- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
زبيدة أم جعفر
المقدمة
هل ممكن للغنى و الزهد أن يجتمعوا؟ و هل للأ ثرياء حظ فى السبق و بلوغ الدرجات العلى؟ و هل يحول الثراء والجاه بين أصحابها و بين رحمة الله و عطائه الواسع الذى لا حدود له؟ لا, فالإسلام لا يمدح الفقر و لا يحبه و إنّما يمدح الزهد و يرغّب فيه. فليس الزهد هو أن لا يملك المرء شيئاً - فذلك هو عين الفقر - و إنّما الزهد هو أن تملك الشىء و لا يملكك فيصبح فى يدك و ليس فى قلبك.
زبيدة أم جعفر - رحمها الله - هى خير مثال وأوضح دليل و أقوى برهان لهذا الغنى الذى لا تشغله دنياه عن طاعة ربه, و يرى نفسه مسخراً لخدمة دينه و أن المال الذى بين يديه هو مال الله و ليس ماله هو.
من هى؟
• هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية. ولدت في عام 145هـ.
• تسمى "زبيدة" و تُكنى ب"أمة العزيز" و لقّّبها جدها أبو جعفر المنصور "زبيدة" بسبب بياض بشرتها و نضارتها.
• هي أم جعفر زوجة هارون الرشيد، وبنت عمه. تزوجت هارون الرشيد سنة 165هـ، وكان ذلك في خلافة المهدي ببغداد.
• هى أم الأمين العباسى. و كان المأمون أخا لمحمد الأمين من هارون الرشيد و لكن أمه غير زبيده، فكان لهل بمثابة ولدها حتى أنّها أمرت أبو العتاهية بكتابة أبيات على لسانها للمأمون:
ألا إن صرف الدهر يدني ويبعد ويمتع بالآلاف طورا ويفقد
أصابت بريب الدهر مني يدى فسلمت للاقدار والله أحمد
وقلت لريب الدهر إن هلكت يد فقد بقيت والحمد لله لي يد
إذا بقي المأمون لها فالرشيد لي ولي جعفر لم يفقدا ومحمد
• قال ابن بردي في وصفها: " أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً"، لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء.
• كانت بليغة العبارة حادة الذكاء ناضجة العقل صائبة الرأى, و فى حياتها مواقف تدل على هذه الخصال كلها.
مواقف
• كانت "زبيدة" - رحمها الله – سبباً فى بناء مساجد عديدة و حفر آبار و عيون كثيرة انتفع بها كثير من الخلق و عابرى السبيل. و لها آثار كثيرة فى طريق مكة و المدينة من برك و آبار و عيون قد أحدثتها على نفقتها الخاصة.
• وكان لزبيدة مائة جارية يحفظن القرآن الكريم، وكان يسمع في قصرها دوي كدوى النحل من قراءة القرآن الكريم, و رغم الغنى الواسع فلم يكن بيتها محلاً للفجور و الميوعة و الخلاعة كما اشتهرت بذلك كثير من بيوت الأ ثرياء فى ذلك الزمان. وقد نهجت "زبيدة" منهجا فريدا فى حسن معاملتها للخدم حيث أنها شغلتهم بالطاعة والأعمال الصالحة فأصبحت سبباً فى حصولهنّ على الأجور العالية.
• فصاحتها و ذكاؤها:
• مما يدل على فصاحتها و حسن عبارتها أنّه حينما بلغها موت ابنها الأمين مقتولا لم تقبل الثأر له ممن قتله درءاً للفتنة و حقناً للدماء.
o ففى رواية أنّه لما قُتل ابنها محمد الأمين دخل الى زبيدة بعض خدمها فقال: ما يجلسك وقد قُتل أمير المؤمنين محمد. فقالت: ويلك و ما أصنع؟ فقال: تخرجين فتطلبين بثأره كما خرجت عائشة تطلب بدم عثمان. فقالت: اخسأ لا أم لك، ما للنساء وطلب الثأر و منازلة الأبطال؟ ثم أرسلت الى الخليفة من بعده المأمون بأبيات شعر فبكى ثم قال: اللهم انى أقول كما قال أمير المؤمنين على بن أبى طالب- رضى الله عنه- لّما بلغه قتل عثمان: والله ما أمرت ولا رضيت.
