا بحسب إفضائها الى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها، والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل، فإذا حرم الرب تعالى شيئا، وله طرق ووسائل تفضي اليه، فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقا لتحريمه وتثبيتا له، ومنعا أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية اليه لكان ذلك نقضا للتحريم وإغراء للنفوس به وحكمته تعالى، وعلمه يأبي ذلك كل الإباء، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك، فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح له الطرق والأسباب والذرائع الموصلة اليه لعد متناقضا، ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء، منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه، والا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال، ومن تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله سد الذرائع المفضية الى المحارم، بأن حرمها ونهى عنها، والذريعة ما كان وسيلة وطريقا الى الشيء"[164].
المطلب الخامس: الاستدلال بالعرف والعادة:

إن مما هو بسبيل رفع الحرج في الشريعة؛ إناطة أحكام وابتناؤها على ما عرفته النفوس السليمة واستقرّ فيها من أعراف وعوائد مطّردة غير فاسدة شرعا [165].
قال ابن عابدين الحنفي في أرجوزته "عقود رسم المفتي":
والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يُدار [166]
ومن العلماء من اعتبر العرف والعادة مترادفين كالإمام الشاطبي حيث سمى كل ذلك "عوائد"[167]. وكابن عابدين حيث قال: "فالعادة والعرف بمعنى واحد" [168].
والضابط في اعتبار الأعراف في الأحكام الشرعية هو: كل فعل - وكل قول [169] - رتِّب عليه الحكم، ولا ضابط له في الشرع، ولا في اللغة، كإحياء الموات، والحرز في السرقة، والأكل من بيت الصديق، وما يُعَدّ قبضا، وإيداعًا، وإعطاءً، وهبةً، وهدية، وغصبا، والمعروف في المعاشرة، وانتفاع المستأجر بما جرت به العادة، وأمثال هذه كثيرة لا تنحصر [170].
قال القرافي رحمه الله: "...أما العرف فمشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك فيها... " [171]، ويجد المتتبع لتعليلات الأصوليين ولمآخذهم؛ شيوع ذلك بالعرف والعادة في كتبهم، فقد شاع بينهم أن العادة محكمة، وأن الممتنع عادة كالممتنع حقيقة، ولا ينكر تغير الأحكام - المنوطة بالعرف والعادة - بتغير الأزمان والأحوال، وأن الحقيقة تترك بدلالة العرف، وأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، وأن المعروف بين التجار كالمشروط بينهم، وأن التعيين بالعرف كالتعيين بالوصف... وكل ذلك يشعر بأن الاستدلال والفتوى بالعرف والعادة محل اتفاق بين جميع المذاهب الفقهية. ..أما النطاق الذي يعتبران فيه؛ فهو ما يختلف بين مذهب وآخر، ولعل الفقه المالكي هو أكثر المذاهب استدلالاً وإفتاءً بالعرف والعادة،ويليه الفقه الحنفي، ثم الشافعي،والحنبلي. ..[172].
وللعرف والعادة أثر في تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات بمقتضى مراعاة الشريعة لمصالح العباد في المعاش والمعاد، يقول ابن القيم رحمه الله: "هذا فصل عظيم النفع جدا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أُدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه، وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها ...إلخ "[173].
ويمثل ابن القيم لتغير الفتوى بمسألة إيقاع الطلاق الثلاث بلفظة واحدة قائلاً: "إذا عرف هذا فهذه المسألة مما تغيرت الفتوى بها بحسب الأزمنة كما عرفت لما رأته الصحابة من المصلحة؛ لأنهم رأوا مفسدة تتابع الناس في إيقاع الثلاث لا تندفع إلا بإمضائها عليهم، فرأوا مصلحة الإمضاء أقوى من مفسدة الوقوع"[174].
نشر هذا البحث في العدد 81 من مجلة البحوث الفقهية المعاصرة.
إعداد الدكتور : عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة أم القرى وإمام الحرم المكي.


[1] هو: عمران بن حصين عبيد الخزاعي، ويكنى: أبا نجيد، كان إسلامه عام خيبر، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، وغزا معه صلى الله عليه وسلم عدة غزوات، وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح، توفي رضي الله عنه بالبصرة، روى عنه ابنه نجيد، وأبو الأسود الدؤلي وأبو رجاء العطاردي. ينظر:"الإصابة في تمييز الصحابة" 4/705، و"تهذيب التهذيب" 8/111.

