الهمزة أصلاً مبناها على القطع، ولذلك نقول: همزة قطع،
فانقطاع الصوت والنفس أي الشدة والجهر هما من
متطلبات النطق بالهمزة، فجسم الحرف مبني على قطع الصوت والنفس
أي انسداد المخرج.
وبالتالي فإخراج الهمزة عن حالة القطع هذه بالقلقلة أمرٌ يخالف
الطبع والمألوف والمنقول.
قالوا:
ولكن يَرِدُ إشكال ما إذا سبق الهمزة الساكنة - لأجل الوقف - حرفٌ ساكن في مثل "ملء" من قوله تعالى "فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ" (آل عمران91)، فكيف يوقفُ عليها اضطرارا؟ هل تُقلقلُ أم تموت، لأن القطع يكون لشيئ جارٍ، فإذا سكن ما قبلها لم يجر شيئٌ يُقطعُ، فكيف نقف عملياً؟
الله أعلم.
إذا قرأت كلمة ( ضعف ) و ( ضعفا ) لحفص في مواضعها بسورة الروم تقدم فتح الضاد على ضمها ؛ لأنه يوافق فيها شعبة وهو الراوي الآخر عن عاصم ، وإذا قرأت كلمة ( يأمركم ) لدوري أبي عمرو تقدم اوجه الإسكان على وجه الإختلاس ؛ لأن السوسي يقرأها بالإسكان ،
وإذا قرأت قوله _ تقدست أسماؤه _ : ( ولقد زينا ) لابن ذكوان قدمت وجه الإدغام على وجه الإظهار ؛ لأن هشاما وهو الراوي الثاني لابن عامر يقرأها بالإدغام ، وهذه الطريقة أكثر يسرا من سابقتها ولها تأييد من كلام ابن الجزري والإمام مكي بن أبي طالب كما ذكر ذلك في " النشر " :
وحمل رواية الراوي على من شاركه في تلك الرواية أو وافقه في أصل تلك القراءة أصل معتمد ؛ ولاسيما عند التشكيك والإشكال ، فقد اعتمده غير واحد من أئمتنا _ رحمهم الله _ بما لم يجدوا نصا يرجعون إليه ،
ومن ثم لم يجز مكي وغيره في ( أأعجمي ) و ( وءأن كان ) لابن ذكوان سوى الفصل بين الهمزتين قال مكي عند ذكرهما في " التبصرة " لكن ابن ذكوان لم نجد له أصلا يقاس عليه فيجب أن يحمل أمره على ما فعله هشام في :
( أئنكم ) و ( ءأنذرتهم ) ونحوه فيكون مثل أبي عمرو وقالون ، وحمله على مذهب الراوي معه عن رجل بعينه أولى من حمله على غيره . أ.ه
ففي هذا النقل يوضح الإمام مكي _ ووافقه على ذلك الإمام ابن الجزري _ كيف أن الرواية تَقْوَى بموافقة القرين لقرينه فيما روياه عن شيخهما .
عض الضوابط والمعايير التي يمكن بواستطها تقديم وجه على وجه آخر وذلك من جهة الأداء فقط ومنها :
1- أن يكون الوجه المراد تقديمه هو الذي عليه الجمهور ،
كما في قصر المنفصل عن قالون ويعقوب ،
وكذا الإدغام بدون غنة في اللام والراء وتشديد ميم ( لمَّا ) من قوله تعالى :
( لما ليوفينهم ربك أعمالهم ) { هود : 111 } لهشام .
فقد نص الإمام ابن الجزري على أن ذلك هو مذهب الجمهور عن هؤلاء .
2- أن يكون الوجه عليه أكثر الرواة كما في قوله تعالى :
( تأمرونِّي ) { الزمر : 64 } بنونين خفيفتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة ؛
حيث ذكر في النشر أن هذا الوجه هو الذي اجتمع عليه أكثر الرواة في روايتي هشام وابن ذكوان .
3- أن ينص ابن الجزي على أن هذا الوجه هو الأشهر كما في إظهار الثاء عند الذال من قوله تعالى : ( يلهث ذلك ) { الأعراف : 176 } لأبي جعفر
حيث قال : " وأما أبو جعفر فالأكثرون من أهل الأداء على الأخذ له بالإظهار
وهو المشهور " ، وكذا الغيب من قوله تعالى :
( أفلا تعقلون ) { القصص : 60 } فقد ورد الخلاف فيه عن السوسي بين الغيب والخطاب ، وقال بأن الأشهر عنه الغيب .
وأيضا : الفتح في كلمة ( والجار ) { النساء : 36 } لدوري أبي عمرو ، وإظهار اللام عند الطاء من قوله تعالى : ( بل طبع ) { النساء : 55 } لحمزة .
4- أن ينص على أن أحد الوجهين أوجه قياسا ، وذلك كما في الإدغام الكامل في قوله تعالى : ( ألم نخلقكم ) { المرسلات : 20 } حيث قال :
" .. إلا أن الإدغام الخالص أصح رواية وأوجه قياسا بل لاينبغي أن يجوز ألبتة في قراءة أبي عمرو في وجه الإدغام الكبير غيره ؛ لأنه يدغم المتحرك من ذلك إدغاما محضا فأدغام الساكن منه أولى وأحرى .. " .
5- أن ينص على أن هذا الوجه أقوى كما في إدغام التاء في الطاء من قوله تعالى:
(ولتأت طائفة ) { النساء : 102 } حيث قوى الإدغام هنا لأبي عمرو ؛
وذلك من أجل التجانس وقوة الكسرة والطاء .
