________________________________________
في الرجل يهب للرجل ما في بطون غنمه أو جاريته ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل ما في بطون غنمي أو ما في بطن جاريتي أتجوز هذه الهبة ( قال ) هي جائزة في قول مالك ( قلت ) فكيف يكون قبضه ( قال ) ان حاز الجارية وأمكنه منها حتى تلد فيأخذ ولدها وأمكنه من الغنم حتى تضع فيأخذه أولادها فهذه حيازة وقبض مثل النخل إذا وهب ثمرتها قبل أن يبدو صلاحها فحاز الموهوب له الحائط حتى يجد ثمرته وكان يسقيه ويقوم عليه أو وهب له زرعا لم يبد صلاحه فحاز الزرع وكان يسقيه ويقوم عليه حتى يرفع زرعه فهذا قبض وكذلك ما سألت عنه مما في بطن الجارية وما في بطون الحيوان ( قلت ) أرأيت الذي وهب الثمرة في رؤس النخل والزرع قبل أن يبدو صلاحه لو أراد أن يمنع من النخل ويمنع من الأرض التي فيها الزرع ( قال ) ليس ذلك له وله أن يحوز الثمرة والسقي على الموهوب له والزرع بهذه المنزلة يسقي ويقوم على زرعه وليس له أن يحول بينك وبين ذلك ويكون هذا قبضا ( قلت ) فالغنم والجارية أيكون له أن يحول بيني وبين ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك له ( قلت ) أرأيت ان وهب لرجل ما تلد جاريته عشر سنين أتجوز هذه الهبة أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكني سمعت مالكا يقول في الذي يهب ثمرة نخلة لرجل عشرين سنة أو أقل أو أكثر ان ذلك جائز إذا حاز الموهوب له النخل أو جعلت له على يدي من يحوز له فالجارية إن كان قد قبضها أو حازها أو جعلت له على يد من حازها له فذلك جائز مثل النخل وان لم يحزها حتى يموت ربها أو تحاز له فالهبة باطل ( قلت ) فالهبة في هذا والصدقة والحبس والنحل سواء أي ذلك كان فهو جائز ( قال ) نعم إذا قبض فهو جائز
في الرجل يهب للرجل الجارية ويشهد له بالقبض ولم يعاين الشهود القبض فيموت وفي يديه الجارية ( قلت ) أرأيت لو أني وهبت جاريتي لرجل وأشهدت له أنه قد قبضها مني ولم يعاين
____________________
(15/124)
________________________________________
الشهود القبض ثم مت والجارية في يدي فأنكر الورثة أن يكون الموهوب له قبض الجارية ( قال ) وسألت مالكا عن الرجل يتصدق على ولد له كبار بعبد وكتب لهم كتابا وكتب في كتابه أنه قد دفعه إليهم وقبضوه وكان الولد كبارا قد بلغوا الحيازة ومثلهم يحوز فهلك الاب وقد كانت صدقته في صحته فلما هلك الاب قال بقية ورثة الاب لم تقبضوا وقال المتصدق عليهم قد قبضنا واحتجوا عليهم بشهادة الشهود واقرار المتصدق بالذي في الكتاب فسئل الشهود أعلمتم أنهم قد حازوا فقالوا لا علم لنا إلا ما في هذا الكتاب من الاقرار ولا ندري أحازوا أو لم يحوزوا ( فقال ) لي مالك إن لم تكن لهم بينة أنهم قد حازوا في صحة منه فهي موروثة على فرائض الله فكذلك مسألتك
في الرجل يهب لابنه الصغير ولرجل أجنبي عبدا له ويشهد لهما بذلك فلم يقبض الاجنبي حتى مات الواهب ( قلت ) أرأيت ان وهبت لابني وهو صغير ولرجل أجنبي عبدا لي وأشهدت لهما بذلك فلم يقبض الاجنبي الهبة حتى مت أيجوز نصف العبد لابني أم لا ( قال ) قال مالك في رجل حبس على ولده حبسا وأشهد لهم بذلك وهم صغار وكبار فلم يقبض الكبار الحبس حتى مات الاب قال مالك الحبس باطل ولا يجوز للكبار ولا للصغار لان الكبار لم يقبضوا الحبس وقال مالك لا نعرف انفاذ الحبس للصغار ها هنا إلا بحيازة الكبار فكذلك الهبة وليس هذا عنده مثله إذا حبس عليهم وهم صغار كلهم فإن هذا جائز لهم إذا مات فالحبس لهم جائز ( وقال ) بن نافع وعلي بن زياد عن مالك أنه إذا تصدق على بن له صغير أو كبير أو أجنبي فنصيب الصغير جائز ونصيب الكبير غير جائز وإذا حبس فالحبس باطل من قبل أن الصدقة تقسم إذا كانت لهم وتصير مالا من أموالهم فمن هنالك تم للصغير ما يصير له لأنه قد قبض عليه من هو له جائز القبض وان الحبس لو أسلم إلى من يقبضه لهم أو أسلم إلى الكبير لم تجز فيه المقاسمة وإنما يبقى في أيديهما ينتفعان به فمن هنالك لم يتم قبض الاب للصغير لانه مما لا يقسم ولا يجزأ أو يكون ذلك داعية إلى أن يحبس الرجل
____________________
(15/125)
________________________________________
الحبس على البالغ فيكون في يديه حتى يموت ثم ينفذ من رأس المال ولا يكون إبقاء الحبس ولا قبضه إذا كان من حبس عليه يقبض لنفسه وهو مما ليس من سنته أن يقسم ويجزأ فيصير مالا لهم يتوارثونه ويباع إلا بأن يخرج من يد الذي حبسه ويقبض منه ويبين
في الرجل يهب الارض للرجل ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل أرضا كيف يكون القبض في قول مالك ( قال ) الحيازة إذا حازها فقد قبضها عند مالك ( قلت ) فإن تصدقت عليه بأرض لي بافريقية وأنا وهو بالفسطاط فقال اشهدوا أني قد قبلت وقبضت أيكون هذا قبضا في قول مالك أم لا ( قال ) لا يكون قبضا إلا بالحيازة وقوله قد قبضت وهو بالفسطاط لا يكون هذا قبضا لاني سألت مالكا عن الحبس يحبسه الرجل ويكتب في حبسه قد قبضوا ذلك ويشهد الشهود على الكتاب وعلى قوله فيهلك صاحب الحبس فيسئل الشهود هل قبضوا فقالوا إنما شهدنا على اقراره ولا ندري هل قبضوا أو لم يقبضوا ( قال ) قال مالك لا ينفعهم ما يشهد به الشهود حتى يقيموا البينة على أنهم قد قبضوا وحازوا
في الرجل يهب للرجل الدين له عليه أو على غيره ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل دينا لي عليه كيف يكون قبضه ( قال ) إذا قال قد قبلت فذلك جائز له وهذا قبض لأن الدين عليه وهذا قول مالك وإذا قبل سقط ( قلت ) فإن وهبت لرجل دينا لي على رجل آخر ( قال ) قال مالك إذا أشهد له وجمع بينه وبين غريمه ودفع إليه ذكر الحق فهو قد قبض ( قلت ) فإن لم يكن كتب عليه ذكر حق كيف يصنع ( قال ) إذا أشهد له وأحاله عليه فهذا قبض في قول مالك ( قلت ) فإن كان الغريم غائبا فوهب لرجل ماله على غريمه وأشهد له بذلك ودفع إليه ذكر الحق وأحاله عليه أيكون هذا قبضا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الدين إذا كان على الرجل وهو بإفريقية وأنا بالفسطاط فوهبت ذلك الدين الذي لي بأفريقية
____________________
(15/126)
________________________________________
لرجل معي بالفسطاط وأشهدت له وقبل أترى ذلك جائزا ( قال ) نعم ( قلت ) لم أجزته في قول مالك ( قال ) لأن الديون هكذا تقبض وليس هو شيئا بعينه يقبض انما هو دين على رجل فقبضه أن يشهد له ويقبل الموهوب له الهبة
في الرجل يؤاجر الرجل الدابة تكون له أو يعيره إياها ثم يهيها لغيره ( قلت ) أرأيت ان آجرت دابتي من رجل ثم وهبتها لرجل آخر أو أعرتها لرجل ثم وهبتها لرجل آخر فقبضها هذا المستعير أو هذا المستأجر أيكون قبضه قبضا للموهوب له وهل تكون الهبة للموهوب له إذا انقضى الاجل أجل الاجارة وأجل العارية في قول مالك أم لا وكيف ان مات الواهب قبل انقضاء الاجل أجل الاجارة وأجل العارية أيكون الموهوب له أحق بالهبة لأن قبض المستأجر والمستعير قبض له ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يخدم الرجل الجارية سنين ثم يقول بعد ذلك هي لفلان بعد خدمة فلان هبة بتلا وقد كان قبضها المخدم قال مالك قبض المخدم للخادم قبض للموهوب له وهي من رأس المال ان مات قبل ذلك وكذلك مسألتك في العارية وأما الاجارة فلا تكون قبضا إلا أن يكون أسلم الاجارة له معه فيكون ذلك قبضا والا فلا شيء له لأن الاجارة كأنها في يدي الواهب إلا أن تكون بحال ما وصفت لك وأرى أن كل من تصدق على رجل بأرض فكانت الارض حين تصدق بها تحاز بوجه من الوجوه من كراء تكراه أو حرث تحرثه أو غلق يغلق عليها ولم يفعله حتى مات وهو لو شاء أن يحوزها بشيء من هذه الوجوه حازها فلا شيء له وان كانت أرضا قفارا من الارض وليست تحاز بغلق ولا في كراء يكريه ولم يأت ابان زرع فيزرعها أو يمنحها بوجه من الوجوه معروف حتى مات الذي وهبها قبل أن يبلغ شيئا من ذلك فهي للذي وهبت له وهذا أحسن ما سمعت فيه وكل من وهب دارا حاضرة أو غائبة فلم يحزها الذي وهبت له أو تصدق بها عليه فلا حق له وان كان لم يفرط في قبضها لأن لهذه حيازة تحاز بها وكذلك قال عمر بن الخطاب فإن لم يحزها فهي مال الوارث وكذلك قال لي مالك ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن
____________________
(15/127)
________________________________________
الرجل يقول للرجل قد أعمرتك هذا العبد حياتك ( قال ) بن شهاب تلك المنحة وهي مؤداة إلى من استثنى فيها قال بن شهاب وان قال ثم هي لفلان بعدك فإنه ينفذ ما قال إذا كانت هبة للآخر قال بن شهاب وإن قال ثم هو حر بعدك قال ينفذ ما قال ثم هو حر ( بن لهيعة ) عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أنه قال من قطع من ماله قطيعا فسماه لناس ثم إذا انقرضوا فهو لفلان جاز ذلك لا يباع ولا يملك حتى يصير إلى آخرهم كما سمى ولا ينكر هذا قال الليث سمعت يحيى بن سعيد يقول ان أعمر رجل رجلا عبدا وجعله من بعده حرا ثم عجل هذا الذي جعل له العبد عمره عتقه كان ولاؤه للذي أعتق أول مرة وإنما ترك له خدمته
في الرجل يؤاجر الرجل دابته أو يعيره إياها ثم يهبها له وهما غائبان عن موضع العارية أو الوديعة ( قلت ) أرأيت ان استودعني رجل ودائع أو آجر دورا أو دواب أو رقيقا أو أعارني ذلك وأنا وهو بأفريقية والشيء الذي أعارني واستودعني وآجرني بأفريقية ثم خرجنا أنا وهو إلى الفسطاط فوهب لي ذلك كله بالفسطاط فقبلت ذلك أيكون قولي قد قبلت ذلك قبضا لأن ذلك الشيء في يدي في قول مالك ( قال ) نعم قبولك قبض لذلك كله ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا استودعني وديعة ثم وهبها لي فلم أقل قد قبلت حتى مات الواهب ( قال ) القول في هذا أن تكون الهبة لورثة الواهب لأنه لم يقبض هبته وقال أشهب ذلك قبض إذا كانت في يديه لأن كونها في يديه أحوز الحوز ( قلت ) لابن القاسم أرأيت النحل والعمري والعطية والهبة والصدقة والحبس بمنزلة واحدة في قول مالك في القبض ( قال ) نعم هذا كله بمنزلة واحدة في قول مالك في القبض
في الهبة للثواب يصاب بها العيب ( قلت ) أرأيت ان وهبت هبة للثواب فأخذت العوض فأصاب الموهوب له بالهبة
____________________
(15/128)
________________________________________
عيبا أله أن يرجع في عوضه ويرد الهبة ( قال ) نعم لان الهبة على العوض بيع من البيوع يصنع فيها وفي العوض ما يصنع بالبيع ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم الهبة على العوض في قول مالك مثل البيوع محمل واحد إلا أن الهبة على العوض ان لم يثبه ولم تتغير الهبة بنماء ولا نقصان وكانت على حالها فللذي وهبها أن يأخذها إلا أن يثيبه ولا يلزم الذي قبلها الثواب على ما يحب أو يكره قال مالك ولو أثابه الموهوب له بما يعلم أنه ثمن لتلك الهبة أجبر الواهب علي أخذ ذلك على ما أحب أو كره قال مالك ولو أنابه بما يعلم أنه ليس ذلك للهبة بثمن ثم قام صاحب الهبة يطلبه بعد ذلك فإني أرى أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قبل ذلك إلا انتظارا لتمام ثواب الهبة فإذا حلف كان له أن يأخذ تمام الثواب من الموهوب له وإن أبى أن يحلف رد الهبة وأخذ عوضه ان كانت الهبة لم تتغير قال كذلك قال لي مالك ( قال ) وقال مالك والشفعة كذلك إذا وهب الرجل شقصا للثواب لم يكن للشفيع أن يأخذها أبدا ان كان وهبها للثواب حتى يثاب من هبته فإن أبى أن يثيبه أخذ الواهب داره ولم يكن فيها شفعة لاحد ( قلت ) فإن استحق العوض أيكون لي أن أرجع في هبتي ( قال ) نعم إلا أن يعوضك عوضا آخر يكون قيمة الهبة أو أكثر مكان العوض الذي استحق فليس لك أن ترجع في الهبة ان أعطاك عوضا مكان العوض الذي استحق ( قلت ) فإن عوضني منها عوضا ضعف قيمة الهبة ثم استحق العوض فأردت أن أرجع في هبتي فقال الموهوب له أنا أعطيك قيمة الهبة عوضا من هبتك وقلت لا أرضي إلا أن تعطيني قيمة العوض وقيمة العوض الذي استحق ضعف قيمة الهبة ( قال ) لا أرى لك إلا قيمة الهبة لأن الذي زادك أولا في عوضه على قيمة هبتك إنما كان ذلك معروفا منه تطاول به عليك فلما استحق لم يكن لك عليه إلا قيمة هبتك ( قلت ) أرأيت ان تصدقت بصدقة للثواب أيبطل الثواب وتجوز الصدقة أو يجعلها مالك هبة ( قال ) أجعلها هبة ان تصدق بها للثواب ( قلت ) فإن وهبت لرجل دينا لي على رجل فلم يقبضها الموهوب له حتي رجع الواهب في ذلك ( قال ) قال مالك إذا وهب دينه ذلك
____________________
(15/129)
________________________________________
لغير الثواب فهو جائز وليس له أن يرجع في ذلك فإن كان وهبه للثواب فلا يجوز إلا يدا بيد لأن ذلك بيع ويدخله الدين بالدين
في الرجل يهب لرجلين حاضر وغائب ( قلت ) أرأيت ان وهبت أرضا لرجلين أجنبيين أحدهما حاضر والآخر غائب فقبض الحاضر جميع الارض أيكون قبض الحاضر قبضا للغائب ولم يستخلفه الغائب على القبض ولم يعلم الغائب بالهبة ( قال ) قال مالك نعم قبض الحاضر قبض للغائب علم أو لم يعلم ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل هبة وهو غائب فأمرت رجلا أن يقبضها للغائب أيكون هذا قبضا للغائب ( قال ) قال مالك من تصدق بصدقة على غائب فأخرجها فجعلها على يدي رجل لذلك الغائب فحازها هذا الذي جعلت على يديه لذلك الغائب المتصدق عليه فذلك جائز وحيازة هذا حيازة للمتصدق عليه فكذلك الهبة ( سحنون ) ويدلك على جواز ذلك وصحته ما مضى من أمر الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم في تجاوز الاحباس أن قابض الاحباس يجوز قبضه على الكبير الحاضر البالغ المالك لامره والطفل الصغير والغائب ومن لم يأت من ولد الولد ممن يحدث ويولد ( قلت ) أرأيت العبيد والحيوان والعروض والحلي كيف يكون قبضه ( قال ) بالحيازة
في حوز الهبة للطفل والكبير ( قلت ) أرأيت الطفل الصغير إذا كان له والد أو وصي فوهب له رجل هبة بتلها له وجعلها على يدي رجل من الناس أيكون هذا حوزا للصبي ووالده حاضر أو وصية ( قال ) نعم أراه حوزا له إذا كان إنما وضعه له إلى أن يبلغ وترضى حاله وأشهد له بذلك ويدفع ذلك إليه إذا بلغ ( قلت ) فما فرق ما بين الصغير إذا كان له والد وبين الكبير إذا وهب له هبة وجعلها الواهب على يدي هذا الرجل ( قال ) خوفا من أن يأكلها الوالد أو يفسدها فيجوز ذلك إلى أن يبلغ الصغير فيقبضها وأما الكبير المرضي فعلى
____________________
(15/130)
________________________________________
أي وجه حازها هذا له أو إلى أي أجل يدفع إليه إلا أن يكون على وجه الحبس تجري عليه غلتها فهذا فرق ما بينهما ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يهب الهبة للرجل على أن لا يبيع ولا يهب قال مالك لا جوز هذه الهبة ( قال ) فقلت لمالك فالأب في ابنه إذا اشترط هذا الشرط ( فقال ) مالك لا يجوز إلا أن يكون صغيرا أو سفيها فيشترط ذلك عليه ما دام الولد في تلك الحال فأما أن يشترط عليه أن لا يبيع ولا يهب إن كبر أو يشترط على السفيه أن لا يبيع وان حسنت حاله فإن ذلك لا يجوز وإنما يجوز شرطه إذا اشترطه ما دام سفيها أو صغيرا ( قال ) وأخبرني بن وهب عمن حدثه عن بن عمر أنه سئل عن الرجل يهب الهبة للرجل على أن لا يبيعها ولا يهبها فكره ذلك بن عمر قال بن وهب وأخبرني الليث أيضا أنه كرهها مع مالك إلا أن مالكا فسر لي التفسير الذي فسرت لك فهذا يدلك على أن الهبة للكبير إذا جعلها على يدي غيره وهو مرضي ولم يحبسها عنه لسوء حاله ولا لغلة أجراها عليه وحبس الأصل فهذا يدلك على أن حوز هذا الذي جعلت على يديه ليس بحوز له ألا ترى أن الصغير والسفيه لهما وقت يقبضان إليه الهبة وهو البلوغ في الصغير مع حسن الحال وحسن الحال في السفيه وإنما يراد من الصدقة أن تخرج من يد المعطي إلى يدي غيره فيكون الذي قد صارت إليه قابضا لها كما يقبض الحبس يقبض على من لم يأت ممن هو آت وأن هذا الرجل البالغ الذي قد أعطى عطية تكون له مالا تراثا منع من قبضها لغير شيء عقد فيها مما مثله يعقد في الصدقات يدل على أنه لم يرد أن يبتلها له ويعطيه إياها
في حوز الأم ( قلت ) أرأيت لو أن الأم وهبت لولدها الصغار هبة وهم في حجرها وأشهدت لهم أهي في الحيازة مثل الأب في قول مالك ( قال ) قال مالك لا تكون حائرة لهم إلا أن تكون وصية لهم فإن كانت وصية فذلك جائز ( قلت ) فإن كانت وصية للوالد أو وصية وصي الوالد فذلك جائز ( قال ) نعم لان وصي الوصي بمنزلة الوصي وهو وصي عند مالك ( قلت ) فالام تكون حائزة صدقتها وهبتها على أولادها الصغار في قول مالك
____________________
(15/131)
________________________________________
( قال ) لا إلا أن تكون وصية وقد أخبرتك بذلك ( قلت ) أرأيت الجارية إذا حاضت وليس لها والد ووهبت لها أمها هبة والام وصيتها وهي في حجر أمها أتكون الام حائزة لها هبتها أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك الوصي ( قال ) نعم وقال غيره ألا ترى أن أفعالها لا تجوز في هبتها وصدقتها حتى يبرز وجهها ويؤنس منها الرشد وهي فيما يقبض لها كغيرها ممن لا يجوز أمره على نفسه وقد قال عمر بن الخطاب وربيعة ويحيى بن سعيد في صدر هذا الكتاب ما قالوا
في حوز الأب ( قال ) وقال لي مالك في الأب أنه يحوز لابنته وان طمثت إذا تصدق هو عليها بصدقة فهو الحائز لها ( قلت ) فإن تزوجت فلم تقبض صدقتها حتى مات الأب أيبطل ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك ان كانت حسنت حالتها في بيت زوجها وجاز أمرها فلم تقبض حتى مات الأب فلا شيء لها وان كانت بحال سفه جاز ذلك لها لان مالكا قال الاب يحوز لابنه الكبير إذا كان سفيها ( سحنون ) ألا ترى أن الله تبارك وتعالى قال وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وبلوغ النكاح بالاحتلام والحيض فقد منعهم الله تعالى من أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم من الأوصياء وإنما الأوصياء بسبب الآباء ( بن وهب ) وقد قال بن عباس أنه يتيم بعد البلوغ إذا كان سفيها وقال شريح اليتيمة تستشار في نفسها ولا تستشار في نفسها إلا بالغ وقد سماها شريح يتيمة وهي بالغة وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بقوله حجة من حديث بن وهب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة تستشار في نفسها ( قلت ) أرأيت ان كانت سفيهة في عقلها أو في مالها وقد طمثت ودخلت على زوجها أو لم تطمث ودخلت على زوجها وقد كانت ولدت أولادا فتصدق الأب عليها بصدقة وأشهد لها وهي في بيت زوجها أيكون الأب هو الحائز عليها صدقتها في قول مالك أم لا ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا قال الأب يحوز لولده
____________________
(15/132)
________________________________________
صدقة نفسه إذا كان الولد سفيها فهذه عندي وان كانت ذات زوج فإن الاب يحوز صدقة نفسه عليها في قول مالك لأن الزوج لا يقطع حيازة الأب عنها إذا تصدق الأب عليها بصدقة وإنما يقطع أن يكون الأب حائزا صدقته التي تصدق بها عليها إذا كانت هي التي تحوز لنفسها فإذا صارت في حال تحوز لنفسها فلا تجوز حيازة الأب عليها صدقة نفسه وهي ما دامت في بيت أبيها وإن كانت مرضية فالأب يحوز لها صدقة نفسه ولكن إذا دخلت في بيت زوجها وأنس منها الرشد فها هنا تنقطع حيازة الأب صدقة نفسه عليها لها فلا تحوز حتى تقبض ( قلت ) فإن وهب الأب لولده وهم صغار ثم أشهد لهم أهو الحائز في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن بلغوا فلم يقبضوا حين بلغوا هبتهم أو صدقتهم حتى مات الأب أيكون أولى بها في قول مالك وتكفيهم حيازة الأب لهم إذا كانوا صغارا أم لا ( قال ) قال لي مالك إذا بلغوا وأنس منهم الرشد فلم يقبضوا حتى مات الأب فلا شيء لهم ( قال ) وأما ما داموا في حال السفه وان بلغوا فحوز أبيهم حوز لهم وكذلك قال لي مالك لأن السفيه وإن احتلم بمنزلة الصغير يحوز له أبوه أو وصيه
في حوز الأب لابنه العبد ( قلت ) أرأيت ان كان ابني عبدا لرجل وهو غائب صغير فوهبت له هبة وأشهدت له أتكون حيازتي له حيازة أم لا في قول مالك ( قال ) لا لأن الصبي له من يحوز له دونك لأن سيده يحوز له ماله دون والده ولأني سمعت مالكا يقول في رجل تصدق على صغير بصدقة ان حيازته ليست بحيازة إلا أن يكون وصيا أو أحدا يحوز له ولا تكون صدقة مقبوضة إلا أن تزول من يد صاحبها إلا أن يكون والدا أو وصيا لمن يلي ( قلت ) فإن أخرج الهبة والد الصبي العبد إلى رجل غير مولي الصبي فجعلها على يديه يحوزها لصبي أتجوز الهبة في قول مالك ( قال ) نعم رضي بذلك سيده أو لم يرض وقد قال مالك من وهب هبة لغائب فأخرجها من يديه فجعلها على يدي رجل يحوزها له فهي حيازة لهذا الغائب وكل من حبس حبسا على كبار أو صغار
____________________
(15/133)
________________________________________
أو وهب هبة لغائب إذا كان كبيرا أو وهب هبة لصغير والصغير ليس هو والده ولا وصية فجعل ذلك كله على يدي غيره حتى يكبر الصغير فيعطيه الذي جعل له أو يقدم الغائب فيأخذه
أو كبار حضور تجري عليهم غلة الحبس فإن ذلك جائز عندي فيما حملت عن مالك فأما أن يهب رجل لرجل هبة والموهوب له حاضر مرضي ليس بسفيه ولا صغير ويأمره أن لا يدفعه إليه فلا أرى هذا حيازة لأنه قد قبلها الموهوب له والموهوب له حاضر مرضي ولم يسلمها إليه إنما يحوز مثل هذا إذا كان قد حبس الأصل وجعل الغلة له واستخلف من يجري ذلك عليه
في حوز الزوج ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا تزوج جارية بكرا قد طمثت أو لم تطمث وهي في بيت أبيها فتصدق الزوج عليها بصدقة أو وهب لها هبة وأشهد عليها إلا أنه لم يخرجها من يده أيكون حائزا لها في قول مالك ( قال ) لا يكون حائزا لها إلا أن يخرجها من يده فيضعها له على يدي من يحوزها له ( قلت ) أرأيت ان كان دخل بها وهي سفيهة أو مجنونة جنونا مطبقا فابتني بها زوجها ثم تصدق عليها زوجها بصدقة أو وهب لها زوجها هبة وأشهد لها بذلك أيكون هو الحائز لها في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه لا يكون هو الحائز لها لما تصدق به عليها ( قلت ) لم قلت ذلك ( قال ) لأن من تصدق بصدقة على غيره أو وهب هبة لا يكون هو الواهب وهو الحائز إلا أن يكون والدا أو وصيا أو ممن يجوز أمره عليه في قول مالك وقد فسرت لك ذلك ولا أرى الزوج ها هنا ممن يجوز أمره عليها ألا ترى أنه لو باع مال امرأته لم يجز بيعه ولا أراه يجوز أمره عليها ولا يكون حائزا لها ما تصدق هو عليها به وأبوها الحائز لها وإن دخلت بيت زوجها ما دامت سفيهة وفي حال لا يجوز لها أمر ولا يكون زوجها الحائز لها ما وهب لها إلا أن يضع لها ذلك على يدي أجنبي يقبضه لها فأما صدقته هو أو هبته لها فلا
____________________
(15/134)
________________________________________
في اعتصار الأم له ( قلت ) أرأيت ما وهبت الام لولدها أيجوز لها أن تعتصر منه شيئا أم لا إذا كانت هي الوصي والولد صغار في حجرها ( قال ) قال لي مالك إذا وهبت الأم لولدها أو نحلتهم ولهم أب فإن الام تعتصر ذلك كما يعتصر الاب ما لم يستحدثوا دينا أو ينكحوا وما نحلت أو وهبت الام لولدها الصغار ولا أب لهم فإنها لا تعتصر ذلك وليس يعتصر ما يوهب لليتامى ولا ما ينحلون ( قال ) لي مالك إنما ذلك عندي بمنزلة الصدقة وما نحل الاب أو وهب لولده الصغار فإنه يعتصر ذلك ولو لم تكن لهم أم لأن اليتم إنما هو من قبل الأب إلا أن ينكحوا أو يحدثوا دينا ( قلت ) أرأيت ان وهبت الام لولدها وهم كبار هبة أيجوز لها أن تعتصرها قبل أن يحدثوا فيها شيئا أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يجوز لها أن تعتصرها في قول مالك لأن مالكا قال لي في الأب له أن يعتصر والام مثله ( قال ) وإنما منع مالك الام أن تعتصر إذا كان الولد يتامى وإذا لم يكونوا يتامى فلها أن تقتصر ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنت ومالك لأبيك فدرىء عن أبيه الحد في مال ابنه إذا سرقه وبذلك الحديث درىء عن الأم في مال ابنها إذا سرقته الحد ( قلت ) أرأيت إن وهبت الأم لولدها هبة وهم صغار لا والد لهم فبلغوا رجالا ولم يحدثوا في الهبة شيئا أيكون للأم أن تعتصر الهبة أم لا ( قال ) ليس لها أن تعتصر الهبة لأنها وقعت يوم وقعت لهم وهم يتامى وهي بمنزلة الصدقة ( قلت ) أرأيت الصغير إذا كان له والد مجنون جنونا مطبقا وله والدة فوهبت الام له هبة أهذا بمنزلة اليتيم أم لا يكون بمنزلة اليتيم ويجوز لها أن تعتصره ( قال ) لا أراه بمنزلة اليتيم ولم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى لها أن تعتصر هبتها إن شاءت
في اعتصار الأب ( قلت ) أرأيت إن وهب لهم الاب وهم صغار فبلغوا رجالا ولم يبلغوا دينا ولم ينكحوا
____________________
(15/135)
________________________________________
فأراد الأب أن يعتصر هبته أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يهب لولده الكبار هبة ثم يريد ان يعتصرها ان ذلك له ما لم يستحدثوا دينا أو ينكحوا فكذلك إذا وهب لهم وهم صغار ثم بلغوا فله أن يعتصر هبته ما لم يحدثوا دينا أو ينكحوا أو تتغير عن حالها قال مالك ولو أن رجلا نحل ابنا له جارية فوطئها ابنه لم يكن له اعتصارها ( قلت ) أرأيت ما وهب للصبي إذا وهب له رجل أجنبي أيجوز للأب أن يعتصره ( قال ) لا يجوز له ذلك ( قلت ) وهو قول مالك ( قال ) نعم ألا ترى أنه مال من مال الصبي لا يجوز له أن يعتصره وإنما يجوز له أن يعتصر ما وهبه هو بحال ما وصفت لك ( قلت ) فإن تصدق والد على ولده وهم صغار أو كبار بصدقة أيجوز له أن يعتصرها قال مالك الصدقة مبهمة ليس يجوز لأحد فيها اعتصار لا والد ولا والدة ( قلت ) أرأيت العطية والعمري والنحل إذا فعله الرجل بابنه أيجوز له أن يعتصره كما يجوز له في الهبة أم يجعله بمنزلة الصدقة ( قال ) العطية بمنزلة الهبة والنحل بمنزلة الهبة قال مالك ليس له أن يعتصر في الصدقة وحدها ( قلت ) فالحبس أيكون له أن يعتصره في قول مالك قال إن كان الحبس غلى وجه الصدقة فليس له أن يعتصره وإن كان على غير وجه الصدقة فله أن يعتصره ( قلت ) ويكون حبسا أو عمري على غير وجه الصدقة ( قال ) نعم يحبس الدار على ولده الصغار أو يعمره شهرا أو شهرين ثم مرجعها إليه فإن هذا ليس على وجه الصدقة وهذا سكنى ( قلت ) مرجعها إليه في قول مالك مال من ماله ( قال ) نعم قال بن وهب قال بن جريج عن طاوس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد قال طاوس وبلغني أنه قال صلى الله عليه وسلم إنما مثل الذي يهب الهبة ثم يعود فبها كالكلب يعود في قيئه قال بن وهب عن سفيان الثوري عن أبيه عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الذي يعود في هبته كالعائد في قيئه ليس لنا المثل السوء ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال أيما رجل نحل ولدا له كان في حجره فهو
____________________
(15/136)
________________________________________
حائز له وإن كان له أهل فلا يجوز إلا أن يحوز وان نحل ابنه أو ابنته قبل أن ينكحا ثم نكحا على ذلك فليس له أن يرجع فيه وان كان نحله بعد أن نكح فإن الأب يرجع فيما أعطى ابنه ( بن لهيعة ) عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى بن سعد حدثه أن سعد مولى آل الزبير نحل ابنته جارية له فلما تزوجت أراد ارتجاعها فقضى عمر أن الوالد يعتصر ما دام يرى ماله ما لم يمت صاحبها فتقع فيه المواريث أو تكون امرأة فتنكح قال يزيد وكتب عمر بن عبد العزيز أن الوالد يعتصر ما وهب لابنه ما لم يداين الناس أو ينكح أو يموت ابنه فنقع فيه المواريث وقال في ابنته مثله إذا هي نكحت أو ماتت ( مخرمة بن بكير ) عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار يقول يعتصر الوالد من ولده ما دام حيا وما رأى عطيته بعينها وما لم يستهلكها وما لم يكن فيها ميراث ( محمد بن عمرو ) عن بن جريح عن عطاء بمثل قضاء عمر بن عبد العزيز ( الليث بن سعد ) أن نافعا مولى بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب قال الصدقة لا يرتد فيها صاحبها ( وقال ) عمر بن عبد العزيز وربيعة وأبو الزناد وعبد الرحمن بن القاسم ونافع مولى بن عمر ويزيد بن قسيط مثله ( بن لهيعة ) عن يزيد بن أبي حبيب عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أيوب بن شرحبيل أن الصدقة عزمة بتة بمنزلة العتاقة لا رجع فيها ولا مثنوية ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال في رجل تصدق على ولده ثم عقه أله أن يرجع في ذلك ( قال ) لا يرجع في صدقته وقال ربيعة لا يعتصر الرجل صدقته على ابنه وان عقه وقاله مالك
في اعتصار ذوي القربى ( قلت ) هل يجوز لأحد من الناس أن يعتصر هبته في قول مالك جد أو جدة أو خال أو خالة أو عم أو عمة أو غيرهم أيجوز لهم أن يعتصروا ( قال ) لا أعرف الاعتصار يجوز في قول مالك لأحد من الناس إلا والدا أو والدة ولا أرى ذلك لأحد غيرهما ( يونس بن يزيد ) عن بن شهاب قال كان رجال من أهل العلم يقولون ليس للولد أن يعتصر من والديه شيئا من أجل فضيلة حق والديه على فضيلة حقه قال يونس
____________________
(15/137)
________________________________________
وقال ربيعة لا يعتصر الولد من الوالد
في الهبة للثواب ( قلت ) أرأيت إن وهبت هبة لرجل فقبضها بغير أمري أيجوز قبضه ( قال ) نعم في قول مالك لأنك لو منعته ثم قام عليك كان له أن يقبضها منك إذا كانت لغير ثواب ( قلت ) فإن كانت للثواب فله أن يمنعه هبته حتى يثيبه منها ( قال ) نعم وهذا مثل البيع ( قلت ) أرأيت إن وهب لي سلعة للثواب فقبضتها قبل أن أثيبه أيكون علي أن أردها إليه حتى أثيبه في قول مالك ( قال ) يوقف الموهوب له فأما أثابه وأما أن يرد سلعته إليه ويتلوم في ذلك لهما جميعا مما لا يكون عليهما في ذلك ضرر ( عبد الجبار بن عمر ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال الهبة للثواب عندنا مثل البيع يأخذها صاحبها إذا قام عليها فإن نمت عند الذي وهبت له فليس للواهب إلا القيمة قيمتها يوم وهبها
في الثواب في هبة الذهب والورق ( قلت ) أرأيت الدراهم والدنانير إذا وهبها فقير لغني أيكون فيها الثواب في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس في الدنانير والدراهم ثواب ( قلت ) وإن وهبها وهو يرى أنه وهبها للثواب ( قال ) قال مالك إذا وهب دنانير أو دراهم ثم ادعى أنه وهبها للثواب قال مالك لا يقبل قوله ولا ثواب له ( قلت ) فإن وهب له دنانير أو دراهم فاشترط الثواب ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك وأرى له فيه الثواب إذا اشترطه عرضا أو طعاما ( قال ) وسئل مالك عن هبة الحلي للثواب ( قال ) مالك أرى للواهب قيمة الحلي من العروض في الثواب ولا يأخذه دنانير ولا دراهم ( قلت ) فإن كان وهب حلي فضة فلا يأخذ في الثواب دنانير ( قال ) نعم عند مالك ( قال ) وسمعت مالكا يقول في الرجل الغني يقدم من سفره فيهدي له جاره الفقير الهدية الرطب والفاكهة وما أشبههما حين يقدم فيقول بعد ذلك ما أهديت إليك
____________________
(15/138)
________________________________________
إلا رجاء لثوابي أن تكسوني أو تصنع بي خيرا ( قال ) مالك لا شيء له ( قلت ) له فإن كانت هديته ( قال ) قائمة فلا شيء له وان كانت قائمة بعينها ألا ترى أنه لا ثواب له فيها قال مالك وان طلب الفقير ثوابها فلا أرى له ثوابا فيها ولا يقضي له فيها شيء قال بن وهب وكان ربيعة وغيره من أهل العلم يقولون إذا كانت الهبة على وجه الاثابة ابتغاء العوض فصاحبها أحق بها ما لم يعوض منها فأما الرجل يقدم من السفر مستعرضا أو الرجل تدخل عليه الفائدة وهو مقيم لم يشخص فيعرض له صاحبه الثوب أو الثوبين أو يحمله على الدابة أو نحو ذلك فهذا لا يرجع فيها
في الثواب فيما بين القرابة وبين المرأة وزوجها ( قلت ) أرأيت من وهب لذي رحم هبة أيكون له أن يرجع فيها في قول مالك ( قال ) قال مالك ليس بين الرجل وامرأته ثواب في الهبة إلا أن يكون يعلم أنها أرادت بذلك ثوابا مثل أن يكون الرجل الموسر والمرأة لها الجارية فيطلبها منها فتعطيه إياها تريد بذلك استقرار صلته وعطيته والرجل مثل ذلك يهب الهبة لامرأته والابن لابيه يرى أنه إنما أراد بذلك استقرار ما عند أبيه فإذا كان مثل ذلك مما يرى الناس انه وجه ما طلب بهبته تلك رأيت بينهما الثواب فإن أثابه وإلا رجع كل واحد منهما في هبته وان لم يكن وجه ما ذكر ذلك فلا ثواب بينهم فعلى هذا فقس ما يرد عليك من هذا ( قلت ) أرأيت ان وهبت لعمتي أو لعمي أو لجدي أو لجدتي أو أختي أو بن عمي هبة أو وهبت لقرابتي ممن ليس بيني وبينهم محرم أيكون لي أن أرجع في هبتي ( قال ) أما وهبت من هبة يعلم أنك أردت بها وجه الثواب فإن أثابوك وإلا رجعت في هبتك وما وهبت من هبة يعلم أنك لم ترد بها وجه الثواب فلا ثواب لك مثل أن تكون غنيا فتصل بعض قرابتك فتزعم أنك أردت به الثواب فهذا لا تصدق على ذلك ولا ثواب لك ولا رجعة لك في هبتك ( قال ) وهذا كله قول مالك ( يونس بن يزيد ) عن ربيعة أنه قال ليس بين الرجل وامرأته فيما كان من أحدهما إلى صاحبه من عطاء أو صدقة بت ليس بينهما في ذلك
____________________
(15/139)
________________________________________
ثواب وليس لأحدهما أن يرتجع ما أعطى صاحبه وذلك لأنه من الرجل إذا أعطى امرأته حسن صحبة فيما ولاه الله من أمرها وأوجب عليه من نفقتها وأفضائه من المعروف إليها ولأنه من المرأة إلى زوجها مواساة ومعونة له على صنيعته وصنيعتها فليس بينهما ثواب فيما أعطى أحدهما صاحبه ولا عوض إلا أن يشترط أحدهما على صاحبه شرطا ( وأخبرني ) بن وهب عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وغير واحد من أهل العلم مثله ( وقد ) قالمالك والليث مثله
في الثواب بين الغني والفقير والغنيين ( قلت ) لابن القاسم وكذلك هذا في الاجنبيين في قول مالك ( قال ) نعم لو وهب لاجنبي هبة والواهب غني والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها له للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع في هبته ( قال ) وهذا قول مالك ( قال ) وإن كان فقيرا وهب لغني فقال إنما وهبتها للثواب قال هذا يصدق ويكون القول قوله فإن أثابه وإلا رد إليه هبته ( قلت ) أرأيت إن كانا غنيين أو فقيرين وهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك إنما وهبتها للثواب فكذبه الآخر أيكون القول قول الواهب أم لا في قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه في هذا ولكني لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وإن كان الواهب فقيرا إذا لم يشترط في أصل الهبة ثوابا وأما غني وهب لغني فقال إنما وهبت للثواب فالقول قول الواهب أن أثيب من هبته وإلا رجع في هبته قال مالك وقال عمر بن الخطاب من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها قال بن وهب وسمعت حنظلة بن أبي سفيان الجمحي يقول سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثل ذلك قال بن وهب وحدثني عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن عمر بن الخطاب بذلك ( وأخبرني ) غيرهم عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وغيره عن عمر بن الخطاب بذلك وقال عمر وإن هلكت
____________________
(15/140)
________________________________________
أعطاه شرواها بعد أن يحلف بالله ما هبها إلا رجاء أن يثيبه عليها ( بن لهيعة ) عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن أبي طالب قال المواهب ثلاثة موهبة يراد بها وجه الله وموهبة يراد بها وجه الناس وموهبة يراد بها الثواب فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب
الرجوع في الهبة ( قلت ) أرأيت ان وهبت لرجل هبة فعوضني منها أيكون لواحد منا أن يرجع في شيء مما أعطاه في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وهب لرجلين عبدا فعوضه أحدهما عوضا من حصته أيكون له أن يرجع في حصة الآخر ( قال ) نعم له أن يرجع في حصة الآخر وما سمعت ذلك من مالك ولكنه مثل البيوع من قول مالك إذا باع العبد من رجلين صفقة واحدة فنقده أحدهما وأفلس الآخر كان له أن يأخذ نصيب الآخر ويكون أولى به من الغرماء وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل هبة فعوضه رجل أجنبي عن الموهوب له عن تلك الهبة عوضا فأراد المعوض أن يرجع في عوضه أيكون ذلك له أم لا ( قال ) لا يكون له ذلك ولكن ينظر فإن كان المعوض إنما أراد بالعوض حين عوض الواهب عن الموهوب له أراد بذلك العوض هبة للموهوب له يرى أنه إنما أراد بها الثواب فأرى له أن يرجع على الموهوب له بقيمة العوض إلا أن يكون العوض دنانير أو دراهم فليس له أن يرجع عليه بشيء وإن كان إنما أراد بعوضه السلف فله أن يتبع الموهوب له ( قلت ) وإن كان بغير أمر الموهوب له ( قال ) نعم وإن كان بغير أمره ( قال ) وإن كان أراد بعوضه هبة عن الموهوب له يرى أنه لم يرد بها وجه الثواب ولا وجه يرى أنه إنما عوضها ليكون سلفا على الموهوب له فليس له أن يرجع على الموهوب بشيء قلت أرأيت الهبة أذا تغيرت بزيادة بدن أو نقصان بدن فليس أن يرجع فيها فيها ( قال ) لا ليس أن يرجع فيها وإن نقصت ولا للموهوب له أن يردها وإن زادت وقد لزمته القيمة فيها ( قلت ) أرأيت إذا وهبت هبة فحالت أسواقها أيكون لي أن
____________________
(15/141)
________________________________________
أرجع فيها ( قال ) نعم إلا أن يعوضك قال بن وهب قال مالك ان شاء أن يمسكها وإن شاء أن يردها قال بن وهب قال أخبرني من أثق به عن بن شهاب أن عمر بن الخطاب أتى برجل وهب جارية فولدت أولادا صغارا فرجع فيها ( قال ) يرجع في قيمتها يوم وهبها ونماؤها لدى وهبت له ( قال ) إسماعيل بن أمية وقضى عمر بن عبد العزيز في رجل وهب غلاما فزاد عند صاحبه وشب ( قال ) له قيمته يوم وهبه
في الثواب بأقل من قيمة الهبة أو أكثر وقد نقصت الهبة أو زادت أو حالت أسواقها ( قلت ) أرأيت هذا الذي وهب هبة للثواب إذا اشترط الثواب أو يرى أنه إنما أراد الثواب فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة ( قال ) قال مالك ان رضي بذلك وإلا أخذ هبته ( قلت ) فإن أثابه قيمة هبته فأبى أن يرضي والهبة قائمة بعينها عند الموهوب له ( قال ) قال مالك إذا أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فليس للواهب على الهبة سبيل ( قلت ) فإن كانت الهبة قد تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فأثابه الموهوب له بأقل من قيمة الهبة ( قال ) قال مالك إذا تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فالهبة لازمة ( قلت ) فإن أراد أن يأخذ هبته ناقصة وقال لا أريد القيمة ( قال ) ليس له ذلك أن يأخذها إذا نقصت إنما تكون له القيمة على الذي وهب له إلا أن يشاء الموهوب له ذلك ( قلت ) فإن أبى أن يثيبه ورضي بأن يدفعها إليه ( قال ) ليس ذلك للموهوب له إلا أن يشاء الواهب ( عمر بن قيس ) عن عدي بن عدي الكندي قال كتب إلي عمر بن عبد العزيز من وهب هبة فهو بالخيار حتى يثاب منها ما يرضي فإن رضي منها بدرهم واحد فليس له إلا ما رضي به ( قال ) وسمعت عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري يحدث أن عمر بن عبد العزيز كتب ايما رجل وهب هبة ثم لم يثب منها فأراد أن يرجع في هبته فإن أدركها بعينها عند من وهبها له لم يتلفها أو تتلف عنده فليرجع فيها علانية غير سر ثم ترد عليه إلا أن يكون وهب شيئا مثيبا فحبس عند الموهوب له فليقض له شرواها يوم
____________________
(15/142)
________________________________________
وهبها له إلا من وهب لذي رحم فإنه لا يرجع فيها أو الزوجين أيهما أعطي لصاحبه شيئا طيبة به نفسه فلا رجعة له في شيء منها وإن لم يثب منها وإن عطاء بن أبي رباح سئل عمن وهب لرجل مهرا فنما عنده ثم عاد فيه الواهب فقال عطاء تقام قيمته يوم وهبه وقال سليمان بن عيسى فعل ذلك رجل بالشام فكتب عمر بن عبد العزيز أن اقضه قيمته يوم وهبه أو شروى المهر يوم وهبه فليدفعه الموهوب له إليه
من حديث بن وهب
في الموهوب له يموت أو الواهب قبل أن يثاب من هبته ( قلت ) فإن مات الموهوب له قبل أن يثيب الواهب من هبته فورثته مكانه في قول مالك يكون لهم من ذلك في هذه الهبة ما كان للموهوب له وعليهم من الثواب ما كان على الموهوب له ( قال ) نعم ( قلت ) هذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك ان مات الواهب قبل أن يقبض الموهوب له هبته والهبة فيها شرط للثواب أولا شرط فيها ولكن يرى أنه إنما وهبها للثواب أتنتقض الهبة وتكون الهبة لورثة الواهب أم لا تنتقض الهبة لأنها للثواب ويكون محملها محمل الهبة في قول مالك ( قال ) محملها محمل البيع لأنها إذا كانت للثواب فإنما هي بمنزلة البيع قال بن القاسم فإذا وهب هبة للثواب فلم تتغير في بدنه لا يكون لصاحبها إلا سلعته إذا لم يثبه الذي قبضها قدر قيمتها لأن عمر بن الخطاب قال ان لم يرض هبته فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها وهذا قول مالك فالهبة في هذا الموضع مخالفة للبيع ( يونس بن يزيد ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال كل من وهب هبة للثواب فالثواب واجب له على الذي وهب له ان عاش أو مات وإن وهب رجل هبة على غير الثواب فليس له ثواب ان عاش الذي وهبت له أو مات فليس له أن ينزع ان عمر الموهوب له وان لم يعمر وليس لورثة الواهب الميت أن يتعقبوا عطاءه
____________________
(15/143)
________________________________________
كتاب الوديعة في الرجل يستودع الرجل المال فيدفعه إلى امرأته أو أجيره أو جاريته أو أم ولده ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل إذا استودع الرجل مالا فوضعه في بيته أو في صندوقه أو عند زوجته أو عند عبده أو خادمه أو أم ولده أو أجيره أو من هو في عياله أو وضعه عند من يثق به ممن ليس في عياله فضاع منه أيضمن أم لا ( قال ) قال مالك في الرجل يستودع الوديعة فيستودعها غيره قال ان كان أراد سفرا فخاف عليها فاستودعها ثقة فلا ضمان عليه وان كان لغير هذا الذي يعذر به فهو ضامن فكل ما علم أنه إنما كان من عورة يخافها على منزله أو ما أشبه ذلك فلا ضمان عليه ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل استودع رجلا مالا في السفر فاستودعه غيره في السفر فهلك المال فرآه ضامنا ورأى أن السفر ليس مثل البيوت لأنه حين دفعه إليه في السفر إنما دفعه إليه ليكون معه وفي البيوت إنما تدفع الوديعة إلى الرجل ليحرزها في البيت فأرى على هذا القول أنه إن استودع امرأته أو خادمه ليرفعاها في بيته فإن هذا لا بد للرجل منه ومن يرفع للرجل إلا امرأته أو خادمه وما أشبههما إذا رفعوها له على وجه ما وصفت لك فلا ضمان عليه ألا ترى أن مالكا قد جعل له إذا خاف فاستودعها غيره أنه لا يضمن فكذلك امرأته وخادمه اللتان يرفعان له أنه لا ضمان عليه إذا
____________________
(15/144)
________________________________________
دفعها إليهما ليرفعاها له في بيته ( قال ) وأما العبد والاجير فهما على ما أخبرتك وقد بلغني أن مالكا سئل عن رجل استودع مالا فدفعه إلى امرأته ترفعه له فضاع فلم ير عليه ضمانا وأما الصندوق والبيت فإني أرى أن رفعه فيه أو في مثله فلا ضمان عليه في قول مالك ( قلت ) ويصدق في أنه دفعه إليها أو أنه استودعه ان ذكر أنه استودعه على هذه الوجوه التي ذكرت أنه لا يضمن فيها أيصدق في ذلك وان لم يقم على ما ذكر من ذلك بينة ( قال ) نعم ( قلت ) ويصدق أنه خاف عليها أو أراد سفرا فخشي عورة فاستودعها لذلك ( قال ) لا إلا أن يكون سافر أو عرف من منزله عورة فيصدق كذلك قال مالك وإلا فلا
فيمن استودع وديعة فخرج بها معه في سفره ( قال ) ولقد سئل مالك عن امرأة هلكت بالاسكندرية وكان ورثتها بالمدينة فأوصت إلى رجل فكتب الرجل وصى المرأة إلى ورثتها فلم يأته منهم جواب وطلب فلم يأته منهم أحد ولا خبر فخرج الرجل حاجا وخرج بالنفقة معه ليطلب ورثتها ليدفعها إليهم فضاعت منه في الطريق ( قال ) مالك أراه ضامنا حين أخرجها بغير أمر أربابها قالوا أنه خرج بها ليطلبهم فيدفعها إليهم ( قال ) مالك هو عرضها للتلف ولو شاء لم يخرجها إلا بأمرهم ( قلت ) فلو أن رجلا استودعني وديعة فحضر مسيري إلى بعض البلدان فخفت عليها فحملتها معي فضاعت أأضمن في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكيف أصنع بها ( قال ) تستودعها في قول مالك ولا تعرضها للتلف ( قلت ) أرأيت رجلا استودع رجلا ألف درهم فخلطها المستودع بدراهمه فضاعت الدراهم كلها أيكون عليه ضمان أم لا ( قال ) لا ضمان عليه في رأيي لأن وديعته قد ضاعت ( قال ) ولو أن رجلا خلط دنانير كانت عنده وديعة في دنانير عنده فضاعت الدنانير كلها فإنه لا يضمن
فيمن استودع حنطة فخلطها بشعير ( قلت ) فلو استودعت رجلا حنطة فخلطها بشعير له فضاع جميع ذلك أيكون
____________________
(15/145)
________________________________________
ضامنا للحنطة في قول مالك ( قال ) نعم لأنه خلط الحنطة بالشعير فقد ضمن لك حنطتك حين خلطها ( قلت ) ولا يشبه هذا الدراهم إذا خلطها ( قال ) لا لأن الحنطة التي خلطها بالشعير لا يقدر على أن يتخلصها من الشعير والدراهم التي خلطها إنما هي دراهم ودراهم فلهذا منها بقدر دراهمه ولهذا منها بقدر دراهمه قال أشهب هذا إذا كانت معتدلة في الجودة والحال ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا حنطة فخلطها بحنطة مثلها فضاعت الحنطة كلها أيضمن أم لا في قول مالك وهل هذا مثل الدراهم ( قال ) إذا كانت الحنطة واحدة يشبه بعضها بعضا وخلطها على وجه الرفع والحرز فلا أرى عليه في قول مالك ضمانا ( قلت ) فإن كانت الحنطة لا تشبه حنطته ( قال ) أراه ضامنا في قول مالك لأنه قد أتلفها حين خلطها بما لا يشبهها لأنها قد تلفت بمنزلة الحنطة في الشعير
فيمن خلط دراهم فضاعت ( قلت ) أرأيت الدراهم إذا خلطها فضاع بعضها أيكون الضياع منهما جميعا ويكونان فيما بقي لهما شريكين بقدر ما لهذا فيها وبقدر ما لهذا فيها ( قال ) نعم إذا كان لا يقدر على أن يتخلص دراهم هذا من دراهم هذا ( قال ) وإن كانت دراهم هذا تعرف من دراهم هذا فمصيبة كل واحد منهما منه لان دراهم كل واحد منهما معروفة
فيمن استودع رجلا حنطة فخلطها صبي بشعير ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا حنطة فخلطها صبي بشعير للمستودع أيضمن أم لا ( قال ) قال مالك في الصبي ان ما استهلك الصبي من متاع أو أفسده فهو ضامن فإن كان له مال أخذ من ماله وإن لم يكن له مال فهو في ذمته دينا يتبع به فالجواب في مسألتك أن الصبي ضامن لشعير مثل شعير المستودع وضامن لحنطة مثل حنطة المودع إلا أن يشاآ أن يتركا الصبي ويكونا في الحنطة والشعير شريكين هذا بقيمة حنطته وهذا بقيمة شعيره ( قلت ) أبقيمة حنطته بالغة ما بلغت ( قال ) لا ولكن
____________________
(15/146)
________________________________________
ينظر إلى كيل حنطة هذا فتقوم وإلى وكيل شعير هذا فيقوم فيكونان شريكين ( قلت ) أرأيت ان قال أحدهما لصاحبه أنا أغرم لك مثل شعيرك هذا أو مثل حنطتك وآخذ هذا كله أيكون ذلك له أم لا ( قال ) لا يكون ذلك له ولا يحل هذا إلا أن يكون هو الذي خلطه فيكون ذلك له ويكون ضامنا لمثل الحنطة التي خلطها ( قلت ) ولم أحللته ها هنا إذا كنت أنا الذي خلطته ولم تحله في الوجه الآخر ( قال ) لان هذا قد قضاه حنطة وجبت عليه وفي الوجه الآخر إنما هو بيع فلا يحل ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي
فيمن استودع دراهم وحنطة فأنفقها ثم تلفت وقد رد مثل ما أنفق أو لم يرد ( قلت ) أرأيت لو أني استودعت عند رجل دراهم وحنطة فأنفق بعض الدراهم أو أكل بعض الحنطة أيكون ضامنا لجميع الحنطة وجميع الدراهم أم لا في قول مالك ( قال ) لا يكون ضامنا إلا لما أكل أو لما أنفق وما سوى ذلك لا يكون ضامنا له ( قلت ) فإن رد مثل الحنطة التي أكلها في الوديعة ومثل الدراهم التي أنفقها في الوديعة أيسقط عنه الضمان أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم يسقط عنه الضمان في الدراهم والحنطة عندي بمنزلتها ( قلت ) أفيكون القول قوله في أنه قد رد ذلك في الوديعة ( قال ) نعم كذلك قال مالك ( قلت ) ولم جعل مالك القول قوله ألا ترى أنه لو قال لم آخذ منها قليلا ولا كثيرا أو قال قد تلفت كان القول قوله ( قلت ) أرأيت ان كان قد تسلف الوديعة كلها فرد مثلها مكانها أيبرأ من الضمان في قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال لي مالك في الدراهم فالودائع كلها مثل هذا إذا رد مثلها إذا كان يقدر على مثلها مثل الكيل أو الوزن في رأيي
فيمن استودع ثيابا فلبسها أو أتلفها ثم رد مثلها في موضعها فضاعت ( قلت ) أرأيت ان استودعني ثيابا فلبستها فأبليتها أو بعتها أو أتلفتها بوجه من
____________________
(15/147)
________________________________________
الوجوه ثم اشتريت ثيابا مثل صفتها ورفعتها وطولها فرددتها إلى موضع الوديعة أيبرئني ذلك من الضمان أم لا ( قال ) لا يبرئك ذلك من الضمان ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي لأن رجلا لو استهلك لرجل ثوبا فإنما عليه قيمته فلما ضمن هذا المستودع باستهلاكه القيمة لم يجز أن يخرج ثيابا مكان القيمة ولا يبرأ بذلك
في رجل استودع رجلا وديعة أو قارضه فزعم أنه ردها إليه أو قال ضاعت مني ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا وديعة أو قارضته فلما جئت أطلبها منه قال قد دفعتها إليك أيصدق ويكون القول قوله أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يستودع الرجل وديعة أو يقارضه قال ان كان إنما دفع إليه المال ببينة فإنه لا يبرئه من المال إذا قال قد دفعته إلا أن تكون له بينة وان كان رب المال إنما دفع إليه المال بغير بينة فالقول قول المستودع والمقارض إذا قال قد دفعته إليك ( قلت ) أرأيت ان دفعت إليه المال قراضا أو استودعته ببينة فقال قد ضاع المال مني أيكون مصدقا في ذلك أم لا ( قال ) قال مالك هو مصدق في ذلك ( قلت ) وكذلك ان قال قد سرق مني ( قال ) نعم
فيمن دفع إلى رجل مالا ليدفعه إلى آخر ( قال ) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال ليدفعه لرجل ببعض البلدان فيقدم الذي بعث معه المال فيقول له صاحب المال ما فعلت بالمال فيقول قد دفعته إلى الذي أمرتني وينكر الذي بعث بالمال إليه أن يكون هذا دفع إليه شيئا ( قال ) قال مالك ان لم يكن للمأمور بالدفع بينة أنه قد دفع إليه المال غرم ( قلت ) ببينة دفع إليه أو بغير بينة أهو سواء عند مالك في هذا ( قال ) نعم قال بن القاسم فقلت لمالك أرأيت ان كان حين أخذه منه قال له أنا أدفعه إليه بغير بينة وأنا أستحي أن أشهد عليه ثم زعم أنه قد دفعه إليه وأنكر الآخر ( قال ) ان صدقه رب المال على هذه
____________________
(15/148)
________________________________________
المقالة أو كانت له بينة على رب المال بهذه المقالة فالقول قوله ولا ضمان عليه ( قال ) فقلت لمالك أرأيت ان قال المأمور قد رجعت بها ودفعتها إليك ولم أجد صاحبك الذي بعثت بها معي إليه وأنكر رب المال أن يكون ردها إليه ( قال ) القول قول المأمور مع يمينه ولا شيء عليه ( قلت ) فإن كان قبضها منه بغير بينة أو كان قبضها منه ببينة أهو سواء في هذا ( قال ) ان كان قبضها من ربها ببينة فإنه لا يبرأ إلا أن تكون له بينة على أنه قد ردها إلى ربها وإلا غرم وإن لم يكن قبضها من ربها ببينة فالقول قوله وهذا رأيي قال بن الماجشون الورثة ضامنون ويلزمهم ما كان يلزم أباهم من بينة تقوم أو تصديق المبعوث إليه
في الرجل يبعث بمال لرجل فيهلك الرسول قبل أن يبلغ أو بعد ما بلغ ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل بعث إلى رجل بمال إلى بلد فقدم البلد فهلك الرسول بذلك البلد بعد ما قدمه ثم ان صاحب البضاعة كتب إلى الرجل يسأله هل قبضتها فكتب إليه أنه لم يدفع إلي شيئا ( قال ) يحلف ورثة الرسول ان كان فيهم كبير بالله ما يعرف له سببا ولا شيء لرب المال في مال الرسول ( قال ) فقلت لمالك أرأيت ان هلك الرسول في الطريق ولم يوجد له أثر ( فقال ) مالك ما أحراه أن يكون في ماله ثم كلمته بعد ذلك في الرسول إذا مات في الطريق ( قال ) أراه في ماله وضمانه عليه إذا هلك قبل أن يبلغ البلد الذي فيه المبعوث إليه بالمال
في الرجل يهلك وقبله ودائع وقراض ودين فيقول في مرضه هذه ودائع فلان وهذا مال فلان ( قال ) وقال مالك ولو أن رجلا هلك ببلد وقبله قرض دنانير وقراض وودائع فلم يوجد للودائع ولا للقراض سبب ولم يوص بشيء من ذلك ( قال ) أهل القراض وأهل الودائع والقرض يتحاصون في جميع ماله على قدر أموالهم ( قال ) فقلنا لمالك فإن ذكر فيما قبله عند موته ان هذا مال فلان الذي قارضني به وهذه وديعة لفلان ( قال
____________________
(15/149)
________________________________________
ان كان ممن لا يتهم فالقول قوله في ذلك وذلك للذي سمي له
الرجل يبعث معه بالمال صلة لرجل أو صدقة فقال قد دفعته ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يبعث بالمال مع رجل صلة لرجل ليدفعه إليه فيقول قد دفعته إليه ويقول المبعوث إليه لم يدفعه إلي ( قال ) ان لم يكن للرسول بينة على دفعه غرم ( قال ) والصدقة إذا بعث بها إلى رجل أو بعث معه بمال إلى رجل ليدفعه إليه وليس بصدقة فهو سواء لا يبرأ يقوله أنه قد دفع إلا أن يكون له بينة إلا أن يكون أمره أن يفرقها على وجه الصدقة يقسمها لم يأمره أن يدفعها إلى رجل بعينه فالقول قوله أنه قد فرقها ويحلف وإنما سألت مالكا عن ذلك لأن بعض الناس ذكروا أن الصدقة وان كانت مبعوثة إلى رجل فهي مخالفة للقضاء والقرض والشراء والبيع وما أشبهه ( قال ) قال مالك الصدقة إذا كانت إنما بعثت إلى رجل والقرض والاشتراء والبيع كله سواء إلا أن يكون أمره أن يفرقها في غير قوم بأعيانهم فيكون القول قول الرسول مع يمينه ( قلت ) أرأيت ان بعثت معه بمال صدقة وأمرته أن يدفعه إلى عشرة رجال بأعيانهم فأنكروا ( قال ) الواحد والعشرة إذا كانوا بأعيانهم سواء في قول مالك ( قلت ) أرأيت ان صدقه بعضهم وكذبه بعضهم ( قال ) يبرأ في قول مالك من حظ من صدقه ويضمن حظ من كذبه
فيمن دفع إلى رجل مالا قراضا أو وديعة ببينة أو بغير بينة ( قلت ) أرأيت ما ذكرت عن مالك أنه قال إذا دفع إليه المال وديعة أو قراضا ببينة فقال الذي أخذ المال بعد ذلك قد رددته أنه لا يبرأ بقوله أني قد رددته إلا أن يكون له بينة ( قلت ) لم قال مالك ذلك أليس أصل أخذه هذا المال أمانة فلم لا يبرأ بقوله أني قد دفعته وقد قلت قد قال مالك إذا قال قد ضاع مني أنه مصدق وإن كانت عليه بينة فلم لا يصدق إذا قال قد رددته ( قال ) لأنه حين دفع إليه المال قد استوثق منه الدافع فلا يبرأ حتى يستوثق هو أيضا إذا هو دفع وإن كان أصل
____________________
(15/150)
________________________________________
المال أمانة فإنه لا يبرأ إلا بالوثيقة ( قلت ) فلم قال مالك إذا بعث بالمال معه ليدفعه إلى رجل فقال قد دفعته إلى من أمرني أنه لا يصدق إلا ببينة أنه قد دفعه وان كان رب المال حين بعث بالمال معه دفعه إلى الرسول ببينة أو بغير بينة فهو سواء لا يبرأ الرسول حتى يدفع المال إلى المبعوث إليه ببينة لم قال مالك هذا أو ليس هذا المبعوث معه المال أمينا ( قال ) قال مالك ليس له أن يتلف ماله إلا ببينة تقوم له أنه قد دفعه ألا ترى أن المبعوث إليه بالمال ان كان ذلك المال دينا له على الذي أرسله إليه أن هذا الرسول ان لم يشهد عليه حين دفعه إليه فقد أتلفه وكذلك لو كان أرسل إليه بهذا المال ليشتري له به سلعة فأعطاه الرسول المال من غير أن يشهد فقد أتلفه ( قلت ) أرأيت ان قال المقارض أو المستودع قد بعثت إليك بالمال مع رسولي أيضمن أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يضمن في قول مالك إلا أن يكون رب المال أمره بذلك
فيمن استودع رجلا مالا فاستودعه غيره فضاع عنده ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا مالا فاستودعه غيره ثم أخذه منه فضاع عنده أيضمن أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا أنفق منها ثم رد ما أنفق في الوديعة أنه لا ضمان عليه فكذلك هذا في مسألتك لا يضمن
فيمن استودع رجلا فجحده فأقام عليه البينة ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا ببينة فجحدني وديعتي ثم أقمت عليه البينة أتضمنه أم لا في قول مالك ( قال ) نعم هو ضامن في قول مالك لأن مالكا قال إذا دفع إليه المال ببينة وزعم المستودع أنه قد رد المال على رب المال ولا بينة له فهو ضامن فالجحود أبين عندي في الضمان
في الدعوى في الوديعة ادعى أحدهما أنها وديعة وقد ضاعت وادعى الآخر أنه قرض وأنه سلف ( قلت ) أرأيت ان قال رجل لرجل استودعتني ألف درهم فضاعت مني وقال رب
____________________
(15/151)
________________________________________
المال بل أقرضتكها قرضا ( قال ) قال مالك القول قول رب المال ( قلت ) فإن قال رب المال ما استودعتكها ولكنك غصبتنيها ( قال ) الغصب عندي لا يشبه القرض لأن الغصب من وجوه التلصص ( قال ) وهذا يدعى عليه في الغصب باب فجور فلا يصدق عليه ( قلت ) أفلا يصدقه في ضمان المال ( قال ) لا إذا قال غصبتني لأني إذا أبطلت قوله في بعض أبطلته في كله ( قلت ) أتحفظ هذا عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) فإن قال استودعتني ألف درهم فضاعت مني وقال رب المال بل أوفيتكها من قرض كان لك علي ( قال ) القول قول رب المال في رأيي ( قلت ) فإن قال رب المال لم أستودعك ولكني رددتها عليك من مال المقارضة الذي كان لك عندي ( قال ) القول قوله في رأيي ( قلت ) أرأيت ان قال لم أستودعك ولكنك سرقتها مني ( قال ) لا أرى أن يقبل قوله انه سرقها منه لان في هذا باب فجور يرميه به ولم أسمعه من مالك ( قلت ) أرأيت ان كان لي على رجل ألف درهم من قرض ولي عنده ألف درهم وديعة فأعطاني ألف درهم أو بعث بها إلي ثم لقيني بعد ذلك فقال الالف التي بعثت بها اليك هي من السلف الذي كان لك علي وقد ضاعت الوديعة وقال رب المال بل إنما بعثت إلي بالوديعة التي كانت لي عندك والسلف لي عليك على حاله ( قال ) القول قول المستودع ألا ترى أنه مصدق في ذهاب الوديعة وهو يقول قد ذهبت الوديعة عندي ولم أبعث بها إليك فهو مصدق فالالف التي قبضها رب المال تصير هي الدين الذي كان على المستودع
فيمن استودع صبيا وديعة فضاعت عنده ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا استودع صبيا صغيرا وديعة فضاعت أيضمن الصبي أم لا ( قال ) لا يضمن ( قلت ) بأمر أربابه أو بغير أمر أربابه ( قال ) ذلك سواء عندي ( قلت ) وهو قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يبيع الصبي السلعة فيتلفها الصبي أنه لا شيء له على الصبي من ثمن السلعة ولا يضمن له الصبي قيمة السلعة وإن باع الصبي منه السلعة فأخذ الصبي منه الثمن فأتلفه ان الرجل ضامن للسلعة
____________________
(15/152)
________________________________________
ولا يضمن الصبي الثمن الذي أتلف لأنه هو الذي سلط الصبي على ذلك وأتلف ماله فكذلك الوديعة
فيمن استودع عبدا محجورا عليه أو مأذونا له وديعة فأتلفها ( قلت ) أرأيت ان استودع رجل عبدا محجورا عليه وديعة فأتلفها أيضمن أم لا في قول مالك ( قال ) ان فسخها عنه السيد سقطت عنه ولم تعد عليه أبدا وإن أعتق لأن السيد قد فسخها عنه وإن لم يفسخها السيد عنه حتى يعتق فهي دين عليه يتبع بها في ذمته ان عتق يوما ما وهذا إذا لم يبطلها السيد وهذا رأيي
في العبد المأذون له في التجارة يستودع الوديعة فيتلفها ( قلت ) أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا استودع وديعة فأتلفها أيكون ذلك في ذمته في قول مالك أم في رقبته ( قال ) بل ذلك في ذمته في قول مالك لأن ارباب هذه السلعة استودعوه وائتمنوه عليها ( قلت ) أفيكون لسيد العبد المأذون له أن يفسخ ذلك الدين من ذمته مثل ما لسيد العبد المحجور عليه ( قال ) لا لأن مالكا قال في العبيد الصناع القصارين والصواغين والخياطين ما أفسدوا مما دفع إليهم ليعملوه فأتلفوه ( قال ) مالك غرم ذلك عليهم في أموالهم وذمتهم لا يلحق ذلك ساداتهم ولا شيء مما يأتيه هؤلاء العبيد فيما بينهم وبين الناس إذا دفعوا ذلك إليهم وهم طائعون وائتمنوهم عليه أو أسلفوهم أو استعملوهم فما كان من ذلك من شيء فلا يلحق رقبة العبد ولا ما في يديه من مال سيده
فهذا يدلك على مسألتك أن الوديعة لا تكون في رقبته إذا أتلفها العبد لان سيد الوديعة دفعها إليه وقد قال مالك في الصناع ان ذلك في ذمتهم فالمأذون له في التجارة والصناع سواء فيما ائتمنهم الناس عليه وليس لساداتهم أن يفسخوا ذلك عنهم في قول مالك ( قلت ) فإن كان غير مأذون له في التجارة فاستودعه رجل وديعة فاتلفها فأسقطها عنه سيده أتسقط عنه ( قال ) نعم تسقط عنه إذا أسقطها السيد ( قلت ) أرأيت قيمة العبد إذا قتله رجل أهي على عاقلته أم في ماله في قول مالك ( قال ) في
____________________
(15/153)
________________________________________
ماله في قول مالك ولا تحمله العاقلة ( قلت ) أحال أم لا في قول مالك ( قال ) حال في قول مالك
في العبد والمكاتب وأم الولد والمدبر والصبي تدفع إليهم الودائع ( قلت ) أرأيت العبد والمكاتب وأم الولد والصبي والمدبر إذا قبضوا الودائع بإذن ساداتهم فاستهلكوها أيكون ذلك في ذمتهم أم في رقاب العبيد ( قال ) قال مالك كل شيء قبضوه بإذن أربابهم فأتلفوه فإنما هو دين في ذمتهم ولا يكون في رقابهم ( قلت ) والصبي ما دفع إليه من الودائع بإذن أبيه فاستهلكها أيكون ذلك دينا عليه أم لا ( قال ) أما الصبي فلا يلزمه من ذلك شيء ولم أسمع من مالك في الصبي شيئا في هذه المسألة وليس مما ينبغي للأب أن يفعله بابنه ولا يلزمه الأب مثل هذا ولا أرى أن يلزمه
في الرجل يستودع الوديعة فيتلفها عبده أو ابنه في عياله ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا وديعة فأتلفها عبده أو ابنه الصغير في عياله ( قال ) ان استهلكها عبده فهي جناية في رقبة العبد وليس في ذمته في قول مالك إلا أن يفتكه سيده وان استهلكها ابنه فذلك دين في مال الابن ان كان له مال وإلا اتبع بها دينا عليه
فيمن استودع رجلا وديعة فجاء يطلبها فقال أمرتني أن أدفعها إلى فلان ( قلت ) أرأيت ان استودعني رجل وديعة فجاء يطلبها فقلت له انك أمرتني أن أدفعها إلى فلان وقد دفعتها إليه وقال رب الوديعة ما أمرتك بذلك ( قال ) هو ضامن إلا أن يكون له بينة أنه أمره بذلك وكذلك سمعت مالكا ( قال ) وسئل مالك عن الرجل يبعث بالمال إلى الرجل فيقول المبعوث إليه أنك تصدقت به علي ويقول الرسول لرب المال بذلك أمرتني ويجحد صاحب المال ويقول ما أمرتك بالصدقة ( قال ) مالك يحلف المبعوث إليه بالمال مع شهادة الرسول ويكون المال له صدقة
____________________
(15/154)
________________________________________
( قال ) فقلنا لمالك كيف يحلف المبعوث إليه بالمال وهو غائب يوم بعث إليه ولم يسمع قول رب المال يوم بعث إليه المال ولم يحضر ذلك ( قال ) كيف يحلف الصبي الصغير إذا بلغ على دين كان لابيه يقوم عليه به شاهد واحد قال مالك فهذا مثله
في رجل باع ثوبا فقال البزاز لغلام له أو أجير له اقبض منه الثمن فرجع فقال قد دفع إلي وضاع مني ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا باع من رجل ثوبا فقال البزاز لغلام له أو لأجيره اذهب مع هذا الرجل فخذ منه الثمن وجئني به فذهب الغلام معه فرجع فقال قد دفع إلي الثمن وضاع مني وقال مشترى الثوب قد دفعت إليه الثمن وقال البزاز أقم البينة أنك دفعت إليه الثمن وقال الرجل أنت أمرتني فما أصنع بالبينة والغلام يصدقني ( قال ) سألت مالكا عنها فقال لي إن لم يقم المشتري البينة أنه قد دفع الثمن إلى الرسول فهو ضامن للثمن ولا يبرأ ولم أر فيها شكا عند مالك ( قلت ) أليس قد قال مالك في الرجل يبعث مع الرجل بالمال ويأمره أن يدفعه إلى فلان فيدفعه إلى فلان بغير بينة ويصدقه فلان بذلك أنه لا ضمان عليه ( قال ) نعم قد قال هذا مالك ( قلت ) فما فرق ما بين هذه المسألة والمسئلة الاولى ( قال ) ليس ما دفع اليك من المال فأمرت أن تدفعه إلى غيرك بمنزلة ما أمر غيرك أن يدفعه إليك من دين كان عليه فصدقته فإنك لا تصدق على الذي كان له الدين
فيمن استودع رجلا وديعة في بلد فحملها إلى عياله في بلد آخر فتلفت عنده ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا وديعة بالكوفة فحملها إلى عيال له بمصر فوضعها عندهم فضاعت أيضمن أم لا ( قال ) هو ضامن في قول مالك لان مالكا قال ان سافر بالوديعة ضمن ان تلفت فكذلك هذا وهذا ان استودعك بالكوفة فأنت إن أخرجتها إلى مصر ضمنتها ان لم تردها ( قلت ) أرأيت ان استودعني رجل
____________________
(15/155)
________________________________________
وديعة بالفسطاط فأردت أن أنتقل إلى أفريقية ( قال ) أرى أن صاحبها ان لم يكن حاضرا فتردها عليه أنك تستودعها ولا تحملها
في رجل استودع رجلا جارية فوطئها فأحبلها المستودع ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا جارية فحملت منه فولدت أيقام عليه الحد ويكون ولده رقيقا في قول مالك ( قال ) نعم
فيمن استودع رجل ا وديعة فجاءه رجل فقال ادفع إلي وديعة فلان فقد أمرني أن أقبضها ( قلت ) أرأيت لو أني استودعت رجلا وديعة ثم جاءه رجل فقال له ان فلانا أمرني أن آخذ هذه الوديعة منك فصدقه ودفعها إليه فضاعت أيضمن في قول مالك أم لا ( قال ) نعم يضمن ولا أقوم على حفظ قول مالك فيه ( قلت ) لم أليس قد قلت إذا أمره أن يدفع المال إلى فلان فدفعه وصدقه المدفوع إليه المال أنه يبرأ ( قال ) هذا لا يشبه ذلك إذا أمره أن يدفع لا يشبه إذا جاءه رسول فقال ادفع إلي وصدقه ( قلت ) فإذا ضمنه رب المال الوديعة أيضمن هذا الذي أخذها منه ( قال ) نعم أرى له أن يضمنه
فيمن استودع رجلين وديعة عند من تكون ( قلت ) أرأيت الرجل يستودع الرجلين أو يستبضع الرجلين عند من يكون ذلك منهما وهل يكون ذلك عندهما جميعا ( قال ) قال مالك في الوصيين ان المال يجعل عند أعدلهما ولا يقسم المال قال مالك فإن لم يكن فيهما عدل وضعه السلطان عند غيرهما وتبطل وصيتهما إذا لم يكونا عدلين قال مالك ولا يجوز الوصية إليهما إذا لم يكونا عدلين ( قال ) ولم أسمع من مالك في البضاعة والوديعة شيئا وأراه مثله
____________________
(15/156)
________________________________________
في الرجل يستودع الرجل ابلا أو غنما فينفق عليها ( قلت ) أرأيت ان استودعني رجل ابلا أو بقرا أو غنما فأنفقت عليها بغير أمر السلطان أيلزم ذلك ربها أم لا ( قال ) سئل مالك عما يشبه هذا عن رجل استودع رجلا دابة فغاب عنها صاحبها وقد أنفق عليها المستودع قال مالك يرفع ذلك إلى السلطان فيبيعها ويعطيه نفقته التي أنفق عليها إذا أقام على ذلك بينة أنه استودعها إياه ( قلت ) أرأيت ان لم يكن له بينة على النفقة ولكن له بينة على أنها عنده منذ سنة فادعى أنه كان ينفق عليها سنته تلك ( قال ) له النفقة إذا قامت له بينة أنها وديعة عنده
فيمن استودع ماشية فأنزى عليها أو إبلا فأكراها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا استودع رجلا نوقا أو أتنا أو بقرات أو جواري فحمل على الاتن وعلى النوق وعلى البقرات أنزى عليهم فحملن فمتن من الولادة وزوج الجواري فحملن الجواري فمتن من الولادة أيضمن في قول مالك أم لا ( قال ) أراه ضامنا في ذلك كله ( قلت ) أرأيت ان حمل الفحل عليها فعطبت تحت الفحل أيضمن أم لا ( قال ) نعم ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت ان استودعني إبلا فأكريتها إلى مكة أيكون لربها من الكراء شيء أم لا ( قال ) كل ما كان أصله أمانة فأكراه فربه مخير ان سلمت الابل ورجعت بحالها في أن يأخذ كراءها ويأخذ الابل وفي أن يتركها له ويضمنه قيمتها ولا شيء له من الكراء إذا كان قد حبسها عن أسواقها ومنافعه بها وهذا بمنزلة رجل أعاره رجل دابة أو أكراه دابة إلى موضع من المواضع فتعدى عليها لأن أصل هذا كله لم يضمنه إلا بتعديه فيه فهذا كله باب واحد وهذا في الوديعة وفي الدين على نحو قول مالك في الذي يستعير الدابة فيتعدى وعلى الذي يتكارى الدابة فيتعدى عليها وهذا في الكراء والعارية قول مالك ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا وديعة فقدمت أطلبها منه فقال قد أنفقتها على أهلك وولدك وصدقه أهله وولده ( قال ) أراه ضامنا للوديعة ولا ينفعه اقرار أهله
____________________
(15/157)
________________________________________
وولده بالنفقة إلا أن يقيم على ذلك البينة فيبرأ إذا كان ما أنفق عليهم يشبه ما قال ولم يكن صاحب الوديعة يبعث إليهم بالنفقة
فيمن استودع جارية أو ابتاعها فزوجها بغير أمر صاحبها ( قلت ) أرأيت ان استودعني رجل جارية فزوجتها بغير أمر صاحبها فنقصها التزويج أترى أني ضامن لما نقصها ( قال ) نعم ( قلت ) فإن ولدت ولدا فكان في الولد وفاء لما نقصها التزويج أأضمن أم لا في قول مالك ما نقصها التزويج ( قال ) لا لأن مالكا قال في الرجل يشتري الجارية فيجد بها عيبا وقد زوجها بعد ما اشتراها فأراد ردها قال مالك يردها ويرد معها ما نقصها التزويج قال مالك وربما ردها وهي خير منها يوم اشتراها قد ولدت أولادا فلا يكون عليه شيء لنقصان التزويج فهذا يدلك على أن مالكا جعل الولد إذا كان فيه وفاء بما نقصها التزويج أنه لا شيء عليه ويردها ولا يغرم ما نقصها فكذلك مسألتك ( قلت ) ويثبت هذا النكاح إذا ردها بالعيب في قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) وقال مالك أرأيت إن زوجها من رجل حر أكان يفسخ ذلك فعبده بمنزلة ذلك إلا أني أرى في مسألتك أن أحب أخذها وولدها وإن أحب أن يضمنه إياها إذا نفست ويأخذ قيمتها بلا ولد فذلك له ( قلت ) ولم أثبت هذا النكاح ( قال ) لان الذي اشتراها فأصاب بها العيب كان لها مالكا قبل أن يردها ألا تري أنه لو أعتقها قبل أن يردها جاز عتقه فيها في قول مالك ( قلت ) فإن كان أعتقها وهو يعلم بالعيب ( قال ) قال مالك إذا اشتراها فظهر على عيب فتسوق بها بعد العيب أنها لازمة له وليس له أن يردها بعد ما تسوق بها إذا كان قد علم بالعيب فكذلك العتق إذا علم بالعيب فأعتقها فليس له أن يرجع بما نقصها العيب بعد ذلك ( قلت ) فإن أعتقها وهو لا يعلم بالعيب كان له أن يرجع بقيمة العيب على البائع في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان اشتريت جارية وبها عيب ولا أعلم بالعيب فزوجتها فنقصها التزويج فزادت في قيمتها فكان ما زاد في قيمتها فيه وفاء لما نقصها عيب التزويج فأردت أن أردها بالعيب أيكون علي لما نقصها التزويج شيء أم لا ( قال ) لا شيء عليك
____________________
(15/158)
________________________________________
في ذلك كذلك قال لي مالك ( قلت ) أرأيت ان استودعت رجلا وديعة فعمل فيها فربح أيكون الربح للعامل أم لرب المال في قول مالك ( قال ) للعامل كذلك قال مالك ( قلت ) ولا يتصدق بشيء من الربح في قول مالك ( قال ) نعم لا يتصدق بشيء من الربح ( قلت ) ويبرأ من الضمان هذا المستودع إذا كان قد رد المال في موضع الوديعة بعد ما ربح في المال ويكون الربح له في قول مالك ( قال ) نعم يبرأ من الضمان في قول مالك ويكون الربح له
فيمن استودع طعاما فأكله ورد مثله ( قلت ) أرأيت ان استودعني رجل طعاما فأكلته فرددت في موضع الوديعة طعاما مثله أيسقط عني الضمان أم لا ( قال ) يسقط عنك الضمان في رأيي مثل قول مالك في الدنانير والدراهم لأني سمعت مالكا يقول في الرجل يستودع الدنانير والدراهم فيتسلف منها بعضها أو كلها بغير أمر صاحبها ثم يرد في موضع الوديعة مثلها انه يسقط عنه الضمان فكذلك الحنطة ( قلت ) وكذلك كل شيء يكال أو يوزن ( قال ) نعم كل شيء إذا أتلفه الرجل للرجل فإنما عليه مثله فهو إذا رد مثله في الوديعة سقط عنه الضمان وإذا كان إذا أتلفه ضمن قيمته فإن هذا إذا تسلفه من الوديعة بغير أمر صاحبها فهو لقيمته ضامن ولا يبرئه من تلك القيمة إلا أن يردها على صاحبها لا يبرئه منها أن يخرج القيمة فيردها في الوديعة ( قلت ) أرأيت قولك إذا استودعها فتسلفها بغير أمر صاحبها انه إذا ردها في الوديعة يبرأ أرأيت ان أخذها على غير وجه السلف فأتلفها فردها بعد ذلك أيبرأ في قول مالك ( قال ) إنما سألنا مالكا عنها إذا تسلفها بغير أمر صاحبها ثم رد مثلها مكانها أنه يبرأ ولم نسأله عن هذا الوجه الذي سألت عنه وهو عندي مثل السلف سواء
____________________
(15/159)
________________________________________
فيمن استودع رجلا مالا أو أقرضه فجحده ثم استودعه الجاحد مثله ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا استودعته ألف درهم أو أقرضته إياها قرضا أو بعته بها سلعة فجحدني ذلك ثم انه استودعني بعد ذلك ألف درهم أو باعني بها بيعا فأردت أن أجحده لمكان حقي الذي كان جحدني ويستوفيها من حقي الذي لي عليه ( قال ) سئل مالك عنها غير مرة فقال لا يجحده ( قال ) فقلت لم قال ذلك مالك ( قال ) ظننت أنه قاله للحديث الذي جاء أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا استودعني وديعة ثم غاب فلم أدر أحي هو أم ميت ولا أعرف له موضعا ولا أعرف من ورثته ( قال ) قال مالك إذا طال زمانه أو أيس منه تصدق بها عنه ( قلت ) أرأيت لو أن وديعة استهلكتها كان قد استودعنيها رجل ثم جاء يطلبها فادعيت أنه وهبها لي وهو يجحد أيكون القول وقوله أم قولي ( قال ) القول قول رب الوديعة ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا استودعني عبدا فبعثته في حاجة لي في سفر أو في غير ذلك فذهب فلم يرجع ( قال ) ان بعثته في سفر أو في أمر بعثته يعطب في مثله فأنت ضامن في رأيي وان كان أمرا قريبا لا يعطب في مثله تقول له اذهب إلى باب الدار اشتر لنا نقلا أو نحو هذا ( قال ) هذا لا يضمن لان الغلام لو خرج في مثل هذا لم يمنع منه
في العبد يستودع الوديعة فيأتي سيده فيطلبها ( قلت ) أرأيت ان استودعني عبد لرجل وديعة فأتى سيده فأراد أخذ الوديعة والعبد غائب أيقضي له بأخذ الوديعة أم لا ( قال ) نعم يقضي له بأخذ الوديعة لان مالكا قال لي في متاع وجد في يد عبد غير مأذون له في التجارة فأتى رجل فزعم أن المتاع متاعه وقال السيد المتاع متاعي وأقر العبد أن المتاع متاع الرجل دفعه إليه ليبيعه وكذلك
____________________
(15/160)
________________________________________
ادعى الرجل قال انما دفعته إليه ليبيعه لي ( قال ) قال مالك القول قول سيده حين قال هو متاعي لان العبد عبده ( قلت ) أرأيت ان لم يقل السيد في مسألة مالك هذه ان هذا المتاع متاعي ولكن قال المتاع متاع غلامي وقال العبد ليس هو لي ( قال ) هو سواء القول قول السيد ولم يكن محمل قول مالك عندنا في مسألة مالك إلا أن السيد ادعى أن المتاع متاع عبده وكل ذلك سواء لأن العبد عبده ومتاع عبده هو له قال بن القاسم وسمعت مالكا يقول في المأذون له في التجارة يقر بالمتاع يكون في يديه أنه لقوم أو يقر لقوم بدين وينكر ذلك السيد ان القول قول العبد لأنه قد خلي بينه وبين الناس يداينهم ويتاجرهم ويأمنونه وأما مسألتك في الوديعة فللسيد أن يأخذ متاع عبده مأذونا كان أو غير مأذون لان العبد غائب ولم يقر العبد بالمتاع أنه لاحد من الناس فلسيده أن يأخذ متاع عبده في مسألتك
____________________
(15/161)
________________________________________
كتاب العارية فيمن استعار دابة يركبها إلى سفر بعيد ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا استعار من رجل دابة ليركبها حيث شاء ويحمل عليها ما شاء وهو بالفسطاط فركبها إلى الشام أو إلى افريقية ( قال ) ينظر في عاريته فإن كان وجه عاريته إنما هو إلى الموضع الذي يركب إليه وإلا فهو ضامن ومن ذلك أنه يأتي إلى الرجل فيقول أسرج لي دابتك لأركبها في حاجة لي فيقول له اركبها حيث أحببت فهذا يعلم الناس أنه لم يسرجها له إلى الشام ولا إلى افريقية ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) هذا رأيي ( قال ) ووجدت في مسائل عبد الرحيم أن مالكا قال فيمن استعار دابة إلى بلد فاختلفا فقال المستعير أعرتنيها إلى بلد كذا وكذا وقال المعير إلى موضع كذا وكذا ( قال ) ان كان يشبه ما قال المستعير فعليه اليمين فهذا يدلك على ما فسرت لك