[2] أخرجه البخاري في باب "لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد" برقم 2508، ومسلم في باب "فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" برقم 2533.

[3] هو: أحمد بن علي بن محمد الكنان‍ي العسقلان‍ي الشافعي شهاب الدين أبوالفضل ، حافظ إمام بارع بمعرفة الحديث وعلله ورجاله ، ومن أشهر كتبه : "فتح الباري" و"تلخيص الحبير" و"الإصابة" ، و"الدرر الكامنة" ، وغيرها ، توفي سنة 852هـ . ينظر ترجمته في : "البدر الطالع" 1/87 ؛ و"شذرات الذهب" 7/270 .

[4] 7/6.

[5] "مجموع الفتاوى" 20/401.

[6] وسيأتي لهذا مزيد إيضاح عند الكلام عن دليل السنة ص49 من هذا البحث.

[7] ينظر: "قواطع الأدلة في الأصول" لأبي المظفر السمعاني 1/397-398، و"تلبيس إبليس" لابن الجوزي ص120، و"الكفاية في علم الرواية" للخطيب البغدادي ص212.

[8] هو : الإمام منصور بن محمد بن عبدالجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبدالجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم التميمي المروزي السمعان‍ي ، ولد في مدينة مرو الشاهجان سنة 426هـ ، ومن مصنفاته : "التفسير" و"القواطع في أصول الفقه" و"الرد على القدرية" ، وغيرها ، توفي سنة 489هـ . ينظر ترج‍مته في : "الأنساب" 3/299 ؛ و"اللباب" 2/138-139 ؛ و"طبقات المفسرين" 2/339-340 .

[9] "قواطع الأدلة في الأصول" 1/397-398.

[10] ينظر: "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 9/196-200، و"الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف" للدهلوي 29-30، و"الاجتهاد المقاصدي" للدكتور/ نور الدين الخادمي 1/72-82.

[11] ينظر: "كشف الأسرار عن أصول البزدوي" 3/945 وما بعدها، و"إعلام الموقعين" 2/178، 222.

[12] "الموافقات" 2/13، وينظر: ما قبلها.

[13] "شرح تنقيح الفصول" للقرافي ص408-411، و"الموافقات" 2/9-12 مع هوامشها، و"شرح الكوكب المنير" 1/312-322.

[14] طَلَقُهم، أي: سيرهم. ينظر: "لسان العرب" لابن منظور مادة طلق.

[15] "الموافقات" 3/180.

[16] ينظر:"مجموع فتاوى ابن باز" 3/351-353، و"فتاوى المرأة" ص194-195.

[17] ينظر: "الموافقات" 3/78-79، و"مقاصد الشريعة" لابن عاشور ص28-39، و"اعتبار المآلات، ومراعاة نتائج التصرفات" لعبد الرحمن بن معمر السنوسي ص403.

[18] ينظر: "الموافقات" للشاطبي 1/42-53، في الهامش تعقيب الشيخ/ أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان على المقاصديين العصريين!!، و"الاجتهاد المقاصدي" للدكتور/ نور الدين الخادمي 2/197-198، و"التجديد والمجددون في أصول الفقه" للدكتور/ أبي الفضل عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم ص408، و"التجديد في الفكر الإسلامي" للدكتور/ عدنان محمد أمامة ص435، 440-458.

[19] "المستصفى" 1/342-344.

[20] ينظر:"تيسير التحرير" 4/114، و"مختصر ابن الحاجب مع شرحه" 2/257، و"جمع الجوامع بحاشية البناني" 2/330، و"شرح الكوكب المنير" 4/229، و"إرشاد الفحول" ص229.

[21] هو: عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر المقدسي ، أبومحمد موفق الدين ، الفقيه الحنبلي الزاهد ، شيخ الإٍسلام وأحد الأئمة ، ولد سنة 541هـ ، وتوفي سنة 620هـ ، من مؤلفاته : "المغن‍ي" في الفقه ، و"الروضة" في الأصول وغيرهما. ينظر ترجمته في : "المقصد الأرشد" 2/15 ، "شذرات الذهب" 7/155 .

[22] "روضة الناظر" 1/179-180 مع "نزهة الخاطر العاطر" لابن بدران.