o وفى رواية الخطيب البغدادى: أن زبيدة قالت للمأمون عند دخوله بغداد: أهنيك بخلافة قد هنّأت نفسى بها عنك قبل أن أراك و لئن كنت قد فقدت ابناً خليفة لقد عُوضت ابناً خليفة لم ألده, وما خسر من اعتاض مثلك ولا ثكلت أم ملأت يدها منك و أنا أسأل الله أجرا على ما أخذ و امتاعاً بما عوّض. ثم أخذ المأمون بعد ذلك يزيد في تكرمة زبيدة وأسرتها فكان يوجه اليها فى كل سنة بمائة ألف دينار وألف ألف درهم.
• ومما يدل على ذكائها ما يحكيه الرواة أنها أرسلت الى الأصمعى – وهو من علماء اللغة العربية – و أحضرته لتسأله فقالت له: ان أمير المؤمنين هارون الرشيد استدعانى و قال: هلمّى يا أمّ نهر, فما معنى ذلك؟ فقال لها: ان "جعفرا" فى اللغة العربية هو النهر الصغير وأنت أم جعفر!!
• وأنشد بعض الشعراء مدحا فى زبيدة وهى تسمع فقال:
أزبيدة ابنة جعفر طوبى لزائرك المثاب
تعطين من رجليك ما تعطى الأكف من الّرغاب
فوثب اليه الخدم يضربونه. فقالت: لا تفعلوا فانه إنما أراد الخير فأخطأ, ومن أراد الخير فأخطأ, أحب إلينا ممن أراد الشر فأصاب, و إنما أراد أن يقول على قول الشاعر: شمالك أجود من يمين غيرك, و قفاك أحسن من وجه غيرك!! فظنّ أنه إذا ذكر الرجلين أنه أبلغ فى المدح, وأمرت له بجائزة.
و هذا الحديث الذى يذكر الرجل الذى فقد ناقته و عليها طعامه وشرابه ثم استيقظ و هى قائمة عند رأسه فقال: اللهم أنت عبدى و أنا ربك!! أخطأ من شدة الفرح فلم يعذبه ربه و لم يعاتبه بل غفر له زلّة لسانه لأنه أراد الشكر و الثناء و المدح فأخطأ لسانه و لكن أصاب قلبه.
جودها و كرمها:
• أنها سقت أهل مكة الماء بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار, و أسالت الماء عشرة أميال بحط الجبال و نحت الصخر حتى غلغلته من الحل الى الحرم و مهدت الطريق لمائها فى كل خفض ورفع و سهل و جبل ووعر, و عرفت هذه العين بعين الشماس. و عملت عقبة البستان فقال لها وكيلها: يلزمك نفقة كثيرة, فقالت: اعملها ولو كانت ضربة فأس بدينار.
o ووصف اليافعي عين الشماش في القرن الثامن للهجرة فقال:" إن آثارها باقية ومشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة، ذات بنيان محكم في الجبال، تقصر العبارة عن وصف حسنه، وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كالبير يسمونه لظلمته يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهاراً فضلاً عن الليل.
• وكانت صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين. وبلغت نفقاتها فى بعض حجاتها ألف ألف دينار وبلغت نفقاتها فى ستين يوما أربعة و خمسين ألف ألف درهم. فرفع إليها و كيلها حساب النفقة, فهنته عن ذلك و قالت: ثواب الله بغير حساب. و هكذا يكون السخاء و الجود و الكرم, فالذى يتعامل مع ربه لا ينظر كم أنفق و لا مقدار ما أعطى, فالله غنى عن نفقته و ماله و إنما هو الذى ينفع نفسه و يقدم لها الخير حيث سيلقاه عند ربه أحوج ما يكون اليه.
