هل مع حب لذة المعصية توبة؟

طباعة الموضوع

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
هل مع حب لذة المعصية توبة؟




عبد الله محمد الإبراهيم



الجميع يعرف أن التوبةَ هي من الحتميَّات التي لا بدَّ للإنسان أن يحققَها قبل فوات الأوان بموته.



وكلنا يعلم أنَّ لها شروطًا ثلاثًا:
1- ترك الذنب.
2- الندم على فِعله.
3- عدمُ العودة إليه، وبُغض التائب العودةَ إليه.



أما الشرطُ الأول، فإنه لا يخلو مذنبٌ ينوي التوبةَ من تحقيقه، لكن العثرةَ تكون في الشرط الثاني والثالث؛ حيث إنَّ الغرَقَ في حالة اللذَّة التي تنشأ عن المعصية أو بالأحرى التي تُرتكب المعصيةُ في الغالب لأجلها - يعارضُ شعورَ الندم وشعور كراهة العودة إلى الذنب، كيف لا وهي كانت المحرِّكَ الأساسي في ارتكاب الذَّنب، وقد يكون ذلك من الباطنِ؛ حيث يحاول السائرُ في طريق التوبةِ أن يُقنعَ نفسَه ظاهريًّا بالندم على فَعْلته، وتبغيضِها العودةَ إلى ذلك الذنب، إلا أنَّ لذةَ المعصية لا تفارقُ شعورَه في كلِّ مناسبةٍ ذي صلةٍ بهذه المعصية، وهو أمرٌ طبيعي في عصر الغرائز المتفلِّتة الذي نعيشه، فهل للتوبةِ من سبيل؟


ربما لن يجد الإخوة الملتزمون المعنى الكبيرَ في هذا النقاشِ؛ لأنهم لم يغرقوا يومًا في وحول الشهواتِ ابتداءً ولم يذوقوا اللَّذة التي أدمنَ عليها المخطئون خلال ذِروة ارتكابهم لذنوبهم؛ لأنَّ الصالحين يفضلون على غيرهم بتعدِّيهم مرحلةَ تخليةِ النفس من الذُّنوب إلى تحليتِها بالطاعات والقرُبات، وسيجدون فائدةً أكبرَ في بحوثٍ أخرى تحقِّقُ لهم أقصى ما يمكن من درجاتِ الطاعةِ، لكن رسالتَنا هنا موجَّهةٌ إلى من يَشعرون بأنه:
"أَرْوعُ ما في المعصية قبلَ ارتكابها هو تلك الآمالُ التي ترتسِم في المخيلة، فتُنشِئ سعادةً ونشوةً تجعلك تطيرُ في عالَمٍ مِن الأحلام، وكأنَّ كلَّ ما تتمنَّاه سيتحقَّق، وتزدادُ رَوعةُ السعادة كلَّما اقتربت مِن تحقيق معصيتك، تتَّضح الخُطواتُ أمامك وتَهون كلُّ العقبات أمامَ ناظريك، تزدادُ شجاعتُك مع ازدياد دقَّات قلبك! إنَّه الانتعاشُ يغمرك، وما أروعَ الانتعاشَ المقترن بالخوف، ثم إنَّ أرْوعَ ما في المعصية أثناءَ ارتكابها هو بلوغُك أَوْجَ السعادة وأعلى درجاتِ الانتشاء، وتعظُم السعادةُ عندَما تتأكَّد أنَّك ملكتَ كلَّ شيءٍ بتدبيرك وتخطيطك وحُسنِ تَقديرك، ثم إنَّ أروعَ ما في المعصية هو ذلك الهدوءُ الذي يتبعُ العاصِفة، هدوءٌ لا يُكلِّمك فيه إلا الصمتُ، هدوءٌ تَغيب معه تلك الهواجِسُ والأفكار، وتَخْتفي عنده تلك الرَّغبات التي كانتْ تهزُّك قبلَ لحظاتٍ هزًّا، ثم إنَّ أروعَ ما في المعصية بعدَ حدوثها، هو تلك الهزَّة العنيفة المفاجِئة التي تُحرِّك كلَّ كِيانك، ويعود معها عقلُك الذي كان سادرًا؛ ليتولَّى زِمامَ المبادرة والكلام بعدما غاب وذاب، يأتيك الخطابُ واضحًا نقيًّا وهو يقول لك: وَيْحَك! ماذا فعلت؟"[1].