[23] قال تعالى: ]بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ[ [العنكبوت: 49]، أما في السطور فهذه المصاحف التي عند جميع المسلمين. ينظر في تفسير هذه الآية: "فتح البيان في مقاصد القرآن" للعلامة/ صديق القنوجي البخاري 10/205.

[24] ينظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 12/35-36، 117-162، و"شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي ص172-190.

[25] "كنز العمال" برقم 2300.

[26] "الموافقات" 4/144.

[27] قال الإمام ابن الجزري في كتابه "النشر في القراءات العشر" ما مفاده: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يحل لمسلم أن ينكرها سواء كانت عن السبعة، أو عن العشرة، أو عن غيرهم من الأئمة المقبولين. ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أو عمّن هو أكبر منهم. هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه. اهـ. وينظر: "النشر في القراءات العشر" 1/9، و"شرح الكوكب المنير" 2/134-136.

[28] ينظر: "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب" 2/83-85، 95-97، و"جمع الجوامع مع التشنيف" 1/313-322، و"البحر المحيط" 1/474-480، و"روضة الناظر مع نزهة الخاطر العاطر" 1/181، و"شرح الكوكب المنير" 2/136-140.

[29] ينظر: "البرهان في أصول الفقه" 2/870.

[30] ينظر: "الرسالة" للإمام الشافعي 1/509.

[31] ينظر: "الإحكام" للآمدي 1/169، و"البحر المحيط" 4/164، و"شرح الكوكب المنير" 2/160-161، 166.

[32] هو: عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمِد الأوزاعي، من قبيلة الأوزاع، أبو عمرو: إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، وأحد الكتاب المترسلين. ولد في بعلبك عام 88هـ، ونشأ في البقاع، وسكن بيروت، وتوفي بها عام 157هـ، وله كتاب "السنن" في الفقه، و"المسائل". ينظر:"الوفيات" 1/275، و"حلية الأولياء" 6/135،= =و"الشذرات" 1/241.

[33] هو: يحيى بن أبي كثير واسمه صالح بن المتوكل الطائي، مولاهم أبو نصر اليمامي، روى عن أنس وعكرمة، وعنه ابنه عبد الله والأوزاعي وأيوب السختياني ويحيى الأنصاري، مات سنة 129هـ. ينظر:"تذكرة الحفاظ" 1/127، و"طبقات ابن سعد" 5/404، و"العبر" 1/169، و"طبقات الحفاظ" للسيوطي ص58.

[34] هذه الآثار في: "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر 2/1192-1194، تحقيق/ أبي الأشبال الزهيري.

[35] المصدر نفسه: 2/1110.

[36] ينظر: "الإحكام" للآمدي 1/170، و"جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/7-8 مع الهوامش، و"البحر المحيط" 4/169-170، و"شرح الكوكب المنير" 2/167-170.

[37] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم 17213، وصححه العجلوني في"كشف الخفاء" 2/423.

[38] أخرجه الترمذي في"سننه"بابما نُهي عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلمبرقم [2664] وقال: حسن غريب من هذا الوجه.

[39] ينظر: "جامع بيان العلم وفضله"، و"كتاب الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي 1/266-273، وينظر: "تفسير ابن كثير" 7/443 تحقيق/ سامي بن محمد السلامة.

[40] هو: الإمام العلامة المحقق أبو الطيب محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله القِنَّوجِي البخاري، ولد في بلدة " بريلي " موطن جده من جهة الأم عام 1248 هـ ونشأ في بلدة " قِنَّوْج " موطن آبائه بالهند في حجر أمه يتيمًا على العفاف والطهارة، توفي عام 1357هـ. ينظر: "قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر"، للقنوجي 1/7، و"أبجد العلوم" 3 / 271 - 282 ، و"مشاهير علماء نجد وغيرهم" ص 451 - 457.

[41] "فتح البيان في مقاصد القرآن" 13/245.

[42] ينظر: "الرسالة" ص93-102، و"الإحكام" للآمدي 1/169-191، و"جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/7-15، و"شرح الكوكب المنير" 160-167.

[43] ينظر: "الرسالة" للشافعي 91-92.

[44] ينظر: "أصول البزدوي مع كشف الأسرار" للبخاري 3/232-243، و"الرسالة" 91-92، و"منهاج الوصول" للبيضاوي مع "نهاية السول" للإسنوي 2/23.

