[font="] [/font]
[font="]موسوعة التراجم المغربية[/font][font="][/font]
[font="](ج 1)[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]بسم الله الرحمان الرحيم.[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن خلف القرشي التيمي البكري الصديقي، [/font][font="]ال[/font][font="]سلوي[/font][font="][/font]
[font="]الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن خلف القرشي التيمي البكري الصديقي، سلوي الأصل، ولد بسلا سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ونشأ بمراكش، واستوطن الفيوم من مصر حرسها الله، وبها توفي في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة، ولقبه هناك تاج الدين، وكنيته أبو العباس.[/font]
[font="]كان رضي الله عنه وافر الحظ من علم البيان نحوا وأدبا، شاعرا محسنا، محققا لعلم الكلام، بارعا في أصول الفقه، متقدما في التصوف وإليه انقطع وعليه عول، وفيه صنف ونظم في مقاصده، وتدريج سلوكه قصيدته هذه التي سماها أنوار السرائر وسرائر الأنوار، وأخذها الناس عنه واشتهرت في الأقطار لإجادة نظمها وضبطها.[/font]
[font="]قال صاحب اثمد العينين: إن هذه القصيدة حجة عند أهل الطريقة، ولم يزل المشايخ رضي الله عنهم يحضون عليها ويوصون تلامذتهم بالعمل بها، ثم نقل عن الشيخ أبي عبد الله محمد الهزميري رضي الله عنه أنه كان كثيرا ما يحض عليها أصحابه وجميع تلامذته، شديد العناية بها، ويلتزم الخير للمداوم عليها. قال: وكان هو يديم الكلام عليها ويشرح بعض مقاماتها.[/font]
[font="]وأخذ الناظم رضي الله عنه عن جماعة بمراكش، ثم جال في طلب العلم. وأخذ بفاس عن الإمام الأصولي، العابد الزاهد، أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الكريم، المعروف بابن الكتاني العبدلاوي؛ والشيخ الإمام العلامة، النحوي، أبي ذر مصعب، ابن الإمام النحوي أبي عبد الله محمد بن مسعود بن أبي ركب الخشني الإشبيلي ثم الفاسي، من ذرية أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه الصحابي المشهور؛ والشيخ أبي العباس ابن أبي القاسم بن القفال. [/font]
[font="]ووصل إلى الأندلس فأخذ عن بعض أهلها، ثم شرق وحج. وأخذ ببغداد عن الإمام العالم، أبي محمد عبد الرزاق، ابن قطب الصديقين وحجة الله للعارفين، محيي الملة والدين، أبي محمد عبد القادر بن أبي صالح الشريف الحسني، المعروف بالجيلاني؛ والشيخ المحدث التاريخي أبي الحسن محمد بن أحمد بن عمران القطيعي؛ والشيخ أبي محمد قميص بن فيروز بن عبد الله الحنبلي. [/font]
[font="]وأخذ علم الكلام عن الإمام الشيخ الكبير تقي الدين أبي العز مظفر بن عبد الله بن علي بن الحسين الأزدي الشافعي المعروف بالمقترح. [/font]
[font="]وأخذ أصول الفقه بالإسكندرية عن الشيخ الإمام، علم الأعلام، شمس الدين أبي الحسن علي بن إسماعيل بن حسن بن عطية الإبياري المالكي. [/font]
[font="]وأخذ التصوف ذوقا وإشراقا ببغداد عن شيخ شيوخ وقته، وقدوة أهل عصره، ترجمان الطريقة، وسلطان أهل الحقيقة، شهاب الدين أبي حفص، ويكنى أيضا بأبي عبد الله، عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله القرشي التيمي البكري الصديقي، ثم الشافعي، المعروف بالسهروردي، صاحب عوارف المعارف التي هي أصل هذه القصيدة، والله أعلم. [/font]
[font="]وأخذ الطب عن أبي بيان. [/font]
[font="]وروى عنه الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القيسي السلاوي، نزيل تونس، لقيه بالفيوم من مصر، والله أعلم.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]ترجمة سيدي أحمد بن مبارك رحمه الله ورضي عنه انقله لكم عن بعض المنتديات المؤيدة لأحباب الله وأولياءه :[/font]
[font="]قال العلامة الكتاني في سلوة الأنفاس عند ترجمة العلامة سيدي أحمد بن مبارك رحمه الله ورضي عنه : [/font]
[font="]العالم العلامة، الجهبذ الفهامة، المشارك المحقق، الهمام المدقق، الحافظ المتضلع المتبحر، المجتهد القدوة المحرر، نجم الأمة، وتاج الأيمة، شيخ الشيوخ، ومن له في العلم القدم الثابتةُ الرسوخ؛ أبو العباس سيدي أحمد بن مبارك - به عرف ابن محمد بن علي السجلماسي اللَمَطي (بفتحتين؛ نسبة إلى لَمَط: قرية بالمدينة العامرة من سجلماسة، خربت فيما قبل اليوم)، البكري الصديقي؛ يتصل نسبه بسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.[/font]
[font="]ولد - رحمه الله – في حدود التسعين وألف ببلده سجلماسة ...[/font]
[font="]وكان - رحمه الله – شيخا متبحرا، وإماما حجة متصدرا، انتهت إليه الرياسة في جميع العلوم، واستكمل أدوات الاجتهاد على الخصوص والعموم؛ فكان له باع طويل وتبحر في البيان والأصول والحديث، والقراءات والتفسير، وله عارضة في المقابلة بين أقاويل العلماء والبحث معهم، ويجيب عنهم بمقتضى الصناعة والآلات، ويصرح لنفسه بالاجتهاد، ويرد على الأكابر من المتقدمين والمتأخرين، ويصرح بأنهم لو أدركوه؛ لانتفعوا به!. [/font]
[font="]وكان – رحمه الله – محبا للغرباء، مواسيا للضعفاء، خاشعا متواضعا، ذا صلاح وولاية وكرامة، وكان له اعتناء كبير ومحبة عظيمة في شيخه مولاي عبد العزيز الدباغ، وسلب له الإرادة في علمه وعمله، وتبعه بقلبه وقالبه، حتى لا يكاد يسلو عنه طرفة عين، ويجالسه في الأسواق التي لا يمر بها غيره ممن له فضل علم ومروءة، ويناوله ما يحتاج إليه مما ليس شأن مثله أن يناوله، وإنما يعرف الفضل من الناس ذووه؛ فظهرت عليه آثار صُحبته، وانتفع غاية النفع بمعرفته.[/font]
[font="]وكان يقرأ صحيح البخاري زمن الشتاء قبل طلوع الشمس، بضريح سيدي أحمــد ابن يحـيى – رضي الله عنه – حتى توفي – رحمه الله – بالطاعون، ليلة يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى عام خمسة أو ستة وخمسين ومائة وألف، ودفن مع شيخه المذكور في قبته، متصلا به، ليس بينه وبينه إلا جبهة بناء، وعليهما اليوم دُربوز واحد؛ فوقه مقبريتان. وكان الشيخ التاودي هو الذي ألحده في قبره - نفعنا الله به.[/font]
[font="]انتهى المقصود منه ( من الجزء الثاني )[/font]
[font="]وله رحمه الله إسهامات مهمة في علم أصول الفقه منها : { شرح على جمع الجوامع } [/font]
[font="]و{ رد التشديد في مسألة التقليد } و{ تأليف في دلالة العام على بعض أفراده } بل إن له جولات وصولات في هذا الميدان مع الأصولي الكبير الإمام القرافي رحمه الله تعالى.[/font]
[font="]وترجمته في "نشر المثاني"، و"إلتقاط الدرر"، و"سلوك الطريق الوارية"، و"الروضة المقصودة"... وغيرها.[/font]
[font="] [/font]
[font="]أبو الحسن عليّ بن محمد الحرالّي المراكشي[/font][font="][/font]
[font="]شخصية اخترقـت المكـان إلـى المكــان والزمان إلى الزمان[/font]
[font="] [/font]
[font="] كانت حياة الحَرَالّي كما يرسمها ما لدينا من تراجمه وأخباره حياةً حافلةً: شرّق فيها وغرَّب، وتنقّل في بلاد المسلمين وأقام، واستقرّ وتغرّب، ولقي الحفاوة والتكريم، وعرف من الناس الإعجاب والتقدير؛ وأصابه أيضاً شيء من الإزعاج من الدَّهماء حيناً ومن أهل العلم في زمانه أحياناً أخرى؛ وكان بعضُ هذا الإزعاج مُسرفاً في التَّجنّي.[/font][font="][/font]
[font="]وإذا استعرنا عباراتٍ ممّا هو دارجٌ اليوم قلنا: إنه كان شخصيّة "دراميّة"؛ بما عانى من الأسفار، وما لقي من ظروف وأحوال، ومن لقي من الرّجال؛ على اختلاف درجاتهم؛ وبتغرّب أهله الأندلسيّين، فإنه وُلِدَ في مدينةٍ من أقاصي المغرب (في مرّاكش) كما سنبيّن، وتوفّي في مدينة من أقاصي الشام (في حماه).[/font][font="][/font]
[font="]وتشكّلت شخصيّةُ أبي الحسن الحَرَالّي من ظروف ثقافية واجتماعية في بيئات جغرافية وحياتية مختلفة، وظهرت للناس في ما يُحَدِّثُ ويُدرّس ويؤلف ويناقش: شخصيةً ناضجةً مكتملةً، حنّكتها ألوانُ المعرفةِ الكثيرةِ الغزيرة، وصَقَلتْها معرفةُ النّاس ووضعتها في الصُّورة النّهائية إرادةٌ صارمة مالت بصاحبها إلى الزهد في الدُّنيا، والالتفات إلى الأُخرى.[/font][font="][/font]
[font="]وإذا كان صدور الكتاب - أي كتاب - يثلج صدر مؤلفه أو محقّقه فإنه يسرّني حقاً أن أكون في جملة المعتنين بآثار الحرالّي، ولعلي أكون البادئ في نفض الغبار عن الباقي من آثاره[1]، لافتاً إليه أنظار أهل العلم والفكر والثقافة ومنبّهاً إليه لإحياء تراثه، ووضعه بين أيدي الباحثين والمتابعين: بإحياءٍ لذكرى عالمٍ فاضلٍ، وواحدٍ من بقية أهل العلم الذين طلعت بهم الأندلس على الدنيا.[/font][font="][/font]
[font="]1ـ لم يزد تعريفُ المراجع بقرية حَرَالّة على عبارة قصيرة، ليس فيها تفصيل ولا زيادة دلالة سوى أنها من أعمال مدينة مُرْسية.[/font][font="][/font]
[font="]ومُرْسِية مدينة ساحليّةٌ مطلّة من شرق الأندلس على البحر المتوسط؛ وهي في التقسيمات الإدارية الأندلسية من أعمال كورة تُدمير. ومن مرسية ظهر عدد كبير من العلماء والفقهاء، وبرز منها عدد من أهل التصوّف من مثل أبي العباس المرسي ومحيي الدين بن عربيّ، وغيرهم.[/font][font="][/font]
[font="]وحرالّة كانت الموطن الأصلي لأُسرةِ أبي الحَسن، والذي وُلِدَ بعيداً عن حرالة ومرسية في أقاصي المغرب بمدينة مرّاكش.[/font][font="][/font]
[font="]ولا نعرف شيئاً عن أحوال أسرته، ولا أخبار أهله، ولا نعرف لماذا انتقلوا من حرالة، أو الشرق الأندلسي إلى مراكش.[/font][font="][/font]
[font="]ولنا أن نقدّر أنّ ربّ الأسرة كان يشتغل بعملٍ يقتضيه التنقّل في أرجاء الدّولة؛ في زمان كانت فيه الوحدةُ شاملةً بين بلاد المغرب والأندلس، أيام الدولة الموحّديّة.[/font][font="][/font]
[font="]ومن الرَّجم بالغيب محاولة معرفة نوع ذلك العمل الذي كان يمارسه والد أبي الحسن، وإن كان يخطر في البال أن يكون أبوه، أو كبيرٌ في الأسرة، ممّن يشتغلون بالعلم، أو الكتابة، أو القضاء، وما شابه ذلك ممّا يدور في فلك الفكر والثقافة أو التعليم أو القضاء …[/font][font="][/font]
[font="]ونظرة نُلقيها على مؤلّفات أبي الحسن، في أسمائها التي ذكرتها كتب التراجم أو في نسخها التي بقيت في خزائن المخطوطات تدلّ على نوع راق من التعليم والمطالعة والتّحصيل في فنون شتّى من العلوم العقلية والنقلية، إلى فنون متعدّدة مختلفة من ألوان النشاط الفكري والثقافي عامّة.[/font][font="][/font]
[font="]وبعد أن استوفَى الحرالّي ما هو متوفّر بمرّاكش من العلوم ضرب في الأرض غرباً وشرقاً، ونجِدُ في أخباره أنّه دخل الأندلس فأخذ عن عدد من علمائها من مثل ابن خروف وأبي الحجّاج بن نموي، كما أخذ عن شيخ الحرم أبي عبد الله محمد القرطبي. ورحل إلى المشرق، فازداد خبرة ومعرفة، واحتكاكاً بأهل العلم من كل اتجاه، ومن كل لون، وفي بلادٍ كثيرة.[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]2ـ حلّى الغبريني في عنوان الدراية صاحبنا أبا الحسن الحرالّي بعبارات حسنة فيها تقدير وتكريم، وهي في الوقت نفسه عبارات صدرت عن خبير، عارف بأخبار الرجل، فقد لقي عدداً من تلامذته وأصحابه ومريديه، وعرفه منهم معرفة وثيقة. قال في صدر ترجمته له: " الشّيخ الفقيه، العالم المُطلق، الزاهد الورع، بقيّة السّلف، وقدوة الخلف، نسيج وحده: أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم الحرالّي، التُّجِيبِيّ ".[/font][font="][/font]
[font="]ويخرجُ من مراجعة ترجمة الحرالّي في كتب المغاربة (والأندلسيّين) والمشارقة معاً:[/font][font="][/font]
[font="]أنه وُلِدَ في مرّاكش، ودخل الأندلس، وخرج إلى المشرق فكانت له فرصة لقاء علماء كُثُرٍ في طريقه من أقصى المغرب إلى قلب المشرق، وأدّى فريضة الحج، وأخذ عن العلماء، وتلبّث في عدد من البلدان أكثر من غيرها: كإقامته في مصر، وفي بجاية.[/font][font="][/font]
[font="]وفي أخباره أنه بعد أن استقرّ في المغرب مدّة خرج ثانيةً إلى المشرق فجال فيه؛ وأقام مُدّةً في مصر، في مدينة بلبيس، ثم خرج من مصر، على طريقته في التنقّل، حتى وصل إلى عُمق بلاد الشام، واستقرّ في مدينة حماة.[/font][font="][/font]
[font="]وفي خروجه الثاني ينقل الغبريني في ترجمته ما نصُّهُ (95) ذكر بعض الناس أنه لمّا رجع من المغرب إلى بلاد مصر كانت إقامته بـ (بلبيس) واجتمع عليه كبراء أهلها وأخذوا عنه واتبعوه؛ وكان قصده التوجّه إلى مدينة الرسول، ولم يتهيّأ له إليها مسير، فتوجه إلى الشام ولم يستصحب معه ولده ولا أحداً من أصحابه إلا زوجه خاصة، وذلك - والله أعلم - لما علم أنه يموت هنالك. فلمّا وصل إلى الشام كانت إقامته منها بـ (حماه) حرسها الله، فأقبل عليه أهلُها، وأخذوا عنه. فلمّا قَرُبَ موته قال لأصحابه: إذا كان اليوم الثاني عشر من شعبان نسافر عنكم. فقرب الشهر ولم يروا عليه أهبة السفر فتعجّبوا من ذلك.." ويستمر الخبر ليذكر مرض أبي الحسن المفاجئ، والذي تلاه وفاته بعد أذان عصر الثاني عشر من شعبان.[/font][font="][/font]
[font="]وقد ذكرت كتب التراجم من أسماء أصحابه (وتلامذته) عدداً فيهم: أبوعبد الله محمد بن إبراهيم السلاوي، وأبو محمد عبد العزيز كحيل، والفقيه أبو محمد عبد المنعم بن عتيق، وعبد الواحد، الكاتب المعروف بأبي دينار.[/font][font="][/font]
