فقه الجمعة

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
-هل يشترط إذن السلطان ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :
الأول : أنه لا يشترط ، و هو قول جمهور العلماء ، و به قال مالك و الشافعي و رواية عن أحمد و أبو ثور .
الثاني : أنه شرط ، رُوي ذلك عن الحسن و الأوزاعي ، و حبيب بن ثابت و أبي حنيفة .
قال ابن قدامة : و الصحيح أنه ليس بشرط(1) .
و احتج الموجوبون أنه لا يقيمها إلا الأئمة في كل عصر ، فصار ذلك إجماعاً .
قال ابن قدامة : " و لنا أن علياً صلى الجمعة بالناس و عثمان محصور ، فلم ينكره أحد ، و صوَّب ذلك عثمان ، و أمر بالصلاة معهم … قال أحمد : وقعت الفتنة بالشام تسع سنين ، فكانوا يُجمَّعون .. و لأنها من فرائض الأعيان ، فلم يُشترط لها إذن الإمام كالظهر ، و لأنها صلاة أشبهت سائر الصلوات . و ما ذكروه إجماعاً لا يصح ، فإن الناس يقيمون الجمعات في القرى من غير استئذان أحد . ثم لو صحَّ أنه لم يقع إلا ذلك لكان إجماعاً على جواز ما وقع ، لا على تحريم غيره ، كالحج يتولاه الأئمة و ليس بشرط فيه … "(2) .
و على القول باشتراط إذن الإمام فإن تعذر لفتنة و نحوها فقال القاضي : ظاهر كلامه صحتها بغير إذن ، على كلتا الروايتين ، فعلى هذا يكون الإذن معتبراً مع إمكانه و يسقط اعتباره بتعذره(3) .
و قال النووي : " قال الشافعي و الأصحاب : يستحب ألا تقام الجمعة إلا بإذن السلطان أو نائبه ، فإن أقيمت بغير إذنه و لا حضوره جاز و صحت ، و هكذا جزم به المصنف و الأصحاب ، و لا نعلم فيه خلافاً عندنا إلا ما ذكره صاحب البيان ، فإنه حكى قولاً قديماً أنها لا تصح إلا خلف الإمام أو من أذن له الإمام ، و هذا شاذ ضعيف "(4)
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
-هل يشترط سماع النداء لوجوب الجمعة ؟
قال أحمد : أما أهل المصر فلابد لهم من شهود الجمعة ، سمعوا النداء أو لم يسمعوا ، و ذلك لأن البلد الواحد بُني للجمعة ، فلا فرق بين القريب و البعيد … و هذا قول أصحاب الرأي و نحوه قول الشافعي(1) .
و قال ابن عثيمين : إذا كان البلد واحداً فإنه يلزمه ، و لو كان بينه و بين المسجد فراسخ(2) .
قال النووي : " قال الشافعي و الأصحاب : إذا كان في البلد أربعون فصاعداً من أهل الكمال وجبت الجمعة على كل من فيه ، و إن اتسعت خطة البلد فراسخ ، و سواء سمع النداء أم لا وهذا مجمع عليه "(*) .

و أما غير أهل المصر فاختلف العلماء في وجوبها عليهم ، و القائلون بالوجوب اختلفوا في ضابطه أهو المسافة أم سماع النداء أم غير ذلك .
فقال أصحاب الرأي : لا جُمعة على من كان خارج المصر ، لأن عثمان رضى الله عنه صلى العيد في يوم الجمعة ، ثم قال لأهل العوالي(3) : من أراد منكم أن ينصرف فلينصرف ، و من أراد أن يقيم حتى يُصلي الجمعة فليقم ، و لأنهم خارج المصر فأشبه أهل الحلل .
و قال الجمهور : عليه الجمعة ، ثم اختلفوا في ضابط ذلك :
فذهب الشافعية إلى وجوبها على من بلغه النداء دون غيره و هو رواية عن أحمد ، لحديث : " لا جمعة إلا على من سمع النداء "(4) و به قال ابن عمرو بن العاص و سعيد بن المسيب و أحمد و إسحاق .
و ذهب الأوزاعي و أبو ثور إلي وجوبها علي من يمكنه إذا فعلها أن يرجع إلى أهله فيبيت فيهم ، لحديث " الجمعة على من آواه الليل إلى أهله "(5) ، و به قال ابن عمر بن الخطاب و أنس و أبو هريرة و معاوية و الحسن و نافع مولى ابن عمر و عكرمة و عطاء .


و قال الزهري : يجب علي من بينه و بين البلد ستة أميال .
و قال مالك و الليث : يجب علي من بينه و بين البلد ثلاثة أميال . و هو مذهب أحمد .
و اختاره ابن قدامة ، قال الحزمي : و تجب الجمعة علي من بينه و بين الجمعة فرسخ(**) .
و إنما اعتبروا المسافة دون السماع ، لأن سماع النداء غير ممكن دائماً فاعتبر بمظنته ، و أما الفرسخ ، فلأنه الموضع الذي يسمع فيه غالباً ، قالوا : و لأن المصر لا يكاد يكون أكثر من فرسخ ، فهو في مظنة القرب .
قال ابن قدامة : " و أما اعتبار حقيقة النداء ، فلا يمكن ، لأنه قد يكون من الناس الأصم و ثقيل السمع ، و قد يكون النداء بين يدي المنبر ، فلا يسمعه إلا من في الجامع ، و قد يكون المؤذن خفيَّ الصوت ، أو في يوم ذي ريح ، و يكون المستمع نائماً أو مشغولاً بما يمنع السماع ، فلا يسمع ، و يسمع من هو أبعد منه ، فيفضي إلى وجوبها على البعيد دون القريب ، و ما هذا سبيله ينبغي أن يُقدَّر بمقدار لا يختلف ، و الموضع الذي يسمع منه النداء في الغالب - إذا كان المنادي حيتّيتا في موضع عال و الريح ساكنة و الأصوات هادئة ، و المستمع سميع غير ساه و لا لاه – فرسخ أو قاربه فحدَّ به . و الله أعلم "(***) .
و قال محمد بن المنذر و ربيعة و هي رواية عن الزهري : أربعة أميال .
و قال ابن حزم : و يلزم المجيء إلى الجمعة من كان منها بحيث إذا زالت الشمس و قد توضأ قبل ذلك دخل الطريق إثر أول الزوال و مشى مترسلاً و يدرك منها و لو السلام ، سواء سمع النداء ، أو لم يسمع ، فمن كان بحيث إن فعل ما ذكرنا لم يدرك منها و لا السلام لم يلزمه المجيء إليها ، سمع النداء أو لم يسمع ، و هو قول ربيعة(1) .
و احتج بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ) [ الجمعة : 9 ] .
قال : فافترض الله تعالى السعي إليها إذا نودي لها ، لا قبل ذلك ، و لم يشترط تعالى من سمع النداء ممن لم يسمعه ، و النداء لها إنما هو إذا زالت الشمس ، فمن أمر بالرواح قبل ذلك فرضاً ، فقد افترض ما لم يفترض الله تعالى في الآية ، و لا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فصح يقيناً أنه تعالى أمر بالرواح إليها إثر زوال الشمس لا قبل ذلك ، فصح أنه قبل ذلك فضيلة لا فريضة كمن قرب بدنة "(1) .
و الأولى تعليق الحكم بما علق الله به ، و هو النداء إلى الجمعة ، و هذا الذي علق عليه الرسول صلى الله عليه و سلم الحكم عندما سأل ابن أم مكتوم : " أتسمع النداء ؟ قال : نعم . ، قال : أجب " ، و هذا الضابط في حق من كان خارج المصر ، أما من كان داخل المصر فقد حكى النووي الإجماع على وجوب الجمعة عليه سمع النداء أم لم يسمع ، و أما ما ذهب إليه ابن حزم من عدم التفريق بين من كان داخل المصر و خارجه ، و بين من يسمع النداء و من لا يسمع ففضلاً عن كونه مخالف للإجماع(2) ، فإن القاعدة أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، يلزم منها أن من كان بالمصر يسمع النداء و لا يدرك الصلاة إذا خرج لها عند سماعه أنه يلزمه الخروج قبله ، و أما من كان خارج المصر و يسمع النداء و لكن لا يدرك الصلاة إذا خرج عند سماعه ، فقد يتوجه القول بما ذهب إليه لولا عموم الآية . و الله أعل
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
ثانيا: شروط صحة الجمعة :