6- أن ينص على أن هذا الوجه أرجح كما في وقف حمزة بالنقل على الساكن المفصول نحو : ( من ءامن ) { البقرة : 177 } حيث قال :
( أو ينفصل كاسعوا إلى قل إن رجح ) أي رجح وجه النقل في الأداء على التحقيق ؛ لأنه الأنسب لمذهبه في حالة الوقف وهو التخفيف .
7- أن ينص على أن هذا الوجه أولى من غيره ، ومن ذلك تقديم وجه المد عند التسهيل لبقاء أثر الهمزة كما في وقف حمزة على : ( أولئك ) ونحوه ،
وكذا تسهيل كلمة ( إسراءيل ) حيث وردت لأبي جعفر وذلك لبقاء أثر الهمزة عند التسهيل ، ومنه أيضا : تقديم وجه القصر عند الإبدال لزوال السبب وذلك في الوقف الهمز المتطرف المدود لحمزة وهشام كما في نحو ( السماء ) ،
وفي ذلك يقول : ( والمد أولى إن تغير السبب *** وبقي الأثر أو فاقصر أحب ) .
قال الدكتور :
8- ومن ذلك أن ينص على أن هذا الوجه هو الذي عليه القدماء فيكون أعلى إسنادًا من غيره ، ومن ذلك الوصل بين السورتين لخلف العاشر
حيث قال : " فنص له أكثر الأئمة المتقدمين على الوصل كحمزة " ،
وكذا إدغام ما قبله ساكن صحيح ، حيث روى في ذلك الخلاف بين الإدغام المحض والاختلاس عن أبي عمرو ويعقوب ثم قال :
" والإدغام الصحيح هو الثابت عند قدماء الأئمة من أهل الأداء والنصوص مجتمعة عليه " .
ومن ذلك أيضا : إبدال الهمزة الثانية واوًا من الهمزتين المجتمعين من كلمتين نحو : ( الشهداء إذا ) فجمهور المتأخرين على التسهيل بين بين ، أما جمهور المتقدمين فقراءتهم بالإبدال واوًا خالصة ،
وقد نص على ذلك ابن الجزري فقال :
" إن الإبدال واوا خالصة هو مذهب جمهور القراء من أئمة الأمصار " .
9- ومنها أن يكون الوجه المقدم موافقا لأصل مذهبه في الباب المختلف فيه ، كما في إمالة ( التوراة ) لحمزة حيث ورد الخلاف عنه بين ( الإمالة والتقليل ) وتُقَدَّمُ الإمالة ؛ لأنها الموافقة لأصل مذهبه حيث بلغت نسبتها 68 % تقريبا عن خلف و63 % عن خلاد والباقي لوجه التقليل .
* ويقدم أيضا الفتح في هذا اللفظ لقالون على التقليل ؛
لأنه الموافق لاصل مذهبه أيضا في هذا الباب
حيث بلغت نسبته عنه 69 % تقريبا كما سيأتي بيانه بعد .
* وكذا تسهيل الهمزة الثانية من ( أئمة ) لأهل سما غير روح ، وتحقيقها لهشام في ( أئنكم ) { فصلت : 9 } حيث إن ذلك هو الموافق لأصل مذهبهم وعليه الجمهور كما سيأتي بيانه في بابه .
10- قد يكون موافقا لما عليه أهل بلده كما في إمالة الهاء محضة
من فاتحة ( طه ) للأزرق حيث قطع له بذلك المصريون ، وعضد ذلك البحث كما سيأتي بيانه في موضعه .
11- أن يكون هذا الوجه هو الأصل فيكون غيره فرعًا له كما في الوقف على أواخر الكلم بالسكون المجرد ، وذلك نحو : ( نستعين ) { الفاتحة : 5 } مما يجوز فيه ثلاثة أوجه عند الوقف وهي ( السكون المجرد والروم والإشمام ) فقد نص صاحب العنوان على أن الإسكان هو الأصل وإلى ذلك أشار الإمام الشاطبي حيث قال : " والإسكان أصل الوقف " وكذا الإمام ابن الجزري بقوله : " والأصل في الوقف السكون " .
12- أن ينص بعض الأئمة على أن الحذاق على غير هذا الوجه
كما في إمالة ( سيرى الله ) ونحوه وصلا للسوسي ،
حيث قال ابن سفيان المالكي : " والحذاق على غير ذلك " أي على غير الإمالة فيكونون على الفتح وهو المقدم في الأداء .
13- أو ينص بعضهم على أنه الأفضل كما في مد ( عين ) من فاتحتي مريم والشورى ، فقد ورد فيهما ثلاثة أوجه ( الطول ، التوسط ، القصر ) ، وقد روى الإمام الشاطبي الوجهين الأولين وفضل الإشباع للتمكن من الجمع بين الساكن وهما الياء والنون بقوله :
" وفي عين الوجهان والطول فضلا " ،
* وكذا ورد الخلاف عن أبي عمرو بين الفتح والإمالة والتقليل في كلمة
( بشراي ) بيوسف ، والمقدم هو الفتح وإلى ذلك أشار الإمام الشاطبي بقوله :
( .......................... *** وبشراي حذف اليء ثبت وميلا )
( شفاء وقلل جهبذا وكلاهما *** عن ابن العلا والفتح عنه تفضلا )
وقد نظم ترتيبها الشيخ الضباع بقوله :
وبشراي فافتح ثم أضجع وقللا *** وجوه على الترتيب عند ابن العلا
* وكذا البدء بكلمة ( الأولى ) من قوله تعالى ( عادا الأولى ) { النجم : 50 } لأبي عمرو وقالون بهمزة وصل ولام ساكنة بعدها همزة مضمومة كما عليه الجمهور من القراء العشرة وفي ذلك يقول الإمام الشاطبي :
( .. والبدء بالهمز فضلا لقالون والبصري وتهمز واوه ..) .