فيمن استعار دابة ليحمل عليها حنطة فحمل عليها غير ذلك ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا استعار دابة ليحمل عليها حنطة فحمل عليها حجارة فعطبت أيضمن أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في رجل اكترى دابة من رجل ليحمل عليها أو ليركبها فأكراها من غيره فعطبت ( قال ) ان
____________________
(15/162)
________________________________________
كان أكراها في مثل ما تكاراها له وكان الذي اكتراها عدلا أمينا لا بأس به فلا ضمان عليه وان كان ما حمل على الدابة مما يشبه أن يكون مثل الذي استعارها له فعطبت فلا ضمان عليه وان كان ذلك أضر بالدابة فعطبت فهو ضامن ( قال ) ومما يبين لك ذلك أنه لو استعارها ليحمل عليها بزا فحمل عليها كتانا أو قطنا أو استعارها ليحمل عليها حنطة فحمل عليها عدسا أنه لا يضمن في قول مالك وإنما يضمن إذا كان أمرا مخالفا فيه ضرر على الدابة فهذا الذي يضمن ان عطبت ( قلت ) أرأيت ان استعرت دابة لأحمل عليها حنطة فركبتها أنا ولم أحمل عليها فعطبت هل أضمنها أم لا ( قال ) ينظر في ذلك فإن كان ركوبك أضر بالدابة من الحنطة وأثقل ضمنتها وإلا فلا ضمان عليك ( قلت ) أرأيت إن استعرت من رجل دابة لأركبها إلى موضع من المواضع فركبتها وحملت خلفي رديفا فعطبت الدابة ما على ( قال ) ربها مخير في أن يأخذ منك كراء الرديف ولا شيء له غير ذلك وفي أن يضمنك قيمتها يوم حملت عليها الرديف ( قلت ) أجميع قيمتها أو نصف قيمتها ( قال ) جميع قيمتها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) سئل مالك عن رجل تكارى بعيرا ليحمل عليه وزنا مسمى فتعدى فحمل عليه أكثر مما شرط في الوزن فعطب البعير فهلك أو أدبره أو أعنته قال مالك ينظر في ذلك فإن كان الذي زاد عليه الرطلين والثلاثة وما أشبه ذلك مما لا يعطب في مثل تلك الزيادة كان له كراء تلك الزيادة إن أحب ولا ضمان على المتكاري في البعير ان عطب ( قال ) فإن كان في مثل ما زاد عليه ما يعطب في مثله كان صاحب البعير مخيرا فإن أحب فله قيمة بعيره يوم تعدى عليه وإن أحب فله كراء ما زاد على بعيره مع الكراء الأول ولا شيء له من القيمة فكذلك مسألتك في العارية
فيمن استعار من رجل ثوبا أو عرضا فضاع عنده أيضمن أم لا ( قلت ) أرأيت لو استعرت ثوبا من رجل فضاع عندي أأضمنه أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك هو ضامن ( قلت ) وكذلك العروض كلها ( قال ) قال مالك
____________________
(15/163)
________________________________________
من استعار شيئا من العروض فكسره أو خرقه أو ادعي أنه سرق منه أو احترق ( قال ) مالك فهو ضامن له ( قال ) وان أصابه أمر من قبل الله بقدرته وتقوم له على ذلك بينة فلا ضمان عليه في شيء من ذلك إلا أن يكون ضيع أو فرط فإنه يضمن إذا جاء التفريط أو الضيعة من قبله كذلك وجدت هذه المسألة في مسائل عبد الرحيم قال بن القاسم وقال مالك فيما تلف من عارية الحيوان عند من استعارها ان الامر عندنا أنه لا ضمان على الذي استعارها فيما أصابها عنده إلا أن يتعدى أمر صاحبها أو يخالف إلى غير ما أعاره إياها عليه قال بن القاسم وقال لي مالك ومن استعار دابة إلى مكان مسمى فتعدى ذلك المكان فتلفت الدابة ( قال ) أرى صاحبها مخيرا بين أن يكون له قيمتها يوم تعدى بها وبين أن يكون له كراؤها في ذلك التعدي ( قلت ) أرأيت ان استعار ثوبا فحرق أيضمن ( قال ) هذا يضمن في قول مالك في العروض إذا تحرقت أو أصابها خرق أو سرقت ( قال ) قد أمليت عليك قول مالك أو لا أنه ضامن لما نقصه إلا أن يكون فسادا كثيرا فيضمنه كله وذلك إذا لم تكن له بينة على ما ادعى من ذلك
في الرجل يأمر الرجل أن يضرب عبدا له فضربه فمات ( قلت ) أرأيت ان أمرت رجلا أن يضرب عبدي عشرة أسواط فضربه عشرة أسواط فمات العبد منها أيضمن الضارب أم لا ( قال ) قال مالك لا ضمان عليه قال مالك وأستحب له أن يكفر كفارة الخطأ ( قلت ) أرأيت ان أمرته أن يضربه عشرة أسواط فضربه أحد عشر سوطا أو عشرين سوطا فمات من ذلك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكنه ان كان زاده زيادة يخاف أن تكون أعانت على قتله فأراه ضامنا
فيمن اذن لرجل أن يغرس أو يبني أو يزرع في أرضه ففعل ثم أراد إخراجه ( قلت ) أرأيت ان أذنت لرجل أن يبني في أرضي أو يغرس فبنى وغرس فلما
____________________
(15/164)
________________________________________
بنى وغرس أردت إخراجه مكاني أو بعد ذلك بأيام أو بزمان أيكون ذلك لي فيما قرب من ذلك أو بعد في قول مالك أم لا ( قال ) بلغني أن مالكا قال أما ما قرب من ذلك الذي يرى أن مثله لم يكن لبني على أن يخرج في قرب ذلك وهو يراه حين يبني فلا أرى له أن يخرجه إلا أن يدفع إليه ما أنفق وإلا لم يكن له ذلك حتى يستكمل ما يرى الناس أنه يسكن مثله في قدر ما عمر وأما إذا كان قد سكن من الزمان فيما يظن أن مثله قد بنى على أن يسكن مثل ما سكن هذا فأرى له أن يخرجه ويعطيه قيمة نقضه منقوضا ان أحب وإن لم يكن لرب الأرض حاجة بنقضه قيل للآخر اقلع نقضك ولا قيمة له على رب الأرض ( قال ) وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أني أعرت رجلا يبني في أرضي أو يغرس فيها وضربت له لذلك أجلا فبنى وغرس فلما مضى الاجل أردت إخراجه ( قال ) قال مالك يخرجه ويدفع إليه قيمة نقضه منقوضا إن أحب رب الأرض وإن أبى قيل للذي بنى وغرس اقلع نقضك وغراسك ولا شيء لك غير ذلك ( قلت ) وما كان لا منفعة له فيه إذا نقضه فليس له أن ينقضه في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان كنت قد وقت له وقتا فبنى وغرس أيكون لي أن أخرجه قبل مضي الوقت وأدفع إليه قيمة بنيانه وغراسه في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) فإن أعرته على أن يبني ويغرس ثم بدا لي أن أمنعه ذلك وآخذ أرضي وذلك قبل أن يبنى شيئا وقبل أن يغرس ( قال ) ان كنت ضربت لذلك أجلا فليس لك ذلك في قول مالك لأنك قد أوجبت ذلك له ( قلت ) فإن لم أضرب له أجلا وأعرته أرضي على أن يبنى فيها ويغرس فأردت إخراجه قبل أن يبني ويغرس ( قال ) ذلك لك ألا ترى أن مالكا قال في الذي أذن له أن يبني ويغرس فبنى وغرس ولم يكن ضرب لذلك أجلا فأراد اخراجه بحدثان ذلك ان ذلك ليس له إلا أن يدفع إليه قيمة ما أنفق فهو إذا لم يبن ولم يغرس كان له أن يخرجه فهذا يدلك على ذلك ( قلت ) أرأيت إن أعرته أرضي يبني فيها ويغرس ولم أسم ما يبنى فيها ولا ما يغرس وقد سميت الاجل فأردت إخراجه ( قال ) ليس ذلك لك في قول
____________________
(15/165)
________________________________________
مالك وليس لك أن تمنعه مما يريد أن يبني ويغرس إلا أن يكون شيء من ذلك يضر بأرضك ( قلت ) أرأيت إن أراد الذي بني أو غرس أن يخرج قبل الاجل أله أن يقلع نقضه وغراسه قبل الاجل في قول مالك ( قال ) نعم ذلك له إلا أن لرب الارض أن يأخذ البناء والغرس بقيمته ويمنعه نقضه إذا دفع له قيمة ماله فيه منفعة ويمنعه أن ينقض ما ليس له فيه منفعة وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت كل ما ليس للذي بنى وغرس فيه منفعة إذا قلعه فأراد رب الأرض أن يعطيه قيمة عمارته ويمنعه من القلع أيعطيه قيمة هذا الذي إن قلعه لم يكن له فيه منفعة في قول مالك ( قال ) لا لا يعطيه قيمة هذا الذي لا منفعة له فيه على حال من الحالات لانه لا يقدر على قلعة صاحب العمارة فكيف يأخذ له ثمنا ( قلت ) أرأيت ان أعرته أرضي يزرعها فلما زرعها أردت أن أخرجه منها أيكون ذلك لي أم لا ( قال ) ليس ذلك لك حتى يتم زرعه لان الزرع لا يباع حتى يبدو صلاحه فتكون فيه القيمة فلذلك خالف البناء والغرس ( قلت ) فهل تجعل لرب الارض الكراء من يوم قال للمستعير اقلع زرعك في قول مالك ( قال ) لا ألا ترى أنه ليس لرب الارض أن يقلع زرعه فلما لم يكن له أن يقلع زرعه لم يكن له أن يأخذ عليه كراء إلا أن يكون إنما أعاره الارض للثواب فهذا بمنزلة الكراء ( قلت ) أرأيت ان استعرت من رجل دابة فركبتها إلى موضع من المواضع فلما رجعت قال صاحبها إنما أعرتكها إلى ما دون الموضع الذي ركبتها إليه وقد تعديت في ركوبك دابتي ( فقال ) قد أخبرتك بقول مالك الذي وجدته في مسائل عبد الرحيم ان كان يشبه القول قول المستعير كان القول قوله مع يمينه ( قلت ) وكذلك ان اختلفا فيما حمل عليها ( قال ) كذلك ينبغي أن يكون وذلك رأيي ألا ترى أن المستعير لو استعار مهرا فحمل عليه عدل بز إنه لا يصدق أنه إنما استعاره لذلك ولو كان بعيرا صدق فهذا هكذا ينبغي أن يكون ( قلت ) أرأيت ان استعرت من رجل أرضا على أن أبنيها وأسكنها عشر سنين ثم أخرج منها ويكون البناء لرب الارض ( قال ) ان كان بين
____________________
(15/166)
________________________________________
البنيان ما هو وضرب الاجل فذلك جائز لان هذا من وجه الاجارة وان لم يكن بين البنيان ما هو فهذا لا يجوز لانه غرر ( قلت ) فإن بين البنيان ما هو إلا أنه قال أسكن ما بدا لي فإذا خرجت فالبناء لك ( قال ) إذا لم يضرب الاجل فهو مجهول لا يجوز لان هذا في الاجارة لا يجوز ( قلت ) أرأيت ان بني على هذا وأنت لا تجيزه ما يكون لرب البنيان وما يكون على صاحب الارض ( قال ) يكون النقض لرب النقض وان كان قد سكن كان عليه كراء الارض ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) فلو قال له أعرني أرضك هذه عشر سنين على أن أغرسها شجرا ثم هي بعد العشر سنين لك بما غرست فيها ( قال ) هذا لا يستقيم ليس للشجر حد يعرف به وإنما يجوز من الشجر أن يغرس له شجرا على وجه الجعل يقول صاحب الارض للغارس اغرسها أصولا نخلا أو تينا أو كرما أو فرسكا أو ما أشبه ذلك ويشترط رب الارض في ذلك إذا بلغت الشجر كذا وكذا فهي بيننا على ما شرطنا نصفا أو ثلثا أو أقل من ذلك أو أكثر فهذا هو الجائز وأما أن تقول أعطيكها سنتين أو ثلاثا فإذا خرجت من الارض فما فيها من الغراس فهو لي فهذا لا يشبه البنيان لان الغراسة غرر لا يدري ما ينبت منه وما يذهب منه وهذا رأيي ( قال ) ومما يبين لك أنه لو استأجره أن يبني له بنيانا مضمونا يوفيه إياه إلى أجل من الآجال جاز ذلك وإن شرط عليه أن يغرس له كذا وكذا شجرة مضمونة عليه يوفيه إياها إلى أجل لم يجز ذلك لان ذلك ليس مما يضمنه أحد لاحد ( قلت ) أرأيت الرجل يعير الرجل المسكن عشر سنين فيقبضه فيموت المعار أيكون ورثته مكانه في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك إن مات المعار قبل أن يقبض عاريته فورثته مكانه في قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يعير الرجل المسكن أو يخدمه الخادم عشر سنين فيموت قبل أن يتمها ( قال ) قال مالك ورثته مكانه ( قلت ) وإن لم يقبض ( قال ) وإن لم يقبض ( قلت ) فإن مات الذي أعاره قبل أن يقبض المعار عاريته ( قال ) لا شيء له في قول مالك ( قلت ) فإن كان قد قبض ثم مات رب الارض ( قال ) فلا شيء لورثة رب الارض حتى يتم هذا سكناه لأنه قد قبض وهذا قول
____________________
(15/167)
________________________________________
مالك وكذلك العارية والهبة والصدقة
ما جاء في العمرى والرقبى ( قلت ) أرأيت العمري أيعرفها مالك ( قال ) نعم قال مالك ومن أعمر رجلا حياته فمات المعمر رجعت إلى الذي أعمرها ( قال ) وقال مالك الناس عند شروطهم ( قلت ) فإن أعمر عبدا أو دابة أو ثوبا أو شيئا من العروض ( قال ) أما الدواب والحيوان كلها والرقيق فتلك التي سمعنا فيها العمري ( قال ) وأما الثياب فلم أسمع فيها شيئا ولكنها عندي على ما أعاره عليها ( قلت ) أرأيت الرقبي هل يعرفها مالك ( قال ) سأله بعض أصحابنا ولم أسمعه أنا منه عن الرقبي فقال لا أعرفها ففسرت له فقال لا خير فيها ( قلت ) وكيف سألوه عن الوقت ( قال ) قالوا له الرجلان تكون بينهما الدار فيحبسانها على أيهما مات فنصيبه للحي حبسا عليه ( قال ) فقال لهم مالك لا خير فيه ( يزيد بن محمد ) عن إسماعيل بن علية عن بن أبي يحيى عن طاوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رقبى ومن أرقب شيئا فهو لورثة المرقب قال بن القاسم وسألناه عن العبد يحبسانه جميعا على أنه حر بعد آخرهما موتا على أن أولهما موتا نصيبه من العبد يخدم الحي حبسا عليه إلى موت صاحبه ثم هو حر ( قال ) قال مالك لا خير في هذا ( قلت ) هل ترى العتق قد لزمهما ( قال ) قال مالك العتق لازم لهما ومن مات منهما أولا فنصيبه من العبد يخدم ورثته فإذا مات الآخر منهما خرج العبد حرا وإنما يخرج نصيب كل واحد منهما من ثلثه ( قلت ) لم جعلتم نصيب كل واحد منهما من ثلثه أليس هذا عتقا إلى أجل حين قال إذا مات فلان فنصيبي من هذا العبد حر أليس هذا فارغا من رأس المال في قول مالك ( قال ) انه لم يقل كذلك إنما قال كل واحد منهما إذا أنا مت فنصيبي يخدم فلانا حياته ثم هو حر فإنما هو كرجل أوصى إذا مات أن يخدم عبده فلانا حياته ثم هو حر فهذا من الثلث ولو كان قال إنما هو حر إلى موت فلان لعتق على الحي منهما نصيبه حين مات صاحبه من رأس المال أولا ترى أن أحدهما إذا مات فنصيب الحي الذي
____________________
(15/168)
________________________________________
كان حبسا على صاحبه تسقط الوصية فيه ويصير نصيبه مدبرا يعتق بعد موته ( قال ) وإذا مات الاول أيضا سقطت وصيته بالخدمة لصاحبه لأنها كانت من وجه الخطر ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم يشبه قوله وهو رأيي كله
في عارية الدنانير والدراهم والطعام والادام ( قلت ) أرأيت إن استعار رجل دنانير أو دراهم أو فلوسا ( قال ) لا تكون في الدنانير والدراهم عارية ولا في الفلوس لانا سألنا مالكا عن الرجل يحبس على الرجل المائة الدينار السنة أو السنتين فيأخذها فيتجر فيها فينقص منها قال مالك فهو ضامن لما نقص منها وإنما هي قرض فإن شاء قبضها على ذلك وإن شاء تركها ( قلت ) وتكون هذه الدنانير حبسا في قول مالك أم يبطل الحبس فيها ( قال ) هي حبس إلى الاجل الذي جعلها إليه حبسا وإنما هي حبس قرض ( قلت ) فإن أبى الذي حبست عليه قرضا أن يقبلها ( قال ) ترجع إلى الورثة ويبطل الحبس فيها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) ولقد سئل مالك عن امرأة هلكت وأوصت لبنت بنت لها بأن تحبس عليها الدنانير وأوصت أن ينفق عليها منها إذا أرادت الحج أو في نفاس ان ولدت فأرادت الجارية بعد ذلك أن تأخذها فتصرفها في بعض ما ينتفع به وتنقلب بها وتقول اشترطوا علي أني ضامنة لها حتى أنفقها في الذي قالت جدتي ( قال ) قال مالك لا أرى أن تخرج الدنانير عن حالها وأرى أن ينفق عليها فيما أوصت به جدتها ( قلت ) أرأيت ان استعار رجل طعاما أو إداما أيكون هذا عارية أو قرضا ( قال ) كل شيء لا ينتفع به الناس إلا للأكل أو الشرب فلا أراه إلا قرضا ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يستعير من الرجل عشرة دنانير ( فقال ) هو ضامن لها ولم يره من وجه العارية
____________________
(15/169)
________________________________________
فيمن اعترف دابة فأقام البينة على ذلك هل يسأله القاضي أنه ما باع ولا وهب ( قلت ) أرأيت ان اعترفت دابة لي فأقمت البينة أنها دابتي أيسألني القاضي البينة إني لم أبع ولم أهب ( قال ) يسألهم أنهم لم يعلموا أنه باع ولا وهب ولا تصدق وإنما يسألهم عن علمهم فإن شهدوا أنهم لا يعلمون أنه باع ولا وهب ولا تصدق قضي له بالدابة بعد أن يحلف الذي اعترف الدابة في يديه بالله الذي لا إله إلا هو أنه ما باع ولا وهب ولا تصدق ولا أخرجها من يديه بشيء مما يخرج به الشيء من ملك الرجل ثم قضي له بها ( قلت ) فإن لم يشهد الشهود على أنهم لا يعلمون أنه باع ولا وهب ولا تصدق ولكنهم يشهدون على أنها دابته أتحلفه أنه ما باع ولا وهب ولا تصدق ثم تقضي له بالدابة ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) إنما سمعته يقول أنه يسألهم عن علمهم أنه ما باع ولا وهب قال مالك ولا يشهدون على البتات إنما يسألهم عن عملهم قال مالك ولو شهدوا على البتات لرأيت شهادتهم شهادة غموس ورأيت أنهم قد شهدوا بباطل وأنهم قد شهدوا بزور وما يدريهم أنه ما باع ولا وهب ( قال ) وقال مالك ويستحلف هو البتة أنه ما باع ولا وهب ثم يقضي له بالدابة ( قلت ) أرأيت ان استأجرت دابة من رجل إلى بعض المواضع فعطبت تحتي ثم جاء ربها فاستحقها أيكون له أن يضمنني ويجعلني إذا عطبت تحتي بمنزلة رجل اشترى في سوق المسلمين طعاما ثم جاء رجل فاستحقه ان له أن يضمنه فهل يكون الذي ركب الدابة بهذه المنزلة ( قال ) لا
في العبد المأذون له أو غير المأذون له يعير شيئا أو يدعو إلى طعامه بغير اذن مولاه ( قلت ) أرأيت العبد المأذون له في التجارة وغير المأذون له في التجارة أيجوز له أن يعير الدابة من ماله أو غير الدابة أيجوز له ذلك أم لا ( قال ) لا أرى أن يجوز ذلك له
____________________
(15/170)
________________________________________
إلا بإذن سيده ( قلت ) أرأيت العبد يدعو إلى طعامه أيجاب أم لا ( قال ) سئل مالك عن العبد يولد له فيريد أن يعق عن ولده ويدعو عليه الناس ( قال ) مالك لا يعجبني ذلك إلا بإذن سيده فكذلك مسألتك
فيمن استعار سلاحا ليقاتل به فتلف أو انكسر ( قلت ) أرأيت ان استعرت من رجل سلاحا أو استعرت منه سيفا لأقاتل به فضربت به فانقطع أأضمن أم لا ( قال ) لا يضمن في قول مالك إذا كانت له بينة أنه كان معه في القتال لأنه فعل ما أذن له فيه فانقطع السيف من ذلك وإن لم تكن له بينة ولا يعرف أنه كان معه في القتال فهو ضامن
فيمن استعار دابة إلى موضع فتعدى ذلك الموضع بقليل أو كثير ثم ردها فعطبت في الطريق هل يضمن أم لا ( قلت ) أرأيت ان استعرت دابة إلى موضع من المواضع فلما بلغت ذلك الموضع تعديت على الدابة إلى موضع قريب مثل الميل أو نحوه ثم رددتها إلى الموضع الذي استعرتها إليه ثم رجعت وأنا أريد ردها على صاحبها فعطبت في الطريق وقد رجعت إلى الطريق الذي أذن لي فيه أأضمن أم لا في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا وسئل عن رجل تكارى دابة إلى ذي الحليفة فتعدى بها ثم رجع فعطبت بعد ما رجع إلى ذي الحليفة وإلى الطريق ( قال ) ان كان تعديه ذلك مثل منازل الناس فلا أرى عليه شيئا وان كان جاوز ذلك مثل الميل والميلين فأراه ضامنا
فيمن بعث رجلا يستعير له دابة إلى موضع فاستعارها إلى غير ذلك ( قلت ) أرأيت ان بعثت رسولا إلى رجل ليعيرني دابته إلى برقة فجاءه الرسول فقال يقول لك فلان أعرنى دابتك إلى فلسطين فأعطاه الدابة فجاءني بها فركبتها فعطبت أو ماتت تحتي فقال الرسول قد كذبت فيما بينهما ( قال ) الرسول ضامن ولا
____________________
(15/171)
________________________________________
ضمان على الذي استعارها لانه لم يعلم ما تعدى به الرسول ( قلت ) فإن قال الرسول لا والله ما أمرتني أن أستعير لك إلا إلى فلسطين وقال المستعير بل أمرتك أن تقول له إلى برقة ( قال ) لا يكون الرسول ها هنا شاهدا في قول مالك لان مالكا قال في رجل أمر رجلين أن يزوجاه امرأة فانكر ذلك وشهدوا عليه بذلك ( قال ) لا تجوز شهادتهما عليه لانهما خصمان له قال بن القاسم وكذلك لو اختلفوا في الصداق فقالا أمرتنا بكذا وكذا وقال الزوج بل أمرتكما بكذا وكذا لما دون ذلك لم يجز قولهما عليه لانهما خصمان ويكون المستعير ها هنا ضامنا إلا أن تكون له بينة على ما زعم أنه أمر به الرسول ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا ركب دابتي إلى فلسطين فقلت أكريتها منك وقال بل أعرتنيها ( قال ) القول قول صاحب الدابة إلا أن يكون ممن ليس مثله يكري الدواب مثل الرجل الشريف المنزلة والذي له القدر والغنى وهذا رأيي والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(15/172)
________________________________________
كتاب اللقطة والضوال والآبق ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة دراهم أو دنانير أو ثيابا أو عروضا أو حليا مصوغا أو شيئا من متاع أهل الإسلام كيف يصنع بها وكم يعرفها في قول مالك ( قال ) قال مالك يعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا لم آمره بأكلها ( قلت ) والقليل والكثير عند مالك في هذا سواء الدرهم فصاعدا ( قال ) نعم إلا أن يحب بعد السنة أن يتصدق بها ويخير صاحبها إذا هو جاء في أن يكون له أجرها أو يغرمها له ( قال ) وهذا قول مالك ( قلت ) أفكان مالك يكره أن يتصدق بها قبل السنة ( قال ) هذا رأيي إلا أن يكون الشيء التافه اليسير
العبد يلتقط اللقطة يستهلكها قبل السنة أو بعد السنة ( قلت ) أرأيت العبد إذا التقط اللقطة فأكلها أو تصدق بها قبل السنة أيكون ذلك في ذمته أم في رقبته ( قال ) قال مالك إذا استهلكها قبل السنة فهي في رقبته لا في ذمته ( قلت ) فإن استهلكها بعد السنة ( قال ) قال مالك إذا استهلكها بعد السنة فإنما هي في ذمته ( قلت ) لم قال مالك إذا استهلكها بعد السنة فإنما هي في ذمته وهو لا يرى له أن يأكلها ( قال ) للذي جاء فيها من الاختلاف ولأنه قد جاء فيها يعرفها سنة فإن لم يجئ صاحبها فشأنه بها فلذلك جعلها في ذمته بعد السنة ( قلت ) هل سمعت مالكا يقول في اللقطة أين تعرف وفي أي المواضع تعرف ( قال
____________________
(15/173)
________________________________________
ما سمعت من مالك فيها شيئا ولكني أرى أن تعرف في الموضع الذي التقطت فيه وحيث يظن أن صاحبها هناك وحديث عمر بن الخطاب أنه قال له رجل أني نزلت منزل قوم بطريق الشام فوجدت صرة فيه ثمانون دينارا فذكرتها لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت سنة فشأنك بها فقد قال له عمر عرفها على أبواب المساجد فأرى أن يعرف اللقطة من التقطها على أبواب المساجد وفي موضعها وحيث يظن أن صاحبها هناك ( قلت ) أرأيت ما أصيب من أموال أهل الجاهلية لقطة على وجه الأرض يعلم أنه من أموال أهل الجاهلية أيخمس أم تكون فيه الزكاة في قول مالك ( قال ) يخمس وإنما الزكاة في المعادن في قول مالك وما أصيب في المعادن بغير كبير عمل مثل الندرة وما أشبهها فذلك بمنزلة الركاز فيه الخمس ( قلت ) أرأيت دفن الجاهلية وما نيل منه بعمل ومؤنة ( قال ) فيه في قول مالك الخمس والركاز كله فيه في قول مالك الخمس ما نيل منه بعمل وما نيل منه بغير عمل ( قال ) ولقد سئل مالك عن تراب على ساحل البحر يغسل فيوجد فيه الذهب والفضة وربما أصابوا فيه تماثيل الذهب والفضة ( قال ) مالك أما التماثيل ففيها الخمس وأما تراب الذهب والفضة الذي يخرج من ذلك التراب ففيه الزكاة وهو بمنزلة تراب المعادن ( قلت ) أرأيت إن التقطت لقطة فأتى رجل فوصف عفاصها وقرابها ووكاءها وعدتها أيلزمني أن أدفعها إليه في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أشك أن هذا وجه الشأن فيها وتدفع إليه ( قلت ) أرأيت ان جاء آخر بعد ذلك فوصف له مثل ما وصف الاول أو جاء فأقام البينة على تلك اللقطة أنها كانت له أيضمن الذي التقط تلك اللقطة وقد دفعها إلى من ذهب بها ( قال ) لا لأنه قد دفعها بأمر كان ذلك وجه الدفع فيها وكذلك جاء في حديث اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها فإن جاء طالبها أخذها ألا ترى أنه إنما قيل له اعرف العفاص والوكاء أي حتى إذا جاء طالبها ادفعها إليه وإلا فلماذا قيل له اعرف العفاص والوكاء ( قلت ) وترى أن يجبره السلطان على أن يدفعها إذا اعترفها هذا ووصف
____________________
(15/174)
________________________________________
صفتها وعفاصها ووكاءها ( قال ) نعم أرى أن يجبره وقاله أشهب وزاد عليه اليمين فإن أبى عن اليمين فلا شيء له
التجارة في اللقطة والعارية ( قلت ) أرأيت رجلا حرا وجد لقطة أو مكاتبا أو عبدا تاجرا أيتجربها في السنة التي يعرفها في قول مالك ( قال ) قال مالك في الوديعة لا يتجر فيها فأرى اللقطة بمنزلة الوديعة في السنة التي يعرفها فيها أنه لا يتجربها ولا بعد السنة أيضا لأن مالكا قال إذا مضت السنة لم آمره بأكلها ( قلت ) أرأيت تعريفه إياها في السنة أبأمر الامام أم بغير أمر الامام ( قال ) لا أعرف الامام في قول مالك إنما جاء في الحديث يعرفها سنة فأمر الامام وغير أمره في هذا سواء
في لقطة الطعام ( قلت ) أرأيت ان التقطت ما لا يبقى في أيدي الناس من الطعام ( قال ) قال مالك يتصدق به أعجب إلي ( قلت ) وان كان شيئا تافها ( قال ) التافه وغير التافه يتصدق به أعجب إلى مالك ( قلت ) فإن أكله أو تصدق به فأتى صاحبه أيضمنه أم لا ( قال ) لا يضمنه مثل قول مالك في الشاة يجدها في فيافي الارض إلا أن يجدها في غير فيافي الارض ( قلت ) وهل كان مالك يوقت في الطعام الذي كان يخاف عليه الفساد وقتا في تعريفه ( قال ) لا لم يكن مالك يوقت فيه وقتا ( قلت ) أرأيت من التقط شاة في فيافي الارض أو فيما بين المنازل ( قال ) سألت مالكا عن ضالة الغنم يجدها الرجل ( قال ) قال مالك أما ما كان قرب القرى فلا يأكلها وليضمها إلى أقرب القرى إليها يعرفها فيها ( قال ) وأما ما كان في فلوات الارض والمهامة فإن تلك يأكلها ولا يعرفها فإن جاء صاحبها فليس له عليه من ثمنها قليل ولا كثير وكذلك قال مالك قال ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث هي لك أو لأخيك أو للذئب
____________________
(15/175)
________________________________________
في لقطة الابل والبقر والدواب ( قلت ) أرأيت البقر أهي بمنزلة الغنم في قول مالك ( قال ) أما إذا كانت بموضع يخاف عليها فنعم وإن كانت بموضع لا يخاف عليها السباع ولا الذئاب فهي بمنزلة الابل ( قلت ) وما قول مالك في الابل إذا وجدها الرجل ضالة في فلوات الارض ( قال ) إن أخذها عرفها وإن أراد أكلها فليس ذلك له ولا يعرض لها قال مالك وإن أخذها فعرفها فلم يجد صاحبها فليخلها في الموضع الذي وجدها فيه ( قلت ) أرأيت الخيل والبغال والحمير أهي بمنزلة الابل ( قال ) الخيل والبغال والحمير لا تؤكل ( قلت ) فإن التقطها ( قال ) يعرفها فإن جاء ربها أخذها ( قلت ) فإن عرفها سنة فلم يجئ ربها ( قال ) أرى أن يتصدق بها ولم أسمعه من مالك ( قلت ) فإن جاء ربها وقد أنفق على هذه الدواب أيكون عليه نفقتها ( قال ) قال مالك نعم على صاحبها ما أنفق هذا عليها ولا يأخذها حتى يعطيه ما أنفق عليها وقال مالك في الابل إذا اعترفها صاحبها وقد كان أسلمها وقد أنفق عليها ان له ما أنفق عليها ان أراد صاحبها أن يأخذها وان أراد أن يسلمها فليس عليه شيء ( قلت ) وكذلك البقر والغنم إذا التقطها في فلوات الارض أو في غير فلوات الارض فأنفق عليها فاعترفها ربها أيكون له نفقتها التي أنفق عليها في قول مالك ( قال ) قال مالك في المتاع يلتقطه الرجل فيحمله إلى موضع من المواضع ليعرفه فيعرفه ربه قال مالك أراه لصاحبه ويدفع إلى هذا الكراء الذي حمله له فكذلك الغنم والبقر إذا التقطها رجل فأنفق عليها ثم أتى ربها فإنه يغرم ما أنفق عليها الملتقط إلا أن يشاء ربها أن يسلمها ( قلت ) أرأيت ما أنفق هذا الملتقط على هذه الأشياء التي التقطها بغير أمر السلطان أيكون ذلك على رب هذه الأشياء إن أراد أخذها في قول مالك ( قال ) نعم إذا أراد صاحبها أخذها لم يكن له أن يأخذها حتى يغرم لهذا ما أنفق عليها بأمر السلطان أو بغير أمر السلطان
في الآبق ينفق عليه من يجده وفي بيع السلطان الضوال ( قلت ) أرأيت الآبق إذا وجده الرجل ما يصنع به في قول مالك ( قال ) قال مالك
____________________
(15/176)
________________________________________
يرفعه إلى السلطان فيحبسه السلطان سنة فإن جاء صاحبه وإلا باعه وحبس له ثمنه ( قلت ) فمن ينفق عليه في هذه السنة ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن ينفق عليه السلطان ويكون فيما أنفق بمنزلة الاجنبي إلا أن السلطان ان لم يأت ربه باعه وأخذ من ثمنه ما أنفق عليه وجعل ما بقي في بيت المال ( قلت ) أرأيت الابل الضوال إذا رفعت إلى الوالي هل كان مالك يأمر الوالي أن يبيعها ويرفع أثمانها لأربابها كما صنع عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في ضوال الابل باعها وحبس أثمانها على أربابها ( قال ) قال مالك لا تباع ضوال الابل ولكن تعرف فإن لم توجد أربابها ردت إلى الموضع الذي أصيبت فيه ( قال ) وكذلك جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال أرسلها في الموضع الذي وجدتها فيه وإنما كان مالك يأخذ بحديث عمر في هذا ( قال ) مالك ولقد استشارني بعض الولاة فأشرت عليه بذلك ( قلت ) لم قال مالك في الأباق أنهم يباعون بعد السنة إذا حبسهم الامام ولم يجعلهم بمنزلة ضوال الابل يدعهم يعملون ويأكلون حتى يأتي أربابهم ( قال ) الأباق في هذا ليسوا بمنزلة الابل لأنهم يأبقون ثانية ( قلت ) أرأيت الآبق إذا أصابه الرجل في المصر أو خارجا من المصر أفيه جعل عند مالك أم لا ( قال ) سألنا مالكا عن الرجل الآبق إذا وجده الرجل فأخذه وطلب جعله أترى له فيه جعلا ( قال ) قال مالك أما من طلب ذلك ان كان ذلك شأنه وطلبه وهو عمله فأرى أن يجعل له جعل قال مالك وعندنا قوم شأنهم هذا وفي هذا منافع للناس وأما من ليس ذلك شأنه وإنما وجده فأخذه فإنما له فيه نفقته ولا جعل له ( قلت ) هل كان مالك يوقت في الجعل شيئا ( قال ) ما سمعت أنه وقت فيه شيئا وأرى أن يعطى على قدر بعد الموضع الذي أخذه فيه بالاجتهاد ( قلت ) أرأيت ان كان رجلا هذا شأنه يطلب الأباق والدواب الضوال والامتعات فيردها على أربابها أيكون له في قول مالك شيء ( قال ) لم أسمعه من مالك وينبغي أن يكون له جعله لأن في ذلك منافع للناس ( قال ) ولم يوقت لنا مالك في الآبق شيئا في المصر ولا خارجا من المصر إلا أنه قال لنا ما أخبرتك
____________________
(15/177)
________________________________________
قال بن القاسم سألنا مالكا عن هذه السفن التي تنكسر في البحر فيلقى البحر متاعهم فيأخذه بعض الناس ثم يأتي بعد ذلك أصحاب المتاع قال مالك يأخذون متاعهم ولا شيء لها ولا الذين أصابوه ( قلت ) أرأيت إذا التقط لقطة فعرفها سنة ثم باعها بعد السنة فأتى ربها أيكون له أن يفسخ البيع وإنما باعها الذي التقطها بغير أمر السلطان ( قال ) معنى شأنكم بها أنه مخير في أن يحبسها أو أن يتصدق بها فأرى أن البيع جائز ويكون له الثمن ممن قبضه ( قلت ) أرأيت من التقط لقطة فضاعت منه فأتى ربها أيكون عليه شيء أم لا ( قال ) لا شيء عليه ( قلت ) فإن قال له رب المتاع إنما التقطتها لتذهب بها وقال الذي التقطها إنما التقطتها لأعرفها ( قال ) القول قول الذي التقطها ( قلت ) أسمعته من مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة ليعرفها ثم بدا له فردها في موضعها فضاعت أيضمن أم لا في قول مالك ( قال ) سأل رجل مالكا عن رجل التقط كساء وبين يديه رفقة فصاح بهم فقال ألكم الكساء فقالوا لا فرده في موضعه ( قال ) مالك لا أرى عليه شيئا وقد أحسن حين رده في موضعه فأرى أنا أن من أخذ من ذلك مما ليس هو على هذا الوجه حتى يستتر به من ذلك الموضع الذي التقطه فيه ثم أتى به فوضعه في موضعه الذي أخذه منه أو في غير موضعه الذي أخذه منه بعد أن ذهب به ومكث في يديه فهو ضامن له والذي أراد مالك أنه رده مكانه من ساعته وأنه صاح بالقوم يظنه لهم مثل الرجل يمر في أثر الرجل فيجد الشيء فيأخذه ويصيح به ألك هذا فيقول له لا فيتركه فهذا لا ضمان عليه وأما من أخذه فأحرزه ثم بدا له فرده فهو ضامن وكذلك سمعت من مالك فيما يشبهه
في السارق يسرق من دار فيها ساكن أو لا ساكن فيها ثم يدع الباب مفتوحا ( قلت ) أرأيت لو أني أتيت إلى دواب رجل مربوطة في مداودها فحللتها فذهبت الدواب أأضمن أم لا ( قال ) قال مالك في السارق يسرق من الحانوت وهو مغلق
____________________
(15/178)
________________________________________
لا يسكن فيه أحد فيفتحه ثم يدعه مفتوحا وليس ربه فيه فيذهب ما في الحانوت ان السارق ضامن لما ذهب من الحانوت لأنه هو فتحه فكذلك الدواب بهذه المنزلة على مثل هذا في قول مالك ( قلت ) أرأيت ان كانت الدواب في دار ففتح الباب رجل فذهبت الدواب أيضمنها أم لا في قول مالك ( قال ) ان كانت دار الدواب مسكونة فيها قومة الدواب فلا ضمان عليه وهو بمنزلة ما لو سرق منه وترك بقيته مباحا للناس فإن لم يكن رب الدواب في الدار ضمن ( قلت ) أرأيت ان كان رب الدواب في الدار وهو نائم أيضمن أم لا ( قال ) لا يضمن ( قلت ) لم وهو نائم ( قال ) ألا ترى لو أن سارقا دخل بيت قوم وهم نيام ففتح بابهم وقد كانوا أغلقوه فسرق بعض متاعهم ثم خرج وترك الباب مفتوحا ثم سرق ما فيه بعده أنه لا يضمن ذلك في قول مالك كذلك قال مالك لان أرباب البيت إذا كانوا في البيت نياما كانوا أو غير نيام فإن السارق لا يضمن ما ذهب بعد ذلك وإنما يضمن من هذا إذا ترك الباب مفتوحا وليس أرباب البيت في البيت ( قلت ) فلو كان البيت تسكنه امرأة فخرجت إلى جارة لها زائرة وأغلقت على متاعها الباب فأتى سارق ففتح الباب فسرق ما فيه وتركه مفتوحا فسرق ما بقي في البيت بعده أيضمن أم لا ( قال ) يضمن في قول مالك ( قلت ) والحوانيت ان سرق منها رجل بالليل وترك الباب مفتوحا فسرق ما في الحوانيت بعده أيضمنه السارق أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) والحوانيت مسكونة أم لا ( قال ) ليست بمسكونة
في الرجل يفتح قفصا فيه طير أو قيدا فيه عبد وفي الآبق يأخذه الرجل ثم يهرب منه أو يرسله هو ( قلت ) أرأيت لو أني أتيت إلى قفص فيه طير ففتحت باب القفص فذهب الطير أأضمن أم لا ( قال ) نعم أنت ضامن في رأيي ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أتى إلى عبد لي قد قيدته أخاف إباقة فحل قيده فذهب العبد أيضمنه أم لا في قول مالك ( قال ) يضمنه في رأيي ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة فعرفها سنة فلم يجد صاحبها
____________________
(15/179)
________________________________________
فتصدق بها على المساكين فأتى صاحبها وهي في يد المساكين أيكون لصاحبها أن يأخذها من أيدي المساكين أم لا ( قال ) نعم ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت ان أكلها المساكين فأتى ربها فأراد أن يضمنهم ( قال ) لا أرى ذلك له ( قلت ) أليس قد قال مالك في الهبة إذا استحقها صاحبها عند الموهوبة له وقد أكلها أن له أن يضمنه إياها ( قال ) ليست اللقطة بمنزلة الهبة ألا ترى أنهم قد قالوا في اللقطة يعرفها سنة ثم شأنه بها ( قال ) ولم أسمع من مالك في هذا شيئا ( قلت ) أرأيت إن أخذت عبدا آبقا فأبق مني أيكون على شيء أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا شيء عليك ( قال ) وقال مالك وإن أرسله بعد ما أخذه ضمنه كذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت ان اعترفت عبدا لي آبقا عند السلطان فأتيت بشاهد واحد أأحلف مع شاهدي وآخذ العبد في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فهل كان مالك يرى أن يستحلف طالب الحق مع شاهدين ( قال ) لا إذا أقام شاهدين لم يستحلف ( قلت ) أرأيت ان ادعى هذا الابق رجل فقال هو عبدي وقال العبد صدق أنا عبده ولا بينة للسيد أيعطي العبد بقوله وباقرار العبد له بالعبودية ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هكذا ينبغي أن يكون قوله من قبل أن مالكا قال في اللصوص إذا أخذوا ومعهم الامتعة فأتى قوم فادعوا ذلك المتاع ولا يعلم ذلك إلا بقولهم وليست لهم بينة ( قال ) مالك يتلوم لهم السلطان فإن لم يأت غيرهم دفعه إليهم ( قلت ) أرأيت الآبق إذا حبسه الامام سنة ثم باعه ثم جاء سيده والعبد قائم عند المشتري أيكون للمستحق أن ينقض البيع ويأخذ عبده ( قال ) ليس ذلك له كذلك قال مالك إنما له أن يأخذ ثمنه ( قلت ) لم ( قال ) لأن السلطان باعه عليه وبيع السلطان جائز
في بيع السلطان الأباق ( قلت ) أرأيت لو أن السلطان باع هذا الآبق بعد ما حبسه سنة ثم أتي سيده فاعترفه فقال قد كنت أعتقته بعد ما أبق أو قال قد كنت دبرته بعد ما أبق ( قال
____________________
(15/180)
________________________________________
لا يقبل قوله على نقض البيع إلا ببينة تقوم له لأن بيع السلطان بمنزلة بيع السيد ألا ترى أن السيد لو باع العبد ثم أقر بعد ذلك أنه قد كان أعتقه لم يقبل قوله على نقض البيع إلا ببينة وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت ان قال قد كنت أعتقته قبل أن يأبق مني أو دبرته قبل أن يأبق ( قال ) أما التدبير فلا يصدق فيه وأما العتق فلا أرى أيضا أن يقبل قوله لأنه لو باعه هو نفسه ثم قال قد كنت أعتقته لم يقبل قوله ( قلت ) أرأيت إذا أتى سيدها وهي أمة له وقد كان باعها السلطان بعد ما حبسها سنة فقال سيدها قد كانت ولدت مني وولدها قائم ( قال ) أرى أن ترد إلى سيدها إذا كان ممن لا يتهم عليها لأن مالكا قال في رجل باع جارية له وولدها ثم قال بعد ذلك هذا الولد الذي بعت معها هو مني قال مالك إذا كان ممن لا يتهم على مثلها ردت عليه وقال في العتق ان أقر أنه قد كان أعتقها فلا يصدق ولا ترد عليه إلا ببينة ( قلت ) فإن لم يكن معها ولد فقال بعد ما باعها قد كانت ولدت مني ( قال ) لا ترد وقال غيره في الجارية ليس يقبل قوله ولا يرد البيع به كما لا يرد إذا قال قد أعتقت إلا أن يكون مع الجارية ولد بيعت به أو كانت الجارية حاملا يوم بيعت منه فيقبل قوله ولا ترد لأنه يستلحق نسب الولد الذي معها وهذا أحسن من قول بن القاسم
فيمن اغتصب عبدا فمات ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اغتصب عبدا فمات عند الغاصب موتا ظاهرا أيضمن الغاصب قيمته في قول مالك ( قال ) قال مالك هو ضامن لقيمته ( قلت ) أرأيت العبد الآبق أيجوز تدبير سيده فيه وعتقه ( قال ) نعم لأنه لم يزل ملكه عنه باباق العبد ( قلت ) أرأيت العبد الآبق أيبيعه سيده وهو آبق ( قال ) قال مالك لا يجوز ( قلت ) أرأيت من وهب عبدا له آبقا أتجوز فيه الهبة أم لا ( قال ) إذا كانت الهبة
____________________
(15/181)
________________________________________
لغير الثواب جازت في قول مالك وإن كانت للثواب لم تجز في قول مالك لأن الهبة للثواب بيع من البيوع وبيع الآبق لا يجوز لأنه غرر فكذلك الهبة للثواب
في إقامة الحد على الآبق ( قلت ) أرأيت العبد الآبق إذا زنى أو سرق أو قذف أيقام عليه الحد في قول مالك ( قال ) قال مالك إن الآبق إذا سرق قطع فالحدود عندي بمنزلة السرقة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أتى إلى قاض بكتاب من قاض أنه قد شهد عندي قوم أن فلانا صاحب كتابي إليك قد هرب منه عبد صفته كذا وكذا فجلاه ووصفه في الكتاب وعند هذا القاضي عبد آبق محبوس على هذه الصفة التي كتب بها إليه القاضي أترى أن يقبل كتاب القاضي وشهادة الشهود الذين شهدوا فيه على الصفة التي كتب بها القاضي إليه ويدفع العبد إليه أم لا ( قال ) نعم أرى أن يقبل الكتاب والبينة التي فيه ويدفع العبد إليه ( قلت ) وترى للقاضي الاول أن يقبل منه البينة على الصفة ويكتب بها إلى قاض آخر ( قال ) نعم ( قلت ) أتحفظ شيئا من هذا عن مالك ( قال ) لا إلا أن مالكا قال لنا في الامتعات التي تسرق بمكة إذا أتى الرجل فاعترف المتاع ولم يكن له بينة ووصف المتاع استأنى الامام به فإن جاء من يطلبه وإلا دفعه إليه الامام فكذلك العبد الذي أقام البينة على صفته فهو أحرى أن يدفع إليه ( قلت ) فإن ادعى العبد ووصفه ولم يقم البينة عليه ( قال ) أرى أنه مثل قول مالك في المتاع أنه ينتظر به الامام ويتلوم فإن جاء أحد يطلبه وإلا دفعه إليه وضمنه إياه ( قلت ) ولا يلتفت ها هنا إلى العبد وإن كان منكرا أن هذا سيده إلا أنه مقر أنه عبد لفلان في بلد آخر ( قال ) يكتب السلطان إلى ذلك الموضع وينظر في قول العبد فإن كان كما قال وإلا ضمنه هذا وأسلمه إليه مثل قول مالك في الامتعة
في الرجل يعترف الدابة في يد رجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا اعترف دابة له في يد رجل وأقام البينة أنها دابته وحكم
____________________
(15/182)
________________________________________
له بها السلطان فادعى الذي الدابة في يديه أنه اشتراها من بعض البلدان وأراد أن لا يذهب حقه ( قال ) قال مالك يؤمر هذا الذي كانت الدابة في يديه أن يخرج قيمة الدابة فتوضع القيمة على يدي عدل ويمكنه القاضي من الدابة ويطبع له في عتق الدابة ويكتب إلى قاضي ذلك البلد كتابا أني حكمت بهذه الدابة لفلان فاستخرج له ماله من بائعه إلا أن يكون للبائع حجة ( قال ) وقال مالك وإن تلفت الدابة في ذهابه أو مجيئه أو انكسرت أو اعورت فهي من الذاهب بها والقيمة التي وضعت على يدي عدل للذي اعترفها ( قلت ) أرأيت إن نقصها في ذهابه ومجيئه ( قال ) كذلك أيضا في قول مالك القيمة لهذا الذي اعترفها إلا أن ترد الدابة بحالها ( قلت ) وكذلك الرقيق ( قال ) قال مالك نعم كذلك الرقيق إلا أن تكون جارية فإن كانت جارية فكان الذي يذهب بها أمينا لا يخاف على مثله أعطيها وذهب بها وإن كان على غير ذلك كان عليه أن يستأجر أمينا يذهب بها وإلا لم تدفع إليه ( قلت ) أرأيت ان اعترفها رجل وهو على ظهر سفر يريد افريقية فاعترف دابته بالفسطاط فأقام عليها البينة فاستحقها فقال الذي هي في يديه اشتريتها من رجل بالشام أتمكنه من الدابة يذهب بها إلى الشام ويعوق هذا عن سفره في قول مالك ( قال ) هذا حق من الحقوق المسافر في هذا وغير المسافر سواء ويقال لهذا المسافر إن أردت أن تخرج فاستخلف من يقوم بأمرك ( قلت ) أرأيت إن قال هذا المسافر أني قد استحققت دابتي وقول هذا الذي وجدت دابتي في يديه أنه اشتراها من الشام باطل لم يشترها ولكنه أراد أن يعوقني أيقبل قول الذي اعترف الدابة في يديه أنه اشتراها أم لا يقبل قوله إلا ببينة ( قال ) سألنا مالكا عنها ( فقال ) إذا قال صاحبها اشتريتها أمكن مما وصفت لك ولم يقل لنا مالك أنه يقال له أقم البينة ولو كان ذلك عند أهل العلم أنه لا يقبل قوله إلا ببينة ليبينوا ذلك ( قلت ) أرأيت قول مالك يحبس الآبق سنة ثم يباع من أين أخذ السنة ( قال ) قال مالك لم أزل أسمع أن الآبق يحبس سنة ( قلت ) أرأيت هذا القاضي الذي جاءه البغل مطبوعا في عنقه وجاء بكتاب القاضي أيأمر هذا الذي جاء بالبغل أن يقيم البينة أن
____________________
(15/183)
________________________________________
هذا البغل هو الذي حكم به عليه وهو الذي طبع القاضي في عنقه ( قال ) لم أسمع هذا ولكن إذا كان البغل موافقا لما في كتاب القاضي من صفته وخاتم القاضي على عنقه وأتى بشاهدين على كتاب القاضي جاز ذلك ولا أرى أن يسأله البينة أن هذا البغل هو الذي حكم به عليه القاضي
في شهادة الغرباء وتعديلهم ( قلت ) أرأيت لو أن قوما غرباء شهدوا في بعض البلدان على حق من الحقوق لرجل منهم غريب معهم أو شهدوا شهادة لغير غريب والشهود لا يعرفون في تلك البلدة أيقبل القاضي شهادتهم في قول مالك أم ماذا يصنع ( قال ) لا يقبل شهادتهم لان البينة لا تقبل في قول مالك إلا بعدالة ولقد سمعت مالكا وسئل عن قوم شهدوا في حق فلم يعدلهم قوم يعرف تعديلهم عدل المعدلين آخرون أترى أن يجوز في ذلك تعديل على تعديل ( قال ) قال مالك إذا كان الشهود غرباء رأيت ذلك جائزا وان كانوا غير غرباء وهم من أهل البلد لم يجز ذلك حتى يأتوا بمن يزكيهم فبهذا يستدل على أنهم وإن كانوا غرباء لم يحكم بشهادتهم إلا بعد العدالة ( قلت ) أرأيت قولك إن لم يعرف المعدلين الاولين القاضي ( قال ) ليس القاضي يعرف كل الناس ( قال ) وإنما يعرف القاضي بمعرفة الناس وإنما قلت لك في قول مالك لأنه لا يقبل القاضي عدالة على عدالة إذا كانوا من أهل البلد حتى تكون العدالة على الشهود أنفسهم عند القاضي
فيمن وجد آبقا أيأخذه وفي الآبق يؤاجر نفسه والقضاء فيه ( قلت ) أرأيت من وجد آبقا أو آبقة أيأخذه أم يتركه في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن الآبق يجده الرجل أترى أن يأخذه أم يتركه ( قال ) ان كان لجار أو لأخ أو لمن يعرف رأيت له أن يأخذه وإن كان لمن لا يعرفه فلا يقربه ومعني قوله رأيت أن يأخذه إذا كان لأخ أو لجار فإنه إن لم يأخذه أيضا فهو في سعة ولكن مالكا
____________________
(15/184)
________________________________________
كان يستحب له أن يأخذه ( قلت ) أرأيت الآبق إذا لم أعرف سيده إلا أن سيده جاءني فاعترفه عندي أترى أن أدفعه إليه أم أرفعه إلى السلطان في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لك أن ترفعه إلى السلطان إذا لم تخف ظلمه ( قلت ) أرأيت عبدا آبقا آجر نفسه من رجل في بعض الأعمال فعطب في ذلك العمل والرجل الذي استأجره لا يعلم أنه آبق فأتى مولاه فاستحقه أيكون له أن يضمنه هذا الرجل الذي استأجره ( قال ) نعم لأنه بلغني عن مالك أنه قال في عبد استأجره رجل في السوق يبلغ له كتابا إلى بعض القرى وهو لا يعلم أنه عبد فعطب الغلام في الطريق ( قال ) قال مالك أراه ضامنا
ومما يبين لك أنه ضامن ألا ترى لو أن رجلا اشترى سلعة في سوق المسلمين فأتلفها هو نفسه ثم أتى ربها كان له أن يضمنه لأنه هو أتلفها فكذلك العبد إذا عطب في عمله فهو بمنزلة الذي اشترى في سوق المسلمين ثم استهلكه أنه يضمن ( قلت ) أرأيت لو أني أخذت عبدا آبقا فاستعملته أو آجرته أيكون لسيده علي قيمة ما استعملته أو الإجارة التي أجرته بها في قول مالك ( قال ) نعم لأن ضمانه من سيده ( قلت ) ولا يشبه هذا الرجل يغصب الدابة فيركبها وقد قلت فيها إن مالكا قال ليست الاجارة على الغاصب ( قال ) لأن ضمان هذه الدابة من الغاصب الذي أخذها ولا يلزم صاحبها نفقتها والآبق ضمانه من سيده يوم أخذه هذا الذي وجده ونفقته على سيده لان من وجد آبقا فلا يضمنه في قول مالك إذا أخذه ( قلت ) ولا ترى هذا الذي أخذ الآبق حين استعمله ضلعنا له بما استعمله ( قال ) نعم إذا استعمله عملا يعطب في مثله فهو ضامن له ان عطب فيه وان سلم فعليه قيمة ذلك العمل لسيد العبد ( قلت ) ولم جعلته ضامنا ثم جعلت عليه الكراء ( قال ) لأن أصل ما أخذ العبد عليه لم يأخذه على الضمان ولأن مالكا قال في عبد لرجل أتاه رجل فاستعمله عملا يعطب في مثله فعطب الغلام إن الذي استعمله ضامن فإن سلم الغلام فلمولاه قيمة العمل إن كان عملا له بال فهذا يدلك على مسألتك وإنما صار ها هنا له
____________________
(15/185)
________________________________________
قيمة العمل لأنه ليس بغاصب للعبد إذا سلم العبد من أن يعطب وإنما يضمن ان عطب فكذلك مسألتك والذي غصب الدابة هو ضامن لها استعملها أو لم يستعملها ألا ترى أنه يضمنها إن ماتت وهذا الذي أخذ الآبق لا يضمنه إن مات فهذا فرق ما بينهما في قول مالك
في اباق المكاتب والعبد الرهن وهل يجوز بيع الآبق أو عتقه عن ظهاره ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا أبق أيكون ذلك فسخا لكتابته أم لا في قول مالك ( قال ) لا يكون ذلك فسخا لكتابته في قول مالك إلا أن يغيب عن نجم من نجومه فيرفعه سيده إلى السلطان فيتلوم له فإن لم يجيء عجزه فإذا عجزه السلطان كان ذلك فسخا لكتابته ( قلت ) أرأيت عبدا آبقا أعتقه سيده عن ظهاره أيجزئه في قول مالك ( قال ) ما سمعت أن أحدا يقول إن الآبق يجزئ في الظهار ألا ترى أن سيده لا يعلم أحي هو أم ميت أم صحيح أم أعمى أم مقطوع اليد أم الرجل وهذا لا يجزئ في الظهار إلا أن يكون قد عرف موضعه وصحته فيجوز وما سمعت من مالك فيه شيئا أقوم لك على حفظه ولو أعتقه عن ظهاره ثم وجده بعد ذلك بحال صحة على ما يحوز في الظهار أجزأ ذلك وكان كفارة له ( قلت ) أرأيت العبد الآبق إذا جاء رجل فقال هو عبدي فبعه مني فببيعه منه ( قال ) الآبق إذا عرف عند من هو فباعه منه وقد أخبر السيد بحاله التي حال إليها من صفته أو قيل له هو على صفة ما تعرف جاز البيع فيما بينهما ولا يجوز النقد ان كان بعيدا وهو بمنزلة عبد الرجل يكون غائبا عنه فباعه فهذا وذلك سواء في قول مالك ( قلت ) ويحتاج لي معرفة السيد أن يعرف إلى ما صارت صفته عنده كما يحتاج إلى معرفة المشتري كيف صفة العبد في قول مالك ( قال ) نعم لان العبد إذا غاب فكبر أو زاد في الصفة أو نقص أو كان أعجميا فتفصح فلا بد من أن يعرف سيده إلى ما حالت إليه حاله فيعرف ما يبيع ( قلت ) أرأيت لو أني رهنت
____________________
(15/186)
________________________________________
عبدا لي عند رجل فأبق منه أيبطل من حقه شيء أم لا في قول مالك ( قال ) لا يبطل من حقه شيء والمرتهن مصدق في اباقته في قول مالك ويحلف ( قلت ) فإن أبق هذا المرهون فأخذه سيده وقامت الغرماء على السيد أيكون هذا العبد في الرهن في قول مالك أم لا ( قال ) هو في الرهن إذا كان قد حازه المرتهن قبل الاباق وليس اباقة بالذي يخرجه من الرهن إلا أن يقبضه سيده ويعلم به المرتهن فيتركه المرتهن في يد السيد الراهن حتى يفلس فهو أسوة الغرماء
في الآبق إلى دار الحرب يشتريه رجل مسلم ( قلت ) أرأيت لو أن آبقا أبق من رجل من المسلمين فدخل إلى دار المشركين فدخل رجل من المسلمين بلادهم فاشتراه ( قال ) قال مالك يأخذه سيده بالثمن الذي اشتراه به ( قلت ) وسواه إن كان سيده أمره بالشراء أو لم يأمره فإنه لا يأخذه منه إلا أن يدفع إليه الثمن الذي اشتراه به في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وعبيد أهل الذمة في هذا وعبيد المسلمين سواء في قول مالك ( قال ) نعم لان مالكا جعل الذمي إذا أسر بمنزلة الحر إذا ظفر به المسلمون ردوه إلى جزيته قال مالك وقع في المقاسم أو لم يقع فإنه يرد إلى جزيته لأنه لم ينقض عهده ولم يحارب فلما جعله مالك بمنزلة المسلم في هذا كان ماله بمنزلة مال المسلمين ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا هرب إلى دار الحرب فدخل رجل فاشتراه من أهل الحرب ثم أعتقه أيجوز عتقه في قول مالك أم لا ( قال ) نعم عتقه جائز ولا أرى أن يرد عتقه فإن أراد سيده أن يأخذه بالثمن فليس ذلك له وليس هو بمنزلة رجل اشترى عبدا في سوق المسلمين ولا يعلم أن له سيدا غير الذي باعه فأعتقه فأتى سيده فاستحقه أنه يأخذه لأن هذا يأخذه بغير ثمن والذي اشترى من العدو لا يأخذه إلا بثمن وكان مخيرا فيه فالعتق أولى به لأنه لا يدري ان كان يأخذه سيده أم لا ( قلت ) وكذلك ان كان هذا الذي اشترى من دار الحرب جارية فوطئها فولدت منه ثم أتى سيدها فاستحقها ( قال ) أرى أنها
____________________
(15/187)
________________________________________
أم ولد للذي اشتراها في دار الحرب فوطئها وليس لسيدها الاول إليها سبيل وكذلك بلغني عن بعض أهل العلم
____________________
(15/188)
________________________________________
كتاب حريم الآبار ما جاء في حريم الآبار والمياه قال سحنون بن سعيد قلت لابن القاسم هل للبئر حريم عند مالك بئر ماشية أو بئر زرع أو غير ذلك من الآبار ( قال ) لا ليس للآبار عند مالك حريم محدود ولا للعيون إلا ما يضر بها قال مالك ومن الآبار آبار تكون في أرض رخوة وأخرى تكون في أرض صلبة أو في صفا فأتى رجل ليحفر قربها فقام أهلها فقالوا هذا عطن لابلنا إذا وردت ومرابض لاغنامنا وأبقارنا إذا وردت أيمنع الحافر من الحفر في ذلك الموضع وذلك لا يضر بالبئر ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يمنع من ذلك لأن هذا حق للبئر ولأهل البئر إذا كان يضر بمناخهم فهو كالاضرار بمائهم ( قلت ) فإن أراد رجل أن يبني في ذلك الموضع أكان لهم أن يمنعوه كما كان لهم أن يمنعوه من الحفر فيه ( قال ) نعم ولم أسمع هذا من مالك ولكن لما قال مالك إذا كان يضر بالبئر منع من ذلك فهذا كله ضرر بالبئر وأهله
في منع أهل الآبار الماء المسافرين ( قلت ) أرأيت لو أن قوما مسافرين وردوا ماء فمنعهم أهل الماء من الشرب
____________________
(15/189)
________________________________________
أيجاهدونهم في قول مالك أم لا ( قال ) ينظر في ذلك فإن كان ماؤهم مما يحل لهم بيعه مثل البئر يحفرها الرجل في داره أو في أرضه قد وضعها لذلك يبع ماءها كان لهم أن يمنعوهم إلا بثمن إلا أن يكونوا قوما لا ثمن معهم وإن منعوا إلى أن يبلغوا ماء غيره خيف عليهم فلا يمنعوا وان منعوا جاهدوهم وأما ان لم يكن في ذلك ضرر يخاف عليهم فلم أر أن يأخذوه منهم إلا بثمن ( قال ) وكل بئر كانت من آبار الصدقة مثل بئر المواشي والشفة فلا يمنعون من ذلك بعد ري أهلها فإن منعهم أهل الماء بقدرتهم فقاتلوهم لم يكن عليهم في ذلك حرج لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع نفع بئر وقال صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء قال بن القاسم ولو منعوهم الماء حتى مات المسافرون عطشا ولم يكن بالمسافرين قوة على مدافعتهم رأيت أن يكون على عاقلة أهل الماء دياتهم والكفارة عن كل نفس منهم على كل رجل من أهل الماء مع الأدب الموجع من الامام لهم في ذلك
في فضل آبار الماشية وفي منع الكلأ ( قلت ) أرأيت الحديث الذي جاء لا يمنع فضل الكلا والناس فيه شركاء هل كان يعرفه مالك أو كان يأخذ به ( قال ) سمعت مالكا يقول في الأرض إذا كانت للرجل فلا بأس أن يمنع كلأها إذا احتاج إليه وإلا فليخل بين الناس وبينه ( قلت ) أرأيت الحديث الذي جاء لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أحسبه إلا في الصحاري والبراري وأما في القرى وفي الارضين التي قد عرفها أهلها واقتسموها وعرف كل انسان حقه فلهذا أن يمنع كلأه عند مالك إذا احتاج إليه
في فضل آبار الزرع ( قلت ) أرأيت لو أن لي بئرا أسقي بها أرضي وفي مائي فضل عن أرضي وإلى جانبي أرض لرجل ليس لها ماء فأراد أن يسقي أرضه بفضل مائي فمنعته ( قال ) ليس
____________________
(15/190)
________________________________________
لصاحب الارض أن يأخذ فضل مائك إلا أن يشتريه منك اشتراء إلا أن يكون لك جار وقد زرع زرعا على بئر له فانهارت بئره فخاف على زرعه الهلاك قبل أن يحيا بئره فهذا الذي يقضي له عليك بأن يشرب فضل مائك ان كان في مائك فضل وإلا فأنت أحق به وهذا قول مالك ( قلت ) أفيقضي عليه بثمن أو بغير ثمن ( قال ) قال مالك يقضي عليه
وذلك عندي بغير ثمن وغيره يقول بثمن ( قال ) ولقد سألناه عن ماء الاعراب يرد عليهم أهل المواشي يسقون فيمنعهم أهل ذلك الماء فقال مالك أهل ذلك الماء أحق بمائهم حتى يرووا فإن كان فضلا سقي هؤلاء بما يفضل عنهم قال مالك أما سمعت الحديث لا يمنع فضل ماء فإنما هو ما يفضل عنهم ولو كان الناس يشاركونهم ما انتفعوا بمائهم دون غيرهم
في فضل ماء بئر الماشية والزرع ( قلت ) فلم قال مالك في بئر الماشية الناس أولى بالفضل وقلت أنت في بئر الزرع ان صاحب البئر أولى بالفضل فما فرق ما بينهما وقد قال مالك أيضا في الذي يغور ماؤه أو بنهار بئره أنه يقضي له بفضل ماء جاره حتى يصلح بئره فلم قلت أنت فيمن زرع ولا بئر له إلى جانب من له بئر وفي مائه فضل لم لا يجعل ما فضل من الماء لهذا الذي زرع إلى جانبه ( قال ) لأن هذا الذي زرع فانهارت بئره إنما زرع على أصل ماء كان له فلما ذهب ماؤه شرب فضل ماء صاحبه لئلا يهلك زرعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار إلا أنا لما خفنا موت زرعه جعلنا له فضل ماء جاره بمنزلة بئر الماشية أنه يكون للأجنبيين فضلة ماء أهل الماء يسقون بذلك ماشيتهم فكذلك زرع هذه البئر إذا انهارت وإن الذي زرع إلى جانب رجل على غير أصل ماء إنما يريد أن يجتر بذلك فضل ماء جاره فهذا مضار فليس ذلك له إلا أن يشتري ألا ترى أن البئر يكون بين الرجلين أو العين فتنهار أو تنقطع العين فيعملها أحدهما ويأبى الآخر أن يعمل فلا يكون للذي لم يعمل من الماء قليل ولا كثير وإن كان فيه فضل ولا يسقى به أرضه إلا أن يعطي شريكه نصف ما أنفق وهذا قول مالك فهذا يدلك
____________________
(15/191)
________________________________________
على أن الذي زرع على غير أصل ماء لا يجبر جاره على أن يسقيه بغير ثمن
في بيع شرب يوم أو يومين ( قلت ) أرأيت ان اشتريت شرب يوم أو يومين بغير أصله إلا أني اشتريت الشرب يوما أو يومين والأصل لرب الماء ( قال ) قال مالك ذلك جائز ( قلت ) فإن اشتريت أصل شرب يوم أو يومين من كل شهر أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان اشتريت شرب يوم من كل شهر بغير أرض من قناة أو من بئر أو من عين أو من نهر أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك ذلك جائز ( قال ) وهذا الذي قال مالك لا شفعة فيه لأنه ليس معه أرض ( قال ) وقال مالك إذا قسمت الارض وترك الماء فباع أحدهم نصيبه الذي صار له من أرضه بغير ماء ثم باع نصيبه بعد ذلك من الماء فإن مالكا قال لي هذا الماء لا شفعة فيه والارض أيضا لا شفعة فيها وإنما الشفعة في الماء إذا كانت الارض بين النفر لم يقتسموها فباع أحدهم ماءه بغير أرضه فقال مالك ففي هذا الشفعة إذا كانت الارض لم تقسم ( قلت ) أرأيت إن باع أحدهم حصته من الماء ثم باع آخر بعده حصته من الماء أيضرب البائع الاول معهم في الماء بحصته من الارض ( قال ) لا وكذلك لو باع حصته من الارض وترك حصته من الماء ثم باع بعد ذلك بعض شركائه حصته من الارض لم يكن له فيها شفعة لمكان ما بقي له في الماء ( قلت ) أرأيت لو أن قوما اقتسموا أرضا وكان بينهم ماء يسقون به وكان لهم شركاء في ذلك الماء فباع أحد من أولئك الذين لهم الماء حصته من الماء أيضرب مع شركائه في الشفعة بحصته من الارض ( قال ) لا
في الرجل يسوق عينه إلى أرضه في أرض رجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا له ماء وراء أرضي وأرضه دون أرضي فأراد أن يجري ماءه إلى أرضه في أرضي فمنعته ( قال ) قال مالك ذلك لك قال وقال مالك وليس العمل على حديث عمر بن الخطاب في هذا ( قال ) ولقد سئل مالك عن الرجل يكون
____________________
(15/192)
________________________________________
له مجرى ماء في أرض رجل فأراد أن يحوله في أرض ذلك الرجل إلى موضع هو أقرب من ذلك المجرى إلى أرضه ( قال ) قال مالك ليس ذلك له وليس له أن يحوله عن موضعه قال مالك وليس العمل على حديث عمر بن الخطاب ( قال ) وإنما جاء حديث عمر بن الخطاب في هذا بعينه أنه كان له مجرى في أرض رجل فأراد أن يحوله إلى موضع آخر هو أقرب إلى أرضه من ذلك الموضع فأبى عليه الرجل فأمره عمر بن الخطاب أن يجريه
ما جاء في اكتراء الارض بالماء ( قلت ) أرأيت ان اكتريت منك شرب يوم في كل شهر في هذه السنة من قناتك هذه بأرضي هذه تزرعها سنتك هذه ( قال ) لا بأس بهذا لأنه لو أكراه أرضه بدين لم يكن بذلك بأس فكذلك إذا أكراها بشرب يوم من القناة في كل شهر
في العين والبئر بين الشركاء يقل ماؤهما ( قلت ) أرأيت إن كانت قناة بيننا ونحن أشراك فاحتاجت القناة إلى الكنس فقال بعضنا نكنس وقال بعضنا لا نكنس وفي ترك الكنس الضرر بالماء وانتقاص ما حالهم ( قال ) ان كان في مائهم ما يكفيهم أمر الذين يريدون الكنس كان لمن أرادوا الكنس أن يكنسوا ويكون لهم فضل الماء الذي زاد بالكنس دون الذين لم يكنسوا وذلك اني سمعت مالكا وسئل عن قوم بينهم ماء فقل ماؤهم فكان لاحدهم نخل يسيرة فقال الذي له هذه النخل اليسيرة في مائي ما يكفيني ولا أعمل معكم قال مالك يقال للآخرين اعملوا فما جاء من فضل ماء عن قدر ما كان له كان لكم أن تمنعوه إلا أن يعطيكم حصته من النفقة ويكون له من فضل الماء على قدر حصته ( قلت ) أرأيت بئر الماشية إذا قل ماؤها فقال بعضهم نكنس وقال بعضهم لا نكنس ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه مثل بئر الزرع ان الذين كنسوا أولى بفضل ما زاد الكنس في الماء حتى يرووا فإذا رووا كان شركاؤهم الذين أبوا الكنس والاجنبيون في ذلك سواء حتى يعطوهم
____________________
(15/193)
________________________________________
ما كان يصيبهم من النفقة فإن أعطوهم كانوا شركاء في جميع الماء على قدر ما كان لهم من الماء ثم الناس في الفضل شرعا سواء وليس لهم أن يمنعوا الناس من الفضل وأما ما كان من الماء قبل الكنس فهم كلهم فيه شرعا سواء على قدر حظوظهم ( قال ) وقال مالك ولا شفعة في بئر ماشية ولا تباع وقال مالك في بئر الزرع فيها الشفعة إذا لم تقسم الارض
في بئر الماشية إذا بيعت وبئر الزرع وفيما أفسد الماء أو النار من الأرض ( قلت ) أيصلح بيع بئر الماشية في قول مالك ( قال ) قال مالك لا تباع بئر الماشية وان احتاج أهلها إلى بيعها ولا بأس ببيع بئر الزرع ( قلت ) أرأيت لو أني أرسلت مائي في أرضي فخرج الماء من أرضي إلى أرض جاري فأفسد زرعه وما في أرضه أيكون علي شيء أم لا أو أرسلت النار في أرضي فأحرقت ما كان في أرض جاري أيكون علي شيء أم لا ( قال ) أخبرني بعض أصحابنا عن مالك أنه قال إذا أرسل النار في أرضه وذلك عند الناس أنه إذا أرسل النار في أرضه كانت أرض جاره مأمونة من هذه النار بعيدة منها فتحاملت هذه النار أو حملتها الريح فأسقطتها في أرض جاره هذا فأحرقت فلا شيء على الذي أرسل النار وإن كانت النار إذا أرسلها في أرضه علم إن ارض جاره لا تسلم من هذه النار لقربها فهو ضامن فكذلك الماء هو مثل النار وهو رأيي ( قلت ) أرأيت ان أحرقت هذه النار ناسا أيكون ذلك في مال الذي أرسل النار أم على عاقلته ( قال ) على عاقلته
ما جاء في ممر الرجل إلى مائه في أرض غيره ( قلت ) أرأيت لو أن لي أرضا وإلى جانب أرضي أرض لغيري وعين لي خلف أرض جاري وليس لي ممر إلا في أرض جاري فمنعني من الممر إلى العين ( قال ) سمعت مالكا يقول وسئل عن رجل له أرض وحواليه زرع للناس في أرضهم فأراد
____________________
(15/194)
________________________________________
صاحب تلك الارض أن يمر بماشيته إلى أرضه في زرع القوم ( قال ) ان كان ذلك يفسد زرعهم فلهم أن يمنعوه
في بيع صيد السمك من غدير الرجل أو من أرضه ( قلت ) أرأيت ان كان في أرضي غدير فيه سمك أو عين لي فيها السمك فأردت أن أمنع الناس من أن يصيدوا ذلك ( قال ) سألت مالكا عن بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى يبيعون سمكها ممن يصيد فيها سنة ( قال ) قال مالك لا يعجبني أن يبيعوها لأنها تقل وتكثر ولا يدري كيف تكون ولا أحب لأحد من أهل البحيرات أو البرك أن يمنعوا أحدا يصيد فيها ممن ليس له فيها حق
ما جاء في بيع الخصب والكلا ( قلت ) أرأيت لو أن لي خصبا في أرض أيصلح لي أن أبيعه ممن يرعاه في قول مالك ( قال ) نعم قال مالك لا بأس به أن يبيعه عامه ذلك ولا يبيعه عامين ولا ثلاثة ( قلت ) وإنما جوز مالك بيعه بعد ما ينبت ( قال ) نعم
ما جاء في احياء الموات ( قلت ) أرأيت من أحيا أرضا ميتة بغير أمر الامام أتكون له أم لا تكون له حتى يأذن له الامام في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا أحياها فهي له وان لم يستأذن الامام قال مالك واحياؤها شق العيون وحفر الآبار وغرس الشجر وبناء البنيان والحرث فإذا فعل شيئا من ذلك فقد أحياها ( قال ) ولا يكون له أن يحيى ما قرب من العمران وإنما تفسير الحديث من أحيا أرضا مواتا إنما ذلك في الصحاري والبراري فأما ما قرب من العمران وما يتساح الناس فيه فإن ذلك لا يكون له أن يحببه إلا بقطيعة من الامام ( قلت ) أرأيت مالكا هل كان يعرف هذا الذي يتحجر الارض أنه يترك ثلاث سنين فإن أحياها وإلا فهي لمن أحياها ( قال ) ما سمعت من مالك في التحجير شيئا وإنما الاحياء عند مالك ما وصفت لك قال مالك ولو أن رجلا أحيا أرضا مواتا
____________________
(15/195)
________________________________________
ثم أسلمها بعد حتى تهدمت آبارها وهلكت أشجارها وطال زمانها حتى عفت بحال ما وصفت لك وصارت إلى حالها الاول ثم أحياها آخر بعده كانت لمن أحياها بمنزلة الذي أحياها أول مرة قال بن القاسم وإنما قول مالك في هذا لمن أحيا في غير أصل كان له فأما أصول الأرضين إذا كانت للناس تخطط أو تشري فهي لأهلها وان أسلمت فليس لأحد أن يحييها وهو تأويل حديث حميد بن قيس الذي ذكره عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ( قلت ) أرأيت لو أن قوما أتوا أرضا من أرض البرية فنزلوا فجعلوا يرعون ما حولهم أيكون هذا احياء ( قال ) لا يكون هذا إحياء ( قلت ) فإن حفروا بئرا لماشيتهم أيكون هذا احياء لمراعيهم ( قال ) لا أرى أن يكون هذا احياء وهم أحق بمائهم حتى يرووا ثم يكون فضله للناس وهم والناس في المرعى سواء ألا ترى أنه قد جاء في الحديث أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ فالكلأ لا يمنعه إلا رجل له أرض قد عرفت له فهذا الذي يمنع كلأها ويبيع كلأها إذا احتاج إليه فيما سمعت من مالك وأما ما ذكرت فلا يكون احياء ولكنهم أولى ببئرهم وليس لهم أن يمنعوها ولا يمنعوا فضل مائها ( قلت ) أرأيت لو أن أرضا فلاة وقد غلب عليها الماء فسيل رجل ماءها أيكون هذا احياء لها ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه احياء لها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أتى أرضا وقد غلب عليها الغياض والشجر فقطعه ونقاه أيكون هذا احياء لها ( قال ) قال مالك هذا احياء لها
فيمن حفر بئرا إلى جنب بئر جاره ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حفر بئرا بعيدة عن بئر جاره وكان احياها قبل ذلك فانقطع ماء البئر الأولى وعلم أنه إنما انقطع من حفر هذه البئر الثانية أيقضي له على هذا بردم البئر الثانية أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك للرجل أن يمنع ما يضر ببئره فإذا كان له أن يمنع فله أن يقوم على هذا فيردهم البئر التي حفرها ( قلت ) أرأيت من حفر بئرا في غير ملكه في طريق المسلمين أو حفرها في أرض رجل بغير أمر رب الأرض أو حفرها إلى جنب بئر ماشية وهي تضر ببئر الماشية بغير أمر رب البئر فعطب
____________________
(15/196)
________________________________________
رجل في تلك البئر أيضمن ما عطب فيها هذا الذي حفرها من دابة أو انسان قال قال مالك من حفر بئرا حيث لا يجوز له فهو ضامن لما عطب فيها ( قلت ) أرأيت الآبار التي تكون في الدور أيكون لي أن أمنع جارى من أن يحفر في داره بئر أتضر ببئري التي في داري أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول في الرجل تكون له في داره بئر إلى جنب جداره فحفر جاره في داره بئرا إلى جنب جداره من خلفه ( قال ) إن كان ذلك مضرا ببئر جاره منع من ذلك ( قلت ) وكذلك لو أحدث كنيفا يضر ذلك ببئري منع من ذلك في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك لو كانت بئري في وسط داري فحفر جاري في وسط داره بئرا يضر ببئري منع من ذلك ( قال ) نعم ووسط الدار وغير وسطها سواء يمنع جاره من أن يحدث في داره بئرا يضر ببئر جاره عند مالك
في الرجل يفتح كوة في دار يطل منها على جاره ( قلت ) فلو أن رجلا بنى قصرا إلى جانب داري رفعها علي وفتح فيها أبوابا وكوى يشرف منها على عيالي أو على داري أيكون لي أن أمنعه من ذلك في قول مالك ( قال ) نعم يمنع من ذلك وكذلك بلغني عن مالك قال بن القاسم وقد قال ذلك عمر بن الخطاب أخبرنا به بن لهيعة أنه كتب إلى عمر بن الخطاب في رجل أحدث غرفة على جاره ففتح عليها كوى فكتب إليه عمر بن الخطاب أن يوضع وراء تلك الكوى سرير ويقوم عليه رجل فإن كان ينظر إلى ما في دار الرجل منع من ذلك وان كان لا ينظر لم يمنع من ذلك وأما مالك فرأى أنه ما كان من ذلك ضررا منع وما كان من ذلك مما لا يتناول النظر إليه لم يمنع من ذلك ( قلت ) وكذلك لو لم يفتح فيها أبوابا ولا كوى ولكنه منعني الشمس التي كانت تسقط في داري ومنعني الريح التي كانت تهب في داري أيكون لي أن أمنعه من أن يرفع بنيانه إذا كان ذلك مضرا بي في شيء من هذه الوجوه التي سألتك عنها في قول مالك ( قال ) لا يمنع من هذا وإنما يمنع إذا أحدث كوى أو أبوابا يشرف منها فهذا الذي يمنع منها ويقال له سدها ولم
____________________
(15/197)
________________________________________
أسمع من مالك في الريح والشمس شيئا ولا أرى أن يمنع من ذلك
ما جاء في قسمة العين ( قلت ) أرأيت لو أن أرضا بين قوم قد عرف كل واحد منهم حصته من الارض ولهم غيرهم فيها شركاء هي شرب لأرضهم أراد أحد أن يصرف شربه إلى أرض له أخرى أيكون ذلك له أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجلين تكون بينهما الارض قد اقتسماها ولهما بئر تشرب الارض منها فاقتسما الارض فأراد أحدهما أن يبيع ماءه من رجل يسوقه إلى أرض له أخرى ( قال ) ذلك له ولا شفعة لصاحب البئر فهذا يدلك على أنه إذا أراد أن يسقي بها أرضا أخرى أو يؤاجر الشرب ممن يسقي به أرضا له ان ذلك جائز له ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصبني أرضا لي فزرعها أو بئرا فسقي منها أرضه وزرعه أو دورا فسكنها أيكون عليه كراء ما سكن وما زرع من الارض أو ما شرب من الماء في قول مالك ( قال ) قال مالك في الارض عليه كراء ما زرع فالدور والبئر عندي بتلك المنزلة عليه كراء ذلك ( قلت ) فلم قلت في الحيوان انه إذا غصب فركب أنه لا كراء عليه ( قال ) كذلك سمعت مالكا يقول ( قلت ) أرأيت لو أني ارتهنت عينا أو قناة أو جزأ من شرب بئر أو جزأ من شرب عين أو جزأ من شرب نهر أيكون لرب البئر أو لرب النهر أو رب العين أو رب القناة أن يكرى ذلك أم لا ( قال ) لا يكون لرب الارض أن يكريها ولا يكون هذا الذي ذكرت رهنا حتى يقبض فإذا قبض صار رهنا ( قلت ) وكيف يكون قبض هذا لهذا الذي سألتك عنه ( قال ) قبضه أن يحوزه ويحول بين صاحبه وبينه فإذا قبضه وحازه صار مقبوضا ( قلت ) أفيكون للمرتهن أن يكرى ماء هذه البئر أو ماء هذه العين أو ماء هذه القناة من غير أن يأمره ربها بذلك ( قال ) إن لم يأمره ربها بأن يكرى ترك ولم يكره وإن أمره بذلك أكراه وكان الكراء لرب الارض ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في الرجل يرتهن الدار قال مالك فليس لرب الدار أن يكريها ولكن للمرتهن أن يكريها بأمر صاحب الدار ويلي المرتهن الكراء ويكون
____________________
(15/198)
________________________________________
الكراء لصاحب الدار ( قلت ) ولا يكون الكراء رهنا في حقه ( قال ) قال مالك لا يكون رهنا إلا أن يشترطه المرتهن فيكون رهنا مع الدار إذا اشترطه قال مالك وان اشترط أن يكريها ويأخذ كراءها في حقه قال مالك فإن كان دينه ذلك من بيع فلا يجوز شرطه هذا وان كان دينه من قرض فذلك جائز ( قلت ) ولم قال مالك إذا كان من بيع لم يكن جائزا ( قال ) لانه لا يدري ما يقبض أيقل أم يكثر ولعل الدار أن تنهدم قبل أن يقتضي ( قلت ) فإنما كره مالك هذا إذا كان البائع وقعت صفقته على أن يرتهن هذه الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها ( قال ) نعم ( قلت ) فإن لم تقع صفقة البيع على أن أرتهن الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها ولكني بعته بيعا ثم ارتهنت منه الدار بعد ذلك فأمرني أن أكريها وآخذ كراءها حتى أستوفي حقي ( قال ) لا بأس بهذا عند مالك ( قلت ) أرأيت إن ارتهنت قناة أو بئرا وإلى جانبها أرض فيها زرع لصاحب البئر فأراد أن يسقي فمنعه من ذلك المرتهن أيكون له ذلك أم لا ( قال ) نعم ذلك للمرتهن لأنه ان لم يكن له أن يمنعه من ذلك فليس هذا الرهن بمقبول وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت ان أذن المرتهن للراهن أن يسقي زرعه أيكون خارجا من الرهن في قول مالك ( قال ) قال مالك في الدار يرتهنها الرجل فيأذن لربها أن يسكن فيها ( قال ) مالك إذا أذن له في ذلك فقد خرجت من الرهن فكذلك مسألتك ( قلت ) وكذلك الدار إذا أذن له أن يكريها فأكراها ( قال ) نعم لان من قول مالك إذا سكنها فقد خرجت من الرهن بكراء كانت أو بغير كراء ( قلت ) فمتى يخرج من الرهن إذا سكن أو إذا أذن له ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إذا أذن له في أن يسكن أو يكري فقد خرجت من الرهن
في الرجل يشتري البئر على أنه بالخيار عشرة أيام فانخسفت البئر في ذلك ( قلت ) أرأيت ان اشتريت بئرا على أني بالخيار فيها عشرة أيام ثم انخسفت البئر في أيام الخيار ( قال ) قال مالك ما كان من مصيبة في أيام الخيار فذلك من البائع
____________________
(15/199)
________________________________________
قال مالك ولا يصلح النقد في بيع الخيار قال مالك وسواء ان كان الخيار للبائع أو للمبتاع فالمصيبة من البائع ( قلت ) أرأيت ان اشتريت عبدا على أني بالخيار أياما فقتل العبد رجلا أيكون لي أن أرده في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان اشتريت من رجل سلعة ثم لقيته بعد يوم أو يومين فجعلت له الخيار أو جعل لي الخيار أيلزم هذا الخيار أم لا ( قال ) نعم إذا كان أمرا يجوز في مثله الخيار ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا وهو رأيي
____________________
(15/200)
________________________________________
كتاب الحدود في الزنى والقذف والاشربة الحدود في الزنى والقذف ( قلت ) أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه وطىء هذه المرأة وقالت الشهود لا ندري أهي امرأته أو أمته أو غير ذلك أيقيم عليه القاضي الحد أم لا يقيم عليه في قول مالك ( قال ) أرى أن يقيم عليه الحد إلا أن يقيم البينة أنها امرأته أو جاريته إلا أن يكون قدم بها من بلد غير ذلك البلد فلا أرى عليه شيئا إذا قال هي امرأتي أو أمتي وأقرت له بذلك فلا شيء عليه إلا أن تقوم البينة على خلاف ما قال ( قلت ) أرأيت أهل الذمة إذا افتروا على المسلمين أتجلدهم حد الفرية في قول مالك ( قال ) نعم يجلدون حد الفرية ثمانين ( قال ) وأخبرني به من أثق به عن بن شهاب أنه كان يقول في النصراني أنه إذا قذف المسلم ضرب الحد ثمانين ( قلت ) أرأيت من تزوج خامسة أو امرأة قد طلقها ثلاثا البتة قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من الرضاعة أو من النسب أو نساء من ذوات المحارم عامدا عارفا بالتحريم أيقام عليه الحد في قول مالك ( قال ) نعم يقام عليه الحد ( قلت ) فإن جاءت بولد ( قال ) إذا تعمد كما وصفت لك لم يلحق به النسب لأن مالكا قال لا يجتمع الحد وإثبات النسب ( قلت ) والذي يتزوج المرأة في عدتها عامدا يعاقب ولا يحد وكذلك الذي يتزوج المرأة على خالتها أو
____________________
(16/202)
________________________________________
على عمتها وكذلك نكاح المتعة عامدا لا يحدون في ذلك ويعاقبون ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت في قول مالك أليس كل وطء درأت فيه الحد عن الرجل وان كان ذلك الوطء لا يحل أليس من قذفه يضرب الحد ( قال ) نعم ذلك في رأيي
فيمن وطىء جارية لرجل أو امرأة وقال قد اشتريتها أو تزوجتها ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وطىء أمة رجل وقال الواطىء اشتريتها من سيدها وقال سيدها لم أبعها منك ولا بينة بينهما ( قال ) يحد إذا لم تكن له بينة على الشراء وتحد الجارية معه ( قال ) ولو جاز هذا للناس لم يقم حد أبدا لان مالكا قال في الرجل يوجد مع امرأة يزني بها فيقول تزوجتها وتقول تزوجني وهما مقران بالوطء ولا بينة له ان عليهما الحد فكذلك مسئلتك في الامة ( قلت ) أرأيت لو أن الذي وطىء الأمة ادعى أن سيدها باعها منه وسيدها ينكر فقال لك استحلف لي سيدها أنه لم يبعها مني فاستحلفته فنكل عن اليمين أتجعل الجارية للمشتري ( قال ) أرد اليمين في قول مالك على الذي ادعى الشراء إذا نكل المدعي عليه الشراء عن اليمين فإذا حلف المدعي جعلت الجارية جاريته ودرأت عنه الحد لأنها قد صارت ملكا له وثبت شراؤه ( قلت ) فالذي وطىء المرأة فادعى أنه تزوجها وقالت المرأة تزوجني وقال الولي زوجتها منه برضاها إلا أنا لم نشهد بعد ونحن نريد أن نشهد أيدفع الحد عن هؤلاء في قول مالك أم لا ( قال ) لا يدفع الحد عن هؤلاء إلا أن يشهد على النكاح غيرهم ( قال ) وكذلك بلغني عن مالك ان مالكا قال إذا شهد عليهما بالزنى ثم زعم أبوها أو أخوها أنه زوجها لم يقبل قوله إلا أن تقوم بينة على اثبات النكاح ( قلت ) أرأيت ان حددتهما وهما بكران ثم قالا نحن نقر على نكاحنا الذي حددتنا فيه وقال الولي قد كنت زوجتها ولم أشهد وأنا أشهد لها الآن أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يجوز إلا أن يجددا نكاحا بعد الاستبراء ( قلت ) لم ( قال ) من قبل أنهما قد حدا في ذلك الوطء ( قلت ) هل يستحلف الرجل مع امرأتين ويستحق حقه ( قال ) نعم في الاموال كلها التي تجوز فيها شهادة النساء من