[font="]3ـ أجمع الذين ترجموا للحرالّي على عدد من صفاته الحسنة وخصاله النبيلة من الزهد والورع، والاحتمال من الناس، والصّبر على الأذى وحسن معاملة من يعرف ومن لا يعرف؛ ورووا قصصاً وأخباراً تدل على هذه الصفات والخصال. قال الذهبي في تاريخ الإسلام (الطبقة الرابعة والستون 316): وكان من أحلم الناس يُضرب به المثل. وقال في " سير أعلام النبلاء " (33: 47): وكان يُضرب بحلمه المثل.[/font][font="][/font]
[font="]وفي صِفَتِه وبعض ما قيل فيه نقرأ للمَقَّرِي (نفح الطيب - محيي الدين 2: 391): وهو إمام ورع صالح زاهد، كان بقية السلف وقدوة الخلف، وقد زهد في الدنيا وتخلّى عنها... وروي عنه قوله: أقمتُ ملازماً لمجاهدة النفس سبعة أعوام حتى استوى عندي من يعطيني ديناراً ومن يزدريني.[/font][font="][/font]
[font="]ونقلت كتب تراجمه المطولة (كعنوان الدراية والنّفح) قصّة صبره على تصرفات أمّ ولده (وتسمّى كريمة) بما يدل على تلك الصفة فيه.[/font][font="][/font]
[font="]وممّا روي في هذا الباب، وله مغزى في حياته أنّ رجلاً راهن جماعة على أن يُخرج أبا الحسن الحرالّي فقالوا: لا تقدر ! فأتى وهو يَعِظُ الناس فصاح، وقال له: أنت أبوك كان يهوديّاً وأسلم. فنزل من الكرسيّ، فاعتقد الرجل أنه غضب، وأنه تمّ له ما أراد حتى وصل إليه فخلع مِرْطَيْهِ ([2]) عليه وأعطاه إياهما وقال له: " بَشّرك الله بالخير لأنك شهدت لأبي أنه كان مُسلماً "[/font][font="][/font]
[font="]وروى الغبريني (ص88) من أخباره الدالة على حُسن خلقه أنه كان مُبتلًى بإطلاق الناس ألسنتهم عليه، وإسماعهم (إياه) ما لا يليق في جهته. فجاءه رجُلٌ يوماً وسكين نصلة في يده فقال له: علامَ تقتلني ؟ فقال له: قيل لي عنك إنك كافر ! فقال له: الناقلُ إن كان عندك كاذباً، فما يحلّ لك قتلي، وإن كان صادقاً فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله. فجدّد الرجل إيماناً بين يدي الشيخ (الحرالّي) وتاب على يديه، وصار من تلامذته. وهذا الخبر يفتح لنا الباب على جانب آخر.[/font][font="][/font]
[font="]4ـ لقد كان الحرالّي، في أثناء حياته، بين نوعين من الناس: فريق معظّم له مقرّ بما عنده من العلوم، معترف بفضله، وزهده، وسمته، وحُسنِ علمه وعمله، وفريق آخر لا يجد له تلك الخصال، ويعدّه غريباً وربما زاد على ذلك.[/font][font="][/font]
[font="]ونقرأ في أخباره أن العزّ بن عبد السّلام (577-660) حين كان في مصر لقي الحرالّي، ورأى جزءاً من تفسيره بطلب منه فلما رآه وقلّب فيه قال: "أين قول مجاهد، أين قول قتادة، أين قول ابن عباس؟ وأكثر القول في هذا المعنى..." وحاول العزّ - وكان إمام الديار المصرية آنذاك - أنه يُخرج الحرالّي من مصر فلم يُتح له ذلك.[/font][font="][/font]
[font="]قال الغِبريني بعد الخبر: "والشيخ رحمه الله سلك في تفسيره مسلك البيان والإيضاح على نحو ما يتقضيه علم العربية، وعِلْمُ تنقيح المعقول، وما يبقى وراء هذا سوى علم الأسباب التي عند النزول وعند الحاجة إليها لابدّ من ذكرها" انتهى بحروفه. لكن تفسيره وصف كما في نيل الابتهاج (319) بأنه: سلك في سبيل التحرير: تكلم عليه لفظة لفظة.[/font][font="][/font]
[font="]ونقرأ في تاريخ الإسلام: " كان شيخُنا ابن تيمية وغيره يحطّ على كلامه ويقول: تصوفه على طريق الفلاسفة. ونسب المقرّي الحطّ على الحرالّي إلى الذّهبي، الذي ترجم له في أكثر من واحد من كتبه، فقال: وقع للذهبي في حقّه - يعني الحرالي - كلام على عادته في الحط على هذه الطائفة.[/font][font="][/font]
[font="]وسبب هذا الحطّ كتابه الذي شرع في تأليفه مفسّراً به القرآن الكريم، ففي سير أعلام النبلاء: " عمل تفسيراً عجيباً ملأه باحتمالات لا يحتملها الخطاب العربيّ أصلاً "، و " تكلّم في علم الحروف والأعداد، وزعم أنه استخرج منه وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشمس من مغربها ". ثم قال: " ووعظ بحماه، وأقبلوا عليه..." و"كان شيخنا مجد الدين التّونسي يتغالى في تعظيم تفسيره، ورأيت علماء يحطّون عليه. والله أعلم بسرّه. وكان يضرب بعمله المثل". ثم قال: "وممّن يعظمه شيخنا شرف الدين ابن البارزي قاضي حماه...".[/font][font="][/font]
[font="]وفي سير أعلام النبلاء " وله عبارة حلوة إلى الغاية وفصاحة وبيان، ورأيت شيخنا المجد التونسي يتغالى في تفسيره ورأيت غير واحد معظماً له وجماعة يتكلمون في عقيدته...".[/font][font="][/font]
[font="]فالحرالّي إذن بسبب أسلوبه وبيانه، وبسبب تجديده - كما يبدو والله أعلم - في منهج التفسير وغيره من العلوم التي مارسها وضع نفسه على محك التجربة فمن استوعب مقاصده وعرف كلامه أُعجب به وأعلن ذلك من العلماء والفقهاء، ومن رفض ذلك " الجديد " منه رماهُ على قدر معرفته أو على قدر بُعده عن الفهم.[/font][font="][/font]
[font="]ونجد الذهبي نفسه في ميزان الاعتدال (3: 114) يخفف لهجته ويقول مثلاً: " صنف تفسيراً وملأه بحقائقه ونتائج فكره ".[/font][font="][/font]
[font="]ويقول في موضع آخر من ترجمته: " ويذكر عن أبي الحسن مشاركة قوية في الفضائل، وحلم مفرط وحُسْنُ سَمْت، ولا أعلمُ له رواية ".[/font][font="][/font]
[font="]على أنّ في العلماء وأصحاب كتب التراجم من ذكر له أعداداً من " الكرامات " في إطار من الكلام على زهده وورعه وتقواه. وفي ظلال محبة أصحابه وتلامذته، واستماع الناس إلى وعظه ومحاضراته، واعتراف نفر كثير من كبار العلماء بحقيقة علمه، ونقاء سريرته، وحسن سمته، وبلاغة كتابته، وقوّة ذكائه، وعمق فهمه.[/font][font="][/font]
[font="]وقد أورد الغِبريني للحرالّي حِزباً؛ فقال في ترجمته: " كانت له رحمه الله ورضي عنه أذكارٌ وأوراد. فمن جملة أذكاره حِزْبهُ الذي كان يلازمه بعد صلاة الصبح. كان رضي الله عنه يجلس في مصلاّة بعد صلاة الصبح ويقول... " الخ.[/font][font="][/font]
[font="]5ـ لا نعرف سنة ولادة الحرالّي: فلم يذكرها أحد من الذين ترجموا له. ويصعب أن نقدّرها متى كانت، على الرغم من معرفتنا بسنة وفاته، لأن القرائن لدينا قليلة.[/font][font="][/font]
[font="]وقد كانت وفاته سنة 638هـ . فإذا نظرنا إلى أسفاره في المغرب والأندلس والمشرق، وقصده الديار المقدسة لأداء الفريضة، وعودته ثانية إلى المشرق؛ وإذا اعتبرنا لقاءه العلماء والفقهاء وما روي عنه في محاوراتهم، أو في محاضراتهم... تكوّنت لدينا قناعة بأنه تجاوز الستين من سنيّ العُمر. وكتبه الغزيرة المتنوّعة، وضخامة بعضها في ما رأينا، أو قرأنا عنها، ترشّح لهذا الاستنتاج التقريبي، وإن لم يقم عليه دليل.[/font][font="][/font]
[font="]ومعنى هذا أنه عاصر مدة من ازدهار دولة الموحدين التي ضمّت معظم بلاد المغرب والسودان الغربي إلى الأندلس... وعاصر أيضاً مدّة انحدار هذه الدولة وانهيارها، وقيام بعض الدول والدويلات على أنقاضها في الأندلس وأرض العُدوة معاً.[/font][font="][/font]
[font="]وقد اختلفت كتب التراجم في تعيين وفاته بين 637هـ و 638هـ . ومن لم يسمّ سنة قال إن وفاته كانت قبل 640هـ.[/font][font="][/font]
[font="]على أن هناك تسجيلاً لوفاته باليوم والساعة والشهر والسنة قرأتها على غلاف كتابه شرح أسماء رسول الله في مخطوطات الظاهرية (مجموع 12224) وفيه:[/font][font="][/font]
[font="]" توفي بحماه المحروسة بعد عصر نهار الاثنين سلخ شهر رجب الفرد سنة ثمان وثلاثين وست مئة. ودفن ظاهر باب حمص بالتلّ في تربة بني البارزي "[/font][font="][/font]
[font="]6ـ كان الحرالي متعدّد الجوانب، غزير الحفظ، ذكي الفؤاد، قادراً على الاستنباط والتجديد؛ بليغ العبارة، رائق الأُسلوب.[/font][font="][/font]
[font="]وأخباره التي وصلت إلينا، وكتبه الباقية، وأسماء سائر كتبه التي لم تصل تشير إلى رجل باحثٍ، عالمٍ، مفكّر، مجدّد، كما تشير في الوقت نفسه إلى زاهد في الدنيا، واعظ للنّاس، عالم عامل.[/font][font="][/font]
[font="]وفي ثقافة الحرالّي: علوم القرآن، وعلوم الحديث، والتفسير، والفقه: معقوله ومنقوله، والتصوف، والمنطق والطبيعيات والإلهيات، وعلم الفرائض، واللغة، وعلم أصول الفقه، وعلم الكلام، قال الغبريني: أخبرني شيخنا أبو محمد عبد الحقّ رحمه الله قال لي: كنا نقرأ عليه (يعني الحرالّي) كتاب النجاة لأبي علي بن سينا فكان ينقضُ عراه نقضاً وذلك بعد أن يوضح منه ما يليق، ويقرّره بأحسن طريق، ثم ينقضه ويوهنه.[/font][font="][/font]
[font="]وزاد في موضع آخر من ترجمته " وما من علم إلا وله فيه تصنيف وتأليف وهو من أحسن التصانيف وأجلّ التآليف، ولعمري إن كتابه في علم الفرائض المسمّى بالوافي ما رأيتُ مثله في ذلك الفن، لأنه أعطى الفرائض موصّلة مفصّلة، معللة بأخصر بيان وأوضح تبيان، وكذلك كل ما طالعته من كلامه في أُصول الفقه، وأصول الدين وعلم المنطق وعلم العربية وعلم التصوف وعلم الفرائض وغير ذلك من سائر ما تحدّث فيه رضي الله عنه له فيه التقدم والتحكم ".[/font][font="][/font]
[font="]ونقرأ في تراجمه أن البقاعي نسجَ كتابه " الدّرر في تناسب الآيات والسور " المعروف بالمناسبات على تفسير الحرالّي المذكور.[/font][font="][/font]
[font="]وتحدّث بعض الذين ترجموا للحرالّي عن ارتياده فن الشعر، ونظمه الذي اشتهر بين أصحابه، وذاع بعضه في الناس.[/font][font="][/font]
[font="]وممّا نقله الغبريني من شعره في التحقيق قوله (ص96):[/font][font="][/font]
[font="]ومُذ عنك غبنا ذلك العام إننا [/font][font="][/font]
[font="]وشمس على المعنى تطالع أفقنا[/font][font="][/font]
[font="]ومسّت يدانا جوهراً منه ركّبت [/font][font="][/font]
[font="]فما السرّ والمعنى وما الشمس قل لنا[/font][font="][/font]
[font="]حللنا وجوداً اسمُه عندنا الغضا [/font][font="][/font]
[font="]تركنا البحار الزاخرات وراءنا[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]نزلنا على بحر وساحله معنى [/font][font="][/font]
[font="]فمغربها فينا، ومشرقها مِنّا [/font][font="][/font]
[font="]نفوس لنا لما صفت فتجوهرنا[/font][font="][/font]
[font="]وما غاية البحر الذي عنه عبّرنا[/font][font="][/font]
[font="]يضيق بنا وسعاً ونحن فما ضقنا [/font][font="][/font]
[font="]فمن أين يدري الناس أين توجهنا ؟[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]ومن شعره أيضاً (الغبريني 96-97):[/font][font="][/font]
[font="]ما لنا منا سوى الحال العدم[/font][font="][/font]
[font="]نحن بنيان بنته حكمة [/font][font="][/font]
[font="]نحن كتب الله ما يقرؤها[/font][font="][/font]
[font="]أحرف الكتب الذي أبدعه[/font][font="][/font]
[font="]أشرقت أنفسنا من نوره[/font][font="][/font]
[font="]فرق الأنفس ([3]) عن عالمها [/font][font="][/font]
[font="]ليس يدري من أنا إلا أنا [/font][font="][/font]
[font="]عجباً للكل في ما يدّعي [/font][font="][/font]
[font="]كلما رمت بذاتي وصلةً [/font][font="][/font]
[font="]يقطعاني بخيالات الفنا[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]ولبارينا وجودٌ وقِدَم [/font][font="][/font]
[font="]وخليقٌ بالبنا أن ينهدم [/font][font="][/font]
[font="]غير من يعرف ما معنى القلم[/font][font="][/font]
[font="]كلما لاحت معانيه انعجم [/font][font="][/font]
[font="]فوجود الكلّ عن فيض الكرم[/font][font="][/font]
[font="]باختباء ليس تدنيه الهمم[/font][font="][/font]
[font="]ها هنا الفهم عن العقل انبهم [/font][font="][/font]
[font="]وتأتّي الكل إلا ما حكم [/font][font="][/font]
[font="]صار لي العقل مع العلم جلم ([4])[/font][font="][/font]
[font="]عن وجود لم يقيّد بعدم ! [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]- وفي نفح الطيب تحت عنوان (رقيقة): " قال لي محمد بن الواحد الرباطي، قال لي محمد بن عبد السيّد الطرابلسي: دخلت علي أبي الحسن الحراني ([5]) فقلتُ له: كيف أصبحت، فأنشد:[/font][font="][/font]
[font="]أصبحتُ ألطف من مَرّ النسيم سوى[/font][font="][/font]
[font="]من كل معنة لطيف أحتسي قدحاً[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]على الرّياض يكاد الوهمُ يؤلمني [/font][font="][/font]
[font="]وكل ناطقة في الكون تطربني[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]- قلت: لعل هذا الشعر من نظم الحرالّي نفسه، فإن فيه نفَس القوم.[/font][font="][/font]
[font="]مؤلَّفات الحرالّي:[/font][font="][/font]
[font="]1) الأَغْنى في شرح أسماء الله الحُسنى[/font][font="][/font]
[font="]كتاب الحرالي في أسماء الله الحسنى هو من الكتب النفيسة في هذا الموضوع، على كثرة ما ألّف فيه. وهو كتاب كبير ذكر فيه 99 اسماً من أسماء الله الحُسنى، سالكاً مسلكاً متقارباً في الكلام على كل اسم من أسمائه سبحانه وتعالى.[/font][font="][/font]
[font="]وهو كتاب يدل على معرفة المؤلف باللغة وعلى ثقافته الإسلامية الواسعة، وهو مَعْرِضٌ لأسلوبه المتقن المعجب، ولفتاته ولمحاته وإشاراته واستنباطاته.[/font][font="][/font]
[font="]والمؤلف يكثر من ذكر الآيات الكريمة إيضاحاً لمقاصده وهو يتحدث عن الأسماء الحُسنى: عن خبرة وحفظ تام، وإدراك عالٍ جدّاً للمعاني والمقاصد.