14- أن يكون موافقا لرسم المصحف كما في وجه عدم إلحاق هاء السكت ليعقوب ، وقد اختار ذلك الإمام الهذلي وقال بأنه موافق لرسم المصحف .
15- قد يكون موافقا لما في التيسير والشاطبية وذلك في معظم أوجه الخلاف.
16- عند تساوي الطرق يرجح أحد الوجهين وفقا لبعض المعايير وتذكر على سبيل المثال ، من ذلك ما ورد من الخلاف عن الأصبهاني من تحقيق الهمزة وتسهيلها من كلمة ( تأذن ) { إبراهيم : 7 } فقد تساوت طرق الخلاف فيها حيث ورد التحقيق من 13 طريقا والتسهيل من 13 طريقا ، وعند التقديم نجد
أن وجه التحقيق هو المقدم لما يلي :
* أنه الموافق لما عليه القراء العشرة بما فيها الأصبهاني في أحد الوجهين ولأن التسهيل هنا هو مما اختص به الأصبهاني فقط عن ورش .
* أن التحقيق ورد من أعلى طرقه إسنادا ، وذلك من غاية ابن مهران وهو من علماء القرن الرابع الهجري على حين أن رواة التسهيل من علماء القرن الخامس وما بعده .
- ومن ذلك أيضا ما ورد من الخلاف عن السوسي في فتح الحاء وتقليلها
من ( حم ) في أوائل سور الحواميم فقد تساوت الطرق عنه فيفها حيث ورد الفتح من أربعة عشر طريقا وكذا التقليل ، ويقدم الفتح هنا لأمور منها :
* أن عليه جمهور العراقيين كما في النشر ، وهم أهل بلده ولا شك أنهم أعلم الناس بروايته .
* أنه الموافق لما عليه أكثر الطرق عن الدوري .
*أن عليه أكثر القراء العشرة ، فبه قرأ ابن كثير وأبو جعفر ويعقوب ورواه قالون وهشام وحفص ، وهو طريق الأصبهاني .. أ.ه
قال الإمام ابن الجزري في النشر :
باب الوقف على مرسوم الخط
وأما القسم الثاني من الإثبات :
وهو من الإلحاق أيضا وهو إثبات ما حذف لفظا وهو :
مختلف فيه ومتفق عليه .
فالمختلف فيه سبع كلمات وهي :
( يتسنه ) في البقرة ، ( اقتده ) بالأنعام ، ( كتابيه ) في الموضعين { 19 ، 25 } ، ( حسابيه ) كذلك { 20 ، 26 } ، ( ماليه ) ، ( سلطانيه ) الأربعة في الحاقة ، ( ما هيه ) بالقارعة ...
ثم قال : وأما ( كتابيه ) فيهما و ( حسابيه ) كلاهما فحذفَ الهاءَ منهما وصلا وأثبتها وقفا يعقوب ،
والباقون بإثباتها في الحالين .أ.ه
إذن لا خلاف بين القراء العشرة في هاتين الكلمتين " وقفا " فقط إذ أنهم يقفون جميعهم بالهاء ، أما في حالة " الوصل " فيهما فقد خالفهم الإمام يعقوب حيث أنه يحذف الهاء وصلا .
كذلك نقرأ من طريق الشاطبية لحفص بالتوسط وفويق التوسط فلماذا عند الجمع نقرأ بالتوسط فقط مثل رواية شعبة وقراءة ابن عامر والكسائي وخلف العاشر ووجه التوسط لقالون ؟ لماذا لا نقرأ بالتوسط وفويقه كما هو معتمد عن حفص من الشاطبية ؟
لم يرد لحفص في الشاطبية سوى التوسط ، والذين أجازوا فويق التوسط نظروا لأصل الشاطبية وهو التيسير ، فلحفص فيه فويق التوسط .
أما حال الجمع فإما أن تجمع بطريقة المرتبتين وهذه التي اعتمدها ابن الجزري ، والذي سار عليه الشيوخ حاليا .
وإما أن بكون الجمع بالمراتب المتعددة ، ويشمل حينها فويق التوسط والقصر ، ولكن الشيوخ لا يقرؤون بها ، وقد فصل في هذه المسألة الشيخ عبد الفتاح القاضي في بداية كتابه ( البدور الزاهرة ) عند قوله ( بما أنزل إليك ) فانظره بارك الله فيك .
أصل كلمة ( وَأْمُرْ )
( أَمَرَ ، يَأْمُرُ ، أَمْرًا ، اأْمُرْ ) بهمزة قطع ساكنة في المضارع والأمر ،
ثم اجْتُلِبَتْ همزةُ الوصل في فعل الأمر قبل الهمزة الساكنة ؛
كي يتوصل بها إلى النطق بالساكن الواقع في أول الكلمة ،
ثم دخلت على الكمة ( واو العطف المتحركة ) ،
ومن القواعد المقررة عند علماء التجويد :
أن همزة الوصل تسقط ( نطقا ) في الدرج _ أي في وصل الكلام _ ؛ فسقطت همزة الوصل نطقا وفقا لهذه القاعدة ؛ لعدم الحاجة إليها ؛
لأن الساكن _ وهو همزة القطع الساكنة - اعتمد على الواو المتحركة ،
ولما كانت هذه ( الواو ) تنزل من الكلمة منزلة الجزء من الكل ولا يمكن استقلالها عن الكلمة والوقف عليها ؛ أصبحت كأنها أول حرف في الكلمة ، والدليل على ذلك أنهم صوروا همزة القطع الساكنة ( ألفا ) من جنس حركة ما قبلها ألا هو
( فتحة الواو ) ومن المعلوم أن الرسم العثماني مبني على تقدير البدء بالكلمة والوقف عليها ؛ إذن فالواو أول الكلمة ، ثم حذفت صورة همزة الوصل ؛
لكراهة اجتماع الأمثال إذ لو ثبتت لاجتمع صورتا الألف هكذا :
( واأمر )
وهذا غير جائز عند علماء الرسم في حروف المد الثلاثة إلا ما استثني . مما مر نستنتج :
1- أن أول حرف في الكلمة ( الواو ) ثم همزة الوصل المحذوفة ( نطقا ورسما ) ثم همزة القطع الساكنة .