____________________
(16/203)
________________________________________
الديون والوصايا فإنه يحلف معهما ويستحق حقه ( قلت ) أرأيت ان وطىء جارية ثم قال اشتريتها من سيدها وأقام امرأة تشهد على الشراء أيقيم الحد على الواطىء أم لا ( قال ) نعم يقام عليه الحد لانه لم يأت بأمر يقطع به شيئا وشهادة المرأة الواحدة ولا شيء سواء عند مالك لان مالكا حدثني ان امرأة أتت عمر بن الخطاب فقالت يا أمير المؤمنين ان زوجي يطأ جاريتي فأرسل إليه عمر فاعترف بوطئها وقال انها باعتنيها فقال عمر لتأتيني بالبينة أو لأرجمنك بالحجارة فاعترفت المرأة أنها باعتها منه فخلى سبيله فهذا يدلك على أن من ادعى أنه اشترى هذه الجارية التي وطئها وسيدها ينكر البيع أنه يقام عليه الحد إذا شهدوا على الرؤية أو اعترف أنه وطئها وادعى الشراء وأنكر سيدها البيع
فيمن دفع إلى امرأته نفقة سنة ثم مات أحدهما ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا دفع إلى امرأته نفقة سنة وقد فرض عليه القاضي نفقتها أولم يفرض عليه ولكنه هو دفع ذلك إليها أو كساها كسوة السنة بفريضة من القاضي أو بغير فريضة ثم ماتت المرأة أو الرجل بعد ذلك بيوم أو يومين أو شهر أو شهرين ( قال ) قال مالك أيهما مات فإنه يرد بقدر ما بقي من السنة ويكون له قدر ما مضى من السنة إلا الكسوة فإني رأيت مالكا يستحسن في الكسوة أن لا تتبع المرأة بشيء منها إذا ماتت المرأة أو مات الرجل بعد أشهر ولم تجعل الكسوة بمنزلة القمح والزيت ولا غير ذلك من النفقة قال مالك في هذا كله يرده على حساب ما بقي من السنة قال مالك فأما الكسوة فلا أرى فيها شيئا لا دراهم ولا غيرها ونزلت بالمدينة وأنا عنده فحكم فيها بما أخبرتك وكان من آخر ما سمعت منه ( قلت ) أرأيت ان ماتت بعد ما دفع إليها الكسوة بعشرة أيام أو نحو ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن هذا قريب والوجه الذي قال مالك إنما ذلك إذا مضي للكسوة الأشهر
____________________
(16/204)
________________________________________
فيمن له شقص في جارية فوطئها ( قلت ) أرأيت الرجل يكون له الشقص في الجارية فيطؤها ويقر أنه وطئها وهو يعلم أنها لا تحل له أيقام عليه الحد في قول مالك ( قال ) لا حد عليه عند مالك وتقوم عليه إلا أن لا يحب شريكه أن يقوم عليه ويتماسك بحصته فذلك له فإن هي حملت قومت عليه وكانت أم ولد له ( قلت ) فهل يكون عليه إذا قومت عليه من الصداق شيء ( قال ) لا ليس عليه من الصداق شيء عند مالك إلا أنه إن كان أتى ذلك وهو غير جاهل أدب ( قلت ) أرأيت إن هي لم تحمل وتماسك شريكه بحصته منها ولم يرض أن أن يقومها عليه أتجعل له عليه من الصداق شيئا أم لا ( قال ) لا يكون لهذه عند مالك من الصداق شيء ( قلت ) ولا ما نقص من ثمنها ( قال ) نعم ولا ما نقص من ثمنها لان القيمة كانت له فتركها وتماسك بنصيبه ناقصا ( قلت ) ولم جعلت لشريكه أن يقومها عليه في قول مالك إذا هي لم تحمل وهذه لم تفت ( قال ) لأني درأت فيه الحد فجعلت شريكه مخيرا ان شاء قومها عليه وان شاء تماسك بحصته منها وكذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت الجارية تكون بين الشريكين فيعتق أحدهما حصته ولا مال له أو له مال فيطؤها المتماسك بالرق من قبل أن تقوم على شريكه ان كان له مال أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا ( قال ) لا لمكان الرق الذي له فيها لأنها لو ماتت قبل أن تقوم عليه وان كان شريكه موسرا فلا شيء له على شريكه وأرأ الحد عنه بالشبهة ( قلت ) أرأيت أن طاوعته أيكون عليه من الصداق شيء أم لا أو مما نقصها ( قال ) لا يكون عليه في الوجهين جميعا شيء إذا طاوعته ألا ترى أنه إن كان وطؤه إياها عيبا دخل فيها فإنما ذلك على السيد الذي وطىء لان الرق له فيها وهي طاوعته فلا شيء لها عليه في النصف الذي كان يكون لها مما ينقصها من قيمتها وان هو استكرهها كان عليه نصف ما نقص من ثمنها ولا شيء عليه من الصداق لأن مالكا قال لي في الأمة يكون نصفها حرا ونصفها مملوكا فيجرحها رجل ان عقل ذلك الجرح بينها وبين سيدها الذي له فيها الرق وإنما قيمة جرحها قيمة جرح أمة ( قال ) وقال لي مالك أيما رجل
____________________
(16/205)
________________________________________
اغتصب أمة فوطئها فإنما عليه ما نقصها مع الحدج فهذه وان كان بعضها حرا فالذي وطئها ليس عليه إلا ما نقصها إذا كان استكرهها لأنه لو كان أجنبيا غصبها لم يكن عليه أيضا إلا ما نقص من ثمنها لأن الحر منها تبع للرق منها فإذا أخذت ذلك كان لها النصف وللسيد المتمسك بالرق النصف وإنما أعطينا السيد المتمسك بالرق النصف لأنها لو جرحت جرحا ينقصها كان له نصفه ولو جرحت هي كان عليه نصف ما جرحت أو يسلم نصفه وكذلك ما وجب لها في اغتصابها نفسها ما نقصها وفي الجراحات إنما فيها ما نقصها ولا يشبه ما قضى به لها في الاغتصاب مهرها الذي تتزوج به بإذن سيدها لان مهرها بمنزلة الاموال التي تستفيدها وهو موقوف في يديها بمنزلة ما استفادت من الاموال ( قلت ) ومن يزوج هذه الامة في قول مالك ( قال ) سيدها المتمسك بالرق وليس للآخر في تزويجها قليل ولا كثير قال مالك ولا يزوجها هذا المتمسك بالرق إلا برضاها ( قلت ) أرأيت هذه الامة لو أن أحدهما أعتق جميعها فوطئها الباقي وللمعتق مال أو لا مال له ( قال ) ان لم يكن له مال لم يحد الواطئ للرق الذي فيها لانه لا عتق لشريكه إذا كان معدما وان كان المعتق موسرا نظر فإن كان الواطىء ممن يعذر بالجهالة ولا يرى أن عتق الموسر يلزمه لم يكن عليه حد وان كان ممن يعلم ان ذلك يلزمه وكان المعتق موسرا رأيت عليه الحد وذلك أني سألت مالكا عن الجارية بين الرجلين يعتقها أحدهما كلها قال مالك ذلك يلزم شريكه إذا كان للمعتق مال وليس لشريكه أن يأبى ذلك عليه قال بن القاسم ولو أعتق الشريك الباقي حصته بعد عتق المعتق الجميع لم يكن له فيها عتق فلذلك رأيت عليه الحد ( قلت ) فلو أن الذي أعتق جميعها وهو موسر لم يقم عليه بتضمين نصف القيمة حتى أعسر وصار معدما ( قال ) ان كان السيد المتمسك علم بعتقه فتركه ولو شاء أن يقوم ذلك عليه فيأخذه أخذه فالعتق ماض ويصير نصف القيمة دينا عليه وإن كان غائبا أو لم يعلم بالعتق حتى أعسر المعتق رأيته على حقه منها وإنما الذي لا يكون له شيء إذا ترك أن يأخذ حقه ولو شاء أن يقوم على ذلك فيأخذه أخذه فتركه حتى أعسر فالعتق ماض
____________________
(16/206)
________________________________________
ونصف القيمة دين عليه
في الرجل يطأ مكاتبته طوعا أو غصبا ( قلت ) أرأيت الرجل يطأ مكاتبته يغصبها أو طاوعته أيكون عليه الحد في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا حد عليه وينكل إذا كان ممن لا يعذر بالجهالة ( قلت ) أفيكون عليه ما نقص من ثمنها ان غصبها أو صداق مثلها في قول مالك ( قال ) أرى عليه ما نقصها إذا كان غصبها وقال لي مالك ولا أرى لها في ذلك صداقا قال بن القاسم ولم أسأله عن الاعتصار وإنما سألته عن رجل يطأ مكاتبته فقال لا صداق لها ( قلت ) أرأيت المكاتبة بين الرجلين يطؤها أحدهما أيكون عليه الحد في قول مالك ( قال ) لا حد عليه ( قلت ) أرأيت الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيطؤها في العدة ويقول ظننت أنها تحل لي أو تعتق أم ولده فيطؤها في العدة ويقول ظننت أنها تحل لي ( قال ) قال مالك في الرجل يطلق امرأته تطليقة قبل البناء بها فيطؤها بعد التطليقة ويقول ظننت أن الواحدة لا تبينها مني وأنه لا يبرئها مني إلا الثلاث ( قال ) قال مالك لها صداق واحد قال بن القاسم وليس عليه الحد إذا عذر بالجهالة فأرى في مسألتك إذا كان ممن يعذر بالجهالة أن يدرأ عنه الحد لأن مالكا قال في الرجل يتزوج الخامسة ان كان ممن يعذر بالجهالة ممن يظن أنه لم يعرف أن ما بعد الاربع ليس مما حرم الله أو يتزوج أخته من الرضاعة على هذا الوجه فإن مالكا درأ الحد عن هؤلاء ( قلت ) أرأيت الذي وطىء في العدة بعد الطلاق ثلاثا أو بعد عتق أم ولده وطئها في عدتها أيكون عليه صداق سوى الصداق الاول ويوجب لام ولده عليه الصداق أم لا ( قال ) أرى أن لا يكون عليه إلا الصداق الاول ألا ترى لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته البتة ثم حنث ونسي حنثه ثم وطئها بعد الحنث زمانا ثم ذكر أنه قد حنث منذ زمان وأقر بذلك قال مالك إنما عليه صداق واحد الصداق الذي سمي فكذلك مسألتك ( قلت ) هذا في الطلاق أدخلت الوطء الثاني في الصداق المسمى أولا أرأيت الذي أعتق أم ولده أيدخل
____________________
(16/207)
________________________________________
وطء الحرية في الملك ( قال ) نعم إذا عذر بالجهالة ألا ترى لو أن رجلا حلف بعتق جارية له أو أم ولد فحنث وهو لا يعلم أو نسي يمينه فحنث ثم وطئها بعد ذلك زمانا ثم ذكر أنه قد كان حنث أنه لا صداق عليه تعتق عليه ولا شيء عليه فكذلك مسألتك في أم الولد ( قلت ) أرأيت الرجل ترتد أم ولده فيطؤها وهو فقيه عالم لا يجهل أنها لا تحل له في حال ارتدادها أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا ( قال ) لا يحد في رأيي لأن ما ملكت اليمين عند مالك لاحد على السيد في ذلك وان كانت لا تحل له ولو كانت أمه أو أخته من الرضاعة أو كانت خالته فوطئها بملك اليمين عامدا عارفا بالتحريم ( قال ) قال مالك لاحد عليه ويلحق به الولد وإنما دفع الحد عنه ها هنا للملك الذي له في ذلك ولكن ينكل عقوبة موجعة
فيمن شهد عليه بالزنى ثلاثة وواحد على شهادة غيره ( قلت ) أرأيت ان شهد ثلاثة على الزنى على الرؤية وواحد على شهادة غيره أيحد هؤلاء الشهود في قول مالك ( قال ) نعم لان الشهادة لم تتم ( قلت ) فإن شهد ثلاثة على الرؤية واثنان على شهادة غيرهما أيحد هذا المشهود عليه حد الزنى ( قال ) نعم إذا كانت شهادتهم كلهم على وطء واحد ووصفوه وعرفوه في موضع واحد ( قلت ) أرأيت ان شهد على المرأة أربعة بالزنى أحدهم زوجها ( قال ) قال مالك يضرب الثلاثة ويلاعن الزوج ( قلت ) لم أليس الزوج شاهدا ( قال ) لا الزوج عند مالك قاذف وكذلك قال مالك الزوج قاذف ( قلت ) أرأيت ان قذف رجل رجلا فقال القاذف حين قدم إلى القاضي أنا آتي بالبينة أنه زان أيمكنه مالك من ذلك ( قال ) نعم ولكن لا يجوز في ذلك إلا أربعة شهداء عند مالك وهو رأيي ( قلت ) أرأيت الرجل يقول زنيت بفلانة عند الامام أو عند غير الامام يقر بذلك ( قال ) قال مالك ان أقام على قوله ذلك ضرب للمرأة حد الفرية وأقيم عليه حد الزنى إذا قامت عليه بذلك بينة ( قلت ) ويقبل رجوعه ( قال ) نعم إذا قال إنما أقررت لوجه كذا ( قلت ) أرأيت ان نزع ولم يقل لوجه كذا وكذا ( قال ) قال مالك إذا نزع عن قوله قبل منه ولم
____________________
(16/208)
________________________________________
يحد ( قلت ) أرأيت الاقرار بالزنى أيقيم مالك الحد في اقراره مرة واحدة أو حتى يقر أربع مرات ( قال ) قال مالك إذا أقر مرة واحدة أقيم عليه الحد في اقراره ان ثبت على ذلك ولم يرجع ( قلت ) والرجم والجلد في ذلك سواء يقام عليه باقراره مرة واحدة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إذا أقر على نفسه بالزنى هل يكشفه عن الزنى كما يكشف البينة في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يسأله إلا أنه قال أبصاحبكم جنة ( قلت ) أرأيت إذا رجع المرجوم عن إقراره بعد ما أخذت أو بعد ما ضرب أكثر الحد أيقبل منه رجوعه ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يقال ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة ظهر بها حمل فقالت هذا الحمل من فلان تزوجني ( قال ) قال مالك ان أقامت البينة على ذلك وإلا أقيم عليها الحد ( قلت ) وكذلك ان قال الزوج صدقت قد تزوجتها ( قال ) لا يقبل قول الزوج في ذلك عند مالك حتى تكون البينة بينهما ( قلت ) أفيثبت نسب هذا الولد ( قال ) قال مالك إذا أقيم الحد لم يثبت مع الحد النسب
في الذي يزني بأمه أو عمته أو خالته ( قلت ) أرأيت الذي يزني بأمه التي ولدته أو بعمته أو بأخته أو بذات رحم محرم منه أو بخالته ( قال ) أرى أنه زنا ان كان ثيبا رجم وان بكرا جلد مائة وغرب عاما وهو رأيي وهو أحسن ما سمعت ( قلت ) أرأيت ان زنى بأمة انسان ذي رحم محرم منه أيقام عليه الحد وان كانت أمة أمه أو أمة أبيه ( قال ) قال مالك نعم يقام عليه الحد إلا الأب في أمة ابنه أو ابنته ( قلت ) فالجد أيحد في أمة ولد ولده ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يحد الجد في أمة ولد ولده لان مالكا قال في الجد لا أرى أن يقاد منه في ولد ولده إذا قتله كما لا يقاد في الأب إذا فعل به الجد مثل ما فعل الأب وتغلظ الدية عليه كما تغلظ على الأب فأحب إلي أن يدرأ عنه الحد
____________________
(16/209)
________________________________________
فيمن أحل جاريته لرجل فوطئها ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة ذات رحم محرم من رجل أو رجلا ذا رحم محرم منه أو أجنبيا من الناس أحل جاريته لرجل منه بقرابة أو أحل جاريته لاجنبي من الناس فوطئها هذا الذي أحلت له ( قال ) كل من أحلت له جارية أحلها له أجنبي أو قرابة له أو امرأته فإنها تقوم عليه إذا وطئها ويدرأ عنه الحد جاهلا كان الذي وطىء أو عالما حملت أو لم تحمل وان كان له مال أخذ منه قيمتها وان لم يكن له مال وحملت منه كان دينا عليه وان لم تحمل منه بيعت في ذلك فإن كان فضلا كان له وان كان نقصانا كان عليه ( قلت ) أرأيت ان أحلت له امرأته جاريتها فلم يطأها فأدركت قبل الوطء ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن الفوت عندي لا يكون حتى يقع الوطء لان وجه تحليل هذه الأمة عند مالك إنما هو عارية فزجها وملك رقبتها للذي أعارها ولم يكن على وجه الهبة فهي ترد إلى الذي أعار الفرج أبدا ما لم يطأها الذي أحلت له فإذا وطئها درىء عند الحد بالشبهة ولزمته القيمة فيها ( قلت ) فإن رضي سيدها الذي أحلها أن يقبلها بعد الوطء ( قال ) ليس ذلك له ولا يشبه هذا الذي يطأ الجارية بين الشريكين لان هذا وطىء بإذن من سيدها على وجه التحليل فلما وقع الوطء صارت بمنزلة البيع ولزمته القيمة وان الشريك الذي وطىء إنما وقع الخيار فيه للشريك إذا لم تحمل لأنه لم يحلها له ويقول لشريكه ليس لك ان تتعدى علي بأمر فيخرجها من يدي ولي الخيار عليك وهذا ما لم يقع الحمل فإذا وقع الحمل لم يكن بد من أن تقوم على الذي وطئها ( قلت ) فهل يكون على هذا الشريك الذي وطىء ولا مال له فحملت منه من قيمة ولده في قول مالك شيء ( قال ) ان كان موسرا قومت عليه يوم حملت ولم يكن عليه من قيمة الولد شيء وان كان معسرا رأيت ان يباع نصفها بعد ما تضع حملها فيما لزمه من نصف قيمتها يوم حملت فإن كان في الثمن الذي بيع به النصف وفاء بما لزمه من نصف قيمتها يوم حملت اتبع بنصف قيمة ولدها دينا عليه وان نقص ذلك عن نصف قيمتها يوم حملت اتبعه بما نقص من نصف قيمتها يوم حملت مع نصف قيمة
____________________
(16/210)
________________________________________
ولدها ولو ماتت هذه الامة قبل أن يحكم فيها كان ضمان نصف قيمتها عليه على كل حال ولم يضع موتها عنه ما لزمه ويتبع بنصف قيمة ولدها ولو أراد الشريك الذي لم يطأ إذا كان الذي وطىء معسرا أن يتماسك بالرق ويبرئه من نصف قيمتها فذلك له ويتبعه بنصف قيمة ولدها ويترك نصف هذه الأمة وهو نصيب الذي وطىء منها فيكون بمنزلة أمة أعتق بعضها ويلحق الولد بأبيه وهذا قول مالك وقول مالك أيضا أن يباع حظ الذي لم يطأ ويتبعه بما نقص من نصف قيمتها وبنصف قيمة الولد وهو قول مالك
في المسلم يقر بأنه زنى في كفره والمسلم يزني بالذمية والحربية ( قلت ) أرأيت الرجل يسلم ثم يقر أنه قد كان زنى في حال كفره ( قال ) قال مالك في الكافر إذا زنى أنه لا يحد في كفره فإن أسلم لم يكن عليه في ذلك حد فكذلك اقراره لا حد عليه في ذلك إذا أقر أنه زنى في حال كفره ( قلت ) أرأيت لو أن أربعة مسلمين شهدوا على مسلم أنه زنى بهذه الذمية أيحد المسلم وترد الذمية إلى أهل دينها أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ترد إلى أهل دينها عند مالك ويحد المسلم ( قلت ) أرأيت لو أن مسلما دخل دار الحرب بأمان فزنى بحربية فقامت عليه بذلك بينة من المسلمين أو أقر بذلك على نفسه ( قال ) يحد في رأيي ( قلت ) أرأيت العبد إذا أقر بشيء من حدود الله التي يحكم فيها في بدنه أيقيمها عليه الامام في قول مالك بإقراره ( قال ) نعم إلا أن يقر بأنه جرح عبدا أو قتل حرا أو عبدا فإن أحب سيد العبد المجروح أن يقتص اقتص وليس لسيد العبد المجروح أن يقول أنا أعفو وآخذ العبد الذي أقر لي إذا كان لي أن أقتص لأنه حينئذ يتهم العبد أنه إنما أراد أن يخرج من يد سيده إلى هذا فلا يصدق ها هنا وكذلك ان أقر أنه قتل عبدا أو حرا عمدا فأراد أولياء المقتول المقر بقتله أن لا يقتلوه وان يستحيوه ويأخذوه فليس ذلك لهم إنما لهم أن يقتلوه بقتله أو يتركوه في يد سيده ولا يأخذوه وإنما جاز لهم أن يقتصوا منه بإقراره لأن هذا في بدن العبد فكل ما أقر به العبد مما يقام به عليه في بدنه فذلك لازم للعبد عند مالك مما هو قصاص أو حد لله
____________________
(16/211)
________________________________________
في الرجل تجتمع عليه الحدود في القصاص ( قلت ) أرأيت إذا وجب على الرجل القصاص في بدنه للناس وحدود الله اجتمع ذلك عليه بأيهم يبدأ ( قال ) يبدأ بما هو لله فإن كان فيه محتمل أن يقام عليه ما هو للناس مكانه أقيم عليه ذلك أيضا وان خافوا عليه أخروه حتى يبرأ ويقوى ثم يقام عليه ما هو للناس لان مالكا قال في الرجل يسرق ويقطع يد رجل انه يقطع في السرقة لان القصاص ربما عفي عنه والذي هو لله لا عفو فيه فمن هناك يبدأ به ( قلت ) أرأيت الرجل يسرق ويزني وهو محصن فاجتمع عليه ذلك عند الامام ( قال ) قال مالك يرجم ولا تقطع يمينه لان القطع يدخل في القتل ( قلت ) فإن رجمه وكان عديما لا مال له فثاب له مال علم أنه مما استفاد أو مما وهب له أو تصدق به عليه بعد سرقته أيكون للمسروق منه في هذا المال قيمة سرقته أم لا وأنت لم تقطع يمينه للسرقة ( قال ) لا أرى أن يكون له في هذا المال شيء إلا أن يكون هذا المال قد كان له يوم سرق السرقة لان اليد لم يترك قطعها ولكنها دخل قطعها في القتل ولم أسمع هذا من مالك وهو رأيي ( قلت ) فهل يقيم الامام الحدود والقصاص في المساجد ( قال ) قال لي مالك لا تقام الحدود في المساجد ( قال ) والقصاص عندي بمنزلة الحدود ( قال ) وقال لي مالك ولا بأس أن يضرب القاضي الرجل الاسواط اليسيرة في المسجد على وجه الادب والنكال ( قلت ) أرأيت ان أقر أو شهدت عليه الشهود أنه زنى بعشر نسوة واحدة بعد واحدة ( قال ) قال مالك حد واحد يجزئه ( قلت ) أرأيت ان شهدوا عليه أنه زنى وهو بكر ثم أحصن ثم زنا بعد ذلك ( قال ) قال مالك كل حد اجتمع مع القتل لله أو قصاص لا حد من الناس فإنه لا يقام مع القتل والقتل يأتي على جميع ذلك إلا الفرية فإن الفرية تقام ثم يقتل ولا يقام عليه مع القتل غير حد الفرية وحدها لأنه إنما يضرب حد الفرية لئلا يقال لصاحبه مالك لم يضرب لك فلان حد الفرية يعرض له بأن يقول له لأنك كذلك
____________________
(16/212)
________________________________________
ترك اقامة الحد على من تزوج في العدة ( قلت ) أرأيت ان تزوج امرأة في عدتها وادعى أنه عارف بتحريم ذلك لم يجهله أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا ( قال ) لا أقوم الساعة على حفظ قول مالك إلا أني أرى أنه يدرأ الحد لأنه لا يشبه من تزوج خامسة لأن عمر بن الخطاب ضرب في هذا ولم يقم الحد ولم يقل حين خطب من تزوج امرأة في عدتها لا يدعي الجهالة أقيم عليه الحد إنما قال من تزوج امرأة في عدتها فرق بينهما ولا تحل له أبدا وإنما ضربهما عمر بالمخفقة ضربات ( قلت ) أرأيت من أتى امرأة في دبرها وليست له بامرأة ولا بملك يمين أيحد في قول مالك حد الزنى ( قال ) نعم يحد حد الزنى لأن مالكا قال هو وطء ( قلت ) أرأيت ان اغتصبها فجامعها في دبرها أيوجب عليه مع الحد المهر أم لا ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت ان فعل ذلك رجل بصبي أو بكبير ما حدهم ( قال ) قال مالك من فعل ذلك بصبي رجم ولا يرجم الصبي وان فعل ذلك كبير بكبير رجما جميعا أحصنا أو لم يحصنا قال مالك ولا يرجم حتى يشهد عليه أربعة أنهم نظروا إليه كالمرود في المكحلة من الثيب والبكر ويرجمان جميعا ( قلت ) أرأيت ان اغتصب المفعول به ( قال ) لا شيء عليه لأنه مغتصب ( قلت ) فيكون له الصداق لأنه مغتصب ( قال ) لا لأن هذا ليس من النساء وإنما الصداق للنساء والنساء اللاتي يجب لهن الصداق في النكاح وليس يجب لهذا الصداق في النكاح وهذا لا يعقد نكاحه في المهر كما يعقد نكاح النساء وإنما رجم بالفاحشة التي أذنبها ( قلت ) أرأيت الرجل يأتي البهيمة ما يصنع به في قول مالك ( قال ) أرى فيه النكال ولا أرى فيه الحد ( قلت ) فهل تحرق البهيمة في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن تحرق لأن مالكا سئل عن حديث يذكره بعض أهل الشام عن غير واحد أن من غل أحرق رحله فأنكر ذلك انكارا شديدا وأعظم أن يحرق رحل رجل من المسلمين ( قلت ) فهل يضمن هذا الرجل البهيمة التي جامعها ( قال ) لا يضمن ولم أسمع من مالك فيه شيئا وهو رأيي
____________________
(16/213)
________________________________________
( قلت ) فهل يؤكل لحمها ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بذلك بأسا وليس وطؤه إياها مما يحرم لحمها
فيمن قذف رجلا بعمل قوم لوط أو بهيمة ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا لوطي أو يا عامل عمل قوم لوط ( قال ) قال مالك إذا قال الرجل للرجل يا لوطي جلد حد الفرية ( قلت ) أرأيت من قذف رجلا بهيمة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولم يبلغني عنه إلا أني أرى أنه لا يضرب الحد ويؤدب قائل ذلك أدبا موجعا لأن من قول مالك أن الذي يأتي البهيمة لا يقام عليه فيه الحد قال بن القاسم وكل ما لا يقام فيه الحد فليس على من رماه بذلك حد الفراية ( قلت ) فهل كان مالك يستحب للقضاة أن يستشيروا العلماء ( قال ) سمعته يقول ان عمر بن العزيز قال لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى يكون عارفا بما مضى مستشيرا لذوي الرأي ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا فلما قدمه ليأخذ منه حد الفرية قال القاذف للقاضي استحلفه لي أنه ليس بزان ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا تكون عليه اليمين ولا سمعت أن أحدا يقول يحلف في هذا ولكن يضرب القاذف الحد ولا يحلف المقذوف ولكن بلغني عن مالك ممن أثق به أنه سئل عن الرجل يقال له يا زاني وهو يعلم من نفسه أنه كان زانيا أترى أن يحل له أن يضربه أم يتركه ( قال ) بل يضربه ولا شيء عليه وهو رأيي ( قلت ) أرأيت ان أتى بشاهد واحد على السرقة أيستحلفه مع شاهده ويقطع يمينه في قول مالك ( قال ) يحلف ويستحق حقه ولا تقطع يمينه ( قلت ) أرأيت القصاص هل فيه كفالة في قول مالك أو الحدود ( قال ) قال مالك لا كفالة له في الحدود ولا في القصاص ( قلت ) أرأيت ان شهد شاهد أنه قال لفلان يوم الخميس يا زاني وشهد الآخر أنه قال لفلان ذلك الرجل يوم الجمعة يا زاني ( قال ) قال مالك يحد لأن الشهادة إنما هي ها هنا واحدة لم تخلف شهادة هذين لأنه كلام ( قلت ) وكذلك الطلاق والعتاق ( قال ) قال مالك وكذلك الطلاق والعتاق هو مثل ذلك ما لم يكن
____________________
(16/214)
________________________________________
في يمين فإن كانت في يمين فاتفقت الشهادة واختلفت الايام مثل ما يقول ان دخلت دار فلان فهي طالق البتة فشهد عليه بذلك رجل يوم السبت وشهد عليه آخر يوم الاثنين انه حلف بتلك اليمين فإنه ان حنث طلقت عليه بشهادتهما ( قال ) وقال مالك فلو شهد عليه رجل انه طلق عنده امرأته في رجب وآخر في رمضان طلقت عليه ولو شهد رجل انه حلف ان دخل دار فلان فامرأته طالق البتة وشهد الآخر أنه حلف ان ركب دابة فلان فامرأته طالق البتة فشهد عليه شهود انه دخل الدار وركب الدابة ( قال ) قال مالك لا تطلق عليه وكذلك العتق ها هنا مثل هذا سواء ( قلت ) أرأيت ان شهد شاهد على رجل أنه شج فلانا موضحة وشهد آخر عليه أنه أقرأه شجه موضحة ( قال ) يقضي بشهادتهما لان الاقرار ها هنا والفعل إنما هو شيء واحد ولكن لو اختلف الفعل والاقرار لم يقض بشهادتهما لو قال هذا أشهد أنه ذبح فلانا ذبحا وقال الآخر أشهد أنه أقر عندي أنه أحرقه بالنار رأيت الشهادة باطلا وإنما اقراره على نفسه شهادة بمنزلة ما لو عاين الشهود ذلك فلما أقر به وشهد الشهود على اقراره بذلك فوافق الاقرار الشاهد الذي شهد على الفعل فذلك الذي يؤخذ به وما اختلف من ذلك مثل ما لو اختلفت البينة نفسها فأبطلتها كان ذلك في الاقرار والبينة باطلا أيضا وهذا قول مالك في البينة والاقرار والشهادات وهو رأيي
صفة ضرب الحدود والتجريد ( قلت ) أيجرد الرجل في الحدود والنكال حتى يكشف ظهره بغير ثوب في قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال مالك وأما المرأة فلا تجرد ( قلت ) فهل تضرب الأمة وعليها قميصان ( قال ) قال مالك لا تجرد المرأة فما كان من ثيابها مما اتخذت عليها ما يدفع الجلد عنها أو يكون عليها من الثياب ما يدفع الجلد فإن ذلك في قول مالك ينزع وما كان غير ذلك فلا ينزع ( قلت ) أرأيت القاذف إذا قذف ناسا شتى في مجالس شتى فضربته لاحدهم ثم رفعه أحدهم بعد ذلك ( قال ) قال مالك ذلك الضرب لكل قذف كان قبله ولا يضرب لاحد منهم ان قام بعد ذلك جميعا كان قذفهم أو مفترقين في
____________________
(16/215)
________________________________________
مجالس شتى ( قلت ) أرأيت القذف أتصلح فيه الشفاعة بعد ما ينتهي إلى السلطان ( قال ) قال مالك لا تصلح فيه الشفاعة إذا بلغ السلطان أو الشرط أو الحرس ( قال ) ولا يجوز فيه العفو إذا بلغ الامام إلا أن يريد سترا قال مالك والشرط والحرس عندي بمنزلة الامام إذا وقع في أيديهم لم تجز الشفاعة بعد ولا يجوز لهم أن يحلوه وان عفا المقذوف عن ذلك بعد بلوغ السلطان لم يجز عفوه عند مالك إلا أن يريد سترا ( قلت ) أرأيت الشفاعة في التعزير أو النكال بعد بلوغ الامام أيصلح ذلك أم لا ( قال ) قال مالك في الذي يجب عليه التعزير أو النكال فيبلغ به إلى الامام ( قال ) قال مالك ينظر الامام في ذلك فإن كان الرجل من أهل المروءة والعفاف وإنما هي طائرة أطارها تجافي السلطان عن عقوبته وان كان قد عرف بذلك وبالطيش والاذى ضربه النكال فهذا يدلك على أن العفو والشفاعة جائزة في التعزير وليست بمنزلة الشفاعة في الحدود
فيمن عفا عن قاذفه ثم أراد أن يقوم عليه ( قلت ) أرأيت ان عفا عن قاذفه ثم أتى بعد زمان فأراد أن يحده ولم يكن كتب عليه بذلك كتابا ( قال ) قد أخبرتك عن مالك أنه قال لا يحد له والعفو جائز عليه ( قال ) وقال مالك في رجل قال لرجل يا مخنث انه يجلد الحد ان رفعه إلى الامام إلا أن يحلف القائل يا مخنث بالله أنه لم يرد بذلك قذفا فإن حلف عفى عنه بعد الادب ولا يضرب حد الفرية وان هو عفا عنه قبل ان يأتي السلطان ثم طلبه بعد ذلك فإنه لا يحد له ( قال ) وقد بلغني عن مالك في رجل قذف رجلا فعفا عنه قبل أن يبلغ به إلى السلطان ثم بدا له أن يقوم به قال مالك ليس ذلك له ولا حد عليه وقد أخبرني به من أثق به وهو رأيي ( قلت ) أرأيت القذف أيقوم به من قام به من الناس ( قال ) لا يقوم به عند مالك إلا المقذوف ( قلت ) فلو أن قوما شهدوا على رجل أنه قذف فلانا وفلان يكذبهم ويقول ما قذفني ( قال ) لا يلتفت إلى شهادة الشهود عند مالك ( قلت ) أرأيت ان ادعى المقذوف أن القاذف قذفه وأقام على ذلك
____________________
(16/216)
________________________________________
البينة عند السلطان ثم ان المقذوف قال للسلطان بعد ما شهدت شهوده أنهم شهدوا بزور ( قال ) هذا قد بلغ الامام وقد شهد الشهود عند الامام بالحدود وهو مدع للقذف فلما وجب الحد قال كذبت بنيتي فلا ينظر في قوله لأن الحد قد وجب فهذا يريد ابطاله ألا ترى أنه لو عفا لم يجزه عفوه فكذلك اكذابه البينة لا ينظر في ذلك بعد ما وجب الحد عند السلطان وبضرب القاذف الحد ولم أسمعه من مالك وهو رأيي ( قلت ) أرأيت ان قال لم يقذفني ( قال ) هذا وما فسرت لك سواء ( قلت ) أرأيت ان قال الشهود بعد ما وجب الحد ما شهدنا إلا بالزور ( قال ) يدرأ الحد عنه ( قلت ) لم درأته بشهادة الشهود برجوع الشهود ولم تدرأه بتكذيب المدعي إياهما ( قال ) لان هذا الامر كان للمدعي حتى يبلغ السلطان فإذا بلغ السلطان وقامت البينة انقطع ما كان لهذا المقذوف فيه من حق وصار الحد لله فلا يجوز له ها هنا قول والبينة ان رجعت عن شهادتها لم أقدر أن أقيم الحد ولا بينة ثابتة على الشهادة ( قلت ) أتحفظ هذا كله عن مالك ( قال ) لا وهو رأيي ( قلت ) أرأيت القصاص الذي هو للناس ان عفوا عن ذلك بعد بلوغهم السلطان أيجوز ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) نعم
باب في الرجل يشهد على الرجل بالحد ويأتي بمن يشهد معه ( قلت ) أرأيت الرجل يشهد على الرجل بشرب الخمر أو بالزنى فيقول للقاضي أنا أتيك بالشهود أيضا على ذلك ( قال ) ان كان أمرا قريبا في الخمر حبسه القاضي وان كان أمرا بعيدا لم يحبسه القاضي وأما الزنى فلا يخرجه إلا أربعة شهداء سواء ولا يخرجه ثلاثة وإن كان رابعهم لأنه قد صار الآن قاذفا ويجلد الحد ان لم يأت بأربعة شهداء سواء وينكل إذا رماه بشرب الخمر ( قال ) وقال مالك في الرجل يقول للرجل يا سارق على وجه المشاتمة ان ذلك ينكل فإن قال له سرقت متاعي ولم يكن له بينة وكان الذي قيل ذلك له من أهل التهمة فإن ذلك لا شيء عليه من قبل أنه لم يرد بقوله ذلك الشتم ( قلت ) أرأيت من قال لرجل يا زاني ثم جاء بثلاثة يشهدون معه على الزنى ( قال ) الأول قاذف عند مالك ولا يخرجه من حد القذف إلا أن يأتي بأربعة
____________________
(16/217)
________________________________________
سواه يشهدون على الزنى لانه قد صار خصما حين كان قاذفا ويضرب الحد وتضرب الشهود الثلاثة أيضا ( قلت ) أرأيت هذا الذي شهد بالحد وحده وقال أنا آتيك بالبينة أيوقف هذا المشهود عليه ( قال ) نعم ان ادعى أمرا قريبا حاضرا أوقف هذا المشهود عليه والشاهد أيضا وقيل للشاهد ابعث إلى من تزعم أنه يشهد معك فإن أتى بهم أقيم الحد على المشهود عليه وإن لم يأت بهم أو ادعى شهادة بعيدة أدب أدبا موجعا إلا في الزنى فإنه ان قال رأيته يزني قيل له ائت بأربعة شهداء سواك وإلا ضربت الحد ويتوثق منه كما يتوثق من الاول فإن جاء بهم بحضرة ذلك وإلا ضرب الحد ( قلت ) وتوقفه ولا تأخذ منه كفيلا ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت كتب القضاة إلى القضاة هل تجوز في الحدود التي هي لله وفي القصاص وفي الأموال وفي الطلاق وفي العتاق في قول مالك ( قال ) نعم في رأيي ذلك جائز لان الشهادة على الشهادة عند مالك في هذا كله جائزة فلما كانت الشهادة على الشهادة في هذا جائزة جازت كتب القضاة في ذلك
فيمن قال لامرأته زنيت وأنت مستكرهة أو صبية أو نصرانية أو أمة ( قلت ) أرأيت ان قال لامرأته زنيت وأنت مستكرهة أيلاعن أم لا وهل يكون من قال لامرأة أجنبية زنيت وأنت مستكرهة أو زنيت وأنت صبية أو زنيت وأنت نصرانية أو قال ذلك لرجل هل يكون هذا قاذفا في قول مالك أم لا ( قال ) يلاعن الزوج امرأته ويجلد لهؤلاء كلهم الحد لانه لا يخلو من أن يكون قاذفا أو يكون معرضا إلا في الأمة والعبد إذا عتقا ثم قال زنيتما في حال العبودية فإنه لا يضرب إذا أقام البينة أنهما زنيا وهما عبدان فإن لم تقم البينة على ذلك ضرب الحد ( قال ) فإن قال لهما أيضا يا زانيان ولم يقل لهما زنيتما في العبودية وقد كانا زنيا في العبودية فإنه لا حد عليه في فريته لأنهما قد زنيا ووقع عليهما اسم الزنى ( قال ) ومن قال لنصراني أسلم يا زان وقد كان زنى في نصرانيته ضرب له الحد حد الفرية لان من زنى في النصرانية
____________________
(16/218)
________________________________________
لا يعد ذلك زنا لأنه لا يضرب فيه الحد وكذلك الصبي لا يكون بفعله زانيا وإن فعل ذلك في صباه ( قال ) والذي قال زنيت وأنت مستكرهة ان لم تقم البينة ضربته الحد وان أقام البينة لم أضربه الحد وان كان اسم الزنى بالاستكراه غير واقع عليها فإني لا أضربه الحد أيضا لأني أعلم أنه لم يرد إلا أن يخبر بأنها قد وطئت غصبا ولم يرد أن يقول لها أنها زانية فهذا يخالف النصراني والصبي ( وقال ) في رجل شهد على رجل بالسرقة وقال رأيته يسرق متاع فلان ( قال ) يحلف صاحب المتاع ويستحق متاعه ولا تقطع يد السارق بشهادة واحد ولو أن شاهدا شهد على رجل بالسرقة وليس للسرقة من يطلبها ولا من يدعيها وكان الشاهد من أهل العدالة مثل ما يقول رأيته دخل دار فلان فأخذ منها شيئا لم تكن عليه عقوبة وان كان الذي زعم أنه رآه وشهد عليه رجلا ليس من أهل العدالة وليس للمتاع طالب رأيت أن يعاقب الشاهد إلا أن يأتي بالمخرج من ذلك ( قلت ) أرأيت من عرض بالزنى لامرأته إلا أنه لم يصرح بالقذف أتضربه الحد أم يلتعن في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه يضرب الحد ان لم يلتعن ( قلت ) ويكون الذي قذف التي أسلمت والتي عنقت أو الصغيرة التي قد بلغت أو امرأته قاذفا حين تكلم بذلك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان قال رأيتك تزنين وأنت نصرانية ( قال ) أراه قاذفا الساعة ( قلت ) وهذا عندك سواء قوله زنيت وأنت نصرانية وقوله رأيتك تزنين وأنت نصرانية ( قال ) نعم ( قلت ) تحفظه عن مالك ( قال ) لا إلا أن الذي فسرت لك في قول الرجل للمرأة النصرانية التي أسلمت قوله لها يا زانية بعد أن أسلمت وقد كانت زنت في نصرانيتها فقال الرجل انما أردت زناها في نصرانيتها قال مالك نضربه الحد ولا نخرجه من القذف وان كانت زنت في نصرانيتها لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه العزيز قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ( قلت ) أرأيت ان قال لامرأة وقد أسلمت قد كنت قذفتك بالزنى وأنت نصرانية ( قال ) أرى أن ينظر في ذلك فإن كان أتى ممتحنا يسألها أن تغفر ذلك له أو يخبر بذلك أحدا على وجه الندم على ما مضى
____________________
(16/219)
________________________________________
من ذلك فلا أرى عليه شيئا وإن لم يكن لذلك وجه يرى أنه قال له رأيت أن يضرب الحد لان من قول مالك من عرض بالقذف أكمل له الحد
في القيام بحد الميت أو الغائب ومن أولى بذلك ( قلت ) أرأيت الميت إذا قذف من يقوم بحده من بعده وله أولاد وأولاد أولاد وآباء وأجداد ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى لولده وولد ولده وأبيه وأجداده لأبيه وأمه أن يقوموا بذلك من قام منهم أخذ بحده وان كان ثم من هو أقرب منه لان هذا عيب يلزمهم ( قلت ) أفتقوم العصبة لحده مع هؤلاء ( قال ) لا ( قلت ) فإن لم يكن من هؤلاء أحد أتقوم العصبة بحده ( قال ) نعم ( قلت ) ويقمن البنات بحده والاخوات والجدات ( قال ) نعم ( قلت ) ويقوم الاخ والاخت بحده وثم ولده وولد ولده ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان لم يكن لهذا الميت المقذوف وارث ولا قرابة فقام بحده رجل من المسلمين أيمكن من ذلك أم لا ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا وهو غائب وولده حضور فقام ولده بحد أبيهم وهو غائب ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وما علمت أن أحدا من أصحابنا حكي عن مالك في هذا شيئا بعينه ولا أرى أن يمكن أحد من ذلك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا فمات المقذوف وقام ولده بحده أيكون ذلك لهم في قول مالك وهل يورث المحدود في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان قذف ومات ولا وارث له فأوصى في وصيته أن يقام بحده ( قال ) ذلك له يقوم به الوصي ( قلت ) أسمعته من مالك ( قال ) لا ولكنه رأيي ( قلت ) أرأيت من وطىء أمة له مجوسية أو امرأة له وهي حائض فقذفه رجل أيحد قاذفه في قول مالك ( قال ) نعم يحد قاذفه في رأيي
في قذف الصبي والصبية ( قلت ) أرأيت الصبي إذا بلغ الجماع ولم يحتلم بعد فقذفه رجل بالزنى أيقام على قاذفه
____________________
(16/220)
________________________________________
الحد في قول مالك ( قال ) لا يقام على قاذفه الحد قال مالك لا يقام على الصبية تزني أو الصبي يزني الحد حتى يحتلم الصبي أو تحيض الجارية أو ينبتان الشعر أو يبلغان من حد الكبر حتى يعلم الناس ان أحدا لا يجاوز تلك السنين إلا احتلم ( قلت ) أرأيت ان أنبت الشعر وقال لم أحتلم ومثله من الصبيان في سنه يحتلم ومنهم من هو في سنه لا يحتلم أتقيم عليه الحد بنبات الشعر أم لا تقيمه وان أنبت حتى يبلغ من السن ما لا يجاوزه صبي إلا احتلم ( قال ) أرى أنه وان أنبت الشعر فلا حد عليه حتى يحتلم أو يبلغ من السن ما يعلم أن مثله لا يبلغه حتى يحتلم فيكون عليه الحد ولقد كلمت مالكا غير مرة في حد الصبي متى يقام عليه الحد فقال إلى الاحتلام في الغلام والحيضة في الجارية
فيمن قذف نصرانية أو أمة ولها بنون مسلمون ( قلت ) أرأيت من قذف ذميا أو عبدا بالزنى ( قال ) قال مالك من قذف عبدا بالزنى أدب أو قذف نصرانية ولها بنون مسلمون أو زوج مسلم نكل بإذاية المسلمين لان أولادها وزوجها مسلمون وللنصراني الذي ذكرت أن يزجر عن أذى الناس كلهم ( قلت ) أرأيت من افترى على أم الولد ( قال ) قال مالك ينكل ( قلت ) أرأيت ان قال لرجل مسلم وأبوه نصراني وأمه نصرانية لست لابيك ( قال ) قال مالك يضرب ثمانين قال مالك وكذلك ان كان أبوه عبدا ( قال ) قال مالك يحد هذا لنفيه عن أبيه ولقطع النسب ( قلت ) ولم جلده مالك ها هنا الحد وإنما وقعت الفرية على أمه الكافرة قال بن القاسم قال مالك لم يقع الحد على أمه وإنما وقع الحد عليه لقوله لست لأبيك لأنه نفاه من نسبه ( قلت ) أرأيت من قال لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لست لأبيك أكان يسقط الحد عنه وإنما كانوا أولاد المشركين وبدؤا الحدود فبهم كانت وهم أقاموها ( قال ) وقال مالك ولكن لو أن رجلا قال لرجل كافر يا ولد زنا أو لست لأبيك وله أولاد مسلمون لم يكن على قائله الحد لولده المسلم وإنما الحد ان يقول لولده المسلم لست لأبيك ( قلت ) أرأيت المدبر وأم الولد
____________________
(16/221)
________________________________________
والمكاتب والمعتق إلى سنين والمعتق منه شقص إذا زنوا ( قال ) حدهم عند مالك حد العبيد ( قلت ) وكذلك لو افتروا ( قال ) كذلك أيضا حدهم عند مالك في الفرية حد العبيد أربعون
المحارب يقذف في حرابة والحربي يدخل بأمان فيقذف ( قلت ) أرأيت لو أن محاربا في حال حرابته قذف رجلا من المسلمين ثم تاب وأصلح فقام المقذوف بحده أتحده له أم لا في قول مالك ( قال ) نعم نحده له لأن حقوق الناس تؤخذ منه عند مالك إذا تاب وأصلح ( قلت ) أرأيت الرجل من المشركين حربيا في دار الحرب قذف رجلا من المسلمين بالزنى ثم أسلم بعد ذلك أو أسر فصار عبدا أيحد لهذا الرجل حد الفرية في قول مالك أم لا ( قال ) القتل هو موضوع عنه في قول مالك لا يؤخذ بما قتل فهذا يدلك على أن الفرية لا يؤخذ بها أيضا ولا أرى أن يؤخذ بها ( قلت ) لم قال مالك في النصراني أنه إذا سرق تقطع يده ولا يقام عليه حد الزنى ( قال ) لأن السرقة والحرابة من الفساد في الأرض ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا حربيا دخل بأمان فقذف رجلا من المسلمين أتحده أم لا في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أعطيناهم الأمان على أن يسرقونا ولا على أن يشتمونا فأرى عليهم الحد
في الرجل يقول للمرأة يا زانية وتقول زنيت بك والذي يقول يا خبيث يا فاسق يا فاجر ( قلت ) أرأيت امرأة قال لها رجل يا زانية فقالت زنيت بك ( قال ) تضرب الحد للرجل ويقام عليها حد الزنى إلا أن تنزع عن قولها فتضرب للرجل ويدرأ عنها حد الزنى ويدرأ حد القذف عن الرجل لأنها قد صدقته وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا فاسق يا فاجر يا خبيث ( قال ) ينكل في قوله يا فاجر يا فاسق وأما في قوله يا خبيث فيحلف بالله أنه ما أراد القذف ثم ينكل ( قلت ) فإن نكل
____________________
(16/222)
________________________________________
عن اليمين في قوله يا خبيث أيجلد الحد ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يجلد الحد فإن أبى أن يحلف نكل ( قلت ) وكذلك لو قال رجل لرجل يا بن الفاجرة أو يا بن الفاسقة أو يا بن الخبيثة ( قال ) ليس عليه في قوله يا بن الفاسقة ولا يا بن الفاجرة لا النكال وأما قوله يا بن الخبيثة فإنه يحلف أنه ما أراد قذفا فإن أبى أن يحلف رأيت أن يحبس حتى يحلف وان طال حبسه نكل ( قلت ) فكم النكال عند مالك في هذه الاشياء ( قال ) على قدر ما يراه الامام وحالات الناس في ذلك مختلفة فمن الناس من هو معروف بالاذى فذلك الذي ينبغي أن يعاقب العقوبة الموجعة وقد يكون الرجل تكون منه الزلة وهو معروف بالصلاح والفضل فإن الامام ينظر في ذلك فإن كان قد شتم شتما فاحشا أقام عليه السلطان في ذلك قدر ما يؤدب مثله في فضله وإن كان شتما خفيفا فقد قال مالك يتجافى السلطان عن الفلتة التي تكون من ذوي المروآت
فيمن قال له رجل يا شارب الخمر أو يا حمار أو يا فاجر ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا شارب الخمر أو يا خائن أو يا آكل الربا ( قال ) ينكله السلطان عند مالك ( قلت ) أرأيت ان قال له يا حمار يا ثور أو يا خنزير ( قال ) ينكله السلطان على قدر ما يراه الامام في رأيي وقد سمعت ذلك من مالك في الحمار ( قلت ) أرأيت ان قال له يا فاجرا بفلانة ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أنه يحلف انه لم يرد القذف قال سحنون وقال لي أيضا وأرى أن يضرب ثمانين الا أن يكون له بينة على أمر صنعه بها على وجه الفجور أو أمر يدعيه يكون فيه مخرج لقوله مثل ما عسى أن يكون قد خاصمته المرأة في مال ادعته قبله فجحدها ولم يقر لها به فتقول له لم تفجر بي وحدي وقد فجرت بفلانة قبلي للامر الذي كان بينهما فهذا وما أشبهه من الوجوه التي تخرج إليها ويعرف بها صدقه فأرى أن يحلف ويكون القول قوله فإن لم يكن على ما وصفت لك رأيت أن يجلد
____________________
(16/223)
________________________________________
فيمن قال لرجل جامعت فلانة حراما أو باضعتها حراما ( قلت ) أرأيت ان قال رجل لرجل جامعت فلانة حراما أو باضعتها حراما أو قال وطئتها حراما ثم قال لم أرد بقولي أنك زنيت بها ولكني أردت أنك قد كنت تزوجتها تزويجا حراما أو قال ذلك لنفسه أني قد جامعت فلانة حراما أو وطئت فلانة حراما أو باضعت فلانة حراما فقامت فلانة تطلبه بحد فريتها فقال اني لم أرد الافتراء عليك إنما أردت أني قد كنت تزوجتك تزويجا فاسدا فوطئتك ( قال ) عليه الحد حد الفرية في ذلك كله إلا أن يعلم أنه قد كان نكحها في عدة أو تزوجها تزويجا حراما كما قال فيقيم على ذلك البينة فإن أقام البينة على ذلك أحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه لم يرد إلا ذلك ودريء عنه الحد ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل أني قد كنت جامعت أم الآخر أيكون عليه حد الفرية أم لا ( قال ) نعم عليه حد الفرية في رأيي ( قلت ) أرأيت ان قال تزوجتها فجامعتها ولم أرد القذف ( قال ) يقيم البينة على التزويج فإن أقام البينة على التزويج لم يكن عليه الحد وإلا ضرب الحد
في التعريض بالقذف ( قلت ) أرأيت الرجل يقول ما أنا بزان ويقول قد أخبرت أنك زان ( قال ) يضرب الحد في رأيي لان مالكا قال في التعريض الحد كاملا ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل عند الامام أو عند غير الامام أشهدني فلان أنك زان ( قال ) يقال له أقم البينة أن فلانا أشهدك وإلا ضربت الحد لانه بلغني عن مالك أنه قال في الرجل يقول للرجل ان فلانا يقول انك زان ( قال ) يقيم البينة وإلا ضرب الحد وهذا عندي يشبهه ( قلت ) أرأيت الرجل الحر يقول للعبد يا زان فيقول له العبد لا بل أنت زان ( قال ) ينكل الحر عند مالك ويجلد العبد حد الفرية ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل زنى فرجك ( قال ) عليه الحد عند مالك ( قلت ) أرأيت ان قال زاني فوك أو زنت رجلك ( قال ) أرى فيه الحد
____________________
(16/224)
________________________________________
في الرجل يقول للرجل لست بابن فلان لجده ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل لست بابن فلان لجده وجده كافر ( قال ) يضرب الحد عند مالك لانه قد قطع نسبه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا نظر إلى رجل من ولد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال لست بابن الخطاب ( قال ) يضرب الحد كاملا عند مالك ( قلت ) فلو قال ليس أبوك الكافر بن أبيه ولم يقل هذا القول لهذا المسلم الذي من ولد الكافر ( قال ) لا يضرب الحد عند مالك ( قال ) وأخبرني به من أثق به من أصحاب مالك وأفضلهم عندي أن مالكا قال لو أن رجلا قال لرجل كافر وله ولد مسلمون فقال للكافر أبي المسلم ليس أباك فلان لاب له كافر أو يا بن زينة لم يكن عليه حد وان كان للمقذوف أولاد مسلمون حتى يقول ذلك لولده المسلمين فإذا قال ذلك لولده المسلمين ضرب الحد ( قلت ) أرأيت ان قال لابنه المسلم لست بابن فلان لجده ثم قال لم أرد بهذا قطع نسبك إنما أردت بهذا أنك لست بابنه لصلبه لان دون جدك والدك ( قال ) لا يصدق أحد في هذا وأرى على من قال ذلك الحد ولو جاز هذا له لجاز أن يقول ذلك في كل جد مسلم وبينه وبينه أب فلا يصدق أحد في هذا كان جده كافرا أو مسلما ويضرب الحد ثمانين ( قلت ) أرأيت ان قال أنت بن فلان نسبه إلى جده أتحده أم لا ( قال ) لا حد عليه ( قلت ) كان في مشاتمة أو غير مشاتمة ( قال ) نعم لا حد عليه ( قلت ) أرأيت ان نسب رجل رجلا إلى عمه فقام عليه الرجل بالحد أتضربه الحد ( قال ) نعم يضرب الحد ( قلت ) وكذلك الخال ( قال ) نعم أضربه الحد ( قلت ) أرأيت ان قال له أنت بن فلان نسبه إلى زوج أمه ( فقال ) أرى أن يضرب الحد لانه قد قطع نسبه ( قلت ) وفي العم والخال رأيته قد قطع نسبه ( قال ) نعم ( قلت ) فلو قال له أنت بن فلان نسبه لجده من أمه ( قال ) لا يجلد هذا والجد ها هنا بمنزلة الأب وقد قال الله تبارك وتعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء فما نكح الجد للأم فلا يصلح لابن الابنة أن ينكحه من النساء
____________________
(16/225)
________________________________________
ما جاء في النفي ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل من العرب لست من بني فلان لقبيلته التي هو منها ( قال ) ان كان من العرب جلد الحد وإن كان من الموالي لم يضرب الحد بعد أن يحلف أنه لم يرد النفي لأنه من عرض بقطع نسب رجل فهو كمن عرض بالحد فإن قال لرجل من الموالي لست من موالي بني فلان وهو منهم ضرب الحد وكذلك قال مالك لأنه قد قطع نسبه ( قلت ) وعلى من أوقعت القذف إذا قال له لست من بني فلان وهو رجل من العرب أعلى أمه دنية أم على امرأة هذا الجاهلي ( قال ) إنما يقام الحد لهذا المسلم لقطع نسبه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل لست بن فلان وأمه أم ولد ( قال ) قال مالك يضرب الحد ( قلت ) أرأيت ان كان أبواه عبدين فقال لست لأبيك ( قال ) يضرب الحد عند مالك
في الرجل يقذف عبده وأبواه حران مسلمان ( قلت ) أرأيت الرجل يقول لعبده وأبواه حران مسلمان يا بن الزانية أو يا بن الزاني ( قال ) قال مالك يضرب سيده الحد ( قلت ) فإن كان أبوا العبد قد ماتا ولا وارث لهما أو لهما وارث فقام هذا العبد على مولاه بحد أبويه أيكون ذلك له ويقيم الحد على سيده أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يكون للعبد ذلك ويقام على سيده الحد ( قلت ) أرأيت ان قال لعبده لست لأبيك وأبواه حران مسلمان ( قال ) يضرب الحد ( قلت ) أرأيت ان قال لعبده لست لأبيك وأبوه مسلم وأمه كافرة أو أمه نصرانية ألضربه الحد أم لا ( قال ) سألت مالكا عنها فأبى أن يجبني فيها بشيء وأرى أن يضرب الحد لأنه إذا قال ذلك للعبد فقد حمل أباه على غيرأمه فقد صار قاذفا لأبيه
فيمن قال للميت ليس فلان أباه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول لرجل ميت ليس فلان لأبيه وأبو الميت حي فقام
____________________
(16/226)
________________________________________
الاب بالحد وقال قطع نسب ولدي مني أيكون له ذلك أم لا ( قال ) نعم عليه الحد ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال لرجل على وجه السباب والغضب أنت بن فلان نسبه إلى غير أبيه أيضرب الحد في قول مالك ( قال ) نعم يضرب الحد ( قلت ) فإن قال ذلك له على غير وجه الغضب ولا على وجه السباب أيضرب الحد في قول مالك ( قال ) نعم يضرب الحد إلا أن يكون استخبره
فيمن نسب رجلا من العرب أو من الموالي إلى غير قومه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل من العرب يا نبطي أيضرب الحد في قول مالك ( قال ) قال نعم يضرب الحد ( قلت ) فإن قال ذلك لرجل من الموالي يا نبطي ( قال ) يستحلف عند مالك بالله الذي لا إله إلا هو ما أراد نفيه من آبائه ولا قطع نسبه فإذا حلف نكل فإن أبي أن يحلف لم يكن عليه حد ونكل بالعقوبة ( قلت ) أرأيت ان قال لرجل من العرب يا حبشي أو يا فارسي أو يا رومي أو يا بربري أيضرب الحد في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فلو قال لرجل من الموالي يا فارسي وهو رومي أو قال لبربري يا حبشي أو يا فارسي أو قال لفارسي يا رومي أو يا حبشي أو نحو هذا فإنه لا حد على قائل هذا
وقد اختلف عن مالك في الذي يقول لبربري أو لرومي يا حبشي أن عليه الحد أو لا حد عليه وأرى أن لا حد عليه ألا أن يقول له يا بن الاسود فإن لم يكن من آبائه أسود ضرب الحد فأما أن ينسبه إلى حبشي فيقول يا بن الحبشي وهو بربري فالحبشي والرومي والفارسي في هذا سواء إذا كان بربريا وهو أحسن ما سمعت من قول مالك وثبت عندي إلا أن يقول له يا بن الاسود فيكون قذفا بينا إذا لم يكن أحد من آبائه أسود ( قلت ) أرأيت ان قال لرجل من العرب يا فارسي أو قال لرجل من مضر يا يماني أو قال لرجل من اليمن يا مضري ( قال ) أرى هذا كله قطعا للنسب وأرى فيه الحد كما قال مالك في قطع الأنساب لأن العرب إنما تنسب إلى الآباء فمن نسبها إلى غير آبائها فقد أزال النسب فعليه الحد وكذلك لو قال لرجل من قيس يا كلبي أو لرجل من كلب يا تميمي فقد أزال النسب فعليه الحد
____________________
(16/227)
________________________________________
( قلت ) فإن قال لرجل من قريش يا عربي أو لرجل من كلب يا قيسي ( قال ) لا يضرب الحد لان العرب مضرها وتميمها وقريش معها يجمعها هذا الاسم وقد قال الله جل ثناؤه بلسان عربي مبين وقال وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه فسمي قريشا ها هنا عربا ( قلت ) فإن قال لرجل من العرب لست من العرب أليس يجلد في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان قال لرجل من الموالي لست من الموالي أيحد ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى عليه الحد ان كان له أب معتق بمنزلة ما لو قال لرجل من موالي بني فلان لست من موالي بني فلان ( قلت ) أرأيت لو قال لرجل معتق ليس مولاك فلان ( قال ) ليس عليه شيء في رأيي ( قلت ) فإن كان له أب وإنما أعتق فلان جده فقال له لست من موالي فلان أترى هذا قطع نسبه أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك عليه الحد ( قلت ) فإذا قال للمعتق ذلك إذا لم يكن له أب فقال له لست من موالي فلان ( قال ) هذا ليس له أب يقطع نسبه فلا أرى عليه الحد ( قال ) ولم أسمع هذا من مالك قال سحنون نرى عليه الحد لأنه نفاه
في الرجل يقذف ولده أو ولد ولده ( قلت ) أرأيت الرجل يقذف ولده أو ولد ولده بالزنى من قبل الرجال أو النساء أتحده لهم في قول مالك ( قال ) أما ابنه فإن مالكا كان يستثقل أن يحده فيه ويقول ليس ذلك من البر قال بن القاسم وإن أقام على حقه فإن ذلك له وعفوه عنه جائز عند الامام وأما ولد ولده فإني لم أسمعه من مالك ولكني أرى أن يكون مثل ولده ( قلت ) أرأيت الاب أيقتقص منه لولده أو لولد ولده في قول مالك ( قال ) سئل مالك عن الرجل يقتل ابنه أيقتل به ( قال ) أما ما كان من العمد الذي يكون فيه القصاص من غير الأب الذي يكون بين الناس مثل أن يضرب الرجل الرجل بالعصا أو يرميه بالحجر أو يحذفه بالسيف أو بالسكين فيموت منه فيكون على الاجنبي القصاص فإني لا أرى أن يقتص من الاب في شيء من هذا إلا أن يعمد الاب لقتل ابنه مثل أن يضجعه فيذبحه ذبحا أو يشق جوفه فهذا وما أشبهه مما يعلم الناس أنه إنما
____________________
(16/228)
________________________________________
أراد القتل بعينه عامدا له فهذا يقتل بابنه إذا كان هكذا وأما ما كان من غير هذا مما وصفت لك مما لو فعله غير الاب به كان فيه القصاص أو القتل فإن ذلك موضوع عن الاب وعليه فيه الدية مغلظة وأرى الجرح بمنزلة القتل ما كان من رمية أو ضربة فلا قصاص على الاب فيه ويغلظ عليه فيه الدية مثل النفس وما كان مما يتعمد مثل أن يضجعه فيدخل اصبعه في عينه أو يأخذ سكينا فيقطع أذنه أو يده فأرى أن يقتص منه وكذلك قال مالك في النفس فأرى الجد في ولد ولده بمنزلة الوالد في ولده وكذلك بلغني عن مالك في الجد وهو رأيي ( قلت ) أرأيت إذا قال لابنه يا اين الزانية فقام بحد أمه أيحد له الاب في قول مالك أم لا ( قال ) نعم يحد له لان الحد ها هنا ليس له انما الحد لأمه وإنما قام هو بحد هو لأمه قال بن القاسم وهذا إذا كانت الأم ميتة فأما إذا كانت الأم حية فليس للولد أن يقوم بذلك إلا أن توكله ( قال ) ولقد سمعت مالكا وسأله قوم عن امرأة كانت لرجل ففارقها ولها منه ولد فتزوجت رجلا فولدت له أولادا فكان بينه وبين ولده منها كلام فقال أشهدكم بأنهم ليسوا بولدي فقام اخوتهم لامهم بنو المرأة من غيره فقالوا نأخذك بحد أمنا لأنك قذفتها وقامت الام بذلك قال مالك أرى أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما أراد قذفا وما قال لهم ذلك إلا كما يقول الرجل لولده لو كنتم ولدي لأطعتموني وما أشبه هذا مما يقوله الرجل لولده فإن حلف سقط عنه الحد قال بن القاسم وأرى ان لم يحلف جلد الحد ( قلت ) أرأيت ان قذفت المرأة وهي ميتة أو غائبة فقام بحدها ولد أو ولد ولد أو أخ أو أخت أو بن أخ أو جد أو عم أو أب أيمكن هؤلاء من ذلك ( قال ) أما في الموت فنعم وأما في الغيبة فلا
في الرجل يقذف الرجل عند القاضي ( قلت ) أرأيت الرجل يقذف الرجل بين يدي القاضي وليس له عليه شاهد إلا القاضي أيحده القاضي أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقيم الحدود القاضي إذا لم يكن شاهد غيره وإذا كان معه شاهد آخر أيضا لم يقم الحد هو ولكن يرفع ذلك
____________________
(16/229)
________________________________________
إلى من هو فوقه فيقيم الحد ( قلت ) أرأيت القاضي إذا نظر إلى رجل اغتصب من رجل مالا ولم يره غيره أيحكم له عليه أم لا في قول مالك ( قال ) لا أرى أن يحكم به وإنما هو شاهد فليرفع ذلك إلى من هو فوقه ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ان مالكا سئل عما يختصم الناس فيه فيما بينهم عند القضاة ثم يقر بعضهم لبعض ثم يجحدون ولا يحضر ذلك أحد إلا القاضي أترى أن يقضي بما أقروا به ويمضي ذلك عليهم ( قال ) لان ما أقر به مما يعلمه غيره بمنزلة ما أطلع عليه من حدود الناس فلا يجوز له في إقرار بحق ولا في حد يشهد عليه وحده إلا بشهود غيره أو بشاهد يكون معه فيرفعه إلى من هو فوقه وذلك أن ناسا ذكروا عن أهل العراق انهم فرقوا بين الحدود والاقرار فقالوا ينفذ الاقرار في ولايته ولا ينفذ فيما أقروا به عنده قبل أن يلي أو يشهد عليه أحد فسئل مالك عنه فلم ير ذلك إلا واحد كله
في الرجل يقول للرجل بن الزانيين أو ينفي الولد من أمه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا بن الزانيين كم يضرب أحدا أم حدين في قول مالك ( قال ) حدا واحدا في قول مالك ( قلت ) أرأيت ان قال لست لفلانة لامه أيكون عليه الحد أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا حد عليه ( قلت ) أرأيت إذا قال الرجل لامرأته في ولدها منه لم تلدي هذا الولد مني وقالت المرأة بل قد ولدته منك ( قال ) أرى ان كان أقربه قبل ذلك كان ولده ولم يكن له أن يلاعن منه وليس بقاذف لان مالكا قال إذا قال الرجل للرجل لست لامك لم يكن عليه شيء ( قلت ) ترى أنه قد قطع نسب ابنه هذا حين قال لست لامك ( قال ) لا ليس فيه قذف ولا قطع نسب ولو كان هذا يكون في نسب ابنه قاطعا لنسب ابنه كان من قال لرجل أجنبي لست لامك قاطعا لنسبه من أبيه فلما كان في الاجنبي لا يكون قاطعا لنسبه من أبيه ولا قاذفا لامه إذا قال لست لامك فكذلك الاب في ولده ( قلت ) أرأيت ان لم يقر به قط ولم يعلم بالحمل فلما ولدته قال ليس هذا ولدك أو لم تلديه وقالت المرأة الولد ولدي ولدته على فراشك ( قال ) الولد ولده إلا ن ينتفي منه لان من أقر بالوطء في قول مالك فالولد
____________________
(16/230)
________________________________________
ولده فإن نفاه التعن فإن نكل عن اللعان كان الولد ولده ولم يجلد الحد وكان بمنزلة ما وصفت لك في الذي يقول لرجل لست لامك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا وطىء أمته وأقر بوطئها ثم أنها جاءت بولد فقال لها سيدها لم تلديه وليس هذا الولد ولدك وقالت الامة بلى قد ولدته منك وهو من وطئك إياي وأنت مقر لي بالوطء ( قال ) قال مالك من أقر بوطء أمته فجاءت بولد فالولد لازم للسيد ولا يستطيع أن ينفيه إلا أن يدعي الاستبراء قبل الحمل فأما إذا قال لم تلديه ولم يدع الاستبراء لم يلتفت إلى قوله لأن الجارية مصدقة في الولادة حين أقر السيد بالوطء لان ولده في بطنها فلما قالت هو هذا قد ولدته كان ولده لان من أقر بالوطء فالولد ولده والقول قول المرأة في الولادة إلا أن يدعي الاستبراء قبل الحمل ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة نظرت إلى رجل فقالت هذا ابني ومثله يولد لمثلها فقال صدقت هي أمي أتثبت نسبه منها في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني لا أرى أن يثبت نسبه لأنه ليس ها هنا أب يلحق به وهذا خلاف مسئلتك الاولى لان المسألة الاولى هناك أب يلحق به ووطء يثبت فيه النسب وليس ها هنا أب وإنما على ولدا لغير أب فلا تصدق ولا يثبت نسبه منها
فيمن قال لرجل يا بن الاقطع أو يا بن الاسود ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال لرجل يا بن الاقطع ووالده ليس بأقطع أتحده أم لا في قول مالك ( قال ) بلغني أن مالكا قال ان لم يكن في آبائه أقطع ضرب الحد وان كان في آبائه أقطع فلا شيء عليه ( قلت ) أرأيت ان قال له يا بن الحجام أو يا بن الخياط ( قال ) قال مالك ان كان من العرب ضرب الحد إلا أن يكون من آبائه أحد عمل ذلك العمل قال مالك فإن كان من الموالي رأيت أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما أرد به قطع نسبه ولا حد عليه وعليه التعزير ( قلت ) لم فرق في هذا بين العرب والموالي ( قال ) لانها من أعمال الموالي ( قلت ) فإن قال له يا بن الاسود ( قال ) يضرب الحد عند مالك عربيا كان أو مولى إلا أن يكون في آبائه اسود ( قلت ) أرأيت ان قال له يا بن المقعد أو يا بن الاعمى ( قال ) هذا وقوله يا بن الاقطع سواء
____________________
(16/231)
________________________________________
قال بن القاسم وسمعت مالكا وسئل عن رجل قال لرجل يا بن المطوق يعني الراية التي تجعل في الاعناق قال مالك ممن هو قالوا من الموالي فلم ير عليه الحد وكأني رأيته ذلك اليوم يرى أن لو كان من العرب لضربه الحد ولكنه لما قيل له انه من الموالي قال لا حد عليه وسكت عن العرب ( قلت ) أرأيت ان قال له يا بن الاحمر أو يا بن الازرق أو يا بن الاصهب أو يا بن الآدم وليس أبوه كذلك ( قال ) لم أسمع هذا من مالك إلا أنه ان لم يكن في آبائه أحد كذلك ضرب الحد
فيمن قال لرجل أبيض يا اسود أو يا أعور وهو صحيح ( قلت ) أرأيت رجلا نظر إلى رجل ابيض فقال له يا حبشي فقال ان كان من العرب ضرب الحد عند مالك لان الحبشة جنس ( قلت ) فإن كان من الموالي ( قال ) بلغني أن مالكا قال في الموالي كلهم من قال لبربري يا فارسي أو يا رومي أو يا قبطي أو دعاه بغير جنسه من البيض كلهم فلا حد عليه فيه أو قال له يا بربري وهو حبشي فلا حد عليه وهو قول مالك وقد أخبرتك قبل هذا بالاختلاف عن مالك في الحبشي أو قال لبربري يا حبشي لم يكن عليه شيء في رأيي ( قلت ) أرأيت ان قال رجل لرجل يا أعور وهو صحيح أو يا مقعد وهو صحيح على وجه المشاتمة ( قال ) لا يكون عليه في شيء من هذا إلا الادب لان مالكا قال من آذى مسلما أدب ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للعربي يا مولى أيحد أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للعربي يا عبد أيحد أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن قال لمولي يا عبد أيجلد الحد أم لا في قول مالك ( قال ) لا أحفظه إلا أن رأيي أن لا حد عليه ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا أبي أو با بتي ( قال ) لا شيء عليه
فيمن قال لرجل يا يهودي أو يا مجوسي أو يا نصراني ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا يهودي أو يا نصراني أو يا مجوسي أو يا عابد وثن ( قال ) لا أحفظه عن مالك وهذا أولى من ينكل وقد قال مالك فيما هو أدنى من
____________________
(16/232)
________________________________________
هذا النكال ( قلت ) أرأيت رجلا قال لرجل يا بن اليهودي أو يا بن النصراني أو يا بن المجوسي أو يا بن عابد وثن ( قال ) أرى فيه الحد إلا أن يكون كان أحد من آبائه على ما قيل له فإن كان أحد من آبائه كذلك نكل ( قلت ) أرأيت الرجل يقول للرجل يا حمار أو يا بن الحمار ( قال ) لا شيء عليه في هذا عند مالك إلا النكال ( قلت ) له فهل كان مالك يحد لكم في هذا النكال كم هو ( قال ) لا
فيمن قال جامعت فلانة في دبرها أو بين فخذيها ( قلت ) أرأيت ان قال لرجل جامعت فلانة بين فخذيها أو في أعكانها ( قال ) أخاف أن يكون هذا من وجه التعريض الذي يضرب فيه حد الفرية كاملا وإنما أراد أن يستتر بفخذيها أو بأعكانها ولم أسمع من مالك في هذا بعينه هكذا شيئا إلا أن مالكا قال لا حد عندنا إلا في نفي أو قذف أو تعريض يرى أن صاحبه أراد به قذفا فلا تعريض أشد من هذا قال بن القاسم وأرى فيه الحد وقال غيره لا حد فيه لأنه قد صرح بما رماه به وقد ترك عمر زيادا الذي قال رأيته بين فخذيها ( قلت ) أرأيت ان قال فعلت بفلانة في دبرها فقامت فطلبت حدها ( قال ) ذلك لها ( قلت ) فإن ثبت هذا على إقراره حددته حد الزاني ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
فيمن قذف فارتد عن الاسلام ( قلت ) أرأيت ان قذفت رجلا فارتد المقذوف ثم رجع إلى الاسلام فطلبني بالحد أيضربني له أم لا ( قال ) لا حد له على قاذفه قال بن القاسم فإن قذف ثم ارتد أو قذف وهو مرتد أقيم عليه الحد في حال ارتداده وان تاب أقيم عليه الحد أيضا وان قذفه أحد وهو مرتد ثم تاب فلا حد عليه وان قذفه أحد قبل أن يرتد ثم ارتد فلا حد له على من قذفه وان تاب وإنما هو بمنزلة رجل قذفه بالزنى ولم يؤخذ له بحده حتى زنى فلا حد على من قذفه
____________________
(16/233)
________________________________________
فيمن قذف ملاعنة أو ابنها ( قلت ) أرأيت من قذف ملاعنة ومعها ولد وإنما التعنت بغير ولد أيحد قاذفها في قول مالك ( قال ) نعم إذا قذف ملاعنة التعنت بولد أو بغير ولد أو كان معها ولد أو لم يكن ضرب الحد ( قلت ) أرأيت ان قال لولد الملاعنة لست لابيك أيحد القائل له هذا ( قال ) فإن قال له ذلك في مشاتمة ضرب الحد وان كان إنما يخبر خبرا فلا حد عليه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) كذلك قال مالك في المشاتمة مثل ما أخبرتك ( قلت ) أرأيت الرجل يستعير الجارية ويستودعها أو يرهنها فيطؤها أتحده أم لا ( قال ) قال مالك من ارتهن جارية فوطئها أنه يقام عليه الحد فما سألت عنه بهذه المنزلة
____________________
(16/234)
________________________________________
كتاب الرجم في كشف الشهود عن الشهادة في الزنى قال سحنون قلت لابن القاسم أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى أينبغي للقاضي أن يسألهم هل زنى بامرأة أم لا في قول مالك ( قال ) قد أخبرتك بما قال مالك في ذلك ولم أسمعه يذكر المرأة إلا أنه قال يكشفهم عن شهادتهم فإن رأى في شهادتهم ما يبطل به الشهادة أبطلها ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا عليه بالزنى وهم أربعة عدول والقاضي لا يعرف أبكر هو أم ثيب أيقبل قوله انه بكر ويجلده مائة جلدة ( قال ) نعم ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا أحفظه عن مالك ولكنه رأيي لان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل الذي أقر أبكر أنت أم ثيب
في الشهادة على الاحصان ( قلت ) فإن قام عليه شاهدان بالاحصان رجمته في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فهل تجوز شهادة النساء مع رجل في الاحصان في قول مالك ( قال ) لا تجوز لان شهادتهن في النكاح لا تجوز
____________________
(16/235)
________________________________________
في الرجل يزني وقد كان تزوج امرأة ودخل بها فأنكر مجامعتها واحصان الصغيرة والمجنونة والذميين ( قلت ) أرأيت ان تزوج امرأة وتقادم مكثه معها بعد الدخول بها فشهدوا بالزنى عليه فقال الرجل ما جامعتها منذ دخلت عليها ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي في شيء كلمته فيه انه يقال ادرؤا الحدود بالشبهات فهذا إذا لم يعلم أنه قد جامعها بولد ظهر أو بإقرار أو بأمر سمع من الزوج من الاقرار بالوطء فلا أرى أن يقام عليه الرجم وان كان قد سمع ذلك منه قبل ذلك أنه مقر بوطئها رأيت أن يقام عليه الحد ( قلت ) أرأيت ان تزوج جارية لم تبلغ المحيض فجامعها ثم زنى أترجمه في قول مالك ( قال ) قال مالك يحصنه ولا يحصنها ( قلت ) فالمجنونة تحصنه إذا جامعها في قول مالك ( قال ) نعم في رأيي لأنها زوجة والزوج لا يحصنها إذا كانت ممن لا تفيق ( قلت ) أرأيت الذميين إذا أسلما وهما زوجان ثم زنيا بعد الاسلام قبل أن يطأها أيرجمان في قول مالك أم لا ( قال ) لا يرجمان في قول مالك حتى يطأ بعد الإسلام
في الذي تجمع عليه الحدود ونفي الزاني ( قلت ) هل يجتمع الجلد والرجم في الزنى على الثيب في قول مالك ( قال ) لا يجتمع عليه والثيب حده الرجم بغير جلد والبكر حده الجلد بغير رجم بذلك مضت السنة ( قلت ) أرأيت جلد حد الزنى في البكر وجلد حد شرب الخمر وجلد حد الفرية أين يضرب في قول مالك على الظهر وحده أم على جميع الأعضاء ( قال ) بل على الظهر ولا يعرف مالك الأعضاء ( قلت ) أرأيت البكرين إذا زنيا هل ينفيان جميعا الجارية والفتى في قول مالك أم لا نفي على النساء في قول مالك وهل يفرق بينهما في النفي ينفي هذا إلى موضع وهذا إلى موضع آخر وهل يسجنان في الموضع الذي ينفيان إليه في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا نفي على النساء ولا على العبيد ولا تغريب ( قلت ) فهل يسجن الفتى في الموضع الذي ينفي إليه في قول مالك ( قال ) نعم
____________________
(16/236)
________________________________________
يسجن ولو لا أنه يسجن لذهب في البلاد ( قال ) وقال مالك لا ينفي إلا زان أو محارب ويسجنان جميعا في الموضع الذي ينفيان إليه يحبس الزاني سنة والمحارب حتى تعرف له توبة
فيما لا يحصن من النكاح وما يحصن ( قلت ) أرأيت النكاح الذي لا يقر على حال هل يكون الزوجان به محصنين في قول مالك أم لا ( قال ) كل نكاح حرام لا يقر على حال أو نكاح يكون للولي أن يفسخه أو وطء لا يحل وان كان في نكاح حلال يقر عليه مثل وطء الحائض والمعتكفة والمحرمة فهذا كله سمعت مالكا يقول في بعضه وبلغني عنه في بعضه انهما لا يكونان به محصنين ولا يكونان محصنين إلا بنكاح ليس لأحد فسخه أو إثباته ووطء بوجه ما يحل إلى أحد ويجوز ( قلت ) أرأيت ان تزوج أمة بغير اذن سيدها ودخل بها فوطئها ثم زنى أيكون هذا النكاح محصنا أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وقد بلغني من قوله أنه لا يكون محصنا ( قلت ) أرأيت المرأة الحرة أيحصنها العبد في قول مالك ( قال ) نعم إذا كانت مسلمة ( قلت ) وكذلك المجنون الذي يجامع ( قال ) نعم في رأيي
في الرجوع عن الشهادة في الزنى بعد الرجم ( قلت ) أرأيت ان شهدوا على رجل بالزنى فرجمه الامام ثم رجعوا عن شهادتهم ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن يحدوا ويضمنوا ديته في أموالهم في القذف وما تقادم فيه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا فخاصمه إلى القاضي في القذف فأراد أن يوقع عليه البينة بالقذف فمات المقذوف قبل أن يوقع البينة أيكون لورثته أن يقوموا بالحد عليه ويوقعوا البينة في قول مالك أم لا ( قال ) نعم ذلك لهم فإذا قاموا فأثبتوا القذف أقيم لهم الحد عليه ( قلت ) فإن قذف رجل رجلا فلم يقم عليه بالحد ولم يسمعوا
____________________
(16/237)
________________________________________
منه العفو فتركه سنة أو أقل أو أكثر ثم مات المقذوف فقام ورثته يطلبون قذفه أيكون لهم ذلك أم لا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ما لم يتطاول ذلك ويرى أن صاحبه قد تركه فأرى ذلك لورثته وأما إذا تطاول ذلك حتى يرى أنه قد كان تاركا له فلا أرى لورثته شيئا ولا يشبه قيام الورثة بذلك قيام المقذوف بعد طول الزمان لان المقذوف بعد طول الزمان يحلف بالله ما كان تاركا لذلك وما كان وقوفه إلا على أن يقوم بحقه ان بدا له فأرى ان تطاول ذلك من أمره حتى يموت لم أر لورثته فيه دعوى ولا يؤخذ لهم به إلا ما كان قريبا مما لا يتبين من المقذوف ترك لذلك فهذا الذي أرى أن يكون لورثته بعد موته ( قال ) ولقد سمعت مالكا وسأله قوم وأنا عنده قاعد عن رجل قتل وله أم وعصبة فماتت الام فقال مالك أرى ان ورثة الام ان أحبوا أن يقتلوا قتلوا ولم يكن للعصبة أن يعفوا دون أمرهم كما لو كانت الام باقية فجعلهم مالك في ذلك مكانها بعد موتها
في قاذف المحدود ومن زنى بعض جداته ( قلت ) أرأيت من افترى على رجل مرجوم في الزنى أو مجلود في الزنى أيحد حد الفرية أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا حد عليه ( قال ) وقال مالك في رجل قذف رجلا فقال له يا بن الزانية وفي أمهاته من جداته من قبل أمه امرأة قد زنت فقال إنما أردت جدتك لامك تلك التي زنت قال مالك إذا كان أمرا معروفا أحلف أنه ما أراد غيرها ولا حد عليه وعليه العقوبة ( قلت ) فهل ينكل في قذفه هؤلاء الزناة في قول مالك ( قال ) إذا آذى مسلما نكل
في الشهود على الزنى يرجعون أو بعضهم أو يكون بعضهم مسخوطا أو عبدا ( قلت ) أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنى فرجع واحد منهم قبل أن يقيم الامام الحد أيجلده الحد ويجلد الثلاثة معه في قول مالك أم لا يجلد إلا الراجع وحده
____________________
(16/238)
________________________________________
( قال ) نعم يجلد الراجع والثلاثة يجلدون كلهم حد الفرية ( قلت ) أرأيت ان رجع أحدهم بعد إقامة الحد ( قال ) قد أخبرتك أني لم أسمعه من مالك قال بن القاسم وأنا أرى أن يجلد الراجع وحده ولا يجلد الذين بقوا الثلاثة ( قلت ) أرأيت ان شهد أربعة على الزنى فإذا أحدهم مسخوطا أو عبدا أيحدهم القاضي كلهم ( قال ) قال لي مالك نعم يحدهم كلهم حد الفرية ( قلت ) أرأيت ان شهد عليه أربعة بالزنى أحدهم مسخوط أو عبد فلم يعلم الامام بذلك حتى أقام على المشهود عليه الحد رجما أو جلدا ثم علم بعد ذلك ( قال ) أرى أن يحد هؤلاء الشهود كلهم إذا كان أحدهم عبدا وإذا كان أحدهم مسخوطا لم يجلد أحد من الشهود والمسخوط في هذا مخالف للعبد لأنه حر وقد اجتهد الامام في تعديله وتزكيته فلا أرى عليه ولا عليهم حدا ولا يشبه العبد هؤلاء الذين رجع واحد منهم بعد إقامة الحد وقد كانوا عدولا لان الشهادة أولا قد ثبتت بعدالة وان الذين كان فيهم العبد لم تثبت لهم شهادة إنما كان ذلك خطأ من السلطان ( قلت ) أفيكون لهذا المرجوم على الامام دية أم لا ( قال ) ان كان الشهود علموا بذلك رأيت الدية عليهم وان لم يعلموا رأيت ذلك من خطأ السلطان ورأيته على عاقلته ولا يكون على العبد في الوجهين شيء
في شهادة الاعمى وخطأ الامام في الحدود ( قلت ) أرأيت الأعمى هل تجوز شهادته على الزنى في قول مالك ( قال ) لا تجوز الشهادة عند مالك في الزنى الاعلى الرؤية ( قلت ) أفيجلد هذا الاعمى ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ما أخطأ به الامام من حد هو لله أيكون في بيت المال أم على الامام في ماله أم يكون ذلك هدرا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا بلغني فيه شيء وأرى ذلك من الخطأ وتحمل العاقلة من ذلك الثلث فصاعدا وما كان دون الثلث ففي مال الامام خاصة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل بمال لرجل فحكم القاضي بشهاتهم ثم تبين أن أحد الشاهدين عبد أو ممن لا تجوز شهادته أيرد القاضي ذلك المال إلى المحكوم عليه في قول مالك ( قال ) أرى أن يحلف مع شهادة الباقي ويترك له المال
____________________
(16/239)
________________________________________
قال فإن نكل حلف الآخر ما عليه شيء ويرد المال عليه وقد بلغني عنه ما يشبهه ( قلت ) أرأيت ان كانوا شهدوا عليه بقطع يد رجل عمدا فقضى القاضي بشهادتهم فقطع يد المشهود عليه ثم تبين له ن أحد الشاهدين عبد أو ممن لا تجوز شهادته أيكون لهذا الذي اقتص منه على هذا الذي اقتص له شيء أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه فيه شيئا ( قلت ) أفيكون له على الذي اقتص له دية يده مثل ما قلت في المال ( قال ) لا وأرى هذا من خطأ الإمام ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فرجمه الامام ثم أصابوه محبوبا أيحد الامام الشهود أم لا في قول ملك ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال من قال لمجبوب يا زان لم يحد لأنه ليس عنده متاع الزنى فهؤلاء الشهود الذين ذكرت لأحد عليهم ( قلت ) فما تصنع في رجمه وديته ( قال ) أرى عليهم العقل في أموالهم مع الادب الموجع والسجن الطويل ولا يقصر في عقوبتهم
في تزكية الشهود وقد غابوا أو ماتوا ( قلت ) أرأيت الشهود إذا شهدوا على الزنى فماتوا أو غابوا أو عموا أو خرسوا ثم زكوا بعد ذلك أتقيم الحد على المشهود عليه في قول مالك وهل هذا في حقوق الناس أيضا بهذه المنزلة ( قال ) لم أسمع من مالك يحد لنا في هذا الحد وأرى أن يقيم الحد إذا زكوا وهذا إذا استأصل الشهادة لان مالكا قال ينبغي للامام ان يكشفهم عن الشهادة لعل فيها ما يدرأ به عن المشهود عليه الحد ( قال ) وقد قال مالك في الغائب في الفرية والحدود ان الشهادة على شهادة هذا الغائب جائزة فلما جوز الشهادة على الشهادة في الحدود علمنا ان شهادة هؤلاء الذين ذكرت أولا جائزة إذا زكوا بعد ما ذكرت لك من استقصاء الشهادة ( قال ) وما علمت ان مالكا فرق بين الحدود وبين الحقوق فهذا يدلك على ذلك أن الشهادة فيه على الشهادة جائزة إذا خرسوا أو عموا أو غابوا