[/font]
[font="][/font][font="][/font] [font="]ويلفت نظر قارئ الكتاب:[/font][font="][/font]
[font="]- التعريفات التي يصوغها باقتدار لغويّ، ومعرفي، وعقلي وشرعي وهذا يذكر بالنقول الذكية البارعة التي نقلها المناوي في تعريفاته.[/font][font="][/font]
[font="]- التفسيرات التي يدلي بها في مقدّماته على الآيات، أو في تعقيباته على مقاصدها.[/font][font="][/font]
[font="]- اللمحة العامة في المقاصد الشرعية، واللفتات البارعة في الفهم والتوجيه.[/font][font="][/font]
[font="]- الوقفات اللغويّة الخاصّة التي أفاض فيها من أسلوبه وعبارته وطريقة تناوله.[/font][font="][/font]
[font="]لقد استحضر المؤلِّف، رحمه الله آيات الكتاب الكريم بكل دقّةٍ وسهولة، وبما يناسب الموضوع الذي يعالجه، أو الفكرة التي يوردها. ولهذا: فهو يُكثِرُ حين يقتضي الأمر الاستيفاء، وقد يجتزئ من الآية حرصاً على حصر الاحتجاج، وقد يورد المعنى المراد، أو الغرض المستفاد من الآية في بنيان أسلوبي متقن مستفيداً من الأسلوب القرآني عامّة، أو من المقاصد والأفكار، أو من ذلك كلّه.[/font][font="][/font]
[font="]ثم أقول: إن الحاسب الآلي اليوم لا يُتقن استحضار المطلوب المراد من الآية الكريمة كما يصنع المؤلف - رحمه الله - وذلك لحفظه للكتاب الكريم، واستحضاره مقاصده ومعانيه وألفاظه بنصوصها بحسب ما وصل إليه حفظه وعلمه وفهمه.[/font][font="][/font]
[font="]ولكتاب "الأغْنى" نسخة واحدة في ما أعرف، مكتوبة بخط مغربي دقيق قاعدته أندلسيّة، تقع في 198 ورقة، نُسِخَت سنة 897 هـ. والكتاب يُطبع في أبو ظبي.[/font][font="][/font]
[font="]2) الإحصاء[/font][font="][/font]
[font="]يقع هذا الكتاب في 36 ورقة. ويعتمد المؤلف في وضع كتابه على الحديث النبويّ الذي رواه البخاري وغيره، وفي لفظ البخاري: " لا يحفظها أحد إلاّ دخل الجنّة ". قال الحرالّي: "فمفتاح باب العلم في إحصاء هذه الأسماء أن تستجلي عِبَرِها.." قال مثلاً في اسمه جلّ وعلا: السّلام: "السَّلام حدُّ ما بين الأُلفة والفُرقة، والسلام حَدُّ ما بين الرحمة والسَّطوة، وهو أدنى منال الجاهل من عباد الرّحمن، ومنال المُعتدي من المقتدر. ولمّا كان سلامُ المسلم للجاهل مداراة لئلا يزيد في جهله عليه أو ارتقاء لاستقبال مُكنة، وكان الملك القدوس لا يعبأ بالخلق، ولا يحتاج لارتقاب مكنة، لأنّه لا يُعجزه في السّماوات والأرض شيء لم يتحقق السّلام تماماً إلاّ منه فهو الذي لا سلام إلاّ هو إعفاءً من معالجة استحقاق السّطوة وحفيظة لحرمة اختصاص الرّحمة، فكان السّلام حدّ ما بينهما ظاهراً ولذلك أردَف باسمه تعالى المؤمن ليجري نحوه باطناً".[/font][font="][/font]
[font="]- ولعلّ اسم الكتاب كاملاً: " الإحصاء في شرح أسماء الله الحُسنى".[/font][font="][/font]
[font="]3) فُتيا صلاح العمل لانتظار الأجل[/font][font="][/font]
[font="]رسالة صغيرة أوجز المؤلف فيها الكلام على متابعة الفرائض والنوافل، وملازمة الأوراد والأذكار، واتخاذ التقوى منهج عمل في الليل والنهار مع إخلاص النيّة، والتوجّه إلى الله بالأقوال والأعمال.[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]4) اللمحة في معرفة الحروف بمقتضى معانيها وأعدادها ورتب مثلها في الكشف بحول الله وتأييده.[/font][font="][/font]
[font="]وعرّف المؤلف كتابه في المقدّمة بأنه:" لمحة في تنزيل معنى الحروف موضّحةً بنور الله وتعليمه لما استعجم من معانيها ورتب أعدادها ومراتب أحوال المكاشفات فيها، والإشارة إلى منال الرواة عنهم من الانتفاع بطرقٍ من تسبيبها على حكم أحكام العقود والدّيات إلا فهماً يؤتيه الله في كتابه.. "[/font][font="][/font]
[font="]وهو كتاب يوضح منهج المؤلف في معالجة الحروف المذكورة في القرآن الكريم، واستنباطه، قال في أواخره:[/font][font="][/font]
[font="]"وبهذه السُّور المفتتحة بالحروف ظهر اختصاص القرآن، وتميّز عن سائر الكتب لتضمّنها الإحاطة التي لا تكون إلاّ للخاتم الجامع. واقترن بها من التفصيل في سورها ما يليق بإحاطتها.[/font][font="][/font]
[font="]ولإحاطة معانيها وإبهامها كل ما فُسّرت به من معنًى يرجع إلى مقتضاها فهو صحيح في إحاطتها ومتنزّلها في أسماء الله وترتبها في جميع العوالم؛ فلا يُخطئ فيها مفسر لذلك لأنه كلما قصد وجهاً من التفسير لم يخرج عن إحاطة ما تقتضيه،... "[/font][font="][/font]
[font="]5) تفهيم معاني الحروف التي هي مواد الكلم في ألسنة جميع الأُمم:[/font][font="][/font]
[font="]أوّله: " هذا بحول الله، وبعد حمده، تقريبٌ وتفهيمٌ لطرف من معاني الحروف التي فهمها الربانيّون هبةً ويتلقّنها المستمع الواعي منهم حفظاً، ويتفهمها بمطابقة الأمر للخلق اعتباراً ويتبيّنها بملاحظة حظ من معانيها في مواقعها من الكلم استقراءً، فأول ذلك الحرف العليّ الهادي الذي لا منقطع له في ابتدائه، وإنما يُبتدأ بما دونه، وهي الهمزة... "[/font][font="][/font]
[font="]والكتاب- رسالة في اثنتي عشرة ورقة.[/font][font="][/font]
[font="]6) مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المُنزّل[/font][font="][/font]
[font="]- قسّمَ المؤلِّف الكتاب على عشرة أبواب، وهو داخل في كتب علوم القرآن.[/font][font="][/font]
[font="]- بدأ المؤلِّف الكتاب بمقدّمة من علوم مختلفة يحتاج إليها الإنسانُ حتى وصل إلى التفسير والتأويل. وأثنى على شيخه أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي الأندلسي عالم المدينة في وقته، وأخبر أنه تفهّم عنه سورة الفاتحة في أربعة أشهر، قال: " وكان يفيد قوانين في التطرق إلى الفهم تنزل في فهم القرآن منزلة أصول الفقه في تفهّم الأحكام "... وعزم المؤلف على " إفادة قوانين تختص بالتطرق إلى تفهّم القرآن ويُتَنَبَّهُ بها إلى البيان... ".[/font][font="][/font]
[font="]7) التّوشية والتوفية[/font][font="][/font]
[font="]"وهي توفية وتوشية لما تقدّم إثباتهُ من كتاب العُروة ومفتاحها". وفي الكتاب إضاءات على الأديان المعروفة من المشركين والصائبين وأهل الكتاب والمنافقين، وأهل ملة الإسلام، وفيه بيان لوقوع فئات من المسلمين في مثل ما وقع فيه أصحاب الديانات الأخرى من الحياد عن المنهج... وهو رسالة في ثلاث عشرة ورقة.[/font][font="][/font]
[font="]8) العُروة للمفتاح الفاتح للباب المقفل المفهم للقرآن المنزل[/font][font="][/font]
[font="]وهو كتابٌ آخر من كتب الحرالّي في موضوع علوم القرآن، جعله في سبعة أبواب تناول فيه بأسلوبه ورؤيته وروايته موضوع الحروف السّبعة. والكتاب في بابين، وفي كل باب منهما سبعة فصول.[/font][font="][/font]
[font="]9) دفتر سعد الواعي وأنس القاري[/font][font="][/font]
[font="]وهذا الكتاب دفتر كما سمّاه المؤلف في آخر الكتاب. أمّا مفهرس المجموعة التي انتظمت عدداً من مؤلفاته فوضع عنواناً واسعاً وهو "مقالات لصاحب الكتاب".[/font][font="][/font]
[font="]10) كتاب في الإيمان التّام بمحمّد عليه الصلاة والسَّلام[/font][font="][/font]
[font="]بدأ بالكلام على الإيمان، وقسمه أصنافاً: عام، وخاص، وأخصّ ثم فصل في هذه الأصناف؛ وتحدث عن علامات الإيمان وجعله أدنى وأوسط وأعلى. ثم تحدث عن نبوة رسول الله (ص) آخر النبوات ورسالته آخر الرسالات في تفصيلات وترتيبات فيها أنفاس شخصية خاصّة..[/font][font="][/font]
[font="]11) شرح أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم[/font][font="][/font]
[font="]وهي تسعة وتسعون اسماً؛ قال الحرالّي في أول الكتاب "...، وكما أنّ استجلاء أسماء الله أجمع العلم وأبينُ الحكم فكذلك أسماء النّبيّ صلى الله عليه وسلم تُظهر من كماله ما لا يصل إليه تفصيل الأوصاف، وتعداد الآثار، بما هي أجمعُ وأجملُ وأوجه إلى الإحاطة وأكمل لاشتمال الأسماء على بيان جهات الذات واجتماعها إلى اسم هو مُسمّاها هو أعظمها... "، والكتاب دراسة خصائصية لغويّة وشمائليّة.[/font][font="][/font]
[font="]وفي كتبه أيضاً[/font][font="][/font]
[font="]1- الإلمام بطرفٍ من الانتفاع.[/font][font="][/font]
[font="]2- تفسير القرآن الكريم: لم تذكر له كتب التراجم عنواناً محدّداً.[/font][font="][/font]
[font="]3- توثيق عرى الإيمان.[/font][font="][/font]
[font="]4- السرّ المكتوم في مخاطبة النجوم.[/font][font="][/font]
[font="]5- شرح الشفا (في الحديث).[/font][font="][/font]
[font="]6- شرح الموطأ.[/font][font="][/font]
[font="]7- شمس مطالع القلوب وبدو طوالع الغيوب.[/font][font="][/font]
[font="]8- كتابه في " الفرائض": لم يذكر له عنوان مُحدّد.[/font][font="][/font]
[font="]9- لمعة الأنوار وبركة الأعمار.[/font][font="][/font]
[font="]10- المعقولات الأُوَل.[/font][font="][/font]
[font="]11- النصح العام لكل من قال ربّي الله ثم استقام.[/font][font="][/font]
[font="]والكتب المدرجة في المجموعة الأولى (أ) هي كتب ورد ذكرها موجودة في بعض المكتبات: في باريس والمتحف البريطاني والقاهرة والظاهرية وبرلين.[/font][font="][/font]
[font="]- والمجموعة الثانية (ب) وردت في كتب التراجم.[/font][font="][/font]
[font="]- وبعض هذه الكتب لا تنبئ عناوينها عن حقيقة مضمونها.[/font][font="][/font]
[font="]ولا شك في أن تراث الحرالّي في حاجة إلى جمع، ونظر في نشره تعميماً لفائدته، وتسجيلاً تأريخياً لقضاياه التي عالجها، ووضع كتبه في مسارها التاريخي والفنّي التخصّصي معاً.[/font][font="][/font]
[font="]ملاحظـــات[/font][font="][/font]
[font="]1) والحرالّي، على كل حال ثمرة من ثمرات الجني الأندلسي الذي انتشر في بلاد العرب والمسلمين، وفي أنحاء الدنيا: يقدّم القطوف الأندلسية المطعّمة بطعوم مغربية ومشرقية، ويعرض على الناس آراءه وقراءاته واستنباطاته وفهومه في جوانب مختلفة من علوم القرآن، وقضايا الفكر واللّغة والثقافة الإسلامية، إضافة إلى مطالباته واستنباطاته في شرح أسماء الله الحُسنى، وأسماء سيد المرسلين، وفي الكلام على الحروف، والإبداع في وجوه التفسير، وهو يمثل شمولية علماء الإسلام الكبار، ووحدة أُصول الثقافة والفكر على امتداد البلاد العربية الإسلامية؛ وانفتاح الأقطار في العالم الإسلامي بعضها على بعضها الآخر، وانتباه الطلبة والدارسين والمريدين إلى المبدعين والمجدّدين على رغم تثبيطات التقليديين أو أهل الجمود؛ ويمثل حيوية الفكر الإسلامي وقدرته على التجدّد مع اللهجة السانحة الذكية الأصيلة.[/font][font="][/font]
[font="]2) ودلّ الحرالّي من خلال كتبه، وما أثر عنه في أخباره وتراجمه، وما ذكره تلامذته والمستفيدون منه على عدد من الأمور المهمّة:[/font][font="][/font]
[font="]- الثقافة الواسعة في علوم الدين والدنيا.[/font][font="][/font]
[font="]- إتقان المذهب المالكي اتقاناً جعله يستطرد حين درّس التهذيب إلى إشارات مختلفة تنبئ عن معرفة وإتقان وإشراف.[/font][font="][/font]
[font="]- القدرة على الحِجاج والمناقشة في أعقد الظروف وأصعبها.[/font][font="][/font]
[font="]- الاعتداد بما عنده، ومعرفته بالجديد الذي يقدّمه: فكراً وأسلوباً، ومنهج بحث، وطرائق تأليف.[/font][font="][/font]
[font="]- وضوح الشخصية دون غموض ودون تخفّ.[/font][font="][/font]
[font="]- التفاف الطلبة والمريدين حوله في كل مكان يكون فيه.[/font][font="][/font]
[font="]- سعة الصدر وطول البال.[/font][font="][/font]
[font="]وشخصية الحرالّي على وضوحها محيّرة لمن يدخل إلى أعماقها. ومن هنا اضطراب المترجمون له في عرض شخصيته على الناس واضطربوا واختلفوا أيضاً في تقويمها، وإن ردّ بعضهم على بعض؛ ومن هنا أيضاً اضطراب الذهبي الذي ترجم للحرالي في أكثر من موضع من كتبه واختلف وصفه له وتقويمه بين كتاب وآخر، واضطر إلى الاعتدال أخيراً، وإلى نقل أوصاف الحرالي الحسنة من عارفيه، ومن تلاميذه دون تعليق.[/font][font="][/font]
[font="]3) وإذا كان الحرالّي قد قرع الأذهان، وجعل بعض قرائه يضطربون بمعالجاته واستنباطاته، وقراءاته الشخصية، فإنه لفت الأنظار عامّة إلى أُسلوبه الذي اختصّ به، والذي يلمس قارئه خصائصه من متابعاتٍ يسيرة في آثاره.[/font][font="][/font]
[font="]- وهو أسلوب فيه جودة وسلامة، وصحة ودقة.[/font][font="][/font]
[font="]- وهو يتميز بطول النفس في العبارة والكلام.[/font][font="][/font]