[45] ينظر: "الرسالة" ص92-93.

[46] المصدر نفسه: ص22.

[47] المصدر نفسه: ص92.

[48] ينظر: "إعلام الموقعين" 1/29-31، و"السنة ومكانتها في التشريع" ص385، و"أصول مذهب الإمام أحمد" للدكتور/ عبد الله التركي ص239-240، و"أصول الفقه الميسر" للدكتور/ شعبان محمد إسماعيل 1/333-334.

[49] 4/316 وينظر: 4/309، 214 وما بعدها.

[50] ينظر: "إعلام الموقعين" 1/29-31، و"السنة ومكانتها في التشريع" ص385، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص391-240، و"أصول الفقه الميسر" للدكتور/ شعبان محمد إسماعيل 1/333-334.

[51] ينظر: "الرسالة" للشافعي ص224-225، و"جامع بيان العلم وفضله" 2/1190-1191، و"الموافقات" 4/329-330.

[52] هو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري و قيل الأزدى مولاهم ، أبو سعيد البصري اللؤلؤي، ولد عام 135 هـ، من الطبقة التاسعة من صغار أتباع التابعين، روى له البخاري ومسلم، توفي عام 198 هـ بالبصرة. ينظر:"تذكرة الحفاظ" 1/329، و"طبقات الحنابلة" 1/207، و"شذرات الذهب" 1/255.

[53] "جامع بيان العلم وفضله" 2/1190-1191.

[54] ينظر: "كتاب الكفاية في علم الرواية" للخطيب البغدادي ص20-21، و"نخبة الفكر شرح نزهة النظر" للحافظ ابن حجر، مع "حاشية الكمال ابن أبي شريف" ص28-34، تحقيق د/ إبراهيم بن ناصر الناصر، و"تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي 2/626-631.

[55] أخرجه البخاري في باب "إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم " برقم 110.

[56] جمعها السيوطي في جزء سماه "فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين". ينظر: "تدريب الراوي شرح تقريب النواوي" للسيوطي 2/31-32، و"تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" للعلامة المباركفوري 2/197-202.

[57] في المقدمة الثالثة 1/28-29.

[58] ينظر: "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" للسيوطي 2/621-637، و"نخبة الفكر شرح نزهة النظر" مع "حاشية الكمال بن أبي شريف" ص36-40، 50، 61، و"أصول السرخسي" 1/291-295، و"كشف الأسرار عن أصول البزدوي" للبخاري 2/534-537.

[59] 2/55-65 مع "البدر الطالع"، وينظر: "شرح تنقيح الفصول" للقرافي ص356-378، و"مختصر ابن الحاجب مع رفع الحاجب" 2/333-351، 442-461، و"شرح الكوكب المنير" 2/358-364، 2367-376.

[60] ينظر: ص401-470 تحقيق/ أحمد محمد شاكر، و"كتاب الكفاية في علم الرواية" للخطيب البغدادي ص32-39.

[61] 1/91.

[62] "إرشاد الفحول" 1/211 تحقيق د/ شعبان محمد إسماعيل.

[63] ينظر: "مجموع الفتاوى" 18/65-68، و"الاعتصام" للشاطبي 1/227-231، 345-346، 2/11-12.

[64] هو: الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز، حافظ مؤرخ علامة محقق، تركماني الأصل، ولد في سنة 73هـ، صاحب التصانيف المشهورة، توفي رحمه الله ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة 748هـ. ينظر:"فوات الوفيات" 2/183، و"طبقات السبكي" 5/216، و"الشذرات" 6/153.

[65] "الموقظة في علم الحديث" ص8.

[66] وهذا هو مذهب المحققين من أئمة الحديث كيحيى بن معين، والإمام البخاري، والإمام مسلم، والحافظ أبي زكريا النيسابوري، وأبي زرعة الرازي، وأبي حاتم الرازي، وابن حبان، والإمام أبي سليمان الخطابي، وابن حزم، وابن العربي المالكي، والشوكاني، وآخرين. ينظر: "تحفة المودود في أحكام المولود" لابن القيم ص17، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" له 1/456، ومقدمة "صحيح الترغيب والترهيب" له 1/38-39، 53-54.

[67] "المستصفى" 1/342-344.