____________________
(16/240)
________________________________________
في هيئة الرجم والصلاة على المرجوم والحفر للمرجوم ( قلت ) فهل ذكر لكم مالك أن الامام يبدأ فيرجم ثم الناس إذا كان اقرار أو حبل فإذا كانت البينة فالشهود ثم الامام ثم الناس ( قال ) لم يكن مالك يعرف هذا وقال مالك يأمر الامام برجمه وإنما الرجم حد مثل القتل والقطع يأمر الامام بذلك ( قلت ) فهل يحفر للمرجوم في قول مالك ( قال ) سئل مالك فقال ما سمعت عن أحد ممن مضى يحد فيه حدا أنه يحفر له أو لا يحفر له إلا أن الذي أرى أنه لا يحفر له ( قال ) وقال مالك ومما يدلك على ذلك الحديث قال فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة فلو كان في حفرة ما حنى عليها ولا أطلق ذلك ( قلت ) فهل يربط المرجوم في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يربط ( قلت ) فهل يحفر للمرجومة في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وما هي والرجل الاسوأ ( قلت ) لابن القاسم هل يصلي على المرجوم ويغسل ويكفن ويدفن ( قال ) قال مالك نعم إلا أن الامام لا يصلي عليه ( قال ) وقال مالك وسمعت ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في المقتول في القود لا يصلي عليه الامام ويصلي عليه أهل بيته والناس
في المرأة تقر بوطء رجل زنا ويقول الرجل تزوجتها ( قلت ) لابن القاسم أرأيت لو ان امرأة أقرت على نفسها بالزنى أنها زنت بهذا الرجل وقال الرجل تزوجتها ولا بينة بينهما وأقر بوطئها ( قال ) قال مالك وسئل عن رجل وامرأة وجدا في بيت واحد فزعم أنه تزوجها ويقران بالوطء ( قال ) قال مالك ان لم يأتيا بينة أقيم عليهما الحد فأرى مسئلتك مثل هذا
في الزاني بالصبي والصبية والمجنون ( قلت ) أرأيت الذي يزني بالصبية التي يجامع مثلها أو المجنونة أيقام عليه الحد في قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) وقال مالك في الصبية إذا كان مثلها يجامع أقيم الحد على من
____________________
(16/241)
________________________________________
زنى بها ( قال ) ولم أسمع منه في المجنونة شيئا والمجنونة عندي مثل الصبية وأشد ( قلت ) أرأيت امرأة زنت بصبي مثله يجامع إلا أنه لم يحتلم ( قال ) قال مالك ليس هو زنا ( قلت ) أرأيت المرأة تزني بالمجنون أيقام عليها الحد في قول مالك ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أفيحد قاذف المجنون في قول مالك ( قال ) نعم
في المسلم يزني بالذمية ( قلت ) أرأيت المسلم يزني بالذمية ( قال ) قال مالك يحد الرجل وترد المرأة إلى أهل دينها ( قلت ) أرأيت ان أراد أهل دينها أن يرجموها أيمنعهم مالك من ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال يردون إلى أهل دينهم فأرى أنهم يحكمون عليها بحكم دينهم ولا يمنعون لان ذلك من الوفاء لهم بذمتهم عند مالك
في الرجل يغتصب امرأة أو يزني بمجنونة أو نائمة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب امرأة أو زنى بصبية مثلها يجامع أو زنى بمجنونة أو أتى نائمة أيكون عليه الحد والصداق جميعا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الغصب ان الحد والصداق يجمعان جميعا على الرجل وأرى المجنونة التي لا تعقل والنائمة بمنزلة المغتصبة ( وقد قال ) مثل قول مالك في الحد والغرم علي بن أبي طالب وبن مسعود وسليمان بن يسار وربيعة وعطاء وقال عطاء ان كان عبدا ففي رقبته وقال ربيعة في النائمة ان على من أصابها الحد
في الرجل يرتهن الجارية فيطؤها ويدعى الجهالة ( قلت ) أرأيت الرجل يرتهن الجارية فيطؤها ويقول ظننت انها تحل لي ( قال ) قال مالك من وطىء جارية هي عنده رهن أنه يقام عليه الحد قال بن القاسم ولا يعذر في هذا أحد ادعى الجهالة ( قال ) وقال مالك في حديث التي قالت زنيت بمرعوش بدرهمين أنه لا يؤخذ به وقال مالك أرى أن يقام الحد ولا يعذر العجم بالجهالة
____________________
(16/242)
________________________________________
في هيئة جلد الحد وتجريد الرجل قال بن القاسم سئل مالك عن الجلد في الحدود هل يجلد في الأعضاء ( قال ) ما سمعت ذلك ( قال ) وما أدركت أحدا من أهل العلم يعرفه قال بن القاسم وقال مالك لا يضرب إلا في الظهر ( قال ) وقال مالك يجرد الرجل في الخدود وفي النكال ويقعد قال مالك لا يقام ولا يمد وتجلد المرأة ولا تجرد وتقعد ( قال ) وقال مالك وقد كان بعض الائمة يجعل قفة تجعل فيها المرأة فرأيت مالكا يعجبه ذلك ( قال ) مالك ولقد كانت ها هنا امرأة أخذت وقد جعلت على ظهرها قطيفة أو لبدا ( قال ) فقلت لمالك أفترى أن ينزع مثل هذا ( قال ) نعم قال بن القاسم إنما رأيته يرى أن يترك عليها ثوبها وما لا يقيها من الثياب فأما ما يمنع الضرب منها فلا يترك
في الرجل يشتري الحرة فيطؤها وهو عالم ( قلت ) لابن القاسم أرأيت رجلا اشترى حرة فوطئها وهو يعلم أنها حرة ( قال ) قال مالك من اشترى حرة وهو يعلم أنها حرة فوطئها أقيم عليه الحد إذا أقر بوطئها
في الشهود في الزنى يختلفون في المواضع ( قلت ) أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنى فشهد اثنان منهم أنه زنى بها في قرية كذا وكذا وشهد اثنان أنه زنى بها في قرية كذا وكذا ( قال ) قال مالك إذا شهدوا على الزنى فاختلفوا في المواضع أقيم على الشهود حد الفرية ولا يقام الحد على المشهود عليه حد الزنى
في الرجل يأمره الامام بإقامة حد ( قلت ) أرأيت ان دعاني امام جائر من الولاة إلى الرجم وقال أني قد قضيت عليه بالرجم أو دعاني إلى قطع يده وقال أني قد قضيت عليه بقطع يده في سرقة أو في حرابة دعاني إلى قطع يده أو رجله أو إلى قتله وأنا لا أعلم ذلك إلا بقوله ( قال ) لم أسمع
____________________
(16/243)
________________________________________
من مالك فيه شيئا وأرى لهذا الذي أمر ان علم أنهم قضوا بحق أن يطيعهم في ذلك إذا علم أنهم قد كشفوا عن الشهود وعدلوا وعلم أنهم لم يجوروا فأرى أن يطيع وان علم غير ذلك فلا يطيع ( قلت ) فإن كان الامام عدلا ممن يوصف بالعدل من الولاة أترى أن يطيعه إذا أمره ويقبل قوله ( قال ) نعم ألا ترى أن عمر بن الخطاب أو عمر بن عبد العزيز لو قال لرجل اقطع يد هذا فأنا قد قضينا عليه بالسرقة أكان يسعه أن لا يفعل وقد عرف عدالتهما ألا ترى أن علي بن أبي طالب قد كان يضرب الحدود بأمر عمر بن الخطاب يأمره فيضرب ويقيمها ويأمر أبو بكر وعمر وعثمان بالرجم فيرجم الناس ولا يكشفونهم عن البينة وإنما ذلك على الوالي فإذا كان الوالي يعدل قد عرف الناس ذلك منه مع معرفتهم بمعرفة الامام بالسنة فلا يسع الناس أن يكفوا عما أمرهم به من إقامة الحدود والكشف في البينات على الامام دون الناس ففي هذا ما يكتفي به من معرفتهم وأما من عرف جوره فإن اتضح لك أنه حكم بحق في حد الله في صواب مع البينة العالة التي قامت فافعل ولا ينبغي ابطال الحدود وينبغي أن يطيعه في ذلك ألا ترى أنك تجاهد معهم
في كشف الامام الشهود عن الشهادة في الزنى ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقال لهم القاضي صفوا الزنى فوصفه ثلاثة منهم وشهدوا على رؤيته وقال الرابع رأيته بين فخذيها ولم يشهد على الرؤية أيحدون كلهم أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يحدون كلهم ويعاقب الذي قال رأيته بين فخذيها لانه لم يشهد على الزنى ( قلت ) أرأيت ان شهد أربعة على رجل بالزنى فقال لهم القاضي صفوا الزنى فقالوا لا نريد على هذا القول أيقبل شهادتهم ( قال ) قد أخبرتك بقول مالك انه قال يكشفهم الامام فإن وجد في شهادتهم ما يدرأ به الحد درأه ( قلت ) فإن أبوا أن يكشفوا شهادتهم ( قال ) لا يقام الحد إلا بعد كشف الشهادة وذلك رأيي ( قلت ) فإن درأ الامام الحد عن المشهود عليه ها هنا حين أبوا أن يكشفوا شهادتهم ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه إنما إذا درأ الحد
____________________
(16/244)
________________________________________
عن المشهود عليه أقيم على الشهود حد الفرية
في الشهادة على الشهادة في الزنى ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على شهادة أربعة في الزنى أتقبل شهادتهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن شهد على شهادة الاربعة رجلان أو ثلاثة ( قال ) لا أرى أن تقبل شهادتهم لان الحد إنما يقام بشهادتهم فلا يقام الحد بأقل من أربعة ( قلت ) فإن شهدوا على شهادتهم وهم اثنان أو ثلاثة كما ذكرت لك أتجلدهم حد الفرية في قول مالك ( قال ) نعم أحدهم حد الفرية لانهم قذفه في رأيي ( قال ) وان شهد اثنان على اثنين واثنان على اثنين رجمته ولو شهد ثلاثة على ثلاثة واثنان على واحد رجمته لان الحد قد تم بأربعة شهود في الأمرين جميعا فلا يرجم حتى تستكمل الشهادة أربعة بأبدانهم أو شهد أربعة شهدوا على جميعهم فإن تفرقوا كما وصفت لك فلا تجوز شهادة واحد على واحد ولا ثلاثة على ثلاثة حتى يشهد على الواحد اثنان
في شهادة السماع في الزنى والحدود ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قال لرجل سمعت فلانا يشهد أنك زان أيحد في قول مالك ( قال ) قال مالك وغير واحد من أهل العلم لو أن رجلا قال لرجل ان فلانا يقول لك يا زان انه ان أقام البينة أن فلانا قال له ذلك بريء وإلا أقيم على هذا القائل الحد قال بن القاسم وأما هذا الذي يقول سمعت فلانا يشهد أنك زان فإنه يضرب الحد عندي إلا أن يقيم البينة على ما قال وذكر ( قلت ) والبينة الذين شهدوا على شهادة غيرهم ان قالوا نحن نقيم البينة على أن القوم أشهدونا ( قال ) ان أقاموا البينة أربعة سواهم على شهادة أربعة أشهد وهم سقط الحد عن الشهود الاولين ويرجم المشهود عليه أو يجلد ان كان بكرا ( قلت ) أرأيت شهادة السماع هل يجيزها مالك ( قال ) سئل مالك عن رجل سمع رجلا يقذف رجلا والمقذوف غائب أترى أن يشهد له ( قال ) نعم يشهد له إذا كان معه غيره ( قلت ) ليس هذه الشهادة على
____________________
(16/245)
________________________________________
السماع إنما الشهادة على السماع الشهادة على الشهادة يمر الرجل بالرجل فيسمعه يقول أشهد أن لفلان على فلان كذا وكذا درهما ولم يشهده ثم يحتاج إلى شهادة هذا المار الذي سمع ما سمع ولم يكونوا أشهدوه ( قال ) لا أرى أن يشهد إلا أن يكون أشهده الرجل ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) سمعت مالكا وسئل عن الرجلين يتنازعان في الامر فيقر بعضهم لبعض بشيء فيمر رجل بهما فيسمعهما يتكلمان في ذلك ولم يحضراه للشهادة ولم يشهداه أترى أن يشهد عليهما ( قال ) قال مالك لا يشهد عليهما ( قال ) فقيل لمالك فالرجلين يحضرهما الرجلان في الامر بينهما يقولان لهما لا تشهدا علينا بشيء فإنا نتقارر بأشياء فيتكلمان فيما بينهما ويقران بأشياء ثم يتفرقان ويجحد كل واحد منهما صاحبه أو أحدهما فيريدان أن يشهدا فيما بينهما أترى لهما أن يشهدا ( قال ) أرى أن لا يعجلا وان يكلماهما فإن أصرا على ذلك وجحدا رأيت أن يشهدا عليهما ( قال ) فقلت لمالك فالرجل يسمع الرجل يقذف الرجل أترى أن يشهد له ( قال ) نعم إذا كان معه غيره فهذا ما قال لنا مالك في هذا
ومما يدلك على أن مالكا لا يرى شهادة السماع التي وصفت إذا لم يشهدوه أن مالكا قال في الذي مر فسمع رجلا ينازع رجلا فيقر بعضهما لبعض بشيء ولم يحضراه لذلك ولم يشهداه انه أمره أن لا يشهد وكذلك إذا سمع رجلا يشهد على رجل فهو سواء قال بن القاسم وأنا أرى لو أن رجلا استقصى في مثل هذا سماع ما يتقار به الرجلان بينهما أو يتذاكرانه من أمرهما فشهد ذلك من أمرهما واستقصاه وان لم يشهداه فأرى أن يشهد بذلك إذا كان على مثل ما وصفت لك وإنما الذي كره من ذلك ولم يجز ما مر به الرجل من كلام الرجل فسمعه فلا يدري ما كان قبله ولا ما كان بعده وإنما بعض ذلك كله من بعض فهذا الذي كره ولا ينبغي له أن يشهد في مثل هذا ولا ينبغي للقاضي أن يجيز شهادة مثل هذا إذا شهد بها عنده ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل شهد على رجلين في حق فنسي بعض الشهادة وذكر بعضها أترى أن يشهد فقال مالك لا إذا لم يذكرها كلها فلا يشهد فهذا مما يدلك
____________________
(16/246)
________________________________________
على أن المار الذي يسمع ولم يشهداه لا يشهد لان الرجل قد يتكلم بالشيء ويكون الكلام قبله أو بعده مما لا تقوم الشهادة إلا به أو تسقط الشهادة عن المشهود عليه به وان أفرد هذا الكلام وحده كانت شهادة فهذا مما يدلك على أنه لا يجوز إلا أن يشهد على ذلك ويحضر لذلك
في اختلاف الشهادة في الزنى ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى ألا أنهم مقرون أن شهادتهم ليست على فعل واحد أيحد الشهود في قول مالك ( قال ) نعم يحدون عند مالك إذا لم يشهدوا على فعل واحد لانهم لو شهد كل واحد منهم على زنا على حدة لحدوا كلهم وإنما يقام الحد على المشهود عليه إذا شهدوا على زنا واحد
في القاذف يقذف وهو يحد ( قلت ) أرأيت الذي يقذف رجلا فلما ضرب أسواطا قذف آخر أو قذف الذي بجلده ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يضرب الحد ثمانين مبتدأ ذلك من حين يقذف ولا يعتد بما مضى من الاسواط ( قلت ) وافتراؤه عندك على هذا الذي يجلد له وافتراؤه على غيره سواء بعد ما قد ضرب أسواطا ( قال ) نعم وهو على ما وصفت لك في هذا كله ( قال ) وقال مالك ولو أن رجلا قذف رجلا بحد فضرب له ثم إذا قذفه بعد ذلك ضرب له أيضا فكذلك هذا عندي يبتدأ به
في شهادة القاذف والكتاب عليه بالقذف ( قلت ) أرأيت القاذف متى تسقط شهادته عند مالك إذا قذف أم حتى يجلد ( قال ) قال مالك في القاذف إذا عفا المقذوف عن القاذف جاز عفوه إذا لم يبلغ السلطان فإن أراد المقذوف أن يكتب عليه بذلك كتابا متى ما أراد أن يقوم عليه بذلك فذلك له ( قلت ) أفيكون العفو على أنه متى ما بدا لي قمت في حدى في قول مالك ( قال ) نعم ألا ترى أن مالكا قال يكتب بذلك كتابا أنه متى ما شاء أن يقوم به قام به وشهادته
____________________
(16/247)
________________________________________
جائزة حتى يقوم به وهو رأيي ( قلت ) فإن مات والكتاب عليه فأراد ولده أن يقوموا عليه بحد أبيهم بعده أيكون ذلك لهم في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى لهم أن يقوموا بذلك ( قال ) ويدلك على أنه لا تسقط شهادته إلا بعد الضرب ألا ترى أنه لو عفا عنه ولم يضربه وكان القاذف رجلا صالحا كانت شهادته جائزة وإنما ترد شهادته لو ضرب الحد فذلك الذي لا تقبل شهادته حتى يحدث توبة وخيرا مثل ما وصفت لك من قول مالك
جامع اجتماع الحدود وكيف يضرب ( قلت ) لابن القاسم أي الحدود أشد ضربا في قول مالك الزاني أم الشارب أم حد الفرية ( قال ) قال مالك ضربهم كلهم سواء ( قال ) وقال مالك ويضرب في هذا كله ضربا غير مبرح ضربا بين الضربين ليس بالموجع ولا بالخفيف ( قال ) وقال مالك إذا قذف وسكر أو شرب الخمر ولم يسكر جلد الحد حدا واحدا وان كان قد سكر جلد حدا واحدا لأن السكر حده حد الفرية لانه إذا سكر افترى فحد الفرية يجزئه منها ألا ترى أنه لو افترى ثم افترى وضرب حدا واحدا كان هذا الحد لجميع تلك الفرية وكذلك السكر والفرية إذا اجتمعا دخل حد السكر في الفرية والخمر يدخل في حد السكر ألا ترى أنه لا يسكر منها حتى يشربها فلما كان حد السكر داخلا في حد الفرية علمنا أن حد الخمر أيضا داخل في حد السكر لأنه لا يسكر منها إلا بعد أن يشربها ( قال ) قال مالك وان اجتمع عليه حد الزنى وحد الفرية أقيم عليه حد الزنى وحد الفرية جميعا ( قال ) وان اجتمع عليه جلد حد الزنى وحد الخمر أقيما عليه جميعا ( قلت ) أيتابع الامام بين الحدين أم يحبسه بعد ضرب حد الزنى حتى إذا خف من ضربه ذلك ضربه حد الفرية ( قال ) قد أخبرتك أن ذلك إلى الامام عند مالك يرى في ذلك رأيه ويجتهد ان رأى أن يجمعهما عليه جمعهما وان رأى أن لا يجمعهما عليه ورأى أن يفرقهما فذلك إليه وإنما هذا على اجتهاد الامام لان مالكا قال في المريض الذي يخاف عليه ان أقيم عليه الحد أنه يؤخر حتى يبرأ من مرضه فهذا إذا ضرب أول الحدين
____________________
(16/248)
________________________________________
ان كان يخاف عليه ان ضرب الحد الثاني أن يموت أخره الامام ولم يضربه وكذلك ذكر مالك في الذي يخاف عليه من البرد ان هو أقيم عليه الحد فإنه يؤخره ولا يضرب ويسجن وإنما قال في البرد في القطع وليس في الضرب ( قال ) والضرب عندي بمنزلة القطع في البرد ان خيف عليه والحر عندي بمنزلة البرد في ذلك كله ( قلت ) ويضرب حد الزنى عند مالك قبل ضرب حد الفرية إذا اجتمعا على الرجل جميعا لان حد الزنى لا عفو فيه على حال وحد الفرية فيه العفو قبل أن ينتهي به صاحبه إلى الامام ( قال ) أحب ذلك إلي أن يبدؤا بحد الزنى ( قال ) ولم أسمع من مالك فيه شيئا لان حد الفرية قد جاء فيه بعض الاختلاف ان العفو فيه جائز وإن انتهى إلى الامام وقد كان مالك يقوله مرة ثم نزع عن ذلك ( قلت ) أرأيت حد الفرية إذا عفا فيه المقذوف فقام عليه رجل من الناس فأقام البينة عند الامام أنه قد قذف فلانا اتحده في قول مالك ( قال ) لا
في القذف يقوم به أجنبي ( قلت ) أرأيت ان قذف رجل رجلا والمقذوف غائب فقام أجنبي من الناس يطلب أن يأخذ للغائب بالقذف ورفعه إلى الامام أيضربه الامام الحد في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا ولا يمكن من ذلك ( قلت ) لم أليس هذا حدا من حدود الله وقد بلغ الامام ( قال ) هذا حد للناس لا يقوم به عند الامام إلا صاحبه
في هيئة ضرب الحدود ( قلت ) أرأيت الضرب في الحدود والتعزيز هل يرفع يده أو يضم عضده إلى جنبه في قول مالك ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا قال ضربا غير مبرح ولا أدري ما رفع اليد ولا ضم العضد إلى جنبه ولم أسمع من مالك فيه شيئا ( قلت ) فهل يجزئ القضيب أو الدرة أو الشراك أو نحو ذلك مكان السوط في قول مالك ( قال ) لم أسمع مالكا يقول في الحدود إلا السوط ( قلت ) فدرة عمر بن الخطاب ( قال ) إنما كان
____________________
(16/249)
________________________________________
يؤدب بها الناس فإذا وقعت الحدود قرب السوط
في الحامل يجب عليها الحد ( قلت ) أرأيت البكر الحامل من الزنى اتحدها وهي حامل أم تؤخر حتى تضع حملها في قول مالك ( قال ) يؤخرها حتى تضع حملها عند مالك ( قلت ) فإذا وضعت أتضربها أم حتى يجف دمها وتتعالى من نفاسها في قول مالك ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا قال في المريض إذا خاف عليه أن لا يعجل عليه ويؤخر ويسجن فأرى النفاس مرضا من الامراض وأرى أن لا يعجل عليها ( قلت ) أرأيت إذا كان حدها الرجم وهي حامل ( قال ) قال مالك تمهل حتى تضع ما في بطنها ( قلت ) فإذا وضعت ما في بطنها ( قال ) فإن أصابوا للصبي من يرضعه أقيم عليها الحد ولم تؤخر وان لم يصيبوا للصبي من يرضعه لم يعجل عليها حتى ترضع ولدها ألا ترى أنهم إن لم يصيبوا للصبي من يرضعه أنهم ان رجموها وتركوا الصبي مات فتكون قد كففت عنها وهي حامل لمكان الصبي وقد قتلته بعد الولادة بتركك إياه بلا رضاع ( قلت ) أرأيت امرأة زنت فقالت أنا حبلى أيعجل عليها بالرجم أو بالجلد أم لا في قول مالك وكيف ان كان الشهود بالزنى أربعة عدول شهدوا أنهم رأوها تزني منذ شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر فقالت أنا حبلى فلا تعجلوا علي ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن ينظر إليها النساء فإن كانت على ما قالت لم يعجل عليها وإلا أقيم عليها الحد
في المرأة يشهد عليها بالزنى فتقول أنا عذراء أو رتقاء ( قلت ) أرأيت المرأة إذا شهد عليها بالزنى أربعة عدول فقالت أنا عذراء أو رتقاء أتريها للنساء في قول مالك أم لا وكيف ان نظر إليها النساء فقلن هي عذراء أو رتقاء ( قال ) يقام عليها الحد ولا يلتفت إلى قولهن لان الحد قد وجب ( قال ) وقد قال مالك في الجارية البكر يتزوجها الرجل فتقول قد مسني ويقول لم أمسها ويشهد النساء أنها
____________________
(16/250)
________________________________________
بكر قال مالك إذا أرخيت عليهما الستور صدقت عليه ولا يكشف الحرائر عن مثل هذا ولا تورى الحرة في مثل هذا ( قلت ) ولا يرى مالك أن يدفع حدا قد وجب بشهادة النساء إذا كان ذلك الشيء مما تجوز شهادة النساء فيه وهن لم يشهدن على أحد إنما شهدن على أنها رتقاء أو بكر وهذا مما لا يشهد عليه إلا النساء وهل يشهد ها هنا غيرهن فكيف يقيم الحد وشهادة النساء ها هنا فيما تجوز شهادتهن فيه تبطل الحد ( قال ) لا أعرف أن شهادتهن تجوز ها هنا
في المرأة يشهد عليها بالزنى فتدعي الحمل وزوجها غائب أو تزني وهي حامل وفي نفي الولد بلا لعان ولا استبراء ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على امرأة بالزنى فقالوا نشهد أنها زنت منذ أربعة أشهر فقالت أنا حامل وشهد النساء أنها حامل فأخرها الامام حتى وضعت ما في بطنها ثم رجمها فقدم زوجها فانتفي من ولدها أيكون ذلك له أم لا في قول مالك ( قال ) ان كانت هي قد قالت قبل أن ترجم ان الولد ليس لزوجي صدق الزوج عند مالك ودفع الولد عن نفسه بلا لعان إذا قالت المرأة قد كان استبرأني قبل أن أحمل هذا الحمل وإنما هذا الحمل من غيره لانه كف عني وحضت حيضا وادعى الزوج مثل ما قالت المرأة فهذا الولد يدفعه الزوج عن نفسه بلا لعان وان لم تقل المرأة قبل موتها ما ذكرت لك من الاستبراء وادعى الزوج الاستبراء أو نفاه فلا بد للزوج من اللعان لينفي به الولد عن نفسه ولا ينفيه ها هنا إلا باللعان لان مالكا سئل عن الرجل يتزوج المرأة فيظهر بها حمل قبل أن يدخل فيقول الزوج ليس مني وتصدقه المرأة أنها زنت وأنه لم يطأها ( قال ) قال مالك لا لسان بينهما ولا يلحق به الولد ويقام عليها الحد قال بن القاسم وان كانت بكرا جلدت الحد وكانت امرأته ولم يكن الولد ولده وهي امرأته ان شاء طلق وان شاء أمسك ( قلت ) أرأيت ان قدم الزوج في مسئلتي التي سألتك عنها وقد رجمت المرأة ولم تقل شيئا فقال الزوج ليس الولد ولدي ولم يدع الاستبراء ( قال ) يلتعن وينفي الولد ( قلت ) أو ليس من قول مالك ان من لم يدع الاستبراء فنفي
____________________
(16/251)
________________________________________
الولد ضرب الحد وألحق به الولد ( قال ) لا ولكن قال لي مالك إذا رأى الرجل امرأته تزني وان كان في ذلك يطؤها لا عن ونفي الولد عنه ولم يضره ما أقربه من الوطء قبل ذلك إلا أن يطأ بعد لرؤية فإنه إن وطىء بعد لرؤية أكذب قوله وجلد الحد وألحق به الولد ( قلت ) فإن كانت حاملا من زوجها فكانت في تسعة أشهر ثم زنت فقال رأيتها تزني اليوم وما جامعتها منذ رأيتها تزني ( قال ) يلتعن ويلحق به الولد إذا كان حبلها بينا مشهودا عليه أو مقرى به قبل ذلك لانه لا ينتفي من الحمل وإنما رآها تزني اليوم فقد صار ان لم يلتعن قاذفا لها وألحق به الولد فهذا الذي أخبرني عنه غير واحد من أصحابه ممن أثق به
في العبد تجب عليه الحدود ويشتعل ثم يعلم أنه قد كان عتق قبل ذلك ( قلت ) أرأيت ان أعتقت عبدي ولم يعلم بعتقي إياه وكنت عنه غائبا أو حاضرا إذا شهدت الشهود على عتقه فزني أيقام عليه حد الحر أم حد العبد ( قال ) قال مالك يقام عليه حد الحر ولا يلتفت في ذلك إلى معرفة العبد ( قلت ) وكذلك ان شرب الخمر أو افترى أقيم عليه حد الحر ( قال ) نعم ( قلت ) وحد العبد في الخمر والمسكر والفرية أربعون جلدة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن افتري عليه رجل وهو لا يعلم بعتق سيده إياه ( قال ) قال مالك يضرب قاذفه الحد ( قلت ) وكذلك القصاص له وعليه ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت شهادة النساء على عتق هذا العبد أتجوز ( قال ) قال مالك لا تجوز شهادة النساء في العتق ( قلت ) فهل تجوز شهادة النساء في الأنساب ( قال ) سألت مالكا عن ذلك فقال لا تجوز شهادة النساء في الأنساب ( قلت ) أرأيت إذا شهد الشهود ان هذا الرجل قد أعتق عبده هذا منذ سنة وكان الشاهدان غائبين وقد قذفه رجل والسيد ينكر عتقه ( قال ) تجوز شهادتهم ويجلد قاذفه لان عتق العبد قد كان منذ سنة وبذلك شهدت البينة ( قلت ) أو ليس إنما يعتقه الساعة ( قال ) إنما أحول بين السيد وبينه الساعة وأجعل عتقه يوم أعتقه
____________________
(16/252)
________________________________________
سيده ( قلت ) فإن كان قد طلق امرأته تطليقتين جعلت له عليها تطليقة أخرى إذا كان طلاقه إياها من بعد العتق ( قال ) نعم إلا في كسبه وحده فإنه إن كان عمل للسيد بعد العتق أو خارج له أو كاتبه فأخذ السيد منه مالا ثم قامت البينة أنه أعتقه منذ سنة كان للسيد ما أخذ قبل ذلك إذا كان السيد منكرا للعتق وسقط عنه ما بقي عليه من يوم يقضي له بالعتق ( قلت ) ولم جعل مالك كسبه هكذا ولم يجعل ما سوى ذلك بمنزلة كسبه ( قال ) سئل مالك عنها فقال في كسبه مثل ما قلت لك لان كسبه بمنزلة خدمته ولو لم يجعل كسبه كما أخبرتك لجعل له أن يرجع على سيده بخدمته ( قلت ) أرأيت الذمي يقتل الذمي أيقتل به في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان جرحه أو قطع يده أو رجله أيقتص له في قول مالك ( قال ) قال مالك ما تظالم به أهل الذمة بينهم أخذ ذلك من بعضهم لبعض ( قلت ) ولا يقبل في ذلك شهادة أحد من أهل الكفر ( قال ) نعم لا تقبل شهادة أحد من أهل الكفر ( قلت ) أرأيت النصراني يسرق من النصراني أو من المسلم فتقوم عليه بينة من المسلمين ( قال ) قال مالك يقطع
في الرجل يفضي امرأته أو أمته أو يغتصب حرة أو يزني بها فيفضيها ( قلت ) أرأيت الرجل يأتي امرأته فيفضيها ماذا عليه ( قال ) قال مالك في الرجل يدخل بامرأته البكر فيقتضها ومثلها يوطأ فتموت من جماعه قال إذا علم أنها ماتت من جماعة كانت عليه الدية تحملها العاقلة ( قال ) فأرى في مسئلتك أن يكون على الزوج الذي أفضاها ما شأنها به ( قال ) وقد جعل بعض الفقهاء فيها ثلث الدية والذين جعلوا فيها ثلث الدية إنما جعلوها بمنزلة الجائفة ( قلت ) أفتحملها العاقلة في قول مالك ( قال ) من رأى أن في ذلك ثلث الدية حملتها على العاقلة وأنا أرى في ذلك الاجتهاد فإن بلغ الاجتهاد في ذلك ثلث الدية فصاعدا حملتها العاقلة ( قلت ) أرأيت ان كان قد زنى بها فأفضاها واغتصبها فأفضاها ( قال ) أما التي أمكنته من نفسها فلا شيء لها
____________________
(16/253)
________________________________________
وأما التي اغتصبت فعليه صداقها وما شانها به ( قلت ) أرأيت رجلا جامع أمته فأفضاها أتعتق عليه ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يضرب عبده على وجه الأدب فيفقأ عينه أيعتق عليه ( قال ) قال مالك لا يعتق عليه فمسألتك مثل هذا وإنما يعتق على سيده ما كان على وجه العمد ( قلت ) أو ليس قول مالك فيمن أفضى زوجته أنه ان شاء أمسك وان شاء طلق ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما كنا نشك أنها زوجة من الأزواج ان شاء طلق وإن شاء أمسك ( قلت ) أرأيت الرجل يأتي المرأة في دبرها زنا ولم يجامعها في فرجها ( قال ) قال مالك هو وطء يغتسل منه قال عبد الرحمن بن القاسم وأرى فيه الحد قال الله تبارك وتعالى أنكم لتأتون الفاحشة قال فقد جعله الله وطأ وقال الله تعالى انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء وقال تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم وقال تعالى واللذان يأتيانها منكم فجعله ها هنا فاحشة وها هنا فاحشة فأراه قد سمي هذا كما سمى هذا ( قلت ) أرأيت ان جامعها فأفضاها وهي مغتصبة أيكون عليه مع الصداق ما أفضاها يدخل بعض ذلك في بعض في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا أفضاها وقد اغتصبها فعليه الصداق وعليه ما يجب عليه في الافضاء مع الصداق ولا يدخل بعض ذلك في بعض لان مالكا قال في رجل أوضح رجلا فسقطت عينه من ذلك ان عليه ما عليه في الموضحة وعليه دية العين فلا يدخل بعض ذلك في بعض وكذلك الافضاء
فيمن قذف صبية لم تحض ( قلت ) أرأيت لو أن صبية لم تحض ومثلها يجامع وأمكنت نفسها من رجل فجامعها حراما فأقمت الحد على الرجل ثم ان الجارية حاضت فقذفها رجل بعد ما حاضت أيجلد قاذفها أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يجلد قاذفها لان الفعل الذي فعلته في الصبا لم يكن بزنا ( قلت ) أرأيت ان قذف صبية مثلها يجامع إلا أنها لم تحض فقذفها رجل بالزنى ( قال ) قال مالك إذا كان مثلها يجامع فعلى قاذفها الحد وان لم تحض ( قلت ) فإن كان غلاما قد بلغ الجماع إلا أنه لم يحتلم فقذفه رجل أيقام على قادفه الحد في قول مالك
____________________
(16/254)
________________________________________
( قال ) ليس عليه الحد
في المولى يجامع فيما دون الفرج ( قلت ) أرأيت الرجل يولى من امرأته فيجامعها في دبرها أو فيما دون الفرج أيحنث أم لا ( قال ) أما من جامع في الدبر فقد حنث لان مالكا جعله جماعا وإذا حنث وجبت الكفارة وسقط الايلاء وأما من جامع فيما دون الفرج فإن مالكا سئل عن رجل حلف أن لا يطأ جاريته شهرا أيجامعها فيما دون الفرج فسئل مالك عنها وأنا بالمدينة فقال له ان كانت لك نية أنك أردت الفرج بعينه فلا أرى عليك شيئا وإلا فإني أراك حانثا لان الرجل إذا حلف على هذا إنما وجه ما يحلف عليه أن يجتنبها فإن كانت له نية فهو ما نوى وإلا فهو حانث ( قال ) وبلغني عن مالك أنه قال في رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يجامعها شهرين أو ثلاثة فجامعها فيما دون الفرج أتراه قد حنث فقال له مالك كما فسرت لك عنه في الجارية التي سمعت منه ( قلت ) أرأيت هذا الذي جامع فيما دون الفرج وقد كان آلى ولم يكن له نية حين آلى فأوجبت عليه الكفارة في قول مالك أيسقط عنه الايلاء أم لا قال بن القاسم نعم ان كفر سقط عنه الايلاء
ومما يبين ذلك أنه لو كفر قبل أن يطأ لسقط عنه الايلاء فكيف إذا كفر للإيلاء ( قلت ) فلو أن رجلا آلى من امرأته ثم كفر ولم يجامع أيسقط عنه الايلاء أم لا في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عنها فقال لي نعم ( قال ) وقال مالك ولكن الصواب من ذلك أن لا يكفر حتى يجامع فإن كفر قبل الجماع أجزأه وسقط عنه الايلاء ( قلت ) أرأيت هذا الذي جامع في دبرها أيسقط عنه الايلاء وهو لم يكفر أم لا ( قال ) نعم لان هذا جماع عند مالك لا شك إلا أن يكون نوى الفرج بعينه حين حلف فلا تكون عليه كفارة في الدبر وهو مول بحاله
في إقامة الحدود على أهل الكفر ( قلت ) أرأيت الكافرين إذا زنيا أيقيم عليهما مالك الحد حد الزنى ( قال ) لا وأرى
____________________
(16/255)
________________________________________
أن يردهما إلى أهل دينهما وينكلهما الامام إذا أعلنا بذلك ( قال ) وقال مالك إذا وجد الامام أهل الكتاب سكارى أو على زنا تركوا إلا أن يظهروا ذلك فيعاقبوا
في الشهود على الزنى يقولون أثبتنا النظر وتعمدنا ذلك والمشهود عليه يزعم أن الشهود عبيد ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقالوا تعمدنا النظر إليهما لتثبيت الشهادة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ثم قال وكيف يشهد الشهود إلا هكذا ( قلت ) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقال المشهود عليه هم عبيد وقال الشهود بل نحن أحرار على من البينة أنهم أحرار ( قال ) قال مالك وسئل عن رجل قذف رجلا فقال له يا زان أو يا بن الزانية فقال القاذف لا تعجل علي لعله عبد فسأله البينة على أنه حر أو أمه حرة والرجل المقذوف لا يعرف ولا تعرف أمه ( قال ) قال مالك يضرب القاذف الحد ولا يلتفت إلى قوله إلا أن تكون له بينة ثم قال لي ومن يعرف البصري أو الشامي أو الافريقي ها هنا بالمدينة ( قال ) قال مالك والظالم أحق أن يحمل عليه وكذلك مسألتك في الزنى ( قلت ) وأصل الناس عند مالك في الشهادات كلها أحرار إلا أن يقيم المشهود عليه البينة أنهم عبيد ( قال ) نعم أصلهم أحرار فيما قال لي مالك في الزنى إلا أن يدعي مدع أنهم عبيد فعليه أن يقيم البينة أنهم عبيد إذا ادعى الشهود أنهم أحرار ( قال ) والناس أصلهم أحرار في كل شيء فإن ادعى القاذف أمرا قريبا من بينته ان المقذوف عبد أو أمه أمة لم يعجل عليه وان ادعى بينة بعيدة جلد الحد ولم يلتفت إلى قوله فإن أقام بعد الضرب البينة سقط عنه الجرحة وجازت شهادته ( قلت ) ولا يكون للمضروب من أرش الضرب شيء ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له في الارش شيئا
في القاضي يتعمد الجور أو يخطئ في القضية ( قلت ) أرأيت القاضي إذا قطع أو رجم وقطع الايدي وضرب الرجال فقال بعد
____________________
(16/256)
________________________________________
ذلك حكمت بالجور ( قال ) قال مالك ما تعمد الامام من جور فجار به على الناس انه يقاد منه ( قال ) وقال مالك أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب من أنفسهما ( قلت ) أرأيت القاضي إذا قضى بقضية فتبين للقاضي أنه قد أخطأ فيها أترى أن يردها أم لا ( قال ) قال مالك نعم يردها وينقض قضيته تلك ويبتدئ النظر فيها قال مالك وقد فعل ذلك عمربن عبد العزيز ( قال ) فقيل لمالك فلو ولي غيره بعده القضاء أيردها أم لا يردها قال مالك أما ما اختلف الناس فيه فلا ينقضه وأما ما كان من جور بين أو خطأ بين لم يختلف الناس في خطئه فإنه يرده ولا يمضيه
في السيد يقيم على عبيده الحدود والقصاص والامام يشهد على الحدود ( قلت ) أرأيت الحر هل يقيم على مملوكه حد الزنى والقذف والسرقة وشرب الخمر ( قال ) قال مالك نعم يقيم ذلك كله عليهم إلا السرقة فإن السرقة لا يثبتها على العبد إلا الوالي ولا يقيم سيده عليه حد الزنى حتى يشهد على زنا العبد أربعة سواه ( قلت ) فإن كان مع السيد ثلاثة شهدوا على العبد والسيد رابعهم عاينوا ذلك أيقيم عليه السيد حد الزنى في قول مالك ( قال ) لا يقيم عليه حد الزنى سيده إلا أن يرفع ذلك إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يقيم الحدود ويكون السيد ها هنا شاهدا ( قال ) وقال مالك في الامام إذا شهد على حد من الحدود فكانت الشهادة لا تتم إلا بشهادة الامام لم يقم الامام ذلك الحد ولكن يرفع ذلك إلى الوالي الذي هو فوقه حتى يقيم ذلك عليه فيكون هو شاهدا ( قال ) وقال مالك في العبد إذا سرق وسيده شاهد عليه مع رجل آخر ( قال ) إذا كان عدلين قطع الامام يده ولا يقطعه سيده دون أن يأتي الامام فالزنى عندي أيضا بمنزلة الوالي في القطع ( قال ) وقال مالك في الرجل تزني جاريته ولها زوج أنه لا يقيم عليها الحد وان شهد على ذلك أربعة سواه حتى يرفع ذلك إلى السلطان ( قلت ) أرأيت السيد إذا شهدت عنده الشهود على عبده بالسرقة فأقام الحد على عبده أيكون عليه شيء أم لا ( قال ) لا ينبغي له أن يفعل فإن
____________________
(16/257)
________________________________________
فعل وكانت البينة عادلة وأصاب وجه القطع فأرى أن يعاقب على ذلك ( قلت ) أرأيت الامام إذا شهد على حد من الحدود أيرفع ذلك إلى قاض تحته فيقضي بشهادته أم لا ( قال ) سمعت مالكا يقول يرفع ذلك إلى من هو فوقه ان كان فوقه أحد وأنا أرى ان لم يكن فوقه أحد أن يرفعه إلى القاضي ( قلت ) أرأيت القصاص في العمد أيقيمه السيد على عبده في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقيم السيد على عبده القصاص ولكن يرفعه إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يقتص وذلك إني سألت مالكا عن العبدين يكونان لرجل فيقطع أحدهما يد صاحبه أللسيد ان يقطع يد الآخر الجاني أم ليس له ذلك وهما له جميعا ( قال ) قال مالك ذلك له ان يأخذ من عبده لعبده ولكن لا يقتص هو دون السلطان ولكن يرفع ذلك إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يأخذ لعبده من عبده ولا يقتص هو دون السلطان وان كانا له جميعا قال بن القاسم وذلك ان ناسا قالوا إذا كان العبدان له فإنه إنما يجرح ماله لماله فليس فيما بين العبدين إذا كان سيدهما واحدا قصاص فأبى مالك ذلك وقال ما أخبرتك
في الشهود وما يجرحون به ( قلت ) أرأيت لو أن قوما شهدوا عند القاضي على رجل بحد من الحدود أو بحق للناس فأقام المشهود عليه البينة أن هؤلاء الشهود يلعبون بالشطرنج ما قول مالك فيه ( قال ) قال مالك أما المدمن على لعب الشطرنج فلا أرى أن تقبل شهادته ( قلت ) ويمكن المشهود عليه من إقامة البينة على الشهود أنهم يلعبون بالشطرنج في قول مالك ( قال ) إذا قال أنا أجرحهم أمكن من ذلك فإذا أمكن من ذلك فإن أقام البينة عليه بشيء انه فيه مما لو شهد به عند القاضي ابتداء فعلمه القاضي منه أبطل به شهادته فإن هذا المشهود عليه ان جرحه بذلك بطلت شهادته ( قلت ) فلو أن رجلا شهد على رجل وهو آكل ربا أو شارب خمر أو أنه يلعب بالحمام أيبطل مالك شهادته ( قال ) نعم إذا كان يقامر بالحمامات فشهادته باطل والذي يعصر الخمر ويبيعها وان كان لا يشربها شهادته
____________________
(16/258)
________________________________________
لا تجوز ( قلت ) أرأيت لو أراد أن يجرحهم وادعى أن الذي يريد أن يجرح الشهود بمعرفتهم هم غيب بموضع بعيد ( قال ) لا ينظر في قوله لان حق هؤلاء قد وجب وإنما يتلوم له القاضي في التجريح بقدر ما يرى فإن جرحهم وإلا أمضى الحكم
ما جاء في تجريح بعض الشهود على الزنى ( قلت ) أرأيت ان جرح واحدا من الشهود وقد شهدوا عليه بالزنى وهم أربعة أيحد جميعهم حد الفرية في قول مالك قال نعم في رأيي لان مالكا قال إذا كان أحدهم مسخوطا جلد وحد الثلاثة معه
في المشهود عليه بالزنى يقذف الشهود ( قلت ) أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقذفهم بالزنى المشهود عليه فطلبوا حدودهم قبله حد الفرية أتقيم عليه حد الفرية في قول مالك وتقيم عليه حد الزنى بشهادتهم أم تقيم حد الفرية وتجعلهم خصماء وتبطل شهادتهم عنه في الزنى ( قال ) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن لا أرى أن تبطل شهادتهم وأرى أن يقام بشهادتهم حد الزنى ويضرب لهم حد الفرية
في كتاب القاضي إلى قاض في الشهادة على الحدود والحقوق وتعتد كتب القضاة ان ماتوا أو عزلوا وما انكسر من طوابع الكتب ( قلت ) أرأيت القاضي إذا كتب إلى قاض بشهادة شهود شهدوا عنده وعدلوا فشهدوا على فلان بن فلان بحق أو بحد أو قصاص أو غير ذلك أيقبل هذا القاضي الذي جاءه الكتاب البينة الذين في الكتاب على هذا الرجل المشهود عليه ويقيم عليه تلك الأشياء ويقضي بها عليه في قول مالك ( قال ) قال مالك وسمعناه يقول في القاضي يكتب بالكتاب إلى قاض آخر فيه الشهود على ما يقضي به وكتب بعدالة
____________________
(16/259)
________________________________________
الشهود ان القاضي الذي جاءه الكتاب يقضي به وينفذه ولم يفسر لنا مالك حدا ولا قصاصا ولا حقا ولا غير ذلك وما شككنا أن ذلك كله سواء ( قال ) وقال مالك فإن عزل القاضي الذي كتب بالكتاب إليه أو مات فولى غيره في موضعه ( قال ) ان هذا الذي ولى بعده ينبغي له أن ينفذ ما فيه وان كان الذي كتب به قد عزل أو مات فإنه ينبغي للقاضي الذي جاءه الكتاب أن ينفذ ذلك ولا ينظر في عزل الذي كتب إليه ولا في موته ( قلت ) أرأيت كتاب القاضي إلى القاضي أيجوز عند مالك بغير خاتم القاضي إذا شهد الشهود على الكتاب أنه كتاب القاضي ( قال ) ما أقوم على حفظ قول مالك الساعة ولكن ان شهدوا على الكتاب بعينه وان انكسر الطابع وان لم يكن طبعه القاضي الذي كتب به فإنه جائز إذا شهدوا على ما فيه لان مالكا قال في الطابع إذا لم يشهد الشهود على ما في كتاب القاضي فلا يلتفت إلى الطابع
فيمن تجوز له اقامة الحدود في القتل من الولاة قلت فهل يقيم الحدود في القتل وإلى بعض المياه ( قال ) قال مالك يجلب إلى بعض الامصار ( قلت ) فمصر كلها لا يقام القتل فيها إلا بالفسطاط ( قال ) نعم أو يكتب إلى وإلى الفسطاط فيكتب إليه يأمره بإقامة ذلك تم كتاب الرجم من المدونة الكبرى ويليه كتاب الأشربة بسم الله الرحمن الرحيم
____________________
(16/260)
________________________________________
كتاب الأشربة ( قلت ) لابن القاسم هل كان مالك يكره المسكر من النبيذ ( قال ) قال مالك كل ما أسكر من الأشربة كلها فهو خمر يضرب صاحبه فيه ثمانين وفي رائحته إذا شهد عليه بها أنها رائحة مسكر نبيذا كان أو غيره فإنه يضرب فيه ثمانين ( قلت ) من حنطة كان هذا النبيذ أو من شعير ( قال ) نعم السكركة وغيرها فإنها عنده خمر إذا كانت تسكر ( قلت ) أرأيت عكر المسكر أيجعل في شيء من الأشربة أو من الأطعمة في قول مالك ( قال ) سألت مالكا عن دردي النبيذ المسكر فقال مالك لا يحل أن يجعل في شراب يضريه فكذلك الطعام عندي لا يجعل فيه ( قلت ) أرأيت النبيذ إذا انتبذته أيصلح لي أن أجعل فيه العجين أو الدقيق أو السويق أو ما أشبهه ليشتد به النبيذ قليلا أو يتعجل به النبيذ ( قال ) سألنا مالكا عنه فأرخص فيه وقال لا أرى به بأسا فسألناه بعد فنهى عنه ( قال ) وقال لي مالك وقد قال لي أهل المغرب ان ترابا عندهم يجعلونه في العسل وان هذه أشياء يريدون بها إجازة الحرام فكرهه قال بن القاسم ولا أرى أنه به بأسا ما لم يسكر ( قلت ) أرأيت البسر والتمر أو الرطب والتمر أو الزبيب والتمر أيجمعان في النبيذ جميعا في قول مالك ( قال ) قال لي مالك لا ينبذان جميعا وان نبذا مختلفين شربا حلالا ولا أحب أن يخلطا في أناء واحد ثم يشربا لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ البسر والتمر جميعا أو يشرب الزهر والتمر جميعا
____________________
(16/261)
________________________________________
( قال ) فهذه الأشياء كلها لا يجمع منها شيئان في الانتباذ ولا يجمع منها شيئان في اناء واحد فيخلطان فيشربان جميعا وان كانا حلالين كلاهما لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه ( قلت ) وكذلك الحنطة والشعير لا يجمعان في الانتباذ ولا في الشرب ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت أن مزج نبيذه بالماء أيكون هذا قد جمع شيئين في إناء واحد ( قال ) لا لأن الماء ليس بنبيذ وإنما يكره أن يخلط به كل ما كان نبيذا أو شرابا ينبذ منه وان لم يكن نبيذا وإنما النبيذ من غير الماء وبالماء يكون ولا بأس بالماء أن يخلطه بشرابه فيشربه ( قلت ) أرأيت ان خلط العسل بنبيذه أيصلح أن يشربه في قول مالك ( قال ) لا يصلح أن يشربه ( قال ) وهذا لان العسل هو نبيذ وهو شراب قبل أن ينبذ وليس هو بمنزلة الماء لأن الماء لا ينبذ كما ينبذ العسل وقد وصفت لك ذلك ( قلت ) أفيؤكل الخبز بالنبيذ ( قال ) نعم لا بأس بذلك لان الخبز ليس بشراب ( قلت ) أفيخلط في نبذه الخبز ويدعه يوما أو يومين فيشربه قبل أن يسكر ( قال ) قد أخبرتك عن الجذيذة وما أشبهها ان مالكا كرهه في قوله الآخر فهذا أشبه ما وصفت لك من قوله في الجذيذة في أول قوله وآخر قوله ( قلت ) لم كره مالك أن يجمع بين الزبيب والتمر أو التمر والرطب أو الرطب والبسر في الانتباذ ( قال ) للاثر الذي جاء ( قلت ) فهل كان مالك يكره أن ينبذ البسر المذنب الذي قد أرطب بعضه ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا الحديث نهى أن ينبذ الزهو والرطب جميعا فلا يعجبني إلا أن يكون بسرا كله أو رطبا كله
طبخ الزبيب ( قلت ) أرأيت الزبيب أكان مالك يوسع في أن ينبذ نقيعا ولا يطبخه ( قال ) ما سمعت من مالك في مطبوخ الزبيب ولا نقيعه شيئا إلا أن نبيذ الزبيب وغيره حلال عنده ما لم يسكر ( قلت ) أرأيت الزبيب إذا كان نقيعا فغلا أما يخاف أن
____________________
(16/262)
________________________________________
يكون هو الخمر ( قال ) قال لنا مالك في عصير العنب أنه يشرب ما لم يسكر ( قال ) فقلنا لمالك ما حده ( فقال ) حده إذا أسكر ( قال ) فأرى الزبيب بهذه المنزلة يشرب ما لم يسكر وان غلا ( قلت ) فالعصير أتشربه وإن غلا إذا كان لا يسكر ( قال ) قال مالك حده إذا لم يسكر ولم أر حده عند مالك الغليان ولم يقل لي مالك غلا أو لم يغل إنما قال لنا مالك ما لم يسكر فهو عندي بمنزلة نبيذ التمر وهو عند مالك كله العصير ونبيذ التمر وجميع الانبذة حلال ما لم تسكر فإذا أسكرت فهي خمر كلها والعصير وجميع الانبذة سواء ليس تحرم بغليانها إنما تحرم إذا كانت تسكر لان العصير حلال عند مالك حتى يسكر والنبيذ حلال عند مالك حتى يسكر فإذا أسكر كان خمرا فهما قبل أن يسكرا سبيلهما واحد لا يحرمان بالغليان وإنما يحرمان إذا خرجا إلى ما يسكر ( قلت ) أرأيت الظروف هل كان مالك يكره أن ينبذ في شيء منها ( قال ) سألت مالكا عنها ( فقال ) الذي ثبت عندنا والذي آخذ به أن الدباء والمزفت لا يصلح النبيذ فيهما ولا ينبذ فيهما ( قلت ) فهل كان مالك يكره شيئا من الفخار غير المزفت ( قال ) لا إنما كان يكره الدباء والمزفت ( قلت ) هل كان يكره مزفت الدباء وغير مزفتة ( قال ) نعم كره المزفت من كل شيء إلا الزقاق المزفتة والفخار المزفت وكل ظرف إذا كان مزفتا فإنه كان يكرهه ( قلت ) أي شيء المزفت ( قال ) الناس يعرفون المزفت هو الذي يزفتون به قلالهم وظروفهم ( قلت ) فهل كان مالك يكره من الظروف شيئا سوى ما ذكرت لي ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت الظروف أليس قد ذكر مالك فيها عن ربيعة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الظروف ثم وسع فيها ( قال ) قال مالك ثبت عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت ( قلت ) أرأيت المطبوخ ما يكره منه مالك وما لا يكرهه ( قال ) سألنا مالكا عنه فقال الذي كنت أسمع به إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ( قال ) فقلت لمالك فما حده عندك ( فقال ) حده عندي إذا طبخ حتى لا يسكر ( قال ) فلم أر مالكا يلتفت إلى ثلث ولا إلى ثلثين ( قلت ) أرأيت ما سألتك عنه من هذه الأشربة
____________________
(16/263)
________________________________________
كلها إذا فسدت وصارت خمرا أيحل اصلاحها وهي عند مسلم يخللها أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الخمر إذا ملكها مسلم فليهرقها فإن اجترأ عليها وخللها فصارت خلا اكلها وبئس ما صنع ( قال ) وسألنا مالكا عن الخمر يجعل فيها الحيتان فتصير مربى ( قال ) قال مالك لا أرى أكله وكرهه
____________________
(16/264)
________________________________________
كتاب السرقة قالسحنون قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجلين يشهدان على الرجل بالسرقة أيسألهما الحاكم عن السرقة ما هي وكيف هي في قول مالك ومن أين أخذها وإلى أين أخرجها ( قال ) لم أسمع مالكا يحد في هذا حدا ولكن أرى للامام أن يسألهما لان مالكا سئل عن القوم يشهدون على الرجل بالزنى فقال ينبغي للامام أن يسألهم عن شهادتهم يريد بذلك كيف رأوه وكيف صنع فإن كان في ذلك ما يدرأ عنه به الحد درأه فهذا يدلك على مسألتك في السرقة لانهم وإن شهدوا بالسرقة فإن كانت قيمتها ما يقطع في مثله فعسى أن يكون في سرقته أمر لا يجب فيه القطع وإنما القطع حد من حدود الله فينبغي للامام أن يكشف فيه الشهود كما يكشفهم في الزنى
في رجل سرق ما يجب فيه القطع فظفر به وقيمته ما لا يجب فيه القطع ( قلت ) أرأيت ان سرق ما يساوي ثلاثة دراهم ذلك اليوم وهو لا يساوي ربع دينار اليوم لارتفاع صرف الدينار أيقطع فيه في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم يقطع إذا سرق قيمة ثلاثة دراهم ذلك اليوم قال مالك لان النبي صلى الله عليه وسلم قطع في ثلاثة دراهم وان عثمان بن عفان قطع في ثلاثة دراهم وان عمر قوم الدية على اثني عشر ألف درهم فلا ينظر إلى الصرف في هذه الأشياء ان ارتفع أو انخفض وإنما ينظر في هذا
____________________
(16/265)
________________________________________
إلى ما مضت به السنة إلى ما مضت به السنة ( قلت ) أرأيت ان اتضع الصرف صرف الذهب فسرق ربع دينار من ذهب وهو لا يساوي ثلاثة دراهم أتقطع يده لانه ربع دينار ( قال ) نعم وإنما تقوم الاشياء كلها بالذهب والفضة ( قلت ) أرأيت ان سرق سلعة فأنت ان قومتها بالذهب لم تبلغ ربع دينار وان قومتها بالفضة بلغت ثلاثة دراهم أتقطع يده في قول مالك ( قال ) نعم تقطع يده عند مالك وإنما تقوم الاشياء بالدراهم ( قلت ) وكذلك ان كانت السلعة ان قومتها بالذهب بلغت ربع دينار وان قومتها بالفضة لم تبلغ ثلاثة دراهم ( قال ) قال مالك في السلع لا يقطع فيها إلا أن تبلغ ثلاثة دراهم قل الصرف أو كثر ( قال ) فقيل لمالك أرأيت لو أن رجلا سرق سرقة فقومت بدرهمين وهو ربع دينار لانخفاض الصرف يومئذ أتقطع يده ( قال ) قال مالك لا تقطع يده حتى تبلغ سرقته ثلاثة دراهم قال بن القاسم وإنما قال مالك القطع في وزن ربع دينار فصاعدا إذا سرق الذهب بعينه وإن كانت قيمته أقل من ثلاثة دراهم لانه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم القطع في ربع دينار فصاعدا وان عمر بن عبد العزيز كتب من بلغت سرقته ربع دينار فصاعدا قطع وان عائشة قالت ما طال علي وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا قال بن القاسم ولو لم أقطعه في وزن ربع دينار ذهبا إذا سرق الذهب ما قطعته لا في ثلث ولا في نصف ولا في دينار كله إذا كانت قيمته أقل من ثلاثة دراهم ولقد أتى على الناس زمان وصرف الناس ثلث دينار أقل من ثلاثة دراهم إنما صرفهم سبعة دراهم أو ثمانية دراهم ( قلت ) أرأيت ان سرق رجل سرقة فرفعه رجل أجنبي من الناس إلى السلطان والمسروق متاعه غائب أيقطعه السلطان في قول مالك أم ينتظر رب المتاع حتى يقدم ( قال ) إذا شهد الشهود أنه سرقه قطعت يده عند مالك ( قال ) ولقد أخبرني أوثق أصحابي عندي أن مالكا سئل عن رجل كان يسكن الشام وله متاع بمصر فأتى رجل فسرق متاعه الذي بمصر فقامت له عليه البينة بأن السارق أخذ المتاع سرا فقال السارق صاحب المتاع أرسلني فقال مالك أرى أن تقطع يده ( فقيل ) لمالك فإن سئل صاحب المتاع فقال أنا أرسلته ( فقال ) لا ينظر إلى
____________________
(16/266)
________________________________________
قول صاحب المتاع وتقطع يده ولقد سألنا مالكا عن الرجل يلفي من جوف الليل ومعه متاع فيؤخذ فيقول فلان أرسلني إلى منزله فأخذت له هذا المتاع قال مالك أرى أن ينظر في ذلك فإن كان الرجل الذي معه المتاع يعرف له انقطاع إلى رب المتاع ويشبه ما قال لم يقطع وان لم يعرف منه مثل ما ذكرت لك قال مالك رأيت أن تقطع يده ولا يقبل قوله ( قال ) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يسرق فيعفو عنه صاحب المتاع ثم يرفعه بعد ذلك غيره إلى السلطان ( قال ) أرى أن تقطع يده وليس إلى الوالي أن يعفو إذا انتهت إليه الحدود وليس عفو المسروق منه شيئا ( قلت ) أرأيت إذا شهد على السارق بالسرقة هل يحبس السارق حتى يزكي الشاهدان ان لم يعرفهم القاضي أم يكفله القاضي عند مالك ( قال ) لا يكفله عند مالك ولكن يحبسه وليس في الحدود والقصاص كفالة عند مالك ( قلت ) أرأيت إذا شهد الشهود على سرقة أو زنا فغابوا قبل أن يزكوا ثم زكوا أيقيم القاضي الحد أم لا يقيمه حتى يحضر الشهود فيقيمه بحضرة الشهود ( قال ) يقيم الحد ولا يلتفت إلى مغيب الشهود إذا شهدوا وأثبتوا الشهادة أقام الحد وان غابوا ( قلت ) أرأيت ان شهد قوم ثم ماتوا فزكوا وهم موتى أيقيم الحدود والقصاص بشهادتهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وان خرسوا أو عموا أوجنوا ( قال ) نعم هذا كله يقيم الامام فيه الحد ولا يلتفت إلى الذي أصابهم من ذلك في رأيي ( قلت ) فإن ارتد الشهود عن الاسلام وقد حبسه القاضي أيقيم الحدود في قول مالك ( قال ) لا تقام الحدود ان ارتدوا لانهم ها هنا قد عادوا إلى حال لا تجوز فيه شهادتهم وفي مسائلك الاولى لم يعودوا إلى حال فسق ولا إلى حال ارتداد وإنما ابتلوا بغير ذلك ( قلت ) أرأيت ان فسق هؤلاء الشهود أو وجدوا يشربون الخمر وما أشبه هذا أو فسدت حالهم بعد ما زكوا أو أمر القاضي بإقامة الحد إلا أن الحد لم يقم بعد ( قال ) يقام عليه الحد إذا كانت الشهادة قد ثبتت وقضي بها ( قلت ) فكيف هذا في حقوق الناس ( قال ) إذا قضي القاضي بالحقوق للناس ثم صاروا إلى ما ذكرت من الحال السيئة إلى الارتداد
____________________
(16/267)
________________________________________
أو إلى الفسق فأرى القضاء قد نفذ ها هنا ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا ( قلت ) فكيف هذا في القصاص إذا قضى القاضي في القصاص ثم ارتد الشهود عن الاسلام قبل أن يقتص المجروح ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يقتص منه لانه من حقوق الناس إذا كان قد قضي به وأنفذه ( قلت ) أرأيت ان غاب المسروق منه وشهد الشهود على السرقة أيقطعه والمسروق منه غائب ( قال ) أرى أن تقطع يده ولا يلتفت إلى غيبة المسروق منه المتاع ألا ترى أن مالكا قال في المتاع الذي أخبرتك أنه بمصر وصاحبه بالشام ان السارق يقطع ( قلت ) أرأيت ان قال المسروق منه المتاع لم يسرق مني شيء وشهد الشهود انه سرق أيقطع أم لا ( قال ) نعم يقطع في رأيي
تفرقة الشهود في الشهادة والقوم يجتمعون على حمل السرقة والوديعة والسارق يسرق من السارق ( قلت ) فهل يفرق الوالي بين الشهود إذا شهدوا على الحدود ( قال ) لا يفرق بينهم إلا أن يستنكر الامام شيئا إذا كانوا عدولا بينة عدالتهم إلا ما أخبرتك من حد الزنى فإن مالكا قال ينبغي للامام أن يسألهم عن شهادتهم فإن وجد فيها ما يدرأ به الحد درأه فلا أدري أراد بذلك تفرقتهم أم يسألهم عن تحقيق الزنى ولا أرى أن يفرقهم ولكن يسألهم عن تحقق الزنى ( قلت ) أرأيت لو أن مسلما أقام شاهدين كافرين على كافر أنه سرق منه متاعا يقطع في مثله ( قال ) لا يقضي له بالمتاع ولا بشيء ولا يقضي على الكافر بالحد لان مالكا قال لا تجوز شهادة النصراني ولا المشركين كلهم على شيء من الاشياء ( قلت ) أرأيت الشاهدين إذا شهدا على رجلين أنهما سرقا هذا المتاع جميعا والمتاع قيمته ثلاثة دراهم أيقطعان أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم يقطعان جميعا وإن لم يكن في قيمة المتاع إلا ثلاثة دراهم قطعا وان كانوا عشرة إذا حملوه جميعا أو حملوه جميعا على واحد منهم ولم يكله بعضهم إلى بعض فإنهم يقطعون جميعا ( قال ) وان دخلوا جميعا للسرقة فحمله واحد منهم فخرج به وهم معه ولم يحملوه جميعا
____________________
(16/268)
________________________________________
ولم يحملوه عليه لم يقطع إلا من حمله وحده وإن دخلوا للسرقة جميعا ( قال ) فإن خرجوا جميعا وقد أخذ كل إنسان منهم شيئا يحمله وهم شركاء فيما خرجوا به فمن خرج منهم بقيمة ثلاثة دراهم قطعت يده ومن خرج منهم بقيمة أقل من ثلاثة دراهم لم يقطع لان هؤلاء لم يتعاونوا على ما حمل كل واحد منهم إنما حمل كل واحد منهم ما حمل وحده ولم يحمل عليه صاحبه ولم يحمل معه ( قلت ) وهذا كله قول مالك ( قال ) نعم قال مالك وإنما مثل ذلك مثل القوم يدخلون جميعا فيحملون السرقة على واحد منهم فيخرج بها واحد منهم يحملها وهم الذين حملوها عليه فيقطعون جميعا بمنزلة ما لو حملوا المتاع في حرزه على دابة بعير أو حمار فخرجوا به إلا أنهم اجتمعوا في حمله على دابة انهم يقطعون جميعا قال بن القاسم وإنما ذلك في كل ما يحتاج إلى حمله لثقله أو لكثرته فأما ما يحمله منهم واحد فلا قطع على من أعانه منهم مثل الثوب وما أشبهه والصرة ونحوها وإنما يقطع في هذا الذي خرج بها وأعين على حملها ولا قطع على من أعان ( قلت ) أرأيت الثوب إذا كان بين الرجلين سرقه رجل وقيمته ثلاثة دراهم في قول مالك أيقطعه أم لا ( قال ) نعم يقطع عند مالك ( قلت ) أرأيت إن أبي أرباب المتاع أن يقوموا على السارق ورفعه أجنبي من الناس أيقيم عليه الامام الحد أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يقيم عليه الحد ( قلت ) أرأيت ان سرق متاعا من رجل والمتاع مستودع عند المسروق منه أو عارية أو بإجارة أيقطع السارق في قول مالك أم لا ( قال ) نعم يقطع عند مالك ( قلت ) لم ( قال ) لأن الذي كان المتاع في يديه كان حرزا للمتاع ( قلت ) أرأيت ان سرق رجل متاعا فسرقه منه سارق آخر ثم سرق من ذلك السارق ذلك المتاع سارق آخر أتقطعهم جميعا في قول مالك ( قال ) نعم ولو كانوا سبعين قطعوا كلهم كذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت لو سرق رجل متاعا فقطع فيه ثم سرق ثانية أيقطع الثانية في ذلك المتاع وقد قطعته مرة في قول مالك ( قال ) نعم يقطع فيه أيضا
____________________
(16/269)
________________________________________
في الزناة يرفعهم الأجنبي والقائم على القاذف بعد العفو والعفو إذا أراد سترا ( قلت ) أرأيت الزناة من رفعهم إلى السلطان أيقيم السلطان الحد عليهم في قول مالك ( قال ) نعم مثل السرقة وأما القذف فليس ذلك عنده كذلك قال بن القاسم ولقد أتى مالكا قوم وأنا عنده في رجلين قال أحدهما لصاحبه يا مخنث فأراد أن يرفعه إلى السلطان فطلب إليه حتى عفا عنه ثم انه وقع بينهما بعد ذلك شر فأراد أن يرجع فيما عفا عنه فأتوا مالكا فسألوه فقال لا أرى له أن يرجع في ذلك قال بن القاسم وأخبرني من أثق به أنه سمع مالكا يقول في رجل يقذف الرجل بالزنى ثم يعفو عنه قبل أن ينتهي به إلى الامام ثم يريد أن يقوم عليه بذلك ( قال ) ليس ذلك له قال مالك ولو أن قوما سمعوا رجلا يقذف رجلا فأتوا به إلى الامام فرفعوا ذلك إليه لم ينبغ للامام أن يأخذه به حتى يكون صاحبه الذي يطلبه به قال مالك ولو أن الامام سمع رجلا يقذف رجلا بالزنى ومعه من تثبت شهادته عليه أقام الامام عليه الحد قال بن القاسم وسألته غير مرة عن الرجل يقذف رجلا بالزنى ثم يريد أن يعفو قبل أن يأتي السلطان أله ذلك ( قال ) نعم وقد كان يقوله قبل ذلك وقاله لي غير مرة وان أبى السلطان فله أن يعفو في نفسه وقد كان يأخذ بقول عمر بن عبد العزيز في ذلك ثم رجع عن رأيه في ذلك وقال إذا بلغ السلطان فلا عفو له إلا أن يريد به سترا
في الذي يسرق ويزني وينقب البيت فيدخل يده ويلقي المتاع خارجا ثم يؤخذ والشهادة على السرقة والشفاعة للسارق ( قلت ) أرأيت إن شهدوا على رجل من أهل الذمة بالسرقة أتقطع يده أم لا في قول مالك ( قال ) نعم تقطع يده قال بن القاسم لأن السرقة من الفساد في الارض ليست مما ينبغي أن يترك أهل الذمة عليها ( قال ) وليست السرقة في أهل الذمة بمنزلة شرب الخمر والزنا إلا أن مالكا قال لا يقطع ذمي ولا مسلم سرق خمرا ولا
____________________
(16/270)
________________________________________
خنزيرا وان كانت الخمر والخنزير لذمي لم يقطع فيها ذمي ولا مسلم ( قلت ) أرأيت الذمي إذا زنى أيقيم مالك عليه الحد أم لا ( قال ) لا يقيمه عليه وأهل دينه أعلم به ( قلت ) أرأيت إن أراد أهل الذمة أن يرجموه في الزنى أيتركون في ذلك ( قال ) قال مالك يردون إلى أهل دينهم فأرى أنهم يحكمون بما شاؤوا ولا يمنعون من ذلك ويتركون على ذمتهم ( قلت ) أرأيت ان شهدوا على أنه نقب البيت فأدخل يده فأخرج ثوبا أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك يقطع ( قال ) مالك ولو أدخل قصبة فأخرجه قطع ( قلت ) أرأيت ان دخل حرزا فألقى المتاع خارجا ثم خرج في طلب المتاع ( قال ) قال مالك يقطع ( قيل ) فإن رؤى بالمتاع خارجا من الحرز ولم يخرج هو حتى أخذ في داخل الحرز أيقطع ( قال ) شك فيها مالك وأنا أرى أن يقطع ( قلت ) أرأيت الشاهدين إذا شهدا على السرقة استحسن مالك لهما أن يشهدا على المتاع أنه متاع المسروق منه ولا يشهدان أنه سرق حتى لا يقام على هذا الحد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه لا يحل لهما إذا رفع السارق إلى الامام أن يكفا عن شهادتهما على السرقة ( قال ) ولقد سألنا مالكا عن السارق يشفع له قبل أن يصل إلى الامام أترى ذلك ( قال ) أما كل من لم يعرف منه أذى للناس وإنما كانت تلك منه زلة فإني لا أرى به بأسا أن يتشفع له ما لم يبلغ الامام أو الشرط أو الحرس ( قال ) مالك والشرط والحرس بمنزلة الامام عندي ولا ينبغي إذا وقع هذا بيد الشرط أن يتشفع له أحد من الناس قال مالك وأما من قد عرف شره وفساده فلا أحب لأحد أن يتشفع له ولكن يترك حتى يقام عليه الحد ( قلت ) أرأيت ان شهدوا على سارق أنه نقب بيت هذا الرجل ودخل فأخرج هذا المتاع من هذا البيت ولا يدري لمن هذا المتاع الرب الدار أم لا ( قال ) يقطع ويجعل المتاع لرب البيت ( قيل ) ولا يسعهم أن يشهدوا أن المتاع لرب الدار ( قال ) لا ولكن يشهدون بما عاينوا وما عرفوا والحكم يجعل المتاع لرب الدار ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي
____________________
(16/271)
________________________________________
الشهود على السرقة والغصب ( قلت ) أرأيت ان نظر رجل إلى رجل عليه ثوب فأتاه رجل فغصبه منه أيسع الشاهد أن يشهد أن الثوب للمغصوب منه ( قال ) يشهد أن الثوب غصبه هذا من هذا ( قلت ) ولا يشهد أن الثوب ثوب المغصوب منه ( قال ) لا يشهد إلا بما عاين وعرف قبل هذا ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا والامام يرد الثوب إلى المغصوب منه ( قلت ) أرأيت ان ابتاع رجل من رجل سلعة ففلس المبتاع أيسع الشهود أن يشهدوا أن هذا المتاع متاع البائع أم لا ( قال ) يشهدون أن هذه السلعة بعينها اشتراها هذا المفلس من هذا الرجل ولا يشهدون إلا بما عاينوا وعلموا
في السارق يوجد في الحرز والدار مشتركة ( قلت ) أرأيت ان جمع المتاع وحمله فأدرك في الحرز قبل أن يخرجه أيقطع في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقطع ( قلت ) فإن أخرجه من البيت إلى الدار والدار مشتركة مأذون فيها والبيت محجور عن الناس ( قال ) قال مالك إذا أخرجه إلى موضع من الدار وأهل الدار فيه شركاء قطع لانه قد صيره إلى غير حرزه ( قلت ) أرأيت ان كانت دارا مأذونا فيها أم بيتا مأذونا فيه وفيه تابوت فيه متاع لرجل قد أغلقه فأتى رجل ممن أذنه له فكسره أو فتحه فأخرج المتاع منه فأخذ بحضرة ما أخرج المتاع من التابوت قبل أن يبرح به إلا أنه قد أخرجه من التابوت ( قال ) لا تقطع يد هذا ( قال ) وان كان ممن لم يؤذن له لم يقطع أيضا لانه لم يبرح بالمتاع ولم يخرج من حرزه وهذا قول مالك ( قال ) ولقد سئل مالك عن رجل أضاف رجلا فأدخله داره وبيته فيها فعمد الرجل من جوف الليل إلى بعض منازل الدار وقد كان صاحب الدار خزن فيها متاعا وأغلقه فكسر الضيف غلقه وسرق منه ( قال ) لا قطع عليه لانه أدخله داره وائتمنه وهو قول مالك ( قال ) وقال مالك في البيت يكون في الدار قد
____________________
(16/272)
________________________________________
أغلقه أهله والدار مأذون فيها فأخرج من هذا البيت شيئا وأخذ في الدار انه لا تقطع يده وكذلك التابوت ( قلت ) أرأيت الرجل يدخل الحرز فيأخذ المتاع فيناوله رجلا خارجا من الحرز أيقطع الداخل أم الخارج أم يقطعان جميعا وكيف ان أخذ بعد ما تناول المتاع صاحبه الخارج فأخذ قبل أن يخرج من الحرز أيقطعه أم لا ( قال ) قال لي مالك ان خرج به من حرزه إلى خارج قطعت يده وان رمى بالمتاع خارجا وأخذ قبل أن يخرج هو فقد شك مالك فيه أن يقطع وقال مالك لي قبل ذلك يقطع ثم توقف عنه وقال قد نزل بالمدينة ما يشبهه ( قيل ) ما هو ( قال ) رجلان دخلا بيتا لرجل فكان أحدهما داخلا في البيت فربط المتاع بحبل وأخذ يجره حتى أخرجه فقلت لمالك أهو مثله قال نعم قال مالك ولكن لا أحب أن أتكلم فيه بشيء وقد سمعته قبل هذا يقول في صاحبي الحبل أنهما يقطعان جميعا وهو رأيي وأما الذي ناول صاحبه الماع وهما في الدار فإني لا أرى أن يقطع إلا الذي أخرجه من الدار ( قلت ) أرأيت الخارج في مسألتي هل يقطع في قول مالك ( قال ) لا إلا أن يكون أدخل يده في الحرز فأخرجه أو ربط له في الحرز فاجتره فإنه يقطع وكذلك لو أن أحدهما دخل بيتا فأخرج منه متاعا إلى باب البيت فأخذه الذي هو خارج البيت ( قال ) ان كان الداخل قد أخرجه من حرزه فتناوله الخارج قطع الداخل ولم يقطع الخارج وان كان لم يخرجه من حرزه وأخرجه الخارج من حرزه قطع الخارج ولم يقطع الداخل بمنزلة ما قال مالك في النقب وذلك أن مالكا سئل عن السارقين ينقبان البيت فيدخل أحدهما فيقرب المتاع إلى باب النقب فيتناوله الخارج ( قال ) ان كان الداخل لم يخرجه من حرزه والخارج هو الذي أدخل يده إليه حتى أخرجه قطع الخارج ولم يقطع الداخل فإن كان الداخل أخرجه من حرزه فتناوله الخارج قطع الداخل ولم يقطع الخارج قال بن القاسم ولو أنهما اجتمعت أيديهما في النقب بموضع لم يخرجه الداخل من الحرز ولم يخرجه الخارج من الحرز كان فيما بين ذلك فيتناوله في وسط ذلك منه قطعا جميعا وكان بمنزلة ما يتعاونان جميعا عليه فيخرجانه من حرزه فالباب الذي سألت عنه
____________________
(16/273)
________________________________________
عندي مثله ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أقام على رجل البينة أنه سرق هذا المتاع منه وقال الذي قبله السرقة المتاع متاعي فأحلف لي هذا الذي يدعي المتاع أن المتاع متاعه وليس بمتاعي ( قال ) أرى أن تقطع يده ويحلف مدعى المتاع أن المتاع ليس للسارق فإن نكل حلف السارق ودفع إليه المتاع ولم تقطع يده ( قلت ) أرأيت ان سرق باب الدار أيقطع أم لا ( قال ) نعم ( قال ) وقال مالك في المتاع يوضع في أفنية الحوانيت يبيعونه هناك بالنهار قال مالك من سرق منه قطع فكذلك باب الدار عندي ( قلت ) أرأيت مثل الموقف الذي لا حوانيت فيه يضع الناس أمتعاتهم فيه للبيع فسرق من ذلك المتاع رجل ( قال ) تقطع يده وهو قول مالك ولقد سألت مالكا عن الشاة يسرقها الرجل من سوق الغنم يوقفها صاحبها للبيع فتكون مربوطة أو غير مربوطة إلا أنه قد أوقفها ( قال ) أرى أن تقطع يده مربوطة كانت أو غير مربوطة ( قلت ) أرأيت هذا الذي وضع متاعه في الموقف للبيع فقام عن المتاع وذهب وترك متاعه فسرقه رجل أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم لأن مالكا قال في الذي يبيع متاعه في أفنية الحوانيت إن هو قام عن متاعه وذهب فسرق رجل عنه أنه يقطع ( قال ) مالك وكذلك ان سرقه ليلا أو نهارا قطع ( قلت ) أرأيت ان شهدا على رجل أنه جر هذا الثوب وهو منشور على الحائط بعضه وفي الدار بعضه خارجا من الدار ( قال ) لا أرى أن يقطع إذا كان إلى الطريق ( قلت ) فإن أدخل قصبة أو عودا فأخرج به متاعا من الحرز أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) بلغني عن مالك في هذا أنه قال يقطع ولم أسمعه أنا منه ( قلت ) أرأيت ان سرق متاعا من الحمام أيقطع أم لا ( قال ) قال مالك إذا كان مع المتاع من يحرزه قطع وإن لم يكن مع المتاع من يحرزه لم يقطع إلا أن يسرقه أحد ممن لم يدخل الحمام فيقطع ( قلت ) فما فرق ما بين هذا المتاع وبين المتاع الذي يوضع للبيع وقد قلتم في المتاع الذي يوضع للبيع ان صاحبه إذا قام عنه فسرق منه رجل قطع ( قال ) ذلك حرزه وموضعه وفناؤه ولا يشركه في مجلسه أحد وأما الحمام فإنما هو مشترك لمن دخله والموضع الذي فيه الثياب مشترك بمنزلة الصنيع الذي يصنع في البيت فيدخله القوم فيسرق مما
____________________
(16/274)
________________________________________
في ذلك البيت فليس على من سرق منه شيئا قطع قال مالك وإن سرق هذا المتاع الذي في الحمام الذي ليس عنده أحد رجل ممن لم يدخل الحمام نقب فأخرجه فإنه يقطع ( قلت ) وكيف يسرق هذا ( قال ) ينقب من خارج أو يحتال له حتى يخرج المتاع ولم يدخل الحمام ( قلت ) أرأيت لو أني أذنت لرجل أن يدخل بيتي أو دعوته إلى الطعام فسرق أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) لا يقطع عند مالك وهو خائن ( قلت ) والحوانيت من سرق منها أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان شهدوا أنه دخل دار هذا الرجل ليلا فكابره بالسلاح فأخذ متاعه ( قال ) قال مالك تقطع يده ورجله قال مالك وهو محارب ( قيل ) أفيقتله ( قال ) قال مالك الامام مخير في المحارب إذا أخذ المال ولم يقتل ان شاء قتله وإن شاء قطع يده ورجله وخلى عنه ( قلت ) أرأيت ان شهدوا عليه انه كابره نهارا في الزقاق بالسلاح على متاعه أتجعله محاربا في قول مالك ( قال ) ان كان شيئا على وجه المحاربة لقيه في موضع فكابره بالسلاح وإن كان في مصر فهو محارب عند مالك ( قلت ) أرأيت ان اختلس منه أتقطع يده في الخلسة أم لا ( قال ) قال مالك لا تقطع في الخلسة ( قلت ) أرأيت ان شهدوا على أمة أو حرة أو ذمية أو أم ولد أو مدبرة أو عبد بالسرقة أيقطع هؤلاء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فالحربي إذا دخل بأمان فسرق أيقطع ( قال ) نعم لأنه لو قتل قتلته وان تلصص قطعت يده ورجله أو صلبته ( قلت ) أرأيت ان شهدوا على صبي أو مجنون مطبق أو على من يجن ويفيق انهم سرقوا أيقطع هؤلاء ( قال ) أما الصبي والمجنون المطبق فلا يقطع هؤلاء في قول مالك وأما الذي يجن ويفيق فإن سرق في حال افاقته فإنه يقطع وإن سرق في حال جنونه فلا يقطع ( قلت ) أرأيت ان سرق في حال افاقته ورفعه إلى السلطان في حال جنونه أيقطعه أم ينتظر حتى يكشف ذلك عنه وهو ممن يجن في رأس كل هلال ثلاثة أيام أو يومين ( قال ) لا يقطع حتى يفيق وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت الدار المشتركة المأذون فيها تربط فيها الدواب فيسرق منها رجل ( قال ) ان كان ذلك الموضع مربطا للدابة معروفا قطع الذي سرقها
____________________
(16/275)
________________________________________
( قلت ) وكذلك لو كان لها مربط معروف في السكة فسرقها رجل من ذلك الموضع أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان بفنائه ومعتلف له معروف فأرى أن تقطع يده ( قال ) وقال مالك في الدابة تكون عند باب المسجد واقفة فيسرقها رجل انه يقطع إذا كان مع الدابة من يحفظها ( قلت ) فإن لم يكن مع الدابة من يحفظها لم يقطع ( قال ) نعم ( قلت ) ولم لا يقطع ( قال ) لانها قد صارت مخلاة فلا قطع على من أخذها والتي معها من يحفظها ويمسكها فهو حرز لها ومرابطها المعروفة حرز لها فمن احتلها من مرابطها المعروفة لها فأخذها فهذا يقطع أيضا ( قلت ) أرأيت الدار المشتركة إذا كان فيها بيوت لقوم شتى والدار مأذون فيها فينشر رجل ثيابه على ظهر بيته وبيته محجور عن الناس فيسرق رجل ثيابه التي على ظهر بيته ( قال ) يقطع في هذا ( قال ) وان نشره في صحن الدار لم يقطع إذا كان سارقها من أهل الدار وان كان سارقها من غير أهل الدار قطع إلا أن تكون دارا مباحة لا يمنع منها أحد فإذا كانت كذلك لم يقطع سارق ذلك كان من أهل الدار أو من غيرها ( قلت ) أرأيت الاب والأم أيقطعان أن سرقا من مال الولد ( قال ) لا ( قلت ) وتحفظه عن مالك قال نعم قلت فالأجداد للآباء والأمهات قال أحب إلي أن يدرأ عنه الحد لأنه أب ولكن مالكا جعل في الجد إذا قتل بن ابنه التغليظ من الدية ولم يقتله وجعله أبا فإن قال رجل يقطع لأنه لا تلزمه نفقته فالوالد لا تلزمه نفقة ابنه الكبير ولا ابنته الثيب ولا قطع عليه فيما سرق من أموالهما ولا حد في وطء جواريهما وكذلك هذا لا حد عليه ولا قطع عليه فيما سرق من أموالهما ولا نفقة وقد قيل ادرءوا الحدود بالشبهات ( قلت ) أرأيت الولد إذا سرق من مال الاب أيقطع أم لا ( قال ) نعم ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) نعم وقد قال مالك إذا زنى الابن بجاريته حد فكذلك السرقة ( قلت ) أرأيت المرأة إذا سرقت من مال زوجها هل تقطع ( قال ) نعم إذا سرقت من مال زوجها في غير بيتها الذي تسكن فيه وكذلك خادمها إذا سرقت من مال الزوج من بيت الزوج
____________________
(16/276)
________________________________________
وقد حجره عليهم أو سرق خادم الزوج من مال المرأة من بيت قد حجرته عليهم قطعوا أيضا ( قلت ) أرأيت أبى ورجلا أجنبيا هل يقطعان جميعا إذا سرقا مني سرقة قيمتها ثلاثة دراهم ( قال ) لا يقطعان قال بن القاسم وكل من لو سرق مني ممن قد بلغ الحد إذا سرق مني ومعه أجنبي شركه فيها مثل عبدي وأجيري الذي ائتمنته على دخول بيتي فلا قطع على واحد منهما وإن تعاونا في السرقة قال بن القاسم وهذا الذي سمعته عمن أرضى من أهل العلم ( قلت ) فإن سرق رجل وصبي صغير أو مجنون سرقة قيمتها ثلاثة دراهم أيقطع الرجل ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الشريك يسرق من متاع بينه وبين شريكه ( قال ) سئل مالك عن شريك سرق من متاع بينه وبين شريك له قد أغلقا عليه قال مالك لا أرى أن يقطع قال بن القاسم وبلغني عن مالك أنه كان يقول لو أن شريكين استودعا رجلا متاعا فسرقه أحدهما منه رأيت أن يقطع إذا كان فيما سرق من حظ صاحبه فضل عن جميع حصته ربع دينار فصاعدا ولم يجعل هذا عنده مثل الذي يغلقان عليه الباب ( قلت ) أرأيت ان شهد أخوان لأخيهما أن هذا السارق سرق متاعه ( قال ) قال مالك إذا كان الاخوان صالحين مبرزين في العدالة جازت شهادتهما لأخيهما ولم أسمعه يذكر في السرقة شيئا إلا أني سمعته يذكر أن شهادتهما لأخيهما جائزة وأرى أنهما في السرقة بمنزلة الحقوق ( قلت ) أرأيت ان شهدوا أني سرقت من مكاتبي ( قال ) قال مالك إذا شهدوا أن المكاتب سرق من مال سيده لم يقطع فالسيد مثله ( قلت ) أرأيت ان شهدوا على الأب أنه سرق من مال مكاتب ابنه ( قال ) لا أرى أن يقطع لأن الأب لو سرق من مال عبد ابنه مالا لم يقطع فكذلك مكاتب ابنه
فيمن سرق مصحفا أو شيئا من الطعام والفواكه ( قلت ) أرأيت ان سرق مصحفا ( قال ) يقطع ( قلت ) أرأيت الطعام البطيخ والقثاء واللحم وما أشبه هذا من الطعام الذي لا يبقى في أيدي الناس إذا سرق رجل منه ما يبلغ ربع دينار ( قال ) قال مالك نعم يقطع ( قال ) وقال مالك إن الاترجة التي قطع فيها
____________________
(16/277)
________________________________________
عثمان إنما كانت أترجة تؤكل ولم تكن ذهبا ( قلت ) أرأيت قول النبي صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المحجن هل أريد بالثمر المعلق أنه طعام لا يبقى في أيدي الناس فمن ثم دفع الحد ( قال ) ليس هكذا إنما أريد بذلك الحزر ألا تري أن الحريسة في الجبال لا قطع فيها فإذا أواها المراح قطع سارقها فهذا يدلك على أنه إنما أراد الحرز ولم يرد الطعام الذي يبقى في أيدي الناس أو لا يبقى وقد قال مالك في جذع من النخل قائم في النخل قد ذهب رأسه فقطعه رجل فسرقه أنه لا يقطع وإن كان في حرز
فإن كان صاحبه قد قطعه ووضعه في حائطه وآواه إليه وأحرزه فسرقه رجل قطع ( قلت ) أرأيت ان سرق بغلا أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان قد أواه الحرز ما لم يكن قائما ( قلت ) أرأيت إذا سرق رجل زرنيخا أو نورة أو نطرونا أو حجارة وقيمة ذلك ثلاثة دراهم أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم إذا سرق ما قيمته ثلاثة دراهم قطع عند مالك في جميع ذلك ( قلت ) أرأيت ان سرق الماء وقيمة الماء ثلاثة دراهم أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم في رأيي
فيمن سرق خمرا أو شيئا من مسكر النبيذ ( قلت ) أرأيت ان سرق خمرا أو خنزيرا من أهل الذمة أو من غير أهل الذمة ( قال ) قال مالك لا يقطع سارق الخمر والخنزير وإن سرقه من أهل الذمة لم يقطع وأغرم ثمنه لهم ان كان سرقه من ذمي أو معاهد ( قلت ) أرأيت ان سرق مسكر النبيذ ( قال ) هذا خمر عند مالك ( قلت ) أرأيت ان سرق شيئا من الطير بازيا أو غيره ( قال ) قال مالك من سرق شيئا من الطير قطع ( قلت ) أرأيت ان سرق السباع التي لا تؤكل لحومها أيقطع في قول مالك ( قال ) أرى أن ينظر فإن كان في جلودها ما لو ذكيت كان فيها قيمة ما يقطع فيه رأيت أن يقطع لأن مالكا قال لا بأس بجلود السباع إذا ذكيت أن يصلي عليها وبها وبأن تؤكل أثمانها فإذا كانت كذلك فقد كان له أن يذكيها ويبيع جلودها وليست مثل جلود الميتة ( قال ) وقال مالك في جلود الميتة