[font="]- وإيضاح المقصود حين يكون غامضاً أو خفياً بالتطويل في العبارة، وبتقليب الفكرة على وجوهها.[/font][font="][/font]
[font="]- والغرابة في التعبير.[/font][font="][/font]
[font="]- والتدرّج في عرض الموضوع في فصول متلاحقة أو أبواب مقسمة على فصول وإن قَصُرَت.[/font][font="][/font]
[font="]- ويتميز أسلوبه بالسلاسة في الأداء، أو الانسياب في الجملة والعبارة.[/font][font="][/font]
[font="]- والقدرة على التركيز والتكثيف، وتقديم الفكرة في عبارة ذكية، كالذي نقله المناوي عنه في التعريفات.[/font][font="][/font]
[font="]ويُلاحظ عليه ندرة إيراد مصطلحات الصوفية المعروفة.[/font][font="][/font]
[font="]4) ويلاحظ على كتبه ([6]):[/font][font="][/font]
[font="]- غرابة بعض أسماء تلك الكتب.[/font][font="][/font]
[font="]- وطول بعض الأسماء.[/font][font="][/font]
[font="]- واتصال عدد منها بعضها ببعضها الآخر بين تكميل وتطويل وتفصيل وتعقيب.[/font][font="][/font]
[font="]وتنوّعت موضوعات كتبه، وشملت علوم اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وخصوصاً التفسير، وسائر علوم القرأن، وعلوم الحديث، إضافة إلى المصطلح والتعريفات وجوانب من الثقافة العامّة.[/font][font="][/font]
[font="]ولو وصلت إلينا كتبه جميعاً لاتضحت لنا جوانب أخرى نلمحها من عناوين تلك الكتب.[/font][font="][/font]
[font="]5) والحرالّي جدير بالعناية التامّة: في تحرير ترجمته، وجمع الباقي من كتبه، ونشرها على الناس للانتفاع بما فيها واستكمال جانب مهم من جوانب الثقافة الإسلامية في العصر الذي عاش فيه المؤلف، وكان فيه علامة بارزة، مثلما كان شخصية مثيرة للجدل كما يُقال في اللغة المعاصرة.[/font][font="][/font]
[font="]محمّد رضوان الداية[/font][font="][/font]
[font="]جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجية[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] مصادر ترجمة المؤلِّف ومراجعها :[/font][font="][/font]
[font="]1- الأعلام - خير الدين الزركلي.[/font][font="][/font]
[font="]2- تاريخ الأدب العربي - بروكلمان.[/font][font="][/font]
[font="]3- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - محمّد بن أحمد الذهبي.[/font][font="][/font]
[font="]4- تكملة الصلة لابن الأبار.[/font][font="][/font]
[font="]5- سير أعلام النبلاء - الذهبي.[/font][font="][/font]
[font="]6- شذرات الذهب في خبر من ذهب لابن العماد الحنبلي.[/font][font="][/font]
[font="]7- طبقات المفسّرين - عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي.[/font][font="][/font]
[font="]8- العبر في خبر من غبر - الذهبي.[/font][font="][/font]
[font="]9- - المسجد المسبوك -[/font][font="][/font]
[font="]10- عنوان الدراية في عُرف من العلماء في المئة السابعة ببجاية - أحمد بن أحمد الغبريني.[/font][font="][/font]
[font="]11- لسان الميزان - الذهبي.[/font][font="][/font]
[font="]12- معجم المؤلفين - عمر رضا كحالة.[/font][font="][/font]
[font="]13- مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري - طبع العين.[/font][font="][/font]
[font="]14- ميزان الاعتدال في نقد الرجال - الذهبي.[/font][font="][/font]
[font="]15- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - يوسف بن تغري بردي.[/font][font="][/font]
[font="]16- نفح الطيب - أحمد بن محمّد المقري.[/font][font="][/font]
[font="]17- نَيْل الابتهاج بتطريز الديباج - أحمد بابا التنبكتي.[/font][font="][/font]
[font="]- وتنظر كتب المؤلف في فهارس مخطوطات دمشق والقاهرة، وما سجله بروكلمان.[/font][font="][/font]
[font="]- ويراجع كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، وهدية العارفين وإيضاح المكنون.[/font][font="][/font]
[font="]- وبروكلمان 1: 414.[/font][font="][/font]
[font="]- والملحق 1: 735[/font][font="][/font]
[font="]- ودليل مؤرخ المغرب.[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="][1] أوّل ما نَبَّهْتُ إليه في مقدّمة تحقيقي لكتاب: التّوقيف على مهمات التعاريف (دار الفكر بدمشق - مقدّمة الطبعة الأولى).[/font][font="][/font]
[font="][2] المرط: كساء من صوف أو كتان أو حرير يؤتزر به.[/font][font="][/font]
[font="][3] في الأصل: فرّق النفس. وكلمة الأنفُس تقيم الوزن وتبقي على المعنى[/font][font="][/font]
[font="][4] الجَلَمُ: المقصّ[/font][font="][/font]
[font="][5] صحّفت نسبة الرحالّي في عدد من المصادر والمراجع إلى الحرّاني. وهو خطأ ظاهر، وقع التنبيه عليه أحياناً[/font][font="][/font]
[font="][6] وقعت الإشارة في أكثر من موضع إلى استفادة العلماء من بعد الحرالي من كتبه وآرائه وفهم البقاعي صاحب التفسير المشهور. وقد وقفت على تملكه لأحد كتب الحرالي، وخطه هنا مطابق للنموذج الخطي الذي أثبته الزركلي في ترجمته في الأعلام. وبالمناسبة قرأت حاشية لمحمد فتح الله البيلوني على إحدى صفحات كتاب آخر للحرالي. وخطّه للنصّ المذكور في ترجمته في أعلام الزركلي أيضاً. وللكلام صلة في دراستنا المطولة عن الحرالّي.[/font][font="][/font]
[font="]
[/font]
[font="]سيدي علي بن عبد الرحمان العمراني الجمل: ت1194هـ[/font][font="][/font]
[font="]اسمه ونسبه:[/font][font="][/font]
[font="]هو الإمام الجليل الشيخ العارف بالله، الدال على الله، شيخ الطريقة وإمام أهل الحقيقة، أبو الحسن سيدي علي بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن إبراهيم بن عمران الشريف الحسني الإدريسي العمراني من شرفاء بني عمران أهل قبيلة بني حسان؛ لُقب بالجمل، والأصل في لقبه بالجمل كما قال مولاي العربي الدرقاوي: "أنه كان في حال صغره قويا شديدا، وكان ذات يوم سائرا ببعض طرق فاس، إذ وجد بها ناقة أو بعيرا صغيرا راقدا، فرفعه ووضعه خارج الطريق، فرآه بعض الناس حين فعل ما فعل فقال: هذا هو الجمل، فاشتهر رحمه الله بالجمل عند أهل فاس، فهذا هو السبب في لقبه بسيدي علي الجمل". [1][/font][font="][/font]
[font="]يقول محمد بن جعفر الكتاني: "كان -رحمه الله- أولا بفاس متصلا بالمخزن، ثم خرج منها إلى تونس على عهد السلطان أبي عبد الله محمد؛ المدعو: ابن عربية. ابن أمير المومنين مولانا إسماعيل خوفا على نفسه من أشرافها، إذ كان ممن تولى أمرهم من قبل السلطان ولحقتهم الإذاية منه. فلقي بتونس مشايخ انتفع بهم، وبعثوه إلى وازان عند الشيخ مولاي الطيب الوازاني رضي الله عنه؛ فلقيه بوازان عام ثلاثة وخمسين ومائة وألف، ثم بعثه مولاي الطيب إلى فاس، فقدم عليها؛ وذلك في السنة المذكورة، وقرأ بها ما شاء الله من التصوف على الشيخ أبي عبد الله جسوس، وصحب العارف الأكبر أبا المحامد سيدي العربي بن أحمد ابن عبد الله معن الأندلسي، ولزم خدمته مدة من ستة عشرة عاما، حتى انتفع به غاية النفع، وسمع منه الأسرار ما لا يكيف ولا ينحصر.[/font][font="][/font]
[font="]وكان قد فتح له أولا على يد شريف كبير السن حسن الوجه من ناحية المشرق، يُقال له: عبد الله. وجده بتطوان وصحبه بها سنتين. ثم لما توفي شيخه سيدي العربي؛ بنى لنفسه زاوية بالرميلة حيث ضريحه الآن، وكثر أتباعه وخدامه"[2].[/font][font="][/font]
[font="]علمه وأخلاقه:[/font][font="][/font]
[font="]كان الشيخ سيدي عبد الواحد الدباغ يقول: "لا يعرف سيدي عليا إلا من كان هو سيدي علي"،[3] أي لا يعرفه حق المعرفة إلا من بلغ مرتبته.[/font][font="][/font]
[font="]ويقول مولاي العربي الدرقاوي: "كان بحرا لا ساحل له؛ لأن علمه كان أحلى من السكر وعمله كان أمرَّ من الحنظل، إذ كان دائما يقول كلام ولي الله تعالى سيدي أبي المواهب التونسي رضي الله عنه: من ادعى شهود الجمال قبل تأدبه بالجلال أرفضه فإنه دجال"،[4] ويقول الشيخ سيدي عبد الواحد الدباغ: "كان سيدي علي فقيها كبيرا، عالما شهيرا في علم الضدين، يعني: الحقيقة والشريعة، والحرية والعبودية، والجمع والفرق، والسكر والصحو، والسلوك والجذب، والفناء والبقاء... وما أشبه ذلك".[5][/font][font="][/font]
[font="]وكان رحمه الله متواضعا خيِّرا يقوم بأعمال الزاوية بمفرده، وفي ذلك يقول مولاي العربي الدرقاوي عنه: "لما قصدته لزاويته بالرميلة التي بين المدن عدوة الوادي لي من جهة القبلة -شرَّفها الله- وهي التي ضريحه بها الآن مشهور مقصود للزيارة فدققت الباب فإذا به قائم يُشطب الزاوية إذ كان لا يترك تشطيبها بيده المباركة كل يوم مع كبر سنه وعلو شأنه".[6] [/font][font="][/font]
[font="]تلامذته:[/font][font="][/font]
[font="]تخرج على يد هذا الشيخ الجليل العديد من المشايخ لهم قدم راسخة في العلم بالله، منهم:[/font][font="][/font]
[font="]• الشيخ مولاي العربي الدرقاوي، (ت1239هـ).[/font][font="][/font]
[font="]• الشيخ أبو القاسم الحلو، دفين قبة الشيخ صاحب الترجمة وراء قبره.[/font][font="][/font]
[font="]• الشيخ أبو عبد الله محمد أمزاج.[/font][font="][/font]
[font="]• الشيخ أبو القاسم الوزير، دفين خارج باب الفتوح من مدينة فاس.[/font][font="][/font]
[font="]• الشريف عبد القادر العلمي، دفين مكناسة الزيتون بزاويته المشهورة.[/font][font="][/font]
[font="]مؤلفاته:[/font][font="][/font]
[font="]• نصيحة المريد في طريق أهل السلوك والتجريد ويسمى أيضاً اليواقيت الحسان في تصريف معاني الإنسان. وهو مطبوع، طبعته دار الكتب العلمية، بتحقيق: عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني، سنة 2005م/1426هـ.[/font][font="][/font]
[font="]• أنوار الطريقة وأسرار الحقيقة. وهو مطبوع، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، إعداد وكتابة وترتيب وتبويب: محمد بن محمد المهدي التمسماني، 2007م/1428ه.[/font][font="][/font]
[font="]• الرسائل في التصوف، (مخطوط).[/font][font="][/font]
[font="]وفاته:[/font][font="][/font]
[font="]توفي صاحب الترجمة -رضي الله عنه- بفاس عشية يوم السبت تاسع وعشرين ربيع الأول سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف، عن مائة وستة أعوام، أو خمسة؛ على ما في فهرسة الكوهن. وحكى بعضهم عن ولده سيدي محمد الشريف أنه ولده وهو من مائة وثمان عشرة سنة... والله أعلم.[/font][font="][/font]
[font="]ودفن من الغد وهو: يوم الأحد بزاويته التي بحومة الرميلة من عدوة فاس الأندلس، قرب مسجد الشيخ سيدي أبي مدين الغوث نفعنا الله به، وبنيت عليه هناك قبة، وقبره بها مشهور معروف مزار، عليه دربوز من خشب، ودفن معه بها وبما اتصل بها جماعة من أصحابه وأصحابهم رضي الله عنهم.[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]الهوامش:[/font][font="][/font]
[font="][1]- مقدمة رسائل مولاي العربي الدرقاوي المُسماة بشور الهدية في مذهب الصوفية، قدم لها الشيخ أحمد بن محمد الزكاري المعروف بالخياط، اعتنى بها: عاصم إبراهيم الكيالي، دار الكتب العلمية، ط1، 2009م. ص: 27.[/font][font="][/font]
[font="][2]- سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقرب من العلماء والصلحاء بفاس، لأبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، 1/409. تحقيق: عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الطيب الكتاني، محمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1425هـ /2004م.[/font][font="][/font]
[font="][3]- المصدر السابق نفسه، 1/410.[/font][font="][/font]
[font="][4]- الرسالة 45 من رسائل مولاي العربي الدرقاوي. 63.[/font][font="][/font]
[font="][5]- سلوة الأنفاس، 1/410.[/font][font="][/font]
[font="][6]- من خطبة ابن الخياط لرسائل مولاي العربي الدرقاوي، 18.[/font][font="][/font]
[font="]سلطان الأولياء المولى إدريس بن إدريس الحسني177هـ/213هـ[/font][font="][/font]
[font="]طارق العلمي[/font][font="][/font]
[font="]باحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة[/font][font="][/font]
[font="]هو الإمام إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان مولده يوم الاثنين الثالث من شهر رجب الفرد عام سبعة وسبعين ومائة. وكنيته أبو القاسم.[/font][font="][/font]