2- لا يجوز بحال من الأحوال أن يُبدأ بهمزة الوصل المحذوفة ( نطقا ورسما ) ؛ لاعتماد همزة القطع على الواو _ تعليل حذفها نطقا _ ،
وكراهة اجتماع الأمثال _ تعليل حذفها رسما _ ،
ولا يجوز أيضا البداية بهمزة القطع الساكنة ؛ لتعذر البدء بالساكن ؛
إذن البداية لابد أن تكون من أول حرف ألا وهو ( الواو ) .
3- همزة القطع الساكنة في رواية حمزة من الهمز المتوسط بنفسه حتى لا يظن ظان أنه من الهمز المتوسط بزائد فيجري فيه الوجهان .
(( تتمــــــــة صرفيـــــــــــــــة ))
قال الشيخ محمد محي عبد الحميد :
ثانيا : ( أَمَرَ ) و ( سَأَلَ ) ،
حذفوا همزتها من صيغة الأمر أيضا ، ثم حذفوا همزة الوصل استغناء عنها ، فقالوا :
( مُرْ ) و ( سَلْ ) إلا أنهم لا يلتزمون هذا الحذف إلا عند الابتداء بالكلمة ،
فإن كانت مسبوقة بشيء لم يلتزموا حذفها ، بل الأكثر استعمالا عندهم في هاتين الكلمتين حينئذ إعادة الهمزة _ التي هي الفاء أو العين _ إليهما ؛
قال الله تعالى : ( سل بني إسراءيل .. ) { البقرة : 211 } ،
( فسئلوا أهل الذكر .. ) { النحل : 43 } ،
وقال : ( وأمر أهلك بالصلوة .. ) { طه : 132 } .
من كتاب :
( دروس التصريف في المقدمات وتصريف الأفعال )
{ ص : 138 }
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في حالة اجتماع ( ميم الجمع ) مع ( المد المنفصل ) مع لفظ ( التوراة )
في آية واحدة من طريق الشاطبية والتيسير .
فلقالون ( خمسة ) أوجه جائزة ،
وكان يقتضي بالقسمة العقلية أن تكون الأوجه ( ثمانية ) أوجه ،
ولكن امتنع ثلاثة أوجه ؛
لأنها لم ترو عن قالون من طريق الشاطبية والتيسير :
وهاك بيتا حوى الأوجه الجائزة والممنوعة
للشيخ محمد عيد عابدين _ رحمه الله _ :
مَعَ الْفَتْحِ قَصْرًا صِلْ وَمُدَّ مُسَكِّنًا *** وَقَصْرًا سَكَنْ مَدًّا صِلِ اسْكِنْ مُقَلِّلا
جدول لبيان الأوجه :
التـوراة المد المنفصل ميم الجمع فتـح قصر صلة فتـح توسط سكون تقليـل قصر سكون تقليـل توسط صلة تقليـل توسط سكون
فنستطيع بالبيت أن نأتي بالأوجه الجائزة ونعرف الأوجه الممنوعة ، سواء تقدمت التوراة أو ميم الجمع أو المد المنفصل أو تأخر أي منهم على الآخر .
وكنت قد سألت شيخي قديما عن كيفية البدء بــ ( وأتوني بأهلكم ) فذكر لي قاعدة في الرسم ،
قال : الكلمة المرسومة على حرف واحد لا يمكن فصلها عما بعدها .
ولكن يوجد استثناء بسيط من القاعدة المذكورة ألا وهو :
( لام الجر )
من قوله تعالى : ( فمالِ هؤلاء القوم.. ) { النساء : 78 } ،
وقوله تعالى : ( مالِ هذا الكتاب.. ) { الكهف : 49 } ، وقوله : ( وقالوا مالِ هذا الرسول .. ) { الفرقان : 7 } وقوله : ( فمالِ الذين كفروا.. ) { المعارج : 36 } .
فاللام كما هو معلوم يمكن فصلها عما بعدها والوقف عليها مع الكلمة التي قبلها هكذا : ( فمالْ )
، وهو أحد الوجهين في هذه المواضع ،
والوجه الثاني هو الوقف على ( ما ) دون اللام ،
وعلى كلا الوجهين لا يمكن البدء إلا من :
( مال ) أو ( فمال ) * تنبيــه :
قوله تعالى : ( فنادوا ولات حين مناص ) { ص : 3 }
التاء من ( ولات ) ليست مفصولة عن كلمة ( حين ) على الراجح ،
فليست كلام الجر في المواضع السابقة ،
ولات من العاملات عمل ( ليس ) لأن فيها معنى النفي ،
وأصلها ( لا )وزيدت فيها التاء كما زيدت في ثمّ
يقال : ثم وثمت ، ورُبّ وربت ،
فالتاء تزاد في مثل هذا لتعطي مزيداً من المعنى .