1-الوقت :
و هذا مجمع عليه فلا تصح قبله و لا بعده .
و اختلف العلماء في وقت الجمعة على ثلاثة أقوال(1) :
الأول : أن وقتها هو وقت الظهر و لا يجوز قبله . و هو قول مالك و الشافعي و أبي حنيفة و جمهور العلماء من الصحابة و التابعين . و به قال ابن حزم .
الثاني : أنها تجوز قبل الزوال في الساعة السادسة . و هو قول أحمد و حكي عنه أنه قال في الساعة الخامسة . قال ابن قدامة : و الصحيح في الساعة السادسة .
الثالث : أنه يجوز فعلها في الوقت الذي تفعل فيه صلاة العيد . و هو قول القاضي و أصحابه من الحنابلة .
و احتج كل فريق على ما ذهب إليه ،
و أما أصحاب القول الأول فقد احتجوا على أن وقتها هو وقت الظهر بالآتي :
1-ما أخرجه البخاري من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس(2) .
و بوب البخاري لهذا الحديث بقوله : باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس .
قال الحافظ : جزم بهذه المسألة مع وقوع الخلاف فيها لضعف دليل المخالف عنده(3) .
2-ما أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال : كنا نجمَّع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء(4) .
3-قال النووي : و هذا هو المعروف من فعل السلف و الخلف ، قال الشافعي : صلى النبي صلى الله عليه و سلم و أبو بكر و عمر و عثمان و الأئمة بعدهم كل جمعة بعد الزوال(5) .
4- و أما المعتدل فقالوا :
لأنهما صلاتا وقت – أي الجمعة و الظهر – فكان وقتهما واحداً ، كالمقصورة و التامة .
و لأن إحداهما بدل عن الأخرى ، و قائمة مقامها ، فأشبها الأصل المذكور .
و لأن آخر وقتهما واحد ، فكان أوله واحداً ، كصلاة الحضر و السفر .
و احتج أصحاب القول الثاني بالآتي :
قال ابن قدامة : " و لنا عل جوازها في السادسة السنة و الإجماع :
1-ما روى جابر بن عبد الله ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حتى تزول الشمس "(1) . أخرجه مسلم .
2- و عن سهل بن سعد قال : ما كنا نقيل و لا نتغدى إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم(2) . متفق عليه . قال ابن قتيبة : لا يسمى غداء و لا قائلة بعد الزوال .
3-و عن سلمة قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم الجمعة ، ثم ننصرف و ليس للحيطان فيء نستظل به(3) . رواه أبو داود .



 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
و الإجماع ، فروى الإمام أحمد .. عن عبد الله بن سيدان قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر ، فكانت صلاته و خطبته قبل نصف النهار ، ثم شهدتها مع عمر بن الخطاب فكانت صلاته و خطبته إلى أن أقول قد انتصف النهار ، ثم صليتها مع عثمان بن عفان ، فكانت صلاته و خطبته إلى أن أقول قد زال النهار ، فما رأيت أحداً عاب ذلك و لا أنكره . قال : و كذلك روي عن ابن مسعود و جابر و سعيد و معاوية أنهم صلَّوا قبل الزوال ، و أحاديثهم تدل على أن النبي صلى الله عليه و سلم فعلها بعد الزوال في كثير من أوقاته ، و لا خلاف في جوازه ، و أنه الأفضل و الأولى ، و أحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال و لا تنافي بينهما "(4) .
و أجاب الجمهور على الأحاديث التي احتج بها أصحاب هذا القول أنها كلها محمولة على شدة المبالغة في تعجيلها بعد الزوال من غير إبراد و لا غيره ، قال النووي : " و تفصيل الجواب أن يقال : حديث جابر فيه إخبار أن الصلاة و الرواح إلى جمالهم كانا حين الزوال ، لا أن الصلاة قبله .و الجواب عن حديث سلمة أنه حجة لنا في كونها بعد الزوال ، لأنه ليس معناه أنه ليس للحيطان شيء من الفيء ، و إنما معناه ليس لها فيء كثير بحيث يستظل به المار ، و هذا معنى قوله : " و ليس للحيطان ظل يستظل به " ، فلم ينف أصل الظل ، و إنما نفى كثيره الذي يستظل به ، و أوضح منه الرواية الأخرى : " نتتبع الفيء " فهذا فيه تصريح بوجود الفيء لكنه قليل ، و معلوم أن حيطانهم قصيرة ، و بلادهم متوسطة من الشمس و لا يظهر هناك الفيء بحيث يستظل به إلا بعد الزوال بزمان طويل .

و أما حديث سهل : " ما كنا نقيل و لا نتغدى إلا بعد الجمعة " فمعناه أنهم كانوا يؤخرون القيلولة و الغداء في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة ، لأنهم نُدبوا إلى التبكير إليها ، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فواتها أو فوات التبكير إليها .
و أما الأثر عن أبي بكر و عمر و عثمان فضعيف باتفاقهم ، لأن ابن سيدان ضعيف عندهم ، و لو صح متأوَّلاً لمخالفة الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم "(1) .
و احتج أصحاب القول الثالث بالآتي :


-ما روي عن ابن مسعود و معاوية أنه قال : ما كان عيد إلا في أول النهار ، و لقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُصلي بنا الجمعة في ظل الحظيم(2) .
2-ما روي عن ابن مسعود و معاوية أنهما صليا الجمعة ضحىً ،و قالا : إنما عجلنا خشية الحر عليكم(3) .
3-و لأنها عيد فجازت في وقت العيد ، كالفطر و الأضحى و الدليل على أنها عيد ما أخرجه ابن ماجة مرفوعاً : " إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين "(4) ، و ما أخرجه أبو داود و غيره مرفوعاً : " قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان "(5) .
و أجاب الجمهور على احتجاجهم بأن الأثرين المذكورين ضعيفان لا ينهضان لمعارضة النصوص الصحيحة المستفيضة الأخرى .
و لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيداً أن يشتمل على جميع أحكام العيد ، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقاً سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم(6) .
قال ابن قدامة :
" و أما في أول النهار ، فالصحيح أنها لا تجوز ، لما ذكره أكثر أهل العلم ، و لأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل من نصًّ أو ما يقوم مقامه . و لم يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن خلفائه أنهم صلَّوها أول النهار . و لأن مقتضى الدليل كون وقتها وقت الظهر ، و إنما جاز تقديمها عليه بما ذكرنا من الدليل ، و هو مختص بالساعة السادسة ، فلم يجز تقديمها عليها ، و الله أعلم .
و لأنها لو صليت في أول النهار لفاتت أكثر المصلين ، لأن العادة اجتماعهم لها عند الزوال ، و إنما يأتيها ضُحى آحاد الناس و عدد يسير "(1) .
و بعد عرض الأدلة و مناقشتها فالأولى خروجاً من الخلاف كما قال ابن قدامة : حيث قال :
" فالأولى أن لا تُصلى إلا بعد الزوال ليخرج من الخلاف ، و يفعلها في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم يفعلها فيه في أكثر أوقاته ، و يُعجَّلها في أول وقتها في الشتاء و الصيف ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يُعجَّلها ، بدليل الأخبار التي رويناها ، و لأن الناس يجتمعون لها في أول وقتها ، و يبكرون إليها قبل وقتها ، فلو انتظر الإبراد بها لشق علي الحاضرين ، و إنما جُعل الإبراد بالظهر في شدة الحرَّ دفعاً للمشقة التي يحصل أعظم منها بالإبراد بالجمعة "(2)
و أما آخر وقتها فإنها آخر وقت الظهر بالاتفاق إلا ما حكاه ابن حزم عن مالك من تفريقه بين آخر وقت الجمعة و بين آخر وقت الظهر ، قال ابن حزم : و هذا قول لا دليل علي صحته ، و إذ هي ظهر اليوم فلا يجوز التفريق بين آخر وقتها من أجل اختلاف الأيام(3) .
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
مسألة : إذا خرج وقت الظهر و هم في صلاة الجمعة :