[font="]ولما كمل الإمام إدريس بن إدريس من العمر إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر، ظهر من ذكائه وعقله ونبله وفصاحته وبلاغته ما أذهل عقول العامة والخاصة، فأخذ له راشد البيعة على سائر قبائل البربر، وذلك يوم الجمعة سابع ربيع الأول سنة ثمانية وثمانين ومائة، فصعد إدريس رضي الله عنه المنبر وخطب في ذلك اليوم ودعا إلى بيعته، فبايعته كافة قبائل المغرب من زناتة وأوربة وصنهاجة وغمارة وسائر قبائل البربر، فتمت له البيعة، وبعد بيعته بقليل توفي مولاه راشد.[/font][font="][/font]
[font="]فاستقام الناس لإدريس بن إدريس بالمغرب، وتوطأ له الملك، وكثر سلطانه، وقويت جنوده وأتباعه، وعظمت جيوشه وأشياعه، ووفدت عليه الوفود من البلدان، وقصد الناس نحوه من كل ناحية ومكان. [/font][font="][/font]
[font="]وصفه الكتاني بقوله: "بركة فاس والمغرب، وأمانهما وحرزهما، وواسطة عقدهما، وفخرهما، سلطان الأولياء، ونخبة الصلحاء والكبراء والعظماء والأتقياء، سيد الأسياد، وقطب الأقطاب الأمجاد، الغوث الجامع، والنور الساطع اللامع، المجاهد في سبيل رب العالمين، والمؤسس لما عفى ودثر من معالم الدين...، من تحلى بحلية الكمال والإرشاد والهداية، واتسم بسمة الدلالة على الله تعالى والقبول والرعاية... اسمه إدريس، هو اسمه في الظاهر، وأما في الباطن وعند أهل الله تعالى وأهل الحضرة، فيقال له: فضل...".[1][/font][font="][/font]
[font="]وذكر له أبو العباس أحمد بن عبد الحي الحلبي مجموعة من الكرامات في كتابه الموسوم ب"الدر النفيس والنور الأنيس في مناقب الإمام إدريس بن إدريس" أفرد لذلك قسما سماه "النفحات القدسية في الكرامات الإدريسية" حيث يقول المؤلف عن المولى إدريس الأزهر في معرض حديثه عن معنى الكرامة والفرق بينها وبين المعجزة، "ونظيرُ الحكم في الظاهر والباطن ما وقع للإمام إدريس بن إدريس وهو ابن عشر سنين لما بويع له بالخلافة وخطب البرابرة وغيرهم من أهل المغرب، فأذهل الخاصة والعامة، وأخذ بمجامع قلوبهم فملكهم ظاهرا وباطنا وهو لم يبلغ الحِنْث وذلك من قوة المدد المحمدي وقرب عهده بالوجود النبوي، فألان الله له بالنور القلوب، كما ألان لجده عليه السلام قلوب الكفار للإسلام، قالوا: وهذا أبلغ من لين الحديد لداوود عليه السلام في المعجزة، وما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي، فلانت للإمام إدريس بن إدريس قلوب البرابرة القاسية التي كانت أشد من الحديد...".[2][/font][font="][/font]
[font="]وهكذا كان حال المولى إدريس الثاني الذي أظهر الله عز وجل على يديه من الكرامات، وخصه تعالى بأكمل النفحات، بسبب التزامه بالشريعة والحقيقة، وتمسكه بالعلم والعمل به، وزهده وتنسكه، "فعلم ببركته أهل المغرب بعدما جهلوا، وعملوا بعدما ضيعوا، وأقبلوا بعدما أعرضوا، واتصلوا بعدما انفصلوا، وقربوا بعدما بعدوا، وتأنسوا بعدما استوحشوا، وعزوا بعدما ذلوا، وغلوا بعدما رخصوا، وعلوا بعدما سفلوا...".[3] [/font][font="][/font]
[font="]وما زال المغرب بفضل ملوكه الذين تعاقبوا على حكمه يحتفظون بأصالتهم الإسلامية منذ عهد المولى إدريس الأول إلى عهد جلالة الملك محمد السادس الذي ينحدر من تلك السلالة الشريفة المتجدرة في بيت النبوة، المتمسكة بالتعاليم الإسلامية الصحيحة. [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]الهوامش[/font][font="][/font]
[font="][1]- أبو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني (1274-1345ھ): سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، تحقيق: عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الكتاني، محمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط1، 1425ھ/2004م، 1/71.[/font][font="][/font]
[font="][2]- أبو العباس أحمد بن عبد الحي الحلبي (ت1120ھ): الدر النفيس والنور الأنيس في مناقب الإمام إدريس بن إدريس (باب الكرامات)، تقديم وتحقيق: عبد العلي الوردي، إشراف: خالد سقاط، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، فاس، 1428ھ/2007م، ص: 27. (ينظر مطبوعا على الحجر بخزانة القرويين بفاس، مسجلا تحت رقم 103).[/font][font="][/font]
[font="][3]- سلوة الأنفاس، 1/73.[/font][font="][/font]
[font="]الفقيه الصوفي أحمد ميارة الفاسي(1072/999 هـ)[/font][font="][/font]
[font="]خالد قاسمي تقني بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة[/font][font="][/font]
[font="]التعريف بالشيخ ميارة الفاسي:[/font][font="][/font]
[font="]أحد سلاطين الفقه بالمغرب، ولد بفاس سنة 999هــ، ونشأ بها مقبلا على العلم وحلقات الشيوخ، فأدرك بقية من فطاحل العلم ممن ضمتهم حلبة السلطان أحمد المنصور الذهبي. واستفاد من الحركة التي شهدتها فاس ومراكش على عهد السعديين، وان امتد العمر بميارة ليرى نهاية دولتهم، وقيام دولة الأشراف العلويين.[1][/font][font="][/font]
[font="]شيوخه:[/font][font="][/font]
[font="]أخد بفاس عن أبي الحسن البطيوي الحديث والنحو وعلوم القرآن، ولازمه لما كان يلقي عنده من الرعاية، فأحله محل الولد. وعن القاضي ابن أبي نعيم، حضر درسه في التفسير، وكان آية من آيات الله في درسه، وأخذ عنه أيضا الحديث. وعن أبي العباس المقري، سمع عليه مختصر خليل، وصحيح البخاري بحثا وتحقيقا، وعن عبد الواحد بن عاشر سمع عليه مصنفات علوم القرآن، وحمل عنه مؤلفاته، وعن أبي القاسم محمد الدكالي، وأبي العباس أحمد ابن القاضي...وغيرهم.[2][/font][font="][/font]
[font="]علمه ومؤلفاته:[/font][font="][/font]
[font="]اشتغل ميارة بالعلم، فأقبل على نشره، وإقامة درسه، فحضر إليه شيوخ المغرب وطلبته يأخذون عنه الفقه والحديث والقراءات والعقائد وغيرها. وانصرف إلى التأليف فكتب المصنفات في غير علم، أشهرها:[/font][font="][/font]
[font="]• الشرح الكبير للمرشد المعين...نظم شيخه ابن عاشر.[/font][font="][/font]
[font="]• نصيحة المغتربين.[/font][font="][/font]
[font="]• شرح مقدمة ابن حجر، وقد سماه: «نظم الدرر في شرح مقدمة ابن حجر»[3][/font][font="][/font]
[font="]اشتغل بطلب العلم، فمهر وظهر وبرز في علم الفقه، فكان راسخ القدم في الأحكام، مُستحضرا للنقول ذاكرا للنوازل، عمدة في ذلك. وما تزال كتبه من أهم المراجع الفقهية وكتب الدراسة المُختارة في هذا الباب.[4][/font][font="][/font]
[font="]قال عنه صاحب سلوة الأنفاس: كان رحمه الله من أوعية العلم المتفننين في علم النوازل والأحكام، القائمين عليها قيام إتقان وإحكام، مستحضرا للنقول الغريبة، ذاكرا للنوازل البعيدة والقريبة، شيخ المذهب في وقته، وحامل لوائه في عصره، مختصا بالإتقان وحسن التصريف، منفردا عن أهل عصره بجودة التصنيف، مع سلاسة العبارة، وجودة الإشارة، والاعتناء بالمطالعة والتقييد، والباع الطويل المديد، مشاركا محققا مدققا، حافظا متقنا محصلا، واسع العلم، فصيح القلم، كريم الأخلاق، حُلو المنظر، بعيدا من التصنع والرياء.[5][/font][font="][/font]
[font="]وفاته:[/font][font="][/font]
[font="]توفي بعد ضحى يوم الثلاثاء ثالث جمادى الثانية سنة اثنين وسبعين بتقديم السين وألف، ودفن بدارٍ بأقصى درب الطويل، صارت بعده روضة معدة لدفن الأموات، وأضيف إليها ساحات، فصارت مقبرة كبيرة، وبني على قبره بها قبة، وجُعل عليه دربوز وكسوة.[/font][font="][/font]
[font="]وعند رأسه رخامة مكتوبة نصها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم باسم الله الرحمان الرحيم: ﴿كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾. هذا ضريح الشيخ الإمام، العالم العلامة الهمام، الخير الدين البركة، المتوسل به إلى الله في السكون والحركة صاحب التواليف المفيدة، والفتاوى العديدة، الزاهد العابد الناسك آخر من حمل بفاس على كاهله لواء مذهب مالك، أبو عبد الله سيدي محمد بن أحمد بن محمد الشهير بميارة.[6] [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="][1]. فهارس علماء المغرب، للدكتور عبد الله المرابط الترغي، ص 346، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى سنة 1999م.[/font][font="][/font]
[font="][2]. فهارس علماء المغرب، ص 346.[/font][font="][/font]
[font="][3] . فهارس علماء المغرب، ص 346.[/font][font="][/font]
[font="][4]. النبوغ المغربي، لعبد الله كنون، 1/249، دار الثقافة، الطبعة الثانية، دون تاريخ.[/font][font="][/font]
[font="][5]. سلوة الأنفاس للكتاني،1/178، دار الثقافة، الطبعة الأولى سنة 2004م.[/font][font="][/font]
[font="][6]. سلوة الأنفاس للكتاني،1/178.[/font][font="][/font]
[font="]شيخ الجبل القطب المبجل سيدي عبد السلام بن مشيش 622/559هـ[/font][font="][/font]
[font="]كريمة بنسعاد باحثة مساعدة بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة.[/font][font="][/font]
[font="] تعددت ألقابه، لجلالة قدره، وعلو همته، فلقب بشيخ مشايخ الصوفية، وبإمام أئمة الطريقة الصوفية الشاذلية، وبالقطب الشهيد، والكنز المطمور، والغوث الأشهر وغيرها، هو من العلماء العارفين، والزهاد الورعين، وكبار المتصوفة المتحققين.[/font][font="][/font]
[font="] إنه أبو محمد سيدي عبد السلام بن مشيش- وقيل ابن بشيش- ابن أبي بكر بن علي ابن حزمة بن عيسى بن سلام بن مزوار بن علي بن محمد بن مولانا إدريس دفين فاس، ابن مولانا إدريس دفين زرهون، وفاتح المغرب، ابن مولانا عبد الله الكامل بن مولانا الحسن المثنى بن مولانا الحسن السبط بن سيدنا علي ومولاتنا وسيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد العالمين، عليهم من ربهم جميعا الصلاة والسلام،[1] ولد سنة (559ھ/1198م) بالحصين،[2] إذ ينحدر من قبيلة بني عروس، كان معروفا بذله لله تعالى، وبتواضعه بين الخلق، كان إقباله على الله وإدباره عن الخلق سمة من سماته، عاش في بيئة سليمة، وترعرع بين أحضان أسرة كريمة من آل البيت التزمت بدين الله وشرعه.[/font][font="][/font]
[font="]وقد ظهرت عليه بوادر الصلاح والتقوى منذ صباه، قال عنه أحد مؤرخيه: "هو الذي أنواره منذ كان في المهد صبيا، ثم طوى في السياحة في صباه الأرض طيا...، حفظ القرآن بالروايات السبع وهو ابن الثانية عشرة، وقضى في سياحته أكثر من خمسة عشرة سنة، درس وتعلم على يد كبار العلماء والشيوخ، من بينهم: الولي الصالح سيدي سليم شيخه في القرآن، والفقيه العلامة سيدي أحمد الملقب بأقطران، شيخه في الدراسة العلمية، ثم شيخه في التربية والسلوك العارف بالله سيدي عبد الرحمن بن الحسن الشريف العطار المدني، الشهير بالزيات، الذي أخذ عنه الطريقة، وشرب من يده عوالم الحقيقة".[3][/font][font="][/font]
[font="]كان مولاي عبد السلام بن مشيش عالما فاضلا، ومتصوفا عارفا، وعابدا من الصادقين، فكان يصعد إلى الجبل، قصد التعبد والخلوة، ورغم زهده، وطول سياحته، لم يغفل الجانب الأسري ولا العلمي من حياته، فأعطى لكل ذي حق حقه، دون الخروج عن جادة الشريعة.[/font][font="][/font]
[font="]قُسّمت حياته إلى ثلاث مراحل حسب بعض المؤرخين: سخر المرحلة الأولى منها للحياة العلمية، فنهل من علوم النقل وعلوم القوم ما نهل، وفي المرحلة الثانية جعل اشتغاله بتربية أولاده الأربعة تربية صوفية، دون أن يغفل جانب الجهاد منه، فكان راعيا، وخادما لأهله، مستعدا ومتحمسا للشهادة من أجل دينه ووطنه.[/font][font="][/font]
[font="] وأما في المرحلة الثالثة فقد كانت مسك الختام، حيث فناها في الخلوة والعبادة والزهد،[4] حتى اشتهر بذلك، فكان رضي الله عنه، "في العلم في الغاية، وفي الزهد في النهاية، جمع الله له الشرفين الطيني والديني، وأحرز الفضل المحقق اليقيني، حيث كان متمسكا بالكتاب والسنة، عاملا بهما، ملتزما لهما"،[5] فهذين العاملين بالنسبة لمولاي عبد السلام بن مشيش، كانا هما الموصلين لمقام الصديقين، في عبادة المؤمنين لربهم، حيث فصل ذلك في قوله "عبادة الصديقين عشرون: كلوا، واشربوا، والبسوا، وانكحوا، واسكنوا، وضعوا كل شيء حيث أمركم الله، ولا تسرفوا، واعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، واشكروه فإنها نصف العقل، والنصف الثاني: أداء الفريضة، اجتناب المحارم...والتفقه في دين الله... وكل ورع لا يصحبه العلم والنور فلا تعد له أجرا".[6][/font][font="][/font]