____________________
(16/278)
________________________________________
أنه لا يقطع فيها ( فقيل ) له فإن دبغت ثم سرقت ( قال ) ان كان فيها من صنعتها ما تكون قيمته ثلاثة دراهم سوى جلودها رأيت أن يقطع قال بن القاسم فكذلك جلود السباع مع لحومها مثل ما قال مالك في جلود الميت المدبوغة ( قلت ) أرأيت لو سرق كلبا ( قال ) بلغني عن مالك ممن أثق به أنه قال لا يقطع في الكلب ( قلت ) صائدا كان أو غير صائد ( قال ) نعم وهذا رأيي لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ثمنه ( قلت ) أرأيت الرجل يسرق النخلة بأصلها فيها ثمرة أيقطع في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقطع إذا كانت قائمة ثابتة
والشجر كلها قال مالك بهذه المنزلة فإن كان صاحبها قد قطعها ووضعها في الجنان فكان ذلك حرزا لها قطع سارقها ( قلت ) أرأيت الجرين إذا جمع فيه الحب والتمر فغاب عنه صاحبه وليس عليه باب ولا حائط ولا غلق فسرق منه سارق أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم يقطع في قول مالك ألا ترى أن الامتعات التي في الافنية التي تباع ان سارقها يقطع كان صاحبها عندها أو لم يكن عندها ليلا كان أو نهارا ألا ترى أن الماشية إذا آواها المراح وان كان مراحها في غير الدور وليس عليها حيطان ولا أغلاق وبات أهلها في بيوتهم فسرق منها سارق أنه يقطع في قول مالك وكذلك الدواب التي في مرابطها المعروفة وان لم يكن دونها أبواب ولا أغلاق ولا أهلها عندها فإن سارقها يقطع وكذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت المسافر إذا سافر فوضع متاعه في خبائه أو خارجا من خبائه وذهب لاستقاء الماء أو لحاجة وترك متاعه فسرقه سارق أيقطع أم لا ( قال ) قال مالك يقطع والابل إذا كانت في رعيها لم يقطع سارقها فإذا آواها إلى مراحها قطع من سرقها من هناك ( قلت ) فلو ضرب فسطاطه في سفر فسرق الفسطاط سارق أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يقطع في المتاع الموضوع ألا ترى أنه يقطع في المتاع الموضوع خبائه فكذلك الخباء قلت أرأيت إن أتى إلى قطار فاحتمل منه بعيرا أو سرق من محمل شيئا ( قال ) قال مالك يقطع من حل بعيرا من القطار أو أخذ من المحمل شيئا على وجه الاستسرار ( قلت ) أرأيت ان أخذ غرائر على البعير أو شقها
____________________
(16/279)
________________________________________
فأخذ منها المتاع أيقطعه في الوجهين جميعا في قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) وقال مالك وإن أخذ ثوبا ملقي على ظهر البعير مستسرا بذلك قطع ( قلت ) فإن أخذه غير مستسر ( قال ) وإذا أخذه مختلسا لم يقطع عند مالك ( قلت ) لم لا يقطع عند مالك المختلس ( قال ) مضت به السنة وقد قاله زيد بن ثابت لا يقطع المختلس ( قلت ) أرأيت النباش أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم إذا أخرجه من القبر قطع ( قلت ) أرأيت الرفقاء في الأسفار ينزل كل قوم على حدة فيسرق بعضهم من بعض ( قال ) سألت مالكا عنها فقال يقطعون قال مالك وإنما ذلك عندي بمنزلة الدار فيها المقاصير والسكان متحاجزين فيسرق بعضهم من بعض أنه يقطع ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا طرح ثوبا له في الصحراء وذهب لحاجته وهو يريد الرجعة إليه فيأخذه فسرقه سارق مستسرا أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه ان كان منزلا نزله في ذلك الموضع الذي وضع فيه ثوبه قطع في رأيي وان لم يكن منزلا نزله لم يقطع سارقه ( قلت ) وإنما ينظر في هذا إلى المنازل والبيوت والدور وهي الحرز فمن سرق منها قطع ( قال ) نعم ( قلت ) إن غاب أربابها أو حضروا ( قال ) نعم وإنما ينظر في هذا إلى المواضع التي جعلت هذه الاشياء حرزا لها فمن سرق من هناك قطع وظهور الدواب إذا وضع عليها المتاع حرز لذلك المتاع عند مالك وكذلك القطار يقاد فيأخذ منه رجل بعيرا فذلك حرزه ( قلت ) فإن احتل البعير فأخذ مكانه أيقطع أم حتى ينحيه وكيف ان كان إنما نحاه قليلا ( قال ) لم يحد لنا مالك في ذلك حدا إلا أنه إذا احتله عن مربطه وسار به وصار في يديه قطع ( قلت ) أرأيت النباش ما فرق ما بينه وبين الذي طرح ثوبه في الصحراء ( قال ) لان القبر حرز لما فيه ( قلت ) أرأيت الطرار ان طر من كم رجل أو من ثيابه ثلاثة دراهم من داخل الكم أو من خارج الكم أيقطع في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك يقطع
____________________
(16/280)
________________________________________
( قلت ) وكذلك ان أخرج من خفه ثلاثة دراهم أيقطع أم لا ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت الصبي الحر إذا سرقه رجل أيقطع في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا سرقه من حرزه قطع ( قلت ) والحر والعبد في هذا سواء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان سرق ثوبا لا يسوي ثلاثة دراهم أو خرقة لا تسوي ثلاثة دراهم وفي ناحية الثوب أو الخرقة ثلاثة دراهم مصرورة أيقطعه مالك أم لا ( قال ) قال مالك من سرق ثوبا أو ما أشبهه مما يعلم الناس ان في مثله يسترفع الذهب والورق وان كان لم يعلم أن ذلك فيه حتى سرقه قطع ولا ينفعه جهالته وما كان من شيء مثله لا يرفع فيه الذهب ولا الورق مثل الخشبة والحجر والعصا فيسرقه سارق وفيه ذهب أو فضة وقيمة الذي سرق ليس يقطع في قيمته إلا أن يكون فيه ذهب كثير أو فضة وقيمة الذي سرق ليس يقطع في قيمته إلا أن يكون فيه ذهب كثير أو فضة كثيرة فإنه لا يقطع حتى يكون قيمة الذي سرق بعينه سوى ما فيه ربع دينار فصاعدا ( قلت ) أرأيت ان سرق عبدا كبيرا أعجميا أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وان كان كبيرا فصيحا أيقطع أم لا في قول مالك إذا سرقه ( قال ) لا يقطع ( قلت ) أرأيت ان شهد أحد الشاهدين أنه سرق نعجة وشهد الآخر أنه سرق كبشا أيقطع ( قال ) لا يقطع لان شهادتهما قد اختلفت ( قيل ) ولا ترهما قد اجتمعت شهادتهما على السرقة وان اختلفت في الذي سرق ألا ترى أنهما قد شهدا أنه سارق اجتمعا في ذلك وافترقا في الذي سرق ( قال ) إذا افترقا في الذي سرق عند مالك رحمه الله لم أقطعه لانهما لم يشهدا على عمل واحد والسرقة عمل من الاعمال ليس باقرار ولا يقطع بشهادة واحد ( قيل ) وكذلك ان شهد أحدهما أنه سرق يوم الخميس وشهد الآخر أنه سرق يوم الجمعة ( قال ) نعم لا يقطع ( قلت ) وهذا كله قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان دخل سارق فسرق طعاما فأكله قبل أن يخرج من حرزه فخرج وقد أكله أيقطع في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقطع ( قلت ) أرأيت ان أخذ دهنا قيمته ثلاثة دراهم فدهن به رأسه أو لحيته في الحرز ثم خرج به وقد استهلكه في رأسه ولحيته أيقطع في قول مالك أم لا ( قال ) ان كان خرج وفي
____________________
(16/281)
________________________________________
لحيته ورأسه من الدهن ما ان سلت بلغ ربع دينار فإنه يقطع وإلا لم يقطع ( قلت ) أرأيت ان دخل الحرز فذبح شاة فأخرجها مذبوحة أو دخل الحرز فخرق ثيابا ثم أخرجها مخرقة أو أفسد طعاما في الحرز وأخرجه وقد أفسده ( قال ) قال مالك ينظر إلى قيمته خارجا من الحرز حين أخرجه فإن كانت قيمته ربع دينار فصاعدا قطع ولا ينظر إلى قيمته داخل الحرز ( قلت ) أرأيت ان أخذ وقيمة المتاع الذي أخرجه من الحرز ثلاثة دراهم وكان قيمته يوم أخرجه من الحرز درهمين أيقطعه أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك إنما ينظر إلى قيمة السرقة يوم سرقها ولا ينظر إلى قيمتها بعد ذلك غلت أو رخصت فإن كانت قيمتها يوم أخرجها من حرزها ما يقطع في مثله قطع وان لم يكن في قيمتها يوم أخرجها ما يقطع في مثله لم يقطع ( قلت ) أرأيت من سرق مرة بعد مرة أتقطع يده اليمنى ثم رجله اليسرى ثم يده اليسرى ثم رجله اليمنى في قول مالك ( قال ) نعم ( قال ) وقال مالك فإن سرق بعد ذلك ضرب وحبس ( قلت ) أرأيت ان سرق وليس له يمين ( قال ) قال مالك تقطع رجله اليسرى ولم أسمعه أنا منه ولكن بلغني عنه بعد ذلك ممن أقث به أنه قال تقطع يده اليسرى وقد كان وقف عن قطع رجله بعد ما قاله ثم قال تقطع اليد وقوله في الرجل أحب إلي وهو الذي آخذ به ( قلت ) أرأيت الذي لا يدين له ولا رجلين إذا سرق وهو عديم لا مال له فاستهلك سرقته فأخذ أيضربه ويسجنه ويضمنه السرقة في قول مالك ( قال ) نعم ولم أسمعه أنا منه ( قال ) وقال مالك إذا سرق وهو عديم لا مال له فاستهلك الرجل السرقة وهو موسر ثم أخذ فقطعت يده وقد استهلك السرقة فإن كان يوم قطعت يده معسرا لم يتبع بها وإن كان يسره ذلك قد ذهب عنه ثم أعسر ثم قطعت يده وقد أيسر ثانية بعد العسر لم يؤخذ منه شيء وإن سرق وهو معسر ثم أخذ وهو موسر قطعت يده ولم يؤخذ منه شيء وإنما يؤخذ منه إذا سرق وهو موسر فما به ذلك اليسر إلى أن قطع فهذا الذي يضمن السرقة في يسره ذلك فأما إذا انقطع يسره ثم أيسر بعد ذلك فقطع لم يضمن تلك السرقة إذا كان قد استهلكها وكذلك لو سرق
____________________
(16/282)
________________________________________
وهو معسر ثم أيسر بعد ذلك قطع ولم يضمن إذا كان قد استهلك السرقة
الرجوع عن الشهادة وخطأ الامام ( قلت ) أرأيت الرجل يشهد عليه شاهدان أنه سرق ثم أتى بآخر قبل أن يقطع القاضي هذا المشهود عليه الاول فقالا وهمنا هو هذا الآخر ( قال ) لا أرى أن يقطع هذا ولا هذا ( قيلت ) أتحفظه عن مالك أن ما أخطأ به الامام ان ذلك في بيت المال ( قال ) حرصنا على أن نسمع من مالك فيه شيئا فأبى أن يجيبنا وأرى أن يكون ذلك على عاقته مثل خطأ الطبيب والمعلم والخاتن ( قلت ) أرأيت ان شهدا على رجل بالسرقة ثم رجعا عن شهادتهما قبل أن يقضي القاضي بشهادتهما ( قال ) ذلك لهما عند مالك ( قلت ) وكذلك كل من شهد شهادة فرجع عنها قبل أن يقضي بها فله ذلك في قول مالك ولا يكون عليه شيء في قول مالك ( قال ) نعم وأما الشاهدان إذا رجعا ان كانا عدلين بينة عدالتهما وأتيا من أمرهما بأمر يعرف به صدق قولهما وأنهما لم يتعمدا فيه حيفا لم أر أن يقال لهما شيء وأقيلا وجازت شهادتهما بعد ذلك إذا تبين صدق ما قالا فإن كانا على غير ذلك من بيان ومعرفة لم أر أن تقبل شهادتهما فيما يستقبلان ولو أدبا لكانا لذلك أهلا ( قلت ) أرأيت ان رجعا عن شهادتهما بعد ما قضى القاضي بشهادتهما وقد شهدا في دين أو طلاق أو حد من الحدود أو عتاق أو غير ذلك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما سمعت أحدا من أصحابنا يحكي عن مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يضمنا ذلك في الدين ويكون عليهما العقل في القصاص في أموالهما وتكون عليهما قيمة العتق والطلاق ان كان دخل بها فلا شيء عليهما وان كان لم يدخل بها فعليهما نصف الصداق وقد بلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال في الأموال أرى عليهم غرم ذلك في أموالهم أخبرني به من أثق به من أصحابي ( قلت ) أرأيت المشهود عليه إذا زكيت البينة الذين شهدوا عليه عند القاضي أيقول القاضي للمشهود عليه أنهم قد شهدوا وقد زكوا فعندك ما تدفع به شهادتهم عنك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال ينبغي للامام أن يسأل عن
____________________
(16/283)
________________________________________
الشهود في السر قال بن القاسم فأرى ان كان الذي شهدت عليه الشهود يعرف وجه التجريح ولا يجهل ذلك لم أر للامام أن يقول جرح ان شئت فإن كان يجهل ذلك وهو ممن لا يعرف أن له أن يجرحهم مثل المرأة الضعيفة أو الرجل الجاهل رأيت أن يقول له القاضي ذلك ويخبره أن له أن يجرحهم ويدفع شهادتهم عن نفسه لعل عنده ما يدفع به عن نفسه من عداوة بينه وبينهم أو شوكة مما لا يعلمه المعدلون وذلك أني سألت مالكا عن الرجل يدعي على الرجل حقا وقد كانت بينه وبينه مخالطة فيقال للمدعي عليه احلف وابرأ فينكل عن اليمين أترى أن يقضي عليه بالحق أم يقول الامام للمدعي احلف واستحق والمدعى عليه لم يطلب يمين المدعى قال مالك فأرى للامام أن لا يقضي بالحق على المدعى عليه حتى يقول للمدعى احلف أن الحق حقك فإن حلف وإلا لم يقض له بشيء قال مالك لان الناس ليس كلهم يعرف أن اليمين ترد على المدعى فلا ينبغي للامام أن يقضي على المدعي عليه إذا نكل عن اليمين حتى يستحلف المدعى فكذلك مسألتك في التجريح ان كان ممن يجهل ذلك رأيت أن يعلمه الامام الذي له في ذلك قبل أن قضي عليه قال مالك وإذا أراد القاضي أن يقضي على رجل بقضية فوجه ذلك أن يقول القاضي للمقضي عليه أبقيت لك حجة فإن قال لا قضي عليه وان جاء بعد ما قضى عليه يطلب بعض ذلك لم يقبل القاضي ذلك منه الا أن يأتي بأمر يستدل به على ما قال مثل أن يكون لم يعلم ببنية هي له أو ما أشبه ذلك وإلا لم يقبل منه ( قلت ) أرأيت ان أقام المشهود عليه البينة على الشهود بعد ما زكوا أنهم شربة الخمر أو أكلة الربا أو مجانين أو نحو هذا وانهم يلعبون بالشطرنج أو بالنرد أو بالحمام أيكون هذا مما تجرح به شهادتهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان قال المشهود عليه أنا أقيم البينة أنهم قد حدوا في القذف ( قال ) سئل مالك عن الرجل المحدود في القذف الذي يعرف بالصلاح والحالة الحسنة قبل القذف كيف يعرف من توبته حتى تقبل شهادته ( قال ) إذا زاد خيرا على حالته التي كان عليها والناس يزيدون في الخير وقد كان عمر بن عبد العزيز عندنا بالمدينة رجلا صالحا ثم ولى الخلافة
____________________
(16/284)
________________________________________
فزاد على حالته التي كان عليها وزهد في الدنيا فبهذا يعتبر وان كان داعرا حين ضرب في الحد في القذف فعرفت توبته فهذا تقبل شهادته فأرى ان أقام على الشهود البينة أنهم قد جلدوا في القذف فإن القاضي ينظر إلى حالهم اليوم وإلى حالتهم قبل اليوم فإن عرف منهم تزيدا في الخير أو توبة عن حالة كانت لا ترضى قبل شهاداتهم ( قلت ) فهل يحد النصراني في القذف في قول مالك ( قال ) نعم إذا قذف مسلما حد ( قيل ) والعبد ( قال ) نعم ( قلت ) وكم حدودهما في قول مالك في الفرية ( قال ) قال لي مالك النصراني حده ثمانون في الفرية والعبد حده أربعون في الفرية ( قلت ) أرأيت ان أسلم هذا النصراني أتقبل شهادته وقد كان حد في الفرية ثم أسلم بحضرة ما حد وشهد ( قال ) نعم تقبل شهادته وهذا رأيي لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ( قلت ) فهل تجوز شهادة العبد في شيء من الحدود أو الجراحات أو شيء من الحقوق قل أو كثر ( قال ) قال مالك لا تجوز شهادة العبد في شيء من الأشياء ( قلت ) أرأيت ان شهد رجل وامرأتان ان هذا الرجل سرق متاع فلان أتقبل شهادة النساء في الحدود ويضمنه السرقة عديما كان أو موسرا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الشاهد الواحد يشهد على الرجل انه سرق متاع فلان ان الحد لا يقام بشهادة الشاهد الواحد ولكن يحلف المشهود له مع شاهده فيستحق متاعه ويدفع القطع فالرجل والمرأتان تجوز شهادتهم لرب المتاع فيضمن السارق قيمة ذلك ولا قطع عليه ولا يمين على صاحب المتاع فإذا حلف مع شاهده فإن كان المتاع قائما بعينه أخذه وان كان مستهلكا ضمن ذلك المشهود عليه ( قلت ) أرأيت ان كان عالما أيضمن أم لا ( قال ) نعم يضمن في رأيي ( قلت ) لابن القاسم أتجوز شهادة الشهود على شهادة الشهود في السرقة ( قال ) قال لي مالك تجوز شهادة الرجلين على الرجل في الفرية والحدود كلها والسرقة حد من الحدود ( قلت ) أرأيت ان شهد الشهود على رجل غائب أنه سرق فقدم ذلك الرجل الغائب وغاب الشهود أو كانوا حضورا فقدم هذا الذي شهد عليه بالسرقة وهو غائب أيقطعه الامام أم لا يقطعه حتى يعيد عليه البينة
____________________
(16/285)
________________________________________
( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه يقطع إذا كان الامام قد استأصل البينة في اتمام الشهادة لان مالكا يجيز الشهادة على الغائب ( قلت ) أرأيت ان شهد الشهود على رجل بشيء من الحقوق التي للناس والحدود التي هي لله فلم يطعن المشهود عليه على الشهود بشيء أيحكم مالك على المشهود عليه مكانه إذا لم يطعن المشهود عليه في شهادة الشهود أم لا يحكم حتى يسأل عن الشهود ( قال ) أرى أن لا يحكم حتى يسأل عن الشهود ( قلت ) أرأيت ان تقادمت السرقة فشهدوا عليه بعد حين من الزمان أيقطع في قول مالك أم لا ( قال ) نعم يقطع عند مالك وان تقادم ( قلت ) وكذلك الحدود كلها شرب الخمر والزنا ( قال ) نعم لا يبطل الحد في شيء مما ذكرت لك وان تقادم ذلك وطال زمانه أو تاب السارق وحسنت حاله وهذا الذي سمعت وهو رأيي ( قلت ) وكذلك ان أقر بعد طول من الزمان ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان شرب الخمر وهو شاب في شبيبته ثم تاب وحسنت حاله وصار فقيها من الفقهاء عابدا فشهدوا عليه أيحد أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يحد ( قلت ) أرأيت السكران يؤتى به إلى الامام أيضربه مكانه أم يؤخره حتى يصحو في قول مالك ( قال ) قال مالك حتى يصحو ( قلت ) أرأيت السرقة إذا سرقها السارق فباعها فأخذ السارق ولا مال له فقطعت يده ثم أصابوا السرقة التي باع قائمة عند مشتريها ( قال ) قال مالك تؤخذ السرقة من المشتري ويتبع المشتري السارق بالثمن الذي دفع إليه ( قلت ) أرأيت المسروق منه أيكون له أن يتبع المشتري بقيمة السرقة ان كان المشتري قد أتلفها في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان هو أتلفها كلها أو حرقها أو باعها فإن كان إنما أصابها تلف من السماء فلا شيء عليه وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا سرق من رجل ثوبا فصبغه أحمر فأخذ السارق ولا مال له غير الثوب فقطع أيكون لرب الثوب أن يأخذ الثوب أم لا ( قال ) ان أحب صاحب الثوب أن يعطى السارق قيمة الصبغ ويأخذ ثوبه فذلك له وان أبى بيع الثوب فإن كان في ثمنه وفاء بقيمة الثوب يوم سرقه السارق كان ذلك لرب الثوب المسروق منه الثوب وإن كان أكثر من ذلك أعطى
____________________
(16/286)
________________________________________
السارق الفضل وان كان أقل لم يكن للمسروق منه على السارق شيء إذا لم يكن للسارق مال ( قلت ) فان قال رب الثوب المسروق منه أنا آخذ ثوبي وأدفع إليه قيمة صبغه ( قال ) ذلك له وكذلك الغاصب ( قلت ) أرأيت ان سرق ثوبا فجعله ظهاره جبة أو ظهارة قلانس أو بطائن للجباب ثم أخذ السارق ولا مال له غير ذلك فقال رب الثوب أنا آخذ ثوبي وإن كان مقطوعا وأفتقه ( قال ) ذلك له في رأيي لان مالكا قال لو سرق خشبة فأدخلها في بنيانه أو عمودا فأدخله في بنيانه ان لربه أن يأخذه وان كان فيه خراب بنيانه هذا فكذلك الذي سألت عنه ( قلت ) فإن أبى أن يأخذ ثوبه فاسدا ( قال ) يصنع به إذا كما وصفت لك في الذي صبغ الثوب ( قلت ) أرأيت ان سرق حنطة فطحنها سويقا ولتها ثم أخذ ولا مال له غيرها فقطعت يده فقال رب الحنطة أنا آخذ هذا السويق ( قال ) هو كما وصفت لك يباع هذا السويق ويعطى حنطة مثل حنطته تشتري له من ثمن السوبق ( قلت ) أرأيت ان سرق نقرة فضة فصاغها حليا أو ضربها دراهم ثم أخذ ولا مال له غيرها فقطع كيف يصنع بهذا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن لا شيء له إلا وزن فضته لاني ان أجزت له أخذها بلا شيء كنت قد ظلمت السارق عمله وان قلت للمسروق منه أعطه قيمة عمله كانت فضة بفضة وزيادة فهذا الربا قلت أرأيت إن سرق مني نحاسا فصنعه قمقما أو قدرا فأخذ وقطعت يده ولا مال له غير ذلك ( قال ) هذا يكون بمنزلة الفضة ويكون له مثل وزن نحاسه وقد سألت مالكا عما استهلك من النحاس والحديد والتبر والفضة مما يوجد مثله أهو مثل الذهب والورق والطعام ( قال ) قال مالك نعم ليس له في هذه الاشياء إلا مثل ما استهلك له ( قلت ) أرأيت ان سرق من رجل خشبة فصنعها بابا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يكون عليه في الخشبة قيمتها ( قلت ) أرأيت ان سرق من رجل غنما فقدمه فقطعت يده ولا مال له وقد باع الغنم ثم أصابها المسروق منه عند رجل قد ولدت الغنم عنده أولادا ( قال ) قال مالك يأخذ الغنم وأولادها المسروق منه ويرجع المشتري بالثمن على السارق
____________________
(16/287)
________________________________________
( قلت ) أرأيت ان سرق واليمين شلاء ( قال ) عرضناها على مالك فمحاها وأبى أن يجيبنا فيها بشيء ثم بلغني عن مالك أنه قال تقطع يده اليسرى يبتدأ بها قال بن القاسم وكأنه ذهب إلى هذه الآية والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما قال بن القاسم وقوله الاول الذي ترك أحب إلي وهو الذي آخذ به أنه تقطع رجله اليسرى ( قلت ) فإن سرق واليدان والرجلان جميعا شلل ( قال ) يضرب ويحبس ولا يقطع منه شيء لان مالكا قال لا يقطع شيء من الشلل ( قلت ) فإن سرق واصبعه اليمنى الابهام ذاهبة أو اصبعان أو ثلاثة أو جميع أصابع كفه اليمنى ذاهبة أيقطع في قول مالك كفه أو رجله اليسرى قال أما الإصبع إذا ذهب فأرى أن يقطع لأني سألت مالكا عن الرجل يقطع يد الرجل اليمنى وإبهام يده اليمنى مقطوعة ( قال ) أرى أن تقطع يده قال مالك والاصبع اليسرى فأرى أن تقطع يده على ما قال مالك ( قال ) وأما إذا لم يبق إلا اصبع أو اصبعان فلا أرى أن تقطع يده لان من لم تبق له إلا اصبع أو اصبعان فهو مثل الاشل فتقطع رجله اليسرى إذا كان أشل اليدين بحال ما وصفت لك ( قلت ) وكذلك لو كانت أصابع يده ورجله بحال ما وصفت لك لم يقطع وضرب وسجن وضمن السرقة ( قال ) نعم مثل الاشل اليدين ( قلت ) أرأيت ان سرق فحبسه القاضي ليقطع يده بعد ما زكيت البينة فوثب عليه رجل من السجن فقطع يده اليمنى ( قال ) قال مالك ينكل الذي قطع يده ولا شيء على السارق ولا على القاطع إلا أن السلطان يؤدبه فيما صنع ( قلت ) فإن سجنه القاضي وقد شهدوا عليه بسرقة ولم تزك البينة فوثب عليه رجل وهو في السجن فقطع يده أتقطع يده في قول مالك أم لا قال بن القاسم أرى أن القاضي يكشف عن شهادة هؤلاء الشهود فإن زكوا درأ عن القاطع القصاص وأدبه ولم يقطع من السارق شيئا لأنه قد قطعت يده وان لم تزك البينة وبطلت أمكنته من القصاص من صاحبه ( قلت ) أرأيت ان أمر القاضي بقطع يمينه فأخطأ القاطع فقطع شماله ( قال ) قال مالك يجزئه ولا تقطع يمينه قال سحنون
____________________
(16/288)
________________________________________
وكذلك ذكر عن علي بن أبي طالب ( قلت ) فهل يكون على القاطع شيء ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى على القاطع شيئا ولو كان يكون على القاطع عقل السارق لقطعت يد السارق اليمنى لسرقته
باب رد السارق السرقة وتركه ثم رفعه بعد ذلك ( قلت ) أرأيت ان سرق فأخذه أرباب السرقة فرد عليهم سرقتهم فتركوه ثم رفعه قوم أجنبيون أو هم إلى السلطان بعد ذلك بزمان وقد رد السرقة ( قال ) يقطع وقد أخبرتك أن مالكا قال في الذي يعفو عنه أولياء المتاع عند القاضي ثم يرفعه أجنبي فإنه يقطع فهذا مثل ذلك ( قلت ) فإن ذلك لم يذكر فيه عن مالك أنه رد المتاع وهذا قد رد المتاع أفيقطع بعد رد المتاع ( قال ) نعم يقطع رد المتاع أو لم يرده وذلك عنده سواء ويقطع ( قلت ) أرأيت ان قطعه في سرقة أيكون هذا القطع لما كان قبله من كل سرقة سرقها ( قال ) قال مالك نعم ولكل قصاص وجب عليه في يمينه من قطع في سرقة أو جناية على أحد وكذلك لو ضرب في شرب خمر أو أقيم عليه حد الزنى فهذا لما كان قبله فإن فعل بعد ذلك شيئا أقيم ذلك عليه وأما ما كان قبل ذلك فالقطع والضرب لذلك كله ولا شيء عليه في الحد لما كان قبل ذلك ( قلت ) أرأيت ان رفعه هذا المسروق منه فقطعه ولا مال عنده إلا قيمة سلعته التي سرق وقد كان سرق قبل ذلك من ناس شتى فلما قطع لهذا الذي رفعه وأخذ منه قيمة متاعه قدم الذين سرق منهم قبل ذلك فقاموا على هذه القيمة التي أخذها هذا الذي قطع يد السارق ( قال ) أرى أن ذلك الشيء الذي وجد عنده ان لم يزل دائما منذ سرق منهم كلهم فإنهم شركاء في تلك القيمة وان كان يسرا حدث نظر إلى كل سرقة سرقها في يسره ذلك الذي حدث وكانوا في هذه القيمة شركاء يضرب كل واحد منهم بقيمة سرقته وليس للذين سرق منهم قبل هذا اليسر في هذه القيمة قليل ولا كثير لان هذا يسر حدث بعد سرقته لانه لو قطع له وحده لم يكن له من هذا اليسر قليل ولا كثير وإنما كان يدخل مع هؤلاء في هذه القيمة لو أن يسره تمادى به من يوم سرق منه إلى يوم قطع ( قلت ) ولا ينظر
____________________
(16/289)
________________________________________
إلى من قضى له بالقيمة وأصحابه غيب فجعلها له دونهم لانه قد حكم له بها دونهم ( قال ) لا لأنه بمنزلة رجل فلس ولرجال غائبة عليه دين فقضى هؤلاء الحضور وترك الغائب فقدم فإنه يدخل فيما أخذ هؤلاء الحضور يضرب في ذلك بمقدار دينه ولو داينه قوم آخرون بعد إفلاسه لم يكن للغائب في ماله قليل ولا كثير وإنما يتبع الاولين الذين فلسوه وقسم لهم ماله وكذلك السارق
الاختلاف في السرقة ( قلت ) أرأيت إذا سرق سرقة فاختلف الناس في قيمة السرقة فقال بعضهم ثلاثة دراهم وقال بعضهم درهمان ( قال ) قال مالك إذا شهد رجلان عدلان من أهل المعرفة بقيمة تلك السلعة ان قيمتها ثلاثة دراهم قطع ( قلت ) أيقطع بقيمة رجل واحد ( قال ) لا يقطع حتى يقومها رجلان عدلان لان مالكا قال إذا شهد على قيمتها رجلان عدلان من أهل المعرفة بقيمة تلك السلعة قطعت يده ( قلت ) أرأيت الشهود إذا شهدوا عند القاضي أيأمر القاضي أن يسئل عنه في السر فإن زكوا سأل عنهم في العلانية ( قال ) نعم يسئل عنهم فإن زكوا جازت شهادتهم ولا أبالي في السر سأل عنهم أو في العلانية إذا زكوا ان شاء في السر وإن شاء في العلانية ويحكم بشهادتهم إذا كان من يزكيهم عدلا إلا أن يجرحهم المشهود عليه ( قيل وهذا في حقوق الناس وفي الحدود التي هي لله وفي القصاص سواء في قول مالك ( قال ) نعم ولا يجوز في التزكية في السر والعلانية إلا رجلان عدلان ولو أن القاضي اختار رجلا يسأل له عن الشهود جاز قوله وقبل ما رفع إليه ولا ينبغي له ولا للقاضي أن يقبل منه إلا ما زكاه عنده رجلان عدلان قال بن القاسم وهذا الذي سمعت ( قلت ) أرأيت من سرق من السفن أيقطع في قول مالك ( قال ) نعم لان مالكا قال المواضع حرز لما كان فيها والسفينة عند مالك حرز لما فيها ( قلت ) أرأيت من سرق سفينة أيقطع أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه مثل من يسرق دابة لانها تحبس وتربط وإلا ذهبت فإن كان معها من يمسكها فسرقها سارق فهي بمنزلة الدابة عند باب المسجد أو في
____________________
(16/290)
________________________________________
السوق إذا كان معها من يمسكها قطع سارقها وان لم يكن معها من يمسكها لم يقطع ( قيل وكذلك السفينة إذا سافروا فيها فنزلوا منزلا فربطوا السفينة فسرقها رجل فإنه يقطع كان معها صاحبها أو ذهب عنها صاحبها في حاجته ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت كل ما درأت به الحد في السرقة أيضمن السارق قيمة السرقة وان كان عديما في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت مسلما سرق من حربي دخل بأمان أيقطع أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يقطع ( قلت ) أرأيت الحربي إذا دخل بأمان فسرق أفيقطع في قول مالك ( قال ) نعم في رأيي
إقامة الحدود في أرض الحرب ومن أكل لحم الخنزير والشرب في رمضان والاقرار بالزنى والسرقة ( قلت ) أرأيت أمير الجيش إذا دخل أرض الحرب فسرق بعضهم من بعض في أرض الحرب أو شربوا الخمور أو زنوا أيقيم عليهم أميرهم الحدود في قول مالك ( قال ) قال لي مالك يقيم عليهم الحدود في أرض الحرب أمير الجيش وهو أقوى له على الحق كما تقام الحدود في أرض الاسلام ( قلت ) أرأيت لو أن تجارا من المسلمين دخلوا أرض الحرب بأمان فسرق بعضهم من بعض ثم شهدوا على السارق بالسرقة حين خرجوا إلينا أيقام الحد على السارق أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك في الجيش إذا كانوا في أرض الحرب أنه يقام على السارق الحد فكذلك هؤلاء الذين دخلوا بأمان ولان مالكا لا يلتفت إلى اختلاف الدارين وهؤلاء مسلمون مقرون بأحكام الاسلام ليسوا بمنزلة المشركين الذين لا يقرون بأحكام المسلمين ( قلت ) وكذلك ان زنى في دار الحرب بعض هؤلاء التجار أو شرب الخمر فشهدوا عليه بعد ما خرج أيقيم عليه الامام الحد ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت من أكل لحم الخنزير من المسلمين أيكون عليه العقوبة أم ماذا عليه في قول مالك ( قال ) قال مالك ذلك عليه أن يعاقبه الامام لما اجترأ في أكله ( قال ) وقال مالك ومن شرب الخمر في رمضان جلد ثمانين ثم يضربه لافطاره في رمضان ( قلت ) وكم يضربه لافطاره
____________________
(16/291)
________________________________________
في رمضان ( قال ) سألت مالكا عن ذلك فقال ذلك إلى الامام ( قلت ) ويجمع الامام ضرب حد الخمر والضرب الذي يضربه لافطاره في رمضان جميعا أم إذا جف ضرب الحد ضربه لافطاره في رمضان ( قال ) سألنا مالكا عن ذلك فقال ذلك إلى الامام ان شاء جمع الضرب وان شاء فرقه ( قال ) ويؤدبه لاكله الخنزير على ما يرى الامام ويجتهد فيه ( قلت ) أرأيت ان شهدوا عليه انه أقر بالسرقة أو بالزنى وهو ينكر أيقيم عليه الامام الحد في الوجهين جميعا في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك ان أتى بأمر يعذر به مثل أن يقول أقررت لكذا وكذا فيقال ( قلت ) أرأيت ان جحد ذلك الاقرار أصلا أيقال ( قال ) أرى أن يقال ( قلت ) أرأيت العبيد والمكاتبين والمدبرين وأمهات الاولاد إذا أقروا بالسرقة أتقطع أيديهم أم لا في قول مالك ( قال ) تقطع أيديهم إذا عينوا ( قلت ) فإن كانت السرقة التي أقروا بها في أيديهم وزعموا أنهم سرقوها من هذا الرجل وقال سيدهم كذبتم بل هذا متاعي ( قال ) سئل مالك عن سلعة كانت مع جارية أتت بها لترهنها فقال رجل أنا دفعت إليها هذه السلعة لترهنها لي وقالت الجارية صدق هو دفع ذلك إلي وقال سيدها السلعة سلعتي ( قال ) قال مالك ان كان للمدعي بينة أنه دفع إلى الجارية السلعة لترهنها فهي له والا لم يكن له من السلعة شيء وكانت السلعة لسيد الجارية ( قلت ) فهل يحلف سيد الجارية لهذا الرجل ( قال ) نعم ولم أسمعه من مالك
باب القطع مما يجب على الصبي وفيمن أقر بسرقه بهديد والشهادة على السرقة وإقامة القطع والضرب في البرد ( قلت ) أرأيت الصبي إذا سرق أو زنى أو أصاب حدا وقد بلغ سن من يحتلم ومن الصبيان من يبلغ ذلك السن ولا يحتلم ويحتلم بعد ذلك بسنة أو سنتين أو ثلاث أينتظر حتى يبلغ من السن ما لا يجاوزه أحد من الغلمان إلى احتلم أم يقام عليه الحد إذا بلغ أول سن الاحتلام في قول مالك ( قال ) لا أقيم عليه الحد حتى يبلغ من السن ما لا يجاوزه غلام إلا احتلم إذا لم يحتلم قبل ذلك ( قلت ) والجارية إذا لم تحض كذلك
____________________
(16/292)
________________________________________
( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان أنبت الغلام ولم يحتلم ولم يبلغ أقصى سن الاحتلام أيحد في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك يحد إذا أنبت وأحب إلي أن لا يحد وإن أنبت حتى يحتلم أو يبلغ من السن ما لا يجاوزه غلام إلا احتلم قال بن القاسم وقد كلمته في الانبات فرأيته يصغي إلى الاحتلام ( قلت ) أرأيت إذا أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب أو السجن أيقام عليه الحد أم لا في قول مالك ( قال ) قالمالك من أقر بعد التهديد أقيل
فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله وأرى أن يقال ( قلت ) والوعيد والتهديد عند مالك بمنزلة السجن والضرب ( قال ) قد أخبرتك بقوله في التهديد فما سألت عنه عندي مثله ( قلت ) أرأيت ان أقر بعد القيد والضرب ثم ثبت على إقراره أيقيم عليه مالك الحد وإنما كان أصل اقراره غير جائز عليه ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا إلا ما أخبرتك أنه قال يقال وأنا أرى أنه ما كان من إقراره بعد أمن من عقوبة يعرف ذلك فأرى أن يقام عليه الحد أو يخبر بأمر يعرف به وجه صدق ما أقر به وعين وإلا لم أر أن يقطع لان الذي كان من إقراره أول مرة قد انقطع وهذا كانه إقرار حادث بل هو اقرار حادث ( قلت ) أيخلى عنه إذا كان إقراره إنما كان خوفا منه في قول مالك وهو لم يرجع عن إقراره ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يحبس حتى يستبرأ أمره ( قلت ) فإن ضرب وهدد فأقر فأخرج القتيل أو أخرج المتاع الذي سرق أيقيم عليه الحد فيما قد أقر به أم لا وقد أخرج ذلك ( قال ) لا أقيم عليه الحد إلا أن يقر بذلك آمنا لا يخاف شيئا ( قلت ) فإن جاء ببعض المتاع وأتلف بعض المتاع أتضمنه بقية المتاع إذا جاء بوجه يعذر به ( قال ) لا ( قلت ) أفتضمنه الدية إذا جاء بوجه يعذره به السلطان ( قال ) لا أضمنه الدية ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا وهو رأيي ( قلت ) أرأيت السارق إذا شهدوا عليه بالسرقة أيستحسن للامام أن يقول له قل ما سرقت ( قال ) لم أسمعه من مالك ولم أسمع أحدا يذكر هذا عنه ولا أرى للامام أن يقول له شيئا من ذلك ( قلت ) أرأيت إذا كان
____________________
(16/293)
________________________________________
البرد الشديد أو الحر الشديد فأتى بالسارق فشهدوا عليه بالسرقة فخاف الامام ان قطعه أن يموت لشدة الحر والبرد أيرى مالك أن يؤخره الامام ( قال ) بلغني أن مالكا كان يقول في البرد الذي يخاف منه أن يكن منه ان الامام يؤخره فأرى إن كان الحر أمرا يعرف خوفه لا يشك فيه انه بمنزلة البرد فأراه مثله ( قلت ) أرأيت إن شهدوا عليه بالسرقة فأراد الامام قطعه فشهد آخرون عليه بالقتل أيأتي القتل على السرقة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن شهدوا عليه بسرقة وشهد عليه آخرون بقتل عمدا فعفا أولياء القتيل أيقطعه أم لا في قول مالك ( قال ) نعم يقطع في رأيي ( قلت ) أرأيت ان قطع يمين رجل وسرق لم تقطع يمينه ( قال ) قال مالك للسرقة ( قلت ) فهل يكون للذي قطعت يمينه الدية في ماله أم لا ( قال ) قال مالك من قطع يمين رجل فأصاب القاطع بلاء من السماء فذهبت يمينه أنه لا شيء للمقطوعة يمينه على القاطع لا من دية ولا غيرها لان الذي كان حقه فيه قد ذهب فكذلك الذي سرق وقطع يمين رجل إذا قطع في السرقة فلا شيء للذي قطعت يمينه ( قلت ) لم قطع مالك يمينه للسرقة ولم يقطعها ليمين المقطوعة يده ( قال ) قال مالك إذا اجتمع حد العباد وحد الله يكون للعباد أن يعفوا عنه وحد الله لا يجوز للعباد العفو عنه فإنه يقام الحد الذي هو لله الذي لا يجوز العفو عنه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا سرق وقطع شمال رجل فرفع للسلطان أيقطعه للسرقة ويقتص من شماله ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هو رأيي لان من سرق عند مالك أقيم عليه حد السرقة ومن قطع متعمدا اقتص منه ( قلت ) فهل يجمع القطعان عليه جميعا أم يقطع يمينه ثم يؤخره حتى إذا برأ قطع شماله في القصاص ( قال ) سألت مالكا عن الحد والنكال يجمعان على الرجل ( قال ) قال مالك ذلك إلى الامام على ما يرى ان رأى أن يجمعهما جميعا جمعهما وإن رأى أن يفرق فرق ( قال ) قال مالك وما سمعت في هذا حدا ( قلت ) أرأيت ان اجتمع على رجل القصاص والحدود التي هي لله بأيها يبدأ ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك في القطع والسرقة إذا اجتمعا في اليد الواحدة أخذ الحد الذي هو لله فأرى أن يبدأ بما هو لله فيؤخذ فإن عاش أخذ
____________________
(16/294)
________________________________________
ما للعباد وان مات كان قد أخذ منه ما هو لله لان الحدود التي هي لله لا عفو فيها فلذلك ينبغي أن يبدأ بها ويعجل قبل القصاص وان لم يخف الامام عليه شيئا جمع ذلك عليه وان خاف عليه الموت فرق ذلك عليه مثل ما قال لي مالك في الضرب والنكال ( قلت ) أرأيت إن قال سرقت من فلان وقال فلان ما سرق مني شيئا ( قال ) أقيم عليه الحد ( قلت ) أرأيت ان أقمت الحد عليه أيقول للذي أقر بالسرقة احمل متاعك فيجعل المتاع متاعه ويقطعه ( قال ) نعم إلا أن يدعيه رب المتاع فيكون ذلك له ( قلت ) أرأيت ان قال سرقت هذا المتاع من فلان وقال فلان بل المتاع متاعك ولم تسرقه مني أو قال له انه كان استودعنيه وقوله أنا سرقته إنما أخذ متاعه أو قال إنما بعث بهذا المتاع معي إليه وهو يقر على نفسه بالسرقة ( قال ) الذي سمعت من مالك وهو رأيي أنه يقطع ولا يلتفت إلى قوله الآخر لان هذا مقر بالسرقة ( قلت ) أرأيت من سرق من بيت المال هل يقطع ( قال ) قال لي مالك نعم يقطع ( قلت ) أرأيت من سرق من مغنم وهو من أهل ذلك المغنم ( قال ) قال لي مالك يقطع ( قلت ) لم قطعه مالك وله فيه نصيب ( قال ) قال لي مالك كم حصته من ذلك ( قلت ) أرأيت المكاتب يسرق من مال سيده ( قال ) قال لي مالك لا قطع عليه ( قلت ) فلو سرق السيد من مال مكاتبه أيقطع أم لا ( قال ) قال مالك أما ما أخبرتك في المكاتب أنه إذا سرق من مال سيده لم يقطع فالسيد إذا سرق من مال مكاتبه أحرى أن لا يقطع ( قلت ) فأم الولد إذا سرقت من مال سيدها ( قال ) قال مالك لا يقطع العبد إذا سرق من مال سيده ولا المكاتب فأم الولد بهذه المنزلة ( قلت ) أرأيت الرجل والمرأة في القطع والاقرار بهذه المنزلة بالسرقة سواء عند مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الاخرس أيقطع إذا سرق أو أقر بالسرقة ( قال ) إذا شهدت عليه الشهود بسرقة قطع وإذا أقر فإن كان إقراره أمرا يعرف ويعين قطع وإلا لم يقطع ( قلت ) أرأيت من سرق سرقة فلم يرفع إلى السلطان حتى ورثها السارق ثم رفع إلى السلطان والسرقة له من ميراث ورثه بعد السرقة أيقطع في قول مالك أم لا ( قال ) يقطع إذا رفع إلى
____________________
(16/295)
________________________________________
السلطان وان كان قد ورث السلعة قبل ذلك أو وهبت له أو تصدق بها عليه أو اشتراها فإن هذا كله وما أشبهه لا يدرأ به عنه الحد في رأيي
فيمن سرق وديعته التي جحدها المستودع وفيمن سرق من رجلين وأحدهما غائب ( قلت ) أرأيت لو أني استودعت رجلا متاعا فجحدني فسرقت هذا المتاع وكانت عندي بينة أني كنت استودعته هذا المتاع نفسه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يقام الحد ها هنا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا سرق من رجلين سلعة قيمتها ثلاثة دراهم وأحد الرجلين المسروق منهما غائب أيقطع أم لا ( قال ) نعم يقطع في رأيي ( قلت ) أفيقضي لهذا الحاضر بنصف قيمة السرقة إذا كانت مستهلكة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن قدم الغائب وأصاب السارق عديما ( قال ) ان كان يوم قطعت يده مليا ثم أعدم بعد ذلك فإنه يأخذ نصف ما أخذ الشريك ويتبعان جميعا السارق بنصف قيمة السلعة الباقي وإن كان يوم قطعت يده لم يكن له من المال إلا مقدار ما أخذ شريكه رجع عليه فشاركه ولم يرجع على السارق بشيء ولم يتبع به وهذا مثل ما قال مالك في الشريكين يكون لهما الدين على الرجل فيطلبه أحدهما بحصته فيأخذ حصته ثم يقدم صاحبه الغائب فيصيب الذي كان عليه الدين عديما انه يرجع على شريكه بنصف ما قبض فيأخذه منه
فيمن ادعى السرقة على رجل وفيمن أقر بالسرقة ثم نزع ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا ادعى على رجل أنه سرق منه ولا بينة له فقال استحلفه لي أيستحلف له في قول مالك ( قال ) ان كان المدعي عليه متهما بذلك موصوفا به استحلف وامتحن وهدد وان كان على غير ذلك لم يعرض له ولم يصنع به من ذلك شيء ( قال ) ولقد قال مالك في المرأة تزعم ان فلانا استكرهها فجامعها ولا يعرف ذلك إلا بقولها ( قال ) قال مالك تضرب المرأة الحد ان كانت قالت ذلك لرجل لا يشار إليه بالفسق
____________________
(16/296)
________________________________________
وإن كان ممن يشار إليه بالفسق نظر في ذلك وأرى في هذا ان هو قاله لرجل لا يشار إليه بذلك وهو من الفضل والدين رأيت أن يؤدب أدبا موجعا ولا يباح لاهل السفه شتم أهل الفضل والدين ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أقر أنه سرق من رجل ألف درهم بغير محنة ولا شيء ثم جحده بعد ذلك والمسروق منه يدعي ذلك ( قال ) يقال في ذلك ولا يقطع ويقضي عليه بالالف درهم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم تم كتاب السرقة من المدونة الكبرى ويليه كتاب المحاربين
____________________
(16/297)
________________________________________
كتاب المحاربين ما جاء في المحاربين ( قلت ) لابن القاسم أرأيت أهل الذمة وأهل الاسلام إذا حاربوا فأخافوا ولم يأخذوا مالا ولم يقتلوا فأخذوا كيف يصنع بهم الامام في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا أخافوا السبيل كان الامام مخيرا ان شاء قتل وان شاء قطع قال مالك ورب محارب لا يقتل وهو أخوف وأعظم فسادا في خوفه ممن قتل ( قلت ) فإن أخذه الامام وقد أخاف ولم يأخذ مالا ولم يقتل أيكون الامام مخيرا فيه يرى في ذلك رأيه ان شاء قطع يده وان شاء قطع رجله وان شاء قتله وصلبه أم لا يكون ذلك للامام ( قال ) قال مالك إذا نصب وأخاف وحارب وان لم يقتل كان الامام مخيرا وتأول مالك هذه الآية قول الله تبارك وتعالى في كتابه أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا قال فقد جعل الله الفساد مثل القتل ( قلت ) وكذلك ان أخاف ولم يأخذ المال ( قال ) إذا أخاف ونصب ولم يأخذ المال فإن الامام مخير وقد قال مالك وليس كل المحاربين سواء قال مالك منهم من يخرج بعصاه أو بشيء فيؤخذ على تلك الحال لم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل قال مالك فهذا لو أخذ فيه بأيسره لم أر بذلك بأسا ( قلت ) وما أيسره عند مالك ( قال ) أيسره وأخفه أن يجلد وينفي ويسجن في الموضع الذي نفي إليه ( قلت ) وإلى أي موضع نفي هذا المحارب إليه إذا أخذ
____________________
(16/298)
________________________________________
بمصر ( قال ) قد نفي عمر بن عبد العزيز من مصر إلى شقب ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال قد كان ينفي عندنا إلى فدك أو خيبر وقد كان لهم سجن يسجنون فيه ( قلت ) وكم يسجن حيث ينفي قال مالك يسجن حتى تعرف له توبة ( قلت ) أرأيت ان أخذه الامام وقد قتل وأخذ الاموال وأخاف السبيل كيف يحكم فيه ( قال ) يقتله ولا يقطع يده ولا رجله عند مالك ( قلت ) ويصلبه ( قال ) قال مالك لم أسمع أحدا صلب إلا عبد الملك بن مروان فإنه كان صلب الذي كان يقال له الحارث الذي كان تنبأ صلبه عبد الملك ( قال ) قال مالك وذلك إلى الامام يجتهد في ذلك ( قلت ) وكيف يصلبه في قول مالك أحيا أم ميتا ( قال ) لم أسمع من مالك إلا ما أخبرتك مما ذكر عن عبد الملك بن مروان فإنه صلب الحارث وهو حي وطعنه بالحربة بيده ( قال ) وأنا أرى أن يصلب حيا ويطعن بعد ذلك ( قلت ) أرأيت الذي أخذه الامام ولم يقتل ولم يفسد ولم يخف السبيل إلا أنه قد حارب خرج بخشبة أو ما أشبه هذا أيكون للامام أن يعفو عن هذا ( قال ) لا يكون للامام أن يعفو عن هذا عند مالك ولا عن أحد من المحاربين ( قلت ) فكم يضربه في قول مالك ( قال ) يجتهد الامام برأيه في ضربه ونفيه ( قلت ) أرأيت المحاربين من أهل الذمة وأهل الاسلام في قول مالك أهم سواء ( قال ) نعم والنصارى والعبيد والمسلمون في ذلك الحكم فيهم واحد عند مالك إلا أنه لا نفي على العبيد ( قلت ) أرأيت ان أخذ وقد أخاف السبيل وأخذ المال ( قال ) قال مالك إذا خرج ولم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل وأخذ بحضرة ما خرج أو خرج بخشبة أو ما أشبه ذلك ولم ينصب ولم يعل امره فإن الامام يجلد مثل هذا وينفيه قال مالك وان هو خرج واخاف السبيل ونصب وعلا أمره ولم يأخذ المال فالامام مخير ان شاء قتله وان شاء قطع يده ورجله ( قلت ) فهل يجتمع مع القطع والقتل الضرب ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك ( قلت ) أرأيت ان هو قتل وأخذ المال وأخاف أيكون للامام أن يقطع يده ورجله ولا يقتله ( قال ) لا يكون ذلك إلى الامام إذا قتل وأخذ المال قال مالك
____________________
(16/299)
________________________________________
فأرى أن يقتل ان رأى ذلك الامام إذا أخذ المال ولم يقتل ان يقتله قتله لان الله يقول في كتابه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا فأخذ المال من الفساد في الأرض وإنما يجتهد الامام في الذي يخيف ولا يقتل ولا يأخذ مالا ويؤخذ بحضرة ذلك قبل أن يطول زمانه قال مالك والذي تقطع يده ورجله لا أرى أن يضرب إذا قطعت يده ورجله ( قلت ) فإن قتل وأخذ المال أتقطع يده ورجله وتقتله أم تقتله ولا تقطع يده ورجله في قول مالك ( قال ) القتل يأتي على ذلك كله ( قال ) وإنما يخير الامام عند مالك إذا أخاف ولم يأخذ مالا ولم يقتل فأخذ بحضرة ذلك فأما من طال زمانه ونصب نصبا شديدا فهذا لا يكون الامام فيه مخيرا ويقتله الامام
وأما الذي أخذ بحضرة الخروج فإن مالكا قال في هذا لو ان الامام أخذ بأيسره لم أر بذلك بأسا وقد فسرت لك ذلك فهذا أصل قول مالك في هذه الأشياء ( قلت ) أرأيت ان أخذ المحاربون من المال أقل مما تقطع فيه اليد أقل من ثلاثة دراهم ( قال ) ليس حد المحاربين مثل حد السارق والمحارب إذا أخذ المال قليلا كان أو كثيرا فهو سواء والسارق لا يقطع إلا في ربع دينار ( قلت ) أرأيت ان قطعوا على المسلمين وعلى اهل الذمة أهو سواء في قول مالك ( قال ) نعم ولقد بلغني عن مالك أخبرني عنه من أثق به عن غير واحد ان عثمان قتل مسلما قتل ذميا على وجه الحرابة قتله على مال كان معه فقتله عثمان ( قلت ) أرأيت ان تابوا من قبل ان يقدر عليهم وقد كانوا قتلوا وأخافوا وأخذوا الاموال وجرحوا الناس ( قال ) قال مالك يضع عنهم حد الامام كل شيء إلا أن يكونوا قتلوا فيدفعون إلى أولياء القتلى وان أخذوا المال اغرموا المال ( قلت ) وكذلك الجراحات ( قال ) نعم ( قلت ) ويدرأ عنهم القتل والقطع في الذي كان يجب عليهم لو أخذوا قبل أن يتوبوا فأما ما صنعوا في أموال الناس وفي دمائهم وفي أبدانهم فهم يؤخذون بذلك عند مالك إلا أن يعفي عنهم ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان كانوا محاربين فقطعوا على الناس الطريق فقتلوا رجلا قتله واحد منهم إلا أنهم كانوا أعوانا له في تلك الحال إلا أن هذا الواحد منهم ولي القتل
____________________
(16/300)
________________________________________
حين زاحفوهم ثم تابوا وأصلحوا فجاء ولي المقتول يطلب دمه أيقتلهم كلهم أم يقتل الذي قتل وليه وحده ( قال ) قال مالك يقتلون كلهم إذا أخذوا على تلك الحال قال بن القاسم فإن تابوا قبل أن يؤخذوا فأتى أولياء المقتول يطلبون دمه دفعوا كلهم إلى أولياء المقتول فقتلوا من شاؤوا وعفوا عمن شاؤوا وأخذوا الدية ممن شاؤوا وقد ذكر مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين قال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا فهذا يدلك على أنهم شركاء في قتله فذلك إلى أولياء المقتول يقتلون من شاؤوا منهم ويعفون عمن شاؤوا منهم ( قال ) ولقد قال لي مالك في قوم خرجوا فقطعوا الطريق فتولى رجل منهم أخذ مال كان مع رجل ممن أخذ أخذه منه والآخرون وقوف إلا أنه بهم قوي وأخذ المال فأراد بعض من لم يأخذ المال التوبة وقد أخذ المال الذي أخذ ودفع إلى الذي لم يأخذ حصته ماذا ترى عليه حين ذلك أحصته التي أخذ أم المال كله ( قال ) بل أرى المال كله عليه لأنه إنما قوي الذي أخذ المال بهم والقتل أشد من هذا فهذا يدلك على ما أخبرتك به من القتل ولقد ذكروا عن مالك عن عمر بن الخطاب أن بعضهم كان ربيئة للذين قتلوا فقتله عمر معهم ( قلت ) أرأيت ان كانوا قد أخذوا المال فلما تابوا كانوا عدما لا مال لهم أيكون ذلك لأصحاب المال دينا عليهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن أخذوا قبل أن يتوبوا أقيم عليهم الحد فقطعوا أو قتلوا ولهم أموال أخذت أموال الناس من أموالهم وإن لم يكن لهم يومئذ مال لم يتبعوا بشيء مما أخذوا بمنزلة السرقة ( قال ) نعم وهو قول مالك فيما بلغني عمن أثق به وهو رأيي ( قلت ) أرأيت ان أخذهم الامام وقد قتلوا وجرحوا وأخذوا الاموال فعفا عنهم أولياء القتلى وأولياء الجراحات وأهل الاموال أيجوز عفوهم في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يجوز العفو ها هنا ولا يجوز للامام أن يعفو لان هذا حد من حدود الله قد بلغ السلطان فلا يجوز فيه العفو ولا يصلح لأحد أن يشفع فيه لانه حد من حدود الله ( قلت ) فإن تابوا وأصلحوا وقد قتلوا أناسا من أهل
____________________
(16/301)
________________________________________
الذمة ولم يقتلوا أحدا غيرهم ( قال ) أرى أن الدية في أموالهم لأولياء القتلى لان المسلم لا يقتل بالذمي عند مالك ( قلت ) فإن كانوا ذميين أكان عليهم القود في قول مالك ( قال ) نعم لان مالكا قال يقتل النصراني بالنصراني ( قلت ) وكيف تعرف توبة هؤلاء النصارى المحاربين في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى ان تركوا ما كانوا عليه قبل أن يقدر عليهم فلا أرى أن يقام عليهم حد المحاربين ( قلت ) أرأيت ان كانت فيهم امرأة أيكون سبيلها في قول مالك سبيل الرجال أم لا وهل يكون النساء محاربات في قول مالك أم لا ( قال ) أرى أن النساء والرجال في ذلك سواء ( قلت ) فالصبيان ( قال ) لا يكونون محاربين حتى يحتلموا عند مالك لان الحدود لا تقام عليهم عند مالك والحرابة حد من الحدود والنساء إنما صرن محاربات لان مالكا قال تقام عليهن الحدود والحرابة حد من الحدود ( قلت ) أرأيت ان قطعوا الطريق في مدينتهم التي خرجوا منها فأخذوا أيكونون محاربين في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان خرج مرة فأخذه الامام فقطع يده ورجله ثم خرج ثانية فأخذه الامام أيكون له أن يقطع يده الاخرى ورجله الاخرى ( قال ) نعم ان رأى أن يقطعه قطعه ( قلت ) وسمعته من مالك ( قال ) لا إلا أني أراه مثل السارق ألا ترى أنه يقطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله فكذلك المحارب تقطع يده ورجله فإن خرج ثانية فإن رأى الامام أن يقطعه قطع يده الباقية ورجله ( قلت ) أرأيت ان أخذ الامام هذا المحارب وهو أقطع اليد اليمنى فأراد قطعه ورأى أن يقطعه كيف يقطعه ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن قول مالك في السارق إذا كان أقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى قطع رجله اليسرى وترك يده اليمني فكذلك المحارب إذا لم تكن يده اليمنى قائمة قطعت يده اليسرى ورجله اليسرى وهذا عندنا بين لان الله تبارك وتعالى قال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض
فالقطع في المحارب في يده ورجله جميعا إنما هما جميعا شيء واحد بمنزلة
____________________
(16/302)
________________________________________
القطع في يد السارق أو رجله إنما هو شيء واحد فإذا أصاب إحدى اليدين شلل أو قطع رجع إلى اليد الاخرى والرجل التي تقطع معها لانهما في القطع بمنزلة الشيء الواحد في المحارب ألا ترى أن السارق إذا أصيب أقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى رجع الامام إلى رجله اليسرى فإن أصابه أيضا أقطع أصابع اليمني قطع رجله اليسرى ولم يقطع بعض اليد دون بعض فكذلك إذا كانت اليد ذاهبة في المحارب لم تقطع الرجل التي كانت تقطع معها ولكن تقطع اليد الاخرى والرجل التي تقطع معها حتى يكون من خلاف كما قال الله تعالى ( قلت ) أرأيت المحارب يخرج بغير سلاح أيكون محاربا أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ان فعل ما يفعل المحارب من تلصصهم على الناس وأخذ أموالهم مكابرة منه لهم فأراه محاربا ( قلت ) أرأيت الرجل الواحد هل يكون محاربا في قول مالك ( قال ) نعم وقد قتل مالك رجلا واحدا كان قد قتل على وجه الحرابة وأخذ مالا وأنا بالمدينة يومئذ ( قلت ) أرأيت القوم يشهدون على المحاربين أنهم قد قطعوا الطريق عليهم وقتلوا منهم ناسا وأخذوا أموالهم منهم ( قال ) سألت مالكا عنهم فقال مالك ومن يشهد على المحاربين إلا الذين قطع عليهم الطريق ( قال ) نعم تجوز شهادتهم عليهم فيما شهدوا به عليهم إذا كانوا عدولا من قتل أو أخذ مال أو غير ذلك ( قلت ) ويعطيهم هذه الاموال التي شهدوا عليها أن هؤلاء المحاربين قطعوا عليهم السبيل وأخذوها منهم أيعطيهم مالك هذا المال بشهادتهم ( قال ) نعم في رأيي إذا شهد بعضهم لبعض ولا تقبل شهادة أحد في نفسه في مال أخذ منه ( قلت ) أرأيت المحاربين اللصوص إذا أخذوا ومعهم الاموال فجاء قوم يدعون تلك الاموال وليست لهم بينة ( قال ) سألت مالكا عنها فقال مالك أرى للامام أن يقبل قولهم في أن المال لهم ولكن لا أرى أن يعجل بدفع ذلك المال إليهم ولكن ليستأن قليلا ولا يطول حتى ينتشر ذلك فإن لم يجئ للمال طالب سواهم دفعه إليهم وضمنهم ( قال ) فقلت لمالك الحميل ( قال ) لا ولكن يشهد عليهم ويضمنهم في أموالهم بغير حميل إن جاء لذلك طالب ( قلت ) أفيستحلفهم في قول
____________________
(16/303)
________________________________________
مالك ( قال ) لم أسمعه من مالك وأرى أن يحلفهم ( قلت ) أرأيت القوم يخرجون تجارا إلى أرض الحرب فيقطع بعضهم الطريق على بعض وكلهم مسلمون ألا أنهم قد قطعوا في دار الحرب على مسلمين مثلهم وذميين دخلوا دار الحرب بأمان ( قال ) قال مالك في هؤلاء الخناقين الذين يخرجون مع الجيش إلى أرض الحرب فيخنقون الناس على أموالهم في دار الحرب في الصوائف ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال يقتلون ( قلت ) والخناق محارب عند مالك ( قال ) نعم الخناق محارب إذا خنق على أخذ مال
في الذين يسقون الناس السيكران ( قال ) وقال مالك وهؤلاء الذين يسقون الناس السيكران انهم محاربون إذا سقوهم ليسكروا فيأخذوا أموالهم ( قال ) قال مالك هم محاربون يقتلون ( قلت ) هذا يدلني على قول مالك أن من حارب وحده بغير سلاح انه محارب ( قال ) نعم يستدل بهذا ( قلت ) أرأيت محاربين أخذوا وقد أخذوا أموالا وأخافوا ولم يقتلوا فرأى الامام أن يقطع أيديهم وأرجلهم ولا يقتلهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يقتلهم أيضمنهم المال الذي أخذوا وقد استهلكوه في أموالهم أم لا ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال هو مثل السرقة وانهم يضمنون ان كان لهم مال يومئذ ولا يتبعون به دينا إذا لم يكن لهم مال ( قلت ) أرأيت من قتل قتل غيلة ورفع إلى قاض من القضاة فرأى أن لا يقتله وإن يمكن أولياء المقتول منه ففعل فعفوا عنه ثم استقضى غيره فرفع إليه افترى أن يقتله القاضي الثاني أم لا يقتله لانه قد حكم به قاض قبله في قول مالك ( قال ) لا أرى أن يقتله لانه مما اختلف الناس فيه ( قال ) وقال لي مالك من دخل على رجل في حريمه على أخذ ماله فهو عندي بمنزلة المحارب يحكم فيه كما يحكم في المحارب ( قلت ) أرأيت قوما محاربين شهد عليهم الشهود بالحرابة فقتلهم رجل قبل أن تزكي البينة وقبل أن يأمر القاضي بقتلهم كيف يصنع مالك بهذا الذي قتلهم ( قال ) قال مالك ان زكيت البينة أدب هذا الذي قتلهم ولم يقتل ( قلت ) أرأيت ان لم تزك البينة
____________________
(16/304)
________________________________________
وبطلت الشهادة أتقتله ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت المحاربين أجهادهم عند مالك جهاد ( قال ) قال مالك نعم جهادهم جهاد ( قلت ) فإن شهدت الشهود باقراره بالحرابة وهو منكر أيقيم الامام عليه الحد حد الحرابة أم لا ( قال ) لا يقام ذلك عليه ويقال
____________________
(16/305)
________________________________________
كتاب الجراحات باب تغليظ الدية قال سحنون قلت لابن القاسم هل كان مالك يعرف شبه العمد في الجراحات أو في قتل النفس ( قال ) قال مالك شبه العمد باطل وإنما هو عمد أو خطأ ولا أعرف شبه العمد ( قلت ) ففي أي شيء يري مالك الدية مغلظة ( قال ) قال مالك في مثل ما صنع المدلجي بإبنه فلا يراه إلا في الوالد في ولده إذا قتله فحذفه بحديدة أو بغير ذلك مما لو كان غير الوالد فعل ذلك به قتل به فإن الوالد يدرأ عنه في ذلك القود وتغلظ عليه الدية على الوالد ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة قال بن القاسم والخلفة التي في بطونها أولادها قلت فهل ذكر لكم مالك أن أسنان هؤلاء الخلفات ما بين ثنية إلى بازل عامها قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يبالي أي الأسنان كانت قلت فهل تؤخذ هذه الدية حالة أم في ثلاث سنين قال بل حالة ألا ترى أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لسراقة بن جعشم المدلجي اعدد لي على قديد عشرين ومائة بعير قال وقال مالك ولا تغلظ الدية في أخ ولا زوج ولا زوجة ولا في أحد من الأقارب قال وبلغني عمن أثق به عن مالك في الجد أنه يراد مثل الأب تغلظ عليه الدية قال بن القاسم وأنا أرى ذلك وأرى الأم مثل ذلك أيضا في التغليظ وهي أقعدهما ( قلت ) لابن القاسم فهل تغلظ الدية في ولد الولد
____________________
(16/306)
________________________________________
( قال ) نعم كذلك بلغني عن مالك أنه قال أراه مثل الأب ( قال ) وقال مالك لا تغلظ الدية في الشهر الحرام ( قال ) ولا تغلظ الدية على من قتل خطأ في الحرم ( قال ) وقال مالك لا ولا تغلظ الدية عليه ( قلت ) أرأيت التغليظ في قول مالك على أهل الورق والذهب كيف هو ( قال ) ينظركم قيمة الثلاثين جذعة والثلاثين حقة والأربعين خلفة فيعرف كم قيمتهن ثم ينظر إلى دية الخطأ أخماسا من الأسنان عشرين بنت مخاض وعشرين بن لبون ذكور وعشرين بنت لبون وعشرين حقة وعشرين جذعة فينظركم قيمة هذه ثم ينظركم فضل ما بين القيمتين ما بين قيمة دية التغليظ ودية الخطأ فيزاد في الدية على قدر ذلك إن كان خمسا أو سدسا أو ربعا ( قلت ) ولم يذكر لكم مالك أن هذا شيء قد وقت فيما مضى ولا يكون لأهل زماننا أن ينظروا في زيادته اليوم ( قال ) لا لم يذكر لنا مالك ذلك ( قال ) وأرى أن ينظر إلى ذلك في كل زمان فيزاد في الدية قدر ما بين القيمتين على ما وصفت لك وتفسير قول مالك أن ينظر كم دية المغلظة فإن كان قيمتها ثمانمائة دينار ودية الخطأ ستمائة دينار فالعقل من دية الخطأ الثلث حمل على أهل الدية المغلظة ( قلت ) فالدية من الورق قال فانظر أبدا ما زادت دية المغلظة على دية الخطأ كم هو من دية الخطأ فاحمله على أهل الذهب والورق وينظر كم هو من دية المغلظة وهذا تفسير قول مالك قال بن القاسم وكذلك في الجراحات فيما تغلظ فيه ( قلت ) فإن غلت أسنان المغلظة حتى صارت تساوي مثلى دية الخطأ أيزاد في الدية دية أخرى مثلها وإن كان أكثر من ذلك زدت عليها ( قال ) نعم وهو رأيي ( قال ) وقال مالك في جراحات الوالد ولده إن كان بحال ما صنع المدلجي بإبنه في التغليظ مثل ما في النفس وإذا قطع الرجل يد إبنه وعاش الولد كانت نصف الدية مغلظة خمس عشرة جذعة وخمس عشرة حقة وعشرون خلفة في بطونها أولادها فعلى هذا فقس جراحاتها كلها ( قلت ) وما بلغ من جراحات الوالد إبنه الثلث حملته العاقلة مغلظة وما لم يبلغ الثلث ففي مال الوالد مغلظا على الوالد ( قال ) لا أرى إن تحمله العاقلة على حال وأراه في مال الوالد ولا تحمل العاقلة منه شيئا فإن كان أكثر من ثلث الدية فهو في مال الأب
____________________
(16/307)
________________________________________
مغلظا على الوالد ( قلت ) ولا يرث الأب من ديته شيئا في قول مالك ( قال ) نعم ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال أين أخو المقتول فدفع إليه الدية دون الوالد ( قلت ) أفيرث من ماله وقد قتله يحال ما صنع المدلجي بإبنه قال بن القاسم أرى أن لا يرث من ماله قليلا ولا كثيرا لأنه من العمد وليس من الخطأ ولو كان من الخطأ لحملته العاقلة وهو مما لو كان من غيره لم يرث من ماله فهو والأجنبيون في الميراث سواء وإن صرف عنه القود والأب ليس كغيره في القود ولقد قال ناس وإن عمد للقتل فلا يقتل فهذا يدلك على هذا ولو أن رجلا عمد لقتل إبنه فذبحه ذبحا ليس مثل ما صنع المدلجي والدة فعلت ذلك بولدها متعمدة لذبحه أو لتشق بطنه مما يعلم الناس أنها تعمدت للقتل نفسه لا شك في ذلك فأرى في ذلك القود يقتلان به إذا كان كذلك إلا أن يعفو من له العفو والقيام بذلك ( قلت ) والوالدة في ولدها إذا صنعت بذلك مثل ما صنع المدلجي بإبنه فهي في ذلك بمنزلة الوالد لا قود عليها والدية مغلظة في قول مالك ( قال ) نعم وهي أعظم حرمة
تفسير العمد والخطأ ( قلت ) أرأيت ما تعمدت من ضربة بلطمة أو بلكزة أو ببندقة أو بحجر أو بقضيب أو بعصا أو بغير ذلك أفيه القود إذا مات من ذلك عند مالك أم لا ( قال ) قال مالك في هذا كله القود إذا مات من ذلك قال مالك وقد تكون أشياء من وجه العمد لا قود فيها مثل الرجلين يصطرعان فيصرع أحدهما صاحبه أو يتراميان بالشيء على وجه اللعب أو يأخذ برجله على حال اللعب فيسقط فيموت من هذا كله فإنما في هذه الدية دية الخطأ أخماسا على العاقلة ( قال ) وقال مالك ولو تعمد هذا على غير وجه اللعب ولكن على وجه القتال فصرعه فمات أو أخذ برجله فسقط فمات كان في هذا كله القصاص
دية الأنف قلت أرأيت الأنف ما قول مالك فيه قال قال مالك فيه الدية كاملة
____________________
(16/308)
________________________________________
قلت فإن قطع من المارن ( قال ) قال مالك إذا قطع من العظم وهو تفسير المارن ففيه الدية كاملة ( قلت ) فمن قطع المارن أو من أصله إذا قطعه الرجل من أصله أو قطعه من المارن فذلك سواء ( قال ) نعم إنما فيه الدية كاملة بمنزلة رجل قطع حشفة رجل ففيها الدية كاملة وإن قطع ذكر رجل من أصله ففيه الدية كاملة فدية الحشفة ودية الذكر كله سواء عند مالك وكذلك المارن والأنف إذا قطع من أصله فذلك في الدية سواء ( قلت ) أرأيت إن خرم أنفه أفيه شيء أم لا في قول مالك ( قال ) الذي سمعت من مالك أنه قال في كل فاقدة في عضو من الأعضاء إذا برأ ذلك وعاد لهيئته على غير عثل فلا شيء فيه لا حكومة ولا غير ذلك وإن برأ على عثل ففيه الاجتهاد وأرمي في الأنف إن برأ على غير عثل أنه لا شيء فيه وإن برأ على عثل ففيه الاجتهاد ( قلت ) ولا يعرف مالك في هذا القول في كل فاقدة في كل عضو من الأعضاء ثلث دية ذلك العضو ( قال ) قال مالك ليس عليه العمل عندنا
عقل الموضحة ( قلت ) أرأيت الموضحة إذا برأت على غير عثل ونبت الشعر في موضع الشجة أيكون فيها نصف عشر الدية عند مالك قال نعم وإن برأت على غير عثل ( قلت ) وإن برأت على عثل ( قال ) قال مالك وإن برأت على شين كان في ذلك الشين الإجتهاد مع نصف عشر الدية أيضا ( قلت ) فما فرق ما بين الموضحة إذا برأت على غير عثل وبين الأنف إذا خرمه فبرأ على غير عثل ( قال ) لأن الموضحة قد جاءت فيها دية مسماة أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الأنف حين خرمه فليس فيه عقل مسمي وليس فيه شيء إلا بعد البرء فعند ذلك ينظر إليه فإن كان يجب فيه شيء جعل ذلك على الجاني وإن كان لا يجب فيه شيء لم يكن على الجاني شيء وإنما يجب فيه إذا برأ على عثل فهذا فرق ما بين الموضحة والأنف وقد قال مالك في الأنف أنه ليس من الرأس وإنما هو عظم ناتئ فلذلك لا يكون على من أوضح الأنف فبرأ على غير عثل
____________________
(16/309)
________________________________________
موضحة ( قلت ) فالخد أفيه موضحة أم لا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فاللحي الأسفل أهو من الرأس وموضحته كموضحة الرأس في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) فما سوى الرأس من الجسد إذا أوضح على العظم فليس فيه عقل الموضحة في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) أرأيت موضحة الوجه أهي مثل موضحة الرأس ( قال ) نعم إلا أن تشين الوجه فيزاد فيها لشينها ( قال ) فقيل لمالك فحديث سليمان بن يسار حين قال يزاد في موضحة الوجه ما بينها وبين نصف عقل الموضحة ( قال ) قال مالك لا أرى ذلك ولكن يزاد فيها على قدر الإجتهاد إذا شانت الوجه فإن لم تشن الوجه فلا يزاد فيها شيء
دية اللسان ( قلت ) أرأيت اللسان ما منع منه الكلام أفيه الدية كاملة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن قطع اللسان من أصله فإنما فيه دية واحدة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ما قطع من اللسان مما لا يمنع الكلام ( قال ) إنما الدية في الكلام ليس في اللسان بمنزلة الأذنين إنما الدية في السمع وليس في الأذنين فكذلك اللسان إنما تكون الدية فيه إذا قطع منه ما يمنع الكلام ( قلت ) فإن قطع من لسانه ما نقص من حروفه ( قال ) ينظر فيه فيكون عليه من الدية بقدر ذلك ولا أقوم على حفظ الحروف عن مالك ( قلت ) فما ترى في الباء والتاء والثاء والراء والزاي أكل هذا سواء وينظر إلى تمام الحروف العربية فيحصيها فما نقص من لسان هذا الرجل إذا كان لسانه يتكلم بالحروف كلها جعلت على الجاني بقدر ذلك فإن بلغ الثلث حملته على العاقلة إذا كان خطأ وإن كان أقل من الثلث جعلته في ماله ( قال ) لا أدري ما هذا ولكن إنما ينظر إلى ما نقص من كلامه لأن الحروف بعضها أثقل من بعض فيكون عليه ما نقص ( قلت ) فهل يقول مالك في عمد اللسان القود ( قال ) قال مالك إذا كان يستطاع القود منه ولم يكن متلفا مثل الفخذ والمنقلة وما أشبه ذلك أقيد منه وإن كان متلفا مثل الفخذ والمنقلة لم يقد منه
____________________
(16/310)
________________________________________
دية الذكر ( قلت ) أرأيت الحشفة أفيها الدية في قول مالك ( قال ) قال مالك نعم ( قلت ) فإن قطع الذكر من أصله ففيه الدية في قول مالك دية واحدة ( قال ) قال مالك نعم ( قلت ) فإن قطعت حشفة رجل خطأ فأخذ الدية ثم قطع رجل آخر بعد ذلك عسيبه ( قال ) قال مالك فيه الإجتهاد ( قلت ) فإن قطع رجل حشفة رجل خطأ أينتظر به أم لا ينتظر به ( قال ) ينتظر به حتى يبرأ ( قال ) لأني سمعت مالكا يقول لا يقاد من الجارح عمدا إلا بعد البرء وحتى يعرف إلى ما صارت جراحاته إليه ولا يعقل الخطأ إلا بعد البرء وحتى يعرف إلى ما صارت إليه جراحاته ( قلت ) أرأيت هذا المقطوع حشفته إن قال لم تحبسني عن أن تفرض لي ديتي من اليوم وإنما هي دية كاملة إن أنا مت أو عشت وأنت إنما تحبسني خوفا من هذا القطع أن تصير نفسي فيه ( قال ) لأني لا أدري إلى ما يؤل هذا القطع لعل أنثييه أو رجليه أو بعض جسده سيذهب من هذا القطع فلا أعجل حتى أنظر إلى ما تصير إليه شجته ألا ترى أن الموضحة إن طلب المجني عليه ديتها وقال لا يحبسني بها إني لا أعجلها له حتى أنظر إلى ما تصير شجته ألا ترى أن المجني عليه موضحة إن قال عجل لي دية موضحتي فإن آلت إلى أكثر من ذلك زدتني وإن لم تؤل إلى ما هو أكثر من ذلك كنت قد أخذت حقي أنه لا يعجل له ولا يلتفت إلى قوله هذا وإنما في هذا الإتباع والتسليم للعلماء أو لعله أن يموت فتكون فيه القسامة ولقد سمعت أهل الأندلس سألوا مالكا عن اللسان إذا قطع وزعموا أنه ينبت فرأيت مالكا يصغي إلى أن لا يعجل له فيه حتى ينظر إلى ما يصير إليه إذا كان القطع قد منعه الكلام ( قلت ) في الدية أو في القود ( قال ) في الدية ( قال ) وبلغني عن مالك أنه قال القود في اللسان إن كان يستطاع قود ذلك ولا يخاف منه ففيه القود يريد مثل خوف المأمومة والجائفة فإن هؤلاء لا قود فيهن لما يخاف فيهن فإن كان اللسان مما يخاف فلا قود فيه ( قلت ) أرأيت ما قطع من طرف الحشفة أي شيء فيه أيحساب الذكر أم إنما يقاس من الحشفة
____________________
(16/311)
________________________________________
فيجعل على الجاني بحساب ما يصيب ما قطع من الحشفة من الدية ( قال ) إنما تقاس الحشفة فينظر إلى ما قطع منها فيقاس فما نقص من الحشفة كان عليه بحساب ذلك من الدية ( قلت ) ولا يقاس من أصل الذكر ( قال ) لا ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ألا ترى أن اليد لو قطعت من المنكب كان عقلها قد تم فإن قطع منها أنملة من الأنامل إنما هي على حساب الأصابع ولا ينظر إلى اليد كلها وكذلك الحشفة ( قلت ) أرأيت ما قطع من الأنف من أين يحسب إذا كان من طرفه أو من أصله أم من المارن ( قال ) قال مالك يحسب بحساب ما ذهب منه من المارن بمنزلة الحشفة
ما جاء في الصلب والهاشمة والباضعة وأخواتها ( قلت ) أرأيت الصلب إذا ضربه الرجل فحدب أتكون فيه الدية ( قال ) قال مالك في الصلب الدية قال بن القاسم إنما تكون الدية في الصلب إذا أقعده فلم يقدر على القيام مثل اليد إذا شلت فأما إذا مشى فأصابه في ذلك عثل أو حدب فإنما يجتهد له فيه ( قلت ) أرأيت الصلب إذا كسره رجل فبرأ وعاد لهيئته أتكون فيه الدية أم لا ( قال ) ليس فيه دية عند مالك لأن مالكا قال في كل كسر خطأ أنه إذا برأ وعاد لهيئته أنه لا شيء فيه إلا أن يكون عمدا يستطاع القصاص فيه فإنه يقتص منه وإن كان عظما إلا في المأمومة والمنقلة والجائفة وما لا يستطاع أن يقتص منه فلا شيء فيه من القود إلا الدية في عمد ذلك مع الأدب في العمد ( قلت ) أرأيت الهاشمة أفيها القود عند مالك في الرأس كانت أو في عظم من الجسد ( قال ) قال مالك أما عظام الجسد ففيها القود من الهاشمة إلا ما كان مخوفا مثل الفخذ وما أشبهه فلا قود فيه وأما الرأس قال بن القاسم فلم أسمع فيه شيئا ولا أرى فيه قودا لأني لا أجد هاشمة تكون في الرأس إلا كانت منقلة وأما الباضعة والملطأة والدامية وما أشبهها وما يستطاع منه القود ففيه القود في العمد كذلك قال لي مالك قال بن القاسم والهاشمة في الرأس مما لا يستطاع منه القود
____________________
(16/312)
________________________________________
ما جاء في دية العقل والسمع والأذنين ( قلت ) أرأيت مالكا هل كان يقول إن في العقل الدية ( قال ) قال مالك نعم في العقل الدية قال مالك وقد تكون الدية فيما هو أيسر من العقل ( قلت ) له ما يقول مالك في الأذن إذا اصطلمت أو ضربت فشدخت ( قال ) قال مالك ليس فيها إلا الإجتهاد ( قلت ) فإن ضربه ضربة فذهب سمعه واصطلمت أذناه أتكون فيها دية وحكومة في قول مالك ( قال ) قال مالك في الأذنين إذا ذهب سمعهما ففيهما الدية اصطلمتا أو لم تصطلما ( قلت ) أرأيت الأذنين إذا قطعهما رجل عمدا فردهما صاحبهما فثبتتا أو السن إذا أسقطها الرجل عمدا فردها صاحبها فبرأت وثبتت أيكون القود على قاطع الأذن أو القالع السن ( قال ) سمعتهم يسألون عنها مالكا فلم يرد عليهم فيها شيئا ( قال ) وقد بلغني عن مالك أنه قال في السن القود وإن ثبتت وهو رأيي والأذن عندي مثله أن يقتص منه والذي بلغني عن مالك في السن لا أدري أهو في العمد يقتص منه أو في الخطأ إن فيه العقل إلا أن ذلك كله عندي سواء في العمد وفي الخطأ
باب ما جاء في الأسنان والأضراس ( قلت ) أرأيت الأسنان والأضراس عند مالك سواء ( قال ) نعم ( قلت ) فكم في كل سن عند مالك ( قال ) خمس من الإبل ( قلت ) وإن كانت سنا سوداء ( قال ) فيها خمس من الإبل وهي كالصحيحة إلا أن تكون تضطرب اضطرابا شديدا وإن كانت كذلك فليس فيها إلا الإجتهاد ( قلت ) فإن كانت سنا مأكولة قد ذهب بعضها فقلعها رجل عمدا أو خطأ ( قال ) لم أسمع من مالك فيها شيئا إلا أني أرى في هذا على حساب ما بقي منه لأنه ناقص غير تام
ما جاء في الإليتين والثديين وحلق الرأس والحاجبين ( قلت ) أرأيت أليتي الرجل والمرأة أفيهما الدية عند مالك ( قال ) لا أقوم على حفظ قوله في هذا والذي أرى أن في هذا الحكومة ( قلت ) لم وهذا زوج من الإنسان
____________________
(16/313)
________________________________________
وعلى ما قلته ( قال ) لأن مالكا قال ليس في ثديي الرجل إلا الإجتهاد وكذلك هذا عندي ( قلت ) أرأيت الرأس إذا حلق فلم ينبت أي شيء فيه في قول مالك ( قال ) ما سمعت فيه شيئا ( قلت ) فاللحية ( قال ) ما سمعت من مالك فيها شيئا وأرى فيهما جميعا حكومة على الإجتهاد ( قلت ) أرأيت إن حلقهما عمدا حلق الرأس واللحية عمدا أيكون فيهما القصاص ( قال ) لا إلا الأدب والحاجبان مثل ذلك في رأيي ( قلت ) أرأيت العين إذا إبيضت أو انخسفت أو ذهب بصرها وهي قائمة ( قال ) قال مالك إن كان هذا كله خطأ ففيه الدية وإن كان عمدا فخسفها خسفت عينه وإن لم تنخسف وكانت قائمة وذهب بصرها كله فإن مالكا قال إن كان يستطاع منه القود أقيد وإلا فالعقل ( قال ) والبياض عندي مثل القائم العين إن كان يستطاع منه القود أقيد وإلا فالعقل ( قلت ) أرأيت إن ضربها فنزل الماء فأخذ الدية أو ابيضت فأخذ الدية فبرأت بعد ذلك أترد الدية إليه ( قال ) أرى ذلك وما سمعته من مالك ( قلت ) فكم ينتظر بالعين ( قال ) قال مالك سنة ( قلت ) فإن مضت السنة والعين منخسفة لم يبرأ جرحها ( قال ) أرى أن ينتظر حتى يبرأ الجرح لأنه لا قود إلا بعد البرء وكذلك في الدية أيضا إنما هي بعد البرء ( قلت ) وهل كان مالك يقول في العين إذا ضربت فسال دمعها فلم يرقأ ( قال ) لم أسمعه إلا في العين إذا ضربت فدمعت أنه ينتظر بها سنة ( قلت ) فإن لم يرقأ دمعها ( قال ) أرى فيها حكومة
ما جاء في شلل اليد والرجل ( قلت ) أرأيت اليد إذا شلت أو الرجل إذا شلت ما قول مالك فيهما ( قال ) قال مالك قد تم عقلهما ( قلت ) فإن كانت الضربة عمدا فشلت يده هل فيها القصاص في قول مالك ( قال ) نعم في اليد والرجل القود ويضرب الضارب كما ضرب يقتص لهذا المضروب من الضارب قال بن القاسم فإن شلت يد الضارب وإلا كان عقل اليد في مال الضارب وليس على العاقلة من ذلك شيء ( قلت ) من يستقيد المضروب أو غير المضروب ( قال ) قال مالك لا يمكن الذي له القود من أن يقتص لنفسه إنما يدعي له من يعرف
____________________
(16/314)
________________________________________
القصاص فيقتص له ولا يمكن المجروح من ذلك ( قلت ) لابن القاسم أرأيت الأصبع إذا شلت أفيها دية كاملة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت من قطع هذه الأصابع بعد ذلك خطأ ( قال ) فيها حكومة كذلك قال مالك ( قلت ) فإن كان عمدا ( قال ) فلا قود فيها وفيها الحكومة في مال الجاني عند مالك ( قلت ) أرأيت الأنثيين أفيهما الدية في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إن أخرج البيضتين أو رضهما أفيهما الدية في قول مالك ( قال ) قال مالك في الأنثيين الدية وإنما يراد من الأنثيين البيضتان فإذا أهلكت البيضتان فقد تمت الدية ( قلت ) أرأيت إن كان أخرجهما عمدا أو رضهما عمدا أتجعل فيهما القصاص في قول مالك ( قال ) قال مالك في الأنثيين القصاص ولا أدري ما قول مالك في الرض إلا أنه قال في الفخذ إذا كسر فلا قود فيه لأنه يخاف على صاحبه منه أن لا يحيا منه فأنا أخاف أن يكون قد رض الأنثيين بهذه المنزلة فإن كان يخاف على الأنثيين وكانتا متلفتين فلا قود فيهما لأن مالكا قال في كل ما كان متلفا من فخذ أو رجل أو صلب إذا علم أنه متلف فلا قود فيه مثل الجائفة والمأمومة وكذلك فسره مالك ( قلت ) أرأيت من لا ذكر له وله أنثيان فقطع رجل أليتيه ( قال ) قال مالك فيمن قطع ذكر رجل وأنثييه جميعا إن عليه ديتين فإن كان قطع أنثييه ولم يقطع الذكر ففيه الدية كاملة وإن قطع ذكره بعد ذلك ففيه الدية كاملة وإن قطع ذكره ثم قطع أنثييه بعد ذلك ففي الذكر الدية وفي الأنثيين أيضا بعد ذلك الدية كاملة ( قلت ) فمن لا ذكر له ففي أنثييه الدية كاملة في قول مالك ( قال ) كذلك قال مالك ( قلت ) ومن لا أنثيين له أفي ذكره الدية كاملة ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت البيضتين أهما سواء عند مالك اليمنى واليسرى ( قال ) نعم في كل واحدة منهما نصف الدية عند مالك