قال النووي في شرحه المهذب : " إذا شرعوا فيها في وقتها ثم خرج وقتها قبل السلام منها فتت الجمعة بلا خلاف عندنا و في حكم صلاته طريقان : أصحهما ، و به قطع المصنف و سائر العراقيين و جماعات من غيرهم : يجب إتمامها ظهراً و يجزئه
و الثاني و هو المشهور للخراسانيين : فيه قولان : المنصوص : يتمونها ظهراً ، و الثاني ، و هو مخرج : لا يجوز إتمامها ظهراً ، فعلي هذا هل تبطل أو تنقلب نفلاً ؟ فيه القولان السابقان في أول باب صفة الصلاة فيه و نظائره ، أصحهما : تنقلب نفلاً .
و إن قلنا بالمذهب يتمها ظهراً أسر بالقراءة من حينئذ و لا يحتاج إلي نية الظهر
هذا هو المذهب و به قطع الجمهور ، و حكى صاحب البيان و غيره وجهاً أنه تجب نية الظهر و ليس بشيء "(1) .
و قال ابن قدامة في المغني : " ظاهر كلام الحزمي أنه لا يدرك الجمعة إلا بإدراك ركعة في وقتها ، و متى دخل وقت العصر قبل ركعة لم تكن جمعة .
و قال القاضي : متى دخل وقت العصر بعد إحرامه بها أتمها جمعة ، و نحو هذا قال أبو الخطاب ، لأنه أحرم بها في وقتها أشبه ما لو أتمها فيه .
و المنصوص عن أحمد أنه إذا دخل وقت العصر بعد تشهده و قبل سلامه سلَّم و أجزأته . و هذا قول أبي يوسف و محمد . و ظاهر هذا أنه متى دخل الوقت قبل ذلك بطلت أو انقلبت ظهراً .
و قال أبو حنيفة : إذا خرج وقت الجمعة قبل فراغه منها بطلت ، و لا يبني عليها ظهراً ، لأنهما صلاتان مختلفان فلا يبني إحداهما علي الأخرى ، كالظهر و العصر .
و الظاهر أن مذهب أبي حنيفة في هذا كما ذكرنا عن أحمد ، لأن السلام عنده ليس من الصلاة .
و قال الشافعي : لا يتمها جمعة ، و يبني عليها ظهراً ، لأنهما صلاتا وقت واحد ، فجاز بناء إحداهما علي الأخرى ، كصلاة الحضر و السفر .
و احتجوا علي أنه لا يتمها جمعة بأن ما كان شرطاً في بعضها كان شرطاً في جميعها ، كالطهارة و سائر الشروط "(2) .

قال ابن قدامة مرجحاً القول أن من أدرك ركعة في وقتها فإنه يدرك الجمعة :
" و لنا ، قوله صلى الله عليه و سلم : " من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الجمعة "(1) . و لأنه أدرك ركعة من الجمعة ، فكان مدركاً لها ، كالمسبوق بركعة ، و لأن الوقت شرط يختص الجمعة ، فاكتُفي به في ركعة ، كالجماعة .
و ما ذكروه ينتقض بالجماعة ، فإنه يكتفي بإدراكها في ركعة .
فعلى هذا إن دخل وقت العصر قبل ركعة ، فعلي قياس قول الحزمي ، تفسد و يستأنفها ظهراً ، كقول أبي حنيفة . و علي قول أبي إسحاق بن شاقْلا يتمها ظهراً كقول الشافعي ، و قد ذكرنا وجه القولين "(2) .
فائدة :
قال في المغني : " إذا أدرك من الوقت ما يمكنه أن يخطب ، ثم يصلي ركعة ، فقياس قول الحزمي أن له التلبس بها ، لأنه أدرك من الوقت ما يدركها فيه ، فإن شك هل أدرك من الوقت ما يدركها به أو لا ؟ صحَّت ، لأن الأصل بقاء الوقت و صحتها "(3) .


 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
-تقدم الخطبة علي الصلاة :
و هذا مذهب الشافعي و مالك و أحمد و الجمهور ، لقوله صلى الله عليه و سلم : " صلوا كما رأيتموني أصلي "(1) . و لم يصل الجمعة إلا بخطبتين ، و هي الذكر المقصود في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ) .
و قال السلف : إنما قصرت الجمعة لأجل الخطبة .
و قال أبو حنيفة : الخطبة شرط و لكن تجزئ خطبة واحدة ، و لا يشترط العدد لسماعها كالأذان .
و حكى ابن المنذر عن الحسن البصري أن الجمعة تصح بلا خطبة ، و به قال داود و عبد الملك من أصحاب مالك(2) .
قال النووي : " و اتفقت نصوص الشافعي و طرق الأصحاب علي أن الجمعة لا تصح حتى يتقدمها خطبتان ، و من شرطها العدد … و من شرط الخطبتين كونهما في وقت الظهر ، فلو خطب الخطبتين أو بعضهما قبل الزوال ثم صلى بعدهما لم يصح بلا خلاف عندنا ، نص عليه الشافعي ، و اتفق عليه الأصحاب .
و جوزه مالك و أحمد "(3) .
و قال ابن حزم : " و ليست الخطبة فرضاً فلو صلاها إمام دون خطبة صلاها ركعتين جهراً و لابد "(4) .
و رد علي من أوجب الخطبة أو الخطبتين لمجرد فعله صلى الله عليه و سلم ، و كذا من جعلها بدلاً من الركعتين ، و أنكر حكاية الإجماع بما روي عن الحسن البصري و ابن سيرين ، و ذهب إلي أن الذكر في الآية هو الصلاة و ليس الخطبة و أنكر علي من قال ذلك(5) .
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
أحكام وآداب الجمعة



حكم صلاة الجمعة :
صلاة الجمعة واجبة و هي من آكد فروض الإسلام ، و فرضها ثابت بالكتاب و السنة و الإجماع (*)
· الأدلة من القرآن :
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون ) [ الجمعة : 9 ] .
قال ابن قدامة : فأمر بالسعي ، و مقتضى الأمر الوجوب ، و لا يجب السعي إلا إلى واجب ، و نهى عن البيع ، لئلا يشتغل به عنها ، فلو لم تكن واجبة لما نهى عن البيع من أجلها (2).
قال القرطبي : " فرض الله تعالى الجمعة على كل مسلم ، ردَّا علي من يقول : أنها فرض على الكفاية و جمهور الأمة و الأئمة أنها فرض على الأعيان ، لقول الله تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ) … " (3) .