[font="]لقد عمت شهرة مولاي عبد السلام بن مشيش المشرق والمغرب، في حياته كما في مماته، حتى أن ضريحه كان ولا يزال من أعظم مزارات المغرب المشهورة عبر العصور والأجيال، "فلم تزل الوفود تأتي إليه من سائر الآفاق، من عارفين وصوفية وعلماء وفقهاء، وعامة الناس"،[7] لزيارته و التبرك به، والبعض لإحياء ذكراه، حيث أصبح مقامه في المغرب كمقام الشافعي بمصر، كيف لا، "وهو أستاذ الأقطاب الثلاثة: سيدي إبراهيم الدسوقي، وسيدي أحمد البدوي، وسيدي أبي الحسن الشاذلي"،[8] هذا الأخير الذي لم يكن سيدي عبد السلام بن مشيش أستاذا له في التربية والسلوك والعلوم فقط، بل أيضا في التوجيه، ورسم معالم الطريق، والصمود على مواصلة السير فيه.[/font][font="][/font]
[font="]فهو الذي قال عنه العلامة الشيخ إدريس الفضيلي: "...هو البدر الواضح...، المشتهر في الدنيا قدره، الطالع في فلك المعاني بدره، وقال عنه الشيخ ابن عجيبة: ...وأما علو قدره، وجلالة منصبه، فذلك أمر شهير، وقد تغلغل في علوم القوم التي مدارها التخلق بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام".[9][/font][font="][/font]
[font="]ولقد خلف مولاي عبد السلام بن مشيش، من أسرار المعاني والمعارف الربانية، التي فتح الله بها عليه، ما أبقاه قطبا منفردا في زمانه، وشيخا جليلا في حبه وفنائه، ذو كرامات عجيبة، ووصايا جليلة، فمن أكبر تلك الكرامات المعنوية: تلميذه الشيخ أبو الحسن الشاذلي، الذي بصحبته ووصاياه له، أصبح من بعده مؤسس، وشيخ الطريقة الشاذلية، المنتشرة في العالم الإسلامي، والتي اتبعها العديد من المريدين، منذ ذاك العهد إلى يومنا هذا.[/font][font="][/font]
[font="]ومن كراماته التي رواها عنه تلميذه، قوله: "كنت يوما بين يدي الأستاذ، فقلت في نفسي: ليت شعري هل يعلم الشيخ اسم الله الأعظم؟ فقال ولد الشيخ وهو في آخر المكان الذي أنا فيه: يا أبا الحسن، ليس الشأن من يعلم الاسم، الشأن من يكون هو عين الاسم. فقال الشيخ، من صدر المكان أصاب وتفرس فيك ولدي".[10]، ومنها أن زُفّت ولادته لسيدي عبد القادر الجيلاني، رضي الله عنه، عبر بهاتف رباني، جاء فيه: "ارفع رجلك عن أهل المغرب، فإن قطب المغرب قد ولد في هذا اليوم -أي سيدي عبد السلام ابن مشيش- وكان إذا هلّ هلال رمضان، يمتنع عن ثدي أمه، فإذا أذن المغرب قاربه، وارتضع منه".[11]، "وكان صاحب جذب لا يصل إليه مريد صادق ويتجرد من علمه وعمله، إلا رقاه ووصله إلى ربه".[12][/font][font="][/font]
[font="]لقد ترك سيدي عبد السلام بن مشيش لتلميذه ووارث سره، إرثا ثمينا تجلى في وصايا نفيسة، شأنها شأن وصايا لقمان لابنه، حيث شكلت مهد الطريقة الشاذلية، وشعلتها الأولى، يقول على لسان تلميذه: "يا علي، الله الله، والناس الناس..، عليك بحفظ الجوارح، وأداء الفرائض، وقد تمت ولاية الله عندك".[13][/font][font="][/font]
[font="]وقال له أيضا: "لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله، ولا تجلس إلا حيث تأمن غالبا من معصية الله، ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة الله، ولا تصطفي لنفسك إلا من تزداد به يقينا وقليل ما هم".[14][/font][font="][/font]
[font="] وقال: "أفضل الأعمال أربعة، بعد أربعة، المحبة لله، والرضا بقضاء الله، والزهد في الدنيا، والتوكل على الله، هذه أربعة، وأما الأربعة الأخرى، فالقيام بفرائض الله، والاجتناب لمحارم الله، والصبر عما لا يعني، والورع من كل شيء يلهي...،"[15] وعن الطهارة الروحية قال لأبي الحسن: "إلزم الطهارة من الشكوك، كلما أحدثت تطهرت، من دنس الدنيا وكلما ملت إلى شهوة أصلحت بالتوبة ما أفسدت بالهوى أوكدت،..."،[16] وقال لأحد الرجال ناصحا: " ...الفرائض مشهورة، والمعاصي معلومة، فكن للفرائض حافظا، وللمعاصي رافضا، واحفظ قلبك من حب الدنيا، وحب النساء، وحب الجاه، وإيثار الشهوات، واقنع بذلك بما قسم الله لك، إذا خرج لك مخرج الرضا فكن لله فيه شاكرا، وإذا خرج مخرج السخط فكن عنه صابرا".[17][/font][font="][/font]
[font="]وعن الصحبة قال: "...واصحب من إذا ذكر، ذكر الله، فإنه يغني به إذا شُهد، وينوب عنه إذا فُقد، ذِكرُه نور القلوب، ومشاهدته مفتاح الغيوب".[18][/font][font="][/font]
[font="]ولعل من بين أعظم آثار سيدي عبد السلام بن مشيش الدينية، رضي الله عنه، صلاته المعروفة بالصلاة المشيشية، فهي جوهرة طريقه الفريدة، وأكبر بصمة تركها خالدة بعد مماته، وهي عبارة عن "نص فريد من بين التصليات التي سجلها أدب التصوف منذ أواخر القرن السادس الهجري حتى الآن...، في عباراته المنتقاة، ومعانيه الراقية، تنساب فيه العبارات في رقة وعذوبة، محملة بدفق الإيمان وصفاء المحبة، التي ما إن تخالطها الروح وتستعذبها المسامع، حتى تحلق بصاحبها في أجواء من السمو، وملكوت الجمال...، لأنه صادر عن عالم عارف، وبليغ أريب...".[19][/font][font="][/font]
[font="] حيث يستفتح نص صلاته قائلا: "اللهم صل على من منه انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم، فأعجز الخلائق، وله تضاءلت الفهوم، فلم يدركه منا سابق ولا لاحق... ".[20][/font][font="][/font]
[font="]لقد اشتهرت الصلاة المشيشية بجمال معناها، وجلال مبناها، حيث عكف كثير من العلماء على شرحها وإيضاحها، ولعل أقدم من تناولها بالشرح" العلامة محمد بن أحمد بن داود التونسي المعروف بابن زغدان (ت881ھ) وتوالت شروحها على يد علماء أجلاء من المغرب والمشرق، أمثال العلامة العارف أبي محمد بن علي الخروبي الطرابلسي(ت963ھ)، والعلامة عبد الرحمن بن ملاحسن الكردي(ت1195م)"[21] وغيرهم كثير.[/font][font="][/font]
[font="]مات مولاي عبد السلام بن مشيش شهيدا سنة (622ھ/1225م)،[22] وقيل سنة (625ھ) حيث قتله جماعة وجههم لقتله ابن أبي الطواجن،[23] بالجبل المسمى بالعلم، غرب جنوب مدينة تطوان وهو جبل مرتفع كان معبده ومكان خلوته، وقد دفن بالقرب منه، حيث ضريحه الآن، رحمه الله ونفعنا بسيرته ووصاياه وحكمه. [/font][font="][/font]
[font="]ظل مولاي عبد السلام بن مشيش في المرحلة الأخيرة من عمره، منزويا في الجبال، متواريا عن الأنظار، ككنز مخفي، أحب التفرد بعبادة ربه، والغوص في فضاء أنسه، فلم يخالط الناس إلا لنشر العلم وفضائله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن شاءت قدرة الله تعالى أن يُعرف ويشتهر هذا القطب الجليل في مماته أكثر مما كان عليه في حياته، ويصبح بذلك علما شامخا من أعلام التصوف بالمغرب، وتُتداول صلاته المشيشية في ربوع العالم الإسلامي، ويرجع الفضل في ذلك بعد الله سبحانه وتعالى، لتلميذه الشاذلي، الذي حمل رداء شيخه مولاي عبد السلام بن مشيش، فكان ظاهر وباطن ذلك الرداء الكتاب والسنة، اللذين سلكهما أبي الحسن الشاذلي في تصوفه.[/font][font="][/font]
[font="]الهوامش: [/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="][1]- المطرب بمشاهير أولياء المغرب، عبد الله بن عبد القادر التليدي (950ھ)، دار الأمان للنشر والتوزيع، ودار البشائر الإسلامية، الرباط، ط 4/2003، ص ص:90-91.[/font][font="][/font]
[font="][2]- القطب الرباني مولاي عبد السلام بن مشيش، عبد الصمد العشاب، دار العلم للملايين لبنان، مطبعة المعارف، ص:11.[/font][font="][/font]
[font="][3]- المطرب، ص ص:92-93.[/font][font="][/font]
[font="][4]- القطب الرباني، ص ص:16-17.[/font][font="][/font]
[font="][5]- قطب المغرب سيدي عبد السلام ابن مشيش، عبد الحليم محمود، دار الكتاب المصري، القاهرة - ودار الكتاب اللبناني، بيروت، د.ط، د.ت، ص:27.[/font][font="][/font]
[font="][6]- القطب الشهيد، عبد السلام بن مشيش، عبد الحليم محمود، دار المعارف القاهرة، د.ط1997م، ص ص: 115-129.[/font][font="][/font]
[font="][7]- المطرب، ص:104.[/font][font="][/font]
[font="][8]- طبقات الشاذلية الكبرى، محمد بن القاسم الكوهن الفاسي المغربي (ت1247 ھ)، دار الكتب العلمية:لبنان ط2/2005، ص:60.[/font][font="][/font]
[font="][9] - القطب الرباني، ص ص:14-25.[/font][font="][/font]
[font="][10]- لطائف المنن، ابن عطاء الله الاسكندري، دار الكتب العلمية، لبنان، ط 3/2005م، ص:61.[/font][font="][/font]
[font="][11]- طبقات الشاذلية الكبرى، ص: 59.[/font][font="][/font]
[font="][12]- سلوة الأنفاس، إدريس الكتاني، تحقيق: عبد الله الكامل وحمزة بن محمد الطيب ومحمد حمزة علي الكتاني، دار الثقافة ، ط1/2004، 1/6.[/font][font="][/font]
[font="] [13]- قطب المغرب، ص:33[/font][font="][/font]
[font="][14]- المطرب، ص: 99.[/font][font="][/font]
[font="][15]- القطب الرباني، ص ص:24-25.[/font][font="][/font]
[font="][16]- المطرب، ص:98.[/font][font="][/font]
[font="][17]- القطب الرباني، ص:25. [17][/font][font="][/font]
[font="][18]- شرح صلاة القطب بن مشيش، أحمد بن عجيبة، سلسلات نورانية فريدة، جمع وتقديم: العمراني الخالدي عبد السلام، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، د.ط، د.ت، ص:14.[/font][font="][/font]
[font="][19]- القطب الرباني، ص:37.[/font][font="][/font]
[font="][20]- الإلمام والأعلام، محمد زكري الفاسي (ت1144ھ)، تحقيق: هشام حيجر الحسني، دار الكتب العلمية، لبنان، ط:1/2010، ص ص:1/100-124.[/font][font="][/font]
[font="][21]- القطب الرباني، ص ص:37-38.[/font][font="][/font]
[font="][22]- الأعلام، خير الدين الزركلي، ط 17/2007، 9/4.[/font][font="][/font]
[font="][23]- مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن، أبي حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي الفهري، (988-1056ھ)، دراسة وتحقيق: محمد حمزة بن علي الكتاني، دار ابن حزم لبنان، ط1/2008، ص:387.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي (807-870هـ)[/font][font="][/font]
[font="]التعريف بالإمام الجزولي:[/font][font="][/font]
[font="]هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر بن سليمان السملالي السوسي الشهير بسيدي ابن سليمان، نسبة إلى جده الثاني سليمان. من أعلام التصوف المغربي، إليه انتهت الطريقة الشاذلية في عصره، وعنه تفرعت جملة من الطرق التي يكثر أتباعها في المغرب بصفة خاصة: كالطريقة التباعية والغزوانية والفلاحية والبكرية والعيساوية والشرقاوية والبوعمرية.[/font][font="][/font]
[font="]إننا إزاء تاريخ رجل، تتلاقى فيه مكانته العلمية، واجتهاده، وكفاءته، وقدرته الفائقة على التأثير والتلقين والتعليم...، كلها صفات أهلته ليصبح قطبا، يتحلق حوله المريدون، ويتكتل بين يديه الأتباع...، أتباع عجت بين أعدادهم آمال التغيير، وآفاق النهضة انسجاما مع مشروع الشيخ النابع من ثقافة دينية أسست للطريقة الجزولية، والتي أحدثت مسلكا جديدا في مجال التصوف داخل المغرب وخارجه...[/font][font="][/font]
[font="]كان رضي الله عنه من العلماء العاملين، والأئمة المهتدين، وممن جمع بين شرف الطين والدين، وشرف العلم والعمل، والأحوال الربانية الشريفة، والمقامات العلية المنيفة، والهمة العالية السماوية، والأخلاق الزكية الرحمانية، والطريقة السنية، والعلم اللدني، والسر الرباني، والتصريف النافذ التام، من الخوارق العظام والكرامات الجسام...[1][/font][font="][/font]
[font="]قال عنه صاحب شجرة النور الزكية: الشريف الحسني الفقيه، الإمام شيخ الإسلام علم الأعلام، العالم الشيخ الكامل، العارف بالله الواصل، صاحب الكرامات الكثيرة، والمناقب الشهيرة...، أخذ عن أئمة علم الظاهر والباطن وانتفع بهم، وعنه أخذ خلائق لا يحصون كثرة، وانتفعوا به.[2][/font][font="][/font]
[font="]شيوخه:[/font][font="][/font]
[font="]قصد الجزولي مدينة فاس لطلب العلم، فنزل بمدينة الصفارين، وكان يعيش حياة عزلة وتأمل، إذ لم يكن يُدخل أحدا إلى غُرفته التي كان يخلو فيها بنفسه، بعدما نقش على جُدرانها كلمات: الموت – الموت... وهذا مظهر من مظاهر عدم الإستقرار، والبحث عن شيخ مرب يمكن السلوك على يديه، لذلك أضطر الجزولي للسفر إلى المشرق للاتصال بالعلماء والشيوخ المربين، وتحدد الروايات المدة التي قضاها في سياحته بسبع سنوات، طاف فيها مدن الحجاز ومصر، ومدينة القدس وأخذ بالأزهر عن عبد العزيز العجمي.[/font][font="][/font]