[68] كذا قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" 1/286، وينظر: "كشف الأسرار عن أصول البزدوي" للبخاري 3/337-338، و"الإحكام" للآمدي 1/196، و"جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/131-132، و"شرح الكوكب المنير" 2/211-212.

[69] حكاه الآمدي في "الإحكام" 1/261 وينظر: "شرح الكوكب المنير" 2/259.

[70] كما قاله الآمدي في "الإحكام" 1/200.

[71] "قواطع الأدلة" 1/466.

[72] أخرجه الترمذي في "جامعه" في باب "ما جاء في لزوم الجماعة" برقم 2165، وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد في "المسند" برقم 177.

[73] "الرسالة" ص473-474.

[74] أخرجه أبو داود في باب "ذكر الفتن ودلائلها" برقم 4253، والترمذي في باب "ما جاء في لزوم الجماعة" برقم 2167 وقال: حديث غريب من هذا الوجه، وابن ماجه في باب "السواد الأعظم" برقم 3950.

[75] ينظر: "تخريج أحاديث مختصر المنهاج" للحافظ العراقي برقم 49 ص33، و"تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب" لابن كثير ص145 وما بعدها.

[76] كذا قال الآمدي في "الإحكام" 1/129، وينظر: "كتاب الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي 1/407-427 تحقيق/ عادل بن يوسف الغزازي.

[77] ينظر: "الإحكام" للآمدي 1/264-267، و"جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/143-144، و"روضة الناظر مع نزهة الخاطر العاطر" 1/385، و"شرح الكوكب المنير" 2/261-262.

[78] "الفتاوى" 19/195-196.

[79] ينظر: "الإحكام" لابن حزم 1/553 وما بعدها.

[80] ينظر: "مجموع الفتاوى" 11/341، و"جمع الجوامع مع التشنيف" 3/94-95، و"البحر المحيط" 4/482-483، و"روضة الناظر مع نزهة الخاطر" 1/332-335، و"شرح الكوكب المنير" 2/213-214، و"إرشاد الفحول" 1/288-291.

[81] ينظر: "شرح مختصر الروضة" للطوفي 3/12-13، و"إرشاد الفحول" 72، و"أصول مذهب الإمام أحمد" للدكتور/ عبد الله التركي ص369-376.

[82] ينظر: المصادر نفسها.

[83] ينظر في هذا: "مراتب الإجماع" لابن حزم، مع نقد شيخ الإسلام ابن تيمية له. مطبوعات مكتبة القدسي 1357هـ.

[84] هو: الإمام يعقوب بن إبراهيم بن حبيب، أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة، الفقيه المجتهد، له من المؤلفات: "الخراج" و"الأمالي"، و"النوادر"، توفي سنة 182هـ. ينظر: "الفوائد البهية" ص225، و"وفيات الأعيان" 5/421، و"طبقات الفقهاء" للشيرازي ص134.

[85] ينظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 20/303-308، و"إحكام الفصول في أحكام الأصول" لأبي الوليد الباجي ص480-482 برقم 511 تحقيق/ عبد المجيد تركي، و"مذكرة أصول الفقه" للشيخ/ محمد الأمين الشنقيطي ص151.

[86] ينظر: "البحر المحيط" 4/490-509، و"أصول الفقه الإسلامي" للدكتور/ وهبة الزحيلي 1/505-519، و"أصول الفقه الميسر" للدكتور/ شعبان محمد إسماعيل 1/549-566.

[87] ينظر: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم 2/529-559، و"البحر المحيط" 4/517-518، و"إرشاد الفحول" 1/343-345، ومن ذلك سياق ابن عبد البر وابن المنذر الإجماع، ينظر:"الإجماع" لابن المنذر.

[88] "المستصفى" 1/342-344.

[89] ينظر: "مزالق الأصوليين" للعلامة/ محمد بن إسماعيل الصنعاني ص63-68، و"منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة" للدكتور/ مسفر بن علي القحطاني ص231-232، و"فقه النوازل" للدكتور/ محمد بن حسين الجيزاني 1/76، و"الاجتهاد فيما لا نص فيه" للدكتور/ الطيب خضري السيد 1/83-84.

[90] ينظر: "مجموع الفتاوى" 19/176-177، 195-196.

[91] وهو تعريف ابن قدامة 2/227 من الروضة مع شرحها لابن بدران.