· الأدلة من السنة :
1-قوله صلى الله عليه و سلم : " لينتهين أقوام عن وَدْعِهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين " (1).
2-قوله صلى الله عليه و سلم : " من ترك ثلاث جُمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه "(2) .
3-قوله صلى الله عليه و سلم : " رواح الجمعة واجب على كل محتلم " (3).
· من الإجماع :
حكى ابن المنذر الإجماع على أنها فرض عين (4).
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
فضل من أتى الجمعة :

ففي صحيح البخاري عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة و يتطهر ما استطاع من طُهر ، و يدَّهن من دُهنه أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج ، فلا يفرق بين اثنين ، ثم يُصلي ما كتب له ، ثم يُنصت إذا تكلم الإمام ، إلا غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى " (5).
و روى الإمام أحمد في مسنده عن سلمان قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أتدري ما يوم الجمعة ؟ قلت : هو اليوم الذي جمع الله فيه أباكم آدم . قال : " و لكني أدري ما يوم الجمعة ، لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ، ثم يأتي الجمعة فينصت حتى يقضي الإمام صلاته ، إلا كانت كفارة لما بينه و بين الجمعة المُقبلة ما اجتنبت المَقتلة " (6)

و عن أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من غسَّل يوم الجمعة ، و اغتسل ، ثم بكر و ابتكر ، و مشى و لم يركب ، و دنا من الإمام فاستمع ، و لم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنته ، أجر صيامها و قيامها " (1).
و عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من اغتسل ثم أتى الجمعة ، فصلى ما قُدَّر له ، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ، ثم يُصلي معه ، غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى و فضل ثلاثة أيام " (2).
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
التهيؤ للجمعة و الاهتمام بها :
1-الاشتغال عن القيلولة (3) و الغذاء بالتهيؤ و الاستعداد للجمعة :
فروى البخاري عن سهل رضى الله عنه قال : " ما كنا نقيل و لا نتغدى إلا بعد الجمعة "(4) .
قال الحافظ : فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء و القائلة بالتهيؤ للجمعة ثم بالصلاة ، و ينصرفون فيتداركون ذلك (5).


 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
الغسل للجمعة (1)و حكمه و وقته :

· حكم غسل الجمعة :

جاءت أحاديث و آثار كثيرة في بيان فضل غسل الجمعة و التأكيد عليه ، فمن ذلك :
1- ما أخرجه الجماعة عن ابن عمر مرفوعاً : " إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل " ، و في لفظ لمسلم : " إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل " (2).
2- ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد مرفوعاً : " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، و السواك و أن يمس من الطيب ما يقدر عليه " (3).
3- ما أخرجاه أيضاً عن أبي هريرة مرفوعاً : " حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه و جسده " (4).
4- ما أخرجاه أيضاً عن ابن عمر أن عمر بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة ، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين فناداه عمر : أيةُ ساعة هذه ؟! فقال : إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأتُ . قال : و الوضوء أيضاً ؟! و قد علمَّت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر بالغسل ! " (5).
فهذه الأحاديث و غيرها تدل علي مشروعية غسل الجمعة و تأكيده ، و قد اختلف الناس في ذلك .

قال النووي : " و اختلف العلماء في غسل الجمعة ، فحكي وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة ، و به قال أهل الظاهر ، و حكاه ابن المنذر عن مالك و حكاه شارع الغنية لابن سريج قولاً للشافعي .
و قد حكى الخطابي و غيره الإجماع علي أن الغسل ليس شرطاً في صحة الصلاة و أنها تصح بدونه ، و ذهب جمهور العلماء من السلف و الخلف و فقهاء الأمصار إلي أنه مستحب . قال القاضي عياض: و هو المعروف من مذهب مالك و الصحابة .

و احتج من أوجبه بظواهر هذه الأحاديث ، و احتج الجمهور بأحاديث صحيحة :
منها : حديث الرجل الذي دخل و عمر يخطب و قد ترك الغسل ، و قد ذكره مسلم ، و هذا الرجل هو عثمان بن عفان جاء مبيناً في الرواية الأخرى .و وجه الدلالة أن عثمان فعله و أمَرَّه عمر و حاضرو الجمعة و هم أهل الحل و العقد ، و لو كان واجباً لما تركه و لألزموه .
و منها : قوله صلى الله عليه و سلم : " من توضأ فبها و نعِمتْ،و من اغتسل فالغسل أفضل " (1)حديث حسن في السنن مشهور . و فيه دليل علي أنه ليس بواجب .
و منها : قوله صلى الله عليه و سلم : " لو اغتسلتم يوم الجمعة " (2). و هذا اللفظ يقتضي أنه ليس بواجب ، لأن تقديره لكان أفضل و أكمل و نحو هذا من العبادات .
و منها : قوله صلى الله عليه و سلم : " من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم أتى الجمعة فاستمع و أنصت غفر له ما بين الجمعة إلي الجمعة و زيادة ثلاثة أيام "(3) .
قال القرطبي في تقرير الاستدلال بهذا الحديث علي الاستحباب : ذكر الوضوء و ما معه مرتباً عليه الثواب المقتضي للصحة ، و يدل علي أن الوضوء كاف .
و قال ابن حجر في التلخيص : إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة .
و أجابوا عن الأحاديث الواردة في الأمر به أنها محمولة علي الندب جمعاً بين الأحاديث "(4).


progress.gif
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
مناقشة أدلة الفريقين :

*أما أدلة القائلين بالوجوب ، فقد نوقشت كالتالي :
1-أما حديث : " غسل يوم الجمعة واجب علي كل محتلم ، و السواك ، و أن يمس من الطيب ما يقدر عليه " .
2-و كذا حديث : " حق علي كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً … "

فأجاب الجمهور عنها بأن قوله " حق " و قوله " واجب " المراد به متأكد في حقه ، كما يقول الرجل لصاحبه : حقك عليَّ و ليس المراد الوجوب المتحتم المستلزم للعقاب ، بل المراد أن متأكد حقيق بأن لا يخل به (1).
و أجاب القائلون بالوجوب علي هذا التأويل بأن هذا الحديث ضعيف ، قال ابن دقيق العيد :
إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً في الدلالة علي هذا الظاهر (2).
أجاب الجمهور أيضاً على الحديث الأول بأن اقتران الأمر بالسواك و الطيب بالأمر بالغسل قرينة صارفة عن الوجوب ، قال القرطبي : ظاهره وجوب الاستنان و الطيب لذكرهما بالعاطف ، فالتقدير: الغسل واجب و الاستنان و الطيب كذلك . قال : و ليسا بواجبين اتفاقاً ، فدل على أن الغسل ليس بواجب ، إذ لا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد . أ ﻫ (3).
و أجيب علي هذا الاعتراض من وجهين :
الأول : أنه لا يمنع عطف ما ليس بواجب علي الواجب ، لا سيما و لم يقع التصريح بحكم المعطوف، قاله ابن الجوزي .
و قال ابن المنير في الحاشية : إن سلم أن المراد بالواجب الفرض لم ينفع دفعه بعطف ما ليس بواجب عليه ، لأن للقائل أن يقول : أخرج بدليل، فبقي ما عداه علي الأصل (4) …
الثاني : أن دعوى الإجماع في الطيب مردودة ، فقد روى سفيان في جامعه عن أبي هريرة أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة (5). و كذا قال بوجوبه بعض أهل الظاهر .
3-و أما الحديث : " إذا جاء أحدكم إلي الجمعة فليغتسل "
فإنه محمول علي الندب ، و القرينة الصارفة عن الوجوب هذه الأدلة المتعاضدة ، و الجمع بين الأدلة ما أمكن هذا الواجب و قد أمكن بهذا ، فيصار إليه .
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
و أما أدلة الجمهور القائلين بالاستحباب و الندب لا الوجوب ، فقد نوقشت كالتالي :
1-أما حديث عثمان الذي دخل و عمر يخطب و قد ترك الغسل
فأجاب القائلون بالوجوب عن هذا الحديث بأنه حجة على القائل بالاستحباب له .
قال الشوكاني : لأن إنكار عمر علي رأس المنبر في ذلك الجمع علي مثل ذلك الصحابي الجليل و تقرير جمع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة ، و لو كان الأمر عندهم علي عدم الوجوب ، لما عدل ذلك الصحابي في الاعتذار على غيره ، فأي تقرير من عمر و من حضر بعد هذا ؟! … (1)
اعترض الجمهور على ذلك بأنه أنكر عليه ترك السنة المذكورة و هي التبكير إلي الجمعة و ليس ذلك واجباً اتفاقاً ، فيكون الغسل كذلك .
كما أن القول بترك عثمان الغسل مع اعتقاده بوجوبه يلزم منه تأثيم عثمان رضى الله عنه .
و أجاب القائلون بالوجوب على الاعتراض الثاني بأن عثمان رضى الله عنه معذوراً لأنه إنما تركه ذاهلاً عن الوقت ، قال الحافظ : مع أنه يحتمل أن يكون قد اغتسل في أول النهار ، لما ثبت في صحيح مسلم عن حمران أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء ، و إنما لم يعتذر بذلك لعمر كما اعتذر عن التأخر ، لأنه لم يتصل غسله بذهابه إلي الجمعة كما هو الأفضل (2) .
2-و أما حديث : " من توضأ فبها نعمت ، و من اغتسل فالغسل أفضل " .
فاعترض القائلون بالوجوب بأن للحديث طرقاً أشهرها و أقواها فيه علتان، كما قال الحافظ في الفتح(1) :
إحداهما : أنه من عنعنة الحسن . و الأخرى : أنه اختلف عليه فيه .
و سائر طرق الحديث ضعيفة .
قال ابن دقيق العيد : و لا يقاوم سنده سندي هذه الأحاديث . أ ﻫ . أي أحاديث الوجوب .
أجاب الجمهور أن الحديث يصلح للاحتجاج به و قد حسنه غير واحد من الأئمة ، فيصلح قرينة صارفة للأمر عن الوجوب إعمالاً للدليلين ، و لغيره من الأدلة .
3-و أما حديث عائشة قالت : كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم و من العوالي فيأتون في العباء فيصبن الغبار و العرق ، فتخرج منهم الريح … الحديث و فيه قوله صلى الله عليه و سلم : " لو اغتسلتم يوم الجمعة " .
أجاب القائلون بالوجوب عن الحديث بأنه ليس فيه نفي الوجوب ، و بأنه سابق علي الأمر به و الإعلام بوجوبه و لا يلزم من زوال العلة سقوط الوجوب تعبداً و لا سيما مع احتمال وجود العلة المذكورة ، كالسعي فإنه واجب مع زوال العلة التي شرع لها و هي إغاظة المشركين و كذلك وجوب الرمي مع زوال ما شرع له و هو ظهور الشيطان بذلك المكان(2) .
أجاب الجمهور بأنه فرق بين زوال العلة معقولة المعنى كما هي في الأمر بغسل الجمعة ، و بين العلة التي مبناها على التعبد و امتثال الأمر كما في السعي و الرمي و نحوهما ، فتبقى دلالة الحديث و ظاهر اللفظ دليلاً علي الندب و المشروعية لا الوجوب .
4-و أما حديث : " من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع و أنصت غفر له " .
فأجاب القائلون بالوجوب عن الحديث بأن ليس فيه نفي الغسل ، و قد ورد من وجه آخر في الصحيحين بلفظ : " من اغتسل " فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله علي الذهاب فاحتاج إلى إعادة الوضوء …


 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
الترجيح :
قال الشوكاني في نيل الأوطار بعد أن ساق أدلة الفريقين :
و بهذا يتبين لك عدم انتهاض ما جاء به الجمهور من الأدلة علي عدم الوجوب ، و عدم إمكان الجمع بينها و بين أحاديث الوجوب ، لأنه و إن أمكن بالنسبة إلى الأوامر لم يمكن بالنسبة إلى لفظ : " واجب " و " حق " إلا بتعسف لا يلجئ طلب الجمع إلى مثله ، و لا يشك من له أدنى إلمام بهذا الشأن أن أحاديث الوجوب أرجح من الأحاديث القاضية بعدمه ، لأن أوضحها دلالة علي ذلك حديث سمرة و هو غير سالم من مقال … و أما بقية الأحاديث فليس فيها إلا مجرد استنباطات واهية …. " (1).
و قال الصنعاني في سبل السلام : … فالأحوط للمؤمن أن لا يترك غسل الجمعة … و في الهدي النبوي الأمر بالغسل يوم الجمعة مؤكد جداً و وجوبه أقوى من وجوب الوتر … (2)
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
وقت الغسل :
اختلف العلماء في وقت الغسل للجمعة و تعلقه بالذهاب إليها علي ثلاثة أقوال :
الأول : اشتراط الاتصال بين الغسل و الرواح . و إليه ذهب مالك و وافقه الأوزاعي و الليث .
لحديث : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " و في لفظ مسلم : " إذا أراد أحدكم أن يأتي
الجمعة فليغتسل " .
الثاني : عدم اشتراط ذلك ، و يجزئ من بعد الفجر لكن لا يجزئ فعله بعد صلاة الجمعة ، و
يستحب تأخيره إلي الذهاب و إلي هذا ذهب الجمهور .
الثالث : أنه لا يشترط تقدم الغسل على صلاة الجمعة ، فلو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه ، و إليه
ذهب داود و نصره ابن حزم ، و حجتها تعلق الغسل باليوم في الأحاديث لا بالصلاة .

و قد أنكر هذا القول ابن دقيق العيد و قال : يكاد يجزم ببطلانه ، و حكى ابن عبد البر الإجماع
علي أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة (3).
فائدة :
قال النووي : " قال أصحابنا : و وقت جواز غسل الجمعة من طلوع الفجر إلي أن يدخل
في الصلاة … قالوا : و لا يجوز قبل الفجر . و انفرد إمام الحرمين بحكاية وجه أنه يجوز قبل
طلوع الفجر ، كغسل العيد علي اصح القولين . و الصواب المشهور أنه لا يجزئ قبل الفجر ،