[font="]ويبدو أنه لم يعثر على ضالته مع طول أمد جولته، وتنوع أماكن زيارته، فعاد إلى المغرب وحل بفاس من جديد، وإن كان الأمر قد اختلط على بعض المصادر، فلم تميز بين رحلته العلمية الأولى، وهذه السفرة الثانية إلى فاس.... التقى بالإمام زروق الذي أرشده إلى الشيخ المربي، والمُعين على سلوك الطريق؛ وهو أبو عبد الله محمد أمغار الصغير بتيط.[3][/font][font="][/font]
[font="]تلامذته:[/font][font="][/font]
[font="]اجتمع بين يديه من المُريدين ما يزيد على الاثنى عشر ألفا، منهم أحمد بن عُمر الحارثي المكناسي، والشيخ عبد العزيز التباع، وأبو عبد الله الصغير السهيلي.[/font][font="][/font]
[font="]وهؤلاء الثلاثة أخذ عنهم: الولي المشهور العارف بالله القطب أبو عبد الله محمد بن عيسى المكناسي، وأبو العباس أحمد بن سعيد، وأخوه محمد بن سعيد.[4] [/font][font="][/font]
[font="]آثاره:[/font][font="][/font]
[font="]جاء في إظهار الكمال: ذُكر أنه جمع كتابه (دلائل الخيرات) من كُتب خزانة جامعة القرويين بفاس، وقصد رضي الله عنه فيه، كما قال الشيخ الإمام محمد العربي بن سيدي يوسف الفاسي فيما وجدته بخطه: جمع المروي من ألفاظ الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، عنه صلى الله عليه وسلم وعن غيره من فُضلاء أمته، والاقتداء بهم، والتبرك بأتباعهم، وذلك كله لحُسن نيته رضي الله عنه، ويذكر أن سبب جمعه له أنه شاهد من امرأة بفاس أمرا عظيما من خرق العادة، فسألها بم بلغت هذا؟ فقالت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مبنى طريقه وطريق أتباعه، وخصوصا كتاب شيخهم (دلائل الخيرات) فقد كانوا مواظبين عليه، ومُعتنين به، ومُستصحبين له.[5][/font][font="][/font]
[font="]ومن آثاره أيضا:[/font][font="][/font]
[font="] • عقيدة الجزولي[/font][font="][/font]
[font="] • كتاب الزُهد[/font][font="][/font]
[font="] • من كلام الشيخ الجزولي[/font][font="][/font]
[font="] • الحزب الكبير[/font][font="][/font]
[font="] • حزب الفلاح أو الحزب الصغير[/font][font="][/font]
[font="]وفاته:[/font][font="][/font]
[font="]توفي رحمة الله عليه ونفع به بآفوغال وهو ساجد في السجدة الأولى من الركعة الثانية من صلاة الصبح ليوم الأربعاء من ذي القعدة الحرام من عام تسعة وستين وثمانمائة، ودُفن لصلاة الظهر من ذلك اليوم بوسط المسجد الذي كان أسسه هنالك.[/font][font="][/font]
[font="]وقال الشيخ أحمد بابا في (نيل الابتهاج): (...مات مسموما في الركعة الأولى من صلاة الصبح، سادس عشر ربيع الأول عام سبعين وثمانمائة). وقال الشيخ زروق إنه مات مسموما في صلاة الصبح، إما في السجدة الثانية من الركعة الأولى أو في السجدة الأولى من الركعة الثانية، عام سبعين وثمانمائة. [6] [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]الهوامش:[/font][font="][/font]
[font="][1]. إظهار الكمال في تتميم مناقب سبعة رجال، لعباس بن ابراهيم السملالي التعارجي،2/14، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى سنة 2010م.[/font][font="][/font]
[font="][2]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="][3]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="][4]. شجرة النور الزكية لمحمد مخلوف، 2/110، مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى سنة 2007م.[/font][font="][/font]
[font="][5]. إظهار الكمال، 2/18.[/font][font="][/font]
[font="][6]. إظهار الكمال، 2/23.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]الإمام عبد الرحمان السُّهَيلي (508/581هـ)[/font][font="][/font]
[font="]هو أبو القاسم وأبو زيد عبد الرحمان بن الخطيب عبد الله بن الخطيب أبي عمر أحمد، بن أبي الحسن أصبغ، بن حسين، بن سعدون، بن رضوان، بن فتوح السهيلي الّإمام المشهور...[1]. وُلد سنة ثمان وخمسمائة بمدينة مالقة، وتكاد تتفق المصادر على أن بصره قد كف وهو ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، وذلك لمرض عضال ألمَّ به...[2][/font][font="][/font]
[font="]نشأ السهيلي بمالقة فقيرا معوزا، وكان من أسرة علم ودين وفقه؛ فقد كان والده وجده معدودين من العلماء، لذا قال عنه بعض مترجميه بأنه كان من بيت علم وخطابة؛ واستطاع بذكائه وطموحه أن يتعلم ويكوّن أسرة من عدة أولاد، كما تشهد على ذلك كناه، ويصبح من أعلام اللغة والحديث والفقه في الغرب الإسلامي، ولم يحد من هذا الطموح لا عاهته ولا فقره.[3][/font][font="][/font]
[font="]شيوخه:[/font][font="][/font]
[font="]ذكره الذهبي فقال: العلامة الأندلسي المالقي، الضرير النحوي، الحافظ العَلَم، صاحب التصانيف، أخذ القراءات عن سُليمان بن يحيى، وجماعة. وروى عن ابن العربي القاضي أبي بكر، وغيره من الكبار. وبرع في العربية، واللغة، والأخبار، والأثر، وتصدّر للإفادة، وذِكر الآثار.[4][/font][font="][/font]
[font="]كما حفظ السهيلي القرآن وتعلم مبادئ العربية على يد والده، وأخذ باقي العلوم المتداولة في عصره على يد مجموعة من كبار الفقهاء والعلماء من مالقة وغيرها من الحواضر الأندلسية الشهيرة، إذ كانت له رحلات علمية إلى قرطبة وإشبيلية وغرناطة، وأحصى له بعض مترجميه أزيد من ثلاثين شيخا[5]، منهم:[/font][font="][/font]
[font="]• ابن الأبرش: أخذ عليه النحو واللغة[/font][font="][/font]
[font="]• ابن الرماك: أخذ عنه النحو بإشبيلية[/font][font="][/font]
[font="]• ابن سرحان: أجازه في الحديث[/font][font="][/font]
[font="]• أبو الحسن السبائي: أخذ عنه النحو[/font][font="][/font]
[font="]• أبو بكر ابن عربي: أخذ عنه الحديث والأصول والتفسير[/font][font="][/font]
[font="]تلامذته:[/font][font="][/font]
[font="]تصدر السهيلي للتدريس بمالقة وكان يدرس السيرة والحديث واللغة، وأملى بعض كتبه على طلبته، ويشهد على مستوى هذه الدروس وأهميتها العدد الكبير من الطلبة والعلماء الذين أخذوا عنه، وتخرجوا على يديه، ومنهم:[/font][font="][/font]
[font="]• الأزدي: أبو الحسن الغرناطي، أخد عنه الموطأ والسيرة والقراءات، وسمع عليه كتابه الروض الأنف وغيره من كتب اللغة والأدب.[/font][font="][/font]
[font="]• الأموي: القاسم أحمد بن يزيد ابن عبد الرحمان بن بقي بن مخلد، سمع عنه تأليفه الروض الأنف.[/font][font="][/font]
[font="]• ابن دحية: أبو الخطاب بن دحية الكلبي أكبر طلبة السهيلي، أخد عنه الحديث والسيرة واللغة وسمع عنه كتابه الروض الأنف وغيره.[6][/font][font="][/font]
[font="]آثاره:[/font][font="][/font]
[font="]ﭐشتهر السهيلي باهتماماته النحوية واللغوية، وكتاباته في السيرة والتفسير، فهو تلميذ ابن الطراوة العالم النحوي الأندلسي المشهور، وهو مؤلف الروض الأنف، والتعريف والأعلام، وشارح سور من الذكر الحكيم. وبالرغم من أن شعره قليل لا يتعدى أبياتا في موضوعات مختلفة كالتوسل والغزل ومراسلة بعض الأصدقاء، فإن عينيته:[/font][font="][/font]
[font="] يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنـــــت المعــــــد لكــــل مـــــا يتوقع[/font][font="][/font]
[font="]قد داع صيتها وعارضها الشعراء وخمسوها وسدسوها... فصارت من النصوص المأثورة لدى الذاكرين والمنشدين.[7][/font][font="][/font]
[font="]ومن بين أهم ما خلفه السهيلي من آثار نذكر:[/font][font="][/font]
[font="]• الروض الأنف، والمشرع الروى.[/font][font="][/font]
[font="]• نتائج الفكر.[/font][font="][/font]
[font="]• كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية.[/font][font="][/font]
[font="]• التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام.[/font][font="][/font]
[font="]• مجموعة من الأمالي والمسائل والمفردات.[/font][font="][/font]
[font="]كان انتقال السهيلي إلى مراكش حدثا كبيرا أضفى عليه الخليفة (يوسف بن عبد المومن الموحدي) هالة عظيمة حيث أرسل إليه المراكب كما وصف ذلك تلميذه ابن دحية عندما قال: (فأمروا بوصوله إلى حضرتهم وبذلوا له مراكبهم وخيلهم ونعمتهم) وكان ذلك سنة 579هـ/1183م لأن الثابت أنه قضى بها زهاء ثلاث سنوات.[8][/font][font="][/font]
[font="]وفاته:[/font][font="][/font]
[font="]توفي صاحب الترجمة بمراكش يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان عام واحد وثمانين وخمسمائة، 22 من نونبر سنة 1185م، ودفن وقت الظهر بروضة باب الرب.[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]الهوامش:[/font][font="][/font]
[font="][1]. إظهار الكمال في تتميم مناقب السبعة رجال، لعباس بن إبراهيم السملالي التعارجي،2 /143، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى، سنة 2010م. [/font][font="][/font]
[font="][2]. معلمة المغرب، 15/5144.[/font][font="][/font]
[font="][3]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="][4]. الدّيباج المذهب لإبن فرحون، 1/425، مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى، سنة 2004.[/font][font="][/font]
[font="][5]. معلمة المغرب، 15/5144.[/font][font="][/font]
[font="][6]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="][7]. الآثار الأدبية لصوفية مراكش لدكتور حسن جلاب، ص 62، الطبعة الأولى سنة 1994م.[/font][font="][/font]
[font="][8]. معلمة المغرب، 15/5146.[/font][font="][/font]
[font="]الفقيه الصوفي عبد الواحد ابن عاشر (990-1040هـ)[/font][font="][/font]
[font="]خالد قاسمي تقني بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة[/font][font="][/font]
[font="]التعريف بابن عاشر:[/font][font="][/font]
[font="]هو ابن عاشر، عبد الواحد بن أحمد بن علي ابن عاشر الأنصاري نسبا، الأندلسي أصلا، ولد بفاس سنة 990هـ/م1582، ذكر الفضيلي أنه من حفدة الشيخ الشهير أبي العباس سيدي أحمد بن محمد بن عمر ابن عاشر السلاوي المتوفى سنة ـ765ه. وكان يسكن بدار أسلافه الكبرى بحومة درب الطويل من فاس القرويين.[1][/font][font="][/font]
[font="]شيوخه:[/font][font="][/font]
[font="]حفظ القرآن على يد الشيخ المذرر أحمد بن عثمان اللمطي، وأخذ القراءات السبع على يد أبي العباس الكفيف ومحمد التلمساني.[/font][font="][/font]
[font="] وأخذ الفقه عن جماعة من شيوخ العصر كأبي العباس بن القاضي وابن عمه أبي القاسم وابن النعيم الغساني وقاضي الجماعة بفاس علي بن عمران وأبي عبد الله محمد الهواري، والشيخ القصار القيسي.[/font][font="][/font]
[font="] وقرأ الحديث عن سيدي محمد الجنان، وأبي علي الحسن البطيوي. وقد تردد على الزاوية البكرية وأخذ عن علمائها المبرزين، فكان يحضر مجالس محمد بن أبي بكر الدلائي في التفسير والحديث، ولما اشتغل أحمد بن القاضي المتوفى عام 1025ه في آخر عمره بتدريس صحيح البخاري في جامع الأبارين بفاس كان الذي يسرد الحديث بين يديه هو الشيخ عبد الواحد ابن عاشر.[/font][font="][/font]
[font="]رحل إلى المشرق وأخذ عن سالم السنهوري وعن الإمام المحدث أبي عبد الله محمد بن يحيى العزي الشافعي، والشيخ بركات الحطاب، وغيرهم، وحج سنة 1008ه، والتقى بالشيخ عبد الله الدنوشري، وأخذ طريق التصوف عن العالم العارف الشيخ سيدي محمد بن أحمد التَجيبي الشهير بابن عزيز دفين الدرب الطويل في فاس –المتوفى عام 1022ه- وعلى يده فُتح عليه بسعة العلم والعمل.[2][/font][font="][/font]
[font="]تلامذته:[/font][font="][/font]
[font="]ومن تلامذة ابن عاشر نذكر محمد الزوين صاحب شرح منظومة تحفة الأبصار في أعمار العقار لأبي الفضل العجلاني...، والشيخ عبد القادر الفاسي المتوفى عام 1091هـ، والإمام المعمر محمد بن سعيد المرغيثي، والقاضي محمد بن محمد ابن سودة ابن أخت ابن عاشر، المتوفى عام 1076ه وغيرهم.[3][/font][font="][/font]
[font="]علمه ومؤلفاته:[/font][font="][/font]
[font="]قال عنه الصغير الإفراني: كان ذا سمت حسن، مثابرا في تعليم الناس زاهدا في الدنيا، يأكل من كد يمينه، يضرب في الأرض على طلب الحلال، متواضعا حسن الأخلاق، كثير الإنصاف في المباحثة، يأخد العلم ممن هو دونه، يتولى جميع أموره بيده ويباشر شراء حوائجه من السوق بيده.[4][/font][font="][/font]