فالتاء جزء من كلمة ( لا ) ، ليست كلام الجر في المواضع السابقة ؛
وعليه فلا يجوز الوقف على ( لا ) ألبتة دون التاء .
إن قضية قوة الحرف وضعفه لا يوجد في كلام متقدمي علماء العربية شيئا واضحا ومفصلا عنها ، وأعتقد أن علماء التجويد كان لهم السبق في هذا الباب ،
ولم يذكروا إلا معيارا واحدا يعرف به الحرف القوي من الضعيف ألا وهو
( الصفات ) يقوى الحرف بقوتها ويضعف بضعفها ،
وفي هذا يقول الإمام الجعبري في عقود الجمان :
أَمَّا الصِّفَاتُ فَمَيَّزتْ مُتَشَارِكًا *** وَحَلا بها في السَّمْعِ مُخْتَلِفَانِ
خِلْقِيَّةٌ قَــوَّتْ بِقُوَّتِهَا وَضَعْـــ *** عَــفَ ضَعْفُهَا وَهُمَا وُجُودِيَّانِ
ويقول الدكتور غانم في كتابه
الدراسات الصوتية عند علماء التجويد :
لا نجد في كلام متقدمي علماء العربية شيئا واضحا ومفصلا عن موضوع
( قوة الصوت وضعفه ) ، ويبدوا أن علماء التجويد هم أول من بحث هذا الموضوع على نحو مفصل ، وربما كان مكي بن أبي طالب هو واضع نظرية قوة الحروف وضعفها لدى علماء التجويد ، فهو أقدم من تكلم عن هذا الموضوع وأفاض في الحديث عنه وعرض تفصيلاته في أكثر من كتاب من كتبه ،
ويكاد كلام الذين جاءوا من بعده يكون اقتباسا منه ...
فهذا المعيار من المسلم به عند علماء الفن لم يعترض عيله أحد ألبتة ،
وكلهم تابعوا فيه الإمام مكي بن أبي طالب ولم يغيروا شيئا من فكرة الموضوع .
* أما مسألة كون الهاء أضعف من الألف أم الألف أضعف ،
فعلى المعيار السابق الهاء أضعف ،
* أما بالنسبة لنص صريح على ذلك :
فلا يوجود نص من الأئمة يصرح أن الهاء أضعف من الألف خصيصًا ،
ولكن يوجد نصوص يفهم منها أن الهاء أضعف الحروف منها : قول الإمام الفاسي( ت : 656ه ) في كتابه :
( اللآلئ الفريدة في شرح القصيدة )
" واعلم أن الصفات المذكورة منها ما هو قوي ومنها ما هو ضعيف ، .... وقوة الحرف وضعفه على حسب ما يتضمنه منها ، ألا ترى أن الطاءشديدة قوية بما تتضمنه من الجهر والشدة والإطباق والاستعلاء والإصمات والقلقلة ، وأن الهاءشديدة الضعف بما تتضمنه من الهمس والرخاوة والانفتاح والاستفال ، وانضاف إلى ذلك بعد مخرجها ، وكانت في نهاية من الخفاء ... فتأمل ذلك وقس الجميع على ما ذكرته تقف على الحقيقة فيه إن شاء الله تعالى." أ.ه وقول الإمام ملا علي القاري( ت : 1014ه ) في المنح الفكرية :
" فما جمع جميع الصفات القوية كالطاء فهو أقوى الحروف ،
وما جمع جميع الصفات الضعيفة فهو أضعفها كالهاء .." وقول الإمام ابن يالوشة( ت : 1314ه ) في شرحه على المنظومة الجزرية :
" .. فالطاء مثلا شديد القوة ؛ لأجل ما اتصف به من صفات القوة ، والهاء على العكس من ذلك ؛ لكونه اتصف بصفات الضعف .. "
.................................................. .........
* وأرى _ والله أعلم _ أن المراد من القوة والضعف في الحرف هو :
( الوضوح السمعي )
، وإلا لماذا يمثل العلماء بالهاء عند ذكرهم للحرف الضعيف
مع أن حروف ( الثاء والحاء والفاء ) مشتركة مع الهاء في الصفات المُمَيِّزة ؟؟
فأرى _ والله أعلم _ أن الهاء لما زادت عليهم بصفة مُحَسِّنَة وهي ( الخفاء ) خفيت في السمع دونهن ، فهي من أخفى الحروف في السمع كما هو ملاحظ بالحس ؛ فلذلك يمثل بها العلماء لأضعف الحروف في مقابلة تمثيلهم لأقوى الحروف .
ورجح الدكتور غانم ذلك في كتابه السابق حيث قال :
" ولم يحدد علماء التجويد المراد بقوة الحرف وضعفه ، ولكني أرجح أن يكون ذلك متعلقا بقوة وقوع الصوت ووضوحه في السمع .."
المستطيل : ما جرى في مخرجه بعد استكمال ذاته ،
والممدود : ما جرى في نفسه قبل استكمال ذاته واستكملها بعد تمام مده .
.............................................
أوجه الشبه بين المد والغنة
1- الغنة تجري في الخيشوم ( تجويف أنفي )
كما يجري المد في الجوف ( تجويف فموي ) .
2- الغنة ذاتية في حرفيها لا تنفك عنهما ألبتة
وكذلك المد لا ينفك عن الألف دون الواو والياء . والفرق بينها :
1- المد يمنع حروفه الإدغام ، أما الغنة فلا تمنع حروفها الإدغام .
2- الغنة لا تنفك عن النون والميم ألبتة ،
أما المد فيفارق الواو والياء المتحركتين واللينتين .