باب دية الشفتين والجفون وثديي المرأة والصغيرة ( قلت ) أرأيت الشفتين أهما سواء عند مالك ( قال ) نعم هما سواء في كل واحدة نصف الدية وليس يأخذ بحديث سعيد بن المسيب ( قلت ) أرأيت جفون
____________________
(16/315)
________________________________________
العينين أفيها الدية في قولك ( قال ) ليس في الجفون إلا الإجتهاد ( قلت ) وأشفار العينين كذلك في قول مالك إنما فيهما الإجتهاد ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الحاجبين فيهما الدية أم لا ( قال ) قال مالك ليس فيهما إلا الحكومة إذا لم ينبتا ( قلت ) أرأيت طرف ثديي المرأة أفيهما الدية في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ففي حلمتيهما الدية أيضا ( قال ) لم أسمع من مالك فيهما شيئا ولكن إن كان قد أبطل مخرج اللبن أو أفسده ففيه الدية كاملة في رأيي ( قلت ) أرأيت الصغيرة إذا قطع ثدياها والكبيرة أهما سواء في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن ينظر في ذلك فإن كان قد استيقن أنه قد أبطل ثدييها ولا يكون لها ثدي أبدا رأيت عليه الدية وإن شك في ذلك رأيت أن يوضع لها العقل ويستأنى بها مثل السن فإن نبتت فلا عقل لها وإن لم تنبت ففيها الدية وإن انتظرت فيبست ففيها الدية أيضا وإن ماتت قبل أن يعلم ذلك كانت فيهما لها الدية ( قلت ) أرأيت ثديي الرجل ما فيهما في قول مالك ( قال ) حكومة
باب حد الموضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة ( قلت ) صف لي ما حد الموضحة في قول مالك ( قال ) ما أفضى إلى العظم وإن كان مثل مدخل إبرة وإن كان ما هو أكثر من ذلك فإنما هي موضحة ( قلت ) فما حد المنقلة في قول مالك ( قال ) قال مالك ما أطار فراش العظم وإن صغر فهي منقلة ( قلت ) فما حد المأمومة في قول مالك قال ما يخرق العظم إلى الدماغ وان مدخل إبرة فهي مأمومة ( قلت ) فما حد الجائفة ( قال ) ما أفضى إلى الجوف وإن مدخل إبرة ( قلت ) أرأيت الجائفة إذا أنفذت أيكون فيها ثلثا الدية أم ثلث الدية ( قال ) اختلف قول مالك في ذلك وأحب إلي أن يكون فيها ثلثا الدية
دية الإبهام والكف وتقطيع اليد ( قلت ) أرأيت المفصلين من الإبهام كم فيهما ( قال ) عقل الأصبع تماما في كل مفصل
____________________
(16/316)
________________________________________
من الإبهام نصف عقل الأصبع وهو قول مالك ( قلت ) فإن قطع رجل إبهام رجل فأخذ دية الأصبع ثم قطع رجل بعد ذلك العقدة التي بقيت من الإبهام في الكف ( قال ) قال مالك ليس فيه إلا الحكومة ( قلت ) أرأيت الكف إذا لم يكن فيها أصابع فقطعت ما فيها في قول مالك ( قال ) الحكومة ( قلت ) وكذلك إن قطع بعض الكف ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت إن قطع أصبعين مما يليهما من الكف ( قال ) إن كان في ضربة واحدة فخمسا دية الكف عند مالك ( قلت ) ولا يكون له مع ذلك حكومة ( قال ) لا
باب هل تؤخذ في الدية البقر والغنم والخيل ( قلت ) أرأيت البقر والغنم والخيل هل تؤخذ في الدية في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يؤخذ في الدية إلا الإبل والدنانير والدراهم ( قلت ) ففي كم تؤخذ الدية في قول مالك ( قال ) في ثلاث سنين ( قلت ) من الإبل والدنانير والدراهم في ثلاث سنين ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كانت ثلث الدية ( قال ) ففي سنة وكذلك قال مالك ( قلت ) فإن كانت أقل من الثلث ( قال ) هذا في مال الجاني حالا ( قلت ) فإن كان الثلثين ( قال ) قال مالك في سنتين ( قال ) فقيل لمالك فالنصف ( قال ) أرى أن يجتهد الإمام في ذلك ( قلت ) وما معنى قوله يجتهد الإمام في ذلك ( قال ) إن رأى أن يجعله في سنتين جعله وإن رأى أن يجعله في سنة ونصف جعله ( قال ) وقد كان مالك يقول مرة في نصف الدية أنها في سنتين قال بن القاسم والسنتان أعجب إلي ويقول ذلك للحديث الذي جاء ثلاث سنين أو أربع وأخبرني مالك أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أرسل إلى عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم يسأله في كم تقطع الدية ( قال ) فأرسل إليه في ثلاث سنين أو أربع سنين ( قلت ) فإن كانت ثلاثة أرباع الدية قال في ثلاث سنين ( قلت ) فإن كانت خمسة أسداس الدية ( قال ) أرى اجتهاد الإمام في السدس الباقي ( قلت ) فمن أهل الدنانير في الدية في قول مالك ( قال ) أهل الشام وأهل مصر ( قلت ) فمن أهل الورق ( قال ) أهل العراق ( قلت ) فمن أهل
____________________
(16/317)
________________________________________
الإبل ( قال ) قالمالك مالك هم أهل العمود وهم أهل البوادي ( قلت ) أرأيت إن قال أهل البوادي نحن نعطي الذهب والورق أو قال أهل الورق نحن نعطي الذهب ( قال ) قال مالك لا يقبل من أهل الذهب إلا الذهب ولا من أهل الورق إلا الورق ولا من أهل الإبل إلا الإبل
عقل جراح المرأة ( قلت ) أرأيت المرأة إلى كم توازي الرجل إلى ثلث ديتها هي أم إلى ثلث دية الرجل ( قال ) قال مالك إلى ثلث دية الرجل ولا تستكملها أي إذا انتهت إلى ثلث دية الرجل رجعت إلى عقل نفسها
وتفسير ذلك أن لها في ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحدا وثلاثين بعيرا وثلثي بعير فإن أصيب هذا منها كانت فيه والرجل سواء فإن أصيب منها ثلاثة أصابع وأنملة رجعت إلى عقل نفسها وكان لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير وكذلك مأمومتها وجائفتها إنما لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير في كل واحدة منهما لأنها قد وازنت الرجل في هذا كله إلى الثلث فترد إذا بلغت الثلث إلى ديتها ( قال ) وقال لي مالك وإذا قطعت أصبع من كف المرأة أخذت عشرا من الإبل فإن قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا أخذت عشرا أخرى فإن قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا أخذت عشرا أيضا فإن قطعت أخرى بعد ذلك من تلك الكف لم يكن فيها إلا خمس من الإبل وإن قطعت الخامسة بعد ذلك لم يكن لها إلا خمس من الإبل قال مالك وإن قطعت ثلاثة أصابع في مرة واحدة من كف واحدة كان لها فيها ثلاثون بعيرا فإن قطعت بعد ذلك من تلك الكف الأصبعان الباقيان جميعا معا أو مفترقين لم يكن لها في ذلك إلا خمس خمس في كل أصبع ( فقلنا ) لمالك فإن قطع لها ثلاثة أصابع من كف واحدة فأخذت الثلاثين من الإبل ثم قطعت بعد ذلك من الكف الأخرى أصبع أو أصبعان أو ثلاثة أصابع مفترقة أو قطعت جميعا معا ( قال ) يبتدأ فيها الحكم كما ابتدئ في اليد الأخرى وتفسيره أن لها في الكف الثانية في الثلاثة أصابع ثلاثين بعيرا كما فسرت لك في الكف الأولى
____________________
(16/318)
________________________________________
( قال ) قال مالك وإن قطع لها أصبعان من كل يد في ضربة واحدة كان لها على حساب عقلها خمس خمس من عقلها في كل أصبع لأنها أربعة أصابع فقد جاوزت الثلث والقطع معا قال بن القاسم وتفسير ما قال لنا مالك فإن قطعت أصبع من إحدى اليدين بعد ذلك أعطيت عشرا من الإبل وإن قطعت من اليد الأخرى أصبع أخذت عشرا من الإبل وإن قطعتا جميعا هاتان الأصبعان في ضربة واحدة كان لها عشر عشر فما زاد بعد ثلاثة أصابع من كل كف كان لها خمس خمس كان القطع معا أو كان مفترقا فإن قطعت من يد أصبع ومن يد أخرى ثلاثة أصابع في ضربة واحدة أخذت خمسا خمسا فإن قطع بعد ذلك من الكف الذي قطع منها ثلاثة أصابع أصبع ومن الكف التي قطع منها الأصبع الواحدة أصبع أخرى في ضربة واحدة أخذت للأصبع التي قطعت من الكف التي كانت قطعت منها ثلاثة أصابع خمسا في الأصبع الرابعة وأخذت للأصبع التي قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها أصبع واحدة عشرا وإن اجتمعتا في ضربة واحدة أو تفرقتا فذلك سواء ما لم يقطع في ضربة واحدة من اليدين أربعة أصابع ( قال ) ولو قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها أصبع واحدة عشرا وإن اجتمعتا في ضربة واحدة أو تفرقتا فذلك سواء ما لم يقطع في ضربة واحدة من اليدين أربعة أصابع ( قال ) ولو قطعت من الكف التي قطعت منها ثلاثة أصابع أصبع ومن الكف التي قطع منها أصبع أصبعان في ضربة واحدة أخذت للأصبعين عشرا عشرا من الإبل وأخذت للأصبع خمسا ورجلاها بهذه المنزلة على ما فسرت لك من اليدين وهذا كله قول مالك وتفسيره قال بن القاسم ولو قطع منها أصبعان عمدا فاقتصت أو عفت ثم قطع من تلك الكف أصبعان أيضا خطأ فإنه يأخذ لها عشرين بعيرا ولا يضاف هذا إلى ما قطع قبله لأن الذي قطع أولا لم يكن له دية وإنما كان عمدا وإنما يضاف بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ
شجاج المرأة ( قلت ) أرأيت إن ضرب رجل رجلا فشجه مأمومات ثلاثا في ضربة واحدة كم فيهن في قول مالك ( قال ) مأمومات ثلاث فيهن الدية كاملة ( قلت ) فإن ضرب رجل امرأة فشجها ثلاث منقلات بضربة واحدة ( قال ) لها في ذلك على قدر عقلها نصف
____________________
(16/319)
________________________________________
كل منقلة من عقل الرجل لأنها قد جاوزت الثلث ( قلت ) فإن ضربها فشجها منقلة ثم ضربها بعد ذلك ضربة أخرى فشجها منقلة أخرى ثم ضربها بعد ذلك ضربة أخرى فشجها منقلة أخرى ( قال ) هي في جميع هذا في قول مالك بمنزلة الرجل لها في كل ذلك مثل دية الرجل لا ينقص من ذلك إذا لم يكن في فور واحد فإن كان في فور واحد فهو على حساب ما فسرت لك وترجع إلى حساب عقلها فيكون لها نصف كل منقلة من عقل الرجل وهو قول مالك ( قال ) ولو ضربها رجل فأوضحها سبع مواضح في ضربة واحدة أو أكثر من ذلك في فور واحد مواضح أو جراحات كثيرة تكون مع المواضح فإنها ترد في ذلك إلى عقلها إذا كان جميع ما أصابها به يبلغ ثلث دية الرجل رجعت إلى عقلها وإن ضربها ضربة بعد ضربة في غير فور واحد كانت في عقلها في جميع ذلك بمنزلة عقل الرجل ولو ضربت منقلة فبرأت وأخذت عقلها ثم ضربت عليها أيضا كانت ديتها منقلة أخرى بمنزلة منقلة الرجل وكذلك إن ضربت الثالثة عليها بعد برئها فشجت منقلة ثالثة كان لها عقل منقلة الرجل ( قال ) وكذلك المواضح ( قال ) وهذا قول مالك قال وليس للمواضح والمنقلات منتهى عند مالك ( قال ) وإذا أصاب مبلغ الثلث من المرأة في ضربة واحدة فهو خلاف ما إذا أصابه منها في ضربات مفترقات إلا ما وصفت لك في الأصابع فإنه إذا قطع منها ثلاثة أصابع من كف واحدة معا أو مفترقة ثم قطع منها الأصبع الرابعة بعد ذلك فليس لها في الأصبع الرابع إلا الخمس من الإبل وهذا قول مالك
لسان الأخرس والرجل العرجاء واليد والعين الناقصة والسن ( قلت ) ما قول مالك في لسان الأخرس ( قال ) الإجتهاد ( قلت ) فكم في الرجل العرجاء ( قال ) العرج عند مالك مختلف ولم أسمع منه في الأعرج بعينه شيئا إلا أني سمعته يقول في كل شيء من الإنسان مما له فرض مسمى إذا أصيب منه شيء فانتقص ثم أصيب بعد ذلك الشيء فإنما له على حساب ما بقي من ذلك العضو قال مالك وما كان من خلقة خلقها الله ولم ينتقص منها شيء مثل استرخاء البصر أو ضعف
____________________
(16/320)
________________________________________
بصر مثل العين الرمدة يضعف بصرها واليد يكون فيها الضعف إلا أنه يبصر بالعين ويستمتع باليد ويبطش بها والرجل يستمتع بها وفيها ضعف قال مالك في هذا كله الدية كاملة وأما لو كان ذلك من شيء أصيب به حتى نقص له البصر أو ضعفت له اليد أو الرجل حتى أخذ لذلك عقلا ثم أصيب بعد ذلك فإنما له ما بقي من العقل قال مالك والرجل كذلك والعرج عندي مثل هذا ( قلت ) فالذي يصيبه أمر من السماء مثل العرق يضرب في رجل الرجل فيصيبه منه عرج أو يصيبه رمد فيضعف البصر إلا أنه يمشي على الرجل ويبصر بالعين وقد مسها ضعف ففيها الدية كاملة إن أصيبت رجله أو عينه ( قال ) نعم كذلك قال لي مالك ( قلت ) ولو أن هذا كان إنما أصابه به إنسان خطأ فأخذ لذلك عقلا ثم أصيب بعد ذلك بعينه أو برجله خطأ أخذ على حساب ما ذهب من العين واليد وما بقي ( قال ) نعم وهو قول مالك
ذكر العين والسن ( قلت ) أرأيت العين القائمة ما قول مالك فيها ( قال ) قال مالك الإجتهاد وقال وليس يأخذ مالك بقول زيد بن ثابت الذي ذكر عنه أن فيها مائة دينار ( قلت ) كم في السن السوداء عند مالك إذا طرحها رجل ( قال ) قال مالك العقل فيها كامل ( قلت ) وإن كانت حمراء أو صفراء ( قال ) السوداء أشد من هذا كله وفيها العقل كاملا عند مالك ففي الحمراء أو الصفراء إذا أسقطها رجل فعليه العقل تاما ( قلت ) فإن ضربه رجل فاسودت سنه أو احمرت أو اصفرت أو اخضرت ما قول مالك في ذلك ( قال ) ما سمعنا من مالك إلا إذا اسودت فإن عقلها قد تم ولا أدري ما الخضرة أو الحمرة أو الصفرة إن كان مثل ذلك السواد فقد تم العقل وإلا فعلى حساب ما نقص ( قلت ) أرأيت السن إذا تحركت من ضربة رجل ( قال ) قال مالك إذا كانت تضطرب اضطرابا شديدا فقد تم عقلها وإن كان تحريكا خفيفا عقل لها بقدر ذلك ( قلت ) وكم ينتظر بهذه السن التي تضطرب اضطرابا شديدا في قول مالك ( قال ) قال مالك ينتظر بها سنة
____________________
(16/321)
________________________________________
جامع جراحات الجسد ( قلت ) أرأيت الدامية كم فيها في قول مالك ( قال ) الإجتهاد إذا برأت على عثل إن كان خطأ وإن برأت على غير عثل فلا شيء فيها فإن كان عمدا كان فيها القصاص مع الأدب وهو قول مالك ( قلت ) فقول مالك إن في كل عمد القصاص والأدب مع القصاص ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الباضعة والسمحاق والملطأة أهؤلاء مثل الدامية في قول مالك ( قال ) لا عقل فيها إذا برأت على غير عثل ( قال ) نعم في الخطأ وأما في العمد ففيها كلها القصاص إذا كان يستطاع القصاص فيها ( قلت ) كم في الضلع إذا انكسر في قول مالك ( قال ) الإجتهاد إذا برأ على عثل وإذا برأ على غير عثل فلا شيء فيه ( قال ) ولم أسمع من مالك في القصاص من الضلع شيئا إلا أنه إن كان يخاف منه مثل عظم الفخذ فلا قصاص فيه وإن كان مثل اليد والساق ففيه القصاص ( قلت ) أرأيت الترقوة إذا كسرت أفيها عقل مسمى عند مالك ( قال ) لا ( قلت ) فإن برأت على غير عثل ( قال ) فلا شيء عليه فيها إذا كانت خطأ ( قلت ) فإن برأت على عثل كان فيها الإجتهاد ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كسرها رجل عمدا أيقتص منه في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا قال بن القاسم وأرى فيها القصاص لأن أمرها يسير فيما سمعت ولا يخاف منها فإن كان يخاف فهي مثل ما يخاف من العظام ( قلت ) أرأيت اليد والرجل وجميع عظام الجسد إذا كسرت فبرأت على غير عثل وإن كسرت خطأ فلا شيء فيه في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وما كان منه عمدا ففيه القصاص الا الفخذ فإنه لا قصاص في الفخذ ( قال ) نعم لا قصاص في الفخذ في قول مالك
وأما ما ذكرت من عظام الجسد كله أن فيه القصص فلا أدري ما عظام الجسد كلها وإنما قال مالك في كسر الذراعين والعضدين والساقين والقدمين والكفين والأصابع إذا كسرت ففي هذا كله القصاص عند مالك وأما عظم الصلب فقد سمعته عن مالك أنه قال الصلب مما لا يستطاع القصاص منه وأنا أرى ذلك وأما عظام الصدر والأضلاع فلم أسمع من مالك فيه شيئا قال بن القاسم
____________________
(16/322)
________________________________________
يسأل فإن كان يخاف منه فلا قصاص فيه وإن كان لا يخاف ففيه القصاص ( قلت ) فما يقول مالك في كسر عظام العتق أفيها القصاص ( قال ) ما سمعت من مالك فيها شيئا ولا أرى فيها القصاص ( قلت ) أرأيت عظم الرأس من حيث ما أصابه فأوضحه أهي موضحة وكل ناحية منه سواء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فأين منتهى ما هو من الرأس مما يلي العنق أي عظم هو في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنه إلى منتهى جمجمة الرأس فإذا أصاب ما هو أسفل من جمجمة الرأس فإنما ذلك من العنق ليس فيه موضحة عند مالك لأن عظم العنق إنما هو مثل عظام الجسد ( قلت ) أرأيت إن كسر إحدى الزندين وهما قصبتا اليد أيقتص منها في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كان خطأ فلا شيء فيه إلا أن يبرأ على عثل فيكون فيه الإجتهاد في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت اليد إذا قطعت من أصل الأصابع فصاعدا إلى المنكب فإنما فيها دية واحدة كل ذلك سواء في الدية ( قال ) نعم إذا قطعت الأصابع من أصلها فقد تم عقل اليد عند مالك والذي يقطع اليد من المنكب فإنما عليه من العقل عند مالك مثل ما على الذي قطع الأصابع من أصلها وتحمل ذلك العاقلة إذا كان خطأ وإن كان عمدا كان في جميع ذلك القصاص وهو قول مالك ( قلت ) ويقتص من اليد من المنكب ( قال ) نعم في رأيي ( قلت ) أرأيت الأنف إذا كسر أي شيء فيه عند مالك ( قال ) إذا برأ على غير عثل فلا شيء فيه وإن برأ على عثل ففيه الإجتهاد إذا كان خطأ وإن كان عمدا اقتص منه فإن برأ المقتص منه وصار مثل المجروح الأول أو أكثر فلا شيء للأول وإن كان في الأول عثل وبرأ المقتص منه على غير عثل أو عثل هو دون العثل الأول اجتهد للأول من الحكومة على قدر ما زاد شينه وهذا قول مالك
ما جاء في دية الكف ( قلت ) أرأيت الكف إذا ذهب منه أصبعان ذهبتا من أمر الله أو قطعهما رجل عمدا أو خطأ فاقتص منه أو أخذ لذلك عقلا ثم قطع رجل كفه بأصابعه الثلاثة عمدا
____________________
(16/323)
________________________________________
أيقتص له في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك في الأصبع الواحدة إذا قطعت من الكف ثم قطع رجل بعد ذلك كفه هذه المقطوعة أصبعها عمدا ( قال ) قال مالك أرى له القصاص وأرى أن تقطع يد قاطعه ( قلت ) لابن القاسم الإبهام كانت المقطوعة أو غير الإبهام ( قال ) ما وقفت مالكا عليه إلا أن ذلك عندي سواء ( قال ) وأما الأصبعان والثلاثة فقول مالك الذي سمعت فيه وبلغني عنه في الأصبعين والثلاثة أنه لا يقتص له من قاطعه ولكن يكون له العقل على قاطعه في ماله ( قلت ) فلو أن رجلا قطع كف رجل وليس فيها إلا أصبع أو أصبعان خطأ ما على القاطع من العقل أعليه خمسا الدية أم أكثر من ذلك أم أقل فإن كانت أصبع واحدة فكم عقلها أخمس الدية أم أكثر أم أقل ( قال ) إذا قطع من الأصابع شيء فإنما له بحساب ما بقي من الأصابع في الكف فأما إذا لم يبق إلا أصبع واحدة فلم أسمع من مالك فيه شيئا وإني لاستحسن أن يكون له فيما بقي من الكف حكومة وفي الأصبع الدية ( قلت ) أرأيت إن قطع رجل يمين رجل ولا يمين للقاطع أيكون العقل فيه مغلظا في قول مالك أم لا ( قال ) فيه العقل غير مغلظ مثل عقل دية العمد إذا قبلت في الإنسان مع الأدب والعقل في ماله ليس على عاقلته منه شيء وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت المأمومة والجائفة إذا كانتا عمدا أهما في مال الجاني أم على العاقلة ( قال ) كان مالك مرة يقول هي في ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال فعلى العاقلة ثم رجع فرأى أنه على العاقلة فإن كان له مال وهو مما تحمله العاقلة قال بن القاسم وكلمته فيه غير مرة فقال لي مثل ما أخبرتك وثبت مالك على ذلك وهو رأيي أنه على العاقلة ( قلت ) فما يقول مالك في رجل قطع يمين رجل عمدا ولا يمين للقاطع ولا مال أيكون ذلك على العاقلة في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا يكون ذلك على العاقلة ولكن يكون في مال القاطع يتبع به دينا عليه ( قلت ) فما فرق ما بين اليد والمأمومة والجائفة وقد قال مالك في الجائفة والمأمومة أنهما على العاقلة وإن كان للجاني مال وقد قال في اليد إن القاطع إذا قطع يمين رجل إن ذلك في مال القاطع غنيا كان أو عديما ( قال ) قال مالك كل شيء
____________________
(16/324)
________________________________________
يجنيه الإنسان على عمد فلا يكون فيه القصاص وفي جسد الجاني مثل الذي جنى عليه فلا يكون للمجني عليه أن يقتص منه فعقل ذلك على العاقلة وعلى هذا الجاني الأدب وتفسير هذا إنما هو في مثل المأمومة والجائفة وما لا يستطاع منه القود فإنه يكون على العاقلة إذا بلغ من الحكم ما فيه ثلثا الدية ألا ترى أنه لا يقتص فيهما من الجاني وفي جسده وفي رأسه موضع المأمومة والجائفة وغير ذلك مما لا يستطاع منه القود وما جنى الرجل من جناية فيها القصاص أن لو كانت قائمة في الجاني إلا أنها قد ذهبت من الجاني ولا يجد المجني عليه ما يقتص منه لأنه قد ذهب ذلك من الجاني ولو كان ذلك قائما فيه لاقتص منه وإنما منعه من القصاص أن ذلك الشيء ليس في الجاني فهذا فيه العقل على الجاني في ماله ولا تحمله العاقلة ( قال ) وتفسير هذا مثل الرجل يقطع يمين الرجل عمدا ولا يمين للقاطع فالقاطع لو كانت يمينه قائمة لقطعها هذا المقطوعة يده مكان يده ولكنها ذاهبة فلا يجد ما يقطع فهذا الذي يكون العقل في ماله ولا تحمله العاقلة في قول مالك فهذا فرق ما بينهما
ما تحمل العاقلة وما لا تحمل ( قلت ) أرأيت العاقلة في قول مالك هل تحمل أقل من الثلث ( قال ) لا تحمل أقل من الثلث في قول مالك ولا تحمل إلا الثلث فصاعدا ( قلت ) وكل شيء يكون في الجسد يبلغ الثلث من ذهاب بصر أو سمع أو لسان أو شلل أو غير ذلك مما هو في الجسد فإذا بلغ الثلث حملته العاقلة في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان ذلك خطأ ( قال ) وقال مالك ولو ضربه فشجه ثلاث منقلات في ضربة واحدة حملته العاقلة لأن هذا قد بلغ أكثر من الثلث ( قلت ) فإن شجه ثلاث منقلات في ثلاث ضربات في مقام واحد أتحمله العاقلة أم تجعل ذلك في مال الجاني ( قال ) إن كان ضربا يتبع بعضه بعضا لم يقلع عنه فهو بمنزلة الضربة الواحدة تحمله العاقلة وإن كان شيئا متفرقا في غير فور واحد لم تحمله العاقلة وكذلك بلغني عن مالك ( قلت ) أرأيت إن أصبت أصبع رجل خطأ فأخذ عقلها ثم قطع رجل بعد ذلك كفه خطأ ما يكون من العقل على القاطع ( قال ) له
____________________
(16/325)
________________________________________
أربعة أخماس الدية على العاقلة لأنه قد أخذ عقل الأصبع ( قلت ) فإن كانت الأصبع إنما ذهبت بأمر من السماء ولم يأخذ لها عقلا ( قال ) هو كذلك ليس له إلا أربعة أخماس الدية لأن العقل إنما هو في الأصابع ألا ترى لو أن رجلا قطع أصابعه الأربعة الباقية بغير كف لم يكن له إلا أربعة أخماس الدية فالأصبع إذا ذهبت بعقل أخذه فيها أو ذهبت بأمر من الله فعقل ما بقي من الأصابع في الخطأ واحد ( قلت ) فإن كانت الأصبع إنما قطعت عمدا فاقتص من قاطعه ثم قطعت كفه من بعد ذلك خطأ أيأخذ ديتها كاملة أم لا ( قال ) ليس له أن يأخذ إلا على حساب ما بقي له ( قال ) وقال لي مالك في العين يصيبها الرجل بشيء فينقص بصرها أو اليد يضعها ذلك وبصر العين قائم واليد يبطش بها ولم يأخذ لها عقلا قال مالك أرى على من أصابها بعد ذلك العقل كاملا ( قال ) قال مالك وقد قال سعيد بن المسيب في السن إذا اسودت فقد تم عقلها وإن أصيبت بعد ذلك ففيها أيضا عقلها كاملا قال مالك فالسن قد أخذ لها عقلها ومنفعتها قائمة ( قال ) فقلت لمالك فإن كان أخذ لذلك شيئا في نقصان اليد والعين ( قال ) قال مالك ذلك أشكل يريد أنه ليس له إلا ما بقي ويقاص بما أخذ وقد قال لي قبل ذلك ليس له إلا على حساب ما بقي قال بن القاسم ولو أن رجلا أصاب يد رجل خطأ فضعفت وأخذ لها عقلا وكان يبطش بها ويعمل بها ثم أصلبها بعد ذلك رجل عمدا اقتص منه وكذلك العين لو أصابها رجل خطأ بشيء فأخذ لها عقلا وقد كان يبصر بها ثم أصابها بعد ذلك رجل عمدا اقتص له منه فالقصاص والدية في هذا مختلفان وأما الكف التي يقطع بعضها عمدا كان أو خطأ ثم تصاب خطأ بعد ذلك فليس له إلا على قدر ما بقي منها قل ذلك أو كثر
في سن الصبي إذا لم يثغر قال بن القاسم وقال مالك في الصبي إذا لم يثغر ينزع سنه خطأ قال يؤخذ له العقل كاملا فيوضع على يدي ثقة فإن عادت لهيئتها رد العقل إلى أهله وإن لم تعد أعطى العقل كاملا فإن هلك الصبي قبل أن تنبت فالعقل للورثة فإن نبتت أصغر من
____________________
(16/326)
________________________________________
قدرها الذي قلعت منه كان له من العقل قدر ما نقصت ( قال ) وإن كانت إنما نزعت عمدا فإنه يوضع له العقل أيضا ولا يعجل بالقود حتى يستبرأ أمرها فإن عادت لهيئتها فلا عقل فيها ولا قود وإن لم تعد اقتص منه وإن عادت أصغر من قدرها أعطى ما نقصت قال بن القاسم وأنا أرى فيها إن لم تعد لهيئتها حتى مات الصبي أن فيها القصاص وليس فيها عقل لأنه إنما استؤتي به النبات فدفع القود فإذا مات الصبي فهو بمنزلة ما لم تنبت ففيه القصاص قال بن القاسم في المرأة لو قطعت لها أصبعان عمدا فاقتصت أو عفت ثم قطع من ذلك الكف أيضا أصبعان فإنه يؤخذ لها عشرون بعيرا ولا يضاف هذا إلى ما قطع قبله لأن الذي قطع أولا لم يكن له دية وإنما كان عمدا وإنما يضاف بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ
____________________
(16/327)
________________________________________
كتاب الجنايات في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفو أحدهما على أن يكون له جميع العبد ( قلت ) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن عبدا قتل رجلا له وليان فعفا أحدهما عن العبد على أن يأخذ جميعه فرضي بذلك سيد العبد ودفعه إليه أيجوز له جميع العبد أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن دفع سيده نصف الدية إلى أخيه جاز له ما صنع وإن أبى كان الذي عفا بالخيار إن أحب أن يكون العبد بينهما كان ذلك له وإن أبى رده فإن أحبا أن يقتلا قتلا وإن أحبا أن يعفوا عفوا فإن عفوا كان السيد بالخيار إن شاء أن يفتديه بالدية فعل وإن شاء أن يسلمه لهما أسلمه قال سحنون وقد قال عبد الرحمن بن القاسم أن الولي يدخل على أخيه في نصف العبد فيكون بينهما لشركتهما في الدم
في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفو أحدهما على أن يكون له العبد وزيادة عبد آخر ( قلت ) أرأيت لو أن عبدي قتل رجلا له وليان فعفا أحدهما عن العبد على أن دفعت إليه العبد القاتل وزدته عبدا آخر معه من عندي أيكون للذي لم يعف أن يدخل في هذا العبد الذي لم يجن ( قال ) يخير السيد فإن دفع إلى الذي لم يعف نصف
____________________
(16/328)
________________________________________
الدية تم ما صنع وإن أبى خير الذي عفا فإن أحب أن يسلم إلى أخيه نصف العبد القاتل فقط فيكون بينهما تم ذلك وإن أبى رد العبدين وقتل القاتل إن أحبا قال سحنون وقد قيل أن الولي يدخل على أخيه في العبدين جميعا لأنهما ثمن للدم الذي بينهما وهو رجل قول الرواة
في العبد يقتل رجلا خطأ فيعتقه سيده وقد علم بالقتل ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا لي قتل قتيلا خطأ فأعتقته وأنا أعلم بالقتل أيكون مجبورا على غرم الدية في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك يسأل السيد فإن كان إنما أراد حين أعتقه حمل الجناية عن العبد فذلك له وإن قال ما أعتقته إلا وأنا أظن أن ذلك يخرجه من الرق وتكون الجناية عليه يحملها هو فإنه يحلف على ذلك فإذا حلف على ذلك أنه ما أعتقه إلا وهو يظن أن الجناية على العبد وما أراد أن يحملها عنه رد العتق فإن كان للعبد مال يكون قدر الجناية أخذ المال منه في جنايته وعتق العبد وإن لم يكن له مال وقدر العبد على من يعينه من ذوي قرابته أو غيرهم فإنه لا يرد عتقه إذا أعانوه بمال قدر الجناية ( قال ) وقال مالك في العبد يجرح رجلا حرا ثم يعتقه سيده بعد ما جرح فيريد المجروح أن يعقل السيد الجرح فيقول السيد ما علمت أن دية الجرح تلزمني إذا أعتقته وما أردت إلا حرز رقبته ( قال ) يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما أراد حمل الجناية عنه فإذا حلف رأيت أن ينظر في العبد فإن كان له مال يكون فيه كفاف دية الجرح رأيت أن يؤخذ في ذلك ماله ويعتق وإن لم يكن له مال ووجد أحدا يعينه في ذلك ويحمل ذلك عنه تلوم له في ذلك فإن جاء به عتق وإن لم يكن له مال ولا أخذ من ذوي قرابته ولا ممن يرجى عونه وكان في رقبته فضل عن الجرح بيع بقدر الجرح وعتق ما بقي وإن لم يكن في ثمنه فضل أسلم إليه كله وبطل العتق فهذا الذي فسر لي مالك
في العبد يجني جناية ثم يبيعه سيده وقد علم بجنايته ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا جنى جناية ثم باعه سيده وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم
____________________
(16/329)
________________________________________
بها ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى لأولياء الجناية إذا أبى السيد البائع بعد أن يحلف بالله ما أراد حمل الجناية أن يدفع إليهم دية الجناية أن يجيزوا البيع ويأخذوا الثمن الذي بيع به وإلا فسخوا البيع وأخذوا العبد إلا أن السيد إن هو أفتكه بدية الجناية فإن له أن يلزم المشتري البيع إذا كان المشتري قد أعلمه السيد بجناية العبد حين باعه ( قال ) وإن كان لم يعلم فلا يلزمه ذلك قال سحنون وقال غيره وهذا إذا كانت الجناية عمدا لأن هذا عيب في العبد وإن كانت خطأ فهو كعيب ذهب قبل أن يرده المشتري وأن يجز أولياء الجناية البيع بعد أن يحلف السيد ولم يفتكه السيد وأرادوا فسخ البيع فقال المشتري أنا أعطي أرش الجناية وأتمسك ببيعتي كان ذلك له وكان له أن يرجع على البائع بالأقل مما افتكه به أو من الثمن ( وكان ) رجل من أصحاب مالك يقول إذا لم يفتك البائع بالجناية في رقبة العبد والعبد بها مرهون فإن أهل الجناية أولى بفضلها كالسيد إذا أعتقه والجناية فيه وحلف أنه لم يرد حمل الجناية كان للمجني عليهم لأنه رهن له بالجناية والسيد لم يكن يلزمه الإفتكاك فصارت رقبته وماله لأهل الجناية وهم أولى بفضله قال عبد الرحمن بن القاسم في هذا المعنى وذكره عن مالك إن أبى السيد افتكاك العبد وقد أعتق أخذ ماله إن كان فيه وفاء للجناية وعتق وإن لم يكن فيه وفاء وكان له أحد يعينه من قرابته أو من غيرهم بما يتم به إرش الجناية عتق وإلا بيع منه إن كان يبقى من رقبته شيء بعد تمام الجناية فيعتق وإن لم يكن له شيء من هذا فهو لأهل الجناية رقيق لهم
في عبد جنى على عبد أو على حر فلم يقم ولي الجناية حتى قتل ( قلت ) لابن القاسم أرأيت إن جنى عبدي على عبد أو على حر فلم يقم ولي الجناية على عبدي حتى قتل عبدي فأخذت قيمته أيكون لهؤلاء الذين جنى عليهم عبدي في هذه القيمة شيء أم لا ( قال ) نعم لهم قيمته كلها إلا أن يفتك القيمة قبل الجناية وقيمة العبد المقتول لأن مالكا قال في الرجل يقتل الرجل عمدا ثم يقتل القاتل خطأ إن أولياء المقتول عمدا أولى بديته من أوليائه
____________________
(16/330)
________________________________________
في عبد قتل عبد رجل عمدا فقتل العبد خطأ قتله عبد لرجل ( قلت ) لابن قاسم أرأيت إن كان عبدي قتل عبد رجل عمدا فقتل عبدي خطأ قتله عبد لرجل ( قال ) سيد العبد الذي قتله عبدك عمدا أولى بقيمة عبدك إلا أن تفتكه بقيمة العبد المقتول عمدا فيكون لك قيمة عبدك وإن كان الذي قتل عبدك قتله عمدا أيضا كان لك أن ترضي سيد العبد الذي قتله عبدك عمدا وتقتل قاتل عبدك وإن شئت استحييته وأخذته إلا أن يفتكه سيده بقيمة عبدك فإن أبيت أن تعطي سيد الذي قتله عبدك عمدا قيمة عبده أو أبى هو أن يقبل القيمة كان أولى بقيمة عبدك إن شاء قتله وإن شاء استحياه فإن استحياه كان الأمر إلى عمل الخطأ ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في الأحرار إن الحر إذا قتل رجلا عمدا فقتل القاتل عمدا أيضا أنه يقال لأولياء القاتل الأول أرضوا أولياء المقتول الذي قتله وليكم فإن أرضوهم كانوا أولى بقاتل صاحبهم إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استحيوه وإن لم يرضوهم أسلموا قاتل صاحبهم وبرئوا منه وكان أولياء المقتول الأول أولى به إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استحيوه فهكذا العبيد عندي مثل الأحرار
في العبد يقتل قتيلا عمدا له وليان فعفا أحدهما والعبد يقتل قتيلين عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا قتل قتيلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما ( قال ) يقال لسيده ادفع نصف العبد أو افده بنصف الدية ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا في يدي عارية أو وديعة أو رهن بإجارة جنى جناية ومولاه غاب ففديته من الجناية ثم قدم مولاه ( قال ) يقال لمولاه إن شئت فادفع إلى هذا جميع ما فدى به وخذ عبدك وإن شئت فأسلمه إليه ولا شيء عليك لأنه لو لم يفده ثم جاء سيده لقيل له هذا القول وهو رأيي ( قلت ) أرأيت لو قتل عبدي قتيلين عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين أي شيء يقال لسيد العبد القاتل أيقال له ادفع جميع العبد
____________________
(16/331)
________________________________________
إلى أولياء المقتول الآخر أم يقال له ادفع نصفه أو افده بالدية كلها ولا أحفظه عن مالك
في العبد يجرح رجلا حرا فبرأ من جراحته ففداه سيده ثم انتقضت الجراحات فمات ( قلت ) أرأيت إن جرح عبدي رجلا حرا فبرأ من جراحته ففديت عبدي ثم انتقضت جراحات الرجل فمات من ذلك ( قال ) إذا مات منها أقسم ورثة المقتول فإذا أقسموا فإن كانت الجراحات عمدا قيل لهم إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فاستحيوه فإن استحيوه كان بمنزلة ما لو كانت الجراحات خطأ يقال لمولى العبد ادفع عبدك أو افده فإن دفعه أخذ ما كان دفع إلى المقتول وإن فداه صار له في الفداء بما دفع إلى المقتول ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قاله لي مالك في الحر وهذا في العبد عندي مثله
في عبدين لرجل قتلا رجلا خطأ فقال أنا أدفع أحدهما وأفدي الآخر ( قلت ) أرأيت لو أن عبدين لي قتلا رجلا خطأ فقال أنا أدفع أحدهما وأفدي الآخر ( قال ) قال مالك في العبيد إذا قتلوا حرا خطأ أو جرحوا إنسانا إنهم مرتهنون بدية المقتول أو المجروح وتقسم الدية على عددهم ودية الجرح على عددهم فمن شاء من أرباب العبيد أن يسلم أسلم ومن شاء أن يفتك افتك بقدر ما يقع عليه من نصيبه من الدية كان أقل من ثمنه أو أكثر لو كانت قيمة العبد خمسمائة والذي وقع عليه عشر الدية غرم عشر الدية وحبس عبده وإن كانت قيمته عشرة دنانير والذي وقع عليه من الدية النصف لم يكن له أن يحبس عبده حتى يدفع نصف الدية ولم يقل لنا مالك في الأرباب أرباب العبيد إذا كانوا شتى أو كان ربهم واحدا ولم يختلف ذلك عندنا أنه إن كان أربابهم واحدا فإن له أن يحبس من شاء منهم ويدفع من شاء بحال ما وصفت لك وقد تكلم فيه مالك غير مرة ولم يختلف قوله فيه قط
____________________
(16/332)
________________________________________
في العبد تفقأ عيناه أو تقطع يداه ( قلت ) أرأيت إن فقئت عينا عبدي أو قطعت يداه ما يقال للجارح ( قال ) يضمنه الجارح ويعتق عليه إذا أبطله هكذا فإن كان جرحا لم يبطله مثل فقء عين واحدة أو جدع أذن أو قطع أصبع أو ما أشبهه كان عليه ما نقص من ثمنه ولم يكن عليه غير ذلك ولم يعتق عليه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هو رأيي وقد سمعت أنه قال يسلم إلى الذي صنع به ذلك فيعتق عليه وذلك رأيي إذا أبطله
في الأمة لها ولد صغير فيجني أحدهما جناية ( قلت ) أرأيت إن كانت عندي أمة وولدها صغير فجنى الولد جناية فأردت أن أدفعه أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) نعم يجوز إلا أنه في قول مالك قال للمجني عليه ولسيد الأمة أن يبقيا الأم والولد جميعا ولا يفرقا بينهما ويكون للمجني عليه قيمة الولد على سيد الأمة قيمة العبد يقسم الثمن على قيمتها ( قلت ) فإن كانت لي جارية وولدها صغير فجنى ولدها أو جنت هي جناية فأردت أن أدفع الذي جنى بجنايته ( قال ) ذلك لك ويجبران على أن يجمعا بينهما كما وصفت لك من الجمع بينهما فيقسمان الثمن على قدر قيمتها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي ( قلت ) أرأيت لو أن عبدي جرح رجلا فقطع يده وقتل آخر خطأ ( قال ) قال مالك إن أسلمه سيده فالعبد بينهم أثلاثا ( قال ) قال مالك وإذا أسلم العبد فهو بينهم على قدر جراحاتهم ( قلت ) فإن استهلك أموالا حاصوا أهل الجراحات في العبد بقيمة ما استهلك لهم من الأموال ( قال ) نعم في قول مالك
في عبد قتل رجلا خطأ أو فقأ عين آخر خطأ والعبد يقتل رجلين وليهما واحد ( قلت ) أرأيت إن قتل عبدي رجلا خطأ أو فقأ عين آخر فقال السيد أنا أفديه من جنايته في العقل فأدفع إلى صاحب العين الذي يكون له من العبد ولا أفديه
____________________
(16/333)
________________________________________
( قال ) يقال له ادفع إلى صاحب العين ثلث العبد وأقر ثلثي العبد بجميع الدية ويكون شريكا في العبد هو والمجني عليه في العين يكون لصاحب العين ثلث العبد ويكون لسيده ثلثا العبد وهو رأيي وقد بلغني عن مالك ( قلت ) أرأيت إن قتل عبدي رجلين وليهما واحد فأراد السيد أن يفدي نصفه بدية أحدهما ويسلم نصفه ( قال ) ليس ذلك له إلا أن يفدي جميعه بالدين أو يسلمه لأن وارث الديتين جميعا واحد فهي كلها جناية واحدة
في العبد يقتل رجلا له وليان وفي أم الولد إذا جنت ثم جنى عليها قبل أن يحكم فيها ( قلت ) أرأيت إن قتل عبدي رجلا له وليان فقلت أنا أفدي حصة أحدهما وأدفع حصة الآخر أيكون ذلك لي في قول مالك ( قال ) أرى له أن يفدي نصيب من شاء منهما ( قلت ) أرأيت أم ولدي إذا جنت جناية فجنى عليها قبل أن يحكم فيها فأخذت لها أرشا ما يكون على أقيمتها معيبة أم قيمتها صحيحة ( قال ) بل قيمتها معيبة يوم ينظر فيها مع الأرش فإن كانت قيمتها أكثر من أرش الجناية كان عليه أرش الجناية وإن كان أرش الجناية أكثر كان عليه قيمتها معيبة مع ما أخذ من الأرش
ومما يبين ذلك أن العبد إذا جنى ثم جنى عليه فأخذ له سيده أرشا أنه يخير في أن يسلمه وما أخذ له أو يفتكه بما جنى فكذلك أم الولد إلا أن أم الولد لا تسلم وإنما يكون عليه الأقل من قيمتها معيبة وأرش الجناية معها أو قيمة الجناية التي في رقبتها بمنزلة العبد سواء لأن أم الولد لا يستطيع سيدها أن يسلمها فيكون عليه الذي هو أقل لأنها لو هلكت ذهبت جناية المجروح وكذلك العبد لو هلك قبل أن يحكم عليه ذهبت جناية المجروح أمرهما واحد ( قلت ) أرأيت لو أن أمة جنت جناية أيمنع سيدها من وطئها حتى ينظر أيدفع أم يفدي ( قال ) نعم يمنع من وطئها ( قلت ) ولم قلت هذا ( قال ) ) لأنها مرتهنة بالجرح حتى يدفعها أو يفديها ( قلت ) أرأيت إن رهن رهنا عبدا له فأقر الراهن أن عبده هذا الرهن قد جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن والسيد
____________________
(16/334)
________________________________________
موسر أو معسر ( قال ) إن كان معسرا لم يصدق على المرتهن وإن كان موسرا قيل للسيد ادفع أو افد فإن أنا أفديه فداه وكان رهنا على حاله وإن قال لا أفدي وأنا أدفع العبد لم يكن له أن يدفعه حتى يحل الأجل فإذا حل الأجل أدى الدين ودفع العبد بجنايته التي أقر بها وإن فلس قبل أن يحل الأجل كان المرتهن أولى به من الذين أقر لهم بالجناية ولا يشبه إقراره ها هنا البينة إذا قامت على الجناية ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) لا أقوم على حفظه ولكن قد قال مالك في جناية العبد إذا كان رهنا فقامت عليه البينة على الجناية ما قد أخبرتك وهو رأيي
في رجل رهن عبدا فجنى العبد جناية على رجل فقامت على ذلك بينة ( قلت ) أرأيت إن ارتهنت عبدا بحق لي على رجل فجنى العبد جناية على رجل ( قال ) قال مالك يقال لرب العبد افد عبدك فإن فداه كان على رهنه كما هو وإن أبى أن يفديه قيل للمرتهن افده لأن حقك فيه فإن افتداه وأراد سيده أخذه لم يكن له أن يأخذه حتى يدفع ما افتداه به من الجناية مع دينه وإن أبى سيده أن يأخذه بيع بما فداه المرتهن من الجناية فإن قصر ثمنه عن الذي افتداه به المرتهن من الجناية لم يكن للمرتهن على السيد في ذلك شيء إلا الدين الذي ارتهنه به وحده لأنه افتداه بغير أمره وإن زاد ثمنه على ما افتداه به من الجناية قضى بالزيادة في الدين على الرهن وهذا قول مالك بن القاسم ولا يباع حتى يحل أجل الدين ولم أسمع من مالك في الأجل شيئا ( قلت ) أرأيت إن قالا جميعا الراهن والمرتهن نحن نسلمه فأسلماه أيكون دين المرتهن بحاله في قول مالك كما هو ( قال ) نعم هو قول مالك ( قلت ) أرأيت إن أبى الراهن أن يفديه وقال للمرتهن افتده لي ( قال ) قال مالك إذا أمره أن يفتدي أتبعه المرتهن بالدين والجناية جميعا ( قال مالك ) وإن أسلماه جميعا وله مال كان ماله مع رقبته في جنايته وإن افتكه المرتهن لم يكن ماله مع رقبته فيما افتكه به ولا يزاد على ما كان في يديه من رهن رقبة العبد إذا لم يكن مال العبد
____________________
(16/335)
________________________________________
رهنا معه أولا
في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفو أحدهما ولا يذكر شيئا ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا قتل رجلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما ولم يذكر أنه يعفو على أن نصيبه من العبد له ( قال ) إذا عفا واستحياه ولم يذكر أنه يعفو على أن له نصف العبد إلا أنه قال ذلك إنما أردت أن أستحييه على أن آخذه ( قال ) لا يكون القول قوله إلا أن يأتي بأمر يستدل به على ما قال فإن أتى بما يستدل به على قوله كان العبد بينهما نصفين إلا أن يفتديه سيده بجميع الجناية أو يفتدي نصفه من أحدهما بنصف الجناية ويسلم النصف الآخر إلى الولي الآخر ( قلت ) أرأيت إن قتلني عبد عمدا أو خطأ وقيمة هذا العبد أكثر من ثلثي فعفوت عن العبد ( قال ) أما في العمد فعفوك جائز والعبد لمولاه لا ينزع منه إلا أن يكون المقتول قد استحياه على أن يكون له فيكون سيد العبد بالخيار إن أحب أن يدفع دية المقتول ويحبس عبده فذلك له
وأما أسلمه وأما في الخطأ فإن عفا عنه وقيمته أكثر من الثلث لم يجز إلا قدر الثلث ( قلت ) أتحفظ هذا عن مالك ( قال ) نعم هذا قول مالك قال سحنون فيه اختلاف ويقال إنما ينظر إلى الأقل من قيمته ومن الدية فيحسب في الثلث
في العبد يجني جناية فيبيعه سيده قبل أن يؤدي إلي المجني عليه دية الجرح ( قلت ) أرأيت العبد يجني جناية فيبيعه سيده أيجوز بيعه ( قال ) سمعت مالكا وسألناه عن العبد يجني جناية فيقول سيده اتركوه في يدي أبيعه وأدفع إليكم دية جنايتكم ( قال مالك ) ليس ذلك له إلا أن يكون ثقة مأمونا فيضمن ذلك أو يأتي بحميل ثقة فيؤخر اليوم واليومين وما أشبهه فإن لم يأت بذلك لم يكن ذلك له إلا أن يأتي بدية الجرح أو يسلم عبده ففي البيع إن أعطى المجني عليه دية الجرح جاز بيعه وإلا لم يجز وقد فسرت هذا قبل هذا
____________________
(16/336)
________________________________________
في جناية الأمة ( قلت ) أرأيت لو أن أمة جنت جناية فولدت ولدا من بعد الجناية أيكون ولدها معها ويقال للسيد ادفعها وولدها أو افدهما في قول مالك ( قال ) بلغني عنه أنه قال لا يدفع ولدها معها ( وقال ) وأنا أرى أن لا يدفع ولدها معها مثل ما بلغني عن مالك ( قلت ) وما حجة من قال لا يدفع ولدها معها أليس قد استحقها المجني عليه يوم جنت عليه ( قال ) لا إنما يستحقها المجني عليه يوم يقضي له بها فالولد قد زايلها قبل ذلك ( قلت ) أرأيت الأمة إذا قتلت ولها مال أتدفع بمالها في قول مالك ( قال ) نعم تدفع بمالها قال سحنون وهو قول أشهب في الولد والمال
في العبد يجني جناية ويركبه الدين من تجارة قد أذن له فيها ثم يأسره العدو فيشتريه رجل من المغنم فيسلمه سيده ( قلت ) أرأيت العبد يجني جناية ويركبه الدين من تجارة قد كان أذن له فيها سيده فيأسره أهل الحرب ثم يغنمه المسلمون فيشتريه رجل من المغانم فيسلمه سيده ولا يريد أخذه ( قال ) إذا أسلمه سيده لم يكن للذين جنى عليهم العبد شيء إلا أن يأخذوه بالثمن الذي صار لهذا الذي أخذه من المغانم واشتراه من المغانم ( قلت ) لم ( قال ) لأنه لو أسلمه سيده قبل أن يؤسر لم يكن عليه شيء من الجناية وإنما كان يقال لمن صار له أنت أولى به بالثمن وكذلك هو وإن لم يكن أخذه ( قال بن القاسم ) وذلك رأيي وأما الدين الذي على العبد فإن ذلك في ذمته وإنما يسقط عن العبد والذي يصير له العبد ما كان قبل أن يؤسر العبد في رقبته وأما ما كان في ذمته فهو ثابت عليه يؤخذ به وهذا رأيي
في العبد يجني جناية بعد جناية ( قال ) وقال مالك في العبد إذا جنى ثم جنى خير سيده أما أن يدفع قيمة ما جنى لكل واحد منهما وأما أسلمه فإن أسلمه تحاصا بقدر جناية كل واحد منهما وإن
____________________
(16/337)
________________________________________
جنى ثم افتداه ثم جنى بعد ذلك خير أيضا أما أن يفتديه وأما أن يسلمه بجريرته وإنما يجتمع في رقبته ما يتحاصون فيه إذا لم يفتده حتى جنى جناية بعد جنايته الأولى فأما أن يفتديه ثم يجني فإن على السيد أن يفتديه ثانية أو يدفعه
في جناية المعتق نصفه ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أعتق نصف عبد له ثم جنى جناية قبل أن يقوم عليه العبد ( قال ) قال مالك من أعتق شقصا له في عبد فمات قبل أن يعتق السلطان عليه النصف الباقي فإن النصف الذي لم يعتقه رقيق للورثة وكذلك قال مالك ( قال مالك ) إذا أعتق الرجل شقصا له في عبد فلحق السيد دين قبل أن يقضي السلطان على السيد بعتق جميعه فإن النصف الذي لم يعتقه السلطان رقيق يباع في الدين فأرى في مسألتك أن تقسم الجناية نصفين فيكون نصفها على النصف الذي أعتق ويكون النصف الباقي في النصف الذي فيه الرق ثم ينظر أي ذلك كان أقل نصف الجناية أو نصف قيمة العبد فيدفع ذلك إلى المجني عليه لأنه إن كانت الجناية أقل أخذه ولم يكن له على سيده إلا نصف الجناية ولأنه إن كانت الجناية أكثر أسلم إليه النصف فلم يكن على سيده أكثر مما أسلم ويقوم عليه في الأمرين جميعا ثم يعتق لأنه إذا أسلم النصف الذي لم يعتق لم يكن بد من أن يعتق عليه ذلك النصف إذا كان له مال لأنه شريك ( قلت ) فإن أعتق سيده نصفه ثم جنى العبد جناية ثم مات السيد ( قال ) أرى على النصف الذي أعتق نصف الجناية ونصف الجناية على النصف الذي لم يعتقه السيد ويقال للورثة افتكوه رقيقا لكم أو ادفعوه رقيقا للمجروح وقد أخبرتك من قول مالك ما يستدل به على هذا
في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حصته وهو موسر فجنى العبد جناية قبل أن يقوم عليه ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما حصته وهو موسر فجنى
____________________
(16/338)
________________________________________
العبد جناية قبل أن يقوم على المعتق ( قال ) يقال للمتمسك بالرق إن شئت فأسلم نصف العبد بنصف دية الجناية وإن شئت فافده بنصف دية الجناية فإن فداه كان له أن يضمن الذي أعتق ويقوم عليه وإن أسلمه كان للذي أسلم إليه العبد بالجناية أن يلزم المعتق بنصف قيمته ويكون نصف الجناية على النصف المعتق من العبد يتبع به ( وقال ) ولا تتبع العاقلة بشيء مما صار على النصف المعتق وإن كان أكثر من الثلث ( قلت ) ولا يضمن المعتق حصة صاحبه ثم يقال للمعتق ادفع أو افد ( قال ) لا لأن الجناية كانت في ملك المتمسك بالرق فلزمت رقبة العبد قبل أن يقوم نصيبه على صاحبه فإنما يقوم نصيبه على صاحبه بالعيب الذي لزم نصيبه لأن مالكا قال ينظر إلى قيمة النصيب يوم يقوم العبد بنمائه ونقصانه ( قال ) وإنما ضمنت المعتق للمدفوع إليه العبد بالجناية لأن هذا لما أعتق كان ضامنا فالمدفوع إليه بالجناية هو بمنزلة شريك المعتق الدافع العبد بجنايته ( قال ) ولو أن هذا العبد لما أعتق نصفه وهب شريك هذا المعتق نصيبه لرجل لضمنت المعتق للذي وهب له الشقص ولا يشبه هذا الذي قال مالك في البيع أنه يرد ولا يجوز بيع نصيبه إذا كان الذي أعتق موسرا لأن البيع إنما هو غرر وليست الهبة غررا لأن البائع كأنه باعه بكذا وكذا دينارا على أن يأخذ بدنانيره قيمة العبد لأنه قد علم أنه يقوم على المعتق وهذا المشتري لا يدري أيأخذ أقل من الدنانير التي أعطي أو أكثر وإن باعه بعروض كان كذلك أيضا إنما باع عروضه بدنانير لا يدري ما هي
في الجناية على المعتق نصفه ( قلت ) أرأيت العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا يجرح ( قال ) قال مالك نصفه لسيده يأخذه ونصفه للعبد يقر في يديه وكذلك لو جرح العبد كان نصف دية الجرح على العبد ونصفه على السيد قال سحنون وهو قول أصحاب مالك جميعا وقد كان لمالك فيها قول إذا جرح أن جرحه للسيد ثم قال هو بينهما ( وقال مالك ) في العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا يجني جناية وفي يده مال فيفتك سيده نصفه
____________________
(16/339)
________________________________________
أن ماله يؤخذ منه في نصف الجناية التي وجبت على المعتق منه
في جناية الموصي بعتقه ( قلت ) أرأيت إن أوصى فقال هو حر بعد موتي بشهر فمات السيد والثلث لا يحمله ( قال ) يقال للورثة أجيزوا الوصية وإلا فأعتقوا منه ما حمل الثلث بتلا ( قلت ) فلو أجازوا الوصية ( فقال ) إذا خدمهم تمام الشهر خرج جميعه حرا وهو قول مالك وإن قال الميت هو حر بعد موتي بشهر فأجازت الورثة الوصية ثم جنى العبد جناية قبل أن يمضي الشهر ( قال ) يقال للورثة افتكوا خدمته أو أسلموها ( قلت ) فإن افتكوها أو أسلموها أيعتق العبد بجميعه إذا مضى الشهر ( قال ) نعم وهو قول مالك ( قلت ) فإن أعتق العبد بعد مضي الشهر وقد كانوا أنفذوا ما أوصى به الميت وأسلموه ( قال ) يكون ما بقي من الجناية في ذمة العبد يتبع بها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن كان الورثة افتكوه فخدمهم بقية الشهر ثم عتق هل يتبع بشيء ( قال ) لا وقد بلغني ذلك عن مالك ممن أرضى ( قلت ) فإن كانت الورثة حين مات الميت لم يجيزوا الوصية فأعتقت عليهم الثلث بتلا ثم جنى جناية ( قال ) تقسم الجناية أثلاثا فيكون ثلث الجناية على الثلث المعتق ويقال للورثة افتكوا ثلثيكم بثلثي الجناية أو أسلموه فيكون ثلثاه رقيقا لأولياء الجناية وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت إن أعتق رجل عبدا له في مرضه فجنى العبد جناية أيدفع بها أم لا ( قال ) إذا أوصى بعتقه كان له أن يدفعه أو يفتديه قال سحنون إذا اعتدلت قيمته وجنايته فإن فداه كان على الوصية وأما إذا أبت عتقه في مرضه فإنه يكون مثل المدبر تكون الجناية في ذمته إذا حمله الثلث وكذلك بلغني عمن أرضى به ولا يكون في رقبته وإن كان لسيده أموال مأمونة من دور أو أرضين فهو حر حين أعتقه والجناية على العاقلة إن كانت خطأ وإن كانت عمدا اقتص منه ( قلت ) أرأيت إن أوصى بعتقه إلى شهر ولا يحمله الثلث فجنى العبد جناية قبل أن يجيز الورثة الوصية ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يقال للورثة
____________________
(16/340)
________________________________________
اختاروا فأما أعطيتم أرش الجناية كلها وكان لكم خدمة العبد فتكونون قد أجزتم وصية صاحبكم فذلك لكم ويخدمكم إلى الأجل فإذا انقضت الخدمة خرج العبد حرا بجميعه ولم تتبعوه بشيء وإن أبيتم عتق من العبد ثلثه وقيل لكم افتدوا الثلثين اللذين صارا لكم بثلثي الدية وإلا فأسلموهما لأولياء الجناية ويكون ثلث الجناية على الثلث الذي عتق منه
في جناية الموصى بعتقه يجني قبل موت سيده ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى بعتق عبده فجنى قبل موت السيد أتنتقض الوصية فيه أم لا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن يخير السيد فإن دفعه بطلت الوصية وإن فداه كانت الوصية كما هي ( وقال مالك ) هو عبد بعد يغير وصيته ويبيعه ويصنع به ما شاء فلما قال مالك ذلك علمنا أنه يجوز له أن يسلمه فإن لم يسلمه وفداه فالوصية له ثابتة لأن الوصية تقع بعد الموت إذا لم يغيرها قبل موته وكذلك بلغني عمن أثق به من بعض أهل العلم ( قلت ) أرأيت إن أوصى فقال إذا مت فهو حر فجنى العبد قبل أن يقوم في الثلث والثلث يحمله ( قال ) يعتق وتكون الجناية دينا عليه يتبع بها ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا مثل ما قال مالك في المدبر لأنه عند مالك عبد ما لم يقوم وإن كان الثلث يحمله إلا أن تكون له أموال مأمونة من دور أو أرضين بحال ما وصفت لك فيكون ذلك على العاقلة وإلا فإن مالكا قال حدوده وحرمته وقذفه بمنزلة العبد حتى يقوم في الثلث ويخرج من الثلث لأن المال لو أصيب بشيء قبل أن يقوم في الثلث حتى ينقص ذلك من عتقه نقص من عتقه ورق منه بقدر ما يرق فهذا يدلك على أنه عبد وأن العاقلة لا تحمل عن عبد وإن ما جنى بمنزلة ما جنى عليه وإنما قال لنا مالك هذا في المدبر فإذا أوصى بعتقه بعد موته ثم مات فجنى بعد الموت فسبيله سبيل المدبر سواء لأنه قد ثبت له ما ثبت للمدبر وكذلك بلغني عمن أثق به قال سحنون وقد أعملتك باختلافهم في المال المأمون ( قلت ) أرأيت إن أوصى بعتقه ثم جنى العبد جناية ولم يقم عليه ولي الجناية حتى مات السيد والثلث
____________________
(16/341)
________________________________________
يحمله أو لم يدع مالا سواه أترى للورثة ما كان لأبيهم من الخيار في أن يسلم العبد أو يفتكه أم ترى الحرية قد جرت فيه لما مات السيد وتجعل سبيله سبيل من جنى بعد الموت ( قال ) الجرح أولى به وهو في رقبته فإن أسلم كان عبدا للمجروح وإن افتكوه رجع العبد إلى مال سيده فأعتق في ثلثه بمنزلة ما لو افتكه سيده قبل أن يموت فيكون الورثة فيه بعد الموت بمنزلة السيد قبل أن يموت لأن الجرح كان في رقبته قبل أن يموت سيده ( قلت ) أرأيت إن أعتقه بتلافي مرضه ولا مال له فجنى العبد جناية ثم أفاد أموالا مأمونة كثيرة في مرضه ( قال ) يعتق العبد حين أفادها وتكون الجريرة في ذمته يتبع بها ولا تحمله العاقلة لأنه يوم جنى كان ممن لا تحمل العاقلة جريرته ( قلت ) أسمعت هذا من مالك ( قال ) الذي سمعت من مالك في هذا قد أخبرتك به في المسائل الأولى لأن مالكا قال لنا إذا كانت له أموال مأمونة ما قد أخبرتك به فهو إذا أفادها في مرضه صنعت به حين أفادها في العتق مثل ما كنت أصنع به إذا أعتقته وله أموال مأمونة
في رجل أعتق عبدا له في مرضه وبتل عتقه فجرح العبد قبل موته سيده ( قلت ) ) أرأيت إن أعتق رجل عبده في مرضه فبتل عتقه فجرح العبد قبل موت السيد ( قال ) عقله عقل عبد إلا أن يكون للسيد أموال مأمونة لا يخاف عليها مثل الدور والأرضين والنخل فتكون جراحه جراح حر لأن حرمته قد تمت ها هنا وهذا قول مالك أنه لا يكون حرا ولا تكون حرمته حرمة حر حتى تكون له هذه الأموال المأمونة لا يخاف عليها وإن كانت كثيرة ( قال ) والذي قال مالك في المال المأمون أنه النخل والأرضون والدور ( قلت ) أرأيت لو أني أعتقت عبدا لي في مرضي بتلا ثم جنى جناية وبرئت من مرضي ذلك أو مت منه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا كما أخبرتك من الدور والأرضين في المسائل الأولى فإذا كان العبد ممن يوقف إذا كان سيده ممن ليست له الأموال المأمونة من الدور والأرضين مثل ما وصفت لك إن من قتل هذا المعتق في المرض فإنما عليه قيمة عبد
____________________
(16/342)
________________________________________
وجراحاته جراحات عبد وحدوده حدود عبد فإذا كان بهذه الحال فإن العاقلة لا تحمل ما جنى من جنايته لأن جنايته جناية عبد لأنه لا تحمل له جريرة حتى يحمل هو مع العاقلة ما لزم العاقلة من الجرائر فقس على هذا ما يرد عليك من هذا الوجه ( قلت ) فإذا أعتقه السيد في مرضه بتلا فجر جريرة ثم مات السيد ولا مال له غيره ( قال ) يعتق ثلثه عليه ويرق ثلثاه ويكون ثلث الجناية على الثلث العتيق ويقال للورثة ادفعوا الثلثين أو افتكوه بثلثي الجناية لأن سبيله ها هنا سبيل المدبر قال مالك والمدبر مثل ما وصفت لك في هذا سواء ( قلت ) فلو أن رجلا أعتق عبده في مرضه بتلا ولا مال للسيد غيره فجنى العبد جناية بعد ما أعتقه قبل أن يموت سيده ( قال ) يوقف العبد حتى ينظر إلى ما يصير إليه السيد فإن برأ السيد من مرضه وصح كانت الجناية في ذمة العبد ويخرج العبد حرا بجميعه وإن مات السيد من مرضه رق ثلثاه وعتق ثلثه وكانت حاله في الجناية على ما وصفت لك في المدبر ( قلت ) فهل يقال للسيد إذا أوقفت العبد في العتق بتلا أسلمه أو افده ( قال ) لا ( قلت ) لم ( قال ) لأنه ليس له فيه رق ولا خدمة وإنما قيل له في المدبر أسلم أو افد إنما يقال له ذلك في الخدمة لأن له في المدبر الخدمة إلى الموت قال سحنون وقد قال غيره من كبار أصحابنا مثل ما قال أنه موقوف لأنه ليس للسيد فيه خدمة فيسلمها فكل قول تجده له أو لغيره على خلاف هذا فأصلحه على هذا فإن هذا أصل قولهم وأحسنه وقد كان عبد الرحمن ربما قال غير هذا ثم قال هذا وتبين له وثبت عليه ( قلت ) لابن القاسم أهذه المسائل التي سألتك عنها في المعتق بتلا في المرض أسمعتها من مالك ( قال ) لا وهو رأيي ( قلت ) أرأيت إن أعتقت عبدي في مرضي بتلا ولا مال لي سواه وللعبد مال كثير أيؤخذ مال العبد أم يوقف معه ( قال ) يوقف معه ماله ( قلت ) فإن أوقفت معه ماله فجنى جناية ما حال ماله ( قال ) يوقف ماله معه ولا يدفع إلى أولياء الجناية ( قلت ) فلم أوقفت ماله معه ( قال ) لأنه إن مات السيد ولا مال له غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه فإن اختارت الورثة أن يفتكوا الثلثين بثلثي الدية لم يكن لهم في مال العبد شيء وكان المال
____________________
(16/343)
________________________________________
موقوفا مع العبد ليس للورثة أن يأخذوه أيضا لأنهم إن أسلموا الثلثين إلى أهل الجناية لم يكن لأهل الجناية أن يأخذوا من ماله شيئا وكان المال موقوفا معه لأن من دخله شيء من الحرية وقف ماله معه ولم يكن لساداته الذين لهم بقية الرق فيه أن يأخذوا المال منه ولا شيئا من المال في قول مالك قال سحنون هذه المسألة أصل مذهبهم فلا تعدوها إلى غيرها ( قلت ) ولم أوقف مالك جميع مال العبد معه إذا أعتق منه شقصا ( قال ) لأنه شريك في نفسه وكل عبد بين اثنين فليس لأحدهما أن يأخذ من مال العبد قدر نصيبه إلا أن يرضيا جميعا فيأخذا المال ( قلت ) فإن كان عبد بين رجلين له مال فقال أحدهما أنا آخذ حصتي من المال وأذن له صاحبه وأوقف صاحبه ماله في يد العبد أيجوز ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لأنه إن كانت هبة منه فهي جائزة وإن كانت مقاسمة فهي جائزة ( قلت ) أرأيت إذا باعاه كيف يصنع هذا الذي ترك نصيبه في يد العبد وقد اشترط المشتري المال أيضرب بنصف العبد في الثمن وبقيمة المال الذي ترك في يد العبد ويضرب الآخر بنصف العبد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه بينهما نصفين لأن المال لا يقع عليه حصة من الثمن والمال ملغى ( قلت ) أرأيت إذا أعتق عبده بتلا في مرضه وله مال غير مأمون وللعبد مال ( قال ) سبيل هذا العبد سبيل من لا مال له إذا لم يكن للسيد مال مأمون ( قلت ) أرأيت إن قال أعتقوا عبدي فلانا بعد موتي فجنى العبد جناية بعد موته وقبل أن يعتقوه أيدفع بالجناية أم تكون الجناية في ذمته ( قال ) هو بمنزلة المدبر ما جنى بعد ما مات سيده فإنما الجناية فيما لم يحمل الثلث من رقبته في رقبته وفيما حمل الثلث في ذمته وقيل للورثة ادفعوا ما بقي لكم في العبد بما بقي من الجناية أو افدوه بأرش ما بقي من الجناية ( قلت ) فإن قال اشتروا عبد فلان نسمة وأعتقوها عني لعبد بعينه فاشتروه فجنى جناية قبل أن يعتقوه بعد ما اشتروه ( قال ) هذا والذي أوصى بعتقه سواء يكون دينا في ذمته ( قلت ) فإن قال اشتروا نسمة فأعتقوها عني ولم يذكر عبدا بعينه فاشتروا نسمة عن الميت
____________________
(16/344)
________________________________________
فجنى جناية قبل أن يعتقوه ( قال ) هذا لا يشبه عندي ما ذكرت لك من الرقبة بعينها لأن هذا لو أراد الورثة بعد ما اشتروه أن لا يعتقوه ويستبدلوا به غيره إذا كان ذلك خيرا للميت كان ذلك لهم ( قلت ) تحفظ هذه المسائل كلها عن مالك ( قال ) نعم منها ما سمعته ومنها ما بلغني عنه
في الرجل يوصي بخدمة عبده لرجل حياته فيجني العبد جناية ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى له بخدمة عبد حياته فجنى العبد جناية لمن يقال ادفع أو افد للذين لهم الرقبة أو للموصى له بالخدمة ( قال ) سألنا مالكا عن الرجل يخدم الرجل عبده سنين معلومة فجرح العبد رجلا جرحا قال ( قال ) مالك يخير سيده الذي له الرقبة فإن اختار أن يفتديه كان ذلك له ويستكمل هذا المخدم خدمته فإذا قضى خدمته رجع إلى سيده وإن أبى قيل للمخدم إن أحببت أن تفتكه فافتكه فإن افتكه خدمه فإذا انقضت سنوه لم يكن لسيده إليه سبيل إلا أن يدفع ما افتكه به المخدم وإلا كان للمخدم بتلا فمسألتك مثل هذا ( قلت ) ولم قال مالك يبدأ بصاحب الرقبة أولا فيقال له افتكه ( قال ) لأن مرجعه إليه ( قلت ) أرأيت إن أوصى لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله ثم جنى جناية ما يقال لهما ( قال ) يقال لصاحب الخدمة افتكه فإن افتكه خدمه إلى الأجل ثم أسلمه إلى الذي بتل له ولم يكن عليه قليل ولا كثير فإن أبى قيل لصاحب الرقبة افتك أو أسلم فإن افتكه كان له ولم يكن للمخدم فيه شيء وهذا الذي سمعت وبلغني عن مالك قال سحنون وقد كان منه في هذا الأصل اختلاف وأحسن قوله مما جامعه عليه غيره من كبار أصحاب مالك أنه إذا أخدم رجل عبدا له رجلا سنين أو أوصى بأن يخدم فلانا سنين وبرقبته لآخر والثلث يحمله فجنى العبد جناية في يد المخدم بعد الوصية أو في العطية في حياة صاحب الرقبة أن العبد جنى يوم جنى والجناية في رقبته ليس في خدمته فالمقدم الذي هو بيده للحق الذي له في الخدمة على صاحب الرقبة وأنه لا سبيل لصاحب الرقبة إليه
____________________
(16/345)
________________________________________
إلا بعد تمام الخدمة فيقال له افتك أو تسلم ما كان لك فيه مما أنت مقدم فيه فإن أسلم سقط حقه وقيل لصاحب الرقبة أسلم أو افتك فإن أسلمه صار لصاحب الجناية وأن افتكه صار له وبطل حق المخدم لتركه إياه وإن صاحب الخدمة افتكه بالجناية اختدمه فإذا تمت خدمته لم يكن لصاحب الرقبة إليه سبيل حتى يعطيه ما افتكه به لأنه إنما افتك الرقبة والجناية في الرقبة فإن لم يعطه ما افتكه به صار مملوكا للذي افتكه وصار موقفه موقف المجني عليه فكل ما جاءك من هذا الأصل فرده إلى ما أعلمتك فإنه أصح مذهبهم وقد أعلمتك بمجامعة غيره له ( قلت ) أرأيت إن أوصى رجل لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله فمات السيد وقبضه صاحب الخدمة فقتله رجل خطأ فأخرج قيمته لمن تكون القيمة ( قال ) بلغني عن مالك أنه قال قيمته للذي أوصى له برقبته بتلا وهو رأيي قال سحنون وقال بعض أصحابنا إن قيمة العبد المخدم تؤخذ من القاتل ويشتري بها رقبة فتدفع إلى المخدم تختدمه حتى ينقضي الأمد الذي إليه أخدم العبد ثم يرجع العبد إلى الذي أوصى له بالرقبة ( وقال بعضهم ) بل يؤاجر بقيمة العبد المقتول للمخدم عبد يخدمه إلى انقضاء السنين فإن بقي من القيمة شيء بعد انقضاء السنين دفع إلى الموصى له بالرقبة وقول مالك به يقول سحنون
في الرجل يوصي بخدمة عبده سنين فيقتل العبد أو يجرح قبل انقضاء السنين وجناية المعتق إلى أجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أوصى لرجل بخدمة عبده سنين معلومة فقتل العبد قبل انقضاء السنين ثم أخذ قيمته كيف يصنع بالقيمة ( قال ) قال مالك القيمة للذي له الرقبة وليس للموصي له بالخدمة شيء وكذلك لو قطعت يده فأخذ لها دية فإنما ذلك للذي له الرقبة وليس للموصي له بالخدمة شيء قال سحنون أما مالك فهذا قوله لم يزل وأصحابه اختلفوا فيه فكل ما سمعت خلاف هذا فرده إلى هذا فإن هذا هو أصل مذهبهم مع ثبوت مالك عليه
____________________
(16/346)
________________________________________
في جناية المعتق إلى أجل ( قلت ) أرأيت المعتق إلى سنين إذا جني جناية ما يقال لسيده في قول مالك ( قال ) يقال لسيده ادفع خدمته أو افد الخدمة فإن دفع الخدمة خدم حتى إذا حل الأجل عتق العبد وينظر إلى ما بقي من أرش الجناية فيكون ذلك على العبد إذا عتق وإن كان قد استوفى قيمة جنايته من الخدمة قبل أجل العتق رجع العبد إلى سيده فإذا حل الأجل عتق العبد وإن افتكه سيده خدمه بقية الأجل ثم إذا عتق لم يتبعه السيد بشيء مما افتكه به من أرش الجناية
في المدبر يجني على رجل فيدفع إليه يختدمه ثم يجني على آخر ( قال ) وقال مالك في المدبر إذا جنى ثم أسلمه سيده إلى الذي جرحه يختدمه ثم جرح آخر وهو عند الذي أخذه يختدمه دخل معه بقدر جنايته يتحاصون في خدمته هذا بقدر ما بقي له من جنايته وهذا بجميع جنايته وليس يخير صاحب المدبر ولا من أسلم إليه المدبر يختدمه في جنايته كما كان يخير في العبد من أخذه بجريرته ليس إسلامه خدمة المدبر في جنايته بمنزلة إسلام رقبة العبد
المدبر كلما جنى يدخلون جميعهم في خدمته والعبد كلما جنى دفع بجنايته ثم ما جنى بعد ذلك فإنه يدفع بجنايته أيضا لأن العبد إذا أسلم إلى المجروح كان مالا من ماله إن شاء باع وإن شاء وهب ( قال ) بن وهب وبن نافع قال مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة في المدبرة أنها إذا جنت فإن سيدها بالخيار إن شاء أن يخرج ما جنت فيفتدى بذلك خدمتها فعل وإن هو لم يفعل أسلمت بجنايتها فخدمت ويحسب ذلك فإن أدت جنايتها رجعت إلى سيدها الذي دبرها وإن مات سيدها فعتقت في ثلثه كان ما بقي من جنايتها دينا عليها قال مالك وعبد العزيز قضى بذلك عمر بن عبد العزيز ( بن وهب وبن نافع ) قال مالك وعبد العزيز فإن أدركها دين يرقها إذا مات سيدها فالذي جرحت أحق بها إلا أن يفدوها بما بقي من خراجها إذا كان الدين والجرح يغترق القيمة فإن لم يغترق القيمة بيع منها للجناية وللدين
____________________
(16/347)
________________________________________
ثم عتق ثلث ما بقي
في جناية المدبر وله مال وعليه دين ( قلت ) أرأيت المدبر إذا جنى جناية وله مال ( قال ) قال مالك يبدأ بماله فيعطاه أهل الجناية فإن لم يكن فيه وفاء قيل لسيده أسلم خدمته أو افتد الخدمة بما بقي من أرش الجناية ( قلت ) فإن كان عليه مع هذا دين ( قال ) قال مالك في العبد يجني الجناية وعليه دين إن دينه أولى بماله وجنايته في رقبته يقال لسيده ادفع أو افد فكذلك المدبر دينه أولى بماله وجنايته أولى بخدمته ( قلت ) أرأيت لو أن مدبرا جنى جناية وعليه دين ( قال ) فالجناية يدفع بها في خدمته في قول مالك والدين يتبعه في ذمته ( قلت ) فلو أن مدبرا مات سيده وعلى سيده دين يغترق قيمة المدبر وعلى المدبر دين ( قال ) قال مالك يباع في دين سيده ويكون دينه في ذمته أو في ماله إن كان له مال أو يتبع به في ذمته إن لم يكن له مال
في المدبر يجني جناية وعلى سيده دين يغترق قيمة المدبر أو لا يتغرقها ( قلت ) أرأيت لو أن مدبرا جنى جناية وسيده حي لم يمت وعلى السيد دين يغترق قيمة المدبر أو لا يغترق قيمته ( قال ) يدفع إلى صاحب الجناية فيختدمه بقدر جنايته إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه قدر الجناية ويأخذوا المدبر فيؤاجروه لأنفسهم حتى يوفي دينهم فإن لم يأخذه الغرماء وأسلم إلى أولياء الجناية ثم مات السيد فإنه يصنع في أمره كما إذا كان عليه من الدين وفي رقبته من الجناية ما يغترق رقبة المدبر فقد تسلط البيع على المدبر بعد الموت لأن التدبير وصية ولا تكون الوصية مع الدين فالدين يرد التدبير والجناية أولى من المدبر لأنها في رقبة العبد إلا أن يزيد أهل الدين على أرش الجناية فيحط ذلك عن الميت فيكونون أولى بالعبد لأن أهل الجناية إذا استوفوا جنايتهم فلا حجة لهم ( قلت ) فلو أن رجلا لا مال له عليه دين وله مدبر
____________________
(16/348)
________________________________________
فأراد الغرماء أن يأخذوا المدبر فيؤاجروه حتى يستوفوا دينهم ( قال ) ذلك لهم في قول مالك ( قلت ) أرأيت عبدا دبره سيده ثم لحق السيد دين يغترق قيمة العبد المدبر فجنى المدبر جناية ثم مات السيد قال مالك إن كان الدين يغترق قيمة العبد المدبر فإنه يقال للغرماء أهل الجناية أولى منكم لأن الجناية أولى برقبته وهي في رقبة العبد إلا أن يزيدوا على قيمة الجناية فيأخذوه ويحط عن الميت بقدر الذي زدتم فذلك لكم وإن أبوا فالجناية أولى يبدأ بها وإن كان إذا بيع من المدبر قدر جنايته وقدر الدين بعد ذلك فيفضل منه فضل بيع منه قدر الجناية ويبدأ بها فيعطي صاحب الجناية حقه ثم يباع لأهل الدين فيعطوا حقوقهم ثم يعتق من المدبر ثلث ما بقي بعد ذلك ويكون ثلثا ما بقي بعد ذلك رقيقا للورثة ( قلت ) أرأيت إن كان العبد إذا بيع منه مقدار الجناية ثم بيع منه مقدار الدين أتى ذلك على جميع قيمته ولم يفضل منه فضلة بعد ذلك ( قال ) فأصحاب الجناية أولى به إذا لم يكن فيه فضل إلا أن يزيد أصحاب الدين على ما وصفت لك وإنما يباع منه لأهل الجناية ثم لأهل الدين إذا كان فيه فضل يعتق لأنه لو كانت الجناية وحدها ولا دين على سيده عتق ثلثه وكان ثلثاه رقيقا للورثة ثم خير الورثة في ثلثيهم أن يسلموه أو يفتدوه بثلثي الدية ولو كان على سيده دين أقل من قيمة رقبته ولم يكن في رقبته جناية بيع منه بقدر الدين ثم عتق منه ثلث ما بقي بعد ذلك الدين وكان الثلثان رقيقا للورثة فلما اجتمعت الجناية والدين جميعا وكان فيهما ما يغترق قيمته كان صاحب الجناية أولى وأما إذا كان في قيمته فضل عما يجب لهم جميعا فعل به الذي فسرت لك لأن كل واحدة منهما لو خلت به كان فيه العتق
في المدبر يجني على سيده ( قلت ) أرأيت مدبرا جني على سيده فقطع يد سيده ( قال ) يختدمه سيده في الجناية ( قلت ) أو ليس قد كان يختدمه قبل الجناية ( قال ) أخبرني عبد الحكم بن أعين أنه سأل مالكا عنها فقال مالك يختدمه ويقضي له ذلك من الجناية وتبطل خدمة التدبير لأنه قد حدث خدمة هي أولى من الخدمة الأولى لأنه يختدمه في
____________________
(16/349)
________________________________________
الجناية حتى يستوفي جنايته فإن مات وبقي على المدبر شيء من الجناية فإنه يعتق منه مبلغ ثلث مال الميت فإن حمل ثلث مال الميت جميعه كان ما بقي من الجناية في ذمته وإن أعتق ثلثاه اتبع بثلثي الجناية ويسقط بقيتها لأنه رقيق لهم ( قلت ) فما له حين جنى على السيد لم تبطل جنايته على سيده وهو عبد للسيد وحين ورث ورثته الذي صار لهم من العبد بطلت الجناية عن الذي صار لهم من العبد ( قال ) لأن السيد حين جنى عليه مدبره كان فيه عتق وحين صار للورثة نصفه رجع الذي ورثوا منه رقيقا لا عتق فيه وسقطت الجناية عن الذي ورث منه وما عتق منه كان فيه من الجناية بقدر ذلك يتبع به ألا ترى لو أن عبدا جنى على سيده لم يكن لسيده عليه شيء لأنه لا عتق فيه وإنما جعل ذلك في المدبر لأن الجناية أولى من الخدمة فلا ينبغي أن يختدمه سيده بالجناية ثم يعتق ويبيعونه بجميع الجناية وهو رأيي قال سحنون وقال غيره لا يختدمه السيد بجنايته لأن له عظم رقبته ألا ترى أنه إذا جنى جناية على أجنبي ثم افتكه سيده أنه لا يختدمه بما افتكه به ولا يحاسبه به فالجناية على السيد أولى أن لا يحاسب بها الذي لم يخرج فيها شيئا وقد كان المجروح لو لم يفتكه منه اختدمه فإن لم يستوف حتى مات السيد وعتق المدبر في الثلث اتبع المدبر في ذمته بما بقي منه فلم يحل السيد حين افتك محل المجروح ولم ينزل منزلته فكذلك لا يكون ما جرح السيد مثل ما جرح الأجنبي ( قلت ) لابن القاسم أرأيت المدبر إذا جنى على سيده وعلى أجنبي ( قال ) يختدمانه بقدر جنايتهما وذلك أن مالكا قال إن جنى على سيده فذلك لازم له وإن جنى على أجنبي فذلك لازم له فلما ألزمه مالك الجنايتين ألزمته إياهما إذا اجتمعتا عليه ( قلت ) فلم لم يلزم عبدي ما جني علي ( قال ) لأن عبدك ليس فيه عتق والمدبر فيه عتق قال سحنون وهذه مثل الأولى
في المدبر ورجل حر يجنيان جناية خطأ ( قلت ) أرأيت لو أن مدبرا ورجلا حرا قتلا قتيلا خطأ ( قال ) يلزم المدبر نصف الدية في خدمته ونصف الدية على عاقلة الرجل الحر وهذا قول مالك ( بن نافع ) عن
____________________
(16/350)
________________________________________
بن أبي الزناد أن أباه حدثه عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل وربما اختلفوا في الشيء فآخذ بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا فكان الذي وعيت عنهم على هذه الصفة أنهم كانوا يقولون في المدبر يجرح أنه يخير سيده بين أن يسلم ما يملك منه من الخدمة وبين أن يفتديه بدية الجرح فإن أسلمه اختدمه المجروح وقاصه بجراحه في خدمته فإن أدى إليه دية جرحه في خدمته قبل أن يموت سيده رجع إلى سيده على ما كان عليه وإن مات سيده قبل أن يستوفي المجروح دية جرحه عتق المدبر وكان ما بقي من دية الجرح دينا عليه يتبعه به المجروح ( قال ) وقال مالك إنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر إذا جرح أن سيده يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح ويقاصه بجراحه من دية جرحه فإن أدى قبل أن يموت سيده رجع إلى سيده ( أشهب وبن نافع ) عن المنذر بن عبد الله الخزامي عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال إذا جرح المدبر جرحا أو قتل خطأ أخذ من سيده فآجره الذي له العقل حتى يستوفي عقله فإن مات سيد المدبر وعتق ولم يستوف صاحب العقل كتب عليه ما بقي من العقل دينا وإن استوفى صاحب العقل عقله والسيد حي رجع المدبر إلى سيده فكانت له خدمته حتى يموت قال المنذر فقلت لعبد العزيز رأي هذا عمر فقال رآه لأنه لا يؤخذ من السيد إلا ما له إذ لو كان عبدا ما كان على السيد أن يؤخذ منه إلا هو فإذا لم يكن له إلا خدمته فليس عليه أن يؤخذ منه غيرها
في المدبر يقتل عمدا فيعفى عنه على أن يأخذوا خدمته ( قلت ) أرأيت المدبر إذا قتل عمدا فعفا أولياء القتل على أن يأخذوا خدمته أيكون ذلك لهم ( قال ) نعم إلا أن يفتدي السيد خدمته بجميع الجناية ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في العبد ما أخبرتك وخدمة المدبر عندي بمنزلة رقبة العبد
____________________
(16/351)
________________________________________
( قلت ) أرأيت المدبر يقتل أجنبيا عمدا أيكون لأولياء الأجنبي أن يستحيوه على أن يأخذوه ( قال ) لا ولكن لهم أن يستحيوه ويأخذوا خدمته ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
في المدبر يجني جناية ثم يعتقه سيده ( قلت ) أرأيت المدبر إذا جني جناية فأعتقه سيده أيجوز عتقه وتكون الجناية في ذمته يتبع بها ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ويحلف السيد ما أعتقه وهو يريد ان يحمل عنه الجناية وهو عندي مثل العبد إذا كان حين أعتقه أراد أن يضمن الجناية وإلا حلف بالله ما أعتقه وهو يريد أن يضمن عنه الجناية فإن حلف ردت خدمة المدبر وخير بين ان يسلمه أو يفتديه مدبرا فإن أسلمه وكان للمدبر مال أخذ من المدبر المال فأعطي المجروح ثم خرج حرا إذا كان في مال المدبر وفاء بجنايته وان لم يكن في ماله وفاء أخذ منه ما كان له وخدم المجروح بما بقي له ثم خرج حرا وان لم يكن له مال اختدمه المجروح فإن أدى إليه عقل جرحه والسيد حي خرج المدبر حرا وان مات السيد قبل أن يستوفي المجروح عقل جرحه وترك مالا يخرج المدبر من ثلثه عتق واتبعه المجروح بما بقي من الجناية وان لم يترك مالا إلا المدبر وحده عتق ثلثه واتبعه بثلث ما بقي من الجناية فإن كان ما بقي من رقبته مثل ما بقي من الجناية كان ثلثاه رقيقا للمجروح لانه أسلمه حين كان له الخيار وليس للورثة فيه شيء لان صاحبه قد تبرأ منه وأعتقه وان لم يحلف السيد أنه ما أعتقه وهو يريد أن يحمل جنايته جاز عتق العبد وكانت الجناية على السيد ان كان للسيد مال فيه وفاء بجنايته وان لم يكن له مال رد عتق العبد وأسلم العبد إلى المجروح يختدمه فإن أدى في حياة سيده عتق ولم يلحقه دين استحدثه السيد إذا انقضت خدمة المجروح لان الذي رد عتق العبد من أجله ليس هو هذا الدين وان لم يؤد حتى مات السيد وعليه دين يغترق قيمة المدبر من دين استحدثه بعد عتقه في الجناية أعتق ثلث المدبر وكان عليه ثلث ما بقي من الجناية في ذمته فإن كان ما بقي من رقبته مثل ما بقي من الجناية كان مملوكا للذي جرحه