فلا يجد صديقُنا الذي يخشى اللهَ إلا أن يسلك طريقَ التوبة؛ ليبدأ بحثَه عن من يمدُّ له يدَ العون لينتشلَه من بِرَك الشهوات التي تسعِّر لذائذَ المعاصي وهنا نقول لهم ما يلي:
عليك قبل كل شيء بإخلاص النية في التوكُّلِ على الله.
إن كانت لذةُ المعصية تحُول دون تحقيقِ التوبة بشروطها الثلاثةِ، فعليك بالالتفافِ عليها؛ كيف ذلك؟

عليك بأن توجِّهَ الندمَ إلى عدم قدرتِك على التوبة بسبب اللَّذةِ التي حالت بينك وبين التوبةِ، وبالتالي فإن حققت الندم على عجزِ إرادتك على تحقيق التوبة الحقيقية من الذنب الأصلي بسبب اللذة، فإن شعور كراهية هذا العجز ودافعًا بتجاوزه سينشأ لديك، هذا كله إن افترضنا إخلاص نيَّتك في تحقيق التوبة الصادقة ، فإن فعلتَ ما سبق بيانُه، فإنك تكون بذلك قد حقَّقت توبةً من ذنبٍ آخرَ غير الذنب الأصلي، وقعتَ فيه من غيرِ أن تدري، ألا وهو تفضيلُ لذَّة المعصية على لذَّة الطاعةِ والقُرب، وبالتالي فإنَّ المولى - عز وجل - إن رأى صدْقَ توبتِك سيهيِّئ لك - لا شك - بشكلٍ أو بآخرَ سببًا أو أسلوبًا ماديًّا أو معنويًّا - والاحتمالات مفتوحة - ليُبطلَ بها مفعولَ اللَّذة التي حالت دون التوبةِ الصادقةِ من الذَّنب الأصلي الأولِ، وبذلك تحقِّق التوبةَ الصادقة التي من خلالها تعبُرُ - بإذن المولى عز وجل - إلى جنَّةِ القُرب من الله بتوبتِك النَّصوحِ من كلِّ ذنبٍ - بإذن الله تعالى.

عليك فقط بالإخلاص في عَقد نيَّةِ التوبة، وسترى فاعليةَ هذه الخاطرةِ، أو بالأحرى هذه المعادلةَ المنطقية - إن شاء الله تعالى - فقد جرَّبها غيرُك، وانتفع بها، ولله الحمد والمنَّة.

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10].

يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

الموحدة

عضو مميز
إنضم
5 يناير 2012
المشاركات
806
النقاط
18
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
ما تيسر منه
احب القراءة برواية
برواية ورش عن نافع
القارئ المفضل
الشيخ ياسر الدوسري/عمر القزابري/مشاري العفاسي/المنشاوي
الجنس
أخت
جزاك الله خيرا على الموضوع المهم جدا
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
وحفظك الله ورعاك ورفع قدرك

 
إنضم
3 يونيو 2012
المشاركات
2,918
النقاط
38
الإقامة
تونس الخضراء
احفظ من كتاب الله
الحمد لله
احب القراءة برواية
قالون
القارئ المفضل
الحذيفي / أبو عبد الله
الجنس
أخت
بوركت يا غالية و سلمت يمينك على طرحك القيّم

نفع الله بك غاليتي و زادك الله علما و أدبا
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
وحفظك الله ورعاك ورفع قدرك

وجزاكم ربي سبحانه كل الخير واحسن اليكم

مرور طيب ... لكم من الشكر اجزله
 
إنضم
18 سبتمبر 2012
المشاركات
20
النقاط
1
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
10
احب القراءة برواية
رواية ورش
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخت
جزاك الله خيرا ياغالية
ونفع الله بك ورزقك الفردوس الأعلى
 
أعلى