3- يتحقق صوت الغنة بأقل زمن ( أصل الغنة ) ،
أما المد فلا يتحقق إلا بحركتين لقيام حروف المد بهما .
4_ زمن الغنة أكثره حركتان ،
أما المد فأكثره ست حركات .
5- الغنة كائنة في حرفين لهما مخرج محقق ،
أما المد فكائن في حروف لهم مخرج مقدر .
قال الدكتور غانم قدروي الحمد
في
المدخل إلى علم أصوات العربية :
" النفخ : قسم سيبويه الحروف الموقوف عليها بحسب طريقة نطقها أو
كيفية انفتاح مخارجها إلى عدة أقسام :
1- حروف القلقة ، وهي حروف مشربة ( = مجهورة ) ضغطت من مواضعها ،
فإذا وقفت خرج معها من الفم صويت ، ونبا اللسان عن موضعه ،
وذلك القاف والجيم والطاء والدال والباء ،
فلا تسطيع أن تقف إلا مع الصويت ، لشدة ضغط الحرف .
2- حروف إذا وقفت عندها خرج معها نحو النفخة ، ولم تضغط ضغط الأولى ، وهي نوعان :
مشربة ( = مجهورة )
وهي أربعة : الزاي والظاء والذال والضاد ( القديمة ) ، وغير مشربة وهي المهموسة ، فكلها تقف عندها مع نفخ ،
وبعض العرب أشد نفخا . .. "
بالنسبة للصوت المسموع في حروف الهمس فكما سماه ( سيبويه ) نفخ وذلك في كل حروف الهمس ، إلا أن الصوت في ( الكاف والتاء ) أوضح من باقي حروف الهمس وذلك للشدة التي فيهما .
قال المرعشي : " وأما الشديد المهموس فهي حرفان : الكاف والتاء " جهد المقل 57 .
وعلق على ذلك في الحاشية فقال :
" فلشدتهما يحتبس صوتهما بالكلية ، بل نفسها أيضا حين احتباس صوتهما ؛ لأن احتباس الصوت بالكلية لا يكون إلا باحتباس النفس بالكلية ، ثم ينفتح مجراهما ويجري فيهما نفس كثير مع صوت ضعيف ؛ ليحصل الهمس " بيان جهد المقل 57 .
وقال أيضا : "إن قلتَ : الهمس جريان النفس ، وهو يستلزم جريان الصوت ، والشدة احتباس الصوت ، وهو يستلزم احتباس النفس ، فبين الهمس والشدة تناقض ، فكيف يكون الكاف والتاء شديدين مهموسين ؟
قلتُ : الشدة في آن ، والهمس في زمان آخر ، فاعرف ذلك " جهد المقل : 78 .
وعلق على ذلك في الحاشية فقال : " حاصله أن التناقض يندفع باختلاف الزمن ، . .. الخ " .
ونقل عن مكي قوله في القلقلة : " صوت زائد حدث في المخرج . . ."
وعلق على قوله : "صوت زائد " فقال : " ( قوله صوت زائد ) ينبغي أن يقيد الصوت الزائد بكون قويا جهوريا ؛ ليخرج الصوت الزائد الحادث في مخرج الكاف والتاء بعد ضغط المخرجوحصوله فيه ؛ لأنه صوت همس ضعيف جار . . . وكذا للشديد المهموس صوتان : صوت ذاته وهو آني ، وصوت همسه وهو زماني " جهد المقل وبيانه : 78 ، 79 .
وقال أيضا : " إنما ظهر الفرق بين الجهر والهمس في هذين الحرفين – يقصد القاف والكاف _ لأنهما شديدان ؛ فيحتبس فيهما الصوت والنفس بالكلية أول مرة ؛ لأن الشدة احتباس الصوت ، وهو يستلزم احتباس النفس ، وذلك غير خفي ، لكن الكاف لهمسه يجري فيه النفس بعد الاحتباسبخلاف القاف ؛ لأنه مجهور " بيان جهد المقل :70 .
وقال أيضا في تعريف الشدة : " وأما في الاصطلاح على ما ذكره البعض : فالشدة احتباس الصوت والنفس " .
وعلق على ذلك في حاشيته فقال : " قوله : ( فالشدة احتباس الصوت والنفس ) : لم يذكر البعض النفس في التعريف ، لكنه ذكره في التعليل ، والمعنى : أنهما يحتبسان أولا في الشديد ، ثم يجري النفس مع صوت ضعيف في الشديد المهموس دون الشديد المجهور " جهد المقل وبيانه 71 .
كلمة ( عمرٌو ) الواو فيها زائدة رسما _ غير ملفوظة _ للتفرقة بينها وبين كلمة
( عمر ) في رسم الكلمتين ،
أما الفرق بين الكلمتين في اللفظ فالأولى مصروفة _ أي منونة _
والثانية ممنوعة من الصرف ،
فترفع كلمة ( عمرو ) بالضمة وتجر بالكسرة وفي هاتين الحالتين
تبقى الواو الزائدة رسما للتفرقة بينهما ،
وفي حالة النصب تنصب بالفتحة وتحذف الواو لعدم الحاجة إليها
وذلك لرسم كلمة ( عمرو ) بالألف عوضا عن التنوين وقفا فترسم ( عمرا ) .
أما كلمة ( عمر ) فترفع بالضمة وتنصب وتجر بالفتحة من غير تنوين في الجميع.