____________________
(16/352)
________________________________________
وإن كان الذي بقي من رقبته أكثر مما بقي من أرش الجناية فكان له أحد من قرابته يعينه أو غيرهم يعينونه بأرش الجناية الذي على الثلثين عتق وإلا بيع من ثلثي رقبة بقدر ما بقي من الجناية وعتق منه ما بقي وقال غيره يصير الثلثان رقيقا للمجروح وجد من يعينه أو لم يجد أو كان ما بقي مما يصير على ثلثي الرقبة أقل من ثلثي الرقبة فذلك رقيق للمجروح قال بن القاسم وان مات سيده وله مال عتق واتبع بما بقي من الجناية ان كان يخرج من ثلث سيده وان لم يترك السيد مالا غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه للمجروح بتلا وان كان دين السيد قبل العتق وقبل الجناية فهو بمنزلة المدبر الذي لم يعجل له عتق سواء لان ذلك العتق ليس بشيء وليس بعتق حين كان على السيد دين يغترقه
في المدبر بين رجلين يجني جناية ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين دبره أحدهما فرضى صاحبه بذلك أيكون نصفه مدبرا على حاله ونصفه رقيقا ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) كذلك بلغني أن مالكا قال إنما الكلام فيه للذي لم يدبر فإذا رضي فذلك جائز ( قلت ) أرأيت ان جنى جناية ( قال ) يقال للمتمسك بالرق أتدفع نصيبك في نصف الجناية أو تفتدي ويقال للمدبر أتدفع خدمة نصف العبد في نصف الجناية أو تفتدي
فيما استهلك المدبر ( قلت ) أرأيت ما استهلك المدبر من الأموال أيكون ذلك في خدمته ( قال ) قال مالك ما استهلك العبد من الاموال فذلك في رقبته فالمدبر بمنزلته إلا أن ذلك يكون في خدمته لان استهلاك الاموال عند مالك والجنايات سواء ( قلت ) أرأيت ما استهلك المدبر من الاموال أو جني أهو سواء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وما يقال للسيد في قول مالك في ذلك ( قال ) يقال له في قول مالك ادفع إليهم جنايتهم
____________________
(16/353)
________________________________________
وما استهلك من أموالهم أو أدفع إليهم خدمته فتكون جنايتهم وما استهلك من أموالهم في خدمته يتحاصون في ذلك فإذا مات السيد فإن حمله الثلث عتق وكان ما بقي لهم عليه دينا يتبعونه به وان لم يحمله الثلث فضت الجنايات وما استهلك من الاموال على الذي عتق منه وعلى الذي بقي منه في الرق فما أصاب العتق من ذلك اتبعوا به العبد وما أصاب الرق من ذلك خير الورثة بين أن يسلموا مارق من العبد في الذي أصاب حصة الرق من الجنايات وما استهلك من الأموال وفي أن يدفعوا إليهم قدر ما أصاب الرق من ذلك ان كان نصفا فنصف وان كان ثلثا فثلث وهذا كله قول مالك
في المدبرة تجني جناية ولها مال ( قلت ) أرأيت المدبرة إذا جنت ولها مال ما يصنع بمالها ( قال ) يؤخذ مالها في قول مالك فإن كان فيه وفاء بالجناية رجعت إلى سيدها وإلا خدمته بقية ارش الجناية
في الجناية على المدبر ( قلت ) أرأيت ما جنى على المدبر لمن هو في قول مالك ( قال ) للسيد وكذلك قال مالك ( قلت ) ولا يكون هذا بمنزلة ماله في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) فلم قلت في مهر المدبرة انه بمنزلة مالها وجعلتها أحق به ان مات السيد من الورثة ( قال ) لانه استحل به فرج الأمة ( قال ) ومما يدلك على ذلك لو أن رجلا زوج عبده أمته لم يزوجها إلا بصداق يدفعه إليها
في مدبر الذمي يجني جناية ( قلت ) أرأيت لو أن مدبر الذمي جنى جناية ( قال ) إذا كان العبد والسيد ذميين جميعا فإنه يخير سيده النصراني فإن أحب أن يسلمه عبدا أسلمه وكان عبدا لمن جني عليه وهذا قول مالك لان النصراني لو أراد بيعه لم يحل بينه وبين ذلك ولم يمنع لانه قال في عبده الذي أعتق إذا لم يخرجه من يديه فله أن يتبعه وكذلك المدبر فإن افتداه فهو على تدبيره ولكن ان أسلم مدبر الذمي ثم جنى جناية فإنه يسلم خدمته في قول مالك
____________________
(16/354)
________________________________________
أو يفتكه الذمي فيؤاجر له ( قلت ) ولم قلت هذا انه يؤاجر للذمي إذا أفتكه أو يسلم خدمته ( قال ) لانه إذا أسلم مدبر الذمي فإني أحكم بين المسلمين والنصارى بحكم الاسلام فلما أسلم العبد كانت سنته سنة مدبر المسلمين إلا أنه يؤاجر للسيد ولا يترك وخدمته ( قلت ) ولم لا تعتقه عليه ( قال ) لا ألا ترى لو أن نصرانيا حلف بعتق رقيقه فاسلم ثم حنث لم يعتق عليه رقيقه الذين حلف بعتقهم في نصرانيته في قول مالك قال مالك وهو بمنزلة طلاقه ( قلت ) فإن حلف بعتق رقيقه وفيهم مسلمون فحنث أكنت تعتقهم عليه ( قال ) نعم لان مالكا قال إذا أعتق النصراني عبده المسلم لزمه ذلك فالحنث عندي بمنزلته وكذلك إذا دبر النصراني عبده النصراني ثم أسلم العبد انفذت تدبيره
في مدبر النصراني يسلم ثم يجرح ( قلت ) أرأيت مدبر النصراني إذا أسلم وسيده نصراني فقتل أو جرح هذا المدبر لمن يكون عقله ( قال ) لسيده النصراني ( قال ) وهذا رأيي لان العبد لو مات كان ماله لسيده
في أم الولد تجرح رجلا بعد رجل ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا قتلت أم ولده رجلا خطأ فلم يدفع قيمتها حتى قتلت رجلا آخر خطأ ( قال ) يدفع قيمتها فيكون ذلك بينهما نصفين وهذا قول مالك فيما بلغني ( قلت ) فإن كان دفع قيمتها ثم قتلت آخر خطأ ( قال ) يخرج قيمتها ثانية فيدفعها إلى أولياء المقتول الثاني في قول مالك وأصل هذا أنها إذا جنت جناية فأخرج السيد قيمتها ثم جنت بعد ذلك أيضا ان على السيد ان يخرج قيمتها ثانية بمنزلة العبد إذا جنى ثم يفتكه سيده بالدية ثم جنى بعد ذلك انه يقال للسيد ادفع أو افد فكذلك أم الولد إذا قتلت قتيلا بعد ما أخرج السيد قيمتها انه يقال للسيد أخرج قيمتها الا أن يكون عقل الجناية أقل من قيمتها فعليه الاقل من قيمتها أو الجناية وهو قول مالك
____________________
(16/355)
________________________________________
( قلت ) فإن هي جنت جناية فلم يخرج سيدها قيمتها حتى جنت بعد ذلك فقام عليها أحدهما ولم يقم الآخر كان غائبا أيخير السيد على أن يدفع القيمة أو الاقل منها ومن الجناية إلى هذا الذي قام على جنايته ( قال ) لا ولكن يضرب لهذا الحاضر في ذلك بقدر جنايته في قيمتها لان مالكا قال إذا جنت ثم جنت قبل أن يخرج سيدها قيمتها اشترك في قيمتها كل من جنت عليه ( قلت ) وكيف يضربون في ذلك أبقدر جناية كل واحد منهم في قول مالك ( قال ) نعم قال سحنون قال بن وهب وقال ربيعة في أم الولد تجرح الحر يفديها سيدها وتكون على هيئتها ( قال ) وسمعت رجالا من أهل العلم يقولون ذلك وقال مالك الامر عندنا في أم الولد انها إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينه وبين قيمتها وليس له أن يسلمها وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها ( قال ) وهذا أحسن ما سمعت ( قال ) وذلك ان رب العبد أو الوليدة إذا أسلم وليدته أو غلامه بجرح أصابه واحد منهما فليس عليه أكثر من ذلك وإن كثر العقل فإذا لم يستطيع سيد إم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه قد أسلمها فليس عليه أكثر من ذلك قال مالك وعقل جراح أم الولد لسيدها ( قلت ) فإن جنت على رجل أقل من قيمتها ثم جنت على آخر أكثر من قيمتها قيل للسيد أخرج قيمتها فإذا أخرج ذلك اشتركا في ذلك كل واحد منهما بقدر جنايته ( قال ) نعم وهو قول مالك ( قال ) وقال مالك والعبد إذا جنى ثم جنى خير سيده أما أن يدفع قيمة ما جنى لكل واحد منهما واما أسلمه فإن أسلمه تحاصا بقدر جناية كل واحد منهما وإن جنى ثم افتداه ثم جني بعد ذلك خير أيضا أما ان افتداه واما ان اسلمه بجريرته وإنما يجتمع في رقبته ما يتحاصون فيه إذا لم يفتده حتى جنى جناية بعد جنايته الاولى وأما أن يفديه ثم يجنى فإن على السيد أن يفديه ثانية أو يدفعه وقال مالك في المدبر إذا جنى ثم أسلمه السيد إلى الذي جرحه يختدمه ثم جرح آخر وهو عند الذي أخذه يختدمه دخل معه بقدر جنايته يتحاصون في خدمته هذا بقدر ما بقي له من جنايته وهذا بجميع جنايته وليس
____________________
(16/356)
________________________________________
يخير صاحب المدبر ولا من أسلم إليه المدبر يختدمه في جنايته كما كان يخير في العبد من أخذه بجريرته ليس اسلامه خدمة المدبر في جنايته بمنزلة اسلامه رقبة العبد المدبر كلما جنى يدخلون جميعهم في خدمته والعبد كلما جنى يدفع بجنايته ثم ما جنى بعد ذلك فإنه يدفع بجنايته أيضا ( قلت ) أرأيت جناية أم الولد على من هي في قول مالك ( قال ) على سيدها أن يخرج قيمتها إلا أن تكون الجناية أقل من قيمتها فيخرج الاقل ( قلت ) فإن جنت أم الولد ثم جنت فلم يحكم على السيد بشيء من ذلك حتى قاموا عليه جميعهم وجناية كل واحد منهم مثل قيمة أم الولد أو أكثر من قيمتها ( قال ) بلغني أن مالكا قال على السيد أن يخرج قيمتها ليس عليه أكثر من ذلك يم يتحاصون في قيمتها يضرب كل واحد منهم في قيمتها بقدر ما كان له من الجناية ( قلت ) فإن جنت أم الولد ثم حكم على السيد بالجناية فأخرج قيمتها ثم جنت أيضا ( قال ) قال مالك على السيد أن يخرج جنايتها أيضا عند مالك مرة أخرى إلا أن تكون الجناية أكثر من قيمتها ( قلت ) فإن كانت جنت جناية ثم جنت ثم جنت فقام واحد من أهل الجناية فحكم القاضي على السيد بقدر الذي يصير له في قيمة أم الولد مع اشتراكه ثم قام الثاني عليه ( قال ) يحكم له أيضا يوم يقوم بقدر الذي كان يصير له من قيمة أم الولد يوم يقوم ( قلت ) وكل جناية كانت جنتها قبل أن يحكم على سيدها بالجناية فجميعهم يشتركون في قيمتها في قول مالك وكل جناية كانت جنتها بعد ما حكم السلطان بالقيمة على السيد فجنايتها بعد ذلك على السيد أيضا في قول مالك ( قال ) نعم كذلك هذا عند مالك وقال مالك ليس على السيد أن يخرج إلا قيمة واحدة ما لم يحكم عليه ( قلت ) أرأيت أم ولدي إذا جنت جناية ثم جني عليها قبل أن يحكم فيها فأخذت لذلك أرشأ ما يكون علي أقيمتها معيبة أو قيمتها صحيحة ( قال ) بل قيمتها معيبة يوم يحكم فيها مع الارش الذي أخذه السيد إلا أن تكون دية الجناية التي جنت أقل من قيمتها معيبة مع الارش الذي أخذه السيد مما جنى عليها فيكون عليه الاقل كالعبد إذا جنى جناية ثم جنى عليه فأخذ سيده له أرشا انه يخير في إسلامه وما
____________________
(16/357)
________________________________________
أخذ من أرشه أو يفتديه بما جنى وهذا إذا كان ما أخذ لها من الارش أو أخذ في أرش العبد أقل من دية ما جنوا فإن كان ما أخذ لهم في دية جناياتهم مثل ما جنوا أو أكثر من ذلك سقط خيار السيد وقيل للمجني عليه خذ من دية جناياتهم مثل دية ما جنى عليك ويبقوا وما بقى من دية جناياتهم لسيدهم رقيقا
في أم الولد تقتل رجلا عمدا له وليان فيعفو عنها أولياء الدم على أن يأخذوا القيمة ( قلت ) أرأيت لو أن أم الولد قتلت رجلا عمدا فعفا أولياء الدم عن أم الولد على أن يأخذوا القيمة من السيد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى لهم على السيد شيئا إذا أبى ذلك لان مالكا قال لي في الحر إذا عفى عنه على أن يتبعوه بالجناية فأبى فإن ذلك له فإن أحبوا أن يقتلوه قتلوه وان أحبوا أن يعفوا عنه عفوا وهذا عندي بمنزلة مسألتك ( قلت ) فإن عفوا عن أم الولد على أن يأخذوا قيمتها من السيد فأبى السيد أن يدفع إليهم القيمة أيكون لهم أن يقتلوها في قول مالك ( قال ) لا أحفظ قول مالك فيها وأرى لهم أن يقتلوها لانهم إنما عفوا على أن يعطي السيد قيمتها فلما لم يفعل رجعوا على حقوقهم من الدم ألا ترى إلى قول مالك في الذين عفوا عن القاتل على أن يدفع إليهم الدية فأبى أن لهم أن يقتلوه قال سحنون وقال غيره ليس أم الولد كالحر إنما حكمها حكم العبد فعلى السيد أن يخرج الاقل من قيمتها أو أرش الجناية ( وكان أشهب ) يقول في الحر ان الدية تلزمه على ما أحب أو كره ولا يقتل
في أم الولد تجرح رجلا عما فيعفو عنها أولياء الدم على أن يكون لهم رقبتها أو المدبرة وأم الولد تجرح رجلا خطأ ثم تلد بعد ما جنت ( قلت ) فإن جنت أم الولد أو المدبرة جناية عمدا ثم عفا عنها أولياء الدم على أن يكون لهم رقبة المدبرة أو أم الولد لم يكن لهم ذلك وان رضي السيد لان السيد لا يقدر على أن يدفع رقبة المدبرة في جنايتها ولا رقبة أم الولد ( قال ) نعم وهذا قول مالك
____________________
(16/358)
________________________________________
قال بن القاسم إلا أن المدبر إذا مات سيده ولم يترك مالا غيره فقد وصفت لك قول مالك فيه ( قلت ) أرأيت المدبر إذا قتل عمدا فعفا أولياء القتيل على أن يأخذوا خدمته أيكون ذلك لهم ( قال ) نعم إلا أن يفتدي السيد خدمتهم بجميع الجناية ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في العبد ما أخبرتك وخدمة المدبر عندي بمنزلة العبد
في أم الولد تقبل رجلا خطأ ثم تلد بعد ما قتلت ( قلت ) أرأيت أم الولد إذا قتلت قتيلا خطأ فولدت بعد ما قتلت ثم قام ولي الجناية أيكون على السيد أن يخرج قيمتها وقيمة ولدها أو قيمتها وحدها ( قال ) قد أخبرتك بقول مالك في الأمة الذي بلغني عنه وهذا عندي مثل الامة انه ليس على السيد إلا قيمة الام
في أم الولد تجني جناية ثم تموت أو يموت السيد قبل أن يحكم على السيد ( قلت ) أرأيت أم الولد إذا جنت جناية فماتت قبل أن يحكم على السيد أيكون على السيد شيء أم لا ( قال ) لا يكون على السيد من ذلك شيء ( قلت ) أرأيت أم الولد ما جنت جناية فمات السيد ولا مال له أيكون على أم الولد من ذلك شيء أم لا ( قال ) قال مالك لا شيء على أم الولد من ذلك ( قلت ) وكذلك كل ما غصبت من الاموال ( قال ) نعم مثل قول مالك في الجنايات انه لا شيء على أم الولد إذا مات سيدها قال سحنون وقال غيره إنما ذلك إذا قاموا على السيد وهو حي وإلا فلا شيء لهم عليه ألا ترى أنه إنما يكون على السيد يوم يقام عليه وهي عنده فلو قاموا وقد ماتت لم يكن لهم عليه شيء فكذلك إذا مات قبل أن يقوموا عليه فلا شيء عليه وعليها هي إذا قاموا بعد الموت لانها هي الجانية فذلك عليها
____________________
(16/359)
________________________________________
في إخراج قيمة أم الولد بأمر القاضي أو بغير أمره ( قلت ) أرأيت السيد إذا أخرج قيمة أم الولد ان كان أخرجها بأمر قاض أو بغير أمر قاض أهو سواء ( قال ) نعم ولم أسمعه من مالك ولم يقل لنا مالك بأمر قاض ولا بغير أمر قاض وهذا كله عندنا سواء ( قلت ) وكيف يخرج السيد قيمة أم الولد ( قال ) قال مالك يخرج قيمتها أمة ( قلت ) أقيمة أم الولد أو قيمة أمة ( قال ) أمة ان لو كانت تباع ليس قيمتها أم ولد ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكيف تقوم أبمالها أم بغير مالها ( قال ) بل قيمتها بغير مالها وكذلك بلغني عن مالك أنها تقوم بغير مالها ( سحنون ) ومن أصحابنا من يقول تقوم بمالها ( وأشهب ) يقول إنما تقوم بغير مالها
في إلزام سيد أم الولد ما وطئت بدابتها أو حفرت حيث لا ينبغي لها ( قلت ) أرأيت أم الولد ما أصابت بيدها أو وطئت بدابتها أو حفرت حيث لا ينبغي لها فعطب بذلك أحد أيكون جميع ذلك على السيد ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك إذا جنت أم الولد فذلك على السيد يخرج قيمتها فهذا كله جناية عند مالك من العبيد فهو في أمهات الاولاد جناية أيضا عندي
في أم الولد تجني جناية وعلى سيدها دين ( قلت ) أرأيت أم الولد إذا جنت وعلى السيد دين أيتحاص في مال السيد الذين جنت عليهم أم الولد وغرماء السيد ( قال ) نعم ولا أقوم على حفظه عن مالك وهو رأيي لان مالكا قال ما جنى الرجل الحر فأهل جنايته وأهل دينه يتحاصون في ماله فكذلك أم الولد
في الجناية على أم الولد والمدبر والمدبرة والمكاتبة ( قلت ) أرأيت جراحات أم الولد إذا جنى عليها لمن تكون ( قال ) للسيد وكذلك
____________________
(16/360)
________________________________________
المدبرة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا غصب أمة أو أم ولد رجل غصبها نفسها أتجعل على الغاصب الصداق في قول مالك ( قال ) قال مالك كل من غصب حرة أو أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فعليه صداقها ان كانت حرة وان كانت أمة فعليه ما نقصها وإن كانت أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فإنما هن محمل الاماء عند مالك عليه ما نقصها ( قلت ) أرأيت ما جعلت على هذا الغاصب من نقصان أم الولد أو المدبرة أو المكاتبة لمن تجعله أللسيد أم لها في قول مالك ( قال ) للسيد إلا في المكاتبة لان أم الولد لو جنى عليها جناية كان ذلك لسيدها عند مالك وكذلك المدبرة لو جنى عليها لكان ذلك لسيدها عند مالك فكذلك هذا الذي نقصها من وطء هذا الغاصب إنما يحمل محمل الجناية عليها فيكون ذلك للسيد فإن كانت مكاتبة أخذه سيدها وقاصها به في آخر نجومها وكذلك قال لي مالك فيما جنى على المكاتبة ان سيدها يأخذه ونقصها بما أخذ في آخر نجم من كتابتها وكذلك المكاتب في الجناية إذا جنى عليه وإنما يجعل مالك لسيد المكاتب أخذ ما جنى عليه لانه يخاف عليه استهلاكه فيرجع معيبا إلى سيده وقد أتلف ما أخذ من ارش جنايته ( قال ) وقال لي مالك في المدبر إذا قتل أو جرح أو أصابه ما يكون لذلك عقل فإن ذلك يقوم قيمة عبد ولا يقوم قيمة مدبر وكذلك قال مالك في أم الولد وكذلك قال مالك في المعتقة إلى سنين ( قال ) وقال مالك في الأمة إذا غصبها رجل نفسها فلم ينقصها ذلك أنه لا شيء على الغاصب إلا الحد ( قال ) وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة مثل ما قال مالك في الأمة لان مالكا قال جراح أم الولد والمكاتبة والمدبرة جراح أمة وكذلك في كل حالاتها يكون على غاصبهن ما يكون على غاصب الامة ( بن وهب ) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال في عبد افتض أمة فذهب بعذرتها قال يغرم لاهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا وقال أبو الزناد رأيت عبدا أسود افتض جارية حرة في عهد أبان بن عثمان فقضى أبان بالعبد للجارية
____________________
(16/361)
________________________________________
في جناية أم الولد على سيدها والمعتق إلى سنين والمدبر ( قلت ) أرأيت أم الولد إذا جنت على سيدها ما قول مالك في ذلك ( قال ) لا أقوم على حفظ قوله ولا أرى عليها شيئا ( قلت ) فالمعتق إلى سنين إذا جنى على سيده ( قال ) سبيله عندي ما وصفت لك في المدبر ولم أسمعه منه ( قلت ) أرأيت المدبر إذا جنى على سيده وعلى أجنبي ( قال ) يختدمانه بقدر جنايتهما وذلك ان مالكا قال ان جنى على سيده فذلك لازم له وان جنى على أجنبي فذلك لازم له فلما ألزمه مالك الجنايتين ألزمته إياهما إذا اجتمعتا عليه ( قلت ) فلم لم يلزم عبدي ما جنى علي ( قال ) لان عبدك ليس فيه عتق والمدبر فيه عتق ( قلت ) فأم الولد فيها عتق فما يقول في جنايتها على سيدها ( قال ) أم الولد ليست عندي بمنزلة المدبرة ألا ترى أن أم الولد إذا جنت على أجنبي إنما يلزم السيد جنايتها والمدبر لا يلزم السيد جنايته إنما يكون ذلك في خدمته وما بقي ففي ذمته إذا عتق قال سحنون وقد بينا أمر المدبر
فيما استهلكت أم الولد وما جنت ( قلت ) أرأيت ما استهلكت أم الولد من الاموال وما جنت أهو سواء عند مالك يكون ذلك على سيدها ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ما استهلكت أم الولد من الاموال فكان أكثر من قيمتها أو جنت جناية تكون أكثر من قيمتها أيكون الفضل على سيدها أم لا في قول مالك ( قال ) لا يكون على السيد إلا قيمتها لان مالكا قال في جناية أم الولد إذا كانت أكثر من قيمتها لم يلزم السيد إلا قيمتها لانها لو كانت أمة إنما يكون عليه أن يسلمها فإذا أخرج قيمتها فكأنه قد أسلمها ( قلت ) فهل يكون على أم الولد الفضل إذا أعتقت ( قال ) لا ليس عليها شيء لانها لو كانت أمة أسلمت ولم يكن عليها ان أسلمت فضل الجناية فكذلك أم الولد إذا إسلم قيمتها فكأنه قد أسلمها فلا شيء عليها في الفضل ( قلت ) أرأيت ما استهلكت أم الولد من الأموال غصبته أو اختلسته أيكون ذلك في ذمتها أو في رقبتها ويقال للسيد أخرج
____________________
(16/362)
________________________________________
قيمتها إلا أن يكون ما وجب في رقبتها من ذلك أقل من قيمتها في قول مالك ( قال ) ذلك في رقبتها عند مالك على السيد يقال له أخرج قيمتها إلا أن يكون ذلك أقل من قيمتها فيخرج الاقل وهذا وجنايتها عند مالك سواء
في جناية ولد أم الولد ( قلت ) فإن جنى ولد أم الولد جناية أيقال للسيد أخرج قيمته أيضا ( قال ) لا وليس هو كأمه ويخير السيد بين ان يفتكه أو يسلمه فيختدم بدية جنايته أو يفتكه فإن أسلمه اختدمه المجروح فإن أدي وسيده حي رجع إليه وان لم يؤد حتى يموت سيده عتق وبيع بما بقي من دية جنايته ( قلت ) أرأيت أم الولد إذا ولدت ولدا من غير اليسد بعد ما صارت أم ولد فجنى ولدها جناية ما قول مالك في ذلك والجناية أكثر من قيمته أو أقل ( قال ) قال مالك يخير سيده فإن افتكه كان بحالته الاولى فإن أسلم اختدمه المجروح بدية جرحه وقاضه بخدمته من دية جرحه فإن مات سيده قبل أن يستكمل دية جرحه عتق وكان ما بقي دينا عليه وان استوفى المجروح دية جرحه رجع إلى سيده فاختدمه بحالته الاولى قال مالك وليس هو بمنزلة أمه فيما جنت ( قلت ) أرأيت ان قال صاحب الجناية الذي جنى عليه ولد أم الولد أسلموا إلي خدمة هؤلاء حتى اقتضى حقي أيكون ذلك له في قول مالك أم لا ( قال ) نعم يسلمهم أو يفتكهم سيدهم بدية الجناية
في جناية أم ولد الذمي ( قلت ) أرأيت أم ولد الذمي إذا جنت ما القول فيها ( قال ) أرى أن يعرض عليه أن يفتكها بقيمتها إذا كانت الجناية أكثر من قيمتها وإن كانت أقل لم يكن عليه إلا الذي هو أدنى فإن أبى أسلمها بجنايتها وكانت أمة للذي أسلمت إليه لانه لو باعها لم أمنعه من بيعها ( قلت ) وتكون رقيقا للذي أسلمت إليه وللذي اشتراها من الذمي ( قال ) نعم ( قلت ) ويحل له وطؤها ( قال ) نعم إذا كانت له حل له وطؤها
____________________
(16/363)
________________________________________
في دين أم الولد أرأيت ان أذن لام ولده في التجارة فتجرت فلحقها دين يغترق قيمتها أيكون ذلك على السيد أو في ذمتها في قول مالك قال قال مالك في العبد المأذون له في التجارة ما لحقه من دين في تجارته تلك ان ذلك في ذمته ليس في رقبته فكذلك أم الولد
في القود بين الحر والعبد ( قال ) وقال مالك ليس يقاد العبد من الحر ولا تقاد الأمة من الحرة ولا يقاد الحر من العبد ولا الحرة من الأمة إلا أن يقتل العبد الحر فيقتل به ان شاء ولاة الحر وان استحيوه فسيده بالخيار ان شاء أسلمه وان شاء فداه بالدية ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال لا قود بين الحر والعبد في شيء إلا أن العبد إذا قتل الحر عمدا قتل به قال يونس وقال ربيعة ولا يقاد حر من عبد ولا واحد منهما من صاحبه وأيهما قتل صاحبه قتل حرابة أو تلصص أو قطع سبيل قتل به كان أمر ذلك على منزلة المحاربة ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج قال قلت لعطاء العبد يشج الحر أو يفقأ عينه فيريد الحر أن يستقيد من العبد ( قال ) لا يستقيد حر من عبد قال بن جريج وقال ذلك مجاهد وسليمان بن موسى ( بن أبي الزناد ) عن أبيه قال أما الحرفانة لا يقاد من العبد في شيء إلا أن يقتله العبد فيقتل به ( قال ) ولا يقاد العبد من الحر في شيء ( بن وهب ) عن الحرث بن نبهان عن سليمان بن عمرو عن بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى أنه ليس بين العبد والحر قصاص ي الجراح وإن العبد مال فعقل العبد قيمة رقبته وجراحه من قيمة رقبته وإذا جرح الحر العبد انتظر به حتى يبرأ فيقوم وهو صحيح ويقوم وهو مجروح فيرد الجارح على صاحبه ما نقص من قيمة رقبته ( بن وهب ) عن يونس عن أبي الزناد وأنه قال أما الحر فإنه لا يقاد من العبد في شيء إلا أن يقتله العبد فيقتل به ولا يقاد العبد من الحر في شيء وما
____________________
(16/364)
________________________________________
جرح العبد الحر من جرح فإن فيه العقل ما بينه وبين أن يحيط برقبة العبد ليس على سيد العبد سوى رقبة عبده شيء وان جرح العبد العبد خطأ فإن عليه العقل ما بينه وبين أن يحيط برقبة العبد الجارح فإن قتله عمدا فانا لا نعلم إلا أن سيد المقتول يقتل القاتل ان شاء إلا أن يصطلح هو وسادة العبد على ما رضوا به كلهم ( بن وهب ) قال يونس وقال بن شهاب ولا يقاد العبد من الحر ولا يقاد الحر من العبد إلا في القتل ولا يقاد الحر من العبد في الجراح ولا يقاد العبد من الحر في الجراح ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج قال أخبرني حسن أن أمة عضت اصبع مولى لبنى أبي زيد فضمرت فمات واعترفت الجارية بعضها إياه فقضى عمر بن عبد العزيز بأن يحلف بنو أبي زيد خمسين يمينا تردد عليهم لمات من عضتها ثم الأمة لهم وإلا فلا حق لهم ان أبوا يحلفو لابن وهب هذه الآثار
في الأمة تجني جناية ثم يطؤها سيدها بعد الجناية فتحمل ( قلت ) أرأيت أمة جنت ثم وطئها سيدها فحملت ولا مال له أو له مال علم بالجناية أو لم يعلم ( قال ) ان لم يعلم كان على سيدها الاقل من قيمتها أو دية الجرح فإن علم وكان له مال أخذ منه دية الجرح وان لم يكن له مال أسلمت إلى المجروح ولم يكن عليه في ولدها شيء لأنها لو ولدت من غير سيدها بعد ما جرحت لم يتبعها ولدها في دية الجرح ولم يكن للمجروح في الولد قليل ولا كثير وكذلك قال مالك في ولد الأمة إذا جرحت ان ما ولدت بعد الجرح فلا يدخل في جنايتها ( قلت ) أرأيت ان جنت جارية على رجل جناية ثم وطئها السيد بعد ذلك فحملت منه ( قال ) ان كان علم بالجناية وكان له مال غرم قيمة الجناية على ما أحب أو كره وان كان أكثر من قيمتها لان ذلك منه رضا فإن لم يكن له مال أسلمت إلى أهل الجناية وكان الولد ولده وإن لم يعلم بالجناية رأيت أن تكون أم ولد ويتبع بقيمتها إلا أن تكون الجناية أقل فيتبع بذلك دينا وذلك لو أن رجلا هلك وعليه دين يغترق ماله وترك جارية وترك ابنا فوطئ الابن الجارية فحملت منه أنه كان علم بدين أبيه وبادر الغرماء رأيت ان كان له مال أن
____________________
(16/365)
________________________________________
يكون له عليه قيمتها في قول مالك في ماله وان لم يكن له مال أسلمت إلى الغرماء فباعوها وان لم يعلم بدين أبيه رأيتها أم ولد للابن ورأيت أن يتبع بقيمتها فهذا مثل مسألتك ( قلت ) أرأيت هذه الجارية التي ولدت من سيدها متى تلزمه قيمتها إذا لزمته قيمتها ( قال ) يوم حملت قال سحنون وقال غيره ليست الجارية إذا جنت فكانت مرتهنة بجنايتها لان الجناية في رقبتها كالجارية إذا هلك سيدها وعليه دين إذا وطئها السيد والجناية في رقبتها ولا علم له ولا مال له أن الجناية أملك بها وتسلم إلى المجني عليه لانها لو بيعت ولا علم لهم بالجناية فأعتقها المشتري لم يكن ذلك فوتا يبطل بذلك حق المجني عليه ولو أن الورثة باعوا ولا علم لهم بأن على أبيهم دينا يغترق ماله ففاتت عند المشتري بعتق أو باتخاذها أم ولد لم يكن لهم إلى رد العتق سبيل وإنما لهم الثمن ان وجدوه وإلا اتبعوا به من أخذه
القصاص في جراح العبيد ( قال ) وقال مالك الامر عندنا في القصاص في المماليك بينهم كهيئته في الاحرار نفس الامة بنفس العبد وجرحها بجرحه ( قال ) وإفادة العبيد بعضهم من بعض في الجراح يخير سيد المجروح ان شاء استقاد وان شاء أخذ العقل ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال في مملوكين قتلا مملوكا عمدا فأراد ولي المملوك المقتول أن يسترقهما ولا يقتلهما قال بن شهاب ان قتلهما قودا خلى بينه وبين قتلهما وان أراد استرقاقهما واستحياءهما فليس له فيهما إلا ثمن ما أصاباه ( بن وهب ) عن الليث قال كان ربيعة يقول في مائة عبد لرجل وقعوا على رجل حر فقتلوه فمنهم الباطش ومنهم الآمر وقد قامت بذلك البينة فدفعوهم إليه ليقتلهم فأراد استحياءهم واسترقاقهم قال ربيعة ان كان أراد أن يستحييهم فليس له إلا الدية يستوفيها منهم فقط وإن أراد قلهم فله دماؤهم بما اجتمعوا عليه من قتل صاحبهم وذلك لان الدم تعلق به من أصابه وان الدية لا يتعلق بها المال كله ولا يكون لمن لم يكن له في دم صاحبه إلا العفو الا دية معلومة مسماة ( سحنون ) عن بن وهب عن شمر بن نمير يحدث
____________________
(16/366)
________________________________________
عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه قال إذا جنى العبد فليس على سيده غرم فوق رقبته وإن أحب أن يفتديه افتداه وان أحب أن يسلمه أسلمه ( بن وهب ) عن يزيد بن عياض عن عبد الملك بن عبيد عن مجاهد عن بن عباس أنه كان يقول العبد لا يغرم سيده فوق نفسه شيئا وان كانت دية المجروح أكثر من رقبة العبد فلا زيادة له ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج قال كتب عمر بن عبد العزيز ان العبدين قصاص في العمد أنفسهما فما دون ذلك من جراحهما قال بن جريج وقال ذلك سالم بن عبد الله بن عمر قال بن جريج وأخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن في كتاب لعمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب أنه قال يقاد للملوك من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دون ذلك من الجراح فإن اصطلحوا فيه على العقل فقيمة المقتول على أهل القاتل أو الجارح ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب أنه قال يقاد العبد من العبد في القتل عمدا ويقاد العبد من العبد في الجراح عمدا فإن قبل العقل من العبد كان عقل جراح مملوك كل واحد منهما في ثمنه بقيمة عدل وان قتل عبد عبدا عمدا أقيد منه في القتل فإن أراد صاحبه أن يستحيي العبد أعطى قيمة عبده المقتول في ثمن العبد القاتل لا يزاد على ذلك إلا أن يحب أهله أن يسلموه بجريرته وأهل العبد القاتل أملك بأن يفتدوه بعقل العبد المقتول أو يسلموا العبد القاتل بجريرته ان شاؤوا ( بن وهب ) عن بن أبي الزناد عن أبيه قال في عبد قتل عبدا عمدا أنه يسلم القاتل إلى سيد العبد المقتول فيقتله فإن أراد أن يستحييه فيكون عبدا له لم يكن له ذلك إلا عن طيب نفس من سيده لابن وهب هذه الآثار
في عبدي الرجل يجرح أحدهما صاحبه أو يقتله ( قال ) وسمعت مالكا يقول في الرجل يكون له العبدان فيجرح أحدهما صاحبه فيريد أن يقتص من عبده لعبده قال مالك ذلك له ولكن لا يكون ذلك إلا عند سلطان ( قال ) ولم أسمع من مالك يجيز شيئا من الحدود عند غير السلطان إلا السيد في أمته وعبده ان زنيا أو سرقا فإن سرقا لم يقطعهما إلا السلطان كذلك قال مالك ( قال
____________________
(16/367)
________________________________________
وسألت مالكا عن الرجل يكون له العبدان فيقتل أحدهما الآخر أله أن يقتص منه ( قال ) نعم ولكن لا يقتص منه إلا عند السلطان يريد بذلك حتى تثبت البينة وان القتل ليس يقتل إلا السلطان قال مالك ولا يقطع إلا السلطان ( قلت ) فإن قطع السيد عبده في سرقة دون السلطان أيعتقه ويراه مثله ( قال ) لا يعتق عليه إذا كانت له بذلك بينة لان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قد قطعوا دون السلطان فلا يعتق العبد وان قطع دون السلطان وإنما زجر الناس عن ذلك لئلا يمثل أحد بعبده فيدعي السرقة فيجترئ الناس من هذا على شيء عظيم فأرى أن يعاقب عقوبة موجعة إلا أن يعذر بجهالة ( قال ) ولقد سألت مالكا عن الرجل يقتل وليه فيعدو على قاتله فيقتله ( قال ) ان كان هو الذي له العفو ان عفا والقتل ان أحب أن يقتل فلا أرى عليه شيئا وأرى للامام أن يؤدبه لئلا يجترئ الناس على القتل فالقطع بهذه المنزلة
في العبد يقتله العبد أو الحر قال مالك بلغني أن مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح أن على الذي أصابه قدر ما نقص منه ( بن وهب ) عن الليث ويونس عن بن شهاب أنه قال سمعت رجالا من أهل العلم يقولون تقام سلعة من السلع ثم عقله في ثمنه يوم يصاب ان قتل أو جرح وبعضهم يزيد على بعض في الحديث ( بن لهيعة ) عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله مثله ( بن وهب ) عن مخرمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم وبن قسيط مثله ( بن وهب ) عن الليث ويونس عن ربيعة مثله ( بن وهب ) عن يونس عن بن شهاب مثله ( بن وهب ) عن الحرث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن عبادة بن بشر عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري عن معاذ بن جبل مثله ( بن وهب ) عن جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن علي بن أبي طالب مثله ( بن لهيعة ) عن بكير بن الاشج عن عمر بن عبد العزيز عن علي بن أبي طالب مثله ( بن وهب ) عن شبيب بن سعيد التميمي عن يحيى بن أبي
____________________
(16/368)
________________________________________
أنيسة عن بن شهاب عن بن المسيب عن عمر بن الخطاب انهم كانوا يقولون الرقيق مال قيمته بالغة ما بلغت في نفسه وجراحه وقال بن غنم قلت لمعاذ انهم كانوا يقولون لا تجاوز دية الحر فقال سبحان الله ان قتل فرسه كانت قيمته انما غلامه مال فهو قيمته ( بن وهب ) عن إسماعيل بن عياش عن علي بن أبي طالب قال قيمته بالغة ما بلغت انما هو مال وان بلغ ثلاثين ألفا ( بن وهب ) عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال يرد على السيد وان كان الثمن أربعة آلاف دينار أو أكثر من ذلك ( محمد بن عمرو ) عن بن جريج عن عبد الكريم عن علي وبن مسعود وشريح في دية العبد ثمنه وان خلف دية الحر ( بن وهب ) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان اذا شج العبد موضحة فله فيها نصف عشر ثمنه قال مالك وبلغني عن بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان في موضحة العبد نصف عشر ثمنه قال مالك والجائفة والمأمومة والمنقلة والموضحة في ثمن العبد بمنزلتهن في دية الحر ( قال ) عبد العزيز بن أبي سلمة وجراح العبد قيمته يقام صحيحا ويقام مجروحا ثم ينظر إلى ما بين ذلك فيغرمه الجارح لا يعلم شيئا أعدل من ذلك وذلك من أجل ان اليد من العبد والرجل إذا قطعت تدخل مصيبتها بأعظم من نصف ثمنه ثم لا يكون له بعد ثمن وان اذنه تدخل مصيبتها بأدنى من نصف ثمنه إذا كان غلاما ينسج الديباج أو الطراز وكان غلاما يعمل غير ذلك مما يرتفع به ثمنه فإذا أقيمت المصيبة ما بلغت فلم يظلم السيد ولم يظلم الجاني ان كانت تلك المصيبة قليلا فقليلا وان كانت كثيرا فكثيرا إلا أن موضحة العبد ومنقلته ومأمومته وجائفته لا بد لهن من أن يكون فيهن شيء فإن أخذن بالقيمة لم يكن لهن قيمة لانهن لا يرجعن بمصيبته ولا يكون فيهما عيب ولا نقص إلا ما ذكر له ولهما موضع من الرأس والدماغ فربما أفضي من العظم منه إلى النفس فيرى أن يجعله في ثمنه على مثل حسابه من عقل الحر قال بن وهب قال يونس قال أبو الزناد أنه قال ان شج الحر العبد موضحة فلسيد العبد على الحر الجارح نصف
____________________
(16/369)
________________________________________
عشر قيمة العبد يوم يصاب
في العبد يجرح أو يقذف فيقر سيده أنه قد كان أعتقه ( قلت ) أرأيت عبدا جرحه رجل أو قذفه فأقر سيده أنه قد كان أعتقه عام الاول قبل الجراحة أو قبل القذف ( قال ) لا يصدق على الجارح ولا على القاذف عند مالك ويكون جرحه جرح عبد وتكون دية الجرح للعبد لان السيد مقر أنه لا شيء له فيه ( قلت ) فإن قامت البينة على أنه أعتقه عام الاول والسيد جاحد وقد جرح العبد أو قذف بعد ذلك ( قال ) قال مالك في العبد يجرح أو يقذف فتقوم له بينة ان سيده قد كان أعتقه قبل الجراحة وقبل القذف ان دية جراحاته دية حر وحد قذفه حد قذف الحر ( قلت ) فإن كان السيد جاحدا أو غير جاحد ( قال ) انما سمعت من مالك ما أخبرتك ولم أسمعه يقول جاحدا أو غير جاحد وأرى أن لا يلتفت إلى جحود السيد ها هنا ولا إلى اقراره وكل ذلك عندنا سواء
في السيد يعتق عبده ثم يكتمه ذلك حتى يستغله ويجرحه ثم يقر بعد ذلك أو تقوم له بينة وهو جاحد ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أعتق عبدا له فجحده العتق فاستغله أو استخدمه أو كانت جارية فوطئها ثم أقر بذلك بعد زمان أو قامت عليه البينة بذلك ما القول في هذا ( قال ) قال مالك أما الذي قامت عليه البينة وهو جاحد فليس عليه شيء وهذا قول مالك في الذي يجحد وقال مالك في رجل اشترى جارية وهو يعلم أنها حرة فوطئها انه ان أقر بذلك على نفسه أنه وطئها وهو يعلم بحريتها فعليه الحد فمسألتك مثل هذه إذا أقر وأقام على قوله ذلك ولم ينزع فإن الحد يقام عليه والغلة مردودة على العبد وله عليه قيمة خدمته ( قلت ) أرأيت الصداق هل يجب لها عليه مع الحد إذا أقمت عليه الحد إذا أقر أنه وطئها بعد علمه بحريتها ( قال ) نعم يجب عليه الصداق لها مثل ما قال مالك في المغتصبة لان المغتصبة لها عليه الصداق مع الحد ( قلت ) أرأيت ان
____________________
(16/370)
________________________________________
كان السيد نفسه هو الذي جرحه أو قذفه فقامت على السيد البينة انه أعتقه قبل قذفه إياه وقبل جراحه إياه والسيد جاحد ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا في جراحة السيد وقذفه إياه ولكن مالكا قال في الجراح إذا استغله فقامت البينة انه أعتقه قبل أن يستغله ان الغلة للسيد وقال مالك أنه إذا وطىء هذه التي قامت عليه البينة بعتقها وهو جاحد أو شهدوا أنه وطئها بعد عتقه إياها وهو جاحد العتق انه لا حد عليه وكذلك مسألتك في هذا انه لا حد عليه في قذفه ولا دية له في الجراح ( قال ) وسئل مالك عن رجل حلف بعتق عبد له في سفر من الاسفار ومعه قوم عدول على شيء أن لا يفعله فقدم المدينة بعبده ذلك وتخلف القوم الذين كانوا معه فحنث في عبده ثم هلك وقد استغل عبده بعد الحنث وكاتبه ورثته بعد موته وهم لا يعلمون بحنث صاحبهم فأدى نجوما من كتابته ثم قدم الشهود بعد ذلك فأخبروا بالذي كان من فعل الرجل من اليمين وانه حنث فرفعوا ذلك إلى القاضي فسئل عن ذلك مالك عن عتق العبد وعما استغله سيده وعما أدى من كتابته إلى ورثته فقال مالك أما عتقه فأمضيه وأما ما استغله سيده فلا شيء على السيد من ذلك وأما الكتابة فلا شيء له من ذلك أيضا على ورثة سيده مما أخذوا منه أيضا وإنما ثبت عتقه اليوم قال بن القاسم وهذا مما يبين لك ما قلت لك في مسألتك في الذي يطأ جاريته أو يقذف عبده أو يجرحه ثم تقوم على السيد البينة أنه أعتقه قبل ذلك وهو جاحد انه لا شيء على السيد إذا كان السيد هو الجارح أو القاذف ولا شيء عليه في الوطء لا حد ولا غيره ( قلت ) فما فرق ما بين السيد ها هنا وبين الاجنبي في قول مالك ( قال ) لان السيد إذا جحد أن يكون العبد حرا وقد شهد له بالحرية فإنه إنما يكون فيما بينه وبين سيده حرا في فعله به يوم شهد له وفيما بينه وبين الاجنبي هو حر يوم أعتقه السيد ليس من يوم شهد له بالحرية ألا ترى أنهم ان شهدوا على السيد انه أعتقها وقد جرحت أو قذفت بعد عتقها أو شهدت كان حالها حال حرة في الحدود والقذف وفي أمورها كلها وهذا قول مالك قال سحنون وقد قال غيره من الرواة وهو قول
____________________
(16/371)
________________________________________
أكثر الرواة ان سيده والاجنبيين سواء وانه يقاد من السيد في الجراح وفي القذف ويغرم الغلة وقيمة الخدمة قال سحنون هذا الذي به نقول
في جناية العبد في رقبته أو في ذمته ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا غصب حرة نفسها أتجعل صداقها في رقبته أم في ذمته في قول مالك ( قال ) قال مالك ما اغتصب العبد من حرة أو من أمة غصبهن أنفسهن ان ذلك في رقبة العبد في الاماء ما نقصهن كما وصفت لك وفي الحرائر صداق مثلهن يقال للسيد ادفع العبد أو افده بصداق مثلها أو بما نقص الامة يفديه بجميع ذلك أو يسلمه ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان باع عبدا سارقا كتمه ذلك فسرق من المشتري الذي ابتاعه أيكون ذلك في ذمة العبد أم في رقبته إذا رد على سيده بالعيب ( قال ) يكون في ذمة العبد ان أعتق يوما ما لانه كان مأذونا له في الدخول في بيت المشتري وكان مؤتمنا على ذلك وكذلك قال مالك ان ذلك في ذمته ( قلت ) فإن كانت سرقته إنما سرقها من أجنبي سرقه لا قطع فيها كان لهذا المشتري أن يرده بالعيب ويقال لسيده البائع ادفع أو افد بحال ما وصفت لك ( قال ) نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا ( قال ) ولا تشبه سرقته من المشتري سرقته من الاجنبي لان سرقته من المشتري لا قطع عليه فيها وسرقته من الاجنبي عليه فيها القطع وإنما يلزم المشتري ما حدث من العيوب عنده من غير العيب الذي دلس له فيه وهذا الآخر قول مالك قال بن القاسم وما سرق العبد من سيده فليس عليه فيه شيء يتبع به عتق أو ورق قل ما سرق من ذلك أو كثر ( قال ) وقال مالك في العبد يجني جناية ان ماله ورقبته في جنايته ويقال للسيد ادفعه وماله أو افده بعقل جميع جنايته ( فقيل ) لمالك فإن كان عليه دين ( قال ) دينه أولى بماله وجنايته في رقبته ( قال ) وقال مالك في العبد يجر الجريرة وله مال وعليه دين ان ماله في دينه وجريرته في رقبته ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في الذي يقع على الصبية فيفتضها ولعله حر أو مملوك قال ربيعة ان كان حرا أو مملوكا فعليهما الحد
____________________
(16/372)
________________________________________
وان كان الحر محصنا فأرجمه وان كان بكرا فعليه مع الحد العوض لها مما أصلبها بقدر رأي السلطان فيما أفسد من كفاءتها وموضعها لمن أرادها وان كان عبدا فهو بعينه لها إلا أن يكون خطرها فيما أصاب منها أيسر من أن تحيط برقبته فيباع بغير أرضها وتعطى من الثمن عوض ما رأى المسلمون لها ويرد على سيد العبد فضل ان فضل من ذلك شيء وكان الحد على الحر والعبد لانهما أصابا محرما وعلى من أصابه من كبيرة أو صغيرة الحد وكان العوض لها بما استحلاه من حرمتها ولما أدخلا من الشين عليها ( بن وهب ) عن عميرة بن أبي ناجية وغيره عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أتى بعبد افتض جارية وهي كارهة فجلده عمر ثم باعه بأرض غير أرض المرأة وأعطيت ثمنه ( بن وهب ) عن بن لهيعة والليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد جعفر بن الزبير قال قضى عمر بن الخطاب فيمن استكره امرأة بكرا بالغرم مع الحد وان كان عبدا فكان ثمنه أكثر من ذلك فداه أهله ان أحبوا وان كان ثمنه أقل من ذلك فليس لهم إلا العبد قالابن وهب قال بن أبي الزناد وقال أبو الزناد في عبد افتض أمة فذهب بعذرتها قال يغرم لأهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا لابن وهب هذه الآثار
في إقرار العبد على نفسه بالجناية ( قلت ) أرأيت ان أقر العبد أنه غصب هذه المرأة نفسها فجامعها وهي أمة أو حرة لا يعلم ذلك إلا بقول العبد أيصدق العبد أم لا في قول مالك ( قال ) لا يصدق العبد إلا أن تأتي وهي مستغيثة أو متعلقة به وهي تدمي ان كانت بكرا وإن كانت ثيبا أدركت وهي تستغيث متعلقة به فإنه يصدق ان زعم أنه غصبها لاني سمعت مالكا وسئل عن عبد أتى به وقد قطع اصبع صبي من رجله واصبع يدمي فأدرك الصبي متعلقا به فأقر العبد أنه وطىء اصبعه ( قال ) قال مالك أما ما كان مثل هذا إذا أدرك على مثل هذا الحال واصبع الصبي تدمي بحدثان ما قطعت وهو متعلق به فإني أرى أن يقبل إقراره ويكون ذلك في رقبته يسلمه سيده أو يفتكه بالجناية لانه لا يتهم
____________________
(16/373)
________________________________________
أن يكون أقر إلى شيء فكذلك مسألتك في الوطء إن أقر على مثل ما وصفت لك قال مالك وما كان على غير هذا مما يقر العبد أنه فعله مما يكون في رقبته ولا يدري أحق ذلك أم لا ولم يكن على مثل ما وصفت لك فلا يقبل قوله إلا ببينة تقوم ( قلت ) فإن أعتق العبد يوما ما وكان اقراره إقرارا لم يقم عليه بينة ولم يكن بحال ما وصفت لي من تعلقها به أيكون ذلك دينا على العبد إن اعتق يوما ما في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يكون على العبد شيء من هذا الوطء ان عتق وكذلك قال مالك في رجل حر أقر بقتل رجل خطأ إن ذلك على عاقلته ولا يكون في ماله خاصة مع قسامة أولياء المقتول ان كان الذي أقر له ممن لا يتهم أن يكون أراد غني ولد المقتول فإن كان أراد غنى ولد المقتول لصداقة بينهما أو لقرابة بينهما وهو ممن يتهم أن يكون أراد غناه لم يكن على العاقلة شيء ولا يكون عليه من إقراره شيء فهذا يدلك على أن العبد لا شيء عليه من إقراره بالجناية إذا هي لم تلزم السيد ولا شيء عليه ان عتق بعد ذلك ( قلت ) أرأيت ان أبت الورثة أن تقسم مع إقراري أيبطل إقراري ولا يلزم عاقلتي من الدية شيء في قول مالك ( قال ) نعم كذلك قال مالك قال بن القاسم والذي فسرت لك مما لا يلزم العبد من إقراره إذا أعتق يوما ما إنما ذلك فيما غصب من النساء أو جرح أو قتل خطأ أقر بذلك كله ولم يكن له بينة ولم يكن بحال ما وصفت لك من التعلق بالعبد بحضرة ذلك فإن هذا لا يكون عليه شيء ان أعتق يوما ما أو أقر العبد باستهلاك مال ولا يعلم ذلك إلا بقوله أو باختلاس مال ولا يعلم ذلك إلا بقوله أو بسرقة لا قطع فيها ولا يعلم ذلك إلا بقوله أنه لا يصدق على سيده وان أعتق يوما ما لم يكن ذلك دينا عليه ولم يتبع منه بعد العتق بشيء وأصل هذا كله ان ينظر إلى ما يلزم رقبته من فعله فإذا هو أقر به ولم يكن على ذلك بينة فلم يجز إقراره فإنه لا يتبع من ذلك بقليل ولا بكثير لانه إنما أقر بما كان يلزم السيد فإن ثبت ذلك عليه ثبت على السيد وان لم يثبت لم يكن على العبد شيء ( قلت ) أرأيت لو أن عبدا أقر أنه قتل ولي رجل عمدا فقال الذي له الدم أنا أعفو عن هذا العبد وأستحييه
____________________
(16/374)
________________________________________
( قال ) ليس ذلك له إنما له أن يقتل فإن عفا على أنه يستحييه لم يكن له من رقبة العبد شيء وكذلك بلغني عن مالك ( قلت ) ويكون له أن يقتله بعد ذلك يقول إذا كنتم لا تجيزون لي هذا فأنا على حقي أقتله ( قال ) نعم إذا كان ممن يظن أن ذلك له وإنما هو بمنزلة الحر يقتل الحر فيعفو وليه على أن يعطيه الدية فيأبى أن يعطيه الدية فيكون لولي المقتول أن يقتله وكذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت ان أقر بسرقة فقال المسروق منه أنا أعفو عن قطع يده ولا أرفعه إلى السلطان وآخذ الدراهم التي أقر لي بها ( قال ) ليس ذلك له ولا يكون له شيء من ذلك ( بن وهب ) عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال في اعتراف العبد على نفسه بالسرقة والقتل ان كان استرهب أو امتحن فكان اعترافه بعد ذلك فأنا لا نرى عليه في ذلك قطعا ولا قتلا فأما ما اعترف به طائعا غير مخوف ولا مسترهب فاعترف أنه أتى ذلك عمدا فإنه تقطع يده بسرقته ويقتل بمن قتل ان كان قتل عمدا وان هو قال قتلته خطأ فأنا لا نري أن يصدق بذلك ( بن وهب ) قال يونس وقال ربيعة كل معترف لا يرى منه ما يصدق به اعترافه فهو موقوف يستأنى به حتى ينظر في اعترافه ثم لا يؤخذ بشبهة ولا يترك بعد يقين إلا أن يكون دما أو جرحا يستحقه أهل الدم مع الاعتراف بأيمانهم أو صاحب الجرح بيمينه فإنه ليس الدم والجرح فيما يدعي عند العبد كالسرقة قال بن وهب قال يونس وقال بن شهاب في المملوك أو المكاتب يعترف على نفسه بقتل عمد ( قال ) إن جاء بأمر بين يعلم أنه قد صدق أخذ بذلك وأقيم عليه الحد وإن كان اعترف على امتحان امتحنه أو تفريق فرقه أو أمر زل عن لسانه لم يؤخذ في أمر ذلك بشيء حتى يتبين عليه ولم يؤخذ بشيء من ذلك وما اعترف في ذلك على نفسه مما يغرم أهله فيه فهو نحو ذلك وقال السرقة مثل ذلك إذا لم يوجد ما قال حقا فلا سبيل عليه إلا أن يوجد ما دل عليه من نفسه واعترف به على ما وصفت لك فيؤخذ بذلك قال بن وهب وأخبرني من أثق به قال سمعت رجالا من أهل العلم يقولون مضت السنة على أنه لا يجوز اعتراف المملوك على نفسه بشيء
____________________
(16/375)
________________________________________
إذا أدخل على سيده غرما حتى تقوم بينة مع قوله إلا الحد يلفظه ثم يقربه فإنه يؤخذ به ويقام عليه واعترافه بالشيء يعاقب به في جسده من قود أو قطع أو قتل في قول مالك
القضاء في جناية المكاتب ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا جنى جناية أيقضي عليه بالجناية كلها أو بقدر قيمته ( قال ) يقضي عليه الجناية كلها لانه بمنزلة العبد إذا جنى فيقال لسيده أد الجناية كلها أو أسمله فكذلك المكاتب اما أن يؤدي جميع الجناية والاعجز وخير سيده في أن يفتكه بالجناية أو يسلمه بها ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فقضى القاضي عليه بالجناية أن يؤديها فعجز بعد ما قضى عليه القاضي أيكون ذلك وعجزه قبل أن يقضي عليه سواء ( قال ) نعم ولم أسمع مالكا يذكر القاضي بشيء من هذا إنما قال يقال للمكاتب أد وإلا عجزت وإنما يقضي القاضي ان يقول له أد وإلا عجزت ( قلت ) أرأيت مكاتبا جنى على سيده ( قال ) يقال له أد الجناية فإن عجز عن ذلك فسخت كتابته ( قلت ) والاجنبي في هذا وسيده سواء ( قال ) نعم لان مالكا قال إذا جنى المكاتب قيل له أد الجناية وإلا فارجع رقيقا
في المكاتب يجني جناية عمدا فيصالحه أولياء الجناية على مال فيعجز قبل أن يؤدي المال ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا جنى جناية عمدا فصالحه أولياء الجناية على مائة دينار فعجز قبل أن يؤدي المائة أيقال لسيده ادفعه أو افداه بالمائة ( قال ) إذا كانت الجناية معروفة فإنه يقال لسيد المكاتب ادفعه أو افده بالمائة إلا أن تكون المائة أكثر من دية الجرح لان مالكا قال في المكاتب إذا جنى جناية فإنه يقال له أد الجناية وأقم على كتابتك فإن هو قوى على ذلك وإلا فسخت كتابته ثم يخير سيده فإن شاء فداه بعقل الجناية وان شاء دفعه ( قلت ) أرأيت ان قال أنا أقوى على إداء الكتابة ولا أقوى على إداء الجناية أيكون ذلك له في قول مالك ( قال ) إذا قال لا أقوى على
____________________
(16/376)
________________________________________
أداء الجناية كان عاجزا مكانه ولا ينظر به في قول مالك قال بن وهب قال يونس وقال أبو الزناد إذا جرح هو جرحه فأنا نرى عقله على المكاتب في ماله فإن هو عجز عن ذلك محيت كتابته وخير سيده فإن شاء أن يعقل عنه عقل الجرح الذي جرح وان شاء أن يسلمه إلى المجروح عبدا له أسلمه قال يونس قال ربيعة ان أصاب المكاتب جرحا فعتق فإنما أدى عن نفسه فإن رق فإنما أدى من مال سيده قال مالك أحسن ما سمعت في المكاتب إذا جرح الرجل جرحا يقع عليه فيه العقل أن المكاتب ان قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه وكان على كتابته ولا ينجم عليه كما ينجم على الحر وان هو لم يقو على ذلك فقد عجز عن كتابته وذلك أنه ينبغي له أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل كتابته وكذلك حقوق الناس هي أيضا تؤدي قبل الكتابة لانه لا يؤدي خراجا والكتابة خراج وعليه أموال الناس فإن عجز المكاتب عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبدا مملوكا له وان أحب أن يسلم عبده للمجروح أسلمه وليس على السيد أكثر من إسلام عبده قال سحنون وحدثنا بن وهب عن بن شهاب أنه قال في العبد يكاتبه سيده وعليه دين للناس فكان يقول يبدأ بدين الناس فيؤدي قبل أن يؤخذ من نجومه شيء إذا كان دينه يسيرا بدأ بقضائه وأقر على كتابته وإن كان دينه كثيرا تحبس نجومه وما شرط عليه من تعجيل منفعته فسيده بالخيار ان شاء أقره على كتابته حتى يقضي دينه ثم يستقبل نجومه وإن شاء محا كتابته ( بن وهب ) عن يونس عن ربيعة أنه قال أما دين المكاتب فيكسر كتابته وينزل في دينه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة ( بن وهب ) عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عبد الكريم قال قال زيد بن ثابت المكاتب لا يحاص سيده الغرماء يبدأ بالذي لهم قبل كتابة سيده قال بن جريج وقيل لسعيد بن المسيب كان شريح يقول يحاصهم بنجمه الذي حل قال بن المسيب أخطأ شريح ( قال ) قال زيد بن ثابت يبدأ بالذي للديان ( وكان ) بن
____________________
(16/377)
________________________________________
شهاب ومجاهد وعطاء يقولون مضت السنة إذا وجب على المملوك عقل فلا يؤخر ولا ينجم كما ينجم المعاقل ولكنه عاجل لابن وهب هذه الآثار
في المكاتب يقر بقتل خطأ أو عمد فيصالح من ذلك على مال ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا أقر بقتل خطأ أو عمد فصالح من ذلك علي مال دفعه من ماله إلى الذي أقر له بالجناية أيجوز هذا في قول مالك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه لا يجوز له إعطاء ماله إلا أن في العمد لهم إن كانت نفسا أن يقتصوا وان أبوا أن يقتصوا لم يكن لهم في مال المكاتب شيء ولا في رقبته ان عجز ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك في العبد يقر بأنه قد قتل عمدا ولا بينة عليه قال مالك ان أحبوا أن يقتلوه قتلوه وان استحيوه فليس لهم أن يأخذوا العبد فكذلك مسألتك في المكاتب
في المكاتب يقتل رجلا خطأ ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا قتل قتيلا خطأ أي شيء يكون عليه في قول مالك الدية أم الأقل من قيمته ومن الدية ( قال ) عليه الدية كاملة في قول مالك وكذلك الجراحات عليه قيمة ما جرح ولا يلتفت فيه إلى قيمة المكاتب
في المكاتب يقتل رجلا عمدا له وليان فيعفو أحدهما ويتماسك الآخر ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا قتل رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما عن المكاتب وتماسك الآخر ( قال ) يقال للمكاتب أد إلى هذا الباقي نصف الدية وأقم على كتابتك ( قلت ) فإن أدى إلى هذا نصف الدية أيكون للآخر الذي عفا شيء أم لا ( قال ) لا إلا أن يزعم أنه إنما عفا للدية ويستدل على ما قال بأمر معروف وإلا فلا شيء له ( قلت ) فإن لم يؤد إلى الذي لم يعف عنه شيئا وعجز فرجع رقيقا ( قال ) يقال للسيد ادفع نصف الدية إلى هذا الذي لم يعف أو أسلم إليه نصف العبد ( قلت
____________________
(16/378)
________________________________________
فإن أسلم إليه نصف العبد أو نصف الدية أيكون للأخ الذي عفا فيه شيء أم لا ( قال ) لا أرى له شيئا ( قلت ) أتحفظه عن مالك ( قال ) لا إلا أن مالكا قال في العبد يجرح الرجلين عمدا جميعا ان لسيده أن يفتديه بدية جرحهما أو يفتديه من أحدهما بدية جرحه ويسلم للآخر قدر ما يصيبه فيه من الجناية فكذلك هذا
في المكاتب يجني جناية فيؤدي كتابته قبل أن يقوم عليه ولي الجناية ( قلت ) أرأيت مكاتبا جنى جناية وأدى كتابته إلى سيده قبل أن يقوم عليه ولي الجناية وخرج حرا ( قال ) أرى أن يقال للمكاتب أد عقل الجناية ويمضي عتقك وإلا رد رقيقا ويخير سيده فإن شاء فداه وان شاء دفعه إلى أولياء الجناية وما أخذ من نجومه بعد الجناية يردها معه ولا يكون له أن يحبسها إذا أسلمه
في المكاتب يجني جناية ثم يموت عن مال ( قلت ) أرأيت المكاتب يجني جناية ثم يموت عن مال من أولي بماله أسيده أم ولي الجناية ( قال ) قال مالك في العبد يجني جناية ان مال العبد لصاحب الجناية وهو أولى به من السيد فكذلك المكاتب عندي إلا أن يدفع سيد العبد أو سيد المكاتب إلى المجني عليه دية جنايته ( قلت ) أرأيت المكاتب يموت عن مال ليس فيه وفاء بكتابته وعلى المكاتب جناية وليس في المال وفاء بالجناية ( قال ) قال مالك في العبد يجني جناية ان أهل الجناية أولى بماله فكذلك المكاتب عندي لأنه ان مات عبد فماله لاهل الجناية دون سيده حتى يستوفوا جنايتهم ( قلت ) أرأيت ان كان للسيد على عبده دين أو على مكاتبه دين من غير الكتابة أيضرب به مع الغرماء ( قال ) نعم
في المكاتب يجني جناية وله أم ولد فيريد أن يدفعها في جنايته ( قلت ) أرأيت المكاتب يجني جناية وله أم ولد فأراد أن يدفع أم ولده ( قال ) ان خاف العجز فله ذلك لان مالكا قال في المكاتب إذا خاف العجز فله أن يبيع أم ولده
____________________
(16/379)
________________________________________
فكذلك هو في الجناية إذا خاف العجز
في المكاتب يجني جناية وله أولاد حدثوا في كتابته من أم ولد له ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا حدث له ولد في الكتابة من أم ولد له فجنى المكاتب جناية وعليه دين أيكون على الابن شيء أم لا ( قال ) أما الدين فلا يلزم الابن من ذلك شيء وأما الجناية فإنها تلزمه لان الأب والابن لا يعتقان إلا بأداء الجناية وقال مالك إذا جنى المكاتب قيل له أد فإن لم يقو قيل للابن أد فإن لم يقو رجعوا رقيقا ثم يخير السيد في الذي جنى وحده بين أن يدفعه أو يفديه ( قلت ) أرأيت ان مات المكاتب الجاني أيكون على الابن الذي معه في الكتابة من جنايته شيء أم لا ( قال ) ما سمعت فيه شيئا ولا أرى عليه شيئا من جناية الاب إذا مات لانه إنما كانت جنايته في رقبته ان عجز عنها فقد ذهبت رقبته فلا يكون على الابن شيء قال سحنون وقال غيره الجناية والدين لا يعتق المكاتب إلا بعدهما والدين يرق العبد ويبطل كتابته كما تبطلها الجناية فإذا كان على الأب دين فلم يقدر على أداء النجوم لمكان الدين صار الدين كالجرح إذا لم يقدر على أداء النجوم لمكان الجرح قيل للمكاتب وللابن لا سبيل لكما إلا بحمالة كل واحد منكما بصاحبه إلى أداء غلته والدين والجناية قبلكما وان قويتما على أداء الدين والجناية فالكتابة قائمة وإلا فسخت الكتابة وحير في الجاني وحده في إسلامه أو إفتكاكه وفي الدين فيصيران رقيقين والدين في ذمة الذي كان في ذمته وحده وإن أديا الدين جميعا أو الجناية جميعا أو أداهما الابن الذي لم يجن ولم يداين ثم أديا الكتابة لم يرجع على أبيه مما أدى عنه من أرش الجناية أو دين لانه إنما أعتق الأب بما أدى عنه فصار ذلك كالكتابة التي أداها بعضهم عن بعض لان العتق إنما كان بادائهما لو لم يؤديا رقا وكذلك كل ما أرقهما من دين أو جناية كما ترقهما الكتابة فإذا أديا الدين والكتابة كان كأداء الكتابة فخذ هذا الاصل على هذا ان شاء الله تعالى
في المكاتب يموت وعليه دين ويترك عبدا فيجني العبد جناية ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا مات وترك عبدا وعلى المكاتب دين فجنى العبد جناية
____________________
(16/380)
________________________________________
بعد موت المكاتب أو قبل موت المكاتب من أولى بهذا العبد الغرماء أو أولياء الجناية الذين جنى عليهم هذا العبد ( قال ) أولياء الجناية أولى به ألا ترى أن حرا لو جنى على عبده جناية وعلى الحر دين إن الجناية أولى بالعبد من دين السيد إلا أن يفتكه أهل الدين بدية الجناية لان الجناية إنما لزمت رقبة العبد ودين السيد إنما هو في ذمة السيد فهذا يدلك على أن الجناية أولى بالعبد من غرماء السيد وللغرماء أن يفتكوه لانه مال للسيد وقد كان للسيد أن يفتكه فكذلك غرماؤه ذلك لهم ( قلت ) أرأيت ان كان سيد العبد هو الذي جنى وجنايته مما لا تحمله العاقلة وعليه دين وليس له مال غير ثمن هذا العبد ( قال ) يضرب في ثمن هذا العبد الغرماء وأولياء الجناية بالحصص لان الجناية في ذمة السيد والدين في ذمته أيضا وهو قول مالك
في الجناية على المكاتب ( قلت ) أرأيت لو أني كاتبت عبدي فحدث له أولاد في كتابته من أم ولده ثم قتلته خطأ أو عمدا ( قال ) يقاص الولد السيد بقيمة رقبة المكاتب في آخر نجومهم ( قلت ) فإن كان فيي قيمة رقبته وفاء بالكتابة وفضل ( قال ) يكون لهم أن يأخذوا الفضل من السيد فيكون ميراثا بين ولده الذين كانوا في كتابته كانوا ممن كاتب عليهم أو ممن حدثوا معه في الكتابة وهو قول مالك لان مالكا قال في السيد إذا شج مكاتبه موضحة أنه يقاصه بها المكاتب في آخر نجومه وقال في المكاتب إذا قتل فأخذ السيد قيمته ان ولده يقاصونه بذلك في آخر كتابتهم فإن كان في قيمته فضل كان لهم فإن بقي شيء سعوا في بقية ذلك وعتقوا فسيده عندي بمنزلة غيره ( قال ) وإنما يكون على السيد في موضحة المكاتب في قول مالك نصف عشر قيمته مكاتبا على حاله في أدائه وقوته ( قلت ) أرأيت المكاتبة تلد ولدا في كتابتها فيقتله السيد ( قال ) سمعت مالكا يقول في مكاتب كاتبه سيده فشجه موضحة قال مالك أرى أن يقاص له من آخر كتابته نصف عشر قيمته فمسألتك مثل هذا ان السيد يغرم قيمة الولد فإن كان فيه وفاء بالكتابة كان قصاصا وان كان فيه فضل عن الكتابة أخذت
____________________
(16/381)
________________________________________
الأم من فضل القيمة قدر مورثها من ذلك ( قال ) وقال مالك وإذا قتل المكاتب قوم على هيئته في حاله وملائه والحال التي كان عليها قال مالك وكذلك لو وضع عنه ما عليه عند الموت وضع في الثلث الاقل من قيمته على حاله وملائه وهيئته التي هو عليها من جنس أدائه وقلة ذلك وكثرته أو الأقل مما عليه فأيهما كان أقل وضع في ثلث الميت ( قلت ) أرأيت لو قتلت عبدي أو مكاتبي وعليه دين أيلزمني منه شيء أم لا ( قال ) قال مالك الدين في ذمتهم فلما قتل لم يلزم القاتل شيء لان الذمة قد ذهبت ( قلت ) والعبد إذا كان عليه دين فقتله رجل أجنبي فأخذ السيد قيمته أيكون الدين في هذه القيمة أم لا ( قال ) لا وقد قال مالك ليس للغرماء غرماء العبد من خراجه شيء فكيف يكون لهم من ثمن رقبته لو جعلت لهم في مسألتك قيمة رقبته التي أخذها السيد من القاتل لجعلت لهم الثمن إذا باعه السيد ( قلت ) فإن قتل المكاتب وقد أدى جميع كتابته إلا دينارا واحدا كيف يقوم ( قال ) يقال هذا مكاتب كانت قوته على أداء كتابته كذا وكذا فما يسوي عبدا مكاتبا كانت قوته على الأداء كذا وكذا فيلزم قاتله تلك القيمة ( قال ) ولا ينظر في هذا إلى ما أدى المكاتب من الكتابة ولا إلى ما بقي عليه منها ( قال ) ولو أن مكاتبا أدى جميع كتابته إلا درهما واحدا وآخر لم يؤد من كتابته شيئا قتلهما رجل وكانت قوتهما على الأداء سواء وقيمة رقابهما سواء إلا أن أحدهما قد أدى جميع الكتابة إلا دينارا واحدا والآخر لم يؤد من كتابته شيئا ( قال ) لا يلتفت إلى ما أديا من الكتابة التي أديا وقيمتهما للسيد على قاتلهما سواء ( قلت ) أرأيت ان اختلفت قيمة رقابهما وكانت قوتهما على الأداء سواء فقتلهما رجل ولم يؤديا شيئا بعد ( قال ) هذان مختلفا القيمة فإنما يقوم على قدر قوته على الاداء مع قيمة رقبته يقال ما يسوى هذا المكاتب قيمة رقبته كذا وكذا وقوته على أداء كتابته كذا وكذا فعلى هذا يقوم المكاتب ( قلت ) وكذلك الذي سألتك عنه في الذي يترك جميع الكتابة لعبده فقلت يعتق بالاقل من قميته ومن قيمة الكتابة في ثلث الميت ( قال ) نعم إنما تقوم الكتابة بالنقد وقيمة رقبته على قدر قوته على أداء الكتابة بمنزلة ما وصفت لك في المكاتب
____________________
(16/382)
________________________________________
إذا قتله رجل فيعتق بالاقل من ذلك وهذا الذي قال في قيمته إذا قتل وفي كتابته كيف يقوم في الوجهين جميعا كما فسرت لك وقال غيره لا تقوم الكتابة إنما ينظر إلى الاقل من قيمة رقبته وما بقي عليه من الكتابة فيجعل في الثلث ليس قيمة الكتابة إنما ينظر إلى عدد ما بقي من الكابة من كان هو أقل فيجعل في الثلث وان كان قيمة الرقبة أقل جعلت في الثلث
في الأبوين يكاتبان فيولد لهما ولد فاكتسب الولد مالا وجنى عليه جناية ( قلت ) أرأيت ان كاتب الرجل عبده أو أمته وهما زوجان كتابة واحدة فحدث بينهما ولد فاكتسب الولد مالا وجني على الولد جنايات ( قال ) أما الجنايات فذلك للسيد عند مالك يحسب لهم ذلك في آخر كتابتهم إلا أن يكون في الجناية وفاء فيكون ذلك للسيد ويعتق هؤلاء كلهم مكانهم فإن كان في الجناية فضل فهو للابن ولا يرجع الولد على الابوين بما أخذ السيد من جنايته في كتابة الابوين لأن ذوي الارحام ولا يرجع بعضهم على بعض بما أدوا وأما الذي اكتسب الابن فهو للابن وليس للابوين أن يأخذا منه ماله وعليه أن يسعى معهما ويؤدي الكتابة على قدر قوته وأداء مثله فإن كان للابن مال وخاف الابوان العجز كان لهما أن يؤديا الكتابة من مال الولد وكذلك ان كان للابوين مال فقالا لا نؤدي وخاف الولد العجز فإن الكتابة تؤدي من مال الابوين ولا يرجع بعضهم على بعض بشيء مما أدى عن أصحابه لأن مالكا قال ليس له أن يعجز نفسه إذا كان له مال ظاهر فالابوان إذا كان لهما مال ظاهر فليس لهما أن يعجزا أنفسهما وكذلك الولد ( قلت ) فإن عدا السيد على الولد فقتله وفي قيمته فضل عن كتابة هؤلاء ( قال ) يعتق الابوان ولا يكون عليهما من الكتابة شيء لان قيمة الولد تكون قصاصا بالكتابة ويرجع الابوان المكاتبان على السيد بالفضل فيكون لهما ( قال ) وهذا قول مالك لان مالكا قال فيمن قتل ولد المكاتب أو المكاتب نفسه فإن السيد يأخذ من ذلك كتابته فإن كان فيه فضل كان
____________________
(16/383)
________________________________________
لأبويه اللذين معه في الكتابة وان كان قتل الابوان فإن السيد يأخذ من ذلك كتابته وما بقي عن كتابتهم فللولد وكذلك السيد إذا قتلهم فهو بمنزلة غيره من الناس إذا قتلهم وقيمتهم قد صارت ها هنا بمنزلة أموالهم وقد سمعت مالكا يقول في مكاتب جرحه سيده ان جرحه على سيده يحسبه من آخر كتابته وقد قال مالك في بن المكاتب إذا قتل ان عقله للسيد إذا كان فيه وفاء بجميع كتابتهم ويعتقون وان كانت الجناية ليس فيها وفاء بجميع كتابتهم أخذه أيضا وحسب ذلك لهم في آخر كتابتهم والجناية على المكاتب إذا لم يكن فيها وفاء بجميع كتابتهم أخذ ذلك السيد وحسب ذلك لهم من آخر كتابتهم وان كان فيها وفاء أخذه أيضا وحسب لهم ذلك في آخر كتابتهم والمال إذا مات أحدهم أخذه السيد ان كان فيه وفاء بكتابتهم وان لم يكن فيه وفاء بكتابتهم ترك في أيديهم ان كانوا مأمونين وهذا في الولد في قول مالك وإن كانوا غير ولد فهذا المال في الموت بمنزلة الجناية يأخذ السيد ما قل منه أو كثر ويحسب ذلك لهم من آخر كتابتهم فإذا أعتقوا اتبعهم السيد بما يصير له عليهم مما حسب لهم من مال الميت إلا أن يكونوا أخذوه فلا يتبعهم ( سحنون ) وقد كان ربيعة بن بي عبد الرحمن يقول ذكره يونس إذا كاتب على نفسه وولده وأم ولده ثم توفي وكان فيمن كاتب قوة على الاستسعاء سعوا وسعى الكبير على الصغير وذلك لانهم دخلوا معه في الكتابة فليس لهم أن يعجزوا حتى لا يرجى عندهم سعي وإن كان أبوهم قد ترك مالا ليس فيه وفاء فقد كانت لهم معونة ماله وليس لهم أصله إن أفلسوا أو أجرموا جريمة فالمال يدفع إلى سيده فيتقاصون به من آخر كتابتهم ولا يدفع إليهم لانهم ليس لهم أصله وهو لا يؤمن عليه التلف إذا كان بأيديهم وان كانوا صغارا لا يقوون فهم أرقاء ولسيدهم ذلك المال قال سحنون وكان مالك يقول إذا كانوا صغارا لا يستطيعون السعي لم ينتظر بهم أن يكبروا وكانوا رقيقا لسيدهم قال مالك إلا أن يكون فيما ترك أبوهم ما يؤدي عنهم نجومهم إلى أن يبلغوا السعي ويقووا على السعي فيفعل ذلك بهم ( سحنون ) قال مالك وان كان الولد صغارا وكانت معهم
____________________
(16/384)
________________________________________
أم ولد لأبيهم فأرادت السعي فإنه يدفع إليها مال الميت إذا لم يكن فيه وفاء ان كان يرى أنها مأمونة على ذلك قوية على السعي لأنهم إن أخذ المال منهم لم يقووا على السعي والاداء فعجزوا فصاروا عبيدا فهم بمنزلة أبيهم لهم ما له وعليهم ما عليه وكذلك إذا كان ولده يحتملون السعي وليس معهم أم ولد أعطوا المال يقوون به على السعي وان لم تكن مأمونة ولا قوية على ذلك رجعت هي وولد المكاتب رقيقا للسيد إلا أن يكون فيما ترك المكاتب أو في ثمن أم الولد إذا بيعت ما يؤدي عنهم فإنها تباع ويعتقون ويكون فيما ترك وفي ثمنها إذا بيعت ما يؤدي عنهم إلى أن يبلغوا السعي ( بن وهب ) عن بن لهيعة عن بكير أنه سمع سليمان بن يسار يقول إذا كاتب الرجل عبده على نفسه وبنيه فمات وعليه كتابة فإن آنس منهم رشدا دفع إلى بنيه ماله واستسعوا فيما بقي وإن لم يؤنس منهم رشد لم يدفع إليهم مال أبيهم ( بن وهب ) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عروة بن الزبير واستفتى في مكاتب توفي وعليه فضل من كتابته وترك مالا وترك بنين له أيأخذون ماله ان شاؤوا ويقضون كتابته ويكون على نجومه ( قال ) نعم إن استقلوا بذلك فإن ذلك لهم ان شاؤوا وقال ذلك سليمان بن يسار ان كانوا صالحين دفع إليهم وان كانوا ناس سوى لم يدفع اليهم ( بن لهيعة ) عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن مثل ذلك فقالا ان ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار وان لم يترك مالا وقد أنس منهم الرشد سعوا في كتابة أبيهم بلغوا من ذلك ما بلغوا وان كانوا صغارا لم يستأن بالذي للرجل كبرهم يخشى أن يموتوا قبل ذلك فهم له عبيد ( بن وهب ) قال يونس قال أبو الزناد ان كان ولده صغارا لا قوة لهم على الكتابة ولم يترك أبوهم مالا فإنهم يرقون وان ترك أبوهم مالا ليس فيه وفاء أدوا نجومهم عاما بعام قال سحنون قال مالك الامر الذي لا اختلاف فيه عندنا ان المكاتب إذا أصيب بجرح له فيه عقل أو أحد من ولده الذين معه في كتابته فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم وان ما وجب لهم في عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة ويحسب للمكاتب في آخر كتابته ويوضع
____________________
(16/385)
________________________________________
عنه ما أخذ سيده من دية جرحه ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله أو يستهلكه فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد وإنما كاتبه على ماله وكسبه ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده ولا ما أصيب من جسده فيستهلكه ( بن وهب ) عن يونس عن ربيعة أنه قال في المكاتب له عقل جراح ان أصابته فإن جرح المكاتب فالعقل فيه يأخذه سيده فإذا بقي على المكاتب من آخر كتابته مثل ذلك العقل قاصه به سيده وعتق وان عجز كان ذلك المال لسيده وذلك لان جرح العبد ليس من ماله إنما هو لسيده وقال بن شهاب وربيعة ان أصيب المكاتب بجرح له عقل فعقل ذلك الجرح لسيده يقبضه ويقاصه به من آخر كتابته قال بن وهب قال بن أنس بن عياض وقال بن أبي سلمة مثل قول مالك
هذه الآثار كلها عن بن وهب
في جناية عبيد المكاتب ( قلت ) أرأيت عبيد المكاتب إذا جنوا أيكون المكاتب فيهم مخيرا بمنزلة الحر يفتكهم بفعل الجرح أو يدفعهم ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكنه رأيي إذا كان على وجه النظر
في جناية عبد المكاتب على المكاتب فيريد ولده القصاص ويأبى سيده القصاص أو يريد سيده القصاص ويأبى الولد ( قلت ) أرأيت المكاتب إذا قتله عبده ( قال ) قال مالك في العبدين يكونان للرجل فيقتل أحدهما صاحبه أو يجرحه ان السيد يقتص من العبد لان العبدين جميعا عبدان له فأرى هذا مثله ان له ان يقتص إلا أن يكون للمكاتب أولاد معه في الكتابة فإني أرى أنه ليس للسيد أن يقتص إذا أبى الولد لان المال قد صار لهم ليستعينوا به في كتابتهم ( قال ) ولا أرى للاولاد أن يقتصوا أيضا إذا أبى السيد لان السيد يقول لا تتلفوا علي المال فترجعوا إلي وقد أتلفتم المال وهذا رأيي لان مالكا قال ليس لهم ان يتلفوا المال
____________________
(16/386)
________________________________________
خوفا من أن يرجعوا إلى السيد عبيدا وقد أتلفوا المال فإذا اجتمع السيد وأولاد المكاتب على القتل فإن ذلك لهم مثل ما قال مالك في العبدين لانهم حين اجتمعوا ان كان العبد للسيد جاز له القتل وان كان للولد جاز لهم القتل وان أبى السيد القتل وأراد الولد القتل ثم عتقوا فأرادوا أن يقتلوا بعد العتق كان ذلك لهم وان كان السيد هو الذي أراد القتل وأبى ذلك الاولاد ثم عجزوا كان ذلك له وان أبى السيد أن يقتل وأراد الولد القتل ثم عجزوا لم يكن للسيد ها هنا قول ولا يقتله لان ملكه كان عليهم جميعا فلما ترك ذلك لم يكن له أن يرجع إلى قتله وكذلك لو تركوا القتل وأراد السيد القتل ثم أدوا لم يكن لهم القتل وليس لمن ترك منهم القتل إذا رجع العبد إليهم يوما ما أن يقتلوا لا السيد ولا الولد ومن لم يترك القتل منهم إذا رجع العبد إليه فله ان يقتله ( قال ) وقال مالك في المكاتب يجني جناية عمدا فيعفو أولياء الجناية عنه على أن يكون المكاتب لهم رقيقا ( قال ) يقال للمكاتب إذا عفوا عنه ادفع إليهم الدية فإن عجز عن ذلك قيل لسيده ادفع إليهم الدية أو أسلم إليهم العبد وكذلك أيضا قال مالك في العبد يقتل رجلا عمدا فيعفو عنه أولياء القتيل على أن يكون لهم العبد ( قال ) قال مالك يقال للسيد افتكه بجميع الدية أو أسلمه لانهم حين عفوا عن العبد على أن يكون لهم صارت الجناية مالا وهو في رقبة العبد والعبد ملك لسيده فيقال للسيد ادفعه بما صار في رقبته أو افده بجميع الدية ( قال ) وما وجب في رقبة المكاتب من دية جنايته فإنه يقال له أدها حالة وأقم على كتابتك فإن أبى وعجز كان رقيقا للسيد ثم خير السيد بين افتكاكه بذلك الجرح وبين اسلامه إلى أهل الجناية
في جناية المكاتب على عبد سيده أو مكاتب سيده ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا جنى على عبد لسيده ( قال ) يكون للسيد على المكاتب قيمة العبد ( قال ) وكذلك لو جنى هذا المكاتب على مكاتب آخر لسيده ليس معه في الكتابة وإنما فرق بين المكاتب يجني على عبد سيده وبين العبد يجني على عبد سيده لان المكاتب لو استهلك مالا لسيده كان عليه غرمه ولو استهلك عبد مالا لسيده لم
____________________
(16/387)
________________________________________
يكن عليه غرم ولان المكاتب قد أحرز ماله ورقبته عن السيد وكذلك لو أن هذا المكاتب جني على مكاتب معه في كتابته فقتله كان يكون للسيد عليه قيمة المقتول فإن عجز رجع رقيقا وسقط ذلك عنه
في العبدين يكاتبان كتابة واحدة فيجني أحدهما على صاحبه ( قلت ) أرأيت لو أن أخوين في كتابة واحدة قتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ ( قال ) للسيد أن يقتص في العمد فإن عفا السيد على أن يأخذ قيمة المكاتب المقتول فذلك له ويعتق هذا القاتل فيما أخذ السيد منه من قيمة المقتول ( قلت ) فلو أن أجنبيين في كتابة واحدة قتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ ( قال ) يكون في العمد للسيد القصاص ان أحب فإن استحياه على أن يتبعه بقيمة المقتول فإن ذلك له يأخذ منه قيمة المقتول ويعتق هذا القاتل في قيمة المقتول ان كان فيها وفاء بالكتابة ثم يرجع السيد على هذا القاتل بحصته من الكتابة وان لم يكن في قيمة المقتول وفاء بالكتابة أخذ السيد ذلك وحسب ذلك له من آخر الكتابة فإن أدى وعتق هذا القاتل رجع السيد بما كان يصيب حصة هذا القاتل مما حسب له من قيمة المقتول في الكتابة ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبين كوتبا جميعا كتابة واحدة فجنى أحدهما على صاحبه خطأ أو عمدا كانا ذوي قرابة أو أجنبيين ما حالهما في قول مالك ( قال ) على العاقلة قيمة المقتول ويعتق القاتل فيها ويرجع السيد عليه بحصته ( قال ) وسواء ان قتله هذا الذي معه في الكتابة عمدا أو خطأ كانوا ذوي قرابة أو أجنبيين فذلك سواء ويعتق القاتل في قيمة المقتول ويرجع السيد عليهما جميعا بما عتقا به من قيمة المقتول بما ينوبه في رأيي لانه لا تهمة على القاتل أن يكون إنما قتله ليتعجل عتقا وهو قد كان يقدر على أن يعجل ما أغرمه سيده من قيمة المقتول ويعتق فليس ها هنا تهمة أتهمه بها فلذلك أعتقته وإنما الذي سمعت أنه لا يعتق ان لو كان المقتول له مال يعتق به القاتل فاستحيي لم يعتق ان قتله عمدا في تركته لما اتهم عليه من تعجيل عتقه في مال المقتول ويكون عليه قيمة المقتول فإن كان في ذلك كفاف لكتابته عتق وتبعه السيد بما ينوبه منها وان لم يكن
____________________
(16/388)