و يخالف العيد ، فإنه يُصلى في أول النهار ، فيبقى أثر الغسل ، لأن الحاجة تدعو إلى تقديم غسل العيد ، لكون صلاته أول النهار ، فلو لم يجز قبل الفجر ضاق الوقت و تأخر التبكير إلى الصلاة " (1).
قال الشوكاني : و الظاهر ما ذهب إليه مالك . لأن مجمل الأحاديث التي أطلق فيها : اليوم علي حديث الباب(1) المقيد بساعة من ساعاته واجب ، و المراد بالجمعة اسم سبب الاجتماع و هو الصلاة لا اسم اليوم(2) .
قال الحافظ : و مقتضى النظر أن يقال : إذا عرف أن الحكمة في الأمر بالغسل يوم الجمعة و التنظف رعاية الحاضرين من التأذى بالرائحة الكريهة ، فمن خشي أن يصيبن في أثناء النهار ما يزيل تنظفه استحب له أن يؤخر الغسل لوقت ذهابه ، و لعل هذا هو الذي لحظه مالك فشرط اتصال الذهاب بالغسل ليحصل الأمن مما يغاير التنظف و الله أعلم (3).
مسألة هل يشرع الغسل لمن لم يحضر الجمعة :
قال الحافظ : و استدل من مفهوم الحديث (4)على أن الغسل لا يشرع لمن لم يحضر الجمعة ، و قد تقدم التصريح بمقتضاه في آخر رواية عثمان بن واقد عن نافع . و هذا هو الأصح عند الشافعية ، و به قال الجمهور خلافاً لأكثر الحنفية (5).
و يدل لقول الجمهور ما أخرجه البيهقي من حديث ابن عمر مرفوعاً : " من أتى الجمعة من الرجال و النساء فليغتسل ، و من لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال و النساء " قال النووي : رواه البيهقي بهذا اللفظ بإسناد صحيح(*) .
مسألة : هل يجزئ غسل الجنابة لمن حصلت له عن غسل الجمعة ؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال :
الأول : أن غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة و إن لم ينوه ، و أن الغسل حيث وقع في الجمعة قبل الصلاة كفى، أياً كان سببه . و هذا قول جمهور العلماء . قال ابن المنذر : حفظنا الإجزاء عن أكثر أهل العلم من الصحابة و التابعين (6).
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
قال الحافظ في شرح قوله صلى الله عليه و سلم : " اغتسلوا يوم الجمعة و إن لم تكونوا جنباً "
قال : " معناه : اغتسلوا يوم الجمعة إن كنتم جنباً للجنابة ، و إن لم تكونوا جنباً للجمعة " و أخذ منه أن الاغتسال يوم الجمعة للجنابة يجزئ عن الجمعة سواء نواه للجمعة أم لا ، و في الاستدلال به علي ذلك بعد (1).
الثاني : أنه لا يجزئ و لابد ليوم الجمعة من غسل مخصوص ، و هذا قول ابن حزم و جماعة .
قال ابن حزم : " برهان ذلك قول الله تعالى ( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) . و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنما الأعمال بالنيات ، و لكل امرئ ما نوى " .
فيصح يقيناً أنه مأمور بكل غسل من هذه الأغسال ، فإذا قد صح ذلك ، فمن الباطل أن يجزئ عمل عن عملين أو أكثر … " (2).
و حكى ابن حزم هذا القول عن جماعة من السلف منهم جابر بن زيد و الحسن و قتادة و إبراهيم النخعي و الحكم و طاءوس و عطاء و عمرو بن شعيب و الزهري و ميمون بن مهران .
و قد نقل الحافظ عن أبي قتادة أنه قال لابنه و قد رآه يغتسل يوم الجمعة : " إن كان غسلك عن جنابة فأعد غسلاً آخر للجمعة " . أخرجه الطحاوي و ابن المنذر و غيرهما (3).
القول الثالث : أنه لا يجزئ عنه إلا بالنية ، أي إذا نوى الكل . قال النووي : " و أما إذا وجب عليه يوم الجمعة غسل جنابة فنوى الغسل عن الجنابة و الجمعة معاً فالمذهب صحة غسله لهما جميعاً و به قطع المصنف و الجمهور …. " (**).
و احتج أصحاب هذا القول بقوله صلى الله عليه و سلم : " إنما الأعمال بالنيات ، و إنما لكل امرئ ما نوى ".


 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
قال النووي في شرح المهذب : " .. و لو نوى الغسل للجنابة حصل بلا خلاف ، و في حصول غسل الجمعة قولان : أصحهما عند المصنف في التنبيه و الأكثر ين : لا يحصل ، لأن الأعمال بالنيات ، و لم ينوه . و أصحهما عند البغوي حصوله ، و المختار أنه لا يحصل " (***).
و حمل الحافظ كلام أبي قتادة لابنه علي ذلك ، حيث قال في شرح قوله صلى الله عليه و سلم : " غسل يوم الجمعة " ، قال : " … و استنبط منه أيضاً أن ليوم الجمعة غسلاً مخصصاً حتى لو وجدت صورة الغسل فيه لم يجز عن غسل الجمعة إلا بالنية ، و قد أخذ بذلك أبو قتادة فقال لابنه و قد رآه يغتسل يوم الجمعة : " إن كان غسلك عن جنابة فأعد غسلاً آخر للجمعة " (4).

قال المنبر: لكن هناك وجه آخر يمكن أن يحمل عليه كلام أبي قتادة غير الإجزاء و عدمه ، ألا و هو تحصيل فضيلة مخصوصة لمن يقصد إلى غسل الجمعة و ينويه كما جاء عند ابن خزيمة و ابن حبان و الحاكم و غيرهم عن عبد الله بن أبي قتادة قال : دخل علي أبي و أنا أغتسل يوم الجمعة ، فقال : غسلك هذا من جنابة أو للجمعة ؟ قلت : من جنابة . قال : أعد غسلاً آخر ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلي الجمعة الأخرى " (1).
فائدة :
قال الحافظ في الفتح : " حكى ابن العربي و غيره أن بعض أصحابهم قالوا : يجزئ عن الاغتسال للجمعة التطيب ، لأن المقصود النظافة .
و قال بعضهم : لا يشترط له الماء المطلق بل يجزئ بماء الورد و نحوه .
و قد عاب ابن العربي ذلك و قال : هؤلاء وقفوا مع المعنى ، و أغفلوا المحافظة على التعبد بالمعين ، و الجمع بين التعبد و المعنى أولى . انتهى .
و عكس ذلك قول بعض الشافعية بالتيمم (*)، فإنه تعبد دون نظر المعنى .
أما الاكتفاء بغير الماء المطلق فمردود ، لأنها عبادة لثبوت الترغيب فيها فيحتاج إلى النية ، و لو كان لمحض النظافة لم تكن كذلك ، و الله أعلم " . أ ﻫ (2).
و نقل ابن عثيمين عن شيخ الإسلام قوله : " جميع الأغسال المستحبة إذا لم يستطع أن يقوم بها ، فإنه لا يتيمم عنها ، لأن التيمم إنما شرع للحدث . و معلوم أن الأغسال المستحبة ليست للتطهير ، لأنه ليس هناك حدث حتى يتطهر منه (****).
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
-التنظيف :
و التنظيف أمر زائد على الاغتسال ، جاءت به السنة كما في حديث سلمان مرفوعاً عند البخاري : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة و يتطهر ما استطاع من طهر ، و يدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى " (*)
و التنظف أمر زائد عن الاغتسال ، و يكون بقطع الرائحة الكريهة و أسبابها من الشعور التي أمر الشارع بإزالتها فيسن حلق العانة و نتف الإبط و حف الشارب و تقليم الأظافر ، و هذا لا يكون كل جمعة . و لكن يتأكد إذا فحشت، و قد وقت النبي صلى الله عليه و سلم لها ألا تزيد عن أربعين يوما .
-التنظيف :
و التنظيف أمر زائد على الاغتسال ، جاءت به السنة كما في حديث سلمان مرفوعاً عند البخاري : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة و يتطهر ما استطاع من طهر ، و يدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى " (*)
و التنظف أمر زائد عن الاغتسال ، و يكون بقطع الرائحة الكريهة و أسبابها من الشعور التي أمر الشارع بإزالتها فيسن حلق العانة و نتف الإبط و حف الشارب و تقليم الأظافر ، و هذا لا يكون كل جمعة . و لكن يتأكد إذا فحشت، و قد وقت النبي صلى الله عليه و سلم لها ألا تزيد عن أربعين يوما .
-استعمال السواك :
و قد دلت السنة على استحباب السواك للجمعة ،لحديث أبي سعيد قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الغسل واجب على كل محتلم ، و أن يستن و أن يمس طيباً إن وجد " و لعموم الأحاديث في استحباب السواك لكل صلاة . و قد بوب البخاري في صحيحه بقوله : باب السواك يوم الجمعة …
قال الزين بن المنير : لما خصت الجمعة بطلب تحسين الظاهر من الغسل و التنظيف و التطيب ناسب ذلك تطيب الفم الذي هو محل الذكر و المناجاة ، و إزالة ما يضر الملائكة و بني آدم (1).
و قال الحافظ في تعليق علي حديث حذيفة : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا قام الليل يشوص فاه "، و وجه مناسبته لعنوان الترجمة قال : و وجه مناسبته أنه شرع في الليل لتجمل الباطن فيكون في الجمعة أحرى ، لأنه شرع لها التجمل في الباطن و الظاهر(2) .
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
-تخصيص لباس حسن للجمعة :
لحديث عبد الله بن سلام عن أبي داود و غيره أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما على أحدكم إن وجد ، أو ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " (3).
قال في عون المعبود : و الحديث يدل على استحباب لُبس الثياب الحسنة يوم الجمعة ، و تخصيصه بملبوس غير ملبوس سائر الأيام(4) .
و قد بوب البخاري في صحيحه باب يَلبس أحسن ما يجد ، و أورد فيه حديث ابن عمر " أن عمر رأى حلة سِيراء ( 5 )عند باب المسجد ، فقال : يا رسول الله ، لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة " (6)، و وجه الاستدلال من جهة تقريره صلى الله عليه و سلم لعمر على التجمل يوم الجمعة ، و قصر الإنكار على لبس تلك الحلة لكونها كانت حريراً .