كلمة : ( امرؤا ، امرئ ، امرأ )
نلاحظ أن الهمزة صورت مرة ( واوا ) ومرة ( ياء ) ومرة ( ألفا ) ،
والسبب في ذلك أن الهمزة المتطرفة المتحركة تصور بصورة حرف المد الذي منه حركة ما قبلها ، ولما تغير تشكيل الراء مرة بالضم ومرة بالكسر ومرة بالفتح تبعا لتغير تشكيل الهمزة ؛ رسمت أو صورت الهمزة واوا لما كانت الراء مضمومة ، وصورت ياءً لما كانت الراء مكسورة ، وصورت ألفا لما كانت الراء مفتوحة .
ولا يتوهم أحد أن الهمزة في هذه الكلمة صورت حرف مد من حركتها ،
فالقاعدة كما مر :
( الهمزة المتطرفة المتحركة تصور بصورة حرف المد الذي منه حركة ما قبلها ) ،
فإذا كان ما قبل الهمزة ضم رسمت الهمزة واوا وإن كان ما قبلها كسر رسمت ياء وإن كان ما قبلها فتح رسمت ألفا بغض النظر عن حركة الهمزة إلا ما خرج عن القياس .
والهمزة في هذه الكلمة منونة في جميع المواضع في القرآن إلا المنصوبة
في سورة مريم ( ما كان أبوك امرأَ سوء ..) لأن التنوين حذف للإضافة حيث أضيفت ( امرأ ) إلى ( سوء ) ،
ولو فرضًا وردت منصوبة غير مضافة لرسمت هكذا : ( امرءًا ) .
( أَئِمَّةٌ ) الأصل في الهمزة الثانية السكون وتحركت بحركة الميم الأولى من المشددة
بعد إدغامها في الثانية ،
وذلك لأن أصلها ( أَئْمِمَةٌ ) على وزن ( أَفْعِلَةٌ )
ومفردها ( إِمَام ) على ( فِعَال ) كـ ( إِنَاءٍ و ءَانِيَةٍ ) و ( مِثَالٍ و أَمْثِلَةٍ ) و ( إِلَهٍ و ءَالِهَةٍ )
ويمكن توجيهها :
1- نقلت حركة الميم الأولى ( الكسرة ) إلى الهمزة الثانية الساكنة ؛ فالتقى بذلك مثلان ( الميمان ) أولاهما ساكن والثاني متحرك فوجب الإدغام .
2- حدث الإدغام أولا ، فلما سكنت الميم الأولى كي يحصل الإدغام ؛
التقى بذلك ساكنين ( الهمزة الثانية الساكنة والميم الأولى التي سكنت للإدغام ) وللتخلص من التقاء الساكنين كسرت الهمزة أو نقل إليها حركة الميم ؛
تخلصا من التقاء الساكنين .
أجاب الإمام المرعشي عن هذا السؤال في كتابه الماتع
( جهد المقل ) فقال _ رحمه الله _ :
" .. مجرد طول المخرج لا يوجب طول الصوت ما لم يكن إلى جهة جريان الصوت .. "
إذن لابد أن يكون طول المخرج متجها حيث يجري الصوت ، فإذا تحقق ذلك
طال الصوت ، وهذا ما نجده في حرف الضاد . قال المرعشـي :
" ولِكَوْنِ كل حرف مساويا لمقدار مخرجه طال صوت الضاد المعجمة ؛ لطول مخرجها إلى جهة جريان الصوت ، فاعرف ذلك " .
أما اللام فمخرجها طويل ولكنه ليس إلى جهة جريان صوتها؛ لذا لم يطُلْ صوتها. قال المرعشـي :
" لأن طول مخرجه _ أي اللام _ ليس إلى جهة جريان الصوت ،
بل هو معترض على جهة جريانه ، ومَثِّلِ الأمرين بالخشبتين الطويلتين
وضعتا على النهر الجاري ، إحداهما إلى جهة جريانه ،
والأخرى معترضا على جهة جريانه "
ملحوظة :
تكرر في كلام المرعشي أن اللام أوسـع الحروف مخرجا ، فقال :
" وليس في الحروف أوسع مخرجا منه _ أي اللام _ " ثم علق قائلا :
" لطوله كما ترى ، لكنه مقَوَّسٌ ، ولما لم يكن طول مخرجه في سمت جريان الصوت ، بل معترضا على سمت الجريان لم يوجب طول مخرجه طول صوته ، بخلاف مخرج الضاد المعجمة " .
وفي كلامه _ رحمه الله _ نظر ، حيث عبر عن الطول الذي يوجد في مخرج اللام
بكلمة ( أوسع ) وأطلق الحكم وعليه :
1- إن كان يقصد الحروف الصحاح فاللام أوسعهم مخرجا كما قال وفي اللفظ مسامحة لما في الطول من اتساع .
2- إن كان يقصد كل الحروف بما فيهم حروف المد واللين _ وهو المفهوم من كلامه _ فلم يقل أحد من قبله بهذا القول ، بل القول من لدن الخليل وسيبويه إلى المحدثين من علماء الأصوات " أن حروف المد واللين أوسع الحروف مخرجًا ، ولما اتسع مخرجهم قبلت الزيادة " .
والله أعلم
ألفات مجهولة الأصل وقد رسمت ياء وذلك في :
الأسماء : ( أنى ، متى ، لدى في غافر _ووقع الخلاف في اسمية الأخيرة _ ) ليس غير
الحروف : ( حتى ، على ، إلى ، بلى ) ليس غير
وأما ( عسى )
فألفه ليست مجهولة الأصل ؛ إذ أنها تقلب ياء في حالة دخول الضمير مثل :
( فهل عسيتم .. ) ، ( قال هل عسيتم ..) . ألفات أصلها واوي ثم صار لها أصل ثاني يائي
بعد زيادة كلمتها على ثلاثة أحرف :
وذلك في :
الأسماء : ( أدنى ، أربى ، أزكى ، أعلى، .. )
الأفعال : ( استعلى ، اعتدى ، ابتلى ، فتعالى ، تتلى ، أنجى ، ..) ألفات أصلها ياء المتكلم وذلك في المنادى المندوب المضاف لياء المتكلم :
( يأسفى ، يحسرتى ، يويلتى ) ليس غير
.................................................. ......... ألفات أصلها واوي ولكنها رسمت ياء على غير قياس :
( سَجَى ، زَكَى ، الضُّحَى ( كيف وقعت )، الْقُوَى ،
دَحَىهَا ، تَلَىهَا ، طَحَىهَا ، الْعُلَى )
ولنا عودة أخرى مع البقية
بقية الإجابة :
كلمة : ( بأيـيـم الله ) { إبراهيم : 5 }
والياء فيها _ أي الثانية _ ليست زائدة كالياء الأولى في ( بأييد ) { الذاريات : 47 }
وليست كالثانية _ على الراجح _ في قوله تعالى : ( بأييِّكم ) { القلم : 6 } ،
وإنما الياء بدل من الألف أي أن الألف صورت ياء على غير قياس ،
والعلة في ذلك مذكروة في كتب الرسم فليرجع إليها ،
وعلى ذلك تضبط الكلمة بوضح ألف خنجرية على الياء إشعارا بأن الياء منقلبة منها ، ولو عللت بعلة كلمة ( بأييَّكم ) لضبطت بتعرية الياء الأولى وتشديد الثانية مع الفتح ووضع ألف خنجرية بعدها على مطتها ،
ولكن جرى العمل على الأول وهو الراجح ،
وذلك لأن القياس على كلمة ( بأييكم ) بعيد بسبب الفارق الحاصل بينهما ؛
إذ أن ( بأييم ) في بنيتها ألف والأخرى ليس فيها ألف ،
وصرف هذه الياء إلى الانقلاب من الألف أقرب من صرفها
إلى إرادة فك التشديد في الياء . والله أعلم ونذكر بعض الكلمات يلتبس فيها أصلية الألف :
1- ( قَلَى ) { الضحى : 3 } ،
هل أصل الألف ياء فلذلك رسمت ياء ،
أم أصلها واوي ورسمت ياء على غير قياس ؟؟.
الصحيح في هذا الموضع أن أصل الألف ياء من :
قلى ، قليت ، قِلًى ، بمعنى : ( البغض الشديد ) ،
أما التي بمعنى الشوي ففيها لغتان ، أهل الحجاز يقولون : قلوت البُرَّ ، وكل شيء يُقْلَى فأنا أقلوه قَلْوًا ، وتميم تقول : قليت البُرَّ فأنا أقليه قليًا ،
أما إذا أرادوا التي بمعنى ( البغض الشديد ) فهم في التعبير عنه سواء ،
فيقولون : قَلَيْتُ الرجلَ فأنا أقليه قِلًى ، أي أبغضته بغضا شديدا ،
ولا يخفى ما في المعنين من قرب ، فكأن البغض الشديد يقلي الكبد والفؤاد
واسم الفاعل منه : ( القالي وقالٍ والجمع القالون والقالين )
2- ( طغى ، طغا ) فيها لغتان :
طغى ، يطغى ، طغيان / طغا ، يطغو ، طغوان
قَالَ الْخَلِيلُ: " الطُّغْيَانُ وَالطُّغْوَانُ لُغَةٌ ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ طَغَيْتُ وَطَغَوْتُ " .
والاسم منه : ( الطغوى ) وهو مصدر أيضا ، كما في قوله تعالى :
( كذبت ثمود بطغويها ) { الشمس : 11 }
ورسمت الألف في المصحف ياء وألفا :
فرسمت ألفا في موضع واحد فقط من قوله تعالى :
" إنا لما طغا الماء .. " { الحاقة : 11 } ،
وبقية المواضع بالياء مثل قوله تعالى :
" اذهب إلى فرعون إنه طغى " { النازعات : 17 }
3- ( غُزًّى )
وقعت هذه اللفظة في سورة ( آل عمران : 156 ) ، ويلتبس أصلية ألفها ،
لأن أصل الفعل : ( غَزَا ، يَغْزُو ، غَزْوًا وغَزَوَانًا وغَزَاوَةً ، وهو غازٍ
ج : غُزًّى وغُزِيٌّ، كدُلِيٍّ . والغَزِيُّ ، كَغَنِيٍّ : اسمُ جَمْعٍ
فأصل الألف الواو ومع ذلك رسمت ياء ولم تخرج عن القياس ،
وذلك لأن الواو انقلبت ياء في المفرد وهو الغازي ، وأصلها ( الغازِوْ ) ،
ولما تطرفت الواو الساكنة بعد كسر قلبت ياء ،
وجمعت من المفرد على ( غُزًّى ) .
ياء المتكلم تحذف رسما في حالة النداء على المضاف إليها
سواء كانت ( يا ) النداء ظاهرة أو مقدرة ، وبيان سبب حذف الياء وهو كثرة الاستعمال والاكتفاء بالكسرة قبلها .
(( تتمة ))
وفي المنادى المضاف لياء المتكلم لغات ، نذكر منها :
1- الأفصح والأكثر ، وهو حذف الياء والاكتفاء بالكسرة
نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16] .
2- ثبوتها ساكنة نحو : {يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} [الزخرف: 68] .
3- ثبوتها مفتوحة وهو الأصل نحو : {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53] .
4- قلب الكسرة فتحة والياء ألفًا نحو : {يَا حَسْرَتَى} [يس: 30] .
جزاكم الله خيرا