• و قال ابن جبير بعد أن ذكر المصانع و البرك و الآبار و المنازل التى شيدتها "زبيدة" من بغداد الى مكة: " أن كل ذلك من آثار زبيدة, فانتدبت لذلك مدة حياتها، فأبقت فى هذا الطريق مرافق و منافع تعم وفد الله تعالى كل سنة من لدن وفاتها الى الآن. و لولا آثارها الكريمة فى ذلك لما سلكت هذه الطرق والله كفيل بمجازتها و الرضا عنها."
• وفاتها:
o لقد ماتت زبيدة كما سيموت كل البشر و لكن ذكراها خالدة فى أفئدة ملايين من الحجاج الذين انتفغوا بهذه الآثار العظيمة و التى جرىثوابها عليها بعد موتها. توفيت في بغداد في جمادى الأول سنة216 هجرية, و قد جائت البشرايات لزبيدة بمغفرة الله لها و حسن ثوابه و جزائه على أعمالها.
• فقد روى ابن خلكان فى كتابه "وفيات الأعيان" عن عبد الله بن المبارك أنه رآها فى المنام فقال لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر الله لى بأول معول (أى فأس) ضرب فى طريق مكة, قال: قلت ما هذه الصفرة فى وجهك؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له بشر المريسىّ فزفرت جهنم عليه زفرة فاقشعرّ لها جسدى, فهذه الصفرة من تلك الزفرة.
• وقيل أن ابنتها رأتها أيصا فى المنام فسألتها: ماذا فعل الله بك؟ قالت: يا بنية غفر لى و رحمنى, فقالت لها: بماذا نجوت؟؟ فقالت: يا بنية لولا ركيعات كنت أركعهن قبل النوم لهلكت.
هذه "زبيدة" – رحمها الله – زوجة هارون الرشيد التى قطعت حجة كل غنى يتعلل بغناه و كثرة جاهه و أمواله,
فمنذ متى و الدنيا هى الحجاب بين العبد و ربه إلا أن يضعه العبد بنفسه؟؟
هل ممكن للغنى و الزهد أن يجتمعوا؟ و هل للأ ثرياء حظ فى السبق و بلوغ الدرجات العلى؟ و هل يحول الثراء والجاه بين أصحابها و بين رحمة الله و عطائه الواسع الذى لا حدود له؟ لا, فالإسلام لا يمدح الفقر و لا يحبه و إنّما يمدح الزهد و يرغّب فيه. فليس الزهد هو أن لا يملك المرء شيئاً - فذلك هو عين الفقر - و إنّما الزهد هو أن تملك الشىء و لا يملكك فيصبح فى يدك و ليس فى قلبك.
زبيدة أم جعفر - رحمها الله - هى خير مثال وأوضح دليل و أقوى برهان لهذا الغنى الذى لا تشغله دنياه عن طاعة ربه, و يرى نفسه مسخراً لخدمة دينه و أن المال الذى بين يديه هو مال الله و ليس ماله هو.
من هى؟
• هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية. ولدت في عام 145هـ.
• تسمى "زبيدة" و تُكنى ب"أمة العزيز" و لقّّبها جدها أبو جعفر المنصور "زبيدة" بسبب بياض بشرتها و نضارتها.
• هي أم جعفر زوجة هارون الرشيد، وبنت عمه. تزوجت هارون الرشيد سنة 165هـ، وكان ذلك في خلافة المهدي ببغداد.
• هى أم الأمين العباسى. و كان المأمون أخا لمحمد الأمين من هارون الرشيد و لكن أمه غير زبيده، فكان لهل بمثابة ولدها حتى أنّها أمرت أبو العتاهية بكتابة أبيات على لسانها للمأمون:
ألا إن صرف الدهر يدني ويبعد ويمتع بالآلاف طورا ويفقد
أصابت بريب الدهر مني يدى فسلمت للاقدار والله أحمد
وقلت لريب الدهر إن هلكت يد فقد بقيت والحمد لله لي يد
إذا بقي المأمون لها فالرشيد لي ولي جعفر لم يفقدا ومحمد
• قال ابن بردي في وصفها: " أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً"، لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء.