7-التبكير إلي الجمعة :
فيستحب التبكير إلى الجمعة لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ، و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، و من راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ، و من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، و من راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " (1).
قال ابن القيم في توجيه اختصاص الجمعة بذلك : أنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام ، و كان العيد مشتملاً علي صلاة و قربان ، و كان يوم الجمعة يومَ صلاة ، فجعل الله سبحانه التعجيل فيه إلي المسجد بدلاً من القربان و قائماً مقامه ، فيجتمع للرائح فيه إلي المسجد الصلاة و القربان .
و قد دل الحديث علي استحباب التبكير إلي الجمعة في الساعة الأولى ، و قد اختلف الفقهاء في هذه الساعة علي ثلاثة أقوال ، ذكرها النووي في شرح المهذب، قال :
الأول : الصحيح عند المصنف و الأكثرين : من طلوع الفجر .
و الثاني : من طلوع الشمس . و به قطع المصنف في التنبيه ، و ينكر عليه الجزم به .
و الثالث : أن الساعات هنا لحظات لطيفة بعد الزوال ، و اختاره القاضي حسين و إمام الحرمين و غيرهما من الخراسانيين و هو مذهب مالك …. " (2).
و احتج أصحاب هذا القول عليه بحجتين :
إحداهما : أن الروح لا يكون إلا بعد الزوال .
الثانية : أن السلف كانوا أحرص شيء على الخير ، و لم يكونوا يغدون إلى الجمعة من وقت طلوع الشمس ، و أنكر مالك التبكير إليها في أول النهار ، و قال : لم ندرك عليه أهل المدينة .
و قال : أما الذي يقع بقلبي ، فإنه إنما أراد ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات …
قال أبو عمر ابن عبد البر : و الذي قاله مالك تشهد له الآثار الصحاح من رواية الأئمة و يشهد له أيضاً العمل بالمدينة عنده ، و هذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل ، لأنه أمر يتردد كل جمعة لا يخفى على عامة العلماء .

قال فمن الآثار التي يحتج بها مالك ، ما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا كان يوم الجمعة ، قام على كل باب من أبواب المسجد ملائكة ، يكتبون الناس ، الأول فالأول ، فالمهَجَّر إلي الجمعة كالمُهدي بدنة ، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة (1)… " الحديث … فجعل الأول مُهَجَّراً ، و هذه اللفظة إنما هي مأخوذة من الهاجرة و التهجير و ذلك وقت النهوض إلى الجمعة ، و ليس ذلك وقت طلوع الشمس …
و قال النووي في الرد علي قول مالك و من وافقه : " … و معلوم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخرج إلى الجمعة متصلاً بالزوال ، و كذلك جميع الأئمة في جميع الأمصار ، و ذلك بعد انقضاء الساعة السادسة فدل عليى أنه لا شيء من الهدى و الفضيلة لمن جاء بعد الزوال و لا يكتب له شيء أصلاً ، لأنه جاء بعد طي الصحف ، و لأن ذكر الساعات إنما كان للحث علي التبكير إليها و الترغيب في فضيلة السبق و تحصيل فضيلة الصف الأول و انتظارها و الاشتغال بالتنفل و الذكر و نحوه ، و هذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال شيء منه و لا فضيلة للمجيء بعد الزوال ، لأن النداء يكون حينئذ و يحرم التأخير عنه … " (2).
و قال ابن قدامة في الرد علي قول مالك أيضاً : " … و أما قول مالك فمخالف للآثار ، لأن الجمعة يُستحب فعلها عند الزوال ، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يبكر بها ، و متى خرج الإمام طويت الصحف ، فلم يُكتب من أتى الجمعة بعد ذلك ، فأي فضيلة لهذا ؟ ! …. (3)
و قال ابن القيم في الرد علي أدلة مالك و من وافقه :
" قلت : و مدار إنكار التبكير أول النهار على ثلاثة أمور (4):
إحداها : على لفظة الرواح ، و أنها لا تكون إلا بعد الزوال .
و الثاني : لفظة التهجير ، و هي إنما تكون بالهاجرة وقت شدة الحر .
و الثالث : عمل أهل المدينة ، فإنهم لم يكونوا يأتون من أول النهار .
فأما لفظة الرواح ، فلا ريب أنها تطلق على المضي بعد الزوال ، و هذا إنما يكون في الأكثر إذا قُرنت بالغدو ، كقوله تعالى : ( غدوها شهر و رواحها شهر ) ، و قوله صلى الله عليه و سلم : " من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً في الجنة كلما غدا أو راح " … (1)
و قد يطلق الرواح بمعنى الذهاب و المضي ، و هذا إنما يجيء إذا كانت مجردة عن الاقتران بالغدو
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
و قال الأزهري في التهذيب : سمعت بعض العرب يستعمل الرواح في السير في كل وقت ، يقال : راح القوم : إذا ساروا ، و غدوا كذلك … و من ذلك ما جاء في الأخبار الصحيحة الثابتة ، و هو بمعنى المضي إلي الجمعة و الخفة إليها ، لا بمعنى الرواح بالعشي .
و أما لفظ التهجير و المهجَّر ، فمن الهجير و الهاجرة ، قال الجوهري : هي نصف النهار عند اشتداد الحر ، تقول منه : هجَّر النهار … و يقال أتينا أهلنا مهجَّرين ، أي في وقت الهاجرة و التهجير ، و التهجُّر : السير في الهاجرة ، فهذا ما يقرر به قول أهل المدينة .
قال آخرون : الكلام في لفظ التهجير كالكلام في لفظ الرواح ، فإنه يطلق و يراد به التبكير .
قال الأزهري في التهذيب : روى مالك عن سُمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو يعلم الناس ما في التهجير لاستبقوا إليه " (2).
‎و في حديث آخر مرفوع : " المهجَّر إلى الجمعة كالمهدي بدنة " .
قال و يذهب كثير من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث تفعيل من الهاجرة وقت الزوال ، و هو غلط ، و الصواب فيه ما روى أبو داود المصاحفي عن النضر بن شُميل أنه قال : التهجير إلي الجمعة و غيرها : التبكير و المبادرة إلى كل شيء ، قال : سمعت الخليل يقول ذلك . قاله في تفسير هذا الحديث .
قال الأزهري : و هذا صحيح ، و هي لغة أهل الحجاز و من جاورهم من قيس …
قال الأزهري : و سائر العرب يقولون : هجَّر الرجل : إذا خرج وقت الهاجرة …
قال ابن القيم : و أما كون أهل المدينة لم يكونوا يروحون إلى الجمعة أوَّل النهار ، فهذا غاية عملهم في زمان مالك رحمه الله ، و هذا ليس بحجة ، و لا عند من يقول : إجماع أهل المدينة حجة ، فإن هذا ليس فيه إلا تركُ الرواح إلى الجمعة من أول النهار ، و هذا جائز للضرورة ، و قد يكون اشتغال الرجل بمصالحه و مصالح أهله و معاشه و غير ذلك من أمور دينه و دنياه أفضل من رواحه إلى الجمعة من أول النهار .

