الشرح
هذه الاحاديث فيما يتعلق بالصوم في حال السفر و في حال الجهاد , يقول جابر رضي الله عنه أنهم توجهوا مع النبي إلى مكة في رمضان عام الفتح وأن الناس لما شق عليهم الصيام رأوا النبي صلى الله علية وسلم فشرب والناس ينظرون فبلغه بعد ذلك أن بعض الناس قد صام فقال : أولئك العصاة أولئك العصاة )
و في حديث أبي سعيد عند مسلم أن النبي صلى الله علية وسلم قال
إنكم قد دنوتم من عدوكم و الفطر أقوى لكم فكانت رخصة فمنهم من أفطر ومنهم من صام فلما دنا قال : إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا فأفطروا , ثم قال : ثم صمنا بعد ذلك مع النبي صلى الله علية وسلم في السفر ). هذا يدل على أن الصوم في السفر جائز و لا حرج فيه و الفطر أفضل , و لهذا في حديث حمزة بن عمرو الأسلمي لما سئل النبي صلى الله علية وسلم قال : هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن و من أحب أن يصوم فلا جناح عليه ) فدل على أن الفطر أفضل و من صام فلا جناح عليه ، و في رواية عائشة في الصحيحين أن حمزة سأل النبي صلى اله علية وسلم : إني كثير السفر أفأصوم في السفر , فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ) خيَّره , فدل على أن الأمر في هذا واسع والله تعالى يقول ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر) يعني فأفطر فالأدلة كلها تدل على أن الفطر أفضل و الصوم جائز , فإذا دعت إليه الحاجة , إذا اشتد على الإنسان الصوم تأكد عليه الفطر لأنه صلى الله عليه وسلم (لّما رأى رجلاً قد ضُلل عليه السفر قال : ما شأنه , قالوا: إنه صائم , قال : ليس من البر الصوم في السفر) , يعني من كان بهذه المثابة يشق عليه فليس من البر أن يصوم , يفطر , وهكذا إذا كان في الجهاد و الفطر أقوى له أفطر ،وإذا كان يشق علية وجب عليه حتى يكون جهاده أكمل , كما في قوله (أولئك العصاة , أولئك العصاة ) .
و في حديث ابن عباس ( رخص للشيخ الكبير أن يفطر و لا قضاء علية ) الإنسان إذا كان كبير السن أو عجوز كبيرة السن فله الفطر , لا يشق على نفسه ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) و يطعم عن كل يوم مسكينا , إما إن كان يَقْوى فيجب عليه الصوم , ولكن إذا كان في حكم المرض ، يشق علية مشقة بينة فهو كالمريض يفطر ولكن لا قضاء علية ، المريض يرجى له البرء , و الشيخ الكبير يَضعُف كلما تقدم نزل فيكفيه الإطعام , وهكذا العجوز الكبيرة . و هكذا المرض الذي لا يُرجى برؤه , هذا حكمه حكم كبير السن إذا أفطر يطعم عن كل يوما مسكينا ً.