• كانت بليغة العبارة حادة الذكاء ناضجة العقل صائبة الرأى, و فى حياتها مواقف تدل على هذه الخصال كلها.
مواقف
• كانت "زبيدة" - رحمها الله – سبباً فى بناء مساجد عديدة و حفر آبار و عيون كثيرة انتفع بها كثير من الخلق و عابرى السبيل. و لها آثار كثيرة فى طريق مكة و المدينة من برك و آبار و عيون قد أحدثتها على نفقتها الخاصة.
• وكان لزبيدة مائة جارية يحفظن القرآن الكريم، وكان يسمع في قصرها دوي كدوى النحل من قراءة القرآن الكريم, و رغم الغنى الواسع فلم يكن بيتها محلاً للفجور و الميوعة و الخلاعة كما اشتهرت بذلك كثير من بيوت الأ ثرياء فى ذلك الزمان. وقد نهجت "زبيدة" منهجا فريدا فى حسن معاملتها للخدم حيث أنها شغلتهم بالطاعة والأعمال الصالحة فأصبحت سبباً فى حصولهنّ على الأجور العالية.
• فصاحتها و ذكاؤها:
• مما يدل على فصاحتها و حسن عبارتها أنّه حينما بلغها موت ابنها الأمين مقتولا لم تقبل الثأر له ممن قتله درءاً للفتنة و حقناً للدماء.
o ففى رواية أنّه لما قُتل ابنها محمد الأمين دخل الى زبيدة بعض خدمها فقال: ما يجلسك وقد قُتل أمير المؤمنين محمد. فقالت: ويلك و ما أصنع؟ فقال: تخرجين فتطلبين بثأره كما خرجت عائشة تطلب بدم عثمان. فقالت: اخسأ لا أم لك، ما للنساء وطلب الثأر و منازلة الأبطال؟ ثم أرسلت الى الخليفة من بعده المأمون بأبيات شعر فبكى ثم قال: اللهم انى أقول كما قال أمير المؤمنين على بن أبى طالب- رضى الله عنه- لّما بلغه قتل عثمان: والله ما أمرت ولا رضيت.
o وفى رواية الخطيب البغدادى: أن زبيدة قالت للمأمون عند دخوله بغداد: أهنيك بخلافة قد هنّأت نفسى بها عنك قبل أن أراك و لئن كنت قد فقدت ابناً خليفة لقد عُوضت ابناً خليفة لم ألده, وما خسر من اعتاض مثلك ولا ثكلت أم ملأت يدها منك و أنا أسأل الله أجرا على ما أخذ و امتاعاً بما عوّض. ثم أخذ المأمون بعد ذلك يزيد في تكرمة زبيدة وأسرتها فكان يوجه اليها فى كل سنة بمائة ألف دينار وألف ألف درهم.
• ومما يدل على ذكائها ما يحكيه الرواة أنها أرسلت الى الأصمعى – وهو من علماء اللغة العربية – و أحضرته لتسأله فقالت له: ان أمير المؤمنين هارون الرشيد استدعانى و قال: هلمّى يا أمّ نهر, فما معنى ذلك؟ فقال لها: ان "جعفرا" فى اللغة العربية هو النهر الصغير وأنت أم جعفر!!
• وأنشد بعض الشعراء مدحا فى زبيدة وهى تسمع فقال:
أزبيدة ابنة جعفر طوبى لزائرك المثاب
تعطين من رجليك ما تعطى الأكف من الّرغاب
فوثب اليه الخدم يضربونه. فقالت: لا تفعلوا فانه إنما أراد الخير فأخطأ, ومن أراد الخير فأخطأ, أحب إلينا ممن أراد الشر فأصاب, و إنما أراد أن يقول على قول الشاعر: شمالك أجود من يمين غيرك, و قفاك أحسن من وجه غيرك!! فظنّ أنه إذا ذكر الرجلين أنه أبلغ فى المدح, وأمرت له بجائزة.