و لا ريب أن انتظار الصلاة بعد الصلاة و جلوس الرجل في مصلاه حتى يصلي الصلاة الأخرى ، أفضل من ذهابه و عوده في وقت آخر للثانية ، كما قال صلى الله عليه و سلم : " و الذي ينتظر الصلاة ثم يُصليها مع الإمام أفضل من الذي يصلي ثم يروح إلى أهله "(1) ، و أخبر أن الملائكة لم تزل تصلي عليه مادام في مصلاه "(2) و أخبر " أن انتظار الصلاة بعد الصلاة مما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ، و أنه الرَّباط "(3) و أخبر " أن الله يُباهي ملائكته بمن قضى فريضة و جلس ينتظر أخرى " (4).
و هذا يدل على أن من صلَّى الصبح ، ثم جلس ينتظر الجمعة ، فهو أفضل ممن يذهب ثم يجيء في وقتها ، و كون أهل المدينة و غيرهم لا يفعلون ذلك ، لا يدل على أنه مكروه ، فهكذا المجيء إليها و التبكير في أول النهار "(5) .
و قال الخطابي في شرح هذا الحديث : " معنى راح قصد الجمعة و توجه إليها مبكراً قبل الزوال .
قال : و إنما تأولناه هكذا لأنه لا يتصور أن يبقى بعد الزوال خمس ساعات في وقت الجمعة .
قال : و هذا شائع الكلام ، تقول : راح فلان بمعنى قصد ، و إن كان حقيقة الرواح بعد الزوال و الله أعلم (6).
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
و اختلف في المراد بالساعات ، أهو المتبادر إلي الذهن من العرف فيها ، قال الحافظ : " و فيه نظر : إذ لو كان ذلك المراد لاختلف الأمر في اليوم الشاتي و الصائف ، لأن النهار ينتهي في القصر إلى عشر ساعات ، و في الطول إلى أربع عشرة . و هذا الإشكال للقفَّال ، و أجاب عنه القاضي حسين بأن المراد بالساعات ما لا يختلف عدده بالطول و القصر ، فالنهار اثنتا عشرة ساعة ، لكن يزيد كل منها و ينقص ، و الليل كذلك ، و هذه تسمى الساعات الآفاقية عند أهل الميقات و تلك التعديلية ، و قد روى أبو داود و النسائي و صححه الحاكم من حديث جابر مرفوعاً : " يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة " و هذا و إن لم يرد في حديث التبكير ، فيستأنس به في المراد بالساعات .
و قيل : المراد بالساعات بيان مراتب المبكرين من أول النهار إلي الزوال ، و أنها تنقسم إلى خمس . و تجاسر الغزالي فقسمها برأيه ، فقال : الأولى من طلوع الفجر إلي طلوع الشمس ، و الثانية إلي ارتفاعها ، و الثالثة إلي انبساطها ، و الرابعة إلى أن ترمص الأقدام ، و الخامسة إلى الزوال .
و اعترضه ابن دقيق العيد بأن الرد إلى الساعات المعروفة أولى ، و إلا لم يكن لتخصيص هذا العدد بالذكر معنى ، لأن المراتب متفاوتة جداً … " (1).

فائدة :
قال النووي : " من جاء في أول ساعة من هذه الساعات و من جاء في آخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو غيرهما ، و لكن بدنة الأول أكمل من بدنة من جاء في آخر الساعة ، و بدنة المتوسط متوسطة … " (2).


-استحباب المشي إليها و عدم الركوب من غير عذر :

قال ابن قدامة : " و المستحب أن يمشي و لا يركب ، لقوله : ( و مشي و لم يركب ) (1). و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه لم يركب في عيد و لا في جنازة (2). و الجمعة في معناهما ، و إنما لم يذكرها ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان باب حجرته شارعاً في المسجد يخرج منه إليه ، فلا يحتمل الركوب . و لأن الثواب علي الخطوات …. " (3).
قال النووي : " … قوله صلى الله عليه و سلم : ( و مشى و لم يركب ) فقد قدمنا عن حكاية الخطابي عن الأثرم أنه للتأكيد ، و أنهما بمعنى . و المختار أنه احتراز من شيئين : أحدهما : نفي توهم حمل المشي علي المضي و الذهاب و إن كان راكباً . و الثاني : نفي الركوب بالكلية ، لأنه لو اقتصر علي المشي لاحتمل أن المراد وجود شيء من المشي و لو في بعض الطريق ، فنفى ذلك الاحتمال و بين أن المراد مشي جميع الطريق و لم يركب في شيء منها … " (4).
قال ابن قدامة في المغني : " و يستحب أن يكون عليه السكينة و الوقار في حال مشيه ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم : " إذا سمعتم الإقامة فامشوا و عليكم السكينة و الوقار ، و لا تُسرعوا "(5) و لأن الماشي إلي الصلاة في صلاة ، و لا يشبك بين أصابعه ، و يقارب بين خطاه ، لتكون أكثر لحسناته ، و قد روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه خرج مع زيد بن ثابت إلي الصلاة ، فقارب بين خطاه ، ثم قال : " إنما فعلتُ لتكثر خطانا في طلب الصلاة " (6)" (7).
قال النووي في شرح المهذب : " … و اتفقت نصوص الشافعي و الأصحاب علي أن السنة أن يمشي إلي الجمعة بسكينة و وقار ، و به قال جمهور العلماء من الصحابة و التابعين و من بعدهم … و أما قول الله تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله ) فمعناه : اذهبوا و امضوا لأن السعي يطلق علي الذهاب و علي العدو ،فبينت السنة المراد به " (1).
و قد بوب البخاري في صحيحه باب المشي إلي الجمعة و قول الله جل ذكره ( فاسعوا إلي ذكر الله ) … و أورد حديث " لا تأتوها و أنتم تسعون "(2) . قال الحافظ : " إِشارة منه إلى أن السعي المأمور به في الآية غير السعي المنهي عنه في الحديث ، و الحجة فيه أن السعي في الآية فسر بالمضي ، و السعي في الحديث فسر بالعَدو لمقابلته بالمشي حيث قال : " لا تأتوها تسعون و ائتوها تمشون " "(3)
قال ابن قدامة في المغني : " و روينا عن بعض الصحابة أنه مشى إلي الجمعة حافياً فقيل له في ذلك ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من اغبرت قدماه في سبيل الله ، حرمها الله علي النار " " (4)(5).
فائدة :
قال علماء التفسير : في التعبير بقوله : ( فاسعوا إلي ذكر الله … ) لطيفة، و هي أنه ينبغي للمؤمن أن يقوم إلي صلاة الجمعة بجد و نشاط و عزيمة و همة …
قال الحسن : " و الله ما هو سعي الأقدام ، و لقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا و عليهم السكينة و الوقار ، و لكن بالقلوب و النية و الخشوع . و قال قتادة : السعي أن تسعى بقلبك و عملك (6).
 
أعلى