باب سورة أم القرآن(الفاتحة)
(108)
وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (رَ)اوِيهِ (نَـ)ـاَصِرٌ *** وَعَنْدَ سِرَاطِ وَالسِّرَاطَ لِ قُنْبُلاَ
سورة الفاتحة لها عدة أسماء:
- الفاتحة لأنها افتتح بها القرآن الكريم قراءة وكتابة، وهي سورة مكية، ومنهم من قال أنها مدنية بتكرار النزول.
- سورة الحمد لأنها تبدأ بالحمد لله تعالى.
- سورة أم القرآن: والإمام اختار هذا الاسم، وسميت بهذا الاسم لأنها الأصل، والأم في اللغة الأصل.
وممن قال أنها سميت أم القرآن في الأصل لأن كل مقاصد القرآن اجتمعت في سورة الفاتحة في العقائد والعبادات والحلال والحرام وقصص من سبق ...إلخ.
ومنهم من قال إنها أم القرآن لأنها أم الجيش أي الراية التي يتبعها.
- أم الكتاب.
- سورة الصلاة لأنها لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب.
بدأ الإمام الشاطبي ببيان ما ورد فيها من خلاف وما كان فيها من قواعد عامة.
تنبيه - الإمام لم يبدأ بسورة الفاتحة مع السور، وإنما بدأ بها قبل أن يشرع بالأصول لأن معظم الذي فيها أصول إلا كلمات مثل: مالك يوم الدين.
- أيضا لم يبدأ بأول أصل فيها وهو الإدغام الكبير.
هذا البيت فيه موضعان في الخلاف:
- كلمة "مالك" حيث إن الذي يثبت الألف فيها هو المرموز له بالراء من(روايه) والنون من(ناصر) الكسائي وعاصم.
وهنا طبق قاعدته التي يقول:
(باللفظ أستغني عن القيد إن جلا) لم يقيد وإنما لفظ.
ولما قال ( وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) لم يقل بالمد مثلا وإنما اكتفى باللفظ عن القيد، فعرفنا أن المقصود هنا (مالك) بالألف الذي يقرأها بإثبات الألف الكسائي وعاصم، وأما بقية السبعة فيقرؤونها بالقصر (ملك).
وَعَنْدَ سِرَاطِ وَالسِّرَاطَ لِ قُنْبُلاَ: هنا أتى باللفظتين:
- سراط
- السراط
والشيخ عصام القضاة مع أبي شامة لما يقول: أنا لا أقول بالتنكير والتعريف.
ليس بالضرورة إذا لم يكن فيها أل أن تكون نكرة، قد تكون معرفة بالإضافة مثال: صراطك المستقيم.
سواء بأل التعريف أو بدونها الذي يقرأها بالسين هو قنبل.
كلمة (ل) حرف لكنها فعل أمر من ولى- يلي - لي، كأنه يقول: تابع بهذا الأمر قنبلا.
أي قنبل يقرأها بالسين.
(109)
بِحَيْثُ أَتَى وَالصَّادُ زَاياً اشِمَّهَا *** لَدَى خَلَفٍ وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الاَوَّلاَ
بِحَيْثُ أَتَى: أي في كل القرآن الكريم سواء بأل التعريف أو بدونها، وبالسين.
وَالصَّادُ: لم يقل أن باق القراء يقرؤونها بالصاد لكنها عُلِمت من قوله (وَالصَّادُ زَاياً اشِمَّهَا)، أي كأنه يقول: الباقون يقرؤونها بالصاد التي يشمها خلف زايا، وخلاد بالإشمام.
وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الاَوَّلاَ: أي الأولى المعرفة بأل.
توضيحات ▪ (وَالصَّادُ زَاياً اشِمَّهَا) الصاد هنا مفعول به منصوب مقدم، وزايا مفعول ثان.
▪ قضية الإشمام في عرف القراء تُصرف إلى عدة معان:
- إما أن تكون بمعنى خلط الحرف بحرف.
- أو بخلط الحركة حركة أخرى.
- أو حركة الفم على هيئة الضم.
- وقد تكون الروض كذلك وهو اختلاف في الحركة.
ولكن هنا المراد هو إشمام الصاد زايا وذلك هو خلط الصاد زايا بحيث يصبح الصاد كأنها قريبة من الزاي لكن الصاد فيها أشمل وأوضح.
في الحقيقة هناك مذهب آخر لخلاد لم يذكره الشاطبي وهو عدم الإشمام.
إذن عندنا ثلاثة قراءات في "الصراط":
1- السين لقنبل.
2- إشمام الصاد زايا لخلف وخلاد الأول.
3- وباق القراء بالصاد خالصا.
إشارة بعض القراء أخذوا من قول الشاطبي ( وَاشْمِمْ لِخَلاَّدِ الاَوَّلاَ ) على أن المقصود بها كل صاد معرفة بأل وليست الأولى التي في الشاطبية في الفتح وما كان على شاكلتها في القرآن.
(110)
عَلَيْهِمْ إِلَيْهِمْ حَمْزَةٌ وَلَدَيْهِموُ *** جَمِيعاً بِضَمِّ الْهاءِ وَقْفاً وَمَوْصِلاَ
يريد الإمام منا في هذا البيت باختصار شديد أن نقرأ هذه الألفاظ الثلاثة(عليهم - إليهم ولديهم) عند الإمام حمزة من كلا الروايتين عن خلف وخلاد بضم الهاء في حالة الوقف والوصل، وبقية القراء كما لفظ.
فلذلك العلماء قالوا:
هنا ينفذ البيت بكسر الهاء، فحمزة يقرأ(عليهُم - لديهُم - إليهُم).
جَمِيعاً: يعني في جميع القرآن الكريم حيث وردت هذه الألفاظ بضم الهاء في حالة الوقف إن وقف وإن وصلها وصل.
(111)
وَصِلْ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ قَبْلَ مُحَرَّكٍ *** (دِ)رَاكاً وَقاَلُونٌ بِتَخْيِيرِهِ جَلاَ
هذا البيت أيضا فيه الأمر للقراء أن يصلوا ضم ميم الجميع، ففي البيت أمران:
1- أن نضم الميم.
2- وأن نصلها بواو.
وَصِلْ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ قَبْلَ مُحَرَّكٍ: أي لا تصل قبل ساكن لأن لو كان فيها حرف مد لحُذف، والشراح يقولون: لو أن وصلنا بها الواو لألزمنا بحذفها قبل السكون حتى لا يلتقي الساكنان.
مثال: غير المغضوب عليهمُو ولا...
وهنا الصلة إنما تكون قبل الحرف المحرك وليس الساكن.
الذين يصلون: ابن كثير قولا واحدا من دون خلاف من كلا الروايتين عنه قنبل.
وقالون عن نافع قرأ بالتخيير، فهو فيه خلاف عند قالون إما أنه يصلها أو لا يصلها، يعني في وجه وافق ابن كثير وفي وجه آخر وافق سائر القراء.
إذن عندنا ثلاثة مذاهب:
1- ابن كثير يصلها قولا واحدا.
2- قالون يصلها أو لا يصلها.
3- والباقون ما عدا ورش له مذهب خاص به، باق القراء عدا نافع وابن كثير لا يصلون ضم ميم الجمع وإنما يضمونها أو يفصلون حسب الوقائع.