[92] ينظر: "الإحكام" للآمدي 3/190، و"الإبهاج في شرح المنهاج" للسبكي 3/1417-1419 تحقيق الدكتور/ شعبان محمد إسماعيل، و"شرح الكوكب المنير" 4/7.

[93] "المستصفى" للغزالي 2/228، و"شرح الكوكب المنير" 4/12.

[94] " الإحكام" 3/192، وينظر: "شرح الكوكب المنير" 4/14، و"إرشاد الفحول" 2/150.

[95] ينظر: "شرح مختصر الروضة" 3/230، و"شرح الكوكب المنير" 4/15، و"إرشاد الفحول" 2/150-151.

[96] ينظر: "الإحكام" للآمدي 3/193، و"شرح مختصر الروضة" للطوفي 3/232 وما بعدها.

[97] ينظر: "مختصر ابن الحاجب مع رفع الحاجب" 4/312-355، و"الإبهاج في شرح المنهاج" للسبكي 3/1499-1571، و"جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/222-256.

[98] "شرح مختصر الروضة" 3/230، وينظر: "شرح الكوكب المنير" 4/16.

[99] ينظر: "مختصر ابن الحاجب مع رفع الحاجب" 4/158-311، و"جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/178-221، و"شرح الكوكب المنير" 4/17-114.

[100] ينظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية 19/176، 280، 288، 289 20/504-505.

[101]"المستصفى" 2/234، 253، 254.

[102] ينظر: "الإحكام" للآمدي 4/5، و"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية 11/341، و"شرح الكوكب المنير" 4/215-218، و"إرشاد الفحول" 2/129-148.

[103] يقرر هذا ابن القيم في "إعلام الموقعين" 1/130 وما بعدها عند شرحه كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء حيث يقول: "وقد أرشد الله عباده إليه - أي إلى القياس- في غير موضع من كتابه... وقد اشتمل القرآن على بضعة وأربعين مثلاً تتضمن تشبيه الشيء بنظيره، والتسوية بينهما في الحكم... ".

[104] أخرجه أحمد في "مسنده" برقم 138، وقال: "إسناده صحيح".

[105] أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري "صحيح البخاري مع الفتح" في كتاب "فضائل الصحابة"، باب 17 حديث رقم 3362، ومسلم في "كتاب الرضاع"، باب 11 حديث رقم 38-1459.

[106] أخرجه البخاري باب 112 برقم 1754، وقد ترجم له البخاري في "كتاب الاعتصام" بالكتاب والسنة باب من شبه أصلاً معلومًا بأصل مبيّن.

[107] كما ذهب إليه الظاهرية، وفي مقدمتهم الإمام أبو محمد بن حزم في كتابه "الإحكام" 2/929-1166.

[108] "إرشاد الفحول" 2/170.

[109] ينظر هذه القوادح في: "جمع الجوامع مع البدر الطالع" 2/260-306، و"شرح الكوكب المنير" 4/229-358.

[110] "صفة الفتوى" 1/66، 84.

[111] ينظر: "الإحكام" للآمدي 4/118، و"جمع الجوامع" لابن السبكي 2/313 مع "البدر الطالع" لجلال الدين المحلي، و"شرح الكوكب المنير" 4/397.

[112] كالآمدي في "الإحكام" وابن السبكي في "جمع الجوامع"، والزركشي في "البحر المحيط"، وابن النجار الفتوحي في "شرح الكوكب المنير"، والشوكاني في "إرشاد الفحول" وغيرهم.

[113] كما يقول الزركشي في "تشنيف المسامع بجمع الجوامع" 3/409.

[114] ينظر: "البرهان في أصول الفقه" لإمام الحرمين 2/721 وما بعدها، و"تشنيف المسامع بجمع الجوامع" للزركشي 3/409، و"البحر المحيط" 7/13.

[115] "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب" 4/481-483 بتصرف.

[116] ينظر: "أصول الشاشي" ص114، و"شرح العضد على مختصر ابن الحاجب" 2/280 وما بعدها، "الإحكام" للآمدي 3/119، و"إرشاد الفحول" ص207.

[117] ينظر:"البحر المحيط" 6/17، و"الروضة" مع شرحها لابن بدران 2/320، و"شرح الكوكب المنير" 4/405، و"إرشاد الفحول" 2/251.