و هذا الحديث الذى يذكر الرجل الذى فقد ناقته و عليها طعامه وشرابه ثم استيقظ و هى قائمة عند رأسه فقال: اللهم أنت عبدى و أنا ربك!! أخطأ من شدة الفرح فلم يعذبه ربه و لم يعاتبه بل غفر له زلّة لسانه لأنه أراد الشكر و الثناء و المدح فأخطأ لسانه و لكن أصاب قلبه.
جودها و كرمها:
• أنها سقت أهل مكة الماء بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار, و أسالت الماء عشرة أميال بحط الجبال و نحت الصخر حتى غلغلته من الحل الى الحرم و مهدت الطريق لمائها فى كل خفض ورفع و سهل و جبل ووعر, و عرفت هذه العين بعين الشماس. و عملت عقبة البستان فقال لها وكيلها: يلزمك نفقة كثيرة, فقالت: اعملها ولو كانت ضربة فأس بدينار.
o ووصف اليافعي عين الشماش في القرن الثامن للهجرة فقال:" إن آثارها باقية ومشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة، ذات بنيان محكم في الجبال، تقصر العبارة عن وصف حسنه، وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كالبير يسمونه لظلمته يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهاراً فضلاً عن الليل.
• وكانت صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين. وبلغت نفقاتها فى بعض حجاتها ألف ألف دينار وبلغت نفقاتها فى ستين يوما أربعة و خمسين ألف ألف درهم. فرفع إليها و كيلها حساب النفقة, فهنته عن ذلك و قالت: ثواب الله بغير حساب. و هكذا يكون السخاء و الجود و الكرم, فالذى يتعامل مع ربه لا ينظر كم أنفق و لا مقدار ما أعطى, فالله غنى عن نفقته و ماله و إنما هو الذى ينفع نفسه و يقدم لها الخير حيث سيلقاه عند ربه أحوج ما يكون اليه.
• و قال ابن جبير بعد أن ذكر المصانع و البرك و الآبار و المنازل التى شيدتها "زبيدة" من بغداد الى مكة: " أن كل ذلك من آثار زبيدة, فانتدبت لذلك مدة حياتها، فأبقت فى هذا الطريق مرافق و منافع تعم وفد الله تعالى كل سنة من لدن وفاتها الى الآن. و لولا آثارها الكريمة فى ذلك لما سلكت هذه الطرق والله كفيل بمجازتها و الرضا عنها."
• وفاتها:
o لقد ماتت زبيدة كما سيموت كل البشر و لكن ذكراها خالدة فى أفئدة ملايين من الحجاج الذين انتفغوا بهذه الآثار العظيمة و التى جرىثوابها عليها بعد موتها. توفيت في بغداد في جمادى الأول سنة216 هجرية, و قد جائت البشرايات لزبيدة بمغفرة الله لها و حسن ثوابه و جزائه على أعمالها.
• فقد روى ابن خلكان فى كتابه "وفيات الأعيان" عن عبد الله بن المبارك أنه رآها فى المنام فقال لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر الله لى بأول معول (أى فأس) ضرب فى طريق مكة, قال: قلت ما هذه الصفرة فى وجهك؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له بشر المريسىّ فزفرت جهنم عليه زفرة فاقشعرّ لها جسدى, فهذه الصفرة من تلك الزفرة.
• وقيل أن ابنتها رأتها أيصا فى المنام فسألتها: ماذا فعل الله بك؟ قالت: يا بنية غفر لى و رحمنى, فقالت لها: بماذا نجوت؟؟ فقالت: يا بنية لولا ركيعات كنت أركعهن قبل النوم لهلكت.
هذه "زبيدة" – رحمها الله – زوجة هارون الرشيد التى قطعت حجة كل غنى يتعلل بغناه و كثرة جاهه و أمواله,
فمنذ متى و الدنيا هى الحجاب بين العبد و ربه إلا أن يضعه العبد بنفسه؟؟
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع