فالإخفاء لابد أن يصرف معناه في باب التعوذ إلى الإسرار لا الكتمان ،
والفرق بينهما :
أن ( الكتمان ) يكفي فيه الذكر في النَّفْسِ من غير تلفظ ،
أما ( الإسرار ) فلا يكفي فيه إلا تلفظ القارئ وإسماع نفسه ،
وقد نبه الإمام ابن الجزري _ رحمه الله _ في نشره على أن الصواب
صرف الإسرار معنًى للإخفاء في باب الإستعاذةفقال :
" وعليه_ أي الإسرار _ حَمَلَ الجعبريُّ كلامَ الشاطبي ، وهذا هو الصواب ؛
لأن نصوص المتقدمين كلها على جعله ضدًا للجهر ،
وكونه ضدا للجهر يقتضي الإسرار به ، والله تعالى أعلم " .
ونبه الإمام الجعبري على ذلك أيضا في شرحه للشاطبية فقال :
" استُعمل الإخفاء لثلاثة معان ، هذا أحدها معناه الإسرار ،
وأقله إسماع القارئ نفسه " .
استُعْمِلَ مصطلح الإخفاء عند القراء ليدل على : 1-إخفاء التصويت في الحروف ، ويندرج تحته :
- إخفاء النون الساكنة والتنوين ويقيد بالحقيقي .
- إخفاء الميم الساكنة _ سواء أصلية أو منقلبة من نون ساكنة أو تنوين _ ويقيد بالشفوي . 2- إخفاء التصويت في الحركات :
- ويقصد به ( الروم والاختلاس ) . 3- إخفاء النطق في الجملة :
- ويقصد به إخفاء التعوذ ، ويصرف معناه للإسرار _ كما مر _ ،
وكذلك البسملة . 4- إخفاء صفة من الصفات :
- إخفاء تكرير الراء كما في قول الإمام ابن الجزري :
" وأخفِ تكريرا إذا تشدد "
قال الإمام القاضي الحموي ( ت : 791 )
في كتاب ( القواعد والإشارات في أصول القراءات ) :
" التشديد : وهو ضده _ أي التخفيف _ في العبارة الآخرة .
التثقيل : قال أبو الأصبغ في كتاب المرشد " هو رد الصلات إلى الهاءات " .
فظهر لي أنه سُمِيَ ( ثقلا ) بالنسبة إلى الهاءات المختلسة ؛
إذ هو أسهل على النطق .
وقال بعض أهل هذا الشأن : التشديد والتثقيل واحد . وقطع الجعبري في العقود بالفرق . فالظاهر أن التشديد أخص ؛
لأنه حبس محل النطق ، وهو مخرج الحرف المنطوق به مشددا .
والتثقيل : يطلق عليه لثقله على الناطق ، ويطلق أيضا على رد صلة الميم قياسا على صلة هاء الكناية ، فكل تشديد تثقيل ولا عكس .
فإن قيل :
لا يصح قياس الهاء على الميم في هذا الحكم ؛ لأن مرجعها إلى الاختلاس
ومرجع الميم إلى السكون بدليل عدم ورود النقل باختلاس ميم الجمع ،
وإنما الخلاف فيها دائر بين الصلة والسكون .
قلت :
الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : قطع النظر عن الأصل ، والكلام إنما هو في مُوجِب الثقل ،
وهو حصول الزيادة على الأصل مطلقا ، والجامع بينهما المسوغ للقياس
كون كل منهما أثقل على الناطق مما كان عليه أولا ،
إذ المخْتَلِسُ يزيد في الحركة ؛ ليُتِمَّ حرفَ المد ، والمسَكِّنُ يُحَرِّكُ ثم يَمُدُّ الحركةَ ؛ ليُصَيِّرَها حرفا ، ففي كل من الفعلين زيادة كلفة ؛ فثقلت حينئذ صلة الميم لوجود الزيادة كما ثقلت صلة الهاء لوجود الزيادة .
الوجه الثاني : على تقدير النظر إلى الأصل المرجوع إليه في الهاء والميم ،
فالتعبير بالتثقيل عن صلة الميم الجمعية أولى من التعبير به عن صلة الهاء ، ويشهد لذلك أن صلة الميم تحتاج إلى حركة أولا ؛ إذ الميم تكون ساكنة في الأصل ، ثم بعد حصول صورة الحركة تأتي بالصلة ، وصلة الهاء تكون الحركة فيها موجودة قبل صلتها ، فالصلة في الميم أثقل ؛ إذ الناطق يتكلف أمرين :
أحدهما التحريك ، والثاني صلة الحركة ،
والناطق بصلة الهاء يتكلف الصلة لا غير لوجود الحركة قبل . وما زاد التكلف له كان أثقل ، وما كان أثقل ، فالتعبير عنه بالثقل أولى
من التعبير به عما دونه في الثقل ، وأقرب حقيقة " .
قال الجعبري في عقود الجمان :
تَشْدِيدُهُمْ حَبْسُ المحِلِّ بِقُوَّةٍ *** وَالاعَـمُّ تَثْقِيـلٌ فَيَفْتَرِقَـانِ
وجه الشبه بين همزة الوصل وهاء السكت :
أنَّ كليهما يُتَوَصَّلُ بهما إلى النطق ،
* فهمزة الوصل يُتَوَصَّلُ بها إلى النطق بالساكن الواقع في أول الكلمة
وِفَقًا للقاعدة المعروفة ( لا يبتدأ بساكن ) ،
* وهاء السكت يُتَوَصَّلُ بها إلى النطق بالحرف المتحرك الواقع في آخر الكلمة
ِوِفَقًا لباقي القاعدة ( ولا يوقف على متحرك ) .
وحُكِيَ عن الخليل أنه سأل أصحابه عن كيفية النطق بالجيم من ( جَعفر ) ؟
فقالو : جيم . فقال : إنما نطقتم بالاسم ولم تنطقوا بالمسئول عنه ،
والجواب : جَـهْ ؛ لأنه المسمَّى .
فللتوصل لنطق الحرف المتحرك المنفرد كما في المثال السابق
أو الأخير من كلمة ؛ فلابد من إلحاق هاء السكت .
ولهاء السكت فوائد أخرى نذكرها لاحقا .
الأصل في ياء الإضافة الإسكان ،
وحفص باقٍ على هذا الأصل في كل قسم إلا القسم الرابع فخرج من الإسكان
إلى أصل ثاني وهو الفتح ، المواضع التي خرج فيها عن أصله في كل قسم :
(عهديْ الظالمين) [البقرة: 124] الأصل فيها بالفتح للياء رواه بإسكان الياء فتسقط لفظاً بسبب التقاء الساكنين.
ما وقع من ياءات الإضافة قبل همزة قطع استثني لحفص من هذا النوع أربعة ألفاظ رواها بفتح ياءاتها. وقد وردت هذه الألفاظ في (13) موضعاً هي:
1.(أجريَ إلا): وردت في تسعة مواضع: (يونس: 72)، (هود: 29، 51)، (سبأ: 47)، (الشعراء: 109، 127، 145، 164، 180).
2.(يديَ إليك): (المائدة: 28).
3.(أمِّيَ إلاهين): (المائدة: 116).
4.(معيَ أبداً): (التوبة: 83)، (معيَ أو): (المُلْك: 28).
ما وقع من ياءات الإضافة قبل أي حرف غير الهمزة وغير أل التعريف
المواضع الإثنان والعشرون التي رواها حفص بفتح ياءات الإضافة فيها محصورة في خمسة ألفاظ هي: (محيايَ – وجهيَ – بيتيَ – ليَ – معيَ ) ومواضعها كما يلي:
1.(محيايَ) (الأنعام: 162) وهو موضع واحد.
2.(وجهيَ لله) (آل عمران: 20)، وكذلك (وجهيَ للذي) (الأنعام: 79).
3.(بيتيَ للطائفين) (البقرة: 125) (الحج: 26)، (ولمن دخل بيتيَ مؤمناً) (نوح: 28).
4.(ليَ) في سبعة مواضع هي: (وما كان ليَ عليكم) (إبراهيم: 22)، (ماليَ لا أرى) (النمل: 20)، (وليَ نعجة) (ص: 23)، (ما كان ليَ من علم) (ص: 69)، (وليَ فيها مآرب) (طه: 18)، (وماليَ لا أعبد) (يس: 22(، (وليَ دين)
(الكافرون: 6).
5.(معيَ) في تسعة مواضع هي: (فأرسل معيَ بني...) (الأعراف: 105)، (معيَ عدّواً) (التوبة: 83)، (معيَ صبراًَ) (الكهف: 67، 72، 75)، (ذِكْرُ مَنْ معيَ وذِكْرُ مَنْ قبلي) (الأنبياء: 24)، (إن معيَ ربي) (الشعراء: 62)، (فأرسله معيَ ردءاً) (القصص: 34)، (معيَ من المؤمنين) (الشعراء: 118) (1).
جمـــلة ياءات الإضــافة :
( 876 ) ياء
قسم متفق عليه ، وقسم مختلف فيه ،
فالمتفق عليه ( 664 ) ، منها ( 566 ) ياء متفق على سكونهن ،
و( 98 ) ياء متفق على فتحهن .
والمختلف فيه بين القراء ( 212 ) ياء .
وتنقسم ياء الإضافة بحسب ما بعدها إلى ستة أقسام ، بيانها كالآتي :
فإما أن يكون بعدها همز أو لا ،
فإن كان بعدها همز فإما أن يكون ( همز قطع ) أو ( همز وصل ) ،
فإذا كان همز قطع ،
فإما أن يكون : ( مفتوحا ) أو ( مضموما ) أو ( مكسورا ) ،
وإذا كان همز وصل ،
فإما أن يكون : ( همز وصل مقترن بلام التعريف ) ،
أو ( همز وصل مفرد _ غير مقترن بلام التعريف _ ) .
وتفصيلها كالآتي : أما القسم الأول :
( كل ياء إضافة بعدها همزة قطع مفتوحة )
جملة هذا القسم ( 103 ) موضع .
اتفق القراء على إسكان ( 4 ) مواضع .
وأصل رواية حفص الإسكان في بقية المواضع ( 99 ) موضع ،
ولكنه خرج عن أصله وفتح الياء في موضعين فقط :
الأول : ( معيَ أبدا ) في التوبة ، والثاني : ( معيَ أو رحمنا ) في الملك . القسم الثاني :
( كل ياء إضافة بعدها همزة قطع مكسورة )
جملة هذا القسم ( 60 ) موضع .
اتفق القراء على إسكان ( 8 ) مواضع .
وأصل رواية حفص الإسكان في بقية المواضع ( 52 ) موضع ،
ولكنه خرج عن أصله وفتح الياء في ثلاث كلمات
وقعت الأخيرة في تسع مواضع :
الكلمة الأولى والثانية بالمائدة : ( يديَ إليك ، وأميَ إلهين ) ،
والثالثة : ( أجريَ إلا ) موضع بيونس ، وموضعين بهود ، وخمسة بالشعراء ، وموضع بسبأ . أما القسم الثالث :
وهو ( كل ياء إضافة بعدها همزة قطع مضمومة )
جملة هذا القسم ( 12 ) موضع .
اتفق القراء على إسكان موضعين .
وأسكن حفص بقية المواضع ( 10 ) مواضع ، ولم يخرج عن أصله في شيء . القسم الرابع :
( كل ياء إضافة بعدها همزة وصل مقترنة بلام التعريف )
جملة هذا القسم ( 32 ) موضع .
اتفق القراء على فتح ( 18 ) موضع .
وأصل رواية حفص الفتح في بقية المواضع ( 14 ) ،
ولكنه خرج عن أصله وسكن الياء في موضع واحد وهو :
( عهدي الظالمين ) بالبقرة . القسم الخامس : ( كل ياء إضافة بعدها همزة وصل مفردة )
جملة هذا القسم ( 7 ) مواضع
أصل رواية حفص الإسكان في جميع المواضع ، ولم يخرج عن أصله في شيء . القسم السادس : ( كل ياء إضافة بعدها أي حرف غير همزتي القطع والوصل )
جملة المتفق على إسكانه ( 552 ) ياء .
وجملة المتفق على فتحه ( 80 ) ياء .
جملة المختلف فيه بين القراء ( 30 ) ياء .
وأصل رواية حفص في المختلف فيه الإسكان ،
ولكنه خرج عن أصله وفتح ( 22 ) موضعا. ومواضعها كما يلي:
1.(محيايَ) (الأنعام: 162) وهو موضع واحد.
2.(وجهيَ لله) (آل عمران: 20)، وكذلك (وجهيَ للذي) (الأنعام: 79).
3.(بيتيَ للطائفين) (البقرة: 125) (الحج: 26)، (ولمن دخل بيتيَ مؤمناً) (نوح: 28).
4.(ليَ) في سبعة مواضع هي: (وما كان ليَ عليكم) (إبراهيم: 22)، (ماليَ لا أرى) (النمل: 20)، (وليَ نعجة) (ص: 23)، (ما كان ليَ من علم) (ص: 69)، (وليَ فيها مآرب) (طه: 18)، (وماليَ لا أعبد) (يس: 22(، (وليَ دين) (الكافرون: 6).
5.(معيَ) في تسعة مواضع هي: (فأرسل معيَ بني...) (الأعراف: 105)، (معيَ عدّواً) (التوبة: 83)، (معيَ صبراًَ) (الكهف: 67، 72، 75)، (ذِكْرُ مَنْ معيَ وذِكْرُ مَنْ قبلي) (الأنبياء: 24)، (إن معيَ ربي) (الشعراء: 62)، (فأرسله معيَ ردءاً) (القصص: 34)، (معيَ من المؤمنين) (الشعراء: 118) (1).
الاسم المنقوص ، هو :
( كل اسم معرب آخـره يـاء لازمة ، غير مشددة ، قبلها كسر ) .
ويخرج بـ ( الاسم ) جميع أنواع الفعل ، ولاسيما المختوم بياء ،
مثل : ( يقضي ، يمشي ..) ، والحرف ، مثل : ( في ، ..)
ويخرج بـ ( المعرب ) كل اسم مبني آخره ياء لازمة ، مثل :
( الذي ، التي ، ..).
ويخرج بـ ( آخره ياء ) ما كانت الياء متوسطة فيه ، مثل :
( الذين ، ,, ) .
ويخرج بـ ( لازمة ) ما كانت الياء علامة إعراب ، وذلك في : ( الأسماء الخمسة في حالة الجر ، والمثنى وجمع المذكر السالم في حالتي النصب والجر ) ،
مثل : ( حاضري المسجد ، معجزي الله ، مقيمي الصلوة ) .
ويخرج بـ ( غير مشددة ) ما كانت الياء مشددة فيه مثل كرسيّ ، . ) .
ويخرج بـ ( قبلها كسر ) ما كانت الياء ساكنة قبلها فتح مثل ظبْي ، . ) .
وياء المنقوص إما أن تكــون :
1- محذوفــة رسمـا .
2- ثابتـــة رسمـا .
* وتحذف ياء المنقوص رسما بشرطين
أن يكون الاسم المنقوص
1- نكرة _ غير مُعَرَّفٍ بـ ( أل ) أو الإضافة _
2- مرفــوع أو مجــرور .
والشرطين كل منهما مبني على الآخر ؛ يُوجَبُ بهما حذف ياء المنقوص
وفق علة تصريفية ، وهي : ( اجتماع الساكنين ) .
فالاسم المنقوص آخره ياء ساكنة لا تظهر عليها حركتا ( الضمة والكسرة ) ؛
لثقلهما على اللافظ ؛
فتبقى الياء ساكنة في حالتي ( الرفع والجر ) مقدرةً عليها الحركتان ،
ويلتقي التنوين _ الواجب دخوله على الاسم المعرب المنصرف النكرة _ بهذه الياء الساكنة ، فتُحْذَفُ الياءُ تخلصا من التقاء الساكنين ، ويلحق التنوين بالحرف السابق للياء المحذوفة ، ويرسم كسرة ثانية ؛ لأنه لحق بحرف مكسور . وجملة الواقع من ذلك في القرآن : ثلاثون اسمـا في سبعة وأربعين موضعا وهي كما يلي :
(( بَاغٍ ولا عَادٍ { البقرة ، الأنعام ، النحل } ، مُوصٍ { البقرة } ،
تَرَاضٍ { البقرة ، النساء } ، حَامٍ { المائدة }، لأتٍ { الأنعام ، العنكبوت }،
غَوَاشٍ { الأعراف } ، أَيْدٍ { الأعراف } ، هَارٍ { التوبة } ، لَعَالٍ { يونس } ،
نَاجٍ { يوسف } ، هَادٍ { 2 الرعد ، 2 الزمر ، غافر } ،
وَاقٍ { 2 الرعد ، غافر } ، مُستخفٍ { الرعد } ،
وَالٍ { الرعد } ، وَادٍ { إبراهيم ، الشعراء } ، بَاقٍ { النحل } ، مُفْتَرٍ { النحل } ،
لَيَالٍ { مريم ، الحاقة ، الفجر } ، قَاضٍ { طـه } ، زَانٍ { النور } ،
جَازٍ { لقمان } ، بِكَافٍ { الزمر } ، مُعْتَدٍ { ق ، القلم ، المطففين } ،
فَانٍ { الرحمن } ، ءَانٍ { الرحمن } ، دَانٍ { الرحمن } ،
مُهْتَدٍ { الحديد } ، مُلاقٍ { الحاقة } ، رَاقٍ { القيامة } )) .
.........................................
ولا تدخل في الأسماء المنقوصة كلمة ( بأييدٍ ) في الذاريات . يقول العلامة الشنقيطي _ رحمه الله تعالى _ في تفسير :
قوله تعالى: (( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ ))
ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم ؛
لأن قوله : (( بِأَيْيدٍ )) ليس جمع يد ،
وإنما الأيد القوة ، فوزن قوله هنا : (بأيْيد) فَعْلٍ ، ووزن الأيدي أَفْعِل ،
فالهمزة في قوله: ((بِأَيْيدٍ)) في مكان الفاء ، والياء في مكان العين ،
والدال في مكان اللام . ولو كان قوله تعالى : ((بِأَيْيدٍ)) جمع يد لكان وزنه أَفْعِلا ،
فتكون الهمزة زائدة ، والياء في مكان الفاء ، والدال في مكان العين ،
والياء المحذوفة _ لكونه منقوصاً _ هي اللام .
والأيد والآد في لغة العرب بمعنى القوة ، ورجل أيد قوي ،
ومنه قوله تعالى: { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } [البقرة:87] أي : قويناه به .
فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط غلطاً فاحشاً ،
والمعنى : والسماء بنيناها بقوة . قال الإمام المارغني في دليل الحيران : " بأييْد " بياءين أيضا :
الأولى هي الأصلية ، والثانية هي الزائدة على المختار ،
للفرق بينه وبين " أيدي " في نحو : { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } ، { أَيْدِي النَّاسِ } ؛
لأن ما زيدت فيه الياء مفرد بمعنى القوة ،
وهمزته فاء الكلمة وياؤه عينها وداله لامها ،
وما لم تزد فيه اللام جمعٌ مفرده " يد " بمعنى الجارحة ،
وهمزته زائدة وياؤه الأولى فاء الكملة ، وداله عينها وياؤه الأخيرة لامها.
فإن قيل :
زيادة الياء غير محتاج إليها ؛ لظهور الفرق بينهما بوجود الياء بعد الدال
في التي بمعنى الجوارح ، وانعدامها في التي بمعنى القوة ؟
فالجواب أنهم أرادوا رفع توهم أنها كلها بمعنى الجوارح ،
وأن الياء حذفت في " بأييْد " ؛ لأنه غير مضاف ،
وثبتت في نحو: { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } لأجل الإضافة ؛
لأن ذلك هو شأن كل ما آخره ياء نحو :
{ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ } و {إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}
فزادوا الياء في : {بِأَييْدٍ} ، رفعا لهذا التوهم وبيانا للفرق بينهما ،
وخصوا : {أَييْدٍ} ، الذي بمعنى القوة بالزيادة ؛
لخفته بسبب كونه مفردا سالما من الاعتلال
بخلاف
" الأيدي " الذي بمعنى الجوارح ،
فإنه ثقيل بسبب كونه جمعا معتل اللام .
تُرِكَ نقط الياء في :
1- الياء المتطرفة ، سواء ( متحركة أو ساكنة أو زائدة )
متحركة : كـ ( النبـىُّ ، طرفـىِ ، محياىَ ، فبأىِّ )
ساكنة : كـ ( يقضِى ، المهتدِى ، الذِى ، فِـى ، ذواتَىْ )
زائدة : كـ ( نبإِى ) بالأنعام_ على الراجح _ .
(( تنبيه ))
لا تدخل الياء المنونة بالفتح في حكم التطرف ،
مثل : ( عليًّا ، وليًّا ، مناديًـا )
بذريعة أن الإعراب لا يظهر إلا على الحرف الأخير من الكلمة ،
وبما أن الإعراب ظاهر عليها فهي آخر الكلمة .
* نعم الياء هي آخر بنية الكلمة ، ولكنها ليست الأخيرة فالرسم يُرَاعَى فيه الابتداء بالكلمة والوقف عليها ،
والوقف على مثل هذه الكلمات لا يكون إلا على الألف ؛
لذا خرجت الياء من حكم التطرف .
ولا تنقط الياء في مثل : ( شَىْء ، بَرِىء ، المسِىء ) مع أنها ليست الحرف الأخير في الكلمة _ بدليل ان الإعراب ظاهر على الهمزة _ ،
إلا إنها آخر الكلمة حكمًا ؛ وذلك لأن الهمزة ليست لها صورة في الرسم ،
والشكل المأخوذ من العين ( ء ) ليس إلا علامة ضبط .
2- الياء التي جعلت صورة للهمزة ، سواء وسطا أو طرفا .
مثل : ( أولئك ، لئلا ، تلقائ ، إيتائ )
3- الياء المبدلة _ رسما _ من الألف ، سواء وسطا أو طرفا .
مثل : ( أدرَيك ،هُدَيهم ، موسى ، تهوى )
4- الياء المعقوصة ، سواء عوض عن ياء محذوفة رسما ، أو صلة لهاء كناية .
مثل : ( النبيـن ،إبراهـم ، يستحي ـ ، لِنُحْـِيَ ) ، ( بِـهِ ـ كثيرا ) .
5- الكسرة باعتبارها مأخوذة من الياء غير أنها محذوفة الرأس .
(( تنبيه مهم ))
يجب التفرقة بين إثبات علاقة بين حرفين _ من : ثماثل أو تقارب أو تجانس أو تباعد _ ،
وموجب هذه العلاقة _ من : إدغام أو إظهار أو غير ذلك _ ، أو ما يجوز بهذه العلاقة .
فإثبات أي علاقة بين أي حرفين ليس مشروطا فيه أن يلتقي الحرفان خطا ،
بل بمجرد الالتقاء اللفظي تسمى العلاقة بينهما ، مثل :
( عذابٌ أليم )
هل العلاقة هنا بين الباء والهمزة ، أم بين التنوين والهمزة ؟
الإجابة : العلاقة قطعا بين التنوين والهمزة ( تباعد صغير ) ،
وبموجب هذه العلاقة حصل الإظهار الحلقي ،
مع أن التنوين غير موجود خطا .
وأوضح من ذلك :
( عليمًا حكيما )
هل العلاقة بين الألف والحاء ، أم بين التنوين والحاء ؟
بلا شك العلاقة بين التنوين والحاء ، وبموجبها حصل الإظهار الحلقي .
وعليه فكل حرفين التقيا لفظا ؛ بينهما علاقة ،
بغض النظر عن الالتقاء الخطي .
* أما الالتقاء الخطي فهو شرط للإدغام فقط ،
ليس شرطا لإثبات تماثل بين حرفين أو تقارب أو تجانس أو تباعد .
ايـتِ
بحروف مد محذوفة رسما ، ولم يعوض عنها بشيء في علم الضبط ،
إلا أنه وضع موضعها علامة المد ؟؟
(هي حروف المد في فواتح السور)
قال الشيخ الضباع في كتاب سمير الطالبين :
وأما حروف المد الواقعة في فواتح السور : فالإجماع منعقد على أنها لا تلحق
وأما وضع علامة المد عليها فلم يرد فيه نص عن المتقدمين.
وأما المتأخرين : فمنهم من قال : لا توضع ؛ لأن الأئمة المقتدى بهم لم يعرجوا على ذلك بوجهٍ ،
ولو كان مفتقرا إلى المط ( علامة المد ) لتكلموا عليه ،
بدليل أنهم تكلموا على النقط . ومنهم من قال : توضع مراعاة للفظ ، وانعدام حرف المد لا عبرة به ،
ألا ترى أنه يوضع حرف المد على أحد الوجهين فيه ! (والصحيح الأول ، ولكن جرى العمل بالثاني غالباً ).
قال الدكتور عبد العلي المسئول في
معجم مصطلحات علم القراءات :
التسمية :
وهي مرادفة للبسملة عند الجمهور ،
فمنهم من أطلق على ( بسم الله الرحمن الرحيم ) مصطلح التسمية
كالداني حيث قال :
" باب ذكر مذاهبهم في التسمية والفصل بها بين السورتين " ( جامع البيان ) ،
ومنهم من اصطلح عليها بالبسملة كالمهدوي حيث قال :
" فأما إجماع من ذكرنا في كتابنا على إظهاره البسملة في أول الحمد ... " ( شرح الهداية ) ،وعليه قول الشاطبي :" وبسمل بي السورتين ..... " ،
ومنهم من فرق بين التسمية والبسملة فقال :
إن التسمية عبارة عن ذكر اسم الله مطلقا ،
بمعنى أن البسملة تصدق على قولنا بسم الله الرحمن الرحيم ) فقط ،
وأما التسمية فهي صادقة على ذلك وعلى قولنا : ( باسم الله ) ،
وعليه فكل بسملة تسمية ، وليس كل تسمية بسملة ،
فالتسمية أعم من البسملة .
ينظر مرشد القارئ لابن الطحان ، والقواعد والإشارات للقاضي الحموي .
قال الإمام المسعدي في فوائده :
" .. وليس للراء مخرج محقق ؛ لأنها حرف مكرر لا يمكن ثبات اللسان معه ،
وإنما المحقق مبدأ مخرجه .. "
ولا شك أن كلام الإمام المسعدي يحتاج لوقفهتوضحه،
هل معنى المخرج المحقق الذي يقصده الإمام المسعدي
هو هو المعنى المتعارف عليه ؟
كما هو ظاهر من كلام الإمام المسعدي أنه علق نفي المخرج المحقق عن حرف الراء بعدم ثبات اللسان حال النطق به وذلك للتكرير الذي فيه ،
أما المخرج المحقق عند جمهور العلماء ، فهو الذي يعتمد فيه الصوت على جزء معين من أجزاء الفم من : الحلق واللسان والشفتين وينقطع فيه الصوت ،
وإذا أنزلنا صوت الراء على ذلك التعريف لوجدناه مطابقا له ،
فصوت الراء اعتمد على جزء معين من أجزاء الفم ألا وهو طرف اللسان مع ما يحاذيه من لثة الأسنان العليا غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليلا ،
وأيضا صوت الراء ينقطع في هذا الحيز ،
أما التكرير الذي يحدث في الراء فليس داعيا إلى نفي المخرج المحقق عن الراء ،
ولا أعلم أحدا سبق الإمام المسعدي إلى هذه القولة ،
وفي كلامه مسامحة إن صرفنا معنى كلمة ( محقق )
الذي نفاه عن الراء إلى معنى آخر ، وليكن ( الثبات ) ،
فإذا قلنا مثلا :
" كل الحروف ذات المخرج المحقق لا يرتعد فيها طرف العضو
إلا حرف الراء ، وكون هذه الارتعادة سببا لعدم ثبات العضو
في حال النطق بالحرف ؛ فمخرج الحرف إذن غير ثابت كبقية الحروف .
وقوله : " .. وإنما المحقق مبدأ مخرجه "
المقصود به : أن الثبات الموجود في بقية حروف الهجاء
كائن في مبدأ النطق بالراء فقط .
ومن المعلوم في علم الصرف أن الألف _ اللينة _ لا تأتي أصلا في الثلاثي
من الأسماء المتمكنة أو الأفعال المتصرفة ،
ولذا إذا رأيت _ أخي الكريم _ مدَّ بدل شرطه ألفا في اسم متمكن أو فعل متصرف ، فتأكد يقينا أن هذه الألف مبدلة غالبا من همزة ساكنة ،
أو من غير الغالب إبدالها من ياء أو واو مفتوحتان ،
ولو نظرنا إلى الأمثلة التي طرحتها لوجدنا كل الألفات الواردة فيها
مبدلة من همزة ساكنة إلا :
1- ( ءال ) ، فالألف مبدلة من واو مفتوحة في قول بعض أئمة العلم ،
وأبدلت ألفا لأنها فتحت إثر فتح .
2- ( ءان ) ، والألف فيها مبدلة من ياء مفتوحة ،
وأبدلت ألفا لأنها فتحت إثر فتح .
3- ( ءاية ) وفيها أقوال لأهل العلم منها :
أن الألف مبدلة من ياء وهو منسوب للخليل ،
ومنها أن الألف مبدلة من واو ، وهو منسوب لسيبويه ،
ومنها أنها منقلبة من همزة ساكنة ، ومنها أنها زئدة.. .
أما إذا وجدت الألف زائدة على بنية الكلمة
فالغالب أن تكون أصلية بذاتها _ أي ليست منقلبة من شيء _ مثل :
( القرءان ، الظمـءـان ، .. )
ولنا عودة أخرى مع ( الواو والياء ) إن شاء الله .
أما الواو والياء ،
فبمعرفة أصل بنية الكلمة نعرف نوعية الواو والياء ، فمثلا :
كلمة : ( أوتوا ) أصلها : أتى ، يأتي ،
فالواو ليست موجودة في أصل الكلمة ،
وعليه فالواو الموجودة في ( أوتوا ) مبدلة من همزة ساكنة .
كلمة : ( أُوفي ) أصلها : وفى ، يفي ،
الواو موجودة في أصل الكلمة ،
وعليه فالواو في ( أُوفي ) أصلية من بنية الكلمة لم تبدل من شيء .
وكذلك الواو في ( يـءـوده ) أصلية غير مبدلة من شيء ،
وذلك لأن أصلها : ( أوَد ) قال ابن منظور : " آدَه الأَمرُ أَوْداً وأُوُوداً بلغ منه المجهود والمشقة ،
وفي التزيل العزيز ( ولا يـءـوده حفظهما ) " وتأتي الواو زائدة على بنية الكلمة ، غير مبدلة من شيء ، وذلك في :
1- ( واو الجمع ) مثل : ( ليسُـوـءُـوا ، جاءو ، فاءو ، باءو )
2- ( علامة رفع في جمع المذكر السالم ) مثل :
( مستزءون ، ... )
* أما الياء فتأتي أصلية منقلبة وغير منقلبة :
أما المنقلبة ، فتقلب من همزة ساكنة ، مثل :
( لإيـاـلف ، إيمانا ، إيتاء ، .. )
وغير المنقلبة ، مثل : ( إي ) وللعلم كلمة ( إي ) حرف جواب بمعنى ( نعم ) وليس اسما .
وتأتي زائدة غير منقلبة ، وهو الغالب ، مثل :
1-ياء المتكلم نحو : ( وراءي، ..)
2- علامة نصب أو جر في جمع المذكر السالم ، مثل :
( الصـاـبئين ، ... )
وعموما لإتقان هذا الباب لابد من دراسة علم الصرف جيدا .
والله أعلم
كم نوعا لجمع المذكر السالم ؟؟ أنواعه هي :
1_ مهموز ( ءامنين ) ، ( خائفين ) ، ( الصابئين )
2_ منقوص ( راعون ) ، ( غاوين )
3_ محذوف النون ( لذائقوا ) ، ( ملقوا )
4_ بعد ألفه تشديد مباشر ( الضالِّين ) ، ( الصافُّون )
وغير مباشر ( الحواريُّون )
ومتقدم ( الصَّادقين )
5_ مفرده على وزن : فعَّال ( التوابين ) ، أو فَعَالِيّ ( الحواريين ) ،
أو فَعَّالِيّ ( الربنيين )
والنوع المتبقى هو غير ما ذكر كله
أمثلته : ( المجاهدين ، متقابلين ، لحافظون )
حكم كل نوع : 1_ مهموز ( ءامنين ) ، ( خائفين ) ، ( الصابئين ) *مهموز الفاء : نص أبو داود على حذف صورة الهمزة فيه *مهموز العين : في بعض المصاحف بحذف الألف وفي سائرها بإثباتها
وعليه العمل إلا ( التـــائبيون ) و( السـائحون ) و ( الصائمون ) فبالحذف على ما اختاره أبو داود *مهموز اللام : عن أبي داود بحذف الألف
فيما عدا ( الخاطئين ) ، و( فمالئون ) واختلف النقل فيه عن الداني .
2_ منقوص ( راعون ) ، ( غاوين ) *حذف الألف في ( راعون ) حيث جاء أما ( غاوين ) ففي الصافات فقط بالحذف
والباقي بالإثبات ، وحذفها في ( طاغين ، للطاغين ) حيث جاء
وبإثباتها في ( طاغون ) حيث جاء
وسكوتا فيما عدا ذلك أى غير ذلك فالكل بالإثبات.
3_ محذوف النون (لذائقوا ) ،( ملقوا ) *إن كان مهموزا أو مشددا نحو ( لذائقوا ، برادى )
فحكمه كما تقدم أى بالإثبات .
*وإن كان غير ذلك : فعن أبي داود بحذف الألف في ( ملقوا ، ملقوه ، بالغوه ، بالغيه ، ببالغيه ، بالغيه )
وبالإثبات فيما عداهن
*أما نحو ( صالح المؤمنين ) نص أبو داود بحذف ألفه ،
واختلف النقل فيه عن الداني .
4_ بعد ألفه تشديد مباشر ( الضالِّين ) ، ( الصافُّون ) *ألفه ثابته عند الكل والشاطبى جوّز حذفها عند بعض العراقية .
5_ مفرده على وزن : فعَّال ( التوابين ) ، أو فَعَالِيّ ( الحواريين ) ،
أو فَعَّالِيّ ( الربنيين ) مفرده على وزن فعّال : عن أبي داود بحذف الألف إلا في جبارين
وعن الداني بالحذف في ( أكّالون ) فقط واختلف النقل عنه في سائره . مفرده على وزن فَعَالِيّ : عن أبي داود بالألف واختلف النقل فيه عن الداني
مفرده على وزن فَعَّالِيّ : عن أبي داود بالحذف واختلف النقل فيه عن الداني
6_أما النوع الأخير وهو الصحيح : ( اللعنون ، المجاهدين )
* فاتفق الشيخان على حذف ألفه ،
واستثنى أبو داود (داخرين ) في غافر
واستثنى بعض المتأخرين عن الداني ما قل دروه نحو : ( لجعلون ، متشكسون ، الغفرين ، حسبين ) واختلفت المصاحف في ( كتبين ) ، وأكثرها على الحذف وعليه العمل