[118] "البحر المحيط" للزركشي 6/17.

[119] ينظر: "إرشاد الفحول" 2/251.

[120] ينظر: "روضة الناظر" 2/320-321، مع "نزهة الخاطر" لابن بدران.

[121] ينظر: المصدر نفسه 2/322، و"شرح الكوكب المنير" 4/405.

[122] "روضة الناظر" 2/323، مع نزهة الخاطر.

[123] المصدر نفسه.

[124] ينظر في هذه القواعد: "أصول السرخسي" 2/116-117 وما بعدها، و"الأشباه والنظائر" لابن نجيم ص56 وما بعدها، "جمع الجوامع" 2/356 وما بعدها، و"الأشباه والنظائر" للسيوطي ص50 وما بعدها، و"تقرير القواعد وتحرير الفوائد" لابن رجب، و"مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد" لأحمد القاري، و"شرح القواعد الفقهية" للزرقا، و"أصول الفقه الإسلامي" للدكتور/ وهبة الزحيلي 2/900-901.

[125] "الإحكام" للآمدي 2/68.

[126] "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" 1/87.

[127] ص428.

[128] هو: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، القاضي، الفقيه الحنبلي، الأصولي المحدث، ولد سنة 380هـ، له كتاب "العدة"، وتوفي سنة 458هـ. ينظر: "طبقات الحنابلة" 3/361، "شذرات الذهب" 5/252.

[129] "العدة" للقاضي أبي يعلى 4/1243.

[130] المصدران نفسيهما 428، 4/1243.

[131] ينظر: "المسودة" 1/428-430.

[132] ينظر: "البحر المحيط" 6/76، و"الاعتصام" للشاطبي 2/354، و"روضة الناظر" 1/340-341، مع "نزهة الخاطر العاطر" لابن بدران.

[133] "الاعتصام" 2/364-368 بتصرف.

[134] ينظر: "المصالح المرسلة" للشنقيطي ص21.

[135] ينظر: "الاعتصام" 2/354، 356.

[136] ينظر: "الموافقات" للشاطبي 1/532-537، 3/180-183، 5/225-226، 128 وما بعدها.

[137] هو: محمد بن علي بن وهب تقي الدين أبوالفتح القشيري المصري المالكي ثم الشافعي ، عالم زاهد ورع ، له تصانيف كثيرة منها : "الإمام" ، و"الإلمام" ، و"شرح العمدة" ، وشرح بعض مختصر ابن الحاجب وغيرها ، توفي سنة 702هـ . ينظر:"شذرات الذهب" 6/5، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي 9/207، و"طبقات الحفاظ" ص513.

[138] ينظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" 11/343، و"إرشاد الفحول" للشوكاني 2/265.

[139] "شرح تنقيح الفصول" ص446.

[140] ينظر: "الموافقات" 2/27، و"الإحكام" 4/168، و"الإبهاج" 3/185، و"نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي" للدكتور/ حسين حامد حسّان ص535-546، و"المصلحة في التشريع الإسلامي" للدكتور/ مصطفى زيد ص211، 235، 238، و"أصول مذهب الإمام أحمد" للدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي ص482-493، و"رفع الحرج" للدكتور/ يعقوب الباحسين ص263، و"أدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها" للدكتور/ عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة ص196-215.

[141] "الفقيه والمتفقه" 2/83.

[142] ينظر: "الموافقات" 5/196-197، و"الاعتصام" للشاطبي 2/370-371، و"شرح تنقيح الفصول" للقرافي ص451-452، و"تشنيف المسامع بجمع الجوامع" للزركشي 3/436-441، و"قواطع الأدلة" 2/268-271، و"البحر المحيط" للزركشي 6/87-94، و"نزهة الخاطر العاطر" لابن بدران 1/336-338، و"شرح الكوكب المنير" 4/431-432.

[143] "الموافقات" 5/198-199.

[144] "الاعتصام" 2/371.

[145] ينظر: "قواطع الأدلة" 2/270، و"تشنيف المسامع" 3/439-440.

[146] ينظر: "تشنيف المسامع" 3/439-441، و"البحر المحيط" 6/95-98.

[147] ينظر: "الاعتصام" للشاطبي 2/371-374، وينظر: "تشنيف المسامع" 3/439.