________________________________________
عنده قيمة المقتول عجز ورجع رقيقا وعتق في المال ان قتله خطأ لان الحر يرث من المال ولا يرث من الدية فكذلك المكاتب في مال المقتول لا يعتق في ماله ان كان قتله عمدا فيما ترك ويعتق ان كان قتله خطأ فيما ترك لانه لا تهمة عليه وهذا أحسن ما سمعت ويكون عليه قيمة المقتول وكذلك الاجنبيان إلا أن السيد في الاجنبيين يتبعه بما أدى عنه من المال الذي تركه المكاتب إذا كان قتله خطأ ويرجع عليه السيد أيضا بقيمة المقتول ولا يتبع إذا كانا أخوين بما أدى عنه من قيمة الكتابة لان أحدهما لم يكن يتبعه لو أدي عنه وإنما يتبع السيد من كان يتبعه هو ممن كان معه ويسقط عمن كان لا يتبعه لو أدى عنه في الخطأ ويكون على الأخ قيمة أخيه لانه لا يرث من القيمة فلذلك يكون عليه
في ذوي القرابة يكاتبون كتابة واحدة ثم يجني بعضهم ( قلت ) أرأيت جنايات ذوي القرابات إذا جنى أحدهم وجميعهم في الكتابة فعجز الجاني عن أداء تلك الجناية ( قال ) يقال للذين معه في الكتابة أدوا الجناية وإلا رجعتم رقيقا فإن رجعوا رقيقا قيل للسيد ادفع الجاني وحده بجنايته أو افده ( قلت ) أرأيت ان أدى عن الجاني قرابته الذين معه في الكتابة وهم إخوته أو والده فعتقوا هل يرجعون عليه بما أدوا عنه من الجناية ( قال ) لا لأنه ملك افتكه حين أدوا عنه ألا ترى أنه لو اشتراه وهو مكاتب فعتق لعتق عليه ولم يتبعه بشيء من ثمنه فكذلك ما افتكه به لا يتبعه بشيء منه ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبين كوتبا جميعا كتابة واحدة فجنى أحدهما على صاحبه جناية خطأ أو عمدا وكانا ذوي قرابة أو أجنبيين ماذا عليهما في قول مالك ( قال ) على القاتل قيمة المقتول ويعتق القاتل فيها ويرجع السيد عليه بحصته من الكتابة ( قال ) وسواء ان قتله الذي معه في الكتابة أو قتله أجنبي كانوا ذوي قرابة أو أجنبيين فذلك سواء ويعتق القاتل في قيمة المقتول ( سحنون ) ولا يتبع الذي أعتق بالذي أدى عنه إذا كان ممن لا يجوز له ملكه وكانت الجناية من أجنبي
____________________
(16/389)
________________________________________
( قلت ) أرأيت المكاتبين إذا جنى أحدهم جناية ( قال ) يقال للجاني افتك رقبتك بدية جنايتك فإن عجز قيل لاصحابه افتكوه بدية الجناية فإن أبوا صاروا رقيقا كلهم وان لم يحل شيء من نجومهم ثم قيل للسيد ادفع الجاني وحده لان الجناية إنما هي في رقبته فحيث ما زال زالت معه أو افده بدية الجناية
في جناية المكاتبة على ولدها ( قلت ) أرأيت مكاتبة حدث لها ولد في الكتابة فقتلت ولدها عمدا فقال السيد أنا أقتلها أيكون ذلك له ( قال ) قال مالك في الوالد يقتل ولده انه لا يقاد منه إلا أن يكون عمد لقتله مثل ما يضجعه فيذبحه فأما ما رماه به أو ضربه به أو حذفه به فإنه لا يقاد منه فكذلك مسألتك على هذا
في عبد المكاتب يجرح فيريد المكاتب أن يقتص وأبى سيده إلا العفو أو أخذ العقل ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا قتل عبدا له عمدا فأراد أن يقتص وأبى سيد المكاتب إلا العفو ويأخذ العقل من القاتل أو قيمة عبده ( قال ) أرى أن يكون ذلك للسيد لان السيد يمنعه من هبته ماله ومن صدقته ولو أراد المكاتب أن يعفو عن قاتل عبده في عمد أو خطأ لم يكن ذلك له إذا أبى السيد ولكن يقال لسيد العبد القاتل إذا عفا السيد ادفع عبدك إلى المكاتب أو افده بقيمة عبد المكاتب المقتول ( قال ) ولقد سألت مالكا عن العبد يجرح العبد عمدا فيقول سيد العبد المجروح لا أقتص ولكن آخذ هذا الجاني على عبدي أو يدفع إلى دية جرح عبدي فيقول سيد الجارح ليس ذلك لك ولكن اقتص ان القول في ذلك قول سيد العبد المجروح ويخير سيد العبد الجارح فأما أسلم عبده بجنايته وأما افتكه بثمن جرح العبد المجروح ( قال مالك ) وكذلك هذا في القتل هو مثل ما وصفت لك فأرى مسألتك تشبه هذا وليس للمكاتب أن
____________________
(16/390)
________________________________________
يترك مالا قد وجب له من دية عبد كان له لانه لا يجوز له معروف في ماله إذا منعه سيده في قول مالك إلا أن يؤدي المكاتب جميع ما عليه من الكتابة ويكون له ان يعفو أو يقتل قال سحنون وقد كتبنا آثار هذا الاصل قبل ذلك
في سيد المكاتب يجني على مكاتب مكاتبه ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا كاتب عبدا له فولد للمكاتب الثاني أولاد حدثوا في الكتابة ثم قتل السيد الأعلى المكاتب الثاني ( قال ) يقال للسيد ادفع قيمة المكاتب الثاني إلى المكاتب الأعلى فإن كان في قيمته وفاء بالكتابة كتابة الثاني عتق أولاد المكاتب الثاني وإن لم يكن فيه وفاء سعى أولاد المكاتب الثاني فيما بقي على أبيهم ويكون المكاتب الأول على حاله يسعى في بقية كتابته ( قلت ) ولا يكون للسيد الاول أن يحبس قيمة المكاتب الثاني عن المكاتب الاول ( قال ) لا لأن المكاتب الثاني وولده مال للمكاتب الاول وليس هو بمنزلة المكاتب الاول ولا بمنزلة ولده لان المكاتب الاول وولد المكاتب الاول مال للسيد لان المكاتب لا يملك ولده ولانه لو كان له عبد فجنى عليه أحد جناية كانت الجناية للمكاتب ولم يكن للسيد الاول من ذلك شيء وإنما هذا بمنزلة البيع كأنه باعه وكذلك مكاتب المكاتب إنما هو عبد للمكاتب الاول ألا ترى أن السيد بعينه لو جنى على عبد لمكاتبه كان على سيده قيمة جناية العبد يدفعه إلى المكاتب فكذلك مسألتك ( قال ) وهو قول مالك
في قرار المكاتب بالجناية والدين ( قلت ) أرأيت لو أن مكاتبا أقر بجناية خطأ أو أقر بدين أيلزمه ذلك ( قال ) أما الدين فلازم له عند مالك في ذمته وأما الجناية فلا تلزمه لان مالكا قال إقرار العبد بالجناية لا يلزمه ذلك فكذلك المكاتب لا يلزمه اقراره بالجناية فإن عجز فرجع رقيقا لم يكن على السيد من إقراره بالجناية شيء ويتبعه أصحاب الدين في ذمته فإن عتق
____________________
(16/391)
________________________________________
بعد ما عجز لم يلزمه إقراره بالجناية ( قلت ) وكذلك لو ان عبدا أقر بجناية فأعتقه سيده لم يلزمه عقل الجناية في قول مالك ( قال ) لا
في المكاتب يموت وعليه دين وجناية ( قلت ) أرأيت لو ان مكاتبا مات وترك مالا وعليه دين للناس وجناية خطأ كان جناها ( قال ) أهل الدين أولى بماله من أهل الجناية لان الجناية في رقبته والدين ليس في رقبته ( قلت ) فإن مات المكاتب ولا دين عليه وقد جنى جناية خطأ ( قال ) أهل الجناية أولى بماله من سيده لان جنايته في رقبته وفي ماله فإن كان جنى وعليه دين فإنما جنايته في رقبته والدين في ماله وقال مالك في العبد يجنى جناية ان ماله ورقبته في جنايته يقال للسيد ادفعه وماله أو افداه بجميع عقل جنايته ( فقيل ) لمالك فإن كان عليه دين ( قال ) دينه أولى بماله وجنايته في رقبته ( قلت ) فإن عجز المكاتب عن أداء العقل فأداه عنه سيده أيكون على كتابته أم يكون عبدا في قول مالك ( قال ) إذا لم يقو على أداء الجناية رد رقيقا وخير سيده فإن شاء افتكه وإن شاء دفعه وقال مالك في العبد يجر الجريرة وله مال وعليه دين ان ماله في دينه وجريرته في رقبته فكذلك كان ما قلت لك ( قلت ) فإن مات المكاتب وترك ولدا حدث معه في الكتابة ولم يترك مالا وعلى المكاتب دين للناس وجناية كان جناها ( قال ) قال مالك الجناية في رقبة المكاتب والمكاتب إذا مات وليس له مال بطلت الجناية عند مالك إذا لم يكن للمكاتب مال وأما دين المكاتب فإن مالكا قال انه في ماله فإن مات هذا المكاتب ولا مال له فلا شيء للغريم وقد بطل دينه ( قلت ) ولا يكون لغريم المكاتب فيما بقي في يدي الابن من المال قليل ولا كثير ( قال ) نعم لا شيء له مما في يدي الابن إذا لم يكن ذلك المال للأب ولا يلزمه من دينه قليل ولا كثير لان مالكا قال دين المكاتب في ماله والابن ليس بماله فما اكتسب الابن الذي حدث في الكتابة من مال فليس لابيه أن ينزعه منه إلا أن يعجز ولابنه مال ظاهر فيؤخذ من مال الابن
____________________
(16/392)
________________________________________
الكتابة إذا كانت قد حلت وإلا فما حل منها فهذا يدلك على ان دين المكاتب لا يكون على أبيه وهذا كله منه قول مالك ومنه رأيي ولا يكون على الابن من جناية أبيه شيء وإذا اجتمعت الجناية والدين على المكاتب وقد مات وله مال فدينه أولى بماله وان فضلت فضلة كانت لاهل الجناية حتى يستوفوا الجناية لان مالكا قال كل عبد جني جناية فإن سيده مخير فيها فإذا مات العبد قبل أن يخير السيد بطلت الجناية فالولد في هذا الوجه بمنزلة السيد يخيرون ان كان أبوهم حيا إذا لم يكن فيه قوة على أدار الجناية في ان يؤدوا أو يعجزوا فإذا مات أبوهم سقط عنهم ما كان لاولياء الجناية من الجناية كما يسقط عن السيد ما كان لهم من جنايتهم حين مات المكاتب إلا أن يكون له مال ولو قام بذلك ولى الجناية في جناية الأب فاختاروا المضي على الكتابة فإن مات الأب قبل أن يؤدي الجناية لم يسقط عنهم منها قليل ولا كثير قال مالك ولو ان سيد المكاتب عجل له عتقه أو أعتق رجل عبده فكتب السيد عليهما مالا يدفعانه إلى السيد دينا له عليهما وعجل لهما العتق وثبتت حرمتهما ثم ماتا أو فلسا لم يدخل السيد على الغرماء وكان أهل الدين أولى بمالهم من السيد لان السيد إنما يتبعه بثمن رقبته فليس له فيما في يدي العبد قليل ولا كثير وان بقي له من ماله بقية بعد تأديته حين فلسه أخذه السيد الذي عجل له العتق وان كان مكاتبا لم يكن للسيد أن يدخل على العبد فيما بقي له وكان على نجومه الاولى وليس يقدر السيد أن يفلس مكاتبه إلا عند محل النجم فإنه يقوم عليه عند محلها فينظر في حال العبد في العجز والاداء
في المكاتبة تجني جناية ثم تلد ولدا ثم تموت الام قال بن القاسم في مكاتبة جنت جناية ثم ولدت أولادا فماتت انه لا يكون على الولد من الجناية شيء إذا ماتت الام ( قال ) وبلغني عن مالك أنه قال في الأمة إذا جنت جناية ثم ولدت بعد الجناية وماتت الام انه لا شيء لولي الجناية على الولد ولا على السيد وإنما حقهم في رقبة الام فقد ذهبت الأم قال مالك والولد ليس بمال لها فيتبعها
____________________
(16/393)
________________________________________
فيه أولياء الجناية فيكون ذلك في رقبته قال مالك ولو لم تكن ماتت لم تكن الجناية إلا في رقبتها ولا يكون ولدها في جنايتها وان كانت الجناية قبل ان تلد أخبرنيه عن مالك غير واحد ممن أثق به
____________________
(16/394)
________________________________________
كتاب الديات ما جاء في ديات أهل الكتاب ونسائهم والعاقلة تغرم الدية في ثلاث سنين ( قلت ) لابن القاسم كم ديات أهل الكتاب في قول مالك ودية نسائهم ( قال ) دية أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين رجالهم على النصف من دية رجال المسلمين ونساؤهم على النصف من نساء المسلمين وأما المجوس فإن دية رجالهم ثمانمائة درهم ودية نسائهم أربعمائة درهم وجراحهم في دياتهم على قدر جراحات المسلمين في دياتهم ( قال ) وهذا كله قول مالك ( قلت ) أرأيت المسلم إذا قتل الذمي خطأ هل تحمله العاقلة ( قال ) نعم تحمله العاقلة ( قلت ) ففي كم تحمله العاقلة أفي ثلاث سنين أم في أقل من ذلك أو أكثر في قول مالك ( قال ) لم أوقف مالكا على هذا ولكن رأيي أن العاقلة تحمله في ثلاث سنين لان مالكا قال في الدية تحملها العاقلة في ثلاث سنين ( قلت ) ودية المرأة المسلمة في كم تحملها العاقلة ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال تحمل العاقلة الدية في ثلاث سنين وأنا أرى الديات كلها دية الرجل ودية المرأة ودية النصراني ودية النصرانية إذا وقعت أنها تنجم في ثلاث سنين ( قلت ) أرأيت دية المجوسي ودية المجوسية أتنجم على العاقلة أيضا في
____________________
(16/395)
________________________________________
ثلاث سنين ودية نساء أهل الكتاب كذلك أيضا ( قال ) نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك أن مالكا قال الدية تحملها العاقلة في ثلاث سنين
ما جاء في المسلم يجني على المسلمة ثلث ديتها أو على المجوسي أو المجوسية ( قلت ) أرأيت المجوسية إذا جنى عليها الرجل المسلم جناية خطأ تبلغ ثلث ديتها أتحملها العاقلة ( قال ) نعم تحملها العاقلة إذا بلغت الجناية ثلث دية المجني عليه أو ثلث دية الجاني في قول مالك لان مالكا قال لي في الرجل يجني على المرأة فيبلغ ثلث دية المرأة ان عاقلة الرجل تحمل ذلك وتفسير ذلك لو أن رجلا قطع من امرأة اصبعين خطأ حمل ذلك على العاقلة لان عشرين من الابل أكثر من ثلث دية المرأة ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة جنت على رجل فقطعت من الرجل اصبعين خطأ ( قال ) قال مالك تحمله العاقلة لانه أكثر من ثلث دية المرأة وإنما ينظر في هذا إلى الجاني إذا جنى فإن كان قد جنى ما يبلغ ثلث ديته فإن ذلك على العاقلة وان كانت جنايته لا تبلغ ثلث ديته نظرت فإن كانت تبلغ ثلث دية المجني عليه حملته على العاقلة أيضا ( قلت ) وأصل هذا ان كانت الجناية تبلغ ثلث دية الجاني وثلث دية المجني عليه حملته العاقلة في قول مالك ( قال ) نعم
ما جاء في المجوسي والمجوسية يجنيان على المسلم ثلث دية والنصراني يجني على المسلم ثلث دية ( قلت ) فلو أن مجوسية جنت على رجل من المسلمين فكانت جنايتها تبلغ ثلث ديتها أيحملها أهل خراجها أو رجل من المجوس جنى على رجل من المسلمين ما يبلغ ثلث المجوسي أيحمل أهل خراجه هذه الجناية أم لا وقد قلت ان مالكا قال ان لهم عواقل وهم أهل خراجهم ( قال ) أرى في المرأة ان أهل خراجها يحملون جنايتها ( قلت ) يحملون جناية نسائهم إذا جنت المرأة منهم فكان في جنايتها ما يبلغ ثلث
____________________
(16/396)
________________________________________
ديتها ( قال ) نعم ويحمل الرجال ذلك منهم ولا يكون من ذلك على النساء شيء وكذلك قال مالك قال بن القاسم فقلت لمالك والنصراني إذا جنى جناية من يحمل ذلك ( قال ) أهل جزيته وهم أهل كورته الذين خراجه معهم
ما جاء في قيمة عبيد النصارى والمجوس ( قلت ) أرأيت عبيدهم إذا هم قتلوا ما على القاتل ( قال ) عبيدهم عند مالك سلعة من السلع على القاتل مبلغ قيمته ما بلغت وإن كانت مائة ألف بمنزلة عبيد المسلمين على قاتل العبد من عبيدهم قيمته بالغة ما بلغت وان كانت مائة ألف لان العبد سلعة من السلع وهذا قول مالك إلا أن في مأمومته وجائفته في كل واحدة ثلث ثمنه وفي منقلته عشر ثمنه ونصف عشر ثمنه وفي موضحته نصف عشر ثمنه وفيما بعد هذه الاربع خصال مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه وهو قول مالك
ما جاء في أهل الذمة إذا جنى بعضهم على بعض أتحمله العاقلة ( قلت ) أرأيت أهل الذمة إذا قتل بعضهم بعضا أتحمله عواقلهم ويحكم السلطان بينهم أم لا ( قال ) أرى أن ذلك على عواقلهم إذا كان خطأ لان مالكا قال إذا قتل النصراني رجلا من المسلمين خطأ ان عاقلة النصراني تحمل ذلك ( قال ) وقال مالك وما تظالموا به بينهم فإن السلطان يحكم بينهم فيه فأنا أرى أن عاقلته تحمل ذلك أيضا ( قال ) وقال مالك إذا جنى الرجل على المرأة جناية تبلغ ثلث ديتها فإن العاقلة تحمل ذلك أيضا قال مالك وهذا أبين عندي من المرأة إذا جنت على الرجل جناية تبلغ ثلث ديتها فإن العاقلة تحملها أيضا قال مالك والأول أبين عندي ( قلت ) فما يقول مالك في الدية أعلى أهل الديوان أم على أهل القبائل ( قال ) قال مالك إنما العقل على القبائل أهل ديوان كانوا أو غير أهل ديوان ( قلت ) فلو أن رجلا من قبيلة من قبائل العرب جنى جناية بأرض مصر وليس بمصر من قومه أحد وقومه بالعراق أو باليمن فجنى جناية أيضم إليه أقرب القبائل إليه من قومه بمصر فيحملون جنايته أم تجعل
____________________
(16/397)
________________________________________
جنايته على قومه حيث كانوا في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا انقطع البدوي إلى الحضر فسكن الحضر عقل معهم ولا يعقل أهل الحضر مع أهل البدو ولا أهل البدو مع أهل الحضر والذي يعرف من قول مالك إن أهل مصر لا يعقلون مع أهل الشام وأهل الشام لا يعقلون مع أهل مصر ولكن ان كان من أهل مصر وهي مسكنه عقل عنه أهل مصر قال مالك وإذا جرح الرجل الرجل ولم يكن في قومه من يحمل عقله لقلتهم ضم إليهم أقرب القبائل إليهم فإن لم يكن فيهم قوة يحملون العقل ضم إليهم أيضا أقرب القبائل إليهم حتى يكون فيهم ما يحمل العقل ( قال ) فقلت لمالك فكيف يحمل العقل قال مالك على الغني بقدره وعلى من هو دونه بقدره قال مالك وإنما ذلك على قدر طاقة الناس في يسرهم ( قلت ) فهذا الذي يحول إلى مصر فيسكنها أهو بمنزلة المصري ( قال ) نعم ان تحول إلى مصر رجل من أهل البادية أو من أهل الشام أو من أهل العراق فسكن مصر أو انقطع إليها فهو بمنزلة رجل من أهل مصر ( قال ) وقد قال مالك في البدوي ما أخبرتك أنه يصير مصريا وقد قاله في الشامي إذا تحول إلى مصر أنه يصير مصريا ويعقل معهم ( قلت ) فإن جنى هذا الرجل الذي تحول إلى مصر جناية وقومه بالشام ومنهم بمصر لا يحملون الجناية لقلتهم ولسعة الدية أيضم إليهم أقرب القبائل منهم أو يحمل قومه الذين بالشام الدية وإنما كان تحول من الشام إلى مصر ( قال ) إذا تحول من الشام إلى مصر فسكنها فهو من أهل مصر كما أخبرتك وقال مالك في أهل الشام لا يحملون جناية أهل مصر وأهل مصر لا يحملون جناية أهل الشام لان مالكا قال في أهل البدو لا يحملون جناية أهل الحضر وأهل الحضر لا يحملون جناية أهل البدو فأرى أن يضم إليه أقرب القبائل فيحملون الدية بحال ما وصفت لك ( قلت ) فإن لم يكن لهذا الرجل بمصر من قومه أحد يحمل جنايته ضممت إليه أقرب القبائل إلى قومه فيحملون جريرته ( قال ) نعم ( قلت ) لم قال مالك ان أهل البدو لا يحملون مع أهل الحضر وأهل الحضر لا يحملون مع أهل البدو قال بن القاسم لانه لا يستقيم أن يكون في دية واحدة دنانير أو ابل ودراهم
____________________
(16/398)
________________________________________
أو دراهم ودنانير فهذا تفسيره وما سمعت من مالك فيه شيئا وأما أهل الشام وأهل مصر فهم أجناد قد جندت فكل جند عليهم جرائرهم دون من سواهم من الاجناد
ما جاء في الصبي والمجنون إذا جنوا وفي دية الجنين إذا كان ذكرا ( قلت ) أرأيت الصبي والمجنون ما جنيا من عمد أو خطا بسيف أو غير ذلك أهو خطأ ( قال ) قال مالك نعم وتحمله العاقلة إذا كان بلغ الثلث فصاعدا وان كان أقل من الثلث ففي أموالهم وإن لم يكن لهم مال كان ذلك دينا عليهم يتبعون به وان كان المجنون يفيق ويجن فما أصاب في حال جنونه فهو بمنزلة ما وصفت لك وما أصاب في حال افاقته فهو والصحيح سواء يقام ذلك عليه كله ان كان عمدا وان كان خطأ حملته العاقلة ( قلت ) أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق إذا قطع يد الرجل أو افترى على رجل أو فقأ عينه وذلك في حال افاقته ثم انتظر به برء الجرح فلما برأ الجرح رفع ذلك إلى السلطان وهو معتوه في حال جنونه وهو يجن في رأس كل هلال ثلاثة أيام أيقيم عليه جرائره هذه أم ينتظر به حتى يفيق ثم يقام عليه ما جنى ( قال ) أرى أن يؤخر حتى يفيق وهو قول مالك ( قلت ) أرأيت الجنين في الدية إذا كان الجنين جارية ( قال ) الذكر والأنثى في ذلك سواء عند مالك في الدية فيه الغرة جارية كانت أو غلاما ( قلت ) أرأيت ان ضربها رجل فألقته ميتا مضغة أو علقة ولم يستبن من خلقه اصبع ولا عين ولا غير ذلك أيكون فيه الغرة أم لا ( قال ) قال مالك إذا ألقته فعلم أنه حمل وان كان مضغة أو علقة أو دما ففيه الغرة وتنقضي به العدة من الطلاق وتكون به الأمة أم ولد ( قلت ) أرأيت الجنين إذا ضربه رجل فألقته أمه ميتا أتحمله العاقلة في قول مالك أم لا ( قال ) قال مالك لا تحمله العاقلة إنما هو في مال الجاني
ما جاء في امرأة من المجوس أو رجل من المجوس ضرب بطن امرأة مسلمة فألقت جنينها ميتا ( قلت ) أرأيت لو أن امرأة من المجوس أو رجلا من المجوس ضرب امرأة من
____________________
(16/399)
________________________________________
المسلمين فألقت جنينا ميتا أيكون ذلك على عاقلتهم لانه أكثر من ثلث دية الجارح ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى ان كان خطأ حملته عواقلهم لانه أكثر من ثلث دية الجارح وان كان عمدا كان في مال الجارح لان مالكا قال في المرأة تجرح الرجل فيبلغ ذلك ثلث ديتها ان العاقلة تحمل ذلك عنها فكذلك المجوس ما أصابوا مما يكون ذلك في ثلث ديتهم رجلا كان الذي جنى ذلك أو امرأة فإن عاقلتهم تحمل ذلك عنهم ( قلت ) أرأيت ان ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا أيكون على الضارب الكفارة أم لا ( قال ) قال مالك الذي جاء في كتاب الله في الكفارة إنما ذلك في الرجل الحر إذا قتله خطأ ففيه الكفارة قال مالك وأنا أستحسن أن يكون في الجنين الكفارة قال مالك وكذلك في الذمي والعبد إذا قتلا أرى فيه الكفارة وأرى في جنينهما الكفارة ( قلت ) أرأيت ان ضربها رجل خطأ فماتت فخرج جنينها من بعد موتها ميتا أيكون في الجنين غرة ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه غرة لأنه إنما خرج ميتا بعد موت أمه فإنما على قاتلها الدية لانه مات بموت أمه ( قلت ) فكم ترى عليه أكفارتين أم كفارة واحدة ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى فيه كفارة واحدة ( قلت ) فإن ضرب رجل بطنها فألقت جنينا حيا ثم ماتت وفي بطنها جنين آخر ثم مات الجنين الذي خرج حيا بعد موتها أو قبل موتها ( قال ) في الأم نفسها وفي ولدها الذي لم يزايلها عند مالك الدية دية واحدة والكفارة لان الذي في بطنها لم يزايلها فلا شيء عليه فيه لا دية ولا كفارة ولم أسمع في الذي في بطنها من مالك في كفارته شيئا فلا أرى عليه فيه الكفارة وأما الذي خرج حيا فمات فإن كان استهل صارخا ففيه القسامة والدية وان كان لم يستهل صارخا ففيه ما في الجنين
ما جاء في الرجل يأتي بعبد أو وليدة وهبة دية الجنين هل يجبرون على ذلك ( قلت ) أرأيت ما جاء في الجنين من الحديث ان فيه غرة أرأيت ان جاءهم بعبد
____________________
(16/400)
________________________________________
أو بأمة أيجبرون على أخذ ذلك في قول مالك ( قال ) نعم إذا كان قيمة العبد أو الأمة خمسين دينارا أو ستمائة درهم فإن كان قيمة ذلك أقل من خمسين دينارا أو أقل من ستمائة دراهم لم يكن ذلك له إلا أن يشاء المجني عليه أن يأخذ ذلك منه ( قلت ) أرأيت الذي يخرج قبل موت أمه ميتا أو حيا فمات قبل موتها ثم ماتت هي بعده أترث الأم من ديته شيئا أم لا وكيف ان كان حيا فماتت الام قبله ثم مات هو من بعدها وقد استهل صارخا أترث هذا أمه أم لا ( قال ) نعم يرث بعضهم بعضا في مسائلك هذه ( قلت ) أرأيت ان ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا وقد مات أبوه قبل ذلك ولأبيه امرأة أخرى حامل فولدت بعد خروج الجنين ولدا حيا أترث من دية هذا الجنين في قول مالك أم لا ( قال ) قال لي مالك دية الجنين موروثة على فرائض الله فأرى لهذا الولد من هذا الاخ الجنين ميراثه منه لانه كان حيا يوم خرج الجنين ميتا ووجبت فيه الدية ألا ترى لو أن رجلا مات ولأبيه امرأة حامل ولا بن للميت ان للحمل ميراثه من هذا الميت إذا خرج حيا فكذلك مسألتك في الجنين ( قلت ) وكذلك لو ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا ثم خرج آخر حيا فعاش أو استهل صارخا فمات مكانه كان لهذا الذي خرج حيا ميراثه من هذا الذي خرج ميتا في قول مالك ( قال ) نعم لان مالكا قال دية الجنين موروثة على فرائض الله ( قلت ) وسواء ان كان خرج الجنين ميتا قبل أخيه الحي أو بعده ( قال ) نعم هو سواء وهو يرثه إذا كان خروجه بعده وهو حي ( قال ) وقال مالك ولو أن الوالد ضرب بطن امرأته فألقت جنينا ميتا فإن الاب لا يرث من دية الجنين شيئا ولا يحجبه وهي موروثة على فرائض الله وليس للاب من ذلك شيء ( قلت ) أرأيت جنين الذمية كم فيه ( قال ) عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه وهو سواء ( قلت ) والذكر والأنثى في ذلك سواء ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الذي يضرب بطن المرأة فألقت جنينا ميتا أعمده وخطؤه سواء في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن ضرب رجل بطنها عمدا فألقت جنينا
____________________
(16/401)
________________________________________
حيا فمات بعد ما استهل صارخا ( قال ) الذي سألت مالكا عنه إنما هو في الخطأ وأنا أرى فيه الدية بقسامة إذا كانت الأم مسلمة والاب مسلم وان ضرب رجل بطنها عمدا فألقت جنينا حيا ثم استهل صارخا فمات فإن فيه القسامة يقسمون على من فعل ذلك ويقتلونه قال بن القاسم ولا يكون العمد في المرأة إلا أن يضرب بطنها خاصة بعمده فذاك الذي يكون فيه القصاص بقسامة ( قلت ) أرأيت ان أسلمت امرأة النصراني وهي حامل فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا ( قال ) لا قسامة في هذا وفيه نصف عشر دية أبيه لان مالكا قال في النصرانية إذا أسلمت وفي بطنها جنين ان في جنينها ما في جنين النصرانية وكذلك قال لي مالك قال بن القاسم ولو استهل صارخا ثم مات حلف فيه ورثته يمينا واحدة واستحقوا ديته وذلك أن مالكا قال في النصراني يقتل فيأتي ولاة النصراني بشاهد من أهل الإسلام عدل أنهم يحلفون يمينا واحدة ويستحقون الدية على من قتله مسلما كان أو نصرانيا فكذلك جنين النصرانية إذا استهل صارخا فإنما فيه يمين واحدة لمات مما فعل به واستحقوا ديته
ما جاء في قيمة جنين الأمة وأم الولد وفي الأب يجني على ابنه بخطأ ( قلت ) أرأيت قيمة الغرة في الدراهم إنما هو ستمائة درهم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت الأمة كم في جنينها ( قال ) في جنينها عشر قيمتها كجنين الحرة من دية أمه وهو قول مالك ( قلت ) فإن كان لجنين الأمة أب وهو عبد أو حر هل يلتفت إلى قيمته أو يجعل فيه نصف عشر قيمة الأب إذا كان عبدا ( قال ) لا يلتفت في جنين الأمة إلى والده عبدا كان أو حرا إنما فيه عشر قيمة أمه وهو قول مالك إلا أن مالكا قال في جنين أم الولد إذا كان من سيدها ان فيه ما في جنين الحرة ( قلت ) أرأيت ان قتل الأب ابنه خطأ أيكون ذلك على العاقلة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) ولا يرث من ديته شيئا ( قال ) نعم لا يرث من ديته شيئا عند مالك ويرث من ماله ( قلت ) وإذا كان عبدا لم يرث من ديته شيئا ولا من ماله ( قال ) نعم كذلك قال مالك ( قلت ) لابن القاسم فما فرق بين الجنين إذا ضربت أمه
____________________
(16/402)
________________________________________
فألقته ميتا قال مالك فيه دية الجنين بغير قسامة خطأ كان أو عمدا فإذا ضربها فألقته حيا فاستهل صارخا ثم مات بعد ذلك قال مالك ففيه القسامة وديته على العاقلة ( قال ) لان الجنين حين خرج ميتا بمنزلة من ضرب فمات ولم يتكلم وأنه إذا خرج حيا فمات بعد ما استهل فهو بمنزلة رجل ضرب فتكلم وعاش أياما ثم مات ففيه القسامة والذي لم يتكلم حتى مات فلا قسامة فيه وكذلك الجنين إذا خرج ميتا فلا قسامة فيه وأما إذا خرج حيا فاستهل ثم مات فإنه لا يدري أمن ضربته مات أو من غير ذلك من شيء عرض له بعد خروجه ففيه القسامة ( قلت ) فإن كان ضربها عمدا فألقته حيا فاستهل ثم مات ( قال ) إنما سألت مالكا عن المرأة إذا ضربها رجل خطأ فألقته حيا فاستهل صارخا ثم مات فقال مالك فيه القسامة والعقل وأرى في العمد في مسألتك ان فيها القسامة والقود
ما جاء في رجل وصبي قتلا رجلا عمدا وضربه الصبي خطأ والرجل عمدا قلت أرأيت إذا اجتمع في قتل رجل حر صبي ورجل فقتلاه عمدا ( قال ) قال مالك على عاقلة الصبي نصف الدية ويقتل الرجل ( قلت ) وكذلك لو كانت رمية الصبي خطأ ورمية الرجل عمدا فمات منهما جميعا ( قال ) الدية أرى وأستحسن أن تكون الدية عليهما جميعا لاني لا أدري من أيهما مات وإنما قال مالك إذا كان العمد منهما جميعا قال بن القاسم قال مالك كل من قتل عمدا فعفي عنه وكان القتل ببينة أثبتت عليه أو بقسامة استحق بها الدم قبله عمدا فعفي عنه ( قال ) قال مالك يضرب مائة ويحبس عاما قال بن القاسم وبلغني عن مالك أنه قال إذا قتل رجل مسلم ذميا عمدا أو عبدا عمدا فإنه يضرب مائة ويحبس سنة ( قلت ) وكذلك لو أقر أنه قتل ولي هذا الرجل عمدا فعفا عنه هذا الرجل أيضرب مائة ويحبس عاما ( قال ) نعم كذلك قال مالك انه يضرب مائة ويحبس عاما ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا من أهل الذمة أو عبدا لرجل من المسلمين أو لرجل من أهل الذمة قتلا رجلا من المسلمين
____________________
(16/403)
________________________________________
أو من أهل الذمة أتضربهما مائة وتحبسهما عاما في قول مالك ( قال ) قال لي مالك في الذي يقتل عمدا فيعفو أولياء الدم عنه أنه يضرب مائة ويحبس عاما فأرى في هذا أنهما يضربان مائة ويحبسان عاما كل من قتل عمدا إذا عفى عنهم عبيدا كانوا أو إماء أو أحرار أمسلمين كانوا أو ذميين أو عبيدا لاهل الذمة فهم في ذلك سواء ( قلت ) فإن قتل عبد لرجل وليا لي عمدا فعفوت عنه ولم أشترط أني إنما عفوت عنه على أن يكون لي أو لسيده ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يعفو عن الدم في العمد والقاتل حر ولا يشترط الدية ثم يطلب الدية بعد ذلك ( قال ) قال مالك لا شيء له إلا أن يعرف له سبب أراده فيحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما عفوت عنه إلا على أخذ الدية وما كنت عفوت عنه تركا للدية ثم يكون ذلك له وكذلك العبد ليس له فيه شيء إلا أن يعرف أنه عفا على أن يستحييه لنفسه فإن عرف ذلك كان ذلك له وكان سيده بالخيار ( قلت ) فلو عفا ولي الدم إذا كان عمدا عن العبد على أن يأخذه وقال سيد العبد لا أدفعه إليك أما أن يقتل وأما أن يترك ( قال ) لا ينظر إلى قول سيد العبد ويأخذه هذا الذي عفي عنه على أن يكون له العبد كذلك قال لي مالك إلا أن يشاء رب العبد أن يدفع إليه الدية ويأخذ العبد فذلك له ( قلت ) أرأيت ان عفوت عن هذا العبد على أن يكون العبد لي وقد قتل وليي عمدا فأخذته أيضرب مائة ويحبس عاما في قول مالك ( قال ) نعم وذلك رأيي
ما جاء في رجل من أهل البادية ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا من أهل البادية من أهل الابل ضرب بطن امرأة من أهل البادية فألقت جنينا ميتا أتكون فيه الابل أم الدنانير على الضارب أم الغرة أم الدراهم ( قال ) قال مالك في الغرة التي قضي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمران من الرقيق أحب إلي من السودان إلا أن تكون الحمران من الرقيق قليلا في الارض التي يقضي فيها بالغرة فيؤخذ من السودان ( قال ) قال مالك والقيمة في ذلك
____________________
(16/404)
________________________________________
خمسون دينارا أو ستمائة درهم وليست القيمة عندنا كالسنة التي لا اختلاف فيها وأني لأرى ذلك حسنا قال بن القاسم ففي هذا من قول مالك ما يدلك على الجنين إذا وقعت ديته على أهل الابل ان عليهم غرة ليست بابل وقد قضي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة والدية يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الابل فإنما قضى بالغرة على أهل الابل ولم يجعل عليهم الابل وإنما قوم عمر بن الخطاب الدية من الابل على أهل الذهب والورق حين صارت أموالهم ذهبا وورقا وترك دية الابل على أهل الابل على حالها والغرة إنما هي سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمة عبد أو وليدة ألا ترى أن مالكا قال ليست الخمسون الدينار في الغرة ولا الستمائة درهم كالسنة القائمة وأستحسنه والدية فيه إنما هو عبد أو وليدة ألا ترى أن في حديث بن شهاب الذي يذكر عنه مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو وليدة وفي حديث بن المسيب الذي يذكر مالك عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة ( وفي ) حديث مالك عن ربيعة ان الغرة تقوم خمسين دينارا أو ستمائة درهم وقال مالك في الغرة التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمران أحب إلي من السودان ورخص في السودان على حال ما وصفت لك إذا كان الحمران بتلك البلدة قليلا أن يؤخذ السودان وذكر في التقويم أنه ليس كالسنة وإنما الدية في الجنين عبد أو وليدة أينما وقعت من بلاد المسلمين وعلى من وقعت ولا يلتفت فيه إلى أهل الابل من غيرهم وكذلك قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة على أهل الابل في الجنين ولو كانت على أهل الابل في الجنين ابل لكان على أهل الورق الورق وعلى أهل الذهب الذهب ولكنها على ما قضي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال ) ومما يبين لك ذلك ان الدية إنما كانت ابلا عندما قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الانصاري الذي قتل بخيبر فإنما وداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بابل وهو في المدينة وقضي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغرة بعبد أو وليدة وهو
____________________
(16/405)
________________________________________
يومئذ بالمدينة
ما جاء في الرجل يقر على نفسه بالقتل خطأ وفي الجماعة يشتركون على القتل خطأ ( قلت ) أرأيت أن أقر الرجل بالقتل خطأ أتجعل في ماله في قول مالك أم على العاقلة ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يقر بالقتل خطأ فقال لي مالك أرى أن ينظر في ذلك فإن كان الذي أقر له ممن يتهم أن يكون إنما أراد غنى ولده مثل الأخ والصديق لم أر أن يقبل قوله وان كان الذي أقر بقتله من الاباعد ممن لا يتهم فيه رأيت أن يقبل قوله إذا كان ثقة مأمونا ولم يخف أن يكون أرشى على ذلك ليحابى به أحدا ( قال ) فقلت لمالك فعلى من عقله ( قال ) على عاقلته ( قال ) فقلت لمالك أفبقسامة أم بغير قسامة ( قال ) بل بقسامة يقسم ولاة الدم ثم يستحقون الدية قبل العاقلة ( قلت ) فإن أبي ولاة الدم أن يقسموا أتجعل الدية في مال هذا المقر ( قال ) لا ولا أري لهم شيئا ( قال ) وسئل مالك عن الرجل يضرب فيقول فلان قتلني خطأ أترى أن يقبل قوله ( قال ) قال مالك نعم ( قلت ) والعقل على من هو أعلى القاتل في ماله أم على عاقلته ( قال ) قال مالك بل ذلك على عاقلته ان أقسموا وإلا لم يكن لهم في مال الذي ادعى عليه شيء فكذلك اقرار هذا بالخطأ لان الدية لا تجب في قول مالك على المقر باقراره إنما تجب على عاقلته ولا تثبت إلا بقسامة فكذلك قال لي مالك لا شيء عليه في ماله ( قلت ) أرأيت هذا الذي أقر بالقتل خطأ وأقسم الذين أقر لهم فوجبت الدية لهم على عاقلة هذا الذي أقر بها أتجعلها عليهم في ثلاث سنين في قول مالك ( قال ) نعم إذا وجبت عليهم فإنما هي في ثلاث سنين عند مالك ( قلت ) أرأيت ان اشترك عشرة رجال في قتل رجل خطأ وهم من قبائل شتى أتجعل على كل قبيلة عشر الدية في ثلاث سنين ( قال ) نعم كذلك قال مالك ( قال ) وقال مالك إذا وقع ثلث الدية على عشرة رجال من قبائل شتى حملته عنهم عواقلهم ( قال ) وقال مالك وان جنى رجل واحد أقل من الثلث لم تحمله العاقلة لان الجناية أقل من الثلث إنما تجعل العاقلة
____________________
(16/406)
________________________________________
الجناية إذا كانت الجناية الثلث فصاعدا وقعت علي واحد أو على جماعة فإن العاقلة تحمله بحال ما وصفت لك
ما جاء في الرجلين يقران بقتل رجل عمدا أو خطأ ويقولان قتله فلان معنا ( قلت ) أرأيت ان أقر رجلان بقتل رجل عمدا أو خطأ وقالا قتله فلان معنا ( قال ) أما في العمد فلا يقبل قولهما لانهما غير عدلين لانهما إنما أقرا ولا تحمل العاقل اعترافا إلا بقسامة من ولاة الدم ( قلت ) أفيقسم ولاة الدم على الذي قالا فيه قتله معنا وهو ينكر ( قال ) نعم ( قلت ) لم ( قال ) لان قول هذين قتله فلان معنا لوث بينة ولو كانت شهادة تامة لجعلتها بغير قسامة وأجزتها كلها ( قلت ) أرأيت ان قال ولاة الدم نحن نقسم عليكما وندع هذا المنكر أيكون ذلك لهم قال لا قلت فإن قالوا نحن نقسم على ثلثي الدية أيكون ذلك لهم ( قال ) لا أعرف القسامة تكون إلا في الدية كاملة قال سحنون اختلف في هذه المسألة أصحابنا على قولين المخزومي وغيره قال بعضهم لا يحمل العاقلة اعترافا ولا إقرارا وتكون الدية على المقرين في أموالهما ولا يقبل قولهما ان فلانا قتله معنا خطأ لانهما يريدان أن يدفعا عن أنفسهما بعض المغرم بشهادتهما وقال بعضهم ان العاقلة تحمل الاعتراف من غير قسامة لان الدية قد ثبتت بشاهدين وقال المخزومي إذا أقر رجل واحد أنه قتل رجلا خطأ فإنما تكون الدية في ماله ولا يقبل قوله ان فلانا قتله معي فإن كان مع إقراره شاهد واحد يشهد على القتل
____________________
(16/407)
________________________________________
خطأ أخرجه الشاهد من الغرم والاقرار وكانت القسامة لاولياء المقتول مع الشاهد ( بن مهدي ) عن مبارك بن فضالة أن الحسن قال في قوله ولقاهم نضرة وسرورا قال نضرة حسنا في الوجوه وسرورا في القلوب ( بن مهدي ) عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال صلاح قلت صلاح عمل صلاح عمل صلاح فيه موسى بن معاوية عن يوسف بن عطية عن قتادة عن أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع مناديا ينادي الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله قال النبي صلى الله عليه وسلم خرج من النار فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنما له في بطن واد فأدركته صلاة المغرب فأذن لنفسه
ما جاء في أعور العين اليمني يفقأ عين رجل اليمني وفي القصاص في اليد وفي الأسنان ( قلت ) أرأيت أعور العين اليمنى فقأ عين رجل اليمنى خطأ كم يكون عليه ( قال ) نصف الدية على عاقلته وهذا قول مالك ( قلت ) أرأيت ان فقأها عمدا قال بن القاسم سألت مالكا عنها فقال لي إنما هي عندي بمنزلة اليد والرجل مثلها لو أن رجلا أقطع اليد اليمنى قطع يمين رجل أو أقطع الرجل اليمنى قطع رجل رجل اليمنى انه لا قصاص فيه ولكنه فيه الدية في ماله ( قال ) فقلت لمالك فالعين مثل ذلك ( قال ) نعم واليد والرجل مما لا اختلاف فيه من قوله انه لا يقتص العين اليسرى باليمنى ولا اليمنى باليسرى ففي الذي قال لي مالك دليل على أن العين كذلك أيضا لا يقتص عين يمنى بيسرى ولا يسرى بيمنى والأسنان كذلك أيضا الثنية بالثنية والرباعية بالرباعية والعليا بالعليا والسفلى بالسفلى ولا تقاد سن إلا بمثلها سواء في صنفها وموضعها لا غير ذلك ويرجع ذلك إلى العقل إذا لم يكن له مثل الذي طرح له فيقتص له منه ( قلت ) لابن القاسم فإن كان لا قصاص فيه فكم العقل فيه وعلى من العقل ( قال ) العقل خمسمائة دينار في مال هذا الاعور الجاني وهو قول مالك
____________________
(16/408)
________________________________________
ما جاء في الأعور يفقأ عين الصحيح ( قال ) وسألنا مالكا عن الأعور يفقأ عين الصحيح فقال لنا ان أحب الصحيح اقتص وان أحب فله دية عينه ثم رجع بعد ذلك فقال ان أحب أن يقتص اقتص وان أحب فله دية عين الاعور ألف دينار وقوله الآخر أعجب إلي وهذا إنما هو في الاعور إذا فقأ عين رجل وعين الاعور الباقية هي مثل تلك العين تكون عين الاعور اليمنى باقية فيفقأ عين رجل اليمنى أو تكون اليسرى باقية فيفقأ عين رجل اليسرى وأما رجل أعور العين اليمنى فقأ عين رجل اليمنى فهذا لا قصاص له فيما سمعت من مالك وفيما بلغني عنه وليس له إلا دية عينه ان كان المفقوءة عينه صحيحة عينه فخمسمائة دينار وان كان أعور فألف دينار لانه لا قصاص له في عين الجاني ولان دية عين الاعور عند مالك ألف دينار ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا أعمى فقأ عين رجل عمدا أتحمله عنه العاقلة أم يكون ذلك في ماله في قول مالك ( قال ) ذلك في ماله عند مالك ولا تحمله العاقلة ( قلت ) أرأيت لو أن رجلا ذهب سمع احدى أذنيه فضربه رجل فأذهب سمع أذنه الاخرى أتكون عليه الدية كاملة أم نصف الدية في قول مالك ( قال ) بل عليه نصف الدية في قول مالك ( قال ) ولا تكون الدية عند مالك في شيء واحد مما هو زوج في الإنسان إلا في عين الأعور وحدها فإن فيها الدية كاملة عند مالك ( قلت ) فما فرق بين السمع والبصر وقد قال مالك في عين الاعور والباقية الدية كاملة وقال في الذي قد ذهب سمع إحدى أذنيه ان في سمع أذنه الباقية نصف الدية فما فرق ما بينهما ( قال ) السنة التي جاءت في عين الاعور وحده ان في عينه الدية كاملة ألف دينار وما سوى ذلك مما هو زوج في الإنسان مثل اليدين والرجلين والسمع وما أشبه هذا فإن في كل واحدة نصف الدية ما ذهب منه أول وآخر فهو سواء
____________________
(16/409)
________________________________________
ما جاء في الرجل يشج موضحة خطأ أو مأمومة أو جائفة ( قلت ) أرأيت لو ضرب رجل رجلا فشجه موضحة خطأ لم قلت لا يحكم له بدية الموضحة حتى ينظر إلى ما يصير إليه ولم قال مالك ذلك لا يقضي له بالدية إلا بعد البرء وهذا المشجوج موضحة يقول أعطني حق موضحتي فإن زادت موضحتي زدتني ( قال ) ألا ترى أنه لو مات منها كانت الدية على عاقلته بعد القسامة عند مالك وإنك لا تدري على من وجبت دية الموضحة ( قلت ) فإن كانت مأمومة خطأ أليس العاقلة تحمل ذلك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن قال لك أعطني عقل مأمومتي وتحملها العاقلة فإن مات منها حملت العاقلة تمام الدية ( قال ) لا يكون له ذلك ألا ترى أن الدية لا تجب ان مات منها إلا بقسامة فلا بد أن ينتظر بالعاقلة حتى يعرف ما تصير إليه مأمومته ( قلت ) أرأيت هذا المشجوج مأمومة أليس ان مات وقد انتظرت حتى تعرف إلى ما تصير إليه مأمومته فأبى ورثته أن يقسموا جعلت على العاقلة ثلث الدية لمأمومته ( قال ) نعم ( قلت ) قد أوجبت في الوجهين جميعا ان مات أو عاش على العاقلة ثلث الدية في قول مالك فلم تجيبه بذلك ( قال ) هذا الذي سمعت وإنما هو الاتباع ( قلت ) أرأيت من قلع سن صبي خطأ ( قال ) قال مالك ينتظر بها فإن نبتت وإلا كان عليه عقل السن ( قال ) قال مالك ويؤخذ العقل فيوضع على يدي عدل حتى ينظر إلى ما تصير إليه السن فإن عادت لهيئتها لم يكن فيها شيء ( قلت ) أرأيت ان قلع رجل ظفر رجل خطأ ما عليه في قول مالك ( قال ) ان برأ وعاد لهيئته فلا شيء عليه وان برأ على عثم كان فيه الاجتهاد ( قلت ) فإن كان عمدا اقتص منه ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت هذا الصبي الذي قلعت سنه فانتظرت به ان مات قبل أن يخرج سنه أو مات قبل أن يثغر هل يجب عقل السن على الذي قلعها أم لا ( قال ) نعم قد وجب عقلها وهو قول مالك
____________________
(16/410)
________________________________________
ما جاء في رجل شج رجلا موضحة خطأ أو عمدا فذهب منها سمعه وعقله ( قلت ) أرأيت ان ضرب رجل رجلا خطأ فشجه موضحة فذهب سمعه وعقله أيكون على العاقلة ديتان ودية الموضحة أيضا في قول مالك ( قال ) نعم لان هذا كله في ضربة واحدة فقد صارت جناية وفي هذه الضربة الواحدة أكثر من الثلث فالعاقلة تحمل ذلك عند مالك ألا ترى أنه لو ضرب رجل رجلا ضربة واحدة فشجه موضحة ومأمومة ان عقل الموضحة والمأمومة جميعا على العاقلة لان هذا قد زاد على الثلث ( قلت ) أرأيت ان ضربه عمدا فشجه موضحة ومأمومة في ضربة واحدة أو ضربه عمدا فشجه موضحة فذهب منها سمعه وعقله كيف يكون هذا في قول مالك ( قال ) إذا شجه موضحة ومأمومة في ضربة واحدة عمدا اقتص له من الموضحة وعقلت العاقلة المأمومة وان ضربه ضربة فشجه موضحة فأذهب سمعه وعقله فإنه ينتظر بالمضروب فإن برأ وجب على الضارب القصاص في الموضحة إذا اقتص منه حتى ينتظر هل يذهب منها سمعه وعقله فإن برأ المقتص منه ولم يذهب سمعه ولا عقله من ذلك كان في ماله عقل سمع الاول وعقله ( قلت ) ويجتمع في قول مالك في ضربة واحدة قصاص وعقل ( قال ) نعم كذلك قال مالك انه يجتمع قصاص وعقل في ضربة واحدة وذلك أن مالكا قال في الرجل يقطع اصبعه فيبرأ فيها فتشل من ذلك يده أو أصبع أخرى انه يقتص له منه للاصبع ويستأنى بالمقتص منه فإن برأ المقتص منه ولم تشل يده عقل ذلك في ماله ( وقال ) لي مالك وهذا أمر قد اختلف فيه وهذا الذي استحسنت وهو أحب إلي
ما جاء في قياس النقصان في بصر العين وسمع الاذن ( قلت ) أرأيت العينين والاذنين كيف يعرف ذهاب السمع والبصر منهما في قول مالك ( قال ) قال مالك في العينين إذا أصيبت فينقص بصرها انه تغلق الصحيحة
____________________
(16/411)
________________________________________
وتقاس التي أصيبت بأمكنة يختبر بها فإذا اتفق قوله في تلك الامكنة قيست تلك الصحيحة ثم ينظركم انتقصت هذه المصابة من الصحيحة فيعقل له قدر ذلك ( قال ) وقال لي مالك والسمع كذلك ( قلت ) وكيف يقيسون بصره ( قال ) سمعت أنه توضع له البيضة أو الشيء في مكان فإن أبصرها حولت له إلى موضع آخر ثم إلى موضع آخر ثم إلى موضع آخر فإن كان قياس ذلك سواء أو يشبه بعضه بعضا صدق وكذلك قال لي مالك ( قلت ) والسمع كيف يقاس ( قال ) يختبر بالامكنة أيضا حتى يعرف صدقه من كذبه ( قلت ) أرأيت ان ضربه رجل ضربة فادعى المضروب ان جميع سمعه قد ذهب أو قال قد ذهب بصري ولا أبصر شيئا يتصامم ويتعامى أيقبل ذلك منه ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال الظالم أحق ان يحمل عليه فأرى إذا لم يعلم ذلك ان يكون القول قول المضروب مع يمينه
ما جاء في الرجل يضرب رجلا ضربة خطأ فقطع يده أو كفه وشل الساعد ( قلت ) أرأيت ان ضربه ضربة خطأ فقطع كفه فشل الساعد ما عليه في قول مالك ( قال ) عليه دية اليد ولا شيء عليه غير ذلك لانها ضربة واحدة فدخل الشلل والقطع جميعا في دية اليد إذا كانت ضربة واحدة ( قلت ) أرأيت إذا كان من أهل الابل فجنى جناية لا تحملها العاقلة لانها أقل من الثلث أفيكون على الجاني من الابل شيء أم لا ( قال ) نعم كذلك قال مالك في الاصبع ان الجناية على الجاني في ماله في الابل بنتا مخاض وابنتا لبون وابنا لبون وحقتان وجذعتان ( قلت ) وكذلك لو جنى ما هو أقل من بعير كان ذلك عليه في الابل ( قال ) نعم عند مالك ( قلت ) أرأيت إذا قتل قتيلا عمدا والجاني من أهل الابل أو من أهل الدنانير فصالحوه على أكثر من الدية أيجوز ذلك في قول مالك ( قال ) قال مالك ذلك جائز على ما اصطلحوا عليه كان ذلك بديتين أو أكثر من ذلك فهو جائز على ما اصطلحوا عليه ( قلت ) أرأيت ان جنى رجل من أهل الابل جناية خطأ فصالح عاقلته أولياء الجناية على أكثر من ألف
____________________
(16/412)
________________________________________
دينار ( قال ) ان ذلك جائز ان قدموا الدنانير ولم يؤخروها كي لا تصير دينا بدين إذا أخروها ولا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن هذا رأيي في الدين بالدين ( قلت ) أرأيت ان كانت الجناية عمدا فصالحوه على مال إلى أجل ( قال ) هذا جائز لان هذا ليس بمال وإنما كان دما وهذا رأيي ( قلت ) أرأيت ان جنى جناية فصالح الذي جنى أولياء الجناية والجناية خطأ وهي مما تحمل العاقلة فقالت العاقلة لا نرضى بهذا الصلح ولكنا نحمل ما علينا من الدية ( فقال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك لهم لان الدية عليهم وجبت
ما جاء في الرجل يقول قتلني فلان خطأ أو عمدا وقالت الورثة خلاف ما قال المقتول ( قلت ) أرأيت ان قال المقتول دمي عند فلان قتلني عمدا أيكون لولاة الدم أن يقسموا ويقتلوا في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك لو قال المقتول دمي عند فلان قتلني خطأ فلولاه الدم أن يقسموا ويأخذوا الدية من العاقلة في قول مالك ( قال ) نعم وقد سألت مالكا عن ذلك فقال لي مثل ما قلت لك ( قلت ) أرأيت ان قال المقتول دمي عند فلان قتلني خطأ أو عمدا وقالت الورثة خلاف ما قال المقتول أيكون لهم أن يقسموا على خلاف ما قال المقتول ( قال ) ليس لهم أن يقسموا إلا على ما قال المقتول ولم أسمعه من مالك ( قلت ) أرأيت ما أصاب النائم من شيء أعلى العاقلة هو ( قال ) نعم إذا بلغ الثلث فهو على العاقلة عند مالك ( قال ) وسئل مالك عن امرأة نامت على صبيها فقتلته ( قال ) قال مالك أرى ديته على العاقلة وتعتق رقبة ( قلت ) أرأيت ان شهد على إقرار رجل أنه قتل فلانا خطأ رجل واحد وشهد عليه رجل آخر أنه قتله خطأ أيكون على المشهود عليه شيء أم لا في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا يقول في الرجل يشهد عليه الرجل الواحد أنه قتل فلانا خطأ ان أولياء القتيل يقسمون ويستحقون الدية قبل العاقلة وكذلك لو أقر أنه قتل فلانا خطأ إن أولياء المقتول يقسمون ويستحقون الدية قبل العاقلة ( قلت ) فإن شهد رجل واحد على
____________________
(16/413)
________________________________________
رجل أنه أقر أنه قتل فلانا خطأ أيكون لولاة الدم أن يقسموا ويستحقوا الدية وإنما شهد على إقراره رجل واحد ( قال ) لا يثبت ذلك من إقراره إلا بشاهدين عدلين على إقراره ويقسمون ويستحقون ولو أن رجلا شهد على رجل أن لفلان عليه مالا ولو أن رجلا شهد على رجل أنه أقر أن لفلان عليه كذا وكذا ثم جحد كان للذي أقر له بذلك أن يحلف مع الشاهد على الاقرار ويستحق حقه وهذا عندي مخالف لدم الخطأ وهو رأيي قال بن القاسم وسمعت مالكا يقول في العبد يجرح وله مال ان العبد مرتهن بماله في جرحه فإن كان عليه دين فدينه أولى بماله من جرحه لانه إنما جرحه في رقبته قال بن القاسم وسمعت مالكا يقول في المدبر إذا جرح رجلا فأسلم سيده خدمته ثم جرح آخر بعد ما أسلم سيده خدمته أنهما جميعا يتحاصان في خدمته بقدر ما بقي للاول وبقدر جراحة الثاني ( قلت ) أرأيت المحدود في قذف إذا حسنت حاله أتجوز شهادته في الدماء في قول مالك ( قال ) قال مالك إذا حسنت حالة المحدود في قذف جازت شهادته وأرى شهادته في الدم وغير الدم جائزة لانه لم يردها في شيء من الاشياء حين قال إذا حسنت حاله جازت شهادته ( قلت ) لابن القاسم أرأيت شهادة النساء في الجراحات الخطأ والقتل الخطأ أتجوز في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) لابن القاسم أرأيت شهادة النساء مع الرجل على منقلة عمدا أو مأمومة عمدا أتجوز أم لا ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأنا أراها جائزة في رأيي لان مالكا قد أجاز شهادة المرأتين في الخطأ وهو دم ألا ترى أن مآلها أن تكون مالا إذ المأمومة والمنقلة عمدهما وخطؤهما إنما هو مال ليس فيه قود
ما جاء في الرجل يقول قتلني فلان ولم يقل خطأ ولا عمدا ( قلت ) أرأيت ان قال المقتول دمي عند فلان ولم يقل خطأ ولا عمدا ( قال ) ان قال ولاة الدم كلهم عمدا أو خطأ فالقول قولهم ويقسمون ويستحقون ما ادعوا من ذلك فإن اختلفوا فقال بعضهم عمدا وقال بعضهم خطأ فخلفوا كلهم كانت لهم دية الخطأ بينهم كلهم الذين ادعوا العمد والذين ادعوا الخطأ وإن أبى بعضهم أن يحلف
____________________
(16/414)
________________________________________
ونكل عن اليمين فإن نكل مدعو الخطأ وقال مدعو العمد نحن نحلف على العمد بطل دعواهم ولم يكن لهم أن يقسموا ولم يكن لهم إلى الدم سبيل ولا إلى الدية سبيل وان قال بعضهم قتل عمدا وقال بعضهم لا علم لنا فكذلك أيضا تبطل دعواهم ولا يكون لهم أن يقسموا وان قال بعضهم قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا أو نكلوا أحلف الذين ادعوا الخطأ وأخذوا نصيبهم من الدية ولم أسمع هذا من مالك إلا من رأيي ( قال ) وبلغني أن مالكا قال فيمن قتل قتيلا فادعي بعض ولاة الدم أنه قتل عمدا وقال بعضهم لا علم لنا به ولا نحلف قال مالك فإن دمه يبطل وان قال بعضهم قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا بذلك ولا نحلف كان للذين حلفوا أنصباؤهم من الدية بأيمانهم ولم يكن للذين لم يحلفوا شيئا وان قال بعضهم قتل عمدا وقال الآخرون بل قتل خطأ وحلفوا كلهم كان لهم جميع الدية ان أحب الذين ادعوا العمد أخذوا انصباءهم فأما القتل فلا سبيل لهم إليه وهذا رأيي والذي بلغني ( قلت ) فما قول مالك إذا ادعى بعض ولاة الدم الخطأ وقال بعضهم لا علم لنا بمن قتله فحلف الذين ادعوا الخطأ وأخذوا حظوظهم من الدية ثم أراد هؤلاء الذين قالوا لا علم لنا بمن قتله أن يحلفوا ويأخذوا حظوظهم من الدية أيكون ذلك لهم قال مالك إذا نكل مدعو الدم عن اليمين وأبوا أن يحلفوا وردوا الايمان على المدعي عليهم ثم أرادوا أن يحلفوا بعد ذلك لم يكن ذلك لهم فأرى أنه ليس لهم أن يحلفوا إذا عرضت عليهم الايمان فأبوها ( قال ) وكذلك قال لي مالك في الحقوق إذا شهد له شاهد فأبى أن يحلف مع شاهده ورد اليمين على المدعي عليه ثم أراد أن يحلف بعد ذلك ويأخذ لم يكن ذلك له ( قلت ) أرأيت إذا أقمت شاهدا واحدا وأبيت ان أحلف معه ورددت اليمين على الذي ادعيت قبله فنكل عن اليمين ماذا يكون عليه عند مالك ( قال ) عليه ان يحلف عند مالك أو يغرم ( قلت ) ولا يرد اليمين على الذي أقام شاهدا واحدا ( قال ) لا لأنه إذا ردت اليمين على المدعي عليه لم يرجع اليمين على المدعي بعد ذلك أبدا أيضا
____________________
(16/415)
________________________________________
ما جاء في قسامة الوارث الواحد في القتل عمدا أو خطأ ( قلت ) والقسامة في هذا والدين سواء في رد اليمين في قول مالك ( قال ) نعم هو سواء عند مالك ( قلت ) أرأيت ان لم يكن للمقتول إلا وارث واحد أيحلف هذا الوارث وحده خمسين يمينا ويستحق الدية أو القتل ان ادعى العمد في قول مالك ( قال ) قال مالك أما في الخطأ فإنه يحلف خمسين يمينا ويستحق الدية كلها فأما العمد فلا يقتل الابقسامة قسامة رجلين فصاعدا فإن نكل واحد من ولاة الدم الذين يجوز عفوهم ان عفوا فلا سبيل إلى القتل وان كانوا أكثر من اثنين وان كان ولاة الدم رجلين فنكل أحدهما فلا سبيل إلى الدم ( قلت ) أرأيت ان لم يكن للمقتول إلا ولي واحد فادعى الدم عمدا ما يصنع به في قول مالك ( قال ) ان حلف معه أحد من ولاة المقتول وان لم يكونوا في القعود مثل هذا قتلوا وان لم يحلف معه أحد من ولاة المقتول فإن الايمان ترد على المدعي عليه فإذا حلف خمسين يمينا بطل عنه ما ادعى عليهم من الدم ( قلت ) فإن نكل هذا المدعي عليه عن اليمين أيقتل في قول مالك أم لا ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي إذا جرح الرجل رجلا عمدا فأتى المجروح بشاهد على جرحه حلف واقتص فإن نكل عن اليمين قيل للجارح احلف وابرأ فإن لم يحلف حبس حتى يحلف وكذلك القتل عندي ( قال ) وقال مالك في المتهم بالدم إذا ردت اليمين عليه انه لا يبرأ دون أن يحلف خمسين يمينا فأرى أن يحبس حتى يحلف خمسين يمينا
ما جاء في الرجل يقيم شاهدا واحدا على جرح عمدا ( قلت ) أرأيت الذي أقام شاهدا واحدا على جرحه عمدا وأراد القصاص وأقام شاهدا واحدا على جرحه خطأ وأراد العقل كم يحلف مع شاهده أيمينا واحدا أم خمسين يمينا في قول مالك ( قال ) يمينا واحدة عند مالك وإنما تكون خمسين يمينا في النفس وليس في الجراحات خمسون يمينا عند مالك إنما ذلك في الدم ( قال ) وقال لي مالك ليس في شيء من الجراحات قسامة ( قيل ) لابن القاسم لم أجاز مالك شهادة
____________________
(16/416)
________________________________________
رجل واحد في جراحات العمد مع يمين الطالب وليس الجراحات عمدا بمال وقد قال مالك لا تجوز شهادة الرجل الواحد مع يمين الطالب إلا في الأموال لا تجوز في فرية وقد قال مالك في الدم إذا كان ولي الدم واحدا وأقام شاهدا واحدا لم يكن له أن يقسم مع شاهده ( قلت ) فلم قال مالك ذلك في جراحات العمد وما حجته في ذلك ( فقال ) كلمته في ذلك فقال انه لأمر ما سمعت فيه شيئا من أحد ممن مضى وإنما هو شيء استحسناه ( قلت ) فلم قال مالك في الدم في العمد لا يقسم أقل من رجلين ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال هو الامر المجتمع عليه ولا آراه أخذه إلا من قبل الشهادة لانه لا يقتل أحد إلا بشاهدين
ما جاء في الرجل يقتل وله وليان أحدهما كبير والآخر صغير ( قلت ) أرأيت ان كان لهذا المقتول ولي رجل كبير وله ولي آخر صبي صغير فأراد الرجل أن يحلف وقال أنا أحلف وأنتظر حتى يكبر الصبي فيحلف فيستحق الدم جميعا ( قال ) سألت مالكا عن الرجل يقتل وله ولد صغار كيف ترى في أمره أينتظر بالقاتل إلى أن يكبر ولده ( قال ) إذا يظل الدماء ولكن ذلك إلى أولياء المقتول ينظرون في ذلك فإن أحبوا القتل قتلوا وإن أرادوا العفو فإنه بلغني عن مالك ان ذلك لا يجوز لهم إلا بالدية ولا يجوز عفوهم بغير دية لان ولاة الدم هؤلاء الصغار دونهم فكذلك ان كانوا اثنين صغارا أو كبارا فقال الكبار نحن نقسم ونقتل ولا ينتظر الصغار قال مالك ان كان الكبار اثنين فصاعدا فذلك لهم لان الصغار منهم ليسوا بمنزلة من نكل عن اليمين وان استؤنى به إلي أن يكبر الصغار بطلت الدماء قال مالك فلهؤلاء الكبار أن يحلفوا ويقتلوا وان عفا هؤلاء الاكابر بعد ما استحقوا الدم جاز عفوهم على أنفسهم وكان للباقين الاصاغر حظوظهم من الدية ومن لم يعف من الاكابر فلهم نصيبهم في مسألتك ( قال ) فأرى إذا كان كبيرا أو صغيرا فأراد الكبير ان يحلف ووجد أحد من ولاة الدم يحلف معه وان لم يكن ممن له العفو حلف معه وقتل ولم يستأن بالصغير ان يكبر فإن لم يجد أحدا يحلف معه حلف خمسة وعشرين يمينا وانتظر
____________________
(16/417)
________________________________________
الصغير حتى يكبر فإذا بلغ حلف خمسة وعشرين يمينا أيضا ثم استحق الدم وقتل ( قلت ) وإنما يحلف ولاة الدم في الخطا على قدر مواريثهم من الميت في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فهل يقسم النساء في قتل العمد في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) فهل يقسم النساء في قتل الخطأ في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فلو كان القتل خطأ ولم يدع الميت إلا بنتا وليست له عصبة ( قال ) قال مالك تحلف هذه البنت خمسين يمينا ثم تأخذ نصف الدية ان جاءت وحدها وان جاءت مع عصبة حلفت خمسة وعشرين يمينا وأخذت نصف الدية إذا حلفت العصبة خمسة وعشرين يمينا وان نكل العصبة عن اليمين لم تأخذ نصف الدية حتى تحلف خمسين يمينا وهذا قول مالك ( قلت ) ولم استحلفها مالك ها هنا خمسين يمينا وإنما لها نصف الدية ( قال ) لانها لا تستحق الدم بأقل من خمسين يمينا ( قلت ) فلو كان للمقتول بنت حاضرة وبن بالمغرب فقالت الابنة أنا أحلف وآخذ حقي كم تحلف ( قال ) تحلف خمسين يمينا ثم تأخذ ثلث الدية فإذا قدم الاخ الغائب حلف ثلث الايمان وأخذ ثلثي الدية وهذا قول مالك ( قلت ) ومن وقع في حظه كسر يمين جبرت عليه اليمين في قول مالك ( قال ) وقال مالك تجبر اليمين على الذي يصيبه من هذه اليمين أكثرها ان كان نصيب أحدهم من هذه اليمين السدس ونصيب الآخر منها الثلث ونصيب الآخر النصف حملها صاحب النصف لانه أكثرهم خطأ في هذه اليمين فتجبر عليه
ما جاء في عفو الحد دون الاخوة عن دم العمد ( قلت ) أرأيت ان كان للمقتول أخ وجد وأتوا بلوث من بينة وادعوا الدم عمدا أو خطأ ( قال ) يحلفون ويستحقون لان مالكا قال ولاة الدم يحلفون فهؤلاء ولاة الدم ( قلت ) فإن كانوا عشرة اخوة وجدا والدم خطأ أحلف الجد ثلث الايمان وفرق ثلثا الايمان على الاخوة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) فإن عفا الجد عن القتيل دون الاخوة ( قال ) أرى عفوه جائزا وأراه بمنزلة الاخ لأنه أخ مع الاخوة ( قلت ) أرأيت ان كان للمقتول ورثة بنون وبنات فأقسم البنون على العمد أيكون
____________________
(16/418)
________________________________________
للبنات ها هنا عفو قال مالك لا عفو لهن ولا يقسمن ( قلت ) فإن كان للمقتول ابنان وابنة فأقسم الابنان فاستحقا الدم ثم عفا أحدهما ما يكون للابن الذي لم يعف وللابنة ( قال ) للابن الذي لم يعف خمسا الدية وللابنة خمس الدية ويسقط خمسا الدية حق الذي عفا إلا أن يكون عفا على الدية فإن عفا على أن يأخذ الدية كان ذلك له وكذلك قال مالك في الذي يقتل عمدا وله ورثة بنون رجال ونساء ان النساء ليس لهن من العفو قليل ولا كثير فإن عفا الرجال على أن يأخذوا الدية فهي موروثة على فرائض الله يدخل في ذلك ورثة المقتول رجالهم ونساؤهم وكذلك القسامة أيضا والقتل عمدا ببينة تقوم سواء إذا استحقوا الدم فليس للنساء عفو فإن عفا واحد ممن يجوز عفوه من الرجال صار ما بقي من الدية موروثا على فرائض الله يدخل في ذلك النساء وإنما قال لي مالك إذا عفا الرجال كلهم وقبلوا الدية دخل في ذلك النساء وأنا أرى إذا عفا واحد منهم فهو بمنزلة عفوهم كلهم ( قلت ) وتدخل امرأته في الدية إذا وقع العفو في قول مالك واخوته لأمه ( قال ) نعم لان مالكا قال إذا وقع العفو وقبلوا الدية فقد صار ما بقي من الدية موروثة على فرائض الله ويقضي منها دينه ( قلت ) أرأيت ان عفا الرجال من غير أن يشترطوا الدية أيكون للنساء حظوظهن من الدية أم لا ( قال ) لا إلا أن يعفو بعض الرجال ويبقى بعضهم فإن بقي بعضهم كان للنساء مع من بقي نصيبهن من الدية فإن عفا الرجال كلهم لم يكن للنساء فيه دية وهذا الذي سمعت فيه وهو الذي فسرت لك في هذه المسألة كلها في البنين والبنات والاخوة والاخوات وأما إذا كان بنات وعصبة أو أخوات وعصبة فإنه لا عفو للبنات ولا للاخوات إلا بالعصبة ولا عفو للعصبة إلا بالبنات ولا للاخوات إلا أن يعفو بعض البنات وبعض العصبة فيقضي لمن بقي من البنات والعصبة بالدية وكذلك الاخوات والعصبة وهذا الذي سمعته واستحسنه ( قلت ) أرأيت دم العمد هل تجوز فيه الشهادة على الشهادة ( قال ) قال مالك الشهادة على الشهادة تجوز في الحدود والقتل عندي حد من الحدود ( قلت ) أرأيت الشاهد الواحد إذا شهد
____________________
(16/419)
________________________________________
لرجل على دم عمد أو دم خطأ أيكون فيه قسامة أم يحلف ولاة الدم مع شاهدهم يمينا واحدا ويستحقون ( قال ) بل تكون فيه القسامة كذلك قال مالك ( قلت ) أرأيت ان شهد شاهد على القتل خطأ أو عمدا أتحبس هذا المشهود عليه حتى تسأل عنه ( قال ) أما في الخطأ فلا يحبس لانه انما تجب الدية على العاقلة وأما في العمد فإنه يحبسه حتى يسأل عن الشاهد فإذا زكى كانت القسامة وما لم يزك لم تكن فيه قسامة ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقسم إلا مع الشاهد العدل ولا كفالة في القصاص ولا في الحدود ( قلت ) أرأيت القتل خطأ هل فيه تعزير وحبس في قول مالك ( قال ) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا علمت ان أحدا يعزر في الخطأ أو يحبس فيه وأرى أنه ليس عليه حبس ولا تعزير
ما جاء في القتيل يوجد في دار قوم أو في محلة قوم أو في أرضهم أو في فلوات المسلمين ( قلت ) أرأيت القتيل إذا وجد في دار قوم أو في محلة قوم أو أرض قوم أتكون فيه القسامة أم لا ( قلت ) أرأيت ان وجد قتيل في أرض المسلمين أو في فلوات المسلمين لا يدري من قتله أتكون ديته على المسلمين في بيت مالهم أم لا ( قال ) الذي قال مالك في كتابه الموطأ أنه لا يؤخذ به أحد إذا وجد في قرية قوم أو دارهم فإذا قال مالك لا يؤخذ به أحد فأراه قد أبطله ولم أوقفه عليه وذلك رأيي أنه يبطل ولا يكون في بيت المال ولا على أحد ( قلت ) فالحديث الذي جاء لا يبطل دم المسلم ( قال ) لم أسمع من مالك في هذا شيئا
ما جاء في المسخوط يقول دمي عند فلان ( قلت ) أرأيت ان كان المقتول مسخوطا فقال دمي عند فلان أيقبل قوله أم لا ويكون فيه القسامة أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك فيه القسامة إذا قال المقتول دمي عند فلان ولم يذكر لنا مالك مسخوطا من غير مسخوط ولكن قال ذلك لنا
____________________
(16/420)
________________________________________
مجملا فأرى أن المسخوط وغير المسخوط في ذلك سواء وهذا الذي سمعت من قوله ( قلت ) فما فرق ما بين الشاهد إذا كان مسخوطا وبين المقتول ( قال ) لان المقتول لا يتهم ( قلت ) أرأيت ان كانت امرأة فقالت دمي عند فلان ( قال ) قال مالك المرأة والرجل في هذا سواء وتكون القسامة في هذا في العمد والخطأ قال بن القاسم وهذا أيضا مما يدلك على الفرق بين الشاهد إذا كان مسخوطا وبين المقتول إذا كان مسخوطا وتكون القسامة في هذا في العمد والخطأ وقد جعل مالك الورثة يقسمون بقول المرأة والمرأة ليست بتامة الشهادة ولا يقسم مع شهادتها في عمد ألا ترى أن المسخوط يأتي بشاهد على حقه فيحلف مع شاهده ولو أتى بشاهد مسخوط لم يحلف معه ولم يثبت له شيء وكذلك الدم ( قلت ) أرأيت ان قتل صبي فقال دمي عند فلان ( قال ) سمعت مالكا وأنا عنده وأتاه قوم فقالوا ان صبيين كان بينهما قتال فقتل أحدهما صاحبه فأتى بالمقتول فقالوا من بك فقال فلان للصبي الذي كان معه وشهد على قول الصبي المقتول رجال عدول فأقر الصبي القاتل أنه فعل ذلك به فقال مالك لا أرى أن يؤخذ بقول الصبي الميت ولا بإقرار الصبي الحي القاتل ولا يجوز في ذلك إلا رجلان عدلان على أنه قتله ( قلت ) لمالك ولا تكون في هذا قسامة ( قال ) لا ( قلت ) فما فرق ما بين الصبي والمرأة والمسخوط وقد قلت ان مالكا قال في المرأة والمسخوط إذا قالا دمنا عند فلان ان في ذلك القسامة وقلت لي في الصبي ان مالكا قال لا قسامة فيه ( قال ) لان الصبي في قول مالك إذا أقام شاهدا واحدا على حقه لم يحلف مع شاهده ولو أن امرأة أو مسخوطا أقاما شاهدا واحدا على حقهما حلفا مع شاهدهما عند مالك وثبت حقهما فهذا فرق ما بينهما ( قلت ) فلو أن نصرانيا أقام شاهدا واحدا له على حق له أيحلف مع شاهده في قول مالك ويستحق حقه في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) وكذلك العبد ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) نعم
____________________
(16/421)
________________________________________
ما جاء في النصراني يقول دمي عند فلان ( قلت ) أرأيت ان قتل هذا النصراني فقال دمي عند فلان أتكون فيه القسامة أم لا في قول مالك ( قال ) قال مالك لا يقسم النصراني ولا يقسم إلا المسلمون ولا يكون مع قوله قسامة إذا قام لهما شاهد عدل على قتله فإن كان عمدا كانت ديته في مال القاتل وإن كان خطأ حمل ذلك إلا بشاهد على القتل فيحلفون معه يمينا يمينا لانه لا يقسم مع النصراني فكذلك لا يحلف مع قوله فهذا فرق ما بين النصراني والمسلم أو شاهدين فيستحقان الدية بلا أيمان هذا في العمد والخطأ ( قلت ) أرأيت ان قال المقتول دمي عند فلان قصد بدمه قصد رجل هو أورع أهل البلاد ممن لا يتهم في الدماء ولا غير ذلك وليس بمتهم في شيء من الشر ( قال ) لم أسمع مالكا يحاشى أحدا من أحد وأرى أنه مصدق في كل ما ادعي عليه ويقسم مع قوله وذلك رأيي ( قلت ) أرأيت ان قصد بدمه قصد صبي أيكون لورثته أن يقسموا ويأخذوا الدية من عاقلة الصبي ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان قصد بدمه قصد ذمي أو ذمية أو عبد أو أمة أيكون لورثته أن يقسموا ويقتلوا وان ادعوا الخطأ أقسموا وقيل للسيد ادفع أو افد وقيل لاهل جزية هذا الذمي احملوا عقل هذا الرجل ( قال ) نعم وهو رأيي
ما جاء في بن الملاعنة يقول دمي عند فلان ( قلت ) أرأيت بن الملاعنة إذا قال دمي عند فلان كيف يصنع به ( قال ) ان كانت أمه من الموالي فلموالي أمه أن يقسموا ويستحقوا الدم ان كان عمدا أو الدية ان كان خطأ وهو رأيي ( قلت ) فإن كانت أمه من العرب ( قال ) هو عندي بمنزلة من لا عصبة له ولا ولاء لأنه إذا كان من العرب لا يرثه أحد إلا أمه وإخوته لامه إذا لم يكن له ولد ولا ولد ولد ويكون ما بقي لبيت المال وهذا بمنزلة من لا وارث له من الرجال ولا عصبة له وماله لبيت المال فسبيل بن الملاعنة وهذا واحد وما سمعت ذلك إلا أني أرى أن لا يقتل إلا ببينة ولا يكون في هذا قسامة في عمد وان كان خطأ أقسمت أمه واخوته لامه وأخواته وأخذوا حقوقهم من الدية قال وأما اخوة بن الملاعنة لامه
____________________
(16/422)
________________________________________
فليس لهم من الدم في العمد شيء ( قلت ) أرأيت ان قتل بن الملاعنة عمدا ببينة قامت أيكون لامه أن تقتل قاتله في قول مالك ( قال ) سمعت مالكا وسئل عن رجل قتل وله أم وعصبة فصالحوا العصبة وأبت الام إلا أن تقتل قال مالك ذلك لها ( فقيل ) لمالك فإنها قد ماتت ( قال ) فورثتها على ما كان لها من القتل ان شاؤوا قتلوا وان شاؤوا عفوا وكذلك بن الملاعنة
ما جاء في تقسيم اليمين في القسامة ( قلت ) أرأيت ان شهد شاهدان على رجل بالقتل أتكون في هذا قسامة في قول مالك ( قال ) لا ( قلت ) لابن القاسم وكيف يقسم الورثة في قول مالك ( قال ) يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو ان فلانا قتله أو لمات من ضربه ان كان بعد ضربه حيا ( قلت ) ولا يذكر مالك في أيمانهم الرحمن الرحيم ( قال ) نعم لا يرى مالك في الايمان كلها إلا بالله الذي لا إله إلا هو ولا يبلغ بالحالف أكثر من هذا لا يقال له الرحمن الرحيم وذلك أنا رأينا المدنيين يحلفون عند المنبر فما يزيدون على ما أخبرتك عن مالك فسألنا مالكا عن ذلك فقال الذي أخبرتك عنه ( قلت ) أرأيت القسامة أعلى البتة أم على العلم في قول مالك ( قال ) على البتة ( قلت ) أرأيت ان كان بعض الورثة غيبا يوم قتل هذا القتيل بأرض افريقية فأتى بعد ذلك أيقسم على البتة في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ان كان المقتول مسخوطا فقال دمي عند فلان وورثة المقتول كلهم مسخوطون أيكون لهم أن يقسموا ويقتلوا ان كان عمدا وان كان خطأ أقسموا وأخذوا الدية في قول مالك ( قال ) نعم ذلك لهم وهذا خلاف الشهادة لا يقسم إلا مع الشاهد العدل عند مالك ولا يقسم مع الشاهد المسخوط ( قلت ) أرأيت الأعمى أيكون له أن يقسم في قول مالك ( قال ) نعم ( قلت ) أرأيت ما وجب على العاقلة من الدية إنما هو على الرجال ليس على النساء ولا على الذرية من ذلك شيء عند مالك ( قال ) نعم لا شيء على الذرية ولا على النساء في قول مالك ( قلت ) أرأيت الدية إذا حملتها العاقلة قدر كم يؤخذ من الرجل ( قال ) قد أخبرتك أن مالكا
____________________
(16/423)
________________________________________
لم يحد لنا في هذا حدا ( قال ) ولكن الغني على قدره ومن دونه على قدره وقد كان يحمل على الناس في أعطياتهم من كل مائة درهم درهم ونصف
ما جاء في القسامة على الجماعة في العمد ( قلت ) أرأيت ان ادعوا الدم على جماعة رجال ونساء ( قال ) قال مالك إذا ادعوا الدم على جماعة أقسموا على واحد منهم وقتلوا إذا كان لهم لوث من بينة أو تكلم بذلك المقتول أو قامت البينة على أنهم ضربوه ثم عاش بعد ذلك ثم مات ( قلت ) فللورثة أن يقسموا على أيهم شاؤوا ويقتلوه ( قال ) نعم عند مالك ( قلت ) فإن ادعوا الخطأ وجاءوا بلوث من بينة على جماعة أقسم الورثة عليهم كلهم بالله الذي لا إله إلا هو انهم قتلوه ثم تفرق الدية على قبائلهم في ثلاث سنين ( قال ) نعم وكذلك سألت مالكا فقال لي مثل ما قلت لك وقال لي مالك ولا يشبه هذا العمد ( قلت ) أرأيت اللوث من البينة أي شيء هو أيكون العبد أم أم الولد أم المولى أم الرجل المسخوط أم المرأة لوثة بينة ( قال ) قد قال مالك اللوث من البينة الشاهد الواحد إذا كان عدلا الذي ترى أنه كان حاضرا الامر ( قلت ) أرأيت ان قال دمي عند فلان وفلان عبد أيقسمون ويستحقون دمه في قول مالك ( قال ) نعم فإن كان عمدا كان لهم أن يقتلوه وان استحيوه خير سيده فإن شاء فداه بالدية وان شاء أسلمه قال بن القاسم قال مالك في العبد إذا أصيب عمدا أو خطأ فجاء سيده بشاهد واحد حلف مع شاهده يمينا واحدة وكان له ثمن عبده ان كان الذي أصاب عبده حرا لان العبد مال من الاموال وان كان الذي أصابه مملوكا خير سيد العبد القاتل فإن شاء أن يسلم عبده أسلمه وان شاء أن يخرج ثمن العبد المقتول ويمسك عبده فذلك له فإن أسلمه فليس على العبد أن يقتل لانه لا يقتل بشهادة رجل واحد لانه ليس في العبيد قسامة إذا قتلوا في عمد ولا خطأ ولم أسمع أحدا من أهل العلم قال ذلك ( قلت ) فإن قتل عبد عبدا عمدا أو خطأ لم يكن لصاحب العبد المقتول أن يحلف ويستحق بقسامة إلا ببينة عادلة فيقتل أو بشاهد واحد فيحلف مع شاهده يمينا واحدة ويستحق العبد القاتل قال مالك في العبد يقتل الحر فيأتي ولاة الحر
____________________
(16/424)
________________________________________
بشاهد واحد يشهد أن العبد قتله ( قال ) قال مالك ان شاء ولاة الحر المقتول يحلفون خمسين يمينا ويستحقون دم صاحبهم فذلك لهم فإذا حلفوا خمسين يمينا أسلم العبد إليهم فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استحيوه ( قال ) ولا يجب لهم العبد حتى يحلفوا خمسين يمينا فإن قالوا الحر يحلف يمينا واحدة ونأخذ العبد فنستحييه فليس ذلك لهم دون أن يحلفوا خمسين يمينا ولانه لا يستحق دم الحر إلا ببينة عادلة أو بشاهد فيحلف ولاة الحر المقتول خمسين يمينا مع شاهده ( قلت ) أرأيت ان قال المقتول دمي عند فلان وشهد شاهد على أنه قتله أيجتزىء ولاة الدم بهذا في قول مالك ( قال ) لا ولكن فيه القسامة عندي
ما جاء في امرأة ضربت فقالت دمي عند فلان فخرج جنينها ميتا ( قلت ) أرأيت ان ضربت امرأة فقالت دمي عند فلان فخرج جنينها ميتا ما القول في ذلك ( قال ) في المرأة القسامة وليس في الجنين شيء إلا ببينة تثبت لان مالكا قال ليس في الجراح قسامة والجنين جرح من جراحها فلا يثبت إلا ببينة أو بشاهد عدل فيحلف ولاته معه يمينا واحدة ويستحقون الدية ( قال ) وقال لي مالك وليس فيمن قتل ين الصفين قسامة ( قلت ) أرأيت ان قالت امرأة دمي عند فلان فخرج جنينها حيا فاستهل صارخا ثم مات أتكون فيه القسامة وفي أمه ( قال ) أما في أمه ففي أمه القسامة عند مالك وأما الولد فما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى في الولد قسامة لانها لو قالت قتلي وقتل فلانا معي لم يكن في فلان قسامة وكان فيها هي القسامة وكذلك لو قالت وهي حية ضربني فلان فألقت جنينها فاستهل صارخا ثم مات وعاشت الام لم يكن فيه قسامة وكذلك لو قالت وهي حية قتل ابني لم يقبل قولها ولم يكن في ابنها القسامة ( قلت ) أرأيت ان قال دمي عند أبي ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال إذا قال دمي عند فلان كانت فيه القسامة مجملا ولم يذكر لنا مالك الاب في ذلك فأرى أن يقبل قوله وتكون فيه القسامة فإن أقسموا كانت
____________________
(16/425)
________________________________________
فيه الدية فإن كان خطأ كانت على العاقلة وان كان عمدا كان ذلك في ماله ( قلت ) أرأيت ان حلف الورثة في القسامة في العمد وهم رجال عدد فأكذب واحد منهم نفسه بعد ما حلف واستحق الدم ما يصنع في ذلك ( قال ) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه إذا أكذب نفسه قبل أن يقتلوه بمنزلة من إذا عرضت عليه اليمين فأباها فلا يقتل إذا أكذب نفسه أحد من الورثة بعد اليمين إذا كان ممن لو أبى اليمين لم يقتل المدعى قبله الدم
ما جاء في الرجل يقتل الرجل بالحجر أو بالعصى ( قلت ) أرأيت ان قتلت رجلا بحجر بم تقتلني ( قال ) قال لي مالك يقتل بالحجر ( قلت ) فإن قتلني بعصا ( قال ) قال مالك أقتله بالعصا ( قلت ) أرأيت ان خنقه حتى قتله أتقتله خنقا ( قال ) نعم عند مالك ( قلت ) فإن غرقه ( قال ) أغرقه أيضا في قول مالك ( قال ) وقال مالك أقتله بمثل ما قتل به ( قلت ) أرأيت ان ضربه عصاوين فمات منهما فضربت القاتل عصاوين فلم يمت منهما ( قال ) اضربه أبدا بالعصى حتى يموت لانه انما قتله بالعصى ( قلت ) وليس في هذا عدد ( قال ) ليس في هذا عدد ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال قال لي مالك ) يقتل بالعصى كما قتل بالعصى ولم يذكر العدد ( قلت ) أرأيت ان قطع يده ثم رجله ثم قطع عنقه أتقطع يديه ورجليه وتضرب عنقه في قول مالك ( قال ) لا ولكن يضرب عنقه ولا يقطع يداه ولا رجلاه ( قلت ) لم قلت ها هنا هكذا وقد قال مالك يقتل بالقتلة التي قتل بها ( قال ) لان مالكا قال كل قصاص يكون عليه فإن القتل يأتي على ذلك كله ( قلت ) أرأيت ان كتفته وطرحته في نهر وغرق أتكتفني وتطرحني في النهر كما طرحته ( قال ) نعم ( قلت ) وهذا قول مالك ( قال ) هذا رأيي
ماجاء في دم العمد إذا صالحوا عليه ( قلت ) أرأيت أولياء الدم العمد إذا صالحوا على أكثر من الدية أيجوز ذلك لهم
____________________
(16/426)
________________________________________