[font="]وقال عنه صاحب سلوة الأنفاس: كان -رحمه الله- ممن له التبحر في العلوم، والمشاركة في الفنون، عالما عاملا، عابدا ورعا زاهدا...، وله اليد الطولى في علم القراءة، يبحث مع الجعبري، وله حاشية عليه، وانفرد في عصره بعلم الرسم، وله شرح عجيب على "مورد الضمآن"، سماه "فتح المنان"، وأدرج فيه تأليفا آخر سماه: "الإعلان بتكميل مورد الضمآن" في كيفية رسم قراءة غير نافع من بقية السبعة في نحو خمسين بيتا وشرحه، وله أيضا الباع الطويل في النحو والصرف والتفسير، والفقه والتصوف والأصلين، والمنطق والبيان والعروض، والطب والتوقيت والتعديل، والحساب والفرائض...وغير ذلك.[/font][font="][/font]
[font="]وألف - رحمه الله – تآليف عديدة في غاية التحرير والإتقان، منها: نظمه المشهور في قواعد الإسلام الخمس ومبادئ التصوف، وهو المسمى "بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين"، ابتدأ نظمه حين أحرم بالحج، فنظم أفعال الحج مرتبة من قوله: وإن تُرد ترتيب حجك...إلى آخره. ثم لما انفصل عن حجه، كمل ما يتعلق بالقواعد الخمس.[5][/font][font="][/font]
[font="]وإلى جانب تأليفه للمرشد المعين، ألف الشيخ ابن عاشر مجموعة من الكتب نذكر منها:[/font][font="][/font]
[font="]• تقييد على العقيدة الكبرى للإمام السنوسي.[/font][font="][/font]
[font="]• شرح على مختصر خليل من النكاح إلى العلم.[/font][font="][/font]
[font="]• شفاء القلب الجريح بشرح بردة المديح.[/font][font="][/font]
[font="]• مقطعات في جمع نظائر مهمة من الفقه والنحو.[6][/font][font="][/font]
[font="]وفاته:[/font][font="][/font]
[font="]توفي الشيخ ابن عاشر -رحمه الله- بعد مرض مفاجئ قيل بالداء المسمى على لسان العامة بالنقطة، وقيل مات مسموما بسبب سم وضع له في نوار الياسمين عند اصفرار يوم الخميس 3 ذي الحجة عام 1040ه/3 يوليوز 1631م، وهو ابن خمسين سنة، ودفن من الغد في مطرح الجنة المعروف أيضا بمطرح الجلة قرب مصلى باب فتوح بفاس، وبني عليه قوس معروف غرب روضة سيدي يوسف الفاسي بجوار السادات المنجريين، وهو مزار متبرك به.[7][/font][font="][/font]
[font="] الهوامش:[/font][font="][/font]
[font="][1]. معلمة المغرب، مجلد 17، ص5837.[/font][font="][/font]
[font="][2]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="][3]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="][4]. صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، للصغير الإفراني، ص124، مركز التراث الثقافي المغربي، الطبعة الأولى سنة 2004م.[/font][font="][/font]
[font="][5]. سلوة الأنفاس، 2/311، دار الثقافة، سنة 2004.[/font][font="][/font]
[font="][6]. معلمة المغرب، مجلد 17، ص5838.[/font][font="][/font]
[font="][7]. نفسه.[/font][font="][/font]
[font="]شيخ الطريقة ولسان الحقيقة سيدي محمد الحراق ﴿1186-1261ﮪ﴾[/font][font="][/font]
[font="] هو في العلم بحرٌ واسع المجال، وفي التصوف لسان ناطق بالحال، اجتمعت فيه حسن الخصال، وعلا اسمه شامخا كالجبال، أما طريقته فقد تعاقبت عليها الأجيال، إنه الدرقاوي الشاذلي، سليل الدوحة الشريفة، صاحب الصولة الكبرى، والرتبة القصوى في علوم الظاهر الفقيه والعالم الصوفي: "أبو عبد الله سيدي محمد بن محمد بن عبد الواحد بن يحيى بن عمر الحسني العلمي الموسوي"،[1] ينتمي نسبة إلى سيدي الحاج موسى بن سيدي مشيش أخي مولاي عبد السلام".[2][/font][font="][/font]
[font="] ولد سيدي محمد الحراق سنة 1186ﮪ ونشأ بمدينة شفشاون، حيث عاش في كنف أسرة صالحة متدينة، ربّته على مكارم الأخلاق، وطلب العلم، والمحافظة على روابط الشريعة، فكان وعاءا مهيئا لجميع مشارب العلوم، وقد تنبه أبوه لحماسته، وشغفه بالعلم، وكذا فطنته وسرعة بداهته في التعلم منذ صغره، فقرر مرافقته إلى جامع القرويين بفاس، قصد استكمال تعليمه والارتشاف من بحر العلوم هناك، إلى أن أتمّ دراسته، فأصبح بعد ذلك عالما جليلا، ذو شهرة ومكانة كبيرتين، يحضر مجالسه العلمية كبار العلماء وأعيان البلاد، وطلاب العلم، والفقراء، مما جعل السلطان مولاي سليمان العلوي، يعينه خطيبا ومدرسا بالمسجد الأعظم بتطوان، خاصة حين سمع برِفعة شأنه، وعلو همته، وغزارة علمه.[/font][font="][/font]
[font="] "كان فقيها مدرسا له معرفة بالفقه وأحكامه، والحديث والسير والأصول، تصدر لنشر العلوم بمدينة تطوان مدة طويلة، وانتفع بعلومه خلق كبير...، وله أنظام في الحقيقة، ومذكرات بالطريقة، شهيرة شهرة شمس الظهيرة،... وكانت همته رضي الله عنه في جميع الأمور عالية..، متواضعا في لباسه..، ويأكل ما تيسر من الطعام، مع ما كان عليه من الكرم والمواساة…"،[3] إلا أن بعض النفوس الخبيثة والحسودة،لم يهدأ لها بال، فتآمرت عليه، ودبرت له المكايد، وَصَلَت لحد الطعن في شرفه، والتفكير في قتله، فقد أصابه المرض من شدة الأسى على ما كيد له، وقد تمكنوا من ذلك، حيث "...سُلب الشيخ من جميع مناصب الإمامة والخطابة والتدريس والفتوى، وأن لا يتعاطى شيئا مما كان له"،[4] لكن صبره على تلك المكائد والمحن، زاده تقربا إلى الله، وتمسكا بمنهج العارفين المحتسبين، حيث أدت تلك الأحداث إلى "اشتغاله بالتصوف والانخراط في طريق القوم"،[5] حتى فاق أقرانه، وأصبح عالما صوفيا، من كبار أعلام التصوف، الذين جمعوا بين الشريعة والحقيقة، وتمكنوا من التوفيق بين الظاهر والباطن.[/font][font="][/font]
[font="] لقد سلك سيدي محمد الحراق طريق القوم على يد الشيخ مولاي العربي الدرقاوي، الذي طابت به نفسه، وتلاشت بصحبته أسقامُه، حيث "...لقَّنَهُ الأوراد، وبيّن له المُراد، ولم يأمره بخرق العادة، ولا كشف رأس ولا لبس مرقعة، وإنما حضّه على كثرة ذِكر الله، وجمع القلب على الله، وإخلاص العبودية إلى الله، وأذِن له في إعطاء الأوراد والتربية"،[6] وبذلك أخذ الشيخ محمد الحراق العبرة، وفهِم الحكمة، فتجرد من علمه الذي كان يفتخر به، وتغلغل في قلب الطريق، جاعلا علمه الغزير، مَطِيَّةً لخدمة النفس والفرد، خاصة وأن العلم هو باب معرفة الله ومفتاحها، يقول الشيخ سيدي محمد الحراق: "... فما فائدة هذا العلم والجاه، الذي لا يوصل صاحبه إلى الله، ولا يُعَرِّفُهُ مَولاه".[7][/font][font="][/font]
[font="] هكذا كان رضي الله عنه "إماما جليل القدر، مُتضلعا في علم الظاهر، انتهت إليه فيه الرياسة، مشاركا في فنونه من تفسير وحديث وفقه وفتوى، ومعقول بجميع فنونه، وأما الأدب والشعر؛ فكاد ينفرد بهما في عصره، ولما أخذ حظه من الظاهر، أنعم الله عليه بعلم الباطن، ليكون رحمة في البلاد، وقدوة للعباد..، ولقد كان رضي الله عنه أوحد أهل زمانه في علم الباطن، وحرر طريقة القوم بين الشريعة والحقيقة، حتى سهلها للسالك"،[8] وقد أسس طريقه على أربع قواعد: "ذِكر، ومُذاكَرة، وعِلم، ومحبة".[9][/font][font="][/font]
[font="] أما فنون القول، فقد كان له السبق في أهل زمانه، حيث اشتهر بأشعاره الصوفية، التي كانت لسان حَالِه، وعنوان وجده، فكانت كل قصائده حُبلى بمقاصد الشريعة، وبمناهج الطريقة، إذ تضمنت في طيّاتها الدعوة إلى الله، وتهذيب النفس، والحث على التشبث بالمنهج الصوفي، بعبارات وإشارات جامعة، تنير طريق السالك والمريد، يقول عبد القادر التليدي: "...كان ينظم الشعر الرقيق ويقول الأزجال حول الحضرة الإلهية، والجناب النبوي الكريم، حتى ترك لنا ثروة عظيمة في الشعر الصوفي الرقيق المؤثر، وقد جُمع في ديوان خاص ...، حيث أصبح من الدعاة إلى طريق القوم المربين للمريدين المنقطعين إلى الله عز وجل".[10][/font][font="][/font]
[font="]يقول في بعض أبياته:[/font][font="][/font]
[font="] وكُن مُفلِسا عن رُؤية الكَـــون كُلِّه[/font][font="][/font]
[font="] إلى أن ترى ما كنت من قَبُل عاريا[/font][font="][/font]
[font="] وتُبصر ربًّا قد أحــــــــــاط بما ترى[/font][font="][/font]
[font="] وتنظر نــــــورا فائضا مـــن حقيقة[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]تكن بإِلَهِ العـــرشِ أغنــــــى البريةِ[/font][font="][/font]
[font="]بفكــــرك منه نفس عيــــن الحقيقة[/font][font="][/font]
[font="]وجودا على التحقيق في غير مِرية[/font][font="][/font]
[font="]تلــــــــون ألوانا لإظهـــــــار حكمة.[11][/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] أما مؤلفاته فنذكر من بينها: "تعليقه على المشيشية، وشرح حكم ابن عطاء الله وغيرها؛ ورسائل كثيرة كتبها لمريديه، جمعها تلميذه الشيخ محمد بن العربي الدلائي في كتابه النور اللامع البراق في التعريف بالشيخ الحراق...،كما جمع ابن القاضي نوازل وفتاوي الشيخ الحراق في جزء وتتبع تعاليقه"،[12] إضافة إلى حكم بليغة، وتقاييد عديدة، على بعض الآيات الكريمة.[/font][font="][/font]
[font="]من أقوال وحكم سيدي محمد الحراق:[/font][font="][/font]
[font="]• "إني ربحت من باب الفضل، فلا أدل إلا عليه، وما من شيخ إلا يدل على السبيل الذي مر عليه ولا يوصل إلا إلى المقام الذي انتهى إليه.[/font][font="][/font]
[font="]• لو كنت أعلم أحدا بقُنَّةِ جبل يريد الوصول إلى الله، لأتيت إليه، وأخذت بيده ابتغاء مرضاة الله وترغيبا للإقبال على الله.[/font][font="][/font]
[font="]• ما رأيت أنفع لقلب المتوجه الصادق من ذكر الله.[/font][font="][/font]
[font="]• إن الهمة العالية هي التي لا ترضى بدون الله، إذ ليس وراء الله وراء." [13][/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] هكذا اشتهرت طريقة سيدي محمد الحراق الدرقاوية الشاذلية، رضي الله عنه في جُل ربوع البلاد، خاصة بمناطق الشمال، حيث أخذ عنه العديد من المريدين، وسلكوا طريقه السالكين المحبين.[/font][font="][/font]
[font="]توفي رحمه الله عام 1261ﮪ ودفن بتطوان بزاويته المشهورة، الزاوية الحراقية، وهي لا زالت لحد الآن، مزارا لمريديه، وكافة الزوار الذين عرفوا قدره، وسمعوا بسيرته الطيبة.[/font][font="][/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="]الهوامش:[/font][font="][/font]
[font="][1]- سلوة الأنفاس، إدريس الكتاني، تحقيق: عبد الله الكامل وحمزة بن محمد الطيب ومحمد حمزة علي الكتاني، دار الثقافة ، ط1/2004، 1/389.[/font][font="][/font]
[font="][2]- المطرب بمشاهير أولياء المغرب، عبد الله بن عبد القادر التليدي (950ھ)، دار الأمان للنشر والتوزيع، ودار البشائر الإسلامية- الرباط، ط 4/2003، ص:229 .[/font][font="][/font]
[font="][3]- عمدة الراوين في تاريخ تطاوين، أبو العباس أحمد الرهوني، تحقيق: جعفر بن الحاج السلمي، ط 2003م، مطبعة الخليج العربي-تطوان، ج:4، ص ص:172-183.[/font][font="][/font]
[font="][4]- المطرب، ص:230.[/font][font="][/font]
[font="][5]- المصدر السابق، ص:231.[/font][font="][/font]
[font="][6]- من أنوار تجليات الملك الخلاق، محمد الحراق، تحقيق: عبد السلام العمراني الخالدي، ط:1 /2007، دار الكتب العلمية- بيروت، ص: 11.[/font][font="][/font]
[font="][7]- المطرب، ص: 230.[/font][font="][/font]
[font="][8]- عمدة الراوين، ج:4، ص ص: 177-179.[/font][font="][/font]
[font="][9]- من أنوار تجليات الملك الخلاق، ص: 4.[/font][font="][/font]
[font="][10] - المطرب، ص: 231.[/font][font="][/font]
[font="][11] - ديوان محمد الحراق، محمد الدلائي الرباطي، نشر وتقديم: ابن الحاج السلمي، ص: 10.[/font][font="][/font]
[font="][12] - معلمة المغرب، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 2005، 10/3364.[/font][font="][/font]
[font="][13] - عمدة الراوين، ج:4، ص:170-177.[/font][font="][/font]
[font="]تاج الأقطاب الشيخ الأواب: أبو الحسن الشاذلي (591-606ﮪ).[/font][font="][/font]
[font="]كريمة بنسعاد باحثة مساعدة بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة، بوجدة.[/font][font="][/font]
[font="] هو بحر العلوم، ومظهر السر المختوم، حافظ العهد، وصادق الوعد، درة عِقد العلماء، وحجة الصوفية والأولياء، إنه الصوفي والعالم، مؤسس الطريقة الشاذلية: "أبو الحسن سيدي علي الشاذلي الحسني بن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصي بن يوسف بن يوشع بن ورد بن بطال بن علي بن أحمد بن محمد بن عيسى بن إدريس المبايع له ببلاد المغرب ابن عبد الله بن الحسن المثنى ابن سيد شباب أهل الجنة وسبط خير البرية أبي محمد الحسن بن سيدنا علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين".[1][/font][font="][/font]