[148] أخرجه أبو داود باب "في الولي"برقم[2083]،والترمذي في باب"ما جاء لا نكاح إلا بولي"برقم[1102]وقال حديث حسن.

[149] ينظر: "الموافقات" 5/106-108، 191-192، و"الاعتصام" للشاطبي 2/375، و"مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" لعلال الفاسي ص136.

[150] "الفروق" 2/451، وينظر:"الموافقات" 4/199، و"مجموع الفتاوى" 23/186-187، و"إعلام الموقعين" 2/147.

[151]ينظر: "شرح تنقيح الفصول" للقرافي ص448-449، و"شرح الكوكب المنير" 4/434-436، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص513 عن "المدخل إلى مذهب أحمد" لابن بدران.

[152] 5/177، 182- 183، 185.

[153] "الموافقات" 5/158، وينظر: "شرح تنقيح الفصول" للقرافي ص448، و"البحر المحيط" 6/83-86.

[154] كذا قال الشيخ عبد الله دراز في تعليقه على قول الشاطبي السابق، "الموافقات" 5/185-186.

[155] ينظر: "الموافقات" 184-186، و"شرح تنقيح الفصول" ص448-449، و"البحر المحيط" 6/84-86، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص509-512.

[156] "إعلام الموقعين" 3/147-171.

[157] ينظر: "الموافقات" 4/201، و"مجموع الفتاوى" 3/146، و"إعلام الموقعين" 3/124، 346، و"مقاصد الشريعة الإسلامية" لمحمد طاهر بن عاشور ص268، و"أصول مذهب الإمام أحمد" للدكتور/ عبد الله التركي ص500-503.

[158] ينظر: "الموافقات" 5/177، 182، 187.

[159] "الموافقات" 4/194.

[160] المصدر نفسه: 5/187، وينظر: "مقاصد الشريعة الإسلامية" لابن عاشور ص259-260.

[161] المصدر نفسه: 3/124-125.

[162] ينظر: "إعلام الموقعين" 3/171-415.

[163]"الفتاوى الكبرى" لابن تيمية 3/170، وينظر: "إعلام الموقعين" لابن القيم 3/190-200، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص527.

[164] "إعلام الموقعين" 3/135.

[165] ينظر: "الموافقات" 2/494-496، و"تشنيف المسامع" 3/471-472، و"شرح الكوكب المنير" 4/448-452.

[166] "رسائل ابن عابدين" 1/44.

[167] ينظر: "الموافقات" 2/488، 509.

[168] "نشر العرف في بناء الأحكام على العرف" له، ص3.

[169] وهو أن يتعارف القوم على إطلاق لفظ على معنى غير الذي وضع له أصلا، بحيث يكون هو المتبادر إلى الأذهان عند الإطلاق، كتعارف الناس على إطلاق لفظ الولد على الذكر دون الأنثى، وعلى إطلاق لفظ اللحم على غير السمك، وعلى إطلاق الدابة على ذات الحافر. ينظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم ص93، و"الموافقات" 2/220، و"الأشباه والنظائر" للسيوطي ص89، و"المسودة" ص123 وما بعدها، "رفع الحرج في الشريعة الإسلامية" للدكتور/ يعقوب الباحسين ص344، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص585.

[170] "شرح الكوكب المنير" 4/452-453.

[171] "شرح تنقيح الفصول" ص448.

[172] ينظر: "نشر العرف في بناء الأحكام على العرف" لابن عابدين ص4 وما بعدها، و"تقرير القوعد وتحرير الفوائد" لابن رجب 2/555-570، و"إعلام الموقعين" لابن القيم 3/66-67، و"شرح القواعد الفقهية" للزرقا ص219، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص591-600، و"رفع الحرج في الشريعة الإسلامية" للدكتور/ يعقوب الباحسين ص371-372.

[173] "إعلام الموقعين" 3/3.

[174] "إعلام الموقعين" 3/41.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
طرح قيم جدا ... بوركتم اخي الفاضل

جزاكم ربي سبحانه كل الخير واحسن اليكم
 

ام مصطفى

Moderator
إنضم
23 أغسطس 2011
المشاركات
481
النقاط
16
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
جزع عم وبعض السور
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
ماهر المعيقلى
الجنس
اخت
بارك الله فيكم وجعلة الله فى ميزان حسناتكم
 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
0053.gif